طرف من الأنباء والمناقب

طرف من الأنباء والمناقب9%

طرف من الأنباء والمناقب مؤلف:
المحقق: الشيخ قيس العطّار
الناشر: انتشارات تاسوعاء
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 653

طرف من الأنباء والمناقب
  • البداية
  • السابق
  • 653 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 210570 / تحميل: 6556
الحجم الحجم الحجم
طرف من الأنباء والمناقب

طرف من الأنباء والمناقب

مؤلف:
الناشر: انتشارات تاسوعاء
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

عن أي شيء يكشف هذا؟ انه يكشف عن أن عقل المؤلف قد تكون في مناخ غير عربي، ويبرر لنا القول بأن المؤلف ليس مؤهلاً للكتابة عن نقد الفكر الديني الإسلامي.

وهو غير متمكن من لغة القرآن وأساليبه البلاغية. ودليلي على ذلك كثير من الشواهد الصغيرة التي مرت عليّ في كتابه، ودليلي الكبير على ذلك بحثه عن المكر الإلهي، موضوع حديثنا الآن. إن القرآن ليس كلاماً بسيطاً عادياً ليمكن تناوله وفهمه ببساطة وكأننا نتحدث مع بعضنا، أو كأننا نقرأ جريدة. إن القرآن عند المؤمن به وحي إلهي معجز في بلاغته، وعند غير المؤمن به كلام يعتبر نموذجاً أعلى اللبلاغة العربية، ولذا فلا بد - لأجل فهمه بشكل صحيح - من الاحاطة التامة بقواعد البلاغة العربية، وأساليب البيان العربي. إن أي أُستاذ للأدب لا يجرؤ على تناول نص أدبي عادي بالنقد ما لم يتخذ له أهبته، ويستعد له بما يلزمه من معرفة، فكيف بالمؤلف وهو يتناول النصوص القرآنية دون أن يملك الأداة الي تجعله قادراً على فهمها بصورة صحيحة.

وثمة شيء أساسي اخر يجب أن يتحلى به الباحث - ناقداً كان أو غير ناقد - عندما يتناول نصاً من النصوص، وهو الأمانة الفكرية: يجب أن يعرض النص بتمامه ليحيط بجميع عناصره، ويفهم جميع علاقاته الداخلية، وبذلك يستطيع أن يكوّن عنه فكرة صحيحة أو مقاربة. أما أن يبتر النص، ويختار منه المقطع الذي يؤيد هواه، فهذا ليس من الأمانة الفكرية في شيء. انه أحق أن يسمى تزويراً فكرياً. وسنرى في هذا الحديث أن الأمانة الفكرية كانت عنصراً مفقوداً عند المؤلف - ربما بسبب عدم تمكنه من لغة القرآن وأساليبه البلاغية - فإنه في نقله للآيات

١٢١

القرآنية التي جعلها شواهد على «اكتشافه» للمكر الإلهي، لم ينقل النصوص كاملة، وإنما وقع اختياره منها على مقاطع معينة توهم انها تؤيد هواه ونظريته، وعزلها عن علاقاتها بغيرها من المقاطع الأُخرى في النص الذي تناول الواقعة.

- ٢ -

لقد وردت مشتقات مادة (م ك ر) في ست وعشرين آية من القرآن، وذلك في السور التالية:

«آل عمران. الأنعام. الأعراف. الأنفال. يونس. يوسف. الرعد. إبراهيم. النحل. النمل. المؤمن. نوح. فاطر. سبأ».

ومشتقات هذه المادة ليست مضافة إلى اللّه تعالى في جميع مواردها، وإنما هي مضافة إلى اللّه بشكل أو بآخر في ست آيات فقط، وهي الآيات التالية:

١ - في شأن عيسىعليه‌السلام ، وإرساله إلى بني إسرائيل، ودعوته لهم إلى الايمان، وكفرهم به:( ... وَمَكَرُوا، وَمَكَرَ اللّه، واللّه خَيرُ الماكرِين ) (١) .

٢ - في شأن أهل القرى: ابتداءً من الآية (٥٩ - ٦٤ - أعراف)

____________________

(١) سورة الأعراف ٥٥٤.

١٢٢

ذكر اللّه طرفاً من قصة نوح مع قومه، وكفرهم به وعقابهم. وفي الآيات (٦٥ - ٧٢) ذكر اللّه طرفاً من قصة النبي هود مع قومه عاد، وكفرهم به، وعقابهم وفي الآيات (٧٣ - ٧٩) ذكر اللّه قصة النبي صالح مع قومه ثمود وكفرهم به. وفي الآيات (٨٠ - ٨٤) ذكر اللّه طرفاً من قصة النبي لوط مع قومه وكفرهم به وعقابهم. وفي الآيات (٨٥ - ٩٣) ذكر اللّه طرفاً من قصة النبي شعيب مع قومه، وانقسامهم بين الكفر والايمان، وعقاب الكافرين منهم. وفي الآيتين (٩٤ - ٩٥) ذكر اللّه قاعدة عامة في الرسل والانبياء مع أقوامهم، وكيف يربي اللّه الانسان ليعي ويؤمن، ثم بعد هذا البيان عن أهل القرى، قال اللّه تعالى:

( وَلَوَ أنّ أهلَ القُرى آمَنُوا وَاتقّوا لَفَتَحَنا عَليَهم بَرَكاتٍ منَ السّمَاءِ والأرضِ، وَلكَن كَذّبُوا فَأخذنَاهُم بمَا كَانُوا يَكسبون. أفَأمنَ أهلُ القُرى أن يأتيهُم بأسُنَا بَيَاتاً وَهُم نَائمون؟ أَوَ أمِنَ أهلُ القُرى أن يَأتيَهُم بأسُنا ضُحىً وَهُم يَلعَبُون؟ أفَأمنُوا مَكرَ اللّه؟ فَلا يأمَنُ مَكرَ اللّه إلا القَومُ الخَاسروُن ) (١) .

٣ - في قوم ثمود ونبيهم صالح، ودعوته لهم إلى الايمان وكفرهم به وتآمرهم على قتله:

( ... وَمكرَوُا مَكراً، وَمَكَرنا مَكراً وَهُم

____________________

(١) سورة الاعراف الآية ٩٦ - ٩٩.

١٢٣

لا يَشعُرونَ. فَانظُركَيفَ كَانَ عَاقبةُ مَكرهم أنّا دَمّرناهم وَقَومَهم أجمَعين ) (١) .

٤ - في شأن النبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وقريش، وتآمرهم عليه، ونجاته منهم بالهجرة إلى المدينة:( وإذ يمَكُرُ بكَ الّذيِنَ كَفَروا ليثبتُوك أو يَقتُلُوكَ أو يُخرجُوكَ، وَيمَكُرونَ وَيَمكُر اللّه، واللّه خَيرُ المَاكرين ) (٢) .

٥ - ابتداءً من أول سورة يونس يعرض اللّه تعالى صوراً من مواقف المشركين من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والقرآن ويذكِّر المشركين بما حدث لأسلافهم من مكذبي الرسالات، ويسفه وثنيتهم، ويذكر طلبهم للمعجزات، ثم يقول تعالى:( وَإذا أذَقنَا النّاسَ رحمَةً من بَعدِ ضَرّاء مَسّتهُم إذَا لَهُم مَكر في آياتنَا قُلِ اللّه أسرَعُ مَكراً، إنّ رُسُلَنَا يَكتُبُونَ مَا تمكُرون ) (٣) .

٦ - بعد أن ذكر اللّه في اول السورة الدلائل الكونية على وجوده وقدرته، وسَّفه افكار الملحدين للحياة الاخرة، واستعجالهم للعذاب مع علمهم بما حدث لمن قبلهم من الامم المشركة، وطلبهم للمعجزات، ثم يذكر الآيات الكونية الدالة على وجوده وقدرته وحكمته وصوراً عن مواقف المؤمنين باللّه، وصورة عن موقف المشركين وعاقبتهم( أولئِكَ

____________________

(١) سورة النحل الآية ٥٠ - ٥١.

(٢) سورة الانفال الآية ٣٠.

(٣) سورة يونس الآية ٢١.

١٢٤

لَهُمُ اللّعنَةُ وَلَهُم سُوء الدّار ) ثم يذكر طلبهم للمعجزة، ثم يذكر المؤمنين، ويذكر استهزاء الامم السابقة بانبيائها، وكيف «زُيّنَ للّذينَ كَفَرُوا مَكرهُم». والجنة وعد بها المتقون، والقرآن، والرسل السابقين، ثم يقول تعالى:

( وَقَدَ مَكَرَ الذينَ من قبَلهم فَللّهِ المكرُ جَميعاً، يَعلَمُ مَا تَكسِبُ كُلّ نَفسٍ، وَسَيَعلمُ الكُفّار لمن عُقبَى الدّار ) (١) .

***

هذه هي الآيات التي ورد فيها المكر منسوباً إلى اللّه تعالى. أما الآيات الاخرى التي وردت فيها صفة الاستهزاء والمخادعة منسوبتين إلى اللّه فموعدنا معها بعد الحديث عن «المكر الإلهي». فلنحاول الآن أن نفهم كيف ينسب اللّه المكر إلى نفسه، وما المراد من ذلك؟.

- ٣ -

إن المكر من العبد هو الحيلة والخديعة. والمكر من اللّه هو المجازاة والعقوبة على الذنب. والتعبير عن المجازاة والعقوبة على الذنب في هذه الموارد بلفظ «المكر» مظهر من مظاهر البلاغة العربية. وهذا النحو من البيان يسمى في البلاغة العربية «المشاكلة» و«المجانسة» وذلك

____________________

(١) سورة الرعد الآية ٤٢.

١٢٥

بان يذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته. وهو كثير الورود في الشعر الجاهلي من ذلك قول يزيد بن نوفل الكلابي مخاطباً الحارث بن ابي شمر الغساني وكان قد اغتصب ابنة الشاعر فخاطبه بقصيدة منها:

يا حار أيقن أن ملكك زائل

واعلم بأن كما تدين تدان(١)

والدين هنا هو الجزاء، ومعنى البيت (كما تجزي تجزى) مع أن فعل الحارث الغساني مع الشاعر ليس بجزاء، وانما هو عدوان، ولكن الشاعر عبر عن العدوان والجزاء بمادة واحدة. تدين تدان.

ومن ذلك قول المنخل اليشكري:

ألا لا يجهلن أحد علينا

فنجهل فوق جهل الجاهلينا

فعبر عن الجزاء على الجهالة بالجهالة، مع أن مراده من قوله «فنجهل..» ليس جهالة العدوان وإنما الجزاء على العدوان.

وقد ورد كثير من ذلك في شعر ما بعد الاسلام أيضاً.

وورد هذا النحو من البيان في القرآن في عدة مواضع.

منها قوله تعالى:...( تَعلَمُ مَا في نَفسي وَلا أعلَمُ مَا في نَفسك ) (٢) . والمراد: ولا أعلم ما عندك، وعبر بالنفس للمشاكلة، وإلا فليس للّه نفس.

____________________

(١) لسان العرب: مادة «دان».

(٢) سورة المائدة الآية ١٩.

١٢٦

ومنها قوله تعالى:( نَسُوا اللّه فَأنسَاهُم أَنفُسَهم ) (١) . والمراد من «أَنساهم أنفسهم» أهملهم، وعبر عن الاهمال بالانساء لوقوعه في صحبته مراعاة للمشاكلة والمجانسة.

ومنها قوله تعالى:( فَمَنِ اعتَدى عَلَيكُم فَاعتدُوا عَلَيه بمثلِ ما اعتَدى عَلَيكُم ) (٢) . فعبر في هذه الآية بالاعتداء عن الجزاء على الاعتداء مراعاة للمشاكلة.

ومنها قوله تعالى:( وَجَزاءُ سَيّئةٍ سَيّئةٌ مثلُها ) (٣) . فعبر عن جزاء السيئة بالسيئة أيضاً.

ومنها قوله تعالى:( وإن عَاقَبتُم فَعَاقبُوا بمثلِ مَا عُوقبم به ) (٤) فعبر عن الجزاء على الاعتداء بالعقوبة كما عبر عن الاعتداء نفسه بالعقوبة.

ومن ذلك الآيات التي ورد فيها نسبة المكر إلى اللّه تعالى، ففي جميع هذه الآيات يأتي المكر منسوباً إلى اللّه في مقابل مكر الكافرين، وكفرهم وجحودهم، فهو تعبير عن الجزاء والعقاب الذي أنزله اللّه بهم لمكرهم، بل هو النتيجة الطبيعة لمكرهم واحتيالهم وخداعهم، واستعمل في هذه الآيات لفظ المكر للمشاكلة والمجانسة.

والآن نستعرض كل واحدة من الآيات الست التي ذكرناها ونحللها لنكشف بوضوح عن هذا المعني.

____________________

(١) سورة الحشر الآية ١٩ -

(٢) سورة البقرة الآية ١٩٤.

(٣) سورة الشورى الآية ٤٠.

(٤) سورة النحل الآية ١٢٦.

١٢٧

- ٤ -

الآية الأُولى:

( ...وَمَكَروا، وَمَكَرَ اللّه، واللّه خَيرُ المَاكرين )

تتحدث الآية عن اليهود الذين كفروا بعيسىعليه‌السلام ، فقد مكروا على عيسىعليه‌السلام بالحيلة لقتله، وجازاهم اللّه على مكروا بالخيبة والخذلان، إذ خلصه منهم وألقى شبهه على شخص اخر. أو أنهم مكروا بالكفر برسالة عيسى والانكار لنبوته فجازاهم اللّه على ذلك بالعقوبة والخذلان.

الآية الثانية:

بينا انفاً طبيعة الجو الذي وردت فيه الآية ومن الواضح أن اسناد المكر إلى اللّه في الآية الأخيرة هو بمعنى المجازاة لأهل القرى على مكرهم وكفرهم وجحودهم، وليس المكر فيها بالمعنى الذي ينسب إلى البشر، وعلى القارئ أن يرجع إلى عرضنا للآية في نطاق جوَّها القرآني ليتبين هذه الحقيقة بوضوح تام.

الآية الثالثة:

وقعت هذه الآية في عرض القرآن لقصة ثمود، وبغيهم، وكفرهم. فبعد أن بين اللّه في الآيات (٤٥ - ٤٩) انشقاقهم القبلي، ودعوة النبي صالح لهم إلى الايمان، وردهم عليه، ذكر اللّه تعالى أن القوى المسيطرة في ذلك المجتمع تامرت على صالح وأهله:

١٢٨

( ... وَكانِ في المَدينةِ تسعَةُ رَهطٍ يُفسدُون في الأرضِ ولا يُصلحون. قَالُوا تَقَاسَمُوا باللّة لَنُبَيّتَنّهُ وَأهلهُ ثُم لَنَقُولنّ لوَليّه مَا شَهدنا مَهلكَ أهلِه، وإنّا لَصَادِقُون ) .

هذه المؤامرة سماها اللّه «مكراً»، فقال: «ومكروا مكراً..»

وأخبرنا اللّه أنه جزاهم على مكرهم بالمؤمنين بالعذاب والعقوبة، وسمى هذا الجزاء مكراً للمجانسة والمشاكلة فقال تعالى: «... وَمَكَرنا مَكراً وَهُم لا يَشَعُرونَ، فَانظُر كَيفَ كَانَ عَاقبَةُ مَكرهم أنّا دَمّرناهُم وَقومَهم أجمَعين».

الآية الرابعة:

في هذه الآية أخبرنا اللّه تعالى كيف أن مشركي قريش اجتمعوا يتآمرون على النبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فمن قائل اقتلوه، ومن قائل اسجنوه، ومن قائل انفوه عن بلادكم(١)

لقد سمى اللّه تعالى هذه المؤامرة «مكراً»: «وَإذ يَمكُرُ بكَ الّذينَ كَفَرُوا ليُثبتُوكَ، أو يَقتُلوكَ، أو يُخرجُوكَ. وِيمكُرُون...».

ولكن اللّه خلصه من كيدهم ومكرهم، ومكنه من الهجرة إلى المدينة دون أن يتمكنوا من قتله، وقد عبر اللّه عن هذا التدبير، وهذا الصنيع

____________________

(١) تفصيل المؤامرة، ومبيت الإمام علي بن ابي طالب على فراش النبي، وهجرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مذكور في كتب التاريخ من ذلك: سيرة ابن هشام بحقيق السقا والأبياري وشلبي الطبعة الثانية ١٣٦٥ - ١٩٥٥ / ج ١ ص ٤٨٠ - وما بعدها.

١٢٩

الجميل ب«المكر» أيضاً، وذلك للمشاكلة والمجانسة كما قلنا، فقال: «... وَيمكُرُ اللّه واللّه خَيرُ المَاكرين».

الآية الخامسة:

( ...وإذَا أذَقنَا النّاسَ رَحمَة من بَعدِ ضَرّاء مَسّتهُم إذا لَهُم مَكرو في آيَاتنَا. قُلِ اللّه أسَرعُ مَكراً. إنّ رُسُلَنَا يَكتُبُونَ ما تمكُرُون ) .

بينا فيما سبق طبيعة الجو الذي وردت فيه الآية.

إن المراد بالناس في هذه الآية غير المؤمنين منهم. وتبين الآية ظاهرة سلوكية لدى هؤلاء الناس: فحين تتبدل حالهم بعد العسر يسراً، وبعد الضيق سعة وبحبوحة «يمكرون» في آيات اللّه، ويحتالون على تزويرها، ويخادعون فيها، بدل أن يقابلوها بالشكر، إزاء هذا الموقف من هؤلاء الناس يقول اللّه:

«... قُلُ اللّهُ أَسَرُع مكراً» يعني أسرع جزاء على المكر، فالمكر المنسوب إلى اللّه هنا - كما في مواضع أُخر - هو الجزاء على المكر. فهم بدل أن يقابلوا النعمة بالشكر قابلوها بالمكر، وجزاؤهم على مكرهم مرصود لهم «إنّ رُسُلَنَا يَكتُبُونَ مَا تمكُرُون». وسريع الحلول بهم «قل اللّه اسرع مكراً».

واستعمال المكر هنا منسوباً إلى اللّه انما هو للمشاكلة والمجانسة اللفظية كما مثلنا في مواضع أُخر.

١٣٠

الآية السادسة:

(وَقَد مَكَرَ الذينَ من قَبلهم، فللّه المَكرُ جَميعاً، يَعلَمُ مَا تَكسبُ كُلّ نَفس وَسَيَعلمُ الكُفّارُ لمَن عُقبَى الدّار).

بينا فيما سبق الجو العام للآية:

في هذه الآية أخبر اللّه تعالى أن الكفار الذين كانوا قبل هؤلاء الكفار من العرب قد مكروا بالمؤمنين، واحتالوا على خنق الرسالة الإلهية بقتل اتباعها المؤمنين وتعذيبهم وتشريدهم. فبين أن «للّه المكر جميعاً» أي أن بيده الجزاء والعقوبة على هذا المكر الذي يمكره الكافرون بالمؤمنين.

وقوله: «... يَعلَمُ مَا تَكسبُ كُلّ نَفسٍ. وَسَيَعلَمُ الكُفّارُ لمَن عُقبَى الدّار». بيان لطبيعة المراد من المكر المنسوب إلى اللّه تعالى وأنه الجزاء على اضطهاد الكافرين للمؤمنين.

وقد عبر عن الجزاء بالمكر للمجانسة والمشاكلة كما قلنا.

***

ويبدو أن الراغب الإصفهاني (الحسين بن محمد بن المفضل - ت: ٥٦٥ ه‍) قد فهم من استعمال «المكر» تارة في الحيلة والخديعة للتوصل إلى مقاصد شريرة، وأُخرى في الجزاء العادل على الشر، أو في الردع عن فعل الشر، وكشف الاساليب الشريرة للمجرمين - يبدو أن الراغب الإصفهاني قد فهم من تنوع استعمال المكر أن للمكر معنيين، فقد قال في كتابه «المفردات في غريب القرآن»:

١٣١

(المكر صرف الغير عما يقصده بحيلة) وذلك ضربان: ضرب محمود، وذلك أن يتحرى به فعل جميل، وعلى ذلك قال: «واللّه خَيرُ المَاكرين» ومذموم، وهو أن يتحرى به فعل قبيح. قال: «ولا يَحيق المَكرُ السّيّيء إلا بأهلهِ» «وَإذ يَمكُرُ بكَ الذيِنَ كَفَروا» «فانظُر كَيفَ كَانَ عَاقبَدُ مَكرهم» وقال في الأمرين: «وَمَكَروا مَكراً ومَكرنا مَكراً».

ومما يعزز فهم الراغب الاصفهاني لاستعمال «المكر» منسوباً إلى الذات الإلهية بمعنى يختلف عن استعماله منسوباً إلى الكافرين بالأنبياء والرسالات أن مكر اليهود بالنبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وصف في بعض الآيات بأنه مكر سيء، قال تعالى:

( ... وأقسمُوا باللّه جهَدَ أيمَانهم لَئن جاءَهُم نَذير لَيَكُونَنّ أهدَى من إحدى الأُمَمِ، فَلَما جَاءهُم نَذير مَا زَادَهُم إلا نُفُوراً. إستكبَاراً في الأرضِ وَمَكرَ السّيء، ولا يَحيقُ المكر السّيء إلا بأهله فَهَل يَنظُرونَ إلا سُنّةَ الأوّلين؟ فَلَن تَجدَ لسُنة اللّه تَبديِلاً، وَلَن تَجدَ لِسُنّةِ اللّه تَحويلا ) (١) .

***

____________________

(١) سورة فاطر الآية ٤٢ - ٤٣.

١٣٢

من هذا البيان يتضح مدى خطأ المؤلف في فهم «المكر الإلهي» وأسباب هذا الخطأ. ويتضح أن المؤلف فشل في إيجاد «تعليل ديني مقبول» لما فهمه - خطأ - من قصة إبليس. لقد أخطأ في فهم أصل القصة، وأخطأ في فهم «المكر»المنسوب إلى الذات الإلهية في القرآن. وما توهمه المؤلف اكتشافاً كبيراً تبين انه لم يكن شيئاً على الاطلاق. لقد كان خطأ وحسب.

- ٥ -

بقي علينا أن نصحح فهم المؤلف لبعض الآيات الأُخرى التي ذكرها في معرض حديثه عن «المكر الإلهي» والتي رأى أنها تتفق في مدلولها مع الآيات التي نسب فيها المكر إلى الذات الإلهية. وسنرى انه أخطأ في فهم هذه الآيات كما أخطأ في فهم آيات «المكر الإلهي» وسنرى انه بتر بعض الآيات وعزلها عن جوها العام ليتأتى له الاستعانة بها على إثبات دعواه.

قال المؤلف (ص ١٢١):

«نجد أيضاً بعض الآيات تنسب إلى الذات الإلهية صفة مشابهة هي صفة الاستهزاء (...) وأوردت بعض الآيات المعنى نفسه دون ذكر المكر الإلهي وتخصيصه..».

وقد ذكر المؤلف الآيات التي اعتبرها شواهد على دعواه عن المكر الإلهي، وسنذكر الآيات التي ذكرها، ونكشف عن خطأه في فهمه لها.

١٣٣

الآية الاولى:

ذكرها المؤلف هكذا:( اللّه يَسَتهزئُ بهم وَيمُدّهُم في طُغيَانهم يَعمهُون ) (١) .

وهذه الآية من جملة مقطع ورد في بيان حال المنافقين وملامحهم، ومواقفهم المخادعة والمراوغة من المؤمنين، وسخريتهم منهم. وأول المقطع المذكور:( وَمِنَ النّاسِ مَن يَقُولُ آمَنّا باللّه وَباليومِ الآخر وَما هُم بمؤمنين ) (٢) . ثم يبين اللّه خداعهم، وفساد نواياهم، وافسادهم في الأرض، واستكبارهم عن الايمان الحقيقي، وتسميتهم للمؤمنين سفهاء، ثم يقول تعالى:

( وَإذا لَقُوا الّذيِنَ آمَنُوا قَالوا آمَنّا، وَإذا خَلُوا إلى شَيَاطينهم قَالُوا إنّا مَعَكُم، إنّما نَحنُ مُستَهزؤن. اللّه يَستَهزيء بهم وَيمُدُّهُم في طُغيانهم يَعمهُون. أولئكَ الّذينَ اشتَروا الضّلالَةَ بالهُدى فَمَا رَبحَت تجَارَتُهُم وَمَا كَانوا مُهتَدينَ ) (٣)

هذا هو الجو العام للآية، وهذه هي علاقاتها الداخلية.

وقد سمى اللّه جزاؤهم على نفاقهم، ومواقفهم الملتوية من العقيدة واتباعها، واستهزاءهم بالمؤمنين - سمى اللّه ذلك الجزاء استهزاء مراعاة

____________________

(١) سورة البقرة الآية ١٥.

(٢) سورة البقرة الآية ٨.

(٣) سورة البقرة الآية ١٤ - ١٦.

١٣٤

للمشاكلة والمجانسة، كما تقدم في كلامنا عن المكر الإلهي، وقدمنا الشواهد عليه من القرآن والشعر الجاهلي.

الآية الثانية:

( وَلا يَحسَبَنّ الّذين كَفَروا أنّما نمُلي لَهُم خَيراً لأنفُسهم إنما نمُلي لَهُم ليزدادوا إثماً، وَلَهُم عَذاب مُهين ) (١) .

هذه الآية وردت في شأن المنافقين الذين تخلفوا عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في معركة أُحد وغزوة حمراء الأسد. وهي جزء من مقطع يعالج هذا الموقف من مواقف النبي والمسلمين مقابل المشركين.

فقد بين اللّه سبب النكبة في أُحد، وموقف المنافقين حينذاك، (الآيات: ١٦٥ - ١٦٨) ثم بين اللّه منزلة الشهداء العظيمة، ومدح الذين استجابوا لدعوة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى غزوة حمراء الأسد على ما بهم من جراح وتعب (الآيات: ١٦٩ - ١٧٤). ثم بين حال المنافقين في هذا الموقف فقال تعالى مخاطباً النبي محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله :

( وَلا يَحزُنكَ الّذينَ يُساَرعُونَ في الكُفرِ إنّهُم لَن يَضُرّوا اللّه شيئاً، يُريدُ اللّه ألا يَجعلَ لَهُم حَظاً في الآخرةِ، وَلَهُم عَذاب عَظيم. إنّ الّذين اشتَروا الكُفر بالإيمان لَن يَضُروا اللّه شيَئاً، وَلُهم

____________________

(١) سورة آل عمران الآية ١٧٨.

١٣٥

عَذَاب أليم. وَلا يَحسَبنّ الذين كَفَروا أنما نملي لَهُم خيَراً لأنفُسهم إنما نُملي لَهُم ليَزدادوا إثماً وَلَهُم عَذَاب مهين. مَا كَان اللّه لِيذرَ المؤمنين عَلى ما أنتم عَليهِ حَتّى يَميزَ الخَبيث منَ الطّيّب.. ) (‍١)

هذا هو الجو العام للآية.

ومنه يتضح أن اللّه تعالى لا يريد أن يملي (يمهل) لغاية أن يزداد الكافرون إثماً بحيث يكون الغرض والعلة في إمهالهم هو أن يزدادوا إثماً، وإنما يملي (يمهل) اللّه الانسان ليتيح له الفرصة التامة لتلقي الهداية والاقرار بالحق، ويعرضه لأنواع التجارب ليعطيه القدرة على الاختيار والحرية. وحينئذٍ، فإذا اختار طريق الهدى فقد فاز، وإذا اختار طريق الضلالة فقد هلك، وحينئذٍ تكون عاقبة امهاله وبالاً عليه، لأنه لم ينتفع من الفرصة التي اتيحت له، كما تكون عاقبة امهاله المؤمن خيراً وبركة عليه لأنه انتفع من الفرصة التي اتيحت له.

فاللام في قوله تعالى: «ليزدادوا إثماً» ليست لام الغاية والغرض والعلة، وإنما هي لام العاقبة، وذلك مثل قوله تعالى في قصة موسى وفرعون،( فَالتَقَطَه آلُ فرعوَن ليَكُون لَهُم عَدُواً وَحَزَناً ) (٢) . فإن التقاط آل فرعون لموسى لم يكن من أجل أن يجعلوا من موسى عدواً لهم، ولكن عاقبة التقاطهم له هي انه كان لهم عدواً وحزناً. ومن ذلك أيضاً قول أحد الشعراء الجاهلين:

____________________

(١) سورة آل عمران الآية ١٧٦ - ١٧٩.

(٢) سورة القصص الآية ٨.

١٣٦

وأم سماك فلا تجزعي

فللموت ما تلد الوالدة

فليس مراده أن الغرض والعلة من الولادة هي الموت، وإنما مراده ان عاقبة كل مولود هي الموت.

وهكذا الحال في الآية الكريمة.

الآية الثالثة:

( وإذا أردَنا أن نُهلكَ قَرية أمَرنا مُترَفيها فَفَسقُوا فيها، فَحَقّ عَلَيهَا العَذابُ، فَدمّرناهَا تَدميرا ) (١) .

إن هذه الآية لا تدل من قريب ولا من بعيد على ما ذهب اليه وهم المؤلف. وإنما هي من جملة الشواهد على المبدأ القرآني: «مبدأ أثر التغيير الداخلي في حركة التاريخ». وقد شرحته في كتاب لي بعنوان «مقدمة لدراسة تاريخ الثورات في الاسلام» آمل ان انجزه قريباً، وأذكر هنا ما تسمح به هذه العجالة.

ان الآية السابقة على هذه الآية هي قوله تعالى:

( مَنِ اهتَدى فَإنما يَهتَدي لنَفسه، وَمَن ضَلّ فَإنما يَضِلّ عَليَها، وَمَا كُنّا مُعَذّبينَ حَتّى نَبعَثَ رَسُولا ) (٢) .

____________________

(١) سورة الاسراء الآية ١٦ -

(٢) سورة الإسراء الآية ١٥.

١٣٧

فهذه الآية تقرر مبدأ الحرية الداخلية: حرية الارادة والاختيار، ومن ثم تقرر مبدأ التبعة الفردية والمسؤولية الشخصية. ودور الرسول هو دور الهادي والمرشد لا غير، واللّه لا يرغم العبد على فعل شيء أو تركه.

على ضوء هذه الآية يجب أن تفهم الآية التالية لها، وهي موضوع البحث، وذلك وفقاً للمبدأ القرآني: «مبدأ أثر التغيير الداخلي في حركة التاريخ»:

يعطي اللّه الفرصة ويهيء الظروف المناسبة للمجتمع، ليحرز المجتمع التقدم المادي والمعنوي، وليحافظ على مستوى هذا التقدم: «.. وَمَا كُنّا مُعَذّبين حَتّى نَبعَثَ رَسُولاً» هذا الرسول يأمر بالاصلاح ويأمر بالنظام العادل، ويخطط الشكل الذي يضمن للمجتمع بقاءه وتقدمه.

وهذا الرسول يتوجه بتعاليمه إلى المجتمع كله، إلا أنه يتوجه بصورة خاصة إلى الطبقة المسيطرة في المجتمع «المترفين».

وحين لا يطيع هؤلاء، ويستمرون مغرقين في الترف الذي يقودهم إلى الانحلال، ويستمرون مغرقين في الطغيان الذي يقودهم إلى اذلال الانسان، ولا يتحرك المجتمع ولا يحاول التغيير بل يستمر في رضوخه، وفي خضوعه، حينئذٍ.. حينئذٍ تتوفر الشروط الموضوعية لانحلال المجتمع: من شيوع الترف، وسيادة المترفين المطلقة، والانقسام الطبيعي الحاد، وحينئذٍ يحصل الانحلال والانهيار والهلاك.

وقد ورد هذا القانون في القرآن مطبقاً على حالات تاريخية معينة في أكثر من موضع، منها قوله تعالى:

١٣٨

( ألَم تَرَ كَيفَ فَعَلَ رَبّكَ بعَادٍ. إرَمَ ذاتِ العمَاد. التّي لَم يُخلق مثلُها في البلادِ. وثمودَ الّذينَ جَابُوا الصّخرَ بالوَاد. وَفرعَونَ ذي الأوتَاد. الذينَ طَغَوا في البلاد. فَأكثروا فيها الفَسَاد. فَصَبّ عَلَيهم رَبّكَ سَوطَ عَذاب. إنّ رَبّك لَبالمرصاد ) (١) .

***

بقي علينا أن نحلل بعض النواحي التعبيرية في الآية موضوع البحث. والذي يسترعي النظر من هذه الجهة أمران.

الأمر الأول: قوله تعالى: «وإذا أرَدنَا أن نُهلكَ..».

فهم المؤلف من «أردنا» الارادة الإلهية الفعلية للاهلاك، وهذا خطأ. الحقيقة هي أن استعمال «أردنا» في الآية موضوع البحث من قبيل قولنا: «إذا أراد المريض أن يموت ظهرت عليه الأعراض الفلانية» و«إذا أرادت السماء أن تمطر انتشر فيها الغيوم» والمراد من الارادة في هذين الموردين هو اجتماع الشروط الموضوعية للموت والمطر. وقد ورد نظير هذا التعبير في القرآن في قصة موسى وصاحبه:( ...فَوَجَدَا فيها جدَاراً يُريدُ أن يَنقَضّ فَأقامه ) (٢) ومن الواضح أنه

____________________

(١) سورد الفجر الاية ٦ - ١٤.

(٢) سورة الكهف الآية ٧٧

١٣٩

لا معنى لنسبة الارادة الفعلية إلي الجدار، وإنما المراد أن الشروط الموضوعية لانقضاض الجدار قد توفرت.

والتعبير ب‍ «أردنا» في الآية موضوع البحث من هذا القبيل، فإن المراد أن الشروط الموضوعية لهلاك القرية قد توفرت، بسبب العصيان والطغيان.

ونسبة الارادة هنا إلى اللّه «أردنا» وليس إلى القرية «ارادت» للاشارة إلى أن هذا القانون هو قانون كوني أوجده اللّه تعالى، فالنسبة إلى اللّه من حيث أنه أوجد النظام الكوني من جملة قوانين الاجتماع الانساني ونمو المجتمعات وانحلالها.

الأمر الثاني: قوله تعالى: «... أمَرنا مُترَفيها فَفَسَقُوا فيها..».

توهم المؤلف أن المراد أن اللّه أمرهم بأن يفسقوا. وهذا خطأ. الحقيقة أن هذا الاستعمال من باب «أمرته فعصاني» أي أمرناهم بواسطة رسلنا بالطاعة والاستقامة «.. وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً» ولكنهم عصوا، واستمروا على غيهم، فتمت بمعصيتهم الشروط الموضوعية للانحلال والدمار.

وإلا فكيف يعقل أن يكون اللّه قد أمرهم بالفسق، وهو القائل:

( قل أنّ اللّه لا يَأمُرُ بالفَحشَاء... ) (١) .

( قُل إنّمَا حَرمّ رَبي الفَواحشَ مَا ظَهَر منهَا

____________________

(١) سورة الاعراف الآية ٢٨.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

فاطمةعليها‌السلام على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو في سكرات الموت، فانكبّت عليه تبكي، ففتح عينه وأفاق، ثمّ قال: يا بنيّة، أنت المظلومة بعدي، وأنت المستضعفة بعدي، فمن آذاك فقد آذاني، ومن غاظك فقد غاظني، ومن سرّك فقد سرّني، ومن برّك فقد برّني، ومن جفاك فقد جفاني، ومن وصلك فقد وصلني، ومن قطعك فقد قطعني، ومن أنصفك فقد أنصفني، ومن ظلمك فقد ظلمني، لأنّك منّي وأنا منك، وأنت بضعة منّي، وروحي الّتي بين جنبي، ثمّ قال: إلى الله أشكو ظالميك من أمّتي.

ثمّ دخل الحسن والحسينعليهما‌السلام ، فانكبّا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهما يبكيان ويقولان: أنفسنا لنفسك الفداء يا رسول الله، فذهب عليّعليه‌السلام لينحّيهما عنه، فرفعصلى‌الله‌عليه‌وآله رأسه إليه، ثمّ قال: يا عليّ دعهما يشمّاني وأشمّهما، ويتزوّدان منّي وأتزوّد منهما، فإنّهما مقتولان بعدي ظلما وعدوانا، فلعنة الله على من يقتلهما، ثمّ قال: يا عليّ، وأنت المظلوم المقتول بعدي، وأنا خصم لمن أنت خصمه يوم القيامة.

وفي أمالي الصدوق ( ٥٠٥ - ٥٠٩ ) بسنده عن ابن عبّاس، قال: لمّا مرض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثمّ قام رسول الله فدخل بيت أمّ سلمة، وهو يقول: ربّ سلّم أمّة محمّد من النار ويسّر عليهم الحساب، فقالت أمّ سلمة: يا رسول الله، مالي أراك مغموما متغيّر اللّون؟ فقال: نعيت إليّ نفسي هذه الساعة، فسلام لك في الدنيا، فلا تسمعين بعد هذا اليوم صوت محمّد أبدا، فقالت أمّ سلمة: وا حزناه، حزنا لا تدركه الندامة عليك يا محمّداه.

ثمّ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ادعي لي حبيبة قلبي وقرّة عيني فاطمة تجيء، فجاءت فاطمة وهي تقول: نفسي لنفسك الفداء، ووجهي لوجهك الوقاء يا أبتاه، ألا تكلّمني كلمة، فإنّي أنظر إليك وأراك مفارق الدنيا، وأرى عساكر الموت تغشاك شديدا.

فقال لها: يا بنيّة، إنّي مفارقك، فسلام عليك منّي ثمّ أغمي على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فدخل بلال وهو يقول: الصلاة رحمك الله، فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وصلّى بالناس وخفّف الصلاة، ثمّ قال: ادعوا إليّ عليّ بن أبي طالب وأسامة بن زيد، فجاءا فوضع يده على عاتق عليّعليه‌السلام والأخرى على أسامة، ثمّ قال: انطلقا بي إلى فاطمة، فجاءا به حتّى وضع

٥٢١

رأسه في حجرها، فإذا الحسن والحسينعليهما‌السلام يبكيان ويصطرخان ويقولان: أنفسنا لنفسك الفداء، ووجوهنا لوجهك الوقاء فعانقهما وقبّلهما، وكان الحسن أشدّ بكاء، فقال له: كفّ يا حسن فقد شققت على رسول الله ...

فروي عن ابن عبّاس: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك المرض كان يقول: ادعوا لي حبيبي، فجعل يدعى له رجل بعد رجل فيعرض عنه، فقيل لفاطمة: امضي إلى عليّ، فما نرى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يريد غير عليّعليه‌السلام ، فبعثت فاطمة إلى عليّعليه‌السلام ، فلمّا دخل فتح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عينيه وتهلّل وجهه، ثمّ قال: إليّ يا عليّ، إليّ يا عليّ، فما زال يدنيه حتّى أخذه بيده وأجلسه عند رأسه، ثمّ أغمي عليه، فجاء الحسن والحسينعليهما‌السلام يصيحان ويبكيان حتّى وقعا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأراد عليّعليه‌السلام أن ينحّيهما عنه، فأفاق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ قال: يا عليّ، دعني أشمّهما ويشمّاني، وأتزوّد منهما ويتزوّدان منّي، أما إنّهما سيظلمان بعدي، ويقتلان ظلما، فلعنة الله على من ظلمهما - يقول ذلك ثلاثا - ثمّ مدّ يده إلى عليّعليه‌السلام ، فجذبه إليه حتّى أدخله تحت ثوبه الّذي كان عليه، ووضع فاه على فيه، وجعل يناجيه مناجاة طويلة، حتّى خرجت روحه الطيّبة، فانسلّ عليّعليه‌السلام من تحت ثيابه، وقال: أعظم الله أجوركم في نبيّكم، فقد قبضه الله إليه، فارتفعت الأصوات بالضجّة والبكاء، فقيل لأمير المؤمنينعليه‌السلام : ما الّذي ناجاك به رسول الله حين أدخلك تحت ثيابه؟ فقال: علّمني ألف باب، يفتح لي كلّ باب ألف باب. وروى هذا الخبر الفتّال النيسابوريّ في روضة الواعظين ( ٧٢ - ٧٥ ).

وفي كفاية الأثر ( ٣٦ - ٣٨ ) بسنده عن أبي ذرّ الغفاريّ، قال: دخلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه الّذي توفي فيه، فقال: يا أبا ذرّ، ائتني بابنتي فاطمة.

قال: فقمت ودخلت عليها، وقلت: يا سيّدة النسوان، أجيبي أباك، قال: فلبست جلبابها واتّزرت، وخرجت حتّى دخلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلمّا رأت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله انكبّت عليه وبكت، وبكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لبكائها، وضمّها إليه، ثمّ قال: يا فاطمة، لا تبكين فداك أبوك، فأنت أوّل من تلحقين بي، مظلومة مغصوبة، وسوف تظهر بعدي حسيكة النفاق، ويسمل جلباب الدين، وأنت أوّل من يرد عليّ الحوض.

٥٢٢

قالت: يا أبه، أين ألقاك؟ قال: تلقيني عند الحوض وأنا أسقي شيعتك ومحبّيك، وأطرد أعداءك ومبغضيك.

قالت: يا رسول الله، فإن لم ألقك عند الحوض؟ قال: تلقيني عند الميزان.

قالت: يا أبه وإن لم ألقك عند الميزان؟ قال: تلقيني عند الصراط، وأنا أقول: سلم سلم شيعة عليّ.

قال أبو ذرّ: فسكن قلبها، ثمّ التفت إليّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: يا أبا ذرّ، إنّها بضعة منّي، فمن آذاها فقد آذاني، ألا إنّها سيّدة نساء العالمين، وبعلها سيّد الوصيين، وابنيها الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، وإنّهما إمامان إن قاما أو قعدا، وأبوهما خير منهما، وسوف يخرج من صلب الحسينعليه‌السلام تسعة من الأئمّة معصومون، قوّامون بالقسط، ومنّا مهديّ هذه الأمّة.

وفيه أيضا ( ١٢٤ - ١٢٦ ) بسنده عن عمّار بن ياسر، قال: لمّا حضرت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الوفاة دعا بعليعليه‌السلام فسارّه طويلا، ثمّ قال: يا عليّ، أنت وصيّي ووارثي، قد أعطاك الله علمي وفهمي، فإذا متّ ظهرت لك ضغائن في صدور قوم، وغصبت على حقّك، فبكت فاطمةعليها‌السلام ، وبكى الحسن والحسينعليهما‌السلام ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله لفاطمة: يا سيّدة النسوان، ممّ بكاؤك؟ قالت: يا أبه، أخشى الضيعة بعدك، قال: أبشري يا فاطمة، فإنّك أوّل من يلحقني من أهل بيتي، ولا تبكي ولا تحزني، فإنّك سيّدة نساء أهل الجنّة ....

وانظر دخولها على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في مرض موته، وبكائها، وقول النبي: حبيبتي فاطمة ما الّذي يبكيك؟ فقالت: أخشى الضيعة بعدك، ثمّ بشّرها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ببشارات، انظر ذلك في مجمع الزوائد ( ج ٩؛ ١٦٥ ) وتاريخ دمشق ( ج ١؛ ٢٣٩ ): ومفتاح النجا (٣٠).

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٣٧ ) أبو عبد الله بن ماجة في السنن، وأبو يعلى الموصلىّ في المسند، قال أنس: كانت فاطمة تقول لمّا ثقل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : جبرئيل إلينا ينعاه، يا أبتاه من ربّه ما أدناه، يا أبتاه جنّة الفردوس مأواه، يا أبتاه أجاب ربّا دعاه.

وفي المختار من مسند فاطمة الزهراء (١٥٣) عن عائشة: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه

٥٢٣

الّذي قبض فيه، قال: يا فاطمة، يا بنتي، احني عليّ، فأحنت عليه، فناجاها ساعة، ثمّ انكشفت عنه تبكي، وعائشة حاضرة، ثمّ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ذلك ساعة: احني عليّ، فأحنت عليه، فناجاها ساعة، ثمّ انكشفت عنه تضحك.

فقالت عائشة: يا بنت رسول الله، أخبريني بما ذا ناجاك أبوك؟

قالتعليها‌السلام : أو شكت رأيته ناجاني على حال سرّ، ثمّ ظننت أنّي أخبر بسرّه وهو حي؟! فشقّ ذلك على عائشة أن يكون سرّ دونها.

فلمّا قبضه الله إليه، قالت عائشة لفاطمة: ألا تخبريني ذلك الخبر؟

قالتعليها‌السلام : أمّا الآن فنعم، ناجاني في المرّة الأولى فأخبرني أنّ جبرئيل كان يعارضه القرآن في كلّ عام مرّة، وأنّه عارضه القرآن العام مرّتين، وأنّه أخبره أنّه لم يكن نبي بعد نبي إلاّ عاش نصف عمر الّذي كان قبله، وأنّه أخبرني أنّ عيسى عاش عشرين ومائة سنة، ولا أراني إلاّ ذاهب على رأس الستّين، فأبكاني ذلك، وقال: يا بنيّة، إنّه ليس من نساء المؤمنين أعظم رزيّة منك، فلا تكوني أدنى من امرأة صبرا، ثمّ ناجاني في المرّة الأخرى، فأخبرني أنّي أوّل أهله لحوقا به، وقال: إنّك سيّدة نساء أهل الجنّة ( كر ). وهو رمز لتهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر.

فيتّضح من هذه المرويّات وغيرها، المطالب الأساسيّة في هذه الطّرفة، وأنّ عائشة شقّ عليها ما أسرّه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله للزهراءعليها‌السلام ، وأنّ الزهراءعليها‌السلام أجابتها ببعض ما أخبرها به رسول الله ممّا يتعلّق ببكائها وضحكها - لئلاّ يظنّوا بها العمل العبثي والعياذ بالله كما صرح في روايات أخرى بأنّ عائشة ظنّت ذلك بالزهراء، كما في سنن الترمذيّ ( ج ٥؛ ٣٦١ / الحديث ٣٩٦٤ ) والمنتقى من إتحاف السائل (٩٧) - وأجملتعليها‌السلام باقي ما أسرّه إليها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّ عائشة علمت أنّ ما أسرّه النبي للزهراء يتعلّق بعضه بها وبحفصة وبأبيها وفاروقه.

وبعد ما سردنا من الروايات الّتي فيها إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عند موته للزهراء وعليّعليهما‌السلام بالظلم الّذي سيحلّ بهم، ووقوع ذلك الظلم بعد وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله من قبل الشيخين وابنتيهما

٥٢٤

وباقي المتحزّبين، مضافا إلى إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاعليه‌السلام في مواطن شتّى بأسماء الظالمين له وما سيحلّ به وبأهل البيت، وإخباره للشيخين وعائشة وحفصة بما سيفعلونه، مع تحذيرهصلى‌الله‌عليه‌وآله لهم من ذلك، بعد كلّ ذلك يبدو جليّا صحّة ما في هذه الطّرفة من إسرار النبي للزهراء بما سيجري عليها وعلى ولدها كما علمت، وأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ذلك دعا عليّا فأخبره بكلّ ما سيجري، وعلّمه ألف باب يفتح من كلّ باب ألف باب.

وانظر ما كان عند وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وبعض ما يتعلّق بالمطلب، فيما مرّ من صدر الطّرفة التاسعة عشر.

فقد أجمع القوم على ظلمكم

إن إجماع القوم على ظلم عليّ وأهل بيتهعليهم‌السلام ممّا لا يرتاب ولا يشكّ فيه أحد، لتواتر هذا المعنى وكونه من المسلّمات التاريخيّة، ولكنّنا ننقل هنا إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا وأهل البيتعليهم‌السلام بذلك، وفي مناسبات شتّى، وخصوصا عند وفاته.

ففي الاحتجاج ( ج ١؛ ٢٧٢ - ٢٧٣ ) عن الحسنعليه‌السلام ، قال: أنشدكم بالله أتعلمون أنّه [ أي عليّا ] دخل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه الّذي توفّي فيه، فبكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال عليّعليه‌السلام : ما يبكيك يا رسول الله؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يبكيني أنّي أعلم أنّ لك في قلوب رجال من أمّتي ضغائن لا يبدونها لك حتّى أتولّى عنك.

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٢٠٩ ) عن عليّعليه‌السلام ، قال: بينا أنا وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا التفت إليّ فبكى، فقلت: ما يبكيك يا رسول الله؟ قال: أبكي من ضربتك على القرن، ولطم فاطمة خدّها، وطعن الحسن في فخذه والسمّ الّذي يسقاه، وقتل الحسين.

وفي كفاية الأثر (١٢٤) عن عمّار بن ياسر، قال: لمّا حضرت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الوفاة دعا بعليعليه‌السلام فسارّه طويلا، ثمّ قال: يا عليّ، أنت وصيّي ووارثي، وأعطاك الله علمي وفهمي، فإذا متّ ظهرت لك ضغائن في صدور القوم، وغصبت على حقّك، فبكت فاطمة

٥٢٥

وبكى الحسن والحسينعليهم‌السلام ....

وفي تفسير فرات (٢١٥) عن عليّعليه‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم: يا عليّ، علمت أنّ جبرئيل أخبرني أنّ أمّتي تغدر بك من بعدي، فويل ثمّ ويل ثمّ ويل لهم وانظر في هذا شرح النهج ( ج ٦؛ ٤٥ ) ونهج الحقّ (٣٣٠) وكنز العمال ( ج ٦؛ ١٥٧ ) والسقيفة وفدك (٦٩) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٧٢ ) والتهاب نيران الأحزان (٥٩) وتفسير فرات ( ١٨١، ٣٠٦ ).

وقد ثبت حديث مرور النبي وعليّ - صلوات الله عليهما - على الحدائق السبع، وتبشير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام بأنّ له أحسن منها في الجنّة، قال عليّعليه‌السلام : فلمّا خلا له الطريق اعتنقني وأجهش باكيا، فقلت: يا رسول الله، ما يبكيك؟ قال: ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها لك إلاّ بعدي، فقلت: في سلامة من ديني؟ قال: في سلامة من دينك. انظر في هذا نهج الحقّ (٣٣٠) وكتاب سليم بن قيس (٧٣) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ١٢١ ) وتذكرة الخواص ( ٤٥ - ٤٦ ) ومناقب الخوارزمي (٢٦) وتاريخ بغداد ( ج ١٢؛ ٣٩٨ ) وكنز العمال ( ج ٦؛ ٤٠٨ ) و ( ج ١٥؛ ١٤٦، ١٥٦ ) وفرائد السمطين ( ج ١؛ ١٥٢ - ١٥٣ ) وتاريخ دمشق ( ج ٢؛ ٣٢٧ ) ومجمع الزوائد ( ج ٩؛ ١١٨ ) والمستدرك للحاكم ( ج ٣؛ ١٣٩ ) وكفاية الطالب ( ٢٧٢ - ٢٧٣ ).

وفي ينابيع المودّة ( ج ١؛ ١٣٤ ) و ( ج ٣؛ ٩٨ ) وأمالي الطوسي (٣٥١): ثمّ قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : اتّق الضغائن الّتي كانت في صدور قوم لا تظهرها إلاّ بعد موتي، أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاّعنون، وبكىصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ قال: أخبرني جبرئيل أنّهم يظلمونك بعدي، وأنّ ذلك الظلم لا يزول بالكليّة عن عترتنا، حتّى إذا قام قائمهم ....

وفي أمالي الصدوق (٩٩) عن ابن عبّاس، لمّا أقبل عليّعليه‌السلام ورآه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فبكى، فسأله ابن عبّاس عن سبب بكائه، قال: قال: وإنّي بكيت حين أقبل؛ لأنّي ذكرت غدر الأمّة به بعدي، حتّى إنّه ليزال عن مقعدي وقد جعله الله له بعدي، ثمّ لا يزال الأمر به حتّى يضرب على قرنه ضربة تخضب منها لحيته.

٥٢٦

وفي الكافي ( ج ٨؛ ٣٣٤ )، عن سليم، عن عليّعليه‌السلام : وأخبرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه لو قبض أنّ الناس يبايعون أبا بكر في ظلّة بني ساعدة بعد ما يختصمون.

وفي المسترشد (٣٦٣) وبشارة المصطفى (٢٢٠) قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : أنت المظلوم من بعدي.

وفي المسترشد (٦١٠) قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : أما إنّهم سيظهرون لك من بعدي ما كتموا، ويعلنون لك ما أسرّوا.

وفي كفاية الأثر (١٠٢) قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام : فإذا متّ ظهرت لك ضغائن في صدور قوم يتمالئون عليك ويمنعونك حقّك.

وقد مرّ ما يتعلّق بظلم عليّعليه‌السلام في الطّرفة الرابعة عشر، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا عليّ توفي على الصبر منك والكظم لغيظك على ذهاب حقّك ».

يا عليّ إنّي قد أوصيت ابنتي فاطمة بأشياء، وأمرتها أن تلقيها إليك، فأنفذها، فهي الصادقة الصدوقة

انظر ما مرّ في الطّرفة التاسعة عشر من قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا عليّ انفذ لما أمرتك به فاطمة، فقد أمرتها بأشياء أمرني بها جبرئيل ».

أما والله لينتقمن الله ربّي وليغضبنّ لغضبك، ثمّ الويل ثمّ الويل ثمّ الويل للظالمين

انظر ما مرّ في الطّرفة التاسعة عشر من قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « واعلم يا عليّ أنّي راض عمّن رضيت عنه ابنتي فاطمة، وكذلك ربّي وملائكته » وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعده: « ويل لمن ظلمها ».

لقد حرّمت الجنّة على الخلائق حتّى أدخلها، وإنّك لأوّل خلق الله يدخلها، كاسية حالية ناعمة

مرّ في الطّرفة السادسة ما يتعلّق بدخول أهل البيت الجنّة قبل الخلائق، وذلك عند

٥٢٧

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « وتشهدون أنّ الجنّة حقّ، وهي محرّمة على الخلائق حتّى أدخلها أنا وأهل بيتي »، ونذكر هنا بعض الروايات الّتي خصّت الزهراءعليها‌السلام بأنّها أوّل من يدخل الجنّة.

ففي ميزان الاعتدال ( ج ٢؛ ١٣١ ) ذكر حديثا صحيحا، بسند عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أوّل شخص يدخل الجنّة فاطمةعليها‌السلام ، قال: خرّجه أبو صالح المؤذّن في مناقب فاطمة. ورواه ابن حجر في لسان الميزان ( ج ٤؛ ١٦ / الحديث ٣٤ ) و ( ج ٣؛ ٢٣٧ / الحديث ١٠٥٢ ).

وفي كنز العمال ( ج ٦؛ ٢١٩ ) أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إنّ أوّل شخص يدخل الجنّة فاطمة بنت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومثلها في هذه الأمّة مثل مريم في بني إسرائيل، وقال: أخرجه أبو الحسن أحمد بن ميمون في كتاب « فضائل عليّ »عليه‌السلام ، والرافعي عن بدل بن المحبّر، عن عبد السّلام بن عجلان، عن أبي يزيد المدني، يعني عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وفي ينابيع المودّة ( ج ٢؛ ٨٤ ) أبو هريرة، رفعه: إنّ أوّل من يدخل الجنّة فاطمة بنت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثلها في هذه الأمّة مثل مريم بنت عمران في بني إسرائيل. ورواه الخوارزمي في مقتل الحسين ( ج ١؛ ٧٦ ) بإسناده عن أبي هريرة.

ويبقي أن نذكر بعض ما يتعلّق بدخولها الجنّة كاسية حالية ناعمة. ففي دلائل الإمامة (٥٨) بسنده عن عليّ بن موسى، قال: حدّثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدّثني أبي جعفر بن محمّد، قال: حدّثني أبي محمّد بن عليّ، قال: حدّثني أبي عليّ بن الحسين، قال: حدّثني أبي الحسين بن عليّ، قال: حدّثني أبي عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : تحشر ابنتي فاطمة عليها حلّة الكرامة، قد عجنت بماء الحيوان، تنظر إليها الخلائق فيتعجّبون منها، ثمّ تكسى حلّة من حلل الجنّة، وهي ألف حلّة، مكتوب على كلّ حلّة بخطّ أخضر « أدخلوا ابنة محمّد الجنّة على أحسن صورة وأحسن كرامة وأحسن منظر »، فتزفّ إلى الجنّة كما تزفّ العروس، ويوكّل بها سبعون ألف جارية. ورواه ابن المغازلي في مناقبه (٤٠٢) بسنده عن الرضا، عن آبائهعليهم‌السلام ، ورواه أيضا بسنده عن الرضاعليه‌السلام الخوارزمي في مقتل الحسين ( ج ١؛ ٥٢ ) والمحبّ الطبريّ في ذخائر العقبى (٤٨)

٥٢٨

وقال: « خرّجه عليّ بن موسى الرضاعليهما‌السلام »، والقندوزيّ في ينابيع المودّة ( ج ٢؛ ٢٤ - ٢٥ ) وابن حجر في لسان الميزان ( ج ٢؛ ٤١٧ ).

وفي مستدرك الحاكم ( ج ٣؛ ١٦١ ) بسنده عن أبي جحيفة، عن عليّعليه‌السلام ، قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة، قيل: يا أهل الجمع، غضّوا أبصاركم حتّى تمرّ فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فتمرّ وعليها ريطتان خضراوان. ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ( ج ٩؛ ٢١٢ ) والبدخشي في مفتاح النجا (١٥٣) وابن الأثير في أسد الغابة ( ج ٥؛ ٥٢٣ ) والمحبّ الطبريّ في ذخائر العقبى (٤٨).

وفي تفسير فرات (٢٦٩) بسنده عن الصادق، عن أبيهعليهما‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: يا معشر الخلائق، غضّوا أبصاركم حتّى تمرّ بنت حبيب الله إلى قصرها، فاطمة ابنتي، فتمرّ وعليها ريطتان خضراوان، حواليها سبعون ألف حوراء ....

وفي كشف الغمّة ( ج ١؛ ٤٩٦ - ٤٩٧ ): روى الزهريّ، عن عليّ بن الحسينعليهما‌السلام ، قال: قال عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام لفاطمةعليها‌السلام : سألت أباك فيما سألت أين تلقينه يوم القيامة؟ قالت: نعم، قال لي: اطلبيني عند الحوض، قلت: إن لم أجدك هاهنا؟ قال: تجديني إذا مستظلا بعرش ربّي، ولن يستظلّ به غيري، قالت فاطمة: فقلت: يا أبه، أهل الدنيا يوم القيامة عراة؟ فقال: نعم يا بنيّة، فقلت له: وأنا عريانة؟ قال: نعم، وأنت عريانة، وإنّه لا يلتفت فيه أحد إلى أحد، قالت فاطمة: فقلت له: وا سوأتاه يومئذ من الله عزّ وجلّ، فما خرجت حتّى قال لي: هبط عليّ جبرئيل الروح الأمين، فقال لي: يا محمّد، أقرئ فاطمة السلام، وأعلمها أنّها استحيت من الله تبارك وتعالى، فاستحى الله منها، فقد وعدها أن يكسوها يوم القيامة حلّتين من نور، قال عليّعليه‌السلام : فقلت لها: فهلاّ سألتيه عن ابن عمّك؟ فقالت: قد فعلت، فقال: إنّ عليّا أكرم على الله عزّ وجلّ من أن يعريه يوم القيامة.

٥٢٩

إنّ الحور العين ليفخرنّ بك، وتقرّبك أعينهنّ، ويتزيّنّ لزينتك.

في دلائل الإمامة (٥٧) بسنده عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ، عن جدّه عليّ ابن أبي طالبعليهم‌السلام ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: يا معشر الخلائق، غضّوا أبصاركم، ونكّسوا رءوسكم، حتّى تمرّ فاطمة بنت محمّد، فتكون أوّل من يكسى، وتستقبلها من الفردوس اثنا عشر ألف حوراء، وخمسون ألف ملك، على نجائب من الياقوت حتّى يجوزوا بها الصراط، ويأتوا بها الفردوس، فيتباشر بمجيئها أهل الجنان، فتجلس على كرسي من نور، ويجلسون، حولها، وهي جنّة الفردوس.

وفي تفسير فرات (٢٦٩) بسنده عن الصادق، عن أبيهعليهما‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: يا معاشر الخلائق، غضّوا أبصاركم حتّى تمرّ بنت حبيب الله إلى قصرها، فاطمة ابنتي، فتمرّ وعليها ريطتان خضراوان، حواليها سبعون ألف حوراء.

وفي دلائل الإمامة (٥٠) بسنده عن أبي أيّوب الأنصاري، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: يا أهل الجمع، نكّسوا رءوسكم، وغضّوا أبصاركم، حتّى تمرّ فاطمة بنت محمّد على الصراط، قال: فتمرّ ومعها سبعون ألف جارية من الحور كالبرق الخاطف.

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٣٢٦ ): السمعانيّ في « الرسالة القواميّة »، والزعفراني في « فضائل الصحابة »، والأشنهي في « اعتقاد أهل السنّة »، والعكبريّ في « الإبانة »، وأحمد في « الفضائل »، وابن المؤذن في « الأربعين » بأسانيدهم عن الشعبي، عن أبي جحيفة، وعن ابن عبّاس والأصبغ، عن أبي أيّوب، وقد روى حفص بن غياث، عن القزويني، عن عطاء، عن أبي هريرة، كلّهم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: إذا كان يوم القيامة ووقف الخلائق بين يدي الله تعالى، نادى مناد من وراء الحجاب: أيّها الناس، غضّوا أبصاركم، ونكّسوا رءوسكم؛ فإنّ فاطمة بنت محمّد تجوز على الصراط، وفي حديث

٥٣٠

أبي أيوب: فيمرّ معها سبعون جارية من الحور العين كالبرق اللاّمع. وهو في ينابيع المودّة ( ج ٢؛ ٢٤ ) عن أبي أيّوب الأنصاريّ. ورواه الطبريّ في دلائل الإمامة ( ٥٦ - ٥٧ ) بسنده عن الأصبغ بن نباتة، عن أبي أيّوب الأنصاريّ.

وفي كشف الغمّة ( ج ١؛ ٤٥٧ ): ابن عرفة، عن رجاله، يرفعه إلى أبي أيّوب الأنصاريّ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: يا أهل الجمع، نكّسوا رءوسكم، وغضّوا أبصاركم، حتّى تجوز فاطمةعليها‌السلام على الصراط، فتمرّ ومعها سبعون ألف جارية من الحور العين.

وروى ابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة (١١٣) بإسناده عن أبي أيّوب، أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إذا كان يوم القيامة، نادى مناد من بطنان العرش: يا أهل الجمع، نكّسوا رءوسكم، وغضّوا أبصاركم، حتّى تمرّ فاطمة بنت محمّد على الصراط، فتمرّ مع سبعين ألف جارية من الحور العين كمرّ البرق. ورواه الخوارزمي في مقتل الحسين ( ج ١؛ ٥٥ ).

إنّك لسيّدة من يدخلها من النّساء

انظر ما مرّ في الطّرفة التاسعة عشر من قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « هذه والله سيّدة نساء أهل الجنّة من الأوّلين والآخرين، هذه والله مريم الكبرى ».

يا جهنّم، يقول لك الجبّار: اسكني - بعزّتي - واستقرّي حتّى تجوز فاطمة بنت محمّد إلى الجنان.

لم نعثر على نصّ بهذا الخصوص، وإنّما ورد النصّ من طرق الفريقين بأنّ الباري عزّ وجلّ يأمر الخلائق بأن يغضوا أبصارهم وينكّسوا رءوسهم لتجوز فاطمة على الصراط إلى الجنان، وقد ذكرنا بعضها آنفا، وانظره أيضا في مناقب ابن المغازلي ( ٣٥٥ - ٣٥٦ ) ومستدرك الحاكم ( ج ٣؛ ١٥٣ ) وميزان الاعتدال ( ج ٢؛ ٣٨٢ / الحديث ٤١٦٠ ) ولسان الميزان ( ج ٣؛ ٢٣٧ ) وأسد الغابة ( ج ٥؛ ٥٢٣ ) وتذكرة الخواص (٣١٠)

٥٣١

والفصول المهمة ( ١٤٥، ١٤٧ ) وكنز العمال ( ج ٦؛ ٢١٦ ) والصواعق المحرقة (١١٣) وذخائر العقبى (٤٨) وتاريخ بغداد ( ج ٨؛ ١٤١ - ١٤٢ ) وينابيع المودّة ( ج ٢؛ ٨، ٢٤، ٨٥، ١٣٥ ) وأمالي المفيد (١٣٠) وأمالي الصدوق (٢٥) وتفسير فرات ( ٢٩٩، ٤٣٨، ٤٤٣ ).

لكنّ النصّ ورد بأنّ نور عليّعليه‌السلام يطفئ لهيب جهنّم، ففي تفسير القمّي ( ج ٢؛ ٣٢٦ ) بسنده عن ابن سنان، عن الصادقعليه‌السلام في حديث طويل، فيه: فيقبل عليّعليه‌السلام ومعه مفاتيح الجنّة ومقاليد النار، حتّى يقف على شفير جهنّم، ويأخذ زمامها بيده، وقد علا زفيرها، واشتدّ حرّها، وكثر شررها، فتنادي جهنّم: يا عليّ، جزني، قد أطفأ نورك لهبي، فيقول لها عليّعليه‌السلام : قرّي يا جهنّم، ذري هذا وليّي، وخذي هذا عدوّي.

وفي فرائد السمطين ( ج ١؛ ١٠٧ - ١٠٨ ) بسنده عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ثمّ يرجع مالك، فيقبل عليّ ومعه مفاتيح الجنّة ومقاليد النار، حتّى يقف على عجرة جهنّم، وقد تطاير شرارها وعلا زفيرها، واشتدّ حرّها، وعليّ آخذ بزمامها، فتقول له جهنّم: جزني يا عليّ، فقد أطفأ نورك لهبي، فيقول لها عليّعليه‌السلام : « قرّي يا جهنّم، خذي هذا واتركي هذا، خذي هذا عدوّي، واتركي هذا وليي »، فلجهنّم يومئذ أشدّ مطاوعة لعلي من غلام أحدكم لصاحبه، فإن شاء يذهبها يمنة وإن شاء يذهبها يسرة، ولجهنّم يومئذ أشدّ مطاوعة لعلي فيما يأمرها به من جميع الخلائق.

ونقله عن الحمويني، القندوزيّ في ينابيع المودّة ( ج ١؛ ٨٢ )، ثمّ قال: « أخرج هذا الحديث صاحب كتاب المناقب، عن جعفر الصادق، عن آبائهعليهم‌السلام »، ونقله عن أبي سعيد الخدريّ، الفتال النيسابوريّ في روضة الواعظين (١١٤) ورواه الصدوق في معاني الأخبار (١١٧) بسنده عن أبي سعيد الخدريّ.

فإذا أخذنا هذا المطلب، وعلمنا أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّا وفاطمة والحسنينعليهم‌السلام كلّهم من نور واحد - كما في مائة منقبة لابن شاذان: ٦٣ وغيره - ثبت أنّ نور الزهراءعليها‌السلام يخمد ويطفئ نار جهنّم بإذن الله تعالى وأمره.

٥٣٢

ليدخل حسن وحسين، حسن عن يمينك، وحسين عن يسارك

مرّ دخلوهم الجنّة في ظل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعليّعليه‌السلام يتقدّمهم بلواء الحمد، في الطّرفة السادسة، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « وتشهدون أنّ الجنّة حقّ، وهي محرّمة على الخلائق حتّى أدخلها أنا وأهل بيتي ».

ولواء الحمد مع عليّ بن أبي طالب أمامي

في مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٢٢٩ ) بالإسناد عن جابر بن عبد الله، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: أوّل من يدخل الجنّة بين يدي النبيّين والصدّيقين عليّ بن أبي طالب، فقام إليه أبو دجانة، فقال له: ألم تخبرنا أنّ الجنّة محرّمة على الأنبياء حتّى تدخلها أنت، وعلى الأمم حتّى تدخلها أمّتك؟ قال: بلى، ولكن أما علمت أنّ حامل لواء الحمد أمامهم، وعليّ بن أبي طالب حامل لواء الحمد يوم القيامة بين يدي، يدخل الجنّة وأنا على أثره الخبر.

وفي أمالي الصدوق (٢٦٦) بسنده عن مخدوج بن زيد الذهلي: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله آخى بين المسلمين، ثمّ قال: يا علي أنت أخي، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبي بعدي، أما علمت يا عليّ أنّه أوّل من يدعى به يوم القيامة يدعى بي، فأقوم عن يمين العرش، فأكسى حلّة خضراء من حلل الجنّة ثمّ أبشّرك يا عليّ، أنّ أوّل من يدعى يوم القيامة يدعى بك، هذا لقرابتك منّي ومنزلتك عندي فيدفع إليك لوائي، وهو لواء الحمد، فتسير به بين السماطين، وإنّ آدم وجميع من خلق الله يستظلون بظلّ لوائي يوم القيامة، وطوله مسيرة ألف سنة، سنانه ياقوتة حمراء، قصبه فضّة بيضاء، زجّه درّة خضراء له ثلاث ذوائب من نور، ذؤابة في المشرق وذؤابة في المغرب وذؤابة في وسط الدنيا، مكتوب عليها ثلاثة أسطر: الأوّل « بسم الله الرحمن الرحيم »، والآخر « الحمد لله ربّ العالمين » والثالث « لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله »، طول كلّ سطر مسيرة ألف سنة، وعرضه مسيرة ألف سنة، فتسير باللواء، والحسن عن يمينك، والحسين عن يسارك، حتّى تقف بيني وبين إبراهيم في ظلّ العرش، فتكسى حلّة خضراء من حلل الجنّة، ثمّ ينادي مناد من عند العرش: « نعم الأب

٥٣٣

أبوك إبراهيم، ونعم الأخ أخوك عليّ »، ألا وإنّي أبشّرك يا عليّ، أنّك تدعى إذا دعيت، وتكسى إذا كسيت، وتحيّى إذا حيّيت. ورواه المحبّ الطبريّ في الرياض النضرة ( ج ٢؛ ٢٠١ ) وذخائر العقبى (٧٥).

وفي الخصال ( ٥٨٢ - ٥٨٣ ) بسنده عن مجاهد، عن ابن عبّاس، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أتاني جبرئيل وهو فرح مستبشر، فقلت: حبيبي جبرئيل - مع ما أنت فيه من الفرح - ما منزلة أخي وابن عمّي عليّ بن أبي طالب عند ربّه؟ فقال: والّذي بعثك بالنبوّة واصطفاك بالرسالة، ما هبطت في وقتي هذا إلاّ لهذا، يا محمّد، الله الأعلى يقرئ عليكما السلام، قال: ثمّ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة يأتيني جبرئيل ومعه لواء الحمد، وهو سبعون شقّة، الشقّة منه أوسع من الشمس والقمر، وأنا على كرسي من كراسي الرضوان، فوق منبر من منابر القدس، فآخذه وأدفعه إلى عليّ بن أبي طالب.

فوثب عمر بن الخطّاب، فقال: يا رسول الله، وكيف يطيق عليّ حمل اللواء وقد ذكرت أنّه سبعون شقّة، الشقّة منه أوسع من الشمس والقمر؟!

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة يعطي الله عليّا من القوّة مثل قوّة جبرئيل، ومن النور مثل نور آدم، ومن الحلم مثل حلم رضوان، ومن الجمال مثل جمال يوسف، ومن الصوت ما يداني صوت داود، ولو لا أن يكون داود خطيبا في الجنان لأعطي مثل صوته، وإنّ عليّا أوّل من يشرب من السلسبيل والزنجبيل، لا يجوز لعلي قدم على الصراط إلاّ وثبتت له مكانها أخرى، وإنّ لعلي وشيعته من الله مكانا يغبطه به الأوّلون والآخرون. وهذه الرواية في إرشاد القلوب (٢٩٢) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٢٢٩ ) وروضة الواعظين (١٠٩).

وانظر تفسير فرات ( ٣٦٦، ٤٣٧، ٥٠٦ ) وروضة الواعظين ( ١١٣، ١٢٣ ) وأمالي الصدوق ( ٥٩، ٩٩، ٢٣١، ٢٥٢، ٢٦٦، ٢٧٢، ٣١٢، ٣٥٦ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٢٢٨، ٢٣١، ٢٦٢ ) وبشارة المصطفى ( ٢١، ٥٤ - ٥٥، ٥٩، ١٠٠، ١٢٦ ) ومناقب الخوارزمي ( ٨٤، ٢٠٦، ٢٥٨ - ٢٦٠ ) وكشف اليقين (١٧٠) والمسترشد (٣٦٢) وأمالي الطوسي

٥٣٤

( ٣٥، ٢٠٩، ٢٥٨، ٣٤٥، ٤٢٥ ) وتفسير القمّي ( ج ٢؛ ٣٧٩ ) وتفسير العيّاشي ( ج ٢؛ ١١٦ ) والخصال ( ٢٠٤ و ٤١٦ ) واليقين ( ١٥٠، ١٥٧، ١٦٣، ١٨١، ٢١٩، ٤٢٦، ٤٤٠، ٤٤٢، ٤٧٩ ) والتحصين ( ٥٧٢، ٦٠٧ ) والاحتجاج (٤٨) وأمالي المفيد ( ١٦٨، ٢٧٢ ).

وكنز العمال ( ج ٦؛ ٣٩٣، ٤٠٠ ) وتذكرة الخواص ( ٥، ٢١ ) ومناقب ابن المغازلي ( ٤٣، ١٥١ - ١٥٢ ) والرياض النضرة ( ج ٢؛ ٢٠١، ٢٠٣ ) ومقتل الحسين للخوارزمي ( ج ١؛ ٨٤ ) وينابيع المودّة ( ج ١؛ ٧٩، ١٢٣ ) و ( ج ٢؛ ٣٤، ٥٨، ١٣٨، ١٤٠ ) ومناقب الخوارزمي ( ٢٠٩، ٢٢٧، ٢٥٩ ) ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ( ج ٥؛ ٥٠ ) وفرائد السمطين ( ج ١؛ ٨٧ ) وتاريخ دمشق ( ج ٢؛ ٣٣٣ / الحديث ٨٣٦ ) وتاريخ بغداد ( ج ١١؛ ١١٢ - ١١٣ ).

يكسى إذا كسيت، ويحلّى إذا حلّيت

لقد روى الأثبات من رواة وعلماء الفريقين، هذه الكرامة لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام ، يوم القيامة، وقد جاء حديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله هذا باللّفظ المذكور، وبلفظ « وتحيّى إذا حيّيت » و « تحبى إذا حبيت »؛ مرّ بعض هذا المطلب في ضمن الطّرفة السادسة، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وتشهدون أنّ الجنّة حقّ، وهي محرّمة على الخلائق حتّى أدخلها أنا وأهل بيتي »، كما مرّ بعضه آنفا في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ولواء الحمد مع عليّ بن أبي طالب أمامي ».

وفي الخصال (٣٦٢) بسنده عن عمّار بن ياسر، وعن جابر بن عبد الله، قالا: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : أما علمت يا عليّ أنّ إبراهيم موافينا يوم القيامة، فيدعى فيقام عن يمين العرش، فيكسى كسوة الجنّة، ويحلّى من حليّها، ويسيل له ميزاب من ذهب من الجنّة، فيهب من الجنّة ما هو أحلى من الشهد، وأبيض من اللّبن، وأبرد من الثلج، وأدعى أنا فأقام عن شمال العرش، فيفعل بي مثل ذلك، ثمّ تدعى أنت يا عليّ، فيفعل بك مثل ذلك، أما ترضى يا عليّ أن تدعى إذا دعيت أنا، وتكسى إذا كسيت أنا، وتحلّى إذا حلّيت أنا وفيه أيضا (٣٤٢) بسنده عن الصادق، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ،

٥٣٥

عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال في وصيّته له: يا عليّ، إنّ الله تبارك وتعالى أعطاني فيك سبع خصال:

أنت أوّل من ينشقّ عنه القبر معي، وأنت أوّل من يقف على الصراط معي، وأنت أوّل من يكسى إذا كسيت ويحيّى إذا حيّيت، وأنت أوّل من يسكن معي في علّيين، وأنت أوّل من يشرب معي من الرحيق المختوم الّذي ختامه مسك.

وفي الرياض النضرة ( ج ٢؛ ٢٠١ ) بسنده عن مخدوج بن زيد الذهلي، أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليعليه‌السلام : أما علمت يا عليّ أنّه أوّل من يدعى به يوم القيامة أنا، فأقوم عن يمين العرش في ظلّه، فأكسى حلّة خضراء من حلل الجنّة ثمّ تكسى حلّة من الجنّة، ثمّ ينادي مناد من تحت العرش: « نعم الأب أبوك إبراهيم، ونعم الأخ أخوك عليّ »، أبشر يا عليّ، إنّك تكسى إذا كسيت، وتدعى إذا دعيت، وتحبى إذا حبيت. قال: أخرجه أحمد في المناقب.

وانظر الكافي ( ج ١؛ ١٩٦ - ١٩٧ ) وبصائر الدرجات ( ٢٢٠ - ٢٢١ ) والاحتجاج (١٤٠) وأمالي الصدوق ( ٨٦، ٢٦٦ ) وتفسير القمّي ( ج ٢؛ ٣٣٧ ) وتفسير فرات (١٨١) وأمالي الطوسي (٢٠٦) وكشف اليقين (٢٨١) وروضة الواعظين (١٢٣) وتقريب المعارف (١٨٣) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ١٥٥، ١٨٥ ) ومناقب ابن المغازلي ( ٤٢، ٤٣، ١٥٢ ) ومناقب الخوارزمي (٨٤) وتذكرة الخواص ( ٢١، ٧٥ ) وينابيع المودّة ( ج ١؛ ١٤٢ ) و ( ج ٢؛ ٣٤، ١٣٩ ) وذخائر العقبى (٧٥) والرياض النضرة ( ج ٢؛ ٢٠٢ ) وكنز العمال ( ج ٦؛ ٤٠٣ ).

وليندمنّ قوم ابتزّوا حقّك، وقطعوا مودّتك، وكذبوا عليّ، وليختلجنّ دوني، فأقول: أمّتي أمّتي، فيقال: إنّهم بدّلوا بعدك وصاروا إلى السعير

حديث الحوض وارتداد الصحابة من الأحاديث الصحيحة الّتي وردت في كتب الفريقين من المسلمين، بل هو متواتر معنى، وقد خرّج في صحاح ومسانيد العامّة والخاصة.

ففي كتاب سليم بن قيس ( ٩٢ - ٩٣ ): قال سلمان: فقال عليّعليه‌السلام : إنّ الناس كلّهم ارتدّوا بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله غير أربعة، إنّ الناس صاروا بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بمنزلة هارون ومن تبعه،

٥٣٦

ومنزلة العجل ومن تبعه، فعلي في شبه هارون، وعتيق في شبه العجل، وعمر في شبه السامريّ، وسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: ليجيئن قوم من أصحابي من أهل العليّة والمكانة ليمرّوا على الصراط، فإذا رأيتهم ورأوني، وعرفتهم وعرفوني، اختلجوا دوني، فأقول: أي ربّ أصحابي!! فيقال: ما تدري ما أحدثوا بعدك، إنّهم ارتدّوا على أدبارهم حيث فارقتهم، فأقول: بعدا وسحقا.

وفي أمالي المفيد ( ٣٧ - ٣٨ ) بسنده عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، قالت: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: إنّي على الحوض أنظر من يرد عليّ منكم، وليقطعنّ برجال دوني، فأقول: يا ربّ أصحابي أصحابي، فيقال: إنّك لا تدري ما عملوا بعدك، إنّهم ما زالوا يرجعون على أعقابهم القهقرى.

وفي صحيح البخاري ( ج ٤؛ ٩٤ ) / باب الحوض من كتاب الرقاق، بسنده عن أبي هريرة، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: بينما أنا قائم فإذا زمرة، حتّى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال: هلمّ، فقلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: وما شأنهم؟ قال: إنّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقرى فلا أراه يخلص منهم إلاّ مثل همل النعم.

وأخرج في آخر الباب المذكور، عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّي على الحوض حتّى أنظر من يرد عليّ منكم، وسيؤخذ ناس دوني، فأقول: يا ربّ منّي ومن أمّتي!! فيقال: هل شعرت ما عملوا بعدك؟! والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم، فكان ابن مليكه يقول: اللهمّ إنّا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نفتن عن ديننا.

وفي الاستيعاب ( ج ١؛ ١٦٣ ) بسنده عن سهل بن سعد، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا فرطكم على الحوض، من مرّ عليّ شرب، ومن شرب لم يظمأ أبدا، وليردنّ عليّ أقوام أعرفهم ويعرفونني، ثمّ يحال بيني وبينهم.

قال أبو حازم: فسمعني النعمان بن أبي عيّاش، فقال: هكذا سمعت من سهل؟ قلت: نعم، قال: فإنّي أشهد على أبي سعيد الخدريّ، سمعته وهو يزيد فيها: فأقول: إنّهم أمّتي!! فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: فسحقا سحقا لمن غيّر بعدي.

٥٣٧

وانظر ارتدادهم وتبديلهم وإحداثهم في صحيح البخاريّ ( ج ٤؛ ١٥٤ / كتاب الفتن ) وصحيح مسلم ( ج ٤؛ ١٧٩٣، ١٨٠٠، ٢١٩٥ ) والطرائف ( ج ٢؛ ٣٧٧ ) عن الجمع بين الصحيحين، والفتح الكبير للنبهاني ( ج ١؛ ٤٥٥ ) والجمع بين الصحيحين ( ج ٢؛ ٣٧٦ ) ومسند أحمد ( ج ١؛ ٢٣٥، ٢٥٣، ٢٥٨، ٣٩٠، ٤٢٤ ) و ( ج ٢؛ ٥٤، ٢٣١ ) و ( ج ٣؛ ٣٩١، ٣٩٢ ) وأضواء على السنّة المحمّديّة (٣٥٥) ودلائل الصدق ( ج ٢؛ ١١ ) والاستيعاب ( ج ١؛ ١٦٤ ).

٥٣٨

الطّرفة السابعة والعشرون

روى هذه الطّرفة - عن كتاب الطّرف - العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٤٩٢ ). وفي أمالي الطوسي (٥٥٣) بسنده عن أبي ذرّ في احتجاج عليّعليه‌السلام على القوم في يوم الشورى، قال في جملة احتجاجاتهعليه‌السلام : فهل فيكم أحد أعطاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حنوطا من حنوط الجنّة، فقال: « اقسم هذا أثلاثا: ثلثا لي حنّطني به، وثلثا لابنتي، وثلثا لك » غيري؟ قالوا: لا. وانظر قوله هذا في المناشدة في إرشاد القلوب (٢٦٣) والمسترشد (٣٣٨) والاحتجاج (١٤٤).

وفي كشف الغمّة ( ج ١؛ ٥٠٠ ): وروي أنّها بقيت بعد أبيها أربعين صباحا، ولمّا حضرتها الوفاة قالت لأسماء: إنّ جبرئيل أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا حضرته الوفاة بكافور من الجنّة، فقسّمه أثلاثا: ثلث لنفسه، وثلث لعليّ، وثلث لي وعنه في بحار الأنوار ( ج ٤٣؛ ١٨٦ ) وبيت الأحزان ( ٢٥٧ - ٢٥٨ ).

وفي طبقات ابن سعد ( ج ٢؛ ٢٨٨ ) بسنده عن هارون بن سعد، قال: كان عند عليّعليه‌السلام مسك، فأوصى أن يحنّط به، قال: وقال عليّعليه‌السلام : هو فضل حنوط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . ورواه الحاكم في المستدرك ( ج ١؛ ٣٦١ ) بسنده عن أبي وائل. وذكره المتّقي الهنديّ في كنز العمال ( ج ٦؛ ٤١٢ ) وقال: « أخرجه ابن سعد والبيهقي وابن عساكر »، ورواه المحبّ الطبريّ في الرياض النضرة ( ج ٢؛ ٢٤٧ ) عن هارون بن سعيد، ثمّ قال: « أخرجه البغويّ ».

٥٣٩

٥٤٠

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653