طرف من الأنباء والمناقب

طرف من الأنباء والمناقب9%

طرف من الأنباء والمناقب مؤلف:
المحقق: الشيخ قيس العطّار
الناشر: انتشارات تاسوعاء
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 653

طرف من الأنباء والمناقب
  • البداية
  • السابق
  • 653 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 210637 / تحميل: 6559
الحجم الحجم الحجم
طرف من الأنباء والمناقب

طرف من الأنباء والمناقب

مؤلف:
الناشر: انتشارات تاسوعاء
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

( ج ١؛ ٢١٥ ) والدّر المنثور ( ج ٣؛ ٢٨ ) والانتصار (١٠٥) وتفسير التبيان ( ج ٣؛ ٤٥٢ ) ومجمع البيان ( ج ٣؛ ٢٠٧ ).

وأنس بن مالك. انظر تفسير الطبريّ ( ج ١٠؛ ٥٨ ) وأحكام القرآن لابن العربي ( ج ٢؛ ٥٧٧ ) وتفسير الرازيّ ( ج ١١؛ ١٦١ ) والمغني لابن قدامة ( ج ١؛ ١٥٠ ) والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ( ج ٦؛ ٩٢ ) وشرح المهذب للنووي ( ج ١؛ ٤١٨ ) والدرّ المنثور ( ج ٣؛ ٢٨ ) والانتصار (١٠٦) والتبيان ( ج ٣؛ ٤٥٢ ).

وعبد الله بن مسعود، وسلمان الفارسي، وأبو ذرّ الغفاري، وعمّار بن ياسر، وأئمّة أهل البيتعليهم‌السلام جميعا. انظر نهاية الإقدام - في أوائل الكتاب - وهو مخطوط. كما ذهب إلى ذلك صحابة آخرون، وجمع من التابعين وفقهاء العامّة.

والوقوف عند الشبهة إلى الإمام، فإنّه لا شبهة عنده

في تفسير العيّاشي ( ج ١؛ ٢٨٦، ٢٨٧ ) عن عبد الله بن جندب، قال: كتب إليّ أبو الحسن الرضاعليه‌السلام : ذكرت رحمك الله وذكر في آخر الكتاب: أنّ هؤلاء القوم سنح لهم شيطان اغترّهم بالشبهة، ولبّس عليهم أمر دينهم بل كان الفرض عليهم والواجب لهم من ذلك الوقوف عند التحيّر، وردّ ما جهلوه من ذلك إلى عالمه ومستنبطه؛ لأن الله يقول في محكم كتابه:( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) (١) . يعني آل محمّد ...

وفي بصائر الدرجات ( ٤٣٢ - ٤٣٣ ) / الباب ١٧ من الجزء الثامن - الحديث ٢ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: ولا يقبل الله أعمال العباد إلاّ بمعرفته، فهو عالم بما يرد من ملتبسات الوحي ومعمّيات السنن ومشتبهات الفتن وانظر ما في الكافي ( ج ١؛ ٢٠٣ ) عن الصادق مثله.

وهذا المعنى من مسلّمات عقائد الإماميّة. انظر ما يتعلق بهذا المعنى الكافي ( ج ١؛ ١٧٨، ٢١٠، ٢١٢ ) وفيه تسعة أحاديث في أنّ أهل الذكر الذين أمر الله الخلق

__________________

(١) النساء؛ ٨٣

٢٢١

بسؤالهم هم الأئمّةعليهم‌السلام ، و ( ج ١؛ ٢٦٩، ٢٧٦ ). وانظر المسترشد في الإمامة (٦٠٢) وينابيع المودّة ( ج ١؛ ٢٣ ) و ( ج ٣؛ ٩٨ ) وحلية الأولياء ( ج ١؛ ٦٣ ) ومناقب الخوارزمي (٤٢) وتاريخ دمشق ( ج ٢؛ ٢٥٩ ) في أنّ عليّا يبيّن للناس ما اشتبه عليهم وما اختلفوا فيه من بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وطاعة وليّ الأمر بعدي، ومعرفته في حياتي وبعد موتي، والأئمّة: من بعده واحدا فواحدا

في ذلك نزل قوله تعالى:( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (١) ، ففي الكافي ( ج ١؛ ١٨٧ ) عن الحسين بن أبي العلاء، قال: ذكرت لأبي عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قولنا في الأوصياء « أنّ طاعتهم مفترضة »، قال: فقال: نعم، هم الذين قال الله تعالى:( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (٢) ...

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٨٢ ) عن جابر الجعفي في تفسيره، عن جابر الأنصاريّ، قال: سألت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن قوله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) (٣) عرفنا الله ورسوله فمن أولو الأمر؟ قال: هم خلفائي يا جابر، وأئمّة المسلمين من بعدي، أوّلهم عليّ بن أبي طالب، ثمّ الحسن ثمّ الحسين، ثمّ عليّ بن الحسين، ثمّ محمّد بن عليّ المعروف في التوراة بالباقر، وستدركه يا جابر، فإذا، لقيته فأقرئه منّي السلام، ثمّ الصادق جعفر بن محمّد، ثمّ موسى بن جعفر، ثمّ عليّ بن موسى، ثمّ محمّد بن عليّ، ثمّ عليّ بن محمّد، ثمّ الحسن بن عليّ، ثمّ سميّي وكنيّي حجّة الله في أرضه وبقيّته في عباده ابن الحسن بن عليّ، الذي يفتح الله على يده مشارق الأرض ومغاربها، ذاك يغيب عن شيعته غيبة لا يثبت على القول بإمامته إلاّ من امتحن الله قلبه بالإيمان.

__________________

(١) النساء؛ ٥٩

(٢) النساء؛ ٥٩

(٣) النساء؛ ٥٩

٢٢٢

وانظر تفسير الآية ونزولها في عليّعليه‌السلام ، وفيه وفي ولديه، وفيه وفي الأئمّةعليهم‌السلام ، في شواهد التنزيل ( ج ١؛ ١٨٩ - ١٩١ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ١٥ ) وتفسير العيّاشي ( ج ١؛ ٢٧٦ ) وتفسير فرات ( ١٠٧ - ١١١ ) وكشف الغمّة ( ج ١؛ ٣٢٣ ) وتفسير القمّي ( ج ١؛ ١٤١ ) وينابيع المودّة ( ج ١؛ ١١٤ - ١١٦ ).

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ١٣ ) قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعائشة - بعد أن سألته عن معنى السيّد في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : عليّ سيّد العرب -: قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : من افترضت طاعته كما افترضت طاعتي.

وقد تظافر قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : عليّ وليكم بعدي

في الكافي ( ج ١؛ ١٨٥ - ١٩٠ ) سبعة عشر حديثا في فرض طاعة الأئمّةعليهم‌السلام ، منها ما رواه في ( ج ١؛ ١٨٨، ١٨٩ ) عن الصادقعليه‌السلام : فأشهد أنّ عليّا كان قيّم القرآن، وكانت طاعته مفترضة، وكان الحجّة على الناس بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . وانظر كفاية الأثر (٢١٧) وأمالي الطوسي (٥٦٢) وأمالي المفيد (١٨) وكشف الغمّة ( ج ١؛ ٣٩٤ ) وبشارة المصطفى (٢٣) وسنن الترمذيّ ( ج ٢؛ ٢٩٧ ) ومسند أحمد ( ج ٤؛ ٤٣٧ ) و ( ج ٥؛ ٣٥٦ ) وسنن أبي داود ( ج ٣؛ ١١١ ) وحلية الأولياء ( ج ٦؛ ٢٩٤ ) وخصائص النسائي ( ١٩، ٢٣ ) والرياض النضرة ( ج ٢؛ ١٧١، ٢٠٣ ) وكنز العمال ( ج ٦؛ ١٥٤، ١٥٩، ٣٩٦ ) ومجمع الزوائد ( ج ٩؛ ١٢٨، ١٩٩ ) وتاريخ بغداد ( ج ٤؛ ٣٣٩ ) وأسد الغابة ( ج ٥؛ ٩٤ ) والإصابة ( ج ٢؛ ٥٠٩ ).

وأمّا معرفة الإمام في حياته وبعد موته

فيدلّ عليه جميع الأدلّة الدالّة على أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بمعرفة أهل بيته والأئمّة الاثني عشرعليهم‌السلام كما سيأتي، وأوامره المتكررة بمعرفة عليّعليه‌السلام ومتابعته في حياته وبعد وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد ورد وجوب معرفتهمعليهم‌السلام في كثير من الأحاديث والروايات، منها:

ما رواه الكليني في الكافي ( ج ١؛ ١٨٠ ) عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن زرارة، قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : أخبرني

٢٢٣

عن معرفة الإمام منكم واجبة على جميع الخلق؟ فقالعليه‌السلام : إنّ الله عزّ وجلّ بعث محمّدا إلى الناس أجمعين رسولا وحجّة لله على جميع خلقه في أرضه، فمن آمن بالله وبمحمّد رسول الله واتّبعه وصدّقه فإنّ معرفة الإمام منّا واجبة عليه، ومن لم يؤمن بالله وبرسوله ولم يتّبعه ولم يصدّقه ويعرف حقّهما فكيف يجب عليه معرفة الإمام وهو لا يؤمن بالله ورسوله ويعرف حقّهما؟! ...

وفيه أيضا ( ج ١؛ ١٨٠ ) عن أحدهماعليهما‌السلام أنّه قال: لا يكون العبد مؤمنا حتّى يعرف الله ورسوله والأئمّة صلوات الله عليهم كلّهم، وإمام زمانه، ويردّ إليه ويسلّم له، ثمّ قال: كيف يعرف الآخر وهو يجهل الأوّل؟!

وفي الكافي أيضا ( ج ١؛ ١٨٠ - ١٨٥ ) أربعة عشر حديثا في معرفة الإمام والردّ إليه.

وأمّا طاعة ومعرفة الأئمّة من بعد عليّعليهم‌السلام واحدا فواحدا

فقد فاقت النصوص فيها العدّ والحصر، وقد صرّح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بأنّ الأئمّة من بعده اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش أو كلّهم من بني هاشم، وذلك من طرق الفريقين. انظر ينابيع المودّة ( ٣؛ ١٠٤، ١٠٧ )، ذكر يحيى بن الحسن في كتاب العمدة من عشرين طريقا في أنّ الخلفاء بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش، في البخاري من ثلاثة طرق، وفي مسلم من تسعة طرق، وفي أبي داود من ثلاثة طرق، وفي الترمذي من طريق واحد، وفي الحميدي من ثلاثة طرق. وانظر العمدة ( ٤١٦ - ٤٢٣ ) وفرائد السمطين ( ج ٢؛ ١٤٧ - ١٥٠ ) والخصال ( ٤٦٧ - ٤٦٩ ). وقد أخرج هذا الحديث عن عليّعليه‌السلام ، وعبد الله بن مسعود، وجابر بن سمرة، وجابر الأنصاريّ، وسلمان الفارسي، وعبد الله بن عباس، القندوزي الحنفي - في ينابيع المودّة ( ج ٣؛ ١٠٥ ) - وقال: قال بعض المحقّقين: إنّ الأحاديث الدالّة على كون الخلفاء بعده اثني عشر قد اشتهرت من طرق كثيرة، فبشرح الزمان وتعريف الكون والمكان علم أنّ مراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من حديثه هذا الأئمّة الاثنا عشر من أهل بيته وعترتهعليهم‌السلام .

٢٢٤

وأمّا الأحاديث المصرّحة بأسمائهمعليهم‌السلام فهي أيضا كثيرة جدّا، بل روى بعضها أعلام العامّة، فقد روى أسماءهم واحدا واحدا عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الحمويني في فرائد السمطين ( ج ٢؛ ١٣٢ - ١٣٥، ١٥٣ ) وفي مواضع أخرى من كتابه، ورواهم القندوزيّ الحنفي في ينابيع المودّة ( ج ٣؛ ٩٩ - ١٠٣ ) وغيرهما.

وفي كفاية الأثر ( ٢١٣ - ٢١٩ ) عن علقمة بن قيس، قال: خطبنا أمير المؤمنينعليه‌السلام على منبر الكوفة فقام إليه رجل - يقال له عامر بن كثير - فقال: يا أمير المؤمنين لقد أخبرتنا عن أئمّة الكفر وخلفاء الباطل، فأخبرنا عن أئمّة الحقّ وألسنة الصدق بعدك؟ قال: نعم، إنّه بعهد عهده إليّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ هذا الأمر يملكه اثنا عشر إماما، تسعة من صلب الحسين قلت: يا رسول الله أفلا تسمّيهم لي؟

قال: نعم، أنت الإمام والخليفة بعدي، تقضي ديني وتنجز عداتي، وبعدك ابناك الحسن والحسين، وبعد الحسين ابنه عليّ زين العابدين، وبعده ابنه محمّد يدعى بالباقر، وبعد محمّد ابنه جعفر يدعى بالصادق، وبعد جعفر ابنه موسى يدعى بالكاظم، وبعد موسى ابنه عليّ يدعى بالرضا، وبعد عليّ ابنه محمّد يدعى بالزكي، وبعد محمّد ابنه عليّ يدعى بالنقي، وبعد عليّ ابنه الحسن يدعى بالأمين، والقائم من ولد الحسن، سميّي وأشبه الناس بي، يملؤها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.

هذا، وقد ثبت بالروايات الصحيحة المتظافرة أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نصّ عليهم بأسمائهم جميعاعليهم‌السلام ، وأنّ كلّ إمام كان ينصّ على من بعده. وحسبك ما رواه أبو القاسم الخزّاز من علماء القرن الرابع في كتابه « كفاية الأثر في النصّ على الأئمّة الاثني عشر »، وما رواه الكليني في الكافي ( ج ١؛ ٢٨٦ - ٣٢٩، ٥٢٥ - ٥٣٥ ) وما في كتاب الإمامة والتبصرة من الحيرة، لوالد الشيخ الصدوقرحمه‌الله .

والبراءة من الأحزاب تيم وعدي وأميّة وأشياعهم وأتباعهم

هذا التعبير جاء في روايات أهل البيتعليهم‌السلام مرادا منه أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية،

٢٢٥

وهذا كثير في كلام العرب، قال السيّد المرتضى - في شرح القصيدة المذهّبة (٨٩) في شرح البيت السادس عشر من القصيدة، وهو قوله:

أإلى أميّة أم إلى شيع الّتي

جاءت على الجمل الخدبّ الشوقب

ـ قال: ذكر القبيلة نفسها وأراد أبناءها ومن نسلت، وهذا في الكلام المنظوم والمنثور كثير.

وقد عبّر عنهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بالأحزاب لأنّهم من الّذين نفّروا ناقته وحاولوا اغتياله في ليلة العقبة، وهم الذين كتبوا الصحيفة لإزواء الخلافة عن عليّعليه‌السلام ، وهم الّذين لم يؤمنوا بالله طرفة عين أبدا، وقد اتّفق الشيخان وابنتاهما على أن يسمّوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان أبو سفيان رئيس الأحزاب المجمع لهم في غزوة الخندق ( الأحزاب ) كما في تطهير الجنان (٥٤) وكان معه معاوية ابنه، وكانت راية المشركين يوم أحد مع طلحة بن أبي طلحة العدويّ من بني عبد الدار كما في تفسير القمّي ( ج ١؛ ١١٢ ) وكان عبيد الله بن عمر بن الخطّاب من زعماء جيش معاوية في صفّين، وامتنع عبد الله بن عمر عن بيعة عليّعليه‌السلام وبايع الحجّاج من بعد، وهم من بني عدي، وكانت تيم أيضا تبغض عليّا، وقد خرجت عائشة منهم على عليّعليه‌السلام ، وكانت تقول - كما في الطبريّ ( ج ٥؛ ٢٢٢ ) والعقد الفريد ( ج ٥؛ ٧٤ ) -: « ما زلت أرجو النصر حتّى خفيت أصوات بني عدي »، وخرج معها مروان وسائر بني أميّة إلاّ من خشع كما في الطبريّ ( ج ٥؛ ١٦٩ ) واجتمعت بنو أميّة إلى عائشة، وتشاوروا وقالوا: كلنا نطلب بدم عثمان، ورأسهم عبد الله بن عامر الحضرمي، ومروان بن الحكم، والمشار إليهما طلحة والزبير كما في تذكرة الخواص (٦٥) وقد قاتل الأمويون النبي والوصي صلوات الله عليهما، ولذلك قال عليّعليه‌السلام في صفين: « انفروا إلى بقية الأحزاب » كما في تطهير الجنان (٥٤) وتقريب المعارف (٢٩٤) وقال عمّار بن ياسر لأبي زينب: « أثبت أبا زينب ولا تشك في الأحزاب عدوّ الله ورسوله » كما في صفين (١٠١) وقالرحمه‌الله : « إنّ مراكزنا على مراكز رايات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم بدر ويوم أحد ويوم حنين، وإنّ هؤلاء على مراكز رايات المشركين من الأحزاب » كما في صفّين (٣٢١).

ورقى عثمان المنبر فقال: « أيّها الناس إنّ أبا بكر كان يؤثر بني تيم على الناس، وإنّ عمر

٢٢٦

كان يؤثر بني عدي على كلّ الناس، وإنّي أؤثر والله بني أميّة على سواهم » كما في أمالي المفيد (٧٠).

وفي شرح النهج ( ج ٦؛ ٢١ ) روى الزبير بن بكار، قال: روى محمّد بن إسحاق أنّ أبا بكر لمّا بويع افتخرت تيم بن مرّة، قال: وكان عامّة المهاجرين وجلّ الأنصار لا يشكّون أنّ عليّاعليه‌السلام هو صاحب الأمر بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال الفضل بن العبّاس: « يا معشر قريش، وخصوصا يا بني تيم، إنّكم إنّما أخذتم الخلافة بالنبوّة، ونحن أهلها دونكم ». وانظر الموفقيات (٥٨٠).

وفي شرح النهج أيضا ( ج ٦؛ ١٨ ) قال ابن أبي الحديد: والذي ثبت عندي أنّ أوّل من بايعه عمر.

وفي الشرح أيضا ( ج ٦؛ ١١ ) قال: واجتمعت بنو أمية إلى عثمان بن عفّان فقام عثمان ومن معه فبايعوا أبا بكر.

هذه النصوص وغيرها تبيّن أنّ التحزّب التيمي والعدوي والأموي كان وراء غصب عليّ وأهل البيتعليهم‌السلام الخلافة، وهذه حقيقة ثابتة من حقائق التاريخ، ذكرت تفاصيلها في كلّ كتاب أرّخ بيعة السقيفة الظالمة، ولذلك عبّر أبو سفيان بشعره عن هذه الأحزاب بقوله يحرّض عليّاعليه‌السلام :

بني هاشم لا تطمعوا الناس فيكم

و لا سيّما تيم بن مرّة أوعدي

انظر شعره في الموفقيات (٥٧٧) وشرح النهج ( ج ٦؛ ١٧ ).

فهؤلاء هم الأحزاب وبقية الأحزاب الّذين قاتلوا النبي والوصي صلوات الله عليهما. وسيأتي مثل هذا المعنى في الطّرفة (٢٤) وأنّ الناكثين والقاسطين والمارقين أيضا من الأحزاب.

وقد ورد ذمّهم والبراءة منهم صريحا في روايات أهل البيتعليهم‌السلام ، فمن ذلك ما في الكافي ( ج ٨؛ ٣٤٥ ) عن زرارة، عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال: أصبح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوما كئيبا حزينا، فقال له عليّعليه‌السلام : مالي أراك يا رسول الله كئيبا حزينا؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : وكيف لا أكون كذلك وقد رأيت في ليلتي هذه أنّ بني تيم وبني عدي وبني أميّة يصعدون على منبري هذا،

٢٢٧

يردّون الناس عن الإسلام القهقرى، فقلت: يا ربّ في حياتي أو بعد موتي؟ فقال: بعد موتك.

وفي تفسير العيّاشي ( ج ٢؛ ٣٢١ ) عن عبد الرحيم القصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله تعالى( وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ ) (١) قال: أري رجالا من بني تيم وعدي على المنابر يردّون الناس عن الصراط القهقرى، قلت( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) (٢) قال: هم بنو أميّة.

وفي تفسير القمّي ( ج ٢؛ ٣٨٩، ٣٩٠ ) قالت قريش: فمتى يكون ما تعدنا يا محمّد من أمر عليّ والنار، فأنزل الله( حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ ) (٣) يعني الموت والقيامة( فَسَيَعْلَمُونَ ) (٤) يعني فلانا وفلانا وفلانا ومعاوية وعمرو بن العاص وأصحاب الضغائن من قريش( مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً ) (٥) ...

وفي الكافي ( ج ١؛ ٤٢٦ ) عن عليّ بن جعفر، قال: سمعت أبا الحسن الكاظمعليه‌السلام يقول: لمّا رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تيما وعديّا وبني أميّة يركبون منبره أفظعه، فأنزل الله قرآنا يتأسى به ....

وفي كتاب سليم (١٩٢) عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال في حديث: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد كان أخبرني أنّه رأى على منبره اثني عشر رجلا أئمّة ضلال من قريش، يصعدون منبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وينزلون على صورة القرود، يردّون أمّته على أدبارهم عن الصراط المستقيم، اللهم قد خبّرني بأسمائهم رجلا رجلا وكم يملك كلّ واحد منهم، واحدا بعد واحد، عشرة منهم من بني أميّة، ورجلين من حيّين مختلفين من قريش، عليهما مثل أوزار الأمّة جميعا إلى يوم القيامة، ومثل جميع عذابهم، فليس دم يهرق في غير حقّه، ولا فرج يغشى، ولا حكم بغير حقّ إلاّ كان عليهما وزره.

وفي تقريب المعارف (٢٤٢) قول عليّعليه‌السلام للحارث الأعور: ابرأ منهما. وفي المصدر

__________________

(١) الإسراء؛ ٦٠

(٢) الإسراء؛ ٦٠

(٣) مريم؛ ٧٥

(٤) الجنّ؛ ٢٤

(٥) الجنّ؛ ٢٤

٢٢٨

نفسه (٢٤٥) قول الباقرعليه‌السلام : الله ورسوله منهما بريئان، وفيه أيضا (٢٤٨) قول الصادقعليه‌السلام : ابرأ منهما برأ الله ورسوله منهما. وفي الكافي ( ج ٨؛ ٢٣٧ ) أن أمّ خالد قالت للصادقعليه‌السلام : فإن هذا الذي معك [ تعني أبا بصير ] على الطنفسة يأمرني بالبراءة منهما، وكثير النوّاء يأمرني بولايتهما، فأيّهما خير وأحبّ إليك؟ قال: هذا والله أحبّ إليّصلى‌الله‌عليه‌وآله من كثير النوّاء وأصحابه.

وقد ثبت عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه ما مات حتّى دعا بالويل على بني أميّة وهو عنهم غير راض. انظر مستدرك الحاكم ( ج ٤؛ ٤٧٩، ٤٨٠، ٤٨٧ ) وكنز العمال ( ج ٦؛ ٤٠، ٦٨، ٩١ ) و ( ٧؛ ١٤٢، ١٧١ ) وحلية الأولياء ( ج ٦؛ ٢٩٣ ).

ونزل قوله تعالى:( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) (١) في بني أميّة، وبني الحكم. انظر الدّر المنثور ( ج ٤؛ ١٩١ ) وتطهير الجنان (١٤٣) وكنز العمال ( ج ٧؛ ١٤٢ ) وسنن الترمذيّ ( ج ٢؛ ٣٥ ) وتفسير الطبريّ ( ج ٣٠؛ ١٦٧ ) ومستدرك الحاكم ( ج ٣؛ ١٧٠ ) وتفسير القمّي ( ج ٢؛ ٢١ ) ومجمع البيان ( ج ٣؛ ٤٢٤ ) والتبيان ( ج ٦؛ ٤٩٤ ) والكشّاف ( ج ٢؛ ٦٧٦ ) والسيرة الحلبية ( ج ١؛ ٣٣٧ ) وتفسير القرطبي ( ج ١٠؛ ٢٨٦ ) وتفسير الشوكاني ( ج ٥؛ ٢٦٣ ) وتفسير النيسابوريّ بهامش الطبريّ ( ج ١٥؛ ٥٥ ) والخصائص الكبرى ( ج ٢؛ ١١٨ ) وتفسير العيّاشي ( ج ٢؛ ٣٢٠، ٣٢١ ) وانظر في هذا الشأن تخريجات الغدير ( ج ٨؛ ٢٤٨ ).

وقد صرّح عليّعليه‌السلام بهذا المعنى، وأنّه كان يعاديهم ويبرأ منهم، ففي الكافي ( ج ٨؛ ١٠٣ ) عن الباقرعليه‌السلام قال: إنّ عمر لقي عليّاعليه‌السلام فقال له: أنت الذي تقرأ هذه الآية( بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ ) (٢) وتعرّض بي وبصاحبي؟! قال: فقال له عليّعليه‌السلام : أفلا أخبرك بآية نزلت في بني أميّة( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ ) (٣) ، فقال عمر: كذبت، بنو أميّة أوصل للرحم منك، ولكنّك أبيت إلاّ عداوة لبني تيم وبني عدي وبني أميّة.

وقالعليه‌السلام - كما في مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٢٠٢ ) -: وبي كان [ رسول الله ] يبري

__________________

(١) الإسراء؛ ٦٠

(٢) القلم؛ ٦

(٣) محمّد؛ ٢٢

٢٢٩

جماجم البهم وهام الأبطال، إلى أن فزعت تيم إلى الفرار، وعديّ إلى الانتكاص.

وقالعليه‌السلام أيضا في المصدر نفسه ( ج ٢؛ ٢٠٣ ): سبقني إليها التيمي والعدوي كسباق الفرس، احتيالا واغتيالا وخدعة وغيلة، ثمّ قال بعد كلام له: يا معشر المهاجرين والأنصار أين كان سبقة تيم وعديّ ألا كانت يوم الأبواء إذ تكاثفت الصفوف؟! ...

وقد اتّفقت روايات أهل البيتعليهم‌السلام وسيرتهم وفي أدعيتهم على لعن الثلاثة ومن تابعهم وشايعهم، وهو معنى آخر للبراءة منهم، ففي التهذيب ( ج ٢؛ ٣٢١ ): سمعنا أبا عبد اللهعليه‌السلام وهو يلعن في دبر كلّ صلاة مكتوبة أربعة من الرجال وأربعا من النساء: التيمي والعدويّ وفعلان ومعاوية، ويسمّيهم، وفلانة وفلانة وهند وأمّ الحكم أخت معاوية.

وفي تقريب المعارف (٢٤٤) عن السجادعليه‌السلام : هما أوّل من ظلمنا حقّنا، وأخذا ميراثنا، وجلسا مجلسا كنّا أحقّ به منهما، فلا غفر الله لهما، ولا رحمهما، كافران كافر من تولاّهما.

وانظر في لعنهما والبراءة منهما الكافي ( ج ١؛ ٣٧٤ ) و ( ج ٢؛ ٥٢٩، ٥٣٠ ) و ( ج ٨؛ ١٠٢، ١٠٣، ٢٤٥، ٢٤٦ ) والتهذيب ( ج ٤؛ ١٤٥ ) وكتاب سليم (١٩٢) والخصال (١٠٦) ورجال الكشي ( ج ٢؛ ٤٦١ ) والاحتجاج ( ج ٢؛ ٤٦٥ ) وتقريب المعارف ( ٢٣٧ - ٢٥٧ ) وتفسير العيّاشي ( ج ١؛ ٣٨ ) وتفسير القمي ( ج ٢؛ ١٤، ٢١ ) وتقريب المعارف أيضا ( ٢٤٨ - ٢٥٣ ) ففيه عدّة روايات بأسانيد متعددة.

وقد استقصى ذلك العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار / المجلد الثامن من الطبع الحجريّ - باب « كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح أعمالهم ».

وأن تمنعني ممّا تمنع منه نفسك

لقد بايع المسلمون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيعة العقبة، وكان شرط عليهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شروطا لله ولنفسه، فأمّا الشروط الّتي لله فهي الترغيب في الإسلام وإطاعة الله، واشترط عليهم لنفسه أن يمنعوه وأهل بيته وذريتهعليهم‌السلام ممّا يمنعون منه أنفسهم وأهاليهم وذراريهم.

ففي تفسير القمّي ( ج ١؛ ٢٧٢، ٢٧٣ ): لمّا أظهر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الدعوة بمكّة قدمت

٢٣٠

عليه الأوس والخزرج، فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : تمنعوني وتكونون لي جارا حتّى أتلو عليكم كتاب ربّي وثوابكم على الله الجنّة؟ فقالوا: نعم، خذ لربّك ولنفسك ما شئت، فقال لهم: موعدكم العقبة في اللّيلة الوسطى من ليالي التشريق، فحجّوا ورجعوا إلى منى، وكان فيهم ممّن قد حجّ بشر كثير، فلمّا كان اليوم الثاني من أيّام التشريق، قال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان اللّيل فاحضروا دار عبد المطلّب على العقبة، ولا تنبّهوا نائما، ولينسلّ واحد فواحد، فجاء سبعون رجلا من الأوس والخزرج فدخلوا الدار، فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : تمنعوني وتجيروني حتّى أتلو عليكم كتاب ربّي وثوابكم على الله الجنّة؟ فقال سعد بن زرارة والبراء بن معرور وعبد الله بن حزام: نعم يا رسول الله، اشترط لربّك ولنفسك ما شئت، فقال: أمّا ما أشترط لربّي فأن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأشترط لنفسي أن تمنعوني ممّا تمنعون أنفسكم وتمنعوا أهلي ممّا تمنعون أهاليكم وأولادكم، فقالوا: وما لنا يا رسول الله؟ فقال: الجنّة في الآخرة ....

وفي الكافي ( ج ٨؛ ٢٦١ ) عن الصادقعليه‌السلام ، قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : كنت أبايع لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على العسر واليسر والبسط والكره، إلى أن كثر الإسلام وكثف، قال: وأخذ عليهم عليّعليه‌السلام أن يمنعوا محمّدا وذريته صلوات الله عليهم ممّا يمنعون منه أنفسهم وذراريهم، فأخذتها عليهم، نجا من نجا وهلك من هلك.

وانظر مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٢٤ ) والسقيفة وفدك (٦٩) وشرح النهج ( ج ٦؛ ٤٤ ) وتاريخ الطبريّ ( ج ٢؛ ٢٣٨، ٢٣٩ ) وتاريخ ابن الأثير ( ج ٢؛ ٩٨، ٩٩ ) وتاريخ ابن خلدون ( ج ٢؛ ٤١٨ ) وتاريخ اليعقوبي ( ج ٢؛ ٣٨ ) وسيرة ابن هشام ( ج ٢؛ ٤٤٢ ) والروض الأنف ( ج ٤؛ ٨٢ ).

وزاد ابن هشام في سيرته ( ج ٢؛ ٤٥٤ ) المبايعة بشرط: وأن لا ننازع الأمر أهله، وأن نقول بالحقّ أينما كنّا، لا نخاف في الله لومة لائم. وهو أيضا في الروض الأنف ( ج ٤؛ ١٣٥ ) وأنساب الأشراف ( ج ١؛ ٢٩٤ ).

وواضح أنّ عليّاعليه‌السلام كان قد بايع لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على ذلك ووفى به، ولذلك كان

٢٣١

هوعليه‌السلام يأخذ منهم البيعة على ذلك، نجا من نجا وهلك من هلك منهم.

وقد وفى عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ببيعته فلم يفرّ ولم ينكل في حرب، ولم يترك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ تركه الثلاثة وغيرهم فلم يفوا بالبيعة، فلذلك عدّ عليّ نقض شروط هذه البيعة كفرا بالله، ففي كشف الغمّة ( ج ١؛ ١٩٢، ١٩٤ ) روى عكرمة، قال: سمعت عليّاعليه‌السلام يقول: لمّا انهزم الناس عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم أحد لحقني من الجزع عليه ما لم أملك نفسي، وكنت أمامه أضرب بسيفي بين يديه، فرجعت أطلبه فلم أره، فقلت: ما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليفرّ، وما رأيته في القتلى وحملت على القوم فأفرجوا، فإذا أنا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد وقع مغشيّا عليه، فنظر إليّ وقال: ما فعل الناس يا عليّ؟ قلت: كفروا يا رسول الله وولّوا الدّبر وأسلموك. ونقل هذا الخبر في كشف اليقين (١٢٨) وفيه: أنّ عليّاعليه‌السلام قال: للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : نقضوا العهد وولّوا الدّبر.

وفي حديث عمران بن حصين - كما في كشف الغمّة ( ج ١؛ ١٩٤ ) - قال: لمّا تفرّق الناس عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جاء عليّعليه‌السلام متقلّدا بسيفه حتّى قام بين يديه، فرفعصلى‌الله‌عليه‌وآله رأسه إليه وقال: مالك لم تفرّ مع الناس؟ فقالعليه‌السلام : يا رسول الله أرجع كافرا بعد إسلامي؟!

وكان ممّن ثبت ذلك اليوم أبو دجانة الأنصاري، ففي الكافي ( ج ٨؛ ٣٢٠ ) قال: فلم يزل يقاتل حتّى أثخنته الجراحة فلمّا سقط احتمله عليّعليه‌السلام فجاء به إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فوضعه عنده، فقال: يا رسول الله أوفيت ببيعتي؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : نعم.

وفي تفسير فرات (٩٤) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أبا دجانة ذهب الناس فالحق بقومك، فقال أبو دجانة: يا رسول الله ما على هذا بايعناك وبايعنا الله، ولا على هذا خرجنا.

فكان عليّعليه‌السلام قد وفى ببيعته لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في هذه الوقعة وفي جميع الوقائع. وقد فرّ الشيخان في أماكن شتّى، وشاركهما عثمان بذلك فيما عدا خيبر، فقد فرّوا في أحد وحنين ونكل الشيخان في خيبر وغيرها. انظر في فرارهم وجبنهم وعدم وفائهم بالبيعة. تاريخ اليعقوبي ( ج ٢؛ ٤٧، ٦٢ ) ودلائل الصدق ( ج ٢؛ ٥٥٣ - ٥٦١ ) وكشف الغمّة ( ج ١؛ ١٨٣، ١٩٢ - ١٩٥، ١٩٧، ٢٠٤، ٢٠٥، ٢١٣، ٢٢١، ٢٢٣ ) وشرح النهج

٢٣٢

( ج ١٣؛ ٢٧٨، ٢٩٣ ) و ( ج ١٥؛ ٢٠ - ٢٥، ٢٩ ) ومغازي الواقديّ ( ج ١؛ ٩٢، ٢٢٥، ٢٢٦، ٢٣٧، ٢٤٠، ٢٥٨، ٢٥٩، ٢٧٧ - ٢٨٠، ٢٩٣، ٢٩٥، ٣١٠، ٣٢١ ) و ( ج ٢؛ ٢٧٠، ٤٧٠، ٦٠٧، ٦٠٩، ٦٥٣، ٦٥٧ ) و ( ج ٣؛ ٨٨٩، ٨٩٠، ٩٠٤، ٩٣٦ ) والامتاع للمقريزيّ (١٣٢) والإرشاد ( ٤٢، ٤٥، ٥٥، ٦٦، ٧٤، ٧٦ ) وتاريخ ابن الأثير ( ج ٢؛ ١١٩، ١٥٥ - ١٥٨، ٢٢٠، ٢٦٢ ) وتاريخ الطبريّ ( ٣؛ ١٨، ٢٠، ٩٣، ٩٤ ) وسيرة ابن هشام ( ج ٣؛ ٧٨، ٨٦، ٣٤٩ ) ومستدرك الحاكم ( ج ٢؛ ٣٧ ) و ( ج ٣؛ ٣٧، ٧٣، ١١٢ ) وكنز العمال ( ج ٣؛ ٧٠، ٢٩٤ ) و ( ج ٥؛ ٣٠٤ ) كتاب الغزوات ( ج ٦؛ ٣٩٤ ) والدرّ المنثور ( ج ٢؛ ٨٩، ٩٠ ) و ( ج ٣؛ ٢٢٤ ) وأنساب الأشراف ( ١، ٣٢٦ ) وسيرة ابن إسحاق ( ٣٣٠، ٣٣٢ ) والسيرة الحلبية ( ج ٣؛ ١٢٣ ) وتذكرة الخواص ( ٢٥، ٣٨ ) وتفسير النيسابوريّ ( ج ٤؛ ١١٢، ١١٣ ) وروح المعاني ( ج ٤؛ ٩٩ ) وتفسير مفاتيح الغيب ( ج ٩؛ ٥٢ ) والفصول المهمّة ( ٥٧، ٥٨، ٦٠، ٦١ ) وأسد الغابة ( ج ٤؛ ٢٠ ) وكشف اليقين ( ١٢٨، ١٤٠، ١٤٣، ١٤٤ ) وخصائص الوحي المبين ( ١٨٨، ١٩٠، ١٩١ ) ومسند أحمد ( ج ١؛ ٩٩ ) والصراط المستقيم ( ج ٣؛ ١٠٠، ١٠١ ) و ( ج ٢؛ ١، ٢ ) ومجمع الزوائد ( ج ٩؛ ١٢٤ ) ومناقب الخوارزمي ( ١٠٣، ١٠٤ ) والبداية والنهاية ( ج ٤؛ ٢١١ - ٢١٣، ٣٧٦ ) ودلائل البيهقي ( ٤؛ ٢١٠ - ٢١٢ ) ومناقب بن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢١٠، ٢١١ ) ومجمع البيان ( ج ٣؛ ١٧ ) والتبيان ( ٥؛ ١٩٧، ١٩٨ ) وتجارب الأمم ( ج ١؛ ١٥٥ ) والاستيعاب ( ج ٢؛ ٨١٢، ٨١٣ ) وصحيح البخاريّ ( ج ٣؛ ٦٧ ).

يا خديجة هذا عليّ مولاك ومولى المؤمنين وإمامهم بعدي

ويدلّ على إيمان أمّ المؤمنين خديجة بولاية أمير المؤمنين، ومبايعتها إياه على ذلك، والتسليم له، حديث المعراج؛ فإنّ فيه أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أن يسأل من أرسل قبله من الأنبياء على ما بعثوا؟ فسألهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالوا بأنّهم بعثوا وأرسلوا على الشهادة بالتوحيد والإقرار بنبوّة وولاية رسول الله، وولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وقد أخبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بحديث المعراج الناس، فكذّبته قريش وعتاتها، وصدّقه المؤمنون وعلى رأسهم خديجة

٢٣٣

بلا خلاف بين المسلمين، ولذلك قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدّقتني إذ كذّبني الناس » كما في مسند أحمد بن حنبل ( ج ٦؛ ١١٧ ) فتكون من المؤمنات بولاية عليّعليه‌السلام ، ومبايعة للنبي على ولاية أمير المؤمنين.

ففي المحتضر (١٢٥) عن ابن مسعود قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في حديث الإسراء: فإذا ملك قد أتاني، فقال: يا محمّد سل من أرسلنا من قبلك من رسلنا على ما بعثوا؟ فقلت:

معشر الرّسل والنبيّين، على ما بعثكم الله قبلي؟ قالوا: على ولايتك يا محمّد وولاية عليّ بن أبي طالب.

وفي شواهد التنزيل ( ج ٢؛ ٢٢٢، ٢٢٣ ) بسنده عن عبد الله بن مسعود، قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عبد الله، أتاني الملك، فقال: يا محمّد، واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا على ما بعثوا؟ قلت: على ما بعثوا؟ قال: على ولايتك وولاية عليّ بن أبي طالب.

انظر كشف الغمّة ( ج ١؛ ٣١٢ ) وروضة الواعظين (٥٩) وكنز جامع الفوائد ( ٥٤، ٥٥ ) ونهج الحقّ وكشف الصدق (١٨٣) ومقتضب الأثر ( ٣٧ - ٤٣ ) وكنز الفوائد ( ٢٥٦ - ٢٥٨ ) وإرشاد القلوب (٢١٠) وتفسير فرات ( ١٨١، ١٨٢ ) عن الإمام الباقرعليه‌السلام ، وخصائص الوحي المبين (١٥٣) والبرهان ( ج ٤؛ ١٤٧، ١٤٨ ) وبحار الأنوار ( ج ٣٦؛ ١٥٤، ١٥٥ ) وينابيع المودّة ( ج ١؛ ٨٠ ) ومناقب الخوارزمي ( ٢٢١ - ٢٢ ) وفرائد السمطين ( ج ١، ٨١ ) وذخائر العقبى (٦٩) وكفاية الطالب (٧٥) وكنز العمال ( ج ٦؛ ١٥٤، ١٥٦ ) ومجمع الزوائد ( ج ٩؛ ١٠٨ ) وتفسير النيسابوري ( ج ٣؛ ٣٢٨ ) وشواهد التنزيل ( ج ٢؛ ٢٢٢ - ٢٢٥ ) وانظر تخريجاته في هامش شواهد التنزيل.

هذا، بالإضافة إلى عموم الأدلّة الدالّة على أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله صدع بولاية أمير المؤمنين من بدء البعثة، عند بيعة الدار وبعدها، وما من موقف وقفه النبي إلاّ وأخذ الولاية لنفسه ولأخيه - كما سيأتي - فلا يبقى أدنى شك ولا شبهة في أنّ أمّ المؤمنين خديجة كانت من المبايعات لعليعليه‌السلام والمقرّات بإمامته وولايته.

٢٣٤

الطرفة الثانية

ذكر هذه الطّرفة - عن كتاب الطّرف - العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ١٨؛ ١٧٩ ) فإنّه بعد أن روى ما في العلل قال: « أقول ورواه السيّد في الطّرف بإسناده عن الأعمش مثله ».

وانظر مضمون هذه الطّرفة في علل الشرائع ( ١٧٠ / الباب ١٣٣ - الحديث ٢ ) والصراط المستقيم ( ج ١؛ ٣٢٥ ) حيث قال: « ذكر ذلك الفرّاء في معالمه والثعلبي بإسناده في تفسيره، وغيره من طرق كثيرة »، وسعد السعود ( ١٠٥، ١٠٦ ) وفرائد السمطين ( ج ١؛ ٨٥، ٨٦ ) وشرح الأخبار ( ج ١؛ ١٠٧ ) وأمالي الطوسي ( ٥٨١ - ٥٨٣ / المجلس ٢٤ - الحديث ١١ ) وتاريخ الطبريّ ( ج ٢؛ ٢١٧ ) وتفسير فرات ( ٣٠٠، ٣٠١ ) ومجمع البيان ( ج ٤؛ ٢٠٦ ) وشواهد التنزيل ( ج ١؛ ٥٤٢ - ٥٤٧ ) والمناقب لابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٢٤، ٢٥ ) وكشف اليقين (٤٠) ونظم درر السمطين ( ٨٢، ٨٣ ) وكفاية الطالب ( ٢٠٥، ٢٠٦ ) وينابيع المودّة ( ج ١؛ ١٠٤، ١٠٥ ) وشرح النهج ( ج ١٣؛ ٢١٠ ) وتقريب المعارف (١٩٣) وتهذيب الآثار (٦٠) وإثبات الوصيّة ( ٩٩، ١٠٠ ) وطبقات ابن سعد ( ج ١؛ ١٨٧ ) وتاريخ أبي الفداء ( ج ٢؛ ١١٦ ) ومسند أحمد ( ج ١؛ ١١١ ) وسليم بن قيس (٢٠٠) والدرّ المنثور ( ج ٥؛ ٩٧ ) وتفسير القمّي ( ج ٢؛ ١٢٤ ) والسيرة الحلبيّة ( ج ١؛ ٤٦٠ ) وأسنى المطالب ( ١٢ / الباب الثالث ) وتاريخ دمشق ( ج ١؛ ٩٧ - ٩٩ ) رواه؛ بسبعة طرق، ومروج الذهب ( ج ٢؛ ٢٨٣ ) والكامل لابن الأثير ( ج ٢؛ ٦٢ ) والرياض النضرة ( ج ٢؛ ١٢٥ ) وأخرجه ابن البطريق في خصائص الوحي المبين ( ٩٤ - ٩٨ ) عن الحافظ أبي نعيم ومناقب أحمد

٢٣٥

وتفسير الثعلبي عن كلّ منهم بعدّة أسانيد. وهناك مصادر أخرى كثيرة ذكرت هذا الحدث التأريخي العظيم، انظر الغدير ( ج ٢؛ ٢٧٩ - ٢٨١ ) وقادتنا ( ج ١؛ ٧٨ - ٨٦ ) والملل والنحل ( ج ١؛ ١٤٤ ). وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٤٢ ) « بيعة العشيرة كانت بعد مبعثه بثلاث سنين كما ذكره الطبريّ في تاريخه، والخركوشي في تفسيره ومحمّد بن إسحاق في كتابه ».

٢٣٦

الطّرفة الثالثة

روى هذه الطّرفة - عن كتاب الطّرف - العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٢٧٨، ٢٧٩ ) و ( ج ٦٥؛ ٣٩٥ ) ونقلها باختصار العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٨٨ ).

هذه الطّرفة من مختصات الكتاب، لكن تدلّ عليها قرائن وأدلّة كثيرة، فأمّا الزهراءعليها‌السلام فقد قضت عمرها تدافع عن ولاية عليّعليه‌السلام وأحقّيّته في الخلافة، ويكفيك خطبتها الّتي خطبتها بعد غصب الأوّل فدكا منها، وفيها عيون البلاغة والفصاحة في المطالبة بحقّ عليّعليه‌السلام وإمامته وخلافته، وهذا من المسلّمات والثوابت التاريخيّة بلا نزاع بين المسلمين.

وأمّا حمزة أسد الله وأسد رسوله، فيدل على مبايعته للإمام عليّعليه‌السلام عمومات أدلّة الإمامة والولاية، وكلّ ما دلّ على بيعة خديجة ممّا تقدّم، ويزيد على ذلك هنا النصوص الصريحة في ولايته هو وجعفر لعليعليه‌السلام ، وتصريحات عليّعليه‌السلام بذلك وأنّهما لو كانا حيّين لما غصب الخلافة.

ويزيد الأمر تأكيدا التصريح بوجود أعمام النبي في بيعة العشيرة السالفة، ونصّ على وجود حمزة فيهم، ولم ينكر دعوة النبي وولاية عليّعليه‌السلام إلاّ أبو لهب. ففي تفسير فرات ( ٢٩٩ - ٣٠١ ) قال: فيهم أعمامه العبّاس وحمزة وأبو طالب، وأبو لهب الكافر، وهذا يدلّ على مبايعتهم عليّاعليه‌السلام وأنّ أبا لهب الكافر امتنع من ذلك.

هذا مع أنّ حمزة وجعفرا كانا أوّل المسلمين بعد عليّ، قال المسعوديّ في إثبات الوصيّة:

٢٣٧

١٠٠ ثمّ آمن من بعد أمير المؤمنين قوم من عشيرته أوّلهم جعفر وحمزة.

وأمّا الروايات في مبايعتهم لعليعليه‌السلام ، ففي الكافي ( ج ١؛ ٤٢٦ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٩٦ ) عن الصادقعليه‌السلام - في قوله تعالى( وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ ) (١) - قال: ذاك حمزة وجعفر هدوا إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام . وانظر اليقين (٤١٣) وتفسير فرات ( ٣٤٠ / الحديث ٤٦٥ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٢٣٣ ).

وأمّا الروايات الدالّة على أنّ حمزة وجعفر من النجباء ومن المخلصين وأنّهم مع الخمسة أصحاب الكساء فكثيرة جدّا، منها قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : نحن بنو عبد المطّلب سادة أهل الجنّة، أنا وعليّ وحمزة وجعفر والحسن والحسين. انظر هذا النصّ وما يؤدي معنى انتجابهم في تذكرة الخواص (٤٨) وتاريخ بغداد ( ج ٩؛ ٤٣٤ ) وذخائر العقبى ( ١٥، ٨٩ ) والرياض النضرة ( ج ٢؛ ١٨٢ ) وشرح النهج ( ج ٧؛ ٦٤ ) والخصال (٤١٢)، وأمالي الصدوق (١٧٢)، وينابيع المودّة ( ج ٢؛ ٦٩ ) وتفسير القمي ( ج ٢؛ ١٢٦ ) والكافي ( ج ١؛ ٤٥٠ ) وروضة الواعظين (٢٦٩) ودلائل الإمامة (٢٥٦) وبصائر الدرجات (١٤١) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ١٦٩ ) والمسترشد (٦١١) ومناقب ابن المغازلي (٤٨) ومناقب الخوارزمي (٢١٢).

وفي الكافي ( ج ٨؛ ١٨٩، ١٩٠ ) عن سدير الصيرفي، قال: كنا عند أبي جعفر فذكرنا ما أحدث الناس بعد نبيّهم واستذلالهم أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقال رجل من القوم: أصلحك الله فأين كان عزّ بني هاشم وما كانوا فيه من العدد؟ فقال أبو جعفر: ومن كان بقي من بني هاشم؟! إنّما كان جعفر وحمزة فمضيا أما والله لو أنّ حمزة وجعفر كانا بحضرتهما ما وصلا إلى ما وصلا إليه، ولو كانا شاهديهما لأتلفا نفسيهما.

وفي شرح النهج ( ج ١١؛ ١١١ ) وكان عليّعليه‌السلام يستصرخ تارة بقبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتارة بعمّه حمزة وأخيه جعفر - وهما ميّتان - وعقد ابن أبي الحديد في هذا الشرح

__________________

(١) الحجّ؛ ٢٤

٢٣٨

( ج ١١؛ ١١٥ - ١٢٠ ) فصلا في أنّ جعفرا وحمزة لو كانا حيّين لبايعا عليّا بالخلافة بعد النبي. وانظر التصريح بذلك في المسترشد: ٤١٧، وتفسير العيّاشي ( ج ٢؛ ٥٨، ٥٩ ).

والذي يؤكّد هذا هو تجديد البيعة لعليعليه‌السلام على حمزة قبل شهادتهرحمه‌الله لأنّه مسئول عن ولاية عليّعليه‌السلام ، ومثله في هذا مثل فاطمة بنت أسد أمّ الإمام عليّعليه‌السلام ، حين لقّنها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولاية عليّ وإمامته. انظر في ذلك الكافي ( ج ١؛ ٤٥٣، ٤٥٤ ) وبشارة المصطفى ( ٢٤١، ٢٤٢ ) وروضة الواعظين ( ج ١؛ ١٤٢ ) وأمالي الصدوق (٢٥٩).

وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا خلا دعا عليّاعليه‌السلام فأخبره من يفي منهم ومن لا يفي

أمالي الصدوق (٣١١) عن الصادق، عن أبيه، عن جدّهعليهم‌السلام ، قال: بلغ أمّ سلمة فقال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : والله ما رددتك من موجدة، وإنّك لعلى خير من الله ورسوله، لكن أتيتني وجبرئيل عن يميني وعليّ عن يساري وجبرئيل يخبرني بالأحداث التي تكون من بعدي، وأمرني أن أوصي بذلك عليّا وهو في بشارة المصطفى ( ٥٨، ٥٩ ).

وفي تذكرة الخواص (١٠٩) قال: ذكر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام ما يلقى من بعده، قال: فبكى عليّ.

وفي شرح النهج ( ج ٢؛ ٢٨٨ ) قال عليّعليه‌السلام : إنّ خليلي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أخبرني بالمتمرّدين عليّ من الرجال والمتمرّدات من النساء إلى أن تقوم الساعة. وانظر الفتوح ( ج ١؛ ٤٨٣ ) وقول عليّعليه‌السلام : وقد أخبرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بكلّ متمرّد عليّ.

وفي تفسير القمّي ( ج ٢؛ ٦١ ) عن مروان، عن الصادقعليه‌السلام في قوله تعالى:( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى ) (١) ، قال: نحن والله أولو النهى، فقلت: جعلت فداك وما معنى « أولي النّهى »؟ قال: ما أخبر الله به رسوله ممّا يكون بعده من ادّعاء فلان الخلافة والقيام بها،

__________________

(١) طه؛ ١٢٨

٢٣٩

والآخر من بعده، والثالث من بعدهما وبني أميّة، فأخبر رسول الله، وكان كما أخبر الله به نبيّه، وكما أخبر رسول الله عليّا، وكما انتهى إلينا من عليّعليه‌السلام فيما يكون من بعده من الملك في بني أميّة وغيرهم. ومثله في بصائر الدرجات: ٥٣٨.

وفي الخصال ( ٥٧٢ - ٥٨٠ ) فيه ذكر فضائل لعليعليه‌السلام ، وفيها قولهعليه‌السلام : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعثني ودعا لي بدعوات وأطلعني على ما يجري بعده، فحزن لذلك بعض أصحابه، وقالوا: لو قدر محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يجعل ابن عمّه نبيّا لجعله، فشرّفني الله بالاطّلاع على ذلك على لسان نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وفي كتاب سليم بن قيس: ١١٩ قال عليّعليه‌السلام لعبد الله بن عمر: فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أخبرني بكلّ ما قال [ أي عمر ] لك وقلت له، قال ابن عمر: ومتى أخبرك؟ قالعليه‌السلام : أخبرني في حياته ...

وعن كتاب سليم بن قيس: ١٩٢ عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال في حديث: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد أخبرني أنّه رأى على منبره اثني عشر رجلا أئمّة ضلال من قريش، يصعدون على منبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وينزلون على صورة القردة، يردّون أمّته على أدبارهم عن الصراط المستقيم، اللهم قد أخبرني بأسمائهم رجلا رجلا وكم يملك كلّ واحد منهم ...

هذا، ويدلّ عليه ما سيأتي من أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله علّم عليّاعليه‌السلام كلّ ما علمه هوصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مضافا إلى ما ورد من أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله دفع إلى عليّعليه‌السلام صحيفتين في إحداهما أسماء أهل الجنّة أصحاب اليمين، وفي الأخرى أسماء أصحاب النار أصحاب الشمال. وحسبك في ذلك ما في بصائر الدرجات ( ٢١٠ - ٢١٢ ) وفيه ستة أحاديث، وانظر كتاب اليقين (٤٥٢) ونقل ابن شهرآشوب في المناقب ( ج ١؛ ٢٥٣ ) في صفات الأئمّة عن أخبار الإماميّة: « ويكون عنده صحيفة فيها أسماء شيعتهم إلى يوم القيامة، وصحيفة فيها أسماء أعدائهم إلى يوم القيامة ».

هذا، مضافا إلى ما ورد من أنّهمعليهم‌السلام يعرفون الرجل إذا رأوه بحقيقة الإيمان وحقيقة النفاق. انظر بصائر الدرجات (٣٠٨) وفيه ستّة أحاديث في ذلك.

وقد نزل الأمر بكتمان ذلك السرّ من الله سبحانه وتعالى، ففي الكافي ( ج ٨؛ ٣٨٠ )

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ ) (١) . وفي شواهد التنزيل عدّة أحاديث بعدّة أسانيد، فراجعه ( ج ١؛ ٥٢٦ - ٥٢٩ ) في تفسير الآيات ( ٩٣ - ٩٥ ) من سورة « المؤمنون »، وفيه أيضا ( ج ٢؛ ٢١٦ ) في تفسير الآيتين ( ٤٢، ٤٣ ) من سورة « الزخرف ».

وانظر تفسير فرات ( ٢٧٨ - ٢٨٠ ) ففيه عدّة أحاديث بعدّة أسانيد، وتفسير مجمع البيان ( ج ٩؛ ٤٩ ) في تفسير قوله تعالى:( فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ * أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ ) (٢) ، وإعلام الورى (٨٢) وخصائص الوحي المبين (١٥٢) ومناقب ابن المغازلي ( ٢٧٤ - ٢٧٥ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٢١٩ ) وأمالي الطوسي ( ٥٠٢، ٥٠٣ / الحديثان ١١٠١، ١١٠٢ ) والمسترشد في الإمامة (٢٢٩) والعمدة ( ٣٥٣ - ٣٥٤ ).

وقد صرّح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأنّ الشيخين هما اللّذان يتركان الناس يضرب بعضهم رقاب بعض، ففي الاحتجاج ( ج ١؛ ٤٢٥ ) عن عبادة بن الصامت في رواية - قدّمنا ذكرها - قال: أنّ النبي قال للشيخين فيها: وكأنّي بكما قد سلبتماه [ يعني عليّاعليه‌السلام ] ملكه، وتحاربتما عليه، وأعانكما على ذلك أعداء الله وأعداء رسوله، وكأنّي بكما قد تركتما المهاجرين والأنصار بعضهم يضرب وجوه بعض بالسيف على الدنيا ....

__________________

(١) المؤمنون؛ ٩٣ - ٩٥.

(٢) الزخرف؛ ٤٢ - ٤٣.

٤٦١

٤٦٢

الطّرفة الثانية والعشرون

روى هذه الطّرفة - عن كتاب الطّرف - العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٤٨٨ ).

يا عليّ من شاقّك من نسائي وأصحابي فقد عصاني، ومن عصاني فقد عصى الله، وأنا منهم بريء، فابرأ منهم

يدلّ على هذا المعنى الكثير ممّا مرّ، كقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الطّرفة السادسة « وطاعته طاعة الله ورسوله »، وكقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأصحاب الكساء وفيهم عليّعليه‌السلام : « أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم »، وغيرها من النصوص السالفة، والنصوص كلّها عامّة شاملة لنساء النبي وأصحابه، ويدلّ عليه ما سيأتي من حديث كلاب الحوأب ونهي النبي عائشة عن الخروج وتحذيرها من ذلك.

ونذكر هنا بعض الروايات في ذلك ترسيخا للمطلب، وتثبيتا لما نقلناه؛ فقد روى الصدوق في معاني الأخبار ( ٣٧٢ - ٣٧٣ ) بسنده عن ابن عبّاس في كلام كثير للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال فيه: أيّها الناس، من عصى عليّا فقد عصاني، ومن عصاني فقد عصى الله عزّ وجلّ، ومن أطاع عليّا فقد أطاعني، ومن أطاعني فقد أطاع الله، أيّها الناس من ردّ على عليّ في قول أو فعل فقد ردّ عليّ، ومن ردّ عليّ فقد ردّ على الله فوق عرشه ....

وفي أمالي الصدوق (٢٤٧) بسنده عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام : يا عليّ أنت إمام المسلمين، وأمير المؤمنين، يا عليّ إنّه لمّا عرج بي

٤٦٣

إلى السماء السابعة، ومنها إلى سدرة المنتهى، ومنها إلى حجب النور، وأكرمني ربّي جلّ جلاله بمناجاته، قال لي: يا محمّد، قلت: لبيك ربي وسعديك تباركت وتعاليت، قال: إنّ عليّا إمام أوليائي، ونور لمن أطاعني، وهو الكلمة الّتي الزمتها المتقين، من أطاعه أطاعني ومن عصاه عصاني ....

وفي الاحتجاج (٥٧) بسنده عن الإمام الباقرعليه‌السلام أنّه قال: حجّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من المدينة [ ثمّ روى خبر الغدير، وفيه قول جبرئيل عن الله للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ] فاليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام دينا، بولاية وليّي، ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة، عليّ، عبدي، ووصي نبيّي، والخليفة من بعده، وحجّتي البالغة، من أطاعه فقد أطاعني، ومن عصاه عصاني، جعلته علما بيني وبين خلقي ....

وفي بشارة المصطفى (٢٧٤) بسنده عن يعلى بن مرّة، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: يا عليّ، أنت خير الناس بعدي، وأنت أوّل الناس تصدّرا، من أطاعك فقد أطاعني، ومن أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاك فقد عصاني، ومن عصاني فقد عصى الله ....

وفي تفسير فرات ( ٤٩٩ - ٥٠٠ ) بسنده عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ ) (١) قال: الأذن الواعية عليّعليه‌السلام ، وهو حجّة الله على خلقه، من أطاعه أطاع الله، ومن عصاه فقد عصى الله ....

ونضيف هنا ما رواه الديلمي في إرشاد القلوب (٣٣٧) من خبر حذيفة، حيث قال: ثمّ أمرصلى‌الله‌عليه‌وآله خادمة لأم سلمة، فقال اجمعي لي هؤلاء - يعني نساءه - فجمعتهن له في منزل أم سلمة، فقال لهنّ: اسمعن ما أقول لكنّ - وأشار بيده إلى عليّ بن أبي طالب - فقال لهنّ: هذا أخي، ووصيّي، ووارثي، والقائم فيكنّ وفي الأمّة من بعدي، فأطعنه فيما يأمركنّ به، ولا تعصينه فتهلكن لمعصيته ....

وسيأتي ما يتعلق بلعن المضلّين، وأنّ أصحاب الجمل ملعونون على لسان

__________________

(١) الحاقة؛ ١٢.

٤٦٤

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا يدخلون الجنّة حتّى يدخل الجمل في سمّ الخياط، وسيأتي لعن الإمام عليّعليه‌السلام - بوصيّة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - معاوية وأصحابه، وأنّه كان يقنت بذلك ويلعنهم في صلاته، وهذه هي البراءة منهم.

يا عليّ، إنّ القوم يأتمرون بعدي على قتلك، يظلمون ويبيتون على ذلك

أخبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاعليه‌السلام بأنّ الأمّة ستغدر به من بعده، وذكر له ما سيكون من أمر أبي بكر وعمر وعثمان، وما سيكون من قتاله للناكثين والقاسطين والمارقين، وأسرّ له أسراره، وأعلمه بما كان وما هو كائن، وأنّه ستخضب لحيته من رأسه بدم عبيط. وقد أخرجنا كلّ ذلك فيما مضى وما سيأتي، وكان من جملة ما أخبره بأنّ القوم يأتمرون على قتله، وقد حصل ذلك بالفعل، فقد كانت هناك - رغم إعمال عليّعليه‌السلام للتقيّة - محاولات لقتله، وبشتى الأساليب، والمحاولات الأساسيّة منها هي ثلاث محاولات: الأولى في بيعة السقيفة واقتحام الدار، والثانية محاولة اغتياله في المسجد بعد صلاة الفجر، والثالثة في يوم الشورى، وسنذكر هذه المحاولات الثلاث من خلال عرض النصوص والوقائع التاريخية في ذلك.

أمّا المحاولة الأولى:

فقد روى الصدوق في الخصال (٤٦٢) بسنده عن زيد بن وهب [ في قضية الاثني عشر الّذين أنكروا على أبي بكر جلوسه في الخلافة وتقدّمه على عليّعليه‌السلام ، حيث إنّ أولئك الاثني عشر ذهبوا إلى عليّعليه‌السلام يستشيرونه في ذلك ]، فقال لهم عليّعليه‌السلام : لو فعلتم ذلك ما كنتم إلاّ حربا لهم ولقد شاورت في ذلك أهل بيتي فأبوا إلاّ السكوت؛ لما تعلمون من وغر صدور القوم وبغضهم لله ولأهل بيت نبيّه، وأنّهم يطالبون بثارات الجاهليّة، والله لو فعلتم ذلك لشهروا سيوفهم مستعدين للحرب والقتال؛ كما فعلوا ذلك حتّى قهروني وغلبوني على نفسي، ولبّبوني وقالوا لي: بايع وإلاّ قتلناك، فلم أجد حيلة إلاّ أن أدفع القوم عن نفسي، وذاك أنّي ذكرت قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ، إنّ القوم نقضوا أمرك واستبدوا بها دونك،

٤٦٥

وعصوني فيك، فعليك بالصبر حتّى ينزل الأمر، وإنّهم سيغدرون بك لا محالة، فلا تجعل لهم سبيلا إلى إذلالك وسفك دمك، فإنّ الأمّة ستغدر بك بعدي، كذلك أخبرني جبرئيل.

وروى السيّد ابن طاوس في كتاب اليقين (٣٣٧) عن أحمد بن محمّد الطبريّ الخليلي، بسنده إلى زيد بن وهب، ورواه الطبريّ في كتاب مناقب أهل البيت، مثله.

وفي كتاب سليم بن قيس ( ٨٤ - ٨٦ ) قال: ثمّ انطلق بعلي يعتل عتلا، حتّى انتهي به إلى أبي بكر، وعمر قائم بالسيف على رأسه، وخالد بن الوليد، وأبو عبيدة بن الجراح، وسالم مولى أبي حذيفة، ومعاذ بن جبل، والمغيرة بن شعبة، وأسيد بن حضير، وبشير بن سعد، وسائر الناس حول أبي بكر عليهم السلاح ولمّا انتهي بعليّعليه‌السلام إلى أبي بكر انتهره عمر، وقال له: بايع ودع عنك هذه الأباطيل، فقال له عليّعليه‌السلام : فإن لم أفعل فما أنتم صانعون؟ قالوا: نقتلك ذلاّ وصغارا، فقال: إذا تقتلون عبد الله وأخا رسوله، قال أبو بكر: أمّا عبد الله فنعم، وأمّا أخو رسول الله فما نقرّ بهذا ...

وفي الشافي ( ج ٣؛ ٢٤٤ ) قال: وروى إبراهيم، عن يحيى بن الحسن، عن عاصم بن عامر، عن نوح بن درّاج، عن داود بن يزيد الأودي، عن أبيه، عن عدي بن حاتم، قال: ما رحمت أحدا رحمتي عليّا حين أتي به ملبّبا، فقيل له: بايع، قال: فإن لم أفعل؟ قالوا: إذا نقتلك، قال: إذا تقتلون عبد الله وأخا رسوله، ثمّ بايع كذا، وضمّ يده اليمنى.

وروى إبراهيم بن عثمان بن أبي شيبة، عن خالد بن مخلّد البجلّي، عن داود بن يزيد الأودي، عن أبيه، عن عدي بن حاتم، قال: إنّي لجالس عند أبي بكر إذ جيء بعليعليه‌السلام ، فقال له أبو بكر: بايع، فقال له عليّعليه‌السلام : فإن لم أفعل؟ فقال: أضرب الذي فيه عيناك، فرفع رأسه إلى السماء ثمّ قال: اللهمّ اشهد، ثمّ مدّ يده.

قال الشريف المرتضى في الشافي ( ج ٣؛ ٢٤٤ - ٢٤٥ ): وقد روي هذا المعنى من طرق مختلفة، وبألفاظ متقاربة المعنى وإن اختلفت ألفاظها، وأنّهعليه‌السلام كان يقول في ذلك اليوم - لمّا أكره على البيعة وحذّر من التقاعد عنها -: يا( ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا

٤٦٦

يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) (١) ، ويردد ذلك ويكرّره، وذكر أكثر ما روي في هذا المعنى يطول فضلا عن ذكر جميعه.

وفي الإمامة والسياسة ( ج ١؛ ٣٠ ) قال: وبقي عمر ومعه قوم، فأخرجوا عليّا فمضوا به إلى أبي بكر، فقالوا له: بايع، فقال: إن أنا لم أفعل فمه؟ قالوا: إذا - والله الّذي لا إله إلاّ هو - نضرب عنقك، فقال: إذا تقتلون عبد الله وأخا رسوله، قال عمر: أما عبد الله فنعم، وأما أخو رسوله فلا، وأبو بكر ساكت لا يتكلم، فقال له عمر: ألا تأمر فيه بأمرك؟! فقال: لا أكرهه على شيء ما كانت فاطمة إلى جنبه، فلحق بقبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يصيح ويبكي وينادي: يا( ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي ) (٢) .

فلا حظ استفهام عمر، فإنّه يشير إلى المؤامرة السابقة بأن يضربوا عنق عليّعليه‌السلام إن لم يبايع، وذلك بعينه ما تقدّم نقله عن الخصال؛ حيث أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاعليه‌السلام بأن لا يجعل لهم سبيلا إلى قتله وسفك دمه، وذلك ما فعله عليّعليه‌السلام .

وانظر - تصريحهم بالتهديد لعليّ بضرب عنقه، وقراءتهعليه‌السلام الآية المباركة - المسترشد في الإمامة (٣٧٨) واليقين (٣٣٧) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ١١٥ ) وتفسير العياشي ( ج ٢؛ ٧٠ ) والاحتجاج (٨٣) وإثبات الوصيّة (١٢٤) وتقريب المعارف (٢٣٧) والتهاب نيران الأحزان ( ٧١ - ٧٢ ) وغيرها من المصادر المصرّحة بذلك من الفريقين من المسلمين.

وقد مرّ خبر الخصال واليقين، وأن عليّاعليه‌السلام كان يعلم بتفاصيل ما يفعلونه، ولكنّه سكت التزاما بوصيّة رسول الله، فلم يكن منه إلاّ الصبر.

وقد صرّح في كثير من المصادر أنّه كان يعلم بذلك، وصبر عليه بوصيّته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل إنّ تلاوة عليّعليه‌السلام للآية المباركة يشير إلى أنّ النبي كان قد أخبره بذلك، كما أنّ هارون كان على وصيّة من موسى، فعصوه؛ ولم يقاتلهم خشية التفريق بين

__________________

(١) الأعراف؛ ١٥٠.

(٢) الأعراف؛ ١٥٠.

٤٦٧

بني إسرائيل، وكذلك فعل عليّعليه‌السلام ؛ التزاما بما قاله له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وأمّا المحاولة الثانية:

فهي المؤامرة الدنيئة الّتي خطط لها أبو بكر وعمر، على أن ينفّذها خالد بن الوليد عند صلاة الفجر في غلس اللّيل - لأنّهم كانوا يغلّسون بالصلاة لأجل أن لا تعرف النساء - وأرادوا أن يضيع دمهعليه‌السلام ، وكان لأسماء بنت عميس الدور المشرّف في الدفاع عن وصي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ففي كتاب سليم بن قيس (٢٥٦) قال ابن عبّاس: ثمّ إنّهم تآمروا وتذاكروا فقالوا: لا يستقيم لنا أمر ما دام هذا الرجل حيّا، فقال أبو بكر: من لنا بقتله؟ فقال عمر: خالد ابن الوليد، فأرسلا إليه، فقالا: يا خالد ما رأيك في أمر نحملك عليه؟ قال: احملاني على ما شئتما، فو الله إن حملتماني على قتل ابن أبي طالب لفعلت، فقالا: والله ما نريد غيره، قال: فإنّي لها، فقال أبو بكر: إذا قمنا في الصلاة - صلاة الفجر - فقم إلى جانبه ومعك السيف، فإذا سلّمت فاضرب عنقه، قال: نعم، فافترقوا على ذلك، ثمّ إنّ أبا بكر تفكّر فيما أمر به من قتل عليّعليه‌السلام ، وعرف أنّه إن فعل ذلك وقعت حرب شديدة وبلاء طويل، فندم على أمره، فلم ينم ليلته تلك، حتّى أتى المسجد وقد أقيمت الصلاة، فتقدّم فصلى بالناس مفكّرا لا يدري ما يقول، وأقبل خالد بن الوليد متقلّدا بالسيف، حتّى قام إلى جانب عليّعليه‌السلام ، وقد فطن عليّ ببعض ذلك، فلمّا فرغ أبو بكر من تشهّده صاح قبل أن يسلّم: « يا خالد لا تفعل ما أمرتك، فإن فعلت قتلتك »، ثمّ سلّم عن يمينه وشماله، فوثب عليّعليه‌السلام فأخذ بتلابيب خالد وانتزع السيف من يده، ثمّ صرعه وجلس على صدره، وأخذ سيفه ليقتله، واجتمع عليه أهل المسجد ليخلّصوا خالدا فما قدروا عليه، فقال العبّاس: حلّفوه بحقّ القبر لما كففت، فحلّفوه بالقبر، فتركه، وقام فانطلق إلى منزله.

وفي إثبات الوصيّة (١٢٤) قال المسعوديّ: وهمّوا بقتل أمير المؤمنين، وتواصوا وتواعدوا بذلك، وأن يتولى قتله خالد بن الوليد، فبعثت أسماء بنت عميس إلى

٤٦٨

أمير المؤمنين بجارية لها، فأخذت بعضادتي الباب ونادت( إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ) (١) ، فخرج مشتملا سيفه، وكان الوعد في قتله أن ينتهي إمامهم من صلاته بالتسليم، فيقوم خالد إليه بسيفه، فأحسّوا بأسهعليه‌السلام ، فقال الإمام قبل أن يسلّم: لا يفعلنّ خالد ما أمرته به.

وفي شرح النهج ( ج ١٣؛ ٣٠١ - ٣٠٢ ) قال ابن أبي الحديد: سألت النقيب أبا جعفر يحيى بن أبي زيد فقلت له: أحقّ ما يقال في حديث خالد؟

فقال: إنّ قوما من العلويّة يذكرون ذلك، ثمّ قال: وقد روي أن رجلا جاء إلى زفر ابن الهذيل صاحب أبي حنيفة، فسأله عما يقول أبو حنيفة في جواز الخروج من الصلاة بأمر غير التسليم؛ نحو الكلام والفعل الكثير أو الحدث؟ فقال: إنّه جائز؛ قد قال أبو بكر في تشهّده ما قال، فقال الرجل: وما الّذي قاله أبو بكر؟ قال: لا عليك، فأعاد عليه السؤال ثانية وثالثة، فقال: أخرجوه، قد كنت أحدّث أنّه من أصحاب أبي خطّاب.

وقد روى السمعاني في الأنساب ٣: ٩٥ في ترجمة الرواجنيّ - عباد بن يعقوب، المتوفى سنة ٢٥٠ ه‍، وهو من شيوخ البخاريّ - أنّه روى حديث أبي بكر، وأنّه قال: لا يفعل خالد ما أمر به. وروى الحادثة العلاّمة العلياريّ في ترجمة سفيان الثوريّ في بهجة الآمال ( ج ٤؛ ٣٨٠ ) ورواها الكشي في اختيار معرفة الرجال ( ج ٢؛ ٦٩٥ ) عن كتاب أبي محمّد جبرئيل بن أحمد الفاريابي بخطه بسنده عن ميمون بن عبد الله، وذلك عن سفيان الثوريّ في ترجمته. وانظر محاولة الاغتيال في المسترشد في الإمامة ( ٤٥٠ - ٤٥٤ ) وتفسير القمّي ( ج ٢؛ ١٥٨ ) والتهاب نيران الأحزان (٩٣) والاحتجاج ( ج ١؛ ٨٩ - ٩٠ ) والخرائج والجرائح ( ج ٢؛ ٧٥٧ / الحديث ٧٥ من الطبعة الجديدة ) وعلل الشرائع ( ١٩٠ - ١٩٢ ).

وقد سكت عليّعليه‌السلام ، عن خالد لوصيّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك، وإخبارهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاعليه‌السلام بأنّ ابن ملجم قاتله لا غير، وقد صرّح بذلك في كثير من المصادر، فمن ذلك ما في الاحتجاج

__________________

(١) القصص؛ ٢٠.

٤٦٩

( ج ١؛ ٩٠ ) حيث قال: فالتفت عليّعليه‌السلام فإذا خالد مشتمل على السيف إلى جانبه، فقال: يا خالد، ما الّذي أمرك به؟ قال: بقتلك يا أمير المؤمنين، قال: أو كنت فاعلا؟ فقال: إي والله لو لا أنّه نهاني لو ضعته في أكثرك شعرا، فقال له عليّعليه‌السلام : كذبت لا أمّ لك، من يفعله أضيق حلقة است منك، أما والّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة، لو لا ما سبق به القضاء لعلمت، أيّ الفريقين شرّ مكانا وأضعف جندا.

وأمّا المحاولة الثالثة:

وهي محاولة قتله فيما يسمّى ب « الشورى »، مع أنّها ليست بشورى، لأنّها كانت ذات قوانين مبتنية على العسف والجور والقوّة، لأن عمر بن الخطّاب جعل الشورى طبق ما دبّره هو لكي تؤول الخلافة إلى عثمان.

قال العلاّمة في نهج الحقّ ( ٢٨٥ - ٢٨٦ ): وجعل الأمر إلى ستّة، ثمّ إلى أربعة، ثمّ إلى واحد وصفه بالضعف والقصور، وقال: إن اجتمع عليّ وعثمان فالقول ما قالاه، وإن صاروا ثلاثة وثلاثة، فالقول للذين فيهم عبد الرحمن بن عوف، وذلك لعلمه بأنّ عليّا وعثمان لا يجتمعان، وأنّ عبد الرحمن بن عوف لا يكاد يعدل بالأمر عن ختنه وابن عمّه، وأنّه أمر بضرب أعناقهم إن تأخّروا عن البيعة فوق ثلاثة أيّام، وأنّه أمر بقتل من يخالف الأربعة منهم، والّذين ليس فيهم عبد الرحمن بن عوف.

وفي الإمامة والسياسة ( ج ١؛ ٤٢ - ٤٣ ) قال ابن قتيبة: ثمّ قال [ أي عمر ]: إن استقام أمر خمسة منكم وخالف واحد فاضربوا عنقه، وإن استقام أربعة واختلف اثنان فاضربوا أعناقهما، وإن استقرّ ثلاثة واختلف ثلاثة فاحتكموا إلى ابني عبد الله، فلأيّ الثلاثة قضى فالخليفة منهم وفيهم، فإن أبى الثلاثة الآخرون ذلك فاضربوا أعناقهم.

وفي رواية الطبريّ ( ج ٥؛ ٣٥ ) وابن الأثير ( ج ٣؛ ٦٧ ) قال: فإن لم يرضوا بحكم عبد الله بن عمر فكونوا مع الّذين فيهم عبد الرحمن بن عوف.

وفي رواية الطبريّ وابن الأثير أيضا: فخرجوا، فقال عليّ لقوم كانوا معه من

٤٧٠

بني هاشم: إن أطيع فيكم قومكم لم تؤمّروا أبدا، وتلقّاه العبّاس، فقال: عدلت عنا، فقال: وما علمك؟ قال: قرن بي عثمان وقال: كونوا مع الأكثر، فإن رضي رجلان رجلا ورجلان رجلا فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف، فسعد لا يخالف ابن عمّه عبد الرحمن، وعبد الرحمن صهر عثمان، لا يختلفون، فيولّيها عبد الرحمن عثمان، أو يولّيها عثمان عبد الرحمن، فلو كان الآخران معي لم ينفعاني ....

وقد مرّ بيان الشورى قبل قليل عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله « إيّاكم وبيعات الضلالة والشورى للجهالة »، لكنّ المهم هو تهديدهم، بالقتل لمن يخالف الأربعة من أصحاب الشورى، أو الثلاثة الذين ليس فيهم عبد الرحمن بن عوف، فإنّ عمر بن الخطّاب كان يعرف - طبق ما أسلفنا بيانه - أنّ عليّاعليه‌السلام والزبير أو عليّا لوحده هو المخالف قطعا، وكان غرضه أن يعارض عليّعليه‌السلام فيقتل لذلك.

وانظر - أمره بقتل من يخالف الأربعة، أو الثلاثة الذين ليس فيهم ابن عوف - شرح النهج ( ج ١٢؛ ٢٥٦ ) وطبقات ابن سعد ( ج ٣؛ ٦١ - ٦٢ ) وتاريخ اليعقوبي ( ج ٢؛ ١٦٠ ) والفتوح ( ج ١؛ ٣٢٧، ٣٢٨ ) والفخريّ (٩٧).

وإضافة إلى هذه المعادلة الظالمة الّتي جعلها عمر في الشورى، والّتي تؤدي إلى قتل عليّعليه‌السلام إن عارضهم، نرى تصريحات عليّعليه‌السلام بأنّه كان هو المراد من هذه المؤامرة، وأنّها كانت محاولة لقتله.

ففي أمالي المفيد ( ١٥٣ - ١٥٤ ) بسنده عن زيد بن عليّ بن الحسين، يقول: حدّثني أبي، عن أبيهعليهما‌السلام ، قال: سمعت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام يخطب الناس، فقال في خطبته: والله لقد بايع الناس أبا بكر وأنا أولى الناس بهم منّي بقميصي هذا، فكظمت غيظي، وانتظرت أمر ربّي، وألصقت كلكلي بالأرض، ثمّ إن أبا بكر هلك واستخلف عمر، وقد علم والله أنّي أولى الناس بهم منّي بقميصي هذا، فكظمت غيظي، وانتظرت أمر ربّي، ثمّ إنّ عمر هلك وقد جعلها شورى، فجعلني سادس ستّة كسهم الجدّة، وقال: اقتلوا الأقلّ، وما أراد غيري وروى هذا الخبر أبو الصلاح في تقريب المعارف: ٢٤١ قائلا

٤٧١

« وقولهعليه‌السلام المستفيض: بايع والله ».

وفي تاريخ الطبريّ ( ج ٥؛ ٤١ ) قال: فقعد عبد الرحمن مقعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من المنبر، وأقعد عثمان على الدرجة الثانية، فجعل الناس يبايعونه، وتلكّأ عليّعليه‌السلام ، فقال عبد الرحمن:( فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ، وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ) (١) ، فرجع عليّ يشق الناس حتّى بايع وهو يقول: خدعة وأيّما خدعة.

وفي تقريب المعارف (٣٥١) قال: وامتنع عليّعليه‌السلام ، فقال له عبد الرحمن: بايع وإلاّ ضربت عنقك، في تاريخ البلاذريّ وغيره.

ومن طريق آخر: إنّ عليّاعليه‌السلام ، خرج مغضبا، فلحقه أصحاب الشورى، فقالوا له: بايع وإلاّ جاهدناك، فقال له: يا عبد الرحمن خئونة خنت دهرا. ومن طرق أخر عن الطبريّ وغيره: نصعت الخئونة يا بن عوف، ليس هذا أوّل يوم تظاهرتم علينا فيه، فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون، والله ما ولّيت عثمان إلاّ ليردّ الأمر إليك، والله كلّ يوم في شأن، فقال له عبد الرحمن: لا تجعل على نفسك سبيلا، إنّي نظرت وشاورت الناس، فإذا هم لا يعدلون بعثمان.

وقال أبو الصلاح الحلبي في تقريب المعارف (٣٥٣) بعد شرحه لمؤامرة الشورى: ولم يخف ذلك عليهعليه‌السلام ؛ لأنّه قال لابن عبّاس: إنّ القوم قد عادوكم بعد نبيّكم لعداوتهم له في حياته، ألا ترى إلى قول عمر: إن يبايع اثنان لواحد واثنان لواحد فالحقّ حقّ عبد الرحمن واقتلوا الثلاثة الأخر، أما والله ما أراد غيري؛ لأنّه علم أنّ الزبير لا يكون إلاّ في حيّزي، وطلحة لا يفارق الزبير، فلم يبال إذا قتلني والزبير أن يقتل طلحة، أما والله لئن عاش عمره لأعرّفنه سوء رأيه فينا قديما وحديثا، ولئن مات ليجمعني وإيّاه يوم يكون فصل الخطاب.

فهذه هي المحاولات الرئيسية لقتل واغتيال الإمام عليّعليه‌السلام ، أخبر النبي بها عليّاعليه‌السلام

__________________

(١) الفتح؛ ١٠.

٤٧٢

بخصوصها تارة، ومن جملة ما أخبره به من الحوادث تارة أخرى، وقد نجّاه الله منها، إلى أن استشهدعليه‌السلام على يد أشقى الأولين والآخرين.

وفيهم نزلت( بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ ) (١)

جاءت الرواية عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام في تفسير قوله تعالى:( إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ ) (٢) أنّهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة، وهم الثلاثي المشؤوم الذي تحمّل العبء الأكبر من وزر غصب الخلافة، وسحب عليّ إلى البيعة قسرا، لكن المحدّث البحرانيرحمه‌الله في كتابه البرهان ( ج ١؛ ٣٩٦ ) ذكر تفسير هذه الآية( بَيَّتَ طائِفَةٌ ) (٣) في ضمن تفسيره الآية( إِذْ يُبَيِّتُونَ ) (٤) ، ممّا يعني أنّ المراد في الآيتين نفس المبيّتين؛ وهم الثلاثة المذكورون، ويؤيد هذا أنّ المفسرين ذكروا في تفسير قوله( إِذْ يُبَيِّتُونَ ) (٥) انّ المبيتين هم المنافقون، ومن المسلّم المقطوع به في روايات الأئمّةعليهم‌السلام أنّ المذكورين من المنافقين.

وفي الكافي ( ج ٨؛ ٣٣٤ ) بسنده عن سليمان الجعفريّ، قال: سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول: في قوله الله تبارك وتعالى:( إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ ) (٦) قال: يعني فلانا وفلانا وأبا عبيدة بن الجراح.

وفي تفسير العيّاشي ( ج ١؛ ٣٠١ ) بسنده عن أبي جعفرعليه‌السلام - في قوله( إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ ) (٧) - قال: فلان وفلان وأبو عبيدة بن الجراح.

وفي رواية عمر بن سعيد، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: هما وأبو عبيدة بن الجراح.

__________________

(١) النساء؛ ٨١.

(٢) النساء؛ ١٠٨.

(٣) النساء؛ ٨١.

(٤) النساء؛ ١٠٨.

(٥) النساء؛ ١٠٨.

(٦) النساء؛ ١٠٨.

(٧) النساء؛ ١٠٨.

٤٧٣

وفي رواية عمر بن صالح، قال: الأوّل والثاني وأبو عبيدة بن الجراح. وانظر إرشاد القلوب (٣٣٦) حيث قرأ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله هذه الآية في أصحاب الصحيفة الملعونة.

هذا، وكان أبو عبيدة بن الجراح من أصحاب الصحيفة الملعونة كما سيأتي، وهل بعد هذا النفاق من نفاق، وبعد ذلك التبييت من تبييت؟!

ثمّ يميتك شقيّ هذه الأمّة

أخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاعليه‌السلام أمام الملأ بأنّ قاتله أشقى البرية وأشقى الناس، وأنّ أشقى الأولين عاقر الناقة، وأشقى الآخرين قاتل عليّعليه‌السلام ، وقد وردت بذلك الروايات المتظافرة الصريحة الصحيحة من طرق الفريقين.

ففي عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ( ج ١؛ ٢٣٠ - ٢٣٢ ) بسنده عن الرضا، عن الكاظم، عن الصادق، عن الباقر، عن السجاد، عن الحسين، عن الإمام عليّعليهم‌السلام ، قال: إنّ رسول الله خطبنا ذات يوم، فقال: أيّها الناس، إنّه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة فقمت فقلت: يا رسول الله، ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟ فقال: يا أبا الحسن أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله، ثمّ بكىصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقلت: يا رسول الله ما يبكيك؟ فقال: يا عليّ، أبكي لما يستحلّ منك في هذا الشهر؛ كأنّي بك وأنت تصلّي لربّك، وقد انبعث أشقى الأوّلين والآخرين، شقيق عاقر ناقة ثمود، فضربك ضربة على قرنك، فخضب منها لحيتك ومثله في أمالي الصدوق ( ٨٤ - ٨٦ ).

وفي كامل الزيارات ( ٢٥٩ - ٢٦٦ ) في خبر طويل رواه السجادعليه‌السلام ، عن عمته زينب بنت عليّعليه‌السلام ، عن أم سلمة، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفيه: ثمّ قال جبرئيل: يا محمّد، إنّ أخاك مضطهد بعدك، مغلوب على أمّتك، متعوب من أعدائك، ثمّ مقتول بعدك، يقتله أشرّ الخلق والخليقة، وأشقى البريّة، نظير عاقر الناقة، ببلد تكون إليه هجرته، وهو مغرس شيعته وشيعة ولده ...

وفي كتاب سليم بن قيس (٢١١) قال أبان: قال سليم: لمّا التقى أمير المؤمنينعليه‌السلام

٤٧٤

وأهل البصرة يوم الجمل، نادىعليه‌السلام الزبير: « يا أبا عبد الله اخرج إليّ »، فقال له أصحابه: يا أمير المؤمنين، تخرج إلى الزبير الناكث بيعته وهو على فرس شاك في السلاح، وأنت على بغلة بلا سلاح؟! فقال عليّعليه‌السلام : إنّ عليّ جبّة واقية، لن يستطيع أحد فرارا من أجله، وإنّي لا أموت، ولا أقتل إلاّ على يدي أشقاها، كما عقر ناقة الله أشقى ثمود.

وفي مجمع البيان ( ج ٥؛ ٤٩٨ - ٤٩٩ ) في تفسير قوله:( إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها ) (١) أي كان تكذيبها حين انبعث أشقى ثمود للعقر والأشقى عاقر الناقة، وهو أشقى الأولين على لسان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد صحّت الرواية بالإسناد عن عثمان بن صهيب، عن أبيه، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ بن أبي طالبعليه‌السلام : « من أشقى الأولين »؟ قال: عاقر الناقة، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : صدقت، فمن أشقى الآخرين؟ قال: قلت: لا أعلم يا رسول الله، قال: الّذي يضربك على هذه - وأشار إلى يافوخه -.

وفي كشف الغمّة ( ج ١؛ ٤٢٧ ) قال: قال أبو المؤيد الخوارزمي في كتاب المناقب، يرفعه إلى أبي سنان الدؤلي، أنّه عاد عليّا في شكوى اشتكاها، قال: فقلت له: لقد تخوّفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذه، فقال: لكنّي والله ما تخوفت على نفسي، لأنّي سمعت رسول الله الصادق المصدّق يقول: إنّك ستضرب هاهنا - وأشار إلى صدغيه - فيسيل دمها حتّى تخضب لحيتك، ويكون صاحبها أشقاها، كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود.

قال الأربلي: قلت: الضمير في « أشقاها » يعود إلى الأمّة وإن لم يجر لها ذكر، كما قال تعالى:( حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ ) (٢) وكما قال:

حتّى إذا ألقت يدا من كافر

وأجنّ عورات الثغور ظلامها(٣)

ويدلّ عليه « أشقى ثمود »، انتهى.

وتوضيح ذلك أن الضمير في قوله « توارت » راجع إلى الشمس وإن لم تكن مذكورة،

__________________

(١) الشمس؛ ١٢.

(٢) ص؛ ٣٢.

(٣) ديوان لبيد بن ربيعة العامريّ: ١٧٦.

٤٧٥

لأنّه شيء قد عرف، وكذلك الضمير في قول لبيد « ألقت »؛ فإنّه راجع للشمس. وقال الطبرسيرحمه‌الله في مجمع البيان ( ج ٤؛ ٤٧٤ ): « توارت بالحجاب » أي توارت الشمس، ولم يجر لها ذكر؛ لأنّه شيء قد عرف، كقوله سبحانه( إِنَّا أَنْزَلْناهُ ) (١) يعني القرآن، ولم يجر له ذكر، وقوله( كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ ) (٢) يعني الأرض، قال الزّجّاج: في الآية دليل على الشمس؛ وهو قوله:( إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ ) (٣) ، فهو في معنى « عرض عليه بعد زوال الشمس حتّى توارت الشمس بالحجاب »، قال: وليس يجوز الإضمار إلاّ أن يجرى ذكر أو دليل بمنزلة الذكر.

وفي مسند أحمد ( ج ٤؛ ٢٦٣ ) بسنده عن عمّار بن ياسر، قال: كنت أنا وعليّعليه‌السلام رفيقين في غزوة ذات العشيرة، فلمّا نزلها رسول الله وأقام بها، رأينا ناسا من بني مدلج يعملون في عين لهم في نخل، فقال لي عليّعليه‌السلام : يا أبا اليقظان هل لك أن نأتي هؤلاء فننظر كيف يعملون؟ فجئناهم فنظرنا إلى عملهم ساعة، ثمّ غشينا النوم، فانطلقت أنا وعليّعليه‌السلام فاضطجعنا في صور من النخل في دقعاء من التراب، فنمنا، فو الله ما أهبّنا إلاّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يحرّكنا برجله وقد تترّبنا من تلك الدقعاء، فيومئذ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام : يا أبا تراب - لما يرى عليه من التراب - ألا أحدّثكما بأشقى الناس رجلين؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: أحيمر ثمود الّذي عقر الناقة، والّذي يضربك يا عليّ على هذه - يعني قرنه - حتّى تبلّ منه هذه - يعني لحيته -.

وفي شواهد التنزيل ( ج ٢؛ ٤٤٤ ) بسنده عن ابن عبّاس، قال: قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أشقى الخلق قدار بن قدير عاقر ناقة صالح، وقاتل عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، ثمّ قال ابن عبّاس: ولقد أمطرت السماء يوم قتل عليّ دما يومين متتابعين.

وانظر مجمع البيان ( ج ٥؛ ٤٩٩ ) والتوحيد ( ٣٦٧ - ٣٦٨ ) والعمدة (٢٥) والخرائج والجرائح (١١٥) وإعلام الورى ( ٨٣ - ٨٤ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ١٤٠ )

__________________

(١) القدر؛ ١.

(٢) الرحمن؛ ٢٦.

(٣) ص؛ ٣١.

٤٧٦

والإرشاد ( ١٣ - ١٤ ) وفرحة الغري ( ١٨ - ١٩ ) والبحار ( ج ٤٢؛ ١٩٥ ) عن كتاب العدد، والدرّ المنثور ( ج ٦؛ ٣٥٧ ) وشواهد التنزيل ( ج ٢؛ ٤٣٤ - ٤٤٤ ) وفيه ثلاثة عشر حديثا في ذلك، والمستدرك للحاكم ( ج ٣؛ ١١٣، ١٤٠ » وخصائص النسائي ( ١٢٩ - ١٣٠ ) وتاريخ دمشق ( ج ٣؛ ٢٧٦ / الحديث ١٣٦١ ) و ( ٢٧٩ / الحديث ١٣٦٥ ) ونزل الأبرار (٦٢) والاستيعاب ( ج ٣؛ ١١٢٥ ) وكنز العمال ( ج ٦؛ ٣٩٩ ) ومجمع الزوائد ( ج ٩؛ ١٣٦ - ١٣٧ ) وأنساب الأشراف ( ج ٢؛ ٤٩٩ / الحديث ٥٤٤ ) ومشكل الآثار للطحاويّ ( ج ١؛ ٣٥١ ) وسنن البيهقي ( ج ٨؛ ٥٨ ) وأسد الغابة ( ج ٤؛ ٣٣ ) وتاريخ بغداد ( ج ١؛ ١٣٥ ) ونور الأبصار (٩٧) والصواعق المحرقة (٨٠) وطبقات ابن سعد ( ج ٣؛ ٣٣ - ٣٥ ) والرياض النضرة ( ج ٢؛ ٢٢٣، ٢٤٨ ) وفتح الباري ( ج ٨؛ ٧٦ ) وتفسير الثعلبي المخطوط في ذيل الآية ١٨٠ من سورة الأعراف، وجواهر العقدين المخطوط / العقد الثاني - الذكر ١٤. وانظر تخريجاته في قادتنا ( ج ٤؛ ٩٨ - ١٠٤ ) وفضائل الخمسة ( ج ٣؛ ٨٢ - ٨٦ ).

هم شركاؤه فيما يفعل

هذا ثابت من أحاديث أهل البيتعليهم‌السلام ، وثابت في الواقع الّذي حصل بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ إذ لو لا الأوّل لما جاء الثاني، ولو لا الثاني لما جاء الثالث، ولو لا الثاني والثالث لما تأمّر معاوية ومن بعده يزيد، ولما ابتلي الإمام عليّعليه‌السلام بانحرافات خطيرة عند المسلمين، فكان الأوّلون هم السبب في شهادتهعليه‌السلام ، وفي جميع المصائب الّتي حلّت بآل محمّد صلوات الله عليهم والمسلمين.

ففي تفسير القمّي ( ج ١؛ ٣٨٣ ) قال عليّ بن إبراهيم في قوله:( لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) (١) قال: يحملون آثامهم، يعني الذين غصبوا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وآثام كلّ من اقتدى بهم، وهو قول الصادقعليه‌السلام : والله ما أهريقت

__________________

(١) النحل؛ ٢٥.

٤٧٧

محجمة من دم، ولا قرعت عصا بعصا، ولا غصب فرج حرام، ولا أخذ مال من غير حلّه، إلاّ وزر ذلك في أعناقهما من غير أن ينقص من أوزار العالمين شيء.

وفي رجال الكشي ( ج ٢؛ ٤٦١ ) بسنده عن الورد بن زيد، قال: قلت لابي جعفرعليه‌السلام : جعلني الله فداك، قدم الكميت، فقال: أدخله، فسأله الكميت عن الشيخين؟ فقال له أبو جعفرعليه‌السلام : ما أهرق دم، ولا حكم بحكم غير موافق لحكم الله وحكم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وحكم عليّعليه‌السلام ، إلاّ وهو في أعناقهما، فقال الكميت: الله أكبر، الله أكبر، حسبي، حسبي.

وفي الكافي ( ج ٨؛ ١٠٢ - ١٠٣ ) بسنده عن الكميت بن زيد الأسديّ، قال: دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام ، فقال: والله - يا كميت - لو كان عندنا مال لأعطيناك منه، ولكن لك ما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لحسّان بن ثابت: « لن يزال معك روح القدس ما ذببت عنّا » قال: قلت: خبّرني عن الرجلين؟ قال: فأخذ الوسادة فكسرها في صدره، ثمّ قال: والله - يا كميت - ما أهريق محجمة من دم، ولا أخذ مال من غير حلّه، ولا قلب حجر على حجر، إلاّ ذاك في أعناقهما.

وفي الكافي أيضا ( ج ٨؛ ١٠٢ ) بسنده عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إنّ الله عزّ وجلّ منّ علينا بأن عرّفنا توحيده، ثمّ منّ علينا بأنّ أقررنا بمحمّد؛ بالرسالة، ثمّ اختصّنا بحبّكم أهل البيت، نتولاّكم ونتبرّأ من عدوكم، وإنّما نريد بذلك خلاص أنفسنا من النار، قال: ورققت فبكيت، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : سلني، فو الله لا تسألني عن شيء إلاّ أخبرتك به - قال: فقال له عبد الملك بن أعين: ما سمعته قالها لمخلوق قبلك - قال: قلت: خبّرني عن الرجلين؟ قال: ظلمنا حقّنا في كتاب الله عزّ وجلّ، ومنعا فاطمة ميراثها من أبيها، وجرى ظلمهما إلى اليوم، قال - وأشار إلى خلفه -: ونبذا كتاب الله وراء ظهورهما.

وفي الكافي أيضا ( ج ٨؛ ٢٤٥ ) بسنده عن سدير الصيرفي، قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عنهما، فقال: يا أبا الفضل ما تسألني عنهما!! فو الله، ما مات منّا ميّت قطّ إلاّ ساخطا عليهما، وما منّا اليوم إلاّ ساخط عليهما، يوصي بذلك الكبير منّا الصغير، إنّهما ظلمنا حقّنا، ومنعانا

٤٧٨

فيئنا، وكانا أوّل من ركب أعناقنا، وبثقا علينا بثقا في الإسلام لا يسكّر أبدا حتّى يقوم قائمنا، أو يتكلم متكلمنا، ثمّ قال: والله ما أسّست من بلية، ولا قضيّة تجري علينا أهل البيت، إلاّ هما أسّسا أوّلها، فعليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

وانظر تقريب المعارف ( ٢٣٧ - ٢٥٧ ) ففيه أحاديث كثيرة عن كثير من الأئمّة والصحابة، مفادها أنّ الغاصبين الأوائل كانوا هم السبب فيما يجري على آل محمّد - صلوات الله عليهم - من القتل والاهتضام وسفك دمائهم وتشريدهم، والروايات في ذلك كثيرة جدّا، أورد جلّها العلاّمة المجلسي في المجلد الثامن من بحار الأنوار / باب « كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح أعمالهم وقبائح آثارهم وفضل التبري منهم ولعنهم ».

٤٧٩

٤٨٠

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653