الثاقب في المناقب

الثاقب في المناقب0%

الثاقب في المناقب مؤلف:
الناشر: مؤسّسة أنصاريان
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 697

الثاقب في المناقب

مؤلف: ابن حمزة الطوسي
الناشر: مؤسّسة أنصاريان
تصنيف:

الصفحات: 697
المشاهدات: 188620
تحميل: 6904

توضيحات:

الثاقب في المناقب
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 697 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 188620 / تحميل: 6904
الحجم الحجم الحجم
الثاقب في المناقب

الثاقب في المناقب

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة أنصاريان
العربية

الباب الثاني عشر

في بيان آيات أبي جعفر محمّد بن علي التقيعليهما‌السلام

وفيه عشرة فصول

٥٠١

٥٠٢

١ - فصل:

في بيان ظهور آياته ومعجزاته في إحياء الموتى

وفيه: حديث واحد

٤٣١ / ١ - عن أحمد بن محمّد الحضرمي، قال: حجّ أبو جعفرعليه‌السلام فلمّا نزل زبالة فإذا هو بامرأة ضعيفة تبكي على بقرة مطروحة على قارعة الطريق، فسألها عن علّة بكائها فقامت المرأة إلى أبي جعفرعليه‌السلام وقالت: يا ابن رسول الله؛ إنّي امرأة ضعيفة لا أقدر على شيء، وكانت هذه البقرة كل مال أملكه، فقال لها أبو جعفرعليه‌السلام : « إن أحياها الله تبارك وتعالى لك فما تفعلين؟ » قالت: يا ابن رسول الله لأجددنّ لله شكراً.

فصلّى أبو جعفر ركعتين ودعا بدعوات ثمّ ركض برجله البقرة، فقامت البقرة، وصاحت المرأة: عيسى بن مريم. فقال أبو جعفرعليه‌السلام : « لا تقولي هذا، بل عباد مكرمون، أوصياء الأنبياء ».

__________________

١ - عنه في مدينة المعاجز: ٥٣٤.

٥٠٣

٢ - فصل:

في بيان ظهور آياته فيما كلم في المهد

وفيه: حديث واحد

٤٣٢ / ١ - عن علي بن عبيدة، عن حكيمة بنت موسىعليه‌السلام قالت: لمّا حضرت ولادة الخيزران أدخلني أبو الحسن الرضاعليه‌السلام وإيّاها بيتا، وأغلق علينا الباب والقابلة معنا.

فلمّا كان في جوف الليل انطفأ المصباح فاغتممت لذلك، فما كان بأسرع أن بدر أبو جعفرعليه‌السلام فأضاء البيت نورا فقلت لأمّه: قد أغناك الله عن المصباح. فقعد في الطست وقبض عليه وعلى جسده شيء رقيق شبه التور.

فلما أن أصبحنا جاء الرضاعليه‌السلام فوضعه في المهد، وقال لي: « الزمي مهده ».

قالت: فلما كان اليوم الثالث رفع بصره إلى السماء ثمّ لمح يميناً وشمالاً، ثمّ قال: « أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ». فقمت رعدة فزعة، فأتيت الرضاعليه‌السلام فقلت له: رأيت عجباً! فقال: « وما الذي رأيت؟ » فقلت: هذا الصبي فعل الساعة كذا وكذا! قالت: فتبسم الرضاعليه‌السلام وقال: « ما ترين من عجائبه أكثر ».

__________________

١ - مناقب ابن شهرآشوب ٤: ٣٩٤.

٥٠٤

٣ - فصل:

في بيان ظهور آياته في كمال عقله في سن الأطفال

وفيه: حديث واحد

٤٣٣ / ١ - عن الريّان بن شبيب، قال: لمّا أراد المأمون أن يزوج ابنته أمّ الفضل أبا جعفر محمّد بن عليعليهما‌السلام ، أنكر عليه بنو العباس - في حديث طويل - إلى أن قال لهم المأمون: إنّي اخترت أبا جعفرعليه‌السلام لتبرزه على كافّة أهل الفضل في العلم والفضل مع صغر سنّه والأعجوبة فيه بذلك، وأنا أرجو أن يظهر للناس ما قد عرفته منه، فيعلموا أنّ الرأي ما قد رأيت.

فقالوا: إنّ هذا الفتى وإن راقك منه هديه فإنّه صبي لا معرفة له ولا فقه، فامهله حتّى يتأدب ويتفقّه في الدين، ثمّ اصنع ما تراه بعد ذلك.

فقال لهم: ويحكم، إنني أعرف بهذا الفتى منكم، وإنّ أهل البيت علمهم من الله تعالى موادّه والهامه، وهذا لم يزل آباؤه أغنياء في علم الدين والأدب عن الرعايا الناقصة عن حدّ الكمال، فإن شئتم فامتحنوه. فرضوا بذلك وأتوا بيحيى بن أكثم القاضي، وهو يومئذ

__________________

١ - إرشاد المفيد: ٣١٩، اختصاص المفيد: ٩٨، اثبات الوصية: ١٨٩، الاحتجاج: ٤٤٣، كشف الغمة ٢: ٣٥٣، تحف العقول: ٤٥١، روضة الواعظين: ٢٣٨، عيون المعجزات: ١٢١، ورد في بعضها مثله.

٥٠٥

قاضي الزمان، فالتمسوا منه أن يسأله مسألة لا يعرف الجواب فيها، ووعدوه بأموال نفيسة، وعادوا إلى المأمون وسألوه أن يختار يوما، فأجابهم إلى ذلك.

فاجتمعوا في اليوم الذي اتفقوا عليه، وحضر يحيى بن أكثم وأمر المأمون أن يفرش لأبي جعفرعليه‌السلام دست ويجعل فيه مسورتان ففعل ذلك، وجلس المأمون في دست متصل بدست أبي جعفرعليه‌السلام ، وجلس يحيى بن أكثم بين يديه فقال للمأمون: أتأذن لي يا أمير المؤمنين أن أسأل أبا جعفر بن علي؟ فقال له المأمون: استأذنه في ذلك. فأقبل إليه يحيى بن أكثم فقال له: أتأذن لي، جعلت فداك في مسألة؟ فقال له أبو جعفرعليه‌السلام : « سل إن شئت »

قال: ما تقول في محرم قتل صيدا؟ فقال له أبو جعفر: « قتله في حل أو حرم؟ عالما كان المحرم أم جاهلا؟ قتله عمدا أو خطأ؟ حرّا كان المحرم أم عبدا؟ صغيرا كان المحرم أم كبيرا؟ مبتدئا بالقتل كان أم معيدا؟ من ذوات الطير كان الصيد أم من غيرها؟ من صغار الصيد أم من كبارها؟ مصرّا على ما فعل أو نادما؟ في الليل كان قتله أو نهارا؟ محرما كان بالعمرة إذ قتله أو بالحج محرما؟ ».

فتحيّر يحيى بن أكثم، وبان في وجهه العجز والانقطاع، وتلجلج حتّى عرف جماعة من أهل المجالس عجزه، فقال المأمون: الحمد لله على هذه النعمة والتوفيق والرأي، ثمّ نظر إلى أهل بيته فقال لهم: أعرفتم الآن ما كنتم تنكرونه؟

فلمّا تفرّق القوم وبقي الخاصّة قال المأمون لأبي جعفرعليه‌السلام : إن رأيت، جعلت فداك أن تذكر الفقه فيما فصّلته من وجوه قتل المحرم الصيد لنعلمه ونستفيده،

فقال أبو جعفرعليه‌السلام : « نعم، إنّ المحرم إذا قتل صيدا في الحل وكان الصّيد من ذوات الطير، وكان من كبارها فعليه شاة، فإن

٥٠٦

أصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا، وإذا قتل فرخا في الحل فعليه حمل قد فطم من اللبن، وإذا قتله في الحرم فعليه الحمل وقيمة الفرخ، وإن كان من الوحش وكان حمار وحش فعليه بقرة، وإن كان نعامة فعليه بدنة، وإن كان ظبيا فعليه شاة، وإن قتل شيئا من ذلك في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا هديا بالغ الكعبة، وإذا أصاب المحرم ما يجب عليه الهدي فيه، وكان إحرامه بالعمرة نحره بمكة، وجزاء الصيد على العالم والجاهل سواء، وفي العمد المأثم وهو موضوع عنه في الخطأ، والكفّارة على الحر في نفسه، وعلى السيّد في عبده، والصغير لا كفّارة عليه، وهي على الكبير واجبة، والنادم يسقط عنه بندمه عقاب الآخرة، والمصرّ يجب عليه عقاب الآخرة » فقال المأمون: أحسنت يا أبا جعفر، أحسن الله إليك.

وفي الحديث طول قد اقتصرنا على هذا القدر.

٥٠٧

٤ - فصل:

في بيان ظهور آياته في كلام العصا في يده

وفيه: حديث واحد

٤٣٤ / ١ - عن محمّد بن أبي العلاء(١) قال: سمعت يحيى بن أكثم قاضي القضاة يقول: بعد ما جاهدت به وناظرته غير مرّة وحاورته في ذلك، ولاطفته وأهديت له طرائف، وكنت أسأله عن علوم آل محمّد (ص) قال: « أخبرك بشرط أن تكتم عليّ ما دمت حيا، ثمّ شأنك به إذا مت ».

فبينا أنا ذات يوم بالمدينة فدخلت المسجد أطوف بقبر رسول الله (ص) فرأيت محمّد بن علي الرضاعليه‌السلام يطوف بالقبر الشريف، فناظرته في مسائل عندي فأخرجها إلي، فقلت له: إنّي والله أريد أن أسألك عن مسألة، وإنّي والله لأستحي من ذلك، فقال لي: « إني أخبرك بها قبل أن تخبرني وتسألني عنها، تريد أن تسألني عن الإمام ». فقلت: هو والله هذا. فقال: « أنا هو ». فقلت: علامة، وكان في يده عصاه، فنطقت وقالت: إنّ مولاي إمام هذا الزمان، وهو الحجّة عليهم.

__________________

١ - الكافي ١: ٢٨٧ / ٩، دلائل الإمامة: ٢١٣، مناقب ابن شهرآشوب ٤: ٣٩٣.

(١) في الأصل: محمد بن العلاء، وما أثبتناه من المصدرين وهو الصحيح، راجع « معجم رجال الحديث ١١: ٤٣ و ١٤: ٢٧٥ و ٢٠: ٣٤ ».

٥٠٨

٥ - فصل:

في بيان ظهور آياته في قطع المسافة

وفيه: حديثان

٤٣٥ / ١ - عن محمّد بن قتيبة، عن مؤدب كان لأبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّه كان بين يديّ يوما يقرأ في اللوح إذ رمى اللوح من يده وقام فزعا وهو يقول: « إنّا لله وإنّا إليه راجعون، مضى والله، مات أبيعليه‌السلام » فقلت: من أين علمت هذا؟ فقال: « دخلني من إجلال الله وعظمته شيء لا أعهده ». فقلت: وقد مضى؟!

قال: « دع عنك هذا، ائذن لي أن أدخل البيت وأخرج إليك، واستعرضني باي القرآن إن شئت سأفسر لك وتحفظه » فدخل البيت، فقمت ودخلت في طلبه اشفاقا منّي عليه، فسألت عنه فقيل: دخل هذا البيت وردّ الباب دونه، وقال: « لا تأذنوا عليّ لأحد حتّى أخرج إليكم » فخرج متغيرا وهو يقول: « إنّا لله وإنّا إليه راجعون، مضي والله أبي » فقلت: جعلت فداك، قد مضى؟! فقال: « نعم، وتولّيت غسله وتكفينه، وما كان ذلك ليلي منه غيري ».

ثمّ قال لي: « دع عنك واستعرضني آي القرآن إن شئت أفسر لك تحفظه ». فقلت: الأعراف؛ فاستعاذ بالله من الشيطان الرجيم ثمّ قرأ:

__________________

١ - الإمامة والتبصرة: ٢٢٢ / ٧٤، اثبات الوصية: ١٩٤ مثله.

٥٠٩

« بسم الله الرحمن الرحيم( وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ ) (١) » فقلت:( المص ) (٢) فقال: « هذا أول السورة » وهذا ناسخ، وهذا منسوخ، وهذا محكم وهذا متشابه، وهذا خاص وهذا عام، وهذا ما غلط به الكتّاب، وهذا ما اشتبه عليه الناس.

يقول المصنفرضي‌الله‌عنه : إنّه كان بالمدينة وأبوه بطوس.

وروى ذلك أبو الصلت الهروي، وقال: لمّا مضى الرضاعليه‌السلام ، وأغلقنا الباب دخل علينا فتى والباب مغلق من صفته كذا وكذا، والقصة مشهورة.

٤٣٦ / ٣ - عن علي بن خالد قال: كنت بالعسكر فبلغني أنّ هناك رجلا محبوسا أتي به من ناحية الشام مكبولا، فقالوا: إنّه تنبؤ حق.

قال: فأتيت الباب واستأذنت البواب حتّى وصلت إليه فإذا رجل له فهم وعقل، فقلت له: يا هذا ما قصتك؟

قال: إني كنت رجلا بالشام أعبد الله تعالى في الموضع الذي يقال أنّه نصب فيه رأس الحسينعليه‌السلام ، فبينما أنا ذات ليلة مقبل على المحراب أذكر الله تعالى إذ رأيت شخصا بين يدي، فنظرت إليه فقال لي: « قم » فقمت معه، فمشى بي قليلا فإذا أنا في مسجد الكوفة، فقال لي: « تعرف هذا المسجد؟ » فقلت: نعم، هذا مسجد الكوفة.

قال: فصلّى وصلّيت معه، ثمّ خرج وخرجت معه، ومشى بي

__________________

(١) سورة الأعراف الآية: ١٧١.

(٢) سورة الأعراف الآية: ١.

٣ - بصائر الدرجات: ٤٢٢ / ١، الكافي ١: ٤١١ / ١، الاختصاص: ٣٢٠، كشف الغمة ٢: ٣٥٩، روضة الواعظين: ٢٤٢، الخرائج والجرائح ١: ٣٨٠، دلائل الإمامة: ٢١٤، إعلام الورى: ٣٤٧، الفصول المهمة: ٢٥٣، نور الأبصار: ١٧٨، مدينة المعاجز ٥٢٠ / ٩، ملحقات احقاق الحق ١٢: ٤٢٧ و ١٩: ٥٩٧.

٥١٠

قليلا، فإذا أنا بمكّة، فطاف بالبيت فطفت معه، ثمّ خرج فمشى قليلا، فإذا أنا بالموضع الذي كنت أعبد الله فيه بالشام، وغاب الشخص عن عيني، فبقيت متعجبا متهولا مما رأيت.

فلما كان في العام المقبل رأيت ذلك الشخص فاستبشرت به، ودعاني فأجبته، ففعل كما فعل في العام الماضي، فلمّا أراد مفارقتي بالشام قلت له: سألتك بالذي أقدرك على ما رأيت منك إلاّ أخبرتني من أنت؟ فأطرق طويلا ثمّ نظر إليّ وقال: « أنا محمّد بن علي بن موسى ».

وتراقى الخبر إلى محمّد بن عبد الملك الزيّات فبعث إليّ وكبلني في الحديد، وحملني إلى العراق وحبست كما ترى وادّعى عليّ المحال، فقلت له: فارفع قصتك إلى محمّد بن عبد الملك؟ فقال: افعل.

فكتبت عنه قصة شرحت أمره فيها، ورفعتها إلى محمّد بن عبد الملك فوقع في ظهرها: قل للذي أخرجك من الشام في ليلة إلى الكوفة ومن الكوفة إلى المدينة ومنها إلى مكّة ومنها إلى الشام أن يخرجك من حبسك هذا.

قال علي بن خالد: فغمني ذلك من أمره، ورققت له، وانصرفت محزونا عليه، فلمّا كان من الغد باكرت الحبس لأعلمه بالحال وآمره بالصبر والرضى فوجدت الجند وأصحاب الحرس وصاحب السجن وخلقا عظيما من الناس يهرعون، فسألت عن حالهم فقيل لي: المحمول من الشام المتنبئ افتقد البارحة فلا يدرى أخسفت به الأرض، أم اختطفه الطير.

وكان علي بن خالد زيديا فقال بالإمامة لما رأى ذلك وحسن اعتقاده.

٥١١

٦ - فصل:

في بيان ظهور آياته مع الشجرة

وفيه: حديث واحد

٤٣٧ / ١ - عن الريان بن شبيب، قال: لمّا توجّه أبو جعفرعليه‌السلام من بغداد منصرفا من عند المأمون، ومعه أمّ الفضل قاصدا بها إلى المدينة، صار إلى شارع باب الكوفة، ومعه الناس يشيعونه، فانتهى إلى دار المسيب عند غروب الشمس، فنزل ودخل المسجد، وكان في صحنه نبقة لم تحمل بعد، فدعا بكوز فيه ماء فتوضأ في أصل النبقة، وقامعليه‌السلام فصلّى بالناس صلاة المغرب، فقرأ في الأولى منها( الْحَمْدُ ) و( إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ ) وفي الثانية( الْحَمْدُ ) و( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) وقنت قبل ركوعه فيها وصلّى الثالثة وتشهّد وسلّم، ثمّ جلس هنيهة يذكر الله تعالى عز وجل اسمه وقام من غير أن يعقّب، وصلّى النوافل أربع ركعات وعقّب بعدها، وسجد سجدتي الشكر، ثمّ خرج.

فلمّا انتهى إلى النبقة رآها الناس وقد حملت حملا حسنا، فتعجبوا من ذلك، وأكلوا منها، فوجدوه نبقا حلوا لا عجم له، وودعوه ومضىعليه‌السلام في وقته إلى المدينة.

__________________

١ - إرشاد المفيد: ٣٢٣، مضمونه، مناقب ابن شهرآشوب ٤: ٣٩٠، باختصار، كشف الغمة ٢: ٣٥٨.

٥١٢

٧ - فصل:

في بيان ظهور آياته من العلم بحديث النفس

وفيه: أربعة أحاديث

٤٣٨ / ١ - عن محمد بن عيسى، قال: دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام بالمدينة وهو نازل في دار بزيع فسلّمت عليه، وقلت في نفسي: أستعطفه على زكريا بن آدم؛ ثمّ رجعت إلى نفسي وقلت: من أنا فأعترض في هذا أو شبهه بمولاي؟! هو أعلم بما يصنع. فقال لي بأعلى صوته: « على مثل أبي يحيى لا تعجل، وقد كان من خدمته لأبي ما كان ».

٤٣٩ / ٢ - عن علي بن أسباط، قال: رأيت أبا جعفرعليه‌السلام وهو يقول: « إنّ الله تبارك وتعالى احتجّ في الإمامة بمثل ما احتجّ في النبوة، قال الله تعالى:( وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) (١) ، وقال:( حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ) (٢) فقد يجوز أن يؤتى الحكم وهو صبي. ويجوز أن يؤتاه وهو ابن أربعين سنة.

__________________

١ - مدينة المعاجز: ٥٢٣ / ٦١.

٢ - عنه مدينة المعاجز: ٥٢١ ح ١١ وعن الكافي: ١ / ٤١٣ ح ٣.

(١) سورة مريم الآية: ١٢.

(٢) سورة الأحقاف الآية: ١٥.

٥١٣

٤٤٠ / ٣ - عن أبي هاشم الجعفري، قال: سألني جمّال أن أكلّم أبا جعفر ليدخله في بعض أموره.

قال: فدخلت عليه لأكلمه، فوجدته يأكل مع جماعة، فلم يمكنني كلامه، فقال: « يا أبا هاشم، كل من هذا الذي بين يدي » ثمّ قال ابتداء منه من غير مسألة: « يا غلام، انظر إلى الجمّال الذي أتانا به أبو هاشم.

٤٤١ / ٤ - عن علي بن مهزيار، قال: حدّثني محمد بن الفرج أنّه قال: ليتني إذا دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام كساني ثوبين قطوانين ممّا لبسه أحرم فيهما.

قال: فدخلت عليه بشرف وعليه رداء قطواني(١) يلبسه، فأخذه وحوّله من هذا العاتق إلى الآخر، ثمّ إنّه أخذ من ظهره وبدنه إلى آخر يلبسه خلفه، فقال: « أحرم فيهما، بارك الله لك ».

__________________

٣ - مناقب ابن شهرآشوب ٤: ٣٩٠.

٤ - عنه مدينة المعاجز: ٥٣٤ ح ٦٥.

(١) القطواني: نسبة إلى موضع بالكوفة. لسان العرب ١٥: ١٩١ ( قطا ) ومعجم البلدان ٤: ٣٧٥.

٥١٤

٨ - فصل:

في بيان ظهور آياته من العلم بالآجال

وفيه: ثلاثة أحاديث

٤٤٢ / ١ - عن إبراهيم بن محمّد الهمداني، قال: كتب أبو جعفر الثانيعليه‌السلام ، إليّ كتابا وأمرني أن لا أفكّه حتّى يموت يحيى بن عمران.

قال: فمكث الكتاب عندي سنتين، فلمّا كان اليوم الذي مات فيه يحيى بن عمران فككته فإذا فيه: « قم بما كان يقوم به » أو نحوه من هذا الأمر.

قال محمد بن عيسى: وحدّثني يحيى وإسحاق ابنا سليمان بن داود أنّ إبراهيم بن محمّد أقرأهم هذا الكتاب في المقبرة يوم مات يحيى بن عمران.

وكان إبراهيم يقول: كنت لا أخاف الموت ما كان يحيى بن عمران في الحياة.

٤٤٣ / ٢ - عن أمية بن علي، قال: كنت بالمدينة، وكنت أختلف

__________________

١ - بصائر الدرجات: ٢٨٢ / ٢، ٢٨٣ / ٣، مناقب ابن شهرآشوب ٤: ٣٩٧.

٢ - دلائل الإمامة: ٢١٢، مناقب ابن شهرآشوب ٤: ٣٨٩، كشف الغمة ٢: ٣٦٩، اعلام الورى: ٣٣٤.

٥١٥

إلى أبي جعفر، وأبو الحسن الرضاعليهما‌السلام بخراسان، وكان أهل بيته وعمومة أبيه يأتونه ويسلّمون عليه، فدعا يوما بجارية فقال لها: « قولي لهم تهيّأوا للمأتم ». فلمّا تفرقوا قالوا: ألا سألناه مأتم من؟

فلمّا كان من الغد فعل مثل ذلك، فقالوا، مأتم من؟ قال: « مأتم خير من على ظهرها » فأتانا خبر أبي الحسنعليه‌السلام بعد ذلك بأيّام، فإذا هو قد مات في ذلك اليوم.

٤٤٤ / ٣ - عن محمّد بن القاسم، عن أبيه، وروى أيضا غيره قال: لمّا خرج من المدينة في المرّة الأخيرة قال: « ما أطيبك يا طيبة، فلست بعائد إليك ».

__________________

٣ - ...

٥١٦

٩ - فصل:

في بيان ظهور آياته في الإخبار بالغائبات

وفيه: ثمانية أحاديث

٤٤٥ / ١ - عن محمد بن أبي القاسم، قال: ورواه عامّة أهل المدينة أنّ الرضاعليه‌السلام كتب في أحمال له تحمل إليه من المتاع وغير ذلك، فلمّا توجهت وكان يوما من الأيّام أرسل أبو جعفرعليه‌السلام رسلا يردّونها فلم يدر لم ذلك، ثمّ حسب ذلك اليوم في ذلك الشهر، فوجد يوم مات فيه الرضاعليه‌السلام .

٤٤٦ / ٢ - عن محمّد بن القاسم، عن أبيه وعن غير واحد من أصحابنا أنّه قد سمع عمر بن الفرج أنّه قال: سمعت من أبي جعفرعليه‌السلام شيئا لو رآه محمّد أخي لكفر. فقلت: وما هو أصلحك الله؟

قال: إنّي كنت معه يوما بالمدينة إذ قرب الطعام فقال: « أمسكوا » فقلت: فداك، أبي قد جاءكم الغيب.

فقال: « عليّ بالخبّاز » فجيء به فعاتبه وقال: « من أمرك أن تسمّني في هذا الطعام؟ » فقال له: جعلت فداك فلان، ثمّ أمر بالطعام فرفع وأتي بغيره.

__________________

١ - عنه في مدينة المعاجز: ٥٣٤.

٢ - عنه في مدينة المعاجز: ٥٣٤.

٥١٧

٤٤٧ / ٣ - وعنه، عن أبيه قال: حدّثني بعض المدينيين أنّهم كانوا يدخلون على أبي جعفرعليه‌السلام وهو نازل في قصر أحمد بن يوسف يقولون له: يا أبا جعفر، جعلنا فداك، قد تهيأنا وتجهزنا ولا نراك تهم بذلك؟! قال لهم: « لستم بخارجين حتّى تغترفوا الماء بأيديكم من هذه الأبواب التي ترونها ». فتعجّبوا من ذلك أن يأتي الماء من تلك المكثرة، فما خرجوا حتّى اغترفوا بأيديهم منها.

٤٤٨ / ٤ - وعنه، عن أبيه وعن بعض المدينيين، قال: لمّا وجّه المأمون إليه وهو بتكريت متوجها إلى الروم، وصار في بعض الطريق في حميم الحر ولا مطر ولا وحل ولا ماء يرى ولا حوض، قال لبعض غلمانه: « اعقد ذنب برذوني(١) » فتعجّب الناس ووقفوا حتّى عقد الغلام ذنب برذونه، ثمّ مضى، ومضى الناس معه، وعمر بن الفرج مستهزئ متعجب.

قال: فما مضوا إلا ميلا أو ميلين وإذا هم بماء قد فاض من نهر فطبق الأرض أجمع فمضى والناس وقوف حتّى شدّوا أذناب دوابهم.

قال أبي: قال عمر بن الفرج: والله لو رأى أخي هذا لكفر اليوم أشدّه وأشدّه.

٤٤٩ / ٥ - وعنه، عن أبيه، ورواه عامّة أصحابنا، قال: إنّ رجلا خراسانيا أتى أبا جعفرعليه‌السلام بالمدينة فسلّم عليه، وقال: السلام عليك يا ابن رسول الله. وكان واقفيا، فقال له: « سلام » وأعادها الرجل فقال: « سلام » فسلّم الرجل بالإمامة، قال: قلت في نفسي: كيف علم أنّي غير مؤتم به وأنّي واقف عنه؟!

قال: ثمّ بكى وقال: جعلت فداك هذه كذا وكذا دينارا فاقبضها،

__________________

٣ - عنه في مدينة المعاجز: ٥٣٤.

٤ - عنه في مدينة المعاجز: ٥٣٤.

(١) في م: برذونك.

٥ - عنه في مدينة المعاجز: ٥٣٤.

٥١٨

فقال له أبو جعفرعليه‌السلام : « قد قبلتها؛ فضمّها إليك ». فقال: إنّي خلفت صاحبتي ومعها ما يكفيها ويفضل عنها. فقال: « ضمّها إليك فإنّك ستحتاج إليها » مرارا.

قال الرجل: ففعلت ورجعت، فإذا طرّار(١) قد أتى منزلي فدخله ولم يترك شيئا إلاّ أخذه، فكانت تلك الدنانير هي التي تحمّلت بها إلى موضعي.

٤٥٠ / ٦ - عن الحسن بن أبي عثمان الهمداني، قال: دخل أناس من أصحابنا من أهل الري على أبي جعفرعليه‌السلام ، وفيهم رجل من الزيدية، فسألناه مسألة، فقال أبو جعفرعليه‌السلام لغلامه: « خذ بيد هذا الرجل فأخرجه » فقال الزيدي: أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله طيبا مباركا، وأنّك حجّة الله.

٤٥١ / ٧ - عن أبي هاشم الجعفري، قال: دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام ومعي ثلاث رقاع معينة، واشتبهت عليّ فاغتممت، فتناول إحداهن وقال: « هذه رقعة ريان بن شبيب » ثمّ تناول الثانية وقال: « هذه رقعة محمّد بن حمزة ». وتناول الثالثة وقال: « هذه رقعة فلان » فبهتّ فنظر إليّ وتبسّمعليه‌السلام .

٤٥٢ / ٨ - وعنه قال: أعطانيعليه‌السلام ثلاثمائة دينار في

__________________

(١) الطرّار: السارق « راجع لسان العرب ٤: ٤٩٩ ( طور ) ».

٦ - دلائل الإمامة: ٢١٣، الخرائج والجرائح ٢: ٦٦٩، مدينة المعاجز: ٥٣٢ / ٥٦.

٧ - ارشاد المفيد: ٣٦٧، الكافي ١: ٤٩٥ / ٥، الخرائج والجرائح ٢: ٦٦٤ / ١.

٨ - الكافي ١: ٤١٤ / ٥، إرشاد المفيد: ٣٢٦، الخرائج والجرائح ٢: ٦٦٥ / ٢، مناقب ابن شهرآشوب ٤: ٣٩٠، كشف الغمة ٢: ٣٦١، باختلاف يسير.

٥١٩

صرّة، وأمرني أن أحملها إلى بعض بني عمه، وقال: « أما إنه سيقول لك: دلني على حريف أشتري بها منه متاعا فدله عليه ».

فأتيته بالدنانير فقال: يا أبا هاشم، دلني على حريف يشتري لي بها متاعا. ففعلت.

٥٢٠