طرف من الأنباء والمناقب

طرف من الأنباء والمناقب0%

طرف من الأنباء والمناقب مؤلف:
المحقق: الشيخ قيس العطّار
الناشر: انتشارات تاسوعاء
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 653

طرف من الأنباء والمناقب

مؤلف: ابو القاسم علی بن موسی بن جعفر بن محمد بن طاووس حلّی (سيد بن طاووس)
المحقق: الشيخ قيس العطّار
الناشر: انتشارات تاسوعاء
تصنيف:

الصفحات: 653
المشاهدات: 202727
تحميل: 5683

توضيحات:

طرف من الأنباء والمناقب
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 653 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 202727 / تحميل: 5683
الحجم الحجم الحجم
طرف من الأنباء والمناقب

طرف من الأنباء والمناقب

مؤلف:
الناشر: انتشارات تاسوعاء
العربية

استقبالهم، فمن أخّرهم فقد استدبر.

وفي التحصين (٦٠٩) بسند إلى أبي ذرّ، قال في أهل البيتعليهم‌السلام : فهم فينا كالسماء المرفوعة، والجبال المنصوبة، والكعبة المستورة، والشجرة الزيتونة. ومثله في تفسير فرات ( ٨١، ٨٢ ) بسنده إلى أبي ذرّ.

وإنّما أنت علم الهدى ونور الدين

انظر ما مرّ في الطّرفة الحادية عشر من قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ عليّ بن أبي طالب هو العلم ».

وكلّ أجاب وسلّم إليك الأمر

كان أوضح مصاديق دعوة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى عليّعليه‌السلام وإجابة المسلمين، هو ما أخذهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليهم في بيعة غدير خمّ، الّتي فاق نقلها حدّ التواتر، وكان الشيخان وعثمان وطلحة والزبير من أوائل المبايعين له.

أمّا تواتر خبر الغدير أو تجاوزه حدّ التواتر، فقد قال الشيخ الحسين بن عبد الصمد الحارثي - والد الشيخ البهائي - ما ملخّصه: رواه أحمد بن حنبل بست عشر طريقا، والثعلبي بأربعة طرق ورواه ابن المغازلي بثلاث طرق، ورواه في الجمع بين الصحاح الستّة، قال ابن المغازلي: وقد روى حديث غدير خمّ عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نحو من مائة نفس، وذكر محمّد بن جرير الطبريّ - المؤرخ لحديث الغدير - خمسا وسبعين طريقا، وأفرد له كتابا سماه « كتاب الولاية »، وذكر الحافظ أبو العبّاس أحمد بن عقدة له خمسا ومائة طريقا، وأفرد له كتابا، فهذا قد تجاوز حدّ التواتر. انظر الغدير ( ج ١١؛ ٢١٧ - ٢١٨ ).

وقد أقرّ الصحابة وبايعوا لعليّعليه‌السلام بأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفي طليعتهم الشيخان وعثمان وطلحة والزبير؛ وبعضهم قال له: بخ بخ لك يا عليّ، لقد أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة.

ففي كتاب الولاية لمحمّد بن جرير الطبريّ، بإسناده عن زيد بن أرقم في حديث طويل،

٣٦١

قال فيه زيد: فعند ذلك بادر الناس بقولهم: نعم سمعنا وأطعنا على أمر الله ورسوله بقلوبنا، وكان أوّل من صافق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّاعليه‌السلام : أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير، وباقي المهاجرين والأنصار، وباقي الناس إلى أن صلّى الظهرين في وقت واحد، وامتدّ ذلك إلى أن صلّى العشاءين في وقت واحد، وواصلوا البيعة والمصافقة ثلاثا. نقله العلاّمة الأميني في الغدير ( ج ١؛ ٢٧٠ ).

وفي بشارة المصطفى (٩٨) بسنده عن أبي هريرة، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: من صام يوم ثمانية عشر من ذي الحجّة، كتب الله له صيام ستّين شهرا، وذلك يوم غدير خمّ، لمّا أخذ رسول الله بيد عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، فقال: من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، فقال له عمر ابن الخطّاب: بخ بخ، أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة.

وانظر في بيعتهم لعليّ وبخبختهم، مناقب ابن المغازلي (١٩) وتذكرة الخواص ( ١٨، ٢٩، ٦٢ ) وينابيع المودّة ( ج ٢؛ ٦٣، ٧٤ ) وروضة الصفا ( ج ١؛ ١٧٣ ) وحبيب السّير ( ج ١؛ ١٤٤ ) والمصنف لابن أبي شيبة ( ج ٦؛ ٣٧٥ ) ومسند أحمد ( ج ٤؛ ٢٨١ ) وتفسير الطبريّ ( ج ٣؛ ٤٢٨ ) والصواعق المحرقة (٤٤) والتمهيد للباقلاني (١٧١) والفصول المهمة (٢٥) ونظم درر السمطين (١٠٩) وسرّ العالمين (٩) والملل والنحل ( ج ١؛ ١٤٥ ) ومناقب الخوارزمي (٩٤) وتفسير الفخر الرازيّ ( ج ٣؛ ٦٣٦ ) والنهاية لابن الأثير ( ج ٤؛ ٢٤٦ ) وكفاية الطالب (١٦) والرياض النضرة ( ج ٢؛ ١٢٦ - ١٢٧ ) وذخائر العقبى (٦٧) وفرائد السمطين ( ج ١؛ ٧٧ ) والبداية والنهاية ( ج ٥؛ ٢٢٩ ) وخطط المقريزيّ ( ج ٢؛ ٢٢٣ ) وبديع المعاني (٧٥) ووفاء الوفا ( ج ٢؛ ١٧٣ ) والمواهب اللّدنيّة ( ج ٢؛ ١٣ ) وفيض القدير ( ج ٦؛ ٢١٨ ) وشرح المواهب ( ج ٧؛ ١٣ ). وانظر تخريجات بيعة الشيخين وعثمان، وباقي المسلمين لعليّ في الغدير ( ج ١؛ ٢٧٠ - ٢٨٢ ).

وإنّي لأعلم خلاف قولهم

في التهاب نيران الأحزان ( ١٤ - ١٨ ) في خطبة طويلة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في يوم الغدير، قال

٣٦٢

فيها: وقد أنزل الله إليّ في الكتاب العزيز( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) (١) ، وعليّ بن أبي طالب أقام الصلاة، وآتى الزكاة وهو راكع، يريد بذلك رضى الله على كلّ حال، وسألت جبرئيل أن يستعفيني عن تبليغ ذلك إليكم، لعلمي فيكم بقلّة المؤمنين، وحيل المستهزئين بالإسلام وكثر أذاهم فيّ وفي عترتي، حتّى سمّوني أذنا، وزعموا أنّي كنت كذلك لكثرة ملازمته إيّاي وإقبالي عليه، حتّى أنزل الله في ذلك( وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ ) (٢)

ولو شئت أن أسمّي بأسمائهم لسمّيت، وأن أومئ بأعيانهم لأوميت، ولكنّي والله في أمورهم قد تكرّمت، وكان الله لا يرضى منّي إلاّ أن أبلّغ ما أنزل في عليّ معاشر الناس، سيكون من بعدي( أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ ) (٣) ، معاشر الناس، إنّ الله وأنا منهم بريئان، معاشر الناس، إنّهم وأشياعهم وأتباعهم وأنصارهم لفي الدرك الأسفل من النار، ولبئس مثوى المتكبّرين، ألا إنّهم أصحاب الصحيفة، فلينظر أحدكم في صحيفته وفي تفسير العيّاشي ( ج ٢؛ ١٠٤ ) عن زيد بن أرقم - بعد ذكره لبيعة الغدير - قال: وكان إلى جانب خبائي خباء نفر من قريش وهم ثلاثة، ومعي حذيفة بن اليمان، فسمعنا أحد الثلاثة وهو يقول: والله إنّ محمّدا لأحمق إن كان يرى أنّ الأمر يستقيم لعليّ من بعده، وقال آخر: أتجعله أحمقا، ألم تعلم أنّه مجنون، قد كان يصرع عند امرأة ابن أبي كبشة؟! وقال الثالث: دعوه، إن شاء أن يكون أحمقا، وإن شاء أن يكون مجنونا، والله ما يكون أبدا.

وفي الكافي ( ج ١؛ ٢٩٥ ) عن الصادق في حديث طويل: فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه - ثلاث مرّات - فوقعت حسكة النفاق في قلوب القوم ....

__________________

(١) المائدة؛ ٥٥.

(٢) التوبة؛ ٦١.

(٣) القصص؛ ٤١.

٣٦٣

وقد أبوا ما أنزل الله، وما بلّغه النبي بمثل قولهم: « أيرى محمّد أنّه قد أحكم الأمر في أهل بيته » وقولهم: « ما أنزل الله هذا على محمّد قطّ، وما يريد إلاّ أن يرفع بضبع ابن عمّه » وقولهم: « والله لا نسلّم له ما قال ابدا » وقولهم: « والله لصاع من تمر في شنّ، بال أحبّ إلينا ممّا سأل محمّد ربّه » وأمثال هذه الكلمات في عدم وفائهم بالبيعة، وفي بعضها ذكر أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم صراحة.

انظر أمالي المفيد (١١٣) وكتاب سليم بن قيس (١٤٤) واليقين ( ٢١٤، ٣٠٧، ٣١١، ٣١٧ ) والمسترشد (٥٨٥) والتهاب نيران الأحزان ( ٢٨، ٣٠ ) وأمالي الطوسي (٢٠٤) في كلام للزهراءعليها‌السلام ، والكافي ( ج ١؛ ٤٢٧، ٤٣١ ) و ( ج ٨؛ ٣٣٤، ٣٧٩ ) والخصال ( ٣٧١ - ٣٨٢ ) وتفسير العيّاشي ( ج ١؛ ٣٠٧، ٣٦١ ) و ( ج ٢؛ ١٠٦، ١٥١، ١٥٢، ٢٩٠ ).

فالزم بيتك واجمع القرآن على تأليفه، والفرائض والأحكام على تنزيله

ومثله قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الطّرفة الثامنة والعشرين: « يا عليّ، ما أنت صانع بالقرآن والعزائم والفرائض؟ قال: أجمعه ثمّ آتينّهم به، فإن قبلوه وإلاّ أشهدت الله وأشهدتك عليهم ».

أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاعليه‌السلام بجمع القرآن بعد وفاته، فامتثل عليّ لأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وآلى ألاّ يضع رداءه على ظهره حتّى يجمعه، فجمعهعليه‌السلام وأتى به القوم، فقالوا له: لا حاجة لنا به.

روى الطبرسي في الاحتجاج ( ج ١؛ ١٥٥، ١٥٦ ) عن أبي ذرّ الغفاريّ، أنّه قال: لمّا توفّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، جمع عليّ القرآن، وجاء به إلى المهاجرين والأنصار وعرضه عليهم، لما قد أوصاه بذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلمّا فتحه أبو بكر خرج في أوّل صفحة فتحها فضائح القوم، فوثب عمر وقال: يا عليّ، اردده فلا حاجة لنا فيه، فأخذهعليه‌السلام وانصرف.

وفي إثبات الوصيّة (١٢٣) قال: ثمّ ألّفعليه‌السلام القرآن وخرج إلى الناس، وقد حمله في إزار معه وهو يئطّ من تحته، فقال لهم: هذا كتاب الله، قد ألّفته كما أمرني وأوصاني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كما أنزل، فقال له بعضهم: اتركه وامض، فقال لهمعليه‌السلام : إنّ رسول الله قال لكم: إنّي مخلّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض، فإن قبلتموه

٣٦٤

فاقبلوني معه أحكم بينكم بما فيه من أحكام الله، فقالوا: لا حاجة لنا فيه ولا فيك، فانصرف به معك لا تفارقه ولا يفارقك، فانصرفعليه‌السلام عنهم.

وفي كتاب سليم بن قيس ( ٨١ - ٨٢ ) قال: فلمّا رأىعليه‌السلام غدرهم وقلّة وفائهم له، لزم بيته وأقبل على القرآن يؤلّفه ويجمعه، فلم يخرج من بيته حتّى جمعه، وكان في الصحف والشظاظ والأسيار والرقاع، فلمّا جمعه كلّه وكتبه بيده؛ تنزيله وتأويله، والناسخ منه والمنسوخ خرج إلى الناس وهم مجتمعون مع أبي بكر في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فنادى عليّعليه‌السلام بأعلى صوته: أيّها الناس، إنّي لم أزل منذ قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مشغولا بغسله، ثمّ بالقرآن حتّى جمعته كلّه في هذا الثوب الواحد، فلم ينزل الله على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله آية إلاّ وقد جمعتها، وليست منه آية إلاّ وقد أقرأنيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعلّمني تأويلها فقال له عمر: ما أغنانا بما معنا من القرآن عمّا تدعونا إليه، ثمّ دخل عليّعليه‌السلام بيته.

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٤١ ) قال: وفي أخبار أهل البيتعليهم‌السلام ، أنّهعليه‌السلام آلى أن لا يضع رداءه على عاتقه إلاّ للصلاة، حتّى يؤلّف القرآن ويجمعه، فانقطع عنهم مدّة إلى أن جمعه، ثمّ خرج إليهم به في إزار يحمله وهم مجتمعون في المسجد، فأنكروا مصيره بعد انقطاع مع إلبته، فقالوا: لأمر ما جاء به أبو الحسن، فلمّا توسّطهم وضع الكتاب بينهم، ثمّ قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وهذا الكتاب وأنا العترة، فقام إليه الثاني، فقال له: إن يكن عندك قرآن فعندنا مثله، فلا حاجة لنا فيكما، فحملعليه‌السلام الكتاب وعاد به بعد أن ألزمهم الحجّة.

وفي خبر طويل عن الصادقعليه‌السلام : أنّه حمله وولّى راجعا نحو حجرته وهو يقول:( فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ ) (١) .

وقال ابن شهرآشوب في مناقبه أيضا ( ج ٢؛ ٤٠ - ٤١ ) ذكر الشيرازيّ في نزول القرآن،

__________________

(١) آل عمران؛ ١٨٧.

٣٦٥

وأبو يوسف يعقوب في تفسيره، عن ابن عبّاس، في قوله:( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ ) (١) ، يعني بالقرآن( لِتَعْجَلَ بِهِ ) (٢) من قبل أن يفرغ من قراءته عليك( إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ) (٣) قال: ضمّن الله محمّدا أن يجمع القرآن بعد رسول الله عليّ بن أبي طالب، قال ابن عباس: فجمع الله القرآن في قلب عليّ، وجمعه بعد موت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بستّة أشهر.

وفي أخبار أبي رافع: أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال في مرضه الّذي توفّي فيه لعليّعليه‌السلام : يا عليّ، هذا كتاب الله خذه إليك، فجمعه عليّ في ثوب، فمضى إلى منزله، فلمّا قبض النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله جلس عليّ فألّفه كما أنزله الله، وكان به عالما.

وحدّثني أبو العلاء العطّار، والموفّق خطيب خوارزم في كتابيهما، بالإسناد عن عليّ بن رباح: أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر عليّا بتأليف القرآن، فألّفه وكتبه.

وفي تاريخ اليعقوبي ( ج ٢؛ ١٣٥ ) قال: وروى بعضهم، أنّ عليّ بن أبي طالب كان جمعه لمّا قبض رسول الله، وأتى به يحمله على جمل، فقال: هذا القرآن قد جمعته، وكان قد جزّأه سبعة أجزاء ...

وفي الرياض النضرة ( ج ١؛ ٢٤٢ ) قال: قال ابن سيرين: فبلغني أنّه كتبه عليّ على تنزيله، ولو أصيب ذلك الكتاب لوجد فيه علم كثير.

وفي بصائر الدرجات (٢١٣) بسنده عن الصادقعليه‌السلام ، قال في حديث: أخرجه عليّعليه‌السلام إلى الناس حيث فرغ منه وكتبه، فقال لهم: هذا كتاب الله كما أنزل الله على محمّد، وقد جمعته بين اللّوحين، قالوا: هو ذا عندنا مصحف جامع فيه القرآن، لا حاجة لنا فيه، قال: أما والله لا ترونه بعد يومكم هذا أبدا، إنّما كان عليّ أن أخبركم به حين جمعته لتقرءوه.

وأسند الكليني في الكافي ( ج ١؛ ٢٢٨ ) إلى الإمام الباقرعليه‌السلام قوله: ما ادّعى أحد من الناس أنّه جمع القرآن كلّه كما أنزل إلاّ كذب، وما جمعه وحفظه كما أنزل الله تعالى إلاّ

__________________

(١) القيامة؛ ١٦، ١٧.

(٢) القيامة؛ ١٦، ١٧.

(٣) القيامة؛ ١٦، ١٧.

٣٦٦

عليّ بن أبي طالب والأئمّةعليهم‌السلام من بعده.

وانظر ما يتعلّق بأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاعليه‌السلام بجمع القرآن، وأنّه جمعه، وأنّه أتاهم به فلم يقبلوه، في بصائر الدرجات ( ١٣، ٢١٣ - ٢١٤ / الباب السادس من الجزء الرابع ) « باب أنّ الأئمّة عندهم جميع القرآن الّذي أنزل على رسول الله »، وفيه سبعة أحاديث، والتهاب نيران الأحزان ( ٦٨ - ٦٩ ) والخصال (٣٧١) والكافي ( ج ١؛ ٢٢٨ - ٢٢٩ / باب « إنّه لم يجمع القرآن كلّه إلاّ الأئمّةعليهم‌السلام وأنّهم يعلمون علمه كلّه » ) وفيه منها حديثان فيما يخصّ ما نحن فيه، و ( ج ٢؛ ١٧٨، ٤٦٢ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٣٣٧ ) ودلائل الإمامة (١٠٦) وكتاب سليم بن قيس (١٢٢) وتفسير فرات ( ٣٩٨ - ٣٩٩ ) وتفسير العيّاشي ( ج ٢؛ ٧٠، ٣٣٠ ) وكشف اليقين (٦٥) وإرشاد القلوب (٣٤٨).

وانظر حلية الأولياء ( ج ١؛ ٦٧ ) والسقيفة وفدك (٦٤) وشرح النهج ( ج ١؛ ٢٧ ) و ( ج ٦؛ ٤٠ ) ومناقب الخوارزمي ( ٤٨ - ٤٩ ) والفهرست لابن النديم (٣٠) وتوضيح الدلائل (٤١٨) والصواعق المحرقة (٧٢).

وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج ( ج ١؛ ٢٧ ): ثمّ هو أوّل من جمعه، نقلوا كلّهم أنّه تأخّر عن بيعة أبي بكر، فأهل الحديث يقولون: تشاغل بجمع القرآن. وهو حقّ، فقد نصّ جلّ مؤرخي العامّة على أنّ عليّا اعتذر عن بيعة الأوّل بجمعه للقرآن، فانظر من أرّخ لبيعة السقيفة وتأخّر عليّ عن بيعة الأوّل.

وعليك بالصبر على ما ينزل بك وبها حتّى تقدموا عليّ

مرّ بعض ما يتعلّق بهذا المطلب في الطّرفة الرابعة عشر، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا عليّ توفي على الصبر منك والكظم لغيظك على ذهاب حقّك »، وسيأتي أيضا في الطّرفة الرابعة والعشرين، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا عليّ أصبر على ظلم الظالمين ما لم تجد أعوانا ».

٣٦٧

٣٦٨

الطّرفة السابعة عشر

روى هذه الطّرفة - عن كتاب الطّرف - العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٤٧٩ ) ونقلها العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٩٢ ) باختصار.

وانفرد هذا المصدر بذكر إدخال الكفّين مضمومتين بين كفيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإفراغ الحكمة في يديهعليه‌السلام ، وقضاء ما يرد وما هو وارد، وأمّا باقي مطالب الطّرفة الفرعيّة، فهي ممّا خرّجناه آنفا وما سنخرّجه لا حقا من إنفاذ عليّعليه‌السلام لوصيّة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وصبرهعليه‌السلام على منهاجه وطريقه، ونبذه لطريق فلان وفلان.

٣٦٩

٣٧٠

الطّرفة الثامنة عشر

روى هذه الطّرفة الكليني في الكافي ( ج ١؛ ٢٨٣ ) بسنده عن عيسى بن المستفاد، عن الكاظمعليه‌السلام ، وهذه الطّرفة هي ذيل وتتمّة الطّرفة الرابعة عشر، ورواها المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٤٨١ ) عن الكافي، ثمّ قال: « أقول: روى السيّد عليّ بن طاوس في الطّرف هذا الخبر مجملا من كتاب الوصيّة لعيسى بن المستفاد »، مشيرا إلى ما مرّ من عدم ذكر السيّد ابن طاوس صدر الرواية، ونقلها العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٩٢ ) باختصار، ورواها المسعوديّ في إثبات الوصيّة (١٠٥) باختصار تتمّة لما نقله من الطّرفة الرابعة عشر.

أكان في الوصيّة ذكر القوم وخلافهم على عليّ أمير المؤمنين؟ قال: نعم أما سمعت قول الله تعالى:( إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ ) (١)

مرّ في الطّرفة الرابعة عشر حديث الصحيفة المختومة، وأنّ الأئمّةعليهم‌السلام لم يفعلوا ولا يفعلون شيئا إلاّ بأمر من الله، وأنّ الصحيفة فيها ما يجب على كلّ إمام من الله، وما كان وما يكون بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وفي الخرائج والجرائح (٣١٥) عن الرضاعليه‌السلام ، قال: فلمّا نفدت مدّته [ أي الكاظمعليه‌السلام ]

__________________

(١) يس؛ ١٢.

٣٧١

وكان وقت وفاته، أتاني مولى برسالته يقول: يا بني، إنّ الأجل قد نفد، والمدّة قد انقضت، وأنت وصي أبيك، فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا كان وقت وفاته، دعا عليّا وأوصاه، ودفع إليه الصحيفة الّتي كان فيها الأسماء الّتي خصّ الله تعالى بها الأنبياء والأوصياء فلمّا قضى موسىعليه‌السلام علمت كلّ لسان، وكلّ كتاب، وما كان وما سيكون بغير تعلّم، وهذا سرّ الأنبياء أودعه الله فيهم، والأنبياء أو دعوه إلى أوصيائهم، ومن لم يعرف ذلك ويحقّقه فليس هو على شيء، ولا قوة إلاّ بالله.

وفي الخرائج والجرائح أيضا (٢١٠) عن قنواء بنت رشيد الهجريّ، قالت: فقال لهم رشيد - [ وهو مقطوع اليدين والرجلين ] -: اكتبوا عنّي علم البلايا والمنايا، فكتبوا: هذا ما عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الأمّي إلى عليّعليه‌السلام في بني أميّة وما ينزل بهم ...

وفي بصائر الدرجات ( ١٣٨ - ١٣٩ ) بسنده عن السجادعليه‌السلام ، قال: إنّ محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله كان أمين الله في أرضه، فلمّا قبض محمّد كنّا أهل البيت ورثته وإنّا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان وحقيقة النفاق، وإنّ شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم. وفي نفس المصدر ( ١٣٩ - ١٤٠ ) بسنده عن الرضاعليه‌السلام مثله، ومثله في الكافي ( ج ١؛ ٢٢٣ ) بسنده إلى الرضاعليه‌السلام .

وفي كتاب سليم بن قيس ( ٢١٤ - ٢١٥ ) قال أبان: قال سليم: قلت لابن عبّاس:

أخبرني بأعظم ما سمعتم من عليّعليه‌السلام ، ما هو؟ قال سليم: فأتاني بشيء قد كنت سمعته أنا من عليّعليه‌السلام ، قال: دعاني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وفي يده كتاب، فقال: يا عليّ، دونك هذا الكتاب، قلت: يا نبي الله ما هذا الكتاب؟ قال: كتاب كتبه الله، فيه تسمية أهل السعادة والشقاء من أمّتي، أمرني ربّي أن أدفعه إليك.

وفي الخصال (٥٢٨) بسنده عن الرضاعليه‌السلام في بيانه لعلامات الإمام: ويكون عنده صحيفة فيها أسماء شيعته إلى يوم القيامة، وصحيفة فيها أسماء أعدائهم إلى يوم القيامة.

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ١٦٠ ) قال: قال عمرو بن شمر: اجتمع الكلبي والأعمش، فقال الكلبي: أيّ شيء أشدّ ما سمعت من مناقب عليّ؟ فحدّث بحديث عباية أنّه قسيم النار، فقال الكلبي: وعندي أعظم ممّا عندك، أعطى رسول الله عليّا كتابا فيه أسماء

٣٧٢

أهل الجنّة وأسماء أهل النار.

وفي تفسير العيّاشي ( ج ٢؛ ١٧٨ - ١٧٩ ) في معراج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عند وصوله إلى السماء السابعة، قال: فدفع إليه كتابين، كتاب أصحاب اليمين بيمينه، وكتاب أصحاب الشمال بشماله، فأخذ كتاب أصحاب اليمين بيمينه وفتحه فنظر فيه، فإذا فيه أسماء أهل الجنّة وأسماء آبائهم وقبائلهم وفتح الأخرى؛ صحيفة أصحاب الشمال، فإذا فيها أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم ثمّ نزلصلى‌الله‌عليه‌وآله ومعه صحيفتان، فدفعهما إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام .

فترى في هذه الصحيفة المختومة الّتي نزل بها جبرئيل، وفي صحيفة المعراج، وفي الكتاب الّذي عند الأئمّة، أسماء الذين يخالفون الأئمّة، وأنّهم من أهل النار، بل إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أخبر عليّا بذلك كما تقدّم، وكتبه عليّعليه‌السلام في صحيفة؛ ففي فضائل ابن شاذان (١٤١) بالإسناد يرفعه إلى سليم بن قيس، أنّه قال: لمّا قتل الحسين بن عليّعليها‌السلام بكى ابن عبّاس بكاء شديدا، ثمّ قال: ما لقيت هذه الأمّة بعد نبيها ولقد دخلت على عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ابن عمّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بذي قار، فأخرج لي صحيفة، وقال: يا بن عبّاس، هذه الصحيفة إملاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وخطّي بيدي، قال: فقلت: يا أمير المؤمنين اقرأها عليّ، فقرأها، وإذا فيها كلّ شيء منذ قبض رسول الله إلى يوم قتل الحسينعليه‌السلام ، وكيف يقتل، ومن يقتله، ومن ينصره، ومن يستشهد معه فيها، ثمّ بكى بكاء شديدا وأبكاني، وكان فيما قرأه كيف يصنع به، وكيف تستشهد فاطمة وكيف يستشهد الحسينعليه‌السلام ، وكيف تغدر به الأمّة وكان فيها لمّا قرأها أمر أبي بكر وعمر وعثمان، وكم يملك كلّ إنسان منهم ورواه المجلسيرحمه‌الله في بحار الأنوار ( ج ٢٨؛ ٧٣ / الحديث ٣٢ ) عن كتاب الروضة لأحد علماء القرن السابع بسنده إلى سليم بن قيس.

وفي تفسير القمّي ( ج ٢؛ ٢١٢ ) قال عليّ بن إبراهيم في قوله:( وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ) - إلى قوله -( وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ ) (١) أي في كتاب مبين، وهو محكم. وذكر ابن عبّاس، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه قال: أنا والله الإمام المبين، أبيّن الحق من الباطل، وورثته من رسول الله، وهو محكم.

__________________

(١) يس؛ ١٠ - ١٢.

٣٧٣

٣٧٤

الطّرفة التاسعة عشر

روى هذه الطّرفة - عن كتاب الطّرف - العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٤٨٤ - ٤٨٥ ) ونقلها العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٩٢ - ٩٣ ) باختصار.

ودّع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أهل بيته، وأوصاهم بوصاياه، وأوصى بهم المسلمين، وقد انفرد تارة بعلي يناجيه ويحدّثه بما سيكون، وتارة بالزهراء ويخبرها بما يجري عليها، وتارة يخبرهما معا، وتارة أخرى يودّعهم جميعا الزهراء وعليّا والحسنينعليهم‌السلام ، وكان ذلك في أخريات حياته الشريفة، وسيأتي وداعه لهم عند اللحظات الأخيرة قبل الممات في الطّرفة السادسة والعشرين، وسنذكر هنا بعض ما يتعلّق بإخبارهصلى‌الله‌عليه‌وآله لهم بما يجري، واستيداعه الله أهل بيته.

ففي المختار من مسند فاطمة ( ١٤٤ / الحديث ١٣٠ ) قال: عن فاطمة الزهراءعليها‌السلام ، عن أمّ سلمة، قالت: والّذي أحلف به إن كان عليّ لأقرب الناس عهدا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، عدنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم قبض في بيت عائشة، فجعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله غداة بعد غداة يقول: جاء عليّ؟ - مرارا - وأظنّه كان بعثه في حاجة، فجاء بعد، فظنّنا أنّه له إليه حاجة، فخرجنا من البيت فقعدنا بالباب، وأكب عليه عليّعليه‌السلام ، فجعل يسارّه ويناجيه، ثمّ قبض من يومه ذلك فكان أقرب الناس به عهدا. ( ش ). وهذا رمز إلى أنّه ينقله عن المصنف لابن أبي شيبة.

وفي ينابيع المودة ( ج ٢؛ ٣٣ ) قال: وعن أم سلمة، قالت: والله به أحلف، إنّ عليّا كان لأقرب الناس عهدا بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فكنّا عند الباب، فجعل يناجي عليّا ويسارّه حتّى قبض.

أخرجه أحمد.

٣٧٥

ونقله ابن شهرآشوب في المناقب ( ج ١؛ ٢٣٦ ) عن مسند أبي يعلى وفضائل أحمد، عن أم سلمةرضي‌الله‌عنها .

وفي بشارة المصطفى ( ١٢٦ - ١٢٧ ) بسنده عن أنس، قال: جاءت فاطمة ومعها الحسن والحسينعليهم‌السلام إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في المرض الذي قبض فيه، فانكبّت عليه فاطمة وألصقت صدرها بصدره، وجعلت تبكي، فقال لها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا فاطمة، ونهاها عن البكاء، فانطلقت إلى البيت، فقال النبي ويستعبر الدموع: اللهم أهل بيتي وأنا مستودعهم كلّ مؤمن ومؤمنة، ثلاث مرّات.

وفي كتاب اليقين ( ٤٨٧ - ٤٨٨ ) بسنده عن سلمان الفارسي، قال: قلنا يوما: يا رسول الله، من الخليفة بعدك حتّى نعلمه؟ قال لي: يا سلمان أدخل عليّ أبا ذرّ المقداد وأبا أيوب الأنصاريّ، وأمّ سلمة زوجة النبي من وراء الباب، ثمّ قال: اشهدوا وافهموا عنّي، إنّ عليّ بن أبي طالب وصيّي، ووارثي، وقاضي ديني وعدتي، وهو الفاروق بين الحقّ والباطل، وهو يعسوب المسلمين، وإمام المتّقين، وقائد الغرّ المحجّلين، والحامل غدا لواء ربّ العالمين، وهو وولده من بعده، ثمّ من الحسين ابني، أئمّة تسعة، هداة مهديّون إلى يوم القيامة، أشكو إلى الله جحود أمّتي لأخي، وتظاهرهم عليه، وظلمهم له، وأخذهم حقّه.

قال: فقلنا له: يا رسول الله، ويكون ذلك؟ قال: نعم، يقتل مظلوما من بعد أن يملأ غيظا، ويوجد عند ذلك صابرا.

قال: فلمّا سمعت ذلك فاطمةعليها‌السلام أقبلت حتّى دخلت من وراء الحجاب وهي باكية، فقال لها رسول الله: ما يبكيك يا بنيّة؟ قالت: سمعتك تقول في ابن عمّك وولدي ما تقول!! قال: وأنت تظلمين، وعن حقّك تدفعين، وأنت أوّل أهل بيتي لحوقا بي بعد أربعين، يا فاطمة، أنا سلم لمن سالمك، وحرب لمن حاربك، أستودعك الله تعالى وجبرئيل وصالح المؤمنين، قال: قلت: يا رسول الله من صالح المؤمنين؟ قال: عليّ بن أبي طالب.

وفي أمالي الصدوق ( ٥٠٥ - ٥٠٩ ) بسنده عن ابن عبّاس، قال: لمّا مرض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثمّ قام رسول الله فدخل بيت أمّ سلمة فقالت أمّ سلمة: يا رسول الله مالي

٣٧٦

أراك مغموما متغيّر اللّون؟ فقال: نعيت إليّ نفسي هذه الساعة ثمّ قال: ادع لي حبيبة قلبي وقرّة عيني فاطمة تجيء، فجاءت فاطمة وهي تقول: نفسي لنفسك الفداء، ووجهي لوجهك الوقاء، يا ابتاه ألا تكلّمني كلمة!! فإني أنظر إليك وأراك مفارق الدنيا، وأرى عساكر الموت تغشاك شديدا ثمّ قال: ادعوا إليّ عليّ بن أبي طالب وأسامة بن زيد، فجاء فوضع يده على عاتق عليّ والأخرى على أسامة، ثمّ انطلقا بي إلى فاطمة، فجاءا به حتّى وضع رأسه في حجرها ...

وفي أمالي الصدوق ( ٣١١، ٣١٢ ) بسنده عن الصادق، عن أبيه، عن جدّهعليهم‌السلام ، قال: بلغ أمّ سلمة زوجة رسول الله أنّ مولى لها ينتقص عليّا ويتناوله، فأرسلت إليه إنّا كنا عند رسول الله تسع نسوة، وكانت ليلتي ويومي من رسول الله، فدخل النبي وهو متهلّل، أصابعه في أصابع عليّ، واضعا يده عليه، فقال: يا أمّ سلمة اخرجي من البيت وأخليه لنا، فخرجت وأقبلا يتناجيان، أسمع الكلام وما أدري ما يقولون فأتيت الباب، فقلت: أدخل يا رسول الله؟ قال: لا، قالت: فكبوت كبوة شديدة مخافة أن يكون ردّني من سخطة، وأنزل في شيء من السماء حتّى أتيت الباب الثالثة، فقالت: أدخل يا رسول الله؟ فقال: ادخلي يا أمّ سلمة، فدخلت وعليّ جاث بين يديه وهو يقول: فداك أبي وأمّي يا رسول الله إذا كان كذا وكذا فما تأمرني به؟ قال: آمرك بالصبر، ثمّ أعاد عليه القول الثانية فأمره بالصبر، فأعاد عليه القول الثالثة، فقال له: يا عليّ، يا أخي، إذا كان ذلك منهم فسلّ سيفك، وضعه على عاتقك، واضرب به قدما قدما حتّى تلقاني وسيفك شاهر يقطر من دمائهم، ثمّ التفت إليّ وقال: والله ما هذه الكآبة يا أم سلمه؟ قلت: للّذي كان من ردّك إيّاي يا رسول الله، فقال لي: والله ما رددتك من موجدة، وإنّك لعلى خير من الله ورسوله، ولكن أتيتني وجبرئيل عن يميني وعليّ عن يساري، وجبرئيل يخبرني بالأحداث الّتي تكون بعدي، وأمرني أن أوصي بذلك عليّا ...

وانظر هذا الخبر في أمالي الطوسي ( ٤٢٤ - ٤٢٦ ) وبشارة المصطفى ( ٥٨ - ٥٩ ) وكشف الغمّة ( ج ١؛ ٤٠٠ - ٤٠١ ) ومناقب الخوارزمي ( ٨٨ - ٩٠ ).

٣٧٧

وفي الخصال (٦٤٢) بسنده عن أم سلمة زوجة النبي، قالت: قال رسول الله في مرضه الّذي توفي فيه: ادعوا لي خليلي وأرسلت فاطمة إلى عليّ، فلمّا جاء قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فدخل، ثمّ جلّل عليّا بثوبه، قال عليّعليه‌السلام : فحدّثني بألف حديث يفتح كلّ حديث ألف حديث، حتّى عرقت وعرق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فسال عليّ عرقه، وسال عليه عرقي.

وفيه أيضا (٦٤٣) بسنده عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه الذي توفي فيه: ادعوا لي أخي، فأرسلوا إلى عليّ، فدخل، فولّيا وجوههما إلى الحائط وردّ عليهما ثوبا، فأسرّ إليه والناس محتوشون وراء الباب، فخرج عليّعليه‌السلام فقال له رجل من الناس: أسرّ إليك نبي الله شيئا؟ قال: نعم أسرّ إليّ ألف باب في كلّ باب ألف باب ...

وفي كفاية الطالب (٢٦٣) قال: والذي يدلّ على أنّ عليّا كان أقرب الناس عهدا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند وفاته، ما ذكره أبو يعلى الموصلي في مسنده، والإمام أحمد في مسنده، وأخبرنا أبو الفتح نصر الله بن أبي بكر بد مشق عن أمّ موسى، عن أمّ سلمة، قالت: والذي أحلف به إن كان عليّ لأقرب الناس عهدا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قالت: غدا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله غداة بعد غداة، يقول: جاء عليّ؟ مرارا - قالت فاطمة: كان يبعثه في حاجة - فجاء بعد، فظننت أنّ له إليه حاجة، فخرجنا من البيت، فقعدنا عند الباب، فكنت من أدناهم من الباب، فأكبّ عليه عليّعليه‌السلام ، فجعل يسارّه ويناجيه، ثمّ نهض من يومه ذلك، فكان أقرب الناس عهدا.

وهذا الحديث رواه الحاكم في المستدرك ( ج ٣: ١٣٨ ) وأحمد في مسنده ( ج ٦؛ ٣٠٠ ) والنسائي في خصائصه ( ١٣٠ - ١٣١ ).

وهذه الأحاديث كما تراها تدلّ على أنّ أمّ المؤمنين أمّ سلمة كانت وراء الباب، وأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انفرد بعلي، فحدّثه وأسرّ إليه بما سيكون بعده من أمور، وأنّه أودع فاطمة عند عليّعليهما‌السلام ، وسيأتي المزيد من التفصيل في الطّرفة السادسة والعشرين.

٣٧٨

قول الزهراءعليها‌السلام : ولذلّ ينزل بي بعدك

أخبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قبل وفاته عليّا وفاطمةعليهما‌السلام بما يجري عليهم من بعده، وقد تقدّم ذلك، ولذلك صاحت الزهراء وبكت؛ لأنّها عرفت من رسول الله أنّ القوم سيستذلّونهم ويستضعفونهم، وهذا ممّا لا خلاف فيه، فقد وقع الاستضعاف لآل محمّد والإيذاء لفاطمة، وأنزلوا الذلّ بها، وقد أخبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك.

ففي أمالي الصدوق ( ٩٩، ١٠٠ ) بسنده عن ابن عبّاس [ أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بكى لمّا رأى الزهراءعليها‌السلام فسئل عن علّة بكائه ]، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : وإنّي لمّا رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي، كأنّي بها وقد دخل الذلّ بيتها، وانتهكت حرمتها فلا تزال بعدي محزونة مكروبة باكية ثمّ ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيّام أبيها عزيزة فتكون أوّل من يلحقني من أهل بيتي، فتقدم عليّ محزونة، مكروبة، مغمومة، مغصوبة، مقتولة، فأقول عند ذلك: اللهم العن من ظلمها، وعاقب من غصبها، وأذلّ من أذلّها، وخلّد في نارك من ضرب جنبيها حتّى ألقت ولدها. ومثله في فرائد السمطين ( ج ٢؛ ٣٤ - ٣٥ ) وبشارة المصطفى ( ١٩٨ - ١٩٩ ) وإرشاد القلوب (٢٩٥) وبيت الأحزان ( ٧٣ - ٧٤ ).

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٢٠٨ ) من كلام للزهراء مع عليّعليهما‌السلام ، قالت فيه: ليتني متّ قبل ذلّتي. وفي التهاب نيران الأحزان (٨٦) قالت: ليتني متّ قبل منيّتي، ودون ذلّتي.

وسيأتي تفصيل استذلالهم لأمير المؤمنين والزهراء، من حرق الدار، وجرّ عليّ للبيعة قسرا، وكسر ضلعها، وإسقاط جنينها، وغيرها من وجوه الظلم والاستذلال لآل محمّدعليهم‌السلام .

يا أبا الحسن، هذه وديعة الله ووديعة رسوله محمّد عندك، فاحفظ الله واحفظني فيها، وإنّك لفاعل يا عليّ

قال ابن شهرآشوب في المناقب ( ج ٣؛ ٣٣٧ ) عن ابن عباس، قال: فأوصى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى عليّعليه‌السلام بالصبر عن الدنيا، وبحفظ فاطمةعليها‌السلام ....

٣٧٩

وفي كتاب اليقين (٤٨٨) بسنده عن جابر بن عبد الله الأنصاري، عن سلمان الفارسي، قال [ حديث طويل للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنبأهم فيه بما يصيب أهل بيته، ثمّ قال لفاطمةعليها‌السلام ]: يا فاطمة أنا سلم لمن سالمك، وحرب لمن حاربك، أستودعك الله تعالى وجبرئيل وصالح المؤمنين، قال: قلت: يا رسول الله من صالح المؤمنين؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : عليّ بن أبي طالب.

وكذلك أوصى النبي جميع المسلمين بأهل بيته، وقد مرّ قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الله الله في أهل بيتي، أوصيكم خيرا بأهل بيتي »، وما شابهها من وصايا النبي بأهل بيته، ففي بشارة المصطفى (١٢٧) بسنده عن أنس، قال: جاءت فاطمة ومعها الحسن والحسينعليهم‌السلام إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في المرض الذي قبض فيه، فانكبّت عليه فاطمة، وألصقت صدرها بصدره، وجعلت تبكي، فقال لها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا فاطمة، ونهاها عن البكاء، فانطلقت إلى البيت، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ويستعبر الدموع: اللهم أهل بيتي، وأنا مستودعهم كلّ مؤمن ومؤمنه، ثلاث مرّات.

وقد حفظ بعض المسلمين رسول الله في أهله، وبعضهم لم يحفظه، بل نقضوا العهد وفعلوا الأفاعيل المنكرة، وكان عليّعليه‌السلام - مظلوم التاريخ الأكبر - أوّل من نفّذ وصيّة الرسول، وحافظ على الزهراء والحسنينعليهم‌السلام - وخصوصا الزهراءعليها‌السلام - أشدّ المحافظين، فقد ثبت قول عليّعليه‌السلام في ندبته الرائعة للزهراءعليها‌السلام عند ما دفنها وتوجه إلى قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قائلا: السلام عليك يا رسول الله عنّي، والسلام عليك عن ابنتك وزائرتك، والبائتة في الثرى ببقعتك، والمختار الله لها سرعة اللحاق بك قد استرجعت الوديعة ...

انظر هذه الندبة في الكافي ( ج ١؛ ٤٥٨ - ٤٥٩ ) وأمالي المفيد ( ٢٨١ - ٢٨٣ ) وأمالي الطوسي ( ١٠٩، ١١٠ ) ودلائل الإمامة ( ٤٧ - ٤٨ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٣٦٤ ) وبشارة المصطفى (٢٥٩) وتذكرة الخواص (٣١٩). وسيأتي المزيد في إنفاذ عليّعليه‌السلام جميع وصاياها ودفنها سرّا، ولم يحضر الشيخين دفنها، عند قوله: « يا عليّ انفذ لما أمرتك به فاطمة » بعد قليل.

٣٨٠