وقعة النهروان او الخوارج

وقعة النهروان او الخوارج0%

وقعة النهروان او الخوارج مؤلف:
الناشر: منشورات الشريف الرضي
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 328

وقعة النهروان او الخوارج

مؤلف: أبو العباس جعفر بن محمّد المستغفري
الناشر: منشورات الشريف الرضي
تصنيف:

الصفحات: 328
المشاهدات: 84001
تحميل: 6111

توضيحات:

وقعة النهروان او الخوارج
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 328 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 84001 / تحميل: 6111
الحجم الحجم الحجم
وقعة النهروان او الخوارج

وقعة النهروان او الخوارج

مؤلف:
الناشر: منشورات الشريف الرضي
العربية

الخروج. فقال له : أفأنت على رأيه. قال كنا نعبد رباً واحداً. قال : أما والله لأمثلن لك. قال اختر لنفسك من القصاص ما شئت فأمر به فقطعوا يديه ورجليه. ثم قال كيف ترى قال : افسدت علي دنياي. وأفسدت عليك آخرتك. قال فأمر بصلبه على باب داره.

قال : أبو العباس : كان ابو الوازع الراسبي من مجتهدي الخوارج وهذا ابو وازع اشترى سيفاً. وأتى صيقلاً ، كان يذم الخوارج ويدل على عوراتهم. فشاوره في السيف فحمد ثم اشحذه فشحذه حتى اذا رضيه خبط به الصيقل فقتله. وحمل على الناس فهربوا منه حتى أتى مقبرة بني يشكر. فدفع عليه رجل حايطاً ستره فشدخه. وأمر ابن زياد بصلبه فصلب.

٨١

[ الخوراج وابن الزبير ]

لما هلك يزيد بن معاوية اجتمع الخوارج فيما بينهم وتذاكروا أمر ابن الزبير وقالوا ندخل على هذا الرجل فننظر ما عنده فان قدم أبا بكر وعمر وبرىء من عثمان ومن علي وكفر أباه وطلحة بايعناه. وان تكن الأخرى ظهر لنا ما عنده فتشاغلنا بما يجدي علينا. قال فدخلوا على ابن الزبير وهو متبذر وأصحابه متفرقون عنه. فقالوا انا جئناك لتخبرنا رأيك فان كنت على الصواب بايعناك. وان كنت على غيره دعوناك الى الحق ما تقول في الشيخين. قال خيراً. قالوا ما تقول في عثمان الذي احمى الحمى وآوى الطريد وأظهر لأهل مصر شيئاً وكتب بخلافه وأوطأ آل أبي معيط رقاب الناس وآثرهم بفيىء المسلمين وفي الذين بعده ـ أي علي بن ابي طالب (ع) ـ الذي حكم في دين الله الرجال وأقام علي (ع) غير تائب ولا نادم ، وفي ابيك وصاحبه وقد بايعا علياً. وهو امام عادل مرضي لم يظهر منه كفر. ثم نكثا

٨٢

بعرض من أعراض الدنيا وأخرجا عائشة تقاتل وقد أمرها الله وصواحبها أن يقرن في بيوتهن. وكان لك في ذلك ما يدعوك إلى التوبة فان أنت قلت كما نقول فلك الزلفة عند الله والنصر على ايدينا ونسأل الله لك التوفيق. وان أبيت الا نصر رأيك الأول وتصويب ابيك وصاحبه. والتحقيق بعثمان والتولي وفي السنين الست التي أحلت دمه ونقضت أمره وأفسدت إمامته خذلك الله وانتصر منك بأيدينا. قال ابن الزبير ان الله أمر وله العزة والقدرة في مخاطبة اكفر الكافرين واعتى العتاة بأرأف من هذا القول. فقال لموسى ولأخيه صلى الله عليهما في فرعون : ( فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى ) (١) . وقال رسول الله (ص) لا تؤذوا الأحياء بسبب الموتى ، فنهى عن سب ابي جهل من أجر عكرمة ابنه. وأبو جهل عدو الله وعدو الرسول والمقيم على الشرك والجاد في المحاربة والمتبغض الى رسول الله (ص) قبل الهجرة والمحارب له بعدها وكفى بالشرك ذنباً. وقد كان يغنيكم عن هذا القول الذي سميتم فيه طلحة وأبى أن تقولوا أتبرأ من الظالمين؟ فان كانا منهم دخلاً في غمار الناس وإن لم يكونا منهم لم تحفظوني بسب أبي وصاحبه. وأنتم تعلمون ان الله جل وعز. قال للمؤمن

__________________

(١) سورة طه.

٨٣

في أبويه( وان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً ) . وقال جل ثناؤه( وقولوا للناس حسناً ) وهذا الذي دعوتهم اليه أمر له ما بعده وليس يقنعكم الا التوقيف والتصريح ولعمري ان ذلك لأحرى بقطع الحجج وأوضح لمنهاج الحق. وأولى بأن يعرف كل صاحبه من عدوه. فروحوا الي من عشيتكم هذه اكشف لكم ما أنا عليه ان شاء الله.

قال الراوي فلما كان العشي راحوا اليه فخرج اليهم وقد لبس سلاحه فلما رأى ذلك ـ نجدة ـ قال : هذا خروج منا بذلكم فجلس على رفع من الأرض وخطبهم وأثنى على ابي بكر وعلى عمر وعلى عثمان فلما سمعوا ذلك منه تفرقوا عنه.

٨٤

[ وقعة دولاب ]

اجتمع الخوارج بالأهواز. ورئيسهم يومئذ نافع بن الأزرق الحنفي ، وصاروا يقتلون الأطفال. ويريعون النساء. فارتاع لذلك أهل البصرة. فاجتمعوا الى الأحنف بن قيس فشكوا ذلك اليه. وقالوا ليس بيننا وبين العدو الا ليلتان. وسيرتهم ما ترى فقال الأحنف. ان فعلهم في مصركم ان ظفروا به كفعلهم في سوادكم فجدوا في جهاد عدوكم. فاجتمع اليه عشرة آلاف. فأتى عبدالله بن الحرث بن نوفل بن الحرث بن عبدالمطلب وهو ( ببة ). فسأله ان يؤمر عليهم فاختار لهم ابن عبيس ابن كريز. وكان ديناً شجاعاً. فأمره عليهم وشيعه. فلما نفد من جسر البصرة أقبل على الناس. فقال اني ما خرجت لأمتار ذهب ولا فضة واني لأحارب قوماً ان ظفرت بهم فما ورآءهم الا سيوفهم ورماحهم فمن كان شأنه الجهاد فلينهض ومن أحب الحياة فليرجع فرجع نفر يسير ومضى الباقون معه. فلما

٨٥

صاروا. بدولاب. خرج اليهم نافع فاقتتلوا قتالاً شديداً حتى تكسرت الرماح وعقرت الخيل وكثرت الجراح والقتل وتضاربوا بالسيوف والعمد ، فقتل في المعركة ابن عبيس ونافع بن الأزرق. وكان ابن عبيس تقدم الى أصحابه. فقال ان اصبت. فأميركم الربيع بن عمر. والأجدم الغداني. فلما أصيب بن عبيس اخذ الربيع الراية. وكان نافع قد استخلف عبيد الله بن بشير بن الماحوز السليطي فكان الرئيسان من بني يربوع رئيس المسلمين من بني غدانة بن يربوع ورئيس الخوارج من بني سليط بن يربوع. فاقتتلوا قتالاً شديداً. فلم يزل الربيع بن الأجذم يقاتلهم نيفاً وعشرين يوماً. حتى قال : يوماً أنا مقتول لا محالة. قالوا وكيف قال لأني رأيت البارحة كأن يدي التي أصيبت بكابل انحطت من السماء فاستشلتني(١) فلما كان الغد قاتل الى الليل. ثم غاداهم فقتل فتدافع أهل البصرة الراية حتى خافوا العطب. اذ لم يكن لهم رئيس. ثم اجمعوا على الحجاج بن باب الحميري. فأباها. فقيل له ألا ترى ان رؤساء العرب بالحضرة وقد اختاروك من بينهم؟ فقال : مشؤمة ما يأخذها أحد الا قتل. ثم أخذها فلم يزل يقاتل

__________________

(١) استشلتني. اي اخذتني اليها.

٨٦

الخوارج بدولاب والخوارج اعد بالألات والدروع والجواشن. فالتقى الحجاج بن باب : وعمران بن الحرث الراسبي وذلك بعد ان اقتتلوا ، زهاء شهر فاختلفا بضربتين فسقطا ميتين.

٨٧

[ حروب أهل البصرة مع الخوراج ]

قال الراوي. وكره ( ببة ) القتال ، وأقام حارثة بن بدر القداني بازاء الخوارج يناوشهم على غير ولاية. وكان يقول ما عذرنا عند اخواننا من أهل البصرة ان وصل اليهم الخوارج ونحن دونهم فكتب اهل البصرة الى ابن الزبير يخبرونه بقعود ( ببة ) ويسألونه ان يولي والياً فكتب الى أنس بن مالك أن يصلي بالناس فصلى بهم أربعين يوماً وكتب إلى عمر بن عبيد الله بن معمر فولاه البصرة فلقيه الكتاب وهو يريد الحج وهو في بعض الطريق فرجع فأقام بالبصرة. وولى اخاه عثمان محاربة الأزارقة. فخرج اليهم في اثني عشر الفاً ولقيه حارثة فيمن كان معه وعبيد الله بن الماحوز في الخوارج بسوق الأهواز. فلما عبروا اليهم دجيلا نهض اليهم الخوارج. وذلك قبيل الظهر فقال عثمان بن عبيد الله لحارثة بن بدر. أما الخوارج الا ما أرى فقال له حارثة حسبك بهؤلاء. فقال لا جرم والله لا اتغدى حتى

٨٨

أناجزهم. فقال له حارثة ان هؤلاء لا يقاتلون بالتعسف فابق على نفسك وجندك. فقال أبيتم أهل العراق الا جبناً وانت يا حارثة ما علمك بالحرب انت والله بغير هذا أعلم ـ يعرض له بالشراب ـ فغضب حارثة فاعتزل. وحاربهم عثمان يومه الى ان غابت الشمس فأجلت الحرب عنه قتيلاً. وانهزم الناس وأخذ حارثة الراية. وصاح بالناس انا حارثة بن بدر. فثاب اليه قومه فعبر بهم دجيلاً. وبلغ فل عثمان البصرة وخاف الناس الخوارج خوفاً شديداً. وعزل ابن الزبير عمر بن عبيد الله وولى الحرث بن عبدالله بن ابي ربيعة المعروف بالقباع احد بني مخزوم. وهو اخو عمر بن عبدالله بن ابي ربيعة المخزومي الشاعر ، فقدم البصرة. فكتب اليه حارثة بن بدر يسأله الولاية والمدد. فاراد أن يوليه فقال له رجل من بكر بن وايل. ان حارثة ليس بذلك. انما هو صاحب شراب فكتب اليه القباع تكفي حربهم انشاء الله فأقام حارثة يدافعهم حتى تفرق عنه الناس ، واقام بنهر تيري فعبرت اليه الخوارج فهرب وأصحابه حتى أتى دجيلاً فجلس في سفينة واتبعه جماعة من أصحابه كانوا معه. وأتاه رجل من بني تميم وعليه سلاحه والخوارج وراءه. وقد توسط حارثة فصاح به يا حارث ليس مثلي ضيع. فقال للملاح قرب فقرب الى جرف ولا فرصة هناك فطفر بسلاحه في السفينة فساخت بالقوم جميعاً. وأقام ابن

٨٩

المأحوز يجبي كور الأهواز ثلاثة اشهر. ثم وجه الزبير بن علي نحو البصرة فضج الناس الى الأحنف فأتى القباع فقال أصلح الله الأمير ، ان هذا العدو قد غلبنا على سوادنا وفيئنا فلم يبق الا أن يحصرنا في بلدنا حتى نموت هزلا. قال فسموا رجلاً فقال أحنف الرأي ما يخيل ما أرى لها الا المهلب بن أبي صفرة. فقال أو هذا رأي جميع أهل البصرة اجتمعوا الي في غد. وجاء الزبير حتى نزل الفرات وعقد الجسر ليعبر الى ناحية البصرة. فخرج اكثر أهل البصرة اليه. وقد اجتمع للخوارج أهل الأهواز وكورها رغبة ورهبة. فأتاه البصريون في السفن وعلى الدواب ورجالة ، فاسودت بهم الأرض فقال : الزبير لما رآهم أبى قومنا الا كفراً. فقطعوا الجسر وأقام الخوارج بالفراق بازائهم. واجتمع الناس عند القباع وخافوا الخوارج خوفاً شديداً. وكانوا ثلاث فرق فسمى قوم المهلب. وسمى قوم مالك بن مسمع. وسمى قوم زياد بن عمرو بن الاشرف العتكي. فصرفهم. ثم اختبر ما عند مالك وزياد فوجدهما متثاقلين عن ذاك. ثم اختبر ما عند مالك وزياد فوجدهما متثاقلين عن ذاك. وعاد اليه من أشار بهما. وقالوا قد رجعنا عن رأينا ما نرى لها الا المهلب. فوجه الحرث اليه فأتاه فقال له يا أبا سعيد. انا والله ما آثرناك بها. ولكننا لم نر من يقوم مقامك فقال له الحرث. وأومأ الى الأحنف ان هذا الشيخ لم يسمك الا ايثاراً للدين. وكل من في مصرك ماد عينيه

٩٠

اليه راج أن يكشف الله عز وجل هذه الغمة بك. فقال : المهلب لا حول ولا قوة إلا بالله اني عند نفسي لدون ما وصفتم. ولست آبيا ما دعوتم اليه على شروط اشترطها. قال الأحنف قل : قال على أن أنتخب من احببت. قال ذاك لك. قال : ولي امرة كل بلد أغلب عليه. قال وذاك لك. قال : ولي فيىء كل بلد اظفر به قال : الأحنف ليس ذاك لك ولا لنا انما هو فيىء المسلمين. فان سلبتهم اياه كنت عليهم كعدوهم. ولكن لك أن تعطي أصحابك من فيىء كل بلد تغلب عليه ما شئت. تنفق على محاربة عدوك. فما فضل عنكم كان للمسلمين. فقال المهلب فمن لي بذلك. قال : الأحنف نحن وأميرك وجماعة أهل مصرك. قال : قد قبلت. فكتبوا بذلك كتاباً. ووضع على يدي الصلت بن حريث بن جابر الحنفي. وانتخب المهلب من جميع الأخماس فبلغت نخبته اثني عشر الفاً. ونظروا ما في بيت المال فلم يكن إلا مأتي الف درهم فعجزت. فبعث الملهب الى التجار. ان تجارتكم مذحول قد كسدت عليكم بانقطاع مواد الأهواز وفارس عنكم. فهلم فبايعوني واخرجوا معي أو فكم انشاء الله حقوقكم فتاجروه فأخذ من المال ما يصلح به عسكره. واتخذ لأصحابه : الخفاتين. والرانات. المحشوة بالصوف. ثم نهض وأكثر أصحابه رجاله. حتى اذا صار بحذاء القوم أمر بسفن فاحضرت

٩١

وأصلحت ، فما ارتفع النهار حتى فرغ منها. ثم أمر الناس بالعبور الى الفرات. وأمر عليهم ابنه المغيرة فخرج الناس. فلما قاربوا الشاطىء فحاربوهم فكشفوهم وشغلوهم حتى عقد المهلب الجسر وعبر والخوارج منهزمون فنهى الناس عن أتباعهم. ففي ذلك يقول الأزدي.

ان العراق واهلـه لـم يخبروا

مثل المهلب في الحروب فسلموا

أمضى وايمن فـي اللقاء نقيبة

واقـل تهليلاً اذا مـا أحجمـوا

٩٢

[ وقائع المهلب والخوارج ]

قال : المبرد. لما انهزم الخوارج من المهلب. اقام المهلب اربعين يوماً بكور دجلة ، والخوارج بنهر تيري. والزبير بن علي منفرد بعسكره عن عسكر ابن الماحوز. وهناك قضى المهلب التجار واعطى أصحابه فاسرع اليه الناس رغبة مجاهدة الخوارج ، ثم صار المهلب الى نهر تيري فتنحوا عنه الى الأهواز. وأقام المهلب يجبي ما حواليه من الكور.

قال : ودس المهلب الجواسيس الى عسكر الخوارج فأتوه بأخبارهم ومن في عسكرهم. فاذا حشوة ما بين قصار. وصباغ وداعر وحداد. فخطب المهلب الناس. فذكر من هناك. وقال للناس امثل هؤلاء يغلبونكم على فيئكم. فلم يزل مقيماً حتى فهمهم أمره وقوى أصحابه وكثرت الفرسان في عسكره وتتام اليه زهاء عشرين الفاً. ثم مضى يؤم الأهواز. واستخلف اخاه ـ المعارك ـ بن ابي

٩٣

صفرة على نهر تيري ، وفي مقدمته المغيرة بن المهلب. حتى قاربهم المغيرة فناوشوه فانكشف عنه بعض أصحابه. وثبت المغيرة بقية يومه وليلته يوقد النيران. ثم غاداهم القتال. فاذا القوم قد أوقدوا النيران. في ثقلة متاعهم. وارتحلوا عن سوق الأهواز. فدخلها المغيرة. وقد جاءت اوائل خيل المهلب. فأقام بسوق الأهواز. وكتب بذلك الى الحرث بن عبد الله بن أبي ربيعة كتاباً يقول فيه.

بسم الله الرحمن الرحيم. اما بعد فانا منذ خرجنا نؤم هذا العدو في نعم من الله متصلة علينا. ونقمة من الله متتابعة عليهم. نقدم ويحجمون ونحل ويرتحلون الى أن حللنا سوق الأهواز. والحمد لله رب العالمين الذي ما عنده النصر وهو العزيز الحكيم ، فكتب اليه الحرث هنيئاً لك أخا الأزد الشرف في الدنيا والذخر في الآخرة ان شاء الله. فقال : المهلب لأصحابه ما أجفى أهل الحجاز أما ترونه يعرف اسمي واسم ابي وكنيتي ، وكان المهلب. يبث الأحراس في الأمن كما يبثهم في الخوف. ويذكي العيون في الأمصار كما يذكيها في الصحارى. ويأمر أصحابه بالتحرز ويخوفهم البيات. وان بعد منهم العدو. ويقول احذروا ان تكادوا كما تكيدون. ولا تقولوا هزمنا وغلبنا. فان القوم خائفون وجلون والضرورة تفتح باب

٩٤

الحيلة. ثم قام فيهم خطيباً. وقال أيها الناس انكم قد عرفتم مذهب هؤلاء الخوارج وانهم ان قدروا عليكم فتنوكم في دينكم وسفكوا دماءكم. فقاتلوهم على ما قاتل عليه أولهم. علي بن ابي طالب صلوات الله عليه. فلقد لقيهم قبلكم. الصابر المحتسب مسلم بن عبيس. والعجل المفرط عثمان بن عبيد الله. والمعصي المخالف حارثة بن بدر فقتلوا جمعياً. وقتلوا فألقوهم بجد وحد. فانما هم مهنتكم وعبيدكم وعار عليكم ونقص في أحسابكم وأديانكم ان يغلبكم هؤلاء على فيئكم ويوطئوا حريمكم. ثم سار يريدهم. وهم بمناذر الصغرى. فوجه عبيد الله ابن بشير بن الماحوز ـ رئيس الخوارج ـ رجلاً يقال له واقد مولى لآل ابي صفرة من سبى الجاهلية في خمسين رجلاً. فيهم صالح بن مخراق الى نهر تيري. وبها المعارك بن أبي صفرة. فقتلوه وصلبوه. فنمى الخبر الى المهلب. فوجه ابنه المغيرة. فدخل نهر تيري. وقد خرج واقد منها فاستنزله ودفنه وسكن الناس. واستخلف بها ورجع الى أبيه. وقد حل بسولاف. والخوارج بها. فواقعهم وجعل على بني تميم الحريش بن هلال فخرج رجل من أصحاب المهلب. يقال له عبد الحمن الاسكاف فجعل يحض الناس وهو على فرس له صفراء. فجعل يأتي الميمنة والميسرة والقلب فيحض الناس ويهون أمر الخوارج ويختال

٩٥

بين الصفين. فقال رجل من الخوارج لأصحابه يا معشر المهاجرين هل لكم في فتكه فيها أريحية فحمل جماعة منهم على الاسكاف فقاتلهم وحده فارساً. ثم كبا به فرسه. فقاتلهم راجلاً قائماً وباركاً. ثم كثرت به الجراحات. فذبب بسيفه وجعل يحثوا التراب في وجوههم والمهلب غير حاضر. ثم قتل. وحضر المهلب فأخبر. فقال للحريش. وعطية العنبري أأسلمتما سيد أهل العسكر لم تعيناه. ولم تستنقذاه حسداً له لأنه رجل من أصحابه ووبخهما. وحمل رجل من الخوارج على رجل من أصحابه فقتله فحمل عليه المهلب فطعنه وقتله. ومال الخوارج بأجمعهم على العسكر. فانهزم الناس وقتلوا سبعين رجلاً. وثبت المهلب وأبلى المغيرة يومئذ وعرف مكانه. يقال حاص المهلب وأبلى المغيرة يومئذ وعرف مكانه. يقال حاص المهلب يومئذ حيصة. وتقول الأزد. كان يرد المنهزمة ويحمي أدبارهم ، قال الراوي. وبات المهلب في الفين. فلما أصبح رجع بعض المنهزمة فصار في أربعة آلاف فخطب أصحابه. فقال : والله ما بكم من قلة. وما ذهب عنكم إلا أهل الجبن والضعف والطمع والطبع. فان يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله. فسيروا الى عدوكم على بركة الله. فقام اليه الحريش بن هلال. فقال انشدك الله أيها الأمير ان تقاتلهم الا ان يقاتلوك فان بالقوم جراحاً. وقد اثخنتهم هذه الجولة فقبل منه. ومضى

٩٦

المهلب في عشرة فأشرف على عسكر الخوارج. فلم ير منهم احداً يتحرك. فقال له الحريش ارتحل عن هذا الموضع فارتحل فعبر دجيلا. وصار الى عاقول لا يؤتى إلا من وجه واحد.

قال : وأقام في العاقول ثلاثة أيام. ثم ارتحل والخوارج بسلى وسلبرى(١) فنزل قريباً منهم. فقال ابن الماحوز لأصحابه ما تنتظرون بعدوكم وقد هزمتموهم بالأمس وكسرتم حدهم؟ فقال له وافد مولى أبي صفرة. يا أمير المؤمنين. انما تفرق عنهم أهل الضعف والجبن وبقي أهل النجدة والقوة. فان أصبتم لم يكن ظفراً هيناً لأني أراهم لا يصابون حتى يصيبوا فان غلبوا ذهب الدين فقال أصحابه نافق وافد. فقال ابن الماحوز لا تعجلوا على أخيكم فانه انما قال هذا نظراً لكم. ثم توجه الزبير بن علي الى عسكر المهلب لينظر ما حالهم. فأتاهم في مائتين فحزرهم ورجع. وأمر المهلب أصحابه بالتحارس. حتى اذا أصبح ركب اليهم على تعبية صحيحة فالتقوا بسلى وسلبرى.

__________________

(١) سلى وسلبرى قال الأخفش بفتح السين موضعان بالأهواز.

٩٧

( وقعة سلى وسلبرى )

لما تقابل الفريقان. بسلى وسلبرى. خرج من الخوارج مائة فارس فركزوا رماحهم بين الصفين واتكئوا عليها. وأخرج اليهم المهلب عدادهم. ففعلوا مثل ما فعلوا لا يريمون الا الصلاة حتى أمسوا فرجع كل فريق الى معسكرهم. ففعلوا هذا ثلاثة أيام. قال فحمل المهلب وحملوا فاقتتلوا قتالاً شديداً فجهد الخوارج فنادى مناديهم الا أن المهلب قد قتل فركب المهلب بذوناً قصيراً أشهب وأقبل يركض بين الصفين وان احدى يديه لفي القباء وما يشعر بها. وهو يصيح أنا المهلب فسكن الناس بعد ان كانوا قد ارتاعوا وظنوا أن أميرهم قد قتل. وكل الناس مع العصر فصاح المهلب بابنه المغيرة تقدم ففعل وصاح بذكوان مولاه قدم رايتك ففعل. فقال له رجل من ولده انك تغرر بنفسك فذمره. ثم صاح يا بني تميم أمركم فتعصونني فتقدم وتقدم الناس. واجتلدوا أشد جلاد حتى إذا كان مع

٩٨

المساء. قتل ابن الماحوز. وانصرف الخوارج. ولم يشعر المهلب بقتله. فقال لأصحابه ابغوني رجلاً جلداً يطوف في القتلى فأشاروا عليه برجل من جرم وقالوا أنا لم نر رجلاً قط أشد منه فطوف ومعه النيران فجعل اذا مر بجريح من الخوارج قال كافر ورب الكعبة فأجهز عليه. وإذا مر بجريح من المسلمين أمر بسقيه وحمله. وقام المهلب في عسكره يأمرهم بالاحتراس. حتى إذا كان نصف الليل وجه رجلاً من اليحمد(١) في عشرة فصاروا الى عسكر الخوارج فإذا القوم قد تحملوا إلى ـ أرجان ـ فرجع إلى المهلب فأعلمه. فقال أنا لهم الساعة أشد خوفاً. فاحذروا البيات. قال : أبو العباس. ويروى عن شعبة بن الحجاج أن المهلب. قال لأصحابه يوماً. أن هؤلاء الخوارج قد يئسوا من ناحيتكم الا من جهة البيات فان كان ذلك فاجعلوا شعاركم ـ حم لا ينصرون ـ فان رسول الله (ص) كان يأمر بها. ويروى أنه

__________________

(١) قال الأخفش : اليحمد من الازد. والخليل من بطن منهم. يقال لهم الفراهيد والفرهود في الأصل الحمل. فان نسبت الى الحي قلت فراهيدي. وان نسبت الى الحملان قلت فرهودي لا غير.

٩٩

كان شعار أصحاب علي بن أبي طالب صلوات الله عليه. قال : ولما أصبح المهلب غدا على القتلى فأصاب ابن الماحوز فيهم ففي ذلك يقول رجل من الخوارج :

بسلى وسلبرى مصـارع فتية

كرام وجرحى لم توسد خدودها

١٠٠