طرف من الأنباء والمناقب

طرف من الأنباء والمناقب57%

طرف من الأنباء والمناقب مؤلف:
المحقق: الشيخ قيس العطّار
الناشر: انتشارات تاسوعاء
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 653

طرف من الأنباء والمناقب
  • البداية
  • السابق
  • 653 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 210642 / تحميل: 6559
الحجم الحجم الحجم
طرف من الأنباء والمناقب

طرف من الأنباء والمناقب

مؤلف:
الناشر: انتشارات تاسوعاء
العربية

١

٢

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الإهداء

أهدي هذا الجهد إلى مولاي صاحب الزيارة الإمام الحسين (ع)

قتيل العبرات المذبوح ظلماً وعطشاً بجنب الفرات

واُقدّمها إليه بتذلّلٍ وخضوع لعلّه يقبلها من عبده.

نزار

٣
٤

المقدّمة

(١)

الحمدُ لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام علی محمّد وآله الطاهرين واللعن الدائم علی أعدائهم إلى يوم الدين.

أمّا بعد :

هذا شرح (زيارة عاشوراء المشهورة العظيمة المرويّة عن الإمام الباقر عليه السّلام) للعالم الربّاني الکبير (حبيب الله الشريف الکاشانی)، لقد وقع بأيدينا بطبعة القديمة التي نفدت في الأسواق من قبل سنين. وفي نفس الوقت إنّ مکتباتنا الإسلاميّة في هذا اليوم تفتقر لشرح زيارة العاشوراء باللغة العربية، ولعلّها توجد باللغة الفارسية. وأيضاً رأيت الکثير من طلّاب العلم وغيرهم يبحثون ويسألون عن شرحٍ لهذه الزيارة العظيمة، ونظراً للحاجة الماسّة توکّلتُ علی الله الذي أستمدّ منه العون والقوّة، وتقرّباً لأهل البيت عليهم السّلام الذين هم ذخيرتی في الدُّنيا والآخرة، وعملي هذا خدمةً لآثارهم وإحياءً لفضائلهم عليهم السّلام.

وعملتُ في تحقيق وتصحيح هذا الشرح القيّم النادر، وحاولت أن أحصل علی نسخةٍ خطية لهذا الشرح واستمرّ البحث عدّة شهور وأخيراً أعانني الأخ المحترم المحقّق (الشيخ ماجد بن أحمد العطيّة) وجاءني بنسخةٍ خطيّة من (مرکز إحياة التراث الإسلامي) وعدد صفحاتها (٢٥) صفحة وکلّ صفحة تضمّ (١٨) سطراً إلاّ الصفحة الأولی، ولکن للأسف کانت النسخة الخطية ناقصة،

٥

وقابلتُ النسخة المطبوعة قديماً والنسخة الخطية فوجدتُ بعض التفاوت وأشرت إلى الاختلاف الذی بينهما. وفی نفس الوقت علقت بعض التعليقات والتوضيحات وأشرت بعض الاشارات، وذکرنا في المقدمة من آثار وبرکات هذا الزيارة.

وأخير أحمد الله تعالی وأستغفره عن کل هفوة وزلّة صدرت منا. وأساله أن يوفقنا لخدمة الدين وأهله بحقّ محمد وآله الطاهرين.

٦

ترجمة الشارح

(٢)

١. اسمه :

هو العلّامة المجتهد آية الله العظمی الملّا حبيب الله الشريف الکاشانی (أعلی الله مقامه).

٢. والده :

هو الفقيه المولی علی مدد الساوجی المتوفی سنة ١٢٧٠هـ بساوة والمدفون بمدينة قم المقدسة بجوار ابن بابويه والملّا مهدي النراقي وکان من أجلّاء علماء عصره ومشاهير فضلاء زمانه، وله مولّفات قيّمة.

٣. والدته :

العلوية الشريفة کريمة العلامة المحقق السيدالحسين الکاشانی (طاب ثراه).

٤. مولده :

ولد في مدينة کاشان وتاريخ ولادته علی ما ذکره بنفسه في آخر کتابه (لباب الألقاب) قال : «وأمّا تاريخ ولادتی فلم أتحققه في مکتوب من الوالد الماجد وإنّما ذکرت والدتی المرحومة أن ولادتك کانت قبل وفاة السلطان الغازی محمد شاه القاجاري بسنتين، وتاريخ وفاته علی ما حقّقناه سنة (١٢٦٤) من الهجرة النبوية.

٧

٥. وفاته ومدفنه :

لقد أجاب داعی الله وعرج بروحه المقدّسه إلى دار السلام وجوار أوليائه الکرام، فلحق بالرفيق الاعلی في صبح يوم الثلاثاء ٢٣ جمادي الثانية عام (١٣٤٠) هجرية من عمر جاوز الثمانين. وشيعته بلدة کاشان برمتها والوفود التی حضرت کاشان من ضواحيها ونواحيها بتشييع حافل بالعلماء والوجوه العلمية وسائر الطبقات، وحمل جثمانه علی الرووس والاکتاف مارين به في البلد حتی جیء به إلى خارج البلد في محل يسمی «دشت أفروز». هذا، والأعلام تخفق أمام نعشه ومواكب اللطم والعزاء خلفه يردّدون أهازيج الحزن بلوعة. ودفن هناک في مقبرته الخاصة وأقيمت لروحه الفواتح في کاشان وفی نواحي اخری من البلاد کما رثته الشعراء والادباء بقصائد مشجية، واليوم مرقده الشريف مزار للخاص والعام في کاشان، ولاسيّما في ليالي الجمعة.

٦. أخلاقه الحميدة :

کان خلاصة علمائنا الاخيار وبقية فقهائنا الابرار، جامعا لانواع الکمالات، ومحاسن الصفات؛من الورع والتقوی والتمسک بالعروة الوثقي، وغاية في التواضع والانصاف في نهاية حسن الاخلاق والعفاف والکرام الذی لم يزل بيته مناخا للوالدين والاضياف، محبوبا لدي العوام والخواص، وکان بجانب عظيم من الزهد والتقشف، کان جشب الماکل وخشن الملبس حيث سار بسيرة الاولياء الصالحين من السلف الصالح، وکان صلب الايمان، وافر العقل، حسن الصحبة، ذا اناة وتامل، لم ياخذه الطيش والحدة إذا غضب، ولم تاخذه في الله لومة لائم، وکان مخالفا لهواه مطيعا لامر مولاه.

وکان دائم الذکر والتلاوة، کثير التهجّد والعبادة، وکان متصفا بالاخلاق السنيّة والشيم المرضية ؛ من لين العریکة، وصفاء الحقيقة، وخلوص المحبة ،

٨

وشدة ولائه الاهل بيت العصمة والطهارة وإحياء ذکرهم ببثّ آثارهم الشريفة. وکان کثير التحمل ـ مع کثرة عائلته ـ للفقر والفاقة(١) .

وأيضا هناك ترجمة ضافية لشيخنا المترجم ذکرها بنفسه في آخر کتاب لباب الالقاب منها، قال : (وبالجملة لولا أنَّ تزکية المرء لنفسه قبيحة عند أرباب العقول لفصّلت الکلام فيما منَّ الله عليَّ من الخصائص في الأحوال بما يطول، والقول المجمل في ذلك أنّي لم اشتغل من بدو تمييزی قبل بلوغی إلى هذه السنة ١٣١٩هجري بما اشتغل به اللاهون والغافلون ولم أصرف عمری فيما صرف فيه البطالون ولم احب المخالطة مع الجهلة ولم ارکن إلى الظلمة، بل کنت محبا للاعتزال، مجتبا عن المراء والجدال، وعن قيل والقال، والجواب والسوال الا في مسائل الحلال والحرام، معرضا عن الحسد والطمع وطول الامال، صابرا علی الباساء والضراء وشدائد الاحوال، وان يجعل عاقبتی خيرا مما مضي.

وبالجملة قد وقفت عمری علی التدريس والتاليف والتصنيف ولم اکترث بما اصابنی من اذی کل وضيع وشريف، ولوشئت ان اذکر نبذا مما اصابنی من أهل هذا البلد وشطرا من ابتلائی بشر الحاسد إذا حسد لملات الطوامير وسطرت الاساطير، ولکنی أسدل دونها ثوبا وأطوی عن ذکرها کشحا فان الصبرعلی هاتی احجی وان کان في العين قذی وفی الحلق شجی.

خليلی جربت الزمان وأهله فلا عهدهم عهد ولا ودّهم ود بلاءٌ علينا کوننا بين معشر ولا فيهم خير ولا منهم بدُّ إلى غير ذلك مما ذکره بنفسه.

__________________

١ ـ هذا الکلام ذکره سبطه في آخر کتاب (أحسن الترتيب).

٩

٧. مشایخه في العلم :

اخذ المترجم له علومه الابتدائية في الصرف والنحو والمنطق والمعانی

والبيان والبديع والتجويد من أساتذة الوقت في ساوة وکاشان، وفرغ منها ولم

يتجاوز الخامسة عشر من عمره، ثم شرع في الفقه واصوله لدي جماهة من

الاجلاء والفحول منهم :

١ ـ الفقيه السيد حسين الحسنی الکاشانی وهو جد آية الله العظمی السيد أبي القاسم الکاشانی المتوفی سنة ١٣٨١هـ.

٢ ـ العلامه المحقق الحاج محمد علی اللاجوردي الکاشانی المتوفی سنة ١٢٩٤هـ (مولف تکميل الاحکام في شرح المختصر النافع) و (شرح نتائج الافکار).

٣ ـ العلامة الحاج المولی محمد حسين الارد کانی الشهير بالفاضل الارد کانی نزيل کربلاء المقدسة والمدفون بها.

٤ ـ العلامة الحاج أبو القاسم الشهير بکلانتر وتلميذ الشيخ الانصاری.

٥ ـ العلامة الجليل زين العابدين الگلبايگانی.

٦ ـ الشيخ محمد الاصفهانی ابن اخت صاحب الفصول.

٧ ـ العلامة الحکيم السيد علی شرف الدين الحسينی المرعشی الشهير

ب (سيد الاطباء) المتوفی سنة ١٣١٦هـ مولف کتاب قانون العلاج وهو جد

المرجع الدينی السيد شهاب الدين المرعشی النجفی.

٨ ـ المولی المحقق عبد الهادي المدرس الطهرانی صاحب التعليقة علی القوانين.

هولاء العلماء الکبار الذين تلمذ عندهم المترجم له وغيرهم واجيز منهم أو روی عنهم احاديث العترة الطاهرة عليهم السّلام.

١٠

٨. تلاميذه :

هناك جم غفير وجمع کثير من العلماء الاعاظم الذين قد استفادوا من دروسه، منهم :

١ ـ المرجع الدينی السيد مصطفی الحسينی الکاشانی.

٢ ـ آية الله العظمی السيد محمد بن إبراهيم العلوی البروجردي الکاشانی المتوفی ١٣٦٢هـ.

٣ ـ العلامة المتبحر أبو القاسم القمی.

٤ ـ العلامة الميرزا المحلاتی نزيل اصفهان ومدرسها المشهور. وهو من أساتذة المرجع الکبير السيد حسين البروجردي.

٥ ـ العلامة النسابة السيد شمس الدين محمود الحسينی المرعشی النجفی صاحب الکتاب (مشجرات العلويين الکرام) وهو والد آية الله العظمی شهاب الدين المرعشی النجفی.

٦ ـ العلامة الجليل الشيخ المحمود التبريزی النجفی المتوفی ١٣٨٥هـ.

٧ ـ العلامة الاديب الميرزا شهاب الدين النراقي.

٨ ـ الميرزا أبو القاسم بن الحاج الملا محمد بن الفقيه المولی أحمد النراقي.

٩ ـ وهناک عشرات من أصحاب السماحة والفضيلة الذين درسو عنده ورووا عنه مع الواسطة ولکن نعرض عن ذکرهم بغية الاختصار ومخافة الاطالة.

٩. أولاده :

أعقب شيخنا المترجم له من الأولاد الذکور خمسة، وهم :

١ ـ الشيخ آقا حسين المتوفی سنة ١٣٧٨هـ.

٢ ـ العلامة الفاضل الشيخ مهدي.

١١

٣ ـ العالم الفاضل أحمد الشريف.

٤ ـ الشيخ محمد الشريف، وهذا الشيخ سعی لاحياء آثار والده.

٥ ـ علی الشريف تزيل طهران المعروف باية الله زاده کاشانی.

١٠. شعره :

کان ممن وهبت له قريحة الشعر والنظم، وکانت قريحته نقادة في إنشاد الشعر باللغتين العربية والفارسية، وکان شعره يعتبر من المتوسط، وله ديوان شعر مطبوع أسماه (تشويقات السالکين) أکثرها في المعارف والحکم والامثال والمواعظ ومناقب ومراثی العترة الطاهرة عليهم السّلام.

ومن شعره في الامام المهدي (عج) في قصيدة طولية منها، قال :

يا سليل المصطفی يابن الحسن

يادليل الخلق يا خير البشر

أنت باب الله يوتی منه فی

عصرنا أنت الامام المنتظر

أنت نور العالمين في الدجی

انت شمس في سحاب مکفهر

أنتم ذخری وذخری حبّکم

حبّکم زادي ونعم المتجر

وبکم أرجو الفلاح والهدي

وشفيعی أنت فيما قد صدر

يا ولی العصر يا قطب الوری

خذ بايدينا بيوم لا مفر

قم بامر الله حتی لا يری

غير حکم الله والاثنی عشر

وقريضي لا يليق مدحهم

فليکن هذا مديحا مختصر

ومن شعره في مدح طلب العلم وآدابه في قصيدة طويلة اولها :

يا طالب العلم کم تسعی بلا عمل

وغاية العلم ترک الحرص والامل

إن کنت طالب علم فاهجر الامل

لا يجمع العلم والآمال في رحل

وطالب العلم مجزی بنيته

فاصف قلبک في النيات والعمل

١٢

لا تطلب العلم للدنيا فقد خسروا

طلاب علم لاجل المال والخول

وطالب العلم منهوم بلا شبع

فلا تراه علی الاحوال في عطل

وفکر طالب علم عند معضلة

فی طول ليلة أحلی من العسل

وطالب المال يسعی في معيشه

وطالب العلم مرزوق بلا ملل

الی آخر القصيدة وهی طويلة نکتفی بهذا المقدار منها.

١١. مؤلفاته وآثاره العلمية :

إنَّ شيخنا المترجم له من الافذاذ الذين وفقهم الله سبحانه بکثرة التاليف والتصنيف فاکثر وأجاد فيها، وکانت مؤلفاته في مختلف العلوم وشتی الفنون. وقال هو عند ترجمته لنفسه : (فنلرجع إلى ذکر مؤلفاتی ومصنفاتی مما کان قبل بلوغی إلى هذه السنة مع قلة الاسباب والابتلاء بالاقشاب واختلال البال وکثرة الديون والعيال وعروض الامراض والاعراض من حوادث الدهر الخوان من فقد الخلان وموت الولدان وغير ذلك مما يقصر عنه نطاق البيان، فنقول:- ومن الله التوفيق والتسديد- ترتقي هی إلى مائة وثلاثين بل تزيد(١) .

١ ـ مصابيح الظلام.

٢ ـ مصابيح الدجی.

٣ ـ التذکرة.

٤ ـ حديقة الجمل.

٥ ـ حقائق النحو.

٦ ـ المنظومة في الاصول ألّفها قبل البلوغ، تزيد علی ألف ومائتين من الابيات.

٧ ـ منظومة في افعال الصلاة موسومة بزبدة المقال في نظام الافعال.

٨ ـ لباب الفکر في علم المنطق.

٩ ـ لبُّ النظر في المنطق.

١٠ ـ هداية الضبط في علم الخط.

__________________

١ ـ سوف نذکر العربية منها فقط.

١٣

١١ ـ نخبة التبيان في علم البيان.

١٢ ـ بوارق الدهر في تفسير سورة الدهر.

١٣ ـ کشف السحاب في شرح الخطبة الشقشقية.

١٤ ـ مصاعد الصلاح في شرح دعاء الصباح.

١٥ ـ جذبة الحقيقة في شرح دعاء کميل.

١٦ ـ شرح علی مناجاة الخمسة عشر.

١٧ ـ رسالة في الرد علی البابية وذکر کلماتهم الواهية.

١٨ ـ حکم المواعظ.

١٩ ـ الدر المکنون في شرح ديوان المجنون.

٢٠ ـ صراط الرشاد في الاخلاق.

٢١ ـ رسالة في معنی الصلاة علی محمد وآل محمّد وآله صلّی الله عليه وآله.

٢٢ ـ منتقد المنافع في شرح المختصر النافع.

٢٣ ـ وسيلة المعاد في فضائل محمد وآل محمّد وآله صلّی الله عليه وآله.

٢٤ ـ شرح دعاء صنمی قريش.

٢٥ ـ شرح زيارة وارث.

٢٦ ـ شرح قصيدة الفرزدق.

٢٧ ـ شرح دعاء العديلة.

٢٨ ـ شرح زيارة عاشوراء وهو هذا الکتاب الذی بين يديك.

٢٩ ـ خواص الاسماء.

٣٠ ـ کتاب لباب الالقاب في القاب الاطياب.

١٤

من آثار وبرکات زيارة عاشوراء

(٣)

١. زيارة عاشوراء ورضوان الله تعالی :

کتب الولد الكبير لاية الله الاميني الدكتور محمد هادي الاميني : بعد أربعة سنين من وفاة والدي المرحوم العلّامة الأميني رأيته في إحدي ليالي الجمعة وقبل أذان الفجر سنة ١٣٩٤ هـ في عالم الرؤيا فرحا وعلى هيية حسنة فتقدّمت نحوه، وسلّمت عليه. وسئلته أي الأعمال أوصلتك الى هذه السعادة؟ قال : ماذا تقول أنت؟ وعرضت عليه السوال مرة أخرى هكذا : سيدي في هذا المكان الذي تقيم فيه الان، أي الأعمال أوصلتك اليه : كتاب (الغدير) أو بقية التأليفات. أو تأسيس مكتبة أمير المومنين؟ قال : وضح أكثر لا أعرف المقصود من سوالك هذا، قلت : أنت بعيد الان عنا، وذهبت الى العالم الاخر، فبأي الاعمال العلميّة والخدمات الدينيّة والمذهبية وصلت الى ما أرى؟ فمكث المرحوم الاميني قليلا، ثم قال : فقط عن طريق زيارة أبي عبد الله الحسين عليه السّلام، ثمّ سألته : أنت تعرف في الوقت الحاضر أن الروابط السياسية بين ايران والعراق غير عادية والذهاب الى كربلاء غير ممكن.

قال : قوموا واشترکوا في مجالس عزاء الإمام الحسين عليه السّلام فلها ثواب زيارة مرقد أبي الأحرار الحسين عليه السّلام، ثم قال لي : يا ولدي أوصيتك في السابق کثيرا بقراءة زيارة العاشوراء، والآن اُکرر عليك وأقول : إستمر بقراءتها ولا تترکها لأي سبب کان، اقرأها دائما وکأنها جزء من واجباتک اليومية، فإنَّ لهذه الزيارة فوائد

١٥

وبرکات کثيرة، وهي طريق نجاتك في الدنيا والآخرة، أسألکم الدعاء(١) .

٢. زيارة عاشوراء وقضاء الدين :

ذکر العالم الجليل آية الله القوچانی النجفي في مدکراته ضمن خاطراته في المدة التي قضاها في اصفهان، والتي استمرت أربع سنوات من سنة ١٣١٤هـ إلى ١٣١٨هـ. کتبت إلى أبي ليرسل رسالة يشرح لي فيها حالته، لأني قلق عليه، فما أن أرسلت الرسالة، وإذا براسلة من أبي وصلتنی يقول فيها بان زوجته قد توفيت.

وکتبت أيضا : انه قبل عشر السنوات من هذه اقترض مبلغ اثنی عشر تومان لتسديد نفقات سفره لزيارة العتبات المقدسة ولکن بسبب (الربا) وصل القرض إلى ثمانين تومان وکل ماکان يملک أبي لم يصل إلى هذا المقدار، فصممت ان اقرا زيارة عاشوراء ولمدة اربعين يوما، وعلی سطح مسجدالسلطان الصفوی، وطلبت ثلاث حاجات :

الاولی : أداء قرض والدي.

الثانية : طلب المغفرة.

الثالثة : الزيادة في العلم والاجتهاد.

کنت أبدا بالقراءة قبل الظهر واتمها قبل ان يزول الظهر وتستغرق قرائتها مدة ساعتين، فلما تمت الاربعين يوما، وبعد الشهر تقريبا کتب لی الوالد : بان الامام موسی بن جعفر عليهم السّلام أدي قرضي، فکتبت له : لا، الامام الحسين عليهم السّلام أداه، وکلّهم نور واحد(٢) .

__________________

١ ـ زيارة عاشوراء وآثارها العجيبة ص ٤٥.

٢ ـ السياحة الشرقية ص ٢٠٤.

١٦

٣. زيارة عاشوراء ورفع مرض الوباء :

قال المرحوم آية الله الشيخ عبد الکريم الحائری : عند ما کنت مشغولا بدراسة العلوم الدينية في سامراء أصيب أهل تلک المدينة بمرض الوباء وکان في کل يوم يموت عدد کثير منهم. ذات يوم عندما کنت في بيت أستادي المرحوم السيد (محمد الفشارکی) وکان هناک عدد من أهل العلم جاء فجاة المرحوم الميرزا محمد تقي الشيرازی وبدا بالکلام عن الوباء والطاعون، وأن کل الناس معرضون لخطر الموت.

فقال آية الله الفشارکی: إذا أصدرت حکما هل ينفذ؟ ثم قال : هل تعتقدون بأنی مجتهد جامع للشرائط؟

فقال الجالسون : نعم، فقال : إنّی آمر شيعة سامراء أن يلتمزوا بقراءة زيارة عاشوراء لمدة عشرة أيام ويهدون ثوابها إلى روح نرجس خاتون، والدة الامام الحجة ابن الامام الحسن العسکری (عج) ويجعلونها شافعة لنا لدي ولدها لأن يشفع لامتة عند ربه وانی أضمن لکل من يلتزم بقراءة هذه الزيارة أن لايصاب بالوباء.

قال : ما إن صدر هذا الحکم أجمع الشيعة المقيمون في السامراء علی إطاعة الحکم وقراءة الزيارة، وبعد القراءة الزيارة فعلا توقفت الإصابة، بينما کان کل يوم يموت عدد کثير من أبناء العامة ومن شدة خجلهم يدفنون موتاهم بالليل(١) .

وقد سأل بعض العامة عن سبب توقف الوباء فيهم، فقالوا لهم : قرأنا زيارة عاشوراء، فاشتغلوا بقراءة هذه الزيارة المبارکة ورفع عنهم البلاء(٢) .

__________________

١ ـ القصص العجيبة، ص ٤٩٦ للسيد عبد الحسين دستغيب.

٢ ـ نفس المصدر.

١٧

٤. زيارة عاشوراء وزيادة الرزق :

قال الشيخ عبد الجواد الحائری المازندرانی : جاء شخص إلى حضرة شيخ الطائفة : الشيخ زين العابدين المازندرانی يشکو اليه ضيق المعاش، فقال له الشيخ : اذهب إلى ضريح الامام الحسين عليه السلام واقرا زيارة عاشوراء فسياتيک رزقک، واذا لم ياتک ارجع إلى فساطيک ما تحتاج اليه، وبعد فترة من الزمان التقيت به فسالته عن حاله، فقال : عندما کنت مشغول بقراءة الزيارة في حرم الامام أبي الأحرار عليه السّلام جائني رجل وأعطانی مبلغا من المال ففتحت أمامی أبواب الرزق(١) .

٥. زيارة عاشوراء وتسهيل أمر الزواج :

قال أحد الخطباء والوعاظ : جائنی قبل عدة سنين صديق شاب ومؤمن، وطرح لی حاجة مستعصية، وقال : نويت الزواج منذ فترة، ولکنی في کل مرة اتقدم فيها اواجه بعض المشاکل والمصاعب، فقلت له : لعلک تقدمت إلى افراد ليسوا من مقامك وشانك؟

قال : ليس کذالك، واذا لم تصدقنی، تقدم لی أنت إلى عائلة في طبقتی وشانی واخطب لی.

فذهبت إلى أحد أصدقائی الذی کنت مطمئنا منه بأنه يجيبنی وطلبت منه ابنته لهذا الشاب المؤمن في البداية فوافق، وبعد فترة قال : أستخير الله، ومع الاسف أجاب الرد.

هذه القصة آلمتنی کثيرا، وقال لی صديقي : رأيت الحق معی.

__________________

١ ـ تذکرة الزائرين.

١٨

قلت له : لا تؤذ نفسك، ولقضاء مشکلتك اقرأ ـ بعد أداء فريضة صلاة الصبح وتعقيباتها ـ زيارة عاشوراء مع اللعن مائة مرة والسّلام مائة مرة.

فبدأ بقراءة الزيارة، وفي يوم السابع والعشرين جائنی فرحا، وقالت : تقدمت إلى إحدي العوائل، فوافقوا وانا وهم في غاية الرضا، واليوم بعد العصر تقام مراسيم الخطبة، وارجو ان تکون من الشاهدين لها، فقلت له حينئذ : لا تنسي الثلاثة عشر يوما الباقية، وأنت بدأت حياتک الزوجية ببرکة زيارة عاشوراء، وفی أیّ وقت واجهت مشکلة في حياتك توسّل بها لقضائها، فإنها تقضی إن شاء الله(١) .

تم الفراغ من کتابة هذه المقدمة يوم الجمعة ١٦ ذی الحجة ١٤٢٢هـ

قم المقدسة

نزار نعمة الحسن

__________________

١ ـ زيارة عاشوراء وآثارها العجيبة ص ٥٠.

١٩

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

الطّرفة الثامنة والعشرون

روى هذه الطّرفة - عن كتاب الطّرف - العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٤٩٢ - ٤٩٣ ) ونقلها العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٩٤ ) باختصار.

يا عليّ، أضمنت ديني تقضيه عنّي؟ قال: نعم

تقدّم بيانه في الطّرفة السابعة، وفي الطّرفة العشرين، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من كانت له عندي عدة فليأت فيها عليّ بن أبي طالب »، ومرّ فيها أداء عليّعليه‌السلام لما ضمنه لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّه كان ينادي في الموسم وغيره: « من كان له عند رسول الله عدة أو دين فليأتني »، وتقدّم أنّ الحسن والحسينعليهما‌السلام فعلا ذلك أيضا بعد عليّعليه‌السلام ، كلّ ذلك بعد وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مضافا إلى أنّ عليّاعليه‌السلام قضى ديون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأدّى الأمانات الّتي كانت عندهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأهلها، وذلك عند هجرته المباركة إلى المدينة المنوّرة كما ثبت ذلك في محله.

يا عليّ غسّلني ولا يغسّلني غيرك

من الثابت تاريخيا، أنّ عليّاعليه‌السلام هو الّذي غسّل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وسيأتيك ذلك بحول الله وقوّته، وقد كان تغسيله للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بأمر منه، حيث أوصى النبي وأمر عليّا أن لا يغسّله غيره.

ففي أمالي الصدوق (٥٠٥) بسنده عن ابن عبّاس، قال: لمّا مرض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعنده

٥٤١

أصحابه، قام إليه عمّار بن ياسر، فقال له: فداك أبي وأمّي يا رسول الله، من يغسّلك منّا إذا كان ذلك منك؟ قال: ذاك عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام . وعنه في روضة الواعظين (٧٢).

وفي كتاب سليم بن قيس (٧٤) قال: سمعت البراء بن عازب يقول: كنت أحبّ بني هاشم حبّا شديدا في حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبعد وفاته، فلمّا قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أوصى عليّاعليه‌السلام أن لا يلي غسله غيره.

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٣٩ ): إبانة ابن بطّة، قال يزيد بن بلال: قال عليّعليه‌السلام : أوصى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أن لا يغسّله أحد غيري.

وفي دلائل الإمامة (١٠٦) بسنده عن عمارة بن يزيد الواقديّ في حديث طويل، قال فيه الإمام الباقرعليه‌السلام : وأوحى الله إلى نبيّه أن لا يبقي في غيبه وسرّه ومكنون علمه شيئا إلاّ ناجاه [ أي عليّا ] به، وأمره أن يؤلّف القرآن من بعده، ويتولّى غسله وتحنيطه وتكفينه من دون قومه.

وفي كفاية الأثر (١٢٥) بسنده عن عمّار: لمّا حضرت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الوفاة، دعا بعليعليه‌السلام ثمّ التفت إلى عليّعليه‌السلام ، فقال: يا عليّ، لا يلي غسلي وتكفيني غيرك.

وفيه (٢١) بسنده عن عطاء، عن ابن عبّاس، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ، وهو الإمام والخليفة من بعدي، فمن تمسّك به فاز ونجا، ومن تخلّف عنه ضلّ وغوى، يلي تكفيني وغسلي ويقضي ديني ....

وفي كنز العمال ( ج ٦؛ ٣٩٣ ) بسنده عن ابن عبّاس، في حديث نقل فيه عمر قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام : وأنت عاضدي وغاسلي ودافني.

وفي مجمع الزوائد ( ج ٩؛ ٣٩ ) بسنده عن عليّعليه‌السلام ، قال: أوصاني النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أن لا يغسّله أحد غيري.

وانظر بشارة المصطفى (٥٨) والخصال ( ٣٧١، ٥٧٣ ) وتفسير القمّي ( ج ٢؛ ١٠٩ ) والمسترشد ( ١٦٩، ٣٣٦ ) واليقين (٣٩٠) وكتاب سليم بن قيس (٢٠٩) وأمالي الطوسي (٦٦٠) وطبقات ابن سعد ( ج ٢؛ ٢٧٨ ) وحلية الأولياء ( ج ٤؛ ٧٣ ) والرياض النضرة

٥٤٢

( ج ٢؛ ١٧٨ ) ووسيلة المآل للحضرمي (٢٣٩) وتحفة المحبّين بمناقب الخلفاء الراشدين (١٨٧) وتاريخ دمشق ( ج ٢؛ ٤٨٧ / الحديث ١٠٠٦ ). وسيأتي المزيد في أثناء المطالب الآتيه في وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

إنّه لا يرى عورتي أحد غيرك إلاّ عمي بصره

في دلائل الإمامة (١٠٦) بسنده عن عمارة بن يزيد الواقديّ في حديث طويل، قال فيه الإمام الباقرعليه‌السلام : وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله لأهله وأصحابه: حرام أن تنظروا إلى عورتي غير أخي، فهو منّي وأنا منه، له مالي، وعليه ما عليّ.

وفي المسترشد (٣٣٦) بسنده: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: فإن رأى أحد شيئا من جسدي وأنا ميّت ذهب بصره.

وفي كتاب سليم بن قيس (٧٤) قال: سمعت البراء بن عازب يقول فلمّا قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أوصى عليّا أن لا يلي غسله غيره، وأنّه لا ينبغي لأحد أن يرى عورته غيره، وأنّه ليس أحد يرى عورة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلاّ ذهب بصره.

وفي طبقات ابن سعد ( ج ٢؛ ٢٧٨ ) بسنده عن يزيد بن بلال، قال: قال عليّعليه‌السلام : أوصى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ألاّ يغسّله أحد غيري، فإنّه « لا يرى أحد عورتي إلاّ طمست عيناه ».

وفي مناقب ابن المغازلي (٩٣) بسنده عن السائب بن يزيد، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يحلّ لمسلم يرى مجرّدي - أو عورتي - إلاّ عليّ. وروى مثله بسنده عن جابر الأنصاريّ في مناقبه أيضا (٩٤).

وانظر فقه الرضاعليه‌السلام (٢١) والمسترشد (٦٩) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٣٩ ) وأمالي الطوسي (٦٦٠) وبصائر الدرجات (٣٢٨) وكفاية الأثر (١٢٥) والخصال (٥٧٣) وكنوز الحقائق (١٩٣) ومجمع الزوائد ( ج ٩؛ ٣٩ ) وكنز العمال ( ج ٧؛ ١٧٦ ) ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ( ج ٣؛ ١٢٢ ) والشفاء للقاضي عياض ( ج ١؛ ٥٤ ) ونهاية الأرب ( ج ١٨؛ ٣٨٩ ) والبداية والنهاية ( ج ٥؛ ٢٨٢ ).

٥٤٣

يعينك جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت وإسماعيل

في نهج البلاغة ( ج ٢؛ ١٧٢ ) من كلام لعليّعليه‌السلام ، قال فيه: ولقد قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وإنّ رأسه لعلى صدري، ولقد سالت نفسه في كفّي، فأمررتها على وجهي، ولقد وليت غسلهصلى‌الله‌عليه‌وآله والملائكة أعواني، فضجّت الدار والأفنية، ملأ يهبط وملأ يعرج، وما فارقت سمعي هينمة منهم يصلّون عليه حتّى واريناه في ضريحه. وانظر هذا النص في ربيع الأبرار للزمخشريّ ( ج ٥؛ ١٩٧ ).

وفي كتاب سليم بن قيس (٧٤) قال: سمعت البراء بن عازب، يقول: فقال عليّعليه‌السلام : يا رسول الله، فمن يعينني على غسلك؟ قال: جبرئيل في جنود من الملائكة، فكان عليّعليه‌السلام يغسّله، والفضل بن العبّاس مربوط العينين يصبّ عليه الماء، والملائكة يقلّبونه له كيف شاء.

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٢٤٥ ) وقد احتج أمير المؤمنين يوم الشورى، فقال: هل فيكم من غسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله غيري، وجبرئيل يناجي، وأجد مسّ يده معي؟!

وفي أمالي الطوسي (١١) بسنده عن الأصبغ بن نباتة، قال: إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام خطب ذات يوم، فحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ قال: ولقد قبض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وإنّ رأسه لفي حجري، ولقد وليت غسله بيدي، تقلّبه الملائكة المقرّبون معي. ورواه الأربلي في كشف الغمّة ( ج ١؛ ٣٧٩ ) ورواه المفيد في أماليه (٢٣٥) بسنده عن الأصبغ أيضا، ورواه نصر بن مزاحم في وقعة صفين (٢٢٤) بسنده عن أبي سنان الأسلمي.

وفي أمالي الصدوق (٥٠٥) بسنده عن ابن عبّاس، قال: لمّا مرض رسول الله،صلى‌الله‌عليه‌وآله وعنده أصحابه، قام إليه عمّار بن ياسر، فقال له: فداك أبي وأمّي يا رسول الله من يغسّلك منّا إذا كان ذلك منك؟ قال: ذاك عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ؛ لأنّه لا يهمّ بعضو من أعضائي إلاّ أعانته الملائكة على ذلك. وعنه في روضة الواعظين (٧٢).

وفي كفاية الأثر (١٢٥) بسنده عن عمّار بن ياسر، قال: لمّا حضرت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الوفاة دعا بعليعليه‌السلام ثمّ التفتصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى عليّعليه‌السلام ، فقال: يا عليّ، لا يلي غسلي وتكفيني غيرك، فقال عليّعليه‌السلام : يا رسول الله، من يناولني الماء؛ فإنّك رجل ثقيل لا أستطيع أن أقلّبك؟

٥٤٤

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ جبرئيل معك، والفضل يناولك الماء، وليغطّ عينيه؛ فإنّه لا يرى أحد عورتي إلاّ انفقأت عيناه. ومثله في فقه الرضاعليه‌السلام (٢١) عن الصادقعليه‌السلام .

وفي كتاب سليم بن قيس (٢٠٩) في مناشدة الحسينعليه‌السلام في منى، قال: أتعلمون أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمره [ أي عليّاعليه‌السلام ] بغسله، وأخبره أنّ جبرئيل يعينه عليه؟ قالوا: اللهم نعم.

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٣٨ ): حلية الأولياء، وتاريخ الطبريّ: أنّ عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام كان يغسّل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والفضل يصبّ الماء عليه، وجبرئيل يعينهما.

وفي المسترشد (٣٣٨) قول عليّعليه‌السلام : هل فيكم أحد قلّب رسول الله مع الملائكة - لا أشاء أقلّب منه عضوا إلاّ قلبته الملائكة معي - وحظي بغسله من جميع الناس، غيري؟! قالوا: لا.

وفي حلية الأولياء ( ج ٤؛ ٧٧ ) بسنده عن ابن عبّاس وجابر الأنصاريّ، في حديث طويل في وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيه: فقال عليّعليه‌السلام : يا رسول الله، إذا أنت قبضت، فمن يغسلك؟ وفيما نكفّنك؟ ومن يصلّي عليك؟ ومن يدخلك القبر؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ، أمّا الغسل فاغسلني أنت، وابن عبّاس يصبّ عليك الماء، وجبرئيل ثالثكما.

وسيأتي إعانة الملائكة لعليّعليه‌السلام في تغسيله النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في الطّرفة الثالثة والثلاثين عند قول عليّعليه‌السلام : « ولا أقلب منه عضوا إلاّ قلب لي ».

قلت: فمن يناولني الماء؟ قال: الفضل بن العبّاس من غير نظر إلى شيء منّي

في كتاب سليم بن قيس (٧٤) قال: سمعت البراء بن عازب يقول: فلمّا قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أوصى عليّاعليه‌السلام أن لا يلي غسله غيره، وأنّه لا ينبغي لأحد أن يرى عورته غيره، وأنّه ليس أحد يرى عورة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلاّ ذهب بصره فكان عليّعليه‌السلام يغسّله والفضل بن العبّاس مربوط العينين يصبّ الماء.

وفي إعلام الورى (٨٢): ولمّا أراد عليّعليه‌السلام غسله استدعى الفضل بن عبّاس، فأمره أن يناوله الماء، بعد أن عصب عينيه.

٥٤٥

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٣٩ ): وروي أنّه لمّا أراد عليّعليه‌السلام غسلهصلى‌الله‌عليه‌وآله استدعى الفضل بن عبّاس ليعينه، وكان مشدود العينين، وقد أمره عليّعليه‌السلام بذلك إشفاقا عليه من العمى.

وفي الإرشاد (١٠٠): فلمّا أراد أمير المؤمنينعليه‌السلام غسلهصلى‌الله‌عليه‌وآله استدعى الفضل بن العبّاس، فأمره أن يناوله الماء لغسله بعد أن عصب عينيه.

وفي فقه الرضاعليه‌السلام (٢١): وقال جعفرعليه‌السلام : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أوصى إلى عليّعليه‌السلام أن « لا يغسّلني غيرك »، فقال عليّعليه‌السلام : يا رسول الله، من يناولني الماء، وإنّك رجل ثقيل لا أستطيع أن أقلّبك؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : جبرئيل معك يعاونك، ويناولك الفضل الماء، وقل له: فليغطّ عينيه، فإنّه لا يرى أحد عورتي غيرك إلاّ انفقأت عيناه، قال: فكان الفضل يناوله الماء، وجبرئيل يعاونه. وروى مثله الخزاز في كفاية الأثر (١٢٥) بسنده عن عمّار.

وهذا فيه دلالة على أنّ الفضل عصب عينيه بأمر من عليّعليه‌السلام لئلاّ يعمى إذا وقع بصره على عورة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وفي طبقات ابن سعد ( ج ٢؛ ٢٧٨ ): بسنده عن يزيد بن بلال، قال: قال عليّعليه‌السلام : أوصى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ألاّ يغسّله أحد غيري، فإنّه لا يرى أحد عورتي إلاّ طمست عيناه، قال عليّعليه‌السلام : فكان الفضل وأسامة يناولاني الماء من وراء الستر وهما معصوبا العين. ورواه محمّد صدر العالم في كتابه معارج العلى في مناقب المرتضى (١٢١).

وفي البداية والنهاية ( ج ٥؛ ٢٨٢ ) عن البيهقيّ في دلائل النبوّة ( ج ٧؛ ٢٤٤ ) بسنده عن يزيد بن بلال: سمعت عليّاعليه‌السلام يقول: أوصى رسول الله أن لا يغسّله أحد غيري، فإنّه لا يرى أحد عورتي إلاّ طمست عيناه، قال عليّعليه‌السلام : فكان العبّاس وأسامة يناولاني الماء من وراء الستر.

وقال ابن كثير أيضا ( ج ٥؛ ٢٨٢ ) وقد أسند هذا الحديث الحافظ أبو بكر البزّار في مسنده وساق مثله.

ويدلّ على أنّ الفضل كان معصوب العين أو وراء الستر - يناول عليّا الماء - ما تقدّم

٥٤٦

من أنّه لا يرى عورة النبي أو مجرّده أو جسده أحد غير عليّ إلاّ عمي بصره، هذا مع الفراغ عن أنّ الفضل كان يناوله الماء قطعا، إمّا لوحده كما هو الصواب، أو معه غيره كما ورد في بعض الروايات. وقد ذكرت حضور الفضل في الغسل ومناولة الماء كلّ المصادر الّتي ذكرت وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فلا حاجة للإطالة في ذلك، وقد مرّ بعضها آنفا.

فإذا فرغت من غسلي فضعني على لوح، وأفرغ عليّ من بئر غرس أربعين دلوا مفتّحة الأفواه

لقد وردت الروايات في كتب الفريقين، أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أوصى أن يغسل بستّ أو سبع قرب من ماء بئره بئر غرس، وانفرد هذا الخبر بذكر وصيّتهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأن يفرغ عليه أربعين دلوا أو قربة من هذا البئر بعد غسله. وفي الاستبصار ( ج ١؛ ١٩٦ / ٦٨٧ ) عن الصادقعليه‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام : يا عليّ، إذا أنا متّ فاغسلني بسبع قرب من بئر غرس. وهو في التهذيب ( ج ١؛ ٤٣٥ / ١٣٩٨ ).

وفي الاستبصار أيضا ( ج ١؛ ١٩٦ / ٦٨٨ ): ما رواه سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد ابن أبي نصر، عن فضل بن سكرة، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جعلت فداك، هل للماء حدّ محدود؟ قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليّعليه‌السلام : إذا أنا متّ فاستق لي ستّ قرب من بئر غرس، فاغسلني وكفّنّي.

انظر أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاعليه‌السلام بتغسيله بست أو سبع قرب من ماء بئر غرس في مناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٣٨ - ٢٣٩ ) وبصائر الدرجات ( ٣٠٣ - ٣٠٤ ) والكافي ( ج ١؛ ٢٩٧ ) وطبقات ابن سعد ( ج ٢؛ ٢٨٠ « وغسل من بئر يقال لها الغرس » ) ومعجم البلدان ( ج ٤؛ ١٩٣ ) وفي الوفا لابن الجوزيّ (٨١٠) « العرس ».

وفي البداية والنهاية ( ج ٥؛ ٢٨٢ ) عن البيهقي في دلائل النبوّة ( ج ٧؛ ٢٤٤ )، بسنده عن الباقرعليه‌السلام ، قال: غسل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بالسدر ثلاثا، وغسل وعليه قميص، وغسل من بئر كان يقال لها « الغرس » بقباء، كانت لسعد بن خيثمة، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يشرب منها ....

٥٤٧

وفيه أيضا ( ج ٥؛ ٢٨٢ ): وقال الواقدي: حدّثنا عاصم بن عبد الله الحكمي، عن عمير ابن عبد الحكم، قال: قال رسول الله: « نعم البئر بئر غرس، هي من عيون الجنّة، وماؤها أطيب المياه » وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يستعذب له منها، وغسل من بئر غرس.

ثمّ ضع يدك يا عليّ على صدري ثمّ تفهم عند ذلك ما كان وما هو كائن

هذه الفقرة تبيّن طريقة من طرق علم الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ولذلك ذكر المجلسي الروايات المتعلّقة بهذا المطلب في أبواب علم أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وقد روى كبار علماء الإماميّة هذا المضمون.

ففي الكافي ( ج ١؛ ٢٩٦ - ٢٩٧ ) بسنده عن فضيل بن سكرة، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جعلت فداك، هل للماء الّذي يغسّل به الميّت حدّ محدود؟ قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليّعليه‌السلام : إذا متّ فاستق ستّ قرب من ماء بئر غرس، فغسّلني وكفّنّي وحنّطني، فإذا فرغت من غسلي وكفني فخذ بجوامع كفني وأجلسني، ثمّ سلني عمّا شئت، فو الله لا تسألني عن شيء إلاّ أجبتك فيه.

وفيه أيضا ( ج ١؛ ٢٩٧ ) بسنده عن أبان بن تغلب، عن الصادقعليه‌السلام ، قال: لمّا حضر رسول الله الموت دخل عليه عليّعليه‌السلام ، فأدخل رأسه، ثمّ قال: يا عليّ، إذا أنا متّ فغسّلني وكفّني، ثمّ أقعدني وسلني، واكتب.

وعقد الصفّار في بصائر الدرجات ( ٣٠٢ - ٣٠٤ ) الباب السادس من الجزء السادس تحت عنوان « باب في وصيّة رسول الله أمير المؤمنين أن يسأله بعد الموت »، روى فيه عشرة أحاديث في ذلك: الأوّل: عن عمر بن أبي شعبة، والثاني: عن الحسين بن معاوية، عن الصادقعليه‌السلام ، والثالث: عن بعض أصحابنا، عن الصادقعليه‌السلام ، والرابع: عن حفص ابن البختري، عن الصادقعليه‌السلام ، والخامس: عن أبان بن تغلب، عن الصادقعليه‌السلام ، والسادس: عن حفص بن البختريّ، عن الصادقعليه‌السلام ، والسابع: عن عمر بن سليمان الجعفي،

٥٤٨

عن الصادقعليه‌السلام ، والثامن: عن فضيل سكرة، عن الصادقعليه‌السلام ، والتاسع: عن فضيل سكرة أيضا، عن الصادقعليه‌السلام ، والعاشر: عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر، عن أبيه، عن عليّعليه‌السلام . ونحن ننقل الثاني والعاشر منها:

فعن الحسين بن معاوية، قال: قال لي جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاعليه‌السلام : فقال: يا عليّ، إذا أنا متّ فاستق ستّ قرب من ماء، فإذا استقيت فأنق غسلي وكفّني وحنّطني، فإذا كفّنتني وحنّطتني، فخذني وأجلسني، وضع يدك على صدري، وسلني عمّا بدا لك.

وعن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر، عن أبيه، عن عليّعليه‌السلام ، قال: أوصاني النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أنا متّ فغسّلني بستّ قرب من بئر غرس، فإذا فرغت من غسلي فأدرجني في أكفاني، ثمّ ضع فاك على فمي، قال: ففعلت، وأنبأني بما هو كائن إلى يوم القيامة.

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٣٧ ): أبان بن تغلب، والحسين بن معاوية، وسليمان الجعفريّ، وإسماعيل بن عبد الله بن جعفر، كلّهم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: لمّا حضر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الممات دخل عليه عليّعليه‌السلام ، فأدخل رأسه معه، ثمّ قال: يا عليّ، إذا أنا متّ فغسّلني وكفّني، ثمّ أقعدني وسائلني واكتب.

تهذيب الأحكام: فخذ بمجامع كفني، وأجلسني، ثمّ اسألني عمّا شئت، فو الله لا تسألني عن شيء إلاّ أجبتك فيه - انظر التهذيب ( ج ١؛ ٤٣٥ / ١٣٩٧ ) - وفي رواية أبي عوانة، بإسناده، قال عليّعليه‌السلام : ففعلت، فأنبأني بما هو كائن إلى يوم القيامة.

وفي إثبات الوصيّة (١٠٥): وروي أنّه كان ممّا قال له في تلك الحال: إذا أنا متّ فغسّلني وكفّنّي وحنّطني، ثمّ أجلسني، فاسأل عمّا بدا لك واكتب.

ونقل المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٥١٤ ) رواية بهذا الصدد عن كتاب الخرائج والجرائح.

٥٤٩

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ ما أنت صانع لو تأمر القوم عليك من بعدي، وتقدّموك وبعثوا إليك طاغيتهم يدعوك إلى البيعة، ثمّ لبّبت بثوبك، وتقاد كما يقاد الشارد من الإبل مرموما مخذولا محزونا مهموما

مرّ ما يتعلّق بظلم القوم لأمير المؤمنينعليه‌السلام وغصبهم الخلافة في الطّرفة الرابعة عشر، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا عليّ توفي على الصبر منك والكظم لغيظك على ذهاب حقّك » وفي الطّرفة السادسة والعشرين، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « فقد أجمع القوم على ظلمكم »، كما مرّ أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أخبره بأسمائهم وحلاّهم، وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٢٠٣ ) عن أبي جعفر، عن أبيهعليه‌السلام قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام : كيف بك يا عليّ إذا ولّوها من بعدي فلانا؟ قال: هذا سيفي أحول بينهم وبينها، قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : وتكون صابرا محتسبا فهو خير لك منها، قال عليّعليه‌السلام : فإذا كان خيرا لي فأصبر وأحتسب، ثمّ ذكر فلانا وفلانا كذلك ....

كلّ هذا قد مرّ فيما تقدّم، كما تقدّم أنّ بيعتهم ضلالة، وأنّهم كانوا يخطّطون لقتل عليّ في السقيفة، وعند صلاة الفجر، ويوم الشورى، وسنذكر هنا جرّهم لعليّعليه‌السلام بالرّمّة - أي الحبل - وسوقهم إيّاه سوقا عنيفا، وقودهم إيّاهعليه‌السلام كما يقاد الجمل المخشوش.

ففي شرح النهج ( ج ١٥؛ ١٨٦ ) من كتاب لمعاوية بن أبي سفيان إلى عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، يقول في جملته: لقد حسدت أبا بكر والتويت عليه، ورمت إفساد أمره، وقعدت في بيتك، واستغويت عصابة من الناس حتّى تأخّروا عن بيعته، ثمّ كرهت خلافة عمر وحسدته، واستطلت مدّته، وسررت بقتله، وأظهرت الشماتة بمصابه، حتّى إنّك حاولت قتل ولده لأنّه قتل قاتل أبيه، ثمّ لم تكن أشدّ منك حسدا لابن عمك عثمان، وما من هؤلاء إلاّ من بغيت عليه، وتلكّأت في بيعته، حتّى حملت إليه قهرا، تساق بخزائم الاقتسار كما يساق الفحل المخشوش ....

وجواب عليّعليه‌السلام لهذا الكتاب في نهج البلاغة ( ج ٣؛ ٣٠ - ٣٥ )، حيث افتخرعليه‌السلام بما وقع عليه من الظلم، وعدّ ذلك مفخرة لا منقصة، فقال في جوابه: وقلت أنّي كنت أقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتّى أبايع، ولعمر الله لقد أردت أن تذمّ فمدحت، وأن تفضح

٥٥٠

فافتضحت، وما على المسلم من غضاضة في أن يكون مظلوما، ما لم يكن شاكّا في دينه، ولا مر تابا بيقينه. وانظر هذه الفقرة من كتابهعليه‌السلام في تقريب المعارف (٢٣٧). والكتاب في الاحتجاج، انظر الفقرة هذه في (١٧٨) منه.

وفي كتاب سليم بن قيس (٨٤): فانطلق قنفذ الملعون فاقتحم هو وأصحابه بغير إذن، وثار عليّعليه‌السلام إلى سيفه، فسبقوه إليه وكاثروه وهم كثيرون، فتناول بعض سيوفهم فكاثروه، فألقوا في عنقه حبلا ثمّ انطلق بعليعليه‌السلام يعتل عتلا، حتّى انتهي به إلى أبي بكر ...

وانظر مضمون خبر سليم في بيت الأحزان (١٦٠).

وفيه أيضا (٢٥١): فانتهوا بعليعليه‌السلام إلى أبي بكر ملبّبا.

وفيه أيضا (٨٩): فنادى عليّعليه‌السلام قبل أن يبايع، والحبل في عنقه: يا( ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي ) (١) .

وفي الاحتجاج (٨٣): فانطلق قنفذ، فاقتحم هو وأصحابه بغير إذن، وبادر عليّعليه‌السلام إلى سيفه ليأخذه، فسبقوه إليه، فتناول بعض سيوفهم، فكثروا عليه فضبطوه، وألقوا في عنقه حبلا أسود ثمّ انطلقوا بعليعليه‌السلام ملبّبا بحبل، حتّى انتهوا به إلى أبي بكر، وعمر قائم بالسيف على رأسه، وخالد بن الوليد، وأبو عبيدة بن الجراح، وسالم، والمغيرة بن شعبة، وأسيد بن حضير، وبشير بن سعد، وسائر الناس قعود حول أبي بكر عليهم السلاح، وهوعليه‌السلام يقول: أما والله لو وقع سيفي بيدي لعلمتم أنّكم لن تصلوا إليّ، هذا جزاء منّي، وبالله لا ألوم نفسي في جهد، ولو كنت في أربعين رجلا لفرّقت جماعتكم، فلعن الله قوما بايعوني ثمّ خذلوني.

وفي الاحتجاج (١٥٠) عن كتاب سليم بن قيس (١١٧) في احتجاج عليّعليه‌السلام على جماعة كثيرة من المهاجرين والأنصار - لمّا تذاكروا فضلهم بما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من النصّ عليه وغيره من القول الجميل - وفيه: فقال طلحة بن عبيد الله - وكان يقال له « داهية

__________________

(١) الأعراف؛ ١٥٠

٥٥١

قريش » -: فكيف نصنع بما ادّعى أبو بكر وأصحابه الّذين صدّقوه، وشهدوا على مقالته، يوم أتوه بك تعتل وفي عنقك حبل، فقالوا لك: بايع وروى بعض الحديث الحمويني في فرائد السمطين ( ج ١؛ ٣١٢ - ٣١٨ ) بسنده عن أبان بن أبي عيّاش، عن سليم بن قيس الهلالي.

وفي اختيار معرفة الرجال ( ج ١؛ ٣٧ ) بسنده عن أبي حمزة، قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: لمّا مرّوا بأمير المؤمنينعليه‌السلام وفي رقبته حبل آل زريق، ضرب أبو ذرّ بيده على الأخرى ثمّ قال: ليت السيوف قد عادت بأيدينا ثانية، وقال مقداد: لو شاء لدعا عليه ربّه عزّ وجلّ، وقال سلمان: مولانا أعلم بما هو فيه.

وفي الخصال (٤٦٢) بسنده عن زيد بن وهب - في قضيّة الّذين أنكروا على أبي بكر جلوسه في الخلافة وتقدّمه على عليّعليه‌السلام - وفيه قول عليّعليه‌السلام لهم: ولقد شاورت في ذلك أهل بيتي فأبوا إلاّ السكوت؛ لما تعلمون من وغر صدور القوم وبغضهم لله عزّ وجلّ ولأهل بيت نبيّةصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإنّهم يطالبون بثارات الجاهليّة، والله لو فعلتم ذلك لشهروا سيوفهم مستعدّين للحرب والقتال، كما فعلوا ذلك حتّى قهروني، وغلبوني على نفسي ولبّبوني، وقالوا لي: بايع وإلاّ قتلناك، فلم أجد حيلة إلاّ أن أدفع القوم عن نفسي، وذاك أنّي ذكرت قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ إنّ القوم نقضوا أمرك، واستبدّوا بها دونك، وعصوني فيك، فعليك بالصبر حتّى ينزل الأمر، ألا وإنّهم سيغدرون بك لا محالة، فلا تجعل لهم سبيلا إلى إذلالك وسفك دمك، فإنّ الأمّة ستغدر بك بعدي، كذلك أخبرني جبرئيل عن ربّي.

وفي التهاب نيران الأحزان (٧٠): ثمّ إنّ الثاني جمع جماعة من الطلقاء والمنافقين والمؤلّفة قلوبهم، وأتى بهم إلى منزل عليّ وتواثبوا على أمير المؤمنين وهو جالس على فراشه، فأخرجوه سحبا ملبّبا بثوبه إلى المسجد.

وفيه أيضا (٧١): فدخلوا على أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ولبّبوه بثوبه، وجعلوا يقودونه قود البعير المخشوش.

وفي الشافي في الإمامة ( ج ٣؛ ٢٤٤ ): وروى إبراهيم، عن يحيى بن الحسن، عن عاصم ابن عامر، عن نوح بن درّاج، عن داود بن يزيد الأودي، عن أبيه، عن عديّ بن حاتم،

٥٥٢

قال: ما رحمت أحدا رحمتي عليّا حين أتي به ملبّبا ورواه الدرازيّ في التهاب نيران الأحزان (٧١).

وفي السقيفة وفدك ( ٧١ - ٧٢ ): أخبرني أبو بكر الباهلي، عن إسماعيل بن مجالد، عن الشعبي، قال: قال أبو بكر: يا عمر، أين خالد بن الوليد؟ قال: هو هذا، فقال: انطلقا إليهما - يعني عليّا والزبير - فائتياني بهما، فانطلقا، فدخل عمر ووقف خالد على الباب من خارج، فقال عمر للزبير: ما هذا السيف؟ قال: أعددته لأبايع عليّا، قال: وكان في البيت ناس كثير، منهم المقداد بن الأسود وجمهور الهاشميّين، فاخترط عمر السيف فضرب به صخرة في البيت فكسره، ثمّ أخذ بيد الزبير فأقامه، ثمّ دفعه فأخرجه، وقال: يا خالد دونك هذا، فأمسكه خالد، وكان خارج البيت مع خالد جمع كثير من الناس، أرسلهم أبو بكر ردءا لهما، ثمّ دخل عمر، فقال لعليّ: قم فبايع، فتلكّأ واحتبس، فأخذ بيده، وقال: قم، فأبى أن يقوم، فحمله ودفعه كما دفع الزبير، ثمّ أمسكهما خالد، وساقهما عمر ومن معه سوقا عنيفا، واجتمع الناس ينظرون، وامتلأت شوارع المدينة بالرجال ورواه عن الجوهريّ ابن أبي الحديد في شرح النهج ( ج ٦؛ ٤٨ - ٤٩ ).

وهذه النصوص كلّها صريحة بأنّهم لبّبوا عليّاعليه‌السلام ، وساقوه سوقا عنيفا، وألقوا في عنقه حبلا، وسحبوه إلى البيعة سحبا، وأنّهعليه‌السلام صبر واحتسب لوصيّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك. ولقد أجاد الشاعر المرحوم السيّد باقر الهنديّ الموسويّرحمه‌الله ، حيث قال في قصيدة له بعنوان « نصّ الغدير » كما في ديوانه (٢٥):

دخلوا الدار وهي حسرى بمر أى

من عليّ ذاك الأبي الغيور

واستداروا بغيا على أسد ال

لّه فأضحى يقاد قود البعير

ينظر الناس ما بهم من معين

وينادي، وماله من نصير

٥٥٣

فقال عليّعليه‌السلام : يا رسول الله، أنقاد للقوم وأصبر - كما أمرتني على ما أصابني - من غير بيعة لهم، ما لم أصب أعوانا عليهم لم أناظر القوم

مرّ ما يتعلّق بوصيّة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام بالصبر على غصب حقّه ما لم يجد أعوانا في الطّرفة الرابعة والعشرين، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا عليّ، اصبر على ظلم الظالمين ما لم تجد أعوانا ».

ويبقى هنا أن نشير إجمالا إلى أنّ عليّاعليه‌السلام لم يبايع القوم أبدا، وإنّما انقاد لهم بوصيّة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو الّذي عبّر عنه في كتب التاريخ بالمبايعة؛ أخذا بظاهر صورة الأمر، هذا مع الإغماض عن أنّه ما انقاد لهم إلاّ بعد استشهاد الصدّيقة الطاهرة الزهراءعليها‌السلام .

ففي الشافي في الإمامة ( ج ٣؛ ٢٤٢ ): روى إبراهيم الثقفي، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبيه، عن صالح بن أبي الأسود، عن عقبة بن سنان، عن الزهريّ، قال: ما بايع عليّعليه‌السلام إلاّ بعد ستّة أشهر، وما اجترئ عليه إلاّ بعد موت فاطمةعليها‌السلام .

وفي الصراط المستقيم ( ج ٣؛ ١٠٦ ): وأخرج مسلم، أنّه قيل للزهريّ: لم يبايع عليّعليه‌السلام ستّة أشهر؟ فقال: لا والله ولا واحد من بني هاشم. وفي تاريخ ابن الأثير ( ج ٢؛ ٣٣١ ) قال الزهريّ: بقي عليّعليه‌السلام وبنو هاشم والزبير ستّة أشهر لم يبايعوا أبا بكر، حتّى ماتت فاطمةعليها‌السلام فبايعوه.

وقد حقّق الشريف المرتضى في الشافي ( ج ٣؛ ٢٣٧ - ٢٧٣ ) أنّ عليّا لم يبايع القوم إلاّ ظاهرا، وبأمر من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّهعليه‌السلام احتجّ على القوم ولم يسكت، وتخلّف عن بيعتهم، ولو افترضنا أنّه سكت، فإنّ السكوت ينقسم إلى الرضا وعدمه، مع أنّ الأدلّة كلّها تدلّ على أنّهعليه‌السلام لم يرض خلافتهم ولم يبايعهم.

كما حقّق ذلك أبو الصلاح الحلبي في تقريب المعارف ( ٢٢٠ - ٢٢٧ ) وقال من جملة كلامه: وأمّا البيعة، فإن أريد بها الرضا، فهو من أفعال القلوب الّتي لا يعلمها غيره تعالى، بل لا ظنّ بها فيه؛ لفقد أماراتها وثبوت ضدّها، وإن أريد الصفقة باليد فغير نافعة، لا سيّما مع كونها واقعة عن امتناع شديد، وتخلّف ظاهر، وتواصل إنكار عليه، وتقبيح لفعله، وموالاة مراجعة؛ بتهديد تارة، وتخويف أخرى، وتحشيم وتقبيح، إلى غير ذلك ممّا هو

٥٥٤

معلوم، ودلالة ما وقع على هذا الوجه على كراهيّة المبايع واضحة، وأمّا إظهار التسليم، فعند فقد كلّ ما يظنّ معه الانتصار، ولهذا صرّحعليه‌السلام عند التمكّن من القول بوجود الأنصار بأكثر ما في نفسه من ظلم القوم له، وتقدّمهم عليه بغير حقّ وذلك مانع من وقوع تسليمه عن رضى.

وكذلك حقّق الموضوع العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٣؛ ١١٣ - ١١٦ ) وقال من جملة كلامه: ولئن سلّم سكوتهعليه‌السلام فهو أعمّ من رضاه، وقد عرف في الأصول بطلان الإجماع السكوتي؛ إذ لا ينسب إلى ساكت قول، بل دلالة السكوت على السخط أولى من دلالته على الرضا، فإن قالوا: يكفي في الرضا ترك النكير، قلنا: لا، فإنّ السخط أسبق؛ للإجماع على تأخّرهعليه‌السلام عن البيعة كراهة لها، قالوا: وفي وصيّة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لهعليه‌السلام « أن لا توقع فتنة »، دليل صحّة خلافتهم، قلنا: قد أمر الله نبيّه بالصبر على أذى الكفّار، حتّى نزلت آية السيف، وقد أخرج صاحب جامع الأصول، عن أبي ذرّ، قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : كيف أنتم وأئمّة من بعدي يستأثرون بهذا الفيء؟! قلت: أضرب بسيفي حتّى ألقاك، قال: هل أدلّك على خير من ذلك؟ تصبر حتّى تلقاني.

وفي كشف الاشتباه (٨٨) قال: ونحن ننكر حجيّة الإجماع [ على أبي بكر ] وتحقّقه، أمّا عدم حجيّته؛ فلأنّ الإجماع إنّما يعتبر عندنا إذا كشف عن رضى المعصوم، وبيعة أبي بكر لم تقترن بموافقة الإمام أمير المؤمنين، وأمّا عدم تحقّقه؛ فلتخلّف الإمام أمير المؤمنين وجماعة من الصحابة عن بيعة أبي بكر؛ إذ قد اجتمعت الأمّة على أنّه تخلّف عن بيعة أبي بكر، فالمقلّ يقول بتأخّره ثلاثة أيّام، ومنهم من يقول: تأخّر حتّى ماتت فاطمةعليها‌السلام ، ثم بايع بعد موتها، ومنهم من يقول: تأخّر أربعين يوما، ومنهم من يقول: تأخّر ستّة أشهر، والمحقّقون من أهل الإماميّة يقولون: لم يبايع ساعة قطّ. وانظر هذا الكلام في الفصول المختارة من العيون والمحاسن (٥٦) وهو اختيار الشريف المرتضى من كتاب العيون والمحاسن للشيخ المفيد.

وفي كتاب سليم (٨٩): ثمّ قال [ عمر ]: قم يا بن أبي طالب فبايع، فقال: فإن لم أفعل؟ قال: إذا والله نضرب عنقك، فاحتجّ عليهم ثلاث مرّات، ثمّ مدّ يده من غير أن يفتح كفّه،

٥٥٥

فضرب عليها أبو بكر ورضي بذلك منه وقيل للزبير: بايع، فأبى قال سلمان: ثمّ أخذوني فوجئوا عنقي حتّى تركوها كالسّلعة، ثمّ أخذوا يدي فبايعت مكرها، ثمّ بايع أبو ذرّ والمقداد مكرهين، وما بايع أحد من الأمّة مكرها غير عليّعليه‌السلام وأربعتنا.

وفيه أيضا (١٢٨) قول عليّعليه‌السلام : ولم يكن معي أحد من أهل بيتي أصول به، ولا أقوى به، أمّا حمزة فقتل يوم أحد، وأمّا جعفر فقتل يوم مؤتة فأكرهوني وقهروني، فقلت كما قال هارون لأخيه: يا( ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي ) (١) ، فلي بهارون أسوة حسنة، ولي بعهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إليّ حجّة قويّة.

وفي الشافي في الإمامة ( ج ٣؛ ٢٤٤ ): روى إبراهيم، عن يحيى بن الحسن، عن عاصم بن عامر، عن نوح بن درّاج، عن داود بن يزيد الأوديّ، عن أبيه، عن عديّ بن حاتم، قال: ما رحمت أحدا رحمتي عليّا، حين أتي به ملبّبا، فقيل له: بايع، قال: فإن لم أفعل؟ قالوا: إذا نقتلك، قال: إذا تقتلون عبد الله وأخا رسوله، ثمّ بايع كذا، وضمّ يده اليمنى.

وفي التهاب نيران الأحزان ( ٧١ - ٧٢ ): وروى عديّ بن حاتم، قال: والله ما رحمت أحدا من خلق الله مثل رحمتي لعليّ بن أبي طالب، حين أتوا به ملبّبا بثوبه حتّى أو قفوه بين يدي الأوّل، فقالوا له: بايع، قال: وإن لم أفعل؟ قالوا: نضرب الّذي فيه عيناك، فرفع طرفه إلى السماء، وقال: اللهمّ إنّي أشهدك أنّهم يقتلونني وأنا عبدك وأخو رسولك، فقالوا له: مدّ يدك وبايع، فجرّوا يده فقبض عليها، وراموا فتحها فلم يقدروا، فمسح عليها الأوّل وهي مضمومة، وهوعليه‌السلام ينظر إلى قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ويقول: يا بن العم( إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي ) (٢) . ورواه بهذا النصّ الشيخ عبّاس القمّي في بيت الأحزان ( ١٦٥ - ١٦٦ ).

وقال العلاّمة المجلسيرحمه‌الله في بحار الأنوار ( ج ٨؛ ٢٣٠ - ٢٣٣ ): أجاز لي بعض الأفاضل في مكّة - زاد الله شرفها - رواية هذا الخبر، وأخبرني أنّه أخرجه من الجزء الثاني من كتاب

__________________

(١) الأعراف؛ ١٥٠

(٢) الأعراف؛ ١٥٠

٥٥٦

دلائل الإمامة، وهذه صورته: حدّثنا أبو الحسين محمّد بن هارون بن موسى التلعكبريّ، قال: حدّثنا أبيرضي‌الله‌عنه ، قال: حدّثنا أبو عليّ محمّد بن همّام، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك الفزاريّ الكوفي، قال: حدّثني عبد الرحمن بن سنان الصيرفي، عن جعفر بن عليّ الحوّار، عن الحسن بن مسكان، عن المفضّل بن عمر الجعفي، عن جابر الجعفي، عن سعيد بن المسيّب، قال: [ حديث طويل جدا في الكتاب الخطير الّذي كان عمر قد أودعه عند معاوية، وفيه قول عمر ]:

فاستخرجته من داره مكرها مغصوبا، وسقته إلى البيعة سوقا ولمّا دخل السقيفة صبا أبو بكر إليه، فقلت له: قد بايعت يا أبا الحسن، فانصرف، فأشهد ما بايعه ولا مدّ يده إليه ورجع عليّعليه‌السلام من السقيفة وسألنا عنه، فقالوا: مضى إلى قبر محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله فجلس إليه، فقمت أنا وأبو بكر إليه، وجئنا نسعى، وأبو بكر يقول: ويلك يا عمر!! ما الّذي صنعت بفاطمة، هذا والله الخسران المبين، فقلت: إنّ أعظم ما عليك أنّه ما بايعنا، ولا أثق أن يتثاقل المسلمون عنه، فقال: فما تصنع؟ فقلت: تظهر أنّه قد بايعك عند قبر محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأتيناه وقد جعل القبر قبلة، مسندا كفّه على تربته، وحوله سلمان وأبو ذرّ والمقداد وعمّار وحذيفة بن اليمان، فجلسنا بإزائه، وأو عزت إلى أبي بكر أن يضع يده على مثل ما وضع عليّ يده، ويقرّبها من يده، ففعل ذلك، وأخذت بيد أبي بكر لأمسحها على يده، وأقول: « قد بايع »، فقبض عليّ يده، فقمت أنا وأبو بكر موليّا، وأنا أقول: جزى الله عليّا خيرا فإنّه لم يمنعك البيعة لمّا حضرت قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فوثب من دون الجماعة أبو ذرّ جندب بن جنادة الغفاريّ، وهو يصيح ويقول: والله - يا عدوّ الله - ما بايع عليّ عتيقا، ولم يزل كلّما لقينا قوما وأقبلنا على قوم نخبرهم ببيعته وأبو ذرّ يكذّبنا، والله ما بايعنا في خلافة أبي بكر، ولا في خلافتي، ولا يبايع لمن بعدي، ولا بايع من أصحابه اثنا عشر رجلا، لا لأبي بكر ولا لي.

فالتحقيق العلمي والنصوص الّتي نقلناها، والنصوص الأخرى الحاكية للبيعة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كلّها تدلّ دلالة قطعيّة على أنّ عليّاعليه‌السلام لم يبايع القوم بيعة حقيقيّة ولا ساعة قطّ، وإنّما أجبروه ولبّبوه وسحبوه، ثمّ تركوه، وبعد وفاة الزهراءعليها‌السلام مسحوا على يده

٥٥٧

وأخذوا ظاهر البيعة منه بالإكراه، ورضوا بذلك منه، وقد بيّنّا أنّ انقياده وصبرهعليه‌السلام كان بوصيّة وعهد من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

يا عليّ ما أنت صانع بالقرآن والعزائم والفرائض؟ فقالعليه‌السلام : يا رسول الله، أجمعه ثمّ آتيهم به، فإن قبلوه وإلاّ أشهدت الله وأشهدتك عليهم

مرّ الكلام عن جمعهعليه‌السلام للقرآن في الطّرفة السادسة عشر، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « فالزم بيتك واجمع القرآن على تأليفه، والفرائض والأحكام على تنزيله ».

٥٥٨

الطّرفة التاسعة والعشرون

روى هذه الطّرفة - عن كتاب الطّرف - العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٥٤٦ ) وصرّح بأنّها في كتاب مصباح الأنوار؛ منقولة بإسناده إلى كتاب الوصيّة لعيسى الضرير. ونقلها عن كتاب الطّرف العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٩٤ - ٩٥ ) باختصار.

يا عليّ غسّلني ولا يغسّلني غيرك

تقدّم الكلام عنها في الطّرفة الثامنة والعشرين بنفس العنوان.

يا محمّد، قل لعليّ: إنّ ربّك يأمرك أن تغسّل ابن عمّك؛ فإنّها السنّةلا يغسّل الأنبياء غير الأوصياء، وإنّما يغسّل كلّ نبي وصيّه من بعده

دلّت على هذا المطلب كلّ الأحاديث الّتي خصّصت عليّاعليه‌السلام بتغسيل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله دون غيره، كما دلّت على ذلك جملة من الأحاديث الّتي ذكرت ذلك بعد ذكر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لإمامة عليّعليه‌السلام .

ففي كفاية الأثر ( ٢٠ - ٢١ ) بسنده عن عطاء، عن ابن عبّاس، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ، وهو الإمام والخليفة من بعدي، فمن تمسّك به فاز ونجا، ومن تخلّف عنه ضلّ وغوى، يلي تكفيني وتغسيلي ....

مضافا إلى الأحاديث المصرحة بأن لا يغسّل النبي إلاّ وصيّه من بعده، ولا يغسّل الإمام

٥٥٩

إلاّ الإمام الّذي بعده.

ففي إكمال الدين ( ٢٦ - ٢٧ ): وكذلك أخبرنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بتشاكل أفعال الأوصياء في من تقدّم وتأخّر، من قصّة يوشع بن نون وصي موسىعليه‌السلام ، مع صفراء بنت شعيب زوجة موسى، وقصّة أمير المؤمنينعليه‌السلام وصي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مع عائشة بنت أبي بكر، وإيجاب غسل الأنبياء أوصياءهم بعد وفاتهم.

حدّثنا عليّ بن أحمد الدقّاق، قال: حدّثنا حمزة بن القاسم، قال: حدّثنا أبو الحسن عليّ بن الجنيد الرازيّ، قال: حدّثنا أبو عوانة، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ، عن عبد الرزّاق، عن أبيه، عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف، عن عبد الله بن مسعود، قال: قلت للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا رسول الله، من يغسّلك إذا متّ؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يغسّل كلّ نبي وصيّه، قلت: فمن وصيّك يا رسول الله؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : عليّ بن أبي طالب وروى هذا الحديث بسنده عن ابن مسعود، ابن جرير الطبريّ الإمامي في بشارة المصطفى (٢٧٧).

وعقد الكليني في الكافي ( ج ١؛ ٣٨٤ - ٣٨٥ ) بابا بعنوان « إنّ الإمام لا يغسّله إلاّ إمام من الأئمّة »، وروى فيه ثلاثة أحاديث، الثاني منها بسنده عن أبي معمر، قال: سألت الرضاعليه‌السلام عن الإمام يغسّله الإمام؟ قالعليه‌السلام : سنّة موسى بن عمرانعليه‌السلام .

وكتب في الهامش نقلا عن مرآة العقول للمجلسي: أي غسّله وصيّه في التيه، وحضر حين موته.

وهاهنا طريفة نقلها ابن أبي الحديد في شرح النهج ( ج ١٣؛ ٣٨ )، تعليقا على ما كانت تقوله عائشة: « لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسّله إلاّ نساؤه »، قال ابن أبي الحديد: حضرت عند محمّد بن معدّ العلويّ في داره ببغداد، وعنده حسن بن معالي الحلّي المعروف بابن الباقلاويّ، وهما يقرآن هذا الخبر وهذه الأحاديث من تاريخ الطبريّ، فقال محمّد بن معدّ لحسن بن معالي: ما تراها قصدت بهذا القول؟ قال: حسدت أباك على ما كان يفتخر به من غسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فضحك محمّد، فقال: هبها استطاعت أن تزاحمه في الغسل، هل تستطيع أن تزاحمه في غيره من خصائصه؟! وانظر قول عائشة في تاريخ الطبريّ ( ج ٣؛ ٢٠٤ ).

٥٦٠

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653