طرف من الأنباء والمناقب

طرف من الأنباء والمناقب6%

طرف من الأنباء والمناقب مؤلف:
المحقق: الشيخ قيس العطّار
الناشر: انتشارات تاسوعاء
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 653

طرف من الأنباء والمناقب
  • البداية
  • السابق
  • 653 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 210918 / تحميل: 6562
الحجم الحجم الحجم
طرف من الأنباء والمناقب

طرف من الأنباء والمناقب

مؤلف:
الناشر: انتشارات تاسوعاء
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

فاطمةعليها‌السلام على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو في سكرات الموت، فانكبّت عليه تبكي، ففتح عينه وأفاق، ثمّ قال: يا بنيّة، أنت المظلومة بعدي، وأنت المستضعفة بعدي، فمن آذاك فقد آذاني، ومن غاظك فقد غاظني، ومن سرّك فقد سرّني، ومن برّك فقد برّني، ومن جفاك فقد جفاني، ومن وصلك فقد وصلني، ومن قطعك فقد قطعني، ومن أنصفك فقد أنصفني، ومن ظلمك فقد ظلمني، لأنّك منّي وأنا منك، وأنت بضعة منّي، وروحي الّتي بين جنبي، ثمّ قال: إلى الله أشكو ظالميك من أمّتي.

ثمّ دخل الحسن والحسينعليهما‌السلام ، فانكبّا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهما يبكيان ويقولان: أنفسنا لنفسك الفداء يا رسول الله، فذهب عليّعليه‌السلام لينحّيهما عنه، فرفعصلى‌الله‌عليه‌وآله رأسه إليه، ثمّ قال: يا عليّ دعهما يشمّاني وأشمّهما، ويتزوّدان منّي وأتزوّد منهما، فإنّهما مقتولان بعدي ظلما وعدوانا، فلعنة الله على من يقتلهما، ثمّ قال: يا عليّ، وأنت المظلوم المقتول بعدي، وأنا خصم لمن أنت خصمه يوم القيامة.

وفي أمالي الصدوق ( ٥٠٥ - ٥٠٩ ) بسنده عن ابن عبّاس، قال: لمّا مرض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثمّ قام رسول الله فدخل بيت أمّ سلمة، وهو يقول: ربّ سلّم أمّة محمّد من النار ويسّر عليهم الحساب، فقالت أمّ سلمة: يا رسول الله، مالي أراك مغموما متغيّر اللّون؟ فقال: نعيت إليّ نفسي هذه الساعة، فسلام لك في الدنيا، فلا تسمعين بعد هذا اليوم صوت محمّد أبدا، فقالت أمّ سلمة: وا حزناه، حزنا لا تدركه الندامة عليك يا محمّداه.

ثمّ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ادعي لي حبيبة قلبي وقرّة عيني فاطمة تجيء، فجاءت فاطمة وهي تقول: نفسي لنفسك الفداء، ووجهي لوجهك الوقاء يا أبتاه، ألا تكلّمني كلمة، فإنّي أنظر إليك وأراك مفارق الدنيا، وأرى عساكر الموت تغشاك شديدا.

فقال لها: يا بنيّة، إنّي مفارقك، فسلام عليك منّي ثمّ أغمي على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فدخل بلال وهو يقول: الصلاة رحمك الله، فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وصلّى بالناس وخفّف الصلاة، ثمّ قال: ادعوا إليّ عليّ بن أبي طالب وأسامة بن زيد، فجاءا فوضع يده على عاتق عليّعليه‌السلام والأخرى على أسامة، ثمّ قال: انطلقا بي إلى فاطمة، فجاءا به حتّى وضع

٥٢١

رأسه في حجرها، فإذا الحسن والحسينعليهما‌السلام يبكيان ويصطرخان ويقولان: أنفسنا لنفسك الفداء، ووجوهنا لوجهك الوقاء فعانقهما وقبّلهما، وكان الحسن أشدّ بكاء، فقال له: كفّ يا حسن فقد شققت على رسول الله ...

فروي عن ابن عبّاس: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك المرض كان يقول: ادعوا لي حبيبي، فجعل يدعى له رجل بعد رجل فيعرض عنه، فقيل لفاطمة: امضي إلى عليّ، فما نرى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يريد غير عليّعليه‌السلام ، فبعثت فاطمة إلى عليّعليه‌السلام ، فلمّا دخل فتح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عينيه وتهلّل وجهه، ثمّ قال: إليّ يا عليّ، إليّ يا عليّ، فما زال يدنيه حتّى أخذه بيده وأجلسه عند رأسه، ثمّ أغمي عليه، فجاء الحسن والحسينعليهما‌السلام يصيحان ويبكيان حتّى وقعا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأراد عليّعليه‌السلام أن ينحّيهما عنه، فأفاق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ قال: يا عليّ، دعني أشمّهما ويشمّاني، وأتزوّد منهما ويتزوّدان منّي، أما إنّهما سيظلمان بعدي، ويقتلان ظلما، فلعنة الله على من ظلمهما - يقول ذلك ثلاثا - ثمّ مدّ يده إلى عليّعليه‌السلام ، فجذبه إليه حتّى أدخله تحت ثوبه الّذي كان عليه، ووضع فاه على فيه، وجعل يناجيه مناجاة طويلة، حتّى خرجت روحه الطيّبة، فانسلّ عليّعليه‌السلام من تحت ثيابه، وقال: أعظم الله أجوركم في نبيّكم، فقد قبضه الله إليه، فارتفعت الأصوات بالضجّة والبكاء، فقيل لأمير المؤمنينعليه‌السلام : ما الّذي ناجاك به رسول الله حين أدخلك تحت ثيابه؟ فقال: علّمني ألف باب، يفتح لي كلّ باب ألف باب. وروى هذا الخبر الفتّال النيسابوريّ في روضة الواعظين ( ٧٢ - ٧٥ ).

وفي كفاية الأثر ( ٣٦ - ٣٨ ) بسنده عن أبي ذرّ الغفاريّ، قال: دخلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه الّذي توفي فيه، فقال: يا أبا ذرّ، ائتني بابنتي فاطمة.

قال: فقمت ودخلت عليها، وقلت: يا سيّدة النسوان، أجيبي أباك، قال: فلبست جلبابها واتّزرت، وخرجت حتّى دخلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلمّا رأت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله انكبّت عليه وبكت، وبكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لبكائها، وضمّها إليه، ثمّ قال: يا فاطمة، لا تبكين فداك أبوك، فأنت أوّل من تلحقين بي، مظلومة مغصوبة، وسوف تظهر بعدي حسيكة النفاق، ويسمل جلباب الدين، وأنت أوّل من يرد عليّ الحوض.

٥٢٢

قالت: يا أبه، أين ألقاك؟ قال: تلقيني عند الحوض وأنا أسقي شيعتك ومحبّيك، وأطرد أعداءك ومبغضيك.

قالت: يا رسول الله، فإن لم ألقك عند الحوض؟ قال: تلقيني عند الميزان.

قالت: يا أبه وإن لم ألقك عند الميزان؟ قال: تلقيني عند الصراط، وأنا أقول: سلم سلم شيعة عليّ.

قال أبو ذرّ: فسكن قلبها، ثمّ التفت إليّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: يا أبا ذرّ، إنّها بضعة منّي، فمن آذاها فقد آذاني، ألا إنّها سيّدة نساء العالمين، وبعلها سيّد الوصيين، وابنيها الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، وإنّهما إمامان إن قاما أو قعدا، وأبوهما خير منهما، وسوف يخرج من صلب الحسينعليه‌السلام تسعة من الأئمّة معصومون، قوّامون بالقسط، ومنّا مهديّ هذه الأمّة.

وفيه أيضا ( ١٢٤ - ١٢٦ ) بسنده عن عمّار بن ياسر، قال: لمّا حضرت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الوفاة دعا بعليعليه‌السلام فسارّه طويلا، ثمّ قال: يا عليّ، أنت وصيّي ووارثي، قد أعطاك الله علمي وفهمي، فإذا متّ ظهرت لك ضغائن في صدور قوم، وغصبت على حقّك، فبكت فاطمةعليها‌السلام ، وبكى الحسن والحسينعليهما‌السلام ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله لفاطمة: يا سيّدة النسوان، ممّ بكاؤك؟ قالت: يا أبه، أخشى الضيعة بعدك، قال: أبشري يا فاطمة، فإنّك أوّل من يلحقني من أهل بيتي، ولا تبكي ولا تحزني، فإنّك سيّدة نساء أهل الجنّة ....

وانظر دخولها على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في مرض موته، وبكائها، وقول النبي: حبيبتي فاطمة ما الّذي يبكيك؟ فقالت: أخشى الضيعة بعدك، ثمّ بشّرها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ببشارات، انظر ذلك في مجمع الزوائد ( ج ٩؛ ١٦٥ ) وتاريخ دمشق ( ج ١؛ ٢٣٩ ): ومفتاح النجا (٣٠).

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٣٧ ) أبو عبد الله بن ماجة في السنن، وأبو يعلى الموصلىّ في المسند، قال أنس: كانت فاطمة تقول لمّا ثقل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : جبرئيل إلينا ينعاه، يا أبتاه من ربّه ما أدناه، يا أبتاه جنّة الفردوس مأواه، يا أبتاه أجاب ربّا دعاه.

وفي المختار من مسند فاطمة الزهراء (١٥٣) عن عائشة: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه

٥٢٣

الّذي قبض فيه، قال: يا فاطمة، يا بنتي، احني عليّ، فأحنت عليه، فناجاها ساعة، ثمّ انكشفت عنه تبكي، وعائشة حاضرة، ثمّ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ذلك ساعة: احني عليّ، فأحنت عليه، فناجاها ساعة، ثمّ انكشفت عنه تضحك.

فقالت عائشة: يا بنت رسول الله، أخبريني بما ذا ناجاك أبوك؟

قالتعليها‌السلام : أو شكت رأيته ناجاني على حال سرّ، ثمّ ظننت أنّي أخبر بسرّه وهو حي؟! فشقّ ذلك على عائشة أن يكون سرّ دونها.

فلمّا قبضه الله إليه، قالت عائشة لفاطمة: ألا تخبريني ذلك الخبر؟

قالتعليها‌السلام : أمّا الآن فنعم، ناجاني في المرّة الأولى فأخبرني أنّ جبرئيل كان يعارضه القرآن في كلّ عام مرّة، وأنّه عارضه القرآن العام مرّتين، وأنّه أخبره أنّه لم يكن نبي بعد نبي إلاّ عاش نصف عمر الّذي كان قبله، وأنّه أخبرني أنّ عيسى عاش عشرين ومائة سنة، ولا أراني إلاّ ذاهب على رأس الستّين، فأبكاني ذلك، وقال: يا بنيّة، إنّه ليس من نساء المؤمنين أعظم رزيّة منك، فلا تكوني أدنى من امرأة صبرا، ثمّ ناجاني في المرّة الأخرى، فأخبرني أنّي أوّل أهله لحوقا به، وقال: إنّك سيّدة نساء أهل الجنّة ( كر ). وهو رمز لتهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر.

فيتّضح من هذه المرويّات وغيرها، المطالب الأساسيّة في هذه الطّرفة، وأنّ عائشة شقّ عليها ما أسرّه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله للزهراءعليها‌السلام ، وأنّ الزهراءعليها‌السلام أجابتها ببعض ما أخبرها به رسول الله ممّا يتعلّق ببكائها وضحكها - لئلاّ يظنّوا بها العمل العبثي والعياذ بالله كما صرح في روايات أخرى بأنّ عائشة ظنّت ذلك بالزهراء، كما في سنن الترمذيّ ( ج ٥؛ ٣٦١ / الحديث ٣٩٦٤ ) والمنتقى من إتحاف السائل (٩٧) - وأجملتعليها‌السلام باقي ما أسرّه إليها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّ عائشة علمت أنّ ما أسرّه النبي للزهراء يتعلّق بعضه بها وبحفصة وبأبيها وفاروقه.

وبعد ما سردنا من الروايات الّتي فيها إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عند موته للزهراء وعليّعليهما‌السلام بالظلم الّذي سيحلّ بهم، ووقوع ذلك الظلم بعد وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله من قبل الشيخين وابنتيهما

٥٢٤

وباقي المتحزّبين، مضافا إلى إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاعليه‌السلام في مواطن شتّى بأسماء الظالمين له وما سيحلّ به وبأهل البيت، وإخباره للشيخين وعائشة وحفصة بما سيفعلونه، مع تحذيرهصلى‌الله‌عليه‌وآله لهم من ذلك، بعد كلّ ذلك يبدو جليّا صحّة ما في هذه الطّرفة من إسرار النبي للزهراء بما سيجري عليها وعلى ولدها كما علمت، وأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ذلك دعا عليّا فأخبره بكلّ ما سيجري، وعلّمه ألف باب يفتح من كلّ باب ألف باب.

وانظر ما كان عند وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وبعض ما يتعلّق بالمطلب، فيما مرّ من صدر الطّرفة التاسعة عشر.

فقد أجمع القوم على ظلمكم

إن إجماع القوم على ظلم عليّ وأهل بيتهعليهم‌السلام ممّا لا يرتاب ولا يشكّ فيه أحد، لتواتر هذا المعنى وكونه من المسلّمات التاريخيّة، ولكنّنا ننقل هنا إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا وأهل البيتعليهم‌السلام بذلك، وفي مناسبات شتّى، وخصوصا عند وفاته.

ففي الاحتجاج ( ج ١؛ ٢٧٢ - ٢٧٣ ) عن الحسنعليه‌السلام ، قال: أنشدكم بالله أتعلمون أنّه [ أي عليّا ] دخل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه الّذي توفّي فيه، فبكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال عليّعليه‌السلام : ما يبكيك يا رسول الله؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يبكيني أنّي أعلم أنّ لك في قلوب رجال من أمّتي ضغائن لا يبدونها لك حتّى أتولّى عنك.

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٢٠٩ ) عن عليّعليه‌السلام ، قال: بينا أنا وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا التفت إليّ فبكى، فقلت: ما يبكيك يا رسول الله؟ قال: أبكي من ضربتك على القرن، ولطم فاطمة خدّها، وطعن الحسن في فخذه والسمّ الّذي يسقاه، وقتل الحسين.

وفي كفاية الأثر (١٢٤) عن عمّار بن ياسر، قال: لمّا حضرت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الوفاة دعا بعليعليه‌السلام فسارّه طويلا، ثمّ قال: يا عليّ، أنت وصيّي ووارثي، وأعطاك الله علمي وفهمي، فإذا متّ ظهرت لك ضغائن في صدور القوم، وغصبت على حقّك، فبكت فاطمة

٥٢٥

وبكى الحسن والحسينعليهم‌السلام ....

وفي تفسير فرات (٢١٥) عن عليّعليه‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم: يا عليّ، علمت أنّ جبرئيل أخبرني أنّ أمّتي تغدر بك من بعدي، فويل ثمّ ويل ثمّ ويل لهم وانظر في هذا شرح النهج ( ج ٦؛ ٤٥ ) ونهج الحقّ (٣٣٠) وكنز العمال ( ج ٦؛ ١٥٧ ) والسقيفة وفدك (٦٩) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٧٢ ) والتهاب نيران الأحزان (٥٩) وتفسير فرات ( ١٨١، ٣٠٦ ).

وقد ثبت حديث مرور النبي وعليّ - صلوات الله عليهما - على الحدائق السبع، وتبشير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام بأنّ له أحسن منها في الجنّة، قال عليّعليه‌السلام : فلمّا خلا له الطريق اعتنقني وأجهش باكيا، فقلت: يا رسول الله، ما يبكيك؟ قال: ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها لك إلاّ بعدي، فقلت: في سلامة من ديني؟ قال: في سلامة من دينك. انظر في هذا نهج الحقّ (٣٣٠) وكتاب سليم بن قيس (٧٣) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ١٢١ ) وتذكرة الخواص ( ٤٥ - ٤٦ ) ومناقب الخوارزمي (٢٦) وتاريخ بغداد ( ج ١٢؛ ٣٩٨ ) وكنز العمال ( ج ٦؛ ٤٠٨ ) و ( ج ١٥؛ ١٤٦، ١٥٦ ) وفرائد السمطين ( ج ١؛ ١٥٢ - ١٥٣ ) وتاريخ دمشق ( ج ٢؛ ٣٢٧ ) ومجمع الزوائد ( ج ٩؛ ١١٨ ) والمستدرك للحاكم ( ج ٣؛ ١٣٩ ) وكفاية الطالب ( ٢٧٢ - ٢٧٣ ).

وفي ينابيع المودّة ( ج ١؛ ١٣٤ ) و ( ج ٣؛ ٩٨ ) وأمالي الطوسي (٣٥١): ثمّ قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : اتّق الضغائن الّتي كانت في صدور قوم لا تظهرها إلاّ بعد موتي، أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاّعنون، وبكىصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ قال: أخبرني جبرئيل أنّهم يظلمونك بعدي، وأنّ ذلك الظلم لا يزول بالكليّة عن عترتنا، حتّى إذا قام قائمهم ....

وفي أمالي الصدوق (٩٩) عن ابن عبّاس، لمّا أقبل عليّعليه‌السلام ورآه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فبكى، فسأله ابن عبّاس عن سبب بكائه، قال: قال: وإنّي بكيت حين أقبل؛ لأنّي ذكرت غدر الأمّة به بعدي، حتّى إنّه ليزال عن مقعدي وقد جعله الله له بعدي، ثمّ لا يزال الأمر به حتّى يضرب على قرنه ضربة تخضب منها لحيته.

٥٢٦

وفي الكافي ( ج ٨؛ ٣٣٤ )، عن سليم، عن عليّعليه‌السلام : وأخبرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه لو قبض أنّ الناس يبايعون أبا بكر في ظلّة بني ساعدة بعد ما يختصمون.

وفي المسترشد (٣٦٣) وبشارة المصطفى (٢٢٠) قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : أنت المظلوم من بعدي.

وفي المسترشد (٦١٠) قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : أما إنّهم سيظهرون لك من بعدي ما كتموا، ويعلنون لك ما أسرّوا.

وفي كفاية الأثر (١٠٢) قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام : فإذا متّ ظهرت لك ضغائن في صدور قوم يتمالئون عليك ويمنعونك حقّك.

وقد مرّ ما يتعلّق بظلم عليّعليه‌السلام في الطّرفة الرابعة عشر، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا عليّ توفي على الصبر منك والكظم لغيظك على ذهاب حقّك ».

يا عليّ إنّي قد أوصيت ابنتي فاطمة بأشياء، وأمرتها أن تلقيها إليك، فأنفذها، فهي الصادقة الصدوقة

انظر ما مرّ في الطّرفة التاسعة عشر من قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا عليّ انفذ لما أمرتك به فاطمة، فقد أمرتها بأشياء أمرني بها جبرئيل ».

أما والله لينتقمن الله ربّي وليغضبنّ لغضبك، ثمّ الويل ثمّ الويل ثمّ الويل للظالمين

انظر ما مرّ في الطّرفة التاسعة عشر من قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « واعلم يا عليّ أنّي راض عمّن رضيت عنه ابنتي فاطمة، وكذلك ربّي وملائكته » وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعده: « ويل لمن ظلمها ».

لقد حرّمت الجنّة على الخلائق حتّى أدخلها، وإنّك لأوّل خلق الله يدخلها، كاسية حالية ناعمة

مرّ في الطّرفة السادسة ما يتعلّق بدخول أهل البيت الجنّة قبل الخلائق، وذلك عند

٥٢٧

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « وتشهدون أنّ الجنّة حقّ، وهي محرّمة على الخلائق حتّى أدخلها أنا وأهل بيتي »، ونذكر هنا بعض الروايات الّتي خصّت الزهراءعليها‌السلام بأنّها أوّل من يدخل الجنّة.

ففي ميزان الاعتدال ( ج ٢؛ ١٣١ ) ذكر حديثا صحيحا، بسند عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أوّل شخص يدخل الجنّة فاطمةعليها‌السلام ، قال: خرّجه أبو صالح المؤذّن في مناقب فاطمة. ورواه ابن حجر في لسان الميزان ( ج ٤؛ ١٦ / الحديث ٣٤ ) و ( ج ٣؛ ٢٣٧ / الحديث ١٠٥٢ ).

وفي كنز العمال ( ج ٦؛ ٢١٩ ) أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إنّ أوّل شخص يدخل الجنّة فاطمة بنت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومثلها في هذه الأمّة مثل مريم في بني إسرائيل، وقال: أخرجه أبو الحسن أحمد بن ميمون في كتاب « فضائل عليّ »عليه‌السلام ، والرافعي عن بدل بن المحبّر، عن عبد السّلام بن عجلان، عن أبي يزيد المدني، يعني عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وفي ينابيع المودّة ( ج ٢؛ ٨٤ ) أبو هريرة، رفعه: إنّ أوّل من يدخل الجنّة فاطمة بنت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثلها في هذه الأمّة مثل مريم بنت عمران في بني إسرائيل. ورواه الخوارزمي في مقتل الحسين ( ج ١؛ ٧٦ ) بإسناده عن أبي هريرة.

ويبقي أن نذكر بعض ما يتعلّق بدخولها الجنّة كاسية حالية ناعمة. ففي دلائل الإمامة (٥٨) بسنده عن عليّ بن موسى، قال: حدّثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدّثني أبي جعفر بن محمّد، قال: حدّثني أبي محمّد بن عليّ، قال: حدّثني أبي عليّ بن الحسين، قال: حدّثني أبي الحسين بن عليّ، قال: حدّثني أبي عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : تحشر ابنتي فاطمة عليها حلّة الكرامة، قد عجنت بماء الحيوان، تنظر إليها الخلائق فيتعجّبون منها، ثمّ تكسى حلّة من حلل الجنّة، وهي ألف حلّة، مكتوب على كلّ حلّة بخطّ أخضر « أدخلوا ابنة محمّد الجنّة على أحسن صورة وأحسن كرامة وأحسن منظر »، فتزفّ إلى الجنّة كما تزفّ العروس، ويوكّل بها سبعون ألف جارية. ورواه ابن المغازلي في مناقبه (٤٠٢) بسنده عن الرضا، عن آبائهعليهم‌السلام ، ورواه أيضا بسنده عن الرضاعليه‌السلام الخوارزمي في مقتل الحسين ( ج ١؛ ٥٢ ) والمحبّ الطبريّ في ذخائر العقبى (٤٨)

٥٢٨

وقال: « خرّجه عليّ بن موسى الرضاعليهما‌السلام »، والقندوزيّ في ينابيع المودّة ( ج ٢؛ ٢٤ - ٢٥ ) وابن حجر في لسان الميزان ( ج ٢؛ ٤١٧ ).

وفي مستدرك الحاكم ( ج ٣؛ ١٦١ ) بسنده عن أبي جحيفة، عن عليّعليه‌السلام ، قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة، قيل: يا أهل الجمع، غضّوا أبصاركم حتّى تمرّ فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فتمرّ وعليها ريطتان خضراوان. ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ( ج ٩؛ ٢١٢ ) والبدخشي في مفتاح النجا (١٥٣) وابن الأثير في أسد الغابة ( ج ٥؛ ٥٢٣ ) والمحبّ الطبريّ في ذخائر العقبى (٤٨).

وفي تفسير فرات (٢٦٩) بسنده عن الصادق، عن أبيهعليهما‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: يا معشر الخلائق، غضّوا أبصاركم حتّى تمرّ بنت حبيب الله إلى قصرها، فاطمة ابنتي، فتمرّ وعليها ريطتان خضراوان، حواليها سبعون ألف حوراء ....

وفي كشف الغمّة ( ج ١؛ ٤٩٦ - ٤٩٧ ): روى الزهريّ، عن عليّ بن الحسينعليهما‌السلام ، قال: قال عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام لفاطمةعليها‌السلام : سألت أباك فيما سألت أين تلقينه يوم القيامة؟ قالت: نعم، قال لي: اطلبيني عند الحوض، قلت: إن لم أجدك هاهنا؟ قال: تجديني إذا مستظلا بعرش ربّي، ولن يستظلّ به غيري، قالت فاطمة: فقلت: يا أبه، أهل الدنيا يوم القيامة عراة؟ فقال: نعم يا بنيّة، فقلت له: وأنا عريانة؟ قال: نعم، وأنت عريانة، وإنّه لا يلتفت فيه أحد إلى أحد، قالت فاطمة: فقلت له: وا سوأتاه يومئذ من الله عزّ وجلّ، فما خرجت حتّى قال لي: هبط عليّ جبرئيل الروح الأمين، فقال لي: يا محمّد، أقرئ فاطمة السلام، وأعلمها أنّها استحيت من الله تبارك وتعالى، فاستحى الله منها، فقد وعدها أن يكسوها يوم القيامة حلّتين من نور، قال عليّعليه‌السلام : فقلت لها: فهلاّ سألتيه عن ابن عمّك؟ فقالت: قد فعلت، فقال: إنّ عليّا أكرم على الله عزّ وجلّ من أن يعريه يوم القيامة.

٥٢٩

إنّ الحور العين ليفخرنّ بك، وتقرّبك أعينهنّ، ويتزيّنّ لزينتك.

في دلائل الإمامة (٥٧) بسنده عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ، عن جدّه عليّ ابن أبي طالبعليهم‌السلام ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: يا معشر الخلائق، غضّوا أبصاركم، ونكّسوا رءوسكم، حتّى تمرّ فاطمة بنت محمّد، فتكون أوّل من يكسى، وتستقبلها من الفردوس اثنا عشر ألف حوراء، وخمسون ألف ملك، على نجائب من الياقوت حتّى يجوزوا بها الصراط، ويأتوا بها الفردوس، فيتباشر بمجيئها أهل الجنان، فتجلس على كرسي من نور، ويجلسون، حولها، وهي جنّة الفردوس.

وفي تفسير فرات (٢٦٩) بسنده عن الصادق، عن أبيهعليهما‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: يا معاشر الخلائق، غضّوا أبصاركم حتّى تمرّ بنت حبيب الله إلى قصرها، فاطمة ابنتي، فتمرّ وعليها ريطتان خضراوان، حواليها سبعون ألف حوراء.

وفي دلائل الإمامة (٥٠) بسنده عن أبي أيّوب الأنصاري، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: يا أهل الجمع، نكّسوا رءوسكم، وغضّوا أبصاركم، حتّى تمرّ فاطمة بنت محمّد على الصراط، قال: فتمرّ ومعها سبعون ألف جارية من الحور كالبرق الخاطف.

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٣٢٦ ): السمعانيّ في « الرسالة القواميّة »، والزعفراني في « فضائل الصحابة »، والأشنهي في « اعتقاد أهل السنّة »، والعكبريّ في « الإبانة »، وأحمد في « الفضائل »، وابن المؤذن في « الأربعين » بأسانيدهم عن الشعبي، عن أبي جحيفة، وعن ابن عبّاس والأصبغ، عن أبي أيّوب، وقد روى حفص بن غياث، عن القزويني، عن عطاء، عن أبي هريرة، كلّهم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: إذا كان يوم القيامة ووقف الخلائق بين يدي الله تعالى، نادى مناد من وراء الحجاب: أيّها الناس، غضّوا أبصاركم، ونكّسوا رءوسكم؛ فإنّ فاطمة بنت محمّد تجوز على الصراط، وفي حديث

٥٣٠

أبي أيوب: فيمرّ معها سبعون جارية من الحور العين كالبرق اللاّمع. وهو في ينابيع المودّة ( ج ٢؛ ٢٤ ) عن أبي أيّوب الأنصاريّ. ورواه الطبريّ في دلائل الإمامة ( ٥٦ - ٥٧ ) بسنده عن الأصبغ بن نباتة، عن أبي أيّوب الأنصاريّ.

وفي كشف الغمّة ( ج ١؛ ٤٥٧ ): ابن عرفة، عن رجاله، يرفعه إلى أبي أيّوب الأنصاريّ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: يا أهل الجمع، نكّسوا رءوسكم، وغضّوا أبصاركم، حتّى تجوز فاطمةعليها‌السلام على الصراط، فتمرّ ومعها سبعون ألف جارية من الحور العين.

وروى ابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة (١١٣) بإسناده عن أبي أيّوب، أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إذا كان يوم القيامة، نادى مناد من بطنان العرش: يا أهل الجمع، نكّسوا رءوسكم، وغضّوا أبصاركم، حتّى تمرّ فاطمة بنت محمّد على الصراط، فتمرّ مع سبعين ألف جارية من الحور العين كمرّ البرق. ورواه الخوارزمي في مقتل الحسين ( ج ١؛ ٥٥ ).

إنّك لسيّدة من يدخلها من النّساء

انظر ما مرّ في الطّرفة التاسعة عشر من قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « هذه والله سيّدة نساء أهل الجنّة من الأوّلين والآخرين، هذه والله مريم الكبرى ».

يا جهنّم، يقول لك الجبّار: اسكني - بعزّتي - واستقرّي حتّى تجوز فاطمة بنت محمّد إلى الجنان.

لم نعثر على نصّ بهذا الخصوص، وإنّما ورد النصّ من طرق الفريقين بأنّ الباري عزّ وجلّ يأمر الخلائق بأن يغضوا أبصارهم وينكّسوا رءوسهم لتجوز فاطمة على الصراط إلى الجنان، وقد ذكرنا بعضها آنفا، وانظره أيضا في مناقب ابن المغازلي ( ٣٥٥ - ٣٥٦ ) ومستدرك الحاكم ( ج ٣؛ ١٥٣ ) وميزان الاعتدال ( ج ٢؛ ٣٨٢ / الحديث ٤١٦٠ ) ولسان الميزان ( ج ٣؛ ٢٣٧ ) وأسد الغابة ( ج ٥؛ ٥٢٣ ) وتذكرة الخواص (٣١٠)

٥٣١

والفصول المهمة ( ١٤٥، ١٤٧ ) وكنز العمال ( ج ٦؛ ٢١٦ ) والصواعق المحرقة (١١٣) وذخائر العقبى (٤٨) وتاريخ بغداد ( ج ٨؛ ١٤١ - ١٤٢ ) وينابيع المودّة ( ج ٢؛ ٨، ٢٤، ٨٥، ١٣٥ ) وأمالي المفيد (١٣٠) وأمالي الصدوق (٢٥) وتفسير فرات ( ٢٩٩، ٤٣٨، ٤٤٣ ).

لكنّ النصّ ورد بأنّ نور عليّعليه‌السلام يطفئ لهيب جهنّم، ففي تفسير القمّي ( ج ٢؛ ٣٢٦ ) بسنده عن ابن سنان، عن الصادقعليه‌السلام في حديث طويل، فيه: فيقبل عليّعليه‌السلام ومعه مفاتيح الجنّة ومقاليد النار، حتّى يقف على شفير جهنّم، ويأخذ زمامها بيده، وقد علا زفيرها، واشتدّ حرّها، وكثر شررها، فتنادي جهنّم: يا عليّ، جزني، قد أطفأ نورك لهبي، فيقول لها عليّعليه‌السلام : قرّي يا جهنّم، ذري هذا وليّي، وخذي هذا عدوّي.

وفي فرائد السمطين ( ج ١؛ ١٠٧ - ١٠٨ ) بسنده عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ثمّ يرجع مالك، فيقبل عليّ ومعه مفاتيح الجنّة ومقاليد النار، حتّى يقف على عجرة جهنّم، وقد تطاير شرارها وعلا زفيرها، واشتدّ حرّها، وعليّ آخذ بزمامها، فتقول له جهنّم: جزني يا عليّ، فقد أطفأ نورك لهبي، فيقول لها عليّعليه‌السلام : « قرّي يا جهنّم، خذي هذا واتركي هذا، خذي هذا عدوّي، واتركي هذا وليي »، فلجهنّم يومئذ أشدّ مطاوعة لعلي من غلام أحدكم لصاحبه، فإن شاء يذهبها يمنة وإن شاء يذهبها يسرة، ولجهنّم يومئذ أشدّ مطاوعة لعلي فيما يأمرها به من جميع الخلائق.

ونقله عن الحمويني، القندوزيّ في ينابيع المودّة ( ج ١؛ ٨٢ )، ثمّ قال: « أخرج هذا الحديث صاحب كتاب المناقب، عن جعفر الصادق، عن آبائهعليهم‌السلام »، ونقله عن أبي سعيد الخدريّ، الفتال النيسابوريّ في روضة الواعظين (١١٤) ورواه الصدوق في معاني الأخبار (١١٧) بسنده عن أبي سعيد الخدريّ.

فإذا أخذنا هذا المطلب، وعلمنا أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّا وفاطمة والحسنينعليهم‌السلام كلّهم من نور واحد - كما في مائة منقبة لابن شاذان: ٦٣ وغيره - ثبت أنّ نور الزهراءعليها‌السلام يخمد ويطفئ نار جهنّم بإذن الله تعالى وأمره.

٥٣٢

ليدخل حسن وحسين، حسن عن يمينك، وحسين عن يسارك

مرّ دخلوهم الجنّة في ظل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعليّعليه‌السلام يتقدّمهم بلواء الحمد، في الطّرفة السادسة، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « وتشهدون أنّ الجنّة حقّ، وهي محرّمة على الخلائق حتّى أدخلها أنا وأهل بيتي ».

ولواء الحمد مع عليّ بن أبي طالب أمامي

في مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٢٢٩ ) بالإسناد عن جابر بن عبد الله، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: أوّل من يدخل الجنّة بين يدي النبيّين والصدّيقين عليّ بن أبي طالب، فقام إليه أبو دجانة، فقال له: ألم تخبرنا أنّ الجنّة محرّمة على الأنبياء حتّى تدخلها أنت، وعلى الأمم حتّى تدخلها أمّتك؟ قال: بلى، ولكن أما علمت أنّ حامل لواء الحمد أمامهم، وعليّ بن أبي طالب حامل لواء الحمد يوم القيامة بين يدي، يدخل الجنّة وأنا على أثره الخبر.

وفي أمالي الصدوق (٢٦٦) بسنده عن مخدوج بن زيد الذهلي: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله آخى بين المسلمين، ثمّ قال: يا علي أنت أخي، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبي بعدي، أما علمت يا عليّ أنّه أوّل من يدعى به يوم القيامة يدعى بي، فأقوم عن يمين العرش، فأكسى حلّة خضراء من حلل الجنّة ثمّ أبشّرك يا عليّ، أنّ أوّل من يدعى يوم القيامة يدعى بك، هذا لقرابتك منّي ومنزلتك عندي فيدفع إليك لوائي، وهو لواء الحمد، فتسير به بين السماطين، وإنّ آدم وجميع من خلق الله يستظلون بظلّ لوائي يوم القيامة، وطوله مسيرة ألف سنة، سنانه ياقوتة حمراء، قصبه فضّة بيضاء، زجّه درّة خضراء له ثلاث ذوائب من نور، ذؤابة في المشرق وذؤابة في المغرب وذؤابة في وسط الدنيا، مكتوب عليها ثلاثة أسطر: الأوّل « بسم الله الرحمن الرحيم »، والآخر « الحمد لله ربّ العالمين » والثالث « لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله »، طول كلّ سطر مسيرة ألف سنة، وعرضه مسيرة ألف سنة، فتسير باللواء، والحسن عن يمينك، والحسين عن يسارك، حتّى تقف بيني وبين إبراهيم في ظلّ العرش، فتكسى حلّة خضراء من حلل الجنّة، ثمّ ينادي مناد من عند العرش: « نعم الأب

٥٣٣

أبوك إبراهيم، ونعم الأخ أخوك عليّ »، ألا وإنّي أبشّرك يا عليّ، أنّك تدعى إذا دعيت، وتكسى إذا كسيت، وتحيّى إذا حيّيت. ورواه المحبّ الطبريّ في الرياض النضرة ( ج ٢؛ ٢٠١ ) وذخائر العقبى (٧٥).

وفي الخصال ( ٥٨٢ - ٥٨٣ ) بسنده عن مجاهد، عن ابن عبّاس، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أتاني جبرئيل وهو فرح مستبشر، فقلت: حبيبي جبرئيل - مع ما أنت فيه من الفرح - ما منزلة أخي وابن عمّي عليّ بن أبي طالب عند ربّه؟ فقال: والّذي بعثك بالنبوّة واصطفاك بالرسالة، ما هبطت في وقتي هذا إلاّ لهذا، يا محمّد، الله الأعلى يقرئ عليكما السلام، قال: ثمّ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة يأتيني جبرئيل ومعه لواء الحمد، وهو سبعون شقّة، الشقّة منه أوسع من الشمس والقمر، وأنا على كرسي من كراسي الرضوان، فوق منبر من منابر القدس، فآخذه وأدفعه إلى عليّ بن أبي طالب.

فوثب عمر بن الخطّاب، فقال: يا رسول الله، وكيف يطيق عليّ حمل اللواء وقد ذكرت أنّه سبعون شقّة، الشقّة منه أوسع من الشمس والقمر؟!

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة يعطي الله عليّا من القوّة مثل قوّة جبرئيل، ومن النور مثل نور آدم، ومن الحلم مثل حلم رضوان، ومن الجمال مثل جمال يوسف، ومن الصوت ما يداني صوت داود، ولو لا أن يكون داود خطيبا في الجنان لأعطي مثل صوته، وإنّ عليّا أوّل من يشرب من السلسبيل والزنجبيل، لا يجوز لعلي قدم على الصراط إلاّ وثبتت له مكانها أخرى، وإنّ لعلي وشيعته من الله مكانا يغبطه به الأوّلون والآخرون. وهذه الرواية في إرشاد القلوب (٢٩٢) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٢٢٩ ) وروضة الواعظين (١٠٩).

وانظر تفسير فرات ( ٣٦٦، ٤٣٧، ٥٠٦ ) وروضة الواعظين ( ١١٣، ١٢٣ ) وأمالي الصدوق ( ٥٩، ٩٩، ٢٣١، ٢٥٢، ٢٦٦، ٢٧٢، ٣١٢، ٣٥٦ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٢٢٨، ٢٣١، ٢٦٢ ) وبشارة المصطفى ( ٢١، ٥٤ - ٥٥، ٥٩، ١٠٠، ١٢٦ ) ومناقب الخوارزمي ( ٨٤، ٢٠٦، ٢٥٨ - ٢٦٠ ) وكشف اليقين (١٧٠) والمسترشد (٣٦٢) وأمالي الطوسي

٥٣٤

( ٣٥، ٢٠٩، ٢٥٨، ٣٤٥، ٤٢٥ ) وتفسير القمّي ( ج ٢؛ ٣٧٩ ) وتفسير العيّاشي ( ج ٢؛ ١١٦ ) والخصال ( ٢٠٤ و ٤١٦ ) واليقين ( ١٥٠، ١٥٧، ١٦٣، ١٨١، ٢١٩، ٤٢٦، ٤٤٠، ٤٤٢، ٤٧٩ ) والتحصين ( ٥٧٢، ٦٠٧ ) والاحتجاج (٤٨) وأمالي المفيد ( ١٦٨، ٢٧٢ ).

وكنز العمال ( ج ٦؛ ٣٩٣، ٤٠٠ ) وتذكرة الخواص ( ٥، ٢١ ) ومناقب ابن المغازلي ( ٤٣، ١٥١ - ١٥٢ ) والرياض النضرة ( ج ٢؛ ٢٠١، ٢٠٣ ) ومقتل الحسين للخوارزمي ( ج ١؛ ٨٤ ) وينابيع المودّة ( ج ١؛ ٧٩، ١٢٣ ) و ( ج ٢؛ ٣٤، ٥٨، ١٣٨، ١٤٠ ) ومناقب الخوارزمي ( ٢٠٩، ٢٢٧، ٢٥٩ ) ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ( ج ٥؛ ٥٠ ) وفرائد السمطين ( ج ١؛ ٨٧ ) وتاريخ دمشق ( ج ٢؛ ٣٣٣ / الحديث ٨٣٦ ) وتاريخ بغداد ( ج ١١؛ ١١٢ - ١١٣ ).

يكسى إذا كسيت، ويحلّى إذا حلّيت

لقد روى الأثبات من رواة وعلماء الفريقين، هذه الكرامة لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام ، يوم القيامة، وقد جاء حديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله هذا باللّفظ المذكور، وبلفظ « وتحيّى إذا حيّيت » و « تحبى إذا حبيت »؛ مرّ بعض هذا المطلب في ضمن الطّرفة السادسة، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وتشهدون أنّ الجنّة حقّ، وهي محرّمة على الخلائق حتّى أدخلها أنا وأهل بيتي »، كما مرّ بعضه آنفا في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ولواء الحمد مع عليّ بن أبي طالب أمامي ».

وفي الخصال (٣٦٢) بسنده عن عمّار بن ياسر، وعن جابر بن عبد الله، قالا: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : أما علمت يا عليّ أنّ إبراهيم موافينا يوم القيامة، فيدعى فيقام عن يمين العرش، فيكسى كسوة الجنّة، ويحلّى من حليّها، ويسيل له ميزاب من ذهب من الجنّة، فيهب من الجنّة ما هو أحلى من الشهد، وأبيض من اللّبن، وأبرد من الثلج، وأدعى أنا فأقام عن شمال العرش، فيفعل بي مثل ذلك، ثمّ تدعى أنت يا عليّ، فيفعل بك مثل ذلك، أما ترضى يا عليّ أن تدعى إذا دعيت أنا، وتكسى إذا كسيت أنا، وتحلّى إذا حلّيت أنا وفيه أيضا (٣٤٢) بسنده عن الصادق، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ،

٥٣٥

عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال في وصيّته له: يا عليّ، إنّ الله تبارك وتعالى أعطاني فيك سبع خصال:

أنت أوّل من ينشقّ عنه القبر معي، وأنت أوّل من يقف على الصراط معي، وأنت أوّل من يكسى إذا كسيت ويحيّى إذا حيّيت، وأنت أوّل من يسكن معي في علّيين، وأنت أوّل من يشرب معي من الرحيق المختوم الّذي ختامه مسك.

وفي الرياض النضرة ( ج ٢؛ ٢٠١ ) بسنده عن مخدوج بن زيد الذهلي، أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليعليه‌السلام : أما علمت يا عليّ أنّه أوّل من يدعى به يوم القيامة أنا، فأقوم عن يمين العرش في ظلّه، فأكسى حلّة خضراء من حلل الجنّة ثمّ تكسى حلّة من الجنّة، ثمّ ينادي مناد من تحت العرش: « نعم الأب أبوك إبراهيم، ونعم الأخ أخوك عليّ »، أبشر يا عليّ، إنّك تكسى إذا كسيت، وتدعى إذا دعيت، وتحبى إذا حبيت. قال: أخرجه أحمد في المناقب.

وانظر الكافي ( ج ١؛ ١٩٦ - ١٩٧ ) وبصائر الدرجات ( ٢٢٠ - ٢٢١ ) والاحتجاج (١٤٠) وأمالي الصدوق ( ٨٦، ٢٦٦ ) وتفسير القمّي ( ج ٢؛ ٣٣٧ ) وتفسير فرات (١٨١) وأمالي الطوسي (٢٠٦) وكشف اليقين (٢٨١) وروضة الواعظين (١٢٣) وتقريب المعارف (١٨٣) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ١٥٥، ١٨٥ ) ومناقب ابن المغازلي ( ٤٢، ٤٣، ١٥٢ ) ومناقب الخوارزمي (٨٤) وتذكرة الخواص ( ٢١، ٧٥ ) وينابيع المودّة ( ج ١؛ ١٤٢ ) و ( ج ٢؛ ٣٤، ١٣٩ ) وذخائر العقبى (٧٥) والرياض النضرة ( ج ٢؛ ٢٠٢ ) وكنز العمال ( ج ٦؛ ٤٠٣ ).

وليندمنّ قوم ابتزّوا حقّك، وقطعوا مودّتك، وكذبوا عليّ، وليختلجنّ دوني، فأقول: أمّتي أمّتي، فيقال: إنّهم بدّلوا بعدك وصاروا إلى السعير

حديث الحوض وارتداد الصحابة من الأحاديث الصحيحة الّتي وردت في كتب الفريقين من المسلمين، بل هو متواتر معنى، وقد خرّج في صحاح ومسانيد العامّة والخاصة.

ففي كتاب سليم بن قيس ( ٩٢ - ٩٣ ): قال سلمان: فقال عليّعليه‌السلام : إنّ الناس كلّهم ارتدّوا بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله غير أربعة، إنّ الناس صاروا بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بمنزلة هارون ومن تبعه،

٥٣٦

ومنزلة العجل ومن تبعه، فعلي في شبه هارون، وعتيق في شبه العجل، وعمر في شبه السامريّ، وسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: ليجيئن قوم من أصحابي من أهل العليّة والمكانة ليمرّوا على الصراط، فإذا رأيتهم ورأوني، وعرفتهم وعرفوني، اختلجوا دوني، فأقول: أي ربّ أصحابي!! فيقال: ما تدري ما أحدثوا بعدك، إنّهم ارتدّوا على أدبارهم حيث فارقتهم، فأقول: بعدا وسحقا.

وفي أمالي المفيد ( ٣٧ - ٣٨ ) بسنده عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، قالت: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: إنّي على الحوض أنظر من يرد عليّ منكم، وليقطعنّ برجال دوني، فأقول: يا ربّ أصحابي أصحابي، فيقال: إنّك لا تدري ما عملوا بعدك، إنّهم ما زالوا يرجعون على أعقابهم القهقرى.

وفي صحيح البخاري ( ج ٤؛ ٩٤ ) / باب الحوض من كتاب الرقاق، بسنده عن أبي هريرة، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: بينما أنا قائم فإذا زمرة، حتّى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال: هلمّ، فقلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: وما شأنهم؟ قال: إنّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقرى فلا أراه يخلص منهم إلاّ مثل همل النعم.

وأخرج في آخر الباب المذكور، عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّي على الحوض حتّى أنظر من يرد عليّ منكم، وسيؤخذ ناس دوني، فأقول: يا ربّ منّي ومن أمّتي!! فيقال: هل شعرت ما عملوا بعدك؟! والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم، فكان ابن مليكه يقول: اللهمّ إنّا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نفتن عن ديننا.

وفي الاستيعاب ( ج ١؛ ١٦٣ ) بسنده عن سهل بن سعد، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا فرطكم على الحوض، من مرّ عليّ شرب، ومن شرب لم يظمأ أبدا، وليردنّ عليّ أقوام أعرفهم ويعرفونني، ثمّ يحال بيني وبينهم.

قال أبو حازم: فسمعني النعمان بن أبي عيّاش، فقال: هكذا سمعت من سهل؟ قلت: نعم، قال: فإنّي أشهد على أبي سعيد الخدريّ، سمعته وهو يزيد فيها: فأقول: إنّهم أمّتي!! فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: فسحقا سحقا لمن غيّر بعدي.

٥٣٧

وانظر ارتدادهم وتبديلهم وإحداثهم في صحيح البخاريّ ( ج ٤؛ ١٥٤ / كتاب الفتن ) وصحيح مسلم ( ج ٤؛ ١٧٩٣، ١٨٠٠، ٢١٩٥ ) والطرائف ( ج ٢؛ ٣٧٧ ) عن الجمع بين الصحيحين، والفتح الكبير للنبهاني ( ج ١؛ ٤٥٥ ) والجمع بين الصحيحين ( ج ٢؛ ٣٧٦ ) ومسند أحمد ( ج ١؛ ٢٣٥، ٢٥٣، ٢٥٨، ٣٩٠، ٤٢٤ ) و ( ج ٢؛ ٥٤، ٢٣١ ) و ( ج ٣؛ ٣٩١، ٣٩٢ ) وأضواء على السنّة المحمّديّة (٣٥٥) ودلائل الصدق ( ج ٢؛ ١١ ) والاستيعاب ( ج ١؛ ١٦٤ ).

٥٣٨

الطّرفة السابعة والعشرون

روى هذه الطّرفة - عن كتاب الطّرف - العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٤٩٢ ). وفي أمالي الطوسي (٥٥٣) بسنده عن أبي ذرّ في احتجاج عليّعليه‌السلام على القوم في يوم الشورى، قال في جملة احتجاجاتهعليه‌السلام : فهل فيكم أحد أعطاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حنوطا من حنوط الجنّة، فقال: « اقسم هذا أثلاثا: ثلثا لي حنّطني به، وثلثا لابنتي، وثلثا لك » غيري؟ قالوا: لا. وانظر قوله هذا في المناشدة في إرشاد القلوب (٢٦٣) والمسترشد (٣٣٨) والاحتجاج (١٤٤).

وفي كشف الغمّة ( ج ١؛ ٥٠٠ ): وروي أنّها بقيت بعد أبيها أربعين صباحا، ولمّا حضرتها الوفاة قالت لأسماء: إنّ جبرئيل أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا حضرته الوفاة بكافور من الجنّة، فقسّمه أثلاثا: ثلث لنفسه، وثلث لعليّ، وثلث لي وعنه في بحار الأنوار ( ج ٤٣؛ ١٨٦ ) وبيت الأحزان ( ٢٥٧ - ٢٥٨ ).

وفي طبقات ابن سعد ( ج ٢؛ ٢٨٨ ) بسنده عن هارون بن سعد، قال: كان عند عليّعليه‌السلام مسك، فأوصى أن يحنّط به، قال: وقال عليّعليه‌السلام : هو فضل حنوط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . ورواه الحاكم في المستدرك ( ج ١؛ ٣٦١ ) بسنده عن أبي وائل. وذكره المتّقي الهنديّ في كنز العمال ( ج ٦؛ ٤١٢ ) وقال: « أخرجه ابن سعد والبيهقي وابن عساكر »، ورواه المحبّ الطبريّ في الرياض النضرة ( ج ٢؛ ٢٤٧ ) عن هارون بن سعيد، ثمّ قال: « أخرجه البغويّ ».

٥٣٩

٥٤٠

الطّرفة الثامنة والعشرون

روى هذه الطّرفة - عن كتاب الطّرف - العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٤٩٢ - ٤٩٣ ) ونقلها العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٩٤ ) باختصار.

يا عليّ، أضمنت ديني تقضيه عنّي؟ قال: نعم

تقدّم بيانه في الطّرفة السابعة، وفي الطّرفة العشرين، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من كانت له عندي عدة فليأت فيها عليّ بن أبي طالب »، ومرّ فيها أداء عليّعليه‌السلام لما ضمنه لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّه كان ينادي في الموسم وغيره: « من كان له عند رسول الله عدة أو دين فليأتني »، وتقدّم أنّ الحسن والحسينعليهما‌السلام فعلا ذلك أيضا بعد عليّعليه‌السلام ، كلّ ذلك بعد وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مضافا إلى أنّ عليّاعليه‌السلام قضى ديون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأدّى الأمانات الّتي كانت عندهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأهلها، وذلك عند هجرته المباركة إلى المدينة المنوّرة كما ثبت ذلك في محله.

يا عليّ غسّلني ولا يغسّلني غيرك

من الثابت تاريخيا، أنّ عليّاعليه‌السلام هو الّذي غسّل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وسيأتيك ذلك بحول الله وقوّته، وقد كان تغسيله للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بأمر منه، حيث أوصى النبي وأمر عليّا أن لا يغسّله غيره.

ففي أمالي الصدوق (٥٠٥) بسنده عن ابن عبّاس، قال: لمّا مرض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعنده

٥٤١

أصحابه، قام إليه عمّار بن ياسر، فقال له: فداك أبي وأمّي يا رسول الله، من يغسّلك منّا إذا كان ذلك منك؟ قال: ذاك عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام . وعنه في روضة الواعظين (٧٢).

وفي كتاب سليم بن قيس (٧٤) قال: سمعت البراء بن عازب يقول: كنت أحبّ بني هاشم حبّا شديدا في حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبعد وفاته، فلمّا قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أوصى عليّاعليه‌السلام أن لا يلي غسله غيره.

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٣٩ ): إبانة ابن بطّة، قال يزيد بن بلال: قال عليّعليه‌السلام : أوصى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أن لا يغسّله أحد غيري.

وفي دلائل الإمامة (١٠٦) بسنده عن عمارة بن يزيد الواقديّ في حديث طويل، قال فيه الإمام الباقرعليه‌السلام : وأوحى الله إلى نبيّه أن لا يبقي في غيبه وسرّه ومكنون علمه شيئا إلاّ ناجاه [ أي عليّا ] به، وأمره أن يؤلّف القرآن من بعده، ويتولّى غسله وتحنيطه وتكفينه من دون قومه.

وفي كفاية الأثر (١٢٥) بسنده عن عمّار: لمّا حضرت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الوفاة، دعا بعليعليه‌السلام ثمّ التفت إلى عليّعليه‌السلام ، فقال: يا عليّ، لا يلي غسلي وتكفيني غيرك.

وفيه (٢١) بسنده عن عطاء، عن ابن عبّاس، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ، وهو الإمام والخليفة من بعدي، فمن تمسّك به فاز ونجا، ومن تخلّف عنه ضلّ وغوى، يلي تكفيني وغسلي ويقضي ديني ....

وفي كنز العمال ( ج ٦؛ ٣٩٣ ) بسنده عن ابن عبّاس، في حديث نقل فيه عمر قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام : وأنت عاضدي وغاسلي ودافني.

وفي مجمع الزوائد ( ج ٩؛ ٣٩ ) بسنده عن عليّعليه‌السلام ، قال: أوصاني النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أن لا يغسّله أحد غيري.

وانظر بشارة المصطفى (٥٨) والخصال ( ٣٧١، ٥٧٣ ) وتفسير القمّي ( ج ٢؛ ١٠٩ ) والمسترشد ( ١٦٩، ٣٣٦ ) واليقين (٣٩٠) وكتاب سليم بن قيس (٢٠٩) وأمالي الطوسي (٦٦٠) وطبقات ابن سعد ( ج ٢؛ ٢٧٨ ) وحلية الأولياء ( ج ٤؛ ٧٣ ) والرياض النضرة

٥٤٢

( ج ٢؛ ١٧٨ ) ووسيلة المآل للحضرمي (٢٣٩) وتحفة المحبّين بمناقب الخلفاء الراشدين (١٨٧) وتاريخ دمشق ( ج ٢؛ ٤٨٧ / الحديث ١٠٠٦ ). وسيأتي المزيد في أثناء المطالب الآتيه في وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

إنّه لا يرى عورتي أحد غيرك إلاّ عمي بصره

في دلائل الإمامة (١٠٦) بسنده عن عمارة بن يزيد الواقديّ في حديث طويل، قال فيه الإمام الباقرعليه‌السلام : وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله لأهله وأصحابه: حرام أن تنظروا إلى عورتي غير أخي، فهو منّي وأنا منه، له مالي، وعليه ما عليّ.

وفي المسترشد (٣٣٦) بسنده: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: فإن رأى أحد شيئا من جسدي وأنا ميّت ذهب بصره.

وفي كتاب سليم بن قيس (٧٤) قال: سمعت البراء بن عازب يقول فلمّا قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أوصى عليّا أن لا يلي غسله غيره، وأنّه لا ينبغي لأحد أن يرى عورته غيره، وأنّه ليس أحد يرى عورة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلاّ ذهب بصره.

وفي طبقات ابن سعد ( ج ٢؛ ٢٧٨ ) بسنده عن يزيد بن بلال، قال: قال عليّعليه‌السلام : أوصى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ألاّ يغسّله أحد غيري، فإنّه « لا يرى أحد عورتي إلاّ طمست عيناه ».

وفي مناقب ابن المغازلي (٩٣) بسنده عن السائب بن يزيد، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يحلّ لمسلم يرى مجرّدي - أو عورتي - إلاّ عليّ. وروى مثله بسنده عن جابر الأنصاريّ في مناقبه أيضا (٩٤).

وانظر فقه الرضاعليه‌السلام (٢١) والمسترشد (٦٩) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٣٩ ) وأمالي الطوسي (٦٦٠) وبصائر الدرجات (٣٢٨) وكفاية الأثر (١٢٥) والخصال (٥٧٣) وكنوز الحقائق (١٩٣) ومجمع الزوائد ( ج ٩؛ ٣٩ ) وكنز العمال ( ج ٧؛ ١٧٦ ) ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ( ج ٣؛ ١٢٢ ) والشفاء للقاضي عياض ( ج ١؛ ٥٤ ) ونهاية الأرب ( ج ١٨؛ ٣٨٩ ) والبداية والنهاية ( ج ٥؛ ٢٨٢ ).

٥٤٣

يعينك جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت وإسماعيل

في نهج البلاغة ( ج ٢؛ ١٧٢ ) من كلام لعليّعليه‌السلام ، قال فيه: ولقد قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وإنّ رأسه لعلى صدري، ولقد سالت نفسه في كفّي، فأمررتها على وجهي، ولقد وليت غسلهصلى‌الله‌عليه‌وآله والملائكة أعواني، فضجّت الدار والأفنية، ملأ يهبط وملأ يعرج، وما فارقت سمعي هينمة منهم يصلّون عليه حتّى واريناه في ضريحه. وانظر هذا النص في ربيع الأبرار للزمخشريّ ( ج ٥؛ ١٩٧ ).

وفي كتاب سليم بن قيس (٧٤) قال: سمعت البراء بن عازب، يقول: فقال عليّعليه‌السلام : يا رسول الله، فمن يعينني على غسلك؟ قال: جبرئيل في جنود من الملائكة، فكان عليّعليه‌السلام يغسّله، والفضل بن العبّاس مربوط العينين يصبّ عليه الماء، والملائكة يقلّبونه له كيف شاء.

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٢٤٥ ) وقد احتج أمير المؤمنين يوم الشورى، فقال: هل فيكم من غسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله غيري، وجبرئيل يناجي، وأجد مسّ يده معي؟!

وفي أمالي الطوسي (١١) بسنده عن الأصبغ بن نباتة، قال: إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام خطب ذات يوم، فحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ قال: ولقد قبض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وإنّ رأسه لفي حجري، ولقد وليت غسله بيدي، تقلّبه الملائكة المقرّبون معي. ورواه الأربلي في كشف الغمّة ( ج ١؛ ٣٧٩ ) ورواه المفيد في أماليه (٢٣٥) بسنده عن الأصبغ أيضا، ورواه نصر بن مزاحم في وقعة صفين (٢٢٤) بسنده عن أبي سنان الأسلمي.

وفي أمالي الصدوق (٥٠٥) بسنده عن ابن عبّاس، قال: لمّا مرض رسول الله،صلى‌الله‌عليه‌وآله وعنده أصحابه، قام إليه عمّار بن ياسر، فقال له: فداك أبي وأمّي يا رسول الله من يغسّلك منّا إذا كان ذلك منك؟ قال: ذاك عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ؛ لأنّه لا يهمّ بعضو من أعضائي إلاّ أعانته الملائكة على ذلك. وعنه في روضة الواعظين (٧٢).

وفي كفاية الأثر (١٢٥) بسنده عن عمّار بن ياسر، قال: لمّا حضرت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الوفاة دعا بعليعليه‌السلام ثمّ التفتصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى عليّعليه‌السلام ، فقال: يا عليّ، لا يلي غسلي وتكفيني غيرك، فقال عليّعليه‌السلام : يا رسول الله، من يناولني الماء؛ فإنّك رجل ثقيل لا أستطيع أن أقلّبك؟

٥٤٤

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ جبرئيل معك، والفضل يناولك الماء، وليغطّ عينيه؛ فإنّه لا يرى أحد عورتي إلاّ انفقأت عيناه. ومثله في فقه الرضاعليه‌السلام (٢١) عن الصادقعليه‌السلام .

وفي كتاب سليم بن قيس (٢٠٩) في مناشدة الحسينعليه‌السلام في منى، قال: أتعلمون أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمره [ أي عليّاعليه‌السلام ] بغسله، وأخبره أنّ جبرئيل يعينه عليه؟ قالوا: اللهم نعم.

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٣٨ ): حلية الأولياء، وتاريخ الطبريّ: أنّ عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام كان يغسّل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والفضل يصبّ الماء عليه، وجبرئيل يعينهما.

وفي المسترشد (٣٣٨) قول عليّعليه‌السلام : هل فيكم أحد قلّب رسول الله مع الملائكة - لا أشاء أقلّب منه عضوا إلاّ قلبته الملائكة معي - وحظي بغسله من جميع الناس، غيري؟! قالوا: لا.

وفي حلية الأولياء ( ج ٤؛ ٧٧ ) بسنده عن ابن عبّاس وجابر الأنصاريّ، في حديث طويل في وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيه: فقال عليّعليه‌السلام : يا رسول الله، إذا أنت قبضت، فمن يغسلك؟ وفيما نكفّنك؟ ومن يصلّي عليك؟ ومن يدخلك القبر؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ، أمّا الغسل فاغسلني أنت، وابن عبّاس يصبّ عليك الماء، وجبرئيل ثالثكما.

وسيأتي إعانة الملائكة لعليّعليه‌السلام في تغسيله النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في الطّرفة الثالثة والثلاثين عند قول عليّعليه‌السلام : « ولا أقلب منه عضوا إلاّ قلب لي ».

قلت: فمن يناولني الماء؟ قال: الفضل بن العبّاس من غير نظر إلى شيء منّي

في كتاب سليم بن قيس (٧٤) قال: سمعت البراء بن عازب يقول: فلمّا قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أوصى عليّاعليه‌السلام أن لا يلي غسله غيره، وأنّه لا ينبغي لأحد أن يرى عورته غيره، وأنّه ليس أحد يرى عورة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلاّ ذهب بصره فكان عليّعليه‌السلام يغسّله والفضل بن العبّاس مربوط العينين يصبّ الماء.

وفي إعلام الورى (٨٢): ولمّا أراد عليّعليه‌السلام غسله استدعى الفضل بن عبّاس، فأمره أن يناوله الماء، بعد أن عصب عينيه.

٥٤٥

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٣٩ ): وروي أنّه لمّا أراد عليّعليه‌السلام غسلهصلى‌الله‌عليه‌وآله استدعى الفضل بن عبّاس ليعينه، وكان مشدود العينين، وقد أمره عليّعليه‌السلام بذلك إشفاقا عليه من العمى.

وفي الإرشاد (١٠٠): فلمّا أراد أمير المؤمنينعليه‌السلام غسلهصلى‌الله‌عليه‌وآله استدعى الفضل بن العبّاس، فأمره أن يناوله الماء لغسله بعد أن عصب عينيه.

وفي فقه الرضاعليه‌السلام (٢١): وقال جعفرعليه‌السلام : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أوصى إلى عليّعليه‌السلام أن « لا يغسّلني غيرك »، فقال عليّعليه‌السلام : يا رسول الله، من يناولني الماء، وإنّك رجل ثقيل لا أستطيع أن أقلّبك؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : جبرئيل معك يعاونك، ويناولك الفضل الماء، وقل له: فليغطّ عينيه، فإنّه لا يرى أحد عورتي غيرك إلاّ انفقأت عيناه، قال: فكان الفضل يناوله الماء، وجبرئيل يعاونه. وروى مثله الخزاز في كفاية الأثر (١٢٥) بسنده عن عمّار.

وهذا فيه دلالة على أنّ الفضل عصب عينيه بأمر من عليّعليه‌السلام لئلاّ يعمى إذا وقع بصره على عورة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وفي طبقات ابن سعد ( ج ٢؛ ٢٧٨ ): بسنده عن يزيد بن بلال، قال: قال عليّعليه‌السلام : أوصى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ألاّ يغسّله أحد غيري، فإنّه لا يرى أحد عورتي إلاّ طمست عيناه، قال عليّعليه‌السلام : فكان الفضل وأسامة يناولاني الماء من وراء الستر وهما معصوبا العين. ورواه محمّد صدر العالم في كتابه معارج العلى في مناقب المرتضى (١٢١).

وفي البداية والنهاية ( ج ٥؛ ٢٨٢ ) عن البيهقيّ في دلائل النبوّة ( ج ٧؛ ٢٤٤ ) بسنده عن يزيد بن بلال: سمعت عليّاعليه‌السلام يقول: أوصى رسول الله أن لا يغسّله أحد غيري، فإنّه لا يرى أحد عورتي إلاّ طمست عيناه، قال عليّعليه‌السلام : فكان العبّاس وأسامة يناولاني الماء من وراء الستر.

وقال ابن كثير أيضا ( ج ٥؛ ٢٨٢ ) وقد أسند هذا الحديث الحافظ أبو بكر البزّار في مسنده وساق مثله.

ويدلّ على أنّ الفضل كان معصوب العين أو وراء الستر - يناول عليّا الماء - ما تقدّم

٥٤٦

من أنّه لا يرى عورة النبي أو مجرّده أو جسده أحد غير عليّ إلاّ عمي بصره، هذا مع الفراغ عن أنّ الفضل كان يناوله الماء قطعا، إمّا لوحده كما هو الصواب، أو معه غيره كما ورد في بعض الروايات. وقد ذكرت حضور الفضل في الغسل ومناولة الماء كلّ المصادر الّتي ذكرت وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فلا حاجة للإطالة في ذلك، وقد مرّ بعضها آنفا.

فإذا فرغت من غسلي فضعني على لوح، وأفرغ عليّ من بئر غرس أربعين دلوا مفتّحة الأفواه

لقد وردت الروايات في كتب الفريقين، أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أوصى أن يغسل بستّ أو سبع قرب من ماء بئره بئر غرس، وانفرد هذا الخبر بذكر وصيّتهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأن يفرغ عليه أربعين دلوا أو قربة من هذا البئر بعد غسله. وفي الاستبصار ( ج ١؛ ١٩٦ / ٦٨٧ ) عن الصادقعليه‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام : يا عليّ، إذا أنا متّ فاغسلني بسبع قرب من بئر غرس. وهو في التهذيب ( ج ١؛ ٤٣٥ / ١٣٩٨ ).

وفي الاستبصار أيضا ( ج ١؛ ١٩٦ / ٦٨٨ ): ما رواه سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد ابن أبي نصر، عن فضل بن سكرة، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جعلت فداك، هل للماء حدّ محدود؟ قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليّعليه‌السلام : إذا أنا متّ فاستق لي ستّ قرب من بئر غرس، فاغسلني وكفّنّي.

انظر أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاعليه‌السلام بتغسيله بست أو سبع قرب من ماء بئر غرس في مناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٣٨ - ٢٣٩ ) وبصائر الدرجات ( ٣٠٣ - ٣٠٤ ) والكافي ( ج ١؛ ٢٩٧ ) وطبقات ابن سعد ( ج ٢؛ ٢٨٠ « وغسل من بئر يقال لها الغرس » ) ومعجم البلدان ( ج ٤؛ ١٩٣ ) وفي الوفا لابن الجوزيّ (٨١٠) « العرس ».

وفي البداية والنهاية ( ج ٥؛ ٢٨٢ ) عن البيهقي في دلائل النبوّة ( ج ٧؛ ٢٤٤ )، بسنده عن الباقرعليه‌السلام ، قال: غسل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بالسدر ثلاثا، وغسل وعليه قميص، وغسل من بئر كان يقال لها « الغرس » بقباء، كانت لسعد بن خيثمة، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يشرب منها ....

٥٤٧

وفيه أيضا ( ج ٥؛ ٢٨٢ ): وقال الواقدي: حدّثنا عاصم بن عبد الله الحكمي، عن عمير ابن عبد الحكم، قال: قال رسول الله: « نعم البئر بئر غرس، هي من عيون الجنّة، وماؤها أطيب المياه » وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يستعذب له منها، وغسل من بئر غرس.

ثمّ ضع يدك يا عليّ على صدري ثمّ تفهم عند ذلك ما كان وما هو كائن

هذه الفقرة تبيّن طريقة من طرق علم الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ولذلك ذكر المجلسي الروايات المتعلّقة بهذا المطلب في أبواب علم أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وقد روى كبار علماء الإماميّة هذا المضمون.

ففي الكافي ( ج ١؛ ٢٩٦ - ٢٩٧ ) بسنده عن فضيل بن سكرة، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جعلت فداك، هل للماء الّذي يغسّل به الميّت حدّ محدود؟ قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليّعليه‌السلام : إذا متّ فاستق ستّ قرب من ماء بئر غرس، فغسّلني وكفّنّي وحنّطني، فإذا فرغت من غسلي وكفني فخذ بجوامع كفني وأجلسني، ثمّ سلني عمّا شئت، فو الله لا تسألني عن شيء إلاّ أجبتك فيه.

وفيه أيضا ( ج ١؛ ٢٩٧ ) بسنده عن أبان بن تغلب، عن الصادقعليه‌السلام ، قال: لمّا حضر رسول الله الموت دخل عليه عليّعليه‌السلام ، فأدخل رأسه، ثمّ قال: يا عليّ، إذا أنا متّ فغسّلني وكفّني، ثمّ أقعدني وسلني، واكتب.

وعقد الصفّار في بصائر الدرجات ( ٣٠٢ - ٣٠٤ ) الباب السادس من الجزء السادس تحت عنوان « باب في وصيّة رسول الله أمير المؤمنين أن يسأله بعد الموت »، روى فيه عشرة أحاديث في ذلك: الأوّل: عن عمر بن أبي شعبة، والثاني: عن الحسين بن معاوية، عن الصادقعليه‌السلام ، والثالث: عن بعض أصحابنا، عن الصادقعليه‌السلام ، والرابع: عن حفص ابن البختري، عن الصادقعليه‌السلام ، والخامس: عن أبان بن تغلب، عن الصادقعليه‌السلام ، والسادس: عن حفص بن البختريّ، عن الصادقعليه‌السلام ، والسابع: عن عمر بن سليمان الجعفي،

٥٤٨

عن الصادقعليه‌السلام ، والثامن: عن فضيل سكرة، عن الصادقعليه‌السلام ، والتاسع: عن فضيل سكرة أيضا، عن الصادقعليه‌السلام ، والعاشر: عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر، عن أبيه، عن عليّعليه‌السلام . ونحن ننقل الثاني والعاشر منها:

فعن الحسين بن معاوية، قال: قال لي جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاعليه‌السلام : فقال: يا عليّ، إذا أنا متّ فاستق ستّ قرب من ماء، فإذا استقيت فأنق غسلي وكفّني وحنّطني، فإذا كفّنتني وحنّطتني، فخذني وأجلسني، وضع يدك على صدري، وسلني عمّا بدا لك.

وعن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر، عن أبيه، عن عليّعليه‌السلام ، قال: أوصاني النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أنا متّ فغسّلني بستّ قرب من بئر غرس، فإذا فرغت من غسلي فأدرجني في أكفاني، ثمّ ضع فاك على فمي، قال: ففعلت، وأنبأني بما هو كائن إلى يوم القيامة.

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٣٧ ): أبان بن تغلب، والحسين بن معاوية، وسليمان الجعفريّ، وإسماعيل بن عبد الله بن جعفر، كلّهم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: لمّا حضر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الممات دخل عليه عليّعليه‌السلام ، فأدخل رأسه معه، ثمّ قال: يا عليّ، إذا أنا متّ فغسّلني وكفّني، ثمّ أقعدني وسائلني واكتب.

تهذيب الأحكام: فخذ بمجامع كفني، وأجلسني، ثمّ اسألني عمّا شئت، فو الله لا تسألني عن شيء إلاّ أجبتك فيه - انظر التهذيب ( ج ١؛ ٤٣٥ / ١٣٩٧ ) - وفي رواية أبي عوانة، بإسناده، قال عليّعليه‌السلام : ففعلت، فأنبأني بما هو كائن إلى يوم القيامة.

وفي إثبات الوصيّة (١٠٥): وروي أنّه كان ممّا قال له في تلك الحال: إذا أنا متّ فغسّلني وكفّنّي وحنّطني، ثمّ أجلسني، فاسأل عمّا بدا لك واكتب.

ونقل المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٥١٤ ) رواية بهذا الصدد عن كتاب الخرائج والجرائح.

٥٤٩

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ ما أنت صانع لو تأمر القوم عليك من بعدي، وتقدّموك وبعثوا إليك طاغيتهم يدعوك إلى البيعة، ثمّ لبّبت بثوبك، وتقاد كما يقاد الشارد من الإبل مرموما مخذولا محزونا مهموما

مرّ ما يتعلّق بظلم القوم لأمير المؤمنينعليه‌السلام وغصبهم الخلافة في الطّرفة الرابعة عشر، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا عليّ توفي على الصبر منك والكظم لغيظك على ذهاب حقّك » وفي الطّرفة السادسة والعشرين، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « فقد أجمع القوم على ظلمكم »، كما مرّ أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أخبره بأسمائهم وحلاّهم، وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٢٠٣ ) عن أبي جعفر، عن أبيهعليه‌السلام قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام : كيف بك يا عليّ إذا ولّوها من بعدي فلانا؟ قال: هذا سيفي أحول بينهم وبينها، قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : وتكون صابرا محتسبا فهو خير لك منها، قال عليّعليه‌السلام : فإذا كان خيرا لي فأصبر وأحتسب، ثمّ ذكر فلانا وفلانا كذلك ....

كلّ هذا قد مرّ فيما تقدّم، كما تقدّم أنّ بيعتهم ضلالة، وأنّهم كانوا يخطّطون لقتل عليّ في السقيفة، وعند صلاة الفجر، ويوم الشورى، وسنذكر هنا جرّهم لعليّعليه‌السلام بالرّمّة - أي الحبل - وسوقهم إيّاه سوقا عنيفا، وقودهم إيّاهعليه‌السلام كما يقاد الجمل المخشوش.

ففي شرح النهج ( ج ١٥؛ ١٨٦ ) من كتاب لمعاوية بن أبي سفيان إلى عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، يقول في جملته: لقد حسدت أبا بكر والتويت عليه، ورمت إفساد أمره، وقعدت في بيتك، واستغويت عصابة من الناس حتّى تأخّروا عن بيعته، ثمّ كرهت خلافة عمر وحسدته، واستطلت مدّته، وسررت بقتله، وأظهرت الشماتة بمصابه، حتّى إنّك حاولت قتل ولده لأنّه قتل قاتل أبيه، ثمّ لم تكن أشدّ منك حسدا لابن عمك عثمان، وما من هؤلاء إلاّ من بغيت عليه، وتلكّأت في بيعته، حتّى حملت إليه قهرا، تساق بخزائم الاقتسار كما يساق الفحل المخشوش ....

وجواب عليّعليه‌السلام لهذا الكتاب في نهج البلاغة ( ج ٣؛ ٣٠ - ٣٥ )، حيث افتخرعليه‌السلام بما وقع عليه من الظلم، وعدّ ذلك مفخرة لا منقصة، فقال في جوابه: وقلت أنّي كنت أقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتّى أبايع، ولعمر الله لقد أردت أن تذمّ فمدحت، وأن تفضح

٥٥٠

فافتضحت، وما على المسلم من غضاضة في أن يكون مظلوما، ما لم يكن شاكّا في دينه، ولا مر تابا بيقينه. وانظر هذه الفقرة من كتابهعليه‌السلام في تقريب المعارف (٢٣٧). والكتاب في الاحتجاج، انظر الفقرة هذه في (١٧٨) منه.

وفي كتاب سليم بن قيس (٨٤): فانطلق قنفذ الملعون فاقتحم هو وأصحابه بغير إذن، وثار عليّعليه‌السلام إلى سيفه، فسبقوه إليه وكاثروه وهم كثيرون، فتناول بعض سيوفهم فكاثروه، فألقوا في عنقه حبلا ثمّ انطلق بعليعليه‌السلام يعتل عتلا، حتّى انتهي به إلى أبي بكر ...

وانظر مضمون خبر سليم في بيت الأحزان (١٦٠).

وفيه أيضا (٢٥١): فانتهوا بعليعليه‌السلام إلى أبي بكر ملبّبا.

وفيه أيضا (٨٩): فنادى عليّعليه‌السلام قبل أن يبايع، والحبل في عنقه: يا( ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي ) (١) .

وفي الاحتجاج (٨٣): فانطلق قنفذ، فاقتحم هو وأصحابه بغير إذن، وبادر عليّعليه‌السلام إلى سيفه ليأخذه، فسبقوه إليه، فتناول بعض سيوفهم، فكثروا عليه فضبطوه، وألقوا في عنقه حبلا أسود ثمّ انطلقوا بعليعليه‌السلام ملبّبا بحبل، حتّى انتهوا به إلى أبي بكر، وعمر قائم بالسيف على رأسه، وخالد بن الوليد، وأبو عبيدة بن الجراح، وسالم، والمغيرة بن شعبة، وأسيد بن حضير، وبشير بن سعد، وسائر الناس قعود حول أبي بكر عليهم السلاح، وهوعليه‌السلام يقول: أما والله لو وقع سيفي بيدي لعلمتم أنّكم لن تصلوا إليّ، هذا جزاء منّي، وبالله لا ألوم نفسي في جهد، ولو كنت في أربعين رجلا لفرّقت جماعتكم، فلعن الله قوما بايعوني ثمّ خذلوني.

وفي الاحتجاج (١٥٠) عن كتاب سليم بن قيس (١١٧) في احتجاج عليّعليه‌السلام على جماعة كثيرة من المهاجرين والأنصار - لمّا تذاكروا فضلهم بما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من النصّ عليه وغيره من القول الجميل - وفيه: فقال طلحة بن عبيد الله - وكان يقال له « داهية

__________________

(١) الأعراف؛ ١٥٠

٥٥١

قريش » -: فكيف نصنع بما ادّعى أبو بكر وأصحابه الّذين صدّقوه، وشهدوا على مقالته، يوم أتوه بك تعتل وفي عنقك حبل، فقالوا لك: بايع وروى بعض الحديث الحمويني في فرائد السمطين ( ج ١؛ ٣١٢ - ٣١٨ ) بسنده عن أبان بن أبي عيّاش، عن سليم بن قيس الهلالي.

وفي اختيار معرفة الرجال ( ج ١؛ ٣٧ ) بسنده عن أبي حمزة، قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: لمّا مرّوا بأمير المؤمنينعليه‌السلام وفي رقبته حبل آل زريق، ضرب أبو ذرّ بيده على الأخرى ثمّ قال: ليت السيوف قد عادت بأيدينا ثانية، وقال مقداد: لو شاء لدعا عليه ربّه عزّ وجلّ، وقال سلمان: مولانا أعلم بما هو فيه.

وفي الخصال (٤٦٢) بسنده عن زيد بن وهب - في قضيّة الّذين أنكروا على أبي بكر جلوسه في الخلافة وتقدّمه على عليّعليه‌السلام - وفيه قول عليّعليه‌السلام لهم: ولقد شاورت في ذلك أهل بيتي فأبوا إلاّ السكوت؛ لما تعلمون من وغر صدور القوم وبغضهم لله عزّ وجلّ ولأهل بيت نبيّةصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإنّهم يطالبون بثارات الجاهليّة، والله لو فعلتم ذلك لشهروا سيوفهم مستعدّين للحرب والقتال، كما فعلوا ذلك حتّى قهروني، وغلبوني على نفسي ولبّبوني، وقالوا لي: بايع وإلاّ قتلناك، فلم أجد حيلة إلاّ أن أدفع القوم عن نفسي، وذاك أنّي ذكرت قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ إنّ القوم نقضوا أمرك، واستبدّوا بها دونك، وعصوني فيك، فعليك بالصبر حتّى ينزل الأمر، ألا وإنّهم سيغدرون بك لا محالة، فلا تجعل لهم سبيلا إلى إذلالك وسفك دمك، فإنّ الأمّة ستغدر بك بعدي، كذلك أخبرني جبرئيل عن ربّي.

وفي التهاب نيران الأحزان (٧٠): ثمّ إنّ الثاني جمع جماعة من الطلقاء والمنافقين والمؤلّفة قلوبهم، وأتى بهم إلى منزل عليّ وتواثبوا على أمير المؤمنين وهو جالس على فراشه، فأخرجوه سحبا ملبّبا بثوبه إلى المسجد.

وفيه أيضا (٧١): فدخلوا على أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ولبّبوه بثوبه، وجعلوا يقودونه قود البعير المخشوش.

وفي الشافي في الإمامة ( ج ٣؛ ٢٤٤ ): وروى إبراهيم، عن يحيى بن الحسن، عن عاصم ابن عامر، عن نوح بن درّاج، عن داود بن يزيد الأودي، عن أبيه، عن عديّ بن حاتم،

٥٥٢

قال: ما رحمت أحدا رحمتي عليّا حين أتي به ملبّبا ورواه الدرازيّ في التهاب نيران الأحزان (٧١).

وفي السقيفة وفدك ( ٧١ - ٧٢ ): أخبرني أبو بكر الباهلي، عن إسماعيل بن مجالد، عن الشعبي، قال: قال أبو بكر: يا عمر، أين خالد بن الوليد؟ قال: هو هذا، فقال: انطلقا إليهما - يعني عليّا والزبير - فائتياني بهما، فانطلقا، فدخل عمر ووقف خالد على الباب من خارج، فقال عمر للزبير: ما هذا السيف؟ قال: أعددته لأبايع عليّا، قال: وكان في البيت ناس كثير، منهم المقداد بن الأسود وجمهور الهاشميّين، فاخترط عمر السيف فضرب به صخرة في البيت فكسره، ثمّ أخذ بيد الزبير فأقامه، ثمّ دفعه فأخرجه، وقال: يا خالد دونك هذا، فأمسكه خالد، وكان خارج البيت مع خالد جمع كثير من الناس، أرسلهم أبو بكر ردءا لهما، ثمّ دخل عمر، فقال لعليّ: قم فبايع، فتلكّأ واحتبس، فأخذ بيده، وقال: قم، فأبى أن يقوم، فحمله ودفعه كما دفع الزبير، ثمّ أمسكهما خالد، وساقهما عمر ومن معه سوقا عنيفا، واجتمع الناس ينظرون، وامتلأت شوارع المدينة بالرجال ورواه عن الجوهريّ ابن أبي الحديد في شرح النهج ( ج ٦؛ ٤٨ - ٤٩ ).

وهذه النصوص كلّها صريحة بأنّهم لبّبوا عليّاعليه‌السلام ، وساقوه سوقا عنيفا، وألقوا في عنقه حبلا، وسحبوه إلى البيعة سحبا، وأنّهعليه‌السلام صبر واحتسب لوصيّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك. ولقد أجاد الشاعر المرحوم السيّد باقر الهنديّ الموسويّرحمه‌الله ، حيث قال في قصيدة له بعنوان « نصّ الغدير » كما في ديوانه (٢٥):

دخلوا الدار وهي حسرى بمر أى

من عليّ ذاك الأبي الغيور

واستداروا بغيا على أسد ال

لّه فأضحى يقاد قود البعير

ينظر الناس ما بهم من معين

وينادي، وماله من نصير

٥٥٣

فقال عليّعليه‌السلام : يا رسول الله، أنقاد للقوم وأصبر - كما أمرتني على ما أصابني - من غير بيعة لهم، ما لم أصب أعوانا عليهم لم أناظر القوم

مرّ ما يتعلّق بوصيّة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام بالصبر على غصب حقّه ما لم يجد أعوانا في الطّرفة الرابعة والعشرين، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا عليّ، اصبر على ظلم الظالمين ما لم تجد أعوانا ».

ويبقى هنا أن نشير إجمالا إلى أنّ عليّاعليه‌السلام لم يبايع القوم أبدا، وإنّما انقاد لهم بوصيّة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو الّذي عبّر عنه في كتب التاريخ بالمبايعة؛ أخذا بظاهر صورة الأمر، هذا مع الإغماض عن أنّه ما انقاد لهم إلاّ بعد استشهاد الصدّيقة الطاهرة الزهراءعليها‌السلام .

ففي الشافي في الإمامة ( ج ٣؛ ٢٤٢ ): روى إبراهيم الثقفي، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبيه، عن صالح بن أبي الأسود، عن عقبة بن سنان، عن الزهريّ، قال: ما بايع عليّعليه‌السلام إلاّ بعد ستّة أشهر، وما اجترئ عليه إلاّ بعد موت فاطمةعليها‌السلام .

وفي الصراط المستقيم ( ج ٣؛ ١٠٦ ): وأخرج مسلم، أنّه قيل للزهريّ: لم يبايع عليّعليه‌السلام ستّة أشهر؟ فقال: لا والله ولا واحد من بني هاشم. وفي تاريخ ابن الأثير ( ج ٢؛ ٣٣١ ) قال الزهريّ: بقي عليّعليه‌السلام وبنو هاشم والزبير ستّة أشهر لم يبايعوا أبا بكر، حتّى ماتت فاطمةعليها‌السلام فبايعوه.

وقد حقّق الشريف المرتضى في الشافي ( ج ٣؛ ٢٣٧ - ٢٧٣ ) أنّ عليّا لم يبايع القوم إلاّ ظاهرا، وبأمر من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّهعليه‌السلام احتجّ على القوم ولم يسكت، وتخلّف عن بيعتهم، ولو افترضنا أنّه سكت، فإنّ السكوت ينقسم إلى الرضا وعدمه، مع أنّ الأدلّة كلّها تدلّ على أنّهعليه‌السلام لم يرض خلافتهم ولم يبايعهم.

كما حقّق ذلك أبو الصلاح الحلبي في تقريب المعارف ( ٢٢٠ - ٢٢٧ ) وقال من جملة كلامه: وأمّا البيعة، فإن أريد بها الرضا، فهو من أفعال القلوب الّتي لا يعلمها غيره تعالى، بل لا ظنّ بها فيه؛ لفقد أماراتها وثبوت ضدّها، وإن أريد الصفقة باليد فغير نافعة، لا سيّما مع كونها واقعة عن امتناع شديد، وتخلّف ظاهر، وتواصل إنكار عليه، وتقبيح لفعله، وموالاة مراجعة؛ بتهديد تارة، وتخويف أخرى، وتحشيم وتقبيح، إلى غير ذلك ممّا هو

٥٥٤

معلوم، ودلالة ما وقع على هذا الوجه على كراهيّة المبايع واضحة، وأمّا إظهار التسليم، فعند فقد كلّ ما يظنّ معه الانتصار، ولهذا صرّحعليه‌السلام عند التمكّن من القول بوجود الأنصار بأكثر ما في نفسه من ظلم القوم له، وتقدّمهم عليه بغير حقّ وذلك مانع من وقوع تسليمه عن رضى.

وكذلك حقّق الموضوع العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٣؛ ١١٣ - ١١٦ ) وقال من جملة كلامه: ولئن سلّم سكوتهعليه‌السلام فهو أعمّ من رضاه، وقد عرف في الأصول بطلان الإجماع السكوتي؛ إذ لا ينسب إلى ساكت قول، بل دلالة السكوت على السخط أولى من دلالته على الرضا، فإن قالوا: يكفي في الرضا ترك النكير، قلنا: لا، فإنّ السخط أسبق؛ للإجماع على تأخّرهعليه‌السلام عن البيعة كراهة لها، قالوا: وفي وصيّة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لهعليه‌السلام « أن لا توقع فتنة »، دليل صحّة خلافتهم، قلنا: قد أمر الله نبيّه بالصبر على أذى الكفّار، حتّى نزلت آية السيف، وقد أخرج صاحب جامع الأصول، عن أبي ذرّ، قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : كيف أنتم وأئمّة من بعدي يستأثرون بهذا الفيء؟! قلت: أضرب بسيفي حتّى ألقاك، قال: هل أدلّك على خير من ذلك؟ تصبر حتّى تلقاني.

وفي كشف الاشتباه (٨٨) قال: ونحن ننكر حجيّة الإجماع [ على أبي بكر ] وتحقّقه، أمّا عدم حجيّته؛ فلأنّ الإجماع إنّما يعتبر عندنا إذا كشف عن رضى المعصوم، وبيعة أبي بكر لم تقترن بموافقة الإمام أمير المؤمنين، وأمّا عدم تحقّقه؛ فلتخلّف الإمام أمير المؤمنين وجماعة من الصحابة عن بيعة أبي بكر؛ إذ قد اجتمعت الأمّة على أنّه تخلّف عن بيعة أبي بكر، فالمقلّ يقول بتأخّره ثلاثة أيّام، ومنهم من يقول: تأخّر حتّى ماتت فاطمةعليها‌السلام ، ثم بايع بعد موتها، ومنهم من يقول: تأخّر أربعين يوما، ومنهم من يقول: تأخّر ستّة أشهر، والمحقّقون من أهل الإماميّة يقولون: لم يبايع ساعة قطّ. وانظر هذا الكلام في الفصول المختارة من العيون والمحاسن (٥٦) وهو اختيار الشريف المرتضى من كتاب العيون والمحاسن للشيخ المفيد.

وفي كتاب سليم (٨٩): ثمّ قال [ عمر ]: قم يا بن أبي طالب فبايع، فقال: فإن لم أفعل؟ قال: إذا والله نضرب عنقك، فاحتجّ عليهم ثلاث مرّات، ثمّ مدّ يده من غير أن يفتح كفّه،

٥٥٥

فضرب عليها أبو بكر ورضي بذلك منه وقيل للزبير: بايع، فأبى قال سلمان: ثمّ أخذوني فوجئوا عنقي حتّى تركوها كالسّلعة، ثمّ أخذوا يدي فبايعت مكرها، ثمّ بايع أبو ذرّ والمقداد مكرهين، وما بايع أحد من الأمّة مكرها غير عليّعليه‌السلام وأربعتنا.

وفيه أيضا (١٢٨) قول عليّعليه‌السلام : ولم يكن معي أحد من أهل بيتي أصول به، ولا أقوى به، أمّا حمزة فقتل يوم أحد، وأمّا جعفر فقتل يوم مؤتة فأكرهوني وقهروني، فقلت كما قال هارون لأخيه: يا( ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي ) (١) ، فلي بهارون أسوة حسنة، ولي بعهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إليّ حجّة قويّة.

وفي الشافي في الإمامة ( ج ٣؛ ٢٤٤ ): روى إبراهيم، عن يحيى بن الحسن، عن عاصم بن عامر، عن نوح بن درّاج، عن داود بن يزيد الأوديّ، عن أبيه، عن عديّ بن حاتم، قال: ما رحمت أحدا رحمتي عليّا، حين أتي به ملبّبا، فقيل له: بايع، قال: فإن لم أفعل؟ قالوا: إذا نقتلك، قال: إذا تقتلون عبد الله وأخا رسوله، ثمّ بايع كذا، وضمّ يده اليمنى.

وفي التهاب نيران الأحزان ( ٧١ - ٧٢ ): وروى عديّ بن حاتم، قال: والله ما رحمت أحدا من خلق الله مثل رحمتي لعليّ بن أبي طالب، حين أتوا به ملبّبا بثوبه حتّى أو قفوه بين يدي الأوّل، فقالوا له: بايع، قال: وإن لم أفعل؟ قالوا: نضرب الّذي فيه عيناك، فرفع طرفه إلى السماء، وقال: اللهمّ إنّي أشهدك أنّهم يقتلونني وأنا عبدك وأخو رسولك، فقالوا له: مدّ يدك وبايع، فجرّوا يده فقبض عليها، وراموا فتحها فلم يقدروا، فمسح عليها الأوّل وهي مضمومة، وهوعليه‌السلام ينظر إلى قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ويقول: يا بن العم( إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي ) (٢) . ورواه بهذا النصّ الشيخ عبّاس القمّي في بيت الأحزان ( ١٦٥ - ١٦٦ ).

وقال العلاّمة المجلسيرحمه‌الله في بحار الأنوار ( ج ٨؛ ٢٣٠ - ٢٣٣ ): أجاز لي بعض الأفاضل في مكّة - زاد الله شرفها - رواية هذا الخبر، وأخبرني أنّه أخرجه من الجزء الثاني من كتاب

__________________

(١) الأعراف؛ ١٥٠

(٢) الأعراف؛ ١٥٠

٥٥٦

دلائل الإمامة، وهذه صورته: حدّثنا أبو الحسين محمّد بن هارون بن موسى التلعكبريّ، قال: حدّثنا أبيرضي‌الله‌عنه ، قال: حدّثنا أبو عليّ محمّد بن همّام، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك الفزاريّ الكوفي، قال: حدّثني عبد الرحمن بن سنان الصيرفي، عن جعفر بن عليّ الحوّار، عن الحسن بن مسكان، عن المفضّل بن عمر الجعفي، عن جابر الجعفي، عن سعيد بن المسيّب، قال: [ حديث طويل جدا في الكتاب الخطير الّذي كان عمر قد أودعه عند معاوية، وفيه قول عمر ]:

فاستخرجته من داره مكرها مغصوبا، وسقته إلى البيعة سوقا ولمّا دخل السقيفة صبا أبو بكر إليه، فقلت له: قد بايعت يا أبا الحسن، فانصرف، فأشهد ما بايعه ولا مدّ يده إليه ورجع عليّعليه‌السلام من السقيفة وسألنا عنه، فقالوا: مضى إلى قبر محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله فجلس إليه، فقمت أنا وأبو بكر إليه، وجئنا نسعى، وأبو بكر يقول: ويلك يا عمر!! ما الّذي صنعت بفاطمة، هذا والله الخسران المبين، فقلت: إنّ أعظم ما عليك أنّه ما بايعنا، ولا أثق أن يتثاقل المسلمون عنه، فقال: فما تصنع؟ فقلت: تظهر أنّه قد بايعك عند قبر محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأتيناه وقد جعل القبر قبلة، مسندا كفّه على تربته، وحوله سلمان وأبو ذرّ والمقداد وعمّار وحذيفة بن اليمان، فجلسنا بإزائه، وأو عزت إلى أبي بكر أن يضع يده على مثل ما وضع عليّ يده، ويقرّبها من يده، ففعل ذلك، وأخذت بيد أبي بكر لأمسحها على يده، وأقول: « قد بايع »، فقبض عليّ يده، فقمت أنا وأبو بكر موليّا، وأنا أقول: جزى الله عليّا خيرا فإنّه لم يمنعك البيعة لمّا حضرت قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فوثب من دون الجماعة أبو ذرّ جندب بن جنادة الغفاريّ، وهو يصيح ويقول: والله - يا عدوّ الله - ما بايع عليّ عتيقا، ولم يزل كلّما لقينا قوما وأقبلنا على قوم نخبرهم ببيعته وأبو ذرّ يكذّبنا، والله ما بايعنا في خلافة أبي بكر، ولا في خلافتي، ولا يبايع لمن بعدي، ولا بايع من أصحابه اثنا عشر رجلا، لا لأبي بكر ولا لي.

فالتحقيق العلمي والنصوص الّتي نقلناها، والنصوص الأخرى الحاكية للبيعة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كلّها تدلّ دلالة قطعيّة على أنّ عليّاعليه‌السلام لم يبايع القوم بيعة حقيقيّة ولا ساعة قطّ، وإنّما أجبروه ولبّبوه وسحبوه، ثمّ تركوه، وبعد وفاة الزهراءعليها‌السلام مسحوا على يده

٥٥٧

وأخذوا ظاهر البيعة منه بالإكراه، ورضوا بذلك منه، وقد بيّنّا أنّ انقياده وصبرهعليه‌السلام كان بوصيّة وعهد من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

يا عليّ ما أنت صانع بالقرآن والعزائم والفرائض؟ فقالعليه‌السلام : يا رسول الله، أجمعه ثمّ آتيهم به، فإن قبلوه وإلاّ أشهدت الله وأشهدتك عليهم

مرّ الكلام عن جمعهعليه‌السلام للقرآن في الطّرفة السادسة عشر، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « فالزم بيتك واجمع القرآن على تأليفه، والفرائض والأحكام على تنزيله ».

٥٥٨

الطّرفة التاسعة والعشرون

روى هذه الطّرفة - عن كتاب الطّرف - العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٥٤٦ ) وصرّح بأنّها في كتاب مصباح الأنوار؛ منقولة بإسناده إلى كتاب الوصيّة لعيسى الضرير. ونقلها عن كتاب الطّرف العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٩٤ - ٩٥ ) باختصار.

يا عليّ غسّلني ولا يغسّلني غيرك

تقدّم الكلام عنها في الطّرفة الثامنة والعشرين بنفس العنوان.

يا محمّد، قل لعليّ: إنّ ربّك يأمرك أن تغسّل ابن عمّك؛ فإنّها السنّةلا يغسّل الأنبياء غير الأوصياء، وإنّما يغسّل كلّ نبي وصيّه من بعده

دلّت على هذا المطلب كلّ الأحاديث الّتي خصّصت عليّاعليه‌السلام بتغسيل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله دون غيره، كما دلّت على ذلك جملة من الأحاديث الّتي ذكرت ذلك بعد ذكر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لإمامة عليّعليه‌السلام .

ففي كفاية الأثر ( ٢٠ - ٢١ ) بسنده عن عطاء، عن ابن عبّاس، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ، وهو الإمام والخليفة من بعدي، فمن تمسّك به فاز ونجا، ومن تخلّف عنه ضلّ وغوى، يلي تكفيني وتغسيلي ....

مضافا إلى الأحاديث المصرحة بأن لا يغسّل النبي إلاّ وصيّه من بعده، ولا يغسّل الإمام

٥٥٩

إلاّ الإمام الّذي بعده.

ففي إكمال الدين ( ٢٦ - ٢٧ ): وكذلك أخبرنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بتشاكل أفعال الأوصياء في من تقدّم وتأخّر، من قصّة يوشع بن نون وصي موسىعليه‌السلام ، مع صفراء بنت شعيب زوجة موسى، وقصّة أمير المؤمنينعليه‌السلام وصي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مع عائشة بنت أبي بكر، وإيجاب غسل الأنبياء أوصياءهم بعد وفاتهم.

حدّثنا عليّ بن أحمد الدقّاق، قال: حدّثنا حمزة بن القاسم، قال: حدّثنا أبو الحسن عليّ بن الجنيد الرازيّ، قال: حدّثنا أبو عوانة، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ، عن عبد الرزّاق، عن أبيه، عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف، عن عبد الله بن مسعود، قال: قلت للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا رسول الله، من يغسّلك إذا متّ؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يغسّل كلّ نبي وصيّه، قلت: فمن وصيّك يا رسول الله؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : عليّ بن أبي طالب وروى هذا الحديث بسنده عن ابن مسعود، ابن جرير الطبريّ الإمامي في بشارة المصطفى (٢٧٧).

وعقد الكليني في الكافي ( ج ١؛ ٣٨٤ - ٣٨٥ ) بابا بعنوان « إنّ الإمام لا يغسّله إلاّ إمام من الأئمّة »، وروى فيه ثلاثة أحاديث، الثاني منها بسنده عن أبي معمر، قال: سألت الرضاعليه‌السلام عن الإمام يغسّله الإمام؟ قالعليه‌السلام : سنّة موسى بن عمرانعليه‌السلام .

وكتب في الهامش نقلا عن مرآة العقول للمجلسي: أي غسّله وصيّه في التيه، وحضر حين موته.

وهاهنا طريفة نقلها ابن أبي الحديد في شرح النهج ( ج ١٣؛ ٣٨ )، تعليقا على ما كانت تقوله عائشة: « لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسّله إلاّ نساؤه »، قال ابن أبي الحديد: حضرت عند محمّد بن معدّ العلويّ في داره ببغداد، وعنده حسن بن معالي الحلّي المعروف بابن الباقلاويّ، وهما يقرآن هذا الخبر وهذه الأحاديث من تاريخ الطبريّ، فقال محمّد بن معدّ لحسن بن معالي: ما تراها قصدت بهذا القول؟ قال: حسدت أباك على ما كان يفتخر به من غسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فضحك محمّد، فقال: هبها استطاعت أن تزاحمه في الغسل، هل تستطيع أن تزاحمه في غيره من خصائصه؟! وانظر قول عائشة في تاريخ الطبريّ ( ج ٣؛ ٢٠٤ ).

٥٦٠

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653