حقيقة الاعتقاد بالامام المهدي المنتظر

حقيقة الاعتقاد بالامام المهدي المنتظر0%

حقيقة الاعتقاد بالامام المهدي المنتظر مؤلف:
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 355

حقيقة الاعتقاد بالامام المهدي المنتظر

مؤلف: احمد حسين يعقوب
تصنيف:

الصفحات: 355
المشاهدات: 172044
تحميل: 4856

توضيحات:

حقيقة الاعتقاد بالامام المهدي المنتظر
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 355 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 172044 / تحميل: 4856
الحجم الحجم الحجم
حقيقة الاعتقاد بالامام المهدي المنتظر

حقيقة الاعتقاد بالامام المهدي المنتظر

مؤلف:
العربية

المجتمع الإسلامي أو العامة وهم الأكثرية تحولت إلى حارس ومدافع عن شرعية تحريم كتابة ورواية أحاديث الرسول.

ولما تحوّل الرأي العام ، وأقبل علماء دولة الخلافة على كتابة ورواية أحاديث الرسول ، ولم تعترض دولة الخلافة على هذا التحول وذلك الاقبال ، تنفس أهل بيت النبوة الصعداء ، فراقبوا عن كثب عمليتي رواية وكتابة الحديث ، ورسموا لها الطريق الاقوم : « سأل رجل الإمام جعفر الصادق عن مسألة فأجابه ، فقال الرجل : أرايت أن كان كذا وكذا ماذا يكون القول »؟.

فقال جعفر : « مه ما أجبتك فيه من شيء فهو من رسول الله لسنا ممن رأيت في شيء ، وقوله : « مهما أجبتك بشيء فهو من رسول الله لسنا نقول برأينا » وقال مرة : « لو أنا حدثنا برأينا ضللنا كما ضل من كان قبلنا ، ولكن حدثنا ببينة من ربنا ، بيّنها لنبية ، فبيّنها لنا » وكان يقول : « لو كنا نفتي الناس برأينا وهوانا لكنا من الهالكين ، ولكنها آثار من رسول الله أصل علم نتوارثها كابراً عن كابر ، نكتنزها كما يكتنز الناس ذهبهم وفضتهم ». [ راجع بصائر الدرجات ج‍ ٢ ص ٢٩ و ٣٠١ وكتابنا الخطط السياسية ص ١٨٧ ـ ١٨٩ ]. وقول الإمام جعفر هذا دعوة لمن أرادوا البحث عما صدر عن رسول الله ليرجعوا إلى أهل بيت النبوة ، فهم وحدهم الذين يملكون مفاتيح البيان النبوي ، وهي دعوة من الإمام للمعنيين برواية وكتابة أحاديث الرسول ، للفصل التام بين آرائهم الشخصية وما قاله الرسول.

وبدأ أهل البيت يفيضون على الناس مما آتاهم الله من علمي النبوة والكتاب ، وبالحدود التي تتقبلها وتتحملها نفسية العامة التي تربت تربية ثقافية مناهضة لأهل بيت النبوة وموالية لدولة الخلافة.

واصطدمت علوم أهل بيت النبوة مع الأحاديث التي تبنتها دولة الخلافة عبر تاريخها السياسي ، وسمحت بكتابتها وروايتها ، بل واعتبرتها جزءأً من مناهجها التربوية والتعليمية ، وبحكم العادة والتكرار آمنت العامة بحتمية صدورها عن رسول الله.

واصطدمت روايات أهل بيت النبوة بسيل من روايات الفضائل التي اشتراها معاوية وأولياؤه من الطامعين بدنياه ، ثم عممها بقوة الدولة ونفوذها ، وأجبر العامة

١٠١

والخاصة على الاقتناع بها والتسليم بصحتها ، وذلك لإرغام أنوف أهل بيت النبوة ، وتمييز وإبطال الفضائل الحقيقية التي خصهم الله بها!!

ومع أن دولة الخلافة لم تعترض على إقبال علمائها على كتابة ورواية أحاديث الرسول ، ولم تعترض على تحوّل الرأي العام وتأييده لهذا العمل ، إلا أنها ضاقت ذرعاً بأهل بيت النبوة وأوليائهم ، وشككت بقدرتهم وبما يروونه ، وشككت بحيادهم أيضاً. وتأثر علماء الدولة بذلك تأثراً كبيراً ، فإذا ثبت لديهم أن هذا الراوي أو ذاك يوالي أهل بيت النبوة أو بتقدمهم على غيرهم ، أو يقول برئاستهم للأمة ، أو بتقدمهم على الخلفاء الثلاثة الأُول اعتبروه كاذباً أو غير ثقة ، وبالتالي لم يأخاذوا بروايته ولما اكتشف بعض علماء الدولة أن الشافعي يوالي أهل بيت النبوة وصفه ابن معين بأنه ثقة!!!

وعلى أي حال فقد انطلق أولياء أهل بيت النبوة يروون الأحاديث عن الرسول وعن الأئمة وفق القواعد والأصول الشكلية التي كان يروى فيها علماء دولة الخلافة. وكان الشيخ الكليني المتوفى سنة ٣٢٩ ه‍ أول من ألف موسوعة بالحديث ، ثم تلاه الشيخ الصدوق المتوفى سنة ٣٨١ ه‍ ، ثم الشيخ الطوسي المتوفى سنة ٤٦٠ ه‍ ، ثم المجلسي « البحار » ثم الحر العاملي « الوسائل » وقد أحرقت موسوعة الشيخ الطوسي كما أحرق الكثير من كنوز أولياء أهل بيت النبوة ، ولكنهم صمدوا ونقلوا ما وصل إليهم من كنوز وعلوم أهل بيت النبوة التي غطت كل ما يحتاجه الناس في دنياهم وآخرتهم. [ راجع كتابنا الخطط السياسية ص ١٩٢ ـ ٢٠٩ لتقف على تفاصيل ذلك ].

١٠٢

الفصل الخامس :

الآن يمكننا أن نتبين

موقع المهدي في السنة النبوية

بعد استعراضنا لتاريخ رواية وكتابة الأحاديث النبوية ، والظروف التي أحاطت بهذا التاريخ لدى دولة الخلافة وعلمائها من جهة ، ولدى أهل بيت النبوة وأولياهم من جهة أخري ، بعد وقوفنا على ما رواه الطرفان عن المهدي المنتظر وعلامات ظهوره ، عصر هذا الظهور ، يتبين لنا بوضوح ساطع أن المهدي المنتظر حقيقة من الحقائق الدينية الرئيسة التي أجمع المسلمون علي صحتها وتواترت أنباء هذه الحقيقة بينهم ، تواتراً لا يقل عن تواتر أركان الإسلام ، وأساسياته الضرورية ، وأن ما رواه الطرفان عن رسول الله في هذا الموضوع هو جزء لا يتجزأ من المعارف والمعلومات الدينية التي جاء بها الإسلام كدين ، وأن هذه المعارف والمعلومات جزء لا يتجزأ من عقيدة الإسلام وتعاليمه.

مدرستا الأمة

تخرجت الأمة الإسلامية من مدرستين لا ثالث لهما.

المدرسة الأولى : وهي مدرسة دولة الخلافة التاريخية ومن والاها من علماء المسلمين رغبة أو رهبة وقد أجتمع أساتذة وخريجو هذه المدرسة على أن المهدي المنتظر حقيقة دينية ، بشّر بها الرسول وأنه سيظهر ذات يوم ، ورووا مئات الأحاديث عن رسول الله التي تحدثت عن المهدي ونسبه ، وعن حتمية ظهوره ،

١٠٣

وعن علامات الظهور ، وعن عصر ظهوره ، ووفق معايير هذه المدرسة وموازينها ، فقد أجمع أساتذتها وخريجوها بأن تلك الأحاديث صحيحة ، ومتواترة وأنها قد رواها جمع كبير من الصحابة الكرام والعلماء الذين يمتنع عقلاً اجتماعهم على الكذب ، وأن هذه الأخبار قد شاعت بين المسلمين وتناقلتها أجيالهم جيلاً عن جيل ، واطمأنت لها القلوب فتحولت إلى جزء لا يتجزأ من العقيدة الدينية والإسلامية.

المدرسة الثانية ، وهي مدرسة أهل بيت النبوة : أساتذتها أئمة أهل البيت الإعلام الذين تتلمذوا على يد الرسول شخصياً ، وعاشوا وإياه تحت سقف واحد طوال حياته المباركة ، وأورثهم علمي النبوة والكتاب ، وعهد إليهم بوظيفة بيان ما أنزل الله من بعده كل في عصره ، وقد تخرج على أيديهم علماء أفذاذ نبغوا بعلمي النبوة والكتاب ، وقد أجمع أئمة أهل بيت النبوة وخريجو مدرستهم على أنهم قد سمعوا رسول الله يبشر بالمهدي المنتظر ، ويسميه باسمه محمد بن الحسن وأنه حفيد النبي ، وأنهم سمعوا رسول الله يصفه وصفاً دقيقاً ، ويؤكد على حتمية ظهوره ، مثلما سمعوه وهو يبين علامات هذا الظهور ، ويصف عهد المهدي وما فيه من عدل ورخاء وسيادة على العالم كله ، وظهور لدين الإسلام على كل الأديان ، وأن هذا المهدي هو الإمام الثاني عشر من أئمة أهل بيت النبوة ، ومن لا يعتقد بذلك فليس من شيعة أهل البيت ولا من مواليهم الخلص. بمعنى أن هذا الاعتقاد جزء من حقيقة موالاة وتولى أهل بيت النبوة. ثم إنه ما من إمام من الأئمة الأخيار إلا وقد بشّر بالمهدي المنتظر ، وروى عن جده رسول الله أحاديث تتعلق بذات المهدي وصفاته ، وعلامات ظهور ومظاهر العدل ، والعزة ، والمرخاء في عصر الظهور ، ثم إن الأحاديث التي رواها العلماء الموالون لأهل بيت النبوة في صحاحهم وكتب حديثهم تتحدث بالتفصيل عن المهدي ، ويعتبرون ظهوره فرجاً وانتظار هذا الفرج قربي إلى الله وديناً.

إجماع المدرستين واستحالة إجماعهما على كذب

لقد رأيت قبل قليل إجماع المدرستين الإسلاميتين الوحيدتين في العالم

١٠٤

الإسلامي على حقيقة أن رسول الله بالفعل قد بشر بالمهدي المنتظر ، وأكد حتمية ظهوره ، بحيث أنه لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد ، لطول الله ذلك اليوم حتى يظهر المهدي المنتظر فيه ، ولا خلاف بين اثنين من كون المهدي من أهل بيت النبوة.

فهل يعقل بربك أن يجمع أهل النبوة وأولياؤهم ، وعلماء دولة الخلافة والخلفاء وأولياؤهم وهم على طرفي نقيض على أسطورة منسوبة للدين ، أو على الكذب على رسول الله ، أو التقول عليه!!

يمكن لدولة الخلافة بجبر فريقاً من الأمة على هدم الكعبة نفسها وهي أقدس مقدسات المسلمين ، وتجبر الفريق الآخر على السكوت ، ويمكنها أن تنهتک أعظم حرمات الإسلام فتقتل ابن النبي ، وتقتل وتبيد ذرية النبي ، وتسبي بناته وباعصاب هادئة بايدي فريق من الأمة مع ضمان سكوت الفريق الآخر ، ويمكنها أن تستبيح مدينة النبي ، فتفض بكارات بناتها وتنهب أموالها ، وتقتل الأكثرية الساحقة من سكانها وتأخذ البيعة من الناس على أنهم خَوَلٌ وعبيد لخليفة يتصرف بهم تصرف المالك بملكه وأشيائة!! كما حدث ذلك في التاريخ فعلاً ، بمعنى أن دولة الخلافة قادرة على فعل كل ما تريده ، ولکنها لا تستطيع أن تجبر الأمة لتقتنع قناعة تامة ، وتختلق على رسول الله الأنبياء المتعلقة بالمهدي المنتظر ، ولنفترض بأنها استطاعت أن تقود رعاياها ، وتسخر مواردها في حملة اختلاق کبرى على رسول الله ، فهل يمكنها أن تجبر أئمة بيت النبوة على المشاركة بمثل هذه الحملة!! وهل يمكنها أن تجبر الأمة على اقتراف جريمتي الكذب والاختلاق على رسول الله!! وهم نماذج بشرية فذة تعتبر الموت سعادة والحياة مع الضالمين شقاء لا يطاق!!

ثم ما هي مصلحة الخلفاء ، أو رعاياهم ، أو دولتهم ليجمعوا على حقيقة أن المهدي المنتظر من أهل بيت النبوة!! وهم الخلفاء الذين كانوا يؤمنون أن العبيد الموالي وأعداء الله ورسوله أولى بالخلافة من آل محمد ، فهل يعقل أن يعلوا يايديهم الدليل الذي سيدينهم!!

١٠٥

 لقد فرضت كثرة ونوعية ، وصحة وتواتر ، الأحاديث الصادرة عن رسول الله نفسها على الخلفاء ، ورعاياهم ودولتهم ، فكان زخمها من القوة بحيث لم يعد بالإمكان إنكارها ، أو تجاهلها أو تكذيبها ، إنها قوة الحقائق الربانية التي يعترف بها المحب والكاره ، المؤمن والفاسق.

لهذا كله أجمع أهل بيت النبوة ومن والاهم على أن الأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر قد صدرت من رسول الله بالفعل ، وأنهم قد سمعوا رسول الله يتحدث بها ، وأنه قد كلفهم ببيانها ونقلها للمسلمين ، وأنهم ورثوا هذه الحقيقة كجزء لا يتجزأ من علمي النبوة والكتاب.

كذلك فقد أجمع علماء دولة الخلافة بأنه قد ثبت لديهم بالوجه القطعي بأن الأخبار المتعلقة بالمهدي المنتظر قد صدرت عن رسول الله بالفعل ، وأنهم قد حصلوا تلك الأخبار بنفس الطرق والوسائل التي حصلوا فيها على أخبار النبي عن الصلاة والصيام والحج وغيرها من أحكام الإسلام ، وأنه قد ثبت لديهم صحتها وتواترها ، وعلى ذلك تسالم جميع علماء دولة الخلافة ورعاياها عبر تاريخها السياسي الطويل ، وما زال ذلك إرثاً مقدساً.

رواة الأحاديث المتعلقة

بالمهدي المنتظر

روى الأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر أكثر من خمسين صحابياً. شهدت الأكثرية الساحقة منهم بأنهم قد سمعوا رسول الله يدلي بهذه الأحاديث ويتحدث بها أمامهم وعلى مسامعهم.

وتتبع العلماء بدقة متناهية بعض هذه الأحاديث حتى أوصلوها إلى بعض الصحابة فوقفت عندهم ، دون أن يصرحوا بأنهم قد سمعوها من رسول الله. ولا يخفى أن أحاديث المهدي كلها من أنباء الغيب ، والصحابي لا يوحى إليه ، يعلم الغيب إلا من رسول الله ، وهذا كله يعني أن الأحاديث الموقوفة عند بعض الصحابة قد صدرت بالفعل من رسول الله. ومن المستحيل عقلاً أن يتفق عدد يربو على الخمسين صحابياً على كذب!! خاصة وأنه لا مصلحة لهم بالكذب ، ولم

١٠٦

يكرههم أحد على ذلك ، ثم إنهم لا يعرفون شخص المهدي المنتظر على وجه اليقين ليكذبوا من أجله أو ليطمعوا بثواب عاجل منه لهذا الكذب.

من هم رواة الأحاديث

المتعلقة بالمهدي المنتظر

١ ـ أهل بيت النبوة وآل محمد : فعلي بن أبي طالب والسيدة فاطمة بنت محمد الزهراء والسبط الإمام الحسن ، والسبط الثاني الإمام الحسين قد أجمعوا جميعاً بأنهم قد سمعوا رسول الله يحدث بالأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر ، وهؤلاء الأربعة هم أبناء النبي ، ونساء النبي ونفس النبي كما هو ثابت من آية المباهلة. وهم آل محمد ، الذين لا تجوز صلاة مسلم إن لم يصلِ عليهم ، وهم أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ، ولو لم يكن للأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر غير هؤلاء الرواة لكان فيهم الكفاية ، ولتحقق بهم اليقين. ثم إن الأئمة الطاهرين الثمانية الذين آلت إليهم الإمامة بعد الإمام الحسين قد رووا هذه الأحاديث ، وقدموها لأتباعهم وللأمة كجزء لا يتجزأ من علمي النبوة والكتاب.

٢ ـ من بني هاشم أيضاً : كان الهاشميون أكثر الناس التصاقاً بالنبي والتفافاً حوله ، وجهاداً معه ، ودفاعاً عنه ، وبلاء في سبيله وقد وعى الكثير منهم ما صدر عن النبي من قول أو فعل أو تقرير ، ونذكر من الرواة الهاشميين الذين رووا أحاديث متعلقة بالمهدي المنتظر :

١ ـ العباس بن عبد المطلب عم النبي.

٢ ـ وعبد الله بن العباس.

٣ ـ وعبد الله بن جعفر الطيار.

٣ ـ الصحابة الأبرار : ومن الذين رووا الأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر طائفة من الصحابة الأبرار الذين ثبتوا على الولاء لله ولرسول ولأهل بيت النبوة ، واجتازوا المحرم والبلاء بنفوس مطمئنة ، وفارقوا الدنيا دون أن يغيروا ويبدلوا أو ينقلبوا على أعقابهم منهم سلمان الفارسي ، وأبو ذر الغفاري ، وعمار بن ياسر ،

١٠٧

وجابر الأنصاري وحذيفة بن اليمان.

٤ ـ خلفاء ومرشحون للخلافة : وممن روى الأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر خلفاء ، كعمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان ، أو ممن ترشحوا للخلافة كعبد الرحمن بن عوف ، وطلحة بن عبيد الله ، وعبد الله بن عمر بن الخطاب ، وعبد الله بن عمرو بن العاص.

٦ ـ من زوجات النبي : وروى أحاديث متعلقة بالمهدي المنتظر بعض زوجات النبي كأم سلمة ، وعائشة ، وأم حبيبة.

٧ ـ طائفة من الصحابة الكرام : وروى جانباً من الأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر طائفة من أجلاء الصحابة منهم أبو أيوب الأنصاري ، وزيد بن أرقم ، وأبو سعيد الخدري ، وسهل بن سعد الساعدي ، وحذيفة بن أسيد ، ومعاذ بن جبل.

٨ ـ مثلما روتها طائفة أخرى من الصحابة : كأبي هريرة ، وعبد الله بن عمرو بن العاص وعمران بن حصين ، وأنس بن مالك ، وزيد بن ثابت. [ راجع المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي ، مركز الرسالة ص ٢٨ ، وما فوق : و « إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون » أبو الفيض الغماري ص ٤٣٧ ، « ومعجم أحاديث الإمام المهدي » ، خمسة مجلدات مؤسسة المعارف الإسلامية بإشراف الشيخ علي الكوراني ].

١٠٨

الفصل السادس :

علماء المسلمين الأعلام الذين

أخرجوا أحاديث المهدي

أخرج علماء المسلمين الأعلام الأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر ودونوها في صحاحهم ومسانيدهم ومؤلفاتهم ، مسلمين بصحتها وتواترها.

١ ـ علماء المسلمين الأعلام الذين تخرجوا من مدرسة أهل البيت

علماء المسلمين الأعلام الذين والوا أهل بيت النبوة ، وقالوا بحقهم الشرعي برئاسة الأمة من الناحيتين الروحية والزمنية ونقصد بهم علماء الشيعة : كالكليني ، والصدوق ، والمجلسي ، والعاملي وغيرهم ممن دونوا الأحاديث والموسوعات الدينية ، أخرجوا أحاديث المهدي المنتظر وتعاملوا معها كحقائق إسلامية ثابتة لديهم ، واعتبروها معارف دينية وصلت إليهم من رسول الله ، مثلما اعتبروها من أصول الدين وأساسياته ، لأن الاعتقاد بالمهدي المنتظر واعتباره ثاني عشر الأئمة الشرعيين من المسائل الأصولية والأساسية عندهم.

٢ ـ علماء المسلمين الأعلام الذين تخرجوا من مدرسة دولة الخلافة

وأخرج أحاديث المهدي المنتظر العلماء الذين والوا دولة الخلافة التاريخية رغبة أو رهبة ، وتخرجوا من مدرستها وهم من الكثرة والشهرة ومؤلفاتهم من التعدد بحيث يستحيل تواطؤهم على الاتفاق بإخراجها ، ومع ذلك فقد أجمعوا على إخراج الأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر ، لأن هذه الأحاديث

١٠٩

كانت من الثبوت والشيوع والقوة ، بحيث أنها قد فرضت نفسها فرضاً على دولة الخلافة وعلى كافة علمائها ، وتعذر تجاهلها أو إنكارها ، لأنها شقت طريقها بيسر وسهولة إلى أسماع المسلمين وقلوبهم ، ولم يكن بوسع دولة الخلافة ، ولا بوسع علمائها أن يتجاهلوا قوة هذا التيار الغلاب ، فأذعنوا أمام قوة الحقيقة الدينية ، وأخرجوا الأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر ، ودونوها في صحاحهم ومسانيدهم ومؤلفاتهم ، واعتبروها معلومات عن الغيب ، وحقائق دينية صادرة بالفعل عن الصادق المجرب الذي لا ينطق عن الهوى.

ممن أخرج الأحاديث

المتعلقة بالمهدي

١ ـ أصحاب كتب الحديث المعروفة بالصحاح الستة : البخاري ، ذكر المهدي بالوصف لا بالاسم ، وأخرج الأحاديث المتعلقة بعلامات الظهور ، وبنزول السيد المسيح ، وظهور المسيح الدجال ، وأخرج الحديث الذي يؤكد بأن إمام الأمة هو الذي سيؤم المسيح ابن مريم عند نزوله ، وشراح صحيح البخاري أعلنوا بصراحة بأن الإمام الذي عناه البخاري هو المهدي المنتظر. [ راجع فتح الباري ج‍ ٦ ص ٣٨٣ ـ ٣٨٥ ، وعمدة القاري ج‍ ١٦ ص ٣٩ ـ ٤٠ المجلد الثامن ، وفيض الباري ج‍ ٤ ص ٤٤ ـ ٤٧ ، وحاشية البدر الساري ج‍ ٤ ص ٣٣ ـ ٤٧ ، والمهدي المنتظر في الفكر الإسلامي ١٤٠ ـ ١٤٣ ].

ويبدو أن البخاري قد تحاشى ذكر المهدي بالاسم لأنه عندما وضع صحيحه ، كانت فرائص الدولة ترجف رعباً من هذا المهدي ، وتبحث عنه بعد أن تأكدت مخابراتها بأنه قد ولد بالفعل.

كذلك ذكر مسلم في صحيحه المهدي بالوصف لا بالاسم ، لأن مسلم قد وضع صحيحه بنفس الفترة الزمنية ، ومع هذا فقد ذكر ابن حجر الهيثمي ، [ راجع في الصواعق المحرقة الفصل ١١ ، والمتقي الهندي في كنز العمال ج‍ ١٤ ص ٢٦٤ ، حديث ٣٨٦٦٢ ، ومحمد على الصبان في إسعاف الراغبين ص ١٤٥ ، والشيخ حسن العدوي المالكي في مشارق الأنوار ] ، أن مسلم قد ذكر في صحيحه

١١٠

المهدي بالاسم وبالوصف معاً لكن الاسم قد حذف ، وبقي الوصف ، وليس أدل على ذلك من أن مسلم قد أخرج حديث الخليفة الذي يحثي المال حثياً ، ولا يعده عداً. [ راجع صحيح مسلم بشرح النووي ج‍ ١٨ ص ٣٨ ، وأخرج حديث خسف البيداء ج‍ ١٨ ص ٤ ـ ٧ من صحيح مسلم بشرح النووي وكلاهما من الظواهر الخاصة بالمهدي المنتظر ، التي لا تنطبق على غيره ، ولم تحدث مع غيره. وأخرج أحاديث المهدي المنتظر ابن ماجة ت ٢٧٣ ه‍ ، وأبو داود ت ٢٧٥ ه‍ ، والترمذي المتوفى ٢٧٩ ه‍ ، وهؤلاء هم أصحاب الصحاح عند أهل السنة ].

٢ ـ وأخرج أحاديث المهدي كل علماء دولة الخلافة الأعلام الذين تألقوا خلال الفترة الزمنية الواقعة ما بين ١٠٠ ه‍ ٩٧٥ ه‍ ، وقد ورد ذكرهم في كتاب المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي ص ٢٦ ـ ٢٩ إصدار مركز الرسالة منهم ابن سعد صاحب الطبقات الکبرى ، وابن أبي شيبة ت ٢٣٥ ه‍ ، وأحمد بن حنبل ت ٢٤١ ه‍ ، وأبوبكر الإسكافي ت ٢٦٠ ه‍ ، وابن قتيبة الدينوري ت ٢٧٦ ه‍ ، واليزارت ٢٩٢ ه‍ ، وأبو يعلى الموصي ت ٣٠٧ ه‍ والطبري ت ٣١٠ ه‍ والعقيلي ت ٣٢٢ ، ونعيم بن حماد ت ٣٢٨ ، وشيخ الحنابلة البربهاري ت ٣٢٩ وابن حبان البستي ت ٣٥٤ ، والمقدسي ت ٣٥٥ ، والطبراني ت ٣٦٠ ، وأبو الحسن الأبري ت ٣٦٣ ، والدار قطني ٣٨٥ ، والخطابي ت ٣٨٨ ، والحاكم النيسابوري ت ٤٠٥ ، وأبو نعيم الأصبهاني ت ٤٣٠ ، وأبو عمرو الداني ت ٤٤٤ ، والبيهقي ت ٤٥٨ ، والخطيب البغدادي ت ٤٦٣ ، وابن عبد البر المالكي ت ٤٦٣ ، والديلمي ت ٥٠٩ ه‍ والبغوي ت ٥١٠ ، والقاضي عياض ت ٥٤٤ ، والخوارزمي الحنفي ت ٥٦٨ ، وابن عساكر ت ٥٧١ ، وابن الجوزي ت ٥٩٧ ، وابن الجزري ت ٦٠٦ وابن العربي ت ٦٣٨ ، ومحمد بن طلحة الشافعي ت ٦٥٢ ، والسبط بن الجوزي ت ٦٥٤ وابن أبي الحديد المعتزلي الحنفي ت ٦٥٥ ، والقرطبي المالكي ت ٦٧١ ، والكنجي الشافعي ت ٦٥٨ ، وابن خلكان ت ٦٨١ ، ومحب الدين الطبري ت ٦٩٤ ، والعلامة ابن منصور في مادة هدى من لسان العرب وهو متوفى عام ٧١١ ه‍ ، وابن تيمية ت ٧٢٨ ، والجويني ت ٧٣٠ ، والذهبي ت ٧٤٨ ، وابن الوردي ت ٧٤٩ ، والزرندي الحنفي ت ٧٥٠ ، وابن القيم

١١١

الجوزي ٧٥١ ، وابن كثير ت ٧٧٤ ه‍ ، وابن خلدون المغربي ت ٨٠٨ هـ. إلخ.

هؤلاء هم العلماء الأفذاذ الذين تألقوا في سماء دولة الخلافة وعرفتهم الخاصة والعامة ، وكلهم قد أجمعوا على إخراج الأحاديث النبوية المتعلقة بالمهدي المنتظر.

ويمكنك القول وبكل ارتياح ، أنه ما من محدث إسلامي على الإطلاق ، إلا وقد أخرج الأحاديث المبشرة بظهور المهدي في آخر الزمان أو أخرج بعضها ، أو أخرج أحاديث عن علامات الظهور أو مشاهد من عصر الظهور.

عدد الأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر

بالرجوع إلى معجم أحاديث المهدي الذي ألفته مؤسسة المعارف الإسلامية والواقع في خمسة مجلدات والمطبوع في قم الطبعة الأولى نجد أن : ـ

١ ـ مجلد الأول والثاني قد اشتملا على ٥٦٠ حديثناً من الأحاديث المروية بطرق السنّة والشيعة معاً والمسندة جميعها إلى النبي.

٢ ـ المجلد الثالث والرابع قد اشتملا على ٨٧٦ حديثاً مسندة إلى أئمة أهل البيت ، واشترك أهل السنة برواية الكثير منها مع الشيعة الإمامية.

٣ ـ أما المجلد الخامس فقد اشتمل على ٥٠٥ أحاديث وكلها من الأحاديث المفسرة لآيات قرآنية ، وقد غطت هذه الأحاديث ما أورده المفسرون من أهل السنة والشيعة.

٤ ـ وعلى هذا تكون مجموع الأحاديث المسندة إلى النبي وأئمة أهل البيت ١٤٣٦ حديثاً ، فإذا أضفنا لها محتويات المجلد الخامس المشتمل على الأحاديث المفسّرة يكون مجموع الأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر ١٩٤١ حديثاً. [ راجع المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي إصدار مؤسسة الرسالة ص ١٤٩. ]

أحاديث المهدي المنتظر بموازين علماء الحديث

١ ـ صحة أحاديث المهدي المنتظر

١ ـ قال الترمذي في سننه ج‍ ٤ ص ٥٠٥ الأحاديث أرقام ٢٢٣٠ و ٢٢٣١

١١٢

وجـ ٤ ص ٥٠٦ الحديث رقم ٢٢٣٣ عن كل واحد من الأحاديث الثلاثة المذكورة هذا حديث حسن صحيح. وقال في ج‍ ٤ ص ٥٠٦ من سننه عن الحديث رقم ٢٢٣٢ : « هذا حديث حسن ».

٢ ـ قال أبو جعفر العقيلي ت ٣٢٢ : « وفي المهدي أحاديث جياد » الضعفاء الكبير للعقيلي ج‍ ٣ ص ٢٥٣ الحديث رقم ١٢٥٧ في ترجمة علي بن نفيل الحراني.

٣ ـ قال الحاكم النيسابوري ت ٤٠٥ ه‍ في المستدرك ج‍ ٤ ص ٤٢٩ و ٤٦٥ ٥٥٣ و ٥٥٨ عن كل واحد من الأحاديث الأربعة التي أخرجها : « هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، وفي ج‍ ٤ ح ٤٥٠ و ٥٥٧ و ٥٥٨ قال عن كل واحد من هذه الأحاديث الثلاثة : « هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه » وفي ج‍ ٤ ص ٤٢٩ و ٤٤٢ و ٤٥٧ و ٤٦٤ و ٥٠٢ و ٥٢٠ و ٥٥٤ و ٥٥٧ ، قال عن كل واحد من الأحاديث الثمانية : « هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه ».

٤ ـ قال البيهقي ت ٤٥٨ ه‍ في الأعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد ص ١٢٧ : « والأحاديث على خروج المهدي أصح إسناداً ».

٥ ـ وفي كتاب مصابيح السنة للبغوي ص ٤٨٨ ، ٤٩١ أخرج حديثاً للمهدي في فصل الصحاح وفي ص ٤٩٢ ـ ٤٩٣ أخرج خمسة أحاديث للمهدي في فصل الحسان.

٦ ـ قال ابن الأثير ت ٦٠٦ ه‍ في النهاية مادة « هدا » وبه سمي المهدي الذي بشر به رسول الله أنه يجيء في آخر الزمان ، [ راجع النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير ج‍ ٥ ص ٢٥٤ ]. وهذا لا يصدر إلا على من يقول بالصحة.

٧ ـ قال القرطبي في التذكرة ص ٧٠٤ باب ما جاء في المهدي عن حديث ابن ماجة في المهدي إسناده صحيح.

٨ ـ قال ابن تيمية في منهاج السنة : « إن الأحاديث التي يحتج بها الحلي على خروج المهدي أحاديث صحيحة » منهاج السنة ج‍ ٤ ص ٢١١.

١١٣

 ٩ ـ سكت الذهبي على ما صححه الحاكم في مستدركه من أحاديث المهدي وصرح بصحة حديثين ، [ راجع تلخيص المستدرك ج‍ ٤ ص ٥٥٣ و ٥٥٨ مطبوع بهامش المستدرك ].

١٠ ـ قال الكنجي الشافعي في كتابه : « البيان في أخبار صاحب الزمان عن حديث أخرجه الترمذي في سننة ج‍ ٤ ص ٥٠٥ وصححه هذا حديث صحيح ، وقال عن آخر هذا حديث حسن صحيح ».

١١ ـ اعتراف ابن القيم الجوزي في المنار المنيف ص ١٣٠ ـ ١٣٥ حديث ٣٢٦ و ٣٢٧ و ٣٢٩ و ٣٣١ بحسن بعض أحاديث المهدي وصحة بعضها الآخر.

١٢ ـ قال ابن كثير عن سند حديث في المهدي ، وهذا إسناد قوي صحيح ثم نقل حديثاً عن ابن ماجة وقال : هذا حديث حسن ، وقد روى من غير وجه عن النبي ». [ راجع النهاية في الفتن والملاحم ج‍ ١ ص ٥٥ و ٥٦ لابن كثير ].

١٣ ـ قال التفازاني عن خروج المهدي في آخر الزمان : « وقد ورد في هذا الباب أخبار صحاح ». [ راجع شرح المقاصد للتفتازاني ج‍ ٥ ص ٣١٢ ].

١٤ ـ قال نور الدين الهيثمي في مجمع الزوائد ج‍ ٧ ص ٣١٣ ـ ٣١٤ عن أحد حديثين واردين في المهدي المنتظر رواه الترمذي وغيره ، ورواه أحمد ، وأبو يعلى ورجالهما ثقات ، وقال عن آخر ج‍ ٧ ص ١١٥ : رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح ، وفي ج‍ ٧ ص ١١٦ قال عن ثالث : ورجاله ثقات وفي ج‍ ٧ ص ١١٧ قال عن رابع : رواه البزار ورجاله صحيح ، وفي ص ١١٧ أيضاً قال عن خامس : رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات.

١٥ ـ وفي الجامع الصغير للسيوطي ج‍ ٢ ص ٦٧٢ رمز لبعض الأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر بعلامة « صح » أي صحيح ولبعضها الآخر بعلامة « ح » أي حسن.

١٦ ـ نقل القنوجي عن الشوكاني قوله بصحة أحاديث الإمام المهدي وتواترها.

١٧ ـ قال ناصر الدين الألباني في مقال له بمجلة التمدن الإسلامي

١١٤

دمشق / ٢٢ ذي القعدة ١٣٧١ : « أما مسألة المهدي المنتظر فليعلم أن في خروجه أحاديث صحيحة قسم كبير منها له أسانيد صحيحة ». [ راجع المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي إصدار مركز الرسالة ص ٣٤ ـ ٣٨ ].

٢ ـ تواتر الأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر

لا خلاف بين اثنين من أئمة أهل البيت أو من أوليائهم بأن الأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر قد صدرت عن رسول الله بالفعل ، ونقلها عنه جمع كبير من المسلمين يمتنع عقلاً وبكل الموازين اجتماعهم على الكذب ، وأن هذه الأحاديث كانت معلومة بين الناس أثناء حياة الرسول وبعد وفاته ، وأنها قد تواترت واستقرت في القلوب والأذهان ، وما كانت حركة التدوين والرواية إلا كشفاً وتأكيداً لحقائق ثابتة ومستقرة.

كذلك قإن علماء دولة الخلافة قد توصلوا عملياً لهذه النتيجة وصرحوا بتواتر الأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر ، وصدر هذا التصريح عن غير واحد منهم كالسيوطي ، راجع إبراز الوهم المكنون لأبي الفيض ص ٤٣٦ ، والهيثمي ، راجع الصواعق المحرقة ١٦٢ ـ ١٦٧ فصل ١ باب ١١ والمتقي الهندي ، راجع البرهان على علامات مهدي آخر الزمان ١٧٨ ـ ١٨٣ ، والبزرنجي ، راجع الإشاعة لاشراط الساعة ص ٨٧ ، وابن حجر العسقلاني ، راجع تهذيب التهذيب ج‍ ٩ ص ١٢٥ / ٢٠١ واحتج القرطبي بقول الحافظ الحاكم النيسابوري « والأحاديث عن النبي في التنصيص على خروج المهدي من عترته من ولد فاطمة ثابتة » التذكرة ج‍ ١ ص ٧٠١. راجع المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي / إصدار مركز الرسالة ص ٣٨ ـ ٤٣.

١١٥

الفصل السابع :

التشكك بأحاديث المهدي

بعد التيقين منها

حصول اليقين فيها

رأينا أن أحاديث المهدي المنتظر ، قد رواها أهل بيت النبوة عن رسول الله ، وقد شهدوا أنهم قد سمعوا رسول الله يحدث بها ، ويبشر المؤمنين بالمهدي المنتظر ، وعلى ذلك قد أجمعوا ، وتناقل أهل بيت النبوة هذا الإجماع جيلاً بعد جيل. فلو لم يرويها من الأمة غيرهم لكانت رواية أهل بيت النبوة كافية ، وكانت شهادتهم صادقة ، ولكان إجماعهم حجة على المسلمين أجمعين ، لأنهم الأبناء والنساء والأنفس المنوَّه عنهم بآية المباهلة ، ولأن الله قد شهد لهم بالطهارة ، ولان الصلاة عليهم ركن الصلاة المفروضة على العباد ، ثم لأنهم أحد الثقلين.

وبعد مائة سنة من منع كتابة ورواية الأحاديث النبوية ، والتزام دولة الخلافة ورعاياها بهذا القانون العجيب اكتشفوا خطورة هذا القانون وكم ضيعوا في جنب الله ، فانطلقوا يروون ويكتبون أحاديث نبيهم بعد مائة عام من صدورها ، وأوجدوا موازين الرواية والدراية وتواصلوا وفق هذه الموازين إلى نتيجة مفادها أن أكثر من خمسين صحابياً قد سمعوا رسول الله يحدث بأحاديث المهدي المنتظر ، ويبشر المؤمنين به.

وكان الإخوان الذين سبقونا بالإيمان قد سمعوا رسول الله يحدث بها ، ويبشر

١١٦

بالمهدي فنقلوا ما سمعوه لابنائهم ، وصدق الناس لأن هذه من أنباء الغيب التي لا مجال للاجتهاد فيها.

وتضافر إجماع أهل بيت النبوة ، مع شهادة الخمسين صحابياً مع القناعة العامة التي تولدت عند المسلمين وتوارثوها جيلاً بعد جيل ، فصار الاعتقالد بالمهدي المنتظر وعلامات ظهوره ، وملامح عهد الظهور عقيدة عند المسلمين تقرأ تماماً مع عقيدتهم الدينية.

وعلى هذا الأساس وبعد التحري والاثبات قام علماء الحديث الأعلام بإخراج أحاديث المهدي المنتظر ، وحكموا بصحتها وفق الموازين العامة التي أُوجدها ، وقالوا بتواترها ، وأخراجها المؤرخون وعلماء التفسير وأصحاب السِّير وأفرد لها رجال الفكر والسياسة بحوثاً خاصة ، وتكونت لدى المسلمين مع اختلاف منابتهم وأصولهم ومذاهبهم وتوجهاتهم عقيدة الاعتقاد بالمهدي المنتظر الواحدة. وهكذا تحقق اليقين بكل صوره وتصوراته القطعية.

٢ ـ أوهام الشك بعد حصول اليقين

بعد أن حصل اليقين بعقيدة المهدي المنتظر ، وبعد أن عرف المسلمون إجماع أهل بيت النبوة على صحة هذا الاعتقاد ، وبعد أن أدلى خمسون صحابياً بشهادتهم على أنهم سمعوا الرسول يبشر بالمهدي المنتظر ويحدث بأحاديثه ، وبعد أن أخرج العلماء الأعلام هذه الأحاديث وحكموا بصحتها وتواترها كما أسلفنا ، وبعد أن صار الاعتقاد بالمهدي المنتظر عقيدة لكل المسلمين ، وصار انتظاره فرجاً ومخرجاً وعبادة ، بدأت أوهام الشك تتجدد بعد حصول اليقين تراود أذهان البعض ، ثم صرحوا بها مع علمهم بكل ما أسلفنا ، وأخذوا يشككون بصحة الاعتقاد بالمهدي المنتظر.

الأسباب المعلنة للشك بعد اليقين

والرد عليها

الذين أبدوا شكوكهم بفكرة الاعتقاد بالمهدي المنتظر ، وبالأحاديث النبوية الواردة فيه ، أعلنوا بأن شكوكهم لم تنطلق من فراغ ، ولا هي من قبيل التشهي بل

١١٧

تستند إلى أسباب معقولة منها :

١ ـ أن البخاري ومسلم لم يرويا أي حديث صريح بالمهدي المنتظر

الرد على هذا السبب :

أ ـ لم يقل أحد من علماء الحديث أن كل ما لم يروه البخاري ومسلم غير صحيح.

ب ـ صحيحا البخاري ومسلم لم يشتملا على كافة الأحاديث الصحيحة بدليل قول البخاري عن كتابه الصحيح : « أخرجت هذا الكتاب من مائة ألف حديث صحيح ، أو من مائتي ألف حديث صحيح ، فما أعلن البخاري صحته يزيد عما أخرجه في صحيحه بعشرات الأضعاف ».

ج ـ إن البخاري ومسلم قد كتبا صحيحهما بتاريخ ولادة المهدي المنتظر وكان مجرد ذكر المهدي المنتظر يثير الرعب في أوصال أركان الدولة العباسية ، فكانت مخابراتها وعيونها تتحرى عن كل المواليد في ذلك التاريخ ، فمن غير المعقول بهذه الظروف أن يخاطر الشيخان بذكر لفظ المهدي المنتظر ، فلو فعلا ذلك لواجها دولة لا طاقة لهما بمواجهتها والأهم أن الدولة يمكن أن تتلف صحيحيهما.

ومع هذا تطرق الشيخان إلى الأحاديث الواردة بخروج الدجال ، وأحاديث نزول عيسى ، وإمامة أمير المسلمين لعيسى ، فهما يعبران عن وجود الإمام المهدي : « بكلمة أمير » أو الإمام مطلقاً ثم إن شراح صحيح البخاري متفقون على أن البخاري قد يلفظ الإمام : « الإمام المهدي ». [ راجع عمدة القاري بشرح صحيح البخاري ج‍ ١٦ ص ٣٩ ـ ٤٠ المجلد الثامن. وفتح الباري ج‍ ٦ ص ٣٨٣ ـ ٣٨٥ ، وإرشاد الساري ج‍ ٥ ص ٤١٩ ].

ذ ـ أما مسلم فقد ذكر حديث عن خليفة يحثي المال حثياً ولا يعده عداً ، وذكر حديث الخسف ، وهذه أوصاف وأحديث لا تنطبق إلا على الإمام المهدي وعلامات ظهوره.

ر ـ ثم إن الأحاديث التي أخرجها أصحاب الصحاح الأخرى تتكامل إلي

١١٨

درجة التطابق مع ما ذكره البخاري ومسلم ، مما يؤكد تحاشي الشيخين المتعمد لإغفال الإمام المهدي خشية سطوة الدولة التي كانت معبأة بالكامل ضد شبح المهدي ، وخوفاً على كتابيهما.

ز ـ لقد تعرف علماء دولة الخلافة على أن كتب الأحاديث المشهورة عندهم هي ستة كتب ، وسموها بالصحاح ومنها صحيح البخاري ومسلم ، والكتب الأربعة الأخرى التي تحمل صفة الصحاح أخرجت أحاديث المهدي المنتظر بمعنى أن اثنين من أصحاب الصحاح قد أخرجا أحاديث المهدي المنتظر بالوصف دون أن يصرحا باسمه ، بينما أخرجٍ أربعه من أصحاب الصحاح أحاديث المهدي المنتظر وصرحوا باسمه ووصفه معاً.

س ـ ثم إن البخاري ومسلم لم يخرجا كل الأحاديث المتفقة مع الشروط التي وضعاها فطالما كرر الحاكم النيسابوري جملة : « هذا الحديث صحيح على شروط الشيخين ولم يخرجاه ».

ش ـ لم يرد في القرآن ولا في السنّة ، ولا أجمع المسلمون بأن البخاري ومسلم معصومان ، وأن قولهما هو القول الفصل ، عاش المسلمون قرابة قرنين ونصف بدون البخاري ومسلم وتدبروا أمورهم!!

ص ـ ثم ما هي قيمة قولي البخاري ومسلم أمام إجماع أهل بيت النبوة أعدال الكتاب والمشهور لهم بالطهارة إلهياً ، والمفروضه مودتهم على العباد!!

ض ـ ثم إن البخاري ومسلم ليسوا أكثر من عالمين فاضلين من علماء الحديث من جملة مئات علماء الحديث الذين تألقوا في سماء العالم الإسلامي ، ولهما شيوخ وأساتذة ، كلهم أخرجوا أحاديث المهدي المنتظر وقالوا بصحتها وتواترها.

ص ـ ثم إنه ليس منطقياً أن نوقف أو أن نتجاهل حركة الأحداث الربانية لأن صحيحي البخاري ومسلم لم يشتملا عليها!!

ظ ـ من المؤكد أن البخاري ومسلم لم يخرجوا في صحيحيهما بأن الشمس تطلع من المشرق ، وتغيب من المغرب ، فهل نتجاهل هذين الحدثين وننكرهما أو

١١٩

نتنكر لهما بحجة أن البخاري ومسلم لم يتطرقا إلى هذه الناحية! ما لكم كيف تحكمون!!

٢ ـ السبب الثاني : أن ابن خلدون ضعف بعض الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر!!

الرد على هذا السبب :

أ ـ ملخص الموضوع وحصر تضعيفات ابن خلدون : تناول ابن خلدون ٢٣ ، حديثاً من الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر فاخضع هذه الأحاديث للنقد والدراسة فضعّف ١٩ عشر حديثاً ولم يحكم بالضعف على الأربعة المتبقية مما يعني أنها صحيحة في نظره ، فجاء المتشككون ، وطاروا بتضعيفات ابن خلدون كل مطار ، وأشاعوا أن ابن خلدون لا يعتقد بالمهدي المنتظر ، ويضعّف على الإطلاق الأحاديث الواردة فيه مطلقاً. وهكذا تاجر المشككون بشهرة الرجل ، وسخّروا هذه الشهرة لخدمة هواهم.

ب ـ شهادة خطية لابن خلدون : قال ابن خلدون في تاريخه ج‍ ١ ص ٥٥٥ فصل ٥٢ ما نصه حرفياً : « اعلم أن المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على مر الأعصار أنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين ، ويظهر العدل ، ويتبعه المسلمون ، ويستولي على الممالك الإسلامية ويسمى المهدي » انتهى كلام ابن خلدون.

حـ ـ لم يذكر ابن خلدون من الذين أخرجوا أحاديث المهدي المنتظر غير سبعة وهم الترمذي ، وأبو داود والبزار ، وابن ماجة ، والحاكم ، والطبراني ، وأبو يعلى الموصلي ، [ راجع تاريخ ابن خلدون ج‍ ١ ص ٥٥٥.فصل ٥٢ ]. وهذا يعني أنه ترك ٤٨ عالم حديث ممن أخرجوا أحاديث المهدي المنتظر أولهم ابن سعد في طبقاته ت ٢٣٠ ه‍ ، وآخرهم نور الدين الهيثمي ت ٨٠٧ ه‍ ، وحتى يكون الحكم سليماً يجب أن يطلع على ما أخرجه علماء الحديث ، لأن الأحاديث في كل موضوع يكشف بعضها غموض بعض ، ويؤيد بعضها بعضاً.

قال الشيخ أحمد شاكر : إن ابن خلدون قد قفا ما ليس له به علم وأقحم

١٢٠