الثاقب في المناقب

الثاقب في المناقب0%

الثاقب في المناقب مؤلف:
الناشر: مؤسّسة أنصاريان
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 697

الثاقب في المناقب

مؤلف: ابن حمزة الطوسي
الناشر: مؤسّسة أنصاريان
تصنيف:

الصفحات: 697
المشاهدات: 188621
تحميل: 6904

توضيحات:

الثاقب في المناقب
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 697 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 188621 / تحميل: 6904
الحجم الحجم الحجم
الثاقب في المناقب

الثاقب في المناقب

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة أنصاريان
العربية

شئت - بسائقها وقائدها وناعقها، ومحطّ رحالها إلى يوم القيامة »(١) .

١١٥ / ٤ - وقوله وقد روى عنه عباية بن ربعي الأسدي، قال: سمعته وهو يقول: « سلوني قبل أن تفقدوني، ألا تسألوني عن علم البلايا والمنايا والأنساب ».

وحديث الجفر، والجامعة، ومصحف فاطمةعليها‌السلام ، وغير ذلك غير خاف عند علماء أهل البيتعليهم‌السلام وفي إحصاء ذلك كثرة.

١١٦ / ٥ - فقد روى أبو إسحاق السبيعي أنّ الحسن بن عليّعليهما‌السلام ، قال في الخطبة الّتي خطبها بعد وفاة أمير المؤمنينعليه‌السلام : « وكان رسول الله (ص) يوجهه ويكنفه، جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن شماله لا يرجع حتّى يفتح الله على يده ».

١١٧ / ٦ - ويصدق ذلك ما رواه جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله (ص): « ما اعتصى عليّ أهل مملكة قط إلاّ رميتهم بسهم الله » قلنا: يا رسول الله، وما سهم الله؟

قال: « عليّ بن أبي طالب، ما بعثته في سرية قط إلاّ رأيت جبريل عن يمينه، وميكائيل عن يساره وملك الموت أمامه في سحابة تظله، حتّى يعطي الله لحبيبي النصر والظفر ».

__________________

(١) أمالي الطوسي: ١: ٥٨ / ٨٦، مثله، نهج البلاغة ١: ١٨٢ / ٨٩، شرح النهج ٧: ٤٤ / ٩٢، المناقب ٢: ٣٩.

٤ - بصائر الدرجات: ٢٨٦ / ١ وباب ٢ من نفس الصفحة - ذكره بأسانيد متعددة مثله.

٥ - أمالي الطوسي ١: ٢٧٦، تفسير فرات: ٧٢، ارشاد المفيد: ١٨٨، اعلام الورى: ٢٠٨، شرح النهج ١٦: ٣٠، مقاتل الطالبيين: ٣٠ - ٣١ وفي المصادر كلها ورد بالمثل.

٦ - كفاية الطالب: ١٣٤، المناقب لابن شهرآشوب ٢: ١٣٩.

١٢١

١١٨ / ٧ - وقال رسول الله (ص): « إنّ الله تعالى جعل ملائكة سياحين في الأرض، فإذا مرّوا بآل محمّد مسحوا بأجنحتهم رؤوسهم ».

١١٩ / ٨ - روى أبو جعفر الباقرعليه‌السلام ، قال: « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام - بعد قتل عثمان بن عفان -: أنشدكم بالله، هل فيكم أحد سلّم عليه جبرئيل وميكائيل وإسرافيل في ثلاثة آلاف من الملائكة يوم بدر غيري؟ » قالوا: لا.

١٢٠ / ٩ - روى الأصبغ بن نباتة، قال: دخلت على أمير المؤمنين، والحسن والحسينعليهم‌السلام عنده، وهو ينظر إليهما نظراً شديداً، قلت له: بارك الله لك في فتيانك، وبلّغ بهما أملهما فيك، وبلّغ بك أملك فيهما.

فقال: « خرجت يوماً وصلّيت مع رسول الله (ص)، فلمّا انصرفت قلت: يا رسول الله إنّي كنت في ضيعة لي، فجئت نصف النهار وأنا جائع، مُعي، فسألت ابنة رسول الله (ص) هل عندها شيء تطعمني، فقامت لتهيّء شيئا، فأقبل ابناك الحسن والحسين مظهرين، يقولان: حسبنا جبرئيل ورسول الله (ص). فقلت: كيف حسبكما جبرئيل ورسول الله؟ فقال الحسن: كنت أنا في حجر رسول الله (ص)، والحسين في حجر جبرئيل، فكنت أنا أثب من حجر رسول الله إلى حجر جبرئيل، والحسين يثب من حجر جبرئيل إلى حجر رسول الله.

فقال رسول الله (ص): صدق ابناي، ما زلت أنا وجبرئيل نلهو بهما منذ أصبحنا حتّى زالت الشمس.

__________________

٧ - الخرائج والجرائح ٢: ٥٣٠، ذيل حديثي ٦، ٧.

٨ - بصائر الدرجات: ١١٥ / ١.

٩ - مناقب الخوارزمي: ٢٣٨، عن جابر ألا إنّه قال: والله ما كنا نعرف المنافقين إلاّ ببغضهم عليّاًعليه‌السلام .

١٢٢

قلت ففي أي صورة كان جبرئيل؟ قال: في الصورة التي كان ينزل عليّ فيها ».

وأمثال ذلك لا تحصى كثرة.

وقد جعل الله تعالى عليّاً أمير المؤمنين علماً بين الإيمان والنفاق، وبين من ولد لرشده، وبين من ولد لغيّه.

فقال رسول الله (ص): « حبّك إيمان وبغضك نفاق »(١) .

وقال رسول الله (ص) له: « لا يحبّك إلاّ مؤمن، ولا يبغضك إلاّ منافق »(٢) .

١٢١ / ١٠ - روى ابن عبّاسرضي‌الله‌عنه في حديث طويل أنّه (ص) قال: « لا يحبك إلاّ طاهر الولادة، ولا يبغضك إلاّ خبيث الولادة ».

١٢٢ / ١١ - روي عن عائشة - مع انحرافها عن عليّعليه‌السلام - قالت: كنا نختبر أولادنا على عهد رسول الله (ص) بحبّ عليّ ابن أبي طالبعليه‌السلام ، فمن أحبّه علمنا أنه لرشده.

وقد ذُكر في ذلك أبيات عنها:

إذا ما التبر(٣) حك على المحك

تبين غشه من غير شكّ

__________________

(١) أمالي الصدوق: ٤٩٦ / ٥

(٢) تاريخ بغداد ٨: ٤١٧ و ١٤: ٤٢٦، علل الشرائع: ١٤٥ / ١٢، أمالي الطوسي ٢: ١٦١، كفاية الطالب: ٦٨، الصواعق المحرقة: ١٢٢، وابن حنبل في مسنده ١: ٨٤، ٩٥، ١٢٨ و ٦: ٢٩٢.

١٠ - الاحتجاج: ٦٩.

١١ - رواه المجلسي في بحاره ٣٩: ٢٩٦ عن شرح النهج ١: ٤٨٦ طبع مصر.

(٣) في ر: الغش.

١٢٣

ففينا الغش والذهب المصفى

عليّ بيننا شبه المحكّ

١٢٣ / ١٢ - وكان جابر بن عبد الله الأنصاريّرضي‌الله‌عنه وهو يدور على مجالس الأنصار ويقول: « عليّ خير البشر فمن أبى فقد كفر »، يا معشر الأنصار أدّبوا أولادكم على حبّ عليّ، فمن أبى فانظروا في شأن أمه.

وأمثال هذا كثيرة ولا يمكن استيفاؤها.

__________________

١٢ - رواه الصدوق في علل الشرائع: ١٤٢ / ٤، والأمالي: ٤٧ وابن شهرآشوب في المناقب ٣: ٦٧، نقله عن ابن مجاهد في التاريخ والطبري في الولاية والأعمش عن أبي وائل وعن عطية عن عائشة.

١٢٤

٢ - فصل:

في ذكر نوح وهود وصالح

وفيه: خمسة أحاديث

إنّ الله سبحانه وتعالى لم يذكر في كتابه المجيد لأحد منهم آية سوى آية الناقة لصالح، فإنّه تعالى جعلها له آية، وذكرها في كتابه العزيز فقال عزّ من قائل:( هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً ) (١) فأمّا الطوفان، والريح، وإهلاك قوم منهم بسبب آية تخالف العادة، وأنّه تعالى كان عذَّبهم بالماء والريح، وأفناهم وقطع دابرهم، وأبادهم، وجعلهم عبرة لمن عقل، وعظة لمن تدبّر، وحديثا لمن تذكّر، على وجه يخرق العادة، ثمّ لم يجعل ذلك لنبيّنا (ص)، ولا لأحد من أوصيائه، لأنّه سبحانه وتعالى جعله (ص) نبيّ الرحمة كما قال عزّ اسمه:( وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ ) (٢) .

وكان (ص) أحسن الأنبياء خلقا، وأكرمهم سجية، وأعلاهم فضلاً.

١٢٤ / ١ - وقد قال (ص) من كرمه الفائض وخلقه الجميل: « لكلّ

__________________

(١) سورة الأعراف / الآية: ٧٣.

(٢) سورة الأنبياء / الآية: ١٠٧.

١ - الخصال ١: ٢٩ / ١٠٣

١٢٥

نبيّ دعوة مستجابة، وإنّي أخبأت دعوتي شفاعة لأهل الكبائر من أمتي ».

وإنّما فعل تعالى بالأمم الماضية من العذاب المدمر، والهلاك الشامل، ليعتبر بهم من يجيء بعدهم، بعد ما استحقوا ذلك بأفعالهم القبيحة، وإصرارهم على الكبائر، وتماديهم على الكفر والجحود، وإنّ الله سبحانه وتعالى لم يغلق على نبيّنا، وعلى من بعث إليه باب التوبة، ولم يسدّ لهم طريق الأوبة إلى يوم القيامة، ورفع عنهم عذاب الاستئصال ببركته (ص).

١٢٥ / ٢ - وقد روي أنّ نوحاًعليه‌السلام لمّا دخل السفينة حمل معه من كلّ زوجين اثنين، كما قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز، وقد حمل معه أصل كلّ شيء من القضبان والبذور والحب والنوى، فلمّا هبط بسلام، أخذ القضبان التي كانت معه فغرسها، فنبتت وربت وأورقت وأثمرت من ساعتها:

وإنّ الله تعالى قد فضّل أئمتناعليهم‌السلام بمثل ذلك وهو:

١٢٦ / ٣ - ما روى أبو هارون العبدي، قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام إذ دخل عليه رجل وقال: بما تفتخرون علينا ولد عبد المطلب(١) .

وكان بين يديه طبق فيه رطب، فأخذعليه‌السلام رطبة ففلقها واستخرج نواها، ثمّ غرسها في الأرض وتفل عليها، فخرجت من

__________________

٢ - ...

٣ - الخرائج والجرائح ٢: ٦٢٤، مثله، ومدينة المعاجز: ١٦٧ / ٤٦٨، والصراط المستقيم ٢: ١٨٨ / ١٩، وفي جميع المصادر: عن المعلى بن حنيس.

(١) في ر، ص، ع: أبي طالب.

١٢٦

ساعتها، وربت حتّى أدركت وحملت، واجتنى منها رطباً، فقدّم إليه في طبق، وأخذ واحدة ففلقها فأكل، وإذا على نواها مكتوب: لا إله إلا الله، محمّد رسول الله، أهل بيت رسول الله (ص) خزّان الله في أرضه.

ثمّ قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « أتقدرون على مثل هذا؟! ».

قال الرجل: والله لقد دخلت عليك وما على بسيط الأرض أحد أبغض عليَّ منك وقد خرجت وما على بسيط الأرض أحد أحبّ إليّ منك.

وأما الناقة، وما أظهر الله سبحانه وتعالى بها من الآية، فقد آتى ربّنا تبارك وتعالى أهل البيتعليهم‌السلام (١) ما يقارب ذلك ويدانيه، ويجانسه ويحاكيه. وهو:

١٢٧ / ٤ - ما حدثنا به شيخي أبو جعفر محمّد بن الحسين بن جعفر الشوهانيرحمه‌الله في داره بمشهد الرضاعليه‌السلام ، بإسناده يرفعه إلى عطاء، عن ابن عبّاسرضي‌الله‌عنه ، قال: قدم أبو الصمصام العبسيّ على رسول الله (ص)، وأناخ ناقته على باب المسجد، ودخل وسلّم وأحسن التسليم، ثمّ قال: أيّكم الفتى الغوي الذي يزعم أنه نبيّ؟

فوثب إليه سلمان الفارسيّرضي‌الله‌عنه ، فقال: يا أخا العرب، أما ترى صاحب الوجه الأقمر، والجبين الأزهر، والحوض والشفاعة، والقرآن والقبلة، والتاج واللواء(٢) ، والجمعة والجماعة، والتواضع

__________________

(١) في ع: بيت نبيه صلوات الله عليهم.

٤ - مناقب ابن شهرآشوب ٢ / ٣٣٢، إرشاد القلوب: ٢٧٨، والخرائج والجرائح: ١: ١٧٥ قطعة منه.

(٢) في ص، ع، وهامش ك: الهراوة.

١٢٧

والسكينة، والمسكنة(١) والإجابة، والسيف والقضيب، والتكبير والتهليل، والاقسام والقضية، والأحكام الحنيفة، والنور والشرف، والعلو والرفعة، والسخاء، والشجاعة، والنجدة، والصلاة المفروضة، والزكاة المكتوبة، والحج، والإحرام، وزمزم، والمقام، والمشعر الحرام، واليوم المشهود، والمقام المحمود، والحوض المورود، والشفاعة الكبرى، ذلك سيّدنا ومولانا محمّد رسول الله (ص).

فقال الأعرابي: إن كنت نبيّاً فقل متى تقوم الساعة؟ ومتى يجيء المطر؟ وأي شيء في بطن ناقتي هذه؟ وأي شيء أكتسب غداً؟ ومتى أموت؟

فبقي النبيّ (ص) ساكتاً لا ينطق بشيء، فهبط الأمين جبرئيلعليه‌السلام وقال: يا محمّد، اقرأ هذه الآية.( إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) (٢) .

قال الأعرابي: مدّ يدك فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأقر أنّك محمد رسول الله، فأي شيء لي عندك إن أتيتك بأهلي وبني عمّي مسلمين؟

فقال له النبيّ (ص): « لك عندي ثمانون ناقة حمر الظهور، بيض البطون، سود الحدق، عليها من طرائف اليمن ونقط الحجاز ».

ثمّ التفت النبي (ص) إلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام وقال: « اكتب يا أبا الحسن:

بسم الله الرحمن الرحيم، أقرّ محمّد بن عبد الله بن

__________________

(١) في ص، ك: المسألة.

(٢) سورة لقمان / الآية: ٣٤.

١٢٨

عبد المطلب بن هشام بن عبد مناف، وأشهد على نفسه في صحة عقله وبدنه، وجواز أمره، أنّ لأبي الصمصام العبسيّ عليه، وعنده، وفي ذمّته ثمانين ناقة، حمر الظهور، بيض البطون، سود الحدق، عليها من طرائف اليمن ونقط الحجاز، وأشهد عليه جميع أصحابه ».

وخرج أبو الصمصام إلى أهله فقبض النبيّ (ص)، فقدم أبو الصمصام وقد أسلم بنو العبس كلّهم، فقال أبو الصمصام: يا قوم، ما فعل رسول الله (ص)؟ قالوا: قبض.

قال: فمن الوصيّ بعده؟ قالوا: ما خلّف فينا أحداً.

قال: فمن الخليفة من بعده؟ قالوا: أبو بكر.

فدخل أبو الصمصام المسجد فقال: يا خليفة رسول الله، إنّ لي على رسول الله (ص) ثمانين ناقة حمر الظهور، بيض البطون، سود الحدق، عليها من طرائف اليمن ونقط الحجاز.

فقال أبو بكر: يا أخا العرب، سألت ما فوق العقل، والله ما خلّف فينا رسول الله (ص) لا صفراء ولا بيضاء، وخلّف فينا بغلته الدلدل، ودرعه الفاضلة، فأخذها أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، وخلّف فينا فدكاً ( فأخذناها نحن )(١) ، ونبيّنا محمّد لا يورث فصاح سلمان الفارسيّرضي‌الله‌عنه : كردى ونكردى وحق أمير ببردى يا أبا بكر باز گذار اين كار بكسى كه حق اوست. فقال: ردّ العمل إلى أهله. ثمّ ضرب يده على يدي أبي الصمصام، فأقامه إلى منزل عليّعليه‌السلام - وهو يتوضأ وضوء الصلاة - فقرع سلمان الباب، فنادى عليّعليه‌السلام : « ادخل أنت وأبو الصمصام العبسيّ ».

__________________

(١) في ر ك، ع، ص: فأخذتها بحق. مكرر ما بين المعقوفين من ر.

١٢٩

فقال أبو الصمصام: أعجوبة وربّ الكعبة، من هذا الذي سمّاني باسمي ولم يعرفني؟!

فقال سلمانرضي‌الله‌عنه : هذا وصيّ رسول الله (ص).

هذا الذي قال له رسول الله (ص): « أنا مدينة العلم وعليّ بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب ».

هذا الذي قال رسول الله (ص): « عليّ خير البشر فمن رضي فقد شكر، ومن أبى فقد كفر ».

هذا الذي قال الله تعالى فيه:( وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا ) (١)

هذا الذي قال الله تعالى فيه:( أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ ) (٢) عند الله.

هذا الذي قال الله تعالى فيه:( أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ ) (٣) .

هذا الذي قال الله تعالى فيه:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) (٤) الآية.

هذا الذي قال الله تعالى فيه:( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ) (٥) الآية.

__________________

(١) سورة مريم / الآية: ٥٠.

(٢) سورة السجدة / الآية: ١٨.

(٣) سورة التوبة / الآية: ١٩.

(٤) سورة المائدة / الآية: ٦٧.

(٥) سورة آل عمران / الآية: ٦١.

١٣٠

هذا الذي قال الله تعالى فيه:( لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ ) (١) .

هذا الذي قال الله فيه:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٢) .

هذا الذي قال الله تعالى فيه:( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) (٣) .

ادخل يا أبا الصمصام وسلم عليه، فدخل وسلّم عليه ثمّ قال: إنّ لي على رسول الله (ص) ثمانين ناقة حمر الظهور، بيض البطون، سود الحدق، عليها من طرائف اليمن ونقط الحجاز.

فقال عليّعليه‌السلام : « أمعك حجّة؟ » قال: نعم، ودفع الوثيقة إليه.

فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « يا سلمان ناد في الناس، ألا من أراد أن ينظر إلى قضاء دين رسول الله (ص) فليخرج(٤) غداً إلى خارج المدينة ».

فلمّا كان بالغداة(٥) خرج الناس وقال المنافقون: كيف يقضي الدين وليس معه شيء؟! غدا يفتضح، ومن أين له ثمانون ناقة حمر الظهور، بيض البطون، سود الحدق، عليها طرائف اليمن ونقط الحجاز؟!.

فلمّا كان الغد اجتمع الناس، وخرج عليّعليه‌السلام في أهله

__________________

(١) سورة الحشر / الآية: ٢٠.

(٢) سورة الأحزاب / الآية: ٣٣.

(٣) سورة المائدة / الآية: ٥٥.

(٤) في ر: فليجتمع الناس.

(٥) في ع: بعد الغداة.

١٣١

ومحبّيه، وجماعة من أصحاب رسول الله (ص)، وأسرّ إلى ابنه الحسن سرّا لم يدر أحد ما هو، ثمّ قال: « يا أبا الصمصام امض مع ابني الحسن إلى كثيب الرمل ».

فخرج الحسنعليه‌السلام ومضى معه أبو الصمصام، وصلّى ركعتين على(١) الكثيب، فكلّم الأرض بكلمات، لا يدرى ما هي، وضرب الأرض - أي ضرب الكثيب - بقضيب رسول الله (ص)، فانفجر الكثيب عن صخرة ململمة، مكتوب عليها سطران من نور:

السطر الأوّل ( بسم الله الرحمن الرحيم، لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله ).

وعلى الآخر: ( لا إله إلاّ الله، عليّ ولي الله ).

وضرب الحسن تلك الصخرة بالقضيب فانفجرت عن خطام ناقة، قال الحسنعليه‌السلام : « قد يا أبا الصمصام » فقاد فخرج منها ثمانون ناقة، حمر الظهور، بيض البطون، سود الحدق، عليها من طرائف اليمن ونقط الحجاز، ورجع إلى عليّعليه‌السلام فقال له: « استوفيت حقك يا أبا الصمصام؟! » فقال نعم.

قال: « سلم الوثيقة » فسلّمها إليه، فخرقها.

ثمّ قال: « هكذا أخبرني أخي وابن عمّي (ص)، إنّ الله عزّ وجلّ خلق هذه النوق في هذه الصخرة، قبل أن يخلق الله ناقة صالح بألفي عام ».

ثمّ قال المنافقون: هذا من سحر عليّ قليل(٢) .

وروي هذا الخبر على وجه آخر، وهو:

__________________

(١) في ر: عند.

(٢) في م: ما هذا من سحر علي بقليل.

١٣٢

١٢٨ / ٥ - ما روى أبو محمّد الإدريسيّ، عن حمزة بن داود الديلميّ، عن يعقوب بن يزيد الأنباريّ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حبيب الأحول، عن أبي حمزة الثماليّ، عن شهر بن حوشب، عن ابن عبّاسرضي‌الله‌عنه ، قال: لمّا قبض النبيّ (ص)، وجلس أبو بكر مكانه، نادى في الناس: ألا من كان له على رسول الله دين، أو عدة، فليأت أبا بكر، وليأت معه بشاهدين، ونادى عليّعليه‌السلام بذلك على الاطلاق من غير طلب شاهدين. فجاء أعرابي متلثماً متقلداً بسيفه، متنكباً كنانته وفرسه، لا يُرى منه إلاّ حافره - وساق الحديث ولم يذكر الاسم ولا القبيلة - وكان ما وعد به مائة ناقة، حمر بأزمّتها وأثقالها، موقرة ذهباً وفضة بعبيدها، فلمّا ذهب سلمانرضي‌الله‌عنه بالأعرابي إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال له حين بصر به: « مرحباً بطالب عدة والده من رسول الله (ص) ».

فقال: ما وعد أبي فداك أبي وأمي يا أبا الحسن؟ فقال: « إنّ أباك قدم على رسول الله وقال: أنا رجل مطاع في قومي، إن دعوتهم إلى الإسلام أجابوني، وإني ضعيف الحال، فما تجعل لي إن دعوتهم إلى الإسلام فأسلموا؟

فقال (ص): « من أمر الدنيا، أم من أمر الآخرة؟ » قال: وما عليك أن تجمعهما لي يا رسول الله، وقد جمعهما الله لأناس كثيرة؟!

فتبسّم النبيّ (ص) وقال: أجمع لك خير الدنيا والآخرة، فأمّا في الآخرة فأنت رفيقي في الجنّة، وأمّا في الدنيا فقل ما تريد.

قال: مائة ناقة حمر بأزمّتها وعبيدها، موقرة ذهباً وفضة.

__________________

٥ - الخرائج والجرائح ١: ١٧٥، خصائص الأئمة: ٤٩، نحوه، مدينة المعاجز: ٨٦ / ٢٢١، غاية المرام: ٦٦٥ - باب ١٢٨ - ح، اثبات الهداة ٢: ٤٥٧ / ١٩٠، ٤٩٤ / ٣٣٦، مثله.

١٣٣

ثمّ قال: وإن دعوتهم فأجابوني، وقضى عليَّ الموت، ولم ألقك فتدفع ذلك إلى ولدي، فقال: نعم. فقال أبوك: فإن أتيتك وقد رفعك الله ولم أدركك(١) ، يكون من بعدك من يقوم عنك فيدفع ذلك إليَّ أو إلى ولدي؟

قال: نعم، على أن لا أراك ولا تراني في دار الدنيا بعد يومي هذا، وسيجيبك قومك فإذا حضرتك الوفاة فليصر ولدك إلى وليّي من بعدي ووصيّي ». وقد مضى أبوك ودعا قومه فأجابوه، وأمرك بالمصير إلى رسول الله (ص)، أو إلى وصيّه فها أنا وصيّه، ومنجز وعده ». فقال الأعرابي: صدقت يا أبا الحسن.

ثم كتب له عليّ خرقة بيضاء وناولها الحسنعليه‌السلام وقال: « يا أبا محمّد، سر بهذا الرجل إلى وادي العقيق، وسلّم على أهله، واقذف الخرقة، وانتظر ساعة حتّى ترى ما يفعل، فإن دفع إليك شيء، فادفعه إلى الرجل ». ومضيا بالكتاب.

قال ابن عبّاسرضي‌الله‌عنه : فسرت من حيث لم يرني، فلمّا أشرف الحسن بن عليّعليه‌السلام على الوادي، نادى بأعلى صوته: « السلام عليكم أيها السكّان البررة الأتقياء، أنا ابن وصيّ رسول الله (ص)، أنا الحسن بن عليّ سبط رسول الله (ص)، وابن وصيّه ورسوله إليكم ». وقد قذف الخرقة في الوادي، فسمعت من ذلك الوادي صوتاً: لبيك لبيك يا سبط رسول الله وابن البتول، وابن سيّد الأوصياء، سمعنا وأطعنا، انتظر لندفع إليك. فبينا أنا كذلك إذ ظهر غلام - ولم أدر من أين ظهر - وبيده زمام ناقة حمراء، تتبعها ست، ولم يزل يخرج غلام بعد غلام في يد كلّ غلام قطار، حتّى عددت مائة ناقة حمراء بأزمّتها وأحمالها، فقال الحسنعليه‌السلام : « خذ بزمام نوقك وعبيدك ومالك وامض بها، رحمك الله ».

__________________

(١) في ر، م، ك: القك.

١٣٤

وأما السفينة التي قدّرها الله تبارك وتعالى لنوحعليه‌السلام سبباً لنجاة أهله من الماء، فإنّ الله سبحانه وتعالى جعل أهل بيت نبيّه (ص) سفينة لنجاة أمّته من النار فقال (ص): « مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح، فمن ركبها نجا، ومن تخلّف عنها هلك »(١) .

فبيّن (ص) أن بهم(٢) نجاة أمّته كما أنّ بها نجاة قوم نوحعليه‌السلام من الغرق، وهذا دليل قاطع على أنّ الواجب اتباعهم والاقتداء بهم، لأنّ من آمن به واتبعه نجا، ومن لم يؤمن به ولم يركب السفينة هلك، ولمّا جعل نفس أهل بيته السفينة، وأمرهم بركوبها، دلّ على أنّهم المقتدى بهم، وهذا واضح بحمد الله تعالى ولطفه ومنه.

__________________

(١) المستدرك للحاكم ٣: ١٥١، تاريخ بغداد ١٢: ٩١، وأخرجه في احقاق الحق ٩: ٢٧٠ عن مصادر جمّة فراجع.

(٢) في ع: أنّهم.

١٣٥

٣ - فصل:

في ذكر إبراهيم خليل الله

وفيه: سبعة أحاديث

وأمّا إبراهيم خليل الله صلوات الله عليه فإنّ الله تعالى ذكر له آيتين في القرآن: إحداهما قوله تعالى:( قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ. وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ ) (١) .

والثانية قوله تعالى:( وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً ) (٢) ( فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (٣) .

والسبب في همّ نمرود بإحراقه، أنّه لمّا خرج القوم إلى عيدهم، دخل إبراهيمعليه‌السلام إلى آلهتهم بقدوم(٤) ، فأخذها وكسرها إلاّ كبيرها، ثمّ وضع القدوم على عنقه، فلمّا رأى نمرود ذلك أجّج له ناراً عظيمة، وألقاه بالمنجنيق فيها، فوقاه الله حرّ النار، وجعلها عليه برداً وسلاماً.

__________________

(١) سورة الأنبياء / الآيتان: ٦٩، ٧٠.

(٢) سورة النساء / الآية: ١٢٥.

(٣) سورة البقرة / الآية: ٢٦٠.

(٤) القدوم: الآلة التي ينحت بها النجار « مجمع البحرين - قدم - ٦: ١٣٧ ».

١٣٦

والسبب في طلب إبراهيمعليه‌السلام إحياء الموتى من الله تعالى، أنّه لمّا حاجّ نمرود في ربّه تعالى، قال إبراهيم: ربي الذي يحيي ويميت، قال: أنا أحيي وأميت وموَّه على الأغبياء، ودلّس على الضعفاء بإطلاق من أراد قتله من السجن، وقتل من برئ من عرض الناس، فلمّا بهت لقوله تعالى:( فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ ) (١) طالبه نمرود بإحياء الموتى، فأخذ أربعة من الطير، وقطّعهن، وخلط أجزاءهن، وفرّقها على جبال، ودعاهنّ، وقد أخذ بيده رؤوسهن، فأتينه سعياً.

وقد أعطى الله سبحانه وتعالى لأئمتناعليهم‌السلام مثل ذلك، وهو أنّه لمّا أمر الدوانيقي الحسن بن زيد - وهو واليه على المدينة - بإحراق دار أبي عبد اللهعليه‌السلام بأهلها فأضرم فيها النار(٢) وقويت، خرجعليه‌السلام من البيت ودخل النار، ووقف ساعة في معظمها، ثمّ خرج منها وقال: « أنا ابن أعراق الثرى » وعرق الثرى لقب إبراهيمعليه‌السلام (٣) .

١٢٩ / ١ - ومثل ذلك ما رواه المفضّل، قال: لمّا توفي جعفر الصادقعليه‌السلام ، فادعى الإمامة عبد الله بن جعفر ولده، فأمر موسىعليه‌السلام بجمع حطب كثير في وسط داره، وأرسل إلى عبد الله يسأله المصير إليه، فلمّا صار إليه، ومع موسىعليه‌السلام جماعة من وجوه الإمامية، أمر موسى أن يجعل النار في الحطب، حتّى صار كلّه جمراً، ثمّ قام موسىعليه‌السلام ، وجلس بثيابه في وسط النار،

__________________

(١) سورة البقرة / الآية: ٢٥٨.

(٢) في ر، م، ك: فاشعل النار.

(٣) مناقب ابن شهرآشوب ٣: ٢٣٦، باختصار، اثبات الهداة ٣: ٧٨ / ٦.

١ - الخرائج والجرائح ١: ٣٠٨، كشف الغمة ٢ / ٢٤٦، الصراط المستقيم ٢: ١٨٩، مدينة المعاجز: ٤٥٩ / ٩٣.

١٣٧

وأقبل نحو(١) القوم ساعة، ثمّ قام ونفض ثوبه، ورجع إلى المجالس.

فقال لأخيه عبد الله: « أنت(٢) تزعم أنّك الإمام بعد أبيك، فاجلس في ذلك. قالوا: فرأينا عبد الله قد تغيّر لونه، فقام يجرّ رداءه، حتّى خرج من دار موسىعليه‌السلام .

وما يقارب ذلك ويدانيه.

١٣٠ / ٢ - ما حدّث به عبد الله بن العلاء، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن أبيه، قال: « كنت مع أبي عليّ بن الحسينعليهما‌السلام نعود شيخاً من الأنصار، إذ أتاه آتٍ فقال: الحق دارك فقد(٣) احترقت.

فقالعليه‌السلام : والله ما احترقت. فذهب، ولم يلبث أن عاد، وقال: والله قد احترقت. فقالعليه‌السلام : والله، ما احترقت. وعاد ومعه جماعة من أهلنا وموالينا، يبكون ويقولون لأبي صلوات الله عليه: قد احترقت دارك. فقال أبي: كلا، والله، ما احترقت ولا كذبت ولا كُذّبت، وإنّ لأوثق بما في يدي منكم، لما أخبر به أعينكم.

وقام أبي، وقمت معه حتّى أتينا والنار تتوقد عن أيمان منازلنا وعن شمائلها، وكلّ جانب منها، ثمّ عدل أبي إلى المسجد فخرّ لله ساجداً، وقال في سجوده: وعزتك وجلالك لا أرفع رأسي حتّى تطفيها ».

فقال: « والله، ما رفع رأسه حتّى خمدت النار، وصار إلى داره وقد احترق ما حولها ».

وأما إحياء الموتى، وهو:

__________________

(١) في الخرائج: يحدث.

(٢) في الخرائج: إن كنت.

٢ - مناقب ابن شهرآشوب ٤: ١٥٠، كشف الغمة ٢: ٧٤ مختصراً.

(٣) في هامش ر، ع: فإنّها.

١٣٨

١٣١ / ٣ - ما رواه يونس(١) بن ظبيان قال: كنّا عند أبي عبد اللهعليه‌السلام أنا، والمفضّل بن عمر، وأبو سلمة السرّاج، والحسن بن ثوير بن أبي فاختة، فسألنا أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول إبراهيم صلوات الله عليه:( رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى -إلى قوله -فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ) (٢) .

فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « أتريدون أن أريكم ما أري إبراهيمعليه‌السلام ؟ ». قلنا: نعم.

فقال: « يا طاووس، يا باز، يا غراب، يا ديك »، فإذا نحن بطاووس وباز وغراب وديك، فقطّعهن، وفرّق لحمهن على الجبال، ثمّ دعاهن(٣) فإذا العظام تتطاير بعضها إلى بعض، واللحم إلى اللحم، والعصب إلى العصب، حتّى عادت كما كانت بإذن الله تعالى.

فقال: أبو عبد اللهعليه‌السلام : « قد أريتكم ما أرى إبراهيم قومه، وقد أعطينا من الكرامة ما أعطي إبراهيمعليه‌السلام ».

وهذه كما علمت شاكلة لتلك، ومعادلة لها، وفي القرآن آية أخرى لخليل الله إبراهيمعليه‌السلام ، وهي ما ردّ الله على سارة زوجته الشباب بعد الشيبة، وجعلها ولوداً بعد العقم واليأس، كما قال الله تعالى:( وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ. قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً

__________________

٣ - الخرائج والجرائح ١: ٢٩٧، كشف الغمة ٢: ٣٠٠، مدينة المعاجز: ٣٨٧ / ٩٥.

(١) في النسخ: داود، والصحيح ما أثبتناه، راجع « تنقيح المقال ٣: ٣٣٧ ».

(٢) سورة البقرة / الآية: ٢٦٠.

(٣) في م: « فذبحهن ثم فصلهن أعضاء ثم أمر أن تفرق أعضاؤهن ثم قال: يا طاوس يا بازي يا غراب يا ديك ».

١٣٩

إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ ) (١) وقد أظهر الله على يد زين العابدينعليه‌السلام ما يماثل ذلك.

١٣٢ / ٤ - وهو ما روى عبد الكريم بن عمرو الخثعميّ، عن حبابة الوالبية، قالت: رأيت أمير المؤمنين عليّاًعليه‌السلام في شرطة الخميس، ومعه دِرَّة لها سبابتان(٢) ، يضرب بها بياع الجري، والمارماهي، والزمار، ويقول لهم: « يا بياعي مسوخ بني إسرائيل، وجند بني مروان، فقام إليه ابن الأحنف فقال له: يا أمير المؤمنين وما جند بني مروان؟ فقال: « أقوام حلقوا اللحى وتركوا الشوارب ».

فلم أر ناطقاً أحسن نطقاً منه، ثمّ اتّبعته، فلم أزل أقفو أثره، حتّى قعد في رحبة المسجد، فقلت له: يا أمير المؤمنين، وما دلالة الإمامة؟ قال: « ائتيني بتلك الحصاة »، - وأشار بيده إلى حصاة -، فأتيته بها، فطبع لي بخاتمه فيها، ثمّ قال لي: « يا حبابة إذا ادّعى مدع الإمامة ( فقدر أن يطبع )(٣) كما رأيت، فاعلمي أنه إمام مفترض الطاعة، والإمام لا يعزب عنه شيء يريده ».

قالت: ثمّ انصرفت حتّى قبض أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فجئت إلى الحسن، وهو في مجلس أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والناس يسألونه فقال لي: « يا حبابة الوالبية » قلت: نعم لبيك يا مولاي.

فقال: « أين ما معك ». فأعطيته الحصاة، فطبع فيها كما طبع أمير المؤمنينعليه‌السلام .

قالت الوالبية: ثمّ أتيت الحسينعليه‌السلام ، وهو في مسجد

__________________

(١) سورة هود / الآيتان: ٧١، ٧٢.

٤ - كمال الدين ٢: ٥٣٦ / ١، اعلام الورى: ٢٠٨.

(٢) سبابتان: اي طرفان « مجمع البحرين - سبب - ٢ / ٨١ ».

(٣) في ر، ص: وفعل.

١٤٠