كامل الزيارات

كامل الزيارات16%

كامل الزيارات مؤلف:
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مكتبة الصدوق
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
الصفحات: 357

كامل الزيارات المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 357 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 146754 / تحميل: 9208
الحجم الحجم الحجم
كامل الزيارات

كامل الزيارات

مؤلف:
الناشر: مكتبة الصدوق
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

نهاية كما يعقل من صفة المخلوقين ، ولكن قديم أول ، وآخر لم يزل ، ولا يزال بلا بدء ، ولا نهاية لا يقع عليه الحدوث ، ولا يحول من حال الى حال خالق كل شيء»(١) .

ومن الغريب أن يكون النداء بهذه الفقرات بحرف (يا) مع أنها موضوعة في المصطلح النحوي لنداء البعيد فكيف يلتئم هذا مع إخباره سبحانه عن قربه من العبد بقوله :

( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) (٢) .

والجواب عن ذلك : بأن الداعي وجد نفسه بعيداً عن ربه نظراً لجرائمه العديدة لذلك استعمل في النداء ما يدل على البعد من حروف النداء إعترافاً منه بتقصيره

٢ ـ اَللّـهُمَّ اغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتي تَهْتِكُ الْعِصَمَ. اَللّـهُمَّ اغْفِـرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتي تُنْزِلُ النِّقَمَ. اَللّهُمَّ اغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتي تُغَيِّـرُ النِّعَمَ. اَللّـهُمَّ اغْفِرْ لي الذُّنُوبَ الَّتي تَحْبِسُ الدُّعاء. اَللّـهُمَّ اغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتي تُنْزِلُ الْبَلاءَ. اَللّهُمَّ اغْفِرْ لي كُلَّ ذَنْب اَذْنَبْتُهُ ، وَكُلَّ خَطيئَة اَخْطَأتُها. اَللّهُمَّ اِنّي اَتَقَرَّبُ اِلَيْكَ بِذِكْرِكَ ، وَاَسْتَشْفِعُ بِكَ اِلى نَفْسِكَ ، وَأَسْأَلُكَ بِجُودِكَ اَنْ تُدْنِيَني مِنْ قُرْبِكَ وَاَنْ تُوزِعَني شُكْرَكَ ، وَاَنْ تُلْهِمَني ذِكْرَكَ.

__________________

(١) أصول الكافي : كتاب التوحيد / باب معاني الأسماء واشتقاقاتها / حديث (٦).

(٢) سورة ق : آية (١٦).

١٢١

في هذا الفصل من الدعاء نلمح من بين فقراته المواضيع التالية :

١ ـ يوجه الدعاء الداعي بعد القسم على الله بصفاته ، وأسمائه أن ينسق طلبه ، ويحدده على نحو الأهم ، فالأهم ، ولذلك وقبل كل شيء يرى ضرورة تقدمه بطلب غفران الذنوب ، والتجاوز عن معاصيه.

٢ ـ أن الذنوب كما لها مخلفات أخروية من إستحقاق كذلك لها آثار وضعية تتحقق في هذه الدنيا من تعجيل بلاء ، أو تغير نعمة ، أو حبس دعاء ، وهكذا.

٣ ـ التدرج الدعائي في الطلب من الأقل الى الأكثر ، فبينما نرى الداعي يبدأ بطلب المغفرة للذنوب التي تغير النعم مثلاً ، أو غيرها من الذنوب التي تسبب بعض الأمور الخارجية نرى الداعي يترقى ليطلب من ربه أن يغفر له كل ذنب أذنبه ، وكل خطيئة صدرت منه.

وهذا ما نستوضحه عند شرحنا لفقرات الدعاء بالخصوص ، وأن هذا الأسلوب له أثره الخاص في جلب رضا الخالق ، والوصول من وراء ذلك الى الغاية المنشودة له من العفو عما صدر منه مطلقاً.

٤ ـ موضوع الشفاعة : حيث يتقدم الداعي بجعل وبسيط بينه ، وبين خالقه ليتشفع له في تحصيل ما يريده منه ، وتحقيق ما يطلبه منه.

ومن الإِجمال في عرض هذه المطالب المذكورة الى التفصيل :

١٢٢

«اللهم إغفر لي الذنوب التي تهتك العصم»

غفر الشيء : ستره ، والذنوب : جمع ذنب وهو الجرم ، والإِثم.

والعصم : من العصمة ، وهي المنعة. وإعتصمت بالله اذا إمتنعت بلطفه عن المعصية وعصمة الله عبده إذا منعه مما يوبقه(١) .

وفي الحديث : «ما إعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي إلا قطعت أسباب السماوات من بين يديه وأسخت الأرض من تحته»(٢) .

وقد يدرج الداعي من أول الدعاء يتوسل الى ربه ، ويقسم عليه برحمته ، وبقوته ، وهكذا بصفاته ، وأسمائه ، ولكن من هذه الفقرة من دعائه بدء ببيان المقسم ، وهو الشيء الذي كان التوسل ، والقسم لأجله. لذلك يبدو لنا واضحاً التناسق والإِرتباط بين فقرات الدعاء السابقة ، وما بدأ به من الفقرات الآتية «اللهم اغفر لي الذنوب التي تهتك العصم».

وقد تضمنت هذه الجملة التماس العبد من ربه غفران الذنوب التي تهتك العصم أي الذنوب التي تكون سبباً في زوال مناعة العبد من الوقوع في الموبقات ، والرذائل.

إن التعبير الدعائي بالذنوب اليت تهتك العصم يعطينا فكرة واضحة عن لطف الله في منح الإِنسان المناعتين المعنوية ، والجسمية

__________________

(١) أقرب الموارد : مادة (عصم).

(٢) مجمع البحرين مادة (عصم).

١٢٣

فالبدن الصحيح له المناعة الكافية عن تلقي الأمراض التي تخز به وتكون سبباً في علته ، أو هلاكه ، ومتى حافظ الإِنسان على الارشادات الصحية كانت مناعته البدنية كافية لصد الأمراض. أما لو خالف ، وأهمل صحته ، فان ذلك معناه عدم مقاومة الجسم لصد أي مرض ، وهجومها عليه ونتيجة ضعف المناعة ، وانعدامها.

وهذا الإِنسان نفسه كما أودعه الله في أصل تكوينه المناعة الجسمية كذلك أودعه المناعة من الوقوع في الموبقات ، والرذائل ، والتي تكون سبباً في هلاكه أخروياً من لطف الله ، وجنته ومن ثم دخوله النار.

هذه المناعة أودعها الله عباده بمنحهم جوهرة العقل ، وهداهم النجدين(١) حيث أبان لهم طريق الخير كما أوضح لهم طريق الشر فإن أعمل الإِنسان عقله ، وامتثل أوامر ربه ، واجتنب نواهيه كان ذلك الإِنسان معصوماً ، وممنوعاً من الوقوع في كل ما يوصله الى العقاب الأخروي.

أما لو خالف ما يمليه العقل عليه من التزام طريق الهداية ، وركب هواه ، وارتكب الذنوب فإن هذا الإِنسان تنعدم عنده المناعة من الوقوع في الرذائل وطبيعي أن تكون نتيجة هذا الإِنسان اليأس ، وانه :( خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ) (٢) .

أما الذنوب التي تهتك ال عصم ، وتكون سبباً في زوال المناعة المعنوية ، فهي كما عن الإِمام الصادق «عليه السلام» :

__________________

(١) كما جاء في الآية الكريمة( وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ) البلد آية (١٠).

(٢) سورة الحج : آية (١١).

١٢٤

«شرب الخمر واللعب ، والقمار ، وفعل ما يضحك الناس من المزاح ، واللهو ، وذكر عيوب الناس ، ومجالسة أهل الريب»(١) .

ولا بد لنا من التنبيه ونحن أمام هذه الفقرات التي بدأ الداعي فيها طلب غفران الذنوب التي تهتك العصم ، أو تنزل النقم ، أو تغير النعم وغيرها مما سيأتي ذكرها ، فإن الأخبار الكريمة ذكرت تلك الذنوب وعددتها ولكنها ليست أسباباً حقيقية في إيجاد مسبباتها من هتك العصم ، أو إنزال النقم ، بل في الحقيقة إنها مقتضيات لحصول تلك الأمور ـ وعلى سبيل المثال ـ فإن اللعب بالقمار يكون مقتضٍ لزوال مناعة الإِنسان من وقوعه في المحرمات ، والموبقات ، ولكن ـ في نفس الوقت ـ قد لا تترتب على هذا المقتضي النتائج التي ذكرت لها اذا حصل المانع من التأثير ، والمغفرة تأتي في مقدمة ما يمنع من تأثير هذه المقتضيات ، وهكذا الصدقة ، وما شاكل مما يقف في طريق تأثير المقتضي ، وترتيب آثاره.

«اللهم اغفر لي الذنوب التي تنزل النقم»

والنقم : جمع نقمة ، وهي العقوبة. وكما التمس الداعي في الفقرة السابقة أن يغفر الله له الذنوب التي تهتك العصم كذلك تضرع اليه أن يغفر له الذنوب التي تنزل العقوبة بحسب طبعها الأولي الاقتضائي.

أما تلك الذنوب فهي : كما جاء عن الإِمام الصادق «عليه السلام».

__________________ ـ

(١) مجمع البحرين : مادة (عصم).

١٢٥

«نقض العهد ، وظهور الفاحشة ، وشيوع الكذب ، والحكم بغير ما أنزل الله ، ومنع الزكاة ، وتطفيف الكيل قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خمس بخمس قالوا : يا رسول الله ما خمس بخمس؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم : ما نقض قوم العهد إلا وسلط الله عليهم عدوهم ، وما ظهرت عنهم الفاحشة إلا وقد فشا فيهم الموت ، وما شاع فيهم الكذب ، والحكم بغير ما انزل الله إلا وقد فشا فيهم الفقر ، وما منعوا الزكاة الا حبس عنهم القطر ، وما طففوا الكيل الا منعوا النبات ، واخذوا بالسنين»(١) .

وقد يقال : لماذا كانت هذه الذنوب بالخصوص تنزل العقوبة والذنوب كلها من هذه الجهة على حد سواء من ناحية الجرأة على المولى وانتهاك حرمته المقدسة بمخالفته أوامره وعدم إجتناب نواهيه؟

والجواب عن ذلك : بأن هذه الذنوب التي مر ذكرها لو تأملناها رأينا مفاسدها تضر بالمجتمع ، وتنخر بكيانه ، أو لا أقل أن يقال : أنها من حيث المجموع تتفشى تضعضع كيان المجتمع المتطامن ، وتجر أبناءه الى الويلات ، والهبوط في مهاوي الرذيلة.

ان بعض هذه الذنوب يكفي لإِفساد مجتمع بكامله فكيف بمجموعها؟

واي مجتمع يرجى منه الخير ، وأبناؤه ينقضون العهد ليسببوا بذلك عدم التزام بأمورهم التجارية ، والإِجتماعية فتشيع الفوضى بينهم ، ولذلك يسلط الله عليهم عدوهم كما أخبر عن ذلك النبي

__________________

(١) شرح دعاء كميل للسبزواري ٦٣ طبع إيران حجر.

١٢٦

صلى الله عليه وآله وسلم فيما تقدم من الحديث. وهكذا لو ظهرت الفاحشة فيما بينهم. ومن الفاحشة الزنى. ولا نحتاج الى بيان ما للزنى من العواقب الوخيمة فلقد كتب في ذلك الكثير ، وبينوا المضار المترتبة على هذه العملية ، وغيرها من الجرائم المذكورة في الحديث. فليس من المستبعد أن يكون حصول هذه الخصال الرديئة ، وإنتشارها موجباً لنزول البلاء ، وتعجيل العقوبة من باب الوقوف أمام تيار هذه الرذائل ، ومدى ما تخلفه من آثار تستوجب مثل هذا القمع الفوري لما في التأخير من عواقب وخيمة إجتماعية.

وقد أخبر القرآن الكريم عن مثل هذا الاجراء الفوري في بعض القضايا المماثلة بقوله تعالى :

( فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ) (١)

ولسنا في صدد بيان ما جريات وقائع الآية الكريمة من بيان ما بدله أولئك الذين ظلموا (وهم بنو اسرائيل) من مخالفة ما قيل لهم.

بل غرضنا من الإِستشهاد هو أن أولئك القوم حيث لم يلتزموا بما أمروا به ، وبدلوا ما أريد منهم ، لذلك كان جزاؤهم الفوري هو نزول العذاب عليهم كإجراء معاكس إستدعته المشيئة الإِلهية طبقاً للصالح العام ، والمصلحة الإِجتماعية.

__________________

(١) سورة البقرة : آية (٥٩).

١٢٧

«اللهم إغفر لي الذنوب التي تغير النعم»

النعم : جمع نعمة ، وهي ما تفضل الله على عبده من الرزق ، والعافية والسلامة ، وما الى ذلك من ألطافه التي منحها للمخلوقين.

ويقول اللغويون : أن نعمة الله ما أعطاه الله العبد مما لا يتمنى غيره أن يعطيه إياه»(١) .

أما الذنوب التي تغير النعم فهي كما جاء عن الإِمام الصادق «عليه السلام» :

«ترك شكر النعم ، الإِفتراء على الله ، والرسول ، قطع صلة الرحم ، تأخير الصلاة عن أوقاتها ، الدياثة ، وترك إغاثة الملهوفين المستغيثين ، وترك إعانة المظلومين»(٢) .

ولماذا لا تغير هذه الذنوب النعم التي من الله بها على عباده فشكر المنعم واجب عقلاً ، ولأن عدم شكره متوعد عليه بنص الآية الكريمة في قوله تعالى :( لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ) (٣) .

«والكفر بنعمة الله يكون بعدم شكرها أو بإنكار أن الله وهبها ونسبتها الى العلم ، والخبرة ، والكد الشخصي ، والسعي. كأن هذه الطاقات ليست نعمة من نعم الله ، والعذاب الشديد قد يتضمن محق النعمة عيناً بذهابها ، أو سحق آثارها في الشعور فكم من نعمة تكون بذاتها نقمة يشقى بها صاحبها ، وقد يكون عذاباً مؤجلاً الى اجله في

__________________

(١) أقرب الموارد : مادة (نعم).

(٢) شرح دعاء كميل للسبزواري (٦٤).

(٣) سورة إبراهيم : آية (٧).

١٢٨

الدنيا ، أو في الآخرة كما يشاء الله ، ولكنه واقع لأن الكفر بنعمة الله لا يمضي بلا جزاء»(١) .

«وقطع صلة الرحم قال فيها الإِماام أبو جعفر الباقر «عليه السلام» وان اليمين الكاذبة ، وقطيعة الرحم لتذران الديار بلاقع من أهلها»(٢) .

والبلقع في اللغة : هي الأرض القفر.

وليتصور الإِنسان بيته ، وهو يرفل بالنعم التي انعم الله بها عليه من كل جوانبه ، وإذا به بعد قطع رحمه قفر من كل شيء كما يقول الإِمام «عليه السلام» لذلك نرى الإِمام «عليه السلام» في هذه الجملة يلتمس من ربه أن يغفر له الذنوب التي تمحق النعم لتبقى نعمه تعالى عليه متواصلة ، ولئلا يكون محروماً من فيض لطفه الكريم.

«اللهم إغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء»

ولماذا ، وكيف تحبس هذه الذنوب الدعاء ، وتمنعه من التأثير في الإِجابة مع صدوره من قلب ، ولربما في زمانٍ له حرمته ، أو في مكان له قدسيته ، وبعد كل هذا وذاك فإنه سبحانه قريب ، وقريب ، وفوق كل ذلك يجيب دعوة من دعاه؟

وللإِجابة على هذه التساؤلات نقول :

ان معنى الدعاء هو : المناجاة مع الله ، وهو تعبير عن حالة العبد

__________________

(١) في ظلال القرآن في تفسيره لآية (٧) من سورة إبراهيم.

(٢) جامع السعادات : ٢ / ٢٥٨ / مطبعة النجف.

١٢٩

النفسية ، وما هو عليه من الالتجاء ، والتضرع الى خالقه ليتجاوز عن آثامه وخطاياه ، أو هو في حالة التماس يطلب من ربه ما يريد من توفير نعمة ، أو دفع بلاء ، أو ما شاكل من تمنيات مشروعة. وهو في كل هذه الحالات يتجه الى ربٍ مطلعٍ على خفايا الأمور ، ويعلم ما تنطوي عليه السرائر ـ فإذا فرضنا والحالة هذه ـ أن العبد الداعي يقف بين يدي ربه ، وهو يتسم بخبث السريرة ، وسوء النية ، فأي صفاء يجده في قلبه وهو يدعو بلسانه؟ اليس ذلك مجرد لقلقة لسان ، وصدور الفاظ لا تنبعث عن قلب ملهوف؟

إن الإِمام أبو جعفر الباقر «عليه السلام» يحدثنا ليلفت أنظارنا الى مثل هذه القلوب العفنة فيقول :

«ما من عبد مؤمن الا وفي قلبه نكتة بيضاء ، فإذا أذنب ذنباً خرج في تلك النكتة سوداء ، فإذا تاب ذهب ذلك السواد واذا تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتى يغطي البياض ، ولم يرجع صاحبه الى خير أبداً ، وهو قول الله تعالى :( بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) (١) .

والرين : هو الحجاب الكثيف ، والمراد به هنا : حجاب الذنوب ، والآثام وهذه النكت السوداء في القلب ـ كما يقول عنها الحديث ـ ما هي إلا خلفيات هذه الذنوب ، وما تستوجبه من قساوة القلب ، واذا بها حجب متراكمة تظلم القلب ، وتمنع من وصول النور الإِلهي اليه.

__________________

(١) مجمع البحرين : مادة (رون) وفيه ذكر الحديث ، وقد تعرضت له مصادر الحديث من الصحاح الستة باختلاف لفظي بسيط.

١٣٠

«وخير الدعاء ما صدر عن قلب نقي ، وقلبٍ تقي»(١) .

كما جاء في حديث آخر.

ومع سوء النية ، وخبث السريرة كيف يحافظ الداعي على صدر نقي من كل شائبة ، وقلب تقي سليم من الحواجب المظلمة؟

لذلك نرى أمثال هؤلاء الدعاة هم المعنيون بقول الإِماام أمير المؤمنين «عليه السلام» «ثم تدعون فلا يستجاب»(٢) .

وقبل أن ننتقل من هذه الفقرة لا بد لنا من الإِجابة على ما يرد عليها من الإِشكال التالي :

ان الداعي بهذه الفقرة يطلب من ربه أن يغفر له الذنوب التي تحبس الدعاء ، ومع وجود تلك الذنوب ، وفرض محبوسية الدعاء عن الإِجابة ، فإن الدعاء في هذه الصورة أيضاً يكون محبوساً فلا يؤثر أثره فلماذا اذاً يدعو بها ، ويردد «اللهم اغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء».

والجواب عن ذلك : أنا سبق وأن بينا بأن هذه الذنوب ليست أسباباً حقيقية لايجاد مسبباتها ، بل هي من باب المقتضي لترتب الأثر عليها فلم يثبت أن وجود سوء النية ، والذي ذكر أنه يحبس الدعاء هو الذي اذا وجد عند الإِنسان حبس دعاءه وأعرض الله عن سماع كل دعوة له ـ بل كما قلنا ـ أن ذلك مقتضي لهذا الأثر ، واذا ثبت ذلك

__________________

(١) أصول الكافي : باب (ان الدعاء سلاح المؤمن) حديث ـ

(٢) نهج البلاغة من وصية له «عليه السلام» للحسن والحسين «عليهما السلام» لما ضربه ابن ملجم (لعنه الله).

١٣١

فاحتمال ان دعوة الداعي بهذه الفقرة ليست محبوسة قوي لإِحتمال وجود ما يمنع من تأثير ذلك المقتضي لو كان قد صدر منه ذنب من تلك الذنوب كسوء النية ، وخبث السريرة ، والنفاق مع الإِخوان ، وغير ذلك مما جاء في الخبر المتقدم.

«اللهم اغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء»

والبلاء : هو الغم. أما الذنوب التي تكون سبباً في نزول البلاء وتورث الغم ، والتي يتوسل الداعي ان يغفرها الله له ، فهي كما جاء عن الإِمام زين العابدين «عليه السلام».

«ترك إغاثة الملهوفين ، وترك معاونة المظلوم ، وتضييع الامر بالمعروف والنهي عن المنكر»(١) .

وفي بعض الأخبار انها سبع : «الشرك باالله ، وقتل النفس التي حرم الله تعالى ، وقذف المحصنة ، وأكل مال اليتيم ظلماً ، والزنا ، والفرار من الزحف ، والسرقة» (٢).

ولا ينافي أن تكون بعض الذنوب تشترك في التأثير فهي ـ مثلاً ـ كما تكون سبباً في نزول النقم ، كذلك تكون سبباً في نزول البلاء. وذلك يعود الى عظم الجرائم حيث تكون مؤثرة بتأثيرين ، أو اكثر تبعاً لما تخلفه من آثار اجتماعية سيئة.

__________________

(١) أسرار العارفين : ٤٢.

(٢) السبزواري في شرح دعاء كميل : ٦٩.

١٣٢

«اللهم اغفر لي الذنوب التي تقطع الرجاء» (١)

والرجاء : هو الأمل. ورجاه يرجوه رجواً أمل به(٢) .

والذنوب التي تقطع الرجاء هي التي عددها الإِمام «عليه السلام» بقوله : «اليأس من روح الله ، والقنوط من رحمة الله ، والثقة بغير الله والتكذيب بوعيد الله».

ان هذه الذنوب بطبيعتها تجل العبد بعيداً عن ربه ، وتقطع ذلك الاتصال النفسي بين العبد ، وخالقه ، وعندها يكون مثل هذا الشخص مصداقاً للآية الكريمة :( وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ) (٣) .

والضلال : ضد الهدى ؛ والمعنى الذي يقصده الداعي بطلب غفران مثل هذه الذنوب هو أن يجنبه الله عنها لئلا يكون ضالاً ، وبعيداً عن ساحة لطفه بإنقطاع رجائه من عفوه ، وكرمه ، فإن القلب المفعم بالإِيمان لا ييأس ، ولا يقنط من رحمته سبحانه معما عظم ذنبه وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم :

__________________

(١) هذه الفقرة من الدعاء لم توجد في كثير من كتب الدعاء وقد تعرض لها بعض الشراح فأثبتوها في الدعاء ولعلهم اخذوا ذلك من كتاب (المصباح) لتقي الدين ابراهيم بن علي العاملي الكفعمي ، وهو من مصادر كتب الدعاء عند الإِمامية ، وقد تعرضنا لها تبعاً لمن تقدم ليؤتى بها على سبيل الرجاء.

(٢) أقرب الموارد : مادة (رجو).

(٣) سورة الحجر : آية (٥٦).

١٣٣

«والذي لا إله الا هو ما أعطي مؤمن قط خير الدنيا ، والآخرة إلا بحسن ظنه بالله ، ورجائه له ، وحسن خلقه ، والكف عن إغتياب المؤمنين ، والذي لا إله الا هو لا يعذب الله مؤمناً بعد التوبة ، والاستغفار إلا بسوء ظنه بالله ، وتقصيره من رجائه ، وسوء خلقه ، واغتيابه للمؤمنين. والذي لا إله الا هو لا يحسن ظن عبد مؤمن بالله إلا كان الله عند ظن عبده المؤمن لأن الله كريم بيده الخيرات يستحي أن يكون عبده المؤمن قد أحسن الظن به ، ثم يخلف ظنه ، ورجاؤه فاحسنوا بالله الظن ، وارغبوا اليه»(١) .

ومن هذا الحديث يتضح لنا ما للرجاء بالله من الأهمية في حياة العبد ، وبعد انتقاله الى الآخرة ، وعدم القنوط ، واليأس من رحمته الواسعة.

فلا غرو اذا رأينا الإِمام عليه السلام يعلمنا كيف يجب ان يلتمس الداعي من ربه ان يغفر له تلك الذنوب التي تكون السبب في انقطاع العلقة بين المولى وعبده؟ «إن الله يغفر الذنوب جميعاً».

«اللهم اغفر لي كل ذنب أذنبته»

وهكذا يذهب الداعي برجائه الى أقصى حد ويلتفت الى أنه يمثل بين يدي ربٍ كريمٍ جاء في كرمه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال يوماً : يا كريم العفو فقال له جبرئيل : أتدري ما تفسير يا كريم العفو؟ هو أنه يعفو عن السيئات برحمته ثم يبدلها حسنات

__________________

(١) أصول الكافي : باب حسن الظن بالله / حديث / ٢.

١٣٤

بكرمه»(١) .

فلماذا إضاً يقتصر الداعي في دعائه على طلب المغفرة لبعض الذنوب كالتي تهتك العصم ، أو كالتي تنزل النقم ، أو التي تحبس الدعاء؟ فهل هو بدعائه ، وطلبه يتوجه الى بشر مثله محدود العواطف ليضيق ذرعاً بما يريد منه؟

لا : ولك أن تكرر النفي الى ما لا نهاية ، فإن الداعي يتوجه بطلبه الى ربٍ عطوف يريد منه أن يتفضل عليه ، فيغفر عليه ، فيغفر له كل ذنب أذنبه ، وكل إثم صدر منه ، وهو ـ في الوقت نفسه ـ لم يذهب بعيداً بهذه الأمنيات ، فعوامل الرجاء تدفعه الى الاستزادة من هذا الفيض ما دامت الآيات الكريمة تبشر المذنبين قائلة :( إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ) (٢) .

( إِنَّ اللَّـهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ) (٣) .

وتترقى آية أخرى فتتحدى جميع البشر فتقول :

( وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّـهُ ) (٤) .

واذا كان هو مصدر الغفران فقط وهو كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «والذي نفسي بيده الله أرحم بعبده المؤمن من الوالدة الشفيقة بولدها»(٥) .

__________________

(١) جامع السعادات : ١ / ٢٥١ الطبعة الثالثة / مطبعة النجف وهكذا جاء في إحياء العلوم للغزالي : ٤ / ١٢٩ باختلاف بسيط.

(٢) سورة الزمر : آية (٥٣).

(٣) سورة النساء : آية (٤٨).

(٤) سورة آل عمران : آية (١٣٥).

(٥) جامع السعادات : ١ (٢٥١).

١٣٥

إذاً فليذهب بالعبد رجاؤه الى مدارج السمو وليلتمس من ربه ان يغفر له كل ذنب أذنبه ففي رحاب الله يجد ذلك المسكين أمانيه تتحقق فقد ورد في الحديث :

«ان العبد اذا أذنب فاستغفر يقول الله لملائكته أنظروا الى عبدي أذنب ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنوب ، ويأخذ بالذنب إشهدوا اني قد غفرت له»(١) .

«وكل خطيئة أخطأتها»

والخطيئة : هي الذنب المتعمد ، وقيل إنها الذنب أعم من الإِثم لأن الإِثم لا يكون إلا من عمدٍ ، وهي قد تكون لا عن عمد(٢) .

والتناسق الدعائي يقضي أن يكون المراد بها في هذه الجملة هو : المعنى الثاني لأن الروعة الدعائية تظهر على هذا التفسير فإن الداعي بعد أن تدرج في الالتماس يطلب أن يغفر له الذنب الفلاني ، والذنب الموصوف بكذا. بعد كل هذا أضرب ، وجاء يلتمس أن يغفر له كل ذنب أذنبه ، وطبيعي أن الذنب هو الجرم الذي يصدر عن عمدٍ ، ولكنه حيث وجد من عطف ربه ، وكرمه ما شهد له بانه : يغفر الذنوب جميعاً عدا الشرك به فلماذا لا يذهب الى آخر الشوط ، فيلتمس من ربه أن يتجاوز عن كل ما صدر منه ولو كان ذلك عن غير عمدٍ وهو المسمى (بالخطيئة)؟ فهو يريد أن يفتح صفحة جديدة ليعود كيومٍ ولدته أمه خلواً من كل ذنب جرماً كان ذلك الذنب ، أو

__________________

(١) جامع السعادات : ١ / ٢٥١ الطبعة الثالثة.

(٢) أقرب الموارد ، والقاموس ، وغيرهما : مادة (خطأ).

١٣٦

خطيئة ليرى حلاوة الإِجابة تتمثل له بعد أن ورد في الحديث القدسي «إنما خلقت الخلق ليربحوا علي ، ولم أخلقهم لأربح عليهم»(١) .

كلا : وحاشا له أن يساوم عليهم ، ويربح من وراء عبادتهم ، بل هو منبع الحنو والرقة ، يعاملهم بالحسنى ، وان كانت الذنوب قد سودت وجوههم.

ان كان لا يرجوك الا محسن

فبمن يلوذ ويستجير ـ المجرم

«اللهم اني اتقرب اليك بذكرك»

والمقصود بالتقرب ، هو القرب المعنوي ، لا المكاني لاستحالة ذلك بالنسبة اليه تعالى لإِستلزام التقرب المكاني الى تحديده بالمكان. وتعالى الله عن ذلك سبحانه.

أما الذكر ، فالمراد منه هو الإِتصال بالله ن طريق استحضار اسمائه ، وصفاته المقدسة في قلب الداعي ، على لسانه.

وبهذه الفقرة من الدعاء يكون الداعي قد ختم دور الإِلحاح والالتماس لطلب المغفرة ليبدأ بدور جديد ، وينزل بروحه الى عالم الحياة ، وهي خفيفة نظيفة ليباشر حياته من جديد وعلى أسس جديدة ، وطريقة جديدة مؤكداً بان ما سبق منه من هذا الطلب ، والإِلتماس لم يكن فقط لمجرد التجاوز عن ذنوبه فلرب داعٍ لم يتقرف في حياته من ذلك شيئاً كالأنبياء والأئمة الاطهار ، والصالحين من البشر ، ومع ذلك فهم يلحون في الدعاء ، ويلتمسون المغفرة ، ويقضون الوقت في المناجاة باكين خاشعين ، بل لبيان أن مع الإِلتماس

__________________

(١) جامع السعادات : ١ (٢٥١).

١٣٧

تقرب ، وفي التقرب تأكيد على الإِتصال الحقيقي به سبحانه وتعالى ، على الصعيدين ، الداخلي والخارجي.

الداخلي : حيث يتمثل بما ينطوي عليه القلب من استحضار الله ، وعدم الغفلة عنه.

أما الخارجي : فبأداء كل ما أمر به تعالى ، والاجتناب عما نهى عنه.

وبذلك نرجع الى الدعاء ليعلمنا بأننا يجب ان نعتمد : في الطريقة الجديدة للحياة التي يرضاها لنا الله أن نكون قريبين منه بذكره المتواصل في كل لحظة ، وفي كل عمل نقوم به من أعمالنا ونراقبه في السراء ، والضراء ، وفي كل صغيرة ، وكبيرة ، وبذلك نضمن قربنا منه ، وبعدنا عن الذنوب.

وقد اعطى القرآن الكريم صورة حية لأولئك المقربين منه بقوله تعالى :( رجال لا تلهيهم تجارة أو بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار ) (١) . قلوب حية عطرة منطوية على حب الله ، والقرب منه.

وألنسة رطبة بذكره جلّت قدرته تسبحه ، وتقدسه ، وتذكر نعماءه ، وآلاءه بحيث لا تلهيهم الدنيا بما فيها من تجارة ، وربح وحصول المال ، وما يستتبع ذلك من سعة في الملاذ الدنيوية.

«وأستشفع بك الى نفسك»

والداعي بشر ومهما كان فان من الغرائز البشرية الخوف. أما

١٣٨

الشجاعة واللامبالاة ، فانهما عارضان عليه نتيجة تطبعه ، وإقدامه. واستجابة لنداء الغريزة المذكورة نرى الداعي مهما كررت الآيات الكريمة تنبيء عن غفران الله ، وعفوه ، وأنه يغفر الذنوب جميعاً ، ومع الآيات التي تؤكد على عدم اليأس من روح الله ، ورحمته نقول : مع كل ذلك فهو يستعظم جرمه ، ويستكبر ذنبه ، ويخشى أن لا يستجيب الله لصارخ ندائاته المتعاقبة.

لذلك ، وبدافع من طبيعة الخائف النفسية يبدأ بالبحث عن الشفيع الذي يجعله الواسطة بينه ، وبين ربه. والشفاعة أمر يستسيغه ، ويقويه العرف لتأمين ما يتطلبه الإِنسان من قضاء حوائجه.

ولكن : يا ترى من هو ذلك الشفيع الذي يقبله الله ليتشفع في أمر عبده الخائف؟

ان عظم الذنب يتجسم أمام الداعي ، فيصور له رفض كل شفيع في حقه مهما كانت منزلته ، ومهما كانت رحمة الله واسعة.

وتبدد حيرة الداعي بقية أملٍ تلوح له باللجوء الى مصدر الخوف وهو الله سبحانه ، فهو الخصم ، وهو ـ في الوقت نفسه ـ الحكم ، وهو الأول ، والآخر.

ويأتي التعبير متناسقاً عند ما نرى الداعي يتضرع وهو يقول :

«واستشفع بك الى نفسك»

وكما كان الإِمام زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام يناجي ربه وهو يقول : «وانا يا سيدي عائذ بفضلك هارب منك اليك»(١) . وحري بالله جلّت عظمته أن لا يرد عن ساحة لطفه عبداً

__________________

(١) من دعاء الامام «عليه السلام» المروي عن أبي حمزة الثمالي.

١٣٩

التجأ اليه تائباً.

إلهي كيف تطرد مسكيناً التجأ اليك من الذنوب هارباً؟

أم كيف تخيب مسترشداً قصد الى جنابك ساعياً؟

ام كيف ترد ضمآناً ورد الى حياضك شارباً؟

كلا وحياضك مترعة في ظنك المحول ، وبابك مفتوح للطلب والوغول ، وأنت غاية المسؤول ، ونهاية المأمول(١) .

«واسئلك بجودك»

الجود : بمعنى السخاء ، وهو بمعنى الكرم ، وقيل : الجواد الذي لا يبخل بعطائه ، وهو من أسماء الله(٢) .

والقسم جاء في هذه الفقرة بصفة محببة للمسؤول وهو الله فإنه يحب الكرم ، ويثيب عليه ، والمورد يستدعي ذلك فإن الداعي يريد من الله ، ويطلب منه. ولا بد ، والحالة هذه من التضرع اليه بما عرف به من الجود ، والسخاء.

«أن تدنيني من قربك»

وترتبط هذه الفقرة من الدعاء بالفقرة السابقة من الدعاء من قوله :

«اللهم اني اتقرب اليك بذكرك»

فالقرب من الله حقيقة تتوقف على جهتين :

__________________

(١) فقرات من دعاء الصباح الذي كان يدعو به الامام علي بن أبي طالب «عليه السلام».

(٢) مجمع البحرين : مادة (جود).

١٤٠

وَجِلٌ مشفقٌ حتّى أرجع خَوفاً من السّلطان والسُّعاة وأصحاب المَسالِح (١) ، فقال: ياابن بُكير أما تحبّ أن يَراك الله فينا خائفاً؟ أما تعلم أنّه مَن خاف لخوفنا أظلَّه الله في ظلِّ عرشه، وكان محدِّثه الحسينعليه‌السلام تحت العرش، وآمنه الله مِن أفزاع يوم القيامة، يفزع النّاس ولا يفزع، فإن فزع وَقّرَته الملائكة وسَكنتْ قلبه بالبِشارة ».

٣ - حدّثني حكيم بن داودَ بن حَكيم السَّرَّاج، عن سَلَمة بن الخطّاب، عن موسى بن عُمَرَ، عن حَسّان البصريّ(٢) ، عن معاوية بن وَهْب، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قال: يا مُعاوية لا تَدَع زيارة قبر الحسينعليه‌السلام لخوفٍ، فإنَّ مَن تركه رأى مِن الحسرة ما يتمنّى أنّ قبره كان عنده، أما تحبّ أن يرى الله شخصك وسَوادك فيمن يدعو له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليٌّ وفاطمة والأئمّةعليهم‌السلام ؟ أما تحبُّ أن تكون ممّن ينقلب بالمغفرة لما مضى ويفغر له ذنوب سَبعين سَنَة؟ أما تحبّ أن تكون ممن يخرج مِن الدُّنيا وليس عليه ذنب يتبع به؟ أما تحبّ أن تكون غداً ممّن يصافِحُه رَسولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ ».

٤ - حدّثني عليُّ بن الحسينرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن إسماعيلَ بن بزيع، عن الخيبريِّ، عن يونسَ بن ظَبيان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قلت له: جعلت فداك زيارة قبر الحسينعليه‌السلام في حال التّقيّة؟ قال: إذا أتيت الفرات فاغتسل ثمَّ ألبس أثوابَك الطّاهرة(٣) ثمّ تمرَّ بإزاء القبر وقل: « صَلّى اللهُ عَلَيكَ يا أبا عَبْدِاللهِ، صَلّى اللهُ عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِالله، صَلّى الله عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِاللهِ »، فقد تمّت زيارتك ».

٥ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أبيه، عن عليِّ بن

__________________

١ - السّعاة جمع ساعي وهو عامل الصَّدقات والوالي. والمسالح جمع مَسْلحة - بفتح الميم - وهي الحدود والثّغور الّتي يرتّب فيها أصحاب السّلاح.

٢ - كذا في النّسخ، ومرّ هذا الحديث بسند آخر في الباب الأربعين، ولنا فيه كلام.

٣ - في بعض النّسخ: « ثوبيك الطّاهرين ».

١٤١

محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حمّاد البَصريّ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ قال: حدَّثنا مُدْلِج، عن محمّد بن مسلم - في حديث طويل - « قال: قال لي أبو جعفر محمّد بن عليٍّعليهما‌السلام : هل تأتي قبر الحسينعليه‌السلام ؟ قلت: نعم على خوفٍ ووَجلٍ، فقال: ما كان مِن هذا أشدّ، فالثّواب فيه على قدر الخوف، ومَن خاف في إتيانه أمن الله روعته يوم القيامة يوم يقوم النّاس لربِّ العالمين، وانصرف بالمغفرة، وسَلّمتْ عليه الملائكة وزاره النَّبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله ودعا له، وانقلب بنعمةٍ من الله وفَضْلٍ لم يمسَسْه سوءٌ واتّبع رَضوان الله - ثمَّ ذكر الحديث - ».

الباب السّادس والأربعون

( ثواب ما للرَّجل في نفقته إلى زيارة الحسين عليه السلام)

١ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حمّاد البصريِّ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ قال: حدَّثنا مُعاذ، عن أبان « قال: سمعته يقول: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : مَن أتى قبر أبي عبداللهعليه‌السلام فقد وَصَلَ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ووَصَلَنا وحرمتْ غيبتُه، وحرم لحمه على النّار، وأعطاه بكلِّ درهم أنفقه عشرة آلاف مدينة له في كتاب محفوظ(١) ، وكان الله له مِن وراء حوائجه، وحفظ في كلِّ ما خَلّف، ولم يسألِ الله شيئاً إلاّ أعطاه وأجابه فيه، إمّا أن يعجّله وإمّا أن يؤخّره له ».

وحدَّثني بذلك محمّد بن همّام بن سُهيلرحمه‌الله عن جعفر بن - محمّد بن مالك، عن محمّد بن إسماعيل، عن عبدالله بن حمّاد، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ، عن معاذ، عن أبان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام مثله.

__________________

١ - كذا في النّسخ، وما أدري ما المراد به، ولعلّ المعنى كتب الله له إنفاق أهالي عشرة آلاف مدينة مضبوطة في الكتاب، والله يعلم.

١٤٢

٢ - وحدّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حمّاد البصري ّ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصَمّ، عن الحسين(١) ، عن الحلبيّ، عن عبداللهعليه‌السلام - في حديث طويل - « قال: قلت: جُعلتُ فِداك ما تقول فيمن ترك زيارته وهو يقدر على ذلك؟ قال: أقول: إنّه قد عَقّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعقّنا واستخفّ بأمر هُوَ لَه(٢) ، ومَن زاره كان الله له من وراء حوائجه، وكفى ما أهمّه من أمر دنياه، وأنّه ليجلب الرّزق على العبد، ويخلف عليه ما أنفق ويغفر له ذنوب خمسين سنة، ويرجع إلى أهله وما عليه وِزْرٌ ولا خطيئةٌ إلاّ وقد مُحيتْ مِن صحيفته، فإن هلك في سفره نزلِت الملائكة فغسّلتْه، وفُتِحتْ له أبواب الجنّة(٣) ، ويدخل عليه رَوْحها حتّى ينشر، وإن سلم فتح له الباب الَّذي ينزل منه الرِّزق ويجعل له بكلِّ درهم أنفقه عَشَرَةَ آلاف دِرهم، وذُخِرَ ذلك له فإذا حُشِرَ قيل له: لك بكلِّ درهم عشرة آلاف دِرهم، وإنَّ الله نظر لك وذَخَرَها لك عنده ».

٣ - وبإسناده عن الأصمّ، عن هِشام بن سالم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « إنَّ رَجلاً أتاه فقال له: يا ابن رسول الله هل يُزار والدُك(٤) ؟ قال: فقال: نَعَم ويصلّى عنده، ويصلّى خلفه ولا يُتقدَّم عليه، قال: فما لمن أتاه؟ قال: الجنّة إن كان يأتمُّ به، قال: فما لمن تَرَكه رَغبة عنه؟ قال: الحَسْرَةُ يوم الحَسْرَة، قال: فما لمن أقام عنده؟ قال: كلّ يوم بألف شهر، قال: فما لِلمُنفق في خروجه إليه والمنفق عنده؟ قال: الدِّرهم بألف دِرهم - وذكر الحديث بطوله(٥) - ».

٤ - وبإسناده عن الأصَمّ، عن ابن سِنان « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : جُعلتُ فِداك إنَّ أباك كان يقول في الحجّ: يحسب له بكلِّ درهم أنفقه ألفُ دِرهم،

__________________

١ - كذا في النّسخ، والظاهر كونه تصحيف « حمّاد ».

٢ - أي هو نافع له، أو اللاّم بمعنى على، أي لازم عليه. ( البحار )

٣ - في نسخة: « وفتح له باب إلى الجنّة يدخل عليه رَوْحها » - بفتح الرّاء وسكون الواو - أي نسيمها.

٤ - المراد به الحسينعليه‌السلام .

٥ - مرّ الخبر في ص ١٣٢ تحت رقم ٢.

١٤٣

فما لمن يُنفق في المسير إلى أبيك الحسينعليه‌السلام ؟ فقال: يا ابن سِنان يُحْسَب له بالدّرهم ألفٌ وألف - حتّى عَدَّ عَشرَة -، ويرفع له من الدَّرجات مثلها، ورضا الله تعالى خيرٌ له، ودعاءُ محمّد ودعاءُ أمير المؤمنين والأئمّةعليهم‌السلام خَيرٌ له ».

٥ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن أحمدَ بن إدريسَ؛ ومحمّد بن يحيى العطّار، عن العَمْرَكي بن عليٍّ قال: حدّثنا يحيى - وكان في خدمة أبي جعفر الثّانيعليه‌السلام - عن عليٍّ، عن صَفوانَ الجمّال، عن أبي عبداللهعليه‌السلام - في حديث طويل - « قال: قلت: فما لن صَلّى عنده - يعني الحسينعليه‌السلام -؟ قال: مَن صلّى عنده رَكعتين لم يسألِ الله تعالى شيئاً إلاّ أعطاه إيّاه، فقلت: فما لمن اغتسل مِن ماء الفُرات ثمَّ أتاه؟ قال: إذا اغتسل مِن ماءِ الفرات وهو يريده تساقَطَتْ عنه خَطاياه كيوم وَلَدَتْهُ اُمُّه، قلت: فما لمن جَهّز إليه ولم يخرج لِعلّة؟ قال: يعطيهِ اللهُ بكلِّ دِرهم أنفقه مِن الحسنات مثل جَبل اُحُد ويخلف عليه أضعاف ما أنفق، ويصرف عنه من البلاء ممّا نَزَل فيدفع ويحفظ في ماله - وذكر الحديث بطوله(١) - ».

الباب السّابع والأربعون

( ما يكره اتّخاذه لزيارة الحسين بن عليٍّ عليهما السلام)

١ - حدَّثني أبي؛ وعليُّ بن الحسين؛ وجماعة مشايخيرحمهم‌الله عن سعد بن عبدالله بن أبي خَلَف، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن عليِّ بن الحكم - عن بعض أصحابنا - « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : بلغني أنَّ قوماً أرادوا الحسينعليه‌السلام (٢) حملوا معهم السُّفَر فيها الحَلاوى والأخبصة وأشباهها، لو زاروا قبورَ أحبّائهم ما حملوا معهم هذا ».

٢ - وحدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمد؛ وغيرهِ، عن سعد بن عبدالله، عن

__________________

١ - تقدّم الحديث بطوله بسندٍ آخر في ص ١٣٣ تحت رقم ٢.

٢ - أي زيارتهعليه‌السلام .

١٤٤

موسى بن عُمَرَ، عن صالِح بن السِّنديّ الجمّال، عن رَجل من أهل الرَّقَّة(١) فقال له: أبو المضا » قال: قال لي أبو عبداللهعليه‌السلام : تأتون قبرَ أبي عبداللهعليه‌السلام ؟ قلت: نَعَم، قال: أفتتّخذون لذلك سُفَراً(٢) ؟ قلت: نَعَم، فقال: أما لو أتيتم قبورَ آبائكم واُمّهاتكم لم تفعلوا ذلك، قال: قلت: أيُّ شيء نأكل؟ قال: الخبز واللّبن،

قال: وقال كِرام(٣) لأبي عبداللهعليه‌السلام : جعلت فداك إنّ قوماً يزورون قبرَ لحسينعليه‌السلام فيطيبون السُّفَر، قال: فقال لي أبو عبداللهعليه‌السلام : أما إنّهم لو زاروا قبورَ آبائهم ما فعلوا ذلك ».

٣ - حدَّثني حكيم بن داود، عن سَلَمة بن الخطّاب، عن أحمدَ بنِ محمّد(٤) ، عن عليِّ بن الحكم - عن بعض أصحابنا - « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : بلغني أنَّ قوماً إذا زاروا الحسين بن عليٍّ حَملوا معهم السُّفَر فيها الحَلاوى والأخبصة(٥) وأشباهها، لو زاروا قبور أحبّائهم ما حملوا ذلك ».

٤ - حدَّثني محمّد بن أحمدَ بن الحسين(٦) قال: حدَّثني الحسن بن عليِّ بن مَهزيار، عن أبيه، عن الحسن بن سعيد، عن زُرْعَةَ بن محمّد الحَضرَمي ّ، عن المفضّل بن عُمَر « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : تَزورونَ خيرٌ من أن لا تزورون، ولا تَزورونَ خيرٌ من أن تزورون(٧) ، قال: قلت: قَطعتَ ظهري، قال: تالله إنَّ أحدكم ليذهب إلى قبر أبيه كئيباً حَزيناً وتأتونه أنتم بالسُّفَر، كلاّ حتّى تأتونه شُعثاً غُبراً ».

__________________

١ - الرَّقَّة - بفتح أوّله وثانيه وتشديده -: مدينة مشهورة على الفرات. ( المعجم )

٢ - جمع السُّفْرة وهي طعام المسافر.

٣ - كِرام - بكسر الكاف وتخفيف الرّاء المهملة - لقب عبدالكريم بن عمرو الخثعمي. وما في بعض نسخ الكتاب: « ضرّام » و « خزّام » و « خرام » و « حزام » كلّهم تصحيف، والصواب ما أثبتناه.

٤ - المراد به أبو جعفر الأشعريّ.

٥ - الخبيص: الحلواء المخبوصة معروف.

٦ - هو الزّعفرانيّ العَسكريّ، يكنّى أبا عبدالرّحمن، روى عنه التّلعكبريّ، سمع منه سنة خمس وعشرين وثلاثمائة، وله منه إجازة.

٧ - كذا في جميع النّسخ.

١٤٥

الباب الثّامن والأربعون

( كيف يجب أن يكون زائرَ الحسين بن عليٍّ صلوات الله عليهما)

١ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سليمان، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حمّاد البصريِّ، عن عبد بن عبدالرَّحمن الأصَمّ قال: حدَّثنا مُدْلِج، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قلت له: إذا خرجنا إلى أبيك أفكنّا(١) في حجٍّ؟ قال: بلى، قلت فيلزمنا ما يلزم الحاجّ؟ قال: مِن ماذا؟ قلت: مِن الأشياء الّتي يلزم الحاجّ، قال يلزمك حسن الصَّحابة لمن يصحبك، ويَلْزِمُكَ قلَّة الكلام إلاّ بخير، ويَلْزِمُك كَثرة ذِكر الله، ويلْزِمُك نظافة الثِّياب، ويَلْزِمُكَ الغُسْل قبل أن تأتي الحائر، يلزِمُك الخشوعُ وكثرةُ الصَّلاةِ، والصّلاةُ على محمَّدٍ وآل محمَّد، ويَلْزِمُكَ التَّوقيرُ لأخذ ما ليس لك، ويَلْزِمُكَ أن تغضَّ بَصَرَك(٢) ، ويَلْزِمُكَ أن تَعودَ أهل الحاجة مِن إخوانك إذا رأيتَ مُنْقَطِعاً(٣) والمُواساة، ويَلْزِمُكَ التَّقيَّة الَّتي قمة دِينك بها(٤) ،

والورع عمّا نُهيتَ عنه والخصومة وكثرة الأيمان والجدال الَّذي فيه الأيمان فإذا فعلتَ ذلك تمَّ حَجُّك وعُمْرَتُك، واستوجبتَ مِن الَّذي طلبتَ ما عنك بنفقتك، واغترابك عن أهلك، ورغبتك فيما رغبت: أن تنصرف بالمغفرة والرَّحمة والرّضوان ».

٢ - حدَّثني محمّد بن أحمدَ بن الحسين، عن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار،

__________________

١ - في بعض النّسخ: « أفلسنا ».

٢ - غَضَّ بصرَه: منعه ممّا لا يحلّ له رؤيته.

٣ - أي الَّذي انقطع عن إدامة العمل بعدم النَّفقة أو بأيّ سببٍ.

٤ - القِوام - بالكسر -: نظام الأمر وعماده وملاكهُ الَّذي يقوم به.

١٤٦

أبيه، عن الحسن بن سعيد، عن زُرْعَةَ بنِ محمَّد الحضرَميّ، عن المفضَّل بن عُمَرَ « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : تزورون خيرٌ من أن لا تزورون، ولا تزورون خيرٌ من أن تزورون، قال: قلت: قطعتَ ظَهري، قال: تالله إنَّ أحدكم ليذهب إلى قبر أبيه كَئيباً حَزيناً، وتأتونه أنتم بالسُّفَر، كلاّ حتّى تأتونه شُعثاً غُبراً »(١) .

٣ - حدَّثني أبي؛ وأخي؛ وعليُّ بن الحسين؛ وغيرهمرحمهم‌الله عن سعد بن عبدالله بن أبي خَلَف، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى الأشعريّ، عن عليِّ بن الحكم - عن بعض أصحابنا - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إذا أردت زيارة الحسينعليه‌السلام فزره وأنتَ كَئيبٌ حَزين مَكروبٌ، شُعثاً مغبراً جائعاً عَطْشاناً، فإنَّ الحسين قُتِلَ حَزيناً مَكروباً شُعثاً مُغْبراً جائعاً عَطْشاناً، وسَلْه الحوائج وانصرف عنه، ولا تتّخِذْه وَطَناً ».

٤ - وبهذا الإسناد، عن سعد بن عبدالله، عن موسى بن عُمَرَ، عن صالح ابن السِّنديّ الجمّال - عمّن ذكره - عن كِرام(٢) بن عَمرو « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : الكرام! إذا أردت أنتَ قبر الحسينعليه‌السلام فزُرْه وأنت كئيبٌ حزين، شُعْث غُبر، فإنَّ الحسينعليه‌السلام قُتل وهو كئيبٌ(٣) حَزينٌ شُعثٌ، غُبْرٌ جائعٌ عَطْشانٌ ».

الباب التّاسع والأربعون

( ثواب مَن زار الحسين عليه السلام راكِباً أو ماشياً)

( ومُناجاة الله لزائره)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله؛ ومحمّد بن يحيى؛ وعبدالله بن جعفر الحميريّ؛ وأحمدَ بن إدريسَ جميعاً، عن الحسين بن عُبَيداللهِ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي عثمان، عن عبدالجبّار النَّهاونديّ

__________________

١ - تقدّم الخبر بعينه بالسّند والمتن في ص ١٤٠ تحت رقم ٤.

٢ - تقدّم أنّه عبدالملك.

٣ - الكَئِب والكَئيب: المنكسر مِن الحزن.

١٤٧

عن أبي سعيد، عن الحسين بن ثُوَيْرِ بن أبي فاخِتَةَ « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : يا حسين مَن خرج مِن منزله يريد زيارةَ قبر الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام إن كان ماشياً كتب الله له بكلِّ خُطْوةٍ حَسَنةً ومَحى عنه سَيّئة (١) ، حتّى إذا صارَ في الحائر كتبه اللهُ مِنَ المفلحين المُنجِحين، حتّى إذا قضى مَناسِكه كتبه الله مِن الفائزين، حتّى إذا أراد الانصراف أتاه ملكٌ فقال: إنَّ رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يُقرِؤك السَّلامَ ويقول لك: استأنفِ العَمَلَ فقد غُفِرَ لك ما مَضى ».

٢ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله؛ ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالِح بن عُقْبَة، عن بشير الدَّهّان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنَّ الرَّجل ليخرج إلى قبر الحسينعليه‌السلام ، فله إذا خرج مِن أهله بأوَّل خُظْوَةٍ مَغْفرةٌ لذنوبه، ثمَّ لم يزل يقدَّس بكلِّ خطوةٍ حتّى يأتيه، فإذا أتاه ناجاه الله تعالى فقال: عَبدي سَلْني اُعطِك؛ اُدْعُني اُجِبْك، اُطلب منّي اُعْطِك، سَلْني حاجةً أقضيها لك! قال: وقال أبو عبداللهعليه‌السلام : وحقٌّ على الله أن يعطي ما بذل ».

٣ - وبهذا الإسناد عن صالِح، عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنّ لله ملائكة موكِّلين بقبر الحسينعليه‌السلام ، فإذا همَّ الرَّجل بزيارته أعطاهم ذُنوبه، فإذا خَطا محوها، ثمَّ إذا خَطا ضاعَفُوا له حَسَناتِه، فما تزال حَسَناتُه تُضاعَف حتّى تُوجب له الجنَّةُ، ثمَّ اكتنفوه وقدَّسوه، وينادون ملائكة السَّماء أن قَدِّسوا زُوَّار حَبيبِ حبيب اللهِ، فإذا اغتسلوا ناداهم محمّدٌصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا وَفْدَ الله أبشِروا بمُرافقَتي في الجنَّة! ثمَّ ناداهم أميرُ المؤمنينَعليه‌السلام : أنا ضامِنٌ لِقَضاء حوائجكم ودَفْع البَلاء عنكم في الدُّنيا والآخرة! ثمَّ التقاهم النَّبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن أيمانِهم، وعن شَمائِلِهم حتّى ينصرفوا إلى أهاليهم ».

٤ - وحدّثني عليُّ بن الحسين بن موسى بن بابويه؛ وجماعةرحمهم‌الله

__________________

١ - كأنّ فيه سقطاً، وفي ثواب الأعمال للصّدوقرحمه‌الله : « وإن كان راكباً كتب الله له بكلّ حافر حسنة، وحطّ بها عنه سيّئة، حتّى إذا صار - إلخ ».

١٤٨

عن سعد بن عبدالله، عن الحسن بن عليِّ بن عبدالله بن المُغِيرة، عن العبّاس بن عامر، عن جابر المكفوف، عن أبي الصّامت (١) « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام وهو يقول: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام ماشياً كتب الله له بكلِّ خُطْوَةٍ ألفَ حسنة، ومحا عنه ألفَ سيّئة، ورفع له ألف دَرَجة، فإذا أتيت الفُرات فاغتسِل وعلِّق نَعلَيك وامشِ حافياً، وامش مَشي العبدِ الذَّليل، فإذا أتيتَ باب الحائر فكبّر أربعاً ثمَّ أمْشِ قليلاً، ثمّ كبّر أربعاً، ثمّ ائْتِ رَأسه فَقِف عليه فكبّر أربعاً وصلِّ عنده، واسألِ الله حاجتَك ».

٥ - حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالِح بن عُقْبة، عن عبدالله بن هِلال، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قلت له: جعلت فداك ما أدنى ما لزائر قبر الحسينعليه‌السلام ؟ فقال لي: يا عبدالله إنَّ أدنى ما يكون له أنّ الله يحفظه في نفسه وأهله حتّى يردَّه إلى أهله، فإذا كان يوم القيامة كان الله الحافظ له ».

٦ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمّد بن اُورَمَة - عمّن حدَّثه - عن عليِّ بن ميمون الصّائغ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: يا عليُّ زُرِ الحسينعليه‌السلام ولا تَدَعْهُ، قال: قلت: ما لمن أتاه مِن الثّواب؟ قال: مَن أتاه ماشياً كتبَ الله له بكلِّ خُطْوَةٍ حَسَنةَ، ومحىُ عنه سيِّئةً، ورفع له درجةً، فإذا أتاه وكَّل الله به مَلَكين يكتبان ما خرج مِن فيه مِن خير، ولا يكتبان ما يخرج مِن فيه مِن شَرِّ ولا غير ذلك، فإذا انصرف وَدَّعاه، وقالا: يا وليَّ الله مغفوراً لك أنتَ مِن حِزب اللهِ وحزبِ رَسولِه وحزبِ أهلِ بيت رَسولِه، واللهُ لا ترى النّارَ بعَينك أبداً، ولا تَراكَ ولا تطعمك أبداً ».

٧ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله؛ وعبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أحمدَ بن محمّد بن خالِد البَرقيّ، عن أبيه، عن عبدالعظيم بن عبدالله بن الحسن، عن الحسن بن الحكم النَّخعيّ، عن أبي حمّاد الأعرابيّ، عن سَدِيرٍ

__________________

١ - تقدّم ذكره في ص ١٦ ذيل الخبر ٣.

١٤٩

الصّيرفي « قال: كنّا عند أبي جعفرعليه‌السلام فذكر فتى قبر الحسينعليه‌السلام فقال له أبو جعفرعليه‌السلام : ما أتاه عبدٌ فخطا خُطْوَةً إلاّ كتب الله له حَسَنةً، وحطَّ عنه سَيّئةً ».

٨ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميريّ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالرَّحمن بن حمّاد البصري(١) ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الاُصَمِّ، عن عبدالله بن مُسكانَ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن زارَ الحسينعليه‌السلام مِن شيعتنا لم يرجع حتّى يُغفَر له كلّ ذَنْبٍ؛ ويُكتَبْ له بكلِّ خُطْوَة خَطاها وكلِّ يدٍ رَفعتْها دابَّتُه ألفُ حَسَنة، ومَحا عنه ألفُ سَيّئة، وتُرفَع له ألفُ دَرَجة ».

٩ - حدَّثني محمّد بن جعفر القُرشيُّ الرَّزَّاز، عن خاله محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن أحمدَ بن بشير السَّرّاج، عن أبي سعيد القاضي « قال: دخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام في غريفة له وعنده مُرازِم(٢) ، فسمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام ماشياً كتب الله له بكلِّ خُطْوَة وبكلِّ قدم يرفعها ويضعها عِتقَ رَقبةٍ من ولد إسماعيل، ومَن أتاه بسفينة فكفِئَت(٣) بهم سفينتُهم نادى منادٍ مِن السَّماء: طِبتم وطابَتْ لكم الجنَّة! ».

١٠ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وعليِّ بن الحسين، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن أحمدَ بن حمدان القَلانِسيِّ(٤) ، عن محمّد بن الحسين المحاربيِّ، عن أحمدَ بن ميثَم، عن محمّد بن عاصِم، عن عبدالله بن النَّجار « قال: قال لي أبو عبدالله: تَزورون الحسينعليه‌السلام وتركبون السُّفُن؟ فقلت: نَعَم، قال: أما علمتَ أنّها إذا انكفأت بكم نوديتم: ألا طِبتم وطابَتْ لكم الجنّة! ».

__________________

١ - كذا في النسخ، ومرّ السّند كراراً ومكانه: « عبدالله بن حمّاد »، والظّاهر تصحيفه.

٢ - هو مُرازِم - بضمّ الميم وكسر الزّاي المعجمة بعد الألف - ابن حُكيم - بضمّ الحاء - المدائني الثّقة.

٣ - كفأه أي قلبه، وانكفأ: انقلب.

٤ - في البحار: « محمّد بن أحمد بن محمّد بن حَمدان القَلانسيّ ».

١٥٠

الباب الخمسون

( كرامة الله تبارك وتعالى لزُوَّار الحسين بن علي عليهما السلام)

١ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن إسماعيلَ بن زَيد، عن عبدالله الطّحّان(١) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سمعته وهو يقول: ما مِن أحدٍ يوم القيامة إلاّ وهو يتمنّى أنّه مِن زوّار الحسين، لما يرى ممّا يصنع بزوَّار الحسينعليه‌السلام مِن كَرامتهم على الله تعالى ».

٢ - وروى صالِح الصَّيرَفيّ، عن عِمرانَ الميثميِّ؛ أو صالِح بن ميثَم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن سَرَّه أن يكون على مَوائد النّور يوم القيامة فليكن مِن زوَّار الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام ».

٣ - حدَّثني الحسين بن محمّد بن عامِر، عن معلّى بن محمّد البصريّ قال: حدَّثني أبو الفضل، عن ابن صَدَقَة(٢) ، عن المفضَّل بن عُمَرَ « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : كأنّي بالملائكة والله قد ازدحموا المؤمنين على قبر الحسينعليه‌السلام ، قال: قلت فيتراؤون له؟ قال: هَيهات هَيهات، قد لزموا والله المؤمنين حتّى أنّهم ليَمسحون وجوههم بأيديهم، قال: وينزّل الله على زُوَّار الحسينعليه‌السلام غُدْوَةً وعَشيَّةً مِن طعام الجنَّة؛ وخُدَّامُهم الملائكة، لا يسأل اللهَ عبدٌ حاجةً مِن حوائج الدُّنيا والآخرة إلاّ أعطاها إيّاه، قال: قلت: هذه والله الكَرامة، قال لي: يا مفضّل أزيدك؟ قلت: نَعَم سيّدي! قال: كأنّي بسَرير مِن نور قد وُضِعَ وقد ضُرِبَتْ عليه قُبَّةٌ مِن ياقوتةٍ حَمراء مُكلَّلَة بالجواهر، وكأنّي بالحسينعليه‌السلام جالس على ذلك السَّرير وحَوله تسعون ألف قبّة خَضراء، وكأنّي بالمؤمنين يزورونه و

____________

١ - في البحار: « عبدالله بن الطَّمحان ».

٢ - اسمه مصدِّق - كمحدّث - وهو المدائنيّ، ورواية عمّار بن موسى السّاباطيّ.

١٥١

يسلّمون عليه، فيقول الله عَزَّوَجَلَّ لهم: أوليائي سَلوني فطال ما اُوذيتم وذللتم واضْطَهَدْتُم (١) ، فهذا يوم لا تسألوني حاجةً مِن حَوائج الدُّنيا والآخرة إلاّ قضيتها لكم، فيكون أكلهم وشربهم في الجنّة، فهذه والله الكَرامة الَّتي لا انقضاء لها، ولا يُدْرَك مُنتهاها ».

الباب الحادي والخمسون

( إنّ أيّام زائري الحسين عليه السلام لا تعدّ من أعمارهم)

١ - حدّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ قال: حدَّثني أبو سعيد الحسن بن عليِّ بن زَكريّا العَدَويُّ البَصريُّ، عن الهَيثم بن عبدالله الرُّمّانيِّ، عن أبي الحسن الرّضا، عن أبيهعليهما‌السلام « قال: قال أبو عبدالله جعفر بن محمّد الصّادقعليهما‌السلام : إنّ أيّام زائري الحسينعليه‌السلام لا تُحسَبُ مِن أعمارِهم ولا تُعَدُّ مِن آجالهم ».

الباب الثّاني والخمسون

( إنَّ زائري الحسين عليه السلام يكونون في جِوار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)

( وعليٍّ وفاطمة عليهما السلام)

١ - حدَّثني عليُّ بن الحسين؛ وعليُّ بن محمّد بن قُولُوَيْه، عن محمّد بن يحيى العطّار؛ وعليِّ بن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد بن يقطين اليقطينيّ - عَمَّن حَدَّثه - عن أبي خالد ذي الشّامّة قال: حدَّثني أبو اُسامة « قال: سَمِعتُ أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: مَن أراد أن يكون في جِوار نبيِّهصلى‌الله‌عليه‌وآله وجِوار عليٍّ وفاطمةعليهما‌السلام فلا يدع زيارة الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام ».

٢ - وبإسناده، عن أبي بصير « قال: سمعت أبا عبدالله - أو أبا جعفرعليهما‌السلام - يقول: مَن أحبَّ أن يكون مَسكنُه الجنّة ومأواه الجنّة فلا يدع زيارَةَ المظلوم،

__________________

١ - اضطهده أي قهره.

١٥٢

قلتُ: مَن هو؟ قال: الحسين بن عليٍّ صاحب كربلاء، مَن أتاه شَوقاً إليه وحُبّاً لرسول الله وحُبّاً لفاطِمَة وحُبّاً لأمير المؤمنين صلوات الله عليهم أجمعين، أقعده الله على مَوائِدِ الجنّة يأكل معهم والنّاس في الحساب ».

٣ - حدَّثني محمّد بن هَمّام بن سُهَيل، عن جعفر بن محمّد بن مالك قال: حدّثنا محمّد بن عِمرانَ قال: حدَّثنا الحسن بن الحسين اللَؤلوئيُّ، عن محمّد بن إسماعيلَ، عن محمّد بن أيّوبَ، عن الحارثِ بن المغيرةَ النَّصريّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنّ الله تبارك وتعالى جعل ملائكةً مُوَكّلين بقبر الحسينعليه‌السلام فإذا همَّ الرَّجل بزيارته واغتسل ناداه محمَّدٌصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا وَفْدَ اللهِ أبشروا بِمُرافَقَتي في الجنّة - وذكر الحديث - ».

الباب الثّالث والخمسون

( إنّ زائري الحسين عليه السلام يدخلون الجنّة قبل الناس)

١ - حدَّثني أبي؛ وأخي؛ وعليُّ بن الحسين؛ ومحمّد بن الحسنرحمهم‌الله جميعاً، عن محمّد بن يحيى العطّار، عن العَمْرَكي بن عليٍّ البوفَكيِّ، عن صَندل(١) عن عبدالله بن بُكَير، عن عبدالله بن زُرارةً « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: إنَّ لزوَّار الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام يوم القيامة فَضلاً على النّاس، قلت: وما فضلهم؟ قال: يدخلون الجنّة قبل النّاس بأربعين عاماً، وسائر النّاس في الحساب والموقف ».

الباب الرّابع والخمسون

( ثواب مَن زار الحسين عليه السلام عارفاً بحقِّه)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن عبدالله بن جعفر الحِميريّ. وحدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريِّ، عن أبيه عبدالله، عن عليِّ بن إسماعيلَ القمّيِّ،

__________________

١ - الظّاهر كونه تصحيف « صفوان » وهو ابن يحيى، روى عن عبدالله بن بكير كثيراً.

١٥٣

عن محمّد بن عَمرو الزَّيّات، عن فائد الحنّاط (١) ، عن أبي الحسن الماضي « قال: مَن زار الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقّه غَفَر الله له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر »(٢) .

٢ - حدَّثني أبو العبّاس الكوفيُّ قال: حدّثني محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحسن بن عليِّ بن فَضّال، عن محمّد بن الحسين بن كثير، عن هارونَ بن خارجة « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : إنّهم يَروون أنّه مَن زارَ الحسينعليه‌السلام كانَتْ له حَجّةٌ وعُمرةٌ؟ قال لي: مَن زارَه - والله - عارفاً بحقِّه غُفِرَ له ما تَقدَّم مِن ذَنبه وما تأخَّر ».

وحدَّثني أبيرحمه‌الله وجَماعة مشايخنا، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين بإسناده مثله.

٣ - وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن الخيبريّ، عن الحسين بن محمّد القمّي(*) « قال: قال أبو الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام : أدنى ما يُثاب به زائر الحسينعليه‌السلام بشطّ الفُرات إذا عَرَفَ بحقّه وحُرمَتِه ووِلايتِه أن يُغْفَرَ له ما تَقَدّم من ذَنْبِه وما تأخّر ».

٤ - وحدَّثني أبو العبّاس(٣) ، عن محمّد بن الحسين، عن صَفوانَ بن يحيى،

__________________

١ - فائد - بالفاء والدّال المهملة، كقائد - الحنّاط، قال النّجاشيّ: « كوفيٌّ، قال ابن فضّال: روى عن أبي عبدالله وأبي الحسنعليهما‌السلام ، له كتاب ».

* - سيأتي الكلام فيه راجع ص ١٦٠.

٢ - أي جميع ذنوبه الَّتي ارتكبها، وقال اُستاذنا الغفّاريّ - أيّده الله - في هامش ثواب الأعمال: « ما تقدّم وما تأخّر » كلاهما فعل ماضٍ ومعناه القديم والحديث، ويحتمل بعيداً أن يكون المراد بـ « ما تقدّم » الآثام الّتي لها أثر حين الارتكاب وراجع إلى المرتكب فقط، وبـ « ما تأخّر » الذّنوب الّتي آثارها باقية في النّاس. وبذلك يمكن الجمع بين هذه الأحاديث فقط، وما سيأتي تحت رقم ٣١ ( وقد تقدّم الخبر في ص ١٤٣ تحت رقم ١ ) مِن قولهعليه‌السلام للزّائر: « استأنفِ العمل وقد غفر الله لك ما مضى »، نظير ما قال المفسّرون في قوله تعالى [القيامة: ١٣]: «بُنَيَّؤا الإنْسانُ يَومَئذٍ بما قَدَّم وَأَخَّرَ ». ولعلّ المراد بيان كثرة الثّواب من باب المبالغة - أنتهى » وعلى أيّ وجهٍ قوله: « وما تأخّر » ليس بمعنى « ما يتأخّر »، لأنّ معناه إسقاط التّكليف وهو باطل إجماعاً.

٣ - يعني الرّزّاز ابن بنت الزّيّات.

١٥٤

عن ابن مُسكان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقّه غفر [الله] له ما تقدَّم مِن ذنبه وما تأخّر ».

٥ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن أبي داودَ سليمانَ بن سُفيانَ المُستَرِق - عن بعض أصحابنا - عن مُثنّى الحنّاط، عن أبي الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام « قال: سَمِعتُه يقول: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقّه غفر [الله] ما تقدّم مِن ذنبه وما تأخّر ».

٦ - وحدَّثني محمّد بن جعفر(١) ، عن محمّد بن الحسين، عن الحكم بن مسكين، عن فائد الحنّاط(٢) « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: من زارَ الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقّه يأتمُّ به غفر الله له ما تقدَّم من ذَنبِه وما تأخّر ».

٧ - حدَّثني القاسم بن محمّد بن عليِّ(٣) ، عن أبيه، عن جَدِّه، عن عبدالله ابن حمّاد الأنصاريّ، عن عبدالله بن سِنان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقّه غُفِرَ له ما تقدّم مِن ذنبه وما تأخّر ».

٨ - وحدَّثني أبي، عن سعد بن عبدالله، عن الحسن بن عليِّ بن عبدالله بن المغيرة، عن العبّاس بن عامِر قال: أخبرني يوسف الأنباريّ، عن فائد الحَنّاط(٢) « قال: قلت لأبي الحسنعليه‌السلام : إنّهم يأتون قبر الحسينعليه‌السلام بالنّوائح والطّعام؟! قال: قد سمعت، قال: فقال: يا فائِدُ مَن أتى قبر الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام عارفاً بحقّه غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخّر ».

٩ - وحدَّثني محمّد بن جعفر(١) ، عن محمّد بن الحسين، عن فائدٍ، عن أبي الحسن الأوّلعليه‌السلام « قال: من أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقّه غفر [الله] له ما تقدَّم مِن ذَنبه وما تأخّر ».

١٠ - وحدَّثني أبي؛ ومحمّد بن الحسن؛ وعليُّ بن الحسين؛ وجماعة، عن سعد بن عبدالله؛ ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل،

__________________

١ - يعني أبا العبّاس الرّزّاز - في المقامين -.

٢ - تقدّم ترجمته في الصّفحة الماضية.

٣ - هو القاسم بن محمّد بن عليّ بن إبراهيم بن محمّد الهمداني، وكيل النّاحية. ( صه. جش )

١٥٥

عن صالِح بن عُقْبة، عن يحيى بن عليِّ القمّيِّ قال: أخبرني رَجلٌ عن عبيدالله بن عبدالله؛ وعليِّ بن الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام « قال: سمعت أبي (١) يقول: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقّه غفر له ما تقدَّم من ذَنبه وما تأخّر ».

١١ - وبإسناده، عن صالِح بن عُقْبة، عن يحيى بن عليِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقّه غفر له ما تقدّم مِن ذنبه وما تأخّر ».

حدَّثني محمّد بن جعفر القرشيّ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالِح بن عُقْبة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام بهذين الحديثين سواء.

١٢ - حدّثني الحسين بن محمّد بن عامِر، عن مُعلّى بن محمّد البصري ّ، عن أبي داود المُسترقّ(٢) - عن بعض أصحابنا - عن مثنّى الحنّاط، عن أبي الحسن الأوَّل « قال: سمعته يقول: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقّه غَفَر له ما تقدَّم مِن ذَنبه وما تأخَّر ».

١٣ - حدَّثني محمّد بن يعقوبَ، عن أحمدَ بن إدريس، عن محمّد بن عبدالجبّار، عن صَفوان، عن ابن مُسكان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقِّه غُفِر له ما تقدَّم مِن ذَنْبِه وما تأخَّر ».

١٤ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أبيه، عن هارونَ

__________________

١ - كذا، والسّند مخدوش كما ترى، والمنقول في البحار كذلك. ويحيى بن عليّ القمّيّ غير مذكور في كتب الرّجال، ويخطر بالبال أنّ لفظة « لحسين » صحّفت بـ « يحيى » للتشابه الخطّي، وهو في الأصل: « الحسين بن عليّ القمّي »، المعنون في رجال الشّيخ من أصحاب الجوادعليه‌السلام ، وفي رجال النّجاشيّ: « الحسين بن عليّ الخزّاز القمّيّ أبو عبدالله، روى عن حمزة بن القاسم وغيره، له كتاب الزّيارات »، والله يعلم.

٢ - هو سليمان بن سفيان أبو داود المسترقَ - بتشديد القاف بعد الرّاء المهملة المكسورة - وهو المنشد، ثقة.

١٥٦

ابن مسلم، عن الحسن بن عليِّ، عن أحمدَ بن عائِذ، عن أبي يعقوبَ الأبزاريّ، عن فائد (١) ، عن عبد صالِحعليه‌السلام « قال: دخلت عليه فقلت له: جعلت فداك إنَّ الحسينعليه‌السلام قد زاره النّاس؛ مَن يعرف هذا الأمر ومَن يُنكره ورَكِبتْ إليه النِّساء، ووقع حال الشُّهرة، وقد انقبضتُ منه (٢) لما رَأيت مِن الشُّهرة، قال: فمكث مَليّاً لا يُجيبني، ثمَّ أقبل عليّ فقال: يا عراقيُّ إن شَهَروا أنفسَهم فلا تَشهَر أنتَ نفسك، فوالله ما أتى الحسينعليه‌السلام آتٍ عارفاً بحقِّه إلاّ غفر الله له ما تقدَّم مِن ذنبه وما تأخَّر ».

١٥ - حدّثني الحسين بن محمّد بن عامِر، عن المعلّى بن محمّد، عن أبي داود المسترق - عن بعض أصحابنا - عن مثنّى الحنّاط، عن أبي الحسن الأوَّلعليه‌السلام « قال: سمعته يقول: من أتى الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقّه غفر له من ذنبه ما تقدَّم وما تأخَّر ».

١٦ - حدَّثني عليُّ بن الحسين بن موسى بن بابويه، عن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سِنان، عن محمّد بن صَدَقَةَ، عن صالِح النّيليِّ(٣) « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقّه كان كمن حجّ ثلاث حِجَج مع رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

١٧ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله قال: حدَّثني أحمد بن عليِّ بن عبيد الجعفيُّ قال: حدَّثني محمّد بن أبي جَرير القمّيُّ « قال: سمعت أبا الحسن الرِّضاعليه‌السلام يقول لأبي: مَن زارَ الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام عارفاً بحقِّه كان مِن مُحدِّثي الله(٤) فوق عرشه، ثمَّ قرء: «إنَّ المتَّقين في جَنّاتٍ ونَهَرٍ * في مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَليكٍ مُقْتَدِر (٥) ».

__________________

١ - تقدّم ترجمته في ص ١٤٩، والأبزار - بفتح الهمزة وسكون الباء بعدها راء معجمة - قرية بينها وبين نيسابور فرسخان.

٢ - أي اعتزلت مِن زيارتهعليه‌السلام .

٣ - هو ابن الحكم النّيليّ - بكسر النّون -، الأحول، ضعيف.

٤ - كذا، والظّاهر: « كان من محبّي الله »، فصحّف.

٥ - القمر: ٥٤ و ٥٥. وقوله: « عند مليك مقتدِر » أي عند الله سبحانه فهو المالك القادر الّذي لا يعجزه شيء، وليس المراد قرب المكان - تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً - بل المراد أنّهم في كنفه وجواره وكفايته حيث تنالهم غواشي رحمته وفضله. ( مجمع البيان )

١٥٧

الباب الخامس والخمسون

( مَن زار الحسينَ عليه السلام حُبّاً لرسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة عليهم السلام)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب. وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب - عن بعض أصحابه - عن جُوَيْريةَ بنِ العَلاء - عن بعض أصحابه - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إذا كان يوم القيامة نادى مُنادٍ: أين زُوَّار الحسين بن عليِّ، فيقوم عُنُقٌ مِن النّاس لا يُحصيهم إلاّ الله تعالى، فيقول لهم: ما [ذا] أردتم بزيارة قبر الحسين؟ فيقولون: يارَبِّ أتيناه حُبّاً لرسول الله وحُبّاً لعليٍّ وفاطمة؛ ورَحمةً له ممّا ارْتُكِبَ منه، فيقال لهم: هذا محمَّدٌ وعليٌّ وفاطمة والحسن والحسين فالحقوا بهم؛ فأنتم معهم في دَرَجَتهم؛ الحقوا بِلِواءِ رَسولِ اللهِ، فينطلقون إلى لِواء رَسول الله فيكونون في ظِلِّه - واللِّواء في يد عليٍّعليه‌السلام - حتّى يدخلون الجنّة، فيكونون أمام اللِّواء وعن يمينه وعن يَساره ومِن خلفه ».

٢ - وبإسناده، عن أبي بصير « قال: سمعت أبا عبدالله؛ وأبا جعفرعليهما‌السلام يقول: مَن أحَبَّ أن يكون مسكنُه الجنَّة ومأواه الجنّة فلا يدّع زيارةً المظلوم، قلت: ومَن هو؟ قال: الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام صاحب كربلاء، مَن أتاه شَوقاً إليه وحُبّاً لرسول الله وحُبّاً لأمير المؤمنين وحُبّاً لفاطِمَة أقعده الله على مَوائد الجنّة، يأكُل معهم والنّاس في الحساب »(١) .

٣ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله بن أبي خَلف القمّي، عن محمّد بن عيسى اليقطينيِّ - عن رَجل - عن فضيل بن عثمان الصّيرفيِّ - عمّن حدّثه - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أراد الله به الخير قذف في قلبه حُبّ

____________

١ - تقدّم الخبر في ص ١٤٧تحت رقم ١، ويأتي في الباب الآتي تحت رقم ٢ بأدنى اختلاف في اللّفظ.

١٥٨

الحسينعليه‌السلام وحُبّ زيارته، ومَن أراد الله به السّوء قذف في قلبه بُغض الحسين وبُغْض زيارته ».

الباب السّادس والخمسون

( مَن زار الحسين عليه السلام تشوّقاً إليه)

١ - حدَّثني محمّد بن جعفر القرشيُّ الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن صَفوانَ بن يحيى، عن أبي اُسامة زَيدٍ الشّحّام « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام تشوّقاً إليه كتبه الله مِن الآمنين يوم القيامة، وأعطى كتابه بيمينه، وكان تحت لِواء الحسينعليه‌السلام حتّى يدخل الجنّة فيسكنه في درجته، إنَّ الله عزيز حكيم ».

٢ - وروي عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام « أنَّ مَن أحبَّ أن يكون مسكنه الجنّة ومأواه الجنّة فلا يَدعَ زيارة المظلوم، قلت: مَن هو؟ قال: الحسين بن علي صاحب كربلاء، مَن أتاه شَوقاً إليه وحُبّاً لرسول الله وحبّاً لأمير المؤمنين وحُبّاً لفاطمةعليهم‌السلام أقعده الله على موائد الجنّة، يأكل معهم والنّاس في الحساب ».

٣ - حدَّثني الحسن بن عبدالله(١) ، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن العَلاء بن رَزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: لو يعلم النّاس ما في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام مِن الفضل لماتوا شَوقاً؛ وتقطَّعتْ أنفسهم عليه حَسرات، قلت: وما فيه؟ قال: مَن أتاه تشوّقاً كتب الله له ألف حجّة متقبّلة، وألف عمرة مبرورة، وأجر ألف شهيد مِن شهداء بدر، وأجر ألف صائم، وثواب ألف صدقةٍ مقبولة، وثواب ألف نَسَمَة(٢) اُريد بها وجه الله، ولم يزل محفوظاً سنةً مِن كلِّ آفةٍ أهونها الشَّيطان، ووُكّل به ملك كريم يحفظه مِن بين

__________________

١ - هو الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى الأشعري.

٢ - أي ثواب إعتاقهم مِن الرِّقّية.

١٥٩

يديه ومِن خلفه، وعن يمينه وعن شِماله، ومِن فوقِ رأسِه ومِن تحت قَدَمِه، فإن مات سَنته حَضَرتْه ملائكةُ الرَّحمة يحضرون غُسْله وإكفانه والاستغفار له، ويشيّعونه إلى قبره بالاستغفار له، ويَفْسَح له (١) في قبره مَدَّ بَصَره، ويؤمنه الله مِن ضَغْطَة القبر، ومِن منكر ونَكير أن يروِّعاه، ويفتح له باب إلى الجنّة، ويعطى كتابه بيمينه، ويعطى له يوم القيامة نوراً يضيء لنوره ما بين المشرق والمغرب، وينادي مُنادٍ: هذا مَن زار الحسين شَوقاً إليه، فلا يبقى أحدٌ يوم القيامة إلاّّ تمنّى يومئذٍ أنّه كان مِن زُوّار الحسينعليه‌السلام ».

٤ - وعنه، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب إبراهيم بن عثمان الخزَّاز، عن محمَّد بن مسلم « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : ما لِمَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام ؟ قال: مَن أتاه شَوقاً إليه كان مِن عباد الله المكرمين، وكان تحت لِواء الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام حتّى يدخلهما الله [جميعاً] الجنّة ».

٥ - وعنه، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي المَغرا، عن ذَريح المحاربيِّ « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : ما ألقى مِن قومي ومن بني إذا أنا أخبرتهم بما في إتيان قبر الحسينعليه‌السلام مِن الخير إنّهم يكذّبوني ويقولون: إنّك تكذب على جعفر بن محمّد! قال: يا ذَريح دَع النّاس يذهبون حيثُ شاؤوا، واللهِ إنَّ اللهَ ليباهي بزائر الحسين بن عليٍّ، والوافد يفده الملائكة المقرَّبون وحملة عرشِه حتّى أنّه ليقول لهم: أما ترون زُوَّار قبر الحسين أتوه شَوقاً إليه وإلى فاطمة بنت رَسول الله [محمّد]، أما وعزَّتي وجَلالي وعَظمتي لأوجبنَّ لهم كَرامتي؛ ولأدخلنَهم جنَّتي الّتي أعددتها لأوليائي ولأنبيائي ورُسُلي، يا ملائكتي! هؤلاء زُوَّار قبر الحسين حبيب محمّد رَسولي، ومحمَّدٌ حبيبي، ومَن أحَبَّني أحَبَّ حبيبي، ومَن أحَبَّ حبيبي أحبَّ من يحبُّه، ومَن أبغض حبيبي أبغضَني ومَن أبغضني كان حقّاً عليَّ أنْ اُعذِّبه بأشدِّ عَذابي واُحرِقَه بِحَرِّ ناري، وأجعل جَهنّم مسكَنَه

__________________

١ - أي وسّع وفرج له.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357