وقعة النهروان او الخوارج

وقعة النهروان او الخوارج0%

وقعة النهروان او الخوارج مؤلف:
الناشر: منشورات الشريف الرضي
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 328

وقعة النهروان او الخوارج

مؤلف: أبو العباس جعفر بن محمّد المستغفري
الناشر: منشورات الشريف الرضي
تصنيف:

الصفحات: 328
المشاهدات: 83954
تحميل: 6095

توضيحات:

وقعة النهروان او الخوارج
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 328 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 83954 / تحميل: 6095
الحجم الحجم الحجم
وقعة النهروان او الخوارج

وقعة النهروان او الخوارج

مؤلف:
الناشر: منشورات الشريف الرضي
العربية

« الحفصية » طائفة من الاباضية ، تبعوا حفص بن ابي المقدام الذي كان يقول : ليس بين الكفر والايمان الا معرفة الله ـ فمن عرفه فهو مؤمن ، وان كان كافراً بالرسول وبالجنة والنار ، واستحل جميع المحرمات كالقتل والزنا واللواط والسرقة. وفهو كافر ولكنه بريء من الشرك ، وهؤلاء يقولون في عثمان. كما تقول الروافض في ابي بكر وعمر. ويقولون في عثمان. كما تقول الروافض في ابي بكر وعمر. ويقولون في علي نزل قوله تعالى :( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام ) (١) وفي عبد الرحمن بن ملجم قوله تعالى :( ومن الناس من يشري نفسه البتغاء مرضاة الله والله رؤف بالعباد ) (٢) فهذه الأشياء ظاهرة من بدعهم ولاعبهم في الدين والكتاب.

« الحارثية » اتباع الحارث بن مزيد الاباضي ، كانوا يقولون بقول القدرية في القدر والاستطاعة ، وسائر الأباضية كانوا يكفرونهم بسبب ذلك.

« ابراهيمية » ليس لهم شيء يذكر الا أن أصحابهم كفروهم لتوقفهم عن تكفير ميمون.

__________________

(١) (٢) سورة البقرة.

٢٤١

« ميمونية » كفرهم أصحابهم وذلك لبيع جارية له ، وقالوا كفر ميمون.

« واقفية » : كفرهم اصحابهم لتوقفهم عن تكفير ميمون.

« البهيسية » : وهم أصحاب ابي بهيس ، هيصم بن عامر كانوا يقولون لا يطلق على المذنب كافر ولا مؤمن حتى يدفع الى السلطان. ويقيم عليه الحد. وقال بعضهم متى ما كفر الامام كفرت رعيته ايضاً ، وقال قوم منهم ان السكر كفر وترك الصلاة كفر.

« الصالحية » اتباع صالح بن مسرح التميم الخارجي ، قتله الحارث بن عميرة أحد قواد الحجاج سنة ٧٦.

« الشبيبية » اتباع شبيب بن يزيد الشيباني ، كان من قواد صالح بن مسرح ، وكان كنيته ابو الصحارى : وكان شبيب من أصحاب صالح وخالفه في تجويز امامة النساء. اذا قمن بأمر الرعية كما ينبغي وخرجن على مخالفيهم ، وتبعه جماعة فانتسبوا اليه. وكانوا يقولون ان غزالة أم شبيب كانت هي الامام بعد شبيب الى ان قتلت ، لأن شبيب أمر امه فصعدت على منبر الكوفة وخطب وبايعوها بعد قتل ابنها.

٢٤٢

( الخوارج ومعتقداتهم )

ان للخوارج معتقدات. تخالف معتقدات السنة والشيعة وبحيث يعتقدون بأشياء يضمرونها ولا يظهرونها ، وانا نرى حرصهم على كتبهم أشد الحرص فيعسر على المؤلف أن يقف على معتقداتهم لندارة كتبهم. اذا كانت هناك لهم مؤلفات ، وها هي مكتبات المسلمين عارية عن أي مؤلف يمت بالخوارج.

أما المعتقدات التي نذكرها فهي ما وقف عليها سلفنا الصالح ودونوها في مؤلفاتهم. منها :

أنهم يكفرون عائشة ، وطلحة ، والزبير ، بمقاتلتهم علياً(١) ويزعمون ان أصحاب الجمل مخلدون في النار مع الكفار(٢) وكان على (ع) يومئذ على الحق ولكنه كفر بعد ذلك(٣) .

__________________

(١) التبصر في الدين. للاسفراييني ص ٤١ :

(٢) (٣) التبصر في الدين ، ٤٠ ، ٤١.

٢٤٣

وجاء واصل بن عطاء(١) . مخالفاً لهذين القولين قال : ان الفاسق لا مؤمن ولا كافر. وانه في منزلة بين المنزلتين ، وحكمهم. اي اصحاب الجمل ـ انهم مخلدون في النار مع الكفار. وان من خرج منهم من الدنيا. قبل أن يتوب لم يجز لله تعالى ان يغفر له. فخالف في هذا القول جميع المسلمين. واعتزل به دين المسلمين. فطرده الحسن البصري من مجلسه فاعتزل جانباً فسموا معتزلة. لا عتزالهم مجلسه. واعتزالهم قول المسلمين ، ولما أظهر واصل هذه البدعة واعتزل جانباً ووافقه عمرو بن عبيد على هذه البدعة ، ولم يقدرا على اظهار قولهما فلما عرف الناس من واصل قول بالقدر. وكانوا يكفرونه بالقول الأول للذي

__________________

(١) واصل ابن عطاء الغزال. رأس المعتزلة. وهو أول من دعا الخلق الى بدعتهم ـ وذلك ان معبد الجهني. وغيلان الدمشقي كانا يضمران بدعة القدرية. ويخفيانها عن الناس ، ولما أن ظهراً ذلك في أيام الصحابة لم يتابعهما على ذلك أحد. وصاروا مهجورين بين الناس بذلك السبب الى ايام الحسن البصري ، وكان واصل في غرار القولين يختلف اليه الناس. وكان في السر يضمر اعتقاد معبد. وغيلان. وكان يقول بالقدر ، ومن قوله : لو شهد عندي رجلان من هذا العسكر ورجلان من ذلك العسكر يعني عسكر علي وعسكر أصحاب الجمل ـ لم اقبل ، فقيل لو شهد من هذا العسكر علي ، والحسن والحسين وابن عباس ، وعمار بن ياسر : رضي الله عنهم ، ومن ذلك العسكر عائشة. وطلحة. والزبير. هل تقبل شهادتهم؟ فقال لو شهدوا جميعهم على باقة بقل لم اقبل.

٢٤٤

ابتدعه في فساق اهل الملة كانوا يضربون به المثل ويقولون : مع كفره قدري ، فصار ذلك مثلاً سائراً بين الناس يضربونه لكل من جمع بين خصلتين. وكان قوله موافقاً لقول الخوارج في تخليد العصاة في النار مخالفاً لهم في القول بمنزلتين. والمعتزلة بعده تمكسوا بهذا القول ولهذا قيل يف المعتزلة أنهم مخانيث الخوارج. ونسبهم اسحق بن سويد الى الخوارج في شعره فقال :

برأت من الخوارج لست منهم

مـن العزال منهم وابـن باب

ومـن قـوم اذا ذكـروا علياً

يـردون السلام على السحاب

ويجوز عندهم أن الامام يكون غير معصوم :

ويجوزون عدم اعتبار النص على الامام من النبي (ص) او من إمام قبله.

ويجوزون أن يكون الإمام غير هاشمي.

وكانوا قبل خروجهم على علي بن أبي طالب ـ يعتقدون ان الخلافة لعلي بالنص والبرهان ، وبعد التحكيم انكروا نص النبي على علي (ع) بالخلافة ، وأنكروا امامة الحسن ، والحسين ، وأولاد الحسين ، بل صاروا يختارون لهم اماماً يرجعون اليه ، ويأتمون به. امثال شبيب وأمه غزالة وزوجته جهيزة.

٢٤٥

ويكفرون علياً ، وعثمان ، وعائشة ، وطلحة ، والزبير. يخرجونهم بكفرهم الذي اعتقدوه فيهم عن الإيمان ، الا فرقة النجدات منهم ، كانوا يقولون ان الفاسق كافر على معنى انه كافر نعمة ربه.

وزعموا : ان من جاء باحدى الكبائر ، خارج عن الاسلام بما فعله من الكبائر والآثام ، وانه فاسق ليس بمؤمن ولا مسلم.

وزعموا ان كل مسلم مؤمن ، وانه لا فرق بين الاسلام والايمان في الدين.

وكانوا يجوزون الخورج على الامام الجائر حتى اليوم.

ذكر ابن حزم الظاهري في كتابه الفصل(١) في فصل شنع الخوارج ، قال :

الاباضية : كان رئيسهم زيد بن ابي أبيسة. كان يقول ان في هذه الأمة شاهدين عليها هو أحدهما والآخر لا يدري من هو ولا متى هو ولا يدري لعله قد كان قبله. وان من اليهود والنصارى يقول لا إله الا الله محمد رسول الله الى

__________________

(١) الفصل في الملل والاهواء والنحل ج ٤ ص ١٨٨ : المطبعة الأدبية بمصر.

٢٤٦

العرب لا الينا كما تقول العيسوية من اليهود. قال : فانهم مؤمنون. أولياء الله تعالى وان ماتوا على هذا العقد وعلى التزام شرائع اليهود والنصارى. وان دين الإسلام سينسخ بنبي من العجم يأتي بدين الصابئين وبقرآن آخر ينزل عليه جملة واحدة ، قال ابو محمد الا ان جميع الاباضية يكفرون من قال بشيء من هذه المقالات ويبرؤن منه ويستحلون دمه وماله. وقالت طائفة من أصحاب الحرث الاباضي ان من زنى أو سرق أو قذف فانه يقام عليه عليه الحد ثم يستتاب مما فعل فان تاب ترك وان ابى التوبة قتل على الردة.

قال : ويوجبون القضاء على من نام نهاراً في رمضان فاحتلم ويتيممون وهم على الأبار التي يشربون منها الا قليلاً منهم.

قال : ابو اسماعيل البطيحي وأصحابه. وهم من الخوارج ان لا صلاة واجبة الا ركعة واحدة بالغداة. وركعة اخرى بالعشي فقط. ولا يرون الحج في جميع شهور السنة ويحرمون أكل السمك حتى يذبح ولا يرون اخذ الجزية من المجوس ويكفرون من خطب في الفطر والأضحى ويقولون : ان اهل النار في لذة ونعيم وأهل الجنة كذلك.

الازارقة : قالت بالطال رجم من زنى وهو محصن. وقطعوا يد السارق من المنكب. وأوجبوا على الحائض

٢٤٧

الصلاة والصيام في حيضها وقال بعضهم. لا ولكن تقضى الصلاة اذا طهرت كما تقضي الصيام. وأباحوا دم الأطفال ممن لم يكن في عسكرهم وقتل النساء ايضاً ممن ليس في عسكرهم وبرئت الازارقة ممن قعد عن الخروج لضعف او غيره. وكفروا من خالف هذا القول بعد موت اول من قال به منهم. ولم يكفروا من خالفه فيه في حياته.

وقالوا باستعراض كل من لقوه من غير أهل عسكرهم ويقتلونه اذا قال انا مسلم. ويحرمون قتل من انتمى الى اليهود او الى النصارى او الى المجوس(١) .

النجدات : من قوله ليس على الناس أن يتخذوا إماماً إنما عليهم ان يتعاطوا الحق بينهم. وقالوا من ضعف عن الهجرة الى عسكرهم فهو منافق. واستحلوا دم القعدة وأموالهم. وقالوا من كذب كذبة صغيرة أو عمل عملاً صغيراً فاصرّ على ذلك فهو كافر مشرك. وكذلك أيضاً في الكبائر. وأن من عمل من الكبائر غير مصرّ عليها فهو مسلم. وقالوا جائز أن يعذب الله المؤمنين بذنوبهم لكن في غير النار وإما النار فلا. وقالوا أصحاب الكبائر منهم ليسوا كفاراً. وأصحاب الكبائر من غيرهم كفار.

__________________

(١) بهذا شهد رسول الله (ص) عليهم بالمروق من الدين كما يمرق السهم من الرمية اذ قال (ص) انهم يقتلون اهل الاسلام ويتركون اهل الأوثان. وهو من مغيباته (ص).

٢٤٨

الصفرية : قالت طائفة منهم بوجوب قتل كل من أمكن قتله من مؤمن عندهم أو كافر. وكانوا يؤولون الحق بالباطل.

الميمونية : وهم العجاردة. والعجاردة من الصفرية قالت باجازة نكاح بنات البنات وبنات البنين وبنات بني الأخوة والأخوات. وذكر ذلك عنهم الحسين ابن علي الكراسي وهو أحد الأئمة في الدين والحديث.

البيهسية : وهم من فرق الصفرية. قالوا : ان كان صاحب كبيرة فيها حد فانه لا يكفر حتى يرفع الى الإمام. فاذا أقام عليه الحد فحينئذ يكفر.

الرشيدية : وهم من فرق الثعالبة. والثعالبة من فرق الصفرية قالوا ان الواجب في الزكاة نصف العشر مما سقى بالأنهار والعيون.

العونية : وهم طائفة من البيهسية. قالوا : ان الامام اذا قضى قضية جور وهم بخراسان أو بغيرها حيث كان من البلاد ففي ذلك الحين نفسه يكفر هو وجميع رعيته حيث كانوا من شرق الارض وغربها ولو بالأندلس واليمن فما بين ذلك من البلاد. وقالوا ايضاً لو وقعت قطرة خمر في جب ماء بفلاة من الارض فان كل من خطر على ذلك الجب فشرب منه وهو لا يدري ما وقع فيه كافر بالله تعالى. قالوا : الا ان الله تعالى يوفق المؤمن لاجتنابه.

٢٤٩

الفضيلة : وهم من الصفرية قالت : من قال لا اله إلا الله محمد رسول الله بلسانه ولم يعتقد ذلك بقلبه بل اعتقد الكفر أو الدهرية او اليهودية او النصرانية فهو مسلم عند الله مؤمن ولا يضره اذ قال الحق بلسانه ما اعتقد بقلبه. وقالت طائفة من الصفرية. ان النبي اذا بعث ففي حين بعثه في ذلك الوقت من ذلك اليوم لزم جميع أهل المشرق والمغرب الايمان به وان لم يعرفوا جميع ما جاء به من الشرائع. فمن مات منهم قبل أن يبلغه شيء من ذلك مات كافراً.

العجاردة : وهم من الصفرية : قالت ان من بلغ الحلم من اولادهم وبناتهم فهم براء منه ومن دينه حتى يقر بالإسلام فيتولوه حينئذ.

المكرمية : وهم من الثعالبة. قالت ان من أتى كبيرة فقد جهل الله تعالى فهو كافر ليس من أجل الكبيرة كفر لكن لانه جهل الله عز وجل فهو كافر بجهله بالله تعالى.

الحفصية : وهم من الأباضية. قالت من عرف الله تعالى وكفر بالنبي (ص) فهو كافر وليس بمشرك وان جهل الله تعالى أو جحده حينئذ مشرك.

الحارثية : وهم من الاباضية : قالت طائفة منهم. المنافقون على عهد رسول الله (ص) انما كانوا موحدين لله تعالى. أصحاب كبائر ومن حماقاتهم. قول بكر ابن اخت عبد الواحد بن زيد. فانه كان يقول : كل ذنب صغير او كبير ولو كان أخذ حبة خردل بغير حق أو كذبة خفيفة على

٢٥٠

سبيل المزاح فهي شرك بالله وفاعلها كافر مشرك مخلد في النار الا أن يكون من أهل بدر فهو كافر مشرك من أهل الجنة وهذا حكم طلحة والزبير عندهم. ومن حماقاتهم قول عبدالله بن عيسى تلميذ بكر بن اخت عبد الواحد بن زيد المذكور فانه كان يقول ان المجانين والبهائم والأطفال ما لم يلغوا الحلم فانهم لا يألمون البتة لشيء مما ينزل بهم من العلل وحجته في ذلك ان الله تعالى لا يظلم احداً.

وقالت طائفة من الخوارج. ما كان من المعاصي فيه حد كالزنا والسرقة والقذف فليس فاعله كفراً ولا مؤمناً ولا منافقاً. وأما ما كان من المعاصي لأحد فيه فهو كفر وفاعله كافر.

٢٥١

( شبه الخوارج وردها )

ذكر ابن ابي الحديد المعتزلي طائفة من الاحتجاجات والشبه التي أوردها البعض على علي (ع) وأجاب عنها.

منها. قال : ومنها شبهة التحكيم. وقد يحتج به على انه اعتمد ما لا يجوز في الشرع. وقد يحتج به على انه اعتمد ما ليس بصواب في تدبير الأمر. الأول فقولهم انه حكم الرجال في دين الله. والله سبحانه يقول : ان الحكم الا لله ، والثاني فقولهم انه قد كان لاح له النصر وظهرت امارات الظفر بمعاوية. ولم يبق الا ان يؤخذ برقبته. فترك التصميم على ذلك وأخلد الى التحكيم. وربما قالوا ان تحكيمه يدل على شك منه في أمره ، وربما قالوا كيف رضي بحكومة ابي موسى. وهو فاسق عنده بتثبيطه أهل الكوفة. في حرب البصرة ، وكيف رضي بتحكيم عمرو ابن العاص وهو أفسق الفاسقين.

٢٥٢

ـ الجواب ـ إما تحكيم الرجال في الدين فليس بمحظور. فقد أمر الله تعالى بالتحكيم. بين المرأة وزوجها. فقال تعالى( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها ) وقال : في جزاء الصيد.( يحكم به ذوا عدل منكم ) .

وأما قولهم : كيف ترك التصميم بعد ظفره بامارات النصر. فقد تواتر الخبر بأن أصحابه ـ لما رفع أهل الشام المصاحف وظهر أهل العراق عليهم. ومشارفة هلاك معاوية وأصحابه ـ انخدعوا برفع المصاحف. وقالوا لا يحل لنا التصميم على حربهم. ولا يجوز لنا الا وضع السلاح. ورفع الحرب والرجوع الى المصاحف. وحكمها. فقال لهم : انها خديعة. وانها كلمة حق يراد بها باطل. وأمره بالصبر. ولو ساعة واحدة فأبو ذلك. وقالوا ارسل الى الاشتر فليعد. فارسل اليه. فقال كيف اعود. وقد لاحت امارات النصر والظفر. فقالوا : له ابعث اليه مرة اخرى فبعث اليه فأعاد الجواب بنحو قوله الأول. وسأل ان يمهل ساعة من النهار. فقالوا ان بينك وبينه وصية ان لا يقبل. فان لم تبعث اليه من يعيده والا قتلناك بسيوفنا كما قتلنا عثمان. او قبضنا عليك وأسلمناك الى معاوية فعاد الرسول الى الأشتر فقال : أتحب أن تظفر انت ههنا وتكسر جنود الشام. ويقتل امير المؤمنين (ع) في مضربه؟

٢٥٣

قال : أوقد فعلوها. لا بارك الله فيهم. أبعد ان اخذت بمخنق معاوية. ورأى الموت عياناً ارجع. ثم عاد فشتم أهل العراق وسبهم ، وقال لهم وقالوا له ما هو منقول مشهور. فاذا كانت الحال وقعت هكذا فاي تقصير وقع من امير المؤمنين (ع) وهل ينسب المغلوب على امره المقهور على رأيه الى تقصير. وبهذا نجيب عن قولهم ان التحكيم يدل على الشك في أمره لانه انما يدل على ذلك لو ابتدأ هو به. فاما اذا دعاه الى ذلك غيره واستجاب اليه اصحابه فمنعهم وأمرهم أن يمروا على وتيرتهم وشأنهم فلم يفعلوا. وبين لهم انها مكيدة. فلم يتبينوا. وخاف ان يقتل أو يسلم الى عدوه. فانه لا يدل تحكيمه على شكه. بل يدل على انه قد دفع بذلك ضرراً عظيماً من نفسه. ورجا ان يحكم الحكمان بالكتاب فتزول الشبهة عمن طلب التحكيم من أصحابه. وأما تحكيمه عمرواً مع ظهور فسقه فانه لم يرض به. وإنما رضي به مخالفه وكره هو فلم يقبل منه. وقد قيل انه أجاب ابن عباس (ره) عن هذا. فقال : للخوارج. اليس قد قال الله تعالى. ـ فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها ـ أرأيتم. لو كانت المرأة يهودية. فبعثت حكماً من أهلها ـ أرأيتم. لو كانت المرأة يهودية. فبعثت حكماً من أهلها اكنا نسخط ذلك. وأما ابو موسى. فقد كرهه امير المؤمنين (ع) وأراد أن يجعل بدله عبدالله بن العباس. فقال أصحابه لا يكون الحكمان من مضر

٢٥٤

فقال : فالاشتر. فقالوا وهل اضرم النار الا الاشتر. وهل جر ما نرى الا حكومة الأشتر. ولكن أبا موسى. فأباه فلم يقبلوا منه واثنوا عليه. وقالوا : لا نرضى الا به فحكمه على مضض.

( من ارتد بسبب الخوراج )

كان من جراء فتنة الخوارج على ما ذكره المؤرخون. أن ارتد جماعة من المسلمين. وان كان دينهم مستودع من قبل. فقاتلهم علي (ع) وسبى ذراريهم. ولو لم يكن دينهم مستودع لكان حالهم حال عامة المسلمين.

ذكر المسعودي(١) قال : ومضى الحرث بن راشد الناجي(٢) في ثلاثمائة من الناس فارتدوا الى دين النصرانية. وهم من ولد سامة بن لؤي عند أنفسهم. وقد أبى ذلك كثير من الناس. وذكروا أن سامة بن لؤي ما أعقب. ولست ترى سامياً الا منحرفاً عن علي (عه) قال فسرح عليهم علي (ع) معقل به قيس الرياحي. فقتل الحرث ومن معه من المرتدين بسيف البحر. وسبى عيالهم وذراريهم.

__________________

(١) ج ٢ ص ٢٨٦ طبع دادا الرجاء.

(٢) ذكره صاحب الاصابة باسم الخريت.

٢٥٥

وذلك بساحل البحرين. فنزل معقل بن قيس بعض كور الاهواز بسبي القوم. وكان هنالك مصقلة بن هبيرة الشيباني عاملاً لعلي (ع) فصاح به النسوة. امنن علينا. فاشتراهم بثلثماءة ألف وأعتقهم. وأدى من المال مأتي ألف وهرب الى معوية. فقال علي (ع) قبح الله مصقلة فعل فعل السيد وفر فرار العبد. لو أقام أخذنا ما قدرنا على أخذه فان اعسر انظرناه وان عجز لم نؤاخذه بشيء ، وأنفذ العتق ، وفي ذلك يقول مصلقة بن هبيرة من أبيات :

تركت نساء الحي بكر بن وائل

وأعتقت سبياً من لؤي بن غالب

وفارقت خير الناس بعـد محمد

لمـال قليل لا محـالة ذاهـب

وفي ذلك يقول الآخر :

ومصقلة الذي قد باع بيعاً

ربـحياً يوم ناجية بن سام

وقال علي بن محمد بن جعفر العلوي فيمن انتمى الى سامة بن لؤي بن غالب ابن محمد.

سامـة منـا فأما بنـوه

فـأمرهم عنـدنا مـظلم

اناس اتونـا بـأنسابهم

خـرافة مصطجع يـحلم

٢٥٦

وقلنا لهم مثل قول الوصي

وكـل أقاويلـه محكـم

اذا مـا سئلت فلم تدر مـا

تقـول فقـل ربنـا أعلـم

وكان علي بن الجهم الشاعر الشهير ينتسب الى سامة. وكان من النصب على جانب عظيم. فمن نصبه العداوة لعلي (ع) انه كان يلعن أباه فسئل عن ذلك. وبم اسحق اللعن منه؟ فقال : بتسميته إياي علياً. أقول : وأنا سأل الله الرحمة والرضوان لأبي اذا شرفني بهذا الاسم المبارك. أنظر : شتان بين ابن الجهم وبين السيد الحميري (ره) في العقيدة. يروى ان السيد الحميري. كان ابواه يبغضان علياً (ع) وكانا من الخوارج. فسمعهما يسبانه بعد صلاة الفجر فقال :

لعن الله والدي جميعاً

ثـم اصلاهمـا عـذاب الجحيـم

حكما غـدوة كمـا صليـاً الفجـ

ـر بلعن ـ الوصي ـ باب العلوم

لعنا خيـر مـن مشى فوق ظهراً

لارض أو طـاف محرماً بالحطيم

كفـرا عنـد شتـم آل رسـول

الله نسل المهـذب المعصـوم

٢٥٧

والوصـي الـذي به تثبت الأ

رض ولـولاه دكدكت كـالرميم

وكـذا آله اولوا العلـم والفهـ

ـم هـداة الى الصـراط القويم

خلفـاء الاله فـي الخلق بالعد

ل وبالقسط عنـد ظلم الظلـوم

صلـوات الاله تتـرى عليهم

مقرنات بالرحب والتسليم(١) )

__________________

(١) رواها ابن شاكر في ( الفوات ) ج ١ ، ص ١٩.

٢٥٨

( أعلام الخوراج )

( نجدة بن عويمر )

كان نجدة بن عويمر الحنفي من رؤساء الخوارج. وله مقالة مفردة من مقالة الخوارج. قال ابن ابي الحديد. كان نجدة يصلي بمكة بحذاء عبدالله بن الزبير في جمعة وعبدالله يطلب الخلافة فيمسكان عن القتال من أجل الحرم. وقال الراعي يخاطب عبد الملك.

اني حلفت علـى يميـن بـرة

لا اكـذب اليـوم الخليفـة قيلاً

مـا ان أتـيت أبا حبيب وافداً

يـومـاً اريـد لبيعتـي تبـديلاً

ولما أتيت نجيدة بـن عويمـر

أبغي الهـدى فيزيدنـي تضليلاً

من نعمة الرحمن لا من حيلتي

انـي اعـدلـه علـى فضـولاً

قال واستولى نجدة على اليمامة وعظم أمره حتى ملك اليمن والطائف وعمان والبحرين ووادي تميم وعامر. ثم ان

٢٥٩

اصحابه نقموا عليه أحكاماً احدثها في مذهبهم. منها : قوله ان المخطيء بعد الاجتهاد معذور. وأن الدين أمران معرفة رسوله وما سوى ذلك فالناس معذورون بجهله الى أن تقوم عليهم الحجة فمن استحل محرماً من طريق الاجتهاد فهو معذور. حتى أن من تزوج اخته أو امه مستحلاً لذلك بجهالة فهو معذور ومؤمن. قال فخلعوه واختاروا أبا فديك.

ثم ان أبا فديك أنفذ الى نجدة بعد من قتله. ثم تولاه بعد قتله طوائف من أصحابه بعد أن تفرقوا عنه وقالوا قتل مظلوماً.

٢٦٠