طرف من الأنباء والمناقب

طرف من الأنباء والمناقب9%

طرف من الأنباء والمناقب مؤلف:
المحقق: الشيخ قيس العطّار
الناشر: انتشارات تاسوعاء
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 653

طرف من الأنباء والمناقب
  • البداية
  • السابق
  • 653 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 210928 / تحميل: 6564
الحجم الحجم الحجم
طرف من الأنباء والمناقب

طرف من الأنباء والمناقب

مؤلف:
الناشر: انتشارات تاسوعاء
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

فأنزل الله( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (١) ونحن ندلّكم على الناس. ثمّ قال: أخرجه ابن منده.

وفي هذه الروايات دلالة على أنّ عليا وفاطمة والحسنين والتسعة من أولاد الحسين هم قربى محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله المعنيّون بالآية، وكان المسلمون يعرفون ذلك حق اليقين.

وإخراج الخمس من كلّ ما يملكه أحد من الناس حتّى يدفعه إلى وليّ المؤمنين

أجمعت الإماميّة على وجوب إخراج الخمس من كلّ ما يملكه المسلم من أرباح التجارات، والصناعات، والزراعات وغيرها من ضروب المكاسب، أخذا عن أئمّة آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويدلّ أيضا عليه قوله:( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ ) (٢) ، فإنّ الغنيمة تطلق على كلّ ما يغنمه الإنسان من الحرب وغيرها.

وقد قام إجماع مخالفي أهل البيتعليهم‌السلام على عدم وجوبه إلاّ في خصوص غنيمة الحرب، ولم يعمّوا به ضروب المكاسب.

ويدلّ عليه أيضا الروايات الصحيحة المتظافرة عن أهل البيتعليهم‌السلام ، انظر الكافي ( ج ١؛ ٥٤٥ / الحديث ١١ ) وعنه في الوسائل ( ج ٩؛ ٥٠٣ ) عن سماعة، قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن الخمس؟ فقال: في كلّ ما أفاد الناس من قليل أو كثير.

وفي التهذيب ( ج ٤؛ ١٢٢ / الحديث ٣٤٨ ) والاستبصار ( ج ٢؛ ٥٥ / الحديث ١٨٠ ) وعنهما في الوسائل ( ج ٩؛ ٥٠٣ ) عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : على كلّ امرئ غنم أو اكتسب الخمس ممّا أصاب لفاطمةعليها‌السلام ولمن يلي أمرها من بعدها من ذريتها، حجج الله على الناس، فذلك لهم خاصة يضعونه حيث شاءوا، وحرّم

__________________

(١) الشورى؛ ٢٣

(٢) الأنفال؛ ٤١

٢٦١

عليهم الصدقة، حتّى الخيّاط يخيط قميصا بخمسة دوانيق فلنا منه دانق، إلاّ من أحللناه من شيعتنا لتطيب لهم به الولادة.

وانظر بصائر الدرجات (٤٩) وأمالي الصدوق (٥١٦) ومستدرك الوسائل ( ج ٧؛ ٢٨٤ ) وشرائع الإسلام ( ج ١؛ ١٨٠ ) وتفسير القمّي ( ج ١؛ ٢٧٨ )، وتفسير فرات (١٥٤) والتهذيب ( ج ٤؛ ١٢٣ / الحديث ٣٥٢ و ١٢٣ / الحديث ٣٥٣ ) والاستبصار ( ج ٢؛ ٥٥ الحديثان ١٨١، ١٨٢ ) والوسائل ( ج ٩؛ ٤٩٨ - ٥٠٤ ) وفيه عشرة أحاديث.

وأما إجماع الطائفة على ذلك، فقد صرح به في مدارك الأحكام ( ج ٥؛ ٣٧٨ ) وتذكرة الفقهاء ( ج ٥؛ ٤٢١ ) والخلاف ( ج ٢؛ ١١٦ ) والانتصار (٨٦) ومجمع البيان ( ج ٢؛ ٣٤٨، ٥٤٤ ) والمنتهى ( ج ١؛ ٥٤٨ ) والتبيان ( ج ٥؛ ١٢٣ ) والغنية في ضمن الجوامع الفقهيّة (٥٦٩).

وفي أمالي المفيد: ١٨٢ عن الباقرعليه‌السلام : يا أبا النعمان لا تستأكل بنا الناس فلا يزيدك الله بذلك إلاّ فقرا. وهذا معنى « فلشيعتهم ممن لا يأكل بهم الناس » وهو معنى لا يحتاج إلى استدلال، والروايات فيه وفي معناه في كتب الفريقين.

والمسح على الرأس والقدمين إلى الكعبين، لا على خفّ ولا على خمار ولا على عمامة

أجمعت الطائفة الإماميّة على عدم جواز المسح على الخفّين في الوضوء، وكذا كلّ حاجب من خمار أو عمامة أو غيرهما حال الاختيار، وقد حكى هذا الإجماع العاملي في المدارك ( ج ١؛ ٢٢٣ ) والعلاّمة في المنتهى ( ج ١؛ ٦٦ ) وتذكرة الفقهاء ( ج ١؛ ١٧٢ / المسألة ٥٣ ) والشهيد الأوّل في ذكرى الشيعة (٨٩) والشهيد الثاني في روض الجنان (٣٦) والمسالك ( ج ١؛ ٦ ) وشيخ الطائفة الطوسي في الخلاف ( ج ١؛ ٢٠٤ / المسألة ١٦٨ ) والكركي في جامع المقاصد ( ج ١؛ ٢٦ ) والمحقّق الحلي في المعتبر ( ج ١؛ ١٥٤ ) وغيرهم من أعلام وعلماء الطائفة الإماميّة.

٢٦٢

وقد دلّت على عدم الجواز روايات كثيرة، وصحاح كثيرة، حتّى كادت المرويات في هذا المطلب تصل حدّ التواتر، فمن ذلك.

ما في التّهذيب ( ج ١؛ ٣٦١ / الحديث ١٠٩١ ) ووسائل الشيعة ( ج ١؛ ٤٥٨ / الباب ٣٨ ) من أبواب الوضوء / الحديث ٦ رواه زرارة في الصحيح، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، عن عليّعليه‌السلام : أنّه قال لجمع من الصحابة فيهم عمرو بن المغيرة: سبق الكتاب الخفّين.

وفي الكافي ( ج ٣؛ ٣٢ / الحديث ٢ ) ومن لا يحضره الفقيه ( ج ١؛ ٣٠ / الحديث ٩٥ ) والتهذيب ( ج ١؛ ٣٦٢ / الحديث ١٠٩٣ ) والاستبصار ( ج ١؛ ٧٦ / الحديث ٢٣٧ ) ووسائل الشيعة ( ج ١؛ ٤٥٧ / الباب ٣٨ ) من أبواب الوضوء / الحديث ١ ) ما رواه زرارة أيضا في الصحيح عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه قال: ثلاث لا أتّقي فيهنّ أحدا وعدّ منها المسح على الخفّين.

وفي الكافي أيضا ( ج ٨؛ ٥٨ / الحديث ٢١ ) ووسائل الشيعة ( ج ١؛ ٤٥٧ / الباب ٣٨ ) من أبواب الوضوء / الحديث ٣ روي عن عليّعليه‌السلام أنّه خطب يوما فقال: قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله متعمّدين لخلافه، ولو حملت الناس على تركها لتفرّق عنّي جندي، أ رأيتم لو أمرت بمقام إبراهيم فرددته إلى الموضع الذي كان فيه وحرّمت المسح على الخفّين ....

وفي الكافي أيضا ( ج ٣؛ ٣٢ / الحديث ١ ) ووسائل الشيعة ( ج ١؛ ٤٥٧ / الباب ٣٨ ) من أبواب الوضوء - الحديث ٢ في معتبرة إسحاق بن عمّار أنّه سأل الصادقعليه‌السلام عن جواز المسح على الخفّين للمريض؟ فقالعليه‌السلام : لا.

وفي التهذيب ( ج ١؛ ٣٦١ / الحديث ١٠٩٠ ) منها صحيحة محمّد بن مسلم، عن أحدهماعليهما‌السلام : أنّه سئل عن المسح على الخفّين والعمامة؟ قال: لا تمسح عليهما.

ومنها ما رواه عليّ بن جعفر في مسائله ( ١١٠ / الحديث ٢٢ )، عن أخيهعليه‌السلام ، قال: سألته عن المرأة هل يصلح لها أن تمسح على الخمار؟ قال: لا يصلح حتّى تمسح على رأسها.

وانظر وسائل الشيعة ( ج ١؛ ٤٥٥، ٤٥٦ / الباب ٣٧، و ٤٥٧ - ٤٦٢ / الباب ٣٨ ) ومستدرك الوسائل ( ج ١؛ ٣٣٠ - ٣٣٦ / الباب ٣٢ و ٣٣ من الوضوء ).

٢٦٣

وعلى أن تردّوا المتشابه إلى أهله

انظر ما تقدّم في الطّرفة الأولى، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « والوقوف عند الشبهة إلى الإمام فإنّه لا شبهة عنده ».

فمن عمي عليه من عمله شيء لم يكن علمه منّي ولا سمعه فعليه بعلي بن أبي طالب؛ فإنّه قد علم كلّ ما قد علّمته، ظاهره وباطنه، ومحكمه ومتشابهه

الأحاديث والروايات الآمرة بالرجوع إلى عليّ وأهل البيتعليهم‌السلام فيما لا يعرفه المسلم تفوق الحصر والتعداد، بمختلف الألفاظ والطرق والأدلّة، ونحن نقتصر هنا على الإشارة إلى بعضها على سبيل التنبيه، ونقتنص بعض ما ورد في وجوب الرجوع إليهعليه‌السلام في خصوص علوم القرآن:

ففي كتاب التحصين (٥٨٩) قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : معاشر الناس أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة كما أمرتكم، فإن طال عليكم الأمد فقصرتم أو نسيتم فعلي وليّكم الذي نصبه الله لكم يخبركم عمّا تسألون ويبيّن لكم ما لا تعلمون.

وفي المصدر نفسه (١٣٨) قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام : وتبيّن لهم ما اختلفوا فيه من بعدي، وتعلّمهم من بعدي، وتعلّمهم من تأويل القرآن ما لم يعلموا. وانظر بهذا المعنى المصدر نفسه ( ١٣٦، ١٧٩، ١٨٧، ١٩٦، ١٩٧، ٢٤٣ ) بأسانيد متعدّدة.

وفي تقريب المعارف (٢٠٢) قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام : أنت تؤدي عنّي وتبرئ ذمّتي، وتبلّغ رسالتي، فقال: يا رسول الله أولم تبلّغ الرسالة؟ قال: بلى، ولكن تعلّم الناس من بعدي تأويل القرآن وما لم يعلموا، أو تخبرهم.

وفي المسترشد (٣٦٣) قول عليّعليه‌السلام في احتجاجه على القوم: أفيكم أحد يرد عليه من أمر دينه ما لا يعلمه الناس إلاّ فزعتم إليه غيري؟!

وفي كتاب سليم بن قيس (١٨٨) قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أمرني الله أن أعلّمه إيّاه، وأعلمكم بأنّه عنده، فاسألوه وتعلّموا منه ومن أوصيائه بعده. وانظر الكافي ( ج ١؛ ١٦٨، ١٦٩، ١٨٩ ).

٢٦٤

وأما الأحاديث والروايات الدالّة على أنّ عليّاعليه‌السلام علم جميع علوم القرآن من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهي أيضا كثيرة غير منحصرة، منها:

ما في بصائر الدرجات (٢١٨) حدّثنا محمّد بن الحسين، عن محمّد بن أسلم، عن أذينة، عن أبان، عن سليم بن قيس، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال: كنت إذا سألت رسول الله أجابني، وإن فنيت مسائلي ابتدأني، فما نزلت عليه آية في ليل ولا نهار، ولا سماء ولا أرض، ولا دنيا ولا آخرة، ولا جنّة ولا نار، ولا سهل ولا جبل، ولا ضياء ولا ظلمة، إلاّ أقرأنيها وأملاها عليّ، وكتبتها بيدي، وعلّمني تأويلها وتفسيرها، ومحكمها ومتشابهها، وخاصّها وعامّها، وكيف نزلت وأين نزلت وفيمن أنزلت إلى يوم القيامة، دعا الله أن يعطيني فهما وحفظا فما نسيت آية من كتاب الله ولا على من أنزلت إلاّ أملاه عليّ.

وفي المصدر السابق (٢١٨) عن يعقوب بن جعفر فقال أبو الحسنعليه‌السلام : علينا نزل قبل الناس، ولنا فسّر قبل أن يفسّر في الناس، فنحن نعرف حلاله وحرامه، وناسخه ومنسوخه، وسفريّه وحضريّه، وفي أي ليلة نزلت كم من آية، وفيمن نزلت، وفيما نزلت ...

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٣٠ ) النقاش في تفسيره، قال ابن عبّاس: عليّعليه‌السلام علم علما علّمه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ورسول الله علّمه الله، فعلم النبي من علم الله، وعلم عليّ من علم النبي، وعلمي من علم عليّ، وما علمي وعلم أصحاب محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله في علم عليّعليه‌السلام إلاّ كقطرة في سبعة أبحر.

وانظر مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٤٣ ) وأسمى المناقب: (٨٢)، وفرائد السمطين ( ج ١؛ ٣٥٥ ) والاحتجاج ( ج ١؛ ١٤٨ ) ودلائل الإمامة (١٠٦) وروضة الواعظين (١١٨) وبصائر الدرجات (١٥٥) وتفسير العيّاشي ( ج ١؛ ٢٦، ٢٩، ٢٨٠ ) والكافي ( ج ١؛ ١٦٨، ١٦٩ ) والخصال (٥٧٦) وكفاية الطالب (١٩٩) وحلية الأولياء ( ج ١؛ ٦٥ ) وتفسير فرات (٦٨).

هذا وقد نزل كتاب الله المجيد بأنّ عليّاعليه‌السلام عنده علم الكتاب، ونقل ذلك رواة وعلماء الفريقين.

٢٦٥

ففي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٢٩ ) عن ابن عبّاس في تفسير قوله تعالى:( وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ) (١) قال: لا والله ما هو إلاّ عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، لقد كان عالما بالتفسير والتأويل والناسخ والمنسوخ والحلال والحرام.

وفي أمالي الشيخ الصدوق ( ٤٥٣ / المجلس ٨٣ - الحديث ٣ ) قال: حدّثنا محمّد بن موسى المتوكّل، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن عمرو بن مغلس، عن خلف، عن عطيّة العوفي، عن أبي سعيد الخدريّ، قال: سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن قول الله تعالى:( قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ ) (٢) قال: ذاك وصي أخي سليمان بن داود، فقلت له: يا رسول الله فقول الله عزّ وجلّ:( قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ) (٣) ، قال: ذاك أخي عليّ بن أبي طالب.

وانظر في هذا المعنى مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٢٩ ) وخصائص الوحي المبين ( ٢٠٩ - ٢١٢ ) ففيه أربعة أحاديث، وتفسير الحبريّ (٢٨٥) وكشف الغمّة ( ج ١؛ ٣١٢ ) والنور المشتعل (١٢٥) وتفسير القرطبي ( ج ٩؛ ٣٣٩ ) ومناقب ابن المغازلي ( ٣١٣، ٣١٤ ) والدرّ المنثور ( ج ٤؛ ٦٩ ) وشواهد التنزيل ( ج ١؛ ٤٠٠ - ٤٠٥ ) ففيه ستة أحاديث في أنّ عليّاعليه‌السلام هو الذي عنده علم الكتاب، وينابيع المودّة ( ج ١؛ ١٠٢، ١٠٣ ).

كلّ هذا، وفوقه ثبوت أنّ عليّاعليه‌السلام كان مستودع مختصّات وأسرار علوم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كلّها، ففي الخصال ( ج ٢؛ ٦٤٣ ) قال عليّعليه‌السلام : دخلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه الذي توفّي فيه حتّى قال: أسرّ إليّ ألف باب في كلّ باب ألف باب، وقال رسول الله: وعيته؟ قالعليه‌السلام : نعم، وعقلته.

وانظر في هذا الخصال ( ٦٤٢، ٦٤٦ ) وتفسير فرات (٣١٩) ومناقب ابن شهرآشوب

__________________

(١) الرعد؛ ٤٣

(٢) النمل؛ ٤٠

(٣) الرعد؛ ٤٣

٢٦٦

( ج ٢؛ ٣٦ ) وكشف الغمّة ( ج ١؛ ١٣٢ ) وروضة الواعظين (٧٥) وفرائد السمطين ( ج ١؛ ١٠١ ) وأمالي المفيد (٦) وأمالي الصدوق (٥٠٩) وبشارة المصطفى (٤) والأربعين عن الأربعين (٧٨). وغيرها من المصادر.

وهو يقاتل على تأويله كما قاتلت على تنزيله

في الإرشاد (٩٦) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا وإنّ عليّ بن أبي طالب أخي ووصيي، يقاتل بعدي على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله.

وفي فرائد السمطين ( ج ١؛ ١٦٠ ) عن أبي سعيد الخدريّ، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: إنّ منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله، قال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله؟ وقال عمر: أنا يا رسول الله؟ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا ولكنّه خاصف النعل.

وانظر رواية هذا المضمون في أمالي الطوسي ( ٢٤٥، ٣١٥، ٥٤٧ ) وسليم بن قيس ( ٩٤، ١٩٤ ) والخصال ( ٢٧٦، ٦٥٠ ) وبشارة المصطفى (٥٥) والاحتجاج ( ج ١؛ ١٢٥ ) والمسترشد (٣٥٧) وكفاية الأثر ( ٧٦، ١١٧، ١٢١، ١٣٥ ) ودلائل الإمامة (١٠٦) والتهاب نيران الأحزان (٣٤) واليقين (١٣٨) وتفسير العيّاشي ( ج ١؛ ٢٧ ) وإرشاد القلوب (٢٦٠) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ١٢٨ ) وفيه قول الشاعر:

عليّ على التأويل لا شك قاتل

كقتلي على تأويله كلّ مجرم

ومناقب الخوارزمي (٢٢٣) وحلية الأولياء ( ج ١؛ ٦٧ ) وأسد الغابة ( ج ٤؛ ٣٢ ) وكفاية الطالب (٩٧) وكنز العمال ( ج ٦؛ ٤٠٧ ) و ( ج ١١؛ ٦١٣ ) وخصائص النسائي ( ١٣١، ومستدرك الحاكم ( ج ٢؛ ١٣٧ ) و ( ج ٣؛ ١٢٢ ) و ( ج ٤؛ ٢٩٨ ) وتذكرة الخواص (٥٤) ومناقب ابن المغازلي (١١٦) ومسند أحمد ( ج ٣؛ ٣٣ ) وأسنى المطالب (١١٣) ومفتاح النجا المخطوط (١٠٢) وينابيع المودّة ( ج ١؛ ١٣٤ ) و ( ج ٢؛ ٥٨، ١٠٧ ) و ( ج ٣؛ ٩٨ ).

وأمّا رواية: وهو يقاتل على تأويله كما قاتل على تنزيله

فهي صحيحة أيضا، باعتبار أنّ عليّاعليه‌السلام قاتل قريشا كافرين تحت لواء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ،

٢٦٧

وقاتلهم مفتونين بوصية منهصلى‌الله‌عليه‌وآله . قال الإمام عليّعليه‌السلام - كما في نهج البلاغة ( ج ١؛ ٨١ ) -: مالي ولقريش، والله لقد قاتلتهم كافرين ولأقاتلنّهم مفتونين.

وفي تفسير القمّي ( ج ٢؛ ٣٣٩ ) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لفاطمةعليها‌السلام : [ عليّ ] يقاتل المشركين على تنزيل القرآن، والمنافقين من أهل البغي والنكث والفسوق على تأويله.

وفي الاحتجاج ( ج ١؛ ١٥٧ ) عن سليم بن قيس قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام : فتقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت معي على تنزيله.

وموالاة أولياء الله، محمّد وذريته والأئمة خاصة، ويتوالى من والاهم وشايعهم، والبراءة والعداوة لمن عاداهم وشاقّهم

إنّ الموالاة لأولياء الله - محمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم - والمعاداة لأعدائهم، هي ما يعبر عنه بالتولّي والتبرّي، وهما عند الإماميّة من فروع الدين العشرة، وقد وردت الروايات الصحيحة المتضافرة بتعداد شرائع الدين وشروط الإسلام، واشتراطها جميعا بالتولّي والتبرّي. وقد روى الصدوق في الخصال شرائط الإسلام، وفيها الشروط المذكورة في الطّرف وزيادة، وفي هذه الرواية، جاء في ص ٦٠٧ من الخصال قول الإمام الصادقعليه‌السلام :

وحبّ أولياء الله والولاية لهم واجبة، والبراءة من أعدائهم واجبة، ومن الذين ظلموا آل محمّد، وهتكوا حجابه، فأخذوا من فاطمة فدك، ومنعوها ميراثها، وغصبوها وزوجها حقهما، وهمّوا بإحراق بيتها، وأسّسوا الظلم، وغيّروا سنّة رسول الله، والبراءة من الناكثين والقاسطين والمارقين واجبة، والبراءة من الأنصاب والأزلام؛ أئمّة الضلال وقادة الجور كلّهم، أوّلهم وآخرهم واجبة، والبراءة من أشقى الأوّلين والآخرين شقيق عاقر ناقة ثمود؛ قاتل أمير المؤمنين واجبة، والبراءة من جميع قتلة أهل البيت واجبة، والولاية للمؤمنين الذين لم يغيروا ولم يبدلوا بعد نبيّهم واجبة ...

وفي قرب الإسناد ( ٣٥١ / الحديث ١٢٦٠ ) عن أبي نصر البزنطيّ، قال كتبت إلى الرضا فكتبعليه‌السلام : بسم الله الرحمن الرحيم، قد وصل كتابك إليّ وقال أبو جعفرعليه‌السلام : من سرّه أن لا يكون بينه وبين الله حجاب فليتولّ آل محمّد ويبرأ من عدوّهم، ويأتمّ

٢٦٨

بالإمام منهم، فإنّه إذا كان كذلك نظر الله إليه ونظر إلى الله ...

وفي بصائر الدرجات: ٥٣، بسنده عن جابر، عن الصادقعليه‌السلام ، قال: لمّا نزلت هذه الآية( يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ ) (١) قال: فقال المسلمون: يا رسول الله ألست إمام الناس كلّهم أجمعين؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا رسول الله إلى الناس أجمعين، ولكن سيكون بعدي أئمة على الناس من الله من أهل بيتي، يقومون في الناس، فيكذّبون، ويظلمهم أئمّة الكفر والضلال وأشياعهم، ألا ومن والاهم واتّبعهم وصدّقهم فهو منّي ومعي، وسيلقاني، ألا ومن ظلمهم وأعان على ظلمهم، وكذّبهم، فليس منّي ولا معي وأنا منه بريء.

وفي تفسير فرات (٣٠٦) بسنده عن ابن عبّاس، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال في خطبة له: أيّها الناس، إنّه سيكون بعدي قوم يكذبون عليّ، فلا تقبلوا إذا كان ذلك فعليكم بالسمع والطاعة للسابقين من عترتي هؤلاء البررة المهتدون المهتدى بهم، من جاءني بطاعتهم وولايتهم أولجته جنّتي وأبحته كرامتي، ومن جاءني بعداوتهم والبراءة منهم أولجته ناري وضاعفت عليه عذابي، وذلك جزاء الظالمين ومثله في معاني الأخبار (١١٣) وعيون أخبار الرضا ( ج ١؛ ١٦١ ) وعلل الشرائع (٥٨) وإرشاد القلوب ( ٢٥٣ - ٢٥٨، ٤٢٤ - ٤٢٦ ) وانظر بحار الأنوار ( ج ٢٧؛ ٥١ - ٦٣ ) الباب الأول من أبواب ولايتهم وحبّهم وبغضهمعليهم‌السلام .

هذا مضافا إلى ما صحّ في خصوص عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، وقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فيه: لا يقبل الله إيمان عبد إلاّ بولايته والبراءة من أعدائه. كما في نهج الحق (٢٣٢) وينابيع المودّة ( ج ١؛ ١٢١ ) وكفاية الطالب (٢٥١) وغيرها من المصادر، ومضافا إلى أنّ التولّي والتبرّي من أصول وضروريات المذهب الحقّ، مذهب الإماميّة.

اعلموا أنّي لا أقدّم على عليّ أحدا، فمن تقدّمه فهو ظالم

إنّ تقديم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاعليه‌السلام على جميع المسلمين ثابت قطعا ولا يشك فيه مسلم، فقد قرّر هذه الحقيقة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قولا وعملا، فإنّهعليه‌السلام كان صاحب لوائهصلى‌الله‌عليه‌وآله والمبلّغ

__________________

(١) الإسراء؛ ٧١

٢٦٩

عنه، وأخاه، ووصيّه، وأنّ النبي أمّره على جميع الصحابة ولم يؤمّر أحدا عليه، وأما النصوص القوليّة فإليك بعضها:

في أمالي الصدوق ( ٣٣٥، ٥٢٢ ) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من فضّل أحدا من أصحابي على عليّ فقد كفر.

في كشف الغمّة ( ج ١؛ ٣٨١ ) قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لابن عبّاس: يا بن عبّاس إنّ من علامة بغضهم له تفضيل من هو دونه عليه ....

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٥٤ ) قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : لا يتقدّمك إلاّ كافر.

وفي بشارة المصطفى (٤٣) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تضادّوا بعلي أحدا فتكفروا وتضلوا، ولا تفضّلوا عليه أحدا فترتدّوا.

وفي أمالي الصدوق (٢٢٥) وبشارة المصطفى (٤٣) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من تقدّم على عليّ فقد تقدّم عليّ.

وفي التهاب نيران الأحزان (١٦) قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في خطبة الغدير: ملعون ملعون من قدّم أو تقدّم عليه.

وفي كتاب اليقين (٤٢٦) قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يتقدّمه أحد غيري.

وفي كتاب اليقين ( ٢٤١، ٢٤٢ عن « المائة حديث » ) وفي كتاب التحصين (٥٦٩) عن كتاب « نور الهدى » بسند عامّي إلى ابن عباس، في حديث قال فيه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : فأنت يا عليّ أمير من في السماء، وأمير من في الأرض، ولا يتقدّمك بعدي إلاّ كافر، ولا يتخلّف عنك بعدي إلاّ كافر ....

وسيأتي المزيد من ذلك في الطّرفة الحادية عشر، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ عليّا هو العلم، فمن قصر دون العلم فقد ضلّ، ومن تقدّمه تقدّم إلى النار.

البيعة بعدي لغيره ضلالة وفلتة وزلة

هذه الفقرة مبتنية على ما تقدّمها؛ لأنّ من بايع غير من نصّ عليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يكون ظالما، فتكون بيعته ضلالة وفلتة وزلّة لا محالة، وقد وردت النصوص في ذلك عن أئمّة

٢٧٠

آل محمّد صلوات الله عليهم، وعن عليّعليه‌السلام على وجه الخصوص.

ففي الخصال ( ٣٦٥ - ٣٨٢ ) بسنده عن الإمام الباقرعليه‌السلام ، قال: أتى رأس اليهود عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام عند منصرفه عن وقعة النهروان فقال له عليّعليه‌السلام : وأمّا الثانية يا أخا اليهود؛ فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمّرني في حياته على جميع أمّته، وأخذ على جميع من حضره منهم البيعة بالسمع والطاعة لأمري، وأمرهم أن يبلّغ الشاهد الغائب ذلك وأقبلوا يتبادرون على الخيل ركضا إلى حلّ عقدة عقدها الله لي ولرسوله في أعناقهم فحلّوها، وعهد عاهدوا الله ورسوله فنكثوه وأمّا الثالثة يا أخا اليهود؛ فإنّ القائم بعد النبيّ كان يلقاني معتذرا في كلّ أيّامه ويلزم غيره ما ارتكبه من أخذ حقّي ونقض بيعتي فلمّا دنت وفاة القائم وانقضت أيّامه صيّر الأمر بعده لصاحبه وأخذ منّي ما جعله الله لي وقد قبض محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وإنّ ولاية الأمّة في يده وفي بيته، لا في يد الألى تناولوها ولا في بيوتهم ثمّ لم تطل الأيّام بالمستبدّ بالأمر ابن عفّان حتّى كفّروه وتبرءوا منه، ومشى إلى أصحابه خاصّة وسائر أصحاب رسول الله عامّة يستقيلهم من بيعته، ويتوب إلى الله من فلتته وروى هذا الخبر الديلمي في إرشاد القلوب ( ٣٤٨ - ٣٥٠ ).

والروايات في ذلك متضافرة، وحسبك منها الخطبة الشقشقيّة المذكورة في نهج البلاغة، وغيرها من كلمات عليّعليه‌السلام والأئمّة، الصريحة في ظلم المتقدّمين واغتصابهم للخلافة.

وقد اعترف أبو بكر بأنّ بيعته كانت فلتة، حيث صعد المنبر فقال: إنّ بيعتي كانت فلتة وقى الله شرّها. كما في السقيفة وفدك (٧٠) وشرح النهج ( ج ٦؛ ٤٧ ).

وفي الرياض النضرة ( ج ١؛ ٢٥١ ) عن زيد بن أسلم، قال: دخل عمر على أبي بكر وهو آخذ بطرف لسانه، وهو يقول: إنّ هذا أوردني الموارد، ثمّ قال: يا عمر لا حاجة لي في إمارتكم.

وطار قول عمر في ذلك كلّ مطار، ففي الملل والنحل ( ج ١؛ ٣٠، ٣١ ) قول عمر: ألا إنّ بيعة أبي بكر فلتة وقى الله المسلمين شرّها، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه، فأيّما رجل بايع رجلا

٢٧١

من غير مشورة من المسلمين فإنّهما تغرّة يجب أن يقتلا.

وفي تاريخ الطبريّ ( ج ٣؛ ٢٠٠ ) قول عمر في خطبة له: ثمّ إنّه بلغني أنّ قائلا منكم يقول: لو مات عمر بن الخطاب بايعت فلانا، فلا يغرّن امرأ أن يقول: إنّ بيعة أبي بكر كانت فلتة، فقد كانت كذلك، غير أنّ الله وقى شرّها.

وقد كان المسلمون يعلمون أنّ بيعة أبي بكر فلتة وصرّحوا بذلك، فادّعى عمر أنّ الله وقى شرّها، وكيف يصحّ ذلك وشرّها باق حتّى اليوم؟! نعم، إنّ المسلمين كانوا يعلمون ذلك، فحاول عمر استدراك الموقف؛ ففي تاريخ الطبريّ ( ج ٣؛ ٢١٠ ) عن الضحاك بن خليفة، قال: وكانت فلتة كفلتات الجاهليّة.

وفي كتاب سليم بن قيس (١٤٥) عن عليّعليه‌السلام : وأنّهم أقرّوا بالشورى، ثمّ أقرّوا أنّهم لم يشاوروا، وأنّ بيعته كانت فلتة، وأيّ ذنب أعظم من الفلتة؟!.

انظر الشافي في الإمامة ( ج ٤؛ ١٢٤ ) وتذكرة الخواص (٦١) وتقريب المعارف (٣٧٦) وسيرة ابن هشام ( ج ٤؛ ٣٠٧ ) والرياض النضرة ( ج ١؛ ٢٣٣ ) وتاريخ الخلفاء (٦٧) والسيرة الحلبيّة ( ج ٣؛ ٣٦٣ ) وكنز العمال ( ج ٥؛ ٦٠١، ٦٠٧، ٦٣٦ ) والمصنّف لعبد الرزاق ( ج ٥؛ ٤٤١ ) والصواعق المحرقة ( ٥، ٨، ٢١ ) والنهاية لابن الأثير ( ج ٥؛ ٢٢٨ ) ولسان العرب ( ج ٢؛ ٦٧ ) والروض الأنف ( ج ٧؛ ٥٥٣ ).

وسيأتي المزيد في الطّرفة(٢٠) ، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إيّاكم وبيعات الضلالة والشورى للجهالة » في أثناء بيان ما يتعلّق بالشورى.

بيعة الأوّل ضلالة، ثمّ الثاني، ثمّ الثالث

روى الكليني في الكافي ( ج ١؛ ١٧١ - ١٨٢ ) بإسناده، عن الصادقعليه‌السلام ، قال: إنّكم لا تكونون صالحين حتّى تعرفوا، ولا تعرفوا حتّى تصدّقوا، ولا تصدّقوا حتّى تسلّموا؛ أبوابا أربعة [ وهي التوبة عن الشرك، والإيمان بالوحدانيّة، والعمل الصالح، والاهتداء إلى الحججعليهم‌السلام ] لا يصلح أوّلها إلاّ بآخرها، ضلّ أصحاب الثلاثة وتاهوا تيها بعيدا، إنّ الله

٢٧٢

تبارك وتعالى لا يقبل إلاّ العمل الصالح، ولا يقبل الله إلاّ الوفاء بالشروط والعهود اقتصّوا الطريق بالتماس المنار، والتمسوا من وراء الحجب الآثار، تستكملوا أمر دينكم وتؤمنوا بالله ربّكم.

وفي بصائر الدرجات: ٥٣٨ بسنده، عن الصادقعليه‌السلام - في قوله تعالى:( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى ) (١) - قال: نحن والله أولو النهى، قلت ما معنى:( لِأُولِي النُّهى ) ؟ قال: ما أخبر الله رسوله، ممّا يكون من بعده من ادّعاء فلان الخلافة والقيام بها، والآخر من بعده، والثالث من بعدهما، وبني أميّة، فأخبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاعليه‌السلام فكان ذلك كما أخبر الله رسوله، وكما أخبر رسوله عليّا.

وفي الكافي أيضا ( ج ١؛ ٤٢٦ ) بسنده، عن الصادقعليه‌السلام في قوله تعالى:( حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ) (٢) قال: يعني أمير المؤمنين،( وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ ) (٣) الأوّل والثاني والثالث.

وفيه أيضا ( ج ١؛ ٤٢٦ ) بسنده عن الإمام الكاظمعليه‌السلام قال: لمّا رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تيما وعديّا وبني أميّه يركبون منبره أفظعه، فأنزل الله تبارك وتعالى قرآنا يتأسى به( وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبى ) (٤) ثمّ أوحى إليه: يا محمّد إنّي أمرت فلم أطع فلا تجزع أنت إذا أمرت فلم تطع في وصيّك.

وفيه أيضا ( ج ١؛ ١٩٥ ) بإسناده، عن الصادقعليه‌السلام في قوله تعالى:( أَوْ كَظُلُماتٍ ) (٥) قال: الأوّل وصاحبه( يَغْشاهُ مَوْجٌ ) (٦) الثالث( مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ ) (٧) ظلمات الثاني( بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ ) (٨) معاوية لعنه الله وفتن بني أميّة وذكر الكلينيّ بإسناد آخر إلى الإمام الكاظمعليه‌السلام مثله.

__________________

(١) طه؛ ١٢٨

(٢) الحجرات؛ ٧

(٣) الحجرات؛ ٧

(٤) طه؛ ١١٦

(٥ - ٨) النور: ٤٠.

٢٧٣

وفيه ( ج ١؛ ٤٢٠ ) بإسناده، عن الصادقعليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً ) (١) ( لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ ) (٢) قال: نزلت في فلان وفلان وفلان، آمنوا بالنبيّ في أوّل الأمر، وكفروا حيث عرضت عليهم الولاية؛ حين قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، ثمّ آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين، ثمّ كفروا حيث مضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلم يقرّوا بالبيعة، ثمّ ازدادوا كفرا بأخذهم من بايعه بالبيعة لهم، فهؤلاء لم يبق فيهم من الإيمان شيء.

وفي تقريب المعارف (٢٤٢) عن أبي كدينة، عن عليّعليه‌السلام أنّه قال: إنّ الله لا يرضى عنهما حتّى يرضياني، وأيم الله لا يرضياني أبدا.

وفيه أيضا (٣٣٠) قول عليّعليه‌السلام : ولئن تقمّصها دوني الأشقيان، ونازعاني فيما ليس لهما بحقّ، وهما يعلمان، وركباها ضلالة، واعتقداها جهالة ....

وأشهر من ذلك ما قاله الإمام عليّعليه‌السلام في الخطبة الشقشقيّة - كما في نهج البلاغة ( ج ١؛ ٣٠ ) - حيث بيّن ضلالة بيعة من قبله، فقال: أما والله لقد تقمّصها فلان وإنّه ليعلم أنّ محلّي منها محلّ القطب من الرحى حتّى مضى الأوّل لسبيله فأدلى بها إلى فلان بعده حتّى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أنّي أحدهم، فيا لله وللشورى ....

وهذا المعنى من المسلّمات والمتواترات في التاريخ، يعلمه كلّ من تصفّح بيعة السقيفة، وإعطاء أبي بكر الأمر لعمر بعده، ومن ثمّ الشورى الكاذبة الّتي حاولوا فيها قتل عليّعليه‌السلام كما سيأتي، وفي كلّ هذه البيعات تظهر جليّا الآثار القبليّة والتآمر على عليّعليه‌السلام ، وآثار الفلتة والضلالة.

وانظر تذكرة الخواص ( ١٢٤، ١٢٥ ) والخصال ( ٣٧١ - ٣٨٢ ) والكافي ( ج ١؛ ١٨٣، ٣٧٣، ٣٧٤، ٤١٣، ٤٢٠ ) وتقريب المعارف ( ٢٤٧، ٢٤٨ ) وبصائر الدرجات (٥٣٨) وتفسير العيّاشي ( ج ١؛ ١٢١ ) و ( ج ٢؛ ٢٨٩ ) وتفسير القمّي ( ج ٢؛ ٤٧ ) وروايات

__________________

(١) النساء؛ ١٣٧

(٢) آل عمران؛ ٩٠

٢٧٤

أهل البيتعليهم‌السلام متّفقة على هذا المعنى، ومن شاء المزيد فليراجع المجلّد الثامن من بحار الأنوار ( ٢٠٧ - ٢٥٠ / باب كفر الثلاثة ونفاقهم ) وكتاب سليم بن قيس ففيه إيضاح علي وأصحابه وأئمّة أهل البيت لضلالة بيعة الثلاثة.

وويل للرابع، ثمّ الويل له ولأبيه

لقد لعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أبا سفيان ومعاوية قبل إسلامهما في فتح مكّة، وذلك أنّهما كانا - وبالأخص أبو سفيان - يقاتلان رسول الله ويحرّضان عليه، وكذلك لعنهما الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد إظهارهما الإسلام ونفاقهما.

ففي تذكرة الخواص ( ٢٠٠، ٢٠١ ) نقلا عن أهل السير، لقول الحسنعليه‌السلام لمعاوية: وأنت يا معاوية نظر النبي إليك يوم الأحزاب، فرأى أباك على جمل يحرّض الناس على قتاله، وأخوك يقود الجمل، وأنت تسوقه، فقال: لعن الله الراكب والقائد والسائق، وما قابله أبوك في موطن إلاّ ولعنه وكنت معه ....

وفي الاحتجاج ( ج ١؛ ٢٧٤ ) عن الشعبي وأبي مخنف، ويزيد بن أبي حبيب المصريّ أنّ الحسنعليه‌السلام قال في احتجاجه على جماعة من المنكرين لفضله وفضل أبيه من قبل بحضرة معاوية: أنشدكم بالله هل تعلمون أنّ ما أقول حقّا؟ إنّك يا معاوية كنت تسوق بأبيك على جمل أحمر يقوده أخوك هذا القاعد، وهذا يوم الأحزاب، فلعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله القائد والراكب والسائق، فكان أبوك الراكب، وأنت يا أزرق السائق، وأخوك هذا القاعد القائد؟ أنشدكم بالله هل تعلمون أنّ رسول الله لعن أبا سفيان في سبعة مواطن [ ثمّ عدّد الإمام الحسنعليه‌السلام المواطن السبعة ].

وفي تاريخ الطبريّ ( ج ١١؛ ٣٥٧ ) ومنه قول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله - وقد رآه مقبلا على حمار، ومعاوية يقوده، ويزيد ابنه يسوق به -: لعن الله القائد والراكب والسائق.

وانظر في لعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أبا سفيان ومعاوية شرح النهج ( ج ٤؛ ٧٩ ) و ( ج ٦؛ ٢٧، ٢٨ ) ومعاني الأخبار (٣٤٥) وكتاب صفين ( ٢١٧، ٢١٨، ٢٢٠ ) والخصال (١٩١) ونهج الحقّ

٢٧٥

(٣١٠) وتطهير الجنان (٥٥) والمحاسن والمساوئ ( ٨٤ - ٨٦ ).

وفي نهج الحقّ (٣٠٩) إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يلعن معاوية دائما ويقول: الطليق ابن الطليق، اللّعين ابن اللّعين.

وفي كتاب صفين ( ٢١٩، ٢٢٠ ) أسند نصر، عن عبد الله بن عمر، أنّه قال:

أتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فسمعته يقول: يطلع عليكم من هذا الفج رجل يموت حين يموت على غير سنّتي، فطلع معاوية.

وانظر نهج الحقّ (٣١٠) وتاريخ الطبريّ ( ج ١١؛ ٣٥٧ ) وتقوية الإيمان (٨٩) حيث نقله عن الجزء الأوّل من تاريخ البلاذريّ.

وفي كتاب صفين (٢١٨) أسند نصر، عن عليّعليه‌السلام ، قال: رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فشكوت إليه، فقال: هذه جهنم فانظر من فيها، فإذا معاوية وعمرو بن العاص معلّقين بأرجلهما منكّسين، ترضخ رءوسهما بالحجارة. أو قال: تشدخ. وانظر شرح النهج ( ج ٤؛ ١٠٩ ) والخرائج والجرائح ( ٢٢٣، ٢٢٤ ).

وفي الكتاب الّذي كتبه المعتضد العبّاسي - كما في تاريخ الطبري ( ج ١١؛ ٣٥٧ ) - فيه، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قوله: إنّ معاوية في تابوت من نار في أسفل درك من جهنّم، ينادي: يا حنّان يا منّان، فيقال له:( آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ) (١) . وانظر شرح النهج ( ج ١٥؛ ١٧٦ ).

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ١٦٤ ) عن الإمام الباقرعليه‌السلام قال: قال أمير المؤمنين - وهو يقاتل معاوية في قوله تعالى:( فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ ) (٢) -: هم هؤلاء وربّ الكعبة. قال ابن مسعود: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أئمّة الكفر معاوية وعمرو.

وفي كتاب سليم بن قيس (١٩٦) من جملة كتاب كتبه الإمام عليّعليه‌السلام إلى معاوية، وفيه: وأنت صاحب السلسلة الّذي يقول:( يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ ما

__________________

(١) يونس؛ ٩١

(٢) التوبة؛ ١٢

٢٧٦

حِسابِيَهْ ) (١) سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول ذلك، وكذلك كلّ إمام ضلالة كان قبلك أو يكون بعدك، له مثل ذلك من خزي الله وعذابه.

وفي تأويل الآيات الظاهرة ( ج ٢؛ ٦٩٤ ) عن الصادقعليه‌السلام : إن معاوية صاحب السلسلة وهو فرعون هذه الأمّة.

وفي بصائر الدرجات (٣٠٥) باسناده إلى الصادقعليه‌السلام قال: بينا أنا وأبي متوجّهان إلى مكّة وأبي قد تقدّمني في موضع يقال له: ضجنان، إذ جاء رجل وفي عنقه سلسلة يجرّها، فأقبل عليّ فقال: اسقني اسقني اسقني، قال: فصاح بي أبي: لا تسقه لا سقاه الله، قال: فرجل يتبعه حتّى جذب سلسلته جذبة فألقاه وطرحه في أسفل درك من النار.

وفيه أيضا (٣٠٥) بإسناده عن عليّ بن المغيرة، قال: نزل أبو جعفر بوادي ضجنان، فقال ثلاث مرّات: لا غفر الله لك، ثمّ قال لأصحابه: أتدرون لم قلت ما قلت؟ قالوا: لم قلت جعلنا الله فداك؟ قال: مرّ معاوية يجرّ سلسلة، قد أدلى لسانه يسألني أن أستغفر له، وإنّه يقال: هذا وادي ضجنان من أودية جهنّم. وانظر بصائر الدرجات ( ٣٠٤ - ٣٠٧ ) ففيه عدّة أحاديث في ذلك.

هذا، وقد أخبر عليّعليه‌السلام بسوء عاقبة معاوية، فقالعليه‌السلام : لا يموت ابن هند حتّى يعلّق الصليب في عنقه، فكان كما قالعليه‌السلام . وقد رواه الأحنف بن قيس، وابن شهاب الزهريّ، وابن أعثم الكوفي، وأبو حيان التوحيديّ، وأبو الثلاج في جماعة. انظر المناقب لابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٢٥٩ ) والصراط المستقيم ( ج ٣؛ ٥٠ ) حيث نقلاه عن محاضرات الراغب أيضا.

مع ويل لمن كان قبله

إنّ استحقاق عثمان للعذاب واضح من أفعاله وتحريفاته في الدين، حتّى ثار عليه الصحابة فقتلوه، وقد لعنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في عدّة مواطن، غير المواطن الّتي فرّ فيها

__________________

(١) الحاقة: ٢٥ - ٢٦.

٢٧٧

من الزحف، فهو ملعون فيها بنصّ القرآن المجيد.

ففي الكافي ( ج ٣؛ ٢٥١ / الحديث ٨ بسنده )، عن يزيد بن خليفة الخولاني، قال: سأل عيسى بن عبد الله أبا عبد اللهعليه‌السلام - وأنا حاضر - فقال: تخرج النساء إلى الجنازة؟ وكانعليه‌السلام متكئا فاستوى جالسا، ثمّ قال: إنّ الفاسق عليه لعنة الله [ يعني عثمان ] آوى عمّه المغيرة بن أبي العاص، وكان ممّن هدر رسول الله دمه، فقال لابنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تخبري أباك بمكانه؛ كأنّه لا يوقن أنّ الوحي يأتي محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالت: ما كنت لأكتم رسول الله عدوّه، فجعله بين مشجب له ولحّفه بقطيفة، فأتى رسول الله الوحي فأخبره بمكانه، فبعث إليه عليّاعليه‌السلام ، وقال: اشتمل على سيفك، وائت بيت ابنة ابن عمّك، فإن ظفرت بالمغيرة فاقته، فأتى البيت فجال فيه فلم يظفر به، فرجع إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبره، فقال: يا رسول الله لم أره، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الوحي قد أتاني فأخبرني أنّه في المشجب.

ودخل عثمان بعد خروج عليّعليه‌السلام ، فأخذ بيد عمّه، فأتى به إلى النبي، فلمّا رآه أكبّ عليه ولم يلتفت إليه، وكان نبي الله حييّا كريما، فقال: يا رسول الله هذا عمّي، هذا المغيرة بن أبي العاص وقد - والّذي بعثك بالحقّ - أمّنته.

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : وكذب، والذي بعثه بالحقّ ما أمّنه، فأعادها ثلاثا، وأعادها أبو عبد الله ثلاثا « أنّى أمّنه »، إلاّ أنّه يأتيه عن يمينه، ثمّ يأتيه عن يساره، فلمّا كان في الرابعة رفعصلى‌الله‌عليه‌وآله رأسه إليه فقال له: قد جعلت لك ثلاثا، فإن قدرت عليه بعد ثالثة قتلته.

فلمّا أدبر قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهم العن المغيرة بن أبي العاص، والعن من يؤويه، والعن من يحمله، والعن من يطعمه، والعن من يسقيه، والعن من يجهّزه، والعن من يعطيه سقاء أو حذاء أو رشاء أو وعاء، وهوصلى‌الله‌عليه‌وآله يعدّهنّ بيمينه، وانطلق به عثمان وآواه وأطعمه وسقاه وحمله وجهزة حتّى فعل جميع ما لعن النبي من يفعله به [ ثمّ أخرج المغيرة في اليوم الرابع فعطبت راحلته في الطريق ونقب حذاؤه وورمت قدماه، فأخبر جبرئيل النبي بمكانه، فبعثصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا ومعه رجلان، فأتى المغيرة تحت الشجرة فقتله، فضرب عثمان زينب بنت رسول الله متّهما لها بأنّها هي الّتي أخبرت النبي، فأرسلت إلى النبي مرارا وهو يأمرها

٢٧٨

بالجلوس في بيتها، حتّى أرسلت إليه: إنّه قد قتلني، فأرسلصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا فجاء بها ] ثمّ أدخلها منزلهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكشفت عن ظهرها، فلمّا رأى ما بظهرها قال ثلاث مرّات: ما له قتلك قتله الله وانظر الحادثة في التهذيب ( ج ٣؛ ٣٣٣ ) والخرائج والجرائح ( ٨٦، ٨٧ ).

وفي كتاب سليم بن قيس: ٩٢ فقال عثمان: يا أبا الحسن ما عندك وعند أصحابك هؤلاء حديث في؟ فقال عليّعليه‌السلام : بلى، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يلعنك ثمّ لم يستغفر الله لك بعد ما لعنك.

وفيه (١٣١) قول عليّعليه‌السلام : ثمّ بايع ابن عوف عثمان، فبايعوه، وقد سمعوا من رسول الله في عثمان ما سمعوه من لعنه إياه في غير موطن.

وفي تقريب المعارف (٢٨٧) قالت عائشة لعثمان: لقد لعنك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ ما استغفر لك حتّى مات.

وفيه (٢٩٥) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إنّ عثمان جيفة على الصراط يعطف عليه من أحبّه ويجاوزه عدوّه.

وفيه (٢٧٥) عن عبيدة السلماني، قال: سمعت عبد الله بن مسعود يلعن عثمان، فقلت له في ذلك، فقال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يشهد له بالنار.

وانظر في ذلك المسترشد في الإمامة ( ١٦٤، ١٦٥، ٢٢٠ ) والصراط المستقيم ( ج ٣؛ ٤٥ ).

هذا كلّه بناء على اختصاص « من كان قبله » بعثمان، والأظهر من العبارة إرادة جميع من قبل معاوية، أعني الأوّل والثاني والثالث، ولذلك فصّلهما من حيث الظلم لأمير المؤمنين واغتصابهم الخلافة، فقال: « ويل لهما ولصاحبهما » أي ويل للشيخين، ولصاحبهما عثمان، وإنّما خصّهما أوّلا ثمّ ذكر عثمان باعتبارهما رأس الحربة في غصب الخلافة، وعثمان تبع لهما في ذلك. وإنّما خصصنا الفقرة السابقة بعثمان لبيان حاله على حدة؛ لأنّ لسان أغلب الروايات منصبّ على الشيخين بالذات، فلذلك أفردنا الويل واللّعن لعثمان في الفقرة السالفة، وسنذكر هنا ما يفي بكل الموضوع إجمالا، حيث خصّ الأوّلان بالويل واللّعن ثمّ الثالث ثمّ معاوية وبني أميّة، وربّما جاء ذكر عثمان ومعاوية في الروايات داخلا في جملة بني أميّة دون ذكرهما بالخصوص.

٢٧٩

ويل لهما ولصاحبهما، لا غفر الله له ولهما زلّة

في كتاب سليم بن قيس (١٩٦) من كتاب كتبه عليّعليه‌السلام إلى معاوية، فيه: ونزل فيكم قول الله عزّ وجلّ( وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) (١) وذلك أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رأى اثني عشر إماما من أئمّة الضلالة على منبره يردّون الناس على أدبارهم القهقرى؛ رجلان من قريش، وعشرة من بني أميّة، أوّل العشرة صاحبك [ أي عثمان ] الذي تطلب بدمه، وأنت وسبعة من ولد الحكم بن أبي العاص، أوّلهم مروان، وقد لعنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ....

وفي تفسير العيّاشي ( ج ٢؛ ٣٢٠ ) عن زرارة وحمران ومحمّد بن مسلم، قالوا: سألناه عن قوله:( وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ ) (٢) قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أري أنّ رجالا على المنابر يردّون الناس ضلاّلا، زريق وزفر. وقوله:( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) (٣) ، قال: هم بنو أميّة.

وفي بصائر الدرجات (٤٤١) بإسناده عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه قال للحارث الأعور - وهو عنده -: هل ترى ما أرى؟ فقال: كيف أرى ما ترى وقد نوّر الله لك وأعطاك ما لم يعط أحدا؟

قالعليه‌السلام : هذا فلان - الأوّل - على ترعة من ترع النار يقول: يا أبا الحسن استغفر لي، لا غفر الله له هذا فلان - الثاني - على ترعة من ترع النار يقول: يا أبا الحسن استغفر لي، لا غفر الله له.

وفي تقريب المعارف (٢٤١) عن عليّعليه‌السلام أنّه قال: والله لأخاصمنّ أبا بكر وعمر إلى الله تعالى، والله ليقضينّ لي الله عليهما.

__________________

(١) الإسراء؛ ٦٠

(٢) الإسراء؛ ٦٠

(٣) الإسراء؛ ٦٠

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

الفقيه في باب ما أحلّ الله من النكاح وما حرّم.

وحبابة بنت جعفر الأسديّة التي روت عن أمير المؤمنينعليه‌السلام وقالت: رأيت أمير المؤمنين في شرطة الخميس ومعه درّة يضرب بها بيّاع الجريّ والمارماهيّ، والمزماريّ ويقول لهم: « يا بُيّاع مُسوُخ بني إسرائيل » إلى آخر الحديث.

وحكيمة بنت الإمام أبي جعفر محمّد بن عليّ الجوادعليه‌السلام .

وحميدة البربريّة اُمّ الإمام أبي الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام وهي من الثقات التقيّات، وكان مولانا الإمام الصادقعليه‌السلام يرسلها مع اُمّ فروة تقضيان حقوق أهل المدينة.

وزينب بنت أبي سلمة التي كانت من أفقه نساء زمانها، وكانت كثيرة الخير والصدقة وكانت صنّاع تعمل بيدها وتتصدّق بيدها.

وسعيدة التي وقع اسمها في إسناد الكافي فقد روى في باب النوادر من آخر كتاب النكاح عن سعيدة .

وغيرهنّ كثيرات لم نذكر أسماءهنّ اختصاراً وإيجازاً(١) .

وقد برزت هذه النسوة وصعدن إلى تلك المرتبة من العلم والفضيلة، وضاهين الرجال في المقام والمنزلة بفضل الإسلام.

فقد ربّى في حجره مثل هذه النساء العالمات التقيّات ذوات الشخصيّة الرشيدة والمواقف البارزة، والصفحات البيض، والتواريخ المشرقة في شتّى مناحي الحياة الإسلاميّة ولولا الإسلام، وما أولاهن من المنزلة والحظوة لبقيت المرأة تعاني من ما كانت تعانيه من ظلم الجاهليّة وعسفها، وكبتها وتحقيرها.

فقد كانت المرأة في زمن الجاهليّة محرومة من كلّ مزايا الرجال، تحتقر كما يحتقر

__________________

(١) من أراد الوقوف على تفصيل ذكرهنّ وأسمائهنّ فعليه أن يراجع كتاب: أعلام النساء، بلاغات النساء، الخيرات الحسان، والاستيعاب، والإصابة.

٤٤١

الحيوان، وتباع وتشترى كما يشترى ويباع المتاع، حتّى جاء الإسلام وأولاهنّ ما أولاه من الرفعة بعد الضعة، والشرف بعد المقت والعزّة بعد الإهانة والذّل، فتخرّج منهنّ الكاتبات والأديبات والعالمات، والراويات، وربّات الفكر والرأي، وذوات الشخصيّة والشأن الكبير.

على أنّ النساء لم يحصلن على حقوقهنّ في التعليم في ظلّ الحكومة والشريعة الإسلاميّة فقط، بل حصلن على حقوق عادلة في التسوية مع الرجال في اعتناق الدين، واستحقاق الثواب الاُخرويّ، والاحترام الدنيويّ، والميراث، والزواج وحقوق الزوجيّة، والطلاق، والنفقة، والوصيّة.

وجملة القول ؛ أنّه ما وجد دين ولا شرع ولا قانون في أمّة من الأمم أعطى النساء ما أعطاهنّ الإسلام من الحقوق والعناية والكرامة، في جميع المجالات الإنسانيّة.

هذا ولقد كان الإسلام أوّل من عمل على محو الاُميّة ونشر الثقافة والعلم وتعميمها في أوساط الناس فيما كانت الحكومات المعاصرة لعصر النبوّة المحمديّة ـ كالأجهزة الحاكمة في إيران ـ تحظر العلم والثقافة على طبقات الشعب وتحرم اكتسابهما إلّا على الأُمراء وأبناء الاُمراء، وطبقة المؤبذين ( وهم رجال الدين الزرادشتي )(١) .

وإنّ أدلّ دليل على سعي الإسلام لمحو الاُميّة قبل أي أحد هو ما فعله النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله مع أسرى بدر حيث جعل فداء بعض الأسرى الذين كانوا يعرفون القراءة والكتابة، تعليم أولاد المسلمين: القراءة والكتابة.

فقد روى الحلبي في سيرته ذلك قائلاً: ( بعثت قريش في فداء الأسارى وكان الفداء فيهم على قدر أموالهم، وكان من أربعة آلاف إلى ثلاثة آلاف درهم إلى ألفين إلى ألف. ومن لم يكن معه فداء وهو يحسن الكتابة دفع إليه عشرة غلمان من غلمان المدينة ليعلّمهم الكتابة فإذا تعلّموا كان ذلك فداء )(٢) .

__________________

(١) الشاهنامة للفردوسيّ ٦: ٢٥٧ ـ ٢٦٠.

(٢) السيرة الحلبيّة ٢: ٢٠٤.

٤٤٢

على أنّ المنهج الذي اختاره الإسلام هو جعل الإيمان مقروناً بالعلم، والعلم مقروناً بالإيمان فالمكتفي بأحدهما كطائر يحلّق بجناح واحد ولذلك نرى أنّ الله سبحانه يقرن أحدهما بالآخر في كتابه إذ يقول:( يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ) ( المجادلة: ١١ ).

وكقوله:( وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ ) ( الروم: ٥٦ ).

وممّا يدلّ على ذلك ما نراه ـ إذا سرنا في البلاد الإسلاميّة ـ من بناء الجامعات إلى جنب المساجد الذي يشير بوضوح إلى عدم التفكيك بين العلم والإيمان، وبين الدين والمعرفة في الحوزات الإسلاميّة العلميّة المبثوثة في كلّ أرجاء العالم الإسلاميّ أو انعقاد الحلقات الدراسيّة في المساجد. ولقد بلغ حثّ الإسلام على اكتساب العلم والمعرفة حدّاً بليغاً حتّى أنّه حرّض على الهجرة في سبيل اكتساب العلم، عندما حثّ على أن يخرج من كلّ فريق طائفة تسافر إلى المدينة، ليدركوا حضرة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وليتعلّموا منه ما يحتاجون إليه من العلوم والمعارف الإلهيّة المفيدة ثم يرجعوا إلى قومهم وهو أمر يدلّ ضمناً على أنّ الإسلام كان ممن أسّس بنيان الحوزات العلميّة والجامعات وهي حقيقة يدلّ عليها قوله سبحانه:( فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) ( التوبة: ١٢٢ ).

فإنّ هذه الآية وإن فسّرت بوجوه غير أنّ الأظهر في تفسير الآية ما روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام :

قال عبد الله بن المؤمن الأنصاريّ قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إنّ قوماً يروون أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « اختلافُ اُمّتي رحمة » فقال: « صدقُوا » فقال: إن كان اختلافهم رحمة فاجتماعهم عذاب ؟ قال: « ليس حيثُ تذهب وذهبُوا، إنّما أراد قول الله عزّ وجلّ:( فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) فأمرهم أن ينفروا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ويختلفوا إليه فيتعلّموا ثمّ يرجعوا إلى قومهم فيعلّموهم، إنّما أراد اختلافهم من البلدان لا اختلافاً في دين الله إنّما الديّن

٤٤٣

واحد »(١) .

وهذه الآية مضافاً إلى كونها دالّة على وجود مركز أو مراكز علميّة في زمن النبيّ يسافر إليها الأفراد ليتلقّوا فيها العلوم والمعارف اللازمة ؛ تدلّ على وجوب هذا الأمر وجوباً كفائيّاً، ولقد استمرّ وجود هذه المراكز والحوزات العلميّة في زمن الأئمّة: وفي زمن الإمام الصادق خاصّة.

فقد روى أحمد بن محمّد بن عيسى وقال: خرجت إلى الكوفة في طلب الحديث فلقيت بها الحسن بن عليّ الوشا، فسألته أن يخرج لي كتاب العلا بن رزين وأبان بن عثمان، فأخرجهما إليّ فقلت له: أحبّ أن يجيزهما لي فقال: يرحمك الله وما عجلتك، اذهب فاكتبهما واسمع من بعد ذلك، فقال: لا آمن الحدثان، فقال: لو علمت هذا الحديث يكون له هذا الطلب لاستكثرت منه فإنّي أدركت في هذا المسجد ( بالكوفة ) تسعمائة شيخ كلّ يقول حدّثني جعفر ( أي الإمام الصادقعليه‌السلام )(٢) .

وبالتالي فإنّ ما يدلّ على اهتمام الدين الإسلاميّ بانتشار العلوم والأخذ بالمعارف المتنوّعة هو ازدهار العلوم المختلفة بين المسلمين ونبوغهم المطّرد والبارز في شتّى مجالات المعرفة، وتنوّع الكتب والمصنفات التي خلّفها المسلمون وصنّفها علماؤهم وكتّابهم، وكانت أساساً لكثير من العلوم الحديثة.

يبقى أن نعرف أنّ الإسلام لا يطرح صيغة خاصّة لمنهج التعليم، وقد سبق أن قلنا: إنّ خاتمية الدين الإسلاميّ تقتضي أن يبيّن الإسلام الجوهر واللب، وأمّا الصور والأشكال فمتروكة للأجيال والعصور، ومقتضياتها فلا مانع من أن يستفيد المسلمون من أي منهج تعليميّ، وأن يستخدموا أي جهاز يضمن تعميم العلم كالتلفزيون والمذياع شريطة الحفاظ على خلق المجتمع، وقيمه الإسلاميّة العليا. فإنّ الإسلام يخالف كلّ علم يتنافى مع سعادة البشر ويهدّد استقراره.

__________________

(١) نور الثقلين ٢: ٢٣٨.

(٢) رجال النجاشيّ: ٢٨ وتنقيح المقال للمامقانيّ ١: ٢٩٤.

٤٤٤

هذا ولعلّك تعجب إذا علمت أنّ تحصيل العلم في الفنون المختلفة من الطبّ والاقتصاد والحقوق السياسيّة والصنائع المتنوّعة فريضة إسلاميّة يجب على الجميع تعلّمه على نحو الواجب الكفائيّ لكي ترتفع حاجة المسلمين إلى غيرهم، ويأمنوا بذلك من تدخّل الأجانب في شؤونهم، بل الأعجب من ذلك أنّ التحصيل في بعض الشؤون واجب عينيّ وذلك فيما يتعلّق بمعرفة الأحكام الدينيّة من أحكام العبادات والمعاملات كما حقّق في موضعه(١) ، ولأجل ذلك وجب على الحكومة الإسلاميّة أن تخصّص قسماً كبيراً من ميزانيّتها لتأسيس الجامعات الدينيّة، والعلميّة وتهيئة ظروف التعليم والتعلّم حتّى يتسنّى لأبناء الاُمّة تحصيل المعرفة في أي مجال مفيد، وضروريّ لحياة الاُمّة. فإنّ جميع ما سقناه إليك من أدلّة حاثّة على طلب العلم، وإنّ ما وصل إليه المسلمون القدامى من أزدهار، وتقدّم عظيم، في العلوم يستدعيان أن تكون الحكومة الإسلاميّة هي التي تتولّى تهيئة أجواء العلم والتعلّم والتعليم، وإلاّ فكيف يمكن أن يتحقّق ذلك الازدهار ويتحقّق هذا الهدف العظيم، والأمر خارج عن نطاق الأفراد بل هو ميسّر للحكومة وإمكانيّاتها، ولوجوب أن تقتدي هذه الحكومة بسيرة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حيث تولّى بنفسه تهيئة أجواء التعليم والتعلّم لأبناء المدينة كما مرّ عليك في قصّة أسرى بدر.

الإسلام والعلوم الطبيعيّة

ثمّ انّه لم يكن تأكيد الإسلام على تحصيل العلم ليختصّ بعلم دون علم وبباب دون آخر، وإن كان التأكيد على اكتساب الفقه والعلم بأحكام الدين أشدّ، وأكثر.

فالعلم بأحكام الدين واُصوله وفروعه، أو العلم بما يجري في الطبيعة من السنن والقوانين وكشف غوامض الحياة ومعضلاتها واختراع ما يكون مفيداً للحياة البشريّة ممّا دعا إليه الإسلام من غير فرق بين علم وعلم. ولذلك أمر سبحانه في الكثير من الآيات القرآنيّة بالتدبّر في الكون والسنن الحاكمة فيه، كما هو غير خفيّ على من له إلمام بالكتاب

__________________

(١) راجع فرائد الشيخ الأنصاريّ: ٣٠٠ ـ ٣٠١.

٤٤٥

الكريم.

وتقسيم العلوم إلى دينيّة وغير دينيّة ( أو قديمة وحديثة ) مجرّد اصطلاح وإلاّ فكلّ علم نافع ناجع قد دعا إليه الدين وأمر به الكتاب، وأخذ به المسلمون، وما يعدّ علوماً حديثة فلها جذور في القديم وإنّما حدث التطوّر والتكامل حسب مرور الزمان شأن كلّ ظاهرة وعلم.

ولأجل ذلك نرى أنّ المسلمين اهتمّوا ـ منذ بزوغ الإسلام ـ بمختلف العلوم والمعارف، وبرعوا فيها، وكانوا لكثير منها مكتشفين، وكان منهم المخترعون، والمبدعون.

وقد اعترف بذلك كثير من علماء الغرب والشرق، وأقرّوا للمسلمين به، وبيّنوا جهود المسلمين في هذا المضمار، وعدّوهم آباء العلم الحديث في كثير من المجالات والأصعدة.

ونحن هنا نشير إلى طائفة ممّن كان لهم من المسلمين اكتشافات علميّة :

١. جابر بن حيّان، تلميذ الإمام جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام كان من أشهر علماء الكيمياء. هذا وللرازي وأبو ريحان البيرونيّ بحوث شيّقة وهامّة في الكيمياء أيضاً.

٢. يعقوب ابن إسحاق الكندي ؛ له ١٥ كتاباً في معرفة أحوال الجوّ.

٣. الحسن بن الهيثم ؛ المتولّد عام ٣٠٤ ألّف كتباً عديدة في الضوء وخواصّ المرايا المقعّرة والمحدّبة والمنكسرة.

٤. محمد بن إبراهيم الفزاري، والحجاج بن يوسف بن مطر ؛ لهما ولغيرهما من المسلمين جهود علميّة كبرى في الرياضيّات.

٥. الخواجا نصير الدين الطوسيّ، وأبو معشر البلخيّ، يعود إليهما الكثير من الاختراعات والاكتشافات في علم الهيئة والفلك.

٦. محمّد بن زكريّا الرازي، وأبو عليّ بن سينا، وابن رشد الأندلسيّ يعود إليهما

٤٤٦

الكثير من الأبحاث الطبيّة، ومسائل العلاجات والأدوية.

٧. الكندي والدميريّ والقزوينيّ وابن بطوطة وابن خلدون ؛ ممّن لهم كتب ومؤلّفات واسعة في علم الأحياء، والجغرافيه، وغيرهما من العلوم والمعارف، وغيرهم ممّن لا يمكن إحصاء أسمائهم لكثرتهم وكثرة مؤلّفاتهم.

ويكفي دلالة على تشجيع الإسلام للصناعة ما قاله الإمام الصادقعليه‌السلام في حديث مفصّل: « كلّ ما يتعلّم العبادُ أو يُعلّمون غيرهُم من صُنوف الصناعات مثل الكتابة والحساب والنّجارة والصّياغة والسّراجة والبناء والحياكة والقُصارة والخياطة وصُنعة صنوف التصاوير ما لم يكُن مثل الرّوحانيّ وأنواع صنوف الآلات التي يحتاجُ إليها العبادُ التي منها منافعهُم وبها قوامُهم وفيها بُلغةُ جميع حوائجهم فحلال فعلهُ، وتعليمهُ والعملُ به وفيه لنفسه أو لغيره »(١) .

ثمّ انّ عناية الإسلام بالكتابة وتقييد العلم بواسطتها يعتبر من أبرز الأدلّة على تبنيّ الإسلام للعلم وحرصه عليه فقد كان الإسلام أوّل من روّج الكتابة وحثّ على تعلّمها، وكان ذلك الموقف من الكتابة والتدوين هو السبب الرئيسيّ في كتابة المؤلّفات وتأليف الكتب العديدة الذي كان ـ بدوره ـ خير وسيلة لأحياء العلم، والابقاء عليه فقد روي أنّه كتب الشيعة وحدهم ما يقارب (١٠) آلاف كتاب خلال عهد الإمامين الباقرين خاصّة(٢) .

ولقد وردت أحاديث كثير في هذا الصدد يضيق المجال بذكرها في هذه العجالة ولكنّنا ندرج هنا بعضها على سبيل المثال :

عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: « قيّدُوا العلم بالكتابة »(٣) .

__________________

(١) تحف العقول: ٢٤٦.

(٢) المراجعات: ٣٣٧ المراجعة (١١٠).

(٣) تحف العقول كما في الذريعة ١: ٦، المستدرك للحاكم ١: ١٠٦، كنز العمال ٥: ٢٧٧، البيان والتبيين ١: ١٦١.

٤٤٧

وعن عبد الله بن عمر قال قلت لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أقيّد العلم ؟ قال: « نعم »، قيل وما تقييده ؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « كتابتُهُ »(١) .

وعن أبي بصير قال دخلت على أبي عبد الله ( الصادق ) فقال: « ما يمنعُكُم من الكتابة، إنّكُم لن تحفظُوا حتّى تكتبُوا »(٢) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا مات ابنُ آدم انقطع عملهُ إلّا من ثلاث :

صدقة جارية، أو علم ينتفعُ به أو ولد صالح يستغفُر لهُ »(٣) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « المُؤمنُ إذا مات وترك ورقةً واحدةً عليها علم تكُونُ تلك الورقةُ سُتراً فيما بينهُ وبين النّار وأعطاهُ الله بكُلّ حرف مكتُوب عليها مدينةً في الجنّة »(٤) .

وعنهعليه‌السلام أيضاً أنّه قال: « احتفظُوا بكُتبكُم فسوف تحتاجُون إليها »(٥) .

وقالعليه‌السلام : « القلبُ يتّكلُ على الكتابة »(٦) .

وقالعليه‌السلام : « اُكتُب وبُث علمك في إخوانك فإن متّ فأورث كُتُبك بنيك فإنّهُ يأتي على النّاس زمان هرج ما يأنسُون إلّا بكُتُبهم »(٧) .

وعن الإمام الحسنعليه‌السلام أنّه دعا بنيه وبني أخيه فقال: « إنّكُم صغار قوم ويُوشكُ أن تكُونُوا كبار قوم آخرين فتعلّمُوا العلم فمن لم يستطع منكُم أن يحفظهُ فليكتُبهُ وليضعهُ في بيته »(٨) .

هذا وللإمام عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام تعاليم لطيفة في مجال الكتابة وتحسين الخطّ فقد قال لكاتبه عبيد الله بن أبي رافع: « ألق دواتك، وأطل جلفة(٩) قلمك ،

__________________

(١) راجع الذريعة ١: ٦، التاج ١: ٦١.

(٢) مشكاة الأنوار للطبرسيّ: ١٤٢، وروي في الكافي ١: ٥٢ بهذه الصورة: « اكتُبُوا فإنّكُم لا تحفظُون حتّى تكتبُوا ».

(٣) رواه الخمسة إلّا البخاريّ، راجع التاج ١: ٦٦.

(٤) أوثق الوسائل: المقدّمة.

(٥ و ٦ و ٧) الكافي ١: ٥٢.

(٨) بحار الأنوار ٢: ١٥٢.

(٩) الجلفة ما بين مبراه وسنته.

٤٤٨

وفرّج بين السّطُور وقرمط(١) بين الحُرُوف، فإنّ ذلك أجدرُ بصباحة الخطّ »(٢) .

كما روي عنهعليه‌السلام قوله: « الخطّ الحسن يزيد الحقّ وضوحاً »(٣) .

هكذا حثّ الإسلام على الكتابة حثّا بليغاً، وأكيداً، وكفى في ذلك أنّ الله تعالى أقسم بالقلم باعتباره وسيلة فعّالة لنقل المعرفة وتدوينها، وإبقائها.

بحث وتنقيب

ولعلّك تقول: لو حثّ الإسلام مثل هذا الحثّ على الكتابة والتدوين فلماذا نهى الخليفة الثاني عن كتابة الحديث في حين كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يحثّ أصحابه على كتابة ما يسمعونه منه. فقد أخرج صاحب غوالي اللئالي عن عمر بن شعيب عن أبيه وجدّه قال قلت: يا رسول الله أكتب كلّ ما أسمع منك ؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « نعم »، قال: قلت في الرضا والغضب ؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « نعم فإنّي لا أقول في ذلك كلّه إلّا الحقّ »(٤) .

وقد أملىصلى‌الله‌عليه‌وآله كتباً في الشرائع والأحكام كان قد جهّز بها رسله وعمّاله في الأقطار المفتوحة وقد احتفظ بها المسلمون وأوردها أصحاب السير والمعاجم وأهل الحديث والتفسير في كتبهم وهذه الصحف تعرب قبل كلّ شيء عن عناية الرسول بحفظ علوم الرسالة وذخائر النبوّة وأحكام الدين ودساتيره ليستفيد منها القريب ويرجع إليها النائي.

وقد تواتر عن الفريقين أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قبض وفي قراب سيفه أو ذؤابة سيفه كتاب أو كتابان(٥) .

__________________

(١) القرمطة بين الحروف، المقاربة بينها وتضييق فواصلها.

(٢) نهج البلاغة: قصار الكلم ( الرقم ٣١٥ ).

(٣) حديث مشهور.

(٤) راجع الذريعة ١: ٦، التاج ١: ٦١.

(٥) صرّح بذلك إمام الحنابلة في مواضع من مسنده راجع المسند ١: ٨١، ١٠٠، ١١٩، ١٢٦، ١٣٢، صحيح مسلم ٤: ٢١٧، السنن الكبرى ٨: ٣٠.

٤٤٩

وقد اعتمد على هذا الكتاب أئمّة أهل الحديث في مختلف الأبواب والأحكام واكثر النقل عنه المحدّث الحرّ العامليّ في جامعه الكبير وينهي إسناده إلى أئمّة أهل البيت(١) .

قال ابن عمر: إنّ قريشاً قالت: إنّك تكتب عن رسول الله وهو بشر يغضب يعنون به أنّه يقول عند الغضب باطلاً، فعرضت كلامهم على رسول الله قال: « اكتب فإنّي لا أقُولُ إلّا حقّاً » أو أشار إلى شفتيه وقال: « لا يخرُجُ منهُما إلّا الحقّ اكتُب »(٢) .

وقد أملى رسول الله كثيراً من الأحكام على ( علي ) فدوّن أمالي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حياته، واشتهر بكتاب عليّ، وقد روى عنه البخاريّ في صحيحه في باب كتابة الحديث وباب « إثم من تبرّأ من مواليه ».

وقد أكثر عنه النقل الإمامان الباقر والصادقعليهما‌السلام ورآه كثير من أصحابهما كزرارة بن اُعين ومحمد بن مسلم وأبي بصير ونظرائهم.

وأخرج الشيخ أو العباس النجاشي ( المتوفّى عام ٤٥٠ ) في ترجمة « محمّد بن عذافر » عن عذار الصيرفيّ قال: كنت مع الحكم بن عيينة، عند أبي جعفر محمّد بن علي الباقرعليه‌السلام فجعل يسأله وكان أبو جعفر له مكرهاً فاختلفا في شيء، فقال أبو جعفر: « يا بنيّ قم فأخرج كتاب عليّ » فاخرج كتاباً مدرجاً عظيماً، ففتح وجعل ينظر حتى أخرج المسألة، فقال أبو جعفر: « هذا خطّ عليّ وإملاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأقبل على الحكم وقال: « يا أبا محمّد: إذهب وسلمة والمقداد حيث شئتم يميناً وشمالاً، فوالله لا تجدون العلم أوثق منه عند قوم كان ينزل عليهم جبرائيل »(٣) .

والحديث عمّا كتبه عليّعليه‌السلام كثير، وأخرج المشايخ والمحمّدون الثلاثة روايات جمّة عنه ينتهون بإسنادها إلى أئمة الحديث مبثوثة في كتب الطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحجّ والجهاد والأمر بالمعروف والتجارة والوصايا والطلاق والنكاح

__________________

(١) راجع وسائل الشيعة كتاب القصاص.

(٢) مستدرك الحاكم ١: ٤.

(٣) فهرست النجاشيّ: ٢٥٥ ( طبعة الهند ).

٤٥٠

والأطعمة والأشربة والحدود والقصاص والديات والقضاء والأيمان والصيد والميراث وإحياء الموات(١) .

ثمّ إنّ الشيعة في الصدر الأوّل اقتفوا أثر إمامهم في الكتابة والتأليف فاهتمّوا بجمع أحاديث الأحكام والفرائض والقضايا وأخبار المغازي، وتراجم الرجال وقد جمع أسماءهم الشيخ أبو العباس النجاشيّ في أوّل رجاله.

ثمّ الذين نشأوا بعد الطبقة الاُولى نهجوا منهاج سلفهم، حذو القذّة بالقذّة في كلّ قرن وجيل ؛ رغم ما كانت تواجههم من الظروف القاسية والكوارث الداهمة ورغم ما كانوا يعانون من السلطات الغاشمة

فإنّ الشيعة رغم كلّ تلك المصاعب ألّفوا كتباً ثمينة جمعوا فيها شذرات الحديث وشوارد السير واُصول الأخلاق، ونهضوا بهذه المهمّة بعزم راسخ لا يعرف الكلل والملل مثابرين على العمل، ومعانين في طريق هدفهم كثيراً من الأذى حفاظاً على حياض الشريعة الإسلاميّة وصوناً لكنوزها، وبثّاً لتعاليم الحنيفيّة البيضاء.

وقد ترجم الشيخ أبو العباس النجاشيّ صاحب الفهرست المعروف في صدر كتابه بعض رجال الشيعة ممّن يعدّون من المؤلّفين في الطبقة الاُولى.

ودونك أسماء عدّة منهم من الذين ذكرهم الشيخ أبو العباس النجاشيّ بهذا العنوان في أوّل فهرسته :

١. أبو رافع ؛ مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وصاحب بيت مال أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام صنف كتاب السنن والأحكام والقضايا.

٢. عبيد الله بن أبي رافع ؛ كاتب أمير المؤمنين وأوّل من ألّف في الرجال، ترجم من أصحاب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله من شهد منهم حروب أمير المؤمنينعليه‌السلام الجمل وصفين.

__________________

(١) راجع وسائل الشيعة في هذه الكتب وقد جمع العلاّمة الشيخ الأحمديّ في كتابه القيّم « مكاتيب الرسول » ١: ٨٢ ـ ٨٨ ما بثّه صاحب الوسائل في جامعه على نسق الكتب الفقهيّة.

٤٥١

٣. عليّ بن أبي رافع ؛ كاتب أمير المؤمنينعليه‌السلام صنف كتاباً في فنون من الفقه: الوضوء والصلاة وسائر الأبواب.

٤. ربيعة بن سميع ؛ صنّف كتاب زكاة النعم على ما سمعه عن أمير المؤمنينعليه‌السلام في صدقات النعم وما يؤخذ من ذلك.

٥. أبو صادق سليم بن قيس الهلالي ؛ صاحب أمير المؤمنين ألّف أصله المعروف المطبوع.

٦. الأصبغ بن نباتة المجاشعيّ، من خيار أصحاب أمير المؤمنين ومن شرطة الخميس له كتاب عهد أمير المؤمنين إلى مالك الأشتر النخعيّ ووصيّته إلى ابنه محمّد بن الحنفيّة.

٧. أبو عبد الله سلمان الفارسي ؛ له كتاب ( خبر جاثليق ) وقد أملى الخطبة الطويلة والاحتجاجات.

٨. أبو ذرّ الغفاري ؛ له كتاب وصايا النبيّ وشرحه العلاّمة المجلسي وأسماه عين الحياة.

هذا حال الطبقة الاُولى منهم وأمّا الذين أتوا بعدهم فالرواة منهم المعاصرون للأئمّة الهداة في مجموع القرنين منذ قبض الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى عصر العسكريعليه‌السلام لم يؤثر عنهم فتور في تدوين العلوم وضبط الحديث، وجمع قواعد الفقه وتنسيق طبقات الرجال وضمّ حلقات التفسير وإتقان مباني واُسس الكلام إلى غير ذلك.

كلّ ذلك يشهد على مبلغ اهتمامهم بتلقّي أنواع المعارف والعلوم من معادنها في السرّ والعلانية، وتغنينا عن إفاضة القول وسرد الشواهد، الفهارس المؤلّفة لكتب الشيعة في القرون الإسلاميّة الغابرة ولا سيّما ما ألّفه العلاّمة المتتبّع المغفور له الشيخ أغا بزرگ الطهرانيّ في أثره الخالد ( الذريعة إلى تصانيف الشيعة ) المطبوع في خمسة وعشرين جزء.

٤٥٢

وأظنّ أنّ الموضوع لا يحتاج إلى أن نتوسّع فيه أكثر من ذلك وهذا كتاب الله سبحانه يحثّ في أطول آيات كتابه(١) على كتابة ما يتوصّل بها إلى حفظ عرض دنيويّ زائل ومتاع مندثر، أفلا يجوز لنا من هذا الحثّ الأكيد استنباط لزوم الاهتمام بما ننال به المقاصد العالية ويفوز الإنسان به بالسعادة الخالدة ؟

حول الحديث الموضوع

وبعد ذلك كله لا اعتبار بما نسبوه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من أنّه قال: « لا تكتبوا عنّي شيئاً سوى القرآن فمن كتب عنّي غير القرآن فليمحه »(٢) أو أنّه لم يأذن بكتابة الحديث على ما رواه الترمذيّ عن أبي سعد قال: استأذنا النبيّ في الكتابة فلم يأذن لنا(٣) .

وأغرب منه ما رواه الحاكم بسنده عن عائشة قالت: جمع أبي الحديث عن رسول الله فكانت خمسمائة حديث فبات يتقلّب، قالت فغمّني كثيراً، فقلت يتقلّب لشكوى أو لشيء بلغه، فلّما أصبح قال: أي بنيّة هلمّي الأحاديث التي عندك ! فجئته بها فأحرقها، وقال خشيت أن أمُوت وهي عندك فيكون فيها أحاديث عن رجل ائتمنته ووثقت به ولم يكن كما حدّثني فأكون قد تقلّدت ذلك(٤) .

وأظنّ أنّ ما اُلصق برسول الله من مختلقات الحديث وضعها القائل أو القائلون لأغراض وغايات سياسيّة وأظنّ أنّ الذي دفع الوضّاعين إلى إعزاء ما اختلقوه إلى رسول الله أحد أمرين أو كليهما :

إمّا لأنّ المعتمد في كتابة أحاديث الرسول آنذاك كان هو الإمام عليّعليه‌السلام دون سائر الصحابة، وكان ذلك يعدّ فضيلة رابية للإمام، فحاول أعداؤه ومناوؤه طمسها فاختلقوا ما اختلقوا لكي يصبح عمل الإمام في استقلاله بالتدوين، أو تبرّزه في هذا الباب عملاً غير مشروع.

__________________

(١) سورة البقرة ٢: الآية (٢٨٢) آية الدين.

(٢) رواه الدارميّ في مقدّمة سننه.

(٣) صحيح الترمذيّ ٢: ٩١ ( طبعة الهند ).

(٤) جمع الجوامع للسيوطيّ ٢: ١٤٧.

٤٥٣

وإمّا لأنّ تلك الأحاديث فيها الكثير ممّا قاله النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في فضل عليّعليه‌السلام وعظم شأنه، فلو سوّغت كتابة الأحاديث وأحاط بها الناس علماً وتناقلها المسلمون في شتّى الأقطار، لأدّت إلى ظهور الإمامعليه‌السلام على سائر الصحابة، وكونه الأحقّ في تسنّم منصب الخلافة بعد الرسول وفي ذلك ما فيه من الخطر على من تسنّموا عرشها بغير حقّ وبغير دليل.

فلو كان كتابة الحديث وضبطه في الصحائف والجلود أمراً مرغوباً عنه فلماذا أملى النبيّ بنفسه كتباً في الشرائع والأحكام وجهّز بها رسله وعماله في الأقطار المفتوحة.

ولو كان نهي النبيّ بمرأى ومسمع من أصحابه وأنصاره، فلماذا استفتى عمر أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك فأشاروا عليه أن يكتب فطفق عمر يستخير الله شهراً ثمّ أصبح يوماً وقد عزم الله له فقال: إنّي كنت اُريد أن أكتب السنن وإنّي ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً فأكبّوا عليها وتركوا كتاب الله وإنّي والله لا أشوب كتاب الله بشيء أبداً ولا اُلبس كتاب الله بشيء أبداً(١) .

والعذر الذي جاء به الخليفة في كلامه يشبه ما في كلام بعضهم في تفسير نهي النبيّ عن الكتابة من أنّ نهيهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن كتابة الحديث كان لخوفهصلى‌الله‌عليه‌وآله من اختلاط الحديث بالقرآن.

ولا يخفى ما فيه من الخبط والخطأ فإنّ ما يفسده أكثر ممّا يصلحه إذ معنى ما ذكره هو إبطال معجزة القرآن وهدم اُصولها من القواعد، وإنّ معنى ذلك كون بلاغة القرآن والحديث والخطب المرويّة من باب واحد هو باطل، والله سبحانه يقول:( قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ) ( الإسراء: ٨٨ ).

وقد حقّق في محلّه أنّ القرآن وحي بلفظه ومعناه، لا يشبه كلام الإنسان من حيث

__________________

(١) رواه الكاتب المتتبع المعاصر أبو ريّه عن الحافظ بن عبد ربه والبيهقي في أضواء على السنّة المحمديّة ص ٤٣.

٤٥٤

الصياغة والانسجام، والحديث وحي بمعناه دون لفظه، فهو من جهة اللفظ والصياغة كلام بشريّ يمكن مباراته.

وهناك عذر آخر لا يقلّ في الوهن والضعف عن الأوّل جاء به بعض المعاصرين قال: يمكن أن تكون حكمة النهي عن كتابة الحديث هو أن لا تكثر أوامر التشريع، ولا تتّسع أدلّة الأحكام وهو ما كان يتحاشاهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى كان يكره كثرة السؤال، أو يكون من أحاديث في اُمور خاصّة بوقتها بحيث لا يصح الاستمرار في العمل بها. ونحن لا نعلّق عليها إلّا شيئاً طفيفاً إذ القارئ الكريم أعرف بحالها، إذ أي صلة بين كتابة حديث نافع وسنّة متّبعة تتّصل بحياة المسلمين الفرديّة والاجتماعيّة وتحتلّ مكاناً سامياً في استنباط كثير من الأحكام التي كانوا يواجهونها بعد عصر الرسالة عندما توسّعت الحكومة الإسلاميّة وتلوّنت حياتهم بألوان حضارة جديدة، ولم يكن لهم بها عهد في عصر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وبين كثرة السؤال عن أشياء لا تهمّ السائل معرفتها.

على أنّ ما اعتذر به الكاتب في تصحيح النهي عن تدوين السنّة يستدعي النهي عن كتابة القرآن وهما في المقام سواسية، لأنّ عمق معاني القرآن وغزارة مقاصده تؤدّي بالباحث إلى كثرة التساؤل واتّساع أدلّة الأحكام وتكثر أوامر التشريع، وبالتالي يستلزم تسلسل الأسئلة.

ولا يتردّد المحقّق الباحث في أنّ ما عزوه إلى النبيّ من مخاريق الأوهام الباطلة التي نحتوها لأغراض سياسيّة، لتصحيح فعل الخليفة ونهيه عن كتابة الحديث وسنّة النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وما ارتكبه الخليفة عثرة لا تقال، فالله يعلم كم خسر الإسلام والمسلمون من جرّائها لولا أن تدارك الخسران العظيم عمر بن عبد العزيز فكتب من الشام إلى أبي بكر ابن حزم وهو من كبار المحدّثين بالمدينة: انظر من حديث رسول الله فاكتبه، فإنّي خفت دروس العلم وذهاب العلماء(١) .

__________________

(١) صحيح البخاريّ ١: ٢٧ كتاب العلم.

٤٥٥

برامج الحكومة الإسلاميّة ووظائفها

٢

الحكومة الإسلاميّة

والحقوق الفرديّة والاجتماعيّة

حاجة المجتمعات إلى الحقوق

بما أنّ الإنسان بطبيعته ذو تطلّعات وحاجات تزداد بتوسّع التمدّن وتقدّم الحضارة، وبما أنّ الحياة الاجتماعيّة لا تنفكّ عن إقامة العلاقات والروابط بين أبناء البشريّة، وبما أنّ وصول الأفراد إلى تطلّعاتهم وحاجاتهم لا ينفكّ عن التزاحم والتصادم والاختلاف والتشاجر، كان لا بدّ من حلّ هذا الاختلاف والتنازع، ووضع العلاقات الاجتماعيّة في الإطار الصحيح.

وقد كان هذا الحلّ يتمّ ـ في العصور السابقة ـ بالقوّة، وقدرة السلاح وكان المنطق الحاكم هو ( الحقّ لمن غلب )، غير أنّ تقدّم البشريّة في مدارج التربية أوجد لديها فكرة التنظيم وحلّ الاختلافات بين أفراد البشر بغير وسيلة القوّة، والسلاح، ومن هنا تكوّن ما يسمّى بعلم الحقوق، فعلم الحقوق عبارة عن الاُصول والقواعد التي تنظّم علاقات الأفراد، والتي يجب أن تسود المجتمعات حتماً، ولا يتخلّف عنها أحد أبداً.

٤٥٦

وبعبارة اُخرى ؛ إنّ الحقوق عبارة عن ( مجموع القواعد والقوانين المقرّرة لحفظ الأفراد وترقية المجتمع البشريّ، وعلى ذلك ينطبق علم الحقوق على قسم من الفقه الإسلاميّ، ويكون شعبة من الفقه ).

ولقد كان الفقه الإسلاميّ القانون الوحيد الحافظ لحقوق الأفراد والجماعات في الشرق الإسلاميّ إلى أوائل القرن الرابع عشر حتّى أن قامت الثورات الشعبية (؟) وأسّست مجالس الاُمّة، وسنّت القوانين الجديدة، وتركت القوانين الإسلاميّة جانباً وقد خسر المسلمون، بالعدول عن القوانين الإسلاميّة إلى تلك القوانين البشريّة المقتبسة من الغرب، خسر المسلمون ـ بسبب ذلك ـ العدل والرحمة، والإنسانيّة والاستقرار والدقّة.

تقسيمات الحقوق

لقد قسّم علماء الحقوق القوانين والحقوق(١) إلى :

أ ـ داخليّة ؛ تختصّ بالعلاقات المتقابلة بين أفراد الاُمّة الواحدة.

ب ـ خارجيّة ؛ تختص بالعلاقات المتقابلة بين الأمم والدول المختلفة.

وكلّ من الداخليّة والخارجيّة ينقسمان إلى خاصّة، وعامّة، وإليك فيما يأتي تفصيل هذه التقسيمات إجمالاً :

أ ـ الحقوق الداخليّة

والعامّة منها تنقسم إلى ثلاث شعب هي :

الاُولى / القانون الأساسيّ الذي يقوم في إطاره كلّ الروابط والعلاقات بين الأفراد، وتقوم كلّ التشكيلات الحاكمة على حياة الاُمّة فهو بمثابة ( الاُسس الكليّة لأي

__________________

(١) ليس المراد بالحقوق ـ هنا ـ هو المعنى الخاصّ له، بل هو مطلق القوانين ولذلك يكون الحقوق بمعناه الخاصّ المصطلح فقهياً جزءاً من هذا البحث.

٤٥٧

نظام ).

الثانية / القوانين المختصّة بالدوائر الحكوميّة وحدود وظائفها، وما يحدّد علاقات الأفراد ( موظّفين ومراجعين ) بها.

الثالثة / الحقوق والقوانين الجزائيّة التي يتميّز بها المعتدي عن غير المعتدي والمجرم عن غير المجرم، وتكون مانعة للأفراد عن الأعمال والتصرّفات المخلّة بالنظام.

وأمّا الخاصّة فهي تنقسم أيضاً إلى ثلاث شعب هي :

الاُولى / الحقوق المدنيّة وهي المتعلّقة بالأفراد في إطار العلاقات العائليّة والتي تسمّى الآن بالأحوال الشخصيّة، كالنكاح والطلاق والميراث وما شابه.

الثانية / القوانين والمسائل المرتبطة بالقضاء التي يستطيع الأفراد بالتوسّل بها أن يستوفوا حقوقهم الضائعة.

الثالثة / القوانين المتعلّقة بالعلاقات والمبادلات التجاريّة.

ب ـ الحقوق الخارجيّة ( الدوليّة )

والعامّة منها هي التي تبيّن وترسم كيفية علاقات الدول مع الدول، والحكومات مع الحكومات، ويندرج في ذلك المعاهدات وغيرها ممّا يدور بين الدول.

والخاصّة، هي التي ترتبط بعلاقة الدولة أو أفراد الشعب مع أتباع دولة اُخرى.

هذه هي ثمانية أنواع من القوانين والحقوق حسب التقسيم الحديث.

الإسلام والحقوق

لقد حظيت الحقوق ـ في الفقه الإسلاميّ ـ بأفضل مكانة في تشريعاته وتعاليمه بل إنّ الحقوق التي رسمها الإسلام وبيّنها على لسان القرآن أو السنّة الشريفة تعتبر من أدقّ، وأمتن الحقوق، وأكثرها إنسانيّة ورحمة وعقلانيّة. غير أنّ هناك ـ مضافاً إلى ذلك ـ خصائص تمتاز بها الحقوق الإسلاميّة عن الحقوق التي تطرحها القوانين البشريّة

٤٥٨

الوضعيّة هي :

أوّلاً: انّ الحقوق والقوانين التي جاء بها الإسلام تستمدّ اُصولها، وجزئياتها من ( الوحي الإلهيّ )، ولذلك فهي لا تقبل التغيير والتبديل، ولكنّ الحقوق التي طرحتها الأنظمة البشريّة فحيث أنّها تنبع من العلم البشريّ المحدود فهي تتعرّض دائماً للتغيير والتطوير لضيق آفاق العقل البشريّ.

ثانياً: أنّ الحقوق في الإسلام حيث تكون تابعة للمصالح والمفاسد الواقعية ونابعة من الملاكات الحقيقيّة فإنّها لا تخضع لأيّ زيادة أو نقصان وأيّ تطوير وتحوير، لانّها تقوم على أساس الواقع الإنسانيّ الثابت، والفطرة الحقيقيّة التي لا تتغيّر، والمصالح والمفاسد الموجودة في أفعال الإنسان وأعماله، ولكنّ الحقوق التي عرضتها الأنظمة والقوانين الوضعيّة حيث تنبع من الأهواء والميول والرغبات الفرديّة أو الجماعيّة فإنّها كثيراً ما تنالها أيدي التطوير والحذف لما يظهر فيها من عجز وضعف.

نعم إنّ القوانين والحقوق الإسلاميّة وإن كان بعضها يتغيّر شكلاً وإطاراً لكنّها لا تتغيّر جوهراً ومضموناً، ولقد أشبعنا القول في هذا الأمر في بحث الخاتميّة(١) .

ثالثاً: إنّ القوانين الإسلاميّة حيث تكون صادرة من مصدر ربّانيّ وتكون موجّهة إلى مؤمنين معتقدين بشرائعه ووعوده ومواعيده تتمتّع طبعاً وبالذات بخاصّية الانقياد النفسيّ والخضوع الكامل والطاعة التامّة لها.

وحيث تكون القوانين الوضعيّة البشريّة صادرة من الأدمغة البشريّة لا يجد الإنسان أي دافع ذاتيّ إلى التقيّد بها وتطبيق العمل عليها إلّا بدافع الإكراه وتحت طائلة القانون، وخوفاً من سلطات الدولة.

ولا يخفى على أي ذي لبّ رجحان الأوّل على الثاني في ميزان الحياة.

ثمّ إنّ اُمّهات هذه التقسيمات الحديثة الثمانية من القوانين والحقوق موجودة

__________________

(١) راجع هذا البحث في الجزء الثالث من المجموعة القرآنيّة التي تفسير الآيات تفسيراً موضوعياً وفي ضوء القرآن.

٤٥٩

بمغزاها في التشريع الإسلاميّ وإن لم تكن تحت العناوين والتسميات الحديثة فالقانون الأساسيّ في الإسلام هو عبارة عن الأحكام والاُصول الكليّة الموجودة في الكتاب والسنّة غير المتغيّرة عبر الزمان والمكان، والتي يجب أن يقوم عليها كلّ تخطيط وتنظيم لحياة المسلمين في جميع المجالات.

أمّا النظام الإداريّ ( وهو القسم الثاني من الحقوق الداخليّة العامّة ) فتجدها مذكورة بتوسّع وتفصيل في كتب الفقه وقد أخذها فقهاء الإسلام من سيرة النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله وسنّته الشريفة، وسيرة الإمام عليّ وكلماتهعليه‌السلام وغيرهما في المجال الإداريّ والتدبير الحكوميّ، ويمكن للقارئ الكريم أن يقف على الكثير منها في الكتابين التاليين :

١. الراعي والرعيّة للفكيكيّ.

٢. نظام الحكم والإدارة في الإسلام للقرشيّ وغيرهما.

وأمّا الحقوق والقوانين الجزائيّة فقد ألّف فيها علماء الإسلام المطوّلات والمختصرات التي تحتوي على تفصيلاتها وجزئيّاتها فلاحظ كتب الحدود والقصاص والديات هذا كلّه في مجال الحقوق والقوانين الداخليّة العامّة.

وأمّا الداخليّة الخاصّة الراجعة إلى العلاقات العائليّة والشخصيّة فقد بسط فيها الفقهاء القول تحت عنوان « الأحوال الشخصيّة » والمذكورة ـ قديماً ـ تحت عناوين النكاح والطلاق والميراث والوصايا وما شابهها.

وأمّا ما يرجع إلى القضاء فقد بحث عنها الفقهاء تحت عنوان القضاء والشهادات.

وأمّا ما يرجع إلى ( العلاقات التجاريّة ) فقد بيّن الفقهاء أحكامها المفصّلة في كتبهم تحت العناوين التالية: التجارة، الخيار، السلف، المفلس، الحجر، الضمان، الصلح، العارية، الوديعة، الشركة، المضاربة، المزارعة، المساقاة، الإجارة، الوكالة، الوقف، السبق والرماية.

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653