غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام0%

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
تصنيف: الإمامة
ISBN: 964-319-447-7
الصفحات: 325

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام

مؤلف: السيد ثامر هاشم العميدي
الناشر: مركز الرسالة
تصنيف:

ISBN: 964-319-447-7
الصفحات: 325
المشاهدات: 89804
تحميل: 5077

توضيحات:

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 325 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 89804 / تحميل: 5077
الحجم الحجم الحجم
غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام

مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
ISBN: 964-319-447-7
العربية

حصل مع ولده الإمام الكاظمعليه‌السلام ، أو بغير ذلك من وسائل الضغظ والتعسّف كما حصل لبقية الائمةعليهم‌السلام ، أو بغيبة كما هو الحال مع الإمام المهديعليه‌السلام .

فالأحاديث الآتية إذن هي أعمّ من اختصاصها بإمام أعين ، وانّما هي قاعدة عامّة يمكن للقواعد الشيعية تطبيقها على موردها كلما ضاق الخناق في زمانهم على واحد من الائمة الستة من ولد الإمام الصادقعليه‌السلام ، وإن كان بعضها صريحا في خصوص الإمام السادس من ولد الإمام الصادقعليه‌السلام ثاني عشر الائمة الهداة الميامين : المهدي أرواحنا فداه.

ومن تلك الأحاديث الشريفة :

١ ـ عن عبد الله بن سنان ، قال : « دخلت أنا وأبي على أبي عبد اللهعليه‌السلام فقال : فكيف أنتم إذا صرتم في حال لا ترون فيها إمام هدى ولا علما يُرى ، لا ينجو منها إلاّ من دعا دعاء الغريق ، فقال له أبي : إذا وقع هذا ليلا فكيف نصنع؟ فقال : أما أنت فلا تدركه ، فإذا كان ذلك فتمسكوا بما في أيديكم حتى يتضح لكم الأمر »(١) .

٢ ـ وعن منصور الصيقل قال : « قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إذا أصبحت وأمسيت يوما لا ترى فيه أوصياء من آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فاجبب من كنت تحب ، وابغض من كنت تبغض ، ووال من كنت توالي ، وانتظر الفرج

__________________

١ ـ إكمال الدين : ٢ : ٣٤٨/٣٤٩/٤٠ باب ٣٣ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ١٥٩/٤ باب ١٠.

١٤١

صباحا ومساء »(١) .

٣ ـ وعن أبان بن تغلب قال : « قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : يأتي على الناس زمان يصيبهم فيه سبطة ، يأرز العلم فيها بين المسجدين كما تأرز الحيّة في جحرها فبينما هم كذلك ، إذا أطلع الله عزّوجلّ لهم نجمهم ، قال : قلت : وما السبطة؟ قال : الفترة والغيبة لإمامكم! قال : قلت : فكيف نصنع فيما بين ذلك؟ فقال : كونوا على ما أنتم عليه حتى يطلع الله لكم نجمكم »(٢) .

٤ ـ وعن زرارة قال : « قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم. فقلت له : ما يصنع الناس في ذلك الزمان؟ قال : يتمسكون بالأمر الذي هم عليه حتى يتبين لهم »(٣) .

٥ ـ وعن أبي بصير ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : « طوبى لمن تمسك بأمرنا في غيبة قائمنا فلم يزغ قلبه بعد الهداية »(٤) .

٦ ـ وعن يمان التمّار قال : « كنا عند أبي عبد اللهعليه‌السلام جلوسا فقال لنا : إن لصاحب هذا الأمر غيبة ، المتمسك فيها بدينه كالخارط للقتاد ـ ثم فقال هكذا بيده ـ فأيكم يمسك شوك القتاد بيده؟ ثم أطرق مليا ، ثم قال : إنّ

__________________

١ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ١٥٨ / ٣ باب ١٠ ، واصول الكافي ١ : ٣٤٢ / ٢٨ باب الغيبة.

٢ ـ اكمال الدين : ٣٤٩ / ٤١ باب ٣١ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ١٥٩ / ٦ باب ١٠.

٣ ـ إكمال الدين ٢ : ٣٥٠ / ٤٤ باب ٣٣.

٤ ـ إكمال الدين ٢ : ٣٥٨ / ٥٥ باب ٣٣ ، ومعاني الأخبار / الشيخ الصدوق : ١١٢ / ١ باب معنى طوبى.

١٤٢

لصاحب هذا الأمر غيبة ، فليتّقِ الله عبدٌ وليتمسّك بدينه »(١) .

ثالثا ـ التأكيد على انتظار الإمام الغائبعليه‌السلام في غيبته :

يُعدّ الانتظار في مدرسة أهل البيتعليهم‌السلام من الوظائف الاساسية في عصر الغيبة ، وقد نبّه الإمام الصادقعليه‌السلام على هذه الوظيفة الكفيلة ببناء الفرد بناء إسلاميا صحيحا ، فضلا عن كونها عبادة.

فقد أحرج الترمذي والطبراني عن عبد الله ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « سلوا الله من فضله ، فإنّ الله عزّوجلّ يُحبُّ من يسأل ، وأفضل العبادة انتظار الفرج »(٢) .

وهناك أحاديث كثيرة بهذا المعنى ، عن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام (٣) ، وزين العابدينعليه‌السلام (٤) ، وكذلك عن ابن مسعود(٥) ،

__________________

١ ـ اُصول الكافي ١ : ٣٣٥ ـ ٣٣٦ / ١ باب في الغيبة ، وكتاب الغيبة / النعماني : ١٦٩ / ١١ باب ١٠ ، وإكمال الدين ٢ : ٣٤٣ / ٢٥ باب ٣٣ ، واثبات الوصية / المسعودي : ٢٦٧ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٤٥٥ / ٤٦٥ ، والقتاد : شجر صلب ، شوكه كالابر. وخرط القتاد : مثل يضرب عند ارتكاب صعائب الامور.

٢ ـ سنن الترمذي ٥ : ٥٦٥ / ٣٥٧١ باب ١١٦ ، والمعجم الكبير / الطبراني ١٠ : ١٢٤ ـ ١٢٥ / ١٠٠٨٨.

٣ ـ إكمال الدين ٢ : ٢٨٧. ٦ باب ٢٥ ، والجامع الصغير / السيوطي : ٤١٧ / ٢٧١٩ عن ابن عساكر وابن أبي الدنيا.

٤ ـ امالى الشيخ الطوسي : ٤٠٥ / ٩٠٧ مجلس رقم / ١٤.

٥ ـ مجمع البيان / الطبرسي ٣ : ٤٠.

١٤٣

وأنس(١) ، وابن عبّاس(٢) ، وابن عمر(٣) .

ومن هنا قام الإمام الصادقعليه‌السلام ببيان صفات وواجبات المنتظر للإمام المهديعليه‌السلام ، مسلّطا الضوء على آثار الانتظار وفوائده ، محثّا عليه ، مبشرا المنتظرين لظهورهعليه‌السلام بأنهم من الاولياء الصاحين ، والقدوة الربانيين. ونحو هذا من الأمور الاخرى التي يمكن عرضها ـ من خلال احاديثهعليه‌السلام ـ بالصورة الآتية :

١ ـ توقف قبول العمل على الانتظار :

عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : « ألا أخبركم بما لا يقبل الله عزّوجلّ من العباد عملا إلاّ به؟ ، فقلت : بلى ، فقالعليه‌السلام : شهادة أن لا إله إلاّ الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، والاقرار بما أمر الله ، والولاية لنا ، والبراءة من أعدائنا ، والورع والاجتهاد ، والانتظار للقائمعليه‌السلام »(٤) .

ويمكن التماس الدليل على صحة توقف العمل على انتظار الفرج من القرآن الكريم في عَدِّهِ اليأس من رَوْح الله صفة للكافرين ، كما في قوله تعالى :( ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلاّ القوم الكافرون ) (٥) ، وقال بشمن الكافرين :( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل

__________________

١ ـ تاريخ بغداد / الخطيب البغدادي ٢ : ١٥٤ ـ ١٥٥.

٢ ـ تلخيص المتشابه بالرسم / الخطيب البغدادي ١ : ٢٨٨ ، ومسند الشهاب ١ : ٦٢ / ٤٦.

٣ ـ أمالي الشجري ١ : ٢٢٨ ، ومسند الشهاب ١ : ٦٣ / ٤٧.

٤ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ٢٠٠ / ١٦ باب ١١.

٥ ـ سورة يوسف : ١٢ / ٨٧.

١٤٤

فجعلناهُ هناء منثورا ) (١) .

٢ ـ وصف المنتظرين بأنهم من الأولياء :

عن أبي بصير ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام في قوله تعالى : ( يَوم يأتِي بعضُ آياتِ رَبِّكَ لا ينفعُ نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا )(٢) قالعليه‌السلام : « يعنى : خروج القائم المنتظر منّا ، ثم قال : يا أبا بصير طوبى لشيعة قائمنا ، المنتظرين لظهوره في غيبته ، والمطعين له في ظهوره ، أولئك أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون »(٣) .

٣ ـ منزلة المنتظر لإمام الزمانعليه‌السلام :

عن العلاء بن سيابة ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : « من مات منكم على هذا الأمر منتظرا ، كان كمن هو في الفسطاط الذي للقائمعليه‌السلام »(٤) .

وعن الفيض بن المختار ، قال : « سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : من مات منكم وهو منتظر لهذا الأمر كان هو مع القائم في فسطاطه ، قال : ثم مكث هنيهة ، ثم قال : بل كمن قارع معه بسيفه ، ثم قال : لا والله إلاّ كمن استشهد مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(٥) .

__________________

١ ـ سورة الفرقان : ٢٥ / ٢٣.

٢ ـ سورة الأنعام : ٦ / ١٥٨.

٣ ـ إكمال الدين : ٢ : ٣٥٧ / ٥٤ باب ٣٣ ، وينابيع المودة / القندوزي الحنفي ٣ : ٢٣٨ / ١٠ باب ٢٧١.

٤ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ٢٠٠ / ١٥ باب ١١.

٥ ـ المحاسن / البرقي : ١٥٠ / ١٥١ باب ٣٨.

١٤٥

وعن إبراهيم الكوفي ، عن الصادقعليه‌السلام : « المنتظر للثاني عشر كالشاهر سيفه بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يذبّ عنه »(١) .

٤ ـ ما يجب أن يتحلّى به المنتظر وبيان أجر انتظاره :

عن أبي بصير ، عن الإمام الصادق ، قالعليه‌السلام : « من سره من يكون من أصحاب القائم فلينتظر ، وليعمل بالورع ، ومحاسن الأخلاق وهو منتظر ، فإن مات وقام القائم بعده ، كان له من الأجر مثل أجر من أدركه ، فجدوا وانتظروا »(٢) .

ومن الصفات الاخرى التي ينبغي على المنتظر التحلي بها ، صفة التديّن ، والابتعاد عن المعاصي والآثام بحيث يراعي تقوى الله تعالى دائما ، ويرشدنا إلى هذا ، حديث الإمام الصادقعليه‌السلام : « إن لصاحب هذا الأمر غيبة ، فليتق الله عبد وليتمسك بدينه »(٣) .

٥ ـ توجّع المنتظر وحزنه وبكاؤه على المهديعليه‌السلام في غيبته :

عن سدير الصيرفي ، قال : « دخلت أنا ، والمفضّل بن عمر ، وأبو بصير ، وأبان بن تغلب على مولانا أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام ، فرأيناه جالسا على التراب وعليه مسح خيبري مطوق بلا جيب ، مقصّر الكميّن ،

__________________

١ ـ إكمال الدين : ٢ : ٦٤٧ / ٨ باب ٥٥.

٢ ـ كتاب الغيبة / النعماني ٢٠٠ / ١٦ باب ١١.

٣ ـ اصول الكافي ١ : ٣٣٥ ـ ٣٣٦ / ١ باب في الغيبة ، وكتاب الغيبة / النعماني : ١٦٩ / ١١ باب ١٠ ، وإكمال الدين ٢ : ٣٤٣ / ٢٥ باب ٣٣ ، واثبات الوصية / المسعودي : ٢٦٧ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٤٥٥ / ٤٦٥.

١٤٦

وهو يبكي بكاء الواله الثكلى ذات الكبد الحرّى ، قد نال الحزن من وجنتيه ، وشاع التغيير في عأرضيه وأبلى الدموع محجريه ، وهو يقول :

سيدي! غيبتك نفت رُقادي ، وضيّقت عليّ مِهادي ، وابتزّت مني راحة فؤادي ، سيدي! غيبتك أوصلت مصابي بفجايع الأبد »(١) .

٦ ـ النهي عن قسوة القلوب في فترة الانتظار :

أخرج الصدوق عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : « نزلت هذه الآية في القائمعليه‌السلام :( ولا يكونوا كالذينَ أوتوا الكتابَ من قبلُ فطالَ عليهمُ الأمدُ فقستْ قلوبهم وكثيرٌ منهم فاسقونَ ) (٢) »(٣) .

ويوضح المعنى المذكور ، ما أخرجه النعماني في كتاب الغيبة ، عن أحمد ابن الحسن الميثمي ، عن رجل من أصحاب أبي عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، قال : « سمعته يقول : نزلت هذه الآية التي في سورة الحديد :( ولا يكونوا كالذينَ اوتوا الكتابَ من قبلُ فطال عليهمُ الأمدُ فقستْ قلوبهم وكثيرٌ منهم فاسقونَ ) في أهل زمان الغيبة ، ثم قال عزّوجلّ :( اعلموا من اللهَ يحيى الأرضَ بعدَ موتها قد بيّنّا لكم الآيات لعلّكم تعقلون ) (٤) وقال : إنّما الأمد أمد الغيبة »(٥) .

__________________

١ ـ اكمال الدين ٢ : ٣٥٢ ـ ٣٥٧ / ٥٠ باب ٣٣ ، وينابيع المودّة / القندوزي الحنفي ٣ : ٣١٠ ـ ٣١١ / ٢ باب ٨٠.

٢ ـ سورة الحديد : ٥٧ / ١٦.

٣ ـ إكمال الدين ٢ : ٦٦٨ / ١٢ باب ٥٨.

٤ ـ سورة الحديد : ٥٧ / ١٧.

٥ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ٢٤ / من مقدمة المؤلف ، وتأويل الآيات / الاستر آبادي ٢ : ٦٦٢ / ١٤ ، عن الشيخ المفيد.

١٤٧

ثم قال الشيخ النعماني معلّقا على هذا الحديث ـ : « فإنه أراد عزّوجلّ : يا امّة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أو يا معشر الشيعة ، لا تكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الامد. فتأويل هذه الآية جاء في أهل زمان الغيبة وأيامها دون غيرهم من أهل الأزمنة »(١) .

٧ ـ تهيئة وسائل القوة في فترة الانتظار :

والمطلوب من المنتظر أن يعيش حالة التأهّب التامّ والاستعداد الكامل لنصرة الإمام المهديعليه‌السلام ، وما يتطلب ذلك من الاعداد النفسي والمادي معا بحيث ، يكون كالجندي الذي ينتظر قائده لخوض معركه حاسمة فاصلة. وإلى هذا المعنى يشير حديث الإمام الصادقعليه‌السلام : « ليعدّنّ أحدكم لخروج القائم ولو سهما »(٢) .

٨ ـ ضرورة اعطاء العهد والبيعة للإمام المهديعليه‌السلام في غيبته :

ويدلّ عليه دعاء العهد المروي عن الإمام الصادقعليه‌السلام ، وهو دعاء عظيم في بابه ، وقد جاء فيه قولهعليه‌السلام : « اللهمّّ إنّي أجدد له ـ أي : للمهديعليه‌السلام ـ يومي هذا ، وما عشت من أيامي عهدا وعقدا وبيعة له في عنقي ، لا أحول عنها ولا أزول أبدا »(٣) .

٩ ـ طلب الرجعة في الدعاء في حال الموت قبل ظهورهعليه‌السلام :

كما في دعاء العهد أيضا ، من قولهعليه‌السلام : « اللهمّ إن حال بيني وبينه

__________________

١ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ٢٤ من المقدمة ( في ذيل الحديث المذكور ).

٢ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ٣٢٠ / ١٠ باب ٢١.

٣ ـ زاد المعاد / المجلسي : ٢٢٣.

١٤٨

الموت الذي جعلته على عبادك حتما مقضيا ، فاخرجنى من قبري مؤتزرا كفني ، شاهرا سيفي ، مجرّدا قناتي ، ملبّيا دعوة الداعي في الحاضر والبادي ».

١٠ ـ الإكثار من الدعاء في فترة الانتظار :

والادعية الواردة عن أهل البيتعليهم‌السلام في هذا كثيرة جدا ، وفيها تنوع رائع من الدعاء يطلّ الداعي من خلاله على عالم فسيح ، وينفتح على حياة أخرى ملؤها التوحيد ، والعبودية الخالصة لله ، والذوبان في مناجاته سبحانه ، والاخلاص لدينه ، والمحبّة والانقياد لرسله وأوليائهعليهم‌السلام .

وفي أدعية الإمام الصادقعليه‌السلام تجسيد حيّ لهذه المعاني كلها ؛ وفيما يأتي صورة مختصرة لما تضمنته بعض أدعيته الشريفة في هذا الخصوص :

أ ـ الدعاء بالثبات على الدين في زمان الغيبة :

عن عبد الله بن سنان ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام ، قال : « ستصيبكم شبهة ، فتبقون بلا علم يرى ، ولا إمام هدى ، ولا ينجو منها إلاّ من دعا بدعاء الغريق ، قال : يقول يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك »(١) . ومن الواضح من هذا الدعاء أعمّ من حصره بزمان حبس الإمام الكاظمعليه‌السلام وانقطاعه عن قواعده الشعبية ، بل يشمل أهل زمان الغيبة أيضا.

ب ـ الدعاء بطلب المعرفة المنجية من الضلال :

ويدلّ عليه حديث زرارة ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام ، وفيه : « فقلت

__________________

١ ـ إكمال الدين ٢ : ٣٥١ ـ ٣٥٢ / ٤٩ باب ٣٣.

١٤٩

وما تأمرني لو ادركت ذلك الزمان؟ قال : ادع الله بهذا الدعاء : ( اللهم عرّفني نفسك ، فإنّك إن لم تعرّفني نفسك لم أعرفك ، اللهمّ عرّفني نبيّك ، فإنّك إن لم تعرّفني نبيّك لم أعرفه قطّ ، اللهمّ عرّفني حجّتك فإنّك إن لم تعرّفني حجّتك ضللت عن ديني ) »(١) .

ج ـ الدعاء المعبر عن الشوق والمحبة للإمام المهديعليه‌السلام :

ومن آداب دعاء المنتظر للفرج في زمان الغيبة من يجعل من الدعاء وسيلة معبرة عن حبّه وشوقه للإمام المهديعليه‌السلام ، وذلك باهداء التحية والسّلام العاطر لهعليه‌السلام ، كما في دعاء الإمام الصادقعليه‌السلام :

« بسم الله الرحمن الرحيم. اللهمّ بلّغ مولانا صاحب الزمان أينما كان وحيثما كان ، من مشارق الأرض ومغاربها ، سهلها وجبلها ، عنّي وعن والديّ وعن ولدي وأخواني ، التحية والسّلام ، عدد خلق الله وزنة عرش الله ، وماأحصاه كتابه ، وأحاط علمه »(٢)

وهذا الدعاء هو مقطع من دعاء العهد المروي عن الإمام الصادقعليه‌السلام (٣) .

د ـ الدعاء للإمام المهديعليه‌السلام بتعجيل الفرج :

ويدلّ عليه مارواه عبّادبن محمد المدائني ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام ، في دعاء

__________________

١ ـ اصول الكافي / الكليني ١ : ٣٤٢ / ٢٩ باب في الغيبة ، و ١ : ٣٣٧ / ٥ من الباب السابق ، واكمال الدين ٢ : ٣٤٢ / ٢٤.

٢ ـ بحار الأنوار ٨٦ : ٦١ / ٦٩ نقله من كتاب اختيار المصباح لابن باقي.

٣ ـ راجع : زاد المعاد / المجلسي : ٢٢٣.

١٥٠

جاء فيه : « وانجز لوليّك ، وابن نبيك ـ الداعي إليك بإذنك ، وأمينك في خلقك ، وعينك في عبادك ، وحجّتك على خلقك ، عليه صلواتك وبركاتك ـ وعده.اللهم أيّده بنصرك ، وعجّل فرجه ، وأمكنه عن أعدائك وأعداء رسولك يا أرحم الراحمين.

قال ، قلت : أليس قد دعوت لنفسك جُعلت فداك؟

قالعليه‌السلام : قد دعوت لنور آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وسائقهم والمنتقم بأمر الله من أعدائهم »(١) .

ومنه أيضا ما رواه حمّاد بن عثمان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وقد دخلت عليه الليلة الحادية والعشرون من شهر رمضان المبارك.

وقد روى لنا حمّاد ما فعله الإمام الصادقعليه‌السلام من عبادات في تلك الليلة الشريفة ، ومنها دعاء الإمامعليه‌السلام في سجوده : « لا إله إلاّ انت مقلّب القلوب والابصار ـ إلى من قالعليه‌السلام ـ وأسالك بجميع ما سألتك ومالم أسألك من عظيم جلالك ما لو علمته لسألتك به ، أن تصلي على محمد وأهل بيته ، وأن تأذن لفرج من بفرجه فرج أوليائك وأصفيائك من خلقك ، وبه تبيد الظالمين وتهلكهم ، عجّل ذلك يا ربّ العالمين.

قال : فلمّا رفع رأسهعليه‌السلام ، قلت جعلت فداك سمعتك وأنت تدعو بفرج من بفرجه فرج أصفيا الله واوليائه ، أولست أنت هو؟ قال :عليه‌السلام : لا ، ذاك قائم آل محمدعليهم‌السلام »(٢) .

__________________

١ ـ فلاح السائل / السيد بن طاوس : ٣٠٩ / ٢٠٩.

٢ ـ اقبال الاعمّال / السيد ابن طاوس : ٤٩٠ ـ ٤٩٢ في أدعية اليوم الحادي والعشرين من شهر رمضان.

١٥١
هـ ـ الدعاء للمهدي بكل خير وتمني رؤيتهعليه‌السلام :

كما في دعاء العهد ، من قول الإمام الصادقعليه‌السلام : « اللهم أرني الطلعة الرشيدة ، والغرّة الحميدة ، وأكحل ناظريّ بنظرة مني إليه ، وعجّل فرجه وسهّل مخرجه ، واوسع منهجه ، واسلك بي محجّته ، وانفذ أمره ، واشدد أزره ، وقوّ ظهره ، وعمّر اللهم به بلادك ، وأحيي به عادك ، فإنّك قلت وقولك الحقّ( ظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي الناس ) (١) .

فاظهر اللهم لنا وليك ، وابن وليك ، وابن بنت نبيك المسمى باسم رسولك صلواتك عليه وآله في الدنيا والآخرة ، حتى لا يظفر بشيء من الباطل إلاّ مزّقه ، ويحقّ الحق ويحقّقه ، واجعله اللهم مفزعا لمظلوم عبادك ، وناصرا لمن لايجد له ناصرا غيرك ، ومجدّدا لما عُطّل من أحكام كتابك ، ومشيّدا لما ورد من أعلام دينك وسنن نبيكصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . واجعله اللهم ممن حصّنته من بأس المعتدين.

اللهم وسرّ نبيك محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم برؤيته ، ومن تبعه على دعوته ، وارحم استكانتنا بعده.

اللهم اكشف هذه الغمّة عن هذه الأمة بحضوره ، وعجّل لنا ظهوره( إنّهم يرونهُ بعيدا ، ونراهُ قريبا ) (٢) برحمتك يا أرحم الراحمين »(٣) .

__________________

١ ـ سورة الروم : ٣٠ / ٤١.

٢ ـ سورة المعارج : ٧٠ / ٦ ـ ٧.

٣ ـ زاد المعاد / المجلسي : ٢٢٣.

١٥٢
و ـ الدعاء لنيل شرف خدمة الإمام المهديعليه‌السلام ونصرته :

كما في دعاء العهد الشريف المروي عن الصادقعليه‌السلام : « اللهم اجعلنى من أنصاره ، وأعوانه ، والذابين عنه ، والمسارعين في قضاء حوائجه ، والتابعين إلى إرادته ، والمستشهدين بين يديه »(١) .

ومن الواضح أنّ ما يعنيه التاكيد والحثّ على انتظار الغائب ، هو بقاء الإمام الغائب حياّ في غيبته كسائر الأحياء ، وفي هذا ما يتضمّن الردّ ـ على من قال كما مرّ في فصول البحث ـ : مات ، أو هلك ، في أيّ وادٍ سلك!

رابعا ـ الكشف عن حال الناس في زمان الغيبة لاخذ العِظة والعبرة :

حاول الإمام الصادقعليه‌السلام إزاحة الستار عن الغيب ؛ لينبئ عمّا سيكون بعد أكثر من مائة عام ، وحينئذ لابد ومن يذكرعليه‌السلام شيئا يتصل بهوية الإمام المهديعليه‌السلام ؛ لارتباط الأحداث المقبلة بولادته وغيبتهعليه‌السلام نظير ضلال أكثر الخلق بغيبته ، وارتياب المبطلين فيها ، وتمييز أهل الضلالة في ذلك الحين لتجنّبهم ، وما سيقوم الجهلاء حينئذ لكي لا يصغى إليهم ، وتأكيد شك المعرضين وأمثالهم بولادته وغيبته ، لئلا تتأثّر الأمة بمدعياتهم ، مع بيان الوسيلة المثلى التي ينبغي مراعاتها بغية الخلاص مما سيقع فيه الكثيرون ، وهي الدعاء الذي ما عبد الله بمثله.

١ ـ عن أبي بصير ، عن الإمام الصادق ، عن آبائهعليهم‌السلام ، عن

__________________

١ ـ زاد المعاد / المجلسي : ٢٢٣.

١٥٣

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قال : « المهدي من ولدي ، اسمه اسمي وكنيته كنيتي ، أشبه الناس بي خَلْقا وخُلُقا ، تكون له غيبة وحيرة حتى تضلّ الخلق عن أديانهم ، فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب ، فيملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا »(١) .

٢ ـ وعن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال : « سمعت الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام يقول : إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة لابد منها ، يرتاب فيها كل مبطل »(٢) .

٣ ـ وعن فرات بن الأحنف ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام في حديث عن امير المؤمنينعليه‌السلام جاء فيه : « وليبعثنّ الله رجلا من ولدي في آخر الزمان يطالب بدمائنا ، وليغيبنّ عنهم تمييزا لأهل الضّلالة ، حتى يقول الجاهل : ما لله في آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حاجة »(٣) .

٤ ـ وعن زرارة ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : « لابد للغلام من غيبة ، قلت : ولِمَ؟ قال : يخاف ـ وأومأ بيده إلى بطنه ـ وهو المنتظر ، وهو الذي

__________________

١ ـ اكمال الدين ١ : ٢٨٧ م ٤ باب ٢٥ ، وإعلام الورى / الطبرسي ٢ : ٢٢٦ الفصل الثاني ، وينبيع المودة ٣ : ٣٩٦ ـ ٣٩٧ / ٤٩ باب ٩٤.

٢ ـ علل الشرائع / الشيخ الصدوق ١ : ٢٤٥ ـ ٢٤٦ / ٨ باب ١٧٩ ، وإكمال الدين ٢ : ٤٨١ ـ ٤٨٢ / ١١ باب ٤٤ ، والخرائج والجرائح / القطب الراوندي ٢ : ٣٠٣ ، والاحتجاج / الطبرسي ٢ : ٩٥٥ ـ ٩٥٦ ، والصراط المستقيم / البياضي ٢ : ٢٣٧.

٣ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ١٤٠ ـ ١٤١ / ١ باب ١٠.

١٥٤

يشكّ الناس في ولادته ، فمنهم من يقول : حملٌ ، ومنهم من يقول : مات أبوه ولم يخلف ، ومنهم من يقول : ولد قبل موت أبيه بسنتين ، قال زرارة : فقلت : وما تأمرني لو أدركت ذلك الزمان؟ قال : ادع الله بهذا الدعاء : ( اللهم عرّفني نفسك ، فإنّك إن لم تعرّفني نفسك لم أعرفك ، اللهم عرّفني نبيك ، فإنّك إن لم تعرّفني نبيك لم اعرفه قطّ ، اللهم عرّفني حجّتك ، فإنّك إن لم تعرّفني حجّتك ضللت عن ديني ) ».

وقد سُمع هذا الحديث قبل حلول الغيبة الصغرى بنحو خمسين عاما ، وقد جاء التصريح بهذا في ذيل الحديث من الكافي(١) .

وقد تحقّق هذا الحديث بعد وفاة الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام ، إذ جاء في الخبر الصحيح الثابت من طرق عديدة ما فعله الحاكم العباسي ، وما تنطّع وبه جلاوزته وأعوانه.

وفي الحديث تكذيب صريح لجميع تلك الاقوال حيث لم يكن المهديعليه‌السلام في ذلك الوقت ( حَمْلا ) ، بل كان ابن خمس سنين ، كما هو الثابت من تاريخ ولادته المشرّفة.

وفي هذا الحديث أيضا رد لمن قال بانّه ولد قبل موت أبيه بسنتين.

وجواب شاف على مزاعم المتخرصين الذين أنكروا ولادته وغيبته وإمامتهعليه‌السلام .

__________________

١ ـ أصول الكافي / الكليني ١ : ٣٤٢ / ٢٩ باب في الغيبة.

١٥٥

وتعريف بالمبطلين الذين ارتابوا ، فاتّبعوا الشبهات الواهية ، ويتمسكوا بعرى الدين الوثيقة.

١٥٦

الفصل الرابع

في بيان الإمام الصادقعليه‌السلام علل الغيبة

وما يرافقها من تمحيص واختبار

أولا ـ عُلل الغيبة :

تضمّنت الأحاديث الواردة عن الإمام الصادق في ولده الإمام المهديعليه‌السلام سؤال بعض الأصحاب عن أسباب الغيبة وعللها ، ومن خلال الإجابة على اسئلتهم يتضح من للغيبة عللا ظاهرة واُخرى لم ينكشف وجهها ، وبالرجوع إلى ما وقفنا عليه من تلك الأحاديث سواء التي سُئل فيها الإمام عن علة الغيبة ، أو التي جاءت على لسانه الشريف من غير سؤال ، وجدنا العلل الآتية :

العّلة الاُولى ـ الخوف من القتل :

وهذه هي العلة الظاهرة التي أيّدتها الاحاديث التاريخية بكل قوة ؛ إذ تواترت الاخبار على معنى واحد ، خلاصته معرفة السلطة العباسيّة بمن الإمام الثاني عشرعليه‌السلام يمثل الخطر الأكيد على وجودهم ، ومن هنا كانوا يترقبون انتظار ولادته على حذر شديد ، الأمر الّذي يفسر لنا محاولة

١٥٧

الإمام العسكريعليه‌السلام اخفاء ولادة ولده المهدي الموعودعليه‌السلام عن عامة الناس إلاّ الاقرب فالأقرب.

وقد صحّ الخبر ـ ومن طرق شتى ـ بما فعله الحاكم العباسي بعد وفاة الإمام العسكريعليه‌السلام ورواه الشيعة كلهم ، ويكفي أنه وكل القوابل على نساء الإمام العسكريعليه‌السلام وإمائه بعد وفاته ليفتشهن ، كل ذلك لأجل الفتك بالإمام الثاني عشرعليه‌السلام وإن كان حملا.!!

فالخوف من القتل كسبب من أسباب الغيبة لا نقاش فيه أصلا من الناحية التاريخية ، ومع هذا فقد جاء الخبر عن إمامنا الصادقعليه‌السلام بذلك قبل حدوثه.

١ ـ عن إبان بن عثمان وغيره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لابد للغلام من غيبة ، فقيل له : ولِمَ يا رسول الله؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يخاف القتل »(١) .

٢ ـ وعن زرارة ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام منه قال : « إن للقائم غيبة قبل أن يقوم ، قلت : ولِمَ؟ قال : إنّه يخاف ، وأومأ بيده إلى بطنه ، يعني : ألقتل »(٢) .

وسيأتي عن الإمام الصادقعليه‌السلام ما يبين هذه العلة في الغيبة ، وذلك من خلال تأكيده على من في الإمام المهديعليه‌السلام سنة من الأنبياء السابقين. ومن جملتها : سنة من موسى خائفا يترقّب والذي حكاه القرآن الكريم على

__________________

١ ـ علل الشرائع ١ : ٢٤٣ / ١ باب ١٧٩.

٢ ـ اصول الكافي ١ : ٣٣٨ / ٩ و ١ : ٣٤٠ / ١٨ ، و ١ : ٣٤٢ / ٢٩ ، باب في الغيبة.

١٥٨

لسان موسىعليه‌السلام أنه حين ما فرّ من قومه وغاب عنهم زمانا ، ثم عاد ـ بعد حين ـ إليهم ، خاطبهم قائلا :( ففررتُ منكم لمَّا خفتكمْ فوهَبَ لي ربِّي حكما وجعلني من المرسلينَ ) (١) .

فكذلك حال إمامنا المهدي ـ أرواحنا فداه ـ فيم سيخاطب به الناس بعد انتهاء أمد غيبته موضحا لهم علّتها ؛ وقد جاء عن الإمام الصادقعليه‌السلام ما هو صريح بورود هذه العلة على لسان الإمام المهديعليه‌السلام في ما سيتلوه من كتاب الله تعالى عند ظهوره الشريف.

عن المفضل بن عمر ، عن ابي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : « إذا قام القائمعليه‌السلام تلا هذه الآية :( ففررتُ منكم لمّا خفتكم ) »(٢) .

العلة الثانية ـ لكي لا تكون في عنق المهديعليه‌السلام بيعة لأحد :

وهي ما رواه أبو بصير عن الإمام الصادقعليه‌السلام وغيره ، قال : « صاحب هذا الأمر تعمى ولادته على الخلق ؛ لئلا يكون في عنقه بيعة إذا خرج »(٣) .

ففي هذا الحديث الصريح بخفاء الولادة إشارة إلى أن المهديعليه‌السلام سوف لن يكون متعبدا بالتقيّة ، وإنّما الفرض عليه إقامة دولة الحق بالسيف ، في حين أن فرض الجهاد ، ومنابذة الاعداء والخروج بالسيف على الظالم ، والقيام بالحرب لم يكن فرض أكثر الأئمة الأطهار من آباء المهديعليه‌السلام ،

__________________

١ ـ سورة الشعراء : ٢٦ / ٢١.

٢ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ١٧٤ / ١١ باب / ١٠.

٣ ـ اكمال الدين ٢ : ٤٧٩ ـ ٤٨٠ / ١ و ٥ باب ٤٤.

١٥٩

ولهذا ورد بسندٍ صحيح عن الإمام الحجةعليه‌السلام قوله ـ جوابا على ما سأله أحمد بن إسحاق ـ : « وأما علة ما وقع من الغيبة ، فإنّ الله عزّوجلّ يقول :( يا ايها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسوكم ) (١) . إنّه لم يكن أحد من آبائي إلاّ وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه ، وإنّي أخرج حين أخرج ولا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي »(٢) .

وهذا يعني انتفاء أي التزام بعهد أو ميثاق أو بيعة للإمام المهديعليه‌السلام مع الحاكم المستبد ، وإلاّ رجع الأمر إلى مواجهة الطغاة ، والعودة إلى علة الخوف من القتل ، حيث لم يكن فرض الإمام المنقذ هو التقية.

ويؤيده ما رواه سورة بن كليب ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام في حديث جاء فيه : « فإذا قام قائمنا سقطت التقية ، وجرّد السيف ، ولم يأخذ من الناس ولم يعطهم إلاّ السيف »(٣) .

العلة الثالثة ـ السنن التاريخية :

ويراد بتلك السنن أن ما جرى على الامم السابقة لابد وأن يجري على هذه الأمة أيضا ، وقد حفلت كتب الصحاح الستة عند العامّة وغيرها

__________________

١ ـ سورة المائدة : ٥ / ١٠١.

٢ ـ إكمال الدين ٢ : ٤٨٣ / ٤ باب ٤٥ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٢٩٢ / ٢٤٧ ، والخرائج والجرائح ٣ : ١١١٣ ، والاحتجاج ٢ : ٤٦٩ ، وإعلام الورى : ٤٥٢ فصل ٣ : كلهم في ذكر التوقيعات الواردة من جهتهعليه‌السلام .

٣ ـ تأويل الآيات / الاسترآبادي ٢ : ٥٣٩ ـ ٥٤٠ / ١٣ في تأويل الآية ٣٤ من سورة فصّلت الشريفة.

١٦٠