طرف من الأنباء والمناقب

طرف من الأنباء والمناقب6%

طرف من الأنباء والمناقب مؤلف:
المحقق: الشيخ قيس العطّار
الناشر: انتشارات تاسوعاء
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 653

طرف من الأنباء والمناقب
  • البداية
  • السابق
  • 653 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 210599 / تحميل: 6558
الحجم الحجم الحجم
طرف من الأنباء والمناقب

طرف من الأنباء والمناقب

مؤلف:
الناشر: انتشارات تاسوعاء
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

الطّرفة التاسعة

روى هذه الطّرفة - عن كتاب الطّرف - العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٦٥؛ ٣٩٦ ) ونقلها العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٩٠ ) مختصرة.

لقد وردت روايات كثيرة في مدح العبّاس بن عبد المطلّب، كما وردت رواية صحيحة في ذمّه، انظر معجم رجال الحديث ( ج ١٠؛ ٢٥٣، ٢٥٤ ). وليس هاهنا موضع بحثها رجاليّا بالتفصيل، وإنّما نقول: أنّ ما في هذه الطّرفة ورد مثله وله شواهد كثيرة.

ففي تفسير الإمام الحسن العسكريّعليه‌السلام ( ٥ - ٧ ) قال الباقر: لمّا أمرصلى‌الله‌عليه‌وآله العبّاس وغيره بسدّ الأبواب وأذن لعليّ بترك بابه، جاء العبّاس وغيره من آل محمّد، فقالوا: يا رسول الله ما بال عليّ يدخل ويخرج؟ فقال رسول الله: ذاك إلى الله فسلّموا لله حكمه، هذا جبرئيل جاءني عن الله عزّ وجلّ بذلك، ثمّ أخذهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما كان يأخذه إذا نزل الوحي، فسرّي عنه، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عبّاس، يا عمّ رسول الله، إنّ جبرئيل يخبرني عن الله « انّ عليّا لم يفارقك في وحدتك، وآنسك في وحشتك، فلا تفارقه في مسجدك »، لو رأيت عليّا وهو تيضوّر على فراش محمّد واقيا روحه بروحه، متعرضا لأعدائه، مستسلما لهم أن يقتلوه، كافيا شرّ قتلهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لعلمت أنّه يستحقّ من محمّد الكرامة والتفضيل، ومن الله التعظيم والتبجيل، إنّ عليّا قد انفرد عن الخلق في المبيت على فراش محمّد، ووقاية روحه بروحه، فأفرده الله تعالى دونهم بسلوكه في مسجده.

ولو رأيت عليّا - يا عمّ رسول الله - وعظيم منزلته عند ربّ العالمين، وشريف محلّه

٣٠١

عند الملائكة المقرّبين، وعظيم شأنه في أعلى علّيين، لا ستقللت ما تراه له هاهنا.

إيّاك يا عمّ رسول الله أن تجد له في قلبك مكروها فتصير كأخيك أبي لهب، فإنّكما شقيقان.

يا عمّ رسول الله، لو أبغض عليّا أهل السماوات والأرضين لأهلكهم الله ببغضه، ولو أحبّه الكفّار أجمعون لأثابهم الله عن محبّته بالعاقبة المحمودة؛ بأن يوفّقهم للإيمان ثمّ يدخلهم الجنّة برحمته.

يا عمّ رسول الله، إنّ شأن عليّ عظيم، إنّ حال عليّ جليل، إنّ وزن عليّ ثقيل، ما وضع حبّ عليّ في ميزان أحد إلاّ رجح على سيئاته، ولا وضع بغضه في ميزان إلاّ رجح على حسناته.

فقال العبّاس: قد سلّمت ورضيت يا رسول الله.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عمّ، انظر إلى السماء، فنظر العبّاس، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما ذا ترى؟ قال: أرى شمسا طالعة نقيّة من سماء صافيه جليّة، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عمّ رسول الله، إنّ حسن تسليمك لما وهب الله عزّ وجلّ لعلي من الفضيلة أحسن من هذه الشمس في هذه السماء، وعظم بركة هذا التسليم عليك أكثر من عظيم بركة هذه الشمس على النبات والحبوب والثمار حيث تنضجها وتنميها وتربّيها، فاعلم أنّه قد صافاك بتسليمك لعلي قبيلة من الملائكة المقربين أكثر من عدد قطر المطر وورق الشجر ورمل عالج وعدد شعور الحيوانات وأصناف النباتات، وعدد خطى بني آدم وأنفاسهم وألفاظهم وألحاظهم؛ كلّ يقولون: اللهم صلّ على العبّاس، عمّ نبيّك في تسليمه لنبيّك فضل أخيه عليّ، فاحمد الله واشكره، فلقد عظم ربحك وجلّت رتبتك في ملكوت السماوات.

ولتسليمه لعلي بالولاية جاء التسليم عليه في زيارة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من البعد - كما في مفاتيح الجنان (٦١٨) نقلا عن المفيد والشهيد والسيّد ابن طاوس - حيث جاء في الزيارة « السلام عليك وعلى أهل بيتك الطيّبين الطاهرين الهادين المهديّين السلام على عمّك حمزة سيّد الشهداء، السلام على عمّك العبّاس بن عبد المطّلب، السلام على عمّك وكفيلك أبي طالب، السلام على ابن عمّك جعفر الطيّار في جنان الخلد ».

وقال العبّاس لعليعليه‌السلام - حين قلع عمر ميزاب العبّاس عن ظهر الكعبة -: يا بن أخي،

٣٠٢

إنّه كان لي عينان أنظر بهما، فمضت إحداهما وهي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبقيت الأخرى وهي أنت يا عليّ انظر بحار الأنوار ( ج ٨؛ ٢٤٤ ).

وفي إرشاد القلوب للديلمي ( ٣٩٠، ٣٩١ ) ذكر مشادّة وقعت للعبّاس وعليّعليه‌السلام مع أبي بكر، فيها قول العبّاس لعليعليه‌السلام : يا بن أخي أليس قد كفيتك؟ وإن شئت حتّى أعود إليه فاعرّفه مكانه وأنزع عنه سلطانه، فأقسم عليه عليّعليه‌السلام فسكت.

وفيه (٤٠٣) مرفوعا إلى سلمان الفارسيرضي‌الله‌عنه ، قال: كنت جالسا عند النبي المكرّم، إذ دخل العبّاس بن عبد المطّلب، فسلّم، فردّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عليه ورحّب به، فقال: يا رسول الله بم فضّل علينا عليّ بن أبي طالب أهل البيت، والمعادن واحدة؟ فقال له النبي المكرم: إذن أخبرك يا عمّ [ ثمّ ذكر له أنّ الله خلقه وخلق عليّا قبل خلق العالم، ثمّ مزج روحيهما، وخلق من نورهما نور الحسن والحسين وفاطمة ] قال سلمان: فخرج العبّاس فلقيه أمير المؤمنين، فضمّه إلى صدره، فقبّل ما بين عينيه، فقال: بأبي عترة المصطفى من أهل بيت، ما أكرمكم على الله.

وقد أكّد النبي البيعة لعلي على العبّاس قبل وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لعلمه بما ستؤول إليه الأمور من ظلم عليّ وغضب حقّه، ولذلك أطبق المؤرّخون على أنّ العبّاس وقف بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بجانب عليّعليه‌السلام ودعا إلى بيعته، فقال له: امدد يدك أبايعك، فيقول الناس: عمّ رسول الله بايع ابن عمّه فلا يختلف عليك اثنان. انظر في هذا الأحكام السلطانيّة للماورديّ (٤) وتاريخ دمشق ( ج ٧؛ ٢٤٥ ) والصراط المستقيم ( ج ٣؛ ١٥٨ ) وطبقات ابن سعد ( ج ٢؛ ٢٤٦ ) والإمامة والسياسة ( ج ١؛ ٢١ ) والدرجات الرفيعة (٩٧).

وفي شرح النهج لابن ميثم ( ج ٢؛ ٢٦ ) أنّ عليّا امتنع من البيعة لأبي بكر بعد وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وامتنع معه جماعة بني هاشم كالزبير والعبّاس وبنيه وغيرهم، وقالوا: لا نبايع إلاّ عليّا.

وفي الإمامة والسياسة ( ج ١؛ ٢١ ) قول العبّاس لعليعليه‌السلام : ابسط يدك أبايعك ويبايعك أهل بيتي.

وفيه ( ج ١؛ ٩٨ ) قول العبّاس لعلي: فقد أوصيت عبد الله بطاعتك وبعثته على

٣٠٣

متابعتك، وأو جرته محبّتك. فكان العبّاس يوالي عليّا، وقد ناصره ودعا إلى بيعته، وأمر ولده وأهل بيته بذلك لمعرفته بحقّ عليّعليه‌السلام بالإمامة والولاية.

وفي شرح النهج ( ج ٦؛ ١٨ ) نقلا عن كتاب السقيفة للجوهريّ، أنّ أبا سفيان قال للعبّاس: يا أبا الفضل أنت أحقّ بميراث ابن أختك، امدد يدك لأبايعك فلا يختلف عليك الناس بعد بيعتي إيّاك، فضحك العبّاس، وقال: يا أبا سفيان، يدفعها عليّ ويطلبها العبّاس؟!

وانظر في عدم مبايعة العبّاس لأبي بكر وانضمامه إلى عليّ ومحاجته للشيخين، وأنّه كان من المتحصنين في الدار حين أراد عمر أن يحرق عليهم البيت، انظر تاريخ اليعقوبي ( ج ٢؛ ١٢٤ - ١٢٦ ) وسليم بن قيس (٧٧) والعقد الفريد ( ج ٥؛ ١٣ ) والإمامة والسياسة ( ج ١؛ ٢٨ ).

وفي الصراط المستقيم ( ج ٣؛ ١٠٦ ) قال: وأخرج مسلم أنّه قيل للزهريّ: لم يبايع عليّ ستّة أشهر؟ فقال: لا والله ولا واحد من بني هاشم.

وقد مرّت في ثنايا تخريجاتنا السالفة أكثر مطالب هذه الطّرفة، ودلّت عليها رواية تفسير الإمام العسكريّ أيضا، فانظر ما سلف.

فمن صدّق عليّا ووازره وأطاعه ونصره وقبله وأدى ما عليه من فرائض الله فقد بلغ حقيقة الإيمان

لقد دلّت الروايات من طرق الفريقين على أنّ الأعمال لا تقبل بدون ولاية عليّ بن أبي طالب، وأنّ المرء لو عبد الله ما عبده حتّى يكون كالشنّ البالي ثمّ جاء ببغض عليّ لأدخله الله النار، واستقصاء الروايات في ذلك يحتاج - بلا مبالغة - إلى مجلدات وأسفار، لكننا هنا نشير إلى بعضها لئلاّ يخلو منها الكتاب.

ففي إرشاد القلوب (٢٥٣): روي عن ابن عباس، قال: سأل رجل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن عمل يدخل به الجنّة، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : صلّ المكتوبات، وصم شهر رمضان، واغتسل من الجنابة، وأحبّ عليّا وادخل الجنّة من أيّ باب شئت، فو الّذي بعثني بالحقّ لو صلّيت

٣٠٤

ألف عام، وحججت ألف حجّة، وغزوت ألف غزوة، وأعتقت ألف رقبة، وقرأت التوراة والانجيل والزبور والفرقان، ولقيت الأنبياء كلّهم، وعبدت الله مع كلّ نبي ألف عام، وجاهدت معهم ألف غزوة، وحججت مع كلّ نبي ألف حجّة، ثمّ متّ ولم يكن في قلبك حبّ عليّ وأولاده، أدخلك الله النار مع المنافقين.

وفيه (٢٥٣) عن الصادقعليه‌السلام : أنّ الله تعالى ضمن للمؤمنين ضمانا، قال: قلت: وما هو؟ قال: ضمن له إن أقرّ لله بالربوبيّة، ولمحمّد بالنبوّة، ولعلي بالإمامة، وأدّى ما افترض عليه، أن يسكنه في جواره وهو في كشف الغمّة ( ج ١؛ ٣٨٩ ) أيضا.

وفي تفسير العيّاشي ( ج ٢؛ ١٢٣ ) عن هشام بن عجلان، قال: قلت للصادقعليه‌السلام : أسألك عن شيء لا أسأل عنه أحدا، أسألك عن الإيمان الذي لا يسع الناس جهله؟ فقالعليه‌السلام : شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمّدا رسول الله، والإقرار بما جاء من عند الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحجّ البيت، وصوم شهر رمضان، والولاية لنا، والبراءة من عدونا، وتكون من الصدّيقين.

وفي مناقب ابن المغازلي (٤٠) بسنده عن موسى بن إسماعيل، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه عليّعليهم‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أسبغ وضوءه، وأحسن صلاته، وأدّى زكاة ماله، وكفّ غضبه، وسجن لسانه، وبذل معروفه، واستغفر لذنبه، وأدّى النصيحة لأهل بيتي، فقد استكمل حقائق الإيمان، وأبواب الجنّة له مفتّحة.

وفي أمالي المفيد (١٣٩) بسنده عن أبي هارون العبديّ، قال: كنت أرى رأي الخوارج لا رأي لي غيره، حتّى جلست إلى أبي سعيد الخدريّ، فسمعته يقول: أمر الناس بخمس، فعملوا بأربع وتركوا واحدة، فقال له رجل: يا أبا سعيد ما هذه الأربع الّتي عملوا بها؟ قال: الصلاة، والزكاة، والحجّ، وصوم شهر رمضان، قال: فما الواحدة الّتي تركوها؟ قال: ولاية عليّ بن أبي طالب! قال الرجل: وإنّها لمفترضة معهنّ؟ قال أبو سعيد: نعم وربّ الكعبة، قال الرجل: فقد كفر الناس إذن؟! قال أبو سعيد: فما ذنبي. وهي أيضا

٣٠٥

في المسترشد (٤٧٥) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ١٩٩ ).

وانظر الفرائض مقرونة أو مختومة بالولاية لعلي وولدهعليهم‌السلام في إثبات الوصيّة (١٠١) والاحتجاج ( ج ١؛ ١٤٨ ) وكتاب سليم بن قيس (١٨٨) وكفاية الأثر ( ٢٨٣، ٢٨٤ ) في شروط الإسلام الّتي عرضها عبد العظيم الحسني على الإمام الهادي، وقول الإمام له: « هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده »، وأمالي الطوسي (١٢٤) وتفسير العيّاشي ( ج ١؛ ٣٢٢ ) وبشارة المصطفى (١٠٨) والخصال ( ٤٣٢، ٤٣٣ ) وتفسير القمّي ( ج ١؛ ١٦٢ ) والكافي ( ج ١؛ ٢٠٠، ٢٨٩، ٢٩٠ ) و ( ج ٢؛ ١٨ ) وتفسير فرات (١٠٩).

وفي كفاية الأثر (١١٠) والصراط المستقيم ( ج ٢؛ ١١٦ ) عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: لا يتم الإيمان إلاّ بمحبّتنا أهل البيت، وإنّ الله تعالى عهد إليّ أنّه لا يحبّنا أهل البيت إلاّ مؤمن تقي ولا يبغضنا إلاّ منافق شقّي.

وفي شرح النهج ( ج ٦؛ ٢١٧ ) قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : والله لا يبغضه [ أي عليّاعليه‌السلام ] أحد من أهل بيتي ولا من غيرهم من الناس إلاّ وهو خارج من الإيمان.

وفي تاريخ بغداد ( ج ٤؛ ٤١٠ ) وكنوز الحقائق (٩٣) وبشارة المصطفى (١٥٤) قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : عنوان صحيفة المؤمن حبّ عليّ بن أبي طالب. وهو حديث مخرّج في الصحاح والمسانيد الإماميّة، والعاميّة وقد ذاع صيته في الآفاق، وهو أشهر من أن يخفى.

وفي المسترشد (٢٩٢) قال عليّعليه‌السلام - في خطبة له -: حبّنا أهل البيت والإيمان معا.

وفي نهج الحقّ (٢٣٢) قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يقبل الله إيمان عبد إلاّ بولايته والبراءة من أعدائه. وهو في المناقب عن الصادق كما في ينابيع المودّة ( ج ١؛ ١٢١ ) وكفاية الطالب (٢٥١).

وانظر في أنّ الإيمان لا يتم إلاّ بولايتهعليه‌السلام ، والبراءة من أعدائه، الخصال (٣٤٦) واليقين (٣٥٣) وبصائر الدرجات (٤٣٣) وكفاية الأثر (١٢١) وتفسير فرات ( ٢٨٣، ٢٨٥، ٣١٠ ) والصراط المستقيم ( ج ٢؛ ١١٦ ) وتفسير العيّاشي ( ج ١؛ ٢٨٥، ٢٨٦، ٣٢٦، ٣٩٦، ٤١٣ ) والكافي ( ج ١؛ ١٨١، ١٨٢، ١٨٥، ١٩٣، ١٩٤، ٢٠٨، ٢٠٩ ) وينابيع المودّة ( ج ٢؛ ١٢٨ ).

٣٠٦

وفي الكافي ( ج ١؛ ٣٩١ ) بسنده، عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال: من سرّه أن يستكمل الإيمان كلّه فليقل: القول منّي في جميع الأشياء قول آل محمّد، فيما اسروا وما أعلنوا، وفيما بلغني عنهم وفيما لم يبلغني.

بل إنّ عمر بن الخطّاب كان قد سمع ذلك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال مشيرا إلى عليّعليه‌السلام : هذا مولاي ومولى كلّ مؤمن، ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن. انظر الرياض النضرة ( ج ٢؛ ١٧٠ ) ومناقب الخوارزمي (٩٧) والصواعق المحرقة (١٠٧) وذخائر العقبى (٦٨) وفرائد السمطين ( ج ١؛ ٧٨، ٧٩ / الأحاديث ٤٦، ٤٧، ٤٨، ٤٩ ).

وفي دلائل الإمامة (٢٣٧) بسنده، أنّ سلمان قال لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وهل يكون إيمان بغير معرفة [ أي معرفة الأئمة ] بأسمائهم وأنسابهم؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا.

٣٠٧

٣٠٨

الطّرفة العاشرة

روى هذه الطّرفة - عن كتاب الطّرف - العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٤٧٦، ٤٧٧ ) ونقلها العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٩٠ ) باختصار.

لقد ذكرت المصادر الإسلاميّة، وروت كتب الفريقين، خطبة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند منصرفه من حجّة الوداع، ومن ثمّ خطبته في المدينة قبل وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبلّغ في كلا الموضعين - غير المواضع الأخرى الكثيرة - ولاية عليّعليه‌السلام ، وأوصى المسلمين بالتمسّك بكتاب الله وعترته أهل بيته. وهذا ممّا لا يتنازع في صدوره عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله اثنان.

وأمّا سبب تخصيص هذه الطّرفة بالأنصار، فلأنّهم أطوع الناس للرسول والوصي، ولم تكن في قلوبهم الأحقاد الّتي كانت في صدور المهاجرين - أعني قريشا - لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام ، الّذي وترهم في الله بسيفه، وقد صرّحت الزهراءعليها‌السلام بذلك في خطبتها بعد غصب حقّها، وصرّح عليّعليه‌السلام طيلة عمره الشريف بظلم قريش له وحقدهم عليه وحسدهم له، بخلاف الأنصار الذين آزروا عليّا ونصروه وتابعوه حتّى آخر لحظة من عمره، حتّى أنّه لم يتخلّف عن بيعته - بعد عثمان - سوى نفر من الأنصار لا يتجاوزون عدد الأصابع، بخلاف قريش الّتي حاربته وألّبت عليه، وقد ثبت في التواريخ والسير أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مدح الأنصار، وأوصى بهم، وشكر لهم نصرتهم للإسلام، وبذلهم الأموال، ومواساتهم للمسلمين، وهذا بمنزلة الضروري من المطالب.

٣٠٩

قال لهمصلى‌الله‌عليه‌وآله : كتاب الله وأهل بيتي فإنّ اللّطيف الخبير أخبرني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض

اعلم أنّ حديث الثقلين من الأحاديث المتواترة عند الفريقين، قال المناوي في فيض القدير ( ج ٣؛ ١٤ ): « قال السمهوديّ: وفي الباب ما يزيد عن عشرين من الصحابة »، وقال ابن حجر في الصواعق المحرقة (١٣٦): « اعلم أنّ الحديث التمسك بذلك طرقا كثيرة، وردت عن نيّف وعشرين صحابيا ».

وقد رواه عن النبي أكثر من ثلاثين صحابيا، وما لا يقل عن ثلاثمائة عالم من كبار علماء أهل السنة. انظر نفحات الأزهار ( ج ١؛ ١٨٥، ١٨٦ ).

وقد أفرد العلاّمة السيّد مير حامد حسين جزءين من « عبقات الأنوار » في طرق هذا الحديث، وانظر بعض تخريجاته في كتاب قادتنا ( ج ٧؛ ٣٥٤ - ٣٧٣ ).

وفي أمالي الطوسي (٢٥٥) بسنده، عن أبي سعيد الخدريّ، أنّه سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: إنّي تارك فيكم الثقلين، ألا إنّ أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض. وقال: ألا إنّ أهل بيتي عيبتي الّتي آوي إليها، وإنّ الأنصار كرشي، فاعفوا عن مسيئهم وأعينوا محسنهم.

وفي صحيح مسلم ( ج ٧؛ ١٢٢ / باب فضائل عليّ ) ما روى بإسناده عن زيد بن أرقم، قال فيه: قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوما فينا خطيبا بماء يدعى خمّا بين مكّة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكّر، ثمّ قال: أما بعد، ألا أيّها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربّي، فأجيب، وأنا تارك فيكم الثقلين: أوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه، ثمّ قال: وأهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي.

فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ فقال: نساؤه من أهل بيته؟! ولكنّ أهل بيته من حرم الصدقة عليه بعده.

وفي حديث آخر أخرجه مسلم في صحيحه ( ج ٧؛ ١٢٣ ) عن زيد، وفيه: فقلنا: من

٣١٠

أهل بيته، نساؤه؟ قال: لا، وأيم الله إنّ المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر، ثمّ يطلّقها فترجع إلى أبيها وقومها، أهل بيته أصله وعصبته الّذين حرموا الصدقة بعده.

وقال ابن حجر في الصواعق المحرقة (١٣٧) ثمّ أحقّ من يتمسك به منهم إمامهم عليّ ابن أبي طالب، لما قلنا من مزيد علمه ودقائق مستنبطاته.

وفي كتاب مائة منقبة لابن شاذان ( ١٤٠ / المنقبة ٨٦ ) رواه بسنده عن زيد بن ثابت، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعليّ بن أبي طالب.

وفي معاني الأخبار (٩١) قال: فقام إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله جابر بن عبد الله، فقال: يا رسول الله ومن عترتك؟ قال: عليّ والحسن والحسين والأئمّة من ولد الحسين إلى يوم القيامة.

وانظر بعض تخريجات حديث الثقلين في تفسير العيّاشي ( ج ١؛ ١٥، ١٦ ) وتفسير القمّي ( ج ١؛ ١٧٢، ١٧٣ ) وأمالي الطوسي ( ١٦٢، ٥٤٨ ) وكشف الغمّة ( ج ١؛ ٤٩ ) وتقريب المعارف (١١١) ومعاني الأخبار ( ٩٠، ٩١ ) وفيه خمسة أحاديث، ونهج الحق ( ٢٢٥ - ٢٢٨ ) والعمدة لابن البطريق ( ٦٨ - ٧٦ ) وفيه أحد عشر حديثا، والكافي ( ج ١؛ ٢٩٤ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٤١ ).

وجواهر العقدين المخطوط (١٧٢) وكنز العمال ( ج ١٣؛ ١٤٠ ) وشرح النهج ( ج ٦؛ ٣٧٥ ) وينابيع المودّة ( ج ١؛ ٢٠، ٢٩ ) وسنن الترمذيّ ( ج ٥؛ ٣٢٩ ) والدرّ المنثور ( ج ٦؛ ٧ ) ومسند أحمد ( ج ٢؛ ٥٨٥ ) و ( ج ٣؛ ٢٦ ) و ( ج ٤؛ ٣٦٦ ) والسنن الكبرى ( ج ٢؛ ١٤٨ ) ونظم درر السمطين (٢٣١) وتذكرة الخواص (٣٢٢) ومناقب ابن المغازلي ( ١٨، ٢٣٥ ) وصحيح مسلم ( ج ٤؛ ١٨٧٣ / باب فضائل عليّ ) وفيه عدّة أحاديث، وسنن ابن ماجة ( ج ٢؛ ٤٧٩ / باب افتراق الأمم ) وسنن أبي داود ( ج ٤؛ ١٩٧، ١٩٨ ) ومجمع الزوائد ( ج ٩؛ ١٦٣ ) وكفاية الطالب (٥٢) وأسد الغابة ( ج ٢؛ ١٢ ).

وهاهنا ملاحظة لا بدّ من التنبيه عليها، وهي أنّ الأسانيد الصحاح روت هذا الحديث في أماكن مختلفة، وأنّ النبي قاله في مواطن متعددة.

ففي الصواعق المحرقة (١٣٦) قال ابن حجر: اعلم أنّ لحديث التمسك بذلك طرقا كثيرة،

٣١١

وردت عن نيّف وعشرين صحابيا، وفي بعض تلك الطرق أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال ذلك بحجّة الوداع بعرفة، وفي أخرى أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله قاله بالمدينة في مرضه وقد امتلأت الحجرة بأصحابه، وفي أخرى أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال ذلك بغدير خمّ، وفي أخرى أنّه لمّا قام خطيبا بعد انصرافه من الطائف، ولا تنافي؛ إذ لا مانع من أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله كرر عليهم ذلك في هذه المواطن وغيرها، اهتماما بشأن الكتاب العزيز والعترة الطاهرة.

ألا وإن الإسلام سقف تحته دعامة الدعامة دعامة الإسلام، وذلك قوله تعالى:( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) (١) فالعمل الصالح طاعة الإمام ولي الأمر والتمسك بحبل الله

يدلّ على هذا المطلب كلّ ما دلّ على أنّ قبول الفرائض والأعمال مشروط بمعرفة الأئمّةعليهم‌السلام ، كما مرّ تخريجه؛ فإنّ دعائم الإسلام كلّها تنتهي إلى دعامة طاعة الإمام ومتابعته ومعرفته، وقد ورد التصريح بذلك في روايات أهل البيتعليهم‌السلام وأنّهم دعائم الإسلام.

ففي تفسير القمّي ( ج ٢؛ ٢٠٨ ) عن الصادقعليه‌السلام : وقوله:( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) (٢) ، قال: كلمة الإخلاص، والإقرار بما جاء من عند الله من الفرائض، والولاية ترفع العمل الصالح إلى الله.

وعن الصادقعليه‌السلام أنّه قال:( الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ) قول المؤمن « لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله، عليّ ولي الله وخليفة رسول الله »، وقال:( وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ ) الاعتقاد بالقلب أنّ هذا هو الحقّ من عند الله لا شكّ فيه من ربّ العالمين. وانظر تفسير البرهان ( ج ٣؛ ٣٥٩ / الحديث ٦ ) نقلا عن القمّي.

وفي البرهان ( ج ٣؛ ٣٥٨ / الحديث ١ ) نقلا عن الكليني بسنده إلى الصادقعليه‌السلام ، قال:

__________________

(١) فاطر؛ ١٠

(٢) فاطر؛ ١٠

٣١٢

( الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) ولا يتنا أهل البيت - وأهوى بيده إلى صدره - فمن لم يتولّنا لم يرفع الله له عملا.

وفي أمالي المفيد (٢١٧) بسنده، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : يا عليّ أنا وأنت وابناك الحسن والحسين، وتسعة من ولد الحسين أركان الدين ودعائم الإسلام. وروى مثله ابن جرير الطبريّ الإمامي في بشارة المصطفى (٤٩) ورواه والد الشيخ الصدوق في الإمامة والتبصرة (١١١) وفيه زيادة « من تبعنا نجا ومن تخلف عنّا فإلى النار ».

وفي بصائر الدرجات (٨٣) بسنده إلى الباقرعليه‌السلام قال: ونحن دعائم الإسلام.

وفي ينابيع المودّة ( ج ٣؛ ١٤٧ ) عن الإمام الباقرعليه‌السلام ، قال: نحن حجج الله، ونحن أركان الإيمان، ونحن دعائم الإسلام. نقله عن فرائد السمطين ( ج ٢؛ ٢٥٣ ) بسنده إلى الباقرعليه‌السلام .

وفي أمالي الصدوق (٥٠٠) بسنده عن عليّعليه‌السلام ، أنّه قال لقنبر: يا قنبر ألا إنّ لكلّ شيء دعامة، ودعامة الإسلام الشيعة.

وفي أمالي المفيد (٣٥٣) بسنده إلى الصادقعليه‌السلام ، قال: بني الإسلام على خمس دعائم: إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم شهر رمضان، وحجّ البيت الحرام، والولاية لنا أهل البيت. ورواه الصدوق في أماليه (٢٢١) والطبريّ الإمامي في بشارة المصطفى (٦٩).

وفي تفسير العيّاشي ( ج ١؛ ٢٧٩ ) عن يحيى السري، قال: قلت للصادق: أخبرني عن دعائم الإسلام الّتي بني عليها الدين، ولا يسع أحد التقصير في شيء منها؛ الّتي من قصر عن معرفة شيء منها فسد عليه دينه ولم يقبل منه عمله، ومن عرفها وعمل بها صلح له دينه وقبل منه عمله، ولم يضرّ ما هو فيه بجهل شيء من الأمور إن جهله؟ فقالعليه‌السلام : نعم، شهادة أن لا إله إلاّ الله، والإيمان برسوله، والإقرار بما جاء من عند الله، وحقّ من الأموال الزكاة، والولاية الّتي أمر الله بها ولاية آل محمّد ومثله في ينابيع المودّة ( ج ١؛ ١١٦ ).

وانظر الكافي ( ج ٢؛ ١٨ - ٢٠ ) ففيه خمسة عشر حديثا في دعائم الإسلام وأنّها مشروطة بالإمامة والولاية لأهل بيت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وكتب الصدوقرحمه‌الله - الذي تعد أقواله مضامين الروايات - لمن سأله عن وصف

٣١٣

دين الإماميّة على الإيجاز والاختصار: إنّ الدعائم الّتي بني عليها خمس: الصلاة والزكاة والصوم والحج وولاية النبي والأئمّة من بعده، وهم اثنا عشر؛ أوّلهم أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام وآخرهم الحجّة بن الحسنعليهم‌السلام .

الله الله في أهل بيتي، مصابيح الهدى، ومعادن العلم، وينابيع الحكم

هذا وما سيأتي في الطّرفة (٢٠) من قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الله الله في أهل بيتي، فإنّهم أركان الدين ومصابيح الظلم ومعدن العلم » مضمون واحد.

وهذا المضمون لا يكاد يحصى في روايات أهل البيت، وفي روايات العامة أيضا، وهو مذكور في جلّ المصادر والكتب الّتي خرّجت حديث الثقلين، وبيعة غدير خم، فراجعها.

وفي الكافي ( ج ١؛ ٢٢١ ) عقد بابا أسند فيه ثلاثة أحاديث تحت عنوان « أنّ الأئمّة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة »، في الثالث منها بإسناده إلى الصادقعليه‌السلام أنّه قال لخيثمة: يا خيثمة، نحن شجرة النبوة، وبيت الرحمة، ومفاتيح الحكمة، ومعدن العلم، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، وموضع سرّ الله، ونحن وديعة الله في عباده، ونحن حرم الله الأكبر، ونحن ذمّة الله، ونحن عهد الله، فمن وفى بعهدنا فقد وفي بعهد الله، ومن خفرها فقد خفر ذمة الله وعهده.

وفي بصائر الدرجات ( ٣٨٢ - ٣٨٥ ) عقد ابن فروخ الصفّار في الجزء السابع / الباب ١٩ في ذلك، تحت عنوان « ما جاء عن الأئمّة من أحاديث رسول الله الّتي صارت إلى العامّة وما خصّوا به من دونهم ».

وفي الحديث التاسع من الباب المذكور بسنده عن عليّعليه‌السلام أنّه: صعد على منبر الكوفة، فحمد الله وأثنى عليه وشهد بشهادة الحقّ، ثمّ قال: إنّ الله بعث محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله بالرسالة، واختصّه بالنبوّة، وأنبأه بالوحي، وأنال الناس وأنال، وفينا أهل البيت معاقل العلم، وأبواب الحكم، وضياء الأمر، فمن يحبّنا أهل البيت ينفعه إيمانه ويقبل عمله، ومن لا يحبّنا أهل البيت فلا ينفعه إيمانه ولا يقبل منه عمله ولو صام النهار وقام اللّيل.

٣١٤

وفي المسترشد (٢٩٢) قال عليّ في خطبة له: نحن والله الّذي لا إله غيره أئمّة العرب ومنار الهدى ...

وفي فرائد السمطين ( ج ١؛ ٤٤ ) وينابيع المودّة ( ج ١؛ ٢٠ ) قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : نحن أهل البيت مفاتيح الرحمة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، ومعدن العلم.

وفي بشارة المصطفى (١٦) بسنده، أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: عليّ وفاطمة والحسن والحسين أهل بيتي وثقلي.

وقد نبّهنا على أنّ الأحاديث في مضمون الطّرفة كثيرة جدا يصعب حصرها، حتّى أنّ الأئمّة كانوا يقولون: إنّ في بيوتنا زغب جناح جبرئيل، كما في بصائر الدرجات ( ٣١، ٣٢ ) بأسانيده إلى الحسين والسجاد والصادقعليهم‌السلام ، وإنّما اقتصرنا على بعض ما ورد في ذلك، فإنّها لا يكاد يخلو منها كتاب من كتب الإماميّة.

ومن هو منّي بمنزلة هارون من موسى

حديث المنزلة من الأحاديث المتواترة عند المسلمين، وقد رواه الأئمّة والحفّاظ في كتبهم وتصانيفهم، وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يصدع به على رءوس الملأ من المسلمين، وفي عدّة مواطن، وقد رواه جمّ غفير من الصحابة، كما روي عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ، فلا يكاد يخلو منه مصنف إمامي، وهو موجود في احتجاجات الإمام عليّعليه‌السلام ومناشداته في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفي الشورى، وبعد بيعة عثمان، وفي الرحبة، وفي الكوفة، وقد رواه الأعلام، حتّى قال أبو الصلاح الحلبي في تقريب المعارف (٢٠٥): « إنّ كلّ ناقل لغزاة تبوك ناقل لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي ».

وخلاصة الحادثة هي ما رواه أبو جعفر الطبريّ الإمامي في بشارة المصطفى (٢٠٥) عن سعد بن مالك، قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله غزا [ غزوة تبوك ] على ناقته الحمراء، وخلف عليّا، فنفست عليه قريش، وقالوا: إنّما خلّفه لما استثقله وكره صحبته، فجاء عليّعليه‌السلام حتّى أخذ بغرز الناقة، فقال: يا نبي الله لأتبعنّك - أو إنّي تابعك - زعمت قريش أنّك لما استثقلتني

٣١٥

وكرهت صحبتي، قال: وبكى عليّعليه‌السلام ، فنادى رسول الله في الناس فاجتمعوا، فقال: يا أيها الناس ما منكم من أحد إلاّ وله خاصة، ثمّ قال لعلي: أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي؟ قالعليه‌السلام : رضيت عن الله وعن رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وهذا أشهر موارد الحديث، فإنّ النبي بلّغ ذلك للمسلمين في موارد وأماكن أخرى تظهر بمتابعة المرويّات.

انظر الكافي ( ج ٨؛ ١٠٧ ) وتفسير العيّاشي ( ج ٢؛ ١٣٥ ) وتفسير القمّي ( ج ٢؛ ١٠٩ ) وتفسير فرات ( ١٣٧، ١٥٩، ٣٤٢، ٤٢١ ) وبشارة المصطفى ( ١٤٧، ١٥٥، ١٦٧، ٢٠٣ ) وأمالي الصدوق ( ٤٧، ٨١، ١٤٧، ٢٦٦، ٣٣٢ ) والاحتجاج ( ج ١؛ ٥١، ٧٥ ) والإرشاد (٨٣) وكشف الغمّة ( ج ١؛ ٢٨٨ ) وأمالي الطوسي ( ٥٤٨، ٥٥٥، ٥٦٠ ) والخصال ( ٥٥٤، ٥٧٢ ) وكتاب سليم بن قيس: ١١٨، وورد في أكثر من خمسة عشر موردا من الكتاب، وأمالي المفيد (٧٥٧) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ١٨٦ - ١٩١ ) و ( ج ٣؛ ١٥، ١٦ ).

وتاريخ دمشق ( ج ١؛ ٣٣٤ / الحديثان برقم ٤٠٣ و ٤٠٤ ) ومجمع الزوائد ( ج ٩؛ ١١٠ ) وأسنى المطالب ( ٢٧ و ٢٩ / الباب السادس - الحديثان ٩ و ٢٣ ) ومطالب السئول (٤٣) ومناقب الخوارزمي (٢١١) وكفاية الطالب (١١) ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ( ج ٥؛ ٣١ ) ومناقب ابن المغازلي ( ٢٧ - ٣٧ ) وصحيح مسلم ( ج ٤؛ ١٨٧٠ / باب فضائل عليّ ) وسنن ابن ماجة ( ج ١؛ ٤٢ ) وميزان الاعتدال ( ج ٣؛ ٥٤٠ ) وسنن الترمذيّ ( ج ٥؛ ٣٠٤ ) والمعيار والموازنة (٢١٩) وصحيح البخاري ( ج ٥؛ ٣ و ٢٤ / كتاب الفضائل ) ومسند أحمد ( ج ١؛ ١٧٠، ١٧٣، ١٧٥، ١٨٥ ) وسنن أبي داود ( ج ١؛ ٢٩ ) وأسد الغابة ( ج ٤؛ ٢٦ ) و ( ج ٥؛ ٨ ) وخصائص النسائي ( ١٥، ١٦ ) وكنز العمال ( ج ٦؛ ٤٠٢ ) وذخائر العقبى (١٢٠) وتذكرة الخواص (١٩) والفصول المهمة ( ٣٨، ٣٩ ) ومستدرك الحاكم ( ج ٣؛ ١٣٢ ) والإصابة ( ج ٢؛ ٥٠٧ ) وفرائد السمطين ( ج ١؛ ١٤٩ ) وحلية الأولياء ( ج ٧؛ ١٩٥، ١٩٦ ) تاريخ بغداد ( ج ١١؛ ٤٣٢ ). وانظر بعض تخريجاته في كتاب قادتنا ( ج ٢؛ ٤١١ - ٤٢٨ ).

٣١٦

ألا إنّ باب فاطمة بابي، وبيتها بيتي، فمن هتكه هتك حجاب الله قال الكاظمعليه‌السلام : هتك والله حجاب الله وحجاب الله حجاب فاطمة

معلوم بالضرورة أنّ باب عليّ وفاطمة وبيتها، هما باب وبيت رسول الله؛ لأنها بضعته وعليّا أخوه، ومعلوم أيضا أنّ حجاب فاطمة هو حجاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وحجاب رسول الله هو حجاب الله. وهذا لا شبهة فيه ولا غبار عليه، وقد ورد في النصوص ما يدلّ عليه.

ففي شواهد التنزيل ( ج ١؛ ٥٣٤ ) بإسناده، عن أنس وبريدة، قالا: قرأ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هذه الآية( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ) (١) فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله أيّ بيوت هذه؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : بيوت الأنبياء، فقام إليه أبو بكر فقال: يا رسول الله هذا البيت منها - لبيت عليّ وفاطمة -؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : نعم، من أفاضلها.

وأسند في شواهد التنزيل ( ج ١؛ ٥٣٢ - ٥٣٤ ) ثلاثة أحاديث في ذلك، عن أبي برزة وأنس بن مالك وبريدة. ورواه الثعلبي كما في خصائص الوحي المبين (٧٩) وأخرجه ابن مردويه كما في كشف الغمّة ( ج ١؛ ٣١٩ ) والدر المنثور للسيوطي ( ج ٥؛ ٥٠ ) ورواه محمّد ابن العبّاس الماهيار كما في تفسير البرهان ( ج ٣؛ ١٣٨ ) ورواه فرات في تفسيره ( ٢٨٦، ٢٨٧ ) عن زيد بن عليّ، ورواه القمّي في تفسيره ( ج ٢؛ ١٠٤ ) عن الباقرعليه‌السلام ، ورواه الطبرسي في مجمع البيان ( ج ٤؛ ١٤٤ ) مرفوعا عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فكيف صرّحصلى‌الله‌عليه‌وآله بأنّ بيت عليّ وفاطمة من بيوت الأنبياء لو لا أنّه بيتهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيكون حجاب من فيه حجاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وحجاب الرسول حجاب الله.

ففي بصائر الدرجات (٨٤) بإسناده عن الباقرعليه‌السلام قال: بنا عبد الله وبنا عرف الله وبنا وعد الله، ومحمّد حجاب الله.

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٢٧٣ ) في قوله تعالى:( تَجْرِي بِأَعْيُنِنا ) (٢) ،

__________________

(١) النور؛ ٣٦

(٢) القمر؛ ١٤

٣١٧

عن الأعمش قال: جاء رجل مشجوج الرأس يستعدي عمرا على عليّ، فقال عليّعليه‌السلام [ في رواية الأصمعي ]: رأيته ينظر في حرم الله إلى حريم الله، فقال عمر: اذهب وقعت عليك عين من عيون الله، وحجاب من حجب الله، تلك يد الله اليمنى يضعها حيث يشاء.

وفي الخصال (٦٠٧) بسنده عن الصادقعليه‌السلام في بيان شرائع الدين، قال في كلام طويل: وحبّ أولياء الله والولاية لهم واجبة، والبراءة من أعدائهم واجبة، ومن الّذين ظلموا آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وهتكوا حجابه ...

وفي الكافي ( ج ١؛ ٣٠٠ ) بسنده عن الباقرعليه‌السلام ، قال: فخرجت [ عائشة ] مبادرة على بغل بسرج فقالت: نحّوا ابنكم [ تعني الحسنعليه‌السلام ] عن بيتي، فإنّه لا يدفن في بيتي ويهتك على رسول الله حجابه، فقال لها الحسينعليه‌السلام : قديما هتكت أنت وأبوك حجاب رسول الله ومثله بتفصيل في ( ج ١؛ ٣٠٢ ) من الكافي عن الباقرعليه‌السلام أيضا.

وسيأتي هتكهم لحجاب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله في حرقهم بابه، وشجّهم جنبي الزهراء الّتي هي روح النبي الّتي بين جنبيه، وإسقاطهم محسنا، وما فعلوه بعلي، وقد علمت أنّ محمّدا وعليّا وفاطمة وكلّ الأئمّة حجابهم حجاب الرسول، وحجاب الرسول حجاب الله.

٣١٨

الطّرفة الحادية عشر

روى هذه الطّرفة - عن كتاب الطّرف - العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٤٧٨ ) والعلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٩٠ - ٩١ ) باختصار.

ومضمون هذه الطّرفة صحيح ومتسالم عليه ومرويّ في كتب الأصحاب، إذ أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أخذ على الناس الإقرار بولاية عليّ وإمامته وإمرته للمؤمنين قبل حجّة الوداع وفيها وبعدها، وقد تقدّم مثله في حديث الثقلين، لكنّ تخصيص أخذ البيعة لوصيّه بالمهاجرين ممّا لم نعثر عليه في مصدر، ولكن يدلّ عليه أنّ المعارضين لهذه البيعة والولاية كانوا كلّهم من قريش - أي المهاجرين - وعلى رأسهم الشيخان، فإنّهما وغيرهما من قريش اعترضوا على النبي واستفهموا بقولهم: أمن الله ومن رسوله؟ فلذلك خصّهم الإمام بالذكر لأنّهم المقصودون بالذات من هذه البيعة، وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقصد تأكيد البيعة عليهم، لعلمهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأنّهم سينقضون العهد وينكثون البيعة، وسيأتي اعتراض بعضهم بعد قليل.

إنّي أعلمكم أنّي قد أوصيت وصيّي ولم أهملكم إهمال البهائم، ولم أترك من أموركم شيئا سدى

في كتاب سليم بن قيس (٢٣٦) قول ابن عبّاس في محاججة معاوية: يا معاوية أما علمت أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين بعث إلى مؤتة أمّر عليهم جعفر بن أبي طالب، ثمّ قال: إن هلك جعفر فزيد بن حارثة، فإن هلك زيد فعبد الله بن رواحة، ولم يرض لهم أن يختاروا

٣١٩

لأنفسهم، أفكان يترك أمّته لا يبيّن لهم خليفته فيهم!! بلى والله ما تركهم في عمياء ولا شبهة، بل ركب القوم ما ركبوا بعد نبيّهم، وكذبوا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهلكوا وهلك من شايعهم، وضلّوا وضلّ من تابعهم، فبعدا للقوم الظالمين.

وفي الكافي ( ج ١؛ ١٩٩ ) بسنده عن عبد العزيز بن مسلم، عن الإمام الرضاعليه‌السلام في كلام طويل له في الإمامة: إنّ الله عزّ وجلّ لم يقبض نبيّه حتّى أكمل له الدين وأنزل في حجّة الوداع - وهي آخر عمرهصلى‌الله‌عليه‌وآله -( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) (١) وأمر الإمامة من تمام الدين، ولم يمضصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى بيّن لأمّته معالم دينهم، وأوضح لهم سبيلهم، وتركهم على قصد سبيل الحقّ، وأقام لهم عليّا علما وإماما، وما ترك شيئا يحتاج إليه الأمّة إلاّ بيّنه، فمن زعم أنّ الله عزّ وجلّ لم يكمل دينه ردّ كتاب الله، ومن ردّ كتاب الله فهو كافر به ....

وانظر هذه الرواية في عيون أخبار الرضا ( ١٧١ - ١٧٥ ) وأمالي الصدوق ( ٥٣٦ - ٥٤٠ ) وإكمال الدين ( ٦٧٥ - ٦٨١ ) ومعاني الأخبار ( ٩٦ - ١٠١ ) والمنقول هنا هو صدر الرواية.

وفي تفسير فرات (٣١٦) بسنده عن ابن عبّاس في قوله تعالى:( وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ ) (٢) ، قال: قضى إليه بالوصيّة إلى يوشع بن نون، وأعلمه أنّه لم يبعث نبيّا إلاّ وقد جعل له وصيّا، وإنّي باعث نبيّا عربيّا وجاعل وصيّه عليّا، قال ابن عبّاس: فمن زعم أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يوص فقد كذب على الله وجهّل نبيّه، وقد أخبر الله نبيّه بما هو كائن إلى يوم القيامة.

والأدلّة النقليّة والعقليّة قائمة على إيصاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّه لم يترك أمّته سدى، وقد ألّفت المؤلّفات في إثبات ذلك، وسيأتيك هنا أنّ النبي أوصى وصيّه عليّا وأمرهم بالتسليم عليه بإمرة المؤمنين والتسليم له، فاعترض الشيخان وغيرهما مستفهمين بقولهما: فبأمر من الله أوصيت أم بأمرك؟!.

__________________

(١) المائدة؛ ٣

(٢) القصص؛ ٤٤

٣٢٠

فقال له: فبأمر من الله أوصيت أم بأمرك؟!

أكّد رسول الله ولاية عليّ ٧ وإمامته في مواضع شتّى، وفي مناسبات مختلفة، أوّلها بيعة الدار، وأخذصلى‌الله‌عليه‌وآله يؤكد الأمر تأكيدا عظيما قبيل وفاته والتحاقه بربّه، فأخذ على المسلمين عموما والمهاجرين خصوصا البيعة لعلي والتسليم عليه بإمرة المؤمنين، فأخذ عليهم البيعة وأمرهم بالتسليم بذلك قبل حجّة الوداع وبعدها كما في كتاب سليم بن قيس (١٦٧) وفي غدير خمّ كما في تفسير القمّي ( ج ١؛ ١٧٣، ٣٨٩ ) وإرشاد القلوب (٣٣١) وفي المدينة في نخيل بني النجّار كما في إرشاد القلوب ( ٣٢٥، ٣٢٦ ) واليقين (٢٧٢) وعند دخولهما على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في بيته أو في بيت عليّعليه‌السلام كما في الكثير من المصادر الآتي سردها، وعند ما كان عليّ مريضا فجاءوا لعيادته كما في اليقين (٣١٢) وعند ما دعاصلى‌الله‌عليه‌وآله تسعة رهط للبيعة فيهم الشيخان، وذلك قبل وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله بقليل كما في التحصين (٥٣٧) وعند ما كانوا ثمانين رجلا من العرب وأربعين من العجم كما في كتاب سليم بن قيس (١٦٤).

وكان الشيخان في كلّ ذلك يقولون: أمن الله ومن رسوله؟!، وفي بعضها يقولون: والله لا نسلّم له ما قال أبدا، وفي بعضها: ما أنزل الله هذا في عليّ وما يريد إلاّ أن يرفع بضبع ابن عمّه، وفي بعضها - بعد أن قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : وسألت ربّي أن يجعلك وصيّي - قالا: والله لصاع من تمر في شنّ بال أحبّ إلينا ممّا سأل محمّد ربّه، بل إنّ قريشا قالت للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : اعفنا من ولاية عليّ، كما في الكافي ( ج ١؛ ٤٣٤ ) إلى غير ذلك من العبارات الّتي صدرت منهما في تلك المواطن.

ففي إرشاد القلوب ( ٣٣٠، ٣٣١ ) عن حذيفة بن اليمان، قال: ورحل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأغذّ في السير مسرعا على دخول المدينة لينصب عليّا علما للناس، فلمّا كانت اللّيلة الرابعة هبط جبرئيل في آخر اللّيل فقرأ عليه( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ، وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ، إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ ) (١)

__________________

(١) المائدة؛ ٦٧

٣٢١

وهم الذين همّوا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : أما تراني يا جبرئيل أغذّ في السير مجدّا فيه لأدخل المدينة فأعرض ولاية عليّ على الشاهد والغائب؟

فقال له جبرئيل: الله يأمرك أن تفرض ولاية عليّ غدا إذا نزلت منزلك، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : نعم يا جبرئيل، غدا أفعل ذلك إن شاء الله، وأمر رسول الله بالرحيل من وقته، وسار الناس معه، حتّى نزل بغدير خمّ وصلّى بالناس، وأمرهم أن يجتمعوا إليه، ودعا عليّاعليه‌السلام ، ورفع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يد عليّ اليسرى بيده اليمنى، ورفع صوته بالولاء لعلي على الناس أجمعين، وفرض طاعته عليهم، وأمرهم أن لا يختلفوا عليه بعده، وخبّرهم أنّ ذلك عن الله، وقال لهم: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله.

ثمّ أمر الناس أن يبايعوه، فبايعه الناس جميعا ولم يتكلّم منهم أحد، وقد كان أبو بكر وعمر تقدّما إلى الجحفة فبعثصلى‌الله‌عليه‌وآله وردّهما، ثمّ قال لهما النبي متجهّما: يا ابن أبي قحافة ويا عمر بايعا عليّا بالولاية من بعدي، فقالا: أمر من الله ورسوله؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : وهل يكون مثل هذا من غير أمر من الله ومن رسوله؟! نعم أمر من الله ومن رسوله، فبايعا وانصرفا ....

وفي إرشاد القلوب ( ٣٢٥، ٣٢٦ ) قال بريدة: كنت أنا وعمّار أخي مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في نخيل بني النجّار، فدخل علينا عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فسلّم، فردّ عليه رسول الله ورددنا، ثمّ قال له: يا عليّ اجلس هناك، فدخل رجال فأمرهم رسول الله بالسلام على عليّ بإمرة المؤمنين، فسلّموا وما كادوا.

ثمّ دخل أبو بكر وعمر فسلّما، فقال لهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : سلّما على عليّ بإمرة المؤمنين، فقالا: الإمرة من الله ورسوله؟! فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : نعم [ واعترض كذلك طلحة وسعد بن مالك وعثمان وأبو عبيدة ] ثمّ أقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: اسمعوا وعوا، إنّي أمرتكم أن تسلّموا على عليّ بإمرة المؤمنين، وإن رجالا سألوني عن ذلك « عن أمر الله عزّ وجلّ أو أمر

٣٢٢

رسول الله »؟ ما كان لمحمّد أن يأتي أمرا من تلقاء نفسه، بل بوحي ربّه وأمره، والّذي نفسي بيده لئن أبيتم ونقضتموه لتكفرنّ ولتفارقنّ ما بعثني به ربّي( فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ ) (١) .

وانظر تفسير القمّي ( ج ١؛ ١٧٣، ٣٨٩ ) وكتاب سليم بن قيس ( ٨٢، ٨٨، ١٦٤، ١٦٧، ٢٥١ ) والمسترشد ( ٥٨٤، ٥٨٥ ) وتفسير العيّاشي ( ج ٢؛ ٢٩٠ ) وتقريب المعارف (٢٠٠) واليقين ( ٢٠٧، ٢٣٠، ٢٧٢، ٢٨٥، ٢٨٦، ٣٠٧، ٣٠٩، ٣١٠، ٣١٢، ٣١٦، ٣١٧، ٣٨٨، ٤٠٧ ) والتحصين ( ٥٣٧، ٥٧٤ ) وأمالي الطوسي ( ٢٨٩، ٢٩٠ ). وانظر في أقوالهم الأخرى تفسير القمّي ( ج ١؛ ٣٢٤ ) والكافي ( ج ١؛ ٢٩٥، ٤٣٤ ) و ( ج ٨؛ ٣٧٨ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٣٨ ).

وانظر نزول قوله تعالى:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) (٢) في مناقب ابن شهرآشوب حيث نقله عن أبي عبيدة والثعلبي والنقّاش وسفيان بن عيينة والرازيّ والقزويني والنيسابوريّ والطبرسي والطوسي في تفاسيرهم، وأيضا عن شرح الأخبار، ثمّ قال:

ورواه أبو نعيم الفضل بن دكين. وانظر فرائد السمطين ( ج ١؛ ٨٢، ٨٣ ) وشواهد التنزيل ( ج ٢؛ ٣٨١ - ٣٨٥ ) ففيه خمسة أحاديث، وخصائص الوحي المبين (٥٥) نقلا عن تفسير الثعلبي والنقاش. وانظر كتاب الغدير ( ج ١؛ ٢٣٩ - ٢٤٦ ) حيث نقله عن ثلاثين مصدرا. ونفحات الأزهار ( ج ٨؛ ٣٢٥ - ٣٦٠ ).

والرواية كما في الخصائص ( ٥٥ - ٥٦ ) نقلا عن الثعلبي: سئل سفيان بن عيينة عن قول الله عزّ وجلّ( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) (٣) فيمن نزلت؟ فقال: لقد سألتني عن مسألة ما سألني عنها أحد قبلك، حدّثني جعفر بن محمّد، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال:

لمّا كان رسول الله بغدير خمّ نادى الناس فاجتمعوا، فأخذ بيد عليّعليه‌السلام ، فقال: من كنت

__________________

(١) الكهف؛ ٢٩

(٢) المعارج؛ ١

(٣) المعارج؛ ١

٣٢٣

مولاه فعلي مولاه، فشاع ذلك وطار في البلاد، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري، فأتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على ناقته حتّى أتى الأبطح، فنزل عن ناقته فأناخها وعقلها، ثمّ أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو في ملأ من أصحابه، فقال: يا محمّد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّك رسول الله فقبلنا منك، وأمرتنا أن نصلّي خمسا فقبلناه منك، وأمرتنا أن نصوم شهرا فقبلناه منك، وأمرتنا أن نحجّ البيت فقبلناه، ثمّ لم ترض بهذا حتّى رفعت بضبعي ابن عمّك ففضّلته علينا، وقلت: من كنت مولاه فعليّ مولاه، فهذا شيء منك أم من الله؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : والّذي لا إله إلاّ هو إنّه من أمر الله، فولّى الحارث يريد راحلته وهو يقول: اللهم إن كان ما يقول محمّد حقّا فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، فما وصل إليها حتّى رماه الله بحجر، فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله، وأنزل الله سبحانه وتعالى( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ * لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ * مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ ) (١) .

من عصاني فقد عصى الله، ومن عصى وصيّي فقد عصاني، ومن أطاع وصيّي فقد أطاعني، ومن أطاعني فقد أطاع الله

انظر ما مرّ في الطّرفة السادسة عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « وطاعته طاعة الله ورسوله والأئمّة من ولده ».

إنّ عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام هو العلم، فمن قصر دون العلم فقد ضلّ، ومن تقدّمه تقدّم إلى النار، ومن تأخر عن العلم يمينا هلك، ومن أخذ يسارا غوى

ومثله قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الطّرفة العشرين: « خلّفت فيكم العلم الأكبر، علم الدين ونور الهدى وصيّي عليّ بن أبي طالب ».

في مجمع البحرين ( ج ٦؛ ١٢٣ ) قال الطريحي: وفي الحديث ذكر « الأعلام والمنار »،

__________________

(١) المعارج؛ ١ - ٣

٣٢٤

فالأعلام جمع علم؛ وهو الجبل الذي يعلم به الطريق وأعلام الأزمنة هم الأئمّةعليهم‌السلام ؛ لأنّهم يهتدى بهم، ومنه حديث يوم الغدير « وهو الذي نصب فيه أمير المؤمنينعليه‌السلام علما للناس ».

والذي يؤيّد هذا المعنى ما رواه ابن طاوس في التحصين (٦٠٩) بسند ينتهي إلى أبي ذرّرحمه‌الله أنّه قال في حقّ العترة الطاهرة: فهم فينا كالسماء المرفوعة، والجبال المنصوبة، والكعبة المستورة، والشجرة الزيتونة. ومثله في تفسير فرات ( ٨١، ٨٢ ).

وفي كتاب سليم بن قيس (٢٤٤) قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ أنت علم الله الأكبر. وفي هامش النسخة « العلم هنا بمعنى الراية ».

وقال العلاّمة المجلسي في مرآة العقول - في شرح قول الإمام الرضاعليه‌السلام في الكافي ( ج ١؛ ٩٩ ) « وأقام لهم عليّا علما » -: أي علامة لطريق الحقّ. وهذا التفسير جامع للمعنيين السابقين، لأنّ الجبل هو علامة على الطريق، والراية أيضا علامة يجتمعون إليها.

ونحن نذكر ما ورد من الروايات بلفظ « العلم » ثمّ نذكر ما ورد بلفظ « الراية ».

فأمّا ما ورد بلفظالعلم:

ففي بشارة المصطفى (٥٤) بسنده عن عبد الله بن عبّاس، أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليّعليه‌السلام : يا عليّ أنت العلم المرفوع لأهل الدنيا، من تبعك نجا، ومن تخلف عنك هلك.

وفيه (٣١) بسنده عن الرضاعليه‌السلام ، عن آبائه، عن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، عن جبرئيل، عن ميكائيل، عن إسرافيل، عن الله سبحانه، قال: واصطفيت عليّا وجعلته العلم الهادي من الضلالة.

وفي الكافي ( ج ١؛ ٤٣٧ ) بسنده عن الباقرعليه‌السلام ، قال: إنّ الله نصب عليّا علما بينه وبين خلقه، فمن عرفه كان مؤمنا، ومن أنكره كان كافرا، ومن جهله كان ضالاّ، ومن نصب معه شيئا كان مشركا، ومن جاء بولايته دخل الجنّة.

وفي أمالي الصدوق (٢٣٤) بسنده، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : معاشر أصحابي إنّ الله يأمركم

٣٢٥

بولاية عليّ والاقتداء به، فهو وليّكم وإمامكم من بعدي، لا تخالفوه فتكفروا، ولا تفارقوه فتضلّوا، إنّ الله جعل عليّا علما بين الإيمان والنفاق.

وفي إثبات الوصيّة (١١٠) قال عليّعليه‌السلام : فو الله لأقولنّ قولا لا يطيق أن يقوله أحد من خلقك، أنا علم الهدى، وكهف التقى، ومحل السخاء، وبحر الندى، وطود النهى، ومعدن العلم، والنور في ظلم الدجى.

وانظر روضة الواعظين ( ٩٠، ١٠٣ ) وكتاب سليم بن قيس (٢٤٤) وبصائر الدرجات (٤٣٣) وبشارة المصطفى (٣٣) وكشف اليقين (٢٣٠) والتحصين (٥٥١) وتفسير فرات ( ١١٨، ٢٠٦، ٢٦٥ ) وأمالي الطوسي ( ٣٦٥، ٤٨٦، ٤٨٧ ) وتفسير القمّي ( ج ١؛ ١٩٣ ) و ( ج ٢؛ ٥٧ ) والكافي ( ج ١؛ ١٩٩، ٢٠٣ ) وينابيع المودّة ( ج ١؛ ٢٣ ) و ( ج ٣؛ ١٤٧ ) وتذكرة الخواص (٥٠) ودرّ بحر المناقب (٤٥).

والأئمّةعليهم‌السلام كلّهم أعلام للهداية، ففي بصائر الدرجات (٨٣) بسنده عن الباقرعليه‌السلام ، قال: نحن أئمّة الهدى، ونحن مصابيح الدجى، ونحن منار الهدى، ونحن السابقون، ونحن الآخرون، ونحن العلم المرفوع للخلق.

وفي دلائل الإمامة (١٦٩) بسنده عن أبي بصير، أنّه سأل الإمام الكاظمعليه‌السلام : بم يعرف الإمام؟ قالعليه‌السلام : بخصال؛ أمّا أوّلهن فبشيء تقدّم من أبيه فيه وعرّفه الناس، ونصبه لهم علما حتّى يكون عليهم حجّة؛ لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نصّب أمير المؤمنين علما وعرّفه الناس، وكذلك الأئمّة؛ يعرّفونهم الناس وينصبونهم لهم حتّى يعرفوهم ....

وفي ينابيع المودّة ( ج ١؛ ٢٣ ) و ( ج ٣؛ ١٤٨ ) قال: وفي المناقب: خطب الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام فقال: إنّ الله أوضح بأئمّة الهدى من أهل بيت نبيه دينه، وأبلج بهم باطن ينابيع علمه، فمن عرف من الأمّة واجب حقّ إمامه وجد حلاوة إيمانه، وعلم فضل طلاوة إسلامه، لأنّ الله نصب الإمام علما لخلقه، وحجّة على أهل أرضه فلم يزل الله تبارك وتعالى يختارهم لخلقه من ولد الحسينعليه‌السلام من عقب كلّ إمام، يصطفيهم لذلك، وكلّما مضى منهم إمام نصب الله لخلقه من عقبه إماما علما بيّنا ومنارا نيّرا.

٣٢٦

وفي ينابيع المودّة ( ج ٣؛ ١٤٧ ) نقلا عن فرائد السمطين ( ج ٢؛ ٢٥٣ ) بإسناده إلى الباقرعليه‌السلام قال: ونحن العلم المرفوع للحقّ، من تمسّك بنا لحق، ومن تأخر عنّا غرق ....

وأمّا ما ورد بلفظالراية :

ففي كشف اليقين: ٢٣٠ قال العلاّمة الحلّي: ومن كتاب كفاية الطالب للحافظ أبي عبد الله الشافعي، بإسناده عن أبي بردة، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله عهد إليّ عهدا في عليّ، فقلت: يا ربّ بيّنه لي؟ فقال: اسمع، فقلت: سمعت، فقال: إنّ عليّا راية الهدى، وإمام الأولياء، ونور من أطاعني ....

وفي المسترشد (٦٢٧) أسند عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، عن جبرئيل، أنّه قال: إنّ عليّ بن أبي طالب راية الهدى من بعدك.

وهو كثير جدّا في المصادر الإماميّة، استغنينا عن الإطالة في تخريجاته بما مرّ بلفظ العلم، ونقتصر هنا على ما ورد في المصادر العامّة بلفظ « راية الهدى ». فانظر في ذلك تاريخ دمشق ( ج ٢؛ ١٨٨، ٢٢٩، ٣٣٩ ) وحلية الأولياء ( ج ١؛ ٦٦ ) وكفاية الطالب (٧٢) ومناقب ابن المغازلي (٤٦) ومناقب الخوارزمي (٢٢٠) وفرائد السمطين ( ج ١؛ ١٤٤، ١٥١، ١٥٨ ) وشرح النهج ( ج ٩؛ ١٦٧ ) والكامل لابن عدي ( ج ٧؛ ٢٦٠ ) ولسان الميزان ( ج ٦؛ ٢٣٧ ) وينابيع المودّة ( ج ١؛ ٧٨ ). وانظر خلاصة عبقات الأنوار ( ج ٥؛ ٢٨٢ ).

والأئمّةعليهم‌السلام كلهم رايات للهدى؛ ففي الإمامة والتبصرة (١٣٢) بسنده عن عبيد بن كرب، قال: سمعت عليّا يقول: إنّ لنا أهل البيت راية، من تقدّمها مرق، ومن تأخّر عنها محق، ومن تبعها لحق. ورواه الصدوق في إكمال الدين ( ٦٥٤ / الحديث ٢٣ ).

وفي ينابيع المودّة ( ج ١؛ ٢٢ ) قال: وأخرج الحافظ عمرو بن بحر في كتابه: حدّثني أبو عبيدة، عن جعفر الصادقعليه‌السلام ، عن آبائهعليهم‌السلام : أنّ عليّا خطب بالمدينة بعد بيعة الناس له، وقال: ألا إنّ أبرار عترتي، وأطايب أرومتي، أحلم الناس صغارا، وأعلمهم كبارا، ألا وإنّا أهل بيت من علم الله علمنا، وبحكم الله حكمنا، ومن قول الصادق سمعنا، فإن تتّبعوا آثارنا

٣٢٧

تهتدوا ببصائرنا، وإن لم تفعلوا يهلككم الله، ومعنا راية الحقّ، من تبعها لحق، ومن تأخّر عنها غرق، ألا وبنا يدرك كلّ مؤمن ثواب عمله، وبنا يخلع ربقة الذلّ من أعناقكم، وبنا فتح الله وبنا يختم. ومثله في الإرشاد (١٢٨) حيث قال: « ما رواه الخاصة والعامّة عنهعليه‌السلام ، وذكر ذلك أبو عبيدة معمر بن المثنى وغيره » ثمّ ساق الرواية المتقدّمة.

٣٢٨

الطّرفة الثانية عشر

روى هذه الطّرفة - عن كتاب الطّرف - العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٤٧٨ ) ونقلها العلاّمة البياضي باختصار في الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٩١ ). وسيأتي في الطّرفة الرابعة عشر ما يتعلّق بالصحيفة المختومة.

والبيت فيه جبرئيل والملائكة معه، أسمع الحسّ ولا أرى شيئا

في نهج البلاغة ( ج ٢؛ ٧١ ) من كلام للإمام عليّعليه‌السلام قال فيه: ولقد وليت غسلهصلى‌الله‌عليه‌وآله والملائكة أعواني، فضجت الدار والأفنية، ملأ يهبط وملأ يعرج، وما فارقت سمعي هينمة منهم يصلّون عليه، حتّى واريناه في ضريحه. وهو في ربيع الأبرار ( ج ٥؛ ١٩٧ ).

قال ابن أبي الحديد في شرحه ( ج ١٠؛ ١٨٣ ) في شرح قوله « فضجت الدار والأفنية »: أي النازلون في الدار من الملائكة؛ أي ارتفع ضجيجهم ولجبهم، يعني أنّي سمعت ذلك ولم يسمعه غيري من أهل الدار. وقال في ( ج ١٠؛ ١٨٥، ١٨٦ ): وأمّا حديث الهينمة وسماع الصوت، فقد رواه خلق كثير من المحدّثين عن عليّعليه‌السلام .

وفي نهج البلاغة أيضا ( ج ٢؛ ١٥٧، ١٥٨ ) قول عليّعليه‌السلام في الخطبة القاصعة: ولقد سمعت رنّة الشيطان حين نزل الوحي عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقلت: يا رسول الله ما هذه الرنّة؟ فقال: هذا الشيطان أيس من عبادته؛ إنّك تسمع ما أسمع وترى ما أرى، إلاّ أنّك لست بنبي، ولكنك وزير وإنّك لعلى خير.

٣٢٩

وفي ينابيع المودّة ( ج ١؛ ٧٨ ) قال: وفي المناقب، عن جعفر الصادق، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: كان عليّعليه‌السلام يرى مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قبل الرسالة الضوء ويسمع الصوت. ونقله ابن أبي الحديد في شرح النهج ( ج ١٣؛ ٢١٠ ) أيضا، عند شرحه لقولهعليه‌السلام في نهج البلاغة ( ج ٢؛ ١٥٧ ) « ولقد كانصلى‌الله‌عليه‌وآله يجاور في كلّ سنة بحراء، فأراه ولا يراه غيري، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة وأشمّ ريح النبوّة ».

وفي بصائر الدرجات (٣٤١) بسنده عن الصادقعليه‌السلام ، قال: إنّ عليّا كان يوم بني قريظة وبني النضير، كان جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره يحدّثانه.

وانظر سماع عليّ صوت الملائكة عند موت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وتغسيله ودفنه في أمالي الطوسي (٥٤٧) وتفسير العيّاشي ( ج ١؛ ٢١٠ ) والتهذيب ( ج ١؛ ١٣٢ ) وحلية الأولياء ( ج ٤؛ ٧٨ ) ومستدرك الحاكم ( ج ٣؛ ٦٠ ) وتاريخ اليعقوبي ( ج ٢؛ ١١٤ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٢٤٥ ).

والأئمّة الاثنا عشر كلّهم محدّثون، يسمعون الصوت ولا يرون الشخص والصورة، ففي الكافي ( ج ١؛ ١٧٦ ) بإسناده عن الرضاعليه‌السلام قال: والإمام هو الذي يسمع الكلام ولا يرى الشخص.

وفي بصائر الدرجات (٣٤٣) بإسناده عن محمّد بن مسلم، قال: ذكرت المحدّث عند أبي عبد الله، قال: فقالعليه‌السلام : إنّه يسمع الصوت ولا يرى.

وفي بصائر الدرجات أيضا ( ٣٣٩، ٣٤٠ ) بسنده، عن الحكم بن عيينة، قال: دخلت على عليّ بن الحسين يوما، فقال لي: يا حكم، هل تدري ما الآية الّتي كان عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام يعرف بها صاحب قتله ويعلم بها الأمور العظام الّتي كان يحدّث بها الناس؟

قال الحكم: فقلت في نفسي: « قد وقفت على علم عليّ بن الحسين، أعلم بذلك تلك الأمور العظام »، فقلت: لا والله لا أعلم به؛ أخبرني بها يا بن رسول الله.

٣٣٠

قالعليه‌السلام : والله قول الله:( وَما أَرْسَلْنا ) (١) ( مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍ ) ولا محدّث(٢) فقلت: وكان عليّ بن أبي طالب محدّثا؟ قال: نعم، وكلّ إمام منّا أهل البيت فهو محدّث.

وكتب في هامش البصائر تعليقا على هذه القراءة: قال العلاّمة المجلسي طيب الله رمسه: قوله ولا محدّث ليس في القرآن، وكان في مصحفهم. أقول: بل هو موجود في مصحفنا بناء على قراءة كما يأتي روايته آنفا المصحح. انتهى ما في الهامش.

أقول: هذه القراءة نقلت أيضا عن ابن عبّاس في معجم القراءات القرآنيّة ( ج ٤؛ ١٩١ ) في قراءة الآية (٥٢) من سورة الحجّ.

وانظر بصائر الدرجات ( ٣٤١ - ٣٤٤ / الباب السادس من الجزء السابع « في أنّ المحدّث كيف صفته وكيف يصنع به، وكيف يحدّث الأئمّة » )، وانظره أيضا في ( ٣٨٨ - ٣٩٤ ) الباب الأوّل من الجزء الثامن « في الفرق بين الأنبياء والرسل والأئمّة ومعرفتهم وصفتهم وأمر الحديث »، والكافي ( ج ١؛ ١٧٦، ١٧٧ / « باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدّث » ).

__________________

(١) الحجّ؛ ٥٢.

(٢) الحجّ؛ ٥٢.

٣٣١

٣٣٢

الطّرفة الثالثة عشر

روى هذه الطّرفة - عن كتاب الطّرف - العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٤٨١، ٤٨٢ ) ونقلها العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٩١ ) باختصار.

وضمانه على ما فيها على ما ضمن يوشع بن نون لموسى بن عمران

إنّ وصي موسى بن عمران هو أخوه هارون؛ بنصّ القرآن الكريم والروايات عند المسلمين، لكن لمّا مات هارون كان وصي موسى يوشع بن نون. انظر المسترشد (٥٧٤) والإمامة والتبصرة (٢٣) وإكمال الدين (٢١١) ومن لا يحضره الفقيه ( ج ٤؛ ١٧٤ ) وأمالي الصدوق (٣٢٨) وبشارة المصطفى (٨٢) عن الصدوق، وأمالي الطوسي ( ٤٤٢، ٤٤٣ ) وبشارة المصطفى (٨٣) عن الطوسي، وكفاية الأثر ( ١٤٧ - ١٥١ ) ومشارق أنوار اليقين ( ٥٨، ٥٩ ). والاختلاف في الأسماء بحسب الإعجام والنقط وتقارب الأسماء كثير جدّا فلا حظ.

وضمن واري بن برملا وصي عيسى بن مريم

الّذي في المصادر أنّ وصي عيسى هو شمعون بن حمون الصفا. انظر المسترشد ( ٢٨٣ و ٥٧٤ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٥١ ) وأمالي الصدوق (٣٢٩) وبشارة المصطفى (٨٣) وينابيع المودّة ( ج ٢؛ ٧٧ ) وجميع المصادر الآنفة في وصي موسى.

٣٣٣

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٤٧، ٤٨ ) عن المسعوديّ بسنده إلى أمّ هاني، قال لها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله جعل لكلّ نبي وصيّا، فشيث وصي آدم، ويوشع وصي موسى، وآصف وصي سليمان، وشمعون وصي عيسى، وعليّ وصيّي، وهو خير الأوصياء في الدنيا والآخرة.

وفي بشارة المصطفى ( ٥٧، ٥٨ ) بسنده عن ابن عبّاس، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ بن أبي طالبعليه‌السلام : يا عليّ أنت خليفتي على أمّتي في حياتي وبعد موتي، وأنت منّي كشيث من آدم، وكسام من نوح، وكإسماعيل من إبراهيم، وكيوشع من موسى، وكشمعون من عيسى.

فعلى هذا لعلّ واري بن برملا كان وصيّا لعيسى بعد شمعون، كما أنّ يوشع كان وصي موسى بعد هارون.

وفي تفسير القمّي ( ج ٢؛ ٤١٣، ٤١٤ ) في تفسير قوله:( قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ ) (١) قال: كان سببهم أنّ الذي هيّج الحبشة على غزوة اليمن ذو نواس، وهو آخر من ملك من حمير، تهوّد واجتمعت معه حمير على اليهوديّة، وسمّى نفسه يوسف، وأقام على ذلك حينا من الدهر، ثمّ أخبر أنّ بنجران بقايا قوم على دين النصرانيّة، وكانوا على دين عيسى وعلى حكم الإنجيل، ورأس ذلك الدين عبد الله بن بريا، فحمله أهل دينه على أن يسير إليهم ويحملهم على اليهوديّة ويدخلهم فيها، فسار حتّى قدم نجران، فجمع من كان بها على دين النصرانيّة، ثمّ عرض عليهم دين اليهوديّة والدخول فيها، فأبوا عليه، فجادلهم وعرض عليهم وحرص الحرص كلّه، فأبوا عليه وامتنعوا من اليهوديّة والدخول فيها، واختاروا القتل، فخدّ لهم أخدودا جمع فيه الحطب وأشعل فيه النار، فمنهم من أحرق بالنار، ومنهم من قتل بالسيف، ومثّل بهم كلّ مثلة فقال الله:( قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ ) (٢) وانظر مجمع البيان ( ج ٥؛ ٤٦٦ ).

__________________

(١) البروج: ٤.

(٢) البروج؛ ٤ و ٥

٣٣٤

هذا كلّه بناء على ما في نسخنا، وفي نسخة العلاّمة المجلسي في البحار ( ج ٢٢؛ ٤٨٢ ) ورد النص هكذا « وضمانه على ما فيها على ما ضمن يوشع بن نون لموسى بن عمران، وعلى ما ضمن وأدّى وصي عيسى بن مريم » وعلى هذا فيكون المتبادر هو شمعون بن حمون الصفا، ويكون المراد واضحا جليّا.

ويؤيد هذا ما في ينابيع المودة ( ج ١؛ ٨٤ ) حيث قال: وفي المناقب، عن مقاتل بن سليمان، عن جعفر الصادقعليه‌السلام ، عن آبائه، عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ أنت مني بمنزلة شيث من آدم، وبمنزلة سام من نوح، وبمنزلة إسحاق، من إبراهيم - كما قال تعالى( وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ ) (١) - وبمنزلة هارون من موسى، وبمنزلة شمعون من عيسى، وأنت وصيّي ووارثي ....

وما في روضة الواعظين (١٠١) قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ أنت مني بمنزلة هبة الله من آدم، وبمنزلة سام من نوح، وبمنزلة إسحاق من ابراهيم، وبمنزلة هارون من موسى، وبمنزلة شمعون من عيسى، إلاّ أنّه لا نبي بعدي ....

وما في كتاب اليقين (٢٢٦) من قول جبرئيل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا محمّد، ونجا من تولّى شمعون الصّفا وصي عيسى بشمعون، ونجا شمعون بعيسى، ونجا عيسى بالله وغيرها من الأحاديث المشبّهة وصاية علي بوصاية شمعون الصّفا.

على أنّ محمّدا أفضل النبيّين، وعليّا أفضل الوصيّين

ورد هذا الحديث بهذا اللفظ في كثير من المصادر، وورد أيضا بلفظ « سيّد الأوصياء » و « خير الأوصياء » و « أكرم الأوصياء » أو ما يقاربها من العبارات في مصادر المسلمين شيعة وسنّة.

انظر اليقين ( ١٣٨، ١٧٩، ١٨٦، ١٩٧، ٢١٩، ٢٢٧، ٣٠١، ٣٥٣، ٣٦٧ ) وأمالي المفيد

__________________

(١) البقرة ٨٨؛ ١٣٢

٣٣٥

( ٧٧، ٩٠، ١٠٥، ٣٤٦ ) وأمالي الطوسي ( ١٩٩، ٢٧٠، ٢٨٣، ٢٩٢، ٤٤٢ ) وتفسير فرات ( ١٤٣، ٥٨٦ ) والكافي ( ج ١؛ ٤٥٠ ) و ( ج ٨؛ ٤٩، ٥٠ ) وأمالي الصدوق ( ١٩، ٢٨، ٣١، ٤١، ٣٢٨، ٤٤٨، ٥١٠ ) والاحتجاج ( ج ١؛ ٦٧ ) وبشارة المصطفى ( ١٢، ٣٤ ) والخصال ( ٤١٢، ٥٧٢ - ٥٨٠، ٦٠٧ ) وشرح النهج ( ج ١٣؛ ٢١٠ ) وفرائد السمطين ( ج ١؛ ١٣٤ ) وتحفة المحبّين بمناقب الخلفاء الراشدين ( ١٨٥ / مخطوط ) وكفاية الطالب (٢١١) وميزان الاعتدال ( ج ١؛ ٤٦ ).

٣٣٦

الطّرفة الرابعة عشر

روى هذه الطّرفة بزيادة في صدرها الكليني في الكافي ( ج ١؛ ٢٨١، ٢٨٣ ) بسنده إلى عيسى بن المستفاد / كتاب الحجّة - باب « أن الأئمّة لم يفعلوا شيئا ولا يفعلون إلاّ بعهد من الله » الحديث الرابع، ونقلها عنه العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٤٧٩ - ٤٨١ ) ثمّ أشار إلى أن السيّد ابن طاوس رواها في الطّرف مجملة؛ وذلك لعدم نقله صدر الطّرفة.

ونقل المسعوديّ مضمونها في إثبات الوصيّة ( ١٠٤، ١٠٥ ) ورواها عن كتاب الطّرف العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٩١ ) باختصار، وسيأتي في آخر هذه الطّرفة حديث هذه الصحيفة المختومة الّتي نزل بها جبرئيل على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

يا عليّ توفي فيها على الصبر منك والكظم لغيظك على ذهاب حقّك

لقد أوصى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا بالصبر من بعده، وأخبره أنّ القوم سيتأمرون عليه، وأنّه لا بدّ له من الصبر، فأجاب عليّعليه‌السلام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بالطاعة والتسليم والصبر، وصرّح عليّعليه‌السلام في مواطن كثيرة أنّه لا يجوز وصيّة رسول الله ولا ينقضها ولو خزموه بأنفه، وصرّح أيضا أنّهعليه‌السلام إنّما سكت عن قتال القوم التزاما بوصيّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأنّه أمره بالصبر وكظم الغيظ؛ لأنّ الأمّة حديثة عهد بالإسلام، وأنّ القتال يؤدي بهم إلى الردّة عن الإسلام.

ففي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٢١٦ )، عن الحارث بن حصين، قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :

٣٣٧

يا عليّ إنّك لاق بعدي كذا وكذا، فقالعليه‌السلام : يا رسول الله إنّ السيف لذو شفرتين، وما أنا بالقليل ولا الذليل، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : فاصبر يا عليّ، فقال عليّعليه‌السلام : أصبر يا رسول الله.

وفي تفسير العيّاشي ( ج ٢؛ ١٠٥ ) في حديث زيد بن أرقم - بعد تآمر الثلاثة على صرف الخلافة عن عليّعليه‌السلام ، واستدعاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إيّاهم، فأنكروا ما قالوا - قال زيد: وقال عليّعليه‌السلام عند ذلك: ليقولوا ما شاءوا، والله إنّ قلبي بين أضلاعي، وإنّ سيفي لفي عنقي، ولئن همّوا لأهمّنّ، فقال جبرئيل للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قل له: اصبر للأمر الّذي هو كائن، فأخبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا بما أخبره به جبرئيل، فقالعليه‌السلام : إذن أصبر للمقادير ....

وفي التحصين (٦٠٧) بسند إلى أمّ سلمة أنّها دخلت على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالت: فدخلت وعليّعليه‌السلام جاث بين يديه، وهو يقول: فداك أبي وأمّي يا رسول الله، إذا كان لدى ولدى فما تأمرني؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : آمرك بالصبر.

وفي الكافي ( ج ٨؛ ٣٣ ) بسنده إلى الإمام عليّعليه‌السلام أنّه قال في خطبته الطالوتية في المدينة: أما والبيت والمفضي إلى البيت - وفي نسخة: والمزدلفة والخفاف إلى التجمير - لو لا عهد عهده إليّ النبي الأمّي لأوردت المخالفين خليج المنيّة، ولأرسلت عليهم شآبيب صواعق الموت، وعن قليل سيعلمون.

وفي المسترشد (٤١١) بسنده عن عليّعليه‌السلام ، أنّه قال: إنّ عندي من نبي الله العهد، وله الوصيّة، وليس لي أن أخالفه، ولست أجاوز أمره وما أخذه عليّ الله، لو خزموا أنفي لأقررت سمعا وطاعة لله.

وفي المسترشد (٤١٧) في الكتاب الّذي أخرجه عليّعليه‌السلام للناس حينما سألوه عن أمره وأمر من تقدّمه ومن قاتلهعليه‌السلام ، وفيه: وكان نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عهد إليّ فقال: يا بن أبي طالب لك ولاية أمّتي من بعدي، فإن ولّوك في عافية واجتمعوا عليك بالرضا، فقم بأمرهم، وإن اختلفوا عليك فدعهم وما هم فيه.

وفي التهاب نيران الأحزان (٩٤) قول عليّعليه‌السلام : أوصاني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالحقّ، أنّ الحقّ لنا لا لغيرنا، ولكنّي أصبر حتّى آخذ بحقّي وصبرت على كظم الغيظ على شيء أمرّ من العلقم.

٣٣٨

وفي كتاب سليم بن قيس (٨٤) قول عليّعليه‌السلام لعمر: والّذي أكرم محمّدا بالنبوّة يا بن صهاك، لو لا كتاب من الله سبق، وعهد عهده إليّ رسول الله، لعلمت أنّك لا تدخل بيتي.

وانظر كتاب سليم ( ٧٢، ٨٧، ١٩٣، ٢٥١ ) وإرشاد القلوب ( ٣٨٣، ٣٩١ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٧٢ ) و ( ج ٣؛ ٢١٦، ٣٣٧ ) والخصال ( ٣٧١، ٤٦٢، ٥٧٥ ) وكفاية الأثر (١٢٤) واليقين (٣٣٧) وبشارة المصطفى (٥٨) وأمالي الطوسي (٩) وكامل الزيارات ( ٣٣٢ - ٣٣٥ ) والمسترشد ( ٣٧٠، ٣٧١ ) وشرح النهج ( ج ٦؛ ١٨ ) وأمالي المفيد (٢٢٤).

هذا، وقد دعا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ربّه دعوات في عليّعليه‌السلام فأجيبت كلّها، ثمّ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إلهي وسيدي فاجمع الأمّة عليه، فأبى سبحانه وقال: يا محمّد إنّه المبتلى والمبتلى به. انظر في ذلك اليقين ( ١٦٠، ٤٢٦ ) وأمالي الطوسي ( ٣٢٧، ٣٤٤، ٣٥٤ ) وكشف الغمّة ( ج ١؛ ١٠٨ ) وبشارة المصطفى (٦٥) والتحصين ( ٥٤٣، ٥٤٥، ٦١٥ ) وحلية الأولياء ( ج ١؛ ٦٦ ) ومناقب ابن المغازلي (٤٧) وكفاية الطالب (٧٣) ولسان الميزان ( ج ٦؛ ٢٣٧ ).

وسيأتي المزيد في الطّرفة السادسة والعشرين عند قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « فقد أجمع القوم على ظلمكم ».

وغصب خمسك وأكل فيئك

أخبر النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا وأهل بيته بما سيحلّ بهم بعد وفاته، وكان ممّا أخبرهم أنّهم يغصبون حقّهم في الخمس الّذي نزل به كتاب الله في قوله:( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى ) (١) ، وقد تحقّق إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك، إذ غصب الشيخان هذا الحقّ من أهل البيت بشتّى الاختلافات والمعاذير.

ففي أمالي المفيد (٢٢٤) بإسناده عن عليّعليه‌السلام ، أنّه قال: إنّ أوّل ما انتقصناه بعده [ أي بعد حقّنا في الخلافة ] إبطال حقّنا في الخمس ...

__________________

(١) الأنفال؛ ٤١

٣٣٩

وفي تفسير العيّاشي ( ج ٢؛ ٦٦ ) بسنده عن الباقرعليه‌السلام ، قال: لنا حقّ في كتاب الله في الخمس، فلو محوه - فقالوا: ليس من الله - أولم يعملوا به، لكان سواء.

وفي تفسير القمّي ( ج ٢؛ ٣٠٨ ) بإسناده عن الصادقعليه‌السلام في قوله تعالى:( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ ) (١) في أمير المؤمنين( سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ ) (٢) يعني في الخمس أن لا يردّوه في بني هاشم.

وقال دعبل بن عليّ الخزاعي في تائيّته العصماء الّتي أنشدها عند الإمام الرضاعليه‌السلام :

أرى فيئهم في غيرهم متقسّما

وأيديهم من فيئهم صفرات

قال ابن شهرآشوب في مناقبه ( ج ٤؛ ٣٣٨ ) أنّه لمّا بلغ دعبل هذا القول، بكى الإمام الرضاعليه‌السلام وقال له: صدقت يا خزاعي. وانظر ديوان دعبل (١٢٣).

وفي وسائل الشيعة ( ج ٩؛ ٥١٧ / الحديث ١٢٦١٥ ) عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال: فرض الله في الخمس نصيبا لآل محمّد، فأبى أبو بكر أن يعطيهم نصيبهم الحديث.

وفيه أيضا ( ج ٩؛ ٥٤٩ / ١٢٦٨٨ ) عن الصادقعليه‌السلام في حديث له مع نجبة، قال فيه: يا نجبة إنّ لنا الخمس في كتاب الله، ولنا الأنفال، ولنا صفو المال، وهما والله أوّل من ظلمنا حقّنا في كتاب الله ....

وانظر وسائل الشيعة ( ج ٩؛ ٥١٢ - ٥١٣ / الحديث ١٢٦٠٦ ) و ( ج ٩؛ ٥٣٠ - ٥٣١ / الحديث ١٢٦٤٣ ) ( ج ٩؛ ٥٣٦ / الحديث ١٢٦٦١ ) و ( ج ٩؛ ٥٤٦ / الحديث ١٢٦٨١ ) ومستدرك الوسائل ( ج ٧؛ ٢٧٧ ) ومصباح الكفعمي ( ٥٥٢ / دعاء صنمي قريش ) ومرآة العقول ( ج ١؛ ١٤٤ ) وتفسير العيّاشي ( ج ١؛ ٢٢٥ ) وكتاب سليم بن قيس (١٣٨) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٢١٠ ) وأمالي الطوسي (٩) وتفسير فرات ( ١٣٥، ٣٢٣ ) ومجمع البيان ( ج ٢؛ ٥٤٥ ) والكشاف ( ج ٢؛ ٢٢٢ ) وتفسير القرطبي ( ج ٨؛ ١٠ )

__________________

(١) محمّد؛ ٢٦

(٢) محمّد؛ ٢٦

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653