طرف من الأنباء والمناقب

طرف من الأنباء والمناقب9%

طرف من الأنباء والمناقب مؤلف:
المحقق: الشيخ قيس العطّار
الناشر: انتشارات تاسوعاء
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 653

طرف من الأنباء والمناقب
  • البداية
  • السابق
  • 653 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 210616 / تحميل: 6558
الحجم الحجم الحجم
طرف من الأنباء والمناقب

طرف من الأنباء والمناقب

مؤلف:
الناشر: انتشارات تاسوعاء
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

وضعتْ إلاّ على يحيى بن زَكريّا والحسين بن عليِّعليهم‌السلام، قلت: أيّ شيء كان بكاؤها؟ قال: كانت إذا استقبلت بثوب وقع على الثَّوب شبه أثر البراغيث من الدَّم ».

١٣ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وعليُّ بن الحسين، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن موسى بن الفضل(*) ، عن حنان « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : ما تقول في زيارة قبر أبي عبدالله الحسينعليه‌السلام ؛ فإنّه بلغنا عن بعضهم أنّها تَعدِلُ حَجّة وعُمرة؟ قال: لا تعجب بالقول هذا كلّه(١) ، ولكن زُرْه ولا تجفه فإنَّه سيِّد الشُّهداء؛ وسيِّد شَباب أهل الجنّة، وشبيهه يحيى بن زَكريّا وعليهما بكتِ السّماء والأرض ».

حدَّثني أبي؛ ومحمّد بن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصَفّار، عن عبدالصَّمد بن محمّد، عن حَنان بن سَدير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام مثله سواء.

حدَّثني أبي - رحمه الله تعالى - وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن حَنان بن سَدير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام مثله.

١٤ - وبهذا الإسناد عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى - عن غير واحدٍ - عن جعفر بن بَشير، عن حمّاد، عن عامِر بن مِعقَل، عن الحسن بن زياد، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: كان قاتل يحيى بن زكريّا ولد زنا، وقاتل الحسينعليه‌السلام ولد زنا، ولم تبكِ السّماء عَلى أحدٍ إلاّ عليهما، قال: قلت: وكيف تبكي؟ قال: تطلع الشَّمس في حمرة، وتغيب في حمرة ».

حدَّثني محمّد بن جعفر القرشيّ، عن محمّد بن الحسين، عن جعفر بن بشير بإسناده مثله.

١٥ - وحدَّثني أبي؛ وعليُّ بن الحسين - رحمهما الله - جميعاً، عن سعد بن

__________________

١ - في بعض النّسخ، وفي البحار: « لا تعجب، ما أصاب مَن يقول هذا كلّه ». وقال المجلسي ( ره ) -: قوله: « ما أصاب » محمولٌ على التّقيّة.

* - فيه كلام، راجع ص ٣٠٥.

١٠١

عبدالله، عن أحمدَ بنِ محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليٍّ الوَشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن عبدالله بن هِلال، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سمعته يقول: إنَّ السَّماء بَكَتْ على الحسين بن عليٍّ ويحيى بن زَكريّا، ولم تبكِ على أحدٍ غيرهما، قلت: وما بُكاؤها؟ قال: مَكثوا أربعين يوماً تطلع الشّمس بحُمْرَة وتَغرُب بحُمرَة، قلت: فذاك بُكاؤها؟ قال: نَعَم ».

١٦ - وعنهما، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد، عن البرقيِّ محمّد بن خالد، عن عبدالعظيم بن عبدالله الحسنيِّ، عن الحسن بن الحكم النَّخَعيِّ، عن كثير بن شِهاب الحارثيّ « قال: بينما نحن جلوس عند أمير المؤمنينعليه‌السلام في الرُّحْبَة إذ طلع الحسين عليه فضَحِك عليُّعليه‌السلام ضَحْكاً حتى بَدَتْ نَواجِذُه، ثمَّ قال: إنّ الله ذكر قوماً وقال: «فَما بَكَتْ عَلَيْهمُ السَّماءُ وَالأرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرينَ »، والّذي فَلَق الحبَّةَ وبرَأ النَّسَمَةَ ليُقتلنَّ هذا ولتبكينّ عليه السَّماء والأرض ».

١٧ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد، عن البرقيِّ، عن عبدالعظيم الحسنيِّ، عن الحسن(١) ، عن أبي سَلَمَة « قال: قال جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : ما بكتِ السَّماء والأرض إلاّ على يحيى بن زَكريّا والحسينعليهم‌السلام ».

١٨ - حدَّثني أبي؛ وأخي - رحمهما الله - عن أحمدَ بن إدريس؛ ومحمّد بن يحيى جميعاً، عن العَمْرَكي بن عليٍّ البوفكيِّ قال: حدَّثنا يحيى - وكان في خدمة أبي جعفر الثّانيعليه‌السلام - عن عليِّ(٢) ، عن صَفوانَ الجمّال، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سألته في طريق المدينة - ونحن نُريد المكّة - فقلت: يا ابن رسول الله ما لي أراك كئيباً حَزيناً مُنْكسراً؟! فقال: لو تسمع ما أسمع لشَغَلَك عن مسألتي، قلت: فما الَّذي تَسمَعُ؟! قال: ابتهال الملائِكة إلى اللهِ(٣) عزَّوجلَّ على قَتَلةِ أمير المؤمنين وقتلة الحسينعليهما‌السلام ، ونوح الجنّ وبُكاء الملائكة الَّذين حوله وشدَّة

__________________

١ - الظّاهر هو ابن الوشّاء، أو المراد ما تقدّم « ابن الحكم النّخعيّ »، والأوّل أظهر، وأبو سلمة هو سالم بن مُكرم.

٢ - كأنّه ابن الحكم الكوفيّ الثّقة.

٣ - ابتهل إلى الله: تضرّع ودعا.

١٠٢

جَزعِهم، فمن يتهنّأ مع هذا بطعام أو بشراب أو نوم؟!! - وذكر الحديث - ».

١٩ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله؛ وعبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد البرقيِّ، عن عبدالعظيم بن عبدالله الحسنيِّ العَلويّ، عن الحسن بن الحكم النّخعيِّ، عن كثير ابن شِهاب الحارثيِّ « قال: بينما نحن جلوس عند أمير المؤمنينعليه‌السلام بالرُّحْبة إذ طلع الحسينعليه‌السلام قال: فضحك عليٌّعليه‌السلام حتّى بَدَتْ نَواجذه، ثمَّ قال: إنّ الله ذكر قوماً فقال: «فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ والأرضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ »، والَّذي فَلَق الحَبّة وبَرَأ النَّسَمَة لَيقتلنَّ هذا ولتبكينَّ عليه السّماء والأرض »(١) .

٢٠ - وعنه، عن نَصر بن مُزاحم، عن عُمَرَ بن سعد(٢) قال: حدَّثني أبو مُعْشر، عن الزُّهْريّ « قال: لمّا قتل الحسينعليه‌السلام أمطرتِ السّماء دماً ». وقال عمر بن سعد: وحدَّثني أبو مَعْشَر، عن الزَّهريّ « قال: لمّا قتل الحسينعليه‌السلام لم يبق في بيت المَقْدِس حَصاةٌ إلاّ وجد تحتها دمٌ عَبيط ».

٢١ - حدّثني أبيرحمه‌الله عن(٣) محمّد بن الحسن بن مَهزيار(٤) ، عن أبيه، عن عليِّ بن مَهزيار، عن الحسن بن سعيد، عن فَضالَة بن أيّوبَ، عن داودَ ابن فَرْقَد « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: كان الَّذي قَتَلَ الحسينَ بنَ عليٍّعليهما‌السلام ولد زنا، والَّذي قَتل يحيى بن زَكريّا ولد زنا، وقال: احمرَّتِ السَّماء حين قُتل الحسين بن عليٍّ سنة، ثمّ قال: بَكتِ السَّماء والأرض على الحسين بن عليٍّ وعلى يحيى بن زَكريّا، وحُمرتها بُكاؤها ».

* * * * *

__________________

١ - تقدّم الخبر آنفاً بتفاوت يسير تحت رقم ١٦.

٢ - تقدّم ذكره في ص ٧١، وأبو مَعشَر هو يوسف بن يزيد البرّاء العطّار، المعنون في تهذيب التّهذيب.

٣ - كذا في النّسخ والبحار، والظّاهر تصحيف الواو بـ « عن ».

٤ - هو محمّد بن الحسن بن عليّ بن مهزيار.

١٠٣

الباب التّاسع والعشرون

( نوح الجنِّ على الحسين بن عليٍّ عليهما السلام)

١ - حدَّثني محمّد بن جعفر القرشيُّ الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن نصر بن مُزاحِم، عن عُمَرَ بنِ سعد، عن عَمرو بن ثابت، عن حبيب بن أبي ثابت، عن اُمّ سلمة زوجة النَّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله قالتْ: ما سمعت نوح الجنّ منذ قبض الله نبيَّه إلاّ اللَّيلة، ولا أراني إلاّ وقد أصبت بابني الحسين، قالتْ: وجاءت الجنّيَّة منهم وهي تقول:

أيا عَينايّ فَانْهَمِلا بِجهْدٍ

فَمنْ يَبْكي عَلى الشُّهداء بَعْدي

عَلى رَهْطٍ تُقُودُهُمُ المنايا

إلى مُتَجبِّرٍ مِنْ نَسْلِ عَبْد (١)

٢ - حدّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن يزيد، عن إبراهيم بن عُقْبَة، عن أحمدَ بن عَمرو بن مسلم، عن المَيثميّ(٢) « قال: خمسة من أهل الكوفة أرادوا نصر الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام فمرُّوا(٣) بقرية يقال لها: شاهيّ(٤) إذ أقبل عليهم رَجلان: شيخٌ وشابٌّ فسلّما عليهم، قال: فقال الشّيخ: أنا رَجلٌ من الجنّ وهذا ابن أخي أردنا نَصرَ هذا الرَّجل المظلوم، قال: فقال لهم الشّيخ الجنّي: قد رَأيت رأياً، فقال الفتية الإنسيّون: وما هذا الرَّأي الَّذي رأيت؟ قال: رأيت أن أطير فآتيكم بخبر القوم فتذهبون على بصيرة، فقالوا له: نِعْمَ ما

__________________

١ - في أمالي الصّدوق: « في ملك عبد ». وقوله: « فانهملا » فيه: « فانهملي ».

٢ - كان من أولاد ميثم التّمّار، وهو أحمد بن الحسن بن إسماعيل، مِن أصحاب الكاظمعليه‌السلام ، وهو ثقة.

٣ - في البحار: « فعرّسوا ».

٤ - قال العلاّمة الأمينيرحمه‌الله : « شاهي » موضع بقرب القادسيّة، وأظنّها تنسب إلى شاه بن شاه بن لان بن نريمان الّذي هبط إلى تلك الدّيار بأمر كسرى بن هرمز لمحاربة الأتراك النّازلة بها.

١٠٤

رأيتَ، قال: فغابَ يومه وليلته، فلمّا كان من الغد إذا هم بصَوتٍ يسمعونه ولا يَرَونَ الشّخص وهو يقول:

وَاللهِ ما جِئتُكُمْ حَتّى بَصُرْتُ بِهِ

بِالطَّفِّ مُنْعَفَر الخَدَّينِ مَنحُورا

وَحَولَهُ فِتْيَةٌ تَدْمي نُحورُهُم

مِثْلَ المصابيح يَملُونَ (١) الدُّجى نُورا

وَقَدْ حَثَثْتُ قَلوصي (٢) كَيْ اُصادِفَهم

مِن قَبْلِ ما أنْ يُلاقُوا الخُرُدُ الحُورا (٣)

كان الحُسَينُ سِراجاً يُسْتَضاءُ بِهِ

اللهُ يَعْلم أنّي لم أقُلِ زُورا

مجاوِراً لِرَسُولِ اللهِ في غُرَفٍ

وَلِلْبَتول (٤) وَلِلطَّيّارِ مَسْرُورا

 فأجابه بعض الفِتْية من الإنسِيّين يقول:

اذْهَبْ فلا زالَ قَبرٌ أنْتَ ساكِنُهُ

إلى القِيامَةِ يَسْقَى الْغَيث ممطُورا

وَقَدْ سَلَكْتُ سَبيلاً أنْتَ سالِكُهُ

وَقَدْ شَرِبْتُ بكَأسٍ كانَ مَغْزورا (٥)

وفِتْيَةٌ فَرَّغُوا لله أنْفُسَهُم

وفارَقُوا المالَ والأحْبابَ والدُّورا

 ٣ - حدَّثني حكيم بن داودَ بنِ حكيم، عن سَلَمة بن الخطّاب قال: حدّثني عُمَرُ بن سعد؛ وعَمروُ بنُ ثابت، عن أبي زياد القَندي (٦) « قال: كان

__________________

١ - في مجالس المفيد: « يعلون ».

٢ - القلوص: بالفتح -: النّاقة الطّويلة القوائم، خاصّ بالإناث.

٣ - قال الفيروزآبادي: « الخَرِيدُ، وبِهَاءٍ، والخَرودُ: البِكْر لم تُمْسَس، أو الخَفِرَةُ الطَّويلةُ السُّكوتِ، الخافِضَةُ الصَّوتِ المُتَسَتَّرَةُ، والجمع: خَرائِد وخُرُد و [خُرَّد] » وقال الشّارح في التّاج: الأخيرة ( يعني خُرَّد ) نادرة، لاُنّ فعيلة لا تجمع على فُعَّل. وفي البحار - نقلاً عن أمالي الشّيخ ومجالس المفيد « الحرد » - بالحاء المهملة -، وله بيان راجع ج ٤٥ ص ٢٤٠.

٤ - في مجالس المفيد: « وللوصيّ ».

٥ - في القاموس: « الغَزير: الكثير من كلّ شي ء، ومن الآبار والينابيع: الكثيرة الماء ». وفي بعض النّسخ: « مغروراً » بالرّاء المهملة. وما في المتن مثل ما في البحار.

٦ - كذا في النّسخ، وفي مجمع الزّوائد الهيثميّ: « عن أبي جناب الكلبيّ » مكان « عن أبي زياد القنديّ »، وفيه: « قال: حدّثني الجصّاصون قالوا: كنّا إذا خرجنا إلى الجبّان باللَّيل عند مقتل الحسين سمعنا الجنّ ينوحون عليه ويقولون: مسح الرّسول - إلخ ».

١٠٥

الجَصّاصون (١) يسمعون نَوحَ الجنِّ حين قُتل الحسينعليه‌السلام في السَّحر بالجَبّانَة (٢) وهم يقولون:

مَسَحَ الرَّسُولُ جَبينَهُ

فَلَهُ بَريقٌ في الخدُود

أبَواهُ مِنْ عُلْيا قُرَيْشٍ

جَدُّهُ خَيرُ الجدُودِ

 ٤ - حدَّثني حكيم بن داود بن حكيم، عن سَلَمة بن الخطّاب قال: قال عُمَرُ بن سعد: حدَّثني الوليد بن غَسّان - عمّن حدَّثه - « قال: كانت الجنّ تنوح على الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام تقول:

لمنِ الاُبْياتُ بِالطَّفِّ عَلى كُرْه بَنينه

تلك أبياتُ الحسين يَتَجاوَبْنَ الرَّنيِنَه (٣)

٥ - حدَّثني حكيم بن داود بن حكيم، عن سَلَمة قال: حدَّثني أيّوب بن سليمانَ بن أيّوب الفَزاري(٤) ، عن عليِّ بن الحَزَوَّر(٥) « قال: سمعت ليلى وهي تقول: سمعت نوح الجنّ على الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام وهي تقول:

يا عينُ جُودي بالدُّمُوعِ فإنَّما

يَبْكي الحَزِينُ بِحُرْقَةٍ وتَفَجَّع

يا عَينُ ألْهاكَ الرِّقابُ بِطيبةٍ

مِنْ ذِكْرِ آل مُحَمَّدٍ وَتَوجّع

باتَتْ ثَلاثاً بالصَّعيدِ جُسُومُهُمْ

بَين الوُحوشِ وكُلُّهم في مَصْرَع

٦ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين، عن نَصر بن مُزاحم، عن عبدالرَّحمن بن أبي حمّاد، عن أبي ليلى الواسِطيّ، عن

__________________

١ - الجصّ - بفتح الموحّدة وكسرها -: ما تُطلى به البيوت، والجصّاص: عامله.

٢ - الجبّانة - بالفتح ثمّ التّشديد -؛ والجبّان في الأصل الصّحراء، وأهل الكوفة يسمّون المقابر جبّانة كما يسمّيها أهل البصرة المقبرة، وبالكوفة محالّ تسمّى بهذا الاسم وتضاف إلى القبائل. ( المعجم ).

٣ - الرَّنين: الصّوت مطلقاً وقيل: الصّوت مع بكاء، وفي أساس البلاغة: سمعت له رنّة ورَنيناً، أي صيحة حزينة.

٤ - نسبة إلى حيٍّ من غَطَفان أبوها فَزارة بن ذُبيان.

٥ - الحَزَوَّر - بالحاء المهملة والزّاي المفتوحتين، والواو المشدّدة بعدها راء -.

١٠٦

عبدالله بن حَسّان الكِنانيّ قال: بَكتِ الجنُّ على الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام فقالت:

ماذا تَقُولونَ إذْ قالَ النَّبي لَكم

ماذا فَعلْتم وَأنْتم آخِرُ الاُمم؟

بأهْلِ بَيْتي وإخْواني ومَكْرُمَتي

مِنْ بَين أسْرى وَقَتْلى ضُرِّجُوا بِدَم؟

٧ - حدَّثني حكيم بن داودَ بنِ حكيم قال: حدَّثني سَلَمةُ قال: حدَّثني عليُّ بن الحسن(١) ، عن مُعَمّر بن خَلاّد، عن أبي الحسن الرّضاعليه‌السلام « قال: بينما الحسينعليه‌السلام يسير في جوف اللّيل وهو متوجّه إلى العِراق وإذا برجل يَرتجز ويقول:؛

وحدّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن مُعمّر بن خلاّد، عن الرّضاعليه‌السلام ، مثل ألفاظ سَلَمَةَ، قال: وهو يقول:

يا ناقَتي لا تَذْعَري مِنْ زَجْري

وشَمِّري قَبْل طُلُوعِ الْفَجر

بِخَيرِ رُكْبانٍ وخَيْر سَفْرِ

حتّى تَحلّى بِكَريمِ النّجْر

بماجِد الجدِّ رَحيبِ الصَّدْرِ

أتى بِهِ اللهُ (٢) لِخير أمر

 ثَمَّتَ أبقاهُ بقاءَ الدَّهْر

سَأمْضي وما بِالمَوتِ عارٌ عَلى الْفَتى

إذا ما نَوى حَقّاً وجَاهَد مُسْلِماً

وآسَى الرِّجالَ الصّالِحينَ بنَفسِه

وفارَقَ مَبْثوراً وخالَفَ مُجْرماً

فَإنْ عِشْتُ لَمْ أنْدَم وَإنْ مِتُّ لَمْ اُلَم

كَفى بِكَ ذُلا أنْ تَعيشَ وَترْغَماً (٣)

٨ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله بن أبي خَلَف، عن محمّد بن يحيى المُعاذيِّ قال: حدَّثني الحسين(٤) بن موسى الأصمّ، عن عَمرو، عن جابر(٥) ، عن محمّد بن عليّعليهما‌السلام « قال: لمّا همَّ الحسينعليه‌السلام « قال: لمّا همَّ الحسينعليه‌السلام بالشُّخوص من المدينة أقْبَلَتْ نساءُ بني عبدالمطّلب فاجتمعن للنِّياحة مشى فيهنِّ

__________________

١ - الظّاهر هو ابن فضّال.

٢ - كذا في النّسخ، ولعلّ الصّواب: « أثابه الله ».

٣ - في بعض النّسخ: « كفى بك موتاً أن تذلّ وتغرماً ».

٤ - في بعض النّسخ، « الحسن ».

٥ - هو جابر بن يزيد الجعفيّ الكوفيّ، وراويه هو عمرو بن شمر الجعفيّ الكوفيّ.

١٠٧

الحسينعليه‌السلام فقال: أنشدكنّ الله أن تبدين هذا الأمر معصية لله ولرسوله، فقالت له نِساء بني عبدالمطّلب: فلمن نستبقي النِّياحة والبُكاء فهو عندنا كيوم مات فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليٌّ، وفاطمةُ ورقيّةُ وزينبُ واُمُّ كلثوم (١) ؟!! فننشدك الله جعلنا الله فِداك من الموت، يا حبيب الأبرار من أهل القبور، وأقبلتْ بعض عَمَاته تبكي وتقول: اشهد يا حسين لقد سمعتُ الجنَّ ناحَتْ بنَوحِك وهم يقولون:

فإنَّ قَتيلَ الطَّفِّ مِن آلِ هاشِم

أذلَّ رِقاباً مِنْ قُرَيْش فَذَلت

حَبيبُ رَسولِ اللهِ لم يَكُ فاحِشاً

أبانَتْ مُصيبَتُكَ الاُنوفَ وَجَلَّت

 وقلن أيضاً:

بَكُّوا (٢) حُسَيناً سَيِّداً

وَلِقَتْلِهِ شابَ الشَّعَر

وَلِقَتْلِهِ زَلْزَلتم

وَلِقَتْلِهِ انْخَسَفَ القَمَر (٣)

وَاحْمَرَّت آفاقُ السَّماءِ

مِنَ الْعَشيَّةِ وَالسَّحَر

وَتَغَبّرَتْ شَمْسُ الْبِلاد

بهم واظلَمَتِ الْكُوَر (٤)

ذاكَ ابنُ فاطمةَ المُصابُ

بِهِ الخَلائقُ والبَشَر

أورَثْتنا ذُلا بِهِ

جَدّعَ الاُنوفُ مَعَ الغَرَر

 ٩ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن يحيى المُعاذيّ، عن عبّاد بن يعقوبَ، عن عَمرو بن ثابت، عن عمرِ[و] بن عِكرِمَة قال: أصبحنا صَبيحة(٥) قتل الحسينعليه‌السلام بالمدينة فإذا مولى لنا يقول: سمعنا البارِحَةَ مُنادياً ينادي ويقول:

أيُّها القاتِلونَ ظلماً (٦) حُسَيناً

أبْشِرُوا بالْعَذابِ والتَّنْكيل

__________________

١ - كلّهنّ بنات رسول الله صلوات الله عليه وعليهنّ.

٢ - في بعض النّسخ: « أبكي ».

٣ - في جلّ النّسخ: « انكسف القمر ».

٤ - المراد بالشّمس ضياؤها لا اصلها، والكور جمع كورة، وهي البقعة الّتي جمع فيها المساكن والقرى.

٥ - في جلّ النّسخ: « ليلة ».

٦ - في جلّ النّسخ: « جهلاً ».

١٠٨

كلُّ أهلِ السَّماءِ يَدعُو عَلَيكم

مِن نَبيٍّ ومَلأَكٍ وَقَبيل

قد لُعِنْتم عَلى لِسانِ ابن داوُ

دَ وذي الرُّوح (١) حامل الإنجيل

١٠ - حدّثني حكيم بن داودَ بن حكيم، عن سَلَمةَ بنِ الخطّاب قال: حدَّثني عبدالله بن محمّد بن سِنان، عن عبدالله بن القاسم بن الحارث، عن داودَ الرَّقيّ قال: حدَّثتْني جدَّتي أنَّ الجنّ لمّا قتل الحسينعليه‌السلام بَكَتْ عليه بهذه الأبيات:

يا عَينُ جُودي بالعِبَر وابكي فقد حَقّ الخبر

أبكي ابنَ فاطمةَ الَّذي وَرَد الفُراتَ فما صدَر(٢)

الجِنُّ تَبْكي شَجْوَها(٣) لما اُتي مِنْهُ الخَبَر

قُتِلَ الحسينُ وَرَهْطُهُ تَعْساً لِذلِكَ(٤) مِنْ خبر

فلأبْكينَّكَ حُرقَةً عِنْدَ العِشاء وبالسَّحر

ولأبينَّك ما جَرى عِرقٌ وما حمل الشَّجر

* * * * *

الباب الثّلاثون

( دعاء الحمام ولعْنها على قاتل الحسين عليه السلام)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وعليُّ بن الحسين، عن عليِّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الحسين بن يَزيدَ النَّوفَليِّ، عن إسماعيلَ بن أبي زياد السَّكونيِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: اتّخذوا الحمام الرَّاعبيّة في بيوتكم(٥) ، فإنّها تلعن قَتلةَ الحسينعليه‌السلام ».

٢ - حدَّثني أبي؛ وأخي؛ وعليُّ بن الحسين؛ ومحمّد بن الحسن جميعاً، عن أحمدَ بن إدريس بن أحمد، عن أبي عبدالله الجامورانيِّ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي

__________________

١ - كذا، وفي التّواريخ و « مثير الأحزان » لابن نما: « ابن داوود وموسى وحامل الإنجيل ».

٢ - أي لم يرجع.

٣ - الشّجو: الهمّ والحزن.

٤ - التَّعْس: الهلاك.

٥ - المراد بالرّاعبيّة الحمامة، وهي ترعب في صوتها ترعيباً.

١٠٩

حمزةَ، عن صَندل (١) ، عن داودَ بن فَرْقَد « قال: كنت جالساً في بيت أبي عبداللهعليه‌السلام فنظرت إلى الحمام الرَّاعي يُقَرقِر (٢) طَويلاً، فنظر إليَّ أبو عبداللهعليه‌السلام فقال: يا داودُ أتدري ما يقول هذا الطّير؟ قلت: لا جُعلتُ فِداك، قال: تدعو على على قَتَلة الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام ، فاتّخذوه في منازلكم ».

وحدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن أبي عبدالله الجامورانيِّ بإسناده مثله.

الباب الحادي والثّلاثون

( نَوح البوم (٣) ومصيبتها على الحسين عليه السلام)

١ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بنِ الوليد؛ وجماعةُ مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن عيسى بن عُبَيد، عن صفوانَ بن يحيى، عن الحسين بن أبي غُنْدَر، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سَمعتُه يقول في البومة، قال: هل أحدٌ منكم رآها بالنّهار، قيل له: لا، تَكاد تظهر بالنّهار ولا تظهر إلاّ ليلاً، قال: أما إنّها لم تزل تأوي العمران أبداً، فلمّا أن قتل الحسينعليه‌السلام آلت على نفسها أن لا تأوي العُمْران ابداً ولا تأوي إلاّ الخراب، فلا تزال نهارها صائمة حزينة حتّى يجنّها اللّيل فإذا جنّها اللّيل ( كذا ) فلا تزال ترنّم على الحسينعليه‌السلام حتّى تصبح ».

٢ - حدَّثني حكيم بن داودَ بنِ حكيم، عن سَلَمة بن أبي الخطّاب، عن الحسين بن عليِّ بن صاعد البَربَريِّ قيّماً لقبر الرّضاعليه‌السلام قال: حدَّثني أبي « قال: دخلتُ على الرِّضاعليه‌السلام فقال لي: تَرى هذه البوم ما يقول النّاس؟ قال: قلت: جُعِلتُ فِداك جِئنا نَسألك، فقال: هذه البومة كانت(٤) على عهد جدِّي

__________________

١ - في بعض النّسخ: « صفوان ».

٢ - قرقرت الحمامة والدّجاجة: ردّدت صوتها.

٣ - البوم طائر الظّلام، وهي بالفارسية: « جغد ».

٤ - في البحار: « دخلت على الرّضا عليه السلام فقال لي: ما يقول النّاس؟ قال: قلت: جعلت فداك جئنا نسألك، قال: فقال لي: ترى هذه البومة كانت - إلخ ».

١١٠

رَسولِ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تأوي المنازل والقصور والدُّور، وكانت إذا أكل النّاس الطّعام تطير وتقع أمامَهم، فيرمى إليها بالطّعام وتسقي وترجع إلى مكانها، فلمّا قتل الحسينعليه‌السلام خرجت من العُمران إلى الخراب والجبال والبراري، وقالت: بئس الاُمّة أنتم! قتلتم ابن بنت نبيّكم، ولا آمنكم على نفسي ».

٣ - حدّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن خاله محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحسن بن عليِّ بن فضّال - عن رجل - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنّ البوم لتصوم النّهار فإذا أفطرت تدلّهت(١) على الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام حتّى تصبح ».

٤ - حدّثني عليُّ بن الحسين بن موسى، عن سعد بن عبدالله، عن موسى بن عُمَرَ، عن الحسن بن عليِّ، الميثميِّ(٢) « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : يا يعقوب(٣) رأيت بومةً بالنّهار تنفّس قطّ، فقال: لا، قال: وتدري لم ذلك؟ قال: لا، قال: لأنّها تظلُّ يومها صائمة على ما رزقها الله، فإذا جَنّها اللّيل أفطرت على ما رُزقت، ثمَّ لم تزل ترنّم على الحسين بن عليّعليهما‌السلام حتى تصبح ».

الباب الثّاني والثّلاثون

( ثواب مَن بكى على الحسين بن علي عليهما السلام)

١ - حدِّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: كان عليّ بن الحسينعليهما‌السلام يقول: أيّما مؤمنٍ دمعتْ عَيناه لقتل الحسين

__________________

١ - قال في القاموس: « الدَّلْه، ويحرّك، والدلُوه: ذَهاب الفُؤاد من هَمٍّ ونحوه. ودَلَّهه العِشْقُ تَدْليهاً فتَدَلَّه » وفي جلّ النّسخ: « اندبت »، وما في المتن مثل ما في البحار.

٢ - في جلّ نسخ الكتاب: « عن الحسن بن علي الميثمي »، والصّواب ما في المتن.

٣ - كأنّه ابن شعيب بن ميثم الأسديّ الثّقة.

١١١

ابن عليٍّعليهما‌السلام دمعةً حتّى تسيل على خدِّه بوَّأه الله بها في الجنّة غُرفاً يسكنها أحقاباً، وأيّما مؤمن دَمَعَتْ عيناه حتّى تسيل على خَدِّه فينا لاُذى مسّنا مِن عَدوِّنا في الدُّنيا بوَّأه الله بها في الجنّة مبوَّأ صِدقٍ، وأيّما مؤمنٍ مَسَّه أذىً فينا فَدَمَعَتْ عيناه حتّى تسيل على خَدِّه مِن مَضَاضةِ (١) ما اُوذِي فينا صرَّف اللهُ عن وجهه الأذى وآمنه يوم القيامة مِن سَخطه والنّار ».

٢ - حدّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أبي عبدالله الجامورانيِّ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سمعته يقول: إنَّ البكاء والجزع مكروهٌ للعبد في كلِّ ما جزع ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن عليّعليهما‌السلام ، فإنّه فيه مأجورٌ ».

٣ - وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن خاله محمّد بن الحسين الزَّيّات، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عُقْبة، عن أبي هارون المكفوف « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام - في حديث طويل له -: ومَن ذُكِر الحسينُعليه‌السلام عنده فخرج مِن عينه مِن الدُّموع مقدار جناح ذُباب كان ثوابه على الله عزَّوجلَّ ولم يرض له بدون الجنّة ».

٤ - حكيم بن داود بن حكيم، عن سلمة بن الخطاب قال: حدثنا بكار بن أحمد القسام؛ والحسن بن عبدالواحد، عن مخول بن إبراهيم، عن الربيع ابن منذر، عن أبيه « قال: سمعت علي بن الحسينعليهما‌السلام يقول: من قطرت عيناه فينا قطرةً ودمعت عيناه فينا دمعةً بوّأه الله بها في الجنة غُرَفاً يسكنها أحقاباً وأحقاباً ».

٤ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد، عن حمزة بن عليَّ الأشعريّ، عن الحسن بن معاوية بن وَهب - عمّن حدّثه - عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كان عليُّ بن الحسينعليه‌السلام يقول: - وذكر مثل حديث محمّد بن جعفر الرَّزَّاز سواء(٢) .

__________________

١ - المَضاضَة - بالفتح -: وجع المصيبة. ( البحار ).

٢ - أي ما تقدّم تحت رقم ١.

١١٢

٥ - حدّثني محمّد بن جعفر القُرشيِّ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحسن بن عليٍّ، عن ابن أبي عُمَير، عن عليِّ بن المغيرة، عن أبي عُمارة المنشِد « قال: ما ذكر الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام عند أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام في يومٍ قطّ فرُئي أبو عبداللهعليه‌السلام في ذلك اليوم متبسِّماً قطّ إلى اللَّيل ».

٦ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حماد البصريّ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ، عن مِسْمَع بن عبدالملك كِرْدين البصريّ « قال: قال لي أبو عبداللهعليه‌السلام : يا مِسْمَع أنت مِن أهل العِراق؛ أما تأتي قبر الحسينعليه‌السلام ؟ قلت: لا؛ أنا رَجلٌ مشهورٌ عند أهل البصرة، وعندنا مَن يتّبع هوى هذا الخليفة، وعدوّنا كثير مِن أهل القبائل مِن النُّصّاب وغيرهم، ولستُ آمنهم أنْ يرفعوا حالي عند ولد سليمان(١) فيُمثِّلون بي(٢) ، قال لي: أفما تذكر ما صنع به؟ قلت: نعم، قال: فتجزع؟ قلت: إي والله وأستعبر لذلك حتّى يرى أهلي أثر ذلك عليَّ فأمتنع مِن الطّعام حتّى يستبين ذلك في وَجهي، قال: رحِمَ الله دَمعتَك، أما إنّك مِن الَّذين يُعدُّون مِن أهل الجزع لنا، والّذينَ يَفرحون لِفَرحِنا ويحزنون لِحُزننا ويخافون لَخوْفنا ويأمنون إذا أمنّا، أما إنّك سترى عند موتك حضور آبائي لك ووصيّتهم ملكَ الموت بك، وما يلقّونك به مِن البشارة أفضل، ولملك الموت أرقّ عليك وأشدُّ رَحمةً لك من الاُمّ الشّفيقة على ولدها، قال: ثمَّ استعبر واستعبرتُ معه، فقال: الحمد للهِ الّذي فضّلنا على خلقِه بالرَّحمة وخصَّنا أهل البيت بالرَّحمة، يا مِسمَع إنَّ الأرض والسَّماء لتبكي مُنذُ قُتل أمير المؤمنينعليه‌السلام رَحمةً لنا، وما بكى لنا مِن الملائكة أكثر وما رَقأتْ دُموع الملائكة منذ قُتلنا، وما بكى أحدٌ رَحمةً لنا ولما لقينا إلاّ رحمه الله قبل أن تخرج الدَّمعة من عينه، فإذا سالَتْ دُموعُه على خَدِّه، فلو أنَّ قطرةً مِن دُموعِه سَقَطتْ في جهنَّم لأطْفَئتْ حَرَّها حتّى لا

__________________

١ - يعني سليمان بن عبدالملك، والمراد ولده حاكم الكوفة.

٢ - مثّل بفلان أي نكّله، وصنع به صنيعاً يحذّر غيره.

١١٣

يوجد لها حَرٌّ، وإنّ الموجع لنا قلبه ليفرح يوم يرانا عند مَوته فرحَةً لا تزال تلك الفرْحَة في قلبه حتّى يرد علينا الحوض، وإنّ الكوثر ليفرح بمحبِّنا إذا ورد عليه حتّى أنّه ليذيقه مِن ضروب الطَّعام ما لا يشتهي أن يصدر عنه، يا مِسْمع مَن شرب منه شَربةً لم يظمأ بعدها أبداً، ولم يستق بعدها أبداً، وهو في بَرْدِ الكافور وريح المِسْك وطعم الزَّنجبيل، أحلى مِن العَسل، وألين مِن الزَّبد، وأصْفى مِن الدَّمع، وأذكى مِن العَنبر يخرج من تَسْنيم (١) ، ويمرُّ بأنهار الجِنان يجري على رَضْراض (٢) الدُّرِّ والياقوت، فيه من القِدْحان أكثرُ من عدد نجوم السَّماء، يوجد ريحه مِن مَسيرةِ ألف عام، قِدْحانه مِن الذَّهب والفِضّة وألوان الجوهر، يفوح في وجه الشّارب منه كلُّ فائحة حتّى يقول الشّارب منه: يا ليتني تركت ههنا لا أبغي بهذا بَدلاً، ولا عنه تَحويلاً، أما إنّك يا [ابن] كِرْدين ممّن تروي منه، وما مِن عَين بَكتْ لنا إلاّ نَعِمَتْ بالنّظر إلى الكوثر وسُقِيتْ منه (٣) ، وأنَّ الشَّارب منه ممّن أحبَّنا ليعطى مِن اللَّذَّة والطَّعم والشَّهوة له أكثر ممّا يعطاه مَن هو دونه في حُبِّنا.

وإنْ على الكوثر أمير المؤمنينعليه‌السلام وفي يده عصاً مِن عَوسَج يحطم بها أعداءَنا، فيقول الرَّجل منهم: إنّي أشهد الشَّهادتين، فيقول: انطلقْ إلى إمامك فلانٍ فاسأله أنْ يشفع لك، فيقول: تبرَّأ منّي إمامي الَّذي تذكره، فيقول: ارجع إلى ورائِك فقلْ للَّذي كنتَ تتولاّه وتقدِّمه على الخلق فاسأله إذ كان خير الخلق عِندَك أن يشفعَ لك، فإنَّ خيرَ الخلق مَن يَشفَع(٤) ، فيقول: إنّي اُهلك عَطَشاً، فيقول له: زادكَ اللهُ ظَمأُ وزادَكَ اللهُ عَطَشاً.

قلت: جُعِلتُ فِداك وكيف يقدر على الدُّنوّ مِن الحوض ولم يقدر عليه

__________________

١ - هو عين في الجنّه وهو أشرف شراب في الجنّة. ( مجمع البيان ).

٢ - الرّضراض: الحصاء، أو الصِّغار منها.

٣ - إسناد السَّقْي إلى العين مجازيٌّ لسببيّتها لذلك. ( البحار ).

٤ - في بعض النّسخ: « حقيقٌ أن لا يردّ إذا شفع ».

١١٤

غيره؟ فقال: ورع عن أشياء قبيحةٍ، وكفّ عن شتمنا [أهل البيت] إذا ذكرنا، وترك أشياء اجترء عليها غيره، وليس ذلك لِحبّنا ولا لِهوى منه لنا، ولكن ذلك لشدَّة اجتهاده في عبادته وتَدَيُّنه ولما قد شغل نفسه به عن ذكر النّاس، فأمّا قلبه فمنافق ودينه النَّصب واتّباع أهل النَّصب وولاية الماضينَ وتقدُّمه لهما على كلِّ أحدٍ ».

٧ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن عبدالله بن المغيرة، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ، عن عبدالله بن بُكَير الاُرجانيِّ(١) . وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبدالله بن زُرارة، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ، عن عبدالله بن بُكَير « قال: حَجَجْتُ مع أبي عبداللهعليه‌السلام - في حديث طويل(٢) - فقلت: ياابن رسول الله لو نُبِش قبرُ الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام هل كان يُصابُ في قبره شيءٌ؟ فقال: ياابن بُكَير ما أعظم مسائِلُك، إنَّ الحسينعليه‌السلام مع أبيه واُمّه وأخيه في منزل رَسول اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ومعه يُرزقون ويحبون(٣) وأنّه لعَلى يمين العَرش متعلّق ( كذا ) يقول: يارَبِّ أنْجزْ لي ما وَعَدتَني، وإنّه لينظر إلى زُوَّاره، وأنّه أعرف بهم وبأسمائهم وأسماءِ آبائهم وما في رِحالهم من أحَدِهم بولده، وأنّه لينظر إلى مَن يبكيه فيستغفر له ويسأل أباه الاستغفار له، ويقول: أيّها الباكي

__________________

١ - قال العلاّمة الأمينّيرحمه‌الله : أرّجان بفتح أوّله وتشديد ثانيه تارة، وبالتّخفيف اُخرى -: مدينة مِن بلاد فارِس، وفي بعض النّسخ: « ارحمانيّ »، وأظنّه تصحيف أرْخُمانيّ - بالفتح ثم السكون وضم الخاء المعجمة -: بلدة من مدن فارس. و « عبدالله بن بكير » أو « عبدالله بن بكر » - كما في بعض النسخ - ليس هو من ولد أعين، وله ابن اسمه الحسين ابن عبدالله الأرجانيّ.

٢ - سيأتي الخبر بتمامه في باب نوادر الزّيارات تحت رقم ٢.

٣ - فيه سقط، والسّاقط قوله: « كما يرزقون، فلو نُبِشَ في أيّامه لوُجِدَ، وأمّا اليوم فهو حيُّ عند ربّه يرزق وينظر إلى مُعَسكَره، وينظر إلى العرش متى يؤمر أن يحمله - إلخ ». كما يأتي في النّوادر.

١١٥

لَو عَلِمتَ ما أعدّ اللهُ لك لَفَرِحْتَ أكثر ممّا حَزِنْتَ، وإنّه ليستغفر له مِن كلِّ ذنبٍ وخطيئةٍ ».

٨ - حدَّثني حكيم بن داود، عن سَلَمةَ، عن يعقوبَ بن يزيدَ، عن ابن أبي عُمير، عن بكر بن محمّد، عن فُضيل بن يَسار، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن ذُكِرنا عندَه ففاضَتْ عَيناه ولو مثل جَناح بَعُوضةٍ(١) غُفِرَ له ذنوبُه ولو كانت مِثلَ زَبَد البَحر ».

حدَّثني محمّد بن عبدالله، عن أبيه، عن أحمدَ بنِ أبي عبدالله البَرقيِّ، عن أبيه، عن بَكرِ بنِ محمّد، عن أبي عبداللهعليه‌السلام مثله.

٩ - حدَّثني حكيم بن داود، عن سَلَمة بن الخطّاب، عن الحسن بن عليِّ، عن العَلاء بن رَزين القَلاّء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: أيّما مؤمنٍ دَمَعَتْ عيناه لِقَتلِ الحسينعليه‌السلام دَمْعَةً حتّى تَسيل على خَدِّه بَوَّأه الله بها غُرفاً في الجنّة يَسكنها أحقاباً ».

١٠ - وعنه، عن سَلَمَةَ، عن عليِّ بن سَيف، عن بَكر بن محمّد، عن فَضَيل بن فَضالة(٢) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن ذُكِرْنا عِنده ففاضَتْ عَيناه حرَّم اللهُ وَجْهَه على النّار ».

الباب الثّالث والثّلاثون

( مَن قال في الحسين عليه السلام شعراً فبكى وأبْكى)

١ - حدَّثنا أبو العبّاس القُرشيُّ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عُقْبَة، عن أبي هارونَ المكفوف « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : يا أبا هارون أنشدني في الحسينعليه‌السلام ؟ قال: فأنشدته فبكى،

__________________

١ - في بعض النّسخ: « مثل جناح ذُباب ».

٢ - عدَّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق عليه السلام، وقال: « الفضيل بن فضالة التّغلبيّ، كوفيّ ». وفي بعض النّسخ: « عن فضيل؛ وفضالة، عن أبي عبدالله عليه السلام ».

١١٦

فقال: أنشدني كما تنشدون - يعني بالرّقّة - قال: فأنشدته:

امْرُرْ عَلى جَدَثِ (١) الحسينِ

فَقُلْ لأعْظُمِهِ الزَّكيَّة

 قال: فبكى، ثمَّ قال: زِدْني، قال: فأنشدته القصيدة الاُخْرى، قال: فبكى، وسمعتُ البكاء مِن خلفِ السَّتر، قال: فلمّا فرغتُ قال لي: يا أبا هارون مَن أنشد في الحسين شِعراً فبكى وأبكى عَشْراً كُتبتْ لهم الجنّة، ومَن أنشد في الحسين شِعراً فبكى وأبكى خمسةً كُتبت لهم الجنّة، ومَن أنشد في الحسين شعراً فبكى وأبكى واحداً كُتبتْ لهما الجنّة، ومَن ذكر الحسينعليه‌السلام عنده فخَرج مِن عينه مِن الدُّموع مِقدار جَناح ذُباب كان ثوابه على الله، ولم يَرضَ له بدون الجنّة ».

٢ - حدَّثني أبو العبّاس(٢) ، عن محمّد بن الحسين، عن الحسن بن عليِّ بن أبي عثمان، عن الحسن بن عليِّ بن أبي المغيرة، عن أبي عُمارة المُنْشِد، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قال لي: يا أبا عُمارة أنْشِدْني في الحسينعليه‌السلام ، قال: فأنشدته فبكى، ثمَّ أنشدته فبكى، ثمّ أنشدته فبكى، قال: فوالله ما زلتُ أُنشِدُه ويبكي حتّى سَمعتُ البكاء مِن الدَّار، فقال لي: يا أبا عُمارة مَن أنشَدَ في الحسين شِعراً فأبكى خمسينَ فله الجنَّة، ومَن أنشَدَ في الحسين شِعراً فأبكى أربعين فلَه الجنّة، ومَن أنشد في الحسين شِعراً فأبكى ثلاثين فلَهُ الجنة، ومَن أنشَدَ في الحسينِ شِعراً فأبكى عشرين فلَه الجنّة، ومن أنشدَ في الحسين شِعراً فأبكى عشرة فلَه الجنّة، ومَن أنشَدَ في الحسينعليه‌السلام شِعراً فأبكى واحِداً فله الجنّة، ومَن أنشَدَ في الحسين شِعراً فبكى فلَه الجنّة، ومَن أنشَدَ في الحسين شِعراً فتباكى فلَه الجنّة ».

٣ - حدَّثني محمّد بن جعفر، عن محمّد بن الحسين، عن ابن أبي عُمَير، عن عبدالله بن حسّان، عن ابن أبي شعبة(٣) ، عن عبدالله بن غالب « قال: دخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام فأنشدته مَرْثِيةَ الحسينعليه‌السلام ، فلمّا انتهيتُ إلى هذا الموضع:

لَبلِيَّة تَسقو حُسَيناً

بمَسقاةِ الثَّرى غَير التُّرابِ

 فصاحت باكية من وراء السّتر: واأبتاه!!! ».

__________________

١ - الجدث: القبر.

٢ - يعني الرّزّاز.

٣ - هو عبيدالله بن علي بن أبي شعبة الحلبيّ.

١١٧

٤ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عُقْبَة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أنشَدَ في الحسينعليه‌السلام بيت شعرٍ فبكى وأبكى عشرةً فله ولهم الجنّة، ومَن أنشد في الحسين بيتاً فبكى وأبكى تسعةً فله ولهم الجنّة، فلم يزل حتّى قال: مَن أنشد في الحسين بيتاً فبكى - وأظنّه قال: أو تباكى - فله الجنّة ».

٥ - حدَّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيلَ، عن صالح بن عُقْبَة، عن أبي هارونَ المكفوف « قال: دخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام فقال لي: أنشِدْني، فأنشدتُه، فقال: لا؛ كما تنشدون وكما ترثيه عند قبره، قال: فأنشدته:

أُمْرُرُ عَلى جَدَثِ الحُسَينِ

فَقُل لأعْظُمِهِ الزَّكيَّةِ

قال: فلمّا بكى أمسكت أنا، فقال: مُرَّ، فمررت، قال: ثمَّ قال: زِدني زِدني، قال: فأنشدته:

يا مَريمُ قُومي فانْدُبي مَولاكِ

وَعَلى الحُسَين فأسْعِدي بِبُكاكِ

قال: فبكى وتهايج النّساء!! قال: فلمّا أن سَكتن قال لي: يا أبا هارون مَن أنشد في الحسينعليه‌السلام فأبكى عشرة فله الجنّة، ثمَّ جعل ينقّص واحِداً واحِداً حتّى بلغ الواحد، فقال: من أنشد في الحسين فأبكى واحِداً فله الجنّة، ثمّ قال: مَن ذَكرَه فبكى فله الجنّة ».

٦ - وروي عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: لكلِّ شيءٍ ثواب إلاّ الدَّمعة فينا »(١) .

٧ - حدّثني محمّد بن أحمد بن الحسين العسكريّ، عن الحسن بن عليِّ بن مهزيار، عن أبيه، عن محمّد بن سِنان، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عُقْبة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أنشد في الحسين بيتَ شعرٍ فبكى وأبكى

__________________

١ - أي ثواب معيّن إلاّ الدّمعة فينا، فلها ثواب لا يعلم حدّه، وذلك كناية عن كثرة الثَواب. وفي البحار: « لكلّ سرّ - إلخ » وله بيان راجع ج ٤٤ ص ٢٨٧.

١١٨

عشرةً فله ولهم الجنّة، ومَن أنشد في الحسين بيتاً فبكى وأبكى تسعةً فله ولهم الجنّة، فلم يزل حتّى قال: مَن أنشد في الحسين بيتاً فبكى - وأظنّه قال: أو تباكى - فله الجنّة ».

الباب الرّابع والثّلاثون

( ثواب مَن شَرِب الماءَ وذَكر الحسين عليه السلام ولعنَ قاتلَه)

١ - حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز الكوفيُّ، عن محمّد بن الحسين، عن الخشّاب، عن عليِّ بن حَسّان، عن عبدالرَّحمن بن كثير، عن داودَ الرَّقّيّ « قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام إذ استسقى الماءَ، فلمّا شربه رأيته قد استعبر واغْرَورَقتْ عَيناه بدُمُوعِه، ثمَّ قال لي: يا داودُ لعن الله قاتل الحسين، فما مِن عبدٍ شرب الماءَ فذكر الحسينعليه‌السلام ولعنَ قاتله إلاّ كتب الله له مائة ألف حَسَنةٍ، وحطّ عنه مائة ألف سيّئةٍ، ورفع له مائة ألف درجةٍ، وكأنّما أعتق مائة ألف نَسَمةٍ، وحَشَره الله تعالى يوم القيامة ثلجَ الفُؤاد(١) ».

حدَّثني محمّد بن يعقوبَ، عن عليِّ بن محمّد، عن سَهل بن زياد، عن جعفر بن إبراهيم الحَضرَميّ، عن سعد بن سعد مثله(٢) .

الباب الخامس والثّلاثون

( بكاء « عليّ بن الحسين » على « الحسين بن علي » عليهم السلام)

١ - حدّثني أبيرحمه‌الله عن جماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن أبي داود المُسترق - عن بعض أصحابنا - عن

__________________

١ - أي مطمئنّة.

٢ - فيه كلام، راجع البحار ج ٤٤ ص ٣٠٣ و ٣٠٤. والخبر مذكور في الكافي ج ٦ ص ٣٩١ وسنده غير ما ذكر في الكتاب، وكذا في البحار.

١١٩

أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: بكى عليُّ بن الحسين على أبيه حسين بن عليٍّ صلوات الله عليهما عشرين سَنَة - أو أربعين سَنَة(١) -، وما وضع بين يديه طعاماً إلاّ بكى على الحسين حتّى قال له مولى له: جُعلتُ فِداك يا ابن رَسول الله إنّي أخاف عليك أن تكون مِن الهالِكين، قال: «إنَّما أشْكُو بَثِّي وَحُزْني إلى اللهِ وأعْلمُ مِنَ اللهِ ما لا يَعْلَمُون (٢) »، إنّي لم أذكر مصرع بني فاطمة إلاّ خَنَقَتني العَبرة(٣) لذلك ».

٢ - حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن خاله محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب الزَّيّات، عن عليِّ بن أسباط، عن إسماعيلَ بن منصور - عن بعض أصحابنا - « قال: أشرف مولى لعليِّ بن الحسينعليهما‌السلام وهو في سقيفة له ساجدٌ يبكي، فقال له: يا مولاي يا عليَّ بن الحسين أما آنَ لِحُزنك أن ينقضي؟ فرفع رأسَه إليه وقال: ويلك - أو ثَكَلَتكَ اُمُّك - [والله] لقد شكى يعقوبُ إلى رَبّه في أقلّ ممّا رأيت حتّى قال: « يا أسَفى عَلى يُوسُفَ(٤) »، إنّه فَقَدَ ابْناً واحِداً، وأنا رَأيت أبي وجماعة أهل بيتي يُذبَّحون حَولي، قال: وكان عليُّ بن الحسينعليهما‌السلام يميل إلى ولد عقيل، فقيل له: ما بالك تميل إلى بني عَمّك هؤلاء دون آل جعفر؟ فقال: إنّي أذكر يومهم مع أبي عبدالله الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام فأرقّ لهم »(٥) .

__________________

١ - الشّكّ من الرّاوي. وعاش السّجّاد بعد أبيهعليهما‌السلام ٣٤ سنة.

٢ - يوسف: ٨٦. وهو قول يعقوبعليه‌السلام حين قال ولده: «تَالله تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتّى تَكُونَ حَرَضاً أوْ تَكُونَ مِنَ الهلكينَ *قال إنّما أشكو - الآية ». وقال في المجمع: قيل: البث ما أبداه والحزن ما أخفاه.

٣ - خنقه خنقاً عصر حلقه حتى يموت.

٤ - يوسف: ٨٤.

٥ - الّذين قتلوا مع الحسينعليه‌السلام مِن أولاد عقيل ستّة بل سبعة، وهم: ١ - عبدالرّحمن بن عقيل واُمّه اُمّ ولد، ٢ - جعفر بن عقيل، واُمّه اُمّ الثّغر بنت عامر، ٣ - عبدالله بن عقيل، واُمّه اُمّ ولد. ٤ - محمّد بن مسلم بن عقيل، واُمّه اُمّ ولد، ٥ - عبدالله بن مسلم، واُمّه رقية بنت أمير المؤمنينعليه‌السلام ،

٦ - محمّد بن أبي سعيد الأحول ابن عقيل، اُمّه اُمّ ولد، وهؤلاء مع مسلم بن عقيل صاروا سبعة، وأمّا من أولاد جعفر بن أبي طالب المقتول بكربلاء ثلاثة، وهم: عون بن عبدالله بن جعفر، واُمّه زينب عليها السلام، محمّد وعبيدالله ابنا عبدالله بن جعفر، واُمّهما خوصاء. ثمّ إنّ عقيل عاش معدماً، وعبدالله بن جعفر بخلافه، كما في الإصابة لابن حجر وغيرها.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

عن الباقرعليه‌السلام :( وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ ) (١) يقول: الحقّ لأهل بيتك الولاية( إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ) (٢) ويقول: بما ألقوه في صدورهم من العداوة لأهل بيتك والظلم بعدك وقال الله عزّ وجلّ لمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله :( قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ) (٣) قال: لو أنّي أمرت أن أعلمكم الذي أخفيتم في صدوركم من استعجالكم بموتي لتظلموا أهل بيتي من بعدي ....

وقد أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حذيفة بكتمان أسماء المنافقين الّذين علّمه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أسماءهم، ومنهم أصحاب العقبة الّذين أرادوا أن ينفّروا برسول الله ناقته. انظر كتاب سليم بن قيس (١٦٨) والتهاب نيران الأحزان (٢٩).

وسيأتي المزيد في هذا المعنى عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « وكلّ أجاب وسلّم إليك الأمر وإنّي لأعلم خلاف قولهم » في الطّرفة السادسة عشر.

تبايع لله ولرسوله بالوفاء والاستقامة لابن أخيك إذن تستكمل الإيمان

انظر ما سيأتي في الطّرفة التاسعة، تحت عنوان « من صدّق عليّاعليه‌السلام ووازره وأطاعه ونصره فقد بلغ حقيقة الإيمان ».

عليّعليه‌السلام أمير المؤمنين

لم يسمّ الله ولا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أحدا بأمير المؤمنين سوى عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام . ففي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٥٥ ) قال رجل للصادقعليه‌السلام : يا أمير المؤمنين، فقال: مه، إنّه لا يرضى بهذه التسمية أحد إلاّ ابتلي ببلاء أبي جهل.

وفي وسائل الشيعة / كتاب الحجّ - الباب ١٠٦ عن عمر بن زاهر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام

__________________

(١) الشورى؛ ٢٤

(٢) الشورى؛ ٢٤

(٣) الأنعام؛ ٥٨

٢٤١

قال: سأله رجل عن القائمعليه‌السلام يسلّم عليه بإمرة المؤمنين؟ فقال: ذاك اسم سمّي به أمير المؤمنين لم يسمّ أحد قبله، ولا يسمّى به بعده إلاّ كافر.

وانظر في هذا المعنى تفسير العيّاشي ( ج ١؛ ٢٧٦ ) ووسائل الشيعة / كتاب الحجّ - الباب ١٠٦ بإسناد آخر، والتنزيل والتحريف لأحمد بن محمّد السياريّ، كما نقل عنه المجلسي في بحار الأنوار: ٨ / باب كفر الثلاثة ونفاقهم.

وحسبك في هذا المجال ما ألّفه السيّد ابن طاوس في كتابيه اليقين والتحصين، فإنّه أخرج اختصاص عليّعليه‌السلام بإمرة المؤمنين، وأنّه سمّي بذلك في زمان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يسمّ به أحد غيره، فأخرج في كتاب اليقين ٢٢٠ حديثا في ٢٢٠ بابا من طرق أبناء العامّة في ذلك، وأخرج في كتاب التحصين ٥٦ حديثا في ٥٦ بابا من طرق الشيعة. وقال تلميذه عليّ ابن عيسى الأربلي في كشف الغمّة ( ج ١؛ ٣٤٠ ): قد كان السعيد رضي الدين عليّ بن موسى ابن طاوسرحمه‌الله وألحقه بسلفه جمع في ذلك كتابا سمّاه « كتاب اليقين باختصاص مولانا عليّعليه‌السلام بإمرة المؤمنين »، ونقل ذلك ممّا يزيد على ثلاثمائة طريق. فيبدو أنّ الموجود منه ناقص، أو أنّ السيّد ابن طاوس لم يتمّه.

حمزة سيّد الشهداء

بصائر الدرجات (١٤١) وتفسير فرات ( ١٧٠، ٣٤٠ ) والمسترشد (٦١١) والخصال (٤١٢) والكافي ( ج ١؛ ٤٥٠ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ١٦٩ ) و ( ج ٣؛ ٢٣٣ ) وروضة الواعظين (٢٦٩) وتاريخ بغداد ( ج ٩؛ ٤٣٤ ) وينابيع المودّة ( ج ٢؛ ٦٩ ) ووسيلة المآل (١٥٣) وتذكرة الخواص (٢٢٤) ومناقب ابن المغازلي (١١٣) وإرشاد القلوب (٢٥٩).

وجعفر الطيّار في الجنّة

الكافي ( ج ١؛ ٤٥٠ ) ودلائل الإمامة (٢٥٦)، وتفسير فرات ( ١٧٠ و ٣٤٠ ) والمسترشد (٦١١) والخصال (٤١٢) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ١٦٩ )، وروضة الواعظين

٢٤٢

(٢٦٩) وتاريخ بغداد ( ج ٩؛ ٤٣٤ ) وينابيع المودّة ( ج ٢؛ ٦٩ ) ووسيلة المآل (١٥٣) وتذكرة الخواص (٢٢٤) ومقتل الحسين ( ج ١؛ ١٤٨ ) وكفاية الطالب (٣٨٧) ومناقب ابن المغازلي (١١٣).

وفاطمة سيّدة نساء العالمين [ من الأوّلين والآخرين ]

في أمالي الصدوق (٩٩) بسنده عن ابن عباس، في حديث طويل قال فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وأمّا ابنتي فاطمة فإنّها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين ...

وانظر دلائل الإمامة (١١) والعمدة ( ٣٨٦، ٣٨٨ ) والخرائج والجرائح (١٩٤) وذخائر العقبى (٤٤)، ومناقب ابن المغازلي (٣٩٩)، وخصائص النسائي (١٢٠)، وصحيح مسلم ( ج ٧؛ ١٤٢ / باب فضائل فاطمةعليها‌السلام ) وحلية الأولياء ( ج ٢؛ ٤٢ ) والاستيعاب ( ج ٢؛ ٧٥٠ ) ومشكل الآثار ( ج ١؛ ٤٨ ) والمستدرك للحاكم ( ج ٣؛ ١٥٦ ) ونزل الأبرار (٤٥) وأسد الغابة ( ج ٥؛ ٥٢٢ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ١٦٩ ).

الحسن والحسينعليهما‌السلام سيّدا شباب أهل الجنّة

في عوالم العلوم ( ٤٩ / الحديث ١١ ) قال الحسن بن زياد العطّار: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام فقول رسول الله « الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة »؟ قال: هما والله سيّدا شباب أهل الجنّة من الأولين والآخرين.

وانظر فرائد السمطين ( ج ١؛ ٤٧ ) وخصائص النسائي ( ١٢٣، ١٢٤ ) وسنن الترمذيّ ( ج ٢؛ ٣٠٦، ٣٠٧ ) وكنز العمال ( ج ٦؛ ٢٢١ ) ووسيلة المآل (١٥٣) ومجمع الزوائد ( ج ٩؛ ٢٠١ ) ومسند أحمد ( ج ٣؛ ٣، ٦٢، ٨٢ ) و ( ج ٥؛ ٣٩١ ) وحلية الأولياء ( ج ٥؛ ٥٨، ٧١ ) وتاريخ بغداد ( ج ١؛ ١٤٠ ) و ( ٩؛ ٢٣١، ٢٣٢ ) و ( ج ١٠؛ ٩٠ ) وتاريخ دمشق ( ج ٧؛ ١٠٢ ) ومستدرك الحاكم ( ج ٣؛ ١٦٧، ٣٨١ ) والإصابة ( ج ١؛ ٢٦٦ ) و ( ج ٤؛ ١٨٦ ) ومجمع الزوائد ( ج ٩؛ ١٨٢ - ١٨٤، ١٨٧ ) وكنوز الحقائق (٨١) وذخائر العقبى ( ١٢٩، ١٣٠، ١٣٥ )

٢٤٣

والمسترشد (٦١١) والمناقب لابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ١٦٩ ) وتذكرة الخواص ( ٢٠٩، ٢٣٣ ) وبشارة المصطفى (٢٧٧) وكفاية الأثر ( ١٠٢، ١٢٤ ) وإرشاد القلوب (٢٥٩).

٢٤٤

الطّرفة الرابعة

فدعاهم إلى مثل ما دعا أهل بيته من البيعة رجلا رجلا فبايعوا، وظهرت الشحناء والعداوة من يومئذ لنا

يدلّ على هذه البيعة ما مرّ من شروط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليهم في بيعة العقبة.

وفي كنز جامع الفوائد ( ٢١٤، ٢١٥ ) عن الصادقعليه‌السلام في بعض رسائله: ليس موقف أوقف الله سبحانه نبيّه فيه ليشهده ويستشهده إلاّ ومعه أخوه وقرينه وابن عمّه ووصيّه، ويؤخذ ميثاقهما معا صلوات الله عليهما وعلى ذريتهما الطيّبين.

وفي أمالي الطوسي (١٥٥) بسنده على سلمان، قال: بايعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على النصح للمسلمين والائتمام بعليّ بن أبي طالب والموالاة له. وهو في كشف الغمة ( ج ١؛ ٣٨٩ ) عن سلمان أيضا.

وفي إرشاد القلوب (٢٦٤) قول عليّعليه‌السلام لأبي بكر: وقد أخذصلى‌الله‌عليه‌وآله بيعتي عليك في أربعة مواطن - وعلى جماعة منكم فيهم عمر وعثمان - في يوم الدار وفي بيعة الرضوان تحت الشجرة، ويوم جلوسه في بيت أم سلمة، وفي يوم الغدير بعد رجوعه من حجة الوداع، فقلتم بأجمعكم: سمعنا وأطعنا لله ولرسوله وقال [ عمر ] بحضرتكم: بخ بخ يا بن أبي طالب.

ومعلوم أنّ الثلاثة لم يكونوا في بيعة الدار، وإنّما أرادعليه‌السلام ما بعدها مباشرة لتقارب الزمان واتحاد شروط البيعة لعليعليه‌السلام .

٢٤٥

ويدلّ على هذه البيعة نزول قوله تعالى:( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (١) . ففي أمالي الصدوق (٤٢٦) عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: حدّثني أبي، عن آبائه، عن الحسين بن عليّعليهما‌السلام ، قال: اجتمع المهاجرون والأنصار إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا: إنّ لك يا رسول الله مؤونة في نفقتك وفيمن يأتيك من الوفود، وهذه أموالنا مع دمائنا، فاحكم فيها بارّا مأجورا، أعط ما شئت وأمسك ما شئت من غير حرج، فأنزل الله عزّ وجلّ عليه الروح الأمين فقال: يا محمّد( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (٢) يعني أن تودّوا قرابتي من بعدي، فخرجوا، فقال المنافقون: ما حمل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على ترك ما عرضنا عليه إلاّ ليحثّنا على قرابته من بعده، إن هو إلاّ شيء افتراه في مجلسه.

وفي الاختصاص (٦٣) عن الصادقعليه‌السلام ، عن آبائه أنّه قال: لمّا نزلت هذه الآية على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (٣) قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : فو الله ما وفى بها إلاّ سبعة نفر: سلمان وأبو ذرّ وعمّار والمقداد وجابر بن عبد الله ومولى لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقال له شبيب، وزيد بن أرقم.

وانظر تفسير فرات (٣٩٣) وتفسير القمّي ( ج ٢؛ ٢٧٥ ) وأسباب النزول (٢٥١) ومجمع البيان ( ج ٥؛ ٢٩ ) وينابيع المودّة ( ج ١؛ ٤٢، ٤٣ ) وقرب الإسناد (٧٨) ومناقب الخوارزمي (١٩٤) وشواهد التنزيل ( ج ٢؛ ٢٠٠ - ٢٠٢ / الحديثان ٨٣٥، ٨٣٦ ) وأمالي الصدوق: ٤٢٦.

وقد أخذ النبي العهد على المسلمين جميعا أن يفوا بالبيعة له؛ وجدّد عليهم ذلك مرارا قبيل وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ففي معاني الأخبار (٣٧٢) بسنده عن ابن عبّاس، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لمّا أنزل الله تبارك وتعالى:( وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ) (٤) : والله لقد خرج آدم من الدنيا

__________________

(١) الشورى؛ ٢٣

(٢) الشورى؛ ٢٣

(٣) الشورى؛ ٢٣

(٤) البقرة؛ ٤

٢٤٦

وقد عاهد قومه على الوفاء لولده شيث، فما وفي له، ولقد خرج نوح من الدنيا وعاهد قومه على الوفاء لوصيّه سام فما وفت أمّته، ولقد خرج إبراهيم من الدنيا وعاهد قومه على الوفاء لوصيّه إسماعيل فما وفت أمّته، ولقد خرج موسى من الدنيا وعاهد قومه على الوفاء لوصيّه يوشع بن نون فما وفت أمّته، ولقد رفع عيسى بن مريم إلى السماء وقد عاهد قومه على الوفاء لوصيّه شمعون بن حمون الصفا فما وفت أمّته، وإنّي مفارقكم عن قريب، وخارج من بين أظهركم، وقد عهدت إلى أمّتي في عليّ بن أبي طالب، وإنّها لراكبة سنن من قبلها من الأمم في مخالفة وصيّي وعصيانه، ألا وإنّي مجدّد عليكم عهدي في عليّ( فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ) (١)

وفي الاحتجاج ( ج ١؛ ٥٥ - ٦٦ ) بسنده عن أبي جعفر محمد بن عليّ الباقرعليه‌السلام ، في حديث طويل في احتجاج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الغدير على الخلق كلّهم، وفي غيره من الأيّام بولاية عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ومن بعده من ولده من الأئمة المعصومينعليهم‌السلام ، قال في أوائله: فلمّا وقفصلى‌الله‌عليه‌وآله بالموقف أتاه جبرئيلعليه‌السلام عن الله عز وجل، فقال: يا محمّد إنّ الله عزّ وجلّ يقرؤك السلام، ويقول لك: إنّه قد دنا أجلك ومدّتك، وأنا مستقدمك على ما لا بدّ منه ولا عنه محيص، فاعهد عهدك، وقدّم وصيّتك، واعمد إلى ما عندك من العلم، وميراث علوم الأنبياء من قبلك، والسلاح والتابوت، وجميع ما عندك من آيات الأنبياء، فسلّمه إلى وصيّك وخليفتك من بعدك؛ حجّتي البالغة على خلقي عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، فأقمه للناس علما، وجدّد عهده وميثاقه وبيعته، وذكّرهم ما أخذت عليهم من بيعتي وميثاقي الذي واثقتهم، وعهدي الذي عهدت إليهم، من ولاية وليّي، ومولاهم ومولى كل مؤمن ومؤمنة، عليّ بن أبي طالب ....

فالواضح من هذه النصوص، ونصوص أخرى جمّة، أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان قد دعا الناس من قبلصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن أوّل بزوغ فجر الإسلام، إلى مبايعة عليّعليه‌السلام ، بعد بيعتهم لله ولرسوله،

__________________

(١) الفتح؛ ١٠

٢٤٧

وإنّما أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يؤكّد ويكرّر وصاياه بعليعليه‌السلام والالتزام به، ويذكّر المسلمين بذلك مرارا عديدة، وفي أكثر من موطن، قبيل وفاته، ليؤكّد عليهم العهود والمواثيق التي بايعوه عليها، ويحذّرهم من نقضها بعد أن أبرمها الله ورسوله، فهذا ما جعلهصلى‌الله‌عليه‌وآله يؤكد ويذكّر بالعهد والميثاق مرارا وكرارا.

والّذي يدلّ على عداوتهم وبغضهم لعلي وأهل البيتعليهم‌السلام ما ثبت من حسدهم لعليعليه‌السلام ، وأنّهم كانوا يحسدونه على كلّ منقبة ويتشوفون لنيل فضيلة من فضائله فلا يبلغون ذلك، وقد أظهروا ذلك فيما بينهم وتعاقدوا عليه بعد بيعة الغدير كما سيأتي بيانه في الطّرفة السادسة عشر في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « وكلّ أجاب وسلّم إليك الأمر وإنّي لأعلم خلاف قولهم »، وأظهروا ذلك علنا وفعلا بعد وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وسيأتي بيان ذلك في الطّرفة السادسة والعشرين في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : « فقد أجمع القوم على ظلمكم »، وما فعلوه من سحب عليّعليه‌السلام وتهديده بالقتل وحرق الدار وضرب جنب فاطمةعليها‌السلام ، وإسقاط جنينها، وغير ذلك من الأفعال الّتي أظهروا بها عداوتهم وشحناءهم.

وكان ممّا شرط عليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن لا ينازع الأمر ولا يغلبه فمن فعل ذلك فقد شاق الله ورسوله

في نهج الحقّ (٢٦٠) قال: وفي مناقب الخوارزمي، عن أبي ذرّ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من ناصب عليّا الخلافة بعدي فهو كافر وقد حارب الله ورسوله.

وانظر ذيل إحقاق الحقّ ( ج ٧؛ ٣٣٠ ) حيث قال: « وأخرجه الموصلي في بحر المناقب »، ومناقب ابن المغازلي (٤٦) حيث زاد فيه « ومن شك في عليّ فهو كافر »، وكنوز الحقائق (١٥٦). وهو في ينابيع المودّة ( ج ٢؛ ٦ ) بلفظ « من قاتل عليّا على الخلافة فاقتلوه كائنا من كان » وقال: « أخرجه الديلمي ». وفي إرشاد القلوب (٢٣٦) نقل ما في مناقب الخوارزمي.

وفي تفسير القمّي ( ج ٢؛ ٢٧٥ ) عن الصادقعليه‌السلام - في قوله تعالى:( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ

٢٤٨

أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (١) - قال: أجر النبوّة أن لا تؤذوهم ولا تقطعوهم ولا تغصبوهم، وتصلوهم ولا تنقضوا العهد فيهم.

وفي سيرة ابن هشام ( ج ٢؛ ٤٥٤ ) عن عبادة بن الصامت - وكان أحد النقباء - قال: بايعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيعة الحرب على السمع والطاعة في عسرنا ويسرنا ومنشطنا ومكرهنا وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله وانظره في الروض الأنف ( ج ٤؛ ١٣٥ ) وأنساب الأشراف ( ج ١؛ ٢٩٤ ).

وأسند الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ( ج ١؛ ٢٧١ ) عن ابن عباس، قال: لمّا نزلت( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) (٢) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من ظلم عليّا مقعدي هذا بعد وفاتي فكأنّما جحد نبوّتي ونبوّة الأنبياء قبلي. ورواه عنه البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٢٧ ) والطبرسي في مجمع البيان ( ج ٤؛ ٥٣٤، ٥٣٥ ). وأسند ابن السراج في كتابه إلى ابن مسعود نحوه. انظر البرهان ( ج ٢؛ ٧٢ ) والصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٢٧ ).

__________________

(١) الشورى؛ ٢٣

(٢) الأنفال؛ ٢٥

٢٤٩

٢٥٠

الطّرفة الخامسة

روى هذه الطّرفة - عن كتاب الطّرف - العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٢٧٩، ٢٨٠ ) و ( ج ٦٥؛ ٣٩٥، ٣٩٦ ) ونقلها باختصار العلاّمة البياضي في كتابه الصراط المستقيم ( ٢؛ ٨٩ ).

وقد تقدّم أن هذه الطّرفة من مختصّات الكتاب، وتقدّمت القرائن الّتي تشير إليها، وأن تجديد البيعة قبل شهادته كان ليجيب عن سؤال الملكين عن إمامة أمير المؤمنين، بعد قيام الأدلّة القطعيّة على أن المسلم مسئول في قبره عن ولاية أمير المؤمنين، وقد مرّ تلقين النبي فاطمة بنت أسد إمامته وولايتهعليه‌السلام .

الأئمّة من ذريته الحسن والحسين وفي ذريته

تقدم ذكر أسماء الأئمّةعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن ذلك علم أنّهم من ذريّة عليعليه‌السلام ومن بعده من ذريّة الحسينعليه‌السلام . لكن ما نذكره هنا نذكره بألفاظ أخرى، وفيها التأكيد على أنّ التسعة من ولد الحسينعليه‌السلام .

ففي تقريب المعارف: ١٨٢ قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله للحسينعليه‌السلام : أنت إمام ابن إمام أخو إمام، أبو أئمّة حجج تسع، تاسعهم قائمهمعليهم‌السلام .

وفي ينابيع المودّة ( ج ١؛ ١٦٦ ): في مودّة القربى، عن سليم بن قيس، عن سلمان الفارسي، قال: دخلت على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإذا الحسين بن عليّعليهما‌السلام على فخذيه وهو يقبّل خدّيه ويلثم فاه، ويقول: أنت سيّد ابن سيّد أخو سيّد، وأنت إمام ابن إمام أخو إمام،

٢٥١

وأنت حجّة ابن حجّة أخو حجّة، وأنت أبو حجج تسعة تاسعهم قائمهمعليهم‌السلام .

وفي أمالي الطوسي (٣١٧) عن محمّد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر وجعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقولان: إنّ الله تعالى عوّض الحسين من قتله أن جعل الإمامة في ذريته، والشفاء في تربته، وإجابة الدعاء عند قبره ....

وانظر التهاب نيران الأحزان (٢١) وينابيع المودّة ( ج ١؛ ١١٦ ) و ( ج ٣؛ ١٠١، ١٠٥، ١٦٢ ) وكفاية الأثر ( ١٠٩، ١١٨ ) وكمال الدين ( ج ١؛ ٢٨٢، ٣١٧ ) وأمالي الصدوق (٩٧) والخصال ( ٤٦٣، ٤٧٥، ٤٧٨، ٤٧٩، ٤٨٠ ) وعيون أخبار الرضا ( ج ١؛ ٥٣ ). ولا يكاد يخلو من هذا المعنى مصدر من مصادر الإماميّة في الإمامة.

وأنّ محمّدا وآله صلوات الله عليهم خير البريّة

في تفسير القمّي ( ج ٢؛ ٤٣٢ ) عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام ، في تفسير قوله تعالى:( أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) (١) قال: نزلت في آل محمّد.

وفي شواهد التنزيل ( ج ٢؛ ٤٧٠ ) عن جابر الأنصاري قال: بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوما في مسجد المدينة وذكر بعض أصحابه الجنّة، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ لله لواء من نور وعمودا من زبرجد خلقها قبل أن يخلق السماوات بألفي سنة، مكتوب على رداء ذلك اللّواء « لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله، آل محمّد خير البريّة ».

وفي قادتنا ( ج ٧؛ ٤٣١ ) عن مناقب ابن مردويه، عن أبي دجانة الأنصاريّ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث: أنّ الله خلق لواء من نور، وعمودا من ياقوت، مكتوب على ذلك النور « لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله، آل محمّد خير البريّة ». وفي ينابيع المودّة ( ج ٣؛ ٧٢ ) عن أم هاني بنت أبي طالب، رفعته: أفضل البريّة عند الله من نام في قبره ولم يشك في عليّ وذريّته أنّهم خير البريّة.

__________________

(١) البيّنة؛ ٧

٢٥٢

وفوق هذا نرى الروايات من طرق الفريقين في أنّ عليّا، أو عليّا وشيعته هم خير البريّة، وفي هذا دلالة قطعيّة على أنّ آل محمّدعليه‌السلام خير البريّة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مضافا إلى الروايات المتظافرة الصريحة في أنّ أئمّة أهل البيت: أفضل البشر بعد النبي.

ففي تفسير فرات ( ٥٨٣ - ٥٨٧ ) تسعة أحاديث في أنّ عليّا أو عليّا وشيعته هم خير البريّة، وفي شواهد التنزيل ( ج ٢؛ ٤٥٩ - ٤٧٤ ) ثلاثة وعشرون حديثا، وفي الدّر المنثور ( ج ٦؛ ٣٧٩ ) عدّة أحاديث. وانظر في ذلك تفسير الطبري ( ج ٣٠؛ ١٧١ ) والصواعق المحرقة ( ٩٦؛ ١٥٩ ) ونور الأبصار ( ٧٠، ١٠١، ١٠٥ ) ومناقب الخوارزمي (١٨٧) وكفاية الطالب ( ٢٤٤، ٢٤٦ ) ونظم درر السمطين (٩٢) وتاريخ دمشق ( ج ٢؛ ٤٤٢ / الحديث رقم ٩٥١ ) وفتح القدير ( ج ٥؛ ٤٦٤ ).

٢٥٣

٢٥٤

الطّرفة السادسة

روى هذه الطّرفة - عن كتاب الطّرف - العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٦٥؛ ٣٩٣ - ٣٩٥ ) ونقلها باختصار العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٨٩ ). ونقل بعضها المحدث الحر العاملي في وسائل الشيعة ( ج ٩؛ ٥٥٢ / الحديث ١٢٦٩٤ ).

فأمّا بيعة أبي ذرّ وسلمان والمقداد لعليّعليه‌السلام بمحضر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فممّا لا يرتاب فيه، وقد ثبت وفاؤهم لعليّعليه‌السلام بالبيعة في حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبعد وفاته، ويدلّ على ذلك نصوص ومواقف كثيرة.

ففي كتاب سليم بن قيس (١٢٣) قال عليّعليه‌السلام لطلحة: يا طلحة ألست قد شهدت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين دعا بالكتف ليكتب فيها ما لا تضل الأمّة وتختلف، فقال صاحبك ما قال، إنّ نبي الله يهجر، فغضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال: بلى قد شهدت، قال: فإنّكم لمّا خرجتم أخبرني بالّذي أراد أن يكتب فيها ويشهد عليها العامّة، فأخبره جبرئيل أنّ الله عزّ وجلّ قد علم من الأمّة الاختلاف والفرقة، ثمّ دعا بصحيفة فأملى عليّ ما أراد أن يكتب في الكتف، وأشهد على ذلك ثلاثة رهط: سلمان وأبا ذرّ والمقداد، وسمّى من يكون من أئمّة الهدى الذين أمر الله بطاعتهم إلى يوم القيامة، فسمّاني أوّلهم، ثمّ ابني الحسن ثمّ الحسين ثمّ تسعة من ولد ابني هذا، يعني الحسينعليه‌السلام . وانظر هذا الحديث في الاحتجاج ( ج ١؛ ١٥٣، ١٥٤ ) وأخرج بعضه الحمويني في فرائد السمطين ( ج ١؛ ٣١٢ - ٣١٨ ).

وفي تفسير فرات (٦٨) عن سليم بن قيس، عن عليّعليه‌السلام قال: إنّي سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

٢٥٥

يقول في كلام طويل له: إنّ الله أمرني بحبّ أربعة رجال من أصحابي، وأخبرني أنّه يحبّهم والجنّة تشتاق إليهم، فقيل: من هم يا رسول الله؟ فقال: عليّ بن أبي طالب، ثمّ سكت، فقالوا: من هم يا رسول الله؟ فقال: عليّ بن أبي طالب، ثمّ سكت، فقالوا: من هم يا رسول الله؟ فقال: عليّ وثلاثة معه، وهو إمامهم وقائدهم ودليلهم وهاديهم، ولا ينثنون ولا يضلون ولا يرجعون ولا يطول عليهم الأمد فتقسو قلوبهم: سلمان وأبو ذرّ والمقداد.

وانظر في هذا ينابيع المودّة ( ج ١؛ ١٢٥ ) و ( ج ٢؛ ١٠٦، ١٠٨ ) وسنن الترمذيّ ( ج ٢؛ ٢٩٩ ) والمستدرك للحاكم ( ج ٣؛ ١٠٨، ١٣٠ ) ومسند أحمد ( ج ٥؛ ٣٥١ ) وحلية الأولياء ( ج ١؛ ١٩٠ ) ومجمع الزوائد ( ج ٩؛ ١٥٥ ) وتهذيب التهذيب ( ج ١٠؛ ٢٨٦ ) والاستيعاب ( ج ١؛ ٢٨٠ ) وكنز العمال ( ج ٦؛ ٤٢٨ ) وأمالي المفيد (١٢٤) وبشارة المصطفى (٢٤١) ومناقب ابن المغازلي (٢٩٠) وصحيح البخاري، قسم الكنى / ٣١، واختيار معرفة الرجال ( ج ١؛ ٤٦ ) والخصال ( ٢٥٣، ٢٥٤ ) والصواعق المحرقة (١٢٢) وتاريخ الخلفاء (١٦٩).

وفي الاختصاص (٦) عن الصادقعليه‌السلام قال: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا قبض ارتدّ الناس على أعقابهم كفّارا إلاّ ثلاثة: سلمان والمقداد وأبو ذرّ الغفاريّ، إنّه لمّا قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جاء أربعون رجلا إلى عليّ بن أبي طالب، فقالوا: لا والله لا نعطي أحدا طاعة بعدك أبدا قال: فائتوني غدا محلّقين، قال: فما أتاه إلاّ هؤلاء الثلاثة، قال: وجاءه عمّار بن ياسر بعد الظهر ...

وفي الكافي ( ج ٨؛ ٢٤٥ ) عن الباقرعليه‌السلام : كان الناس أهل ردّة بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلاّ ثلاثة، فقلت: ومن الثلاثة؟ فقال: المقداد بن الأسود وأبو ذرّ الغفاريّ وسلمان الفارسي، ثمّ عرف أناس بعد يسير.

وانظر في هذا سليم بن قيس (١٣٠) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ١٩٤ ) والتهاب نيران الأحزان (٥٩) وتفسير العيّاشي ( ج ١؛ ٢٢٣، ٣٣٣ ) والاختصاص أيضا (٦) والكافي أيضا ( ج ٨؛ ٢٥٣ ) واختيار معرفة الرجال ( ج ١؛ ٢٦ - ٣١، ٣٤، ٣٥، ٣٧، ٣٨، ٥١، ٥٢ ).

٢٥٦

وفي رجال الكشي ( ١؛ ٤١ )، وروضة الواعظين: ٢٨٢، والنص عن الاخير: عن الكاظمعليه‌السلام : إذا كان يوم القيامة ينادي مناد: أين حواري محمّد بن عبد الله رسول الله الّذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذرّ.

وفي أمالي الصدوق: ٥٣ قال أبو ذرّ: أشهد لعليّ بالولاء والوصيّة وبمثل ذلك سلمان الفارسي والمقداد. ومثله في المسترشد (٢٧٠).

الكافي ( ج ١؛ ٤٢٦ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٩٦ ) عن الصادقعليه‌السلام في قوله تعالى:( وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ ) (١) قال: ذلك حمزة وجعفر وعبيدة وسلمان وأبو ذرّ والمقداد وعمّار هدوا إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام .

وفي تفسير فرات (٥٧٧) عن الصادقعليه‌السلام - في قوله تعالى:( إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ) (٢) - قال: المؤمنون هم سلمان والمقداد وعمّار وأبو ذرّ،( فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ) (٣) هو أمير المؤمنين.

وفي تفسير القمّي ( ج ١؛ ٣٠٣ ) عن الباقرعليه‌السلام في قوله( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ ) (٤) وهم النقباء أبو ذرّ والمقداد وسلمان وعمّار ومن آمن وصدّق وثبت على ولاية أمير المؤمنين.

وانظر مبايعة سلمان لعليّعليه‌السلام وإقراره به وبجميع الأئمة عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في دلائل الإمامة ( ٢٣٧، ٢٣٨ ). وانظر سؤالهرحمه‌الله النبي عن الوصي في المسترشد: ٢٦٢ و ٥٨٠، وتاريخ دمشق ( ج ١؛ ١٣٠ ).

وفي الاحتجاج ( ج ١؛ ٤٥ ) قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : وإن جبرئيل عن الله تعالى يقول: يا محمّد، سلمان والمقداد أخوان متصافيان في ودادك ووداد عليّ أخيك ووصيّك وصفيّك ....

__________________

(١) الحجّ؛ ٢٤

(٢) التين؛ ٦

(٣) التين؛ ٦

(٤) التوبة؛ ١٠٠

٢٥٧

وطاعته طاعة الله ورسوله والأئمّة من ولده

في بشارة المصطفى (١٥١) عن عليّعليه‌السلام ، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول ...: أنت يا عليّ والأئمّة من بعدك سادة أمّتي، من أحبّنا فقد أحبّ الله، ومن أبغضنا فقد أبغض الله، ومن والانا فقد والى الله، ومن عادانا فقد عادى الله، ومن أطاعنا فقد أطاع الله، ومن عصانا فقد عصى الله. وانظر نفس المصدر: ٢٠.

وفي أمالي الصدوق (٤٣٥) عن أبي ذرّ الغفاريّ، قال: كنّا ذات يوم عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مسجد قبا، ونحن نفر من أصحابه، إذ قال: معاشر أصحابي يدخل عليكم من هذا الباب رجل هو أمير المؤمنين وإمام المسلمين، قال: فنظروا وكنت فيمن نظر، فإذا نحن بعلي بن أبي طالبعليه‌السلام قد طلع، فقام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاستقبله وعانقه وقبّل ما بين عينيه، وجاء حتّى أجلسه إلى جانبه، ثمّ أقبل علينا بوجهه الكريم، فقال: هذا إمامكم من بعدي، طاعته طاعتي، ومعصيته معصيتي، وطاعتي طاعة الله، ومعصيتي معصية الله. وانظر نفس المصدر ( ٢٨٩، ٥١٠ ).

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٢٠٣ ) قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ من أطاعك فقد أطاعني، ومن أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاك فقد عصاني، ومن عصاني فقد عصى الله.

وفي مناقب ابن المغازلي: ١١٥ في حديث مناشدة عليّعليه‌السلام يوم الشورى، وفيه قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : طاعته كطاعتي ومعصيته كمعصيتي.

وانظر الاحتجاج ( ج ١؛ ١٥٣ ) ومناقب الخوارزمي ( ٣٦، ٤٣، ٢٢٢ ) وفرائد السمطين ( ج ١؛ ١٧٩، ٣١٦، ٣١٨، ٣٣٢ ) ومستدرك الحاكم ( ج ٣؛ ١٢١، ١٢٨ ) والفتوح ( ج ١؛ ٤٥٦ ) وتاريخ دمشق ( ج ٢؛ ١٨٨ / الحديث ٦٧١ ) ونهج الحق (١٠٩) ودلائل الصدق ( ج ٢؛ ٤٩٨ ) وينابيع المودّة ( ج ١؛ ٨٠ ) و ( ج ٢؛ ٨٢ ) وأمالي الطوسي (٥٥٢) وكشف الغمّة ( ج ١؛ ٣٨٧ ) والرياض النضرة ( ج ٢؛ ١٦٧ ) وجواهر المطالب ( ج ١؛ ٦٦ ) رواه عن أبي ذر، ثم قال: « خرّجه أبو بكر الاسماعيلي في معجمه وخرّجه الخجندي »، ونزل الأبرار ( ٥٥، ٥٦ ).

٢٥٨

وأنّ مودّة أهل بيته مفروضة واجبة على كلّ مؤمن ومؤمنة

تقدّم ما يتعلّق بهذا المطلب في صدر الطّرفة الرابعة، وأنّ المنافقين استاءوا من ذلك.

وبقي أن نثبت هنا أن أهل البيتعليهم‌السلام المفروضة مودّتهم هم عليّ وفاطمة والحسن والحسين، والأئمّة من ولد عليّ وفاطمةعليهم‌السلام .

ففي مجمع البيان ( ج ٥؛ ٢٩ ) في تفسير( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (١) : وروى إسماعيل بن عبد الخالق، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال: إنّها نزلت فينا أهل البيت أصحاب الكساء. رواه في الكافي ( ج ٨؛ ٩٣ ).

وفي مستدرك الحاكم ( ج ٣؛ ١٧٢ ) عن السجادعليه‌السلام ، قال: خطب الحسن بن عليّعليهما‌السلام على الناس حين قتل عليّعليه‌السلام فقال: وأنا من أهل البيت الذين افترض الله مودّتهم على كلّ مسلم، فقال تبارك وتعالى لنبيّه:( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (٢) . وذكر هذا الحديث الطبريّ في ذخائر العقبى (١٣٨) والهيثمي في مجمع الزوائد ( ج ٩؛ ١٤٦ ) وابن حجر في الصواعق المحرقة (١٠١). وقال الطبرسي في مجمع البيان ( ج ٥؛ ٢٩ ) « وصح عن الحسنعليه‌السلام أنّه خطب الناس » ثم ساق الحديث.

وفي تفسير فرات (٣٨٩) عن ابن عبّاس، قال: لمّا نزلت هذه الآية( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (٣) قالوا: يا رسول الله من قرابتك الذين افترض الله علينا مودّتهم؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : عليّ وفاطمة وولدهما.

وانظر هذا المعنى بلفظ « عليّ وفاطمة وولدهم » أو « عليّ وفاطمة وولدها » أو « عليّ وفاطمة وابناهما » في حيلة الأولياء ( ج ٣؛ ٢٠١ ) وتفسير الفخر الرازيّ ( ج ٢٧؛ ١٦٦ ) وكشف الغمّة ( ج ١؛ ٣٢٤ ) وتفسير ابن كثير ( ج ٤؛ ١١٢ ) والمعجم الكبير ( ج ٣؛ ٣٩ / الحديث ١١٣ من ترجمة الإمام الحسنعليه‌السلام ) وفي ( ج ٣؛ ١٥٢ ) في ترجمة عبد الله بن عباس،

__________________

(١) الشورى؛ ٢٣

(٢) الشورى؛ ٢٣

(٣) الشورى؛ ٢٣

٢٥٩

ومجمع الزوائد ( ج ٧؛ ١٠٣ ) و ( ج ٩؛ ١٦٨ ) وكفاية الطالب (٩٠) والكشّاف ( ج ٢؛ ٣٣٩ ) وذخائر العقبى (٢٥) ونور الأبصار (١٠١) والصواعق المحرقة (١٠١) ومناقب ابن المغازلي ( ٣٠٧ الحديث ٣٥٢ ) وانظر شواهد التنزيل ( ج ٢؛ ١٨٩ - ١٩٦ ) ففيه سبعة أحاديث في ذلك، وتفسير فرات ( ٣٨٩ - ٣٩١ ) ففيه خمسة أحاديث في ذلك وهي برقم ٥١٦، ٥١٧، ٥١٨، ٥١٩، ٥٢٠، وخصائص الوحي المبين ( ٨١ - ٨٥ ) ففيه ثلاثة أحاديث، في الفصل الخامس / الأحاديث رقم ٥٠، ٥٣، ٥٧.

وفي تفسير فرات ( ٣٩١، ٣٩٢ ) عن حكيم بن جبير أنّه قال: سألت عليّ بن الحسين بن عليّعليهم‌السلام عن هذه الآية( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (١) قال: هي قرابتنا أهل بيت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وفي تفسير الطبريّ ( ج ٢٥؛ ١٦ ) روى بسنده عن أبي الديلم، قال: لمّا جيء بعليّ بن الحسين أسيرا فأقيم على درج دمشق، قام رجل من أهل الشام فقال: الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم وقطع قرني الفتنة، فقال له عليّ بن الحسينعليهما‌السلام : أقرأت القرآن؟ قال: نعم، قال: أقرأت حم؟ قال: قرأت القرآن ولم أقرأ آل حم؟! قال: ما قرأت( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (٢) ؟ قال: وإنّكم لأنتم هم؟ قالعليه‌السلام : نعم. وذكره ابن حجر في الصواعق المحرقة (١٠١) وقال: « أخرجه الطبراني ». وأخرجه السيوطي في الدّر المنثور ( ج ٦؛ ٧ ).

وفي أسد الغابة ( ج ٥؛ ٣٦٧ ) قال: روى حكيم بن جبير، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: كنت أجالس أشياخا لنا، إذ مرّ علينا عليّ بن الحسينعليهما‌السلام ، وقد كان بينه وبين أناس من قريش منازعة في امرأة تزوّجها منهم لم يرض منكحها، فقال أشياخ الأنصار: ألا دعوتنا أمس لما كان بينك وبين بني فلان؟! إنّ أشياخنا حدّثونا أنّهم أتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا: يا محمّد ألا نخرج إليك من ديارنا ومن أموالنا لما أعطانا الله بك وفضّلنا بك وأكرمنا بك؟

__________________

(١) الشورى؛ ٢٣

(٢) الشورى؛ ٢٣

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653