الثاقب في المناقب

الثاقب في المناقب0%

الثاقب في المناقب مؤلف:
الناشر: مؤسّسة أنصاريان
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 697

الثاقب في المناقب

مؤلف: ابن حمزة الطوسي
الناشر: مؤسّسة أنصاريان
تصنيف:

الصفحات: 697
المشاهدات: 188637
تحميل: 6904

توضيحات:

الثاقب في المناقب
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 697 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 188637 / تحميل: 6904
الحجم الحجم الحجم
الثاقب في المناقب

الثاقب في المناقب

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة أنصاريان
العربية

ذلك(١) لعبرة.

وفي القصة طول، قد اقتصرنا على الموضع المقصود منها.

وأمّا ما أنزل الله تعالى على عيسىعليه‌السلام المائدة من السماء، فهو ما قال الله تعالى في كتابه العزيز:( إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ قالَ اتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. قالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا وَنَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ. قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ. قالَ اللهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ ) (٢)

فأنزل الله تعالى عليه سبعة أرغفة مع سمك وبقل وخل.

١٩٤ / ٢٣ - وفي رواية أبي محمد الحسن العسكريعليه‌السلام : « وأكل منها خلق كثير ».

وقد ذكرت أمثال ذلك في الكتاب.

١٩٥ / ٢٤ - وقد حدّثت زينب بنت عليّعليهما‌السلام ، قالت: صلّى أبي مع(٣) رسول الله (ص) صلاة الفجر، ثمّ أقبل على عليّعليه‌السلام فقال: « هل عندكم طعام؟ » فقال: « لم آكل منذ ثلاثة أيّام طعاماً ».

قال: « امض بنا إلى ابنتي فاطمة » فدخلا عليها، وهي تتلوى من

__________________

(١) في ع: هذا.

(٢) سورة المائدة الآيات: ١١٢ - ١١٥.

٢٣ - التفسير المنسوب للإمام العسكريعليه‌السلام : ١٩٥.

٢٤ - معالم الزلفى: ٤٠٦، مدينة المعاجز: ٥٤، كلاهما عن الثاقب.

(٣) في النسخ المخطوطة: عند، وما أثبتناه من المصدرين.

٢٢١

الجوع، وابناها معها، فقال: « يا فاطمة، فداك أبوك، هل عندك طعام؟ » فاستحيت وقالت: « نعم » ثمّ قامت وصلّت، ثمّ سمعت حسّاً، فالتفت فإذا صفحة ملآنة ثريداً ولحماً، فاحتملتها وجاءت بها، ووضعتها بين يدي رسول الله (ص)، فجمع عليّا وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام ، وجعل عليّ يطيل النظر إلى فاطمة ويتعجب، ويقول: « خرجت من عندها وليس عندها طعام، فمن أين هذا؟! » ثمّ أقبل عليها، فقال: « يا بنت رسول الله،( أَنَّى لَكِ هذا؟ ) » قالت:( هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ، إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ ) (١) .

فضحك النبيّ (ص) وقال: « الحمد لله الذي جعل في أهل بيتى نظير زكريا ومريم، إذ قال لها:( أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ ) (١)

وما أخرج الله تعالى من الثمر من الشجر اليابس لأئمتناعليهم‌السلام إن لم يزد على ذلك، لم ينقص عنه، فلا نطيل الكلام بإعادته.

__________________

(١) آل عمران الآية: ٣٧.

٢٢٢

الباب الثالث

في ذكر معجزات أمير المؤمنين

وسيّد الوصيين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام

وفيه تسعة فصول

٢٢٣

٢٢٤

١ - فصل:

في بيان ظهور آياته في إحياء الموتى

وفيه: أربعة أحاديث

١٩٦ / ١ - عن عبد الرحمن بن كثير الهاشميّ، مولى أبي جعفر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « خرج أمير المؤمنينعليه‌السلام بالناس يريد صفين حتى عبر الفرات، وكان قريباً من الجبل بصفين، إذ حضرت صلاة المغرب، فأمر بالنزول فنزلوا، ثمّ توضَّأ وأذّن، ولمّا فرغ من الأذان انفلق الجبل عن هامة بيضاء، بلحية بيضاء، ووجه أبيض، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، مرحباً بوصي خاتم النبيّين، وقائد الغرّ المحجلين، والعالم المؤمن، والفاضل الفائق ميراث الصديقين، وسيّد الوصيين »، فقال: « وعليك السلام، يا أخي شمعون بن حمون، وصيّ عيسى بن مريم روح الله، كيف حالك؟! »

قال: بخير رحمك الله، وأنا منتظر روح الله ينزل، ولا أعلم أحداً أعظم بلاء في الله، ولا أحسن غداً ثواباً، ولا أرفع مكاناً منك، اصبر يا أخي على ما أنت فيه حتّى تلقى الحبيب غداً، وقد رأيت

__________________

١ - بصائر الدرجات: ٢٨٠ / ١٦، أمالي المفيد: ١٠٤ / ٥، الخرائج والجرائح ٢: ٧٤٣ / ٦٢، مناقب ابن شهرآشوب ٢: ٢٤٦، مدينة المعاجز: ٣٦ / ٥٦.

٢٢٥

أصحابك بالأمس ما لقوا من بني إسرائيل، نشروهم بالمناشير، وحملوهم على الخشب فلو تعلم هذه الوجوه ( المارقة المفارقة لك )(١) ما أعدّ لهم من عذاب ربّك وسوء نكاله لم يفروا، ولو تعلم هذه الوجوه المبيّضة ما أعد الله لهم من الثواب الجزيل تمنّت لو أنها قرضت بالمقاريض، والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.

ثمّ التأم الجبل، وخرج أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى قتال القوم، فسأله عمّار بن ياسر، وابن عبّاس، ومالك الأشتر، وهاشم بن عتبة، وأبو أيّوب الأنصاريّ، وقيس بن سعد، وعمرو بن الحمق، وعبادة بن الصامت، وأبو الهيثم بن التيهان رضي الله عنهم عن الرجل، فأخبرهم أنّه شمعون بن حمون وصي عيسىعليه‌السلام [ وكانوا قد ] سمعوا منه كلامه، فازدادوا بصيرة، فقال له عبادة بن الصامت وأبو أيّوب الأنصاري: لا يهلعن قلبك يا أمير المؤمنين، بآبائنا وأمّهاتنا نفديك، فو الله لننصرنك نصرة أخيك رسول الله (ص) ولا يتخلف عنك من المهاجرين والأنصار إلاّ شقي. فقال لهما معروفا وذكرهما بخير.

١٩٧ / ٢ - عن الأعمش، عن شمر بن عطية، عن سلمانرضي‌الله‌عنه - في حديث طويل، ألخص لك فائدته - قال: إن امرأة من الأنصار قتلت تجنيا بمحبة عليّعليه‌السلام يقال لها: ( أمّ فروة ) وكان عليّعليه‌السلام غائبا، فلمّا وافى، ذهب إلى قبرها ورفع رأسه إلى السماء وقال: « اللهمّ يا محيي النفوس بعد الموت، ويا منشئ العظام الدراسات بعد الفوت، أحي لنا أمّ فروة، واجعلها عبرة لمن عصاك ».

__________________

(١) في ر، ك، ص، ش: الغير الساهمة، وفي م: الغبر الساهمة، وما أثبتناه من الخرائج.

٢ - الخرائج والجرائح ٢: ٥٤٨ / ٩، مفصلاً، مصباح الأنوار ٢١٥ / ١٠٠، مدينة المعاجز: ٣٧ / ٦٠، اثبات الهداة ٢: ٤٥٩ / ١٩٩ مختصراً.

٢٢٦

فإذا بهاتف يهتف: يا أمير المؤمنين، امض لما سألت. فرفس قبرها، وقال: « يا أمة الله، قومي بإذن الله تعالى ».

فخرجت أمّ فروة من القبر، فبكت وقالت: أرادوا إطفاء نورك، فأبى الله عزّ وجلّ لنورك إلاّ ضياء، ولذكرك إلاّ ارتفاعاً، ولو كره الكافرون.

فردّها أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى زوجها، وولدت بعد ذلك(١) غلامين وعاشت بعد أمير المؤمنين ستة أشهر.

١٩٨ / ٣ - عن محمّد بن أبي عمير، عن حنّان(٢) بن سدير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « لمّا صلّى أمير المؤمنينعليه‌السلام صلاة الظهر بأرض بابل، التفت إلى جمجمة ملقاة، وكلمها، وقال: « أيّتها الجمجمة، من أنت؟ » فقالت: أنا فلان بن فلان، ملك بلد فلان.

قال عليّ: « أنا أمير المؤمنين، فقصَّ عليَّ الخبر، وما كنت، وما كان في عمرك » فأقبلت الجمجمة وقصّت خبرها، وما كان في عصرها من خير وشر ».

وقال مصنف هذا الكتاب رحمه‌الله : إنّ مسجد الجمجمة معروف بأرض بابل، وقد بني مسجد على الموضع الذي كلّمته جمجمة فيه، وهو إلى اليوم باق معروف(٣) ، يزوره أكثر من يمرّ به من الحجّاج وغيرهم.

__________________

(١) في ع، ص زيادة: ولدين.

٣ - علل الشرائع: ٣٥١ / ١، مناقب ابن شهرآشوب ٢: ٣٣٦، مدينة المعاجز: ٣٥ / ٥٢.

(٢) في م: جابر، وفي ر، ص، ع، ك: حماد، وما أثبتناه هو الصحيح، راجع « معجم » رجال الحديث ٦: ٣٠٠ ».

(٣) في م، ك: معمور.

٢٢٧

١٩٩ / ٤ - عن عيسى شلقان(١) ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام كانت له خئولة في بني مخزوم، وإنّ شاباً منهم أتاه وقال: إنّ أخي وابن أبي فارق الدنيا، وقد حزنت عليه حزناً شديداً. فقال له: أتشتهي أن تراه؟ فقال: نعم. قال: فأرني قبره.

قال: فخرج وتقنّع ببرد(٢) رسول الله (ص) ودعا بدعائه المستجاب، فلمّا انتهى إلى القبر تلملمت شفتاه، ثمّ ركضه برجله، فخرج من قبره، وهو يقول: منكل(٣) بلسان الفرس، فقالعليه‌السلام : ألم تمت وأنت رجل من العرب؟! فقال: بلى، ولكن متنا على غير سنّتكم(٤) ، فانقلبت ألسنتنا ».

__________________

٤ - بصائر الدرجات: ٢٧٣ / ٣، الكافي ١: ٤٥٦ / ٧، الخرائج والجرائح ١: ١٧٣، مناقب ابن شهرآشوب ٢: ٣٤٠، ارشاد القلوب: ٢٨٤، الهداية الكبرى. ١٥٩ مثله، مدينة المعاجز: ٣٦ / ٥٣، اثبات الهداة ٢: ٤٢٦ / ٧٩.

(١) هو عيسى بن أبي منصور، يلقب شلقان، من أصحاب الإمام الصادق عليه‌السلام ، انظر معجم رجال الحديث ١٣: ٢١٠.

(٢) في هامش ك، ص: برداء.

(٣) في البصائر: رميكا، وفي الخرائج: وفيه شالا، وذكران معناها: لبيك لبيك سيدنا.

(٤) في م، ك: سنتك.

٢٢٨

٢ - فصل:

في بيان ظهور آياته ممّا رؤي في المنام ثمّ ظهر حكمه

في اليقظة من تغيير صور أعدائه وقتلهم

وفيه: ثمانية أحاديث

وفي ظهور آياتهعليه‌السلام في تغيير صورة من أنكر عليه.

٢٠٠ / ١ - عن محمّد بن عمر الواقديّ، قال: كان هارون الرشيد يقعد للعلماء في يوم عرفة، فقعد ذات يوم وحضره الشافعيّ، وكان هاشمياً يقعد إلى جنبه، وحضر محمّد بن الحسن وأبو يوسف فقعدا بين يديه، وغصَّ المجالس بأهله، فيهم سبعون رجلاً من أهل العلم، كلّ منهم يصلح أن يكون إمام صقع من الأصقاع.

قال الواقدي: فدخلت في آخر الناس، فقال الرشيد: لِمَ تأخرت؟ فقلت: ما كان لإضاعة حق، ولكني شغلت بشغل عاقني عمّا أحببت.

قال: فقرّبني حتّى أقعدني بين يديه، وقد خاض الناس في كلّ فن من العلم، فقال الرشيد للشافعي: يا ابن عمي، كم تروي في فضائل عليّ بن أبي طالب؟ فقال: أربعمائة حديث وأكثر. فقال له: قل

__________________

١ - عنه في مدينة المعاجز: ١٣٩ / ٣٩٤.

٢٢٩

ولا تخف. قال: يبلغ خمسمائة أو يزيد.

ثمّ قال لمحمّد بن الحسن: كم تروي يا كوفي من فضائله؟ قال: نحو ألف حديث أو أكثر.

فأقبل على أبي يوسف فقال: كم تروي أنت يا كوفي من فضائله؟ أخبرني ولا تخشَ. قال: يا أمير المؤمنين، لو لا الخوف لكانت روايتنا في فضائله أكثر من أن تحصى.

قال: ممّ تخاف؟ قال: منك ومن عمالك وأصحابك. قال: أنت آمن، فتكلم وأخبرني كم فضيلة تروي فيه؟

قال: خمسة عشر ألف خبر مسند، وخمسة عشر ألف حديث مرسل.

قال الواقدي: فأقبل عليّ وقال: ما تعرف في ذلك أنت؟ فقلت مثل مقالة أبي يوسف، قال الرشيد: لكني أعرف له فضيلة رأيتها بعيني، وسمعتها بأذني، أجلّ من كلّ فضيلة تروونها أنتم، وإنّي لتائب إلى الله تعالى ممّا كان منّي من أمر الطالبية ونسلهم.

فقلنا جميعاً: وفّق الله أمير المؤمنين وأصلحه، إن رأيت أن تخبرنا بما عندك.

قال نعم، ولّيت عاملي يوسف بن الحجّاج بدمشق، وأمرته بالعدل في(١) الرعية، والإنصاف في القضية، فاستعمل ما أمرته، فرفع إليه أنّ الخطيب الذي يخطب بدمشق يشتم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام في كلّ يوم وينتقصه، قال: فأحضره وسأله عن ذلك، فأقرّ له بذلك، فقال له: وما حملك على ما أنت عليه؟ قال: لأنه قتل آبائي وسبى الذراري، فلذلك له الحقد في قلبي(٢) ، ولست

__________________

(١) في ع، م: على.

(٢) في ر، م، ك: صدري.

٢٣٠

أفارق ما أنا عليه.

فقيّده وغلّه(١) وحبسه، وكتب إليّ بخبره، فأمرته بحمله إليَّ على حالته من القيود، فلمّا مثل بين يدي زبرته، وصحت به، وقلت: أنت الشاتم لعليّ بن أبي طالب؟! فقال: نعم. قلت: ويلك قتل من قتل، وسبى من سبى بأمر الله تعالى، وأمر النبيّ (ص). فقال: ما أفارق ما أنا عليه، ولا تطيب نفسي إلاّ به.

فدعوت بالسياط والعقابين(٢) ، فأقمته بحضرتي(٣) هاهنا، وظهره إليّ، فأمرت الجلاّد فجلده مائة سوط، فأكثر الصياح والغياث، فبال في مكانه، فأمرت به فنحي عن العقابين، وأدخل ذلك البيت - وأومى بيده إلى بيت في الإيوان - وأمرت أن يغلق الباب عليه وإقفاله، ففعل ذلك، ومضى النهار، وأقبل الليل، ولم أبرح من موضعي هذا حتّى صلّيت العتمة.

ثمّ بقيت ساهراً أفكر في قتله وفي عذابه، وبأي شيء أعذبه، مرّة أقول: أضرب على علاوته؛ ومرّة أقول: أقطع أمعاءه، ومرّة أفكّر في تفريقه، أو قتله بالسوط، فلم أتم(٤) الفكر في أمره حتّى غلبتني عيني فنمت في آخر الليل، فإذا أنا بباب السماء وقد انفتح، وإذا النبيّ (ص) قد هبط وعليه خمس حلل، ثمّ هبط عليّعليه‌السلام ، وعليه ثلاث حلل، ثمّ هبط الحسنعليه‌السلام ، وعليه حلتان، ثم هبط الحسين وعليه حلتان، ثمّ هبط جبرئيلعليه‌السلام وعليه حلّة

__________________

(١) في ص، ش، ك: غلقه.

(٢) العقابان: أحد أدوات التعذيب وهما خشبتان يمدد الرجل بينهما ويعصر. وكانت سابقاً بمد الرجل عليها الجلد أو الحبل، انظر « لسان العرب - عقب - ١: ٦٢١ ».

وفي م: المعاقبين.

(٣) في هامش ص: بين يدي.

(٤) في ص: واستمر.

٢٣١

واحدة، فإذا هو من أحسن الخلق، في نهاية الوصف، ومعه كأس فيه ماء كأصفى ما يكون من الماء وأحسنه، فقال النبيّ (ص): « أعطني الكأس » فأعطاه، فنادى بأعلى صوته: « يا شيعة محمّد وآله » فأجابوه من حاشيتي وغلماني وأهل الدار أربعون نفساً أعرفهم كلّهم، وكان في داري أكثر من خمسة آلاف إنسان، فسقاهم من الماء وصرفهم.

ثمّ قال: « أين الدمشقي » فكأنّ الباب قد انفتح، فأخرج إليه، فلمّا رآه عليّعليه‌السلام أخذ بتلابيبه وقالعليه‌السلام : « يا رسول الله، هذا يظلمني ويشتمني من غير سبب أوجب ذلك » فقالعليه‌السلام : « خله يا أبا الحسن ».

ثمّ قبض النبيّ (ص) على زنده بيده، وقال: « أنت الشاتم لعليّ ابن أبي طالب؟! » فقال: نعم فقال: « اللهمّ امسخه، وامحقه، وانتقم منه ».

قال: فتحول - وأنا أراه - كلباً، وردّ إلى البيت كما كان، وصعد النبيّ (ص)، وجبرئيل وعليّعليه‌السلام ومن كان معهم.

فانتبهت فزعاً مرعوباً مذعوراً، فدعوت الغلام وأمرت بإخراجه إليّ، فأخرج وهو كلب، فقلت له: كيف رأيت عقوبة ربّك؟ فأومى برأسه كالمعتذر، وأمرت بردّه. فها هو ذا في البيت

ثمّ نادى وأمر بإخراجه، فأخرج وقد أخذ الغلام بإذنه، فإذا أذناه كآذان الناس، وهو في صورة الكلب، فوقف بين أيدينا يلوك بلسانه، ويحرك شفتيه كالمعتذر، فقال الشافعي للرشيد: هذا مسخ، ولست آمن أن تعجّله العقوبة،.

فأمر به فردّ إلى بيته، كما كان بأسرع من أن سمعنا وجبة وصيحة، فإذا صاعقة قد سقطت على سطح البيت فأحرقته وأحرقت

٢٣٢

الكلب(١) ، فصار رماداً، وعجّل الله بروحه إلى نار جهنّم(٢) .

قال الواقدي: فقلت للرشيد: يا أمير المؤمنين، هذه معجزة وعَظة وُعِظَت بها، فاتق الله في ذريّة هذا الرجل. فقال الرشيد: أنا تائب إلى الله تعالى ممّا كان منّي، وأحسنت توبتي.

٢٠١ / ٢ - عن محمّد بن كثير، ومندل بن عليّ العنزيّ، وجرير بن عبد الحميد - وزاد بعضهم على بعض في اللفظ، وقال بعضهم ما لم يقل البعض، وسياق الحديث لمندل - عن الأعمش، قال: بعث إليّ أبو جعفر الدوانيقي في جوف الليل أن أجب، فبقيت متفكراً فيما بيني وبين نفسي، فقلت: ما بعث إليَّ أمير المؤمنين في هذه الساعة إلاّ ليسألني عن فضائل عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ولعلني إن أخبرته قتلني.

قال: فكتبت وصيّتي، ولبست كفني، ودخلت عليه، فقال: ادن منّي. فدنوت منه، وعنده عمرو بن عبيد، فلمّا رأيته طابت نفسي شيئاً، ثمّ قال: أدن. فدنوت حتّى كادت تمس ركبتي ركبته.

قال: فوجد رائحة الحنوط منّي، فقال: والله لتصدقني وإلاّ صلبتك. قلت: ما حاجتك يا أمير المؤمنين؟

قال: ما شأنك متحنطاً؟

قلت: أتاني رسولك في جوف الليل أن أجب، فقلت في نفسي: عسى أن يكون أمير المؤمنين بعث إليّ في هذه الساعة ليسألني عن فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ولعلي إن أخبرته قتلني، فكتبت

__________________

(١) في ر، ك، ص: البيت.

(٢) في ك: الى النار وبئس القرار.

٢ - مناقب الخوارزمي: ٢٠٠، فضائل شاذان: ١١٦، ارشاد القلوب: ٤٢٧ - ٤٣١، باختلاف، بشارة المصطفى: ١٧٠ مفصلاً.

٢٣٣

وصيتي، ولبست كفني.

قال: فكان متكئاً فاستوى جالساً. وقال: لا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم، أسألك الله يا سليمان، كم حديثا تروي في فضائل عليّ أمير المؤمنينعليه‌السلام ؟ فقلت: يسيراً يا أمير المؤمنين.

فقال: كم؟ قلت: عشرة آلاف حديث فما زاد.

فقال لي: يا سليمان والله لأحدّثك بحديث في فضائل عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام تنسى كلّ حديث سمعته. فقلت: حدّثني يا أمير المؤمنين.

قال: نعم، كنت هاربا من بني أميّة، وكنت أتردّد في البلدان، فأتقرب إلى الناس بفضائل عليّ بن أبي طالب - في حديث طويل - حتّى وردت بعض البلاد، فدخلت مسجداً، وحدثت بين يدي إمام المسجد بفضائل عليّعليه‌السلام ، فقال: ممّن أنت يا فتى؟

قلت: من أهل الكوفة. قال: عربي أم مولى؟ قلت: بل عربي.

فكساني وحملني وأرشدني إلى أخوين له، أحدهما إمام، والآخر مؤذن، وأخذ بيدي حتّى أتى الإمام، ورجع، فإذا أنا برجل قد خرج إليَّ، فقال: أمّا البغلة والكسوة فأعرفهما، والله ما كان فلان يحملك ويكسوك إلاّ أنّك تحبّ الله عزّ وجلّ ورسوله (ص)، فحدثني بحديث في فضائل عليّ صلوات الله عليه فحدّثته، وذكرت الحديث.

فلمّا قلت ذلك قال لي: يا بني، من أين أنت؟ قلت: من أهل الكوفة. قال: عربي أم مولى؟ قلت: بل عربي. فكساني ثلاثين ثوباً وأعطاني عشرة آلاف دينار - أو درهم - ثمّ قال: يا شاب، وقد أقررت عيني ولي إليك حاجة. قلت: قضيت إن شاء الله.

قال: إذا كان غداً فأت مسجد آل فلان، كي ترى أخي المبغض لعليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه.

٢٣٤

قال: فطالت عليَّ تلك الليلة، فلمّا أصبحت أتيت المسجد الذي وصف لي، فقمت للصلاة(١) فإذا إلى جنبي شاب متعمّم، فذهب ليركع فإذا قد سقطت عمامته من رأسه، فنظرت في وجهه فإذا رأسه رأس خنزير، ووجهه وجه خنزير، فو الله ما علمت ما تكلمات به في صلاتي حتّى سلّم الإمام، فقلت: يا ويحك، ما الذي أرى بك؟! فبكى، وقال لي: انظر إلى هذه الدار. فنظرت، فقال لي: ادخل. فدخلت.

فقال: كنت مؤذناً لآل فلان، كلّما أصبحت لعنت عليّاً بين الأذان والإقامة ألف مرّة، وكلّما كان يوم الجمعة لعنته أربعة آلاف مرة فخرجت من منزلي، فأتيت داري فاتكأت على هذا الدكان الذي ترى، فنمت، فرأيت في المنام كأنّي بالجنّة وفيها رسول الله (ص) وعليّ فرحين، ورأيت كأنّ النبيّ (ص) عن يمينه الحسنعليه‌السلام ، وعن يساره الحسينعليه‌السلام ، ومعه كأس وقال: « يا حسين اسقني » فسقاه فقال: « اسق الجماعة » فشربوا.

ثمّ رأيت كأنّه قال: « اسق المتكئ على هذا الدكان » فقال له الحسين: « يا جدّاه، أتأمرني أن أسقي هذا، وهو يلعن والدي في كل يوم ألف مرة بين الأذان والإقامة، وقد لعنه في هذا اليوم أربعة آلاف مرّة؟! ».

فأتاني النبيّ (ص) وقال لي: « مالك عليك لعنة الله تلعن عليّاً وعليّ منّي، وتشتم عليّاً وعليّ منّي؟! » فرأيته كأنّه قد تفل في وجهي، وضربني برجله، وقال: « قم غيّر الله ما بك من نعمة » فانتبهت من نومي فإذا رأسي رأس خنزير، ووجهي وجه خنزير.

ثمّ قال لي أبو جعفر الدوانيقي: أهذان الحديثان في يدك؟ قلت: لا.

__________________

(١) في ر، ك، م: في الصف.

٢٣٥

فقال: يا سليمان، حبّ عليّ إيمان، وبغضه كفر(١) ، والله لا يحبّه إلاّ مؤمن، ولا يبغضه إلاّ منافق.

٢٠٢ / ٣ - عن جعفر بن محمّد الدوريستي، قال: حضرت بغداد في سنة إحدى وأربعمائة في مجلس المفيد أبي عبد اللهرضي‌الله‌عنه ، فجاءه علوي وسأله عن تأويل رؤيا رآها، فأجاب، فقال: أطال الله بقاء سيّدنا، أقرأت علم التأويل؟ قال: إنّي قد بقيت في هذا العلم مدّة، ولي فيه كتب جمّة.

ثمّ قال: خذ القرطاس واكتب ما أملي عليك.

قال: كان ببغداد رجل عالم من أصحاب الشافعي، وكان له كتب كثيرة، ولم يكن له ولد، فلمّا حضرته الوفاة دعا رجلاً يقال له جعفر الدقّاق وأوصى إليه، وقال: إذا فرغت من دفني فاذهب بكتبي إلى سوق البيع(٢) وبعها، واصرف ما حصل من ثمنها في وجوه المصالح التي فصّلتها. وسلّم إليه التفصيل.

ثمّ نودي في البلد: من أراد أن يشتري الكتاب فليحضر السوق(٣) الفلاني فإنّه يباع فيه الكتاب من تركة فلان.

فذهبت إليه لأبتاع كتبا، وقد اجتمع هناك خلق كثير، ومن اشترى شيئاً من كتبه كتب عليه جعفر الدقّاق للوصي ثمنه، وأنا قد اشتريت أربعة كتب في علم التعبير، وكتبت ثمنها على نفسي، وهو يشترط على من ابتاع توفية الثمن في الأسبوع، فلمّا هممت بالقيام قال لي

__________________

(١) في م، ك: نفاق.

٣ - عنه في مدينة المعاجز: ١٤٠ / ٣٩٥.

(٢) في جميع النسخ: سوق الفروش، وهي كلمة فارسية وترجمتها: سوق البيع.

(٣) في م: الخان، وفي هامش ر، ك: المكان.

٢٣٦

جعفر: مكانك يا شيخ، فإنّه جرى على يدي أمر لأذكره لك، فإنّه نصرة لمذهبك.

ثمّ قال لي: إنّه كان لي رفيق يتعلّم معي، وكان في محلة باب البصرة رجل يروي الأحاديث، والناس يسمعون منه، يقال له: ( أبو عبد الله المحدث ) وكنت ورفيقي نذهب إليه برهة من الزمان، ونكتب عنه الأحاديث، وكلّما أملى حديثا من فضائل أهل البيتعليهم‌السلام طعن فيه وفي روايته، حتّى كان يوماً من الأيّام فأملى في فضائل البتول الزهراء وعليّاً صلوات الله عليهما، ثمّ قال: وما تنفع هذه الفضائل عليّاً وفاطمة، فإنّ عليا يقتل المسلمين. وطعن في فاطمة، وقال فيها كلمات منكرة.

قال جعفر فقلت لرفيقي: لا ينبغي لنا أن نأتي(١) هذا الرجل، فإنّه رجل لا دين له ولا ديانة، وإنّه لا يزال يطوّل لسانه في عليّ وفاطمة، وهذا ليس بمذهب المسلمين.

قال رفيقي: إنّك لصادق، فمن حقنا أن نذهب إلى غيره [ فإنه رجل ضال. فعزمنا أن نذهب إلى غيره ] ولا نعود إليه.

فرأيت من الليلة كأنّي أمشي إلى المسجد الجامع، فالتفت فرأيت أبا عبد الله المحدّث، ورأيت أمير المؤمنين راكباً حماراً مصرياً، يمشي إلى المسجد الجامع، فقلت في نفسي: واويلاه أخاف أن يضرب عنقه بسيفه. فلمّا قرب منه ضرب بقضيبه عينه اليمنى، وقال له: « يا ملعون، لم تسبني وفاطمة؟! » فوضع المحدّث يده على عينه اليمنى، وقال: أو أعميتني.

قال جعفر: فانتبهت وهممت أن أذهب إلى رفيقي وأحكي له ما رأيت، فإذا هو قد جاءني متغير اللون، فقال: أتدري ما وقع؟! فقلت

__________________

(١) في ر، ع، ص: نأخذ من.

٢٣٧

له: قل. فقال: رأيت البارحة رؤيا في أبي عبد الله المحدّث. فذكر، فكان كما ذكرته من غير زيادة ولا نقصان، فقلت له: أنا رأيت مثل ذلك، وكنت هممت بإتيانك لأذكره لك، فاذهب بنا الآن مع المصحف لنحلف له أنّا رأينا ذلك، ولم نتواطأ عليه، وننصح له ليرجع عن هذا الاعتقاد.

فقمنا ومشينا إلى باب داره، فإذا الباب مغلق، فقرعنا، فجاءت جارية وقالت: لا يمكن أن يرى الآن. فرجعت، ثمّ قرعنا الباب ثانية فجاءت وقالت: لا يمكن ذلك. فقلنا ما وقع له؟ فقالت: إنّه قد وضع يده على عينه، ويصيح من نصف الليل، ويقول: إنّ عليّ بن أبي طالب قد أعماني. ويستغيث من وجع العين فقلنا لها: افتحي الباب فإنّا قد جئناه لهذا الأمر. ففتحت، فدخلنا، فرأيناه على أقبح هيئة، ويستغيث ويقول: مالي ولعليّ بن أبي طالب، ما فعلت به، فإنّه قد ضرب بقضيب على عيني البارحة وأعماني.

قال جعفر: وذكرنا له ما رأينا في المنام، وقلنا له: ارجع عن اعتقادك الذي أنت عليه، ولا تطوّل لسانك فيه. فأجاب وقال: لا جزاكما الله خيراً، لو كان عليّ بن أبي طالب أعمى عيني الأخرى لما قدّمته على أبي بكر وعمر. فقمنا من عنده، وقلنا: ليس في هذا الرجل خير.

ثمّ رجعنا إليه بعد ثلاثة أيّام لنعلم ما حاله فلمّا دخلنا عليه وجدناه أعمى بالعين الأخرى، فقلنا له: أما تغيرت؟! فقال: لا والله، لا أرجع عن هذا الاعتقاد، فليفعل عليّ بن أبي طالب ما أراد. فقمنا ورجعنا.

ثم عدنا إليه بعد أسبوع لنعلم إلى ما وصل حاله، فقيل: إنّه قد دفن(٥) وارتدّ ابنه، ولحق بالروم تعصباً على عليّ بن أبي طالب

__________________

(٥) في ر: فقيل لنا: قد دفناه.

٢٣٨

صلوات الله عليه، فرجعنا وقرأنا:( فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) (١) .

وقد نقلت ذلك من النسخة التي انتسخها(٢) جعفر الدوريستي بخطه، ونقلها إلى الفارسية في سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة، ونحن نقلناها إلى العربية من الفارسية ثانياً ببلدة كاشان، والله الموفق في مثل هذه السنة: سنة ستين وخمسمائة.

٢٠٣ / ٤ - عن عثمان بن عفّان الشجري، قال: خرجت في طلب العلم، ودخلت البصرة، فصرت إلى محمّد بن عبّاد صاحب عبادان، فقلت: إنّي رجل غريب أتيتك من بلد بعيد لأقتبس من علمك شيئاً.

فقال لي: من أين أنت؟؟ فقلت من سجستان.

قال: من بلد الخوارج. فقلت: لو كنت خارجياً ما طلبت علمك.

فقال: ألا أخبرك بحديث حسن، حتّى إذا أنت دخلت بلادك تحدّث به الناس؟ فقلت: بلى.

قال: اكتب عنّي: كان لي جار، وكان من المتعبدين، فرأى في منامه كأنّه قد مات، ودفن، وحشر، وحوسب، وعبر على الصراط، قال: فمررت بحوض النبيّ (ص) فإذا النبيّ (ص) جالس على شفير الحوض، والحسن والحسين يسقيان الأمّة، فصرت إلى الحسن صلوات الله عليه فاستقيته، فأبى أن يسقيني، فصرت إلى الحسين عليه الصلاة والسلام فاستقيته، فأبى أن يسقيني، فصرت إلى

__________________

(١) سورة الأنعام الآية: ٤٥.

(٢) في ص: نسخها.

٤ - أمالي الطوسي ٢: ٣٤٦، الخرائج والجرائح ١: ٢٢٣، مثله، مناقب ابن شهرآشوب ٢: ٣٤٥، باختصار، ومدينة المعاجز: ١٣٩ و ٣٩١، عن ابن شهرآشوب.

٢٣٩

النبيّ (ص) فقلت: يا رسول الله، إنّي رجل من أمّتك، صرت إلى الحسن فاستقيته فلم يسقني وأبى، فصرت إلى الحسين فاستقيته فأبى!

قال (ص): « وإن قصدت أمير المؤمنين لا يسقيك » فبكيت، وقلت: يا رسول الله، إنّي رجل من أمّتك ومن شيعة عليّ.

قال: « لك جارٌ يلعن عليّاً - صلوات الله عليه - فلم تنهه » قلت: يا رسول الله، إنّي رجل ضعيف، ليس لي قوة، وهو من حاشية السلطان.

قال: فأخرج النبيّ (ص) سكّيناً وقال: « امض واذبحه » فأخذت السكّين من يد النبيّ (ص) وصرت إلى داره، ووجدت الباب مفتوحاً فدخلت(١) ، فأصبته نائما على فراشه فذبحته، ورجعت إلى النبيّ (ص) فقلت: يا رسول الله، لقد ذبحته، وهذه السكّين ملطخة بدمه. فقال: « هاتها » فدفعتها إليه، ثمّ قال للحسن صلوات الله عليه: « اسقه » فناولني الكأس فما أدري شربت أم لا ثمّ انتبهت فزعاً مذعوراً(٢) فقمت إلى الصلاة.

فلمّا انتشر عمود الصبح سمعت صراخ النساء، فقلت لجاريتي: ما هذا الصراخ؟ قالت: يا مولاي، إنّ فلاناً وجد على فراشه مذبوحاً. فما كان إلاّ ساعة يسيرة حتّى جاء الحاجب وأعوانه يأخذون الجيران، فصرت إلى الأمير وقلت: أيّها الأمير، اتق الله عزّ وجلّ، إنّ القوم براء، وأنا ذبحته. فقال الأمير: ويحك، ماذا تقول؟ لست عندنا بمتهم على مثل هذا! فقلت: أيّها الأمير، هذا شيء في المنام وحكيت الحكاية بأسرها، قال الأمير: جزاك الله خيراً، أنت بريء، والقوم براء.

__________________

(١) في ص زيادة: فقصدت الغرفة، وفي ر، ك، م: وأصبت الغرفة.

(٢) في ك: مرعوبا.

٢٤٠