التنبيه بالمعلوم

التنبيه بالمعلوم0%

التنبيه بالمعلوم مؤلف:
المحقق: محمود البدري
الناشر: مكتبة الإعلام الإسلامي
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 214

التنبيه بالمعلوم

مؤلف: الشيخ محمد بن الحسن الحرّ العاملي
المحقق: محمود البدري
الناشر: مكتبة الإعلام الإسلامي
تصنيف:

الصفحات: 214
المشاهدات: 27785
تحميل: 6304

توضيحات:

التنبيه بالمعلوم
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 214 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 27785 / تحميل: 6304
الحجم الحجم الحجم
التنبيه بالمعلوم

التنبيه بالمعلوم

مؤلف:
الناشر: مكتبة الإعلام الإسلامي
العربية

الفصل الرابع

في ذكر ما يدلّ على نفي السهو والشكّ والنسيان عن أهل العصمة عليهم السلام من الأحاديث المعتبرة المنقولة من الكتب المعتمدة

وذلك أيضاً كثير جدّاً، ولا يحضرني جميع تلك الأحاديث، فأنا أذكر
تيسّر منها والله الموفق.

الحديث الأوّل:

ما رواه الشيخ الجليل رئيس المحدّثين محمد بن علي بابويه في آخر
كتاب من لا يحضره الفقيه، الذي لم يورد فيه إلاّ ما يفتي به، ويحكم بصحّته،
ويعتقد أنّه حجّة بينه وبين ربّه، وكلّ ما فيه مستخرج من اُصول معتمدة، عليها
المعوّل، وإليها المرجع.

فروى فيه عن محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، عن أحمد بن
محمد بن سعيد بن عقدة الكوفي، قال: حدّثنا علي بن الحسن بن فضال، عن
أبيه، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضاعليه السلام: للإمام علامات،

٨١

يكون أعلم الناس، وأحكم الناس، وأتقى الناس، وأحلم الناس، [ وأشجع
الناس، وأسخى الناس، ](١) وأعبد الناس، [ ويولد مختوناً، ](٢) ويكون مطهّراً،
ويرى من خلفه كما يرى من بين يديه، [ ولا يكون له ظلّ، وإذا وقع
على الأرض من بطن اُمّه وقع على راحتيه، رافعاً صوته بالشهادتين، ](٣) ولا
يحتلم، وتنام عينيه ولا ينام قلبه، ويكون محدّثاً، [ ويستوي عليه درع رسول
الله صلّى الله عليه وآله، ](٤) ولا يرى له بول ولا غائط، لأنّ الله عزّ وجلّ وكّل
الأرض بابتلاع ما يخرج(٥) منه.(٦) « الحديث ».

ووجه دلالته على المقصود هنا ظاهر، وحال النبي صلّى الله عليه وآله
يجب أن يكون أعظم من الإمام عليه السلام.

ورواه أيضاً في كتاب عيون الأخبار(٧) في باب ما جاء عن الرضا عليه
السلام من علامات الإمام، والطريق واحد.

الثاني:

ما رواه الشيخ الأجل ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني في كتاب
العقل والجهل.

عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد عن علي بن حديد، عن

__________________

(١ - ٤) من المصدر.

(٥) كذا في « ب، ج »، وفي المصدر: يجري.

(٦) من لا يحضره الفقيه ٤: ٤١٨ مفصلاً.

ورواه في معاني الأخبار: ١٠٢ ح ٤، الخصال: ٥٢٧ ح ١، وأخرجه الطبرسي في الاحتجاج:
٤٣٦، عنها بحار الأنوار ٢٥: ١١٦ ح ١.

(٧) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٢١٢ ح ١ عنه بحار الأنوار ٢٥: ١١٦ ح ١.

٨٢

سماعة بن مهران قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام وعنده جماعة من
مواليه، [ فجرى ذكر العقل والجهل ](١) فقال: اعرفوا العقل وجنوده، والجهل
وجنوده تهتدوا.

قال سماعة: فقلت: جعلت فداك، لا نعرف إلاّ ما علّمتنا(٢) .

فقال أبو عبد الله عليه السلام: إنّ الله خلق العقل - إلى ان قال: - ثمّ جعل
للعقل خمسة وسبعين جنداً ...

[ فقال الجهل: يا ربّ، هذا خلق مثلي فأعطني من الجند مثل ما أعطيته،
فقال: نعم، فأعطاه خمسة وسبعين جنداً، ](٣) فكان ممّا أعطى الله العقل من
الخمسة والسبعين الجند(٤) الخير، وجعل ضدّه الشر - إلى أن قال: - والعلم
وضدّه الجهل، والتسليم وضدّه الشكّ، والتذكّر وضدّه السهو، والحفظ وضدّه
النسيان، - وذكر باقي جنود العقل والجهل ثم قال: - فلا تتم(٥) هذه الخصال
كلّها من اجناد العقل إلاّ في نبي أو وصي نبي أو مؤمن قد امتحن الله قلبه
للايمان، وأمّا سائر ذلك من موالينا فإنّ أحدهم لا يخلو من أن يكون فيه بعض
هذه الجنود حتى يستكمل، وينقّى من جنود الجهل، فعند ذلك يكون في
الدرجة العليا مع الأنبياء والأوصياء.(٦) الحديث.

__________________

(١) من المصدر.

(٢) في الكافي: عرّفتنا.

(٣) من المصدر.

(٤) المذكور في الرواية ثمانية وسبعون جنداً، ولكنه تكرر ذكر بعض الجنود.

(٥) كذا في النسخ، وفي المصدر: تجتمع.

(٦) الكافي ١: ٢٠ ح ١٤، مفصلاً.

وأخرجه الشيخ الصدوق في الخصال: ٥٥٨ ح ١٣.

٨٣

أقول: كما ترى صريح في أنّ الأنبياء والأوصياء جامعون لجميع
جنود العقل التي من جملتها العلم والتسليم والتذكّر والحفظ، وخالون
خالصون منزّهون عن جميع جنود الجهل التي من جملتها الجهل والشكّ
والسهو والنسيان، وهو واضح الدلالة على ما قلنا.

الثالث:

ما رواه الكليني أيضاً في باب اختلاف الحديث.

عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن
إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبان بن أبي عبّاس، عن سليم بن قيس
الهلالي، عن أمير المؤمنين عليه السلام - في حديث طويل يذكر في
آخره حاله مع رسول الله صلّى الله عليه وآله، وانّه علّمه جميع علومه -
قال: ودعا الله أن يعطيني علمها فهمها وحفظها، فما نسيت آية من كتاب
الله، ولا علماً أملأه [ عليّ ](١) وكتبته، منذ دعا الله لي بما دعا، وما ترك
شيئاً علّمه الله من حلال ولا حرام، ولا أمر ولا نهي، كان أو يكون، ولا
كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلاّ علّمنيه وحفظته، فلم أنس
حرفاً واحداً، ثمّ وضع يده على صدري ودعا الله أن يملأ قلبي علماً وفهماً
وحكماً ونوراً.

فقلت: بأبي أنت واُمّي يا نبي الله، منذ دعوت الله لي بما دعوت
لم أنس شيئاً ولم يفتني شيء لم أكتبه، أفتتخوّف عليّ النسيان
فيما بعد؟

__________________

(١) من « د » والمصدر.

٨٤

فقال: لا، لست أتخوّف عليك النسيان والجهل(١) .

أقول: معلوم إنّ حال النبي صلّى الله عليه وآله اعظم من حال الإمام عليه
السلام، وظاهر أنّ كثيراً من الأشياء المذكورة ليست من قسم التبليغ، وأنّه
يستحيل نسيانه لشيء منها فيبطل الفرق.

وعلم أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله يستحيل أن ينسى عدد صلاته ويحكم
بأنّ الثنتين أربع، مع علمه بأكثر ما كان، وما يكون أن لم يكن كلّه، وآخر
الحديث مطلق عام في التبليغ وغيره.

الرابع:

ما رواه الشيخ رئيس الطائفة في التهذيب بإسناده عن عبد الله بن بكير،
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: هل سجد رسول الله صلّى الله عليه
وآله سجدتي السهو قط؟

قال: لا، ولا يسجدها فقيه(٢) .

قال الشيخ رحمه الله: الّذي أفتي به ما تضمّنه هذا الحديث.

وأمّا الأخبار الّتي قدّمناها من أنّ النبي صلّى الله عليه وآله سهى فسجد
فأنّها موافقة للعامّة.(٣) انتهى.

وهو دالّ على محلّ النزاع بخصوصه صريح في معارضة حديث
ذي الشمالين وردّه غير محتمل للتقيّة مع احتمال حديث ذي الشمالين أن

__________________

(١) الكافي ١: ٦٢ ذيل ح ١، مفصلاً.

(٢) التهذيب ٢: ٣٥١، عنه بحار الأنوار ١٧: ١٠٢ ح ٨.

(٣) التهذيب ٢: ٣٥١.

٨٥

يكون ورد عن الصادق عليه السلام على طريق التقية في الرواية، كما يأتي
تحقيقه ان شاء الله تعالى.

الخامس:

الحديث المشهور المستفيض بين العامّة والخاصّة عن رسول الله صلّى
الله عليه وآله قال: صلّوا كما رأيتموني اُصلّي(١) .

وجه الدلالة فيه: أنّه أمر بالاقتداء به في صلاته، ومتابعته فيها غير مقيّد
بصلاة خاصّة، فلو كان احتمال السهو والغلط والخطأ والنسيان جائزاً عليه، لما
جاز الإقتداء به في شيء منها، ولجاز على كلّ صلاة منها أن تكون سهواً إلاّ
صلاة واحدة، وهي التي يقصد التبليغ مع اشتباهها، واحتمال كلّ واحدة من
الصلاة لها، ويلزم على تقدير تجويز السهو عدم إمكان العلم بنسخها أو امتناع
نسخها مع أنّ النسخ جائز اتّفاقاً بخلاف السهو على انّه لم يعيّن صلاة واحدة
للتبليغ.

السادس:

الحديث المشهور أيضاً بين الخاصّة والعامّة من قول عليه السلام: خذوا
عنّي مناسككم(٢) .

وجه دلالته كما تقدّم.

واعلم أنّي لم أجد هذين الخبرين في كتب حديث الإمامية وانّما
وجدتهما في كتب الاستدلال ويمكن كون أصلهما من روايات العامّة لكن

__________________

(١) تقدّمت تخريجاته في ص: ٦٣.

(٢) تقدّمت تخريجاته في ص: ٦٣.

٨٦

مضمونهما يوجد في عموم الروايات السابقة والآتية.

السابع:

ما رواه الكليني في أوّل كتاب الحجّة.

عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن إبراهيم، عن يونس بن
يعقوب، عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث أنّه قال لهشام بن الحكم: ألا
تخبرني كيف صنعت بعمر بن عبيد وكيف سألته؟

فذكر حديثه معه - يقول في آخره هشام: - فقلت له: أنّ الله لم يترك
جوارحك حتى جعل لها إماماً تتيقّن به ما شككت فيه(١) ، ويترك هذا الخلق
كلّهم في حيرتهم وشكّهم واختلافهم، لا يقيم لهم إماماً يردّون إليه شكّهم
وحيرتهم؟

قال: فسكت ولم يقل لي شيئاً.

قال: فضحك أبو عبد الله عليه السلام وقال: من علّمك هذا؟

قال هشام: هذا شيء أخذته منك وألفته.

قال: هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى(٢) .

أقول: هذا دالّ على انّ علّة الاحتياج إلى النبيّ والإمام عليهما السلام هو
إزالة الشكّ، فلو جاز الشكّ عليهما لاحتاجا إلى الرعيّة كما احتاج الرسول
صلّى الله عليه وآله ذي الشمالين على قولكم، فتنتفي الفائدة المذكورة.

__________________

(١) كذا في النسخ، وفي المصدر: يتيقّن به ما شكّ فيه.

(٢) الكافي ١: ١٦٩ ح ٣، مفصّلاً.

٨٧

الثامن:

ما رواه أيضاً في باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته.

عن أبي محمد القاسم بن العلاء، رفعه عن عبد العزيز بن مسلم، عن
الرضا عليه السلام - في حديث طويل يقول فيه: - الإمام عالم لا يجهل، راع لا
ينكل - إلى أن قال: -

الإمام واحد دهره، لا يدانيه عالم(١) ، ولا يوجد منه بدل، [ ولا له مثل ](٢)
ولا نظير.

أنّ الأنبياء والائمّة صلوات الله عليهم يوفّقهم الله ويؤتيهم من مخزون
علمه وحكمه ما لا يؤتيه غيرهم، فيكون علمهم فوق أهل زمانهم(٣) . - ثم
قال: -

أنّ العبد إذا اختاره الله عزّ وجلّ لاُمور عباده شرح صدره لذلك، وأودع
قلبه ينابيع الحكمة، وألهمه العلم إلهاماً، فلم يع بعده بجواب، ولا يحيّر فيه
عن الصواب، فهو معصوم مؤيّد، موفّق مسدد، قد أمن من الخطأ والزلل والعثار(٤) ،
يخصّه الله بذلك ليكون حجّة(٥) على عباده.(٦) الحديث.

__________________

(١) كذا في النسخ، وفي المصدر: لا يدانيه أحد، ولا يعادله عالم.

(٢) من المصدر.

(٣) هكذا في الأصل: وفي الكافي: الزمان.

(٤) في « ب، ج »: العناد.

(٥) كذا في النسخ، وفي المصدر: حجّته.

(٦) الكافي ١: ١٩٨ - ٢٠٣ ح ١، مفصلاً.

ورواه في عيبة النعماني: ٢١٦ - ٢٢٤ ح ٦ بإسناده عن محمد بن يعقوب.

وأورده في تحف العقول: ٤٣٨ عن عبد العزيز بن مسلم.

٨٨

أقول: هذا الموصوف بهذه الصفات وغيرها ممّا هو أعظم منها، تضمّنها
الحديث المذكور وغيره، كيف يتصوّر أن يجهل فعل نفسه في الحال؟ وكيف
يحتاج إلى علم غيره؟ وكيف يعني بالجواب، ويتحيّر عن الصواب، ويقع في
الخطأ والزلل والعثار(١) ، كما تضمّنه حديث ذي الشمالين على قول من حمله
على ظاهره؟

التاسع:

ما رواه الصدوق في كتاب العلل في باب العلّة التي من أجلها صارت
الإمامة في ولد الحسين دون الحسن عليهم السلام.

عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن
الحسين بن سعيد، عن حمّادبن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن
الفضيل(٢) ، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله
[ لأمير المؤمنين عليه السلام ](٣) : اُكتب ما أملي عليك(٤) .

قال عليه السلام: يا نبيّ الله، أو تخاف عليّ النسيان؟

فقال صلّى الله عليه وآله: لست أخاف عليك النسيان، وقد دعوت الله

__________________

ورواه الصدوق في كمال الدين: ١٧٥ ح ٣١، ومعاني الأخبار: ٩٨ ح ٢، والأمالي: ٥٣٦ ح ١، وعيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٢١٦ ح ١.

وأورده في الاحتجاج: ٤٣٣ عن القاسم بن مسلم.

وأخرجه في بحار الأنوار ٢٥: ١٢٠ - ١٢٩ ح ٤ عن جميع المصادر أعلاه.

(١) في « ب، ج »: العناد.

(٢) كذا في النسخ، وفي المصدر: أبي الطفيل.

(٣) من المصدر.

(٤) في هامش ج: يعني أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٨٩

لك أن يحفظك ولا ينسيك، ولكن اُكتب لشركائك.

قال: قلت: ومن كان شركائي [ يا نبيّ الله ](١) ؟ قال: الائمة من ولدك.(٢)
الحديث.

أقول: معلوم من تتبّع الأحاديث إنّ تلك العلوم التي كتبها ليست كلّها ممّا
يتعلّق بالتبليغ على ان النسيان في الموضعين مطلق غير مقيّد بشيء فكيف لا
يخاف على الوحي النسيان، ويقع ذلك من النبيّ صلّى الله عليه وآله
فينسى نصف صلاته ويحتاج إلى رعيّته ليذكّروه ما نسي، ويدلّوه على خطأه،
ويعرفوه جهله وتركه للواجب وفعله للحرام - أعني التسليم والكلام -، ويردّوه
عن الشكّ والسهو؟

العاشر:

ما رواه الكليني رحمه الله في باب إنّ الائمّة ورثوا علم النبيّ وجميع
الأنبياء والأوصياء.

عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن إبراهيم، عن يونس، عن
هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال: إنّ الله لا يجعل
حجّة(٣) في أرضه يسأل عن شيء فيقول: لا أدري(٤) .

أقول: فكيف يسأل عن صلاته التي صلاّها في تلك الساعة فيقول: لا

__________________

(١) من المصدر.

(٢) علل الشرائع: ٢٠٨ ح ١.

(٣) كذا في النسخ، وفي المصدر: حجّته.

(٤) الكافي ١: ٢٢٧ ح ١ مفصلاً، عنه بحار الأنوار ٤٨: ١١٤ ح ٢٥، والعوالم ٢: ٣٠٦ ح ١.

وأخرجه الشيخ الصدوق في التوحيد: ٢٧٣ ح ١.

٩٠

أدري، ثمّ يحتاج إلى سؤال الناس وعلمهم، إنّ هذا لعجيب!

الحادي عشر:

ما رواه أيضا في باب الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة
عليها السلام.

عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن صالح بن سعيد، عن
أحمد بن أبي بشر، عن بكر بن كرب الصيرفي، قال: أبا عبد الله عليه
السلام يقول: إنّ عندنا ما لانحتاج معه إلى الناس، وإن الناس ليحتاجون إلينا.
الحديث - إلى ان قال: - وإنّكم لتأتونا بالأمر فنعرف إذا أخذتم به، ونعرف إذا
تركتموه(١) .

الثاني عشر:

ما رواه في باب شأن من أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها.

عن محمد بن أبي عبد الله؛ ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد؛
ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعاً، عن الحسن بن العبّاس
الجريشي، عن أبي جعفر الثاني في حديث طويل قال: ولعمري ما في الأرض
ولا في السماء من ولي الله إلاّ هو مؤيّد ومن اُيّد لم يُخطِ(٢) .

الثالث عشر:

ما رواه الكليني أيضاً في باب نادر وفيه ذكر الغيب.

__________________

(١) الكافي ١: ٢٤١ ح ٦.

(٢) الكافي ١: ٢٤٢ ح ١.

٩١

عن محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن
محبوب، عن علي بن رئاب، عن سدير الصيرفي، عن أبي جعفر عليه السلام
انّه قيل له:( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا - فقال: -إِلاَّ مَنِ ارْتَضَىٰ مِن
رَّسُولٍ
) (١) وكان والله محمد ممّن ارتضاه.(٢) الحديث.

أقول: هذا دالّ بطريق الأولويّة كأمثاله، وقد تقدّم تقرير مثله.

الرابع عشر:

ما رواه أيضاً فيه عنه، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن الحسن بن
علي، عن عمرو بن سعيد، عن مصدق بن صدقة، عن عمّار الساباطي قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الإمام يعلم الغيب؟

قال: لا، ولكن إذا أراد أن يعلم الشيء أعلمه الله ذلك(٣) .

أقول: فإذا كان يقدر على أن يعلم ما يشاء من الغيب بتعليم الله أيّاه،
فكيف يجوز أن يجهل فعل نفسه الّذي فعله تلك الساعة وليس من علم
الغيب؟!

الخامس عشر:

ما رواه أيضاً في باب انّ الائمّة عليهم السلام إذا شاؤا أن يعلموا.

عن علي بن محمد وغيره، عن سهل بن زياد، عن أيّوب بن نوح،
عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن بدر بن الوليد، عن أبي

__________________

(١) سورة الجن: ٢٧.

(٢) الكافي ١: ٢٥٦ ح ٢ مفصلاً، عنه بحار الأنوار ٦٧: ٢٨١.

(٣) الكافي ١: ٢٥٧ ح ٤.

٩٢

الربيع الشامي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إنّ الإمام إذا شاء أن
يعلم علم(١) .

السادس عشر:

ما رواه أيضاً فيه عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن
صفوان، عن ابن مسكان، عن بدر بن الوليد، عن أبي الربيع، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: إنّ الإمام إذا شاء أن يعلم اُعلم(٢) .(٣)

السابع عشر:

ما رواه فيه عن محمد بن يحيى، عن عمران بن موسى، عن موسى بن
جعفر، عن عمرو بن سعيد المدائني، عن أبي عبيدة المدائني، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: إن الإمام إذا أراد أن يعلم شيئاً أعلمه الله ذلك(٤) .

أقول: فيستحيل جهل الرسول صلّى الله عليه وآله لصلاته واحتياجه
إلى ذي الشمالين.

الثامن عشر:

ما رواه أيضاً في باب أنّ الائمّة عليهم السلام يعلمون علم ما كان وما
يكون، وانّه لا يخفى عليهم شيء.

__________________

(١) الكافي ١: ٢٥٨ ح ١.

(٢) كذا في « ب، ج »، وفي المصدر: علم.

(٣) الكافي ١: ٢٥٨ ح ٢.

(٤) الكافي ١: ٢٥٨ ح ٣.

٩٣

عن أحمد بن محمد - يعني العاصمي(١) - ومحمد بن يحيى عن محمد بن
الحسين، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن عبد الله بن حمّاد، عن سيف
التمّار، عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث انّه قال: وربُّ الكعبة، [ وربُّ
البيت ](٢) - ثلاثاً - لو كنت بين موسى والخضر لأخبرتهما أنّي أعلم منهما،
ولأنباتهما بما ليس في أيديهما، لأنّهما اُعطيا علم ما كان، ولم يعطيا علم ما
يكون، وما هو كائن حتى تقوم الساعة، وقد ورثناه من رسول الله صلّى الله
عليه وآله وراثة(٣) .

التاسع عشر:

ما رواه أيضاً فيه عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن
محمد بن سنان، عن يونس بن يعقوب، عن الحارث بن المغيرة؛ وعبد الأعلى
وأبي عبيدة وعبد الله بن بشر الخثعمي كلّهم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
والله انّي لأعلم ما في السماوات، وما في الأرض، وما في الجنة، وما في النار،
وأعلم ما كان وما يكون، ثمّ قال: علمت ذلك من كتاب الله عزّ وجلّ، إنّ الله
يقول:« فيه تبيان كل شيء » (٤) .(٥)

__________________

(١) كذا في النسخ، ولم تذكره المصادر، ولعلّها من المصنّف رحمه الله.

(٢) من المصدر، وفي البحار: « البنيّة » بدل « البيت ».

(٣) الكافي ١: ٢٦١ ح ١ مفصلاً، عنه البحار ١٣: ٣٠٠ ح ٢٠.

وأخرجه في بصائر الدرجات: ١٢٩ ح ١، عنه البحار ١٧: ١٤٤ ح ٣٢ وج ٢٦ / ١١١ ح ٩، وفيه
بيان نافع.

(٤) لعلّه نقل بالمعنى، فأنّ الآية تقول:( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ ) ، وهي في سورة
النحل: ٨٩.

(٥) الكافي ١: ٢٦١ ح ٢ مفصلاً.

٩٤

العشرون:

ما رواه فيه عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن
عبد العزيز، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة قال: سمعت أبا جعفر عليه
السلام يقول: لا والله لا يكون عالم(١) جاهلاً أبداً، عالماً بشيء جاهلاً بشيء،
ثمّ قال: الله أجلّ وأعزّ وأكرم من أن يفرض طاعة عبد يحجب عنه علم سمائه
وأرضه(٢) ثم قال: لا يحجب ذلك عنه(٣) .

الحادي والعشرون:

ما رواه الكليني أيضاً في باب التفويض إلى رسول الله والائمّة عليهم
السلام في اُمر الدين.

عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اُذينة، عن
فضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ان الله عزّوجلّ أدّب
نبيّه فأحسن أدبه، فلمّا أكمل له الأدب قال( إِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (٤) ، ثّم
فوّض إليه أمر الدين والاُمّة ليسوس عباده، فقال:( مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ
وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا
) (٥) .

وإنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان مسدّداً موفّقاً مؤيّداً بروح

__________________

(١) يعني العالم المفترض الطاعة، وهو المعصوم عليه السلام.

(٢) المراد بعلم السماء علم حقيقة السماء وما فيها من الكواكب وحركاتها وأوضاعها ومن فيها من
الملائكة وأحوالهم وأطوارهم، أو المراد به العلم الذي يأتي من جهة السماء وكذا علم الأرض
يحتمل الوجهين، ويمكن التعميم فيهما معاً.

(٣) الكافي ١: ٢٦٢ ح ٦، بصائر الدرجات: ١٢٤ ح ٢، عنه البحار ٢٦: ١٠٩ ح ٢.

(٤) سورة القلم: ٤.

(٥) سورة الحشر: ٥٩.

٩٥

القدس، لا يزل ولا يخطىء في شي ممّا يسوس به الخلق، فتأدّب بآداب
الله عزّ وجلّ(١) . الحديث.

أقول: لا ريب إنّ عبادته عليه السلام من جملة السياسة للخلق، وأنّ
فعله حجّة كما أنّ قوله حجّة، وإنّا مأمورون بالإقتداء به مطلقاً كما مضى ويأتي
إن شاء الله.

الثاني والعشرون:

ما رواه أيضاً في باب مواليد الائمّة عليهم السلام.

عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن ابن أبي عمير، عن حريز،
عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: للإمام عشرة علامات: يولد
مطهّراً مختوناً - إلى أن قال: - ولا يجنب، وتنام عينيه ولا ينام قلبه، ولا
يتثأب، ولا يمتطّى، ويرى من خلفه كما يرى من أمامه، وهو محدّث
حتى تنقضي أيّامه(٢) .

أقول: وجه دلالته ظاهرة، بل هو دالّ على نفي السهو عنهم عليهم
السلام في حال النوم فضلاً عن حال اليقظة.

الثالث والعشرون:

ما رواه في باب التسليم وفضل المسلمين.

عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أحمد بن

__________________

(١) الكافي ١: ٢٦٦ ح ٤ مفصلاً.

(٢) الكافي ١: ٣٨٨ ح ٨٦ مفصلاً، عنه البحار ٢٥: ١٦٨ ح ٣٧.

٩٦

محمد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان، عن عبد الله الكاهلي(١) قال: قال
أبو عبد الله عليه السلام: لو أنّ قوماً عبدوا الله وحده لا شريك له، وأقاموا
الصلاة، وآتوا الزكاة، وحجّوا البيت، وصاموا شهر رمضان، ثمّ قالوا لشيء
صنعه الله أو صنعه(٢) رسول الله صلّى الله عليه وآله: ألا صنع خلاف الّذي صنع؟
أو وجدوا ذلك في قلوبهم لكانوا بذلك مشركين، ثمّ تلا هذه الاية:( فَلا وَرَبِّكَ
لا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ
وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
) (٣) ، ثمّ قال: عليكم بالتسليم(٤) .

أقول: هذا شامل للعبادة وغيرها، أو خاصّ بها، فلو احتمل السهو لما
ثبت شرك من قال: « ألا صنع خلاف الّذي صنع؟ » ومنافاته لحديث
ذي الشمالين.

الرابع والعشرون:

ما رواه أيضاً في الباب المذكور.

عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد [ بن عيسى ](٥) ، عن ابن
سنان، عن ابن مسكان، عن سدير قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: إنّي
تركت مواليك مختلفين يتبّرء بعضهم من بعض.

__________________

(١) كذا في النسخ، وفي المصدر: أبي عبد الله الكاهلي.

(٢) في « ب، ج »: وضعه.

(٣) سورة النساء: ٦٥.

(٤) الكافي ١: ٣٩٠ ح ٢.

(٥) من المصدر.

٩٧

قال: وما أنت وذاك، إنّما أمر(١) الناس بثلاثة؛ معرفة الأئمّة، والتسليم
لهم فيما ورد عليهم، والردّ إليهم فيما اختلفوا فيه(٢) .

أقول: وأحاديث وجوب التسليم كثيرة جداً وهي شاملة للأقوال
والأفعال، ومنافية لاحتمال السهو، ويأتي تمام تحقيق المقام إن شاء الله.

الخامس والعشرون:

ما رواه الكليني في باب من شكّ في صلاته كلّها، ولم يدر زاد أو نقص.

عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان، عن العلاء،
عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا كثر عليك السهو
فامض في صلاتك، فانّه يوشك أن يدعك، إنّما هو من الشيطان(٣) .

ورواه رئيس المحدّثين أبو جعفر بن بابويه في كتاب من لا يحضره
الفقيه في باب أحكام السهو في الصلاة بإسناده عن محمد بن مسلم.

[ والقرائن دالّة على أنّه أخذه من كتابه كغيره على ما يظهر من أوّل
الكتاب وآخره، وإلاّ لما انتظمت روايات كلّ راوٍ في سند واحد، وصورة
ايراده هكذا:

وروى محمد بن مسلم، ](٤) عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا كثر

__________________

(١) من الأصل، وفي الكافي: كلّف.

(٢) الكافي ١: ٣٩٠ ح ١.

(٣) الكافي ٣: ٣٥٩ ح ٨.

(٤) ليس في ب.

٩٨

عليك السهو فدعه، فانّه يوشك أن يدعك، إنّما هو من الشيطان(١) .

أقول: هذا صريح في حصر السهو مطلقاً في كونه من الشيطان، ومثله
كثير، وهو الصحيح الذي يوافق الاعتبار والأخبار، وليس للشيطان سلطان
على المعصوم لنص القرآن والحديث واعتراف الخصم، ولا يتصوّر وقوع
السهو الحقيقي من الله أصلاً كما يأتي تحقيقه إن شاء الله.

السادس والعشرون:

ما رواه ابن بابويه أيضاً في الباب المذكور بإسناده عن عمر بن يزيد انّه
قال: شكوت إلى أبي عبد الله عليه السلام السهو في المغرب.

فقال: صلّها بقل هوالله أحد وقل يا أيّها الكافرون. ففعلت ذلك فذهب
عنّي(٢) .

أقول: وفي معناه أحاديث كثيرة، وإذا كانوا يعلمون ما يدفع السهو،
ويعلّمونه الناس، فكيف يجوز أن لا يعلموا بعلمهم في ذلك مع أنّه من
أعظم المهمّات؟ ولا يجوز عليهم التهاون والتغافل وعدم المبالاة بالعبادات
الواجبة.

السابع والعشرون:

ما رواه أيضاً فيه بإسناده عن إسماعيل بن مسلم، عن الصادق، عن
آبائه عليه السلام إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله أتاه رجل فقال: [ يا

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ١: ٣٣٨.

(٢) من لا يحضره الفقيه ١: ٣٣٨.

٩٩

رسول الله، ](١) أشكو إليك ما ألقى من الوسوسة في صلاتي حتّى لا أعقل ما
صلّيت من زيادة أو نقصان.

فقال له: إذا دخلت في صلاتك فاطعن فخذك الأيسر باصبعك
اليمنى المسبحة، ثم قل: بسم الله وبالله، توكّلت على الله، أعوذ بالله السميع
العليم من الشيطان الرجيم، فإنّك تنحره وتطرده وتزجره عنك(٢) .

أقول: وفي معناه كثير، ودلالته كما تقدّم، بل أوضح.

وقد رواه الكليني في الباب المشار إليه سابقاً عن علي بن إبراهيم، عن
أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله(٣) .

الثامن والعشرون:

ما رواه الكليني في الباب المذكور عن علي بي إبراهيم، عن أبيه؛
ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز،
عن زرارة؛ وأبي بصير قالا: قلنا له: الرجل يشكّ كثيراً في صلاته
حتى لا يدري كم صلّى، وما بقى عليه؟

قال: يعيد.

قلنا له: فانّه يكثر عليه ذلك كلّما أعاد شكّ.

قال: يمضي في شكّه. - ثم قال: - لا تعوّدوا الخبيث من أنفسكم
بنقص الصلاة فتطمّعوه، فإنّ الشطان خبيث يعتاد لما عوّد، فليمض

__________________

(١) ليس في د.

(٢) من لا يحضره الفقيه ١: ٣٣٨.

(٣) الكافي ٣: ٣٥٨ ح ٤.

١٠٠