كامل الزيارات

كامل الزيارات11%

كامل الزيارات مؤلف:
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مكتبة الصدوق
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
الصفحات: 357

كامل الزيارات المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 357 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 146763 / تحميل: 9208
الحجم الحجم الحجم
كامل الزيارات

كامل الزيارات

مؤلف:
الناشر: مكتبة الصدوق
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن ابن فَضّال، عن عبدالله بن بُكَير - عن بعض أصحابنا - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: دَخَلَتْ فاطمةعليها‌السلام على رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - وعيناه تَدْمَع - فسألتْه: ما لكَ؟! فقال: إنّ جَبرئيل أخبرني أنّ اُمتي تقتل حسيناً، فجزعتْ وشقّ عليها، فأخبرها بمن يملك مِن ولدها فطابت نفسها وسكنتْ ».

٦ - وحدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن عيسى(١) ، عن صفوانَ بن يحيى، عن الحسين بن أبي غُنْدَر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : زارنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد أهدَتْ لنا اُمُّ أيمن لبناً وزَبداً وتَمراً، فقدَّمنا منه، فأكل(٢) ثمَّ قام إلى زاوية البيت فصلّى رَكعات، فلمّا كان في آخر سجوده بكى بكاءً شديداً، فلم يسأله أحد منّا، إجلالاً وإعظاماً له، فقام الحسين وقعد في حجره، فقال: يا أبة لقد دخلتَ بيتنا فما سَررنا بشيء كسُرورنا بدخولك، ثمَّ بكيتَ بكاء غمّنا فما أبكاك؟! فقال: يا بُنَّي أتاني جبرئيل آنفاً فأخبرني أنّكم قَتلى؛ وأنّ مصارعكم شتّى، فقال: يا أبة فما لمن زار قبورنا على تشتّتها؟ فقال: يا بُنَّي أولئك طوائف مِن اُمّتي يزورونكم فيلتمسون بذلك البركة، وحقيق عَليَّ أن آتيهم يوم القيامة حتّى اُخلِّصَهم مِن أهوال السّاعة ومِن ذنوبهم، ويسكنهم الله الجنّة ».

٧ - حدّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بن الوليد قال: حدَّثني محمّد بن أبي القاسم ماجيلويه، عن محمّد بن عليٍّ القرشيّ، عن عبيد بن يحيى الثَّوريِّ، عن محمّد بن الحسين بن عليِّ بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام « قال: زارنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم فقدّمنا إليه طعاماً وأهدت إلينا اُمُّ أيمن صَحْفَة من تمر وقَعْباً من لَبَن وزَبَد، فقدّمنا إليه فأكل منه، فلمّا فرغ قمتُ و

__________________

١ - هو محمّد بن عيسى بن عبيد أبو جعفر اليقطيني.

٢ - كذا، والصّواب: « فقدّمنا إليه فأكل منه »، كما يأتي في الخبر الآتي.

٦١

سكبتُ على يدَي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ماءً، فلمّا غسل يديه مسح وجهه ولحيته ببلّة يديه، ثمّ قام إلى مسجد في جانب البيت وصلّى وخرَّ ساجداً فبكى وأطال البكاء، ثمَّ رفع راسه، فما اجترء منّا أهل البيت أحدٌ يسأله عن شيءٍ، فقام الحسين يدرج حتّى صعد على فَخذي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخذ برأسه إلى صدره، وضع ذقنه على رأس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ قال: يا أبة ما يُبكيكَ؟ فقال: يابني إنّي نظرت إليكم اليوم فسررت بكم سروراً لم أسرّ بكم قبله مثله، فهبط إليَّ جبرئيل فأخبرني أنّكم قتلى؛ وأنَّ مصارعكم شتّى، فحمدت اللهَ على ذلك وسألت لكم الخيرة، فقال له: يا أبة فمن يزور قبورنا ويتعاهدها على تشتّتها؟ قال: طوائف مِن اُمّتي يريدون بذلك بِرّي وصِلتي أتعاهدهم في الموقف، وآخذ بأعضادِهم فاُنجّيهم من أهواله وشدائده ».

الباب السّابع عشر

( قول جبرئيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:)

« إنّ الحسين تقتله اُمّتك من بعدك، وأراه التّربة الّتي يقتل عليها »

١ - حدَّثني أبي - رحمه الله تعالى - قال: حدَّثني سعد بن عبدالله بن أبي خلف، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سُوَيد، عن يحيى الحلبيّ، عن هارونَ بن خارجةَ، عن ابي بصير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنّ جَبرئيل أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - والحسين يلعب بين يديه - فأخبره أنّ اُمّته ستقتله، قال: فجزع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: ألا اُريك التّربة الّتي يقتل فيها؟ قال: فخسف ما بين مجلس رسول الله إلى المكان الَّذي قتل [فيه الحسينعليه‌السلام ] حتّى التقت القطعتان، فأخذ منها ودحيت في أسرع من طَرفَة عين، فخرج وهو يقول: طوبى لك مِن تربةٍ، وطوبى لمن يقتل حولك، قال: وكذلك صنع صاحب سليمان تكلّم باسم الله الأعظم فخسف ما بين سَرير سليمان وبين العرش من سُهولة الأرض وحزونتها حتى التقت القطعتان فاجترّ

٦٢

العرش، قال سليمان: يخيّل إليَّ أنه خرج من تحت سَريري، قال: ودُحيت في أسرع مِن طرفة العين »(١) .

٢ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن عبدالحميد العطّار، عن أبي جميلة المفضّل بن صالح، عن أبي اُسامة زيدٍ الشّحّام، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: نعى جَبرئيل الحسين إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في بيت اُمّ سَلَمة، فدخل عليه الحسين - وجَبرئيل عنده -، فقال: إنّ هذا تقتله اُمّتك، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أرني من التّربة الّتي يسفك فيها دمه، فتناول جَبرئيل قبضة من تلك التّربة فإذا هي تربة حَمراء ».

٣ - حدَّثني أبي - رحمه الله تعالى - عن سعد، عن عليِّ بن إسماعيل بن عيسى؛ ومحمّد بن ألحسين بن أبي الخطّاب؛ وإبراهيم بن هاشم، عن عثمان بن عيسى، عن سَماعة بن مِهران، عن أبي عبداللهعليه‌السلام مثله وزاد فيه: « فلم تزل عند اُمّ سَلَمة حتّى ماتت - رحمها الله - ».

٤ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الوليد الخزّاز، عن حمّاد بن عثمان، عن عبدالملك بن أعْيَن « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: إنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان في بيت اُمّ سَلَمة وعنده جَبرئيل، فدخل عليه الحسينعليه‌السلام فقال له جَبرئيل: إنَّ اُمّتك تقتل ابنك هذا، ألا اُريك مِن تربة الأرض الّتي يُقتَل فيها؟ فقال رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : نعم، فأهوى جَبرئيلعليه‌السلام بيده وقبضة منها فأراها النّبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

٥ - حدّثني محمّد بن جعفر القرشي الرَّزّاز، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سِنان، عن هارون بن خارِجَة، عن أبي بصير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سمعته يقول: بينا الحسين بن عليّعليهما‌السلام عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ أتاه جَبرئيلعليه‌السلام فقال: يامحمّد أتحبّه؟ قال: نعم، فقال: أما أنّ اُمّتك سَتَقتله، قال:

__________________

١ - للخبر بيّانٌ، فمن أراد الاطّلاع فليراجع البحار ج ١٤ ص ١٥٥ من الطعبة الحديثة ذيل الخبر ١١، ويأتي مثله تحت رقم ٥.

٦٣

فحَزَن رسول الله حُزناً شديداً، فقال له جَبرئيل: يارسول الله أتريد أن اُريك التربة الّتي يقتل فيها؟ فقال: نعم، فخسف ما بين مجلس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى كربلاء حتّى التقت القطعتان هكذا - ثمَّ جمع بين السّبّابتين - ثمَّ تناول بجناحه من التّربة وناولها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ رجعت أسرع من طَرْفَة عين، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : طوبى لك من تربة، وطوبى لمن يقتل فيك ».

٦ - حدّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليٍّ الوّشّاء، عن أحمدَ بن عائذ، عن ابي خديجة سالم بن مُكرَم الجمّال، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال لما ولدتْ فاطمة الحسينعليهما‌السلام جاء جَبرئيل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له: إنّ اُمّتك تقتل الحسينعليه‌السلام مِن بعدك، ثمَّ قال: ألا اُريك مِن تربته، فضرب بجناحه فأخرج مِن تربة كربلاء وأراها إيّاه، ثمَّ قال: هذه التّربة الّتي يقتل عليها ».

٧ - حدَّثني أبي، عن الحسين بن عليٍّ الزَّعفرانيِّ قال: حدَّثني محمّد بن عَمرو الأسلميّ قال: حدَّثني عَمرو بن عبدالله بن عَنْبَسة، عن محمّد بن عبدالله بن عمر، [و] عن أبيه، عن ابن عبّاس « قال: الملك الّذي جاء إلى محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله يخبره بقتل الحسينعليه‌السلام كان جَبرئيل الرّوح الأمين منشور الأجنحة باكياً صارخاً قد حمل مِن تربة الحسينعليه‌السلام وهي تفوح كالمِسْك، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وتفلح اُمّة تقتل فرخي؟ - أو قال: فرخ ابنتي؟ - فقال جَبرئيل: يضربها الله بالاختلاف، فتختلف قلوبهم ».

٨ - حدّثني النّاقد أبو الحسين أحمد بن عبدالله بن عليٍّ قال: حدَّثني جعفر بن سليمان، عن أبيه، عن عبدالرَّحمن الغَنَوي، عن سليمان(١) قال: وهل بقى في السّماوات ملكٌ لم ينزل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يعزّيه بولده الحسين؟ ويخبره بثواب الله إيّاه، ويحمل إليه تربته مَصروعاً عليها مذبوحاً مقتولاً جريحاً طريحاً مخذولاً؟

__________________

١ - كذا في جلّ النّسخ، وفي بعضها: « سلمان »، ونقل في البحار على اختلافها، والظّاهر أنّه هو سليمان بن عبدالله أبو العلاء الغنويّ الكوفيّ.

٦٤

فقال رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اللّهُمّ اخْذُلْ مَنْ خَذَلَه، وَاقْتُل مَن قَتَلَه، واذْبَح مَن ذَبحه، ولا تمتّعه بما طَلبَ.

قال عبدالرَّحمن: فوالله لقد عوجِلَ الملعونُ يَزيدُ، ولم يتمتّع بعد قتله بما طلب، ولقد اُخذ، بات سَكراناً وأصبح ميّتاً متغيّراً، كأنّه مطلي بقار، اُخذ على أسف، وما بقي أحد ممّن تابعه على قتله أو كان في محاربته إلاّ أصابه جنون أو جذام أو برصٌ، وصار ذلك وراثة في نسلهم - لعنهم الله -.

٩ - حدّثني أبيرحمه‌الله ، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبدالكريم بن عَمرو، عن المعلّى بن خنيس « قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أصبح صباحاً فرأتْه فاطمة باكياً حزيناً، فقالَتْ: مالكَ يارسول الله؟ فأبى أن يخبرها، فقالت: لا آكل ولا أشرب حتى تخبرني، فقال: إنّ جَبرئيل أتاني بالتّربة الّتي يقتل عليها غلامٌ لم يحمل به بَعدُ، ولم تكن تحمل بالحسينعليه‌السلام وهذه تربته ».

حدَّثني عبيدالله بن الفضل بن محمّد بن هِلال قال: حدَّثني محمّد بن عَميرَة الأسلميُّ قال: حدَّثني عَمرو بن عبدالله بن عَنْبَسَة، عن محمّد بن عبدالله بن عمر؛ وعن أبيه، عن ابن عبّاس - وذكر الحديث مثل حديث أبي عبدالله الزَّعفرانيِّ سواء.

وحدَّثني عبيدالله بن الفضل قال: حدّثني جعفر بن سليمانَ، عن أبيه، عن عبدالرَّحمن الغَنَوي، عن سليمانَ - وذكر مثل حديث أبي الحسين النّاقد سواء.

الباب الثّامن عشر

( ما نزل من القرآن بقتل الحسين عليه السلام وانتقام الله عزَّوجلَّ ولو بعد حين)

١ - حدّثني محمّد بن جعفر القرشي الرّزّاز قال: حدّثني محمّد بن الحسين ابن أبي الخطّاب، عن موسى بن سَعدان الحنّاط، عن عبدالله بن القاسم الحضرميِّ، عن صالح بن سَهل، عن ابي عبداللهعليه‌السلام « في قول الله عزَّوجَلَّ: «وَقَضَيْنا إلى

٦٥

بَني إسْرائيلَ في الكتاب لَتُفسِدُنَّ في الأَرْضِ مَرَّتَين (١) »، قال: قتل أمير المؤمنينعليه‌السلام وطعن الحسن بن عليّعليهما‌السلام ، «وَلَتعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً » قتل الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام ، «فإذا جاءَ وَعْدُ اُولهُما »، قال: إذا جاءَ نصر الحسينعليه‌السلام «بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا اُولي بأسٍ شَديدٍ فَجاسُوا خِلال الدِّيارِ » قوماً يبعثهم الله قبل القائمعليه‌السلام ، لا يدعون وتراً لآل محمّد إلاّ أحرقوه (٢) ، «وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً (٣) » ».

٢ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سِنان، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: تلا هذه الآية: «إنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذينَ آمَنُوا في الحياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهادُ (٤) »، قال: الحسين بن عليِّعليهما‌السلام منهم ولم ينصر بعد، ثمَّ قال: والله لقد قتل قتلة الحسينعليه‌السلام ولم يطلب بدمه بعد ».

٣ - وحدّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن يعقوبَ بن يزيدَ؛ وإبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن أبي عُمَير - عن بعض رجاله - عن أبي عبداللهعليه‌السلام في قول الله عزَّوجلَّ: «وإذَا المَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ * بِأيّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (٥) »، قال: نَزَلَتْ في الحسين بن عليِّعليهما‌السلام »(٦) .

٤ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن العبّاس بن معروف، عن صَفوانَ بن يحيى، عن حكم الحنّاط، عن ضُرَيس، عن أبي خالد الكابليِّ، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: سَمِعتُه يقول في قول الله عزَّوجلَّ: «اُذِنَ لِلَّذينَ يُقاتَلُون بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإنَّ الله عَلى نَصْرِهِمْ لَقَديرٌ (٧) »، قال: عليُّ والحسن والحسينعليهم‌السلام ».

٥ - وحدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن العبّاس بن معروف، عن محمّد بن سِنان - عن رجل - « قال: سألت عن

__________________

١ - الإسراء: ٤.

٢ - في بعض النّسخ: « إلاّ أخذوه »، وفي خبر الكافي: « إلاّ قتلوه ».

٣ - الإسراء: ٥.

٤ - الغافر: ٥١.

٥ - التّكوير: ٨ و ٩.

٦ - المراد أنّ مصداقها الحقيقيّ هوعليه‌السلام .

٧ - الحجّ: ٣٩.

٦٦

أبي عبداللهعليه‌السلام في قوله تعالى: «ومَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَليِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِف في القَتْلِ إنَّهُ كانَ مَنْصُوراً (١) »، قال: ذلك قائم آل محمّد يخرج فيقتل بدم الحسينعليه‌السلام ، فلو قتل أهل الأرض لم يكن مُسرفاً، وقوله: «فَلا يُسْرِف في الْقَتلِ » لم يكن ليصنع شيئاً يكون سرفاً، ثمَّ قال أبو عبداللهعليه‌السلام : يقتل والله ذَراري قتلة الحسينعليه‌السلام بفعال آبائهم »(٢) .

٦ - حدّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين، عن عثمانَ بن عيسى، عن سَماعة بن مِهران، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « في قوله تبارك وتعالى: «لا عُدْوانَ إلاّ عَلَى الظّالمِينَ »، قال: أولاد قتلة الحسينعليه‌السلام ».

حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن ابراهيمَ بن هاشم؛ ومحمّد بن الحسين، عن عثمانَ بن عيسى، عن سَماعَة بن مِهرانَ مثله.

٧ - حدّثني محمّد بن جعفر الكوفيُّ الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن موسى بن سَعدانَ، عن عبدالله بن القاسم الحضرميّ، عن صالح بن سهل، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « في قول الله تبارك وتعالى: «وَقَضَيْنا إلى بَني إسْرائيلَ في الكتاب لَتُفْسِدنَّ في الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ (٤) »، قال: قتل عليّ وطعن الحسن، «وَلَتعْلُنَّ عُلُوّاً كَبيراً »، قال: قتل الحسينعليهم‌السلام ».

الباب التّاسع عشر

( علم الأنبياء عليهم السلام بقتل الحسين بن علي عليهما السلام)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله قال: حدّثني سعد بن عبدالله بن أبي خَلَف، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى؛ ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب؛ ويعقوبَ بن - يزيدَ جميعاً، عن محمّد بن سِنان - عمّن ذكره - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنَّ

__________________

١ - الإسراء: ٣٣.

٢ - أي الرّاضين بفعل آبائهم، وكذا في الخبر الآتي.

٣ - البقرة: ١٩٣.

٤ - الإسراء: ٤.

٦٧

إسماعيل الَّذي قال الله تعالى في كتابه: «وَاذْكُرْ في الكِتابِ إسْمعيلَ إنّه كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيّاً (١) »، لم يكن إسماعيلَ بن إبراهيمعليهما‌السلام ، بل كان نبيّاً مِن الأنبياء؛ بعثه الله إلى قومه فأخذوه فسلخوا فَرْوَة رأسه ووجهه، فأتاه ملكٌ عن الله تبارك وتعالى فقال: إن الله بعثني إليك فمرْني بما شئت، فقال: لي اُسوة بما يصنع بالحسين ».

٢ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى؛ وابن أبي الخّطاب؛ وابن يزيدَ جميعاً، عن محمّد بن سِنان، عن عمّار بن مروانَ، عن سَماعَة بن مِهران(٢) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنّه كان ‏لله رسولاً نبيّاً تسلّط عليه قومه فقشروا جِلدة وجهه وفَروَة رأسه، فأتاه رسولٌ مِن ربِّ العالمين فقال له: ربُّك يُقرؤك السَّلام ويقول: « قد رَأيتُ ما صنع بك » وقد أمرني بطاعتك، فمرْني بما شئتَ، فقال: يكون لي بالحسين اُسْوَة ».

٣ - حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب؛ وأحمدَ بن الحسن بن عليِّ، عن أبيه، عن مروانَ بن مسلم، عن بُرَيد بن معاوية العِجليِّ « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : يا ابن رسول الله أخبرني عن إسماعيل الَّذي ذكره الله في كتابه حيث يقول: «اذْكُرْ في الكتابِ إسمعِيل إنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نبيّاً »؛ أكان إسماعيل بن إبراهيمعليهما‌السلام ؟ فإن الناس يزعمون أنه إسماعيل بن إبراهيم، فقالعليه‌السلام : إن إسماعيل مات قبل إبراهيم(٣) وإنَّ إبراهيم كان حُجَّة ‏لله قائماً، صاحب شريعة فإلى مَن اُرسل إسماعيل إذن؟ قلت: فمن كان حُجَّة ‏ قائماً، صاحب شريعة فإلى مَن اُرسيل إسماعيل إذن؟ قلت: فمن كان جعلت فداك؟ قال:عليه‌السلام : ذاك إسماعيل بن حزقيل النَّبيِّ؛ بعثه الله إلى قومه فكذّبوه وقتلوه وسلخوا وجهه، فغضب الله [له] عليهم فوجّه إليه سطاطائيل؛

__________________

١ - مريم: ٥٤.

٢ - جاء الخبر في البحار من علل الشّرائع، وفيه: « سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام - إلخ ».

٣ - فيه ما فيه، وفوت إبراهيم قبل إسماعيل، كما في « العلل » و « كمال الدين » وغيرهما.

٦٨

ملكَ العَذاب، فقال له: يا إسماعيل أنا سطاطائيل ملك العذاب؛ وجَّهَني إليك ربُّ العزّة لاُعذّب قومَك بأنواع العذاب إن شئتَ، فقال له إسماعيل: لا حاجةَ لي في ذلك، فأوحى الله إليه: فما حاجتك يا إسماعيل؟ فقال: يارَبِّ إنَّك أخذت الميثاق لنفسك بالرُّبوبيّة، ولمحمّد بالنّبوَّة، ولأوصيائه بالولاية، وأخبرتَ خير خلقك بما تفعل اُمّته بالحسين بن عليِّعليهما‌السلام مِن بعد نبيِّها، وإنّك وعدتَ الحسينعليه‌السلام أن تُكِرَّه (١) إلى الدُّنيا حتّى ينتقم بنفسه ممّن فعل ذلك به، فحاجتي إليك يا رَبّ أن تكرّني إلى الدُّنيا حتى أنتقم ممّن فعل ذلك بي، كما تكرّ الحسينعليه‌السلام ، فوعد الله إسماعيل بن حزقيل ذلك فهو يكرّ مع الحسينعليه‌السلام ».

٤ - حدّثني محمّد بن الحسن بن عليٍّ بن مهزيار، عن أبيه، عن جدّه، عليِّ بن مهزيار، عن محمّد بن سنان - عمّن ذكره - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنّ إسماعيلَ الَّذي قال الله تعالى في كتابه: «اذْكُرْ في الكتابِ إسمعيلَ إنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ » اُخذ فسلخت فَرْوَة وَجْهه ورَأسه، فأتاه ملك فقال: إنَّ اللهَ بعثني إليك فمرني بما شئتَ، فقال: لي اُسوة بالحسين بن عليٍّ ».

الباب العشرون

( علم الملائكة بقتل الحسين عليه السلام)

١ - حدّثني محمّد بن جعفر القرشيُّ الرَّزَّاز الكوفيُّ قال: حدَّثني خالي محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب قال: حدَّثني موسى بن سَعدانَ الحنّاط، عن عبدالله بن القاسم الحضرميِّ، عن إبراهيم بن شعيب الميثميِّ « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: إنّ الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام لمّا ولد أمر الله عزَّوجلَّ جَبرئيلعليه‌السلام أن يهبط في ألف من الملائكة فيهنّىُ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من الله ومِن جَبرئيل، قال: وكان مَهْبَطُ جَبرئيل على جَزيرة في البحر فيها ملك يقال له: فطرس، كان من

__________________

١ - أي ترجعه.

٦٩

الحملة فبعث في شيء فأبطأ فيه فكسر جناحه وأُلقي في تلك الجزيرة يعبدالله فيها ستّمائة عام حتّى ولد الحسينعليه‌السلام ، فقال الملك لجَبرئيلعليه‌السلام : أين تريد؟ قال: إنَّ الله تعالى أنعم على محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله بنعمة فبعثت أهنّئه من الله ومنّي، فقال: يا جَبرئيل احملني معك لعلَّ محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله يدعو الله لي، قال: فحمله فلمّا دخل جَبرئيل على النّبيِّ وهَنأه مِن الله وهَنّأه منه وأخبره بحال فطرس فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ياجَبرئيل أدخله، فلمّا أدخله أخبر فطرس النَّبيَّ بحاله فدعا له النَّبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال له: تمسّح بهذا المولود وعُدْ إلى مكانك، قال: فتمسّح فطرس بالحسينعليه‌السلام وارتفع وقال: يارسول الله أما إنّ اُمّتك ستقتله وله عليَّ مكافأة أن لا يزوره زائرٌ إلاّ بلّغته عنه، ولا يسلّم عليه مسلّمٌ إلاّ بلّغته سلامه، ولا يصلّي عليه مُصّلٍّ إلاّ بلّغته صَلاته، قال: ثمَّ ارتفع ».

الباب الحادي والعشرون

( لعن الله تبارك وتعالى ولعن الاُنبياء قاتل الحسين بن عليٍّ عليهما السلام)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن عيسى بن عُبيد اليقطينيِّ، عن محمّد بن سِنان، عن أبي سعيد القَمّاط عن ابن أبي يَعفور، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: بينما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في منزل فاطمةعليها‌السلام والحسين في حِجره إذ بكى وخرَّ ساجداً، ثمَّ قال: يا فاطمة بنت محمّد! إنَّ العليَّ الأعلى ترائي لي في بيتك(١) هذا في ساعتي هذه في أحسن صورة وأهْيَأ هَيئة، وقال لي: يامحمّد أتحبّ الحسين؟ فقال: نعم؛ قُرَّة عيني ورَيحانتي وثمرة فؤادي؛ وجلدة ما بين عيني، فقال لي: يا محمّد - ووضع يده على رأس الحسين(٢) عليه‌السلام - بورك

__________________

١ - المراد به رسوله جَبرئيل أو يكون الرّائي غاية الظّهور العلميّ على سبيل الكناية، كما قاله العلاّمة المجلسيّرحمه‌الله ، وسيأتي بيانه مفصّلاً في ص ٦٩.

٢ - كناية عن إفاضة الرّحمة.

٧٠

من مولود عليه بركاتي وصلواتي ورحمتي ورضواني؛ ولعنتي وسخطي وعذابي وخزيي ونكالي على مَن قَتَلَه وناصَبَه وناواه ونازَعَه، أما إنّه سيّدُ الشّهداء مِنَ الاُوَّلينَ والآخِرينَ في الدُّنيا والآخِرَة - وذكر الحديث - »(١) .

٢ - حدّثني أبو الحسين محمّد بن عبدالله(٢) بن عليٍّ النّاقد قال: حدّثني أبو هارون العَبَسيِّ، عن أبي الاشهب جعفر بن حَيّان(٣) ، عن خالد الرّبعيّ قال: حدَّثني مَن سمع كعباً « يقول: أوَّل من لعن قاتل الحسين بن عليِّعليهما‌السلام إبراهيم خليل الرَّحمن، لعنه وأمر ولده بذلك وأخذ عليهم العهد والميثاق، ثمَّ لعنه موسى بن عِمرانَ، وأمر اُمّته بذلك، ثمَّ لعنه داود وأمر بني إسرائيل بذلك، ثمَّ لعنه عيسى، وأكثر أن قال: يابني إسرائيل العنوا قاتِله، وإن أدركتم أيّامه فلا تجلسوا عنه، فإنَّ الشَّهيد معه كالشَّهيد مع الأنبياء، مقبل غير مُدبر، وكأنّي أنظر إلى بُقعته، وما مِن نبيِّ إلاّ وقد زارَ كربلاء ووقف عليه وقال: إنّك لبقعة كثيرة الخير، فيك يدفن القَمَر الأزهر ».

٣ - حدَّثني الحسين بن عليٍِّ الزّعفرانيُّ بالرَّيّ قال: حدّثنا محمّد بن عُمَرَ النَّصيبيُّ، عن هِشام بن سعد قال: أخبرني المشيخة « أنّ الملك الّذي جاء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخبره بقتل الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام كان ملك البحار وذلك أنَّ ملكاً من ملائكة الفردوس نزل على البحر فنشر أجنحته عليها، ثمَّ صاح صيحة وقال: يا أهل البِحار البسوا أثواب الحزن فإنَّ فرخ رَسول اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مذبوحٌ، ثمَّ حمل مِن تربَتِه في أجنحته إلى السّماوات، فلم يبق ملك فيها إلاّ شمّها وصار عنده لها أثر، ولعن قتلته وأشياعهم وأتباعهم ».

__________________

١ - تأتي تتمة الخبر في الباب الآتي.

٢ - تقدّم أنّه « أحمد بن عبدالله »، وأحدهما تصحيف.

٣ - هو جعفر بن حيّان السّعديّ أبو الاُشهَب العطارديّ البصريّ المتوفّى سنة ١٦٥، كما قاله ابن الحجر في تهذيب التّهذيب.

٧١

الباب الثّاني والعشرون

( قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:)

( « إنّ الحسين عليه السلام تقتله اُمّته من بعده »)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله ومحمّد بن الحسن بن الوليد، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن عيسى بن عُبيد، عن صَفوانَ بن يحيى؛ وجعفر بن عيسى ابن عُبَيد قالا: حدَّثنا أبو عبدالله الحسين بن أبي غُنْدَر - عمّن حدَّثه - عن أبي - عبداللهعليه‌السلام « قال: كان الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام ذات يوم في حِجر النَّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله يلاعِبُه ويضاحِكُه، فقالت عائشة: يارسول الله ما أشدَّ إعجابك بهذا الصَّبيِّ؟ فقال لها: ويلك! وكيف لا اُحبّه ولا أعجب به وهو ثمرة فؤادي وقرَّة عيني، أما إنّ اُمّتي ستقتله، فمن زَاره بعد وفاتِه كتب الله له حجّةً مِن حِججي، قالت: يارسول الله حجّة من حِجَجِك؟! قال: نعم؛ حجَّتين من حججي، قالت: يارسول الله حجّتين من حِجَجِك؟! قال: نعم؛ وأربعة، قال: فلم تزل تزاده ويزيد ويضعف حتّى بلغ تسعين حجّة مِن حِجج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأعمارها ».

٢ - حدّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميريّ، عن أبيه، عن عليٍّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حمّاد البصريّ، عن عبدالله ابن عبدالرَّحمن الاُصمّ، عن مِسمَع بن عبدالمَلِك، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: كان الحسينعليه‌السلام مع اُمِّه تحمله، فأخذه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: لَعَنَ اللهُ قاتِليك ولعنَ اللهُ سالِبيك، وأهلَكَ الله المتوازِرين عليك، وحكم الله بيني وبين مَن أعانَ عليك، فقالتْ فاطمة: يا أبةِ أيّ شيء تقول؟ قال: يابنتاه ذكرت ما يصيبه بعدي وبعدَك من الأذى والظّلم والغَدر البَغي، وهو يؤمئذٍ في عُصبة كأنّهم نجومُ السّماء، يتهادون إلى القَتل، وكأنّي أنظر إلى مُعَسْكَرهم وإلى موضع رِحالهم وتربتهم، فقالتْ: يا أبة وأين هذا الموضع الَّذي تصف؟ قال: موضع

٧٢

يقال له: كربلاء، وهي ذات كربٍ وبلاءٍ علينا وعلى الاُمّة، يخرج عليهم شِرار اُمّتي، ولو أنّ أحدهم يشفع له مَن في السّماوات والاُرضين ما شفّعوا فيهم وهم المخلّدون في النّار، قالتْ: يا أبة فيقتل؟ قال: نَعَم يا بنتاه ما قتل قبله أحدٌ كان تبكيه السّماوات والأرضون والملائكة والوَحش والحِيتان في البحار والجبال، لو يؤذن لها ما بقي على الاُرض مُتنفّس، وتأتيه قومٌ مِن محبّينا ليس في الأرض أعلم بالله ولا أقوم بحقِّنا منهم، وليس على ظَهر الأرض أحدٌ يلتفت إليه غيرهم، اُولئك مصابيح في ظلمات الجَور، وهم الشُّفعاء، وهم واردون حوضي غَداً، أعرفهم إذ أوردوا عليَّ بسيماهم، وأهل كلِّ دين يطلبون أئمَّتهم وهم يطلبوننا ولا يطلبون غيرَنا، وهم قِوامُ الأرض بهم ينزل الغَيث - وذكر الحديث بطوله - »(١) .

٣ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن محمّد بن عيسى بن عُبيد، عن أبي عبدالله زَكريا المؤمن، عن أيّوب بن عبدالرَّحمن؛ وزَيد بن الحسن أبي الحسن؛ وعَبّاد جميعاً، عن سعد الإسكاف(٢) « قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : مَن سَرَّه أن يحيى محياي ويموت مَماتي ويدخل جنّة عَدْنٍ فيلزم قضيباً غَرسَهُ ربّي بيده(٣) فليتولَّ عليّاً والأوصياء مِن بعده وليسلّم لفضلهم، فإنّهم الهُداة المرضيّون، أعطاهم الله فهمي وعِلمي، وهم عِترتي مِن لَحمي ودَمي، إلى الله أشكو عدوَّهم مِن اُمَّتي، المنكرين لفضلهم، القاطِعين فيهم صِلتي، والله ليقتلنَّ ابني، لا أنالهم الله شفاعَتي ».

٤ - حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن شجرة، عن سَلامٌ الجعفيِّ، عن عبدالله بن محمّد الصّنعانيِّ، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: كان رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا دخل الحسينعليه‌السلام جَذَبه

__________________

١ - راجع تفسير فرات بن إبراهيم.

٢ - هو سعد بن طريف، وكان صحيح الحديث.

٣ - يأتي تحت رقم ٧ وفيه: « ويدخل جنّتي جنّة عدن غرسها ربّي بيده فليتولّ عليّاً ».

٧٣

إليه، ثمّ يقول لأمير المؤمنينعليه‌السلام : أمسكه، ثمَّ يقع عليه فيقبّله ويبكي فيقول: يا أبه لم تبكي؟ فيقول: يا بني اُقبّل موضع السّيوف منك وأبكي، قال: يا أبه واُقتَل؟ قال: إي والله وأبوك وأخوك وأنت، قال: يا أبه فمصارعنا (١) شتّى؟ قال: نعم يا بنيَّ، قال: فمن يزورنا مِن اُمَّتك؟ قال: لا يزورني ويزور أباك وأخاك وأنت إلاّ الصّدِّيقون مِن اُمّتي ».

٥ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميريّ(٢) ، عن أبي سعيد الحسن ابن عليِّ بن زَكريّا العَدْوِيِّ البَصريِّ قال: حدّثنا عمر [و] بن المختار قال: حدَّثنا إسحاقُ بنُ بِشر، عن القَوّام مولى قريش « قال: سمعت مولاي عُمَرَ بنَ هُبَيرَة قال: رأيتُ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - والحسن والحسين في حِجرِه - يقبّل هذا مرَّةً وهذا مرَّةً، ويقول للحسين: إنّ الويل(٣) لمن يقتلك ».

٦ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سِنان، عن أبي سعيد القَمّاط(٤) ، عن ابن أبي يَعفور، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: بينما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في منزل فاطمة؛ والحسين في حِجره إذ بكى وخَرَّ ساجداً، ثمَّ قال: يا فاطمة يا بنت محمّد إنّ العليَّ الأعلى ترائى(٥) لي في بيتك هذا في ساعتي هذه في أحسن صورة وأهْيَأ هَيْئَة فقال لي: يا محمّد أتحبُّ الحسين؟

__________________

١ - في بعض النّسخ: « فمصادرنا »، والمصدر: المرجع، والمصادر كناية عن القبور، لاُنّها منها الرّجوع إلى الآخرة، والأظهر أنّه تصحيف: « فمصارعنا » كما في المتن. ( من البحار ).

٢ - هو أبو جعفر القمّي، كان ثقة وجهاً، كاتب صاحب الأمرعليه‌السلام وسأله مسائل في أبواب الشّريعة. ( جش، صه ).

٣ - الوَيْل: الحزن والهلاك والمشقّة من العذاب. ( النّهاية ).

٤ - اختلف في اسمه، والظّاهر هو خالد بن سعيد الكوفي الثّقة، روى عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، له كتاب، روى عنه محمّد بن سنان ( جش، صه ) ومحمّد بن عيسى هو العبيديّ اليقطينيّ.

٥ - قال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: « إنّ العليّ الأعلى » أي رسوله جبرئيل، أو يكون التّرائي كناية عن غاية الظّهور العلميّ، و « حسن الصّورة » كناية عن ظهور صفات كماله تعالى له، و « وضع اليد » كناية عن إفاضة الرّحمة - انتهى. أقول: يأتي مثله وفيه: « والله يزوره »، وأيضاً: « إنّ الله تبارك وتعالى يتجلّى لزوّار الحسين عليه السلام »، ولكلّ واحدٍ منهما بيانٌ، فمن أراد الاطّلاع فليراجع الباب الثّامن والثّلاثين تحت رقم ٤، والباب الثّامن والسّتين تحت رقم ١.

٧٤

قلت: يارَبِّ قُرَّةُ عَيني ورَيحانتي، وثَمَرةُ فُؤادي، وجَلْدَة ما بين عيني، فقال لي: يا محمّد - ووضع يَدَه على رأس الحسينعليه‌السلام - بُورك مِن مولودٍ عليه بَرَكاتي وصَلاتي ورَحمتي ورِضواني،

[ونِقْمتي] ولَعْنَتي وسُخُطي وعَذابي وخِزْيي ونَكالي على مَن قَتَلَه وناصَبه وناواه(١) ونازَعَه، أما إنّه سيِّد الشُّهداء مِن الاُوَّلين والآخرين في الدُّنيا والآخِرة، وسيِّد شَباب أهل الجنّة من الخلق أجمعين، وأبوه أفضل منه وخيرٌ، فاقرأهُ السَّلام وبَشِّره بأنّه رايةُ الهُداي، ومَنارُ أوليائي، وحفيظي وشهيدي على خَلْقي، وخازِن علمي، وحُجَّتي على أهل السَّماوات وأهل الأرَضين، والثَّقَلَين الجنّ والإنس ».

٧ - حدّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميريّ، عن أبيه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن حمّاد الكوفيّ، عن إبراهيمَ بن موسى الأنصاريّ قال: حدَّثني مُصْعَب(٢) ، عن جابر، عن محمّد بن عليٍّعليهما‌السلام « قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من سَرَّه أن يحيى حياتي ويموت مماتي ويدخل جنَّتي - جَنّة عدنٍ غرسَها ربّي بيده - فليتولّ عليّاً ويعرف فضله والأوصياء من بعده، ويتبرّء مِن عَدوِّي. أعطاهم اللهُ فَهمي وعلمي، هم عِترتي من لَحمِي ودَمي، أشكو إلى رَبي عدوَّهم، من اُمّتي، المنكرين لفضلهم، القاطِعين فيهم صلتي، والله ليقتلنَّ ابني، ثمّ لا تنالهم شفاعتي ».

الباب الّثالث والعشرون

( قول أمير المؤمنين عليه السلام في قتل الحسين عليه السلام، وقول الحسين له في ذلك)

١ - حدَّثني محمّد بن جعفر الرّزَّاز القرشي قال: حدَّثني خالي محمّد بن -

__________________

١ - أي عاداه، وأصله الهمز.

٢ - الظاهر هو مصعب بن يزيد الأنصاري، وقال أبو جعفر بن بابويه: إنه عامل أمير المؤمنين عليه السلام. وشيخه ابن يزيد الجعفي.

٧٥

الحسين بن أبي الخطّاب، عن عليِّ بن النّعمان، عن عبدالرَّحمن بن سَيابة، عن أبي داودَ السّبيعيِّ (١) ، عن أبي عبدالله الجدليِّ « قال: دخلت على أمير المؤمنينعليه‌السلام والحسين إلى جنبه، فضرب بيده على كتف الحسين، ثمّ قال: إنّ هذا يقتل ولا ينصره أحدٌ، قال: قلت: يا أمير المؤمنين واللهِ إنْ تلك لحياة سَوء! قال: إنَّ ذلك لكائن ».

وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله؛ وعبدالله بن جعفر الحِميريّ؛ ومحمّد بن يحيى العطار، عن محمّد بن الحسين بإسناده مثله.

٢ - حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن خاله محمّد بن الحسين بن - أبي الخطاب، عن نصر ابن مُزاحم، عن عُمَرَ بن سعد(٢) ، عن يزيد بن إسحاقَ، عن هانىء، عن علي بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قال عليعليه‌السلام للحسين: يا أبا عبدالله أسوة أنت قِدماً(٣) ، فقال: جُعِلتُ فِداك ما حالي؟ قال: عَلِمتَ ما جهلوا، وسينتفع عالِمٌ بما عَلِمَ، يا بنيَّ اسمع وأبصر مِن قبل أن يأتيك، فوالذي نفسي بيده ليَسفكنَّ بنو أميّة دَمَك ثمَّ لا يزيلونك عن دِينك(٤) ، ولا ينسونك ذكرَ ربّك، فقال الحسينعليه‌السلام : والَّذي نفسي بيده حسبي، أقررت بما أنزل الله، وأُصدِّق [ قول ] نبيِّ الله، ولا أكذّب قول أبي ».

حدثني أبيرحمه‌الله ؛ عن سعد بن عبدالله؛ ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين بإسناده مثله.

٣ - وحدثني محمد بن جعفر الرَّزَّاز، عن خاله محمّد بن الحسين، عن نصر ابن مُزاحم، عن عُمَرَ بنِ سعد، عن يزيد بن إسحاقَ، عن هانِئ بن هانِئ، عن

__________________

١ - كذا، وفي البحار: « البصريّ ».

٢ - هو عمر بن سعد بن أبي الصّيد الأسديّ من مشايخ نصر بن مزاحم، وما في جلّ النّسخ: « عمرو بن سعيد » الظّاهر تصحيف هنا وما سيأتي.

٣ - أي ثبت قديماً أنّك اُسوة الخلق، يقتدون بك، أو المصابون يتأسّون بذكر مصيبتك.

٤ - في البحار: « لا يريدونك » أي لا يريدون صرفك عن دينك.

٧٦

عليٍّعليه‌السلام « قال: ليقتل الحسين قتلاً، وإنّي لأعرف تربة الأرض الّتي يقتل عليها قريباً من النَّهرين ».

حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين بإسناده مثله.

٤ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وعليُّ بن الحسين(١) جميعاً، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن أبي الصَّهْبان(٢) ، عن عبدالرَّحمن بن أبي نَجران، عن عاصم بن حُمَيد، عن فَضَيل الرّسّان، عن أبي سعيد عَقيصا(٣) « قال: سمعت الله بن عليٍّعليهما‌السلام وخلا به عبدالله بن الزُّبير وناجاه طَويلاً، قال: ثمَّ أقبل الحسينعليه‌السلام بوَجهه اليهم وقال: إنَّ هذا يقول لي: كنْ حَماماً مِن حَمام الحَرَم، ولأن اُقتل وبيني وبين الحرم باعٌ أحبُّ إليَّ من أن اُقتل وبيني وبينه شِبرٌ، ولأن اُقتل بالطّفّ أحبُّ إليّ من أن اُقتل بالحَرَم ».

٥ - وعنهما(٤) ، عن سعد، عن محمّد بن الحسين، عن صَفوانَ بن يحيى، عن داودَ بن فَرْقَد، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قال عبدالله بن الزُّبير للحسينعليه‌السلام : [و] لو جئتَ إلى مَكّة فكنت بالحرم، فقال الحسين [بن عليٍّ]عليهما‌السلام : لانستحلّها ولا تستحلَّ بنا، ولأن اُقْتَل على تَلِّ أَعْفَرَ(٥) أحبُّ إليَّ مِن أن اُقْتَل بها ».

__________________

١ - كذا في النّسخ، ويظهر من البحار تصحيفه، ففيه: « حدّثني أبي؛ وابن الوليد - إلخ ».

٢ - اسم أبي الصّهبان عبدالجبّار. وفضيل الرّسّان هو ابن الزَبير الأسديّ، عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الباقرعليه‌السلام مرّة، واُخرى من أصحاب الصّادقعليه‌السلام .

٣ - عدَّه الشّيخ في رجاله من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام وقال: اسمه دِينار، يكنّى أبا سعيد، ولقبه عَقيصى، وإنّما لُقّب بذلك لشعرٍ قالَه.

٤ - يعني أباه وعليّ بن الحسين بن بابويه المتقدّم على ما يظهر من المتن.

٥ - قال الجوهريّ: الأعفر: الرَّمل الأحمر، وقال المسعوديّ في المروج: « تلَ أعْفَرَ » من بلاد ديار ربيعة. وفي معجم الحَمَويّ: تلّ أَعْفَرَ هو اسم قلعة وربض بين سِنْجار والموصل في وسط وادٍ فيه نهر جارٍ، وأيضاً: بُلَيدة قرب حصن مَسْلَمَة بن عبدالملك، بين حصن مسلمة والرّقّة من نواحي الجزيرة.

٧٧

٦ - حدَّثني أبيرحمه‌الله ومحمّد بن الحسن(١) ، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن أبيه، عن أبي الجارود، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: إنّ الحسينعليه‌السلام خرج من مكّة قبل التَّروية بيوم فشيَّعة عبدالله بن الزُّبير فقال: يا أبا عبدالله لقد حضر الحجّ وتدعَه وتأتي العِراق؟ فقال: يا ابن الزُّبير لأنْ اُذْفن بشاطىء الفُرات أحبُّ إليَّ مِن أن أذْقن بِفناء الكعبة ».

٧ - حدّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن عليِّ بن إسماعيل بن عيسى، عن صَفوانَ بن يحيى، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « إنّ الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام قال لأصحابه - يوم اُصيبوا -: أشهد أنّه قد أذن في قتلكم فاتَّقوا الله واصبروا ».

حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن خاله محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن عليِّ بن النّعمان، عن الحسين بن أبي العَلاء مثله.

٨ - وحدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن الحلبيِّ « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: إنَّ الحسينعليه‌السلام صلّى بأصحابه الغَداة، ثمَّ التفت إليهم فقال: إنَّ الله قد أذن في قتلكم، فعليكم بالصّبر »(٢) .

٩ - حدّثني الحسن، عن أبيه، عن محمّد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن يَعقوبَ بن شُعَيب، عن حسين بن أبي العلاء « قال: قال: والَّذي رفع إليه العرش لقد حدّثني أبوك بأصحاب الحسين لا ينقصون رَجُلاً ولا يزيدون رَجلاً تعتدي بهم هذه الاُمّة كما اعتدت بنو إسرائيل يوم السبت وقتل يوم السّبت يوم عاشوراء »(٣) .

__________________

١ - يعني ابن الوليد، و « أحمد بن محمّد » هو الأشعريّ و « أبو الجارود » هو زياد بن المنذر.

٢ - قال في البحار: أي قدّر قتلكم في علمه تعالى، ويحتمل أن يكون « آذن » أي أخبر بأنّكم مقتولون.

٣ - هكذا وجدنا الخبر، ولعلّه سقط منه شيءُ. ( البحار ).

٧٨

١٠ - حدّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي(١) ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النَّضر بن سُوَيد، عن يحيى بن عِمرانَ الحلبيِّ، عن الحسين بن أبي العَلاء، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنّ الحسينعليه‌السلام صلّى بأصحابه يوم اُصيبوا، ثمَّ قال: أشهد أنّه قد أذن في قتلِكم، يا قومِ فاتّقوا الله وأصبروا ».

١١ - حدَّثني أبو الحسين محمّد بن عبدالله بن عليٍّ النّاقد قال: حدَّثني عبدالرَّحمن الأسلَميُّ، عن عبدالله بن الحسين، عن عُروةَ بن الزُّبير « قال: سمعت أباذَرٍ - وهو يومئذٍ قد أخرجَهُ عثمان إلى الرَّبذَة - فقال له النّاس: يا أبا ذرَ أبشر، فهذا قليل في الله تعالى، فقال: ما أيسر هذا ولكن كيف أنتم إذا قتل الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام قتلاً - أو قال: ذبح ذبحاً -؟! والله لا يكون في الإسلام بعد قتل الحسين أعظم قتلاً منه، وإن الله سَيسلُّ سيفه على هذه الاُمّة، لا يغمده أبداً، ويبعث ناقماً من ذرّيتّه فينتقم من النّاس، وإنّكم لو تعلمون ما يدخل على أهل البحار وسكّان الجبال في الغِياض والآكام وأهل السَّماء مِن قتله، لبَكيتم والله حتّى تزْهَقَ أنفسُكم، وما مِن سَماءٍ يمرُّ به رُوح الحسينعليه‌السلام إلاّ فزع له سبعونَ ألف مَلَكَ، يقومون قياماً ترعد مفاصِلُهم إلى يوم القيامة، وما مِن سَحابة تَمرُّ وتَرعَد وتَبرَق إلاّ لَعَنَتْ قاتِلَه، وما مِن يومٍ إلاّ وتُعرَض روحُه على رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيلتقيان ».

١٢ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن عبدالجبّار، عن عبدالرّحمن بن أبي نَجرانَ، عن جعفر بن محمّد بن حَكيم، عن عبدالسّمين(٢) - يرفعه إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام - « قال: كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يخطب النّاس و

__________________

١ - كذا في النّسخ، وفي البحار أيضاً، والظّاهر سقط هنا الواسطة بين مشايخه والأشعري، وهو غالباً - كما مرّ كراراً - سعد بن عبدالله.

٢ - كذا، وفي بعض النسخ: « عبيدالسّمين »، وقيل: الظّاهر أنّه عبدالحميد بن أبي العلاء الكوفيّ الشّهير بالسّمين، فما في بعض النّسخ تصحيف. والخبر مذكور في أمالي الصّدوق مسنداً، وفيه، « عبيدالسّمين، عن ابن طريف، عن أصبغ بن نباتة - إلخ ».

٧٩

هو يقول: سَلوني قبل أن تَفْقِدوني؛ فواللهِ ما تَسألوني عن شيء مضى ولا شيء يكون إلاّ نَبّأتكم به، قال: فقام إليه سعد بن أبي وقَاص (١) وقال: يا أمير المؤمنين أخبرني كم في رأسي ولِحْيتي مِن شَعرةٍ، فقال له: والله لقد سألتَني عن مسألةٍ حدَّثني خليلي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّك ستسألني عنها، وما في رأسِك ولحيتك مِن شَعرة إلاّ وفي أصلها شيطان جالس، وأنَّ في بيتك لسَخلاً (٢) يقتل الحسين ابني وعمر يومئذٍ يدرج بين يدي أبيه ».

١٣ - وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن يحيى الخثعميّ، عن طلحةَ بن زَيد، عن أبي عبدالله، عن أبيه، عن جدِّه، عن الحسين بن عليٍّعليهم‌السلام « قال: قال: والّذي نفس حسين بيده لا يهنِّىء بني اُميّة ملكُهم حتّى يقتلوني وهم قاتلي، فلو قد قتلوني لم يصلّوا جميعاً أبداً ولم يأخذوا عطاءً في سبيل الله جميعاً أبداً(٣) ، إنَّ أوَّل قتيل هذه الاُمة أنا وأهل بيتي، والّذي نفس حسينٍ بيده لا تقوم السّاعة وعلى الأرض هاشميٌ يطرف ».

حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد ابن يحيى الخَزّاز، عن طلحة، عن جعفرعليه‌السلام مثله.

١٤ - حدّثني جماعة مشايخي منهم: عليُّ بن الحسين؛ ومحمّد بن الحسن، عن سعد، عن أحمدَ بن محمّد؛ ومحمّد بن الحسين؛ وإبراهيمَ بن هاشم جميعاً، عن الحسن بن عليِّ بن فَضّال، عن أبي جَميلَةَ المفضّل بن صالح، عن شِهاب بن عَبدِ رَبّه، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « أنّه قال: لمّا صعد الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام عَقَبَةَ البطن قال لأصحابه: ما أراني إلاّ مَقتولاً، قالوا: وما ذاك يا أبا عبدالله؟ قال: رؤيا

__________________

١ - كذا، وفيه كلام، راجع تفصيله المجلّد الرّابع والأربعين من البحار ص ٢٥٧.

٢ - السَّخْلة: ولد الشّاة.

٣ - قال العلاّمة المجلسي رحمه الله: لعلّ المعنى: لم يوفّق النّاس للصّلاة جماعةً مع إمام الحقّ ولا أخذ الزّكاة وحقوق الله على ما يحبّ الله‏ إلى قيام القائم عليه السلام، وآخر الخبر إشارة إلى ما يصيب بني هاشم من الفتن في آخر الزمان.

٨٠

رأيتها في المنام، قالوا: وما هي؟ قال: رأيت كِلاباً تَنهشني؛ أشدُّها عليَّ كلبٌ أبقع ».

١٥ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن عليِّ بن إسماعيل بن عيسى؛ ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن عَمرو بن سعيد الزّيّات، عن عبدالله بن بُكير، عن زُرارة، عن ابي جعفرعليه‌السلام « قال: كتب الحسين بن عليٍّ مِن مكّة إلى محمّد بن عليٍّ: « بِسم الله الرَّحمن الرَّحيم؛ مِن الحسين بن عليٍّ إلى محمَّد بن عليٍّ(١) ومَن قَبِلَه مِن بني هاشم؛ أمّا بعد فإنَّ مَنْ لَحِقَ بي اسْتُشْهِد، ومَنْ لَم يَلْحَقْ بي لم يُدرِكِ الفَتْحَ؛ والسَّلام » ».

قال محمّد بن عَمرو: حدَّثني كِرام عبدالكريم بن عَمرو، عن مَيْسَر بن عبدالعزيز، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: كتب الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام إلى محمّد بن عليٍّ من كربلاء: « بِسْم الله الرَّحمنِ الرَّحيم؛ مِن الحسين بن عليٍّ إلى محمَّد بن عليٍّ ومَن قِبَلَه مِنْ بني هاشم، أمّا بعد، فكأنَّ الدُّنْيا لَمْ تَكُنْ، وكأنَّ الآخِرَةَ لمْ تَزَلْ، والسَّلام » ».

الباب الرّابع والعشرون

( ما استدلَّ به على قتل الحسين بن عليٍّ عليهما السلام في البلاد)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد - عن رَجل - عن يحيى بن بشير « قال: سمعت أبا بصير يقول: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : بعث هِشام بن عبدالمَلِك إلى أبي فأشخصه إلى الشّام، فلمّا دخل عليه قال له: يا أبا جعفر أشخصناك لنَسْألك عن مسألةٍ لم يصلح أنْ يسألك عنها غَيري، ولا أعلم في الأرض خَلْقاً ينبغي أنْ يعرف أو عرف هذه المسألة إن كان إلاّ واحداً، فقال أبي: ليسألني أمير المؤمنين عمّا أحبَّ، فإن عَلِمتُ أُجبتُ ذلك؛ وإن لم أعْلَمْ قلتُ: لا أدري؛ وكان الصّدق

__________________

١ - يعني أخاه ابن الحنفيّةرضي‌الله‌عنه .

٨١

أولى بي، فقال هِشام: أخبرني عن اللَّيلة الّتي قُتِل فيها عليُّ بن أبي طالب بما استدلَّ به الغائب عن المصر الَّذي قُتل فيه على قتله، وما العَّلامة فيه للنّاس فإن علمتَ ذلك وأجبتَ فأخبرني هَلْ كان تلك العَلامة لغير عليٍّ في قَتلِه، فقال له أبي: يا أمير المؤمنين إنّه لمّا كان تلك اللّيلة الّتي قُتِلَ فيها أمير المؤمنين لم يرفع عن وجه الأرض حَجَرٌ إلاّ وُجِدَ تحته دَمٌ عَبيط حتّى طلع الفَجر، وكذلك كانت الليلة الَّتي قتل فيها هارون أخو موسى، وكذلك كانتِ اللَّيلة التي قتل فيها يوشع بن نون، وكذلك كانتِ الليلة التي رفع فيها عيسى بن مَريم إلى السّماء، وكذلك كانتِ اللَّيلة الَّتي قتل فيها شَمعون بن حمون الصّفا، وكذلك كانت الليلة التي قتل فيها علي بن أبي طالب، وكذلك كانتِ اللَّيلة الَّتي قتل فيه الحسين بن عليٍّ.

قال: فتربَّد(١) وجهُ هِشام حتّى انتُقع لَونُه(٢) وهَمَّ أن يبطش بأبي، فقال له أبي: يا أمير المؤمنين الواجب على العِباد الطّاعة لإمامهم والصِّدق له بالنَّصيحة؛ وإنَّ الَّذي دعاني إلى أن اُجيب أمير المؤمنين فيما سألني عنه مَعرفتي إيّاه بما يجبُ له عليَّ مِن الطّاعة؛ فليحسن أمير المؤمنين عليَّ الظَّنَّ، فقال له هِشام: انصرف إلى أهلك إذا شِئت، قال: فخرج فقال له هِشام عن خروجه: أعطِني عهدَ الله وميثاقَه أن لا توقع هذا الحديث إلى أحَدٍ حتّى أموت، فأعطاه أبي مِن ذلك ما أرضاه - وذكر الحديث بطوله - »(٣) .

__________________

١ - تربَّدَ وجه فلانٍ أي تغيّر مِن الغضب.

٢ - على بناء المجهول، أي تغيَّر مِن حزنٍ أو سرورٍ.

٣ - ما جاء في هذا الباب كان ممّا تواتر عند المحدِّثين والمؤخِّرين مِن العامّة والخاصَّة واعترف به المخالفون، راجع تفاسيرهم ذيل قوله تعالى: «فما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ - الآية » [الدّخان: ٢٩] وأيضاً تفسير الدّرّ المنثور ج ٦ ص ٣٠، وتاريخ دمشق لابن عساكر ج ٧ ص ١٤٨، والخصائص الكبرى ج ٢ ص ١٢٦، وتهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني ج ٢ ص ٢٥٤، وتاريخ الخلفاء للسّيوطيّ، ومجمع الزَّوائد للهيثميّ، وغيرهم من العامّة، وجلّ المحدّثين من الخاصّة. نقل ابن عساكر بإسناده عن ابن سيرين أنّه قال: « لم تبك السَّماءُ على أحدٍ

٨٢

٢ - حدَّثني أبو الحسين أحمد بن عبدالله بن عليٍّ النّاقِد(١) قال: حدَّثني عبدالرَّحمن البلخيُّ. وقال لي أبو الحسين: وأخبرني عمّي عن أبيه، عن أبي نَضْرة

__________________

بعد يحيى بن زَكريّا إلاّ على الحسن بن عليّ »عليه‌السلام ، وقال: « لم نكن نرى هذه الحمرة في السَّماء حتّى قُتل الحسين بن عليٍّ »عليهما‌السلام ، وعن خلف بن خليفة، عن أبيه قال: « لمّا قتل الحسين اسودَّتِ السّماءُ وظهرتِ الكواكب نهاراً، حتّى رأيتُ الجَوزاء عند العصر وسقط التراب الأحمر ». وعن خَلاّد - وكان ينزل بني جُحدر - قال: « حدَّثتني اُمّي، قالتْ: كنّا زماناً بعد مقتل الحسين، وإنَّ الشَّمس تطلع محمرَّة على الحيطان والجدر بالغداة والعشيّ، قالت: وكانوا لا يرفعون حَجَراً إلاّ يوجد تحته دم »، وعن نصرة الأزديّة قالت: « لمّا أنْ قتل الحسين مطرتِ السَّماء دماً، فأصبحت وكلّ شيءٍ لنا ملآن دَماً » وعن جعفر بن سالم قال: حدَّثَتْني خالتي اُمّ سالم قالت: « لمّا قتل الحسين مطرنا مطراً كالدَّم على البيوت والجدر، قال: وبلغني أنّه كان بخراسان والشّام والكوفة »، وقال بوّاب عبيدالله بن زياد: « لمّا جيء برأس الحسين فوضع بين يديه رأيت حيطان دار الإمارة تَسايَل دَماً »، وعن اُمّ حيّان قالت: « يوم قتل الحسين أظلمت علينا ثلاثاً، ولم يَمَسَّ أحدٌ مِن زعفرانهم شيئاً فجعله على وجهه على وجهه إلاّ احترق، لم يقلب حجر ببيت المقدس إلاّ أصبح تحته دم عبيط ». ( العبيط من الدَّم: الخالص الطّريّ ).

وعن محمّد بن عمر بن عليّ: « أرسل عبدالملك إلى ابن رأس الجالوت فقال: هل كان في قتل الحسين عَلامَة؟ قال ابن راس الجالوت: ما كشف يومئذٍ حجر إلاّ وجد تحته دم عبيط ».

وقال الحافظ نور الدّين عليّ بن أبي بكر الهيثميّ في كتابه المعروف بـ « مجمع الزّوائد » ( ج ٩ ص ١٩٦، دار الكتاب: بيروت - لبنان ) روى الطّبراني بسند - رجاله ثقات - عن الزُّهريّ « قال: قال لي عبدالملك: أيّ واحد أنت إن أعلمتني أيّ علامة كانت يوم قتل الحسين؟ فقال: قلت: لم ترفع حصاة ببيت المقدس إلاّ وجد تحتها دم عبيط، فقال لي عبدالملك، إنّي وإيّاك في هذا الحديث لقرينان ».

وعن الزّهريّ « قال: ما رفع بالشّام حجرٌ يوم قتل الحسين بن عليّ إلاّ عن دم »، وقال: رواه الطّبراني ورجاله رجال الصّحيح.

وعن اُمّ حكيم « قالت: قتل الحسين وأنا يومئذ جويرية، فمكثتِ السّماء أيّاماً مثل العلقة »، قال: رواه الطّبرانيّ ورجاله إلى اُمّ حكيم رجال الصّحيح. أقول: « اُمّ حكيم » صَحابيّة.

١ - تقدّم في ص ٧٤ وفيه: « محمّد بن عبدالله بن عليّ النّاقد، عن عبدالرّحمن الأسلميّ ».

٨٣

- عن رَجل من أهل بيت المقدس - « أنّه قال: والله لقد عرفنا أهل بيت المَقْدِس ونواحيها عَشيّةَ قتل الحسين بن عليٍّ [عليهما‌السلام ]، قلت: وكيف ذاك؟ قال: ما رَفعنا حَجَراً ولا مَدَراً ولا صخراً إلاّ ورأينا تحتها دَماً عَبيطاً يغلي، واحمرَّت الحيطان كالعلق، ومطر ثلاثة أيّام دَماً عَبيطاً، وسمعنا منادياً ينادي في جوف اللّيل يقول:

أَتَرْجُو اُمَّةٌ قَتَلَتْ حُسَيْناً

شَفاعَةَ جَدِّهِ يَومَ الحسابِ

مَعاذَ اللهِ! لا نِلْتُمْ يَقيناً

شَفاعةَ أحْمَدَ وَأبي تُرابِ

قَتَلْتُمْ خَيْرَمَنْ رَكبَ الْمَطايا

وَخَيْرَ الشَّيْبِ طَرّا وَالشَّبابِ

 وانكسفت الشَّمس ثلاثة أيّام(١) ثمَّ تجلّت عنها وانشبكت النُّجوم(٢) ، فلمّا كان مِنَ الغَد اُرجفنا بقتله، فلم يأت علينا كثير شيءٍ حتّى نعي إلينا الحسينعليه‌السلام ».

٣ - حدَّثنا أبو الحسن أحمدَ بن عبدالله بن عليٍّ النّاقد بإسناده قال: قال عُمَر ابن سعد: حدَّثني أبو معشر، عن الزُّهريّ « قال: لمّا قتل الحسينعليه‌السلام لم يبق في بيتِ المَقْدِس حصاةٌ إلاّ وجد تحتها دمٌ عَبيط ».

الباب الخامس والعشرون

( ما جاء في قاتل الحسين وقاتل يحيى بن زكريّا عليهم السلام)

١ - حدَّثني أبي - رحمه الله تعالى -؛ وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى؛ ومحمّد بن الحسين بن أبي الخّطاب، عن جعفر بن بشير، عن حمّاد، عن كُلَيْب بن مُعاويةَ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: كان قاتل

__________________

١ - في البحار: « انكسفت الشّمس ثلاثاً ». والمراد: أنّا رأيناها منكسفاً في أعيننا.

٢ - كذا في النّسخ، وفي البحار أيضاً، والصّواب: « اشتبكت النّجوم »، وفي اللّسان: اشتبكت النّجوم: أي ظهرت جميعها واختلط بعضها ببعض لكثرة ما ظهر منها.

٨٤

يحيى بن زَكريّا ولد زنا، وكان قاتل الحسينعليه‌السلام ولد زنا، ولم تبكِ السَّماء إلاّ عليهما ».

حدّثني محمّد بن الحسن؛ ومحمّد بن أحمد بن الحسين جميعاً، عن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار، عن أبيه، عن الحسن، عن فَضالَةَ بن أيّوب، عن كُلَيْب بن معاوية الأسديِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام مثله.

٢ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن إبراهيم بن هاشم، عن عثمان بن عيسى، عن عَمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنَّ في النار لمنزلة لم يكن يستحقّها أحدٌ من النّاس إلاّ قاتل الحسين بن عليٍّ، ويحيى بن زكريّاعليهم‌السلام ».

٣ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وعليُّ بن الحسين، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد، عن محمّد بن سِنان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سمعته يقول: تقتل واللهِ ذَراري قَتَلَةِ الحسين بفعال آبائها »(١) .

٤ - حدَّثني أبيرحمه‌الله ومحمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن ابن بُكَير، عن زُرارةَ، عن عبدالخالق، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: كان قاتل الحسينعليه‌السلام ولد زنا، وقاتل يحيى بن زَكريّا ولد زنا ».

٥ - حدَّثني محمّد بن جعفر القرشيُّ الرَّزّاز، عن خاله محمّد بن الحسين بن أبي الخّطاب، عن عليّ بن النّعمان، عن مُثنّى، عن سَدِير « قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: إنَّ الله [جلَّ وعَزَّ] جعل قتل أولاد النَّبيّين من الاُمم الماضية(٢) على يدي أولاد زنا ».

٦ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن صَفوان بن يحيى، عن داود بن فَرقَد، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: كان الّذي قتل الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام ولد زنا، والَّذي قتل يحيى بن زَكريّا ولد زنا ».

__________________

١ - لأنّهم يرضون بفعال آبائهم.

٢ - في البحار: « في الأمم الماضية ».

٨٥

٧ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن عليِّ بن أسباط، عن إسماعيلَ بن أبي زياد - عن بعض رجاله - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « في قول فرعونَ: « ذَرُوني أقتُلْ مُوسى(١) »، فقيل له: مَن كان يمنعه؟ قال: كان لَرِشْذَة(٢) ، لأنَّ الأنبياء والحُجَج لا يقتلهم إلاّ أولاد زنا والبغايا ».

وحدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله بن أبي خلف، عن محمّد بن الحسين بهذا الحديث(٣) .

٨ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عُمَير - عن بعض أصحابه - عن ابن مُسكان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قاتل الحسين بن عليِّ ولد زنا ».

٩ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله ومحمّد بن الحسن، عن سعد بن عبدالله، عن إبراهيم بن هاشم، عن عثمانَ بنِ عيسى، عن عَمرِو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: لا يقتل النَّبيّين وأولاد النَّبيّين إلاّ أولاد زنا ».

١٠ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله؛ وعبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أحمدَ بن أبي عبدالله البرقيِّ، عن أبيه محمّد بن خالد، عن عبدالعظيم ابن عبدالله بن عليِّ الحَسَنيِّ، عن الحسن بن الحسين العَمريّ، عن الحسين بن شَدّاد الجعفيِّ، عن جابر، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يقتل الأنبياء وأولاد الأنبياء إلاّ ولد زنا ».

١١ - حدّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن أحمدَ بنِ محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليِّ بن الفَضّال، عن مَروان بن مسلم، عن إسماعيلَ بن كثير « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: كان قاتل الحسين بن عليٍّ ولد زنا، وكان قاتل يحيى بن زكريّا ولد زنا، ولم تبكِ السّماء والأرض إلاّ لهما - وذكر الحديث - ».

__________________

١ - غافر: ٢٦.

٢ - الرَشدة - بفتح الرّاء وكسرها -: « ضدّ الزّنية، يقال: ولد لرشدة.

٣ - في بعض النّسخ: « بهذه الأحاديث ».

٨٦

الباب السّادس والعشرون

( بكاء جميع ما خلق الله على الحسين بن عليٍّ عليهما السلام)

١ - حدَّثني محمّد بن جعفر الرزاز القُرَشيُّ قال: حدَّثني خالي محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن إسماعيلَ بنِ بزيع، عن ابي إسماعيلَ السّرّاج(١) ، عن يحيى بن مُعمّر العطّار، عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: بكتِ الإنس والجنّ والطّير والوحش على الحسين بن عليعليهما‌السلام حتّى ذَرَفَتْ دُمُوعها(٢) ».

وحدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله بن أبي خلف؛ ومحمّد بن يحيى العطّار جميعاً، عن محمّد بن الحسين بإسناده مثله.

٢ - حدّثني أبي - رحمه الله تعالى - وعليُّ بن الحسين، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن أحمدَ بن أبي داود، عن سعد [بن] أبي عمر الجَلاّب(٣) ، عن الحارث الأعور « قال: قال عليُّعليه‌السلام : بأبي واُمي؛ الحسين المقتول بظهر الكوفة، واللهِ كأنّي أنظر إلى الوحوش مادّة أعناقها على قبره من أنواع الوحش، يبكونه ويرثونه ليلاً حتّى الصّباح، فإذا كان ذلك فإيّاكم والجفاء(٤) ».

٣ - وحدَّثني محمّد بن جعفر القرشيُّ الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحسن بن عليّ بن أبي عثمان، عن عبدالجبّار النّهاونديّ، عن أبي سعيد، عن الحسين بن ثُوَيْر بن أبي فاخِتَه؛ ويونس بن ظَبْيان؛ وأبي سَلَمة -

____________

١ - هو عبدالله بن عثمان بن عمرو الفزاريّ الثّقة، روى عن أبي عبداللهعليه‌السلام . ( صه. جش ).

٢ - ذَرَفَ الدّمع ذَرْفاً وذَرَفاناً: سال.

٣ - في البحار: « عن سعيد بن [أبي] عمرو الجلاّب ». وسيأتي الخبر في الباب ٩٧.

٤ - الجفاء: البعد عن الشّيء، وترك الصّلة والبرّ، وغلظ الطّبع، والأوسط هنا أظهر. ( البحار ).

٨٧

السَّرَّاج؛ والمفضّل بن عُمَرَ كلّهم قالوا: « سمعنا أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: إنّ أبا عبدالله الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام لمّا مضى بكت عليه السَّماوات السَّبع والأرضون السَّبع وما فيهنَّ وما بينهنّ ومَن ينقلب عليهنَّ، والجنَّة والنّار، وما خلق ربّنا وما يرى وما لا يرى ».

وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين، عن الحسن بن عليٍّ بن أبي عثمان بإسناده مثله.

٤ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن الحسين بن عبيدالله، عن الحسن بن عليّ بن أبي عثمان، عن عبدالجبّار النّهاونديّ، عن أبي سعيد، عن الحسين بن ثُوير؛ ويونس؛ وأبي سَلَمة السَّرّاج؛ والمفضّل بن عُمَرَ « قالوا: سمعنا أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: لمّا مضى الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام بكى عليه جميع ما خلق الله إلاّ ثلاثة أشياء البصرة ودمشق وآل عثمان ».

٥ - حدّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن الحسن بن راشد، عن الحسين بن ثُوَير « قال: كنت أنا ويونس بن ظَبيان والمفضّل بن عُمَر وأبو سلمة السَّرّاج جلوساً عند أبي عبداللهعليه‌السلام فكان المتكلّم يونسُ، وكان أكبرنا سِنّاً وذكر حديثاً طويلاً يقول، ثمَّ قال أبو عبداللهعليه‌السلام : إنّ أبا عبداللهعليه‌السلام لمّا مضى بكتْ عليه السّماوات السّبع والأرضون السّبع وما فيهنَّ وما بينهنّ، وما ينقلب في الجنّة والنّار مِن خلق ربِّنا، وما يرى وما لا يرى بكى على أبي عبدالله، إلاّ ثلاثة أشياء لم تَبْكِ عليه، قلت: جُعِلتُ فِداكَ ما هذه الثّلاثة أشياء؟ قال: لم تَبْكِ عليه البصرة ولا دَمشق ولا آل عثمان بن عَفّان - وذكر الحديث ».

٦ - وحدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حمّاد البصريّ، عن عبدالله ابن عبدالرَّحمن الأصمّ، عن أبي يعقوبَ، عن أبان بن عثمان، عن زُرارَةَ « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : يا زُرارَة إنَّ السّماء بكت على الحسين أربعين صباحاً بالدَّم؛ و

٨٨

إنَّ الأرض بَكَتْ أربعين صباحاً بالسَّواد؛ وإنَّ الشَّمس بَكَتْ أربعين صباحاً بالكُسوف والحُمرَة؛ وإنَّ الجبال تَقَطعتْ وانْتَثَرتْ؛ وإنَّ البحار تَفجَّرت؛ وإنَّ الملائكة بَكَت أربعين صباحاً على الحسينعليه‌السلام ، وما اخْتَضَبتْ منّا امرءةٌ ولا ادَّهَنتْ ولا اكْتَحَلتْ ولا رَجَّلتْ حتّى أتانا راس عبيدالله بن زياد، ومازلنا في عَبرةٍ (١) بعده، وكان جدِّي إذا ذكره بكى حتّى تملأ عيناه لحيته، وحتّى يبكي لبكائه - رحمة له - مَن رَآه، وإنَّ الملائكة الَّذين عند قبره ليَبكون، فيبكي لبكائهم كلُّ مَن في الهَواءِ والسَّماء من الملائكة، ولقد خرجتْ نفسهعليه‌السلام فزَفَرَتْ جهنَّمُ زَفْرَةً كادتِ الأرض تنشقّ لزَفْرَتها، ولقد خَرَجتْ نفسُ عبيدالله بن زياد ويزيدَ بن معاويةَ [لعنهم الله]، فشَهِقَتْ جهنَّم شَهْقَة لولا أنَّ الله حبسها بخزّانها لاُحْرقتْ مَن على ظهر الأرض مِن فَورها، ولو يؤذن لها ما بقي شيء إلاّ ابْتلَعتْه، ولكنّها مأمورةٌ مصفودَةٌ ولقد عَتَتْ على الخُزَّان غير مرَّةٍ حتّى أتاها جبرئيل فضربها بجناحِه فَسَكَنتْ، وإنّها لتبكيه وتَنْدُبه، وإنّها لتتلظّى على قاتِله، ولولا مَن على الأرض مِن حُجَج الله لنقضتِ الأرض وأكفأتْ [بـ]ـما عليها، وما تكثر الزَّلازل إلاّ عند اقتراب السّاعة؛

وما من عَين أحبُّ إلى الله؛ ولا عَبرةٌ مِن عين بَكتْ ودَمَعَت عليه، وما مِن باكٍ يبكيه إلاّ وقد وصل فاطمةعليها‌السلام وأسعدها عليه(٢) ووصَلَ رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأدّى حقّنا، وما من عبد يُحشَرُ إلاّ وعيناه باكيةً إلاّ الباكين على جدِّيَ الحسينعليه‌السلام ، فإنّه يحشر وعينه قَريرة، والبشارة تلقاه والسّرور [بيّن] على وجهه، والخلق في الفزع وهم آمنون، والخلق يعرضون وهم حدّاث الحسينعليه‌السلام تحت العرش وفي ظلِّ العرش، لا يخافون سوءَ يوم الحساب، يقال لهم: ادخلوا الجنّة، فيأبون ويختارون مجلسه وحديثه، وأنَّ الحور لترسل إليهم أنّا قد اشتقناكم مع الولدان المخلّدين فما يرفعون رؤوسهم إليهم لما يرون في مجلسهم

__________________

١ - العَبْرَة: الدَّمعة قبل أن تفيض، وقيل: تردّد الكباء في الصّدر، وقيل: الحزن بلا بكاء ( أقرب الموارد ) ورجَل الشَّعر: سرّحه.

٢ - أسعدها أي عاونها.

٨٩

مِنَ السُّرور والكَرامَة، وإنَّ أعداءَهم مِن بين مَسْحوب (١) بناصيته إلى النّار، ومِن قائل: « ما لَنا مِن شافِعينَ وَلا صَدِيقٍ حَميم (٢) »؛

وإنّهم ليرون منزلهم، وما يقدرون أن يدنوا إليهم ولا يصلون إليهم، وإنَّ الملائكة لتأتيهم بالرِّسالة مِن أزواجهم ومِن خُزّانهم(٣) على ما اُعطوا مِن الكَرامة فيقولون: نأتيكم إن شاء الله، فيرجعون إلى أزواجهم بمقالاتهم، فيزدادون إليهم شوقاً إذا هم خبّروهم بما هم فيه مِنَ الكَرامة وقُربهم مِن الحسينعليه‌السلام ، فيقولون: الحمدلله الَّذي كفانا الفَزَع الأكبرَ، وأهوال القيامة، ونجّانا ممّا كنّا نخاف، ويؤتون بالمراكب والرِّحال على النَّجائب(٤) ، فيستوون عليها، وهم في الثَّناء على الله والحمد ‏لله والصَّلاة على محمَّدٍ وآله، حتّى يَنْتَهوا إلى منازلهم ».

٧ - حدَّثني محمّد بن عبدالله(٥) ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حمّاد البَصريِّ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ، عن عبدالله بن مُشكانَ، عن أبي بصير « قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام [و] اُحدِّثه، فدخل عليه ابنُه فقال له: مَرْحباً، وضَمَه وقَبَّله، وقال: حَقَر اللهُ مَن حَقّركم، وانتقم مِمَّن وَتَركم(٦) ، وخَذَلَ الله مَن خَذلكم، ولعن الله مَن قتلكم، وكان اللهُ لكم وليّاً وحافظاً وناصراً، فقد طال بُكاء النِّساء وبُكاء الأنبياء والصِّدّيقين والشّهداء وملائكة السَّماء، ثمَّ بكى وقال: يا أبا بصير إذا نظرتُ إلى وُلْدِ الحسين أتاني ما لا أملكه بما اُتي إلى أبيهم وإليهم، يا أبا بصير إنّ فاطمةعليها‌السلام لتبكيه وتشهق، فتَزْفِر جهنَّم زَفْرَة لولا أنَّ الخَزَنة يسمعون بُكاءَها وقد

__________________

١ - سَحَبَه أي جرّه على وجه الأرض.

٢ - مقتبسٌ من الآية ١٠٠ من سورة الشّعراء. وفيه: « فما لنا الآية ».

٣ - في بعض النّسخ: « من خدّامهم ». وفي البحار مثل ما في المتن.

٤ - النَّجائب جمع النَّجيبة، مؤنّث النَّجيب، وهو الكريم الحسيب من الإنسان والحيوان، يقال: رجلٌ وجمل نجيب. ( أقرب الموارد ).

٥ - يعني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميريّ.

٦ - أي ظلمكم.

٩٠

استَعدُّوا لذلك مَخافة أنْ يخرج منها عُنُق أو يَشْرَر (١) دُخانها فيحرق أهل الأرض فيَكْبَحونها (٢) ما دامَتْ باكية، ويزجُرونها ويستوثِقون من أبوابها مَخافةً على أهل الأرض، فلا تَسْكنْ حتّى يسكن صوتُ فاطمةعليها‌السلام .

وإنّ البِحار تَكاد أنْ تَنْفَتِق(٣) فيدخل بعضها على بعض، وما منها قَطرةٌ إلاّ بها ملكٌ مُوَكّل، فإذا سمع الملك صوتَها أطفأ نارها بأجْنِحَته(٤) ، وحبس بعضها على بعض مخافةً على الدُّنيا وما فيها ومَن على الأرض، فلا تزال الملائكة مُشفِقين يبكون لبكائِها، ويدعون الله ويتضرَّعون إليه، ويتضرَّع أهلُ العرش ومَن حَوله؛

وترتفع أصواتٌ مِن الملائكة بالتَّقديس للهِ مَخافةً على أهل الأرض، ولو أنّ صوتاً مِن أصواتهم يصل إلى الأرض لصَعِق أهلُ الأرض وتقطّعتِ الجبال(٥) وزَلزلتِ الأرض بأهلها.

قلت: جُعِلتُ فداك إنَّ هذا الأمر عظيم! قال: غَيرُه أعظمُ منه ما لم تسمعه، ثمّ قال لي: يا أبا بصير أما تحبُّ أن تكون فيمن يُسعد فاطمةعليها‌السلام ؟ فبكيت حين قالها فما قدرت على النّطق، وما قدر ( كذا ) على كلامي من البكاء(٦) ، ثمَّ قام إلى المصلّى يدعو، فخرجت مِن عنده على تلك الحال، فما انتفعت بطعام وما جاءَني النَّوم، وأصبحت صائماً وَجِلاً(٧) حتّى أتيته، فلمّا رَأيته قد سكن سكنتُ، وحمدتُ الله حيث لم تُنزل بي عُقوبة ».

__________________

١ - الشَّرَر - محرّكة -: ما يتطاير من النّار.

٢ - كبحتَ الدّابّه: إذا جذبتها إليك باللِّجام لكي تقف ولا تجري.

٣ - أي تنشقّ، أو تشقّق.

٤ - نأرت النّائرة نأراً: هاجت، والمراد ثوران الماء وغليانها.

٥ - في البحار: « تقلّعت الجبال ».

٦ - في البحار: « وما قدرت على كلامي من البكاء ».

٧ - أي خوفاً.

٩١

الباب السّابع والعشرون

( بُكاء الملائكة على الحسين بن عليٍّ عليهما السلام)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن رِبْعيِّ ابن عبدالله، عن الفَضيل بن يَسار، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: ما لكم لا تأتونه - يعني قبر الحسينعليه‌السلام - فإنَّ أرْبعة آلاف ملكٍ يبكونـ[ـه] عند قبره إلى يوم القيامة ».

٢ - وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن موسى بن سَعْدانَ، عن عبدالله بن القاسم، عن عُمر بن أبانَ الكلبيِّ، عن أبان ابن تَغلب « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : إنَّ أربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القِتال مع الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام ، لَمْ يؤذن لهم في القتال فرجعوا في الاستيذان فهبطوا وقد قتل الحسينعليه‌السلام فهم عند قبره شُعْثٌ غُبْرٌ يبكونه إلى يوم القيامة، رئيسهم ملك يقال له: المنصور ».

٣ - وحدّثني أبيرحمه‌الله وجماعةُ مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن عليَّ بن إسماعيل بن عيسى، عن حمّاد بن عيسى، عن رِبْعيّ، عن الفضيل بن يَسار « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : ما لكم لا تأتونه - يعني قبر الحسينعليه‌السلام - فإنَّ أربعة آلاف ملك يبكون عنده إلى يوم القيامة ».

٤ - وحدّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السَّرَّاج، عن يحيى بن مُعمّر العطّار، عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: أربعة آلاف ملك شُعْثٍ غُبرٍ يبكونه إلى يوم القيامة ».

٥ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله وعليُّ بن الحسين جميعاً، عن سعد بن عبدالله،

٩٢

عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزةَ، عن أبي بصير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: وكّل الله تعالى بالحسينعليه‌السلام سبعين ألف مَلَك يصلّون عليه كلَّ يوم شُعثاً غبراً منذ يوم قتل إلى ما شا الله - يعني بذلك قيام القائمعليه‌السلام - ».

٦ - وعن سعد، عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن فضّالَ، عن ثعلبَةَ(١) ، عن مبارك العطّار، عن محمّد بن قيس « قال لي أبو عبداللهعليه‌السلام : عند قبر الحسينعليه‌السلام أربعة آلاف مَلَك شُعثٍ غُبرٍ يَبكونه إلى يوم القيامة ».

٧ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله ومحمّد بن الحسن؛ وعليِّ بن الحسين جميعاً، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن إسحاقَ بن إبراهيم، عن هارون(٢) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: وكّل الله به(٣) أربعة آلاف مَلَك شُعثٍ غُبرٍ يبكونه إلى يوم القيامة ».

٨ - حدّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصَّفّار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن صَفوان بن يحيى، عن حَريز، عن الفضيل، عن أحدهما(٤) عليهما‌السلام « قال إنّ على قبر الحسينعليه‌السلام أربعة آلاف مَلَك شُعثٍ غُبرٍ يبكونه إلى يوم القيامة - قال محمّد بن مسلم: يَحرُسُونه - ».

٩ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن العبّاس بن معروف، عن حمّاد بن عيسى، عن رِبْعي « قال: قلت

__________________

١ - يعني ابن ميمون، كان وجهاً في أصحابنا، قارياً فقيهاً، كان حسن العمل، كثير العبادة والزّهد، روى عن الصّادق الكاظم عليهما السالم قصه. جش ).

٢ - هو هارون بن خارجة الصّيرفي الثّقة، كما هو مذكور في الكافي.

٣ - أي بقبر الشهيد المفدّى الحسين عليه الصلاة السلام. والخبر بهذا السّند مذكور في الكافي بزيادة، وهي: « وكّل الله بقبر الحسينعليه‌السلام أربعة آلاف - إلخ ». وسيأتي الخبر مع زيادته مثل ما في الكافي في الباب ٧٧ تحت رقم ١.

٤ - يعني الإمامين الباقر والصادقعليهما‌السلام .

٩٣

لأبي عبداللهعليه‌السلام - بالمدينة -: أين قبور الشُّهداء؟ فقال: أليس أفضل الشُّهداء عندكم؟! والَّذي نفسي بيده إنَّ حوله أربعة آلاف مَلَكٍ شُعثٍ غُبرٍ يبكونه إلى يوم القيامة ».

وحدَّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصَّفّار، عن العبّاس بن معروف مثله.

١٠ - وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزّاز قال: حدَّثني محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي إسماعيل السَّرَّاج، عن يحيى بن مُعَمّر العطّار، عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال أربعة آلاف مَلَك شُعثٍ غُبر يبكون الحسين إلى يوم القيامة، فلا يأتيه أحدٌ إلا استقبلوه، ولا يمرض أحدٌ اإلاّ عادوه، ولا يموت أحدٌ إلاّ شَهدوه ».

وحدّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين بإسناده مثله.

١١ - وحدّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن الحسن بن عليِّ ابن عبدالله بن المغيرة، عن العبّاس بن عامر، عن أبان(١) ، عن أبي حمزة الثّماليِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنّ الله وكّل بقبر الحسينعليه‌السلام أربعة آلاف مَلك شُعثٍ غُبر يبكونه من طلوع الفجر إلى زَوال الشَّمس، فإذا زالتِ الشَّمس هبط أربعةُ آلاف مَلكَ وصَعد أرْبعة آلاف ملك، فلم يزل يبكونه حتّى يطلع الفجر - وذكر الحديث - ».

١٢ - حدَّثني أبيرحمه‌الله ومحمّد بن عبدالله، عن عبدالله بن جعفر الحميريّ، عن إبراهيم بن مَهزيار، عن أخيه عليٍّ بن مَهزيار، عن أبي القاسم(٢) ، عن القاسم بن محمّد، عن إسحاق بن إبراهيمَ، عن هارون « قال: سأل رجلٌ

__________________

١ - يعني ابن عثمان الأحمر البجليّ، روى عن الصّادق والكاظمعليهما‌السلام .

٢ - كأنّه الصّيقل وهو مهمل. ويحتمل أن يكون « عن أبي القاسم » من زيادات النّسّاخ، لأن عليٍّ بن مهزيار يروي عن القاسم بن محمّد الجوهري بدون واسطة.

٩٤

أبا عبداللهعليه‌السلام - وأنا عنده - فقال: ما لمن زارَ قبر الحسينعليه‌السلام ؟ فقال: إنَّ الحسينعليه‌السلام لمّا اُصيب بَكَتْه حتّى البلاد، فوكّل اللهُ به أربعةَ آلاف مَلَك شُعْثاً غُبراً، يبكونه إلى يوم القيامة - وذكر الحديث (١) - ».

١٣ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين، عن الحسن بن محبوب، عن صَبَاح الحَذّاء(٢) ، عن محمّد بن مَروانَ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سمعته يقول: زُوروا الحسينعليه‌السلام ولو كلَّ سَنَة، فإنَّ كلَّ مَن أتاه عارفاً بحقِّه غير جاحِد لم يكن له عِوَضٌ غير الجنّة، ورُزِق رِزْقاً واسعاً، وأتاه الله بِفَرَج عاجِل، إنّ الله وكَّل بقبر الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام أربعة آلاف مَلَكٍ، كلّهم يبكونه، ويشيّعون مَن زاره إلى أهله، فإنْ مرض عادوه، وإنْ ماتَ شهدوا جنازته بالاستغفار له والتَرحّم عليه ».

حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب بإسناده مثله.

١٤ - وحدَّثني أبي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن سَيف بن عَمِيرةَ، عن بكر بن محمّد، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: وكّل الله بقبر الحسينعليه‌السلام سبعين ألف ملكٍ شُعْثاً غُبراً بيكونه، إلى يوم القيامة، يصلّون عنده، الصَّلاة الواحدة مِن صلواتهم تعدل ألف صلاة مِن صلاة الآدميّين، يكون ثواب صَلَواتهم وأجر ذلك لِمَن زار قبره ».

١٥ - وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب عن صَفوانَ بن يحيى، عن حَنان بن سَدِير، عن مالك الجهنِّي، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنّ الله وكّل بالحسينعليه‌السلام ملكاً(٣) في أربعة آلاف ملك يبكونه ويستغفرون لزوَّاره ويدعون الله لهم ».

__________________

١ - سيأتي الخبر بتمامه في الباب السّابع والسّبعين تحت رقم ٨.

٢ - هو صبّاح - بفتح الصّاد وتشديد الباء الموحّدة - ابن صَبيح - كشريف - الحَذّاء الفزاريّ، مولاهم، ثقة، روى عن الصّادقعليه‌السلام .

٣ - يقال له: المنصور، كما مرّ.

٩٥

١٦ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميريُّ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حمّاد البصريّ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ قال: حدَّثنا الهَيْثم بن واقِد، عن عبدالملك بن مُقَرِّن(١) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إذا زرتم أبا عبداللهعليه‌السلام فألزموا الصَّمْت إلاّ مِن خير، وإنْ ملائكة اللَّيل والنَّهار من الحفظة تحضر الملائكة الّذين بالحائر، فتصافحهم فلا يجيبونهم مِن شدَّة البُكاء فينتظرونهم حتّى تزول الشَّمس وحتّى ينوّر الفجر، ثمَّ يكلّمونهم ويسألونهم عن أشياء مِن أمر السّماء، فأمّا ما بين هذين الوقتين فإنّهم لا ينطقون، ولا يفترون عن البُكاء والدُّعاء، ولا يشغلونهم في هذين الوقتين عن أصحابهم، فإنّما شغلهم بكم إذا نطقتم(٢) .

قلت: جُعِلتُ فِداك وما الّذي يسألونهم عنه وأيّهم يسأل صاحبه؛ الحفظة أو أهل الحائر؟ قال: أهل الحائر يسألون الحفظة، لأنَّ أهل الحائر مِن الملائكة لا يَبرحون، والحفظة تنزل وتصعد، قلت: فما ترَى يسألونهم عنه؟ قال: إنّهم يمرُّون إذا عرجوا بإسماعيل صاحب الهَواء، فربّما وافقوا النَّبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله وعنده فاطمة والحسن والحسين والأئمّة مَن مضى منهم فيسألونهم عن أشياء، وعمّن حضر منكم الحائر، ويقولون: بَشّروهم بدعائكم، فتقول الحفظة: كيف نُبشِّرُهم وهم لا يَسمعون كلامنا؟ فيقولون لهم: باركوا عليهم وادعوا لهم عنّا فهي البشارة منّا، فإذا انصرفوا فحُفّوهم بأجْنِحَتكم حتّى يحسّوا مكانكم وإنّا نستودِعهم الَّذي لا تضيع ودائعه؛

ولو يعلمون ما في زيارته من الخير ويعلم ذلك النّاس لاقتتلوا على زيارته

__________________

١ - قال العلاّمة الأمينيّرحمه‌الله : كذا في النّسخ، لكن الظّاهر أنّ المرويّ عنه هو « مقرن » لا ولده، حيث إنّه هو الّذي يروي عنه الهيثم بن واقد، وهو الرّاوي عن الإمامعليه‌السلام ، وليس في كتب الرّجال والحديث عن ابنه هذا عين ولا أثر - انتهى. أقول: الظّاهر زيادة لفظة « عبدالملك »، والصّواب: « الهيثم بن واقد، عن مُقَرِّن ».

٢ - في البحار: « فإنّهم شغلهم بكم إذا نطقتم ».

٩٦

بالسّيوف، ولباعوا أموالهم في إتيانه، وأنَّ فاطمةعليها‌السلام إذا نَظرتْ إليهم ومعها ألفُ نبيٍّ وألفُ صِدِّيقٍ وألف شهيدٍ مِن الكَرُوبيّين ألف ألف يُسعدونها عَلى البُكاء، وإنّها لتشهق شَهْقَة فلا يبقى في السّماوات ملك إلاّ بكى رحمةً لصوتها، وما تسكن حتّى يأتيها النَّبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله فيقول: يابُنَيّة قد أبكيتِ أهل السَّماوات وشَغَلْتِهم عن التَّسبيح والتَّقديس فكُفّي حتّى يقدّسوا، فإنَّ الله بالغٌ أمره، وإنّها لتنظر إلى مَن حضر منكم فتسأل الله لهم مِن كلِّ خير، ولا تزهدوا في إتيانه! فإنَّ الخير في إتيانه أكثر مِن أن يُحصى ».

١٧ - وحدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريُّ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حمّاد البَصريّ، عن عبدالله ابن عبدالرَّحمن الأصَمّ قال: حدّثنا أبو عبيدة البَزَّاز(١) ، عن حَريز، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قلت له: جُعِلتُ فِداك ما أقلّ بقاؤكم أهل البيت وأقرب آجالكم بعضها مِن بعضٍ مع حاجة هذا الخلق إليكم! فقال: إنَّ لكلِّ واحدٍ منّا صحيفةٌ فيها ما يحتاج إليه أن يعمل به في مُدَّته، فإذا انقضى ما فيها ممّا اُمر به عرف أنَّ أجله قد حضر، وأتاه النَّبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله ينعى إليه نفسه وأخبره بما له عند الله، وإنَّ الحسينعليه‌السلام قرء صحيفته الّتي اُعطيها وفسّر له ما يأتي وما يبقى، وبقي منها أشياء لم تنقضْ فخرج إلى القتال، فكانَتْ تلك الاُمور الّتي بَقيتْ أنَّ الملائكة سألتِ الله في نُصْرَته فأذن لهم، فمكثت تستعدُّ للقتال وتتأهّب لذلك حتّى قُتِل، فنزلتِ الملائكة قد انقطعت مُدّته، وقتلعليه‌السلام ، فقالت الملائكة: يا رَبِّ أذنت لنا بالانحدار(٢) في نُصرته، فانحدرنا وقد قبضته؟ فأوحى الله تبارك وتعالى إليهم أن ألزموا قبره(٣) حتّى تروه وقد خرج فانصروه، وابكوا عليه وعلى ما فاتكم مِن نصرته، وإنّكم خصّصتم بنصرته والبكاء عليه، فبكتِ الملائكة حُزناً وجَزَعاً على ما فاتهم مِن نصرة الحسينعليه‌السلام ، فإذا خرجعليه‌السلام يكونون أنصاره ».

__________________

١ - في الكافي: « أبو عبدالله البزّاز ».

٢ - الانحدار: النّزول والهبوط.

٣ - في البحار: « أن ألزموا قبّته ».

٩٧

الباب الثّامن والعشرون

( بُكاء السَّماء والأرض على قتل الحسين ويحيى بن زكريّا عليهم السلام)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي: عليُّ بن الحسين؛ ومحمّد بن الحسن، عن سعد بن عبدالله، عن يَعقوبَ بن يزيدَ، عن أحمدَ بن الحسن الميثميِّ، عن عليِّ الأزرق، عن الحسن بن الحكم النَّخَعيِّ(١) - عن رَجل - « قال: سمعت أمير المؤمنينعليه‌السلام في الرُّحْبة وهو يتلو هذه الآية(٢) «فَما بَكَت عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالأرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرين َ(٣) »، وخرج عليه الحسين مِن بعض أبواب المسجد، فقال: أما إنَّ هذا سيُقتل وتبكي عليه السَّماء والأرض ».

٢ - حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين، عن الحكم بن مسكين، عن داود بن عيسى الأنصاريّ(٤) ، عن محمّد بن عبدالرَّحمن بن أبي ليلى، عن إبراهيم النَّخعيِّ « قال: خرج أمير المؤمنينعليه‌السلام فجلس في المسجد واجتمع أصحابه حوله وجاءَ الحسينعليه‌السلام حتّى قام بين يديه فوضع يده على رأسه فقال: يا بني إنَّ الله عَيَّرَ(٥) أقواماً بالقُرآن، فقال: «فما بَكَتْ عَلَيْهِمْ السَّماءُ وَالأرضُ وَما كانُوا مُنظَرينَ »، وأيْمُ اللهِ ليَقتلنّك بَعدي، ثمّ تبكيك السَّماءُ والأرض ».

وحدَّثني أبي، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، بإسناده مثله.

٣ - وحدَّثني محمّد بن جعفر، عن محمّد بن الحسين، عن وُهَيب بن

____________

١ - هو أبو الحسن الكوفيّ، روى عن إبراهيم النّخعيّ وغيره، من رجال العامّة، مات سنة بضع وأربعين ومائة.

٢ - في البحار: « سمعت أمير المؤمنينعليه‌السلام وهو يقول في الرّحبة وهو يتلو هذه الآية - إلخ ».

٣ - الدّخان: ٢٩.

٤ - في بعض النّسخ: « يزداد بن عيسى الأنصاري ».

٥ - عيّر فلاناً: نسبه إلى العار، وقبّح عليه فعله.

٩٨

حفص النَّحّاس، عن أبي بصير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنّ الحسينعليه‌السلام بكى لقتله السَّماء والأرض واحمرّتا، ولم تبكيا على أحدٍ قطّ إلاّ على يحيى بن زكريّا، [ والحسين بن عليٍّعليهم‌السلام ] ».

وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين، بإسناده مثله.

٤ - وحدَّثني عليُّ بن الحسين بن موسى بن بابويه؛ وغيره، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن عبدالجبّار، عن الحسن بن عليّ بن فَضّال، عن حمّاد بن عثمان، عن عبدالله بن هِلال « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: إنَّ السَّماء بكتْ على الحسين بن عليِّ ويحيى بن زَكريّا، ولم تبك على أحدٍ غيرهما، قلت: وما بكاؤها؟ قال: مكثتْ أربعين يوماً تطلع كالشَّمس بحُمْرَة وتغرب بحُمْرة، قلت: فذاك بكاؤها؟ قال: نعم ».

٥ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن عبدالله بن أحمد، عن عُمرَ بن سَهل، عن عليِّ بن مُسْهِر القُرَشيِّ « قال: حدَّثتني جدَّتي أنّها أدركتِ الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام حين قُتل فمكثنا سنة وتسعة أشهر، والسّماء مثلُ العَلّقةِ مثلُ الدَّم، ما ترى الشَّمس »(١) .

٦ - حدَّثني علي بن الحسين بن موسى، عن عليِّ بن إبراهيمَ بنِ هاشم، عن أبيه، عن ابن فَضّال، عن أبي جَميلَة، عن محمّد بن عليِّ الحلبيِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « في قوله تعالى: «فما بَكَتْ عَلَيهِمُ السَّماءُ وَالأرضُ وَما كانَوا مُنْظَرينَ »، قال: لم تَبكِ السَّماء على أحدٍ منذ قتل يحيى بن زكريّا حتّى قُتل الحسينعليه‌السلام فبَكَت عليه ».

٧ - وحدّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز القرشيُّ قال: حدَّثني محمّد بن الحسين ابن أبي الخطّاب، عن صَفوانَ بن يحيى، عن داودَ بنِ فَرْقَد، عن أبي عبداللهعليه‌السلام

__________________

١ - تقدّم الكلام فيه، راجع ص ٧٧ و ٧٨.

٩٩

 « قال: احمرَّتِ السَّماء حين قُتل الحسينعليه‌السلام سَنَةً، ويحيى بن زَكريّا، وحُمرتُها بُكاؤها ».

٨ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليِّ بن فَضّال، عن ابن بُكير، عن زُرارةَ، عن عبدالخالق ابن عبدِرَبّه « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: «لم نَجعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَميّاً (١) »، الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام لم يكن له مِن قبلُ سَميّاً، ويحيى بن زَكريّاعليهما‌السلام لم يكن له من قَبلُ سَميّاً، ولم تبك السَّماء إلاّ عليهما أربعين صباحاً، قال: قلت: ما بُكاؤها؟ قال: كانت تطلع حَمراء وتغرب حَمراء ».

٩ - وحدَّثني عليُّ بن الحسين بن موسى، عن عليِّ بن إبراهيم؛ وسعد بن عبدالله جميعاً، عن إبراهيم بن هاشم، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن أبي جميلَة، عن جابر، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: مابكتِ السَّماء على أحدٍ بعد يحيى بن زَكريّا إلاّ على الحسين بن عليِّعليهم‌السلام، فإنّها بَكتْ عليه أربعين يوماً ».

١٠ - حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز الكوفيّ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن جعفر بن بَشير، عن كُلَيْب بن مُعاويةَ الأسديّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام » قال: لم تبكِ السَّماء إلاّ على الحسين بن عليٍّ ويحيى بن زَكريّاعليهم‌السلام ».

١١ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن نَصر بن مُزاحم، عن عُمَرَ بن سعد، عن محمّد بن سَلَمة - عمّن حدَّثه - « قال: لمّا قتل الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام أمطرتِ السَّماء تراباً أحمر ».

١٢ - حدًّثني حكيم بن داودَ بن حكيم، عن سَلَمة بن الخطّاب، عن محمّد بن أبي عُمَير، عن الحسين بن عيسى(٢) ، عن أسلم بن القاسم قال: أخبرنا عُمَرُ بنُ وَهْب(*) ، عن أبيه، عن عليِّ بن الحسينعليهما‌السلام « قال: إنَّ السّماء لم تبكِ منذ

__________________

١ - أي لم يسمّ أحدٌ قبله باسمه، وهو قوله تعالى: «يا زَكَريّا إنّا نُبشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يحيى لم نجعَلْ لَهُ مِنْ قَبلُ سَميّاً » [مريم: ٧].

* - في بعض النّسخ: « عمرو بن ثبيت ».

٢ - الظّاهر هو الحسين بن عثمان وصحّف، وله كتاب يرويه ابن أبي عمير.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357