طرف من الأنباء والمناقب

طرف من الأنباء والمناقب9%

طرف من الأنباء والمناقب مؤلف:
المحقق: الشيخ قيس العطّار
الناشر: انتشارات تاسوعاء
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 653

طرف من الأنباء والمناقب
  • البداية
  • السابق
  • 653 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 210592 / تحميل: 6558
الحجم الحجم الحجم
طرف من الأنباء والمناقب

طرف من الأنباء والمناقب

مؤلف:
الناشر: انتشارات تاسوعاء
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

نهاية كما يعقل من صفة المخلوقين ، ولكن قديم أول ، وآخر لم يزل ، ولا يزال بلا بدء ، ولا نهاية لا يقع عليه الحدوث ، ولا يحول من حال الى حال خالق كل شيء»(١) .

ومن الغريب أن يكون النداء بهذه الفقرات بحرف (يا) مع أنها موضوعة في المصطلح النحوي لنداء البعيد فكيف يلتئم هذا مع إخباره سبحانه عن قربه من العبد بقوله :

( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) (٢) .

والجواب عن ذلك : بأن الداعي وجد نفسه بعيداً عن ربه نظراً لجرائمه العديدة لذلك استعمل في النداء ما يدل على البعد من حروف النداء إعترافاً منه بتقصيره

٢ ـ اَللّـهُمَّ اغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتي تَهْتِكُ الْعِصَمَ. اَللّـهُمَّ اغْفِـرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتي تُنْزِلُ النِّقَمَ. اَللّهُمَّ اغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتي تُغَيِّـرُ النِّعَمَ. اَللّـهُمَّ اغْفِرْ لي الذُّنُوبَ الَّتي تَحْبِسُ الدُّعاء. اَللّـهُمَّ اغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتي تُنْزِلُ الْبَلاءَ. اَللّهُمَّ اغْفِرْ لي كُلَّ ذَنْب اَذْنَبْتُهُ ، وَكُلَّ خَطيئَة اَخْطَأتُها. اَللّهُمَّ اِنّي اَتَقَرَّبُ اِلَيْكَ بِذِكْرِكَ ، وَاَسْتَشْفِعُ بِكَ اِلى نَفْسِكَ ، وَأَسْأَلُكَ بِجُودِكَ اَنْ تُدْنِيَني مِنْ قُرْبِكَ وَاَنْ تُوزِعَني شُكْرَكَ ، وَاَنْ تُلْهِمَني ذِكْرَكَ.

__________________

(١) أصول الكافي : كتاب التوحيد / باب معاني الأسماء واشتقاقاتها / حديث (٦).

(٢) سورة ق : آية (١٦).

١٢١

في هذا الفصل من الدعاء نلمح من بين فقراته المواضيع التالية :

١ ـ يوجه الدعاء الداعي بعد القسم على الله بصفاته ، وأسمائه أن ينسق طلبه ، ويحدده على نحو الأهم ، فالأهم ، ولذلك وقبل كل شيء يرى ضرورة تقدمه بطلب غفران الذنوب ، والتجاوز عن معاصيه.

٢ ـ أن الذنوب كما لها مخلفات أخروية من إستحقاق كذلك لها آثار وضعية تتحقق في هذه الدنيا من تعجيل بلاء ، أو تغير نعمة ، أو حبس دعاء ، وهكذا.

٣ ـ التدرج الدعائي في الطلب من الأقل الى الأكثر ، فبينما نرى الداعي يبدأ بطلب المغفرة للذنوب التي تغير النعم مثلاً ، أو غيرها من الذنوب التي تسبب بعض الأمور الخارجية نرى الداعي يترقى ليطلب من ربه أن يغفر له كل ذنب أذنبه ، وكل خطيئة صدرت منه.

وهذا ما نستوضحه عند شرحنا لفقرات الدعاء بالخصوص ، وأن هذا الأسلوب له أثره الخاص في جلب رضا الخالق ، والوصول من وراء ذلك الى الغاية المنشودة له من العفو عما صدر منه مطلقاً.

٤ ـ موضوع الشفاعة : حيث يتقدم الداعي بجعل وبسيط بينه ، وبين خالقه ليتشفع له في تحصيل ما يريده منه ، وتحقيق ما يطلبه منه.

ومن الإِجمال في عرض هذه المطالب المذكورة الى التفصيل :

١٢٢

«اللهم إغفر لي الذنوب التي تهتك العصم»

غفر الشيء : ستره ، والذنوب : جمع ذنب وهو الجرم ، والإِثم.

والعصم : من العصمة ، وهي المنعة. وإعتصمت بالله اذا إمتنعت بلطفه عن المعصية وعصمة الله عبده إذا منعه مما يوبقه(١) .

وفي الحديث : «ما إعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي إلا قطعت أسباب السماوات من بين يديه وأسخت الأرض من تحته»(٢) .

وقد يدرج الداعي من أول الدعاء يتوسل الى ربه ، ويقسم عليه برحمته ، وبقوته ، وهكذا بصفاته ، وأسمائه ، ولكن من هذه الفقرة من دعائه بدء ببيان المقسم ، وهو الشيء الذي كان التوسل ، والقسم لأجله. لذلك يبدو لنا واضحاً التناسق والإِرتباط بين فقرات الدعاء السابقة ، وما بدأ به من الفقرات الآتية «اللهم اغفر لي الذنوب التي تهتك العصم».

وقد تضمنت هذه الجملة التماس العبد من ربه غفران الذنوب التي تهتك العصم أي الذنوب التي تكون سبباً في زوال مناعة العبد من الوقوع في الموبقات ، والرذائل.

إن التعبير الدعائي بالذنوب اليت تهتك العصم يعطينا فكرة واضحة عن لطف الله في منح الإِنسان المناعتين المعنوية ، والجسمية

__________________

(١) أقرب الموارد : مادة (عصم).

(٢) مجمع البحرين مادة (عصم).

١٢٣

فالبدن الصحيح له المناعة الكافية عن تلقي الأمراض التي تخز به وتكون سبباً في علته ، أو هلاكه ، ومتى حافظ الإِنسان على الارشادات الصحية كانت مناعته البدنية كافية لصد الأمراض. أما لو خالف ، وأهمل صحته ، فان ذلك معناه عدم مقاومة الجسم لصد أي مرض ، وهجومها عليه ونتيجة ضعف المناعة ، وانعدامها.

وهذا الإِنسان نفسه كما أودعه الله في أصل تكوينه المناعة الجسمية كذلك أودعه المناعة من الوقوع في الموبقات ، والرذائل ، والتي تكون سبباً في هلاكه أخروياً من لطف الله ، وجنته ومن ثم دخوله النار.

هذه المناعة أودعها الله عباده بمنحهم جوهرة العقل ، وهداهم النجدين(١) حيث أبان لهم طريق الخير كما أوضح لهم طريق الشر فإن أعمل الإِنسان عقله ، وامتثل أوامر ربه ، واجتنب نواهيه كان ذلك الإِنسان معصوماً ، وممنوعاً من الوقوع في كل ما يوصله الى العقاب الأخروي.

أما لو خالف ما يمليه العقل عليه من التزام طريق الهداية ، وركب هواه ، وارتكب الذنوب فإن هذا الإِنسان تنعدم عنده المناعة من الوقوع في الرذائل وطبيعي أن تكون نتيجة هذا الإِنسان اليأس ، وانه :( خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ) (٢) .

أما الذنوب التي تهتك ال عصم ، وتكون سبباً في زوال المناعة المعنوية ، فهي كما عن الإِمام الصادق «عليه السلام» :

__________________

(١) كما جاء في الآية الكريمة( وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ) البلد آية (١٠).

(٢) سورة الحج : آية (١١).

١٢٤

«شرب الخمر واللعب ، والقمار ، وفعل ما يضحك الناس من المزاح ، واللهو ، وذكر عيوب الناس ، ومجالسة أهل الريب»(١) .

ولا بد لنا من التنبيه ونحن أمام هذه الفقرات التي بدأ الداعي فيها طلب غفران الذنوب التي تهتك العصم ، أو تنزل النقم ، أو تغير النعم وغيرها مما سيأتي ذكرها ، فإن الأخبار الكريمة ذكرت تلك الذنوب وعددتها ولكنها ليست أسباباً حقيقية في إيجاد مسبباتها من هتك العصم ، أو إنزال النقم ، بل في الحقيقة إنها مقتضيات لحصول تلك الأمور ـ وعلى سبيل المثال ـ فإن اللعب بالقمار يكون مقتضٍ لزوال مناعة الإِنسان من وقوعه في المحرمات ، والموبقات ، ولكن ـ في نفس الوقت ـ قد لا تترتب على هذا المقتضي النتائج التي ذكرت لها اذا حصل المانع من التأثير ، والمغفرة تأتي في مقدمة ما يمنع من تأثير هذه المقتضيات ، وهكذا الصدقة ، وما شاكل مما يقف في طريق تأثير المقتضي ، وترتيب آثاره.

«اللهم اغفر لي الذنوب التي تنزل النقم»

والنقم : جمع نقمة ، وهي العقوبة. وكما التمس الداعي في الفقرة السابقة أن يغفر الله له الذنوب التي تهتك العصم كذلك تضرع اليه أن يغفر له الذنوب التي تنزل العقوبة بحسب طبعها الأولي الاقتضائي.

أما تلك الذنوب فهي : كما جاء عن الإِمام الصادق «عليه السلام».

__________________ ـ

(١) مجمع البحرين : مادة (عصم).

١٢٥

«نقض العهد ، وظهور الفاحشة ، وشيوع الكذب ، والحكم بغير ما أنزل الله ، ومنع الزكاة ، وتطفيف الكيل قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خمس بخمس قالوا : يا رسول الله ما خمس بخمس؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم : ما نقض قوم العهد إلا وسلط الله عليهم عدوهم ، وما ظهرت عنهم الفاحشة إلا وقد فشا فيهم الموت ، وما شاع فيهم الكذب ، والحكم بغير ما انزل الله إلا وقد فشا فيهم الفقر ، وما منعوا الزكاة الا حبس عنهم القطر ، وما طففوا الكيل الا منعوا النبات ، واخذوا بالسنين»(١) .

وقد يقال : لماذا كانت هذه الذنوب بالخصوص تنزل العقوبة والذنوب كلها من هذه الجهة على حد سواء من ناحية الجرأة على المولى وانتهاك حرمته المقدسة بمخالفته أوامره وعدم إجتناب نواهيه؟

والجواب عن ذلك : بأن هذه الذنوب التي مر ذكرها لو تأملناها رأينا مفاسدها تضر بالمجتمع ، وتنخر بكيانه ، أو لا أقل أن يقال : أنها من حيث المجموع تتفشى تضعضع كيان المجتمع المتطامن ، وتجر أبناءه الى الويلات ، والهبوط في مهاوي الرذيلة.

ان بعض هذه الذنوب يكفي لإِفساد مجتمع بكامله فكيف بمجموعها؟

واي مجتمع يرجى منه الخير ، وأبناؤه ينقضون العهد ليسببوا بذلك عدم التزام بأمورهم التجارية ، والإِجتماعية فتشيع الفوضى بينهم ، ولذلك يسلط الله عليهم عدوهم كما أخبر عن ذلك النبي

__________________

(١) شرح دعاء كميل للسبزواري ٦٣ طبع إيران حجر.

١٢٦

صلى الله عليه وآله وسلم فيما تقدم من الحديث. وهكذا لو ظهرت الفاحشة فيما بينهم. ومن الفاحشة الزنى. ولا نحتاج الى بيان ما للزنى من العواقب الوخيمة فلقد كتب في ذلك الكثير ، وبينوا المضار المترتبة على هذه العملية ، وغيرها من الجرائم المذكورة في الحديث. فليس من المستبعد أن يكون حصول هذه الخصال الرديئة ، وإنتشارها موجباً لنزول البلاء ، وتعجيل العقوبة من باب الوقوف أمام تيار هذه الرذائل ، ومدى ما تخلفه من آثار تستوجب مثل هذا القمع الفوري لما في التأخير من عواقب وخيمة إجتماعية.

وقد أخبر القرآن الكريم عن مثل هذا الاجراء الفوري في بعض القضايا المماثلة بقوله تعالى :

( فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ) (١)

ولسنا في صدد بيان ما جريات وقائع الآية الكريمة من بيان ما بدله أولئك الذين ظلموا (وهم بنو اسرائيل) من مخالفة ما قيل لهم.

بل غرضنا من الإِستشهاد هو أن أولئك القوم حيث لم يلتزموا بما أمروا به ، وبدلوا ما أريد منهم ، لذلك كان جزاؤهم الفوري هو نزول العذاب عليهم كإجراء معاكس إستدعته المشيئة الإِلهية طبقاً للصالح العام ، والمصلحة الإِجتماعية.

__________________

(١) سورة البقرة : آية (٥٩).

١٢٧

«اللهم إغفر لي الذنوب التي تغير النعم»

النعم : جمع نعمة ، وهي ما تفضل الله على عبده من الرزق ، والعافية والسلامة ، وما الى ذلك من ألطافه التي منحها للمخلوقين.

ويقول اللغويون : أن نعمة الله ما أعطاه الله العبد مما لا يتمنى غيره أن يعطيه إياه»(١) .

أما الذنوب التي تغير النعم فهي كما جاء عن الإِمام الصادق «عليه السلام» :

«ترك شكر النعم ، الإِفتراء على الله ، والرسول ، قطع صلة الرحم ، تأخير الصلاة عن أوقاتها ، الدياثة ، وترك إغاثة الملهوفين المستغيثين ، وترك إعانة المظلومين»(٢) .

ولماذا لا تغير هذه الذنوب النعم التي من الله بها على عباده فشكر المنعم واجب عقلاً ، ولأن عدم شكره متوعد عليه بنص الآية الكريمة في قوله تعالى :( لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ) (٣) .

«والكفر بنعمة الله يكون بعدم شكرها أو بإنكار أن الله وهبها ونسبتها الى العلم ، والخبرة ، والكد الشخصي ، والسعي. كأن هذه الطاقات ليست نعمة من نعم الله ، والعذاب الشديد قد يتضمن محق النعمة عيناً بذهابها ، أو سحق آثارها في الشعور فكم من نعمة تكون بذاتها نقمة يشقى بها صاحبها ، وقد يكون عذاباً مؤجلاً الى اجله في

__________________

(١) أقرب الموارد : مادة (نعم).

(٢) شرح دعاء كميل للسبزواري (٦٤).

(٣) سورة إبراهيم : آية (٧).

١٢٨

الدنيا ، أو في الآخرة كما يشاء الله ، ولكنه واقع لأن الكفر بنعمة الله لا يمضي بلا جزاء»(١) .

«وقطع صلة الرحم قال فيها الإِماام أبو جعفر الباقر «عليه السلام» وان اليمين الكاذبة ، وقطيعة الرحم لتذران الديار بلاقع من أهلها»(٢) .

والبلقع في اللغة : هي الأرض القفر.

وليتصور الإِنسان بيته ، وهو يرفل بالنعم التي انعم الله بها عليه من كل جوانبه ، وإذا به بعد قطع رحمه قفر من كل شيء كما يقول الإِمام «عليه السلام» لذلك نرى الإِمام «عليه السلام» في هذه الجملة يلتمس من ربه أن يغفر له الذنوب التي تمحق النعم لتبقى نعمه تعالى عليه متواصلة ، ولئلا يكون محروماً من فيض لطفه الكريم.

«اللهم إغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء»

ولماذا ، وكيف تحبس هذه الذنوب الدعاء ، وتمنعه من التأثير في الإِجابة مع صدوره من قلب ، ولربما في زمانٍ له حرمته ، أو في مكان له قدسيته ، وبعد كل هذا وذاك فإنه سبحانه قريب ، وقريب ، وفوق كل ذلك يجيب دعوة من دعاه؟

وللإِجابة على هذه التساؤلات نقول :

ان معنى الدعاء هو : المناجاة مع الله ، وهو تعبير عن حالة العبد

__________________

(١) في ظلال القرآن في تفسيره لآية (٧) من سورة إبراهيم.

(٢) جامع السعادات : ٢ / ٢٥٨ / مطبعة النجف.

١٢٩

النفسية ، وما هو عليه من الالتجاء ، والتضرع الى خالقه ليتجاوز عن آثامه وخطاياه ، أو هو في حالة التماس يطلب من ربه ما يريد من توفير نعمة ، أو دفع بلاء ، أو ما شاكل من تمنيات مشروعة. وهو في كل هذه الحالات يتجه الى ربٍ مطلعٍ على خفايا الأمور ، ويعلم ما تنطوي عليه السرائر ـ فإذا فرضنا والحالة هذه ـ أن العبد الداعي يقف بين يدي ربه ، وهو يتسم بخبث السريرة ، وسوء النية ، فأي صفاء يجده في قلبه وهو يدعو بلسانه؟ اليس ذلك مجرد لقلقة لسان ، وصدور الفاظ لا تنبعث عن قلب ملهوف؟

إن الإِمام أبو جعفر الباقر «عليه السلام» يحدثنا ليلفت أنظارنا الى مثل هذه القلوب العفنة فيقول :

«ما من عبد مؤمن الا وفي قلبه نكتة بيضاء ، فإذا أذنب ذنباً خرج في تلك النكتة سوداء ، فإذا تاب ذهب ذلك السواد واذا تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتى يغطي البياض ، ولم يرجع صاحبه الى خير أبداً ، وهو قول الله تعالى :( بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) (١) .

والرين : هو الحجاب الكثيف ، والمراد به هنا : حجاب الذنوب ، والآثام وهذه النكت السوداء في القلب ـ كما يقول عنها الحديث ـ ما هي إلا خلفيات هذه الذنوب ، وما تستوجبه من قساوة القلب ، واذا بها حجب متراكمة تظلم القلب ، وتمنع من وصول النور الإِلهي اليه.

__________________

(١) مجمع البحرين : مادة (رون) وفيه ذكر الحديث ، وقد تعرضت له مصادر الحديث من الصحاح الستة باختلاف لفظي بسيط.

١٣٠

«وخير الدعاء ما صدر عن قلب نقي ، وقلبٍ تقي»(١) .

كما جاء في حديث آخر.

ومع سوء النية ، وخبث السريرة كيف يحافظ الداعي على صدر نقي من كل شائبة ، وقلب تقي سليم من الحواجب المظلمة؟

لذلك نرى أمثال هؤلاء الدعاة هم المعنيون بقول الإِماام أمير المؤمنين «عليه السلام» «ثم تدعون فلا يستجاب»(٢) .

وقبل أن ننتقل من هذه الفقرة لا بد لنا من الإِجابة على ما يرد عليها من الإِشكال التالي :

ان الداعي بهذه الفقرة يطلب من ربه أن يغفر له الذنوب التي تحبس الدعاء ، ومع وجود تلك الذنوب ، وفرض محبوسية الدعاء عن الإِجابة ، فإن الدعاء في هذه الصورة أيضاً يكون محبوساً فلا يؤثر أثره فلماذا اذاً يدعو بها ، ويردد «اللهم اغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء».

والجواب عن ذلك : أنا سبق وأن بينا بأن هذه الذنوب ليست أسباباً حقيقية لايجاد مسبباتها ، بل هي من باب المقتضي لترتب الأثر عليها فلم يثبت أن وجود سوء النية ، والذي ذكر أنه يحبس الدعاء هو الذي اذا وجد عند الإِنسان حبس دعاءه وأعرض الله عن سماع كل دعوة له ـ بل كما قلنا ـ أن ذلك مقتضي لهذا الأثر ، واذا ثبت ذلك

__________________

(١) أصول الكافي : باب (ان الدعاء سلاح المؤمن) حديث ـ

(٢) نهج البلاغة من وصية له «عليه السلام» للحسن والحسين «عليهما السلام» لما ضربه ابن ملجم (لعنه الله).

١٣١

فاحتمال ان دعوة الداعي بهذه الفقرة ليست محبوسة قوي لإِحتمال وجود ما يمنع من تأثير ذلك المقتضي لو كان قد صدر منه ذنب من تلك الذنوب كسوء النية ، وخبث السريرة ، والنفاق مع الإِخوان ، وغير ذلك مما جاء في الخبر المتقدم.

«اللهم اغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء»

والبلاء : هو الغم. أما الذنوب التي تكون سبباً في نزول البلاء وتورث الغم ، والتي يتوسل الداعي ان يغفرها الله له ، فهي كما جاء عن الإِمام زين العابدين «عليه السلام».

«ترك إغاثة الملهوفين ، وترك معاونة المظلوم ، وتضييع الامر بالمعروف والنهي عن المنكر»(١) .

وفي بعض الأخبار انها سبع : «الشرك باالله ، وقتل النفس التي حرم الله تعالى ، وقذف المحصنة ، وأكل مال اليتيم ظلماً ، والزنا ، والفرار من الزحف ، والسرقة» (٢).

ولا ينافي أن تكون بعض الذنوب تشترك في التأثير فهي ـ مثلاً ـ كما تكون سبباً في نزول النقم ، كذلك تكون سبباً في نزول البلاء. وذلك يعود الى عظم الجرائم حيث تكون مؤثرة بتأثيرين ، أو اكثر تبعاً لما تخلفه من آثار اجتماعية سيئة.

__________________

(١) أسرار العارفين : ٤٢.

(٢) السبزواري في شرح دعاء كميل : ٦٩.

١٣٢

«اللهم اغفر لي الذنوب التي تقطع الرجاء» (١)

والرجاء : هو الأمل. ورجاه يرجوه رجواً أمل به(٢) .

والذنوب التي تقطع الرجاء هي التي عددها الإِمام «عليه السلام» بقوله : «اليأس من روح الله ، والقنوط من رحمة الله ، والثقة بغير الله والتكذيب بوعيد الله».

ان هذه الذنوب بطبيعتها تجل العبد بعيداً عن ربه ، وتقطع ذلك الاتصال النفسي بين العبد ، وخالقه ، وعندها يكون مثل هذا الشخص مصداقاً للآية الكريمة :( وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ) (٣) .

والضلال : ضد الهدى ؛ والمعنى الذي يقصده الداعي بطلب غفران مثل هذه الذنوب هو أن يجنبه الله عنها لئلا يكون ضالاً ، وبعيداً عن ساحة لطفه بإنقطاع رجائه من عفوه ، وكرمه ، فإن القلب المفعم بالإِيمان لا ييأس ، ولا يقنط من رحمته سبحانه معما عظم ذنبه وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم :

__________________

(١) هذه الفقرة من الدعاء لم توجد في كثير من كتب الدعاء وقد تعرض لها بعض الشراح فأثبتوها في الدعاء ولعلهم اخذوا ذلك من كتاب (المصباح) لتقي الدين ابراهيم بن علي العاملي الكفعمي ، وهو من مصادر كتب الدعاء عند الإِمامية ، وقد تعرضنا لها تبعاً لمن تقدم ليؤتى بها على سبيل الرجاء.

(٢) أقرب الموارد : مادة (رجو).

(٣) سورة الحجر : آية (٥٦).

١٣٣

«والذي لا إله الا هو ما أعطي مؤمن قط خير الدنيا ، والآخرة إلا بحسن ظنه بالله ، ورجائه له ، وحسن خلقه ، والكف عن إغتياب المؤمنين ، والذي لا إله الا هو لا يعذب الله مؤمناً بعد التوبة ، والاستغفار إلا بسوء ظنه بالله ، وتقصيره من رجائه ، وسوء خلقه ، واغتيابه للمؤمنين. والذي لا إله الا هو لا يحسن ظن عبد مؤمن بالله إلا كان الله عند ظن عبده المؤمن لأن الله كريم بيده الخيرات يستحي أن يكون عبده المؤمن قد أحسن الظن به ، ثم يخلف ظنه ، ورجاؤه فاحسنوا بالله الظن ، وارغبوا اليه»(١) .

ومن هذا الحديث يتضح لنا ما للرجاء بالله من الأهمية في حياة العبد ، وبعد انتقاله الى الآخرة ، وعدم القنوط ، واليأس من رحمته الواسعة.

فلا غرو اذا رأينا الإِمام عليه السلام يعلمنا كيف يجب ان يلتمس الداعي من ربه ان يغفر له تلك الذنوب التي تكون السبب في انقطاع العلقة بين المولى وعبده؟ «إن الله يغفر الذنوب جميعاً».

«اللهم اغفر لي كل ذنب أذنبته»

وهكذا يذهب الداعي برجائه الى أقصى حد ويلتفت الى أنه يمثل بين يدي ربٍ كريمٍ جاء في كرمه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال يوماً : يا كريم العفو فقال له جبرئيل : أتدري ما تفسير يا كريم العفو؟ هو أنه يعفو عن السيئات برحمته ثم يبدلها حسنات

__________________

(١) أصول الكافي : باب حسن الظن بالله / حديث / ٢.

١٣٤

بكرمه»(١) .

فلماذا إضاً يقتصر الداعي في دعائه على طلب المغفرة لبعض الذنوب كالتي تهتك العصم ، أو كالتي تنزل النقم ، أو التي تحبس الدعاء؟ فهل هو بدعائه ، وطلبه يتوجه الى بشر مثله محدود العواطف ليضيق ذرعاً بما يريد منه؟

لا : ولك أن تكرر النفي الى ما لا نهاية ، فإن الداعي يتوجه بطلبه الى ربٍ عطوف يريد منه أن يتفضل عليه ، فيغفر عليه ، فيغفر له كل ذنب أذنبه ، وكل إثم صدر منه ، وهو ـ في الوقت نفسه ـ لم يذهب بعيداً بهذه الأمنيات ، فعوامل الرجاء تدفعه الى الاستزادة من هذا الفيض ما دامت الآيات الكريمة تبشر المذنبين قائلة :( إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ) (٢) .

( إِنَّ اللَّـهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ) (٣) .

وتترقى آية أخرى فتتحدى جميع البشر فتقول :

( وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّـهُ ) (٤) .

واذا كان هو مصدر الغفران فقط وهو كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «والذي نفسي بيده الله أرحم بعبده المؤمن من الوالدة الشفيقة بولدها»(٥) .

__________________

(١) جامع السعادات : ١ / ٢٥١ الطبعة الثالثة / مطبعة النجف وهكذا جاء في إحياء العلوم للغزالي : ٤ / ١٢٩ باختلاف بسيط.

(٢) سورة الزمر : آية (٥٣).

(٣) سورة النساء : آية (٤٨).

(٤) سورة آل عمران : آية (١٣٥).

(٥) جامع السعادات : ١ (٢٥١).

١٣٥

إذاً فليذهب بالعبد رجاؤه الى مدارج السمو وليلتمس من ربه ان يغفر له كل ذنب أذنبه ففي رحاب الله يجد ذلك المسكين أمانيه تتحقق فقد ورد في الحديث :

«ان العبد اذا أذنب فاستغفر يقول الله لملائكته أنظروا الى عبدي أذنب ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنوب ، ويأخذ بالذنب إشهدوا اني قد غفرت له»(١) .

«وكل خطيئة أخطأتها»

والخطيئة : هي الذنب المتعمد ، وقيل إنها الذنب أعم من الإِثم لأن الإِثم لا يكون إلا من عمدٍ ، وهي قد تكون لا عن عمد(٢) .

والتناسق الدعائي يقضي أن يكون المراد بها في هذه الجملة هو : المعنى الثاني لأن الروعة الدعائية تظهر على هذا التفسير فإن الداعي بعد أن تدرج في الالتماس يطلب أن يغفر له الذنب الفلاني ، والذنب الموصوف بكذا. بعد كل هذا أضرب ، وجاء يلتمس أن يغفر له كل ذنب أذنبه ، وطبيعي أن الذنب هو الجرم الذي يصدر عن عمدٍ ، ولكنه حيث وجد من عطف ربه ، وكرمه ما شهد له بانه : يغفر الذنوب جميعاً عدا الشرك به فلماذا لا يذهب الى آخر الشوط ، فيلتمس من ربه أن يتجاوز عن كل ما صدر منه ولو كان ذلك عن غير عمدٍ وهو المسمى (بالخطيئة)؟ فهو يريد أن يفتح صفحة جديدة ليعود كيومٍ ولدته أمه خلواً من كل ذنب جرماً كان ذلك الذنب ، أو

__________________

(١) جامع السعادات : ١ / ٢٥١ الطبعة الثالثة.

(٢) أقرب الموارد ، والقاموس ، وغيرهما : مادة (خطأ).

١٣٦

خطيئة ليرى حلاوة الإِجابة تتمثل له بعد أن ورد في الحديث القدسي «إنما خلقت الخلق ليربحوا علي ، ولم أخلقهم لأربح عليهم»(١) .

كلا : وحاشا له أن يساوم عليهم ، ويربح من وراء عبادتهم ، بل هو منبع الحنو والرقة ، يعاملهم بالحسنى ، وان كانت الذنوب قد سودت وجوههم.

ان كان لا يرجوك الا محسن

فبمن يلوذ ويستجير ـ المجرم

«اللهم اني اتقرب اليك بذكرك»

والمقصود بالتقرب ، هو القرب المعنوي ، لا المكاني لاستحالة ذلك بالنسبة اليه تعالى لإِستلزام التقرب المكاني الى تحديده بالمكان. وتعالى الله عن ذلك سبحانه.

أما الذكر ، فالمراد منه هو الإِتصال بالله ن طريق استحضار اسمائه ، وصفاته المقدسة في قلب الداعي ، على لسانه.

وبهذه الفقرة من الدعاء يكون الداعي قد ختم دور الإِلحاح والالتماس لطلب المغفرة ليبدأ بدور جديد ، وينزل بروحه الى عالم الحياة ، وهي خفيفة نظيفة ليباشر حياته من جديد وعلى أسس جديدة ، وطريقة جديدة مؤكداً بان ما سبق منه من هذا الطلب ، والإِلتماس لم يكن فقط لمجرد التجاوز عن ذنوبه فلرب داعٍ لم يتقرف في حياته من ذلك شيئاً كالأنبياء والأئمة الاطهار ، والصالحين من البشر ، ومع ذلك فهم يلحون في الدعاء ، ويلتمسون المغفرة ، ويقضون الوقت في المناجاة باكين خاشعين ، بل لبيان أن مع الإِلتماس

__________________

(١) جامع السعادات : ١ (٢٥١).

١٣٧

تقرب ، وفي التقرب تأكيد على الإِتصال الحقيقي به سبحانه وتعالى ، على الصعيدين ، الداخلي والخارجي.

الداخلي : حيث يتمثل بما ينطوي عليه القلب من استحضار الله ، وعدم الغفلة عنه.

أما الخارجي : فبأداء كل ما أمر به تعالى ، والاجتناب عما نهى عنه.

وبذلك نرجع الى الدعاء ليعلمنا بأننا يجب ان نعتمد : في الطريقة الجديدة للحياة التي يرضاها لنا الله أن نكون قريبين منه بذكره المتواصل في كل لحظة ، وفي كل عمل نقوم به من أعمالنا ونراقبه في السراء ، والضراء ، وفي كل صغيرة ، وكبيرة ، وبذلك نضمن قربنا منه ، وبعدنا عن الذنوب.

وقد اعطى القرآن الكريم صورة حية لأولئك المقربين منه بقوله تعالى :( رجال لا تلهيهم تجارة أو بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار ) (١) . قلوب حية عطرة منطوية على حب الله ، والقرب منه.

وألنسة رطبة بذكره جلّت قدرته تسبحه ، وتقدسه ، وتذكر نعماءه ، وآلاءه بحيث لا تلهيهم الدنيا بما فيها من تجارة ، وربح وحصول المال ، وما يستتبع ذلك من سعة في الملاذ الدنيوية.

«وأستشفع بك الى نفسك»

والداعي بشر ومهما كان فان من الغرائز البشرية الخوف. أما

١٣٨

الشجاعة واللامبالاة ، فانهما عارضان عليه نتيجة تطبعه ، وإقدامه. واستجابة لنداء الغريزة المذكورة نرى الداعي مهما كررت الآيات الكريمة تنبيء عن غفران الله ، وعفوه ، وأنه يغفر الذنوب جميعاً ، ومع الآيات التي تؤكد على عدم اليأس من روح الله ، ورحمته نقول : مع كل ذلك فهو يستعظم جرمه ، ويستكبر ذنبه ، ويخشى أن لا يستجيب الله لصارخ ندائاته المتعاقبة.

لذلك ، وبدافع من طبيعة الخائف النفسية يبدأ بالبحث عن الشفيع الذي يجعله الواسطة بينه ، وبين ربه. والشفاعة أمر يستسيغه ، ويقويه العرف لتأمين ما يتطلبه الإِنسان من قضاء حوائجه.

ولكن : يا ترى من هو ذلك الشفيع الذي يقبله الله ليتشفع في أمر عبده الخائف؟

ان عظم الذنب يتجسم أمام الداعي ، فيصور له رفض كل شفيع في حقه مهما كانت منزلته ، ومهما كانت رحمة الله واسعة.

وتبدد حيرة الداعي بقية أملٍ تلوح له باللجوء الى مصدر الخوف وهو الله سبحانه ، فهو الخصم ، وهو ـ في الوقت نفسه ـ الحكم ، وهو الأول ، والآخر.

ويأتي التعبير متناسقاً عند ما نرى الداعي يتضرع وهو يقول :

«واستشفع بك الى نفسك»

وكما كان الإِمام زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام يناجي ربه وهو يقول : «وانا يا سيدي عائذ بفضلك هارب منك اليك»(١) . وحري بالله جلّت عظمته أن لا يرد عن ساحة لطفه عبداً

__________________

(١) من دعاء الامام «عليه السلام» المروي عن أبي حمزة الثمالي.

١٣٩

التجأ اليه تائباً.

إلهي كيف تطرد مسكيناً التجأ اليك من الذنوب هارباً؟

أم كيف تخيب مسترشداً قصد الى جنابك ساعياً؟

ام كيف ترد ضمآناً ورد الى حياضك شارباً؟

كلا وحياضك مترعة في ظنك المحول ، وبابك مفتوح للطلب والوغول ، وأنت غاية المسؤول ، ونهاية المأمول(١) .

«واسئلك بجودك»

الجود : بمعنى السخاء ، وهو بمعنى الكرم ، وقيل : الجواد الذي لا يبخل بعطائه ، وهو من أسماء الله(٢) .

والقسم جاء في هذه الفقرة بصفة محببة للمسؤول وهو الله فإنه يحب الكرم ، ويثيب عليه ، والمورد يستدعي ذلك فإن الداعي يريد من الله ، ويطلب منه. ولا بد ، والحالة هذه من التضرع اليه بما عرف به من الجود ، والسخاء.

«أن تدنيني من قربك»

وترتبط هذه الفقرة من الدعاء بالفقرة السابقة من الدعاء من قوله :

«اللهم اني اتقرب اليك بذكرك»

فالقرب من الله حقيقة تتوقف على جهتين :

__________________

(١) فقرات من دعاء الصباح الذي كان يدعو به الامام علي بن أبي طالب «عليه السلام».

(٢) مجمع البحرين : مادة (جود).

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

فاطمةعليها‌السلام على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو في سكرات الموت، فانكبّت عليه تبكي، ففتح عينه وأفاق، ثمّ قال: يا بنيّة، أنت المظلومة بعدي، وأنت المستضعفة بعدي، فمن آذاك فقد آذاني، ومن غاظك فقد غاظني، ومن سرّك فقد سرّني، ومن برّك فقد برّني، ومن جفاك فقد جفاني، ومن وصلك فقد وصلني، ومن قطعك فقد قطعني، ومن أنصفك فقد أنصفني، ومن ظلمك فقد ظلمني، لأنّك منّي وأنا منك، وأنت بضعة منّي، وروحي الّتي بين جنبي، ثمّ قال: إلى الله أشكو ظالميك من أمّتي.

ثمّ دخل الحسن والحسينعليهما‌السلام ، فانكبّا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهما يبكيان ويقولان: أنفسنا لنفسك الفداء يا رسول الله، فذهب عليّعليه‌السلام لينحّيهما عنه، فرفعصلى‌الله‌عليه‌وآله رأسه إليه، ثمّ قال: يا عليّ دعهما يشمّاني وأشمّهما، ويتزوّدان منّي وأتزوّد منهما، فإنّهما مقتولان بعدي ظلما وعدوانا، فلعنة الله على من يقتلهما، ثمّ قال: يا عليّ، وأنت المظلوم المقتول بعدي، وأنا خصم لمن أنت خصمه يوم القيامة.

وفي أمالي الصدوق ( ٥٠٥ - ٥٠٩ ) بسنده عن ابن عبّاس، قال: لمّا مرض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثمّ قام رسول الله فدخل بيت أمّ سلمة، وهو يقول: ربّ سلّم أمّة محمّد من النار ويسّر عليهم الحساب، فقالت أمّ سلمة: يا رسول الله، مالي أراك مغموما متغيّر اللّون؟ فقال: نعيت إليّ نفسي هذه الساعة، فسلام لك في الدنيا، فلا تسمعين بعد هذا اليوم صوت محمّد أبدا، فقالت أمّ سلمة: وا حزناه، حزنا لا تدركه الندامة عليك يا محمّداه.

ثمّ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ادعي لي حبيبة قلبي وقرّة عيني فاطمة تجيء، فجاءت فاطمة وهي تقول: نفسي لنفسك الفداء، ووجهي لوجهك الوقاء يا أبتاه، ألا تكلّمني كلمة، فإنّي أنظر إليك وأراك مفارق الدنيا، وأرى عساكر الموت تغشاك شديدا.

فقال لها: يا بنيّة، إنّي مفارقك، فسلام عليك منّي ثمّ أغمي على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فدخل بلال وهو يقول: الصلاة رحمك الله، فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وصلّى بالناس وخفّف الصلاة، ثمّ قال: ادعوا إليّ عليّ بن أبي طالب وأسامة بن زيد، فجاءا فوضع يده على عاتق عليّعليه‌السلام والأخرى على أسامة، ثمّ قال: انطلقا بي إلى فاطمة، فجاءا به حتّى وضع

٥٢١

رأسه في حجرها، فإذا الحسن والحسينعليهما‌السلام يبكيان ويصطرخان ويقولان: أنفسنا لنفسك الفداء، ووجوهنا لوجهك الوقاء فعانقهما وقبّلهما، وكان الحسن أشدّ بكاء، فقال له: كفّ يا حسن فقد شققت على رسول الله ...

فروي عن ابن عبّاس: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك المرض كان يقول: ادعوا لي حبيبي، فجعل يدعى له رجل بعد رجل فيعرض عنه، فقيل لفاطمة: امضي إلى عليّ، فما نرى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يريد غير عليّعليه‌السلام ، فبعثت فاطمة إلى عليّعليه‌السلام ، فلمّا دخل فتح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عينيه وتهلّل وجهه، ثمّ قال: إليّ يا عليّ، إليّ يا عليّ، فما زال يدنيه حتّى أخذه بيده وأجلسه عند رأسه، ثمّ أغمي عليه، فجاء الحسن والحسينعليهما‌السلام يصيحان ويبكيان حتّى وقعا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأراد عليّعليه‌السلام أن ينحّيهما عنه، فأفاق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ قال: يا عليّ، دعني أشمّهما ويشمّاني، وأتزوّد منهما ويتزوّدان منّي، أما إنّهما سيظلمان بعدي، ويقتلان ظلما، فلعنة الله على من ظلمهما - يقول ذلك ثلاثا - ثمّ مدّ يده إلى عليّعليه‌السلام ، فجذبه إليه حتّى أدخله تحت ثوبه الّذي كان عليه، ووضع فاه على فيه، وجعل يناجيه مناجاة طويلة، حتّى خرجت روحه الطيّبة، فانسلّ عليّعليه‌السلام من تحت ثيابه، وقال: أعظم الله أجوركم في نبيّكم، فقد قبضه الله إليه، فارتفعت الأصوات بالضجّة والبكاء، فقيل لأمير المؤمنينعليه‌السلام : ما الّذي ناجاك به رسول الله حين أدخلك تحت ثيابه؟ فقال: علّمني ألف باب، يفتح لي كلّ باب ألف باب. وروى هذا الخبر الفتّال النيسابوريّ في روضة الواعظين ( ٧٢ - ٧٥ ).

وفي كفاية الأثر ( ٣٦ - ٣٨ ) بسنده عن أبي ذرّ الغفاريّ، قال: دخلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه الّذي توفي فيه، فقال: يا أبا ذرّ، ائتني بابنتي فاطمة.

قال: فقمت ودخلت عليها، وقلت: يا سيّدة النسوان، أجيبي أباك، قال: فلبست جلبابها واتّزرت، وخرجت حتّى دخلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلمّا رأت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله انكبّت عليه وبكت، وبكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لبكائها، وضمّها إليه، ثمّ قال: يا فاطمة، لا تبكين فداك أبوك، فأنت أوّل من تلحقين بي، مظلومة مغصوبة، وسوف تظهر بعدي حسيكة النفاق، ويسمل جلباب الدين، وأنت أوّل من يرد عليّ الحوض.

٥٢٢

قالت: يا أبه، أين ألقاك؟ قال: تلقيني عند الحوض وأنا أسقي شيعتك ومحبّيك، وأطرد أعداءك ومبغضيك.

قالت: يا رسول الله، فإن لم ألقك عند الحوض؟ قال: تلقيني عند الميزان.

قالت: يا أبه وإن لم ألقك عند الميزان؟ قال: تلقيني عند الصراط، وأنا أقول: سلم سلم شيعة عليّ.

قال أبو ذرّ: فسكن قلبها، ثمّ التفت إليّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: يا أبا ذرّ، إنّها بضعة منّي، فمن آذاها فقد آذاني، ألا إنّها سيّدة نساء العالمين، وبعلها سيّد الوصيين، وابنيها الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، وإنّهما إمامان إن قاما أو قعدا، وأبوهما خير منهما، وسوف يخرج من صلب الحسينعليه‌السلام تسعة من الأئمّة معصومون، قوّامون بالقسط، ومنّا مهديّ هذه الأمّة.

وفيه أيضا ( ١٢٤ - ١٢٦ ) بسنده عن عمّار بن ياسر، قال: لمّا حضرت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الوفاة دعا بعليعليه‌السلام فسارّه طويلا، ثمّ قال: يا عليّ، أنت وصيّي ووارثي، قد أعطاك الله علمي وفهمي، فإذا متّ ظهرت لك ضغائن في صدور قوم، وغصبت على حقّك، فبكت فاطمةعليها‌السلام ، وبكى الحسن والحسينعليهما‌السلام ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله لفاطمة: يا سيّدة النسوان، ممّ بكاؤك؟ قالت: يا أبه، أخشى الضيعة بعدك، قال: أبشري يا فاطمة، فإنّك أوّل من يلحقني من أهل بيتي، ولا تبكي ولا تحزني، فإنّك سيّدة نساء أهل الجنّة ....

وانظر دخولها على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في مرض موته، وبكائها، وقول النبي: حبيبتي فاطمة ما الّذي يبكيك؟ فقالت: أخشى الضيعة بعدك، ثمّ بشّرها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ببشارات، انظر ذلك في مجمع الزوائد ( ج ٩؛ ١٦٥ ) وتاريخ دمشق ( ج ١؛ ٢٣٩ ): ومفتاح النجا (٣٠).

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٣٧ ) أبو عبد الله بن ماجة في السنن، وأبو يعلى الموصلىّ في المسند، قال أنس: كانت فاطمة تقول لمّا ثقل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : جبرئيل إلينا ينعاه، يا أبتاه من ربّه ما أدناه، يا أبتاه جنّة الفردوس مأواه، يا أبتاه أجاب ربّا دعاه.

وفي المختار من مسند فاطمة الزهراء (١٥٣) عن عائشة: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه

٥٢٣

الّذي قبض فيه، قال: يا فاطمة، يا بنتي، احني عليّ، فأحنت عليه، فناجاها ساعة، ثمّ انكشفت عنه تبكي، وعائشة حاضرة، ثمّ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ذلك ساعة: احني عليّ، فأحنت عليه، فناجاها ساعة، ثمّ انكشفت عنه تضحك.

فقالت عائشة: يا بنت رسول الله، أخبريني بما ذا ناجاك أبوك؟

قالتعليها‌السلام : أو شكت رأيته ناجاني على حال سرّ، ثمّ ظننت أنّي أخبر بسرّه وهو حي؟! فشقّ ذلك على عائشة أن يكون سرّ دونها.

فلمّا قبضه الله إليه، قالت عائشة لفاطمة: ألا تخبريني ذلك الخبر؟

قالتعليها‌السلام : أمّا الآن فنعم، ناجاني في المرّة الأولى فأخبرني أنّ جبرئيل كان يعارضه القرآن في كلّ عام مرّة، وأنّه عارضه القرآن العام مرّتين، وأنّه أخبره أنّه لم يكن نبي بعد نبي إلاّ عاش نصف عمر الّذي كان قبله، وأنّه أخبرني أنّ عيسى عاش عشرين ومائة سنة، ولا أراني إلاّ ذاهب على رأس الستّين، فأبكاني ذلك، وقال: يا بنيّة، إنّه ليس من نساء المؤمنين أعظم رزيّة منك، فلا تكوني أدنى من امرأة صبرا، ثمّ ناجاني في المرّة الأخرى، فأخبرني أنّي أوّل أهله لحوقا به، وقال: إنّك سيّدة نساء أهل الجنّة ( كر ). وهو رمز لتهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر.

فيتّضح من هذه المرويّات وغيرها، المطالب الأساسيّة في هذه الطّرفة، وأنّ عائشة شقّ عليها ما أسرّه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله للزهراءعليها‌السلام ، وأنّ الزهراءعليها‌السلام أجابتها ببعض ما أخبرها به رسول الله ممّا يتعلّق ببكائها وضحكها - لئلاّ يظنّوا بها العمل العبثي والعياذ بالله كما صرح في روايات أخرى بأنّ عائشة ظنّت ذلك بالزهراء، كما في سنن الترمذيّ ( ج ٥؛ ٣٦١ / الحديث ٣٩٦٤ ) والمنتقى من إتحاف السائل (٩٧) - وأجملتعليها‌السلام باقي ما أسرّه إليها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّ عائشة علمت أنّ ما أسرّه النبي للزهراء يتعلّق بعضه بها وبحفصة وبأبيها وفاروقه.

وبعد ما سردنا من الروايات الّتي فيها إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عند موته للزهراء وعليّعليهما‌السلام بالظلم الّذي سيحلّ بهم، ووقوع ذلك الظلم بعد وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله من قبل الشيخين وابنتيهما

٥٢٤

وباقي المتحزّبين، مضافا إلى إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاعليه‌السلام في مواطن شتّى بأسماء الظالمين له وما سيحلّ به وبأهل البيت، وإخباره للشيخين وعائشة وحفصة بما سيفعلونه، مع تحذيرهصلى‌الله‌عليه‌وآله لهم من ذلك، بعد كلّ ذلك يبدو جليّا صحّة ما في هذه الطّرفة من إسرار النبي للزهراء بما سيجري عليها وعلى ولدها كما علمت، وأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ذلك دعا عليّا فأخبره بكلّ ما سيجري، وعلّمه ألف باب يفتح من كلّ باب ألف باب.

وانظر ما كان عند وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وبعض ما يتعلّق بالمطلب، فيما مرّ من صدر الطّرفة التاسعة عشر.

فقد أجمع القوم على ظلمكم

إن إجماع القوم على ظلم عليّ وأهل بيتهعليهم‌السلام ممّا لا يرتاب ولا يشكّ فيه أحد، لتواتر هذا المعنى وكونه من المسلّمات التاريخيّة، ولكنّنا ننقل هنا إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا وأهل البيتعليهم‌السلام بذلك، وفي مناسبات شتّى، وخصوصا عند وفاته.

ففي الاحتجاج ( ج ١؛ ٢٧٢ - ٢٧٣ ) عن الحسنعليه‌السلام ، قال: أنشدكم بالله أتعلمون أنّه [ أي عليّا ] دخل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه الّذي توفّي فيه، فبكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال عليّعليه‌السلام : ما يبكيك يا رسول الله؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يبكيني أنّي أعلم أنّ لك في قلوب رجال من أمّتي ضغائن لا يبدونها لك حتّى أتولّى عنك.

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٢٠٩ ) عن عليّعليه‌السلام ، قال: بينا أنا وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا التفت إليّ فبكى، فقلت: ما يبكيك يا رسول الله؟ قال: أبكي من ضربتك على القرن، ولطم فاطمة خدّها، وطعن الحسن في فخذه والسمّ الّذي يسقاه، وقتل الحسين.

وفي كفاية الأثر (١٢٤) عن عمّار بن ياسر، قال: لمّا حضرت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الوفاة دعا بعليعليه‌السلام فسارّه طويلا، ثمّ قال: يا عليّ، أنت وصيّي ووارثي، وأعطاك الله علمي وفهمي، فإذا متّ ظهرت لك ضغائن في صدور القوم، وغصبت على حقّك، فبكت فاطمة

٥٢٥

وبكى الحسن والحسينعليهم‌السلام ....

وفي تفسير فرات (٢١٥) عن عليّعليه‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم: يا عليّ، علمت أنّ جبرئيل أخبرني أنّ أمّتي تغدر بك من بعدي، فويل ثمّ ويل ثمّ ويل لهم وانظر في هذا شرح النهج ( ج ٦؛ ٤٥ ) ونهج الحقّ (٣٣٠) وكنز العمال ( ج ٦؛ ١٥٧ ) والسقيفة وفدك (٦٩) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٧٢ ) والتهاب نيران الأحزان (٥٩) وتفسير فرات ( ١٨١، ٣٠٦ ).

وقد ثبت حديث مرور النبي وعليّ - صلوات الله عليهما - على الحدائق السبع، وتبشير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام بأنّ له أحسن منها في الجنّة، قال عليّعليه‌السلام : فلمّا خلا له الطريق اعتنقني وأجهش باكيا، فقلت: يا رسول الله، ما يبكيك؟ قال: ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها لك إلاّ بعدي، فقلت: في سلامة من ديني؟ قال: في سلامة من دينك. انظر في هذا نهج الحقّ (٣٣٠) وكتاب سليم بن قيس (٧٣) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ١٢١ ) وتذكرة الخواص ( ٤٥ - ٤٦ ) ومناقب الخوارزمي (٢٦) وتاريخ بغداد ( ج ١٢؛ ٣٩٨ ) وكنز العمال ( ج ٦؛ ٤٠٨ ) و ( ج ١٥؛ ١٤٦، ١٥٦ ) وفرائد السمطين ( ج ١؛ ١٥٢ - ١٥٣ ) وتاريخ دمشق ( ج ٢؛ ٣٢٧ ) ومجمع الزوائد ( ج ٩؛ ١١٨ ) والمستدرك للحاكم ( ج ٣؛ ١٣٩ ) وكفاية الطالب ( ٢٧٢ - ٢٧٣ ).

وفي ينابيع المودّة ( ج ١؛ ١٣٤ ) و ( ج ٣؛ ٩٨ ) وأمالي الطوسي (٣٥١): ثمّ قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : اتّق الضغائن الّتي كانت في صدور قوم لا تظهرها إلاّ بعد موتي، أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاّعنون، وبكىصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ قال: أخبرني جبرئيل أنّهم يظلمونك بعدي، وأنّ ذلك الظلم لا يزول بالكليّة عن عترتنا، حتّى إذا قام قائمهم ....

وفي أمالي الصدوق (٩٩) عن ابن عبّاس، لمّا أقبل عليّعليه‌السلام ورآه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فبكى، فسأله ابن عبّاس عن سبب بكائه، قال: قال: وإنّي بكيت حين أقبل؛ لأنّي ذكرت غدر الأمّة به بعدي، حتّى إنّه ليزال عن مقعدي وقد جعله الله له بعدي، ثمّ لا يزال الأمر به حتّى يضرب على قرنه ضربة تخضب منها لحيته.

٥٢٦

وفي الكافي ( ج ٨؛ ٣٣٤ )، عن سليم، عن عليّعليه‌السلام : وأخبرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه لو قبض أنّ الناس يبايعون أبا بكر في ظلّة بني ساعدة بعد ما يختصمون.

وفي المسترشد (٣٦٣) وبشارة المصطفى (٢٢٠) قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : أنت المظلوم من بعدي.

وفي المسترشد (٦١٠) قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : أما إنّهم سيظهرون لك من بعدي ما كتموا، ويعلنون لك ما أسرّوا.

وفي كفاية الأثر (١٠٢) قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام : فإذا متّ ظهرت لك ضغائن في صدور قوم يتمالئون عليك ويمنعونك حقّك.

وقد مرّ ما يتعلّق بظلم عليّعليه‌السلام في الطّرفة الرابعة عشر، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا عليّ توفي على الصبر منك والكظم لغيظك على ذهاب حقّك ».

يا عليّ إنّي قد أوصيت ابنتي فاطمة بأشياء، وأمرتها أن تلقيها إليك، فأنفذها، فهي الصادقة الصدوقة

انظر ما مرّ في الطّرفة التاسعة عشر من قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا عليّ انفذ لما أمرتك به فاطمة، فقد أمرتها بأشياء أمرني بها جبرئيل ».

أما والله لينتقمن الله ربّي وليغضبنّ لغضبك، ثمّ الويل ثمّ الويل ثمّ الويل للظالمين

انظر ما مرّ في الطّرفة التاسعة عشر من قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « واعلم يا عليّ أنّي راض عمّن رضيت عنه ابنتي فاطمة، وكذلك ربّي وملائكته » وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعده: « ويل لمن ظلمها ».

لقد حرّمت الجنّة على الخلائق حتّى أدخلها، وإنّك لأوّل خلق الله يدخلها، كاسية حالية ناعمة

مرّ في الطّرفة السادسة ما يتعلّق بدخول أهل البيت الجنّة قبل الخلائق، وذلك عند

٥٢٧

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « وتشهدون أنّ الجنّة حقّ، وهي محرّمة على الخلائق حتّى أدخلها أنا وأهل بيتي »، ونذكر هنا بعض الروايات الّتي خصّت الزهراءعليها‌السلام بأنّها أوّل من يدخل الجنّة.

ففي ميزان الاعتدال ( ج ٢؛ ١٣١ ) ذكر حديثا صحيحا، بسند عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أوّل شخص يدخل الجنّة فاطمةعليها‌السلام ، قال: خرّجه أبو صالح المؤذّن في مناقب فاطمة. ورواه ابن حجر في لسان الميزان ( ج ٤؛ ١٦ / الحديث ٣٤ ) و ( ج ٣؛ ٢٣٧ / الحديث ١٠٥٢ ).

وفي كنز العمال ( ج ٦؛ ٢١٩ ) أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إنّ أوّل شخص يدخل الجنّة فاطمة بنت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومثلها في هذه الأمّة مثل مريم في بني إسرائيل، وقال: أخرجه أبو الحسن أحمد بن ميمون في كتاب « فضائل عليّ »عليه‌السلام ، والرافعي عن بدل بن المحبّر، عن عبد السّلام بن عجلان، عن أبي يزيد المدني، يعني عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وفي ينابيع المودّة ( ج ٢؛ ٨٤ ) أبو هريرة، رفعه: إنّ أوّل من يدخل الجنّة فاطمة بنت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثلها في هذه الأمّة مثل مريم بنت عمران في بني إسرائيل. ورواه الخوارزمي في مقتل الحسين ( ج ١؛ ٧٦ ) بإسناده عن أبي هريرة.

ويبقي أن نذكر بعض ما يتعلّق بدخولها الجنّة كاسية حالية ناعمة. ففي دلائل الإمامة (٥٨) بسنده عن عليّ بن موسى، قال: حدّثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدّثني أبي جعفر بن محمّد، قال: حدّثني أبي محمّد بن عليّ، قال: حدّثني أبي عليّ بن الحسين، قال: حدّثني أبي الحسين بن عليّ، قال: حدّثني أبي عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : تحشر ابنتي فاطمة عليها حلّة الكرامة، قد عجنت بماء الحيوان، تنظر إليها الخلائق فيتعجّبون منها، ثمّ تكسى حلّة من حلل الجنّة، وهي ألف حلّة، مكتوب على كلّ حلّة بخطّ أخضر « أدخلوا ابنة محمّد الجنّة على أحسن صورة وأحسن كرامة وأحسن منظر »، فتزفّ إلى الجنّة كما تزفّ العروس، ويوكّل بها سبعون ألف جارية. ورواه ابن المغازلي في مناقبه (٤٠٢) بسنده عن الرضا، عن آبائهعليهم‌السلام ، ورواه أيضا بسنده عن الرضاعليه‌السلام الخوارزمي في مقتل الحسين ( ج ١؛ ٥٢ ) والمحبّ الطبريّ في ذخائر العقبى (٤٨)

٥٢٨

وقال: « خرّجه عليّ بن موسى الرضاعليهما‌السلام »، والقندوزيّ في ينابيع المودّة ( ج ٢؛ ٢٤ - ٢٥ ) وابن حجر في لسان الميزان ( ج ٢؛ ٤١٧ ).

وفي مستدرك الحاكم ( ج ٣؛ ١٦١ ) بسنده عن أبي جحيفة، عن عليّعليه‌السلام ، قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة، قيل: يا أهل الجمع، غضّوا أبصاركم حتّى تمرّ فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فتمرّ وعليها ريطتان خضراوان. ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ( ج ٩؛ ٢١٢ ) والبدخشي في مفتاح النجا (١٥٣) وابن الأثير في أسد الغابة ( ج ٥؛ ٥٢٣ ) والمحبّ الطبريّ في ذخائر العقبى (٤٨).

وفي تفسير فرات (٢٦٩) بسنده عن الصادق، عن أبيهعليهما‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: يا معشر الخلائق، غضّوا أبصاركم حتّى تمرّ بنت حبيب الله إلى قصرها، فاطمة ابنتي، فتمرّ وعليها ريطتان خضراوان، حواليها سبعون ألف حوراء ....

وفي كشف الغمّة ( ج ١؛ ٤٩٦ - ٤٩٧ ): روى الزهريّ، عن عليّ بن الحسينعليهما‌السلام ، قال: قال عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام لفاطمةعليها‌السلام : سألت أباك فيما سألت أين تلقينه يوم القيامة؟ قالت: نعم، قال لي: اطلبيني عند الحوض، قلت: إن لم أجدك هاهنا؟ قال: تجديني إذا مستظلا بعرش ربّي، ولن يستظلّ به غيري، قالت فاطمة: فقلت: يا أبه، أهل الدنيا يوم القيامة عراة؟ فقال: نعم يا بنيّة، فقلت له: وأنا عريانة؟ قال: نعم، وأنت عريانة، وإنّه لا يلتفت فيه أحد إلى أحد، قالت فاطمة: فقلت له: وا سوأتاه يومئذ من الله عزّ وجلّ، فما خرجت حتّى قال لي: هبط عليّ جبرئيل الروح الأمين، فقال لي: يا محمّد، أقرئ فاطمة السلام، وأعلمها أنّها استحيت من الله تبارك وتعالى، فاستحى الله منها، فقد وعدها أن يكسوها يوم القيامة حلّتين من نور، قال عليّعليه‌السلام : فقلت لها: فهلاّ سألتيه عن ابن عمّك؟ فقالت: قد فعلت، فقال: إنّ عليّا أكرم على الله عزّ وجلّ من أن يعريه يوم القيامة.

٥٢٩

إنّ الحور العين ليفخرنّ بك، وتقرّبك أعينهنّ، ويتزيّنّ لزينتك.

في دلائل الإمامة (٥٧) بسنده عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ، عن جدّه عليّ ابن أبي طالبعليهم‌السلام ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: يا معشر الخلائق، غضّوا أبصاركم، ونكّسوا رءوسكم، حتّى تمرّ فاطمة بنت محمّد، فتكون أوّل من يكسى، وتستقبلها من الفردوس اثنا عشر ألف حوراء، وخمسون ألف ملك، على نجائب من الياقوت حتّى يجوزوا بها الصراط، ويأتوا بها الفردوس، فيتباشر بمجيئها أهل الجنان، فتجلس على كرسي من نور، ويجلسون، حولها، وهي جنّة الفردوس.

وفي تفسير فرات (٢٦٩) بسنده عن الصادق، عن أبيهعليهما‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: يا معاشر الخلائق، غضّوا أبصاركم حتّى تمرّ بنت حبيب الله إلى قصرها، فاطمة ابنتي، فتمرّ وعليها ريطتان خضراوان، حواليها سبعون ألف حوراء.

وفي دلائل الإمامة (٥٠) بسنده عن أبي أيّوب الأنصاري، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: يا أهل الجمع، نكّسوا رءوسكم، وغضّوا أبصاركم، حتّى تمرّ فاطمة بنت محمّد على الصراط، قال: فتمرّ ومعها سبعون ألف جارية من الحور كالبرق الخاطف.

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٣٢٦ ): السمعانيّ في « الرسالة القواميّة »، والزعفراني في « فضائل الصحابة »، والأشنهي في « اعتقاد أهل السنّة »، والعكبريّ في « الإبانة »، وأحمد في « الفضائل »، وابن المؤذن في « الأربعين » بأسانيدهم عن الشعبي، عن أبي جحيفة، وعن ابن عبّاس والأصبغ، عن أبي أيّوب، وقد روى حفص بن غياث، عن القزويني، عن عطاء، عن أبي هريرة، كلّهم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: إذا كان يوم القيامة ووقف الخلائق بين يدي الله تعالى، نادى مناد من وراء الحجاب: أيّها الناس، غضّوا أبصاركم، ونكّسوا رءوسكم؛ فإنّ فاطمة بنت محمّد تجوز على الصراط، وفي حديث

٥٣٠

أبي أيوب: فيمرّ معها سبعون جارية من الحور العين كالبرق اللاّمع. وهو في ينابيع المودّة ( ج ٢؛ ٢٤ ) عن أبي أيّوب الأنصاريّ. ورواه الطبريّ في دلائل الإمامة ( ٥٦ - ٥٧ ) بسنده عن الأصبغ بن نباتة، عن أبي أيّوب الأنصاريّ.

وفي كشف الغمّة ( ج ١؛ ٤٥٧ ): ابن عرفة، عن رجاله، يرفعه إلى أبي أيّوب الأنصاريّ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: يا أهل الجمع، نكّسوا رءوسكم، وغضّوا أبصاركم، حتّى تجوز فاطمةعليها‌السلام على الصراط، فتمرّ ومعها سبعون ألف جارية من الحور العين.

وروى ابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة (١١٣) بإسناده عن أبي أيّوب، أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إذا كان يوم القيامة، نادى مناد من بطنان العرش: يا أهل الجمع، نكّسوا رءوسكم، وغضّوا أبصاركم، حتّى تمرّ فاطمة بنت محمّد على الصراط، فتمرّ مع سبعين ألف جارية من الحور العين كمرّ البرق. ورواه الخوارزمي في مقتل الحسين ( ج ١؛ ٥٥ ).

إنّك لسيّدة من يدخلها من النّساء

انظر ما مرّ في الطّرفة التاسعة عشر من قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « هذه والله سيّدة نساء أهل الجنّة من الأوّلين والآخرين، هذه والله مريم الكبرى ».

يا جهنّم، يقول لك الجبّار: اسكني - بعزّتي - واستقرّي حتّى تجوز فاطمة بنت محمّد إلى الجنان.

لم نعثر على نصّ بهذا الخصوص، وإنّما ورد النصّ من طرق الفريقين بأنّ الباري عزّ وجلّ يأمر الخلائق بأن يغضوا أبصارهم وينكّسوا رءوسهم لتجوز فاطمة على الصراط إلى الجنان، وقد ذكرنا بعضها آنفا، وانظره أيضا في مناقب ابن المغازلي ( ٣٥٥ - ٣٥٦ ) ومستدرك الحاكم ( ج ٣؛ ١٥٣ ) وميزان الاعتدال ( ج ٢؛ ٣٨٢ / الحديث ٤١٦٠ ) ولسان الميزان ( ج ٣؛ ٢٣٧ ) وأسد الغابة ( ج ٥؛ ٥٢٣ ) وتذكرة الخواص (٣١٠)

٥٣١

والفصول المهمة ( ١٤٥، ١٤٧ ) وكنز العمال ( ج ٦؛ ٢١٦ ) والصواعق المحرقة (١١٣) وذخائر العقبى (٤٨) وتاريخ بغداد ( ج ٨؛ ١٤١ - ١٤٢ ) وينابيع المودّة ( ج ٢؛ ٨، ٢٤، ٨٥، ١٣٥ ) وأمالي المفيد (١٣٠) وأمالي الصدوق (٢٥) وتفسير فرات ( ٢٩٩، ٤٣٨، ٤٤٣ ).

لكنّ النصّ ورد بأنّ نور عليّعليه‌السلام يطفئ لهيب جهنّم، ففي تفسير القمّي ( ج ٢؛ ٣٢٦ ) بسنده عن ابن سنان، عن الصادقعليه‌السلام في حديث طويل، فيه: فيقبل عليّعليه‌السلام ومعه مفاتيح الجنّة ومقاليد النار، حتّى يقف على شفير جهنّم، ويأخذ زمامها بيده، وقد علا زفيرها، واشتدّ حرّها، وكثر شررها، فتنادي جهنّم: يا عليّ، جزني، قد أطفأ نورك لهبي، فيقول لها عليّعليه‌السلام : قرّي يا جهنّم، ذري هذا وليّي، وخذي هذا عدوّي.

وفي فرائد السمطين ( ج ١؛ ١٠٧ - ١٠٨ ) بسنده عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ثمّ يرجع مالك، فيقبل عليّ ومعه مفاتيح الجنّة ومقاليد النار، حتّى يقف على عجرة جهنّم، وقد تطاير شرارها وعلا زفيرها، واشتدّ حرّها، وعليّ آخذ بزمامها، فتقول له جهنّم: جزني يا عليّ، فقد أطفأ نورك لهبي، فيقول لها عليّعليه‌السلام : « قرّي يا جهنّم، خذي هذا واتركي هذا، خذي هذا عدوّي، واتركي هذا وليي »، فلجهنّم يومئذ أشدّ مطاوعة لعلي من غلام أحدكم لصاحبه، فإن شاء يذهبها يمنة وإن شاء يذهبها يسرة، ولجهنّم يومئذ أشدّ مطاوعة لعلي فيما يأمرها به من جميع الخلائق.

ونقله عن الحمويني، القندوزيّ في ينابيع المودّة ( ج ١؛ ٨٢ )، ثمّ قال: « أخرج هذا الحديث صاحب كتاب المناقب، عن جعفر الصادق، عن آبائهعليهم‌السلام »، ونقله عن أبي سعيد الخدريّ، الفتال النيسابوريّ في روضة الواعظين (١١٤) ورواه الصدوق في معاني الأخبار (١١٧) بسنده عن أبي سعيد الخدريّ.

فإذا أخذنا هذا المطلب، وعلمنا أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّا وفاطمة والحسنينعليهم‌السلام كلّهم من نور واحد - كما في مائة منقبة لابن شاذان: ٦٣ وغيره - ثبت أنّ نور الزهراءعليها‌السلام يخمد ويطفئ نار جهنّم بإذن الله تعالى وأمره.

٥٣٢

ليدخل حسن وحسين، حسن عن يمينك، وحسين عن يسارك

مرّ دخلوهم الجنّة في ظل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعليّعليه‌السلام يتقدّمهم بلواء الحمد، في الطّرفة السادسة، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « وتشهدون أنّ الجنّة حقّ، وهي محرّمة على الخلائق حتّى أدخلها أنا وأهل بيتي ».

ولواء الحمد مع عليّ بن أبي طالب أمامي

في مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٢٢٩ ) بالإسناد عن جابر بن عبد الله، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: أوّل من يدخل الجنّة بين يدي النبيّين والصدّيقين عليّ بن أبي طالب، فقام إليه أبو دجانة، فقال له: ألم تخبرنا أنّ الجنّة محرّمة على الأنبياء حتّى تدخلها أنت، وعلى الأمم حتّى تدخلها أمّتك؟ قال: بلى، ولكن أما علمت أنّ حامل لواء الحمد أمامهم، وعليّ بن أبي طالب حامل لواء الحمد يوم القيامة بين يدي، يدخل الجنّة وأنا على أثره الخبر.

وفي أمالي الصدوق (٢٦٦) بسنده عن مخدوج بن زيد الذهلي: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله آخى بين المسلمين، ثمّ قال: يا علي أنت أخي، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبي بعدي، أما علمت يا عليّ أنّه أوّل من يدعى به يوم القيامة يدعى بي، فأقوم عن يمين العرش، فأكسى حلّة خضراء من حلل الجنّة ثمّ أبشّرك يا عليّ، أنّ أوّل من يدعى يوم القيامة يدعى بك، هذا لقرابتك منّي ومنزلتك عندي فيدفع إليك لوائي، وهو لواء الحمد، فتسير به بين السماطين، وإنّ آدم وجميع من خلق الله يستظلون بظلّ لوائي يوم القيامة، وطوله مسيرة ألف سنة، سنانه ياقوتة حمراء، قصبه فضّة بيضاء، زجّه درّة خضراء له ثلاث ذوائب من نور، ذؤابة في المشرق وذؤابة في المغرب وذؤابة في وسط الدنيا، مكتوب عليها ثلاثة أسطر: الأوّل « بسم الله الرحمن الرحيم »، والآخر « الحمد لله ربّ العالمين » والثالث « لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله »، طول كلّ سطر مسيرة ألف سنة، وعرضه مسيرة ألف سنة، فتسير باللواء، والحسن عن يمينك، والحسين عن يسارك، حتّى تقف بيني وبين إبراهيم في ظلّ العرش، فتكسى حلّة خضراء من حلل الجنّة، ثمّ ينادي مناد من عند العرش: « نعم الأب

٥٣٣

أبوك إبراهيم، ونعم الأخ أخوك عليّ »، ألا وإنّي أبشّرك يا عليّ، أنّك تدعى إذا دعيت، وتكسى إذا كسيت، وتحيّى إذا حيّيت. ورواه المحبّ الطبريّ في الرياض النضرة ( ج ٢؛ ٢٠١ ) وذخائر العقبى (٧٥).

وفي الخصال ( ٥٨٢ - ٥٨٣ ) بسنده عن مجاهد، عن ابن عبّاس، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أتاني جبرئيل وهو فرح مستبشر، فقلت: حبيبي جبرئيل - مع ما أنت فيه من الفرح - ما منزلة أخي وابن عمّي عليّ بن أبي طالب عند ربّه؟ فقال: والّذي بعثك بالنبوّة واصطفاك بالرسالة، ما هبطت في وقتي هذا إلاّ لهذا، يا محمّد، الله الأعلى يقرئ عليكما السلام، قال: ثمّ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة يأتيني جبرئيل ومعه لواء الحمد، وهو سبعون شقّة، الشقّة منه أوسع من الشمس والقمر، وأنا على كرسي من كراسي الرضوان، فوق منبر من منابر القدس، فآخذه وأدفعه إلى عليّ بن أبي طالب.

فوثب عمر بن الخطّاب، فقال: يا رسول الله، وكيف يطيق عليّ حمل اللواء وقد ذكرت أنّه سبعون شقّة، الشقّة منه أوسع من الشمس والقمر؟!

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة يعطي الله عليّا من القوّة مثل قوّة جبرئيل، ومن النور مثل نور آدم، ومن الحلم مثل حلم رضوان، ومن الجمال مثل جمال يوسف، ومن الصوت ما يداني صوت داود، ولو لا أن يكون داود خطيبا في الجنان لأعطي مثل صوته، وإنّ عليّا أوّل من يشرب من السلسبيل والزنجبيل، لا يجوز لعلي قدم على الصراط إلاّ وثبتت له مكانها أخرى، وإنّ لعلي وشيعته من الله مكانا يغبطه به الأوّلون والآخرون. وهذه الرواية في إرشاد القلوب (٢٩٢) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٢٢٩ ) وروضة الواعظين (١٠٩).

وانظر تفسير فرات ( ٣٦٦، ٤٣٧، ٥٠٦ ) وروضة الواعظين ( ١١٣، ١٢٣ ) وأمالي الصدوق ( ٥٩، ٩٩، ٢٣١، ٢٥٢، ٢٦٦، ٢٧٢، ٣١٢، ٣٥٦ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٢٢٨، ٢٣١، ٢٦٢ ) وبشارة المصطفى ( ٢١، ٥٤ - ٥٥، ٥٩، ١٠٠، ١٢٦ ) ومناقب الخوارزمي ( ٨٤، ٢٠٦، ٢٥٨ - ٢٦٠ ) وكشف اليقين (١٧٠) والمسترشد (٣٦٢) وأمالي الطوسي

٥٣٤

( ٣٥، ٢٠٩، ٢٥٨، ٣٤٥، ٤٢٥ ) وتفسير القمّي ( ج ٢؛ ٣٧٩ ) وتفسير العيّاشي ( ج ٢؛ ١١٦ ) والخصال ( ٢٠٤ و ٤١٦ ) واليقين ( ١٥٠، ١٥٧، ١٦٣، ١٨١، ٢١٩، ٤٢٦، ٤٤٠، ٤٤٢، ٤٧٩ ) والتحصين ( ٥٧٢، ٦٠٧ ) والاحتجاج (٤٨) وأمالي المفيد ( ١٦٨، ٢٧٢ ).

وكنز العمال ( ج ٦؛ ٣٩٣، ٤٠٠ ) وتذكرة الخواص ( ٥، ٢١ ) ومناقب ابن المغازلي ( ٤٣، ١٥١ - ١٥٢ ) والرياض النضرة ( ج ٢؛ ٢٠١، ٢٠٣ ) ومقتل الحسين للخوارزمي ( ج ١؛ ٨٤ ) وينابيع المودّة ( ج ١؛ ٧٩، ١٢٣ ) و ( ج ٢؛ ٣٤، ٥٨، ١٣٨، ١٤٠ ) ومناقب الخوارزمي ( ٢٠٩، ٢٢٧، ٢٥٩ ) ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ( ج ٥؛ ٥٠ ) وفرائد السمطين ( ج ١؛ ٨٧ ) وتاريخ دمشق ( ج ٢؛ ٣٣٣ / الحديث ٨٣٦ ) وتاريخ بغداد ( ج ١١؛ ١١٢ - ١١٣ ).

يكسى إذا كسيت، ويحلّى إذا حلّيت

لقد روى الأثبات من رواة وعلماء الفريقين، هذه الكرامة لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام ، يوم القيامة، وقد جاء حديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله هذا باللّفظ المذكور، وبلفظ « وتحيّى إذا حيّيت » و « تحبى إذا حبيت »؛ مرّ بعض هذا المطلب في ضمن الطّرفة السادسة، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وتشهدون أنّ الجنّة حقّ، وهي محرّمة على الخلائق حتّى أدخلها أنا وأهل بيتي »، كما مرّ بعضه آنفا في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ولواء الحمد مع عليّ بن أبي طالب أمامي ».

وفي الخصال (٣٦٢) بسنده عن عمّار بن ياسر، وعن جابر بن عبد الله، قالا: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : أما علمت يا عليّ أنّ إبراهيم موافينا يوم القيامة، فيدعى فيقام عن يمين العرش، فيكسى كسوة الجنّة، ويحلّى من حليّها، ويسيل له ميزاب من ذهب من الجنّة، فيهب من الجنّة ما هو أحلى من الشهد، وأبيض من اللّبن، وأبرد من الثلج، وأدعى أنا فأقام عن شمال العرش، فيفعل بي مثل ذلك، ثمّ تدعى أنت يا عليّ، فيفعل بك مثل ذلك، أما ترضى يا عليّ أن تدعى إذا دعيت أنا، وتكسى إذا كسيت أنا، وتحلّى إذا حلّيت أنا وفيه أيضا (٣٤٢) بسنده عن الصادق، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ،

٥٣٥

عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال في وصيّته له: يا عليّ، إنّ الله تبارك وتعالى أعطاني فيك سبع خصال:

أنت أوّل من ينشقّ عنه القبر معي، وأنت أوّل من يقف على الصراط معي، وأنت أوّل من يكسى إذا كسيت ويحيّى إذا حيّيت، وأنت أوّل من يسكن معي في علّيين، وأنت أوّل من يشرب معي من الرحيق المختوم الّذي ختامه مسك.

وفي الرياض النضرة ( ج ٢؛ ٢٠١ ) بسنده عن مخدوج بن زيد الذهلي، أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليعليه‌السلام : أما علمت يا عليّ أنّه أوّل من يدعى به يوم القيامة أنا، فأقوم عن يمين العرش في ظلّه، فأكسى حلّة خضراء من حلل الجنّة ثمّ تكسى حلّة من الجنّة، ثمّ ينادي مناد من تحت العرش: « نعم الأب أبوك إبراهيم، ونعم الأخ أخوك عليّ »، أبشر يا عليّ، إنّك تكسى إذا كسيت، وتدعى إذا دعيت، وتحبى إذا حبيت. قال: أخرجه أحمد في المناقب.

وانظر الكافي ( ج ١؛ ١٩٦ - ١٩٧ ) وبصائر الدرجات ( ٢٢٠ - ٢٢١ ) والاحتجاج (١٤٠) وأمالي الصدوق ( ٨٦، ٢٦٦ ) وتفسير القمّي ( ج ٢؛ ٣٣٧ ) وتفسير فرات (١٨١) وأمالي الطوسي (٢٠٦) وكشف اليقين (٢٨١) وروضة الواعظين (١٢٣) وتقريب المعارف (١٨٣) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ١٥٥، ١٨٥ ) ومناقب ابن المغازلي ( ٤٢، ٤٣، ١٥٢ ) ومناقب الخوارزمي (٨٤) وتذكرة الخواص ( ٢١، ٧٥ ) وينابيع المودّة ( ج ١؛ ١٤٢ ) و ( ج ٢؛ ٣٤، ١٣٩ ) وذخائر العقبى (٧٥) والرياض النضرة ( ج ٢؛ ٢٠٢ ) وكنز العمال ( ج ٦؛ ٤٠٣ ).

وليندمنّ قوم ابتزّوا حقّك، وقطعوا مودّتك، وكذبوا عليّ، وليختلجنّ دوني، فأقول: أمّتي أمّتي، فيقال: إنّهم بدّلوا بعدك وصاروا إلى السعير

حديث الحوض وارتداد الصحابة من الأحاديث الصحيحة الّتي وردت في كتب الفريقين من المسلمين، بل هو متواتر معنى، وقد خرّج في صحاح ومسانيد العامّة والخاصة.

ففي كتاب سليم بن قيس ( ٩٢ - ٩٣ ): قال سلمان: فقال عليّعليه‌السلام : إنّ الناس كلّهم ارتدّوا بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله غير أربعة، إنّ الناس صاروا بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بمنزلة هارون ومن تبعه،

٥٣٦

ومنزلة العجل ومن تبعه، فعلي في شبه هارون، وعتيق في شبه العجل، وعمر في شبه السامريّ، وسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: ليجيئن قوم من أصحابي من أهل العليّة والمكانة ليمرّوا على الصراط، فإذا رأيتهم ورأوني، وعرفتهم وعرفوني، اختلجوا دوني، فأقول: أي ربّ أصحابي!! فيقال: ما تدري ما أحدثوا بعدك، إنّهم ارتدّوا على أدبارهم حيث فارقتهم، فأقول: بعدا وسحقا.

وفي أمالي المفيد ( ٣٧ - ٣٨ ) بسنده عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، قالت: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: إنّي على الحوض أنظر من يرد عليّ منكم، وليقطعنّ برجال دوني، فأقول: يا ربّ أصحابي أصحابي، فيقال: إنّك لا تدري ما عملوا بعدك، إنّهم ما زالوا يرجعون على أعقابهم القهقرى.

وفي صحيح البخاري ( ج ٤؛ ٩٤ ) / باب الحوض من كتاب الرقاق، بسنده عن أبي هريرة، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: بينما أنا قائم فإذا زمرة، حتّى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال: هلمّ، فقلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: وما شأنهم؟ قال: إنّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقرى فلا أراه يخلص منهم إلاّ مثل همل النعم.

وأخرج في آخر الباب المذكور، عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّي على الحوض حتّى أنظر من يرد عليّ منكم، وسيؤخذ ناس دوني، فأقول: يا ربّ منّي ومن أمّتي!! فيقال: هل شعرت ما عملوا بعدك؟! والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم، فكان ابن مليكه يقول: اللهمّ إنّا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نفتن عن ديننا.

وفي الاستيعاب ( ج ١؛ ١٦٣ ) بسنده عن سهل بن سعد، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا فرطكم على الحوض، من مرّ عليّ شرب، ومن شرب لم يظمأ أبدا، وليردنّ عليّ أقوام أعرفهم ويعرفونني، ثمّ يحال بيني وبينهم.

قال أبو حازم: فسمعني النعمان بن أبي عيّاش، فقال: هكذا سمعت من سهل؟ قلت: نعم، قال: فإنّي أشهد على أبي سعيد الخدريّ، سمعته وهو يزيد فيها: فأقول: إنّهم أمّتي!! فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: فسحقا سحقا لمن غيّر بعدي.

٥٣٧

وانظر ارتدادهم وتبديلهم وإحداثهم في صحيح البخاريّ ( ج ٤؛ ١٥٤ / كتاب الفتن ) وصحيح مسلم ( ج ٤؛ ١٧٩٣، ١٨٠٠، ٢١٩٥ ) والطرائف ( ج ٢؛ ٣٧٧ ) عن الجمع بين الصحيحين، والفتح الكبير للنبهاني ( ج ١؛ ٤٥٥ ) والجمع بين الصحيحين ( ج ٢؛ ٣٧٦ ) ومسند أحمد ( ج ١؛ ٢٣٥، ٢٥٣، ٢٥٨، ٣٩٠، ٤٢٤ ) و ( ج ٢؛ ٥٤، ٢٣١ ) و ( ج ٣؛ ٣٩١، ٣٩٢ ) وأضواء على السنّة المحمّديّة (٣٥٥) ودلائل الصدق ( ج ٢؛ ١١ ) والاستيعاب ( ج ١؛ ١٦٤ ).

٥٣٨

الطّرفة السابعة والعشرون

روى هذه الطّرفة - عن كتاب الطّرف - العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٤٩٢ ). وفي أمالي الطوسي (٥٥٣) بسنده عن أبي ذرّ في احتجاج عليّعليه‌السلام على القوم في يوم الشورى، قال في جملة احتجاجاتهعليه‌السلام : فهل فيكم أحد أعطاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حنوطا من حنوط الجنّة، فقال: « اقسم هذا أثلاثا: ثلثا لي حنّطني به، وثلثا لابنتي، وثلثا لك » غيري؟ قالوا: لا. وانظر قوله هذا في المناشدة في إرشاد القلوب (٢٦٣) والمسترشد (٣٣٨) والاحتجاج (١٤٤).

وفي كشف الغمّة ( ج ١؛ ٥٠٠ ): وروي أنّها بقيت بعد أبيها أربعين صباحا، ولمّا حضرتها الوفاة قالت لأسماء: إنّ جبرئيل أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا حضرته الوفاة بكافور من الجنّة، فقسّمه أثلاثا: ثلث لنفسه، وثلث لعليّ، وثلث لي وعنه في بحار الأنوار ( ج ٤٣؛ ١٨٦ ) وبيت الأحزان ( ٢٥٧ - ٢٥٨ ).

وفي طبقات ابن سعد ( ج ٢؛ ٢٨٨ ) بسنده عن هارون بن سعد، قال: كان عند عليّعليه‌السلام مسك، فأوصى أن يحنّط به، قال: وقال عليّعليه‌السلام : هو فضل حنوط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . ورواه الحاكم في المستدرك ( ج ١؛ ٣٦١ ) بسنده عن أبي وائل. وذكره المتّقي الهنديّ في كنز العمال ( ج ٦؛ ٤١٢ ) وقال: « أخرجه ابن سعد والبيهقي وابن عساكر »، ورواه المحبّ الطبريّ في الرياض النضرة ( ج ٢؛ ٢٤٧ ) عن هارون بن سعيد، ثمّ قال: « أخرجه البغويّ ».

٥٣٩

٥٤٠

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653