كامل الزيارات

كامل الزيارات16%

كامل الزيارات مؤلف:
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مكتبة الصدوق
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
الصفحات: 357

كامل الزيارات المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 357 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 146746 / تحميل: 9207
الحجم الحجم الحجم
كامل الزيارات

كامل الزيارات

مؤلف:
الناشر: مكتبة الصدوق
العربية

( شرح أبواب الكتاب)

الباب الأوَّل. ١١

ثواب زيارة رسول الله وزيارة أمير المؤمنين والحسن والحسين -صلوات الله عليهم-. ١١

الباب الثّاني. ١٢

ثواب زيارة رسول الله -صلى الله عليه وآله-. ١٢

الباب الثّالث.. ١٦

زيارة قبر رسول الله - صلى الله عليه وآله - والدُّعاء عنده ١٦

سلام مولانا أبي الحسن موسى بن جعفر الكاظم عليهما‌السلام على جدّه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.... ١٩

الباب الرَّابع. ٢١

فضل الصّلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وثواب ذلك.. ٢١

الباب الخامس.. ٢٣

زيارة حمزة عَمّ رسول الله صلى الله عليه وآله وقبور الشّهداء ٢٣

الباب السّادس.. ٢٥

فصل إتيان المشاهد بالمدينة وثواب ذلك.. ٢٥

الباب السابع. ٢٧

وَداع قبر رسول الله صلى الله عليه وآله ٢٧

الباب الثّامن. ٢٨

فضل الصَّلاة في مسجد الكوفة ومسجد سَهلة وثواب ذلك.. ٢٨

الباب التّاسع. ٣٥

الدَّلالة على قبر أمير المؤمنين عليه السلام ٣٥

الباب العاشر ٤٠

ثواب زيارة أمير المؤمنين عليه السلام ٤٠

الباب الحادي عشر ٤١

زيارة قبر أمير المؤمنين عليه السلام وكيف يزار، والدّعاء عند ذلك.. ٤١

١

الباب الثّاني عشر ٤٨

وداع قبر أمير المؤمنين عليه السلام ٤٨

الباب الثّالث عشر ٤٩

فضل الفرات وشربه والغسل فيه ٤٩

الباب الرّابع عشر ٥٣

حبّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحسن والحسين عليهما السلام والأمر بحبِّهما وثواب حبّهما ٥٣

الباب الخامس عشر ٥٦

زيارة الحسن بن عليٍّ عليهما السلام وقبور الأئمّة عليهم السلام بالبقيع. ٥٦

الباب السّادس عشر ٥٨

ما نزل به جَبرئيل عليه السلام في الحسين بن عليّ عليهما السلام أنّه سيقتل. ٥٨

الباب السّابع عشر ٦٢

قول جبرئيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: « إنّ الحسين تقتله اُمّتك من بعدك، وأراه التّربة الّتي يقتل عليها »  ٦٢

الباب الثّامن عشر ٦٥

ما نزل من القرآن بقتل الحسين عليه السلام وانتقام الله عزَّوجلَّ ولو بعد حين. ٦٥

الباب التّاسع عشر ٦٧

علم الأنبياء عليهم السلام بقتل الحسين بن علي عليهما السلام ٦٧

الباب العشرون. ٦٩

علم الملائكة بقتل الحسين عليه السلام ٦٩

الباب الحادي والعشرون. ٧٠

لعن الله تبارك وتعالى ولعن الاُنبياء قاتل الحسين بن عليٍّ عليهما السلام ٧٠

الباب الثّاني والعشرون. ٧٢

قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: « إنّ الحسين عليه السلام تقتله اُمّته من بعده ». ٧٢

٢

الباب الّثالث والعشرون. ٧٥

قول أمير المؤمنين عليه السلام في قتل الحسين عليه السلام، وقول الحسين له في ذلك.. ٧٥

الباب الرّابع والعشرون. ٨١

ما استدلَّ به على قتل الحسين بن عليٍّ عليهما السلام في البلاد ٨١

الباب الخامس والعشرون. ٨٤

ما جاء في قاتل الحسين وقاتل يحيى بن زكريّا عليهم السلام ٨٤

الباب السّادس والعشرون. ٨٧

بكاء جميع ما خلق الله على الحسين بن عليٍّ عليهما السلام ٨٧

الباب السّابع والعشرون. ٩٢

بُكاء الملائكة على الحسين بن عليٍّ عليهما السلام ٩٢

الباب الثّامن والعشرون. ٩٨

بُكاء السَّماء والأرض على قتل الحسين ويحيى بن زكريّا عليهم السلام ٩٨

الباب التّاسع والعشرون. ١٠٤

نوح الجنِّ على الحسين بن عليٍّ عليهما السلام ١٠٤

الباب الثّلاثون. ١٠٩

دعاء الحمام ولعْنها على قاتل الحسين عليه السلام ١٠٩

الباب الحادي والثّلاثون. ١١٠

نَوح البوم ومصيبتها على الحسين عليه السلام ١١٠

الباب الثّاني والثّلاثون. ١١١

ثواب مَن بكى على الحسين بن علي عليهما السلام ١١١

الباب الثّالث والثّلاثون. ١١٦

مَن قال في الحسين عليه السلام شعراً فبكى وأبْكى. ١١٦

الباب الرّابع والثّلاثون. ١١٩

ثواب مَن شَرِب الماءَ وذَكر الحسين عليه السلام ولعنَ قاتلَه ١١٩

٣

الباب الخامس والثّلاثون. ١١٩

بكاء « عليّ بن الحسين » على « الحسين بن علي » عليهم السلام ١١٩

الباب السّادس والثّلاثون. ١٢١

في أنّ الحسين عليه السلام قتيل العَبرة لا يذكره مؤمن إلاّ بكى. ١٢١

الباب السّابع والثّلاثون. ١٢٢

ما روي أنّ الحسين عليه السلام سيّد الشّهداء ١٢٢

الباب الثّامن والثّلاثون. ١٢٥

زيارة الأنبياء الحسين بنَ عليِّ عليهما السلام ١٢٥

الباب التّاسع والثّلاثون. ١٢٧

زيارة الملائكة الحسين بن عليٍّ عليهما السلام ١٢٧

الباب الأربعون. ١٣٠

دعاء رسول الله وعليٍّ وفاطمة والأئمّة عليهم السلام لزُوّار الحسين عليه السلام ١٣٠

الباب الحادي والأربعون. ١٣٣

دعاء الملائكة لزُوَّار الحسين عليه السلام ١٣٣

الباب الثّاني والأربعون. ١٣٥

فضل صلاة الملائكة لزُوّار الحسين عليه السلام ١٣٥

الباب الثّالث والأربعون. ١٣٦

إنّ زيارة الحسين عليه السلام فرض وعهد لازم له ولجميع الأئمّة عليهم السلام على كلّ مؤمن ومؤمنة ١٣٦

الباب الرِّابع والأربعون. ١٣٧

ثواب مَن زار الحسين عليه السلام بنفسه أو جهّز إليه غيره ١٣٧

الباب الخامس والأربعون. ١٤٠

ثواب مَن زار الحسين عليه السلام وعليه خوفٌ.. ١٤٠

الباب السّادس والأربعون. ١٤٢

ثواب ما للرَّجل في نفقته إلى زيارة الحسين عليه السلام ١٤٢

٤

الباب السّابع والأربعون. ١٤٤

ما يكره اتّخاذه لزيارة الحسين بن عليٍّ عليهما السلام ١٤٤

الباب الثّامن والأربعون. ١٤٦

كيف يجب أن يكون زائرَ الحسين بن عليٍّ صلوات الله عليهما ١٤٦

الباب التّاسع والأربعون. ١٤٧

ثواب مَن زار الحسين عليه السلام راكِباً أو ماشياً ومُناجاة الله لزائره ١٤٧

الباب الخمسون. ١٥١

كرامة الله تبارك وتعالى لزُوَّار الحسين بن علي عليهما السلام ١٥١

الباب الحادي والخمسون. ١٥٢

إنّ أيّام زائري الحسين عليه السلام لا تعدّ من أعمارهم. ١٥٢

الباب الثّاني والخمسون. ١٥٢

إنَّ زائري الحسين عليه السلام يكونون في جِوار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليٍّ وفاطمة عليهما السلام ١٥٢

الباب الثّالث والخمسون. ١٥٣

إنّ زائري الحسين عليه السلام يدخلون الجنّة قبل الناس. ١٥٣

الباب الرّابع والخمسون. ١٥٣

ثواب مَن زار الحسين عليه السلام عارفاً بحقِّه ١٥٣

الباب الخامس والخمسون. ١٥٨

مَن زار الحسينَ عليه السلام حُبّاً لرسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة عليهم السلام ١٥٨

الباب السّادس والخمسون. ١٥٩

مَن زار الحسين عليه السلام تشوّقاً إليه ١٥٩

الباب السّابع والخمسون. ١٦١

مَن زار الحسين عليه السلام احتساباً ١٦١

الباب الثّامن والخمسون. ١٦٣

إنَّ زيارة [قبر] الحسين عليه السلام أفضل ما يكون مِن الأعمال. ١٦٣

٥

الباب التّاسع والخمسون. ١٦٤

إنّ مَن زار الحسين عليه السلام كان كمن زار الله في عَرشه وكتب في أعلىُ علّيّين. ١٦٤

الباب السّتّون. ١٦٧

إنَّ زيارة الحسين والأئمّة عليهم السلام تعدل زيارة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ١٦٧

الباب الحادي والسّتّون. ١٦٨

إنَّ زيارة الحسين عليه السلام تزيد في العمر والرِّزق وإنَّ تركها تنقصهما ١٦٨

الباب الثّاني والسّتّون. ١٧٠

إنَّ زيارة الحسين عليه السلام تحطّ الذّنوب.. ١٧٠

الباب الثّالث والسّتّون. ١٧٢

إنَّ زيارة الحسين عليه السلام تَعدِلُ عُمْرَة ١٧٢

الباب الرّابع والسّتّون. ١٧٥

إنَّ زيارة قبر الحسين عليه السلام تعدل حَجّة ١٧٥

الباب الخامس والسّتون. ١٧٧

في أنَّ زيارة الحسين عليه السلام تعدل حجّة وعمرة ١٧٧

الباب السّادس والسّتّون. ١٨١

إنَّ زيارة الحسين عليه السلام تعدل حِججا ( كذا ) ١٨١

الباب السّابع والسّتّون. ١٨٥

إنّ زيارة الحسين عليه السلام تعدل عتق الرّقاب.. ١٨٥

الباب الثّامن والسّتّون. ١٨٦

إنَّ زُوَّار الحسين عليه السلام مشفّعون. ١٨٦

الباب التّاسع والسّتّون. ١٨٨

إنَّ زيارة الحسين عليه السلام يُنفّس بها الكرب وتقضى بها الحوائج. ١٨٨

الباب السّبعون. ١٩١

ثواب زيارة الحسين عليه السلام يوم عرفة ١٩١

٦

الباب الحادي والسّبعون. ١٩٦

ثواب مَن زار الحسين عليه السلام يوم عاشوراء ١٩٦

الباب الثّاني والسّبعون. ٢٠٢

ثواب زيارة الحسين عليه السلام في النِّصف مِن شَعبان. ٢٠٢

الباب الثّالث والسّبعون. ٢٠٥

ثواب من زار الحسين عليه السلام في رجب.. ٢٠٥

الباب الرّابع والسّبعون. ٢٠٥

ثواب من زار الحسين عليه السلام في غير يوم عيد ولا عرفة ٢٠٥

الباب الخامس والسًّبعون. ٢٠٧

مَن اغتسل في الفرات وزار الحسين عليه السلام ٢٠٧

الباب السّادس والسَّبعون. ٢١٠

الرُّخصة في ترك الغُسْل لزيارة الحسين عليه السلام ٢١٠

الباب السّابع والسّبعون. ٢١٢

إنَّ زائري الحسين عليه السلام العارفين بحقّه تشيّعهم الملائكة وتستقبلهم وتعودهم إذا مرضوا، ويشهدونهم إذا ماتوا ويستغفرون لهم إلى يوم القيامة ٢١٢

الباب الثّامن والسّبعون. ٢١٦

فيمن ترك زيارة الحسين عليه السلام ٢١٦

الباب التّاسع والسَّبعون. ٢١٨

زيارات الحسين بن عليِّ عليهما السلام ٢١٨

الباب الثّمانون. ٢٦٤

كيف الصّلاة عند قبر الحسين عليه السلام ٢٦٤

الباب الحادي والثّمانون. ٢٦٥

التّقصير في الفريضة والرّخصة في التّطوّع عنده وجميع المشاهد. ٢٦٥

الباب الثّاني والثّمانون. ٢٦٧

التّمام عند قبر الحسين عليه السلام وجميع المشاهد. ٢٦٧

٧

الباب الثّالث والثمانون. ٢٦٩

إنَّ الصَّلاة الفريضة عنده تَعدل حَجَّة، والنّافلة عُمرة ٢٦٩

الباب الرَّابع والثّمانون. ٢٧١

وَداع قبر الحسين بن عليِّ عليهما السلام ٢٧١

الباب الخامس والثّمانون. ٢٧٤

زيارة قبر العبّاس بن عليٍّ عليهما السلام ٢٧٤

الباب السّادس والثمانون. ٢٧٦

وَداع قَبر العَبّاس بن عَليٍّ عليهما السلام ٢٧٦

الباب السّابع والثّمانون. ٢٧٧

وداع قُبور الشّهداء عليه السلام ٢٧٧

الباب الثّامن والثّمانون. ٢٧٧

فَضل كربلاء وزيارة الحسين عليه السلام ٢٧٧

الباب التّاسع والثّمانون. ٢٩٠

فضل الحائر وحُرْمَته ٢٩٠

الباب التّسعون. ٢٩١

إنَّ الحائر مِن المواضع الَّتي يحبُّ الله أنْ يُدعىُ فيها ٢٩١

الباب الحادي والتّسعون. ٢٩٣

ما يستحبُّ مِن طين قبر الحسين عليه السلام وأنَّه شِفاءٌ ٢٩٣

الباب الثّاني والتّسعون. ٢٩٧

إنّ طين قبر الحسين عليه السلام شفاء وأمان. ٢٩٧

الباب الثّالث والتّسعون. ٢٩٨

من أين يؤخذ طين قبر الحسين عليه السلام وكيف يؤخذ. ٢٩٨

الباب الرّابع والتّسعون. ٣٠٣

ما يقول الرَّجل إذا أكل من تربة قبر الحسين عليه السلام ٣٠٣

الباب الخامس والتّسعون. ٣٠٤

إنَّ الطّين كلّه حَرامٌ إلاّ طين قبر الحسين عليه السلام فإنَّه شِفاءٌ ٣٠٤

٨

الباب السّادس والتّسعون. ٣٠٦

مَن نَأَتْ دارُه وبَعُدتْ شُقَّته كيف يزوره صلوات الله عليه ٣٠٦

الباب السّابع والتّسعون. ٣١٠

ما يكره من الجفاء لزيارة قبر الحسين عليه السلام ٣١٠

الباب الثّامن والتّسعون. ٣١٣

أقلّ ما يزار فيه الحسين عليه السلام وأكثر ما يجوز تأخير زيارته للغنيّ والفقير. ٣١٣

الباب التّاسع والتّسعون. ٣١٨

ثواب زيارة قبر أبي الحسن موسى بن جعفر ومحمّد بن عليٍّ الجواد عليهم السلام ببغداد ٣١٨

الباب المائة ٣٢١

زيارة أبي الحسن موسى بن جعفر وأبي جعفر محمّد بن عليّ الجواد عليهم السلام ٣٢١

الباب الحادي والمائة ٣٢٣

ثواب زيارة أبي الحسن عليِّ بن موسى الرِّضا عليه السلام بطوس. ٣٢٣

الباب الثّاني والمائة ٣٢٨

زيارة قبر أبي الحسن الرِّضا عليه السلام ٣٢٨

الباب الثّالث والمائة ٣٣٣

زيارة أبي الحسن عليِّ بن محمَّدٍ الهادي وأبي محمَّدٍ الحسن بن عليٍّ العسكريّ عليهم السلام بـ « سُرَّ مَن رأى »  ٣٣٣

الباب الرّابع والمائة ٣٣٥

زيارةٌ لجميع الأئمَّة ٣٣٥

صلوات الله عليهم أجمعين. ٣٣٥

الباب الخامس والمائة ٣٣٨

فضل زيارة المؤمنين وكيف يُزارون. ٣٣٨

الباب السّادس والمائة ٣٤٣

فضل زيارة فاطمة بنت موسى بن جعفر عليهما السلام بقمّ. ٣٤٣

٩

الباب السّابع والمائة ٣٤٣

فضل زيارة قبر عبدالعظيم بن عبدالله الحسنيِّ بالرَّيِّ. ٣٤٣

الباب الثّامن والمائة ٣٤٤

نَوادر الزِّيارات.. ٣٤٤

١٠

الباب الأوَّل

( ثواب زيارة رسول الله وزيارة أمير المؤمنين والحسن والحسين)

- صلوات الله عليهم -

١- أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولُوَيه القمّيّ الفقيه قال: حدَّثني أبيرحمه‌الله ، عن سعد بن عبدالله بن أبي خلف الأشعريّ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد البرقيِّ، عن قاسم بن يحيى، عن جَدّه الحسن بن راشد، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: بينا الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام في حِجر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ رفع رأسه فقال له: ياأبة ما لمن زارَك بعد موتك؟ فقال: يابنيّ من أتاني زائراً بعد موتي فله الجنّة، ومن أتى أخاك زائراً بعد موته فله الجنّة، ومن أتى أخاك بعد موته فله الجنّة، ومن أتاك زائراً بعد موتك فله الجنّة ».

٢ - عنه(١) ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن عليَّ بن أسباط، عن عثمان بن عيسى، عن المُعلّى [بن] أبي شهاب، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قال الحسين - صلوات الله عليه - لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما جزاء من زارَك؟ فقال: يا بُنَيّ من زراني حيّاً أو ميّتاً، أو زارَ أباك أو زارَ أخاك أو زارَك كان حقّاً عليّ أن أزوره يوم القيامة حتّى اُخلّصه مِن ذنوبه ».

٣ - حدَّثني أبيرحمه‌الله ؛ ومحمّد بن يعقوبَ، عن أحمدَ بن إدريس - عمّن ذكره - عن محمّد بن سنان، عن محمّد بن عليّ - رفعه - « قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليُّ من زارني في حياتي أو بعد مَوتي؛ أو زارَك في حياتك أو بعد موتك؛ أو زار ابنَيك في حَياتهما أو بعد موتهما ضمنت له يوم القيامة أن اُخلّصه من أهوالها وشدائدها حتّى اُصيّره معي في درجتي ».

__________________

١ - الضّمير راجع إلى سعد بن عبدالله القمّيّ.

١١

٤ - حدَّثني محمّد بن يعقوب قال: حدَّثني عدَّة من أصحابنا؛ منهم: أحمدُ بنُ إدريسَ؛ ومحمّد بن يحيى، عن العَمُركي بن عليّ، عن يحيى - وكان خادماً لأبي جعفر الثّانيعليه‌السلام - عن بعض أصحابنا - رفعه إلى محمّد بن عليّ بن الحسينعليهم‌السلام « قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من زارني أو زارَ أحداً من ذرّيّتي زُرتُه يوم القيامة فأنقذته من أهوالها ».

٥ - حدّثني محمّد بن الحسن بن عليِّ بن مهزيار، عن أبيه الحسن، عن أبيه علي بن مَهزيار قال: حدّثنا عثمان بن عيسى، عن المعلّى [بن] أبي شِهاب، عن أبي عبدالله « قال: قال الحسين بن عليعليهما‌السلام لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أبتاه ما جزاء من زارك؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا بنيّ من زارني حيّاً أو ميّتاً أو زار أباك أو زار أخاك أو زارك كان حقاً عليَّ أن أزوره يوم القيامة فاُخلّصه من ذنوبه ».

الباب الثّاني

( ثواب زيارة رسول الله - صلى الله عليه وآله -)

١ - حدّثني أبيرحمه‌الله ، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبان، عن السَّدُوسيّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قال رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أتاني زائراً كنت شفيعه يوم القيامة ».

٢ - حدّثني محمّد بن الحسن بن أحمدرحمه‌الله ، عن محمّد بن الحسن - الصّفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي نجران « قال: قلت لأبي جعفر الثانيعليه‌السلام : جعلت فداك ما لمن زار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله متعمدا(١) ؟ قال: له الجنة ».

٣ - حدثني جماعة من مشايخنا، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن معاوية بن حُكيم، عن عبدالرّحمن بن أبي نَجران « قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عمّن زارَ قبر النَّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قاصداً؟ قال: له الجنّة ».

__________________

١ - أي لمحض الزّيارة لا لشيء آخر.

١٢

٤ - حدَّثني جماعةُ من مشايخنا بهذا الإسناد عن عبدالرّحمن بن أبي نَجران، عن أبي جعفر الثّانيعليه‌السلام « قال: قلت: ما لمن زارَ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله متعمّداً؟ قال: يدخله الله الجنّة ان شاءَ الله ».

٥ - حدّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميريّ، عن أبيه، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن عليِّ بن الحكم، عن سَيف بن عَميرة، عن أبي بكر الحَضرَميّ(١) « قال: قد أمرني أبو عبداللهعليه‌السلام أن أكثر الصّلاة في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما استطعتُ، وقال: إنّك لا تقدِر عليه كلّما شِئت، وقال لي: تأتي قبرَ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقلتُ: نَعَم، فقال: أما أنّه يسمعك من قريب ويبلّغه عنك إذا كنت نائياً ».

٦ - وبإسناده عن سَيف بن عَميرَة، عن عامر بن عبدالله « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : إنّي زِدتُ جمّالي دينارين أو ثلاث على أن يمرٌ بي على المدينة، فقال: قد أحسنت! ما أيسر هذا؛ تأتي قبرَ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وتسلّم عليه، أما إنّه ليسمعك من قريب ويبلغه عنك من بَعيد ».

٧ - حدّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عبدالرَّحمن بن أبي نجرانَ « قال: قلت لأبي جعفر الثانيعليه‌السلام : جعلت فداك ما لمن زارَ قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله متعمّداً؟ قال: يدخله الله الجنّة إن شاءَ الله ».

٨ - حدّثني محمّد بن يعقوبَ، عن عدَّة من رجاله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن عبدالرَّحمن بن أبي نجران « قال: قلت لأبي جعفر الثّانيعليه‌السلام : جعلت فِداك ما لمن زارَ قبرَ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله متعمّداً؟ قال: له الجنّة ».

٩ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بن الوليد؛ ومحمّد بن يعقوبَ، عن عليّ بن محمّد بن بُندار، عن إبراهيم بن إسحاقَ، عن محمّد بن سليمان الدِّيلميّ،

__________________

١ - هو عبدالله بن محمّد الحضرميّ.

١٣

عن أبي جحر الأسلميّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قالَ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أتى مكّة حاجّاً ولم يزرني بالمدينة جفوته يوم القيامة؛ ومن زارني زائراً وجبت له شفاعتي؛ ومن وجبت له شفاعتي وجبت له الجنّة، ومن مات في أحد الحرمين؛ مكّة أو المدينة لم يعرض إلى الحساب؛ ومات مهاجراً إلى الله وحشر يوم القيامة مع أصحاب بدر ».

١٠ - حدّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن أبان، عن السَّدُوسيّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أتاني زائراً كنت شفيعه يوم القيامة ».

١١ - حدّثني حكيم بن داود بن حكيم، عن سَلَمَة بن الخطّاب قال: حدّثني عليُّ بن سَيف قال: حدّثني الفضل بن مالك النَّخعيُّ قال: حدّثني إبراهيم بن أبي يحيى المدنيِّ، عن صَفوانَ بن سُلَيم، عن أبيه، عن النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله « قال: من زارني في حياتي أو بعد موتي كان في جواري يوم القيامة ».

١٢ - وعنه، عن سلَمَة، عن عليِّ بن سَيف قال: حدَّثني سليمان بن عُمَرَ - النَّخَعيّ، عن عبدالله بن الحسن، عن أبيه، [عن آبائه] عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام « قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من زارني بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي، وكنت له شهيداً وشافعاً يوم القيامة ».

١٣ - وعنه، عن سَلَمَةَ، عن جعفر بن بشير، عن أبان بن عثمان، عن السَّدُوسيِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أتاني زائراً كنت له شفيعاً يوم القيامة ».

١٤ - وعنه، عن سَلَمَة قال: حدَّثني زيد بن أبي زيد الهَرَوي، عن قُتَيبة بن سعيد « قال: قال رسول الله: من أتاني زائراً في المدينة محتسباً كنت له شفيعاً يوم القيامة ».

١٥ - حدّثني جماعة من مشايخيرحمهم‌الله عن محمّد بن يحيى؛ وأحمد بنِ إدريسَ جميعاً، عن سَلَمَةَ قال: حدَّثني بعض أصحابنا بهذا الحديث عن ابن -

١٤

أبي نَجرانَ « قال: قلت له: ما لمن زارَ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله متعمّداً؟ قال: يدخله الله الجنّة ».

١٦ - حدّثني أبي؛ وجماعة من مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن أبان، عن السَّدوسيّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أتاني زائراً كنت شفيعه يوم القيامة ».

١٧ - حدّثني أبو الفضل محمّد بن أحمد بن سليمان، عن موسى بن محمّد بن موسى، عن محمّد بن محمّد الأشعث قال: حدَّثنا أبو الحسن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر قال: حدَّثنا أبي، عن أبيه، عن جدِّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليِّ بن الحسينعليهم‌السلام « قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من زار قبري بعد موتي كان كمن هاجر إليَّ في حياتي، فإن لم تستطيعوا فابعثوا إليَّ بالسّلام فإنّه يبلغني ».

١٨ - حدَّثني أبي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن المعلّى [بن] أبي شِهاب، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قال الحسين بن عليعليهما‌السلام لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أبتاه ما جزاء من زارك؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا بُنَيَّ من زارني حيّاً أو ميّتاً كان حقاً عليَّ أن أزوره يوم القيامة واُخلّصه من ذنوبه ».

حدّثني أبيرحمه‌الله ، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد بإسناده مثله.

١٩ - حدّثني محمّد بن جعفر الرَّزّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن الفُضَيل بن يَسار، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: إنَّ زيارة قبر رسول الله تَعدل حجّة مع رسول الله مَبرورَة ».

٢٠ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عُقبة، عن زَيدٍ الشَّحّام « قال: قلت لأبي عبدالله: ما لمن زار قبر رسولِ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال: كمن زار الله في عرشه ».

١٥

الباب الثّالث

( زيارة قبر رسول الله - صلى الله عليه وآله - والدُّعاء عنده)

١ - حدَّثني أبي؛ ومحمّد بن الحسن، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن فضّالَة بن أيّوب؛ وصَفوان؛ وابن أبي عُمَير جميعاً، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إذا دخلت المدينة فاغتسل قبل أن تدخلها أو حين تريد أن تدخلها ثمّ تأتي قبر النَّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فتسلّم على رسول الله ثمّ تقوم عند الاُسطوانة المقدّمة عن جانب القبر الأيمن عند رأس القبر وأنت مستقبل القبلة ومَنْكِبُك الأيسرُ إلى جانب القبر ومَنْكِبُك الأيمن ممّا يلي المِنبر، فإنّه موضع رأس النّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله وتقول: «أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأشْهَدُ أنَّكَ رَسُولُ اللهِ، وَأنَّكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَأشْهَدُ أنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ رِسالاتِ رَبِّكَ، وَنَصَحْتَ لإُمَّتِكَ، وَجاهَدْتَ في سَبيلِ اللهِ، وَعَبَدْتَ اللهَ حَتّى أتاكَ الْيَقينُ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، وَأدَّيْتَ الَّذي عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ، وَأنَّكَ قَدْ رَؤُفْتَ (١) بِالْمُؤْمِنينَ، وَغَلُظْتَ عَلَى الْكافِرينَ، فَبَلَّغَ اللهُ بِكَ أفْضَلَ شَرَفِ مَحَلِّ الْمُكَرَّمينَ، الْحَمْدُ للهِ الَّذي إسْتَنْقَذَنا بِكَ مِنَ الشِّرْكِ وَالضَّلالَةِ، اللّهُمَّ اجْعَلْ صَلَواتِكَ، وَصَلَواتِ مَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبينَ، وعِبادِك الصّالحين وَأنْبِيائِكَ الْمُرْسَلينَ، وَأهْلِ السَّماواتِ وَالاَْرَضينَ؛ وَمَنْ سَبَّحَ لِرَبِّ الْعالَمينَ مِنَ الاَْوَّلينَ وَالاَْخِرينَ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُوِلِكَ وَنَبِيِّكَ وَأمينِكَ وَنَجِيِّكَ وَحَبيبِكَ وَصَفِيِّكَ وَخاصَّتِكَ وَصَفْوَتِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، اللّهُمَّ وأعْطِهِ الدَّرَجَةَ والْوَسيلَةَ مِنَ الْجَّنَةِ، وَابْعَثْهُ مَقاماً مَحْمُوداً يَغْبِطُهُ بِهِ الاَْوَّلُونَ وَالاَْخِرُونَ، اللّهُمَّ إنَّكَ قُلْتَ: «وَلَوْ أنَّهُمْ إذْ ظَلَمُوا أنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوّاباً رَحيماً (٢) »،وَإنّي أتَيْتُ نَبيَّكَ

__________________

١ - بضمّ الهمزة وفتحها وكسرها جميعاً.

٢ - النّساء: ٦٤.

١٦

مُسْتَغْفِرًا تائِباً مِنْ ذُنُوبي، وَإنّي أتَوَجَّهُ إليكَ بنَبيِّك نَبي الرَّحمةِ محمّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، يا محمّدُ إنّي أتَوَجَّه إلَى اللهِ رَبّي وَرَبِّكَ [بِكَ] لِيَغْفِرَ لي ذُنُوبي »،

وإن كانت لك حاجةٌ فاجعل قبر النَّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله خلفَ كِتْفَيك، واستقبل القِبلةً، وارفع يديك واسأل حاجتك، فإنّك أحرى أن تقضى إن شاءَ الله ».

٢ - حدّثني جعفر بن محمّد بن إبراهيم الموسويّ، عن عبدالله بن نُهَيك، عن ابن أبي عُمَير، عن معاوية بن عمّار « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : إذا فَرَعتَ من الدُّعاء عند القبر فَأتِ المنبَر وامسَحه بيدك وخُذ برُمَّانتَيه وهما السُّفلاوانِ؛ وامْسَحْ وَجهَك وعَينَك به، فإنّه يقال: إنّه شِفاءٌ لِلعَين، وقم عنده فاحمد الله وأثْنِ عليه، وسَلْ حاجتَك، فإنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ما بين مِنبري وبَيتي رَوضةٌ من رياض الجنّة، وإنَّ مِنبري على تُرْعَةٍ من تُرَع الجَنّة، وقوائمُ المنبر رُتِّبَ في الجنة - والتُّرعة هي الباب الصّغير -، ثمّ تأتي مقام النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فصلّ فيه ما بدا لك، فإذا دخلت المسجد فَصَلِّ على محمّد وآله، وإذا خرجت فافعل ذلك وأكثر من الصَّلاة في مسجد النَّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

٣ - حدَّثني أبو عبدالرَّحمن محمّد بن أحمد بن الحسين العسكريّ، عن الحسن بن عليّ بن مَهزيار، عن أبيه عليِّ بن مَهزيار، عن عليِّ بن الحسن ابن عليِّ بن عُمرَ بن عليّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب، عن عليِّ بن جعفر بن محمّد، عن أخيه أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جدّهعليهم‌السلام « قال: كان عليُّ بن الحسينعليهما‌السلام يقف على قبر النَّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله ويسلّم ويشهد له بالبلاغ ويدعو بما حضره، ثمَّ يُسنِد ظهرَه إلى قبر النَّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المَرمَرة الخَضراء الدَّقيقة العَرض ممّا يلي القبر ويلتزق بالقبر ويسند ظهره إلى القبر ويستقبل القبلةَ ويقول:

«اللّهمّ إليك ألجأتُ أمري؛ وَإلى قبرِ محمَّدٍ عَبدِكَ ورَسولِكَ أسْنَدْتُ ظَهري، وَالقِبْلَةَ الَّتي رَضيتَ لِمُحمّدٍ استَقْبَلْتُ، اللّهمَّ إنّي أصْبَحْتُ لا أمْلِكُ لِنَفْسي خَيْرَ ما أرْجُو لَها ولا أدَفْعُ عَنها شَرَّ ما أحْذَرُ عليها، وأصْبَحتِ الاُمورُ بِيَدِك ولا فَقيرَ أفْقَرُ مِنّي، إنّي لِما أنْزَلتَ إليَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ، اللّهُمَّ أرِدْني مِنكَ بِخَيْرٍ فَلا رادَّ لِفَضْلِكَ، اللّهمَّ إنّي أعوذُ بِكَ مِن أن تُبدِّلَ اسْمي أو أن تُغيّرَ جِسمي أو تُزِيلَ نِعمَتك عَنّي، اللّهمّ زَيِّني بِالتَّقْوى وجَمِّلْني

١٧

بالنِّعَم وَاعْمُرْني بِالعافِيَةِ، وَارْزُقْني شُكْرَ العافِيَةِ ».

٤ - حدّثني أبي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عبد الرَّحمن بن أبي نَجرانَ؛ والحسين بن سعيد؛ وغير واحدٍ، عن حمّاد بن عيسى، عن محمّد بن مسعود « قال: رأيت أبا عبداللهعليه‌السلام انتهى إلى قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فوضع يَدَه عليه وقال: «أسْالُ اللهَ الَّذي اجْتَباكَ وَاخْتارَكَ وَهَداكَ وَهَدى بِكَ أنْ يُصَلِّيَ عَلَيْكَ » ثمّ قال: «اِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِي يا أيُّها الَّذينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْليماً (١) ».

٥ - حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن إبراهيم بن أبي البلاد « قال: قال لي أبو الحسنعليه‌السلام : كيف تقول في التَّسليم على النَّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قلت: الَّذي نعرفُه وروِّيناه، قال: أو لا اُعلِّمكَ ما هو أفضلُ مِن هذا؟ قلت: نعم جُعِلتُ فِداك، فكتب لي - وأنا قاعِدٌ - بخطّه وقرأه عليَّ: إذا وقفتَ على قبرهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقل:

«أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، [ وَأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ] وَأشْهَدُ أنَّكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَأشْهَدُ أنَّكَ خاتَمُ النٌبيّينَ، وَأشْهَدُ أنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ رِسالاتِ رَبِّكَ، وَنَصَحْتَ لاُمَّتِكَ، وَجاهَدْتَ في سَبيلِ رَبِّكَ، وَعَبَدْتَه حتّى أتاكَ الْيَقينُ، وأدَّيْتَ الّذي عليك مِنَ الحَقّ، اللّهمَّ صَلِّ علىُ محمّدٍ عَبْدِكَ ورَسولِك ونَجيّكَ وأمِينِكَ وصَفِيّكَ وخِيرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ أفْضَلَ ما صَلَّيتَ علىُ أحَدٍ مِن أنبيائك ورُسُلِكَ، اللّهُمّ سَلّمْ علَى محمَّدٍ وآل محمّدٍ كما سَلَّمْتَ عَلى نُوحٍ في العالَمِينَ، وَامْنُنْ علىُ محمّدٍ وآل محمّدٍ كما مَنَنْتَ علىُ موسى وهارون، وبارِك على محمّدٍ وآل محمّدٍ كما بارَكتَ علىُ إبراهيمَ وآلِ إبراهيمَ إنّك حَميدٌ مجيدٌ، اللّهمَّ صَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وتَرحَّمْ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، اللّهمَّ رَبَّ البيتِ الحَرام ورَبَّ المسجدِ الحَرام ورَبَّ الرُّكْن والمقامِ، ورَبَّ البَلَدِ الحَرام، ورَبَّ الحِلِّ والحَرم، ورَبَّ المشْعَرِ الحَرام، بلِّغْ رُوحَ نَبِيِّك محمّدٍ منّي السَّلام » ».

__________________

١ - الأحزاب: ٥٦.

١٨

٦ - حدَّثني محمّد بن يعقوب الكلينيُّ، عن عدّة من أصحابنا، عن سَهل بن زياد، عن أحمدَ بن محمّد بن أبي نَصر « قال: قلت لأبي الحسنعليه‌السلام : كيف السّلام على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند قبره؟ فقال:

«السَّلامُ عَلى رَسولِ اللهِ، السَّلامُ عليكَ يا حَبيبَ اللهِ، السَّلامُ عليكَ يا صَفْوَةَ اللهِ، والسَّلام عليك يا أمينَ اللهِ، أشْهَدُ أنَّكَ قَدْ نَصَحْتَ لاُمَّتِكَ، وَجاهَدْتَ في سَبيلِ اللهِ، وعَبَدتَه مُخلِصاً حتّى أتاكَ اليَقينُ، فجزاكَ اللهُ أفْضَلَ ما جَزى نَبِيّاً عَنْ اُمَّتِه، اللّهمَّ صَلَّ على محمّدٍ وآل محمّدٍ أفضلَ ما صَلَّيْتَ عَلى إبراهيمَ وآلِ إبراهيمَ إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ » ».

سلام مولانا أبي الحسن موسى بن جعفر الكاظمعليهما‌السلام

على جدّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

٧ - [ و ] بإسناده، عن سهل، عن عليِّ بن حسّان - عن بعض أصحابنا - « قال: حضرتُ أبا الحسن الأوَّلعليه‌السلام وهارون الخليفة، وعيسى بن جعفر وجعفر بن يحيى بالمدينة، وقد جاؤوا إلى قبر النَّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال هارون لأبي الحسنعليه‌السلام : تقدَّم، فأبى، فتقدَّم هارونُ فسلّم وقام ناحية، فقال عيسى بن جعفر، فقال جعفر لأبي الحسنعليه‌السلام : تقدَّمَ، فأبى، فتقدَّمَ عيسى بن جعفر فسلّم ووقف مع هارونَ، فقال جعفر لأبي الحسنعليه‌السلام : تقدَّمَ فأبى فتقدَّمَ جعفر فسلم ووقف مع هارون، وتقدَّم أبو الحسنعليه‌السلام فقال: «السَّلامُ عَلَيكَ يا أبَه، أسالُ اللهَ الَّذي اصْطَفاكَ واجْتَباكَ وهَداكَ وهَدى بِكَ أنْ يُصلّي عَلَيكَ »، فقال هارون لعيسى: سَمعتَ ما قال؟! قال: نَعَم، فقال هارون لعيسى: سَمعتَ ما قال؟! قال: نَعَم، فقال هارون: أشهد أنّه أبوه حَقّاً ».

٨ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار، عن أبيه، عن جَدِّه عليًّ بن مَهزيار، عن عليِّ بن الحسن العلويّ ابن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي أبي طالب، عن عليِّ بن جعفر، عن أخيه موسى، عن أبيه، عن جدِّهعليهم‌السلام « قال: كان أبي عليُّ بن الحسين يقف على قبر النّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله فيسلّم عليه ويشهد له بالبلاغ ويدعو بما حضره، ثمَّ يسند ظهره إلى قبر النَّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المَرمَرة الخضراء الدَّقيقة العَرض ممّا يلي القبر، ويلتزق بالقَبر ويُسندُ ظَهره إلى القَبر و

١٩

يستقبل القبلة فيقول:

«اللّهمّ إلَيكَ ألجأْتُ أمرِي، وَإلى قبرِ محمَّدٍ عَبدِكَ ورَسولِكَ أسْنَدْتُ ظَهري، وَالقِبْلَةِ الَّتي رَضيتَ لِمُحمّدٍ استَقْبَلْتُ، اللّهمَّ إنّي أصْبَحْتُ لا أمْلِكُ لِنَفْسي خَيْرَ ما أرْجُو لَها ولا أدَفْعُ عَنها شَرَّ ما أحْذَرُ عليها، وأصْبَحَتِ الاُمورُ كُلُّها بِيَدِك، ولا فَقيرَ أفْقَرُ مِنّي، إنّي لِما أنْزَلتَ إليَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ، اللّهُمَّ أرِدْني مِنكَ بِخَيْرٍ، ولا رادَّ لِفَضْلِكَ، اللّهمَّ إنّي أعوذُ بِكَ مِن أن تُبدِّلَ اسْمي [أ] وتُغيّرَ جِسمي؛ أو تُزِيلَ نِعمَتَكَ عَنّي، اللّهمَّ زَيِّني بِالتَّقْوى، وجَمِّلْني بالنِّعَم وَاعْمُرْني بِالعافِيَةِ، وَارْزُقْني شُكْرَ العافِيَةِ ».

ما يجب أن يُدعى به عند قبر سيِّدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتَحرٌج في المناسك

٩ - حدَّثني عليُّ بن الحسين، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن أبي عبدالله زكريا المؤمن، عن إبراهيم بن ناجية، عن إسحاقَ بن عمار « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : علِّمني تسليماً خفيفاً على النَّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: قل: «أسْالُ اللهَ الَّذي انْتَجَبَكَ وَاصْطَفاكَ واختارَكَ وهَداكَ وهَدى بِكَ أنْ يُصَلّي عَلَيكَ صَلاةً كَثِيرةً طَيِّبةً » ».

١٠ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى؛ ويعقوب بن يزيد؛ وموسى بن عُمَرَ، عن أحمدَ بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرّضاعليه‌السلام « قال: قلت: كيف السَّلام على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند قبره؟ فقال: تقول:

«السَّلامُ عَلى رَسُولِ اللهِ، السَّلام عليك وَرَحْمةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسولَ اللهِ، السّلام عليكَ يا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِاللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خِيَرَةَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حَبيبَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا صِفْوَهَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أمينَ اللهِ، أشْهَدُ أنَّكَ رَسُولُ اللهِ، وَأشْهَدُ أنَّكَ مُحمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَأشْهَدُ أنَّكَ قَدْ نَصَحْتَ لاَُِمَّتِكَ وَجاهَدْتَ في سَبيلِ رَبِّكَ وَعَبَدْتَهُ حَتّى أتاكَ الْيَقينُ، فَجَزاكَ اللهُ أفْضَلَ ما جَزى نَبِيّاً عَنْ اُمَّتِهِ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مَحَمِّدٍ وآلِ مُحَمِّدٍ أفْضَلَ ما صَلَّيْتَ عَلى اِبْراهِيمَ وَآلِ إبراهيمَ، اِنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ » ».

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

التدريجي وقبول الانقسام والتجزّي - لكان مادّيّاً متغيّراً وقابلاً للانقسام، وليس كذلك، فإنّ كلّ أحدٍ إذا رجع إلى هذه المشاهدة النفسانيّة اللاّزمة لنفسه، وذكر ما كان يجده من هذه المشاهدة منذ أوّل شعوره بنفسه ؛ وجده معنىً مشهوداً واحداً باقياً على حاله من غير أدنى تعدّدٍ وتغيّر، كما يجد بدنه وأجزاء بدنه، والخواصّ الموجودة معها متغيّرة متبدّلة من كلّ جهةٍ في مادّتها وشكلها وسائر أحوالها وصورها، وكذا وجده معنىً بسيطاً غير قابلٍ للانقسام والتجزّي، كما يجد البدن وأجزائه وخواصّه - وكلّ مادّة وأمرٍ مادّيٍّ كذلك - ؛ فليست النفس هي البدن ولا جزءاً من أجزائه، ولا خاصّة من خواصّه، سواء أدركناه بشيءٍ من الحواسّ، أو بنحوٍ من الاستدلال، أو لم ندرك ؛ فإنّها جميعاً مادّية كيفما فُرضت، ومن حكم المّادة التغيّر وقبول الانقسام، والمفروض أنْ ليس في مشهودنا المسمّى بالنفس شيء من هذه الأحكام ؛ فليست النفس بمادّيّة بوجه.

وأيضاً، هذا الذي نشاهده، نشاهده أمراً واحداً بسيطاً، ليس فيه كثرة من الأجزاء، ولا خليط من خارج، بل هو واحد صِرْف، فكلّ إنسانٍ يشاهد ذلك من نفسه، ويرى أنّه هو وليس بغيره، فهذا المشهود أمرٌ مستقلٌّ في نفسه، لا ينطبق عليه حدّ المادّة، ولا يوجد فيه شيء من أحكامها اللاّزمة، فهو جوهر مجرّد عن المادّة متعلّق بالبدن نحو تعلّق يوجب اتحاداً ما له بالبدن، وهو التعلّق التدبيري ؛ وهو المطلوب.

وقد أنكر تجرّد النفس جميع المادّيّين، وجمعٌ من الإلهيّين من المتكلّمين والظاهريّين من المحدثين، واستدلّوا على ذلك، وردّوا ما ذُكر من البرهان بما لا يخلو عن تكلّف من غير طائل.

قال المادّيّون: إنّ الأبحاث العلميّة على تقدّمها وبلوغها اليوم إلى غاية

٤١

الدقّة في فحصها وتجسّسها، لم تجد خاصّة من الخواصّ البدنيّة إلاّ وجدت علّتها المادّيّة، ولم تجد أثراً روحيّاً لا يقبل الانطباق على قوانين المادّة حتّى تحكم بسببها بوجود روح مجرّدة.

قالوا: وسلسلة الأعصاب تؤدّي الإدراكات إلى العضو المركزي وهو الجزء الدماغي، على التوالي وفي نهاية السرعة، ففيه مجموعة متّحدة ذات وضع واحد لا يتميّز أجزائها ولا يُدرك بطلان بعضها وقيام الآخر مقامه، وهذا الواحد المتحصّل هو نفسنا التي نشاهدها ونحكي عنها ب-: أنا.

فالذي نرى أنّه غير جميع أعضائنا صحيح، إلاّ أنّه لا يثبت أنّه غير البدن وغير خواصّه، بل هو مجموعة متّحدة من جهة التوالي والتوارد لا نغفل عنه، فإنّ لازم الغفلة عنه - على ما تبيّن - بطلان الأعصاب، ووقوفها عن أفعالها وهو الموت، والذي نرى أنّه ثابت صحيح لكنّه لا من جهة ثباته وعدم تغيّره في نفسه بل الأمر مشتبه على المشاهدة من جهة توالي الواردات الإدراكيّة وسرعة ورودها، كالحوض الذي يرد عليه الماء من جانب ويخرج من جانب بما يساويه وهو مملوء دائماً، فما فيه من الماء يجده الحسّ واحداً ثابتاً، وهو بحسب الواقع لا واحدٌ ولا ثابت، وكذا يجد عكس الإنسان، أو الشجر أو غيرهما فيه واحداً ثابتا، وليس واحداً ثابتاً بل هو كثيرٌ متغيّر تدريجاً بالجريان التدريجي الذي لأجزاء الماء فيه، وعلى هذا النحو وجود الثبات والوحدة والشخصيّة التي نرى في النفس.

قالوا: فالنفس التي يُقام البرهان على تجرّدها من طريق المشاهدة الباطنيّة، هي في الحقيقة مجموعة من خواصّ طبيعيّة، وهي: الإدراكات العصبيّة، التي هي نتائج حاصلة من التأثير والتأثّر المتقابلين بين جزء المادّة الخارجيّة وجزء المركّب العصبي، ووحدتها وحدة اجتماعيّة لا وحدة واقعيّة حقيقيّة.

٤٢

أقول : أمّا قولهم: ( إنّ الأبحاث العلميّة المبتنية على الحسّ والتجربة، لم تظفر في سيرها الدقيق بالروح، ولا وجدت حكماً من الأحكام غير قابل التعليل إلاّ بها )، فهو كلام حقٍّ لا ريب فيه، لكنّه لا ينتج انتفاء النفس المجرّدة التي أُقيم البرهان على وجودها، فإنّ العلوم الطبيعيّة الباحثة عن أحكام الطبيعة، وخواص المادّة، إنّما تقدر على تحصيل خواصّ موضوعها الذي هو المادّة، وإثبات ما هو من سنخها، وكذا الخواص والأدوات المادّيّة، التي نستعملها لتتميم التجارب المادّيّة، إنّما لها أن تحكم في الأُمور المادّيّة، وأمّا ما وراء المادّة والطبيعة فليس لها أن تحكم فيها نفياً ولا إثباتاً، وغاية ما يشعر البحث المادّي به هو عدم الوجدان، وعدم الوجدان غير عدم الوجود، وليس من شأنه - كما عرفت - أن يجد ما بين المادّة التي هي موضوعها ولا بين أحكام المادّة وخواصّها، التي هي نتائج بحثها، أمراً مجرّداً خارجاً عن سنخ المادّة، وحكم الطبيعة.

والذي جرّأهم على هذا النفي ؛ زعمهم أنّ المثبتين لهذه النفس المجرّدة، إنّما أثبتوها لعثورهم إلى أحكام حيويّة من وظائف الأعضاء، ولم يقدروا على تعليلها العلمي، فأثبتوا النفس المجرّدة لتكون موضوعاً مُبْدئاً لهذه الأفاعيل، فلمّا حصل العلم اليوم على عللها الطبيعيّة لم يبق وجهٌ للقول بها. ونظير هذا الزعم ما زعموه في باب إثبات الصانع.

وهو اشتباهٌ فاسدٌ، فإنّ المثبتين لوجود هذه النفس لم يثبتوها لذلك، ولم يسندوا بعض الأفاعيل البدنيّة إلى البدن، فيما علله ظاهرة، وبعضها إلى النفس فيما علله مجهولة، بل أسندوا الجميع إلى العلل البدنيّة بلا واسطة وإلى النفس بواسطتها، وإنّما أسندوا إلى النفس ما لا يمكن إسناده إلى البدن ألبتّة، وهو علم الإنسان بنفسه ومشاهدته ذاته، كما مرّ.

٤٣

وأمّا قولهم: ( إنّ الإنيّة المشهودة للإنسان على صفة الوحدة، هي عدّة من الإدراكات العصبيّة الواردة على المركز، على التوالي، وفي نهاية السرعة - ولها وحدة اجتماعية - ) فكلام لا محصّل له، ولا ينطبق عليه الشهود النفساني ألبتّة، وكأنّهم ذهلوا عن شهودهم النفساني ؛ فعدلوا عنه إلى ورود المشهودات الحسّيّة إلى الدماغ، واشتغلوا بالبحث عمّا يلزم ذلك من الآثار التالية، وليت شعري، إذا فرض أنّ هناك أُموراً كثيرة بحسب الواقع لا وحدة لها ألبتّة، وهذه الأُمور الكثيرة التي هي الإدراكات أُمور مادّيّة ليس ورائها شيء آخر إلاّ نفسها، وأنّ الأمر المشهود الذي هو النفس الواحدة هو عين هذه الإدراكات الكثيرة، فمِن أين حصل هذا الواحد الذي لا نشاهد غيره ؟!

ومن أين حصلت هذه الوحدة المشهودة فيها عياناً ؟!

والذي ذكروه من وحدتها الاجتماعية كلام أشبه بالهزل منه بالجد ؛ فإنّ الواحد الاجتماعي هو كثير في الواقع من غير وحدة، وإنّما وحدتها في الحسّ أو الخيال - كالدار الواحد والخطّ الواحد مثلاً - لا في نفسه، والمفروض، في محلّ كلامنا، أنّ الإدراكات والشعورات الكثيرة في نفسها هي شعور واحد عند نفسها، فلازم قولهم:

إنّ هذه الإدراكات في نفسها كثيرة لا ترجع إلى وحدة أصلاً، وهي بعينها شعور واحد نفساني واقعاً، وليس هناك أمر آخر له هذه الإدراكات الكثيرة فيدركها على نعت الوحدة، كما يدرك الحاسّة أو الخيال المحسوسات، أو المخيّلات الكثيرة المجتمعة على وصف الوحدة الاجتماعية، فإنّ المفروض أنّ مجموع الإدراكات الكثيرة في نفسها، نفس الإدراك النفساني الواحد في نفسه، ولو قيل: إنّ المُدْرك هاهنا الجزء الدماغي، يدرك الإدراكات الكثيرة على نعت الوحدة ؛ كان الإشكال بحاله، فإنّ المفروض: أنّ إدراك الجزء الدماغي نفس هذه الإدراكات الكثيرة

٤٤

المتعاقبة بعينها، لا أنّ للجزء الدماغي قوّة إدراك تتعلّق بهذه الإدراكات، كتعلّق القوى الحسيّة بمعلوماتها الخارجيّة وانتزاعها منها صوراً حسّيّة، فافهم ذلك.

والكلام في كيفيّة حصول الثبات والبساطة في هذا المشهود، الذي هو متغيّر متجزّئ في نفسه كالكلام في حصول وحدته، مع أنّ هذا الفرض أيضاً - أعني أن تكون الإدراكات الكثيرة المتوالية المتعاقبة مشعورةً بشعورٍ دماغيٍّ على نعت الوحدة - نفسه فرض غير صحيح، فما شأن الدماغ والقوّة التي فيه، والشعور الذي لها، والمعلوم الذي عندها ؟!

وهي جميعاً أُمورٌ مادّيّةٌ، ومن شأن المادّة والمادّي الكثرة والتغيّر وقبول الانقسام، وليس في هذه الصورة العلميّة شيء من هذه الأوصاف والنعوت، وليس غير المادة والمادي هناك شيء.

وقولهم: ( إنّ الأمر يشتبه على الحسّ أو القوّة المُدْرِكة، فيدرك الكثير المتجزّي المتغيّر واحداً بسيطاً ثابتاً ) غلط واضح، فإنّ الغلط والاشتباه من الأُمور النسبيّة التي تحصل بالمقايسة والنسبة، لا من الأُمور النفسيّة، مثال ذلك أنّا نشاهد الأجرام العظيمة السماويّة صغيرة كالنقاط البيض، ونغلط في مشاهدتنا هذه على ما تبيّنه البراهين العلميّة، وكثير من مشاهدات حواسّنا، إلاّ أنّ هذه الأغلاط، إنّما تحصل وتوجد إذا قايسنا ما عند الحسّ ممّا في الخارج من واقع هذه المشهودات، وأمّا ما عند الحسّ في نفسه، فهو أمرٌ واقعيٌّ كنقطة بيضاء لا معنى لكونه غلطاً ألبتّة.

والأمر فيما نحن فيه من هذا القبيل، فإنّ حواسّنا وقوانا المُدْرِكة إذا وجدت الأُمور الكثيرة المتغيِّرة المتجزّية على صفة الوحدة والثبات والبساطة ؛ كانت القوى المُدْرِكة غالطة في إدراكها، مشتبهة في معلومها

٤٥

بالقياس إلى المعلوم الذي في الخارج، وأمّا هذه الصورة العلميّة الموجودة عند القوّة فهي واحدة ثابتة بسيطة في نفسها ألبتّة، ولا يمكن أن يُقال للأمر الذي هذا شأنه: إنّه مادّي لفقده أوصاف المادّة العامّة.

فقد تحصّل من جميع ما ذكرنا: أنّ الحجّة التي أوردها المادّيون من طريق الحسّ والتجربة إنّما ينتج عدم الوجدان، وقد وقعوا في المغالطة بأخذ عدم الوجود ( وهو مدَّعاهم ) مكان عدم الوجدان، وما صوّروه لتقرير الشهود النفساني - المثبت لوجود أمرٍ واحدٍ بسيطٍ ثابتٍ - تصوير فاسد، لا يوافق لا الأُصول المادّيّة المسلِّمة بالحسّ والتجربة، ولا واقع الأمر الذي هو عليه في نفسه.

وأمّا ما افترضه الباحثون في علم النفس الجديد، في أمر النفس، وهو أنّه الحالة المتّحدة الحاصلة من تفاعل الحالات الروحيّة من الإدراك والإرادة والرضا والحب وغيرها، المنتجة لحالة متّحدة مؤلّفة، فلا كلام لنا فيه، فإن لكلّ باحثٍ أنّ يفترض موضوعاً، ويضعه موضوعاً لبحثه، وإنّما الكلام فيه من حيث وجوده وعدمه في الخارج والواقع، مع قطع النظر عن فرض الفارض وعدمه، وهو البحث الفلسفي، كما هو ظاهر على الخبير بجهات البحث.

وقال قوم آخرون من نُفاة تجرّد النفس من الملِّيّين: إنّ الذي يتحصّل من الأُمور المربوطة بحياة الإنسان: كالتشريح والفيزيولوجي، إنّ هذه الخواص الروحيّة الحيويّة تستند إلى جراثيم الحياة والسلولات التي هي الأُصول في حياة الإنسان، وسائر الحيوان، وتتعلّق بها، فالروح خاصّة، وأثر مخصوص فيها لكلّ واحدٍ منها أرواح متعدّدة، فالذي يسمّيه الإنسان روحاً لنفسه، ويحكي عنه ب-: أنا: مجموعة متكوّنة من أرواح غير محصورة على نعت الاتحاد

٤٦

والاجتماع، ومن المعلوم أنّ هذه الكيفيّات الحيويّة، والخواصّ الروحيّة، تبطل بموت الجراثيم والسلولات، وتفسد بفسادها، فلا معنى للروح الواحدة المجرّدة الباقية بعد فناء التركيب البدني، غاية الأمر أنّ الأُصول المادّيّة المكتشَفة بالبحث العلمي لمّا لم تفِ بكشف رموز الحياة ؛ كان لنا أن نقول: إنّ العلل الطبيعيّة لا تفي بإيجاد الروح، فهي معلولة لموجود آخر وراء الطبيعة، وأمّا الاستدلال على تجرّد النفس من جهة العقل محضاً فشيء لا يقبله ولا يصغي إليه العلم اليوم، لعدم اعتمادها على غير الحسّ والتجربة، هذا.

أقول : وأنت خبير بأنّ جميع ما أوردناه على حجّة الماديّين وارد على هذه الحجّة المختلَقة من غير فرق، ونزيدها أنّها مخدوشة:

أوّلاً : بأنّ عدم وفاء الأُصول العلميّة المكتَشَفة إلى اليوم ببيان حقيقة الروح والحياة، لا ينتج عدم وفائها أبداً، ولا عدم انتهاء هذه الخواص إلى العلل المادّيّة في نفس الأمر على جهلٍ منّا، فهل هذا إلاّ مغالطة وُضع فيها العلم بالعدم مكان عدم العلم ؟!

وثانياً : بأنّ استناد بعض حوادث العالم - وهي الحوادث المادّيّة - إلى المادّة وبعضها الآخر - وهي الحوادث الحيويّة - إلى أمر وراء المادّة - وهو الصانع - قول بأصلين في الإيجاد، ولا يرتضيه المادّي ولا الإلهي، وجميع أدلّة التوحيد تُبطله.

وهنا إشكالات أُخر أوردوها على تجرّد النفس، مذكورة في الكتب الفلسفيّة والكلاميّة، غير أنّ جميعها ناشئة عن عدم التأمّل والإمعان فيما مرّ من البرهان، وعدم التثبّت في تعقّل الغرض منه ؛ ولذلك أضربنا عن إيرادها، والكلام

٤٧

عليها، فمَن أراد الوقوف عليها فعليه بالرجوع إلى مظانّها، والله الهادي(١) انتهى كلامه.

وأمّا الكلام في الجهة الثانية - وهي دلالة القرآن والسنّة على أنّ للإنسان روحاً ونفساً غير البدن، فنقتصر فيه على نقل جملةٍ من الآيات الكريمة:

١ -( وَ لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ‌ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لاَ هُمْ يَحْزَنُونَ‌ ) (آل عمران ١٦٩ - ١٧١ ).

٢ -( وَ لاَ تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَ لٰکِنْ لاَ تَشْعُرُونَ‌ ) ( البقرة ١٥٤ ).

٣ - (وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غُدُوّاً وعشيّاً ويوم تقوم الساعة أدْخِلُوا آل فروعون أشدّ العذاب ) ( المؤمن ٤٥ - ٤٦ ).

واعلم أنّ هذه الآيات الثلاث تدلّ على أمرين:

أوّلهما : الحياة البرزخيّة للشهداء وأئمّة الكفر فقط دون غيرهما، أي لا يُستفاد منها عموم الحياة البرزخيّة للجميع، والاستدلال عليه بآيات أُخر لا يخلو عن منع وإشكال.

ثانيهما : أنّ للإنسان شيئاً آخر وراء البدن لا يموت بموت البدن وفنائه، وهو المستحقّ للثواب والعذاب، وهو الذي يُسمّى بالروح والنفس.

٤ -( فَلَوْ لاَ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ‌ ) ( الواقعة ٨٣ ).

___________________

(١) ص ٣٦٤ إلى ٣٧٠ ج١ تفسير الميزان.

٤٨

٥ -( کَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِي ) ( القيامة ٢٦ ).

٦ -( إِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَ إِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ کَافِرُونَ‌ * قُلْ يَتَوَفَّاکُمْ مَلَکُ الْمَوْتِ الَّذِي وُکِّلَ بِکُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّکُمْ تُرْجَعُونَ‌ ) ( السجدة ١٠ ).

أقول : ملك الموت لا يتوفّى الجسم الذي يُدفن في الأرض ويضلّ فيها، بل يتوفّى النفس.

٧ -( وَ لَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَ الْمَلاَئِکَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَکُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ.. ) ( الأنعام ٩٣ ).

٨ -( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَ الَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِکُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَ يُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذٰلِکَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَکَّرُونَ‌ ) ( الزمر ٤٢)(١) .

___________________

(١) وقد يُقال أنّ قوله تعالى( هُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاکُمْ بِاللَّيْلِ وَ يَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُکُمْ فِيهِ ) ( الأنعام ٦٠ )، يدلّ على موت الإنسان في المنام، والحال أنّه حيّ نائم.

وقد يُجاب عنه بأنّ الموت والنوم يشتركان في انقطاع تصرّف النفس في البدن، كما أنّ البعث بمعنى الإيقاظ بعد النوم يشارك البعث بمعنى الإحياء بعد الموت في عود النفس إلى تصرّفها في البدن بعد الانقطاع، فلأجله عُدت الإنامة توفياً، وإن شئت فقل إنّ التوفّي على قسمين: توفّي مؤقّت وهو الإنامة، وتوفّي يستمر وهو الإماتة كما يُستفاد من قوله تعالى:

( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَ الَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِکُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَ يُرْسِلُ الْأُخْرَى... ) ( الزمر آية ٤٢).

ويقول بعض الأطبّاء: إنّ حياة النوم ليست بها حسّ ولا وعي ولا حركة.

ويجب أن نعرف أنّ للنوم درجات، والدرجات السطحيّة منه يخالطها بعض اليقظة، وبعض الحسّ والحركة من تقليب وخلافه.

وأمّا الدرجات العميقة فلا، ونفس الشيء يحدث في التخدير وفقد الوعي المؤقّت، وفقد الوعي الدائم كتلف قشرة المخّ الكامل ( ص ٣٤٤ الحياة الإنسانيّة ).

أقول : وبعد فقد بقى الفرق العلمي بين الموت والنوم، وأخواته المشار إليها، وكذا الجنون وبيانه على عهدة العلوم.

وسيأتي في الفصل الثاني من المسألة التاسعة

=

٤٩

( البحث الرابع ) : النفس والروح مفهومان لحقيقةٍ واحدةٍ، فهما موجود واحد قطعاً، ومهما قيل في الفرق بينهما فهو بلحاظ الاعتبارات والمراتب لا غير، فإنّ كلّ إنسان يُدرك من ضميره أنّه واحد لا اثنان !

وتخيّل التعدّد من أوهام العوام، ومَن بحكمهم من مدّعي العلم المبتلين بالجهل المركّب.

ويناسب هنا أنْ نرجع إلى الكتاب والسنّة ؛ لنرى رأيهما في حقّهما وما يتعلّق بهما من خصوصياتهما.

أمّا الروح فقد استُعملت في القرآن في معانٍ مختلفةٍ غير ما به حياة الإنسان وشخصيّته، بل ليس فيه أنّ آدمعليه‌السلام أعطاه الله روحاً، وإنّما فيه أنّه تعالى نفخ في آدم من روحه ( الحجر ٢٩ - ص٧٢ ) كما ورد ( مثله ) في حقّ عيسىعليه‌السلام ، فلعلّ المراد من النفخ هو الإحياء فقط لا أنّ آدم وعيسى صاحبا روح(١) .

وأمّا قوله تعالى:( ويسئلونك عن الرُّوح قُلِ الرُّوح من أمر ربّي ) فالمراد بها مجهول، ويُحتمل أنّها الروح الأمين، أو روح القُدُس(٢) ، أو أُريد به ما أُريد بقوله تعالى:( تَنَزَّلُ الْمَلاَئِکَةُ وَ الرُّوحُ ) ، وبقوله:( يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلاَئِکَةُ صَفّاً ) ، أو روح الإنسان. لكن في الأحاديث أنّه خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل...(٣) .

وأمّا قوله تعالى:( أُولٰئِکَ کَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ) ( المجادلة ٢٢ ) فهي الروح المؤيّدة للمؤمنين - رزقنا الله بفضله -

___________________

=

عشرة حول النسيج الشبكي ما ينفع للمقام، وكذا في الفصل الرابع في جواب الإشكال السابع.

(١) نعم الأحاديث تدلّ على أن للإنسان روحاً كما تأتي.

(٢) بناءً على أنّه غير الروح الأعلين أي جبرئيل وفيه بحث.

(٣) لاحظ ج١٨ وغيره من بحار الأنوار.

٥٠

وليست بروح تنشأ منها الحياة الإنسانية، كما لا يخفى.

وأما النفس والأنفس فقد وردت في القرآن كثيراً، وإليك بعض ما يتعلّق بها:

١ - النفس هي المسؤولة عن أعمال الإنسان كقوله تعالى:( ثُمَّ تُوَفَّى کُلُّ نَفْسٍ مَا کَسَبَتْ ) ( البقرة ٢٨١ )، وقوله:

( وَ وُفِّيَتْ کُلُّ نَفْسٍ مَا کَسَبَتْ وَ هُمْ لاَ يُظْلَمُونَ‌ ) (١) .

والآيات الدالّة عليه كثيرة(٢) .

٢ - أنّها تذوق الموت وإليها أُسند القتل، كقوله تعالى:( کُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ) ( آل عمران ١٨٠ )، ( الأنبياء ٢٥ )، ( العنكبوت ٥٧ ).

٣ - أنّها تُلْهَم فجورها وتقواها.

٤ - أنّها المكلّفة:( لاَ يُکَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ) ( البقرة ٢٨٦ )، ولاحظ سورة الأنعام ١٥٢، والأعراف ٤٢، والمؤمنون ٦٢، والطلاق ٧.

٥ - أنّها أمّارة بالسوء، وأنّها لوّامة، ومطمئنة وترجع إلى ربّها راضيةً مرضيّة.

٦ - أنّها متنعّمة في الجنّة، ( الزخرف ٧١ - فُصّلت ٣١ )(٣) .

وأمّا الأحاديث المعتَبَرة الواردة في المقام فقد استوفيناها في موسوعتنا الحديثيّة( معجم الأحاديث المعتبرة ) وذكرنا بعضها في سائر كتبنا ( گوناگون ج١ - عقايد براى همه وغيرها )، وإليك جملة منها:

١ - صحيح أبي ولاّد المروي في الكافي عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال: قلت له: جعلت فداك يروون أنّ أرواح المؤمنين في حواصل طيور خضر

___________________

(١) آل عمران أية ٢٥.

(٢) البقرة ٤٨، ١٢٣، ٢٨١، آل عمران ٢٥..

(٣) ونسب إلى النفس - أيضاً - زائداً على ما في المتن: الإيمان والتفريط في جنب الله، والوسوسة، والتسويل، والشّحّ، والاشتهاء، والهوى، والأكنان، والحرج، والإخفاء، والاستيقان في آيات أُخر.

٥١

حول العرش، فقال: ( لا، المؤمن أكرم على الله مِن أن يجعل روحه في حوصلة طير ( و ) لكن في أبدان كأبدانهم )(١) .

٢ - صحيح محمّد بن قيس المروي في الخصال عن الإمام الباقرعليه‌السلام قال: سأل الشامي... عن العين التي تأوي إليها أرواح المشركين ؟ فقال: ( هي عينٌ يُقال لها سلمى )(٢) .

٣ - صحيح الكناسي المروي في الكافي، عن الباقرعليه‌السلام ...: ( إنّ لله جنّة خلقها الله في المغرب... وإليها تخرج أرواح المؤمنين من حفرهم عند كلّ مساء... وإنّ لله ناراً في المشرق خلقها ليسكنها أرواح الكفار... )(٣) .

٤ - صحيح الأحول المروي فيه قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الروح التي في آدم قوله:( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ) (٤) ، قال: ( هذه روح مخلوقة، والروح في عيسى مخلوقة)(٥) .

٥ - حسنة حمران، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ:( وَرُوحٌ مِنْهُ ) (٦) قال: ( هي روح الله مخلوقة خلقها الله في آدم وعيسى )(٧) .

٦ - صحيح أبي بصير المروي في الكافي، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ:( وَ يَسْأَلُونَکَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ) (٨) ،

___________________

(١) ص ٢٦٨ ج٦ بحار الأنوار.

(٢) ص ٢٧٤ نفس المصدر.

(٣) ص ٢٩٠ المصدر.

(٤) الحجر آية ٢٩.

(٥) ص ١٣٣ ج١ الكافي.

(٦) النساء آية ١٧١.

(٧) الكافي ١: ١٣٣.

(٨) الإسراء آية ٨٥.

٥٢

قال: ( خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل(١) ... )

٧ - معتبرة ابن أبي يعفور المرويّة في العلل عن الصادقعليه‌السلام :

( إنّ الأرواح جنود مجنّدة فما تعارف منها في الميثاق ائتلف ههنا، وما تناكر منها في الميثاق اختلف ههنا )(٢) .

أقول : هذا المضمون وارد في عدّة من الأحاديث، لكنّ أكثرها ضعيفة سنداً فتكون مؤيّدة لها.

٨ - موثّقة ابن بكير، عن الباقرعليه‌السلام : (... وخلق الله أرواح شيعتنا قبل أبدانهم بألفَي عام)(٣) .

أقول : خلقة الأرواح قبل الأبدان بألفي عام وردت في جملة من الأحاديث(٤) ، ولا يبعد حصول الاطمئنان بصدور بعضها عن الأئمّةعليهم‌السلام ، والظاهر أنّها تنافي قول بعض الفلاسفة: إنّ الروح جسمانيّة الحدوث روحانيّة البقاء، ولذا أوّله في الأسفار تأويلاً باطلاً.

واعلم أنّ الروح لا تُطلق على الإنسان المركّب منها ومن البدن، بل يطلق على نفسها فقط، بخلاف النفس، فإنّها تطلق على خصوص معناها، كما تُطلق على معنىً يُعبّر عنه بالفارسيّة بكلمة ( خود، خودتان، خودما )، أي: على مجموع الإنسان، كقوله تعالى:( فسلِّموا على أنفُسِكُم ) (٥) ، بل ربّما على ما استحال البدن والنفس فيه ؛ كما في حقّه تعالى:( وَ يُحَذِّرُکُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ) (٦) .

___________________

(١) الكافي ١: ٢٧٣، نسخة الكومبيوتر.

(٢) ص ١٣٩ ص ٥٨ البحار.

(٣) ص ١٣٨ ج ١ الكافي.

(٤) النور آية ٦١.

(٥) لاحظ ج٥٨ وغيره من بحار الأنوار.

(٦) آل عمران آية ٢٨ و ٣٠.

٥٣

بقي شيء وهو: أنّ عوام المسلمين يزعمون أنّ الروح لا تأمر بالشرّ بل تأمر بالخير دائماً، وأمّا النفس، فهي تأمر بالخير والشرّ، ولعلّ وجه هذا الزعم أنّ القرآن أسند الشرّ إلى النفس ولم يسنده إلى الروح، لكنّ القرآن لم يفصّل القول في الروح الإنسانيّة، كما عرفت، وما تقدّم من الأحاديث المعتبرة يكفي في ضعف الزعم المذكور.

وبالجملة : هما مفهومان لمصداقٍ واحدٍ كما عرفت.

وأمّا الكلام في الجهة الثالثة - وهي دلالة العلم على وجود الروح - فهو طويل نقتصر فيه هنا على كلام بعض الفضلاء فقط ؛ حتى لا يطول بنا المقام:

والمادّة التي يتكوّن منها الدماغ، هي عين المادّة التي تنشأ منها بقيّة أعضاء الجسد، ونوع الحياة الذي يتسبّب في نشوء الجميع واحد. فإنّ أصل الجنين خليّة واحدة ثمّ تتكثّر، وعليه، يلزم أن تكون الوظائف التي تقوم بها مختلف أعضاء الجسم من جنسٍ واحدٍ دون اختلاف تخصّصاتها، وهي وظائف غير إراديّة ولا فكريّة، لأنّها اللاّرادة، ويستحيل بحسب سنن الكون وموجوداته أن يتولّد - بصورة آليّة - المريد من غير المريد والمفكِّر من غير المفكِّر.

وماقيل من أنّ: الإرادة، والفكر، والشعور، وغيرها من الأنشطة الإنسانيّة الاختياريّة، إنّما تنشأ من الدماغ نتيجة تفاعلات كيميائية وفيزيائية، غير صحيح ؛ فإنّ كلّ تفاعلٍ لابُدّ له من عامل، فهو إن كان خارجيّاً يلزم استناد إرادته وأفكاره ومشاعره المختلفة غير اختياريّة له، مع أن المادّيّين لم يستطيعوا - ولن يستطيعوا - ولا مرّة واحدة أن يضعوا العناصر والمركّبات في أنابيب الاختبار، ثمّ يدفعونها بالتأشيرات المعنويّة بدلاً من العوامل المادّيّة المعهودة.

٥٤

وإن كان داخليّاً فما هو ؟

هل هو مجرد احتكاك الخلايا والأعصاب، أم هو مجرد وصول الدماء إلى عروق الدماغ، أم هو شيءٌ آخر ؟

فليكن أيّ شيء فلماذا تتحدّد وتختلف نتائج ذلك التفاعل الكيميائي المزعوم، باختلاف الأشخاص من جهة، وباختلاف الأزمان والساعات والأحوال في الشخص الواحد من جهةٍ أُخرى ؟

إنّ محتويات الأدمغة واحدة في الأشخاص والأزمان، وأنشطتهما المادّيّة واحدة، فلماذا تتعدّد إذن نتائج التفاعلات التي تحدث فيها ؟

فتتعدّد الأفكار، وتتعدّد المشاعر والأحاسيس، وتعدّد الاكتشافات، وتتعدّد المواهب عند الأشخاص، بل وتعدّد عند الشخص الواحد في ساعتين...، أقول : ولا تفسير له سوى الإقرار بوجود الروح...(١) . انتهى ما أردنا نقله.

واعلم أنّ الاعتقاد بوجود الروح، لا ينقص من أهميّة المخّ وعظم عمله، فلا تغفل، ويقول طبيب مسلم: إنّ كثيراً من العلماء، ذكروا أنّ المظاهر النفسيّة: كالوعي، والإدراك، والانفعال، والذاكرة، والقدرة على التعلّم، والإحساس النهائي للّذّة والألم، وكلّ هذه المظاهر النفسيّة لم يثبت علميّاً - إلى الآن - أنّ مراكزها النهائيّة موجودة في خلايا المخّ.

والحقيقة أنّنا نتعلّم الطبّ حسب المدرسة الغربيّة، التي ينفصل عندها العلم عن الدين، فهي ترى: أنّ المظاهر النفسيّة عبارة عن تفاعلات كيمياوية معقّدة تحدث داخل خلايا المخّ، وهذا أمر لم يثبت علميّاً للآن(٢) .

أقول : ولتأثير الروح والمخّ وأهمّيّة كلتيهما لنضرب مثلاً، ونشبّه

___________________

(١) ص ١٢٧ إلى ص١٣١ رؤية إسلاميّة لزراعة بعض الأعضاء البشريّة، نقلنا عنها بعض القليل مع الاختصار.

(٢) ص٨٦ نفس المصدر.

٥٥

الروح بالمصوِّر، وخلايا المخّ بجهاز التصوير، والصورة كما تحتاج إلى المصوِّر تحتاج إلى آلة التصوير ولا يغني أحدهما عن الآخر في إنتاج الصورة.

( البحث الخامس ) في بدء حياة الإنسان.

المتدبّر في البحثين الأخيرين، يقتنع بسهولة أنّ الحياة الإنسانيّة إنّما هي بتعلّق الروح بالبدن، كما أنّ موت الإنسان بانقطاع هذا التعلّق نهائياً، ولا ربط لحياة الخلايا بحياة الإنسان، ولا موته بموتها، وهذا الذي اعتقده علماء الإسلام، هو الصحيح المطابق للبراهين العقليّة أيضاً.

وإنْ شئت فقل: إنّ قوام إنسانيّة الإنسان بروحه لا ببدنه، وإنّ فُرض موجوداً تامّاً في الخارج وكان جميع خلاياه حيّة، فالجنين مهما تكامل وتنامى فهو - قبل تعلّق الروح - جنين الإنسان، وما يؤل إلى الإنسان وليس بإنسان نفسه.

متى تتعلّق الروح بالبدن ؟

هذا هو السؤال المهمّ في المقام، ولا يصلح علم الطب وعلم الأجنّة، وسائر العلوم للإجابة عليه، لحدّ الآن، ولا أظنّ اهتداء العقل إليه أيضاً، فلا بُدّ من الرجوع إلى الدين فيه، لكنّ القرآن الكريم - وحسب فهمي - ليس فيه ما يدلّ على توقيت تعلّق الروح بالبدن، سوى قوله تعالى:( ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَکَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ‌ ) (١) ، ولا بُعد في إرادة تعلّق الروح بالجنين من هذه الآية، إذ إنشاء الجنين مخلوقاً آخر لا يناسب إلاّ صيرورته ذات روح، ويؤكِّده قوله:( فَتَبَارَکَ اللَّهُ... ) ، بل يدلّ على إرادة التعلّق المذكور بعض الروايات المعتبرة الآتية، لكن لا يُستفاد أنّ تعلق الروح

___________________

(١) المؤمنون آية ١٤.

٥٦

بالجنين في أيّ شهرٍ من شهور الحمل، وإنّما يُستفاد من الآية المذكورة أنّه بعد كسوة العظام لحماً. وإن قدّر الطب بشكلٍ دقيقٍ محسوسٍ على تعيين زمن كسوتها لحماً لم يقدر على زمان تعلّق الروح بالجنين، إذ لا دليل على أنّه بعدها بلا فصل، بل ظاهر قوله:( ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ ) ، الفصل بينهما، فلا يبقى أمامنا للحصول على جواب السؤال المذكور سوى الأحاديث، فنقول:

١ - الصحيح المرويّ في التهذيب عن أمير المؤمنينعليه‌السلام :

(... فإذا أُنشئ فيه خلقٌ آخر، وهو الروح، فهو حينئذٍ نفس، ألف دينار كاملة إن كان ذكراً، وإن كان أُنثى فخمسمئة دينار )(١) .

٢ - صحيح محمّد بن مسلم المرويّ في الكافي، قال:

سألت أبا جعفرعليه‌السلام ... قلت: فما صفة النطفة التي تُعرف بها ؟

فقال: ( النطفة تكون بيضاء مثل النخامة الغليظة، فتمكث في الرحم إذا صارت أربعين يوماً، ثمّ تصير إلى علقة.

قلت: فما صفة خلقة العلقة التي تُعرف بها ؟

فقال: هي علقة كعلقة الدم المحجمة الجامدة تمكث في الرحم بعد تحويلها عن النطفة أربعين يوماً، ثمّ تصير مضغة.

قلت: فما صفة المضغة وخلقتها التي تُعرف بها ؟

قال: هي مضغة لحمٍ حمراءَ فيها عروقٌ خضرٌ مشتبكة، ثمّ تصير إلى عظم.

قلت: فما صفة خلقته إذا كان عظماً ؟

فقال: إذا كان عظماً شقّ له السمع والبصر، ورُتّبت جوارحه، فإذا كان كذلك فإنّ فيه الديّة كاملة )(٢) ، ورواه الشيخ في تهذيبه بتفاوت(٣) .

أقول : لم يذكر في هذا الصحيح توقيت المضغة بأربعين يوماً، ولا

___________________

(١) ص ٢٨٥ ج ١٠ نسخة الكومبيوتر.

(٢) ص ٣٤٥ ج ٧ الكافي.

(٣) ص ٤٧٥ ج ٢٦ جامع الأحاديث.

٥٧

يضر، فإنّه مذكور في صحيح زرارة وغيره، الآتية في مسألة الإجهاض(١) . ولم يذكر تعلّق الروح بالجنين أيضاً.

أقول : لا يُفهم من هذه الأحاديث مع الآية أنّ بدء الحياة الإنسانيّة، في أوّل الشهر الخامس من الحمل، أي في اليوم ١٢١ من الحمل، بل يُحتمل نفخ الروح بأطول من ذلك، كما لا يخفى، بل في رواية أبي شبل:

( هيهاتَ يا أبا شبل، إذا مضت الخمسة الأشهر فقد صارت فيه الحياة، وقد استوجب الديّة)(٢) ، ولعلّه اشتباه ومحرّف الأربعة الأشهر، لكنّه محتمل، إذ لا يخالفه نصٌّ معتبر، سوى معتبرة ابن الجهم الآتية(٣) ، ولا بُدّ لك أن تُلاحظ ما يأتي من الآية والأحاديث في المسألة الآتية، مع هذه الأحاديث جمعاً.

ومقتضى النظر الدقيق، أنّ جميع الأحاديث لا تدلّ على أنّ نفخ الروح يكون في أوّل الشهر الخامس من الحمل، حتّى معتبرة ابن الجهم في المطلب الأوّل من المسألة الآتية، وإنْ كانت مشعرة بها، نعم مدلولها نفخ الروح في الجنين بعد أربعة أشهر، فلاحظ وتأمّل جيّداً، والله العالم.

ولعلّه لأجل ما ذكرنا ؛ قال صاحب الجواهرقدس‌سره في باب الدية ( ص٣٦٥ ج٤٣ ): بل عن ظاهر الأصحاب عدم اعتبار مضيّ الأربعة أشهر في الحكم بحياته على وجه يترتّب عليه الديّة، وإن قال الصادقعليه‌السلام في خبر زرارة:

( السّقط إذا تمّ له أربعة أشهر غُسِّل )(٤) .

وأفتى الأصحاب بمضمونه، إلاّ أنّ ذلك لا يقتضي تحقّق العنوان في المقام.

أقول : أي حياة الجنين لوجوب الدية الكاملة.

___________________

(١) لاحظ ص ٦٤ هذا الكتاب.

(٢) جامع الأحاديث ٢٦ / ٤٨١.

(٣) الكافي ٧: ٣٤٦، نسخة الكومبيوتر.

(٤) الكافي ٣: ٢٠٦.

٥٨

المسألة السادسة

حول إجهاض الجنين(١)

الإجهاض: إلقاء حَمْلٍ ناقص الخَلْق بغير تمام، سواء من المرأة أو من غيرها، وكثيراً ما يُعبّر عن الإجهاض بالإسقاط، أو الطرح أو الإلقاء، وفي المقام مطالب ننقلها عن الأطبّاء:

١ - الثابت في علم الأجنّة أنّ الحياة موجودة في الحيوان المنوي قبل التلقيح، وموجودة في البويضة قبل الالتقاء، وقد يلتقي الحيوان المنوي والبويضة ويُسفر عن ذلك حمل عنقود وليس إنساناً، والحمل العنقودي ليس جنيناً، وإنّما مجرد خلايا لا تكون في مجموعها أي شكل من الأشكال، وإنّما شكلها شكل عنقود العنب، وبعد فترةٍ من الزمن يتقلّص الرحم ويطرد هذا المحتوى، ولكن ليس فيه ما يدلّ على الإنسان، أو على صورة الإنسان، أو على الحياة، وهو - أيضاً - نتيجة التقاء الحيوان المنوي بالبويضة(٢) .

٢ - فترة الإنشاء - يعني به قوله تعالى:( ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ ) (٣) -

___________________

(١) الإجهاض - كما في معاجم اللُّغة واستعمال الفقهاء - هو إلقاء الحمْل ناقص الخَلْق، أو ناقص المدّة.

وقد أطلق مجمع اللُّغة العربية كلمة الإجهاض: على خروج الجنين قبل الشهر الرابع، وكلمة الإسقاط على إلقائه ما بين الشهر الرابع والسابع. هكذا قيل.

(٢) قال بعض الأطباء: إنّ البويضة المخصبة من ناحية خلويّة بالتأكيد هي ليست الجنين، إنّ جزءً يسيراً منها يتكوّن منه الجنين، وهذا يحدث في اليوم العاشر بعد العلوق، وقد لا يحدث فتكون بويضةً فاسدةً لا ينتج عنها جنين، وقد يحدث منها حمل عنقودي، وقد يحدث توأم... ص٦٧٧، الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبّيّة.

(٣) المؤمنون آية ١٤.

٥٩

حسبما رأيناه في الفيلم: أنّه في الأُسبوع السادس أو السابع بعد الفترة من الأُسبوع الأوّل إلى الأُسبوع السادس كانت مجموعة من الأنسجة لم تظهر بالفيلم، وإنّما ظهر لنا من بعد الأُسبوع السادس، وبعد الأربعين يوماً بدأ يتخلّق، بدأ يظهر الرأس وتظهر الأطراف، بدء خَلْقٍ آخر... ( و) من بعد الأُسبوع السادس ما هو إلاّ نموٌّ وليس تكويناً جديداً(١) .

٣ - إنّ الجنين يتحرّك ويتحرّك من قبل نهاية الشهر الرابع بزمن ٍطويل، ولكنّ السيّدة لا تحس به ؛ لأنّ الكيس المائي الذي يسبح فيه يكون في البداية كبيراً فسيحاً بالنسبة لجسمه الصغير، ويمرّ زمن حتّى يكبر الجنين، فتستطيع لكماته وركلاته أنْ تطال جدار الرحم ؛ فتشعر بها السيّدة بعد أربعة أشهر من الحمل، بل إنّ لدينا الآن من الأجهزة ما نسمع به دقّات قلب الجنين وهو في الأُسبوع الخامس، ولدينا من الأجهزة ما نرصد به حركة الجنين حتّى مِن قبل ذلك...(٢) .

وقيل: إنّ الحركة متّصلة قبل ذلك ؛ لأنّ الخلايا منذ المراحل الأُولى في حركة، حتّى إنْ لم ترها الأجهزة ؛ لأنّ الخلايا تتحرّك، وترتّب نفسها إلى آخره(٣) .

٤ - مبرِّرات الإجهاض في الغرب قد اتّسعت حتّى بلغت خاتمة المطاف بالإجهاض حسب الطلب !!!

ومن المبرِّرات: الدواعي الطبّيّة، لكن وسع في بعض البلاد مدلولها فبدأت بالخطر على حياة الأُمّ إن استمرّ الحمل، ثمّ الخطر على صحّتها، ثمّ على صحّتها الجسميّة، أو النفسيّة، ثمّ عليها في الحاضر وفي المستقبل المنظور، ثمّ على الصحّة الجسميّة أو

___________________

(١) ص٢٣٤ وص٢٣٥، الإنجاب في ضوء الإسلام.

(٢) ص٢٥٤ وص٢٥٥، نفس المصدر.

(٣) ص٢٨٢، نفس المصدر.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357