كامل الزيارات

كامل الزيارات11%

كامل الزيارات مؤلف:
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مكتبة الصدوق
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
الصفحات: 357

كامل الزيارات المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 357 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 146743 / تحميل: 9207
الحجم الحجم الحجم
كامل الزيارات

كامل الزيارات

مؤلف:
الناشر: مكتبة الصدوق
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

الختم على طين قبر الحسينعليه‌السلام أن يقرءَ عليه: «إنّا أنْزَلْناهُ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ » »(١) .

٨ - وروي إذا أخذته فقل: « اللهُمّ(٢) بِحقّ هذِهِ التُربَةِ الطاهِرَةِ، وبِحَقِّ البُقعَةِ الطَّيِّبةِ، وَبحقِّ الْوَصيِّ الَّذي تواريهِ(٣) ، وَبحقِّ جَدِّهِ وَأبيهِ، وَاُمِّهِ وَأخيهِ، وَالمَلائِكَةِ الَّذِين يَحُفُّونَ بِهِ(٤) ، والملائكةِ الْعُكُوفِ عَلى قَبْرِ وَليّك، يَنْتَظِرُونَ نَصْرَهُ صَلّى الله عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ، اجْعَلْ لي فيهِ شِفاءً مِنْ كُلِّ داءٍ، وَأماناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ، وَغِنىً مِنْ كُلِّ فَقْرٍ(٥) ، وَعِزّاً مِنْ كُلِّ ذُلٍّ، وأوْسِعْ بِهِ عَليَّ في رِزقي، وَأصِحَّ بِهِ جِسْمي ».

٩ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريُّ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حَمّاد البَصريّ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ - عن رَجل من أهل الكوفة - « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : حريم قبر الحسينعليه‌السلام فرسخ في فرسخ في فرسخ في فرسخ(٦) ».

١٠ - حدَّثني جعفر بن محمّد بن إبراهيم الموسويِّ، عن عُبيدالله بن نَهيك، عن سَعد بن صالِح(٧) ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي المغِيرَة(٨) ، - عن بعض أصحابنا(٩) - « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : إنّي رَجلٌ كثير العِلل والأمراض، وما تركت دواءَ إلاّ وقد تداويت به؟ فقال لي: فأين أنت عن تُربة الحسينعليه‌السلام

__________________

١ - قال الفيض رحمه الله: لعلّ المراد بالختم عليه ما يتمّ به فائدته ويختمها. قال الجوهريّ: « قوله تعالى: « خِتامُهُ مِسْكٌ » أي آخِره، لأنّ آخر ما يجدونه رائحة المسك ».

٢ - في الكافي: « فقل: بسم الله، اللّهمّ - إلخ ».

٣ - أي استتره.

٤ - أي يطوفون به يدورون حوله.

٥ - ليس في الكافي: « وغنى من كلِّ فقر ».

٦ - تكرير الفراسخ أربع مرّات يدلُّ على أنّ المعنى أنّ حريمه عليه السلام فرسخٌ مِن كلِّ جانبٍ، فيكون « في » بمعنى « مع ». ( البحار )

٧ - كذا، وفي بعض النّسخ: « سعيد بن صالِح »، وهو مذكور في طريق النّجاشي إلى كتاب الزّبيديّ، وفي بعض نسخ النّجاشيّ: « سعيد بن جناح » وهو الصّواب، ظاهراً.

٨ - يعني الزّبيديّ الكوفيّ، قال النّجاشيّ: « ثقة - هو وأبوه -، روى عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام ».

٩ - الظّاهر أنّ المراد به الحارث بن المغيرة النّصريّ كما في أمالي الشّيخ رحمه الله .

٣٠١

فإنَّ فيها الشِّفاء من كلِّ داءٍ، والأمْنُ مِن كلِّ خَوف، وقل - إذا أخذته -:

«اللّهُمَّ إنّي أسْأَلُكَ بِحَقِّ هذِهِ الطِّينَةِ، وبِحَقِّ الملكِ الَّذِي أخَذَها، وَبِحَقِّ النَّبيِّ الَّذي قَبَضَها، وَبِحَقَّ الوًصيِّ الذي حُلَّ فيها، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَأهْلِ بَيْتِهِ، وأجْعَلْ لي فيها شِفاءً مِنْ كُلِّ داءٍ، وأماناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ (١) ».

قال: ثمَّ قال: إنَّ المَلَكَ الَّذي أخذها جبرئيل وأراها النَّبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: هذه تربة ابنكَ هذا، تقتله اُمَّتك مِن بَعدِك، والنَّبيُّ الَّذِي قبضها فهو محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأمّا الوصيّ الَّذي حُلَّ فيها فهو الحسين بن عليٍّ سيِّد الشُّهداء، قلت: قد عَرَفتُ الشِّفاء من كلِّ داءٍ، فكيف الأمان مِن كللهَوف؟ قال: إذا خِفتَ سلطاناً أو غير ذلك فلا تخرج مِنْ منزلك إلاّ ومعكَ مِن طِين قبر الحسينعليه‌السلام ، وقل إذا أخذتَه: «اللّهُمَّ إنَّ هذِهِ طِينَةُ قَبْرِ الحُسَينِ وَليِّكَ وَابْنِ وَلِيَّكَ، اتَّخَذْتُها حِرْزاَ لِما أخافُ وَلِما لا أخافُ »، فإنَّه قد يرد عليك ما لا تخاف؛

قال الرَّجل(٢) : فأخذتها ما قال(٣) فصَحَّ والله بدني، وكان لي أماناً من كلِّ ما خِفتُ وما لم أخف كما قال، فما رَأيت بحمدِ الله بعدها مكروهاً »(٤) .

١١ - أخبرني حكيم بن داود بن حكيم، عن سَلَمَة، عن أحمدَ بن إسحاقَ القَزوينيّ(٥) ، عن أبي بَكّار « قال: أخذتُ مِنَ التُّربة الَّتي عند رَأس قبر الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام ، فإنّها طِينَة حَمراء، فدخلتُ على الرِّضاعليه‌السلام فعرضتها عليه فأخذها في كفِّه، ثمَّ شَمّها ثمَّ بكى حتّى جَرَتْ دُموعه، ثمَّ قال: هذه تربة جدَّي ».

١٢ - حدَّثني أبو عبدالرَّحمن محمّد بن أحمدَ بن الحسين العَسكريُّ بالعَسكر

__________________

١ - في الأمالي: « صلّ على محمّد وآل محمّد وأهل بيته، وافعل بي كذا وكذا ».

٢ - يعني الحارث بن المغيرة، كما مرّ.

٣ - كذا، وفي أمالي الشيخ رحمه الله: فأخذت كما أمرني، وقلت ما قال لي فصحّ جسمي - إلخ » وهو الصّواب.

٤ - في الأمالي: « فما رأيت مع ذلك بحمد الله »، والخبر مذكور في أمالي الشّيخ ( ره )، راجع ج ١ ص ٣٢٥ طبع النّجف الأشرف.

٥ - في بعض النّسخ: « محمّد بن إسحاق القزويني ».

٣٠٢

قال: حدَّثنا الحسن بن عليِّ بن مَهزيار، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عُمَير، عن محمّد بن مَروانَ، عن أبي حمزة الثُّماليِّ « قال: قال الصّادقعليه‌السلام : إذا أردت حمل الطّين مِن قبرِ الحسينعليه‌السلام فاقرء « فاتحة الكتاب » و « المعوَّذَتَين » و « قُلْ هُوَ الله أحَدٌ » و « إنّا أنْزَلْناهُ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ » و « يس » و « آية الْكُرْسيّ » وتقول:

«اللّهُمَّ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَحَبيبِكَ وَنَبيِّكَ وَأمينِكَ، وَبِحقِّ أمِير المؤمِنينَ عَليِّ بْنِ أبي طالبٍ عَبْدِكَ أخي رَسُولِكَ، وَبِحَقِّ فاطِمَةً بِنْتِ نَبيِّكَ وَزَوجَةِ وَليِّكَ، وَبِحَقِّ الحَسَنِ وَالحُسَين، وَبِحَقِّ الأئمَّةِ الرَّاشِدينَ، وَبِحَقِّ هذِهِ التُرْبَةِ، وَبِحَقِّ المَلَكِ المُوَكَّلِ بها، وَبِحَقِّ الوَصِيّ الَّذي حُلَّ فيها، وَبحقِّ الجَسَدِ الَّذي تَضَمَّنَتْ، وَبِحَقِّ السِّبْطِ الَّذِي ضُمِّنَتْ، وَبِحَقِّ جَميعِ مَلائِكَتِكَ وَأنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ، صَلِّ عَلىُ مُحَمَّدٍ وآل مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْ لي هذا الطّينَ شِفاءً مِنْ كُلِّ داءٍ ولِمنَ يَسْتَشْفي بِهِ مِنْ كُلِّ داءٍ وَسُقْمٍ وَمَرَضٍ، وَأماناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ، اللّهُمَّ بحقِّ مُحَمَّدٍ وَأهْلِ بَيْتِهِ، اجْعَلْهُ عَلَماً نافِعاً وَرِزْقاً واسِعاً، وَشِفاءً مِنْ كُلِّ داءٍ وسُقْمٍ وَآفَةٍ وَعاهَةٍ وَجَميعِ الأوْجاعِ كُلِّها، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ ».

وتقول: «اللّهُمَّ رَبَّ هذِهِ التُرْبَةِ المُبارَكَةِ المَيْمُونَةِ، وَالمَلَكِ الَّذي هَبَطَ بِها، وَالوَصِيِّ الَّذِي هُوَ فيها، صَلِّ عَلىُ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَسَلَّمْ، وانْفَعْني بِها، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ » ».

الباب الرّابع والتّسعون

( ما يقول الرَّجل إذا أكل من تربة قبر الحسين عليه السلام)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن محمّد بن إسماعيل البَصريّ - عن بعض رجاله - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: طين قبر الحسينعليه‌السلام شِفاءٌ مِن كلِّ داءٍ، وإذا أكلتَه فقل: «بِسْمِ الله وَبِالله، اللّهُمَّ اجْعَلْهُ رِزْقاً واسِعاً، وَعَلَماً نافِعاً وَشِفاءً مِنْ كُلِّ داءٍ، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدير » ».

قال: وروى لي بعض أصحابنا - يعني محمّد بن عيسى - قال: نسيت

٣٠٣

إسناده « قال: إذا أكلته تقول: «اللّهُمَّ رَبَّ هذِهِ التُربَةِ المُبارَكَةِ، وَرَبَّ هذا الْوَصيِّ الَّذِي وارَتْه (١) ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْهُ عَلَماً نافِعاً، ورِزْقاً واسعِاً، وَشِفاءً مِنْ كُلِّ داءٍ » ».

٣ - حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عَطيّة، عن أبيه، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إذا أخذتَ مِن تُربة المظْلوم وَوَضعتَها في فيكَ فقلْ:

«اللّهُمَّ إنّي أسْأَلُكَ بِحَقِّ هذِهِ التُربَةِ، وَبحقِّ المَلَكِ الَّذي قَبَضَها، وَالنَّبيِّ الَّذِي حَصَّنَها (٢) ،وَالإمامِ الَّذِي حُلَّ فيها، أنْ تُصَلّي عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأنْ تَجعَل لي فيها شِفاءً نافِعاً، وَرِزْقاً واسِعاً، وَأماناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ وَداءٍ ».

فإنّه إذا قال ذلك وَهَبَ الله له العافية وشفاه ».

الباب الخامس والتّسعون

( إنَّ الطّين كلّه حَرامٌ إلاّ طين قبر الحسين عليه السلام فإنَّه شِفاءٌ)

١ - حدَّثني محمّد بن يعقوبَ؛ وجماعةٌ مشايخي، عن محمّد بن يحيى، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطيّ، عن رَجل - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: الطّين كلّه حَرامٌ، كلحم الخِنزير، ومَن أكله ثمَّ مات مِنه لم اُصلِّ عليه، إلاّ طين قبر الحسينعليه‌السلام ، فإنّ فيه شِفاء من كلِّ داءٍ، ومَن أكله بشهوةٍ لم يَكن فيه شِفاءٌ »(٣) .

٢ - حدَّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن عَبّاد بن سليمان، عن سعد بن سعد « قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن الطّين، قال: فقال: أكل الطّين حَرامٌ مثل المِيتة والدَّم ولحم الخِنزير إلاّ طين قبر الحسينعليه‌السلام ، فإنّ فيه

__________________

١ - واراه مُواراة: أُخفاه. أي وارته التّربة.

٢ - في بعض النّسخ: « حضنها » بالضّاد المعجمة.

٣ - جاء الخبر في الكافي بتفاوت يسير، راجع ج ٦ ص ٢٦٥ ح ١.

٣٠٤

شِفاءً مِن كلِّ داءٍ، وأمْناً مِن كلِّ خَوفٍ ».

٣ - حدَّثني أبو عبدالله محمّد بن أحمدَ بن يعقوبَ(١) ، عن عليِّ بن الحسن بن عليِّ بن فَضّال، عن أبيه - عن بعض أصحابنا - عن أحدهماعليهما‌السلام « قال: إنَّ الله تبارك وتعالى خلق آدمعليه‌السلام من طين، فحَرَّم الطّين على وُلْدِهِ، قال: فقلت: ما تقول في طين قبر الحسين صلوات الله عليه؟ فقال: يحرم على النّاس أكل لحومهم، ويَحلُّ عليهم أكل لحومنا(٢) ، ولكن الشَّيء اليسير منه مثل الحِمَّصَة »(٣) .

٤ - وروى سَماعَةُ بن مِهرانَ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: كلُّ طِين حرام على بني آدم ما خَلا طين قبر الحسينعليه‌السلام ، مَن أكله مِن وَجَع شَفاه الله تعالى ».

٥ - ووجدت في حديث الحسين بن مِهران الفارسيّ، عن محمّد بن سَيّار، عن يعقوبَ بن يزيدَ - يرفع الحديث إلى الصّادقعليه‌السلام - « قال: من باع طين قبر - الحسينعليه‌السلام فإنّه يبيع لحم الحسينعليه‌السلام ويشتريه ».

* * * * *

__________________

١ - كذا في النّسخ، ومرَّ الكلام فيه، راجع ص ٢٠٦ ذيل الخبر ٥.

٢ - قال العلاّمة الأمينيّ رحمه الله: ربما يكون في هذا الحديث إيعاز إلى أنّ طينة أئمّة الدِّين صلوات الله عليهم كلّهم من تربة الطّفّ المقدّسة حيث عبّر عنها بـ « لحومنا » مع سبق مثل هذا التّعبير عن مطلق الطّين بالنّسبة إلى البشر بلحاظ خلق آدم منه وهم ولده، وليس بذلك البعيد أن يكون تربة أشرف بقاع العالم طينة لأشرف موجوداته ويقرّبه خلقها قبل خلق أرض الكعبة بأربعة وعشرين ألف عام كما مرَّ في أحاديث الباب الثامن والثّمانين، وكونها أفضل روضة من رياض الجنّة وأنّها لتزهر بين رياضها كالكوكب الدّرّي بين الكواكب، وأنّها أفضل مسكن في الجنّة، لا يسكنها إلاّ النّبيّون والمرسلون كما في الحديث المذكور في ص ٢٨٠، فعلى هذا ينزّل الحديث الآتي في آخر الباب أيضاً على الحقيقة.

٣ - الحِمِّص والحِمَّص: حَبٌّ يؤكل، الواحدة: حِمَّصة وحِمَّصة، وبالفارسية: « نَخود ». وقال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: الأحوط أن لا يتجاوز قدر العدسة، إذ ورد تفسير الحمّصة بها في بعض الرّوايات، والأشهر جواز قدر الحمّصة.

٣٠٥

الباب السّادس والتّسعون

( مَن نَأَتْ دارُه وبَعُدتْ شُقَّته(١) كيف يزوره صلوات الله عليه)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد؛ ومحمّد بن يحيى، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن أبي عُمَير - عمّن رواه - « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : إذا بَعُدَتْ بأحَدِكم الشُّقَّة ونَأتْ به الدّار فليَعلِ أعلى منزلٍ له فيصلّي رَكعتين وليؤمَّ بالسَّلام إلى قبورنا، فإنَّ ذلك يصير إلينا ».

٢ - حدَّثني عليُّ بن الحسين؛ وعليُّ بن محمّد بن قولُوَيه جميعاً، عن محمّد بن يحيى العطّار، عن حَمدان بن سليمان النّيسابوري، عن عبدالله بن محمّد اليمانيّ، عن مَنيع بن الحجّاج، عن يونسَ بن عبدالرَّحمن، عن حَنان بن سَدير، عن أبيه - في حديث طويل - « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : يا سَدِيرُ وما عليك أن تزور قبر الحسينعليه‌السلام في كلِّ جُمُعة خمسَ مرَّات(٢) ؛ وفي كلِّ يوم مَرَّةً؟ قلت: جُعِلتُ فِداك إنَّ بيننا وبينه فراسخ كثيرة، فقال: تصعد فوق سطحك، ثمّ تلتفتُ يُمنةً ويُسرة، ثمّ ترفع رأسك إلى السّماء، ثمَّ تتحوَّل نحو قبر الحسين، ثمَّ تقول: « السَّلامُ عَلَيكَ يا أبا عَبْدِالله، السَّلامُ عَلَيكَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ »، يكتب لك زَورة، والزَّورة حَجّة وعُمرة، قال سَدِيرُ: فربما فعلته في النّهار أكثر مِن عشرين مَرّة ».

٣ - حدَّثني حكيم بن داود، عن سَلَمة بن الخطاب، عن عبدالله بن محمّد [عن عبدالله بن محمّد بن سِنان](٣) ، عن مَنيع، عن يونسَ بنِ عبدالرَّحمن، عن

____________

١ - النّأْيُ: البعد. نَأَى يَنْأَى: بَعُد. والشِّقَّة والشُّقَّة: المسافة الّتي يشقّها السّائر.

٢ - يفهم من ظاهره أنّه يسلّم عليه بعد كلِّ صلاة.

٣ - الظّاهر أنّ ما بين المعقوفين زيادة من النّاسخ، و « عبدالله بن محمّد » مشتركٌ بين النّهيكي واليمانيّ. وجاء الخبر في الكافي وسنده هكذا: « سلمة بن الخطّاب، عن عبدالله بن

٣٠٦

حَنان بن سَدير، عن أبيه « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : يا سَدير تزور قبر الحسينعليه‌السلام في كلّ يوم؟ قلت: جُعِلت فِداك لا، قال: ما أجفاكم! أفتزورُه في كلِّ شَهر؟ قلت: لا، قال: فتزورُه في كلِّ سنةٍ، قلت: يكون ذلك، قال: يا سَديرُ ما أجفاكم بالحسينعليه‌السلام أما عَلِمتَ أنَّ ‏لله ألفُ ألف مَلَك شُعثاً غُبراً يبكون ويزورون لا يفترون؟ وما عليك يا سَديرُ أن تزورَ قبر الحسينعليه‌السلام في كلِّ جُمعة خمس مرّات؟ - وذكر مثل الحديث الأوّل - ».

٤ - وروى سليمان بن عيسى، عن أبيه « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : كيف أزورك إذا لم أقدر على ذلك؟ قال: قال لي: يا عيسى إذا لم تقدر على المجيء، فإذا كان يوم الجُمُعة فاغتسل أو توضَّأ وَاصْعَد إلى سَطْحِك، وصَلِّ ركعتين وتَوجَّه نحوي، فإنّه مَن زارني في حَياتي فقد زارَني في مَماتي، ومَن زارَني في مَماتي فقد زارني في حياتي »(١) .

٥ - حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن عبدالله بن محمّد الدَّهقان(٢) ، عن مَنيع بن الحجّاج، عن حَنان بن سَدير، عن أبيه « قال: قال لي أبو عبداللهعليه‌السلام : يا سَدير تكثر(٣) مِن زيارة قبر أبي عبدالله الحسين؟ قلت: إنّه مِن الشّغل، فقال: ألا اُعلّمك شيئاً إذا أنتَ فعلتَه كتبَ الله لك بذلك الزّيارة؟ فقلت: بلى جُعِلتُ فِداك، فقال لي: اغتسلْ في منزلك وَاصْعَدْ إلى سطح دارِك وأشِرْ إليه بالسَّلام، تكتب لك بذلك الزِّيارة ».

__________________

الخطّاب، عن عبدالله بن محمّد بن سنان، عن مسمع، عن يونس »، وفي التّهذيب: « سلمة ابن الخطّاب، عن عبدالله بن الخطّاب، عن محمّد بن حسّان، عن منيع بن الحجّاج، عن يونس »، وسيأتي الخبر في الباب السّابع والتّسعين تحت رقم ٩ بهذا السّند.

١ - قال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: « هذا الخبر يدلّ على أنّ زيارة الإمام الحيّ أيضاً تجوز بهذا الوجه. فهذا مستند لزيارة القائم صلوات الله عليه في أيّ مكان أراد، ويتوجّه إلى السّرداب المقدّس ». وقال الأمينيّرحمه‌الله مثله.

٢ - في بعض النّسخ: « الدّهّان ».

٣ - في مقام السّؤال عن ترك إكثار الزّيارة كما يفهم من جوابه. ( الأمينيّ )

٣٠٧

٦ - حدّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن إسماعيلَ بن سَهل، عن أبي أحمدَ(١) - عمّن رواه - « قال: قال لي أبو عبداللهعليه‌السلام : إذا بَعُدَتْ عليك الشُّقَّة ونَأَتْ بك الدَّار فلتَعلِ على أعلى منزلك ولتُصَلِّ رَكعتين، فلتؤمَّ بالسَّلام إلى قبورنا فإنَّ ذلك يصل إلينا ».

٧ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أبيه، عن أحمدَ بن أبي عبدالله البرقيِّ، عن أبيه - رفع الحديث إلى أبي عبداللهعليه‌السلام - « قال: دخل حَنان ابن سَدِير الصَّيرَفيُّ على أبي عبداللهعليه‌السلام - وعنده جماعةٌ من أصحابه - فقال: يا حَنانَ بنَ سَدير تَزورُ أبا عبداللهعليه‌السلام في كلِّ شَهر مَرَّةً؟ قال: لا، قال: ففي كلِّ شَهرين مرَّة؟ قال: لا، قال: ففي كلِّ سَنَةٍ مرَّةً؟ قال: لا، قال: ما أجفاكم لسيّدكم! فقال: يا ابن رَسول اللهِ قلَّةُ الزَّاد وبُعدُ المسافة، قال: ألا أدلّكم على زيارة مقبولة وإن بَعُد النّأي؟ قال: فكيف أزورُه يا ابن رسول الله؟ قال: اغتسل يوم الجُمُعة أو أيّ يوم شئت، والبس أطهرَ ثيابك واصْعَد إلى أعلى موضعٍ في دارِك أو الصَّحراء، فاستقبل القٍبلَةَ بوَجهك بعد ما تبيّن أنَّ القبرَ هنالك(٢) ، يقول الله تبارك وتعالى: «أيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَ وَجْهُ اللهِ (*) ». ثمَّ قل:

__________________

١ - يعني محمّد بن أبي عمير.

* - البقرة: ١١٥. وفي المصحف: « فأينما تولّوا - الآية ».

٢ - قال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: قوله عليه السلام: « فاستقبل القبلة بوجهك »، لعلّه عليه السلام إنّما قال ذلك لمن أمكنه استقبال القبر والقبلة معاً، ولما ظهر من قوله: « بعد ما تبيّن أنّ القبر هنالك »، أنّ استقبال القبر أمرٌ لازم، وإن لم يكن موافقاً للقبلة، استشهد بقوله تعالى: « أينما تولّوا فثمّ وجه الله » أي نسبته تعالى إلى جميع الأماكن على السّواء، واستقبال القبر للزّائر بمنزلة استقبال القبلة، وهو وجه الله، أي جهته الّتي اُمر النّاس باستقبالها في تلك الحالة، والقرينة عليه قوله عليه السلام: « ثمّ تتحوّل على يسارك » فإنّ قبر علي بن الحسين إنّما يكون على يسار من يستقبل القبر والقبلة معاً. ويحتمل أن يكون المراد بالقبلة هنا جهة القبر مجازاً، ويحتمل أيضاً أن يكون المراد استقبال القبلة على أيّ حال، ويكون المراد بقوله: « بعد ما تبيّن أنّ القبر هنالك » تخيّل القبر في تلك الجهة، والاستشهاد بالآية بناء على أنّ المراد بوجه الله هم الأئمّة عليهم السلام، ونسبتهم أيضاً إلى

٣٠٨

«السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَولايَ وَابْنَ مَولايَ، وَسَيِّدي وَابْنَ سَيِّدي، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَولايَ الشَّهيدَ بْنَ الشَّهيدِ، وَالْقَتِيلَ بْنَ الْقَتيلِ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، أنَا زائِرُكَ يا ابْنَ رَسُولِ الله بِقَلْبي وَلِساني وَجَوارِحي، وَإنْ لَمْ أزُرْكَ بِنَفْسي مُشاهَدَةَ لِقُبَّتِكَ (١) ،فَعَليْكَ السَّلامُ يا وارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ الله، وَوارِثَ نُوح نَبيِّ اللهِ، وَوارِثَ إبراهيمَ خَليلِ الله، وَوارِثَ مُوسى كَليم اللهِ، وَوارِثَ عيسى رُوح الله، وَوارِثَ مُحَمَّدٍ حَبيبِ اللهِ وَنَبيِّهِ وَرَسُولِهِ، وَوارِثَ عَليِّ أمير المؤمنين وَصيّ رَسُولِ اللهِ وَخَليفَتِهِ، وَوارِثَ الحسَنِ بْن عَليّ وَصيِّ أمِير المؤمِنينَ، لَعَنَ اللهُ قاتِليكَ، وَجَدَّدَ عَلَيْهِمْ الْعَذابَ في هذِهِ السّاعَةِ وَفي كُلِّ ساعَةٍ، أنَا يا سَيِّدي مُتقَرِّبٌ إلى اللهِ جَلَّ وَعَزَّ، وإلى جَدِّكَ رَسُولِ اللهِ، وَإلى أبيكَ أمِيرِ المُؤْمِنينَ، وإلى أخِيكَ الحسَنِ، وَإلَيْكَ يا مَولايَ، فَعَلَيْكَ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، بِزيارَتي لَكَ بِقَلْبي وَلِساني وَجَميع جَوارِحي، فَكُنْ لي يا سَيِّدي شَفيعي لِقَبُولِ ذلِكَ مِنِّي، وَأنَا بِالْبَراءَةِ مِنْ أعْدائِكَ وَاللَّعْنَةِ لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ أتَقَرَّبُ إلى اللهِ وَإلَيكُمْ أجْمَعِينَ، فَعَلَيْكَ صَلَواتُ اللهِ وَرِضْوانُهُ وَرَحْمَتُهُ ».

ثمَّ تتحوَّل على يسارك قليلاً وتحوَّل وجهك إلى قبر عليِّ بن الحسينعليهما‌السلام ، وهو عند رِجل أبيه، وتسلّم عليه مثل ذلك، ثمَّ ادعُ الله بما أحببتَ من أمر دينك ودُنياك، ثمَّ تصلّي أربع رَكعات فإنَّ صَلاة الزِّيارة ثمان أو سِتَ أو أربع أو ركعتان، وأفضلها ثمان، ثمَّ تستقبل نحوَ قبر أبي عبداللهعليه‌السلام وتقول:

«أنا مُوَدِّعِكُ يا مَولايَ وَابْنَ مَولايَ، وَيا سَيِّدِي وَابْنَ سَيِّدي، وَمُوَدِّعُكَ يا سَيِّدي وَابْنَ سَيِّدي يا عَليَّ بْنَ الحسَينِ، وَمُوَدِّعُكُمْ يا ساداتي، يا مَعاشِرَ الشُّهَداءِ، فَعَلَيْكُمْ سَلامُ اللهِ وَرَحْمَتُهُ وَرِضْوانُهُ وَبَرَكاتُهُ » ».

__________________

الأماكن على السّويّة لإحاطة علمهم ونورهم بجميع الآفاق، ويكون التّحوّل إلى اليسار لأنّ في تخيّل القبر للمستقبل يكون قبر عليّ بن الحسين عليهما السلام على يسار المستقبل كما إذا كان عند القبر واستقبل القبلة يكون كذلك. ولا يبعد أن يكون « القبلة » تصحيف « القبر ».

والأظهر هو الوجه الأوّل كما فهمه الشّيخ رحمه الله وغيره، وحكموا باستقبال القبر مطلقاً وهو الموافق للأخبار الاُخر الواردة في زيارة البعيد، والله يعلم.

١ - المراد بالقبّة هنا بناء مسقّف.

٣٠٩

الباب السّابع والتّسعون

( ما يكره من الجفاء (١) لزيارة قبر الحسين عليه السلام  )

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم - عن بعض أصحابه - عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: كم بينكم وبين قبر الحسين؟ قلت: سِتَّة عشر فرسخاً، قال: أوَما تأتونه؟ قلت: لا، قال: ما أجفاكم! ».

٢ - وعنه، عن سعد، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن موسى بن الفضل(٢) ، [عن عليّ بن الحكم] - عمّن حدَّثه - عن حَنان بن سَدير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قلت له: ما تقول في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ؟ فقال: زُرْه ولا تجفه، فإنَّه سيِّد الشُّهداء وسيِّد شباب أهل الجنَّة، وشبيه يحيى بن زَكريّا، وعليهما بَكَتِ السَّماء والأرض ».

٣ - وحدَّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن أحمدَ بنِ أبي داودَ، عن سعد بن أبي عمر [و] الجلاّب(٣) ، عن الحارث الأعور « قال: قال عليٌّعليه‌السلام : بأبي واُمّي الحسين المقتول بظهر الكوفة، والله لَكَأنّي أنظر إلى الوحْش مادّة أعناقها على قبره من أنواع الوحش يبكونه ويَرْثُونَه ليلاً حتى الصّباح، فإذا كان ذلك فإيّاكم والجفاء »(٤) .

__________________

١ - الجفاء: البعد عن الشّيء، وترك الصّلة والبرّ، وغلظ الطّبع.

٢ - هو غير مذكور في كتب الرّجال، والظّاهر كونه تصحيف « موسى بن القاسم » وهو أبو عبدالله ابن معاوية بن وهب، مِن أصحاب الرِّضا عليه السلام، له كتاب، روى عنه أحمد بن محمّد بن عيسى. ( جش ) وتقدّم مثله في ص ٩٦، وليس في سنده « عليّ بن الحكم ».

٣ - في البحار: « ابن عيسى، عن أبي داود، عن سعد، عن أبي عمر الجلاّب، عن الحارث الأعور ».

٤ - أي بترك زيارته عليه السلام

٣١٠

٤ - حدَّثني أبي؛ وأخي؛ وعلي بن الحسين؛ ومحمّد بن الحسن، عن محمّد بن يحيى العطّار، عن حَمدانَ بن سليمانَ النّيسابوريِّ، عن عبدالله بن محمّد اليمانيّ، عن مَنيع بن الحجّاج، عن يونسَ بن عبدالرَّحمن، عن حَنان بن سَدير، عن أبيه سَدِير « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : يا سَدِير تَزورُ قبر الحسينعليه‌السلام في كلِّ يوم؟ قلت: لا، قال: ما أجفاكم، قال: أتزورُه في كلِّ جُمْعة، قلت: لا، قال: فتزوره في كلِّ شهر؟ قلت: لا، قال: فتزورُه في كلِّ سنةٍ؟ قلت: قد يكون ذلك، قال: يا سَدير ما أجفاكم بالحسينعليه‌السلام ، أما علمتَ أنَّ للهِ ألفَ ملكٍ شُعثاً غُبراً يَبكونه ويَرْثُونَه، لا يَفترونَ زُوَّاراً لِقبر الحسين، وثوابهم لِمَن زارَه - وذكر الحديث - ».

٥ - حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى، [عن أبيه] عن الحسن بن محبوب، عن حَنان بن سَدِير « قال: كنت عند أبي جعفرعليه‌السلام فدخل عليه رَجلٌ فسلّم عليه وجَلَس، فقال أبو جعفرعليه‌السلام : مِن أيِّ البُلدان أنتَ؟ فقال له الرَّجل: أنا رَجلٌ من أهل الكوفة، وأنا مُحبٌّ لك؛ مُوالٍ، فقال له أبو جعفرعليه‌السلام : أفتزورُ قبر الحسينعليه‌السلام في كلِّ جُمْعة؟ قال: لا، قال: ففي كلِّ شَهر؟ قال: لا، قال: ففي كلّ سَنَةٍ؟ قال: لا، فقال له أبو جعفرعليه‌السلام : إنّك لمحروم من الخير - وذكر الحديث(١) - ».

٦ - وحدَّثني محمّد بن جعفر(٢) قال: حدَّثني محمّد بن الحسين، عن جعفر بن بَشير، عن حَمّاد بن عيسى، عن رِبعيّ بن عبدالله، عن الفضيل بن يَسار « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : ما أجفاكم يا فضيل؛ لا تزورون الحسينعليه‌السلام ، أما علمتَ أنَّ أربعةَ آلاف ملكٍ شُعْثاً غُبراً يبكونه إلى يوم القيامة؟! ».

٧ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن جعفر بن بَشير، عن حمّاد، عن محمّد بن مسلم، عن زُرارةَ، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: كم بينكم وبين قبر

__________________

١ - تقدّم الخبر بطوله في ص ٢٧ تحت رقم ١٢، بتفاوت يسير في السّند.

٢ - يعني الرّزّاز القرشيّ.

٣١١

الحسينعليه‌السلام ؟ قال: قلت: سِتّة عشر فرسخاً، أو سبعة عشر فرسخاً، قال: أما تأتونه؟ قلت: لا، قال: ما أجفاكم ».

٨ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمّد بن اُورَمَة، عن أبي عبدالله المؤمن، عن ابن مُسكانَ، عن سليمانَ بن خالد « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: عجباً لأقوام يزعمون أنّهم شيعة لنا ويقال: إنّ أحدهم يمرُّ به دَهُره ولا يأتي قبر الحسينعليه‌السلام ، جَفاءً منه وتَهاوناً وعَجزاً وكَسَلاً، أما والله لو يعلم ما فيه من الفضل ما تهاون ولا كسل، قلت: جُعِلتُ فِداك وما فيه من الفضل؟ قال: فضل وخير كثير، أمّا أوَّل ما يُصيبه أن يغفر له ما مضى من ذنوبه، ويقال له: استأنفِ العملَ ».

٩ - حدَّثني حكيم بن داود بن حكيم، عن سَلَمةَ بنِ الخطّاب، عن عبدالله بن الخطّاب، عن عبدالله بن محمّد بن سنان(*) ، عن منيع بن الحجّاج، عن يونسَ بن عبدالرَّحمن، عن حنان، عن أبيه « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : يا سَدير تزورُ قبر الحسينعليه‌السلام في كلِّ يوم؟ قلت: جعلت فِداك لا، قال: ما أجفاكم! فتزورُه في كلِّ جمعة؟ قلت: لا، قال: فتزورُه في كلِّ شَهر؟ قلت: لا، قال: فتزورُه في كلِّ سَنَةٍ، قال: قد يكون ذلك، قال: يا سَدِير ما أجفاكم بالحسينعليه‌السلام - وذكر الحديث(١) - ».

١٠ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن محمّد بن ناجية، عن محمّد بن عليِّ، عن عامر بن كثير السَّرَّاج النَّهْديّ، عن أبي الجارود، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: قال لي: كم بينك وبين قبر الحسينعليه‌السلام ؟ قلت: يوم للرَّاكب ويوم وبعض يوم للماشي، قال: أفتأتيه كلّ جُمْعة؟ قلت: لا ما آتيه إلاّ في حين، قال: ما أجفاكم! أما لو كان قريباً مِنّا لأتَّخذناه هجرة - أي نهاجر إليه - ».

حدَّثني جماعة مشايخي، عن أحمدَ بن إدريس، عن محمّد بن أحمدَ، عن محمّد

__________________

١ - تقدّم الخبر في ص ٣٠١ تحت رقم ٣ مع بيانٍ في سنده.

* - مرّ الكلام فيه.

٣١٢

ابن ناجيةَ، عن محمّد بن عليٍّ، عن عامِر بن كثير النَّهديّ السَّرَّاج، عن أبي الجارود، عن أبي جعفرعليه‌السلام - مثله.

الباب الثّامن والتّسعون

( أقلّ ما يزار فيه الحسين عليه السلام  )

( وأكثر ما يجوز تأخير زيارته للغنيّ والفقير)

١ - حدَّثني جعفر بن محمّد بن إبراهيم بن عبدالله الموسويُّ، عن عبيدالله ابن نَهيك، عن محمّد بن أبي عُمَير، عن أبي أيّوب(١) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: حقٌّ على الغَنيّ أن يأتي قبر الحسينعليه‌السلام في السَّنة مَرَّتين، وحَقٌّ على الفقير أن يأتيه في السَّنَةِ مَرَّة »(٢) .

٢ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن عليِّ بن الحكم، عن عامِر بن عُمَير؛ وسعيد الأعرج، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: ائتوا قبر الحسينعليه‌السلام في كلِّ سَنَةٍ مرّةً ».

٣ - حدَّثني أبو العبّاس(٣) ، عن محمّد بن الحسين، عن جعفر بن بَشير، عن مسلم(٤) ، عن عامر بن عُمَير؛ وسعيد الأعرج جميعاً، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: ائتوا قبر الحسينعليه‌السلام في كلِّ سَنَةٍ مرّةً ».

٤ - حدَّثني جعفر بن محمّد بن عبدالله الموسويُّ، عن عبيدالله بن نَهيك، عن ابن أبي عُمَير، عن حمّاد، عن الحلبيّ « قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن زيارة

__________________

١ - يعني إبراهيم بن عثمان.

٢ - قال الفيض رحمه الله: « لعلّ الحكم مخصوص بمن كان قريباً، أو كان متيسّراً له، فإنّ الظّاهر أنّ الخطاب لأهل الكوفة ومَن بحواليها ». وقال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله مثله.

٣ - يعني محمّد بن جعفر الرّزّاز.

٤ - كذا، ويأتي الخبر بعينه تحت رقم ٩ وفيه: « جعفر بن بشير، عن حمّاد، عن ابن مسلم » وكأنّ فيه سقطاً، وهو « حمّاد، عن ابن ».

٣١٣

قبر الحسين صلوات الله عليه، قال: في السَّنة مَرَّة، لأنّي أكره الشُّهرة ».

٥ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن يزيدَ، عن ابن أبي عُمَير - عن بعض أصحابنا - عن ابن رِئاب(١) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: حقُّ على الفقير أن يأتي قبر الحسين في السَّنة مرَّةً، وحقٌّ على الغنيّ أن يأتيه في السَّنة مرَّتين ».

٦ - حدَّثني أبيرحمه‌الله ومحمّد بن الحسن، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عُمَير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبيّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام قال: في السّنة مَرَّة، إنّي أكره الشُّهرة ».

٧ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن الحسن بن عليّ بن عبدالله بن المغيرة، عن العبّاس بن عامِر قال: قال عليُّ بن أبي حمزة، عن أبي الحسنعليه‌السلام « قال: لا تجفوه، يأتيه الموسر في كلِّ أربعة أشهرٍ، والمعسِر لا يُكَلِّفُ الله نَفْساً إلاّ وُسْعَها، قال العبّاس: لا أدري قال هذا لـ « عَليِّ » أو لـ « أبي ناب »(٢) ».

٨ - حدَّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عُمَير، عن حَماد بن عثمان، عن الحلبيّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سألته عن زيارة الحسينعليه‌السلام ، قال: في السَّنة مَرَّة، إني أخاف الشُّهرة ».

٩ - حدَّثني أبو العبّاس، عن الزيّات(٣) ، عن جعفر بن بشير، عن حمّاد، عن ابن مسلم، عن عامر بن عُمير؛ وسعيد الأَعرج، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: أيتوا قبر الحسينعليه‌السلام في كلِّ سنة مرَّة ».

١٠ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد، عن عليِّ بن إسماعيلَ بن عيسى،

__________________

١ - في بعض النّسخ: « أبي أيّوب »، وفي بعضها: « أبي ناب »، وفي التّهذيب ( ج ٦ ص ٤٩ ) كما في المتن، وهو عليَّ بن رئاب الكوفيّ، له أصل كبير، ثقةٌ جليل القدر.

٢ - المراد بهما الحسن بن عطيّة وعلي بن أبي حمزة.

٣ - يعني ابن أبي الخطّاب، وراويه الرزّاز.

٣١٤

عن صفوانَ بن يحيى، عن العِيص بن القاسم « قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام : هل لزيارة القبر صلاة مفروضة؟ قال: ليس له صلاة مفروضة (١) ، قال: وسألته في كم يوم يزار؟ قال: ما شئت ».

١١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن عبدالله بن جعفر الحِميريّ بإسناده - رفعه إلى عليِّ بن ميمون الصّائغ - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: يا عليُّ بلغني أنَّ قوماً مِن شيعتنا يمرُّ بأحدهم السَّنة والسَّنتان لا يزورون الحسينَعليه‌السلام ، قلت: جُعِلتُ فِداك إنَّي أعرف اُناساً كثيرةً بهذه الصِّفة، قال: أما والله لحظّهم أخطأوا، وعن ثَواب اللهِ زاغوا، وعن جِوار محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله تَباعدوا، قلت: جُعلتُ فداك في كم الزيارة؟ قال: يا عليُّ إن قدرتَ أن تَزورَه في كلِّ شهر فافعل، قلت: لا أصل إلى ذلك، لأنّي أعمل بيدي واُمور النّاس بيدي، ولا أقدر أن اُغيّب وجهي عن مَكاني يوماً واحداً، قال: أنت في عُذر ومَن كان يعمل بيده، وإنّما عَنَيت مَن لا يعمل بيده ممَّن إن خرج في كلِّ جمعةٍ هانَ ذلك عليه(٢) ، أما إنّه ماله عندالله مِن عُذر ولا عند رَسوله مِن عذر يوم القيامة، قلت: فإن أخرج عنه رَجلاً فيجوز ذلك؟ قال: نَعَم وخروجه بنفسه أعظم أجراً وخيراً له عند ربّه، يراه رَبّه ساهِرَ اللّيل، له تعب النّهار، ينظر الله إليه نظرةً توجب له الفردوس الأعلى مع محمّدٍ وأهل بيته، فتنافسوا في ذلك وكونوا مِن أهله ».

١٢ - حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن صَبّاح الحَذّاء، عن محمّد بن مَروان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سمعته يقول: زُوروا قبر الحسينعليه‌السلام ، ولو كلَّ سَنَة مَرَّة - وذكر الحديث - ».

١٣ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن أحمدَ بن إدريسَ؛ ومحمّد بن يحيى، عن العَمركي بن عليِّ البوفَكيِّ قال: حدَّثنا يحيى - وكان في خدمة أبي جعفر الثّاني - عن عليِّ، عن صَفوانَ بن مِهرانَ الجمّال، عن أبي عبداللهعليه‌السلام - في حديث طويل - « قلت له: مَن يأتيه زائراً ثمّ ينصرف متى يعود إليه؟ وفي كَمْ [يوم]

__________________

١ - في بعض النّسخ: « شيء مفروض ».

٢ - أي سهل عليه.

٣١٥

يؤتى؟ وكَمْ يسع النّاس تَركه؟ قال: لا يسع أكثر من شَهر (١) وأمّا بعيد الدَّار ففي كلِّ ثلاث سنين، فما جاز ثلاث سِنين فلم يأته فقد عقَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقطع حرمته، إلاّ من علّة ».

١٤ - حدَّثني عليُّ بن الحسين بن موسىرحمه‌الله عن عليِّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن فَضّال، عن عليِّ بن عُقبة، عن عبيدالله الحلبيِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قلت: إنّا نَزور قبر الحسينعليه‌السلام في السَّنة مرَّتين أو ثلاثة، فقال أبو عبداللهعليه‌السلام : أكره أن تكثروا القصد إليه؛ زُورُوه في السَّنة مَرَّة، قلت: كيف اُصلّي عليه؟ قال: تقوم خلفه عند كتفيه، ثمَّ تصلّي على النَّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله وتصلّي على الحسينعليه‌السلام ».

‍١٥ - وقال العَمَركي بإسناده قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : إنّه يصلّي عند قبر الحسين أربعة آلاف ملكٍ مِن طلوع الفجر إلى أن تغيب الشَّمس، ثمَّ يَصعَدون، وينزل مثلهم فيصلّون إلى طلوع الفجر، فلا ينبغي للمسلم أن يتخلّف عن زِيارة قبره أكثر من أربع سنين ».

١٦ - وبإسناده عن محمّد بن الفضل، عن أبي ناب(٢) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سألته عن زيارة قبر الحسين صلوات الله عليه، قال: نَعَم تَعدِل عُمرة، ولا ينبغي التَّخلُّف عنه أكثر مِن أربع سنين »(٣) .

١٧ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريُّ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حمّاد البصريِّ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ، عن صفوان الجمّال « قال سألت أبا عبداللهعليه‌السلام - ونحن في طَريق المدينة نُريد مَكّة - فقلت له: يا ابن رسول الله ما لي أراك كَئيباً

__________________

١ - يعني أمّا القريب فلا يسع أكثر من شهر، وسيأتي بلفظه تحت رقم ١٧.

٢ - الظّاهر هو الحسن بن عطيّه، المعنون في رجال الشّيخ من أصحاب الصادق عليه السلام، ثقة.

٣ - يمكن حمل الثّلاث على المتوسّط في البعد، والأربع على ما كان أبعد منه، أو على اختلاف النّاس في القدرة. ( البحار )

٣١٦

حَزيناً مُنْكَسِراً؟ فقال لي: لو تَسمع ما أسمع لَشَغلَك عن مسائلي، قلت: فما الَّذي تسمع؟! قال: ابتهالَ الملائكة إلى الله عزَّوجلَّ على قتلة أمير المؤمنين وقتلة الحسينعليهما‌السلام ، ونَوحَ الجنَّ وبُكاءَ الملائكة الَّذين حَولَه وشدَّة حُزنهم، فمَن يتهنّأ مع هذا بطعام أو بشراب أو نوم؟!! قلت له: فمن يأتيه زائراً ثمَّ ينصرف فمتى يعود إليه؛ وفي كَمْ [يوم] يؤتى وفي كَمْ يسع النّاس تركه؟ قال: أمّا القريب فلا أقلَّ مِن شَهر، وأمّا بَعيد الدَّار ففي كلّ ثلاث سنين، فما جاز الثّلاث سنين فقد عَقَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقطع رحمه إلاّ من عِلة، ولو يعلم زائر الحسينعليه‌السلام ما يدخل على رسول الله [صلى‌الله‌عليه‌وآله ] وما يصل إليه من الفَرَح وإلى أمير المؤمنين وإلى فاطمة والأئمّة والشّهداء منّا أهل البيت وما ينقلب به من دعائهم له؛ وما له في ذلك من الثَّواب في العاجل والآجل والمذخور له عند الله لأحبّ أن يكون ما ثَمَّ داره ما بقي(١) .

وإنَّ زائره ليخرج مِن رَحله فما يقع فيه على شيءٍ إلاّ دعا له، فإذا وقعتِ الشَّمس عليه أكلَتْ ذنوبَه كما تأكل النّار الحَطَبَ، وما تُبقي الشّمسُ عليه من ذنوبه شيئاً، فينصرف وما عليه ذنبٌ وقد رفع له من الدَّرجات ما لا يناله المتشحّط بدمه في سبيل الله ويوكّل به ملك يقوم مقامه ويستغفر له حتّى يرجع إلى الزِّيارة أو يمضي ثلاث سِنين أو يموت - وذكر الحديث بطوله - ».

حدَّثني أبيرحمه‌الله عن أحمدَ بن إدريسَ؛ ومحمّد بن يحيى جميعاً، عن العَمْركي بن عليِّ البوفكيِّ قال: حدَّثنا يحيى - وكان في خدمة أبي جعفر الثّاني - عن عليٍّ، عن صَفوانَ بن مِهران الجمّال، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سألته في طريق المدينة - وذكر الحديث بطوله -.

* * * * *

__________________

١ - قال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: « لأحبّ أن يكون ماثمَ داره » أي يكون داره عنده عليه السلام لا يفارقه، وفي بعض النّسخ بالتّاء المثنّاة، أي مأتمّ وما استقرّ في داره.

٣١٧

الباب التّاسع والتّسعون

( ثواب زيارة قبر أبي الحسن موسى بن جعفر)

( ومحمّد بن عليٍّ الجواد عليهم السلام ببغداد)

١ - حدَّثني عليُّ بن الحسين بن موسى بن بابويهرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليٍّ الوَشّاء « قال: سألت الرّضاعليه‌السلام عن زيارة قبر أبي الحسنعليه‌السلام أمثل زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ؟ قال: نَعَم ».

وحدَّثني محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، بإسناده مثله(١) .

٢ - حدّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن أبي عليٍّ، عن الحسين بن بَشّار الواسطيِّ(٢) « قال: قلت للرّضاعليه‌السلام : أزور قبر أبي الحسنعليه‌السلام ببغداد؟ فقال: إن كان لابدَّ منه فمن وراءِ الحجاب »(٣) .

٣ - حدَّثني عليُّ بن الحسين، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن أبي عبدالله البرقيِّ، عن الحسن بن عليٍّ الوشّاء « قال: قلت للرّضاعليه‌السلام : ما لِمَن زارَ قبر أبيك أبي الحسنعليه‌السلام ؟ فقال: زُرْه، قال: فقلت: فأيُّ شيء فيه من الفضل؟ قال: له مثل مَن زارَ قبر الحسينعليه‌السلام »(٤) .

____________

١ - راجع الكافي ج ٤ ص ٥٨٣ ح ٢.

٢ - هو الحسين بن بشّار بالباء الموحّدة المفتوحة والشّين المعجمة المشدّدة، ثقة، صحيح، عدَّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الرّضا عليه السلام وما في بعض النّسخ: « يسار » - بالسّين المهملة - سهو، لعدم وجوده في كتب الرّجال. وراويه « أبو علي » الظّاهر هو محمّد بن عيسى الأشعريّ.

٣ - الأمر بالزّيادة خارج الجدار ومن وراء الحجاب للتّقية من المخالفين. ( البحار )

٤ - الخبر رواه الصّدوق في ثواب الأعمال هكذا: « قلت للرّضا عليه السلام: ما لمن زار قبر أبي الحسن عليه السلام؟ قال: له مثل ما لمن زار قبر أبي عبدالله عليه السلام ».

٣١٨

٤ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن عليِّ بن حسّان الواسطي ( كذا ) - عن بعض أصحابنا - عن الرّضاعليه‌السلام « في إتيان قبر أبي الحسنعليه‌السلام قال: صلّوا في المساجد حَولَه ».

٥ - حدَّثني أبي؛ وعليُّ بن الحسين؛ ومحمّد بن الحسنرحمهم‌الله جميعاً، عن سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن يزيد، عن الحسين بن بَشّار الواسطيّ « قال: سألت أبا الحسن الرّضاعليه‌السلام ما لِمَن زارَ قبر أبيك صلوات الله عليه؟ قال: فقال: زوروه، قال: قلت: فأيُّ شيء فيه مِنَ الفضل؟ قال: فقال: فيه من الفضل كفضل من زارَ والده - يعني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله -، قلت: فإن خِفْتُ ولم يمكن لي الدُّخول داخلاً؟ قال: سلّم من وراءِ الجدار ».

٦ - حدَّثني أبو العبّاس محمّد بن جعفر القرشيُّ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن إسماعيل بن بَزيع، عن الخيبريّ، عن الحسين بن محمّد الأشعريّ القمّي « قال: قال لي الرّضاعليه‌السلام : من زارَ قبر أبي ببغداد كان كمن زارَ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقبرَ أمير المؤمنينعليه‌السلام إلاّ أنَّ لرسول الله وأمير المؤمنين فضلهما(١) ».

وحدَّثني محمّد بن يعقوبَ، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين بإسناده مثله(٢) .

٧ - حدِّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن عبدالرّحمن بن أبي نَجرانَ « قال: سألت أبا جعفر(٣) عليه‌السلام عمّن زارَ رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قاصداً، قال: له الجنّة، ومَن زار قبرَ أبي الحسن(٤) عليه‌السلام فله

__________________

١ - أي: لهما فضلهما في أنفسهما ولا ينافي ذلك تساوي فضل زيارته لزيارتهما، أو المعنى أنّه في عظم الثّواب مشتركة، إلاّ أنّ زيارتهما أفضل بقدر فضلهما، والأوّل أظهر، والثّاني أنسب بسائر الأخبار. ( ملاذ الأخبار )

٢ - راجع الكافي ج ٤ ص ٥٨٣ ح ١.

٣ - المراد به الجواد عليه السلام، وعبدالرّحمن كان من أصحابه.

٤ - أي الأوّل، وهو الكاظم عليه السلام، وكذا ما يأتي.

٣١٩

الجنّة ».

٨ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بن الوليد، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد، عن الحسن بن عليٍّ الوَشّاء، عن الرّضاعليه‌السلام « قال: زيارة قبر أبي مثل زيارة قبر الحسينعليهما‌السلام ».

٩ - وعنه، عن سعد، عن أحمدَ بن محمّد، عن أحمدَ بن عُبدُوس الخَلَنْجيِّ(١) ، عن أبيه رَحيم(٢) « قال: قلت للرّضاعليه‌السلام : جعلت فداك إنَّ زيارة قبر أبي الحسنعليه‌السلام ببغداد علينا فيها مَشقّة، وإنّما نأته فنسلّم عليه مِن وراءِ الحيطان، فما لِمَن زارَه من الثَّواب؟ قال: فقال له: والله مثل ما لِمَن أتى قبر رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

١٠ - وحدَّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن أحمدَ ابن محمّد بن عيسى، عن عليِّ بن الحكم، عن رَحيم « قال: قلت للرّضاعليه‌السلام : جعلت فداك إنَّ زيارة قبر أبي الحسنعليه‌السلام ببغداد علينا فيها مَشقّة، فما لِمَن زارَه؟ فقال: له مثل ما لمن أتى قبر الحسينعليه‌السلام من الثَّواب، قال ودخل رَجلٌ فسلّم عليه وجلس وذكر بغداد ورداءَة أهلها وما يتوقّع أن ينزل بهم من الخسف والصّيحة والصَّواعق - وعدَّد من ذلك أشياء -، قال: فقمت لأخرج فسمعت أبا الحسنعليه‌السلام وهو يقول: أمّا أبو الحسن فلا »(٣) .

١١ - حدَّثني محمّد بن يَعقوبَ، عن محمّد بن يحيى، عن حَمدان القَلانِسيّ،

__________________

١ - الخَلَنْجُ: شجر فارسيّ مُعرَّب، تتّخذ من خشبه الأواني. وقيل: كلّ جفنة وصحفة وآنية صنعت من خشب ذي طرائق وأساريع مُوّشّاةٍ. ( لسان العرب ) فكأنّ الرّجل كان يبيع ذلك فنسب إليه.

٢ - كذا، والظّاهر فيه تصحيف أو سقط.

٣ - قال العلاّمة المجلسيّ ( ره ): « أي لا يصيب قبره الشّريف مثل هذه الاُمور، أو لا يدع أن يصيب أهل بغداد شيء من ذلك، فهم ببركة قبره محروسون، والأوّل أظهر لفظاً والثّاني معناً ». وقوله: « أمّا أبو الحسن فلا » خصّ عليه السلام الأمان ببلد فيه مزاره لا كلّ بغداد ».

٣٢٠

عن عليِّ بن محمّد الحُضَيْنيّ (١) ، عن عليِّ بن عبدالله بن مَروان، عن إبراهيم بن عُقْبَة « قال: كتبت إلى أبي الحسن الثّالثعليه‌السلام أسأله عن زيارة قبر أبي عبدالله، عن زيارة قبر أبي الحسن وأبي جعفرعليهم‌السلام، فكتب إليَّ: أبو عبدالله المقدّم (٢) ، وهذا أجمع وأعظم أجراً ».

١٢ - حدَّثني علي بن الحسين، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن عبدالرَّحمن بن أبي نَجرانَ « قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام (٣) عمّن زار النَّبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله قاصداً؟ قال: له الجنّة، ومن زار قبر أبي الحسنعليه‌السلام فله الجنَّة ».

الباب المائة

( زيارة أبي الحسن موسى بن جعفر وأبي جعفر محمّد بن عليّ الجواد عليهم السلام)

١ - حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز الكوفيّ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد - عمّن ذكره - عن أبي الحسنعليه‌السلام « قال: تقول ببغداد:

«السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَليَّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّة اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ في ظُلُماتِ الأَرضِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ بَدا لله في شَأْنِهِ (٤) ،أتَيتُكَ عارِفاً بِحَقِّكَ، مُعادِياً لأَعْدائِكَ، فَأشْفَعْ لي عِنْدَ رَبِّكَ يا مَولايَ »، قال: وَادْعُ اللهَ واسأل حاجتك، قال:

__________________

١ - الحُضَين - بالحاء المهملة المضمومة والضّاد المعجمة المفتوحة - بنوه بطن من بني رقّاش من بكر بن وائل من العدنانيّة، أبوها أبو ساسان حضين بن المنذر بن الحارث بن وعلة - إلى آخر النّسب. ( الأمينيّ - ره - )

٢ - قوله عليه السلام: « المقدّم » أي الحسين عليه السلام أقدم وأفضل، أو المعنى أنَّ زيارته فقط أفضل من زيارة كلٍّ من المعصومين عليهم السلام، ومجموع زيارتهما أجمع وأفضل، أو المعنى أنّ زيارة الحسين عليه السلام أولى بالتّقديم. ثمّ إن أضفت إلى زيارته عليه السلام زيارتهما عليهما السلام كان أجمع وأعظم أجراً. ( مرآة العقول ) والخبر مذكور في الكافي، راجع ج ٤ ص ٥٨٣ ح ٣.

٣ - يعني الثّاني عليه السلام .

٤ - في بعض نسخ التّهذيب: « يا مريد الله » من الإرادة، وفي بعضها: « بدأ الله » بالهمزة، أي: أراد الله إمامته. ( ملاذ الأخيار ) وفي قوله: « يا من بدا لله في شأنه » كلام، راجع مرآة العقول ج ١٨ ص ٣٠٤.

٣٢١

وسلّم بهذا على أبي جعفر محمّد بن عليّعليهما‌السلام (١) .

وقال: إذا أردت زيارة موسى بن جعفر؛ ومحمّد بن عليٍّعليهم‌السلام فاغتسل وتنظّف والبس ثوبيك الطّاهرَين، وزُرْ قبر أبي الحسن موسى بن جعفر ومحمّد بن عليٍّ بن موسى الرّضاعليهم‌السلام، وقل حين تصير عند قبر موسى بن جعفرعليهما‌السلام :

«السَّلام عَلَيْكَ يا وَليَّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ في ظُلماتِ الأَرضِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ بدا لله في شَأنِهِ، أتَيْتُكَ زائِراً، عارفاً بحقِّكَ، مُعادياً لاُعْدائِكَ، مُوالياً لأولِيائِكَ، فَاشْفَعْ لي عِنْدَ رَبِّكَ يا مَولايَ ».

ثمَّ سل حاجتك(٢) ، ثمَّ سلّم على أبي جعفر محمّد بن عليِّ الجوادعليهما‌السلام بهذه الأحرف، وابدء بالغسل وقل:

«اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَليِّ الإمام الْبَرِّ التَّقيِّ الرَّضيِّ، وَحُجَّتِكَ عَلى مَنْ فَوقَ الأرَضِينَ وَمَنْ تَحْتَ الثَّرى، صَلاةً كَثِيرةً تامّةً زاكِيَةً مُبارَكَةً مُتَواصِلَةً مُتَواتِرَةً مُترادِفَةً، كَأَفْضَلِ ما صَلَّيْتَ عَلى أحَدٍ مِنْ أولِيائِكَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَليَّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا إمامَ المُؤمِنينَ (٣) ،السَّلامُ عَلَيْكَ يا خَليفَةَ النَّبيِّينَ وَسُلالَةَ الْوَصيِّينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ الله في ظُلُماتِ الأَرض، أتَيْتُكَ زائِراً عارِفاً بِحَقِّكَ، مُعادِياً لأَعدْائِكَ، مُوالِياً لأولِيائِكَ، فَأشْفَعْ لي عِنْدَ رَبِّكَ يا مولايَ ».

ثمّ سل حاجتك(٢) فإنّها تقضى إن شاء الله تعالى،

قال: وتقول عند قبر أبي الحسنعليه‌السلام ببغداد، ويجزىء في المَواطِنَ كلّها(٤)

__________________

١ - إلى هنا مرويّ في الكافي ( ج ٤ ص ٥٧٨ )، وما بعده مكرّرٌ، ولعلّ التّكرار في كلام ابن قولُويه من جهة اختلاف الأسانيد. كما أشار إليه في البحار.

٢ - أي: سل من الله حاجتك، فإنّه عليه السلام يشفع لك عنده تعالى.

٣ - في بعض النّسخ: « يا وارث النّبيّين ».

٤ - هذه الزّيارة مرويّ في الكافي ( ج ٤ ص ٥٧٩ ) مسنداً إلى قوله: « للمؤمنين والمؤمنات »، وفي التّهذيب ج ٦ ص ١١٥.

٣٢٢

أن تقول: «السَّلامُ عَلى أوْلياءِ اللهِ وَأصفِيائِهِ، السَّلامُ عَلى اُمناءِ اللهِ وَأحِبّائِهِ، السَّلامُ عَلى أنْصارِ اللهِ وَخُلَفائِهِ، السَّلامُ عَلى محالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ، السَّلامُ عَلى مَساكِنِ ذِكْرِ الله، السَّلامُ عَلى مَظاهِرِ أمْرِ اللهِ وَنَهْيِهِ، السَّلامُ عَلى الدُّعاةِ إلىَ اللهِ، السَّلامُ عَلى المُسْتَقرِّينَ في مَرْضاتِ اللهِ، السَّلامُ عَلَى المخْلَصِينَ في طاعَةِ اللهِ (١) ، السَّلامُ عَلى الأدِلاءِ عَلى اللهِ، السَّلامُ عَلى الَّذِينَ مَنْ والاهُمْ فَقَدْ وَالىَ اللهَ، وَمَنْ عاداهُمْ فَقَدْ عادَى اللهَ، وَمَن عَرَفَهُمْ فَقَدْ عَرَفَ اللهَ، وَمَنْ جَهِلَهُمْ فَقَدْ جَهِلَ اللهَ، وَمَنِ اعْتَصَمَ بِهِمْ فَقَدِ اعْتَصَمَ بِاللهِ، وَمَنْ تَخَلّى مِنْهُم فَقَدْ تَخَلّى مِنَ اللهِ، اُشْهِدُ اللهَ أنّي مُسلِم لُكُمْ، سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ، وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ، مُؤمِنٌ بِسِرّكُمْ وَعَلانِيَتِكُمْ، مُفَوِّضٌ في ذلِكَ كُلِّهِ إلَيْكُمْ، لَعَنَ اللهُ عَدُوَّ آلِ مُحَمَّدٍ مِنَ الجنِّ والإنْسِ، وَأبْرَءُ إلىَ اللهِ مِنْهُمْ، وَصَلّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ »

وهذا يجزىء في المشاهد كلِّها، وتكثر من الصَّلاة على محمَّدٍ وآله، وتسمّي واحداً واحداً بأسمائهم، وتبرء من أعدائهم، وتخيّر لنفسك مِن الدُّعاء وللمؤمنين وللمؤمنات.

الباب الحادي والمائة

( ثواب زيارة أبي الحسن عليِّ بن موسى الرِّضا عليه السلام بطوس)

١ - حدَّثني جماعة مشايخي، عن سعد، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن داودَ الصِّرْميِّ(٢) ، عن أبي جعفر الثّانيعليه‌السلام « قال: سمعته يقول: مَن زارَ قبر أبي فله الجنَّة ».

٢ - حدّثني الحسن بن عبدالله، عن أبيه عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن داود الصِّرْميِّ، عن أبي جعفر الثّانيعليه‌السلام « قال: سمعته يقول: مَن زارَ قبر أبي فَلَهُ

__________________

١ - في الكافي والتّهذيب: « على الممحّصين »، وقال الجوهريّ: « مَحَصْتُ الذّهبَ بالنّار، إذا خلّصته ممّا يشُوبه، والتّمحيص: الابتلاء والاختبار ». وفي العيون كما في المتن.

٢ - الظّاهر كونه داود بن مافنّة الصّرميّ - بكسر الصّاد المهملة -، كوفيّ، روى عن الرّضا عليه السلام، يكنّى أبا سليمان.

٣٢٣

الجنَّة ».

٣ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله قال: حدَّثني عليُّ بن إبراهيم الجعفريُّ، عن حَمدان الدِّيوانيِّ(١) « قال: دخلت على أبي جعفر الثّانيعليه‌السلام فقلت: ما لِمن زارَ أباك بطوس؟ فقالعليه‌السلام : مَن زارَ قبر أبي بطوس غفر الله له ما تقدَّم مِن ذنبه وما تأخَّر(٢) ، قال حَمدان: فلقيتُ بعد ذلك أيّوب بنَ نوح بن دُرَّاج فقلت له: يا أبا الحسين إنّي سمعت مولاي أبا جعفرعليه‌السلام يقول: مَن زار قبر أبي بطوس غَفَرَ الله له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر، فقال أيّوب: وأزيدك فيه؟ قلت: نَعَم، قال: سمعته يقول: ذلك - يعني أبا جعفر - وأنّه إذا كان يوم القيامة نصب له مِنبرٌ بحذاء مِنبرِ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى يفرغ النّاس من الحساب »(٣) .

٤ - قال أبيرحمه‌الله : قال سعد: حدَّثني عليُّ بن الحسين النّيسابوريّ الدَّقّاق قال: حدَّثني أبو صالِح شعيب بن عيسى قال: حدَّثني صالِح بن محمّد الهَمْدانيُّ قال: حدَّثني إبراهيمٌ بنُ إسحاقَ النَّهاونديُّ « قال: قال أبو الحسن الرِّضاعليه‌السلام : مَن زارَني على بُعدِ داري وشَطونِ(٤) مَزاري، أتيته يوم القيامة في ثلاث مواطِن حتّى اُخلّصِه من أهوالها: إذا تطايرت الكُتُبُ يميناً وشِمالاً، وعند الصّراط، وعند الميزان ». قال سعد: وسمعته بعد ذلك من صالِح بن محمّد الهَمْدانيّ.

٥ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد، عن إبراهيم بن رَيّان قال: حدّثني يحيى بن الحسن الحُسَينيّ قال: حدَّثني عليُّ بن عبدالله بن قُطْرب، عن أبي الحسن

__________________

١ - حمدان الدّيوانيّ، قال في اللّباب: « هذه النّسبة إلى ديوان، سكّة بمرو »، رواه الصّدوق ( ره ) في الفقيه ( تحت رقم ٣١٨٩ ) عن حمدان هذا خبراً في فضل زيارة الرّضا ٧ عنه. وما في النّسخ: « الدّسواني » تصحيف.

٢ - « تقدّم وتأخّر » كلاهما فعل ماضٍ، يعني ما تقدّم منك قديماً وحديثاً. وقد مرَّ الكلام فيه في ص ١٤٩.

٣ - في بعض النّسخ: « حتّى يفرغ الله من حساب الخلائق ».

٤ - شطون على زنة فعول: البُعد.

٣٢٤

موسىعليه‌السلام « قال: مرَّ به ابنه وهو شابٌّ حَدَثٌ، وبَنوه مجتمعون عنده، فقال: إنّ ابني هذا يموت في ارض غُربة، فمن زارَه مسلّماً لأمره عارفاً بحقِّه، كان عند الله عزَّوجَلَّ كشهداء بدر ».

٦ - حدَّثني أبيرحمه‌الله ومحمّد بن يعقوبَ، عن عليِّ بن إبراهيم، عن حَمدانَ بن إسحاقَ « قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام ؛ أو حكى لي عن رَجلٍ عن أبي جعفر - الشّكُّ مِن عليِّ بن إبراهيم - « قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : مَن زارَ قبر أبي بطوس غَفر الله له ما تقدَّم مِن ذَنبه وما تأخَّر، فحَجَجت بعد الزّيارة، فلقيت أيّوب بن نوح، فقال لي: قال أبو جعفر [الثّاني]عليه‌السلام : مَن زار قبر أبي بطوس غفر الله ما تقدَّم مِن ذنبه وما تأخَّر، وبنى له منبراً بحَذاء منبر رسول الله وعَلي صلوات الله عليهما حتّى يفرغ الله مِن حساب الخلائق. فرأيت أيّوب بن نوح بعد ذلك وقد زار، فقال: جئت أطلب المنبر! ».

٧ - حدَّثني أبيرحمه‌الله ومحمّد بن الحسن؛ وعليُّ بن الحسين جميعاً، عن سعد بن عبدالله بن أبي خَلَف، عن الحسن بن عليِّ بن عبدالله بن المغِيرَة، عن الحسين بن سَيف بن عَميرَة، عن محمّد بن أسلم الجبليِّ، عن محمّد بن سليمان « قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن رَجل حجّ حجّة الإسلام فدخل متمتّعاً بالعُمرَة إلى الحجّ، فأعانه الله على حجّه وعلى عُمرته، ثمَّ أتى المدينة فسلّم على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثمَّ أتاك عارفاً بحقّك يعلم أنّك حجّة الله على خلقه، وبابه الّذي يؤتى منه فسلّم عَلَيكَ(١) ، ثمَّ أتى أبا عبدالله الحسينعليه‌السلام فسلّم عليه، ثمَّ أتى بغداد فسلّم على أبي الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، ثمَّ انصرف إلى بلاده، فلمّا كان وقت الحجّ رَزَقه الله ما يحجّ به فأيّهما أفضل؟ هذا الَّذي قد حجَّ حَجّة الإسلام يرجع ويحجّ أيضاً أو يخرج إلى خراسان إلى أبيك عليِّ بن موسىعليهما‌السلام فليسلّم

__________________

١ - في العيون: « ثمّ أتى أباك أمير المؤمنين عليه السلام عارفاً بحقّه يعلم أنّه حجّة الله على خلقه وبابه الّذي يؤتى منه فسلّم عليه، ثمَّ أتى أبا عبدالله عليه السلام - إلخ ». ( عيون أخبار الرضا عليه السلام، طبع مكتبة الصّدوق ج ٢ ص ٦٣٧ ) وفي الكافي مثل ما في المتن.

٣٢٥

عليه؟ قال: بل يأتي خراسان فليسلّم على أبي الحسن أفضل، وليكن ذلك في رَجب، ولكن لا ينبغي أن يفعلوا هذا اليوم، فإنَّ علينا وعليكم خَوفاً من السّلطان وشُنْعةً (١) ».

٨ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمد، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن العبّاس بن معروف، عن عليِّ بن مَهزيار « قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : ما لِمَن زار قبر الرِّضاعليه‌السلام ؟ قال: [فله] الجنَّة والله ».

٩ - حدَّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن أحمدَ بنِ محمّد بن عيسى، عن أحمدَ بن محمّد بن أبي نَصر البِزَنطيّ « قال: قرأت في كتاب أبي الحسن الرِّضاعليه‌السلام : أبلغ شيعتي أنَّ زيارتي تَعدل عند الله ألفَ حجّة، قال: فقلت لأبي جعفرعليه‌السلام : ألف حجّةٍ؟! قال: إي والله؛ وألف ألف حجّةٍ لمن زاره عارفاً بحقِّه »(٢) .

١٠ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وعليُّ بن الحسين؛ وعليُّ بن محمّد بن قولُوَيه، عن عليِّ بن إبراهيمَ بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عُمَير، عن زيد النَّرْسيِّ(٣) ، عن أبي الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام « قال: مَن زار ابني هذا - وأومأ إلى أبي الحسن الرِّضا - فله الجنَّة ».

١١ - حدَّثني محمّد بن يعقوبَ؛ وعليُّ بن الحسين؛ وغيرهما، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليِّ بن مَهزيار « قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : جُعِلتُ فِداك زِيارة الرِّضا أفضل أم زيارة أبي عبدالله حسين بن عليٍّعليهما‌السلام ؟ قال:

__________________

١ - الشُّنْعة - بضمّ الشّين ثمّ السّكون -: الكراهة والفظاعة.

٢ - لأنّ زيارتهم عليهم السلام موجبة لبقاء الحجّ.

٣ - بفتح النّون وإسكان الرّاء المهملة: قرية من قرى الكوفة، تنسب إليها الثِّياب النَّرْسيَّة، ونهرٌ من أنهار الكوفة عليه عدّة قرى، حفره نَرْس بن بهرام، مأخذه من الفرات نسب إليها جمعٌ من المحدّثين بالكوفة، وزيدٌ منهم، وهو أحد أصحاب الاُصول وكتابه يوجد عندنا، رواه عنه محمّد بن أبي عمير. ( الأمينيّ - ره - )

٣٢٦

زيارَة أبي أفضل، وذلك أنَّ أبا عبداللهعليه‌السلام يزوره كلُّ النّاس، وأبي لا يزوره إلاّّ الخواصّ من الشّيعة (١) ».

وعنهمرحمهم‌الله عن عليّ بن إبراهيم، عن حَمدان بن إسحاقَ « قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام ؛ أو حكى لي رجل عن أبي جعفرعليه‌السلام - الشّكّ مِن عليٍّ - يقول: وذكر مثل حديث أيّوب بن نوح، حديث المنبر.

١٢ - حدَّثني محمّد بن يعقوبَ، عن محمّد بن يحيى العطّار، عن عليّ بن الحسين النّيسابوريّ، عن إبراهيم بن محمّد، عن عبدالرَّحمن بن سعيد المكّيّ، عن يحيى بن سليمان المازنيِّ(٢) ، عن أبي الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام « قال: مَن زار قبر وَلَدي كان له عند الله سبعون حَجّة مبرورة، قال: قلت: سبعين حجّة؟! قال: نَعَم؛ وسبعمائة حَجَّةٍ، قلت: سبعمائة حَجّةٍ؟ قال: نَعَم؛ وسبعين ألف حَجّة، قلت: وسبعين ألف حَجّة، قال: نَعَم؛ ورُبَّ حجَّةٍ لا تُقبل، مَن زارَه وبات عنده ليلة كان كمن زارَ اللهَ في عَرشه، قلت: كمن زارَ الله في عرشه؟! قال: نَعَم إذا كان يوم القيامة كان على عرش الله أربعة من الأوّلين وأربعة من الآخرين، أمّا الأربعة الّذين هم مِن الأوّلين فنوح وإبراهيم وموسى وعيسىعليهم‌السلام، وأمّا الأربعة الّذين هم من الآخرين فمحمّدٌ وعليُّ والحسنُ والحسينُ

__________________

١ - قال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: « لعلّ هذا كان مختصّاً بذلك الزّمان، فإنّ الشّيعة كانوا لا يرغبون في زيارته عليه السلام إلاّ الخواص منهم الّذين يعرفون فضل زيارته. فعلى هذا التّعليل في كلِّ زمان يكون إمامٌ من الأئمّة أقلّ زائراً يكون ثواب زيارته أكثر. أو المعنى أنّ المخالفين أيضاً يزورون الحسين عليه السلام، ولا يزور الرّضا عليه السلام إلاّ الخواصّ وهم الشّيعة، فتكون « من » بيانيّة. أو المعنى أنّ مِن فرق الشّيعة لا يزوره إلاّ من كان قائلاً بإمامة جميع الأئمّة، فإنَّ من قال بالرّضا عليه السلام لا يتوقّف في مَن بعده، والمذاهب النّادرة الّتي حدثت بعده زالت بأسرع زمان ولم يبق لها أثر. فالوجه في التّعليل إمّا قلّة الزّائرين أيضاً، أو أنّ حضور المخالفين يصير سبباً لقلّة فضل الزّيارة، كما يؤمي إلى التّعليل المتقدّم في نظره تعالى إلى زوّار الحسين عليه السلامقبل نظره إلى أهل الموقف ». وقال العلاّمة الأمينيّرحمه‌الله مثله.

٢ - حيّ من تميم أبوها مازن بن مالك بن عمرو بن تميم ( الأميني - ره - )

٣٢٧

صلوات الله عليهم أجمعين، ثمَّ يمدُّ المِضمار (١) فيقعد معنا مَن زار قبور الأئمّة؛ ألا إنَّ أعلاهم دَرَجة وأقربهم حَبْوة (٢) مَن زار قبرَ وَلَدي عليٍّ -عليه‌السلام ».

حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله قال: حدَّثني عليُّ بن الحسين النّيسابوريّ [قال: حدَّثني إبراهيم بن رئاب] بهذا الإسناد مثله.

الباب الثّاني والمائة

( زيارة قبر أبي الحسن الرِّضا عليه السلام)

١ - حدَّثني حكيم بن داود بن حكيم، عن سَلَمةَ بنِ الخطّاب، عن عبدالله ابن أحمد(٣) ، عن بكر بن صالِح، عن عَمرو بن هِشام - عن رجل من أصحابنا - « قال: إذا أتيت الرّضا عليُّ بن موسىعليهما‌السلام فقل:

«اللّهُمَّ صَلِّ عَلى عَليِّ بْنِ مُوسى الرِّضا المرْتَضى، الإمام التَّقيّ النَّقيّ، وَحُجَّتِكَ عَلى مَنْ فَوقَ الأرضِ وَمَنْ تَحْتَ الثَّرى، الصِّدِّيقِ الشَّهيدٍ، صَلاةً كَثيرة نامِية زاكيّة مُتواصِلَةً مُتِواتِرَةً مُترادِفَةً، كَأفْضَلِ ما صَلَّيْتَ عَلى أحَدٍ مِنْ أولِيائِكَ ».

وروي(٤) عن بعضهم قال: إذا أتيت قبر عليِّ بن موسى الرِّضا بطوس

__________________

١ - المضمار مَيدان السِّباق، والّذي يضمر فيه الخيل، ولعلّه كناية عن المجلس عبّر به عنه لسعته، وفي بعض النّسخ: « المِطمار »، والمطمار والمطمر خيط للبنّاء يقدّر به. وقد ورد في كثير من الأخبار في مثل هذا المقام هذه اللّفظة، وهذا أظهر. ولعلّ مدّه ليدخل فيه مَن كان مِن أوليائهم ويخرج عنه مخالفوهم، وفي بعض نسخ الكافي: « الطّعام ». ( ملاذ الأخيار )

٢ - الحبوة: العطيّة، والحبوة أيضاً الاحتباء بالثّوب بأن يجمع بين ظهره وساقيه بعمامة ونحوها، وهنا يحتمل المعنيَين. ( البحار )

٣ - هو عبدالله بن أحمد الرّازي بقرينة بكر بن صالِح.

٤ - هذه الزّيارة نقلها شيخنا الصّدوق في الفقيه وحكاها جمع عن جامع شيخنا محمّد بن الحسن بن الوليد، وذكر مختصره في المزار الكبير ويظهر من الكتاب أنّها رويتْ عن الأئمَّة صلوات الله عليهم. ( الأمينيّ - ره - )

٣٢٨

فاغتسل عند خروجك من منزلك وقل حين تغتسل:

«اللّهُمَّ طَهِّرني قَلْبي، وَاشْرَحْ لي صَدْري، وَأجِرْ عَلى لِساني مِدْحَتَكَ وَالثَّناءَ عَلَيْكَ، فَإنَّهُ لا قُوَّةَ إلاّ بِكَ، اللّهُمَّ اجْعَلْهُ لي طَهُوراً وَشِفاءً [وَنُوراً] ».

وتقول حين تخرج:

«بِسْمِ اللهِ وبالله وَالَى اللهِ، وَإلىَ ابْنِ رَسُولِهِ، حَسْبي اللهُ، تَوَكَّلْتُ عَلى اللهِ، اللّهُمَّ إلَيْكَ تَوَجَّهْتُ، وَإلَيْكَ قَصَدْتُ، وَما عِنْدَكَ أرَدْتُ ».

فإذا خرجتَ فقفْ على باب دارك وقل:

«اللّهُمَّ إلَيْكَ وَجَّهْتُ وَجْهي، وَعَليْكَ خَلَّفْتُ أهْلي وَمالي وَما خَوَّلْتَني، وَبِكَ وَثِقْتُ فَلا تَخيِّبْني يا مَنْ لا يَخيبُ مَنْ أرادَهُ، وَلا يَضيعُ مَنْ حَفِظَهُ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاحْفَظني بِحفْظِكَ، فَإنَّهُ لا يَضيعُ مَنْ حَفِظْتَ ».

فإذا وافيت سالماً إن شاءَ الله فاغتسل وقل حين تغتسل:

«اللّهُمَّ طَهِّرْني، وَطَهِّرْ قَلْبي، وَاشْرَحْ لي صَدْري، وَأجِرْ عَلى لِساني مِدْحَتَكَ وَمَحَبَّتَكَ، وَالثَّناءَ عَلَيْكَ، فَإنَّهُ لا قُوَّةَ إلاّ بِكَ، وَقَدْ عَلِمْتُ أنَّ قُوَّة دِيني (١) التّسْليمُ لأمْرِكَ وَالاِتِّباع لِسُنَّةِ نَبيِّكَ، وَالشَّهادَةُ عَلى جَميعِ خَلْقِكَ، اللّهُمَّ اجْعَلْهُ لي شِفاءً وَنُوراً، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ ».

ثمّ البس ثيابك، وامش حافياً، وعَلَيْكَ السَّكينةُ والوَقار، بالتّكبير والتّهليل والتّسبيح والتّحميد والتّمجيد(٢) ، وقصِّر خُطاك وقل حين تدخل:

«بِسْمِ اللهِ وَبِالله وَعَلى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلاّ الله وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأنَّ عَليّاً وَليُّ الله ».

ثمَّ اشِرْ إلى قبره، واستقبل وجهه بوجهك، واجعل القبلة بين كتفيك وقل:

__________________

١ - في بعض نسخ العيون: « أنّ قوام ديني »، والقِوام - بالكسر -: نظام الأمر وعماده وملاكُه الَّذي يقوم به. وهو أظهر بالمقام.

٢ - التَّمجيد ذكَره تعالى بالمجد - وهو العظمة - والثَّناء عليه، وأخصّ الأذكار به: « لا حَولَ وَلا قُوَّةَ إلاّ بِالله ». ( العلاّمة المجلسيّ رحمه الله )

٣٢٩

«أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلاّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأنَّهُ سَيِّدُ الأولين والآخرين، وأنه الأنبياءِ وَالمرْسَلينَ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَنَبيِّكَ وَسَيِّدٍ خَلْقِكَ أجْمَعين، صَلاةً لا يَقْوى عَلى إحْصائِها غَيرُكَ، اللُّهُمَّ صَلِّ عَلى أمِير المؤمِنين عَليِّ بْنِ أبي طالِبٍ عَبْدِكَ وَأخي رَسُولِكَ الَّذي انْتَجَبْتَهُ لَعِلْمِكَ، وَجَعَلْتَهُ هادِياً لمنْ شِئْتَ مِنْ خَلْقِكَ، وَالدَّليلَ عَلى مَنْ بَعَثْتَهُ بِرِسالاتِكَ، وَدَيّانِ يَومِ الدِّين بِعَدْلِكَ وَفَضائِكَ بَين خَلْقِكَ، وَالمهَيْمنِ عَلى ذلِكَ كُلِّهِ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى فاطَمَةَ بِنْتِ نَبيِّكَ؛ وَزَوجَةِ وَليِّكَ، وَاُمِّ السِّبْطَين الحَسَنِ والحُسَينِ سَيِّديْ شَبابِ أهْل الجنَّةِ، الطُّهْرَةِ الطّاهِرَةِ المُطهَّرَةِ، النَّقيَّةِ (١) الرَّضيَّةِ الزَّكيَّةِ، سَيِّدَةِ نِساءِ العالَمينَ وَسَيِّدَة نِساء أهْل الجنَّةِ مِنَ الخلْقِ أجْمَعِينَ، صَلاةً لا يَقْوى عَلى إحصائِها غَيرُكَ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى الحَسَنِ وَالحُسَين سِبْطي نَبيِّكَ وَسَيِّدَي شَبابِ أهْل الجنَّةِ، القائِمَين في خَلْقِكَ، وَالَّدالَّين عَلى مَنْ بَعَثْتَهُ بِرِسالاتِكَ، وَدَيّاني الدِّين بِعَدْلِكَ وَفَصْلَي (٢) قَضائِكَ بَينَ خَلْقِكَ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى عَليِّ بِنِ الحسَين [سيّد العابِدينَ] عَبْدِكَ، القائِمِ في خَلْقِكَ، وَخَليفَتِكَ عَلى خَلْقِكَ، وَالدَّليلِ عَلى مَنْ بَعَثْتَهُ بِرِسالاتِكَ، وَدَيّان الدِّينِ بَعَدْلِكَ، وَفَصْلِ قَضائِك بَينَ خَلْقِكَ، اللّهُمَّ صَلًّ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَليٍّ عَبْدِكَ وَوَليِّ دينِكَ، وَخَليفَتِكَ في أرْضِكَ، باقِرِ عِلْمِ النَّبيِّين، القائِمِ بَعَدْلِكَ وَالدَّاعي إلى دينكَ وَدين آبائِهِ الصّادِقينَ، صَلاةً لا يَقْوى عَلى إحصائها غَيرُكَ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصّادِقِ، عَبْدِكَ وَوَليْ دِينِكَ، وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ أجمعِينَ الصّادِقِ البارِّ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُوسى بْنِ جَعْفَر الكاظِم الْعَبْدِ الصّالحِِ، وَلِسانِكَ في خَلْقِكَ، النّاطِقِ بِعِلْمِكَ، وَالحُجَّةِ عَلى بَريَّتِكَ، صَلاةً لا يَقْوى عَلى إحصائها غَيرُكَ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى عَليّ بن مُوسى الرِّضا الرَّضيّ المُرْتَضى، عَبْدِكَ وَوَليّ دِينكَ، الِقائِمِ بِعَدْلِكَ، والدَّاعي إلى دينِكَ، وَدينِ آبائِهِ الصّادقِين، صَلاةً لا يَقْدر عَلى إحْصائِها غَيرُكَ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَليٍّ وَعَليِّ بْنِ مُحَمَّدٍ،

__________________

١ - في بعص النّسخ: « التّقية ».

٢ - في جلّ النّسخ: « وفصل قضائك »، وفي العيون والفقيه مثل ما في المتن.

٣٣٠

القائمَينِ بِأمْرِكَ وَالمؤَدِّيينِ عَنْكَ وَشاهِدَيكَ عَلى خَلْقِكَ وَدَعائِم دِينكَ وَالقِوام عَلى ذلِكَ، صَلاةً لا يَقوى عَلى إحصائِها غَيرُكَ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى الحسَن بْنِ عَليٍّ، الْعامِلِ بِأمْرِكَ، والْقائِمِ في خَلْقِكَ، وَحُجَّتِكَ المُؤدِّي عَنْ نَبيِّكَ وَشاهِدِكَ عَلى خَلْقِكَ، المخْصُوصِ بِكَرامَتِكَ، الدّاعي إلى طاعَتِكَ وَطاعَةِ رَسُولِكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ أجْمَعينَ، صَلاةً لا يَقْوى عَلى إحصائِها غَيرُكَ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى حُجَّتِكَ، وَوَليِّكَ الْقائمِ في خَلْقِكَ، صَلاةً نامِيةً باقِيةً، تُعَجِّلُ بِها فَرَجَهُ وَتَنْصُرُهُ [بها]، وَتَجْعَلُنا مَعَهُ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، اللّهُمَّ إنّي أتَقَرَّبُ إلَيْكَ بِزيارَتِهِمْ وَمَحَبَّتِهِمْ، وَاُوالي وَليَّهُمْ، وَاُعادِي عَدُوَّهُمْ، فَأرْزُقني بِهِمْ خَيرَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، وَاصْرِف عَنّي هَمَّ نَفْسي في الدُّنيا والآخِرَة (١) ، وَأهْوالَ يَومِ الْقيامَةِ ».

ثم تجلس عندَ راسه وتقول:

«السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَليَّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ في ظَلُماتِ الأرْضِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا عَمُودَ الدِّينِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللهِ، السَّلامُ عَلْيْكَ يا وارثَ نُوحِ نَبيِّ الله، السَّلام عَلَيْكَ ياوارثَ إبراهيمَ خَليلِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارثَ مُوسى كَليمِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عيسى رُوحِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُحَمَّدٍ حَبيبِ الله، السَّلام عَلَيْكَ يا وارِثَ أمير المؤمنينَ عَليِّ بْنِ أبي طالب وَليِّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارثَ الحَسَنِ وَالحُسَينِ سَيِّدَي شَبابِ أهْلِ الجنَّةِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عَليِّ بْن الحُسَين سَيِّدِ الْعابِدين (٢) ،السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُحَمَّدِ بِنِ عَليٍّ باقِرِ عِلْمِ الأوَّلينَ وَالآخِرِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارثَ جَعْفَر بْنِ مُحَمَّدٍ الصّادِقِ البارِّ التَّقيِّ النَّقيّ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارثَ مُوسى بْنِ جَعفَر الْكاظِم، السَّلام عَلَيْكَ أيُّها الصِّدِّيقُ الشَّهِيدُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أيُّها الوَصيُّ البارُّ التَّقيّ، أشْهَدُ أنَّكَ قَدْ أقَمْتَ الصَّلاةَ، وَآتيْتَ الزَّكاةَ، وَأمَرْتَ بِالمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ المُنْكَرِ، وَعَبَدْتَ الله مُخلِصاً حَتّى أتاكَ الْيَقينُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبَا الحَسَنِ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، إنَّهُ حَميدٌ مَجيدٌ ».

__________________

١ - في العيون: « واصرف عنّي بهم شرّ الدُّنيا والآخرة ».

٢ - في بعض النّسخ: « زين العابدين ».

٣٣١

ثمَّ تَنكبّ على القبر وتقول:

«اللّهُمَّ إلَيْكَ صَمَدْتُ (*) مِنْ أرْضي، وَقَطَعْتُ الْبِلادَ رَجاءَ رَحمتِكَ، فلا تخيِّبْني وَلا تَرُدَّني بِغَيرِ قَضاءِ حَوائِجي، وَارْحَمْ تَقَلُّبي عَلى قَبرِ ابْنِ أخِي نَبيِّكَ وَرَسُولِكَ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بِأبي أنْتَ وَاُمّي أتَيْتُكَ زائراً وافِداً عائِذاً مما جَنَيْتُ بِهِ عَلى نَفْسي، وَاحْتَطَبْتُ عَلى ظَهْري، فَكُنْ لي شَفيعاً إلى رَبِّكَ يَومَ فَقْري وَفاقَتي، فَإنَّ لَكَ عِنْدَ اللهِ مَقاماً مَحمُوداً، وَأنْتَ عِنْدَ اللهِ وَجيهٌ في الدُّنْيا والآخِرَةِ »؛

ثمَّ ترفع يدك اليمنى وتبسط اليُسرى على القبر وتقول:

«اللّهُمَّ إنّي أتَقَرَّبُ إلَيْكَ بِحُبِّهِمْ وَبِمُوالاتِهِمْ، وأتَوَلّى آخِرَهُمْ بما تَوَلَّيْتُ بِهِ أوَّلَهُمْ، وَأبْرَءُ مِنْ كُلِّ وَلِيجَةٍ دُونَهُم (١) ،اللّهُمَّ الْعَنِ الَّذِين بَدَّلُوا نِعْمَتَكَ، وَاتَّهَمُوا نَبِيِّكَ، وَجَحَدوا آياتك، وَسَخرُوا بإمامِكَ، وَحَملُوا النّاسَ عَلى أكْتافِ آلِ مُحَمَّدٍ، اللّهُمَّ إنّي أتَقَرَّبُ إلَيْكَ بِاللَّعْنَةِ عَلَيهِمْ وَالبَراءةِ مِنْهُمْ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، يا رَحْمنُ يا رَحيمُ »؛

ثمَّ تحوِّل عند رجليه وتقول:

«صَلّى الله عَلَيْكَ يا أبا الحَسَنِ، صَلى الله عَلَيْكَ وَعلى رُوحِكَ وَبَدنِكَ، صَبرتَ وَأنْتَ الصّادِقُ المُصَدَّقُ، قَتَلَ اللهُ مَنْ قَتَلَكَ بِالأيْديِ وَالألْسُنِ »،

ثمَّ أبتهل(٢) باللَّعْنَةِ على قاتل أمير المؤمنين، وباللّعنة على قتلة الحسين وعلى جميع قتلة أهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمَّ تحوَّل نحو رأسه من خَلْفه وصلِّ رَكعتين، تقرء في إحديهما « يس »، وفي الاُخرى « الرَّحمن »، وتجتهد في الدُّعاء لنفسك والتَّضرُّع، وأكثر من الدُّعاء لوالديك ولإخوانك المؤمنين، وأقم عنده ما شئت، وليكن صلاتك عند القبر إن شاء الله ».

* * * * *

__________________

١ - الوليجة: مَن تتّخذه معتمداً مِن غير أهلك، أي أبرء من كلّ مَن لم يحذو حذوهم، ولم يقل بإمامتهم.

٢ - قال في النّهاية: وفي حديث الدّعاء: « والابتهال أن تمدّ يديك جميعاً »، وأصله التّضرّع والمبالغة في السّؤال - انتهى.

* - أي قصدت.

٣٣٢

الباب الثّالث والمائة

( زيارة أبي الحسن عليِّ بن محمَّدٍ الهادي)

( وأبي محمَّدٍ الحسن بن عليٍّ العسكريّ عليهم السلام بـ « سُرَّ مَن رأى »)

١ - روي عن بعضهمعليهم‌السلام أنّه قال: « إذا أردت زيارة أبي الحسن الثّالث عليِّ بن محمّد وأبي محمّد الحسن بن عليٍّعليهم‌السلام تقول بعد الغسل إن وصلت إلى قبريهما؛ وإلاّ أومأتَ بالسَّلام مِن عند الباب الَّذي على الشّارع الشّباك(١) تقول:

«السَّلامُ عَلَيْكُما يا وَليي الله، السَّلامُ عَلَيْكُما يا حُجَّتي الله، السَّلامُ عَلَيكُما يا نُورَي اللهِ في ظُلُمات الأرْضِ، السَّلامُ عَلَيْكُما يا مَنْ بَدا للهِ في شَأْنِكُما، السَّلامُ عَلَيْكُما يا حَبيبَي اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكُما يا إمامَي الْهُدى، أتَيتُكُما عارفاً بحقِّكُما، مُعادِياً لأعْدائِكُما، مُوالياً لأوْلِيائكُما، مُؤمِناً بما آمَنْتُما بِهِ، كافِراً بما كَفَرتما بِهِ، محقِّقاً لما حقَّقْتُما، مُبْطلاً لما أبْطَلْتُما، أسْأَلُ الله رَبي وَرَبَّكُما أنْ يجعَلِ حَظّي مِنْ زيارَتِكُما الصَّلاةَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأنْ يَرزُقَني مرافقتكما في الجنان مع آبائكما الصالحين، وأسأله أن يعتق رقبتي من النار، ويرزقني شَفاعَتَكُما وَمُصاحِبَتَكُما، وَيعرِّفَ بيْني وَبَيْنَكُما، وَلا يَسْلُبَني حُبَّكُما وَحُبَّ آبائِكُما الصّالحينَ، وَأن لا يجعَلهُ آخِرَ العَهْدِ مِنْ زيارَتِكُما، وَيحشُرَني مَعَكُما في الجنَّةِ بِرَحْمَتِهِ، اللّهُمَّ ارْزُقْني حُبَّهما وَتَوَفَّني عَلى مِلَّتِهما، اللّهمَّ الْعَنْ ظالمي آل مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ وَانْتَقِمْ مِنْهُمْ، اللّهُمَّ الْعَنِ الأوَّلينَ مِنْهُمْ وَالآخِرين، وَضاعِفْ عَلَيْهِمُ الْعَذابَ، وأبْلِغْ بِهِمْ

____________

١ - قال شيخ الطائفة رحمه الله: « هذا الّذي ذكره من المنع من دخول الدّار هو الأحوط والأولى، لأنّ الدّار قد ثبت أنّها ملكَ للغير، ولا يجوز لنا أن نتصرّف فيها بالدّخول فيها ولا غيره إلاّ بإذن صاحبها، ولم ينقطع العذر لنا بإذنهم عليهم السلام في ذلك، فينبغي التّوقّف في ذلك والامتناع منه، ولو أنّ أحداً يدخلها لم يكن مأثوماً خاصّة إذا تأوّل في ذلك ما روي عنهم عليهم السلام من أنّهم جعلوا شيعتهم في حلٍّ من مالهم، وذلك على عمومه، وقد روي في ذلك أكثر من أن يحصى ».

٣٣٣

وَبِأشْياعِهِمْ وَأتْباعِهِمْ وَمُحِبِّيهِمْ وَمُتَّبِعيهِمْ، أسْفَلَ دَرَكٍ مِنَ الجَحِيم، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيء قَدير، اللّهُمَّ عَجِّل فَرَجَ وَليِّكَ، وَاجْعَلْ فَرَجَنا مَعَ فَرَجِهمْ، يا أرْحَمَ الرَّاحِمينَ »؛

وتجتهد في الدُّعاء لنِفسك ولوالديك وتخيّر مِنَ الدُّعاء، فإن وصلت إليهم صلّى الله عليهما فَصَلِّ عند قبرهما رَكعتين، وإذا دخلت المسجد وصلّيت دعوت الله بما أحببت، إنّه قريبٌ مجيبٌ، وهذا المسجد إلى جانب الَّدار وفيه كان يصلّيان - عليهما الصّلاة والسّلام(١) .

* * * * *

__________________

١ - ذكر الصّدوق هذه الزّيارة بعينها في الفقيه إلاّ أنّه أسقط قوله: « السّلام عليكما يا من بدا في شأنكما »، ثمّ قال: « وتجتهد في الدّعاء لنفسك ولوالديك وصلّ عندهما لكلِّ زيارة ركعتين ركعتين، وإن لم تصلّ إليهما دخلت بعض المساجد وصلّيت لكلّ إمامٍ لزيارته ركعتين، وادعو الله بما أحببت إنّ الله قريبٌ مجيبٌ ».

وقال الشّيخ المفيد - قدّس الله روحه - على ما ينسب إليه من كتاب المزار: « إذا وردت مشهدهما صلّى الله عليهما فاغتسل لزّيارة، ثمّ امض حتّى تقف على باب القبّة واستأذن وادخل مقدِّماً رجلك اليُمنى وقف على قبريهما وقل: « ثمّ ذكر الزيّارة بعينها إلاّ أنّه بدّل قوله: « يا من بدا لله في شأنكما » بقوله: « يا أميني الله »، ثمّ ذكر الوداع، ثمّ قال: « ثمّ اخرج ووجهك القبرين على أعقابك ».

أقول: أمّا « البداء » في أبي محمّد الحسن عليهم السلام فقد مضى في باب النّصّ عليه أخبار كثيرة [البحار ج ٥٠ ص ٢٣٩] بأنّ البداء قد وقع فيه وفي أخيه الّذي كان أكبر منه ومات قبله، كان في موسى وإسماعيل، وأمّا في أبيه عليهم السلام فلم نر فيه شيئاً يدلّ على البداء، فلعلّه وقع فيه شيء من هذا القبيل، أو من القيام بالسّيف أو غيرهما، أو نسب هذا البداء إلى الأب أيضاً، لا التّنصيص على الإمامة يتعلّق به. وأمّا الدّخول في الدّار للزّيارة فالأظهر جوازه لما ذكره الشّيخ رحمه الله، ولرواية ابن قولويه هذه، ولما سيأتي في الزّيارات الجامعة من الوقوف عند القبر واللّصوق به والانكباب عليه، ولِعَمل القُدماء الأصحاب وأرباب النُّصوص منهم، تجويزهم ذلك، والله يعلم. ( العلاّمة المجلسيّ رحمه الله )

٣٣٤

الباب الرّابع والمائة

( زيارةٌ لجميع الأئمَّة)

صلوات الله عليهم أجمعين

١ - حدَّثني محمّد بن الحسين بن متّ الجوهريّ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى بن عِمرانَ، عن هارونَ بن مسلم، عن عليّ بن حَسّان « قال: سُئل الرِّضاعليه‌السلام في إتيان قبر أبي الحسنعليه‌السلام (١) فقال: صَلّوا في المساجد حوله ويجزىء في المواضع كلّها أن تقول:

«السَّلامُ عَلى أوَلِياءِ اللهِ وَأصْفيائِهِ، السَّلامُ عَلى اُمَناءِ اللهِ وَأحِبَائِهِ، السَّلامُ عَلى أنْصارِ اللهِ وَخُلَفائِهِ، السَّلامُ عَلى مَحالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ، السَّلام عَلى مَساكِنِ ذِكْرِ اللهِ، السَّلامُ عَلى مَظاهِرِ أمْر الله وَنَهْيِهِ، السَّلامُ عَلى الدُّعاةِ إلى اللهِ، السَّلامُ عَلى المسْتَقَرِّينَ في مَرضاتِ اللهِ، السَّلامُ عَلى المُمَحِّصِينَ في طاعَةِ اللهِ (٢) ،السَّلامُ عَلى الَّذينَ مَنْ والاهُمْ فَقَدْ وَالى الله، وَمَن عاداهُم فَقَدْ عَادَى الله، وَمَن عَرفَهُم فَقَد عَرَفَ اللهَ، وَمَنْ جَهِلَهُمْ فَقَدْ جَهِلَ الله، وَمَنِ اعْتَصَمَ بِهِمْ فَقَدِ اعْتَصَمَ بِاللهِ، وَمَنْ تَخَلّى مِنْهُمْ فَقَدْ تَخلّى مِنَ اللهِ، اُشْهِدُ الله أنّي سِلْمٌ لَمَنْ سالَمَكُمْ وَحَرْبٌ لَمَنْ حارَبَكُمْ، مُؤمِنٌ بِسِرِّكُمْ وَعلانِيَتِكُمْ، مُفَوِّضٌ في ذلِكَ كُلِّهِ إلَيْكُم، لَعَنَ اللهُ عَدُوَّ آل مُحَمَّدٍ مِنَ الجِنِّ وَالإنْسِ، وَأبْرَءُ إلى اللهِ مِنْهُمْ، وَصَلّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ »،

هذا يجزىء في الزيّارات كلّها، وتكثر من الصَّلاة عَلى محمَّدٍ وآله، وتسمّي واحداً واحداً بأسمائهم، وتبرءَ من أعدائهم وتخيّر لنفسك من الدُّعاء وللمؤمنين والمؤمنات ».

__________________

١ - يعني أباه موسى بن جعفر عليهما السلام .

٢ - قوله: « الممحّصين » تقدّم الكلام فيه في ص ٣١٨.

٣٣٥

٢ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن محمّد بن يحيى العطّار، وحدَّثني محمّد بن الحسين بن متّ الجوهريّ جميعاً، عن محمّد بن أحمدَ بن يحيى بن عِمران، عن عليِّ بن حَسّان، عن عُروةَ بن إسحاق ابن أخي شعيب العَقرقوفيّ عمّن ذكره - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: تقول إذا أتيت قبر الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام ويجزئك عند قبر كلِّ إمامٍعليهم‌السلام:

«السَّلام عَلَيْكَ مِنَ اللهِ، وَالسَّلامُ عَلى مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِاللهِ أمِينِ اللهِ عَلى وَحْيِهِ وَعَزائِمِ أمْرِهِ، الخاتَمِ لِما سَبَقَ وَالفاتِح لَما اسْتُقْبَلَ (١) ،اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ الَّذِي انْتَجَبْتَهُ بِعِلْمِكَ، وَجَعَلْتَهُ هادِياً لِمَنْ شِئْتَ مِنْ خَلْقِكَ، وَالَّدليلَ عَلى مَنْ بَعَثْتَهُ بِرِسالاتِكَ وَكُتُبِكَ، وَدَيّانَ الدِّين بَعَدْلِكَ، وَفَصْلِ قَضائِكَ بَيْنِ خَلْقِكَ، وَالمهَيْمِنَ عَلى ذلِكَ كُلِّهِ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ ».

وتقول في زيارة أمير المؤمنينعليه‌السلام : «اللّهُمَّ صَلِّ عَلى أمِير المؤمِنين عَبْدِكَ وَأخي رَسُولِكَ - إلى آخره - ».

وفي زيارة فاطمةعليها‌السلام : «أمَتِكَ وَبِنْتِ رَسُولِكَ - إلى آخره - ».

وفي زيارة سائر الأئمّة: «أبْناءِ رَسُولِكَ »، على ما قلت في النَّبيّ أوَّلَ مرَّةٍ حتّى تنتهي إلى صاحبك، ثمّ تقول:

«أشْهَدُ أنَّكُمْ كَلِمَةُ التَّقْوى، وَبابُ الهُدى، وَالْعُرْوَةُ الْوُثْقى، وَالحُجَّةُ الْبالِغَةُ عَلى مَنْ فيها وَمَنْ تَحْتَ الثَّرى، وَأَشْهَدُ أنَّ أرْواحَكُمْ وَطِينَتَكُمْ مِنْ طينَةٍ واحِدَةٍ، طابَتْ وَطَهُرَتْ مِنْ نُورِ الله وَمِنْ رَحْمَتِهِ، وَاُشْهِدُ اللهَ وَاُشْهِدُكُمْ أنّي لَكُمْ تَبَعٌ بِذاتِ نَفْسي وَشرائِعِ دِيني وَخَواتِيم عَمَلي، اللّهُمَّ فأتْمِمْ لي ذلِكَ بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِالله، أشْهَدُ أنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ عَنِ اللهِ ما اُمرْتَ بِهِ، وَقُمْتَ بحقِّهِ غَير واهِنٍ وَلا مُوهِنِ، فَجزاكَ اللهُ مِنْ صِدِّيقٍ خَيْراً عَنْ رَعِيَّتِكَ، أشْهَدُ أنَّ الجِهادَ مَعَكَ جِهادٌ، وَأنَّ الحَقَّ مَعَكَ وَلَكَ، وأنْتَ مَعْدِنُهُ، وَمِيراثُ النُّبُوَّةِ عِنْدَكَ وعِنْدَ أهْلِ بَيْتِكَ، أشْهَدُ أنَّكَ قَدْ أقَمْتَ الصَّلاةَ، وَآتَيْتَ الزَّكاةَ، وَأمَرْتَ بِالمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ المنْكَرِ، وَ

__________________

١ - تقدّم معناه في ص ٣٩ و ٢٢١.

٣٣٦

دَعَوتَ إلى سَبيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحسَنَةِ، وَعَبَدْتَ رَبَّكَ حَتّى أتاكَ الْيَقينُ ».

ثمَّ تقول: «السَّلامُ عَلى مَلائِكَةِ اللهِ المُسَوِّمينَ، السَّلامُ عَلى مَلائِكَةِ اللهِ المُنْزَلينَ، السَّلامُ عَلى مَلائِكَةِ اللهِ المُرْدِفينَ، السَّلامُ عَلى مَلائِكَةِ اللهِ الَّذِينَ هُمْ في هذَا الحرَم بِإذْنِ اللهِ مُقيمُونَ ».

ثمّ تقول: «اللّهُمَّ الْعَنِ اللَّذَيْنِ بَدَّلا نِعْمَتَكَ، وَخَالَفا كِتابَكَ، وَجَحَدا آياتِكَ، وَاتَّهَما رَسُولَكَ، احْشُ قُبُورَهُما وَأجْوافَهُما ناراً وَأَعَدَّ لَهُما عَذاباً أليماً، وَاحْشُرْهُما وَأشْياعَهُما وأتْباعَهُما إلى جَهَنَّمِ زُرْقاً (١) ،وَاحْشُرْهُما وَأشْياعَهُما وأتْباعَهُما يَومَ الْقيامَةِ عَلى وُجُوهِهِم عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً، مَأواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً، اللّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيارَةِ قَبرْ ابْنِ نَبيِّكَ، وَابْعَثْهُ مَقاماً مَحْمُوداً تَنْتَصِرُ بِهِ لِدينِكَ وَتَقْتُلُ بِهِ عَدُوَّكَ، فَإنَّكَ وَعَدْتَهُ ذلِكَ وَأنْتَ الرَّبُّ الَّذِي لا تُخلِفُ الميعادَ ».

وكذلك تقول عند قُبور كلَّ الأئمَّةعليهم‌السلام، وتقول عند كلِّ إمام زُرْته إن شاء الله تعالى:

«السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَليَّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ، السَّلام عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ في ظُلُماتِ الأَرْضِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا إمامَ المؤْمِنينَ وَوارِثَ عِلْمِ النَّبيِّينَ وَسُلالَةِ الْوَصِيِّينَ، وَالشَّهيدَ يَومِ الِّدينِ، أشْهَدُ أنَّكَ وَآباءَكَ الَّذينَ كانُوا مِنْ قَبلِكَ، وَأبْناءَكَ الَّذينَ مِنْ بَعْدِكَ مَواليَّ وَأولِيائي وَأئِمَّتي، وَأشْهَدُ أنَّكُمْ أصْفياءُ اللهِ وَخَزِنَتُهُ وَحُجَّتُهُ الْبالِغةُ، انْتَجَبَكُمْ بِعِلْمِهِ أنْصاراً لِدينِهِ، وَقُوَّاماً بِأَمِرِهِ، وَخُزَّاناً لِعِلْمِهِ، وَحَفَظةً لِسِرِّهِ وَتَراجِمَةً لِوَحْيِهِ، وَمعْدِناً لِكَلِماتِهِ، وَأرْكاناً لِتَوحِيدِهِ، وَشُهُوداً عَلى عِبادِهِ، وَاسْتَودَعَكُمْ خَلْقَهُ، وَأورَثَكُم كِتابَه، وَخَصَّكُمْ بِكَرائِمِ التَّنْزِيل، وَأعْطاكُمُ التَّأَويلَ، جَعَلَكُمْ تابُوتَ (٢) حِكْمَتِهِ وَمَناراً في بِلادِهِ، وَضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ نُورِهِ، وَأجْرى فيكُمْ مِنْ عِلْمِهِ، وَعصَمَكُمْ مِنَ الزَّلَلِ، وَطَهَّرَكُمْ مِنَ الدَّنَسِ، وَأذْهَبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ، وَبِكُمْ تَمَّتِ النِّعْمَةُ، وَاجْتَمَعَتِ الْفُرقَةُ، وَأئْتَلَفَتِ الْكَلِمَةُ، وَلَزِمَتِ الطّاعَةُ المفْترضَةُ،

__________________

١ - أي عمياً.

٢ - التّابوت: الصّندوق من الخشب.

٣٣٧

وَالمَودَّةُ الواجِبَةُ، فَأنْتُمْ أوْلِياؤُهُ النُّجَباءُ، وَعِبادُهُ المكْرَمُونَ، أتَيْتُكَ يا ابْنَ رَسُولِ اللهِ عارِفاً بِحَقِّكَ، مُسْتَبْصِراً بِشأْنِكَ، مُعادِياً لأعْدائِكَ، مُوالِياً لأوْليائِكَ، بأبي أنْتَ وَاُمِّي صَلّى اللهُ عَلَيْكَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً، أتَيْتُكَ وافِداً زائِراً عائذاً مُسْتَجِيراً ممّا جَنَيْتَ عَلىُ نَفْسي، وَاحْتَطَبْتُ عَلىُ ظَهْري، فَكُنْ لي شَفِيعاً، فَإنَّ لَكَ عِنْدَ اللهِ مَقاماً مَعْلُوماً، وأنْتَ عِنْدَاللهِ وَجِيهٌ، آمَنْتُ بِاللهِ وَبِما اُنْزِلَ عَلَيْكُمْ، وأتَوَلّى آخِرَكُمْ بما تَوَلَّيْتُ بِهِ أوَّلَكُمْ، وَأبْرَءُ مِنْ كُلِّ وَليجَةٍ دُونَكُمْ، وَكَفَرتُ بالجبِتِ وَالطّاغُوتِ وَاللاّتِ وَالعُزْى ».

الباب الخامس والمائة

( فضل زيارة المؤمنين وكيف يُزارون)

١ - حدَّثني أبو العبّاس محمّد بن جعفر الرَّزّاز القُرَشيّ الكوفيُّ، عن خاله محمَّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن عَمرِو بن عثمان الرَّازيِّ « قال: سمعت أبا الحسن الأوّلعليه‌السلام يقول: مَن لم يقدر أن يزورنا فليزرْ صالحِي موالينا يُكتَب له ثوابُ زيارَتنا، ومَن لم يَقدِرْ على صًلَتنا فَلْيَصلْ صالِحي موالينا يُكتَب له ثوابُ صِلَتنا ».

٢ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بن الوليد، عن الحسن بن مَتِّيل، عن محمّد بن عبدالله بن مِهرانَ، عن عَمْرِو بن عثمانَ « قال: سمعت الرِّضاعليه‌السلام يقول: مَن لم يقدر على صِلَتنا فليَصِلْ على صالِحي مَوالينا يُكتب له ثواب صِلتنا، ومن لم يقدِرْ على زيارتنا فليزر صالِحي موالينا يُكتب له ثوابُ زيارتنا ».

٣ - حدَّثني أبي؛ ومحمّد بن يعقوبَ؛ وجماعَة مشايخيرحمهم‌الله عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمدَ بن يحيى « قال: كنت بفَيْد(١) فمشيتُ مع عليِّ بن بِلال إلى قبر محمّد بن إسماعيل بن بَزيع قال: فقال لي عليُّ بن بلال: قال لي صاحب هذا القبر عن الرِّضاعليه‌السلام : مَن أتى قبر أخيه المؤمن ثمّ وضع يده على

__________________

١ - فَيْد - بالفتح ثمّ السّكون -: بُلَيدة في نصف طريق مكّة من الكوفة، ينزل بها الحاجّ قال الزّجاجيّ: سميت فَيْد بفيد بن حام وهو أوّل مَن نزلها. ( من المعجم )

٣٣٨

القبر وقرء «إنّا أنْزَلْنَاه (١) » سبع مرّات، أمن يوم الفزع الأكبر ».

٤ - حدَّثني محمّد بن الحسين بن متّ الجَوهَريّ، عن محمّد بن أحمدَ بن يحيى بن عِمرانَ « قال: كنت بفَيْد فقال محمّد بن عليِّ بن بلال: مُرَّ بنا إلى قبر محمّد بن إسماعيلَ بن بزيع، فذهبنا إلى عند قبره فقال محمّد بن عليِّ: حدَّثني صاحبُ هذا القبر عن الرِّضاعليه‌السلام أنّه مَن زار قبر أخيه المؤمن فاستقبل القِبلة ووضع يَده على القبر وقرء: «إنّا أنْزَلْناهُ في لَيْلَةِ الْقَدْر » سبع مرّات أمن مِن الفزع الأكبر ».

٥ - وحدَّثني محمّد بن الحسين بن متّ الجوهريّ، عن محمّد بن أحمدَ، عن عليِّ بن إسماعيل، عن محمّد بن عَمْرو، عن أبان(٢) ، عن عبدالرَّحمن بن أبي عبدالله « قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام كيف أضع يدي عَلى قُبور المؤمنين؟ فأشارَ بيده إلى الأرض فوضعها عليها وهو مقابل القِبلة ».

٦ - وعنه، عن محمّد بن أحمدَ، عن موسى بن عمر[ان]، عن عبدالله الحجّال عن صَفوانَ الجمّال « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: كان رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يخرج في مَلأ مِن النّاس مِن أصحابه كُلَّ عشيَّة خميس إلى بَقيع المَدَنيّين فيقول - ثلاثاً -: «السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا أهْلَ الدِّيارِ » - وثلاثاً - «رَحِمَكُمُ الله »، ثمَّ يلتفت إلى أصحابه ويقول: هؤلاء خيرُ منكم، فيقولون: يارسول الله ولِم؟ آمَنُوا وآمَنّا، وجاهَدُوا وجاهَدْنا؟ فيقول: إنَّ هؤلاءِ آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظُلم، ومَضوا على ذلك وأنَا لَهُمْ على ذلك شَهيدٌ، وأنتم تَبقون بعدي، ولا أدري ما تُحدثون بعدي ».

٧ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مَسعَدَةَ بن زِياد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام « قال: دخل عليُّ أمير المؤمنين مقبرةً - ومعه أصحابه - فنادى:

«يا أهْلَ التُرْبَةِ وَيا أهْلَ الغُرْبَةِ، وَيا أهْلَ الخُمُودِ، وَيا أهْلَ الهُمُود (٣) ،أمّا أخْبارُ

__________________

١ - المراد تمام السّورة.

٢ - يعني بن عثمان الأحمر.

٣ - خَمَدَتِ النّار، خُمْداً وخُموداً: سكن لَهَبُها. والهُمُود: الموت. ( القاموس )

٣٣٩

ما عِنْدَنا: فَأمّا أمْوالُكُمْ قَدْ قُسِّمَتْ، وَنِساؤُكُمْ قَدْ نُكِحَتْ، وَدُورُكُمْ قَدْ سُكِنَتْ، فَما خَبَرُ ما عِنْدَكُمْ؟!! »، ثمَّ التفت إلى أصحابه وقال: أما واللهِ لَو يُؤذَنُ لهم في الكلام لقالوا: لم يُتَزَوَّد مثل التَّقْوى زادٌ [خَيرُ الزَّاد التَّقْوى] ».

٨ - حدَّثني أبيرحمه‌الله ومحمّد بن الحسن، عن الحسن بن مَتِّيل، عن سَهل بن زياد، عن محمَّد بن سِنان، عن إسحاقَ بن عَمّار، عن أبي الحسنعليه‌السلام « قال: قلت له: المؤمن يَعلم بمن يَزورُ قبره؟ قال: نَعَم؛ ولا يَزال مستأنساً بِه ما زالَ عندَه، فإذا قام وانصرف مِن قبره دَخَله مِن انصرافه عن قبره وَحْشَةٌ ».

٩ - حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن جَدِّه، عن عبدالله بن المغيرة، عن عبدالله بن سِنان « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : كيف اُسلّم عَلى أهل القُبور؟ قال: نَعَم؛ تقول: «السَّلامُ عَلى أهْلِ الدِّيارِ مِنَ المؤمِنينَ وَالمُسْلِمين، أنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ (١) وَنَحْنُ إن شاءَ اللهُ بِكُمْ لاحِقُونَ ».

حدَّثني أبيرحمه‌الله عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمّد بن اُورَمَةَ عن عبدالله بن سِنان قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام - وذكر مثله -.

١٠ - حدَّثني الحسن بن عبدالله، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن عَمْرو بن أبي المِقدام، عن أبيه « قال: مَرَرتُ مع أبي جعفرعليه‌السلام بالبَقيع فمررنا بقبر رَجلٍ من أهل الكوفة مِن الشِّيعة، فقلت لأبي جعفرعليه‌السلام : جُعلتُ فِداك هذا قبرُ رَجل من الشِّيعة، قال: فوقف عليه وقال: «اللّهمَّ ارْحَمْ غُرْبَتَهُ، وَصِلْ وَحْدَتَهُ، وَآنِسْ وَحْشَتَهُ، وَآمِنْ رَوعَتَهُ، وَأَسْكنْ إلَيْهِ مِنْ رَحْمَتِكَ مَا يَسْتَغَنى بِها عَنْ رحمة من سًواكَ، وألْحِقْهُ بمن كانَ يَتَولاهُ » ».

١١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النَّضر بن سُويد، عن القاسم بن سليمانَ، عن جرَّاح المدائنيِّ « قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام : كيف التّسليم على أهل القبور؟ قال: تقول: « السَّلامُ عَلى أهْلِ الدِّيارِ مِنَ المؤمِنينَ وَالمسْلِمينَ، رَحِمَ اللهُ المُسْتَقْدِمينَ مِنْكُمْ وَالمسْتأْخِرينَ، وَإنّا إنْ

__________________

١ - أي أنتم متقدّم لنا.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357