وقعة النهروان او الخوارج

وقعة النهروان او الخوارج0%

وقعة النهروان او الخوارج مؤلف:
الناشر: منشورات الشريف الرضي
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 328

وقعة النهروان او الخوارج

مؤلف: أبو العباس جعفر بن محمّد المستغفري
الناشر: منشورات الشريف الرضي
تصنيف:

الصفحات: 328
المشاهدات: 83915
تحميل: 6095

توضيحات:

وقعة النهروان او الخوارج
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 328 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 83915 / تحميل: 6095
الحجم الحجم الحجم
وقعة النهروان او الخوارج

وقعة النهروان او الخوارج

مؤلف:
الناشر: منشورات الشريف الرضي
العربية

قال : أرباب التاريخ. وحمل علي (ع) ذلك اليوم ثلاث حملات فكان في كل حملة يقتل منهم مقتلة عظيمة حتى يعوج سيفه ذا الفقار فكان (ع) يخرج من بين الجموع ويسويه بركبته. ثم يحمل ثانية.

وعن جندب بن الأزدي. قال : لما فارقت الخوارج علياً (ع) وخرجنا معه فانتهينا الى معسكرهم. فاذا لهم دوي كدوي النحل وفيهم أصحاب البرانس وذوا الثفنات. فلما رأيت ذلك دخلني شك فتنحيت ونزلت عن فرسي وركزت رمحي ووضعت ترسي ونثرت عليه درعي وقمت أصلي وأنا أقول في دعائي. الله ان كان قتال هؤلاء القوم رضاً لك فأرني من ذلك ما أعرف به انه الحق. وان كان لك سخطاً فاصرف عني الشك. قال فبينا أنا على هذا ونحوه اذ أقبل علي (ع) وهو على بغلته ( وكانت بغلة رسول الله (ص) فنزل عن بغلته وقام يصلي. حتى اذا فرغ من صلوته. جاءه رجل من أصحابه فقال يا أمير المؤمنين (ع) انهم قطعوا النهر. ثم جاء آخر تشتد به دابته. فقال قطعوه وذهبوا فقال : أمير المؤمنين (ع) ما قطعوه ولن يقطعوه وليقتلن دون النطفة عهد من الله ورسوله (ص) وقال لي يا جندب. ترى التل. قلت نعم يا أمير المؤمنين (؛ ع) قال : قال حدثني (ص) أنهم يقتلون عنده. ثم قال انا نبعث رسولاً يدعوهم الى كتاب الله

٦١

وسنة نبيه. فيرشقونه بالنبل ويقتلونه. قال : ولما انتهينا الى القوم فإذا هم في معسكرهم لم يبرحوا ولم يترحلوا. فنادى الناس وضمهم ثم اتى الصف. وقال (ع) من يأخذ هذا المصحف فيمشي به الى هؤلاء القوم. فيدعوهم الى كتاب الله وسنة نبيه وهو مقتول وله الجنة فما أجابه أحد إلا شاب من بني عامر بن صعصعة فلما رأى حداثة سنه قال : له ارجع إلى موقفك ثم أعاد القول فما أجابه أحد إلا ذلك الشباب فقال له (ع) أما أنك مقتول قال فمشى بالمصحف حتى إذا دنا من القوم بحيث يسمعهم فناداهم فعطفوا عليه وجعلوا يرمونه بالنبل وصار وجهه كالقنفذ وحمل عليه أحدهم وضربه بسيفه فقتله فقال (ع) دونكم لاقوم قال فحملنا عليهم وقد ذهب الشك عني وقتلت بيدي ثمانية من الخوارج.

هذا وقد كان حمل فارس من الخوارج في تلك الساعة. يقال له الأخنس الطائي. وكان شهد صفين مع علي (ع) فحمل وشق الصفوف يطلب علياً (ع) فبدره علي بضربة فقتله. ثم حمل ذو الثدية ليضرب علياً فسبقه علي (ع) وضربه ففلق البيضة ورأسه. ومضى به الفرس يعدوا حتى ألقاه في آخر المعركة في جرف دالية على شاطىء النهروان وخرج ابن عمه. مالك بن الوضاح. وحمل على أمير المؤمنين (ع) فضربه علي بسيفة وقتله.

٦٢

وتقدم عبدالله بن وهب الراسبي. وصاح يا بن أبي طالب. لا نبرح من هذه المعركة أو تأتي على أنفسنا أو نأتي على نفسك. فابرز الي. وأبرز اليك. وذر الناس جانباً. فلما سمع علي (ع) كلامه تبسم. وقال : قاتله الله من رجل ما أقل حياءه أما انه ليعلم اني حليف السيف وخدين الرمح. ولكنه قد يئس من الحياة أو انه ليطمع طمعاً كاذباً. قال ثم حمل الرجل على علي (ع) وحمل علي عليه فضربه علي بسيفه وقتله ، وألحقه بأصحابه ، قال : ثم التقى الجمعان وحمي الوطيس. واشتد الجلاد. فما كانت إلا ساعة. حتى صارت ـ الحرورية ـ كرماد اشتد به الريح في يوم عاصف. هذا وقد قتل من أصحاب علي (ع) في ذلك اليوم تسعة منهم رؤبة البجلي. ورفاعة بن وايل الأرحبي. والفياض بن خليل الأزدي. وكيسوم بن سلمة الجهني. وحبيب بن عاصم الأزدي وأربعة آخرون رضي الله عنهم.

قال الراوي : قال علي (ع) في ذلك اليوم بعد أن أفنى القوم اطلبوا ذا الثدية. فطلبوه فلم يجدوه. فقال (ع) اطلبوه. فوالله ما كذبت ولا كذبت ثم قام (ع) وركب بغلته ـ وهي بغلة رسول الله (ص) ومضى نحو القتلى. فقال : اقلبوا هذه الأشلاء فقلبوا تلك الجيف ونحوها جانباً. حتى عثروا عليه فاستخرجوه. فإذا هو

٦٣

حبشي. احدى عضديه مثل ثدي المرأة عليه شعرات كسبال السنور. فكبر (ع) وكبر الناس معه. ثم سجد (ع) شكراً ولما رفع رأسه من السجود قال : الحمد لله الذي عجل بك إلى النار ، وقال : هذا شيطان لولا أن تتكلموا لحدثتكم بما أعد الله على لسان نبيكم لمن قاتل هؤلاء.

قال أرباب التاريخ وما أفلت من ـ الخوارج ـ في ذلك اليوم الا تسعة أنفار ، هرب رجلان الى خراسان وأرض سجستان. وبها نسلهما ، وهرب رجلان الى بلاد عمان وبها نسلهما ، وهرب رجلان إلى اليمن وفيها نسلهما ، ورجلان صارا الى بلاد الجزيرة. بموضع يعرف بالسن والبوازيخ(١) . وصار الآخر منهم إلى تل موزن.

قال : المؤرخون وحصل أصحاب علي (ع) على غنائم كثيرة في ذلك اليوم.

__________________

(١) السن : بلد على الدجلة ، البوازيخ. بلد. قريب تكريت ( القاموس ).

٦٤

( عبدالله بن خباب )

هو عبدالله بن خباب بن الأرت بن جندلة بن سعد بن خزيمة بن كعب بن سعد من بني سعد بن زيد مناة بن تيم ، وأصاب خباباً سباء في الجاهلية. فصار الى أم أنمار بنت سباع الخزاعية حلفاء بني زهرة بن كلاب فأعتقته.

بحذف السند عن رجل من عبد القيس. قال : كان عبدالله مع الخوراج ثم فارقهم ، قال : ودخلوا ـ أي الخوارج ـ قرية. فخرج عليهم عبدالله بن خباب ذعراً قالوا لن ترع. قال : والله لقد رعتموني. قالوا لن ترع. قال والله لقد رعتموني. قالوا : أنت عبدالله بن خباب صاحب رسول الله (ص) قال نعم قالوا فهل سمعت من أبيك حديثاً يحدثه عن رسول الله (ص) تحدثنا به قال نعم سمعت أبي يحدث عن رسول الله (ص) ذكر فتنه. القاعد فيها خير من القائم. والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي. قال فان أدركت ذلك فكن عبدالله المقتول.

٦٥

قال ابو أيوب. ولا اعلمه الا قال ولا تكن عبدالله القاتل قالوا سمعت هذا من ابيك يحدثه عن رسول الله (ص) : قال نعم. قال فقدموه على ضفة النهر فضربوا عنقه فسال دمه كأنه شراك نعل أحمر ( فامذقر (١) وبقروا بطن أم ولده فبهذا استحل علي (ع) قتالهم (٢) .

__________________

(١) ذكر المبرد في الكامل هذا الحديث. قال فأخذوه وقربوه الى شاطىء النهر فذبحوه. فامذقر دمه اي جرى مستطيلاً متفرقاً هكذا رواه بغير حرف.

(٢) طبقات ابن سعد الكبرى ج ٥ ص ١٨٢ طبع ليدن.

٦٦

( وقعة النخيلة )

قال ابو العباس بعد ان. فارق جماعة من الخوارج عبدالله بن وهب ، ولجأ بعضهم يوم النهروان الى راية ابي أيوب الأنصاري. والبعض الذي تخلف منهم بالكوفة لم يخرجوا الى النهروان. اجتمع هؤلاء كلهم وتواصوا فيما بينهم. وتعاضدوا وتأسفوا على خذلانهم أصحابهم بالنهروان. وكان خطيبهم يؤمئذ المستورد. من بني سعد بن زيد مناة ، وخرجوا الى النخيلة. فوجه اليهم علي بن أبي طالب (ع) ابن عمه عبدالله بن العباس داعياً فقالوا له يا بن عباس اذا كان علي (ع) على حق لم يشكك فيه. وحكم مضطراً فما باله حيث ظفر لم يسب فقال لهم ابن عباس قد سمعتم الجواب في التحكيم فأما قولكم في السباء أفكنتم سابين أمكم عائشة. فوضعوا أصابعهم في آذانهم وقالوا أمسك عنا غرب لسانك يا بن عباس. فانه طلق ذلق غواص على موضع الحجة ، قال : وأبوا الا الإنشقاق.

٦٧

فلما رأى ابن عباس ذلك رجع الى أمير المؤمنين (ع) وأخبره.

قال : ولما أراد علي المسير اليهم. جاءه عفيف بن قيس. وقال له يا أمير المؤمنين (ع) لا تخرج في هذه الساعة. فانها ساعة نحس لعدوك عليك فقال له (ع) توكلت على الله وحده. وعصيت رأي كل متكهن. انت تزعم أنك تعرف وقت الظفر من وقت الخذلان( اني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة الا هو آخذ بناصيتها ان ربي على صراط مستقيم ) . ثم سار اليهم فطحنهم جميعاً لم يفلت منهم إلا خمسه. منهم المستورد ابن جوين الطائي(١) وفروة بن شريك الأشجعي ، وهم الذي ذكرهم الحسن البصري. فقال دعاهم الى دين الله. فجعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم. وأصروا واستكبروا استكباراً فسار اليهم أبو حسن فطحنهم طحناً. وفيهم يقول عمران بن حطان الفاسق.

__________________

(١) خرج المستورد هذا بعد ذلك على المغيرة بن شعبة وهو وإلى الكوفة فوجه إليه معقل بن قيس الرياحي. فاستدعاه المستورد إلى المبارزة وقال له علام يقتل الناس بيني وبينك. فقال له معقل النصف سألت فأقسم عليه أصحابه فقال ما كنت لا أبى عليه. فاختلفا بضربتين فخر كل واحد منها ميتاً.

٦٨

اني ادين بما دان الشراة به

يوم النخيلة عند الجوسق الخرب

وقال الحميري رحمه الله يعارض هذا المذهب المزيف.

اني أدين بما دان الوصي به

يوم النخيلة من قتل المحلينا

وبالذي دان يوم النهر دنت به

وشاركت كفه كفي بصفينا

تلك الدماء معا يا رب في عنقي

ومثلها فاسقني آمين آمينا(٢)

__________________

(٢) الكامل للمبرد. ج ٢ ص ١٤٨ و ١٤٩ طبع المكتبة التجارية.

٦٩

( أحاديث تروى عن عائشة )

ذكر احمد بن مردويه في مناقبه. عن أبي اليسر الأنصاري. عن ابيه. قال دخلت على أم المؤمنين عايشة. قال : فقالت : من قتل الخارجية؟ قلت قتلهم علي (ع). قالت ما يمنعني الذي في نفسي على علي (ع) ان أقول الحق سمعت رسول الله (ص) يقول : يقتلهم خير امتي من بعدي. وسمعته يقول علي مع الحق. والحق مع علي (ع).

وعن مسروق ، قال : قالت لي عائشة. يا مسروق. انك من أكرم بني علي وأحبهم الي فهل ، عندك علم من ـ المخد ـ(١) ؟ قال قلت : نعم. قتله علي (ع) على نهر يقال لأسفله ـ تامراء وأعلاه النهروان. بين

__________________

(١) المخدج هو ناقص الخلقة ـ النهاية.

٧٠

أخاقيق(٢) وطرفاء ، قال : فقالت : فائتني معك بمن يشهد في ذلك ، فاتيتها بسبعين رجلاً فشهدوا عندها أن علياً (ع) قتله على نهر يقال لأسفله تامراء وأعلاه النهروان ، بين أخاقيق وطرفاء. فقالت لعن الله عمرو بن العاص فانه كتب الي انه قتل على نيل مصر ، قال : فقلت لها : يا ام اخبريني اي شيء سمعت من رسول الله (ص) يقول فيهم. قالت : سمعت رسول الله (ص) يقول هم شر الخلق والخليقة يقتلهم خير الخلق وأقربهم عند الله وسيلة يوم القيامة.

__________________

(٢) الأخاقيق شقوق الأرض.

٧١

( مقتل الإمام علي (ع) )

خرجت طائفة من الخوارج بعد واقعة النخيلة الى مكة فوجه معوية بن ابي سفيان من يقيم الحج للناس. فناوشه هؤلاء الخوراج. فبلغ معاوية ذلك فوجه بسر بن أرطأة. على عسكر له فتوافقوا وتراضوا بعد الحرب بأن يصلي بالناس رجل من بني شيبة لئلا يفوت الناس الحج. فلما انقضى الحج نظرت الخوارج في أمرها. وقالوا ان علياً ومعاوية قد أفسدا أمر هذه الأمة فلو قتلناهما لعاد الأمر الى حقه. وقال رجل من أشجع والله ما عمرو دونهما. وانه لأصل هذا الفساد. فقال عبد الرحمن بن ملجم. انا اقتل علياً. فقالوا وكيف لك به. قال اغتاله. فقال الحجاج بن عبدالله الصريمي. وهو البرك. وأنا اقتل معاوية. وقال راذويه مولى بني العنبر بن عمرو بن تميم. وأنا اقتل عمرواً. فأجمع رأيهم على أن يكون قتلهم في ليلة واحدة فجعلوا تلك الليلة. ليلة احدى وعشرين من

٧٢

شهر رمضان(١) فخرج كل واحد منهم الى ناحية. فأتى ابن ملجم الكوفة فأخفى نفسه وتزوج بامرأة عاهر. يقال لها قطام بنت علقمة من تيم الرباب. وكانت خارجية وكانت. قد طلبت منه الصداق وهو ثلاثة آلاف درهم وعبد وأمة. ثم قالت له لا أقنع منك إلا بقتل علي بن ابي طالب (ع) فقال لها لك ما سألت. فكيف لي به. قالت تروم ذلك غيلة. فان سلمت ارحت الناس من شر. وأقمت مع أهلك. وان أصبت سرت إلى الجنة ونعيم لا يزول فانعم لها. وفي ذلك يقول :

ثلاثة آلاف وعبد وقينة

وقتل علي بالحسام المسمم

فلا مهر اغلى من علي وان غلا

ولا فتك الا دون فتك ابن ملجم

قال : فأقام ابن ملجم عندها. ثم قالت له بعد أيام الا تمضي لما قصدت لشد ما أحببت أهلك. قال اني وعدت صاحبي وقتاً بعينه. وكان هناك رجل من أشجع يقال له شبيب. فواطأه عبد الرحمن على ما أضمره ، : فلما كانت ليلة احدى وعشرين من شهر رمضان. خرج ابن ملجم

__________________

(١) وهناك اختلاف في الليلة. يروى جعلوا لليلة تسعة عشر من شهر رمضان.

٧٣

وشبيب الأشجعي. فاعتورا الباب الذي يدخل منه علي (ع) وكان مغلساً ويوقظ الناس للصلاة. فخرج كما كان يفعل فضربه شبيب فأخطأه. وأصاب سيفه الباب وربه ابن ملجم على رأسه فقال علي (ع) فزت ورب الكعبة(١) شأنكم بالرجل ، يروى عن بعض من كان بالمسجد من الأنصار. قال سمعت كلمة علي (ع) ورأيت بريق السيف. فأما ابن ملجم فحمل على الناس بسيفه فأفرجوا له. وتلقاه المغيرة بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب بقطيفة فرمى بها عليه واحتمله فضرب به الأرض. وكان المغيرة أيداً فقعد على صدره. وأما شبيب فانتزع السيف منه رجل من حضرموت وصرعه وقعد على صدره. وكثر الناس فجعلوا يصيحون صاحب السيف فخاف الحضرمي ان يكبوا عليه. ولا يسمعوا عذره فرمى بالسيف. وانسل شبيب بين الناس ، وجيىء بعبد الرحمن

__________________

(١) هذه رواية المبرد. أما الأخبار الواردة والمعول عليها. هو ان ابن ملجم كان قد أخفى سيفه تحت ثيابه. حتى اذا صلى علي (ع) في محرابه صلاة الفجر. قام إليه ووقف خلف الأسطوانة حتى اذا سجد السجدة الأولى ورفع رأسه من السجود أهوى بالسيف عليه فشق رأسه الى موضع سجوده فصاح علي (ع) فزت ورب الكعبة. قتلني اللعين ابن اليهودية. ثم جعل يأخذه التراب ويضعه على الجرح وهو يقول : منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة اخرى الخ.

٧٤

بين أناس يقودونه. فأمر علي (ع) بسجنه فسجن. فقال علي (ع) ان أعش فالأمر الي وان أصب فالأمر لكم. فان آثرتم أن تقتصوا فضربة بضربه. وان تعفوا أقرب للتقوى قال الراوي. وسمع ابن ملجم الرنة من الدار فقال له من حضره أي عدو الله انه لا بأس على امير المؤمنين (ع) فقال أعلى من تبكي أم كلثوم. أما والله لقد اشتريت سيفي بألف درهم وما زلت أعرضه فما يعيبه أحد الا أصلحت ذلك العيب ولقد أسقيته السم حتى لفظه. ولقد ضربته ضربة لو قسمت على من بالمشرق والمغرب لأتت عليهم(٢) . وقضى صلوات الله وسلامه عليه في آخر اليوم الثالث في الواحد والعشرين من شهر الله سنة أربعين من الهجرة. ورثاه ابو زبيد الطائي :

ان الكرام على ما كان من خلق

رهط امرىء خاره للدين مختار

طب بصير باضغان الرجال ولم

يعدل بحبر رسول الله احبار

وقطرة قطرت اذ حان موعدها

وكل شيء له وقت ومقدار

حتى تنصلها في مسجد طهر

على امام هدى ان معشر جاروا

__________________

(٢) الكامل للمبرد ج ٢ ص ١٢٨ ، طبع المكتبة التجارية.

٧٥

حمت ليدخل جنات ابو حسن

وأوجبت بعده للقاتل النار

وقال الكميت رحمه الله :

والوصي الذي أمال التجو

بي به عرش امة لانهدام

قتلوا يوم ذاك اذ قتلوه

حكماً لا كغابر الحكام

الإمام الزكي والفارس المعـ

ـلم تحت العجاج غير الكهام

راعياً كان مسجعاً ففقدنا

ه وفقد المسيم هلك السوام(١)

__________________

(١) أما صاحب معاوية. وهو الحجاج بنت عبدالله الصريمي ـ البرك ـ فانه جاء الى معاوية وهو يصلي فأصاب مأكمته. وكان معاوية عظيم الاوراك. فقطع منه عرقاً يقال له عرق النكاح. فلم يولد لمعاوية بعد ذلك ولد ، فلما ألقى القبض على البرك وجيء به الى معاوية. صاح الأمان والبشارة. قتل علي (ع) في هذه الصبيحة. فاستؤني به حتى جاء الخبر فقطع معاوية يديه ورجليه. وأمر معاوية. بعد هذا الحادث باتخاذ المقصورة.

وأما صاحب عمرو بن العاص ، وهو ـ زاذويه. فانه أرصد لعمرو. وكان عمرو قد اشتكى تلك الليلة بطنه فلم يخرج للصلاة. وأمر خارجة ـ وهو رجل من رهطه ـ أن يخرج للصلاة. فجاء الرجل وضربه فقتله. ولما ألقى القبض عليه وأدخل على عمرو. سمع الناس يخاطبونه بالأمرة. قال أوما قتلت عمرواً؟ قيل له انما قتلت خارجة. فقال أردت عمرواً والله أراد خارجة. فقال الشاعر. :

فليتها اذا فدت عمرواً بخارجة

فدت علياً بمن شاءت من البشر

٧٦

( الخوارج ومعوية )

قال : ابو العباس. وخرج من الخوارج على معاوية بعد قتل علي (ع) حوثرة الأسدي. وحابس الطائي. خرجا في جمعهما. فصادراً الى موضع أصحاب النخيلة. ومعاوية يومئذ بالكوفة. قد دخلها عام الجماعة. وكان الحسن بن علي (ع) قد خرج يريد المدينة. فوجه اليه معاوية ـ وقد تجاوز في طريقه ـ يسأله. أن يكون المتولي لمحاربة الخوارج. فكان جواب الحسن. والله لقد كففت عنك لحقن دماء المسلمين. وما أحسب ذلك يسعني افأقاتل عنك قوماً أنت والله أولى بالقتال منهم ، قال ابن ابي الحديد وهذا موافق لقول ابيه لا تقاتلوا الخوارج بعدي فليس من طلب الحق فأخطأه مثل من طلب الباطل فأدركه. وهو الحق الذي لا يعدل عنه ، قال ابن ابي الحديد. وبه يقول أصحابنا فان الخوراج عندهم أعذر من معاوبة. وأقل ضلالاً. ومعاوية أولى بأن يحارب منهم.

٧٧

قال : ابو العباس. فلما رجع الجواب ـ اي جواب الحسن (ع) ارسل الى حوثرة الأسدي أباه. وقال له اذهب فاكفني أمر ابنك. فصار اليه ابوه فدعاه الى الرجوع فأبى فاداره فصمم ، فقال يا بني اجيك بابنك فلعلك تراه فتحن اليه. فقال : يا أبت انا والله الى طعنة نافذة انقلب فيها على كعوب الرمح أشوق مني الى ابني فرجع إلى معاوية فأخبره. فقال يا أبا حوثرة لقد عتى هذا جداً. ثم وجه اليه جيشاً اكثره أهل الكوفة. فلما نظر اليهم حوثرة. قال : لهم يا اعداء الله. أنتم بالأمس تقاتلون معاوية لتهدوا سلطانه. وانتم اليوم تقاتلون معه لتشدوا سلطانه. فخرج اليه ابوه فدعاه الى البراز. فقال يا أبت لك في غيري مندوحة. ولي في غيرك مذهب. ثم حمل على القوم وهو يقول :

اكرر على هذي الجموع حوثرة

فعن قليل ستنال المغفرة

فحمل عليه رجل من طي فقتله.

٧٨

[ الخوارج وابن زياد ]

نكل ابن زياد بالخوارج أشد تنكيل. اذ أنهم اقلقوه وراحوا يقاومونه بكل قواهم. حتى ملىء السجون بهم وقتلهم وصلبهم. فكانوا لا يزدادون الا شدة وتعصباً ، وعندما قتلوا قائد جيشه عباد بن أدية. انزل عليهم سخطه. وجد في استأصالهم ولم يترك في القوس مدفعاً في أمرهم. غير انه لم يحصل على بغيته ، وكانوا لا يتقاعسون عن أخذ ثأر قتيل لهم حتى يطلبوا القاتل فيقتلوه أياً كان. ولن يفوتهم ثأر قط ، قال : أبو العباس. وأكثرهم لم يكن يبالي بالقتل وشيمتهم استعذاب الموت والاستهانة بالمنية.

قال أبو العباس كان قتل عباد ، وعبيد الله بن زياد بالكوفة وخليفته على البصرة عبيد الله بن أبي بكرة ، فكتب

٧٩

اليه يأمره أن لا يدع أحداً يعرف بهذا الرأي الا حبسه(١) ، قال : فجد ابن ابي بكرة في طلب من تغيب عنه وجعل يتبعهم ويأخذهم. فاذا شفع اليه في أحد منهم كفله الى ان يقدم به علس ابن زياد. حتى أتوه بعروة بن اذينة فأطلقه وقال أنا كفيلك. فلما قدم ابن زياد أخذ من في الحبس فقتلهم جميعاً وطالب الكفلاء بمن كفلوا به فكل من جاء بصاحبه اطلقه وقتل الخارجي. ومن لم يأت بمن كفل به منهم قتله. ثم قال ابن زياد. لأبي بكرة هات عروة بن اذينة. قال : لا اقدر عليه قال : اذا والله اقتلك فانك كفيله. فلم يزل يطلبه حتى دل عليه في سرب العلاء بن موتة المنقري : فكتب بذلك إلى عبيد الله بن زياد فقرء عليه كتابه فقال انا قد أصبناه في سرب العلاء ولوددت انه كان ممن شرب النبيذ. فلما أقيم عروة بين يديه قال : لم جهزت أخاك علي يعني أبا بلال؟ فقال والله لقد كنت به ضنيناً ، وكان لي عزاء ولقد أردت له ما أريد لنفسي فعزم عزماً فمضى عليه. وما احب لنفسي الا المقام وترك

__________________

(١) قيل ان ابن زياد كان قد حبس من الخوارج زهاء اربعماءة ولما هلك يزيد اطلقهم من السجن وكان يروم البيعة لنفسه فمن جملة من افسد عليه امره هؤلاء الخوارج.

٨٠