غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام0%

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
تصنيف: الإمامة
ISBN: 964-319-447-7
الصفحات: 325

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام

مؤلف: السيد ثامر هاشم العميدي
الناشر: مركز الرسالة
تصنيف:

ISBN: 964-319-447-7
الصفحات: 325
المشاهدات: 89863
تحميل: 5078

توضيحات:

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 325 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 89863 / تحميل: 5078
الحجم الحجم الحجم
غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام

مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
ISBN: 964-319-447-7
العربية

( ت / ٢٩٧ هـ )(١) ، ويحيى بن زكريا الحافظ النيسابوري ( ت / ٣٠٧ هـ )(٢) ، ومحمد بن جرير بن رستم الطبري المفسّر العامي ( ت / ٣١٠ هـ )(٣) ، وأبو بكر محمد بن إسحاق السلمي المعروف بابن خزيمة ( ت / ٣١١ هـ )(٤) ، وأحمد بن محمد بن عقدة الزيدي الجارودي الحافظ ( ت / ٣٣٣ هـ ) وهو من المعتقدين بتواتر الحديث ؛ إذ أخرجه عن أكثر من مائة من الصحابة وبطرق شتّى في كتاب الولاية كما صرّح بهذا السيد ابن طاوس(٥) .

والأزهري اللغوي المشهور ( ت / ٣٧٠ هـ )(٦) ، والحاكم النيسابوري ( ت / ٤٠٥ هـ )(٧) ، وأبو سعيد السجزي ( ت / ٤٧٧ هـ ) وهو من المعتقدين بتواتر الحديث ؛ إذ أخرجه من طرق شتّى(٨) ، والبغوي ( ت / ٥١٠ هـ )(٩) ،

__________________

١ ـ سنن الترمذي ٥ : ٦٦٢ ـ ٦٦٣ / ٣٧٨٦ باب مناقب أهل البيتعليهم‌السلام .

٢ ـ الفوائد المنتقاة والغرائب الحسان عن الشيوخ الكوفيين / محمد بن علي الصوري : ٧٣.

٣ ـ كنز العمّال ١ : ٣٧٩ / ١٦٥٠.

٤ ـ راجع : صحيح ابن خزيمة ١ : ٣ من المقدمة.

٥ ـ انظر : الاقبال / السيد ابن طاوس ٢ : ٢٣٩ ـ ٢٤٠.

٦ ـ تهذيب اللغة / الأزهري ٢ : ١٥٧ ( عَتَرَ ).

٧ ـ مستدرك الحاكم ٣ : ١١٨ / ٤٥٦٧ كتاب معرفة الصحابة ـ ذكر مقتل عثمان ، و ٣ : ١٦٠ ـ ١٦١ / ٤٧١١ ، و ٣ : ٦١٣ / ٦٢٧٢.

٨ ـ الاقبال / السيد ابن طاوس ٢ : ٢٣٩ الفصل ٢.

٩ ـ مصابيح السنة / البغوي ٤ : ١٨٥ / ٤٨٠٠ ، و ٤ : ١٨٩ / ٤٨١٦ باب مناقب أهل البيتعليهم‌السلام ، وشرح السنة / البغوي ١٤ : ١١٧ / ٣٩١٣ و ١٤ : ١١٨ / ٣٩١٤.

٤١

وسبط ابن الجوزي ( ت / ٦٩٤ هـ )(١) ، وابن منظور ( ت / ٧١١ هـ )(٢) ، والمزي ( ت / ٧٤٢ هـ )(٣) ، والذهبي ( ت / ٧٤٨ هـ )(٤) ، وابن كثير الدمشقي ( ت / ٧٧٤ هـ )(٥) ، والمحاملى في أماليه على ما سيأتي عن السيوطي ، ونور الدين الهيثمي ( ت / ٨٠٧ هـ )(٦) ، والبوصيري ( ت / ٨٤٠ هـ )(٧) ، وابن حجر العسقلاني ( ت / ٨٥٢ هـ )(٨) ، والسخاوي ( ت / ٩٠٢ هـ ) وهو من المعتقدين بتواتر الحديث إذ أخرجه من طرق كثيرة صحح الكثير منها(٩) ، والسيوطي ( ت / ٩١١ هـ ) وهو من المعتقدين بتواتره أيضا كما يظهر من كثرة طرقه ، وقد صحح بعضها ، وأشار إلى تصحيح من سبقه لها كالمحالي وغيره(١٠) ، والسمهودي ( ت / ٩١١ هـ ) وهو من المعتقدين بتواتره أيضا كما

__________________

١ ـ تذكرة الخواص / سبط بن الجوزي : ٢٩٠.

٢ ـ لسان العرب / ابن منظور ٤ : ٥٣٨ ( عَتَرَ ).

٣ ـ تحفة الأشراف / المزي ٣ : ١٩٣ / ٣٦٥٩.

٤ ـ تلخيص المستدرك / الذهبي ٣ : ٥٣٣ ( مطبوع بهامش مستدرك الحاكم ).

٥ ـ السيرة النبوية / ابن كثير ٤ : ١٦٨ ، وتفسير القرآن العظيم / ابن كثير ٧ : ١٨٥ في تفسير الآية ( ٢٣ ) من سورة الشورى المباركة ، والبداية والنهاية / ابن كثير أيضا ٥ : ٢٢٨ ـ ٢٢٩ ، و ٥ : ٢٣١.

٦ ـ مجمع الزوائد / الهيثمي ١ : ١٧٠ ، و ٩ : ١٦٢ ـ ١٦٣.

٧ ـ مختصر اتحاف السادة المهرة / البوصيري ٨ : ٤٦١ ، و ٩ : ١٩٤.

٨ ـ المطالب العالية / ابن حجر العسقلاني ٤ : ٦٥ / ٣٩٧٢.

٩ ـ استجلاب ارتقاء الغرف / السخاوي : ٨٨ ـ ١٢٢ بعنوان : « حديث الثقلين ».

١٠ ـ مسند الإمام عليعليه‌السلام / السيوطي : ١٩٢ / ٦٠٥ ، وجامع الآحاديث /

٤٢

يظهر بوضوح من طرقه لديه مع تصحيحة لكثير من تلك الطرق(١) ، ومحمد بن يوسف الشامي ( ت / ٩٤٢ هـ )(٢) ، وابن حجر الهيتمي ( ت / ٩٧٤ هـ ) وهو من المعتقدين بتواتر الحديث ، وله كلام طويل في تصحيح جملة وافرة من طرقه(٣) ، وعبد الرؤوف محمد بن على المناوي ( ت / ١٠٣١ هـ )(٤) ، وعلى بن برهان الدين الحلبي ( ت / ١٠٤٤ هـ )(٥) ، ومحمد بن معتد خان الحارثي المعروف بالبدخشاني ( ت / ١١٢٦ هـ )(٦) ، ومحمد بن محمد بن معين المعروف بالسندي ( ت / ١١٦١ هـ )(٧) ، والزبيدي الحنفي ( ت / ١٢٠٥ هـ )(٨) ، والحسين بن أحمد الصنعناني ( ت / ١٢٢١ هـ )(٩) ، والقندوزي الحنفي ( ت / ١٢٧٠ هـ ) وهو من المعتقدين بتواتر الحديث ؛ إذ

__________________

السيوطي ١٦ : ٢٥٥ / ٧٨٦٣ ، والخصائص الكبرى / السيوطي ٢ : ٤٦٦ ، والدر المنثور / السيوطي أيضا ٥ : ٧٠٢ في تفسير الآية ( ٢٣ ) من سورة الشورى المباركة.

١ ـ جواهر العقدين / السمهودي : ٢٣١ و ٢٣٢ و ٢٣٤ و ٢٣٦ و ٢٣٨ و ٢٤٦ وقال في هذا المورد الأخير : « وهو كثير الطرق جدا وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد ، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان ».

٢ ـ سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد / محمد بن يوسف الشامي ١١ : ٦.

٣ ـ الصواعق المحرقة / ابن حجر الهيتمي : ٤٢ و ٤٣ و ٤٤ و ١٤٥ و ١٤٩ و ١٥٠ و ٢٢٨.

٤ ـ فيض القدير شرح الجامع الصغير ، المناوي ٢ : ١٧٤ / ١٦٠٨.

٥ ـ السيرة الحلبية / الحلبي ٣ : ٣٨٤.

٦ ـ نزل الأبرار بما صحّ من مناقب أهل البيت الأطهار / البدخشاني : ٣٣.

٧ ـ دراسات اللبيب في الأسوة الحسنة بالحبيب / السندي : ٢٣٣.

٨ ـ اتحاف السادة المتقين / الزبيدي ١٤ : ٥٣٤.

٩ ـ الروض النضير شرح مجموع الفقه الكبير / الصنعاني ١ : ٣٩.

٤٣

أخرجه من طرق كثيرة جدا صحح معظمها(١) ، والآلوسي المفسّر الوهابي ( ت / ١٢٧٠ هـ ) فقد صحح الحديث وقال معقّبا بعد التصحيح ، إنّه : « يقتضي أن النساء المطهّرات غير داخلات في أهل البيت الذين هم أحد الثقلين »(٢) .

وصححه جمال الدين القاسمي ( ت / ١٣٣٢ هـ )(٣) .

وصححه محمود شكري الآلوسي ( ت / ١٣٤٢ هـ ) مصرّحا بأنّ من خالف الثقلين فهو ضالّ ، ومذهبه باطل وفاسد لا يُعبأ به ، ومن جحد بهما فقد غوى ، ووقع في مهاوى الردى(٤) ، ولله درّ القائل : والحقّ ينطق منصفا وعنيدا.

وصححه ـ كذلك ـ الأمولوي حسن زمان ( من أعلام القرن الرابع عشر الهجري )(٥) ، والألباني الوهّابي ( ت / ١٤١٣ هـ )(٦) .

وإذا ما لوحظ بمن مسلم بن الحجاج النيسابوري ( ت / ٢٦١ هـ ) قد أخرج الحديث في صحيحة ، عن أبي سعيد الخدري كما تقدم ، وإنّ علماء

__________________

١ ـ ينابيع المودة ١ : ١٢٠ / ٤٤ و ٤٥ ، و ١ : ١٢١ / ٤٨ ، ٢ : ٤٣٢ / ١٩١ ، وغيرها.

٢ ـ روح المعاني / الآلوسي الوهّابي ١١ : ١٩٧ في تفسير الآية ( ٣٣ ) من سورة الأحزاب المباركة.

٣ ـ محاسن التأويل / القاسمي ١٤ : ٣٠٧.

٤ ـ مختصر التحفة الإثني عشرية / محمود شكري الآلوسي : ٥٢.

٥ ـ القول المستحسن في فخر الحسن / المولوي حسن زمان : ٥٩٤.

٦ ـ صحيح الجامع الصغير / الألباني الوهّابي ١ : ٢٨٦ / ١٣٥١ ، و ١ : ٤٨٢ / ٢٤٥٧ و ٢٤٥٨ ، وسلسلة الأحاديث الصحيحة / الألباني الوهّابي أيضا ، رقم الحديث ( ١٧٦١ ).

٤٤

العّامة مطبقون على صحّة هذا الكتاب ، فلا معنى إذن للاكثار من أسماء علمائهم الذين صحّحوا الحديث.

ويدلّّ على ذلك أقوالهم الآتية :

١ ـ قال العينى في عمدة القاري : « اتفق علماء الغرب والشرق على أنه ليس بعد كتاب الله تعالى أصحّ من صحيحي البخاري ومسلم »(١) .

٢ ـ وقال الكشميري الديوبندي في فيض الساري : « واعلم أنه انعقد الإجماع على صحة البخاري ومسلم »(٢) .

٣ ـ وقال حاج خليفة في كشف الظنون : « إن السلف والخلف قد أطبقوا على من أصحّّ الكتب بعد كتاب الله سبحانه وتعالى ، صحيح البخاري ثم صحيح مسلم »(٣) .

٤ ـ وكان أبو على النيسابوري يرى : « أنه ما من شيء تحت أديم السماء إلاّ وصحيح مسلم أصحّ أنه »(٤) .

٥ ـ وذهب الذهبي ، والسرخسي ، وابن تيمية ، وعمر بن الصلاح الشهرزوري ، والحميدي ، ابن طاهر ، وأبو إسحاق الشيرازي ، القاضي عبدالوهّاب المالكي ، إلى القول بمن ما وُجد في الصحيحين يفيد القطع!! واحتجّوا بالإجماع على قبوله ، وجزم السيوطي بأن القطع هو

__________________

١ ـ عمدة القاري في شرح صحيح البخاري / العيني ١ : ٥.

٢ ـ فيض الساري على صحيح البخاري / الكشميري الديوبندي ١ : ٥٧.

٣ ـ كشف الظنون / حاج خليفة ١ : ٦٤١.

٤ ـ وفيات الأعيان / ابن خلكان ٤ : ٢٠٨.

٤٥

الصواب!!(١) .

هذه هي رتبة حديث الثقلين الشريف بلفظ : « كتاب الله وعترتي » عند علماء العامّة ، وبهذا تُعلم قيمة إعراض البخاري في صحيحه عن رواية هذا الحديث ، وقيمة الشبهات التي أثارها ويثيرها بعض الجهلة من هنا وهناك بشأن صحة هذا الحديث تارة أو دلالته تارة اُخرى(٢) .

ثالثا ـ علم الصحابة بالمعنيين بحديث الثقلين :

إنّ العودة السريعة إلى أزمان صدور الحديث(٣) تؤكد لنا أهمية حديث الثقلين ( القرآن والعترة ) ، وقيمة إرجاع الأمة فيه إلى العترة لأخذ الدين الحقّ عنهم ، وتزداد أهميته كثيرا بالوقوف على أسباب ألتاكيد عليه في مناسبات مختلفة ونُوَب متفرِّقة ؛ منها في يوم الغدير ، وآخرها في

__________________

١ ـ شرح الزرقاني على المنظومة البيقونية لأبي الفتوح البيقوني : ٥٧ ـ ٥٩ ، القسم الأول ( الحديث الصحيح ) ، وفيض الساري ١ : ٥٧.

٢ ـ راجع : حديث الثقلين / السيد على الحسيني الميلاني. ( كتبه ردّا على بعض من تخرّص باطلا بشأن حديث الثقلين الشريف ).

٣ ـ الثابت هو أن حديث الثقلين الشريف قد أكّده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على أُمّته في أكثر من مكان وزمان ؛ فمرّة في حجة الوداع كما في حديث جابر ، واُخرى عند منصرفه من الطائف كما في حديث عبدالرحمن بن عوف ، وثالثة في الجحفة قرب غدير خم كما في حديث زيد بن أرقم وغيره ، ورابعة في مرض موتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما في حديث اُم سلمة وقد امتلأت الحجرة من أصحابه ، وخامسة في المسجد النبوي الشريف قبل وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيومين أو ثلاثة ، وغيرها كما يتضح من مراجعة مصادر الحديث السابقة.

٤٦

مرضهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأخير.

هذا فضلا عن تأكيدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المستمر على الاقتداء بعترته أهل بيته ، والاهتداء بهديهم ، والتحذير من مخالفتهم ، وذلك بجعلهم : تارة كسفن للنجاة ، واُخرى أمانا للأُمّة ، وثالثة كباب حطّة.

وفي الواقع لم يكن الصحابة بحاجة إلى سوال واستفسار من النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لتشخيص المراد بأهل البيت ، وهم يرونه وقد خرج للمبالهة وليس معه غير أصحاب الكساء وهو يقول : « اللّهم هؤلاء أهلى » وهم من أكبر الناس معرفة بخصائص هذا الكلام ، وإدراكا لما ينطوي عليه من قصر واختصاص.

خصوصا وقد علموا كيف جذبصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طرف الكساء من يد اُم سلمة ومنعها من الدخول مع أهل بيته قائلا لها « إنك إلى خير »(١) .

وشاهدوه أيضا وهو يقفصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على باب فاطمةعليه‌السلام صباح كل يوم ولمدة وتسعة أشهر وهو يقرأ :( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) (٢) .(٣)

__________________

١ ـ تفسير الطبري ٢٢ : ٥ ـ ٧ ، والجامع لأحكام القرآن / القرطبي المالكي ١٤ : ١٨٢ ، وتفسير ابن كثير ٣ : ٤٩٢ ، والدر المنثور / السيوطي ٣ : ٦٠٣ ـ ٦٠٤ ، وفتح الغدير / الشوكاني ٤ : ٢٧٩ كلهم في تفسير آية التطهير ، واُنظر : سنن الترمذي ٥ : ٦٩٩ / ٣٨٧١ ومستدرك الحاكم ٢ : ٤٢٦.

٢ ـ سورة الأحزاب : ٣٣ / ٣٣.

٣ ـ راجع : الأحاديث الواردة في وقوف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على باب فاطمةعليها‌السلام وهو يقرأ آية التطهير في تفسير الطبري ٢٢ : ٦.

٤٧

وکلّ هذا يکفي لمن شاهد ذلك أو سمع به من الصحابة لأن يعرف من هم أهل البيتعليه‌السلام ، وأما ما يقال بأن معرفة الصحابة بأهل البيت كانت مقتصرة على أصحاب الكساءعليهم‌السلام ، في حين أشار الحديث إلى استمرار وجودهم مع القرآن ليكونا لأن تمسّك بهما عاصمين من الضلالة إلى يوم القيامة ، وهذا يبرر لهم السؤال عمّن سيأتي بعد أصحاب الكساءعليهم‌السلام من أهل البيت لكي تعرف الأمة أسماءهم ولا يشتبه أحد بهم.

والجواب : إن حاجة الصحابة والأجيال اللاحقة فيما بعد ليس أكثر من تشخيص أولهم ليكون المرجع للقيام بمهمَّته بعد النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى يأخذ دوره في عصمة الأُمّة من الضلالة ، وهو بدوره مسؤول عن تعيين من يليه في هذه المهمَّة ، وهكذا حتى يرد آخر عاصم من الضلالة مع القرآن على النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحوض.

واذا علمت أنَّ عليَّاعليه‌السلام قد تعيّن بنصوص لاتُحصى ، ومنها : في حديث الثقلين نفسه ، فليس من الضروري اذن أنْ يتولّى النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنفسه تعيين من يلي أمر الأُمّة بأسمه في كل عصر وجيل ، أنْ لم نقل إنَّه غير طبيعي لولا أنْ تقتضيه بعض الاعتبارات(١) .

فالمقياس إذنْ في معرفة امام كلِ عصر وجيل : إمَّا أن يكون بتعيينهم دفعة واحدة ، أو بنصّ السابق على إمامة الالحق وهو المقاس الطبيعي المألوف الذي دأبت عليه الأنبياء والأوصيّاءعليهم‌السلام ، وعرفته البشرية في سياساتها منذ أقدم العصور وإلى يوم الناس هذا.

__________________

١ ـ راجع : الأصول العامة للفقه المقارن / السيد محمد تقي الحكيم : ١٧٥.

٤٨

ومع هذا فإن الصحابة لم يكونوا على جهل تام بهوية من سيأتي بعد أصحاب الكساءعليهم‌السلام ، إذ علموا مسبقا بعدد الأئمة بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهم اثنا عشر على لسان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما سيأتي في القاعدة الرابعة ، وفيهم من علم أسماءهمعليهم‌السلام من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مباشرة كجابر بن عبد الله الأنصاري(١) ، وابن عباس(٢) وسلمان الفارسي رضي الله عنه(٣) ، هذا فضلا عمن علم منهم بانحدار بقية أهل البيت من صلب الإمام الحسينعليه‌السلام ، وإن عددهم لا يزيد ولا ينقص عن تسعة ، وإن تاسعهم هو المهدي الموعود ، ومن جملة من علم ذلك ، أبو سعيد الخدري ، وأبو أيوب الأنصاري ، وعلى الهلالى ، وغير هم كثير(٤) .

وإذا ما عدنا إلى واقع أهل البيتعليهم‌السلام نجد النصّ قد توفَّر على إمامتهم بكلا طريقيه : النص المستطيل الشامل ، وتعيين السابق للاحق ، ومن سَبَر الواقع التاريخي لسلوكهم علم يقينا بمنهم ادّعوا لأنفسهم

__________________

١ ـ اُصول الكافي ١ : ٥٣٢ / ٩ باب ١٢٦ ، وإكمال الدين ١ : ٣١٣ / ٤ باب ٢٨ ، وينابيع المودة ٣ : ١٧٠ باب ٩٤.

٢ ـ ينابيع المودة ٣ : ١٦٢ باب ٩٤ و ٢ : ٨٣ المودة العاشرة ( في عدد الأئمة ، وإنّ المهدي منهمعليهم‌السلام ).

٣ ـ أُصول الكافي ١ : ٥٢٥ / ١ باب ١٢٦.

٤ ـ اُنظر : البيان في أخبار صاحب الزمان / الكنجي الشافعي : ٥٠١ ـ ٥٠٢ ، والفصول المهمة / ابن الصباغ المالكي : ٢٩٥ ـ ٢٩٦ فصل ١٢٠ ، وينابيع المودة / القندوزي الحنفي ٣ : ١٤٩ باب ٩٤ ، وفي كفاية الأثر للخزاز جمع غفير من الصحابة الذين وَعوا هذه الحقيقة ورووها لمن بعدهم.

٤٩

الإمامة في عرض السلطة الزمنية ، واتّخذوا من أنفسهم كما اتّخذهم الملايين من أتباعهم أئمَّة وقادة للمعأرضة السلمية للحكم القائم في زمانهم ، مع إرشاد كلِ إمام أتباعه على مَنْ يقوم بأمر الإمامة من بعده ، وعلى هذا جرت سيرتهم ، فكانوا عرضة للمراقبة والسجون والاستشهاد بالسم تارة ، وفي سوح الجهاد تارة اُُخرى وعلى أيدي القائمين بالحكم أنفسهم(١) .

ثم لو فرض من أحدهم لم يعيّن لأتباعه مَنْ يقوم بأمر الإمامة من بعده ، مع فرض توقّف النصّ عليه ، فإنّ معنى ذلك بقاء ذلك الإمام خالدا مع القرآن في كل عصر وجيل ؛ لمن دلالة « لن يفترقا حتى يردا علىَّ الحوض » على استمرار وجود امام من العترة في كل عصر كإستمرار وجود القرآن الكريم ظاهرة واضحة ، ولهذا ذهب ابن حجر الى القول : « وفي احاديث الحثّ على التمسّك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهّل منهم للتمسّك به الى يوم القايمة ، كما أن الكتاب العزيز كذلك ، ولهذا كانوا أمانا لأهل الأرض ، ويشهد لذلك الخبر : « في كل خَلَفٍ من أمتي عدول مِنْ أهل بيتي »(٢) .

رابعا ـ تأكيد الإمام الصادقعليه‌السلام على حديث الثقلين :

لم يتولّ الإمام الصادقعليه‌السلام مهمّة الدفاع عن حديث الثقلين بنسبته إلى

__________________

١ ـ راجع : الأصول العامة للفقه المقارن : ١١٨.

٢ ـ الصواعق المحرقة : ١٤٩.

٥٠

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فحسب ، بل أكد على صلته المباشرة بالحديث باعتباره واحدا من أهل البيت ، واعتبره نصّا في خلافتهمعليه‌السلام ، كما بيّن صلة هذا الحديث بمعرفة المؤمنين وتمييزهم عن غيرهم ، ومنه أمر صريح بوجوب اقتداء الأمة بالمعنيين به ، وبيان من هم المعنيون بالحديث الشريف ، كما سيأتي.

١ ـ عن عبد الحميد بن أبي الديلم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في حديث طويل ، ذكر فيه الإمام الصادقعليه‌السلام ما يدلّّ على خلافة أمير المؤمنينعليه‌السلام بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مباشرة ، من القرآن والسنة ، وكان من جملة الأحاديث التي بيّنهاعليه‌السلام في مقام بيان النصّ هو حديث الثقلين الشريف(١) .

٢ ـ وعن ذريح المحاربي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إنّي قد تركت فيكم الثقلين : كتاب الله ، وأهل بيتي ). فنحن أهل بيتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(٢) .

٣ ـ وسأل أبو بصير الإمام الصادق عن أهل البيتعليه‌السلام قائلا : « ومن أهل بيته؟ قالعليه‌السلام : الأئمة الأوصياء ».

ثم سأله قائلا : « من أمتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قالعليه‌السلام : « المؤمنون الذين صدّقوا بما جاء من عند الله ، المتمسّكون بالثقلين. اللذين أمروا بالتمسّك بهما : كتاب الله ، وعترته أهل بيته ، اللذَيْنِ أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم

__________________

١ ـ اُصول الكافي ١ : ٢٩٣ / ٣ باب الإشارة والنصّ على أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٢ ـ بصائر الدرجات ١ : ٤١٤ / ٤ باب ١٧.

٥١

تطهيرا. وهم الخليفتان على الأمة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(١) .

٤ ـ وعن مسعدة بن صدقة ، قال : قال أبو عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إنّ الله جعل ولايتنا أهل البيت قطب القرآن ، وقطب جميع الكتب ، عليها يستدير محكم القرآن ، وبها نوّهت الكتب ، ويستبين الإيمان. وقد أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يقتدى بالقرآن وآل محمد ، وذلك حيث قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في آخر خطبة خطبها : إنّي تارك فيكم الثقلين : الثقل الأكبر ، والثقل الأصغر. فأما الأكبر فكتاب ربّي ، وأما الأصغر فعترتي اهل بيتي ، فاحفظوني فيهما ، فلن تضلوا ما تمسّكتم بهما »(٢) .

٥ ـ وعن عبدالرحمن بن أبي نجران ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في حديث طويل جاء فيه : « ومن أراد الله تعالى به الخير ، جعله من المصدّقين المسلّمين للأئمة الهادين بما منحهم الله تعالى من كرامته ، وخصّهم به من خيرته ، وحباهم به من خلافته على جميع بريّته دون غيرهم من خلقه ؛ إذ جعل طاعتهم طاعته ، يقول عزّوجلّ :( اطيعوا الله وأطيعوا الرّسول وأولى الأمر منكم ) (٣) ، وقوله :( من يطع الرّسول فقد أطاع الله ) (٤) . فندب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الخلق إلى الأئمة من ذريته ، الذين أمرهم الله تعالى بطاعتهم ، ودلهم عليهم ، وأرشدهم إليهم ، بقولهعليه‌السلام : إنّي

__________________

١ ـ روضة الواعظين / الفتال النيسابوري : ٢٩٤ مجلس من مناقب آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٢ ـ تفسير العياشي ١ : ٥ / ٩ في فضل القرآن الكريم.

٣ ـ سورة النساء : ٤ / ٥٩.

٤ ـ سورة النساء : ٤ / ٨٠.

٥٢

مخلّف فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، حبل ممدود بينكم وبين الله ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا )(١) .

ومن الواضح من عناية إمامنا الصادقعليه‌السلام بحديث الثقلين ، وبيان أغراضه ، وتحديد المعنيّين به ، وهم الأئمة الاثنا عشر ، ومنهم أوصياء الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخلفاؤه ، وأولهم أمير المؤمنينعليه‌السلام وآخرهم المهديعليه‌السلام ، وأنهم مطهرون ، وطاعتهم مفروضة ، ومرجعيتهم ثابتة ، كل ذلك لم ينطلق من فراغ ، وإنما جاء كرد فعل معاكس للتيارات الفكرية والمذهبية المختلفة التي أوجدها النظام السياسي المضاد ، بغية تمكنها من جرف الحقيقة وتعميتها ، ويكفي أنها ـ على صعيد حديث الثقلين ـ قد وسّعت دائرة ( اهل البيت ) لتشمل بني العباس وغيرهم ممن ليس لهم في هذا الأمر نصيب.

ولهذا اضطر الإمام الصادقعليه‌السلام إلى تأكيد اختصاصهم بهذا الحديث الدالّ على عصمتهم ومرجعيتهمعليه‌السلام بكل قوة.

خامسا ـ دلّالة حديث الثقلين :

دلّّ حديث الثقلين الشريف على أمور كثيرة ، سنشير إلى أهمها بالنقاط الآتية :

١ ـ إنه دلّ على أن أهل البيتعليهم‌السلام أفضل الأمة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قاطبة ؛ لأنهم قُرِنوا بالكتاب العزيز ، فكان فضلهم على سائر الناس بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فضلهم القرآن الكريم على سائر الكتب.

__________________

١ ـ كتاب الغيبة / النعماني ١ : ٥٤ / ٣ باب ما جاء في الإمامة.

٥٣

٢ ـ إنّهمعليهم‌السلام أنفس شيء تركه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع القرآن ، كما يفهم من وصفهما بالثقلين ، والثقل في اللغة هو الشيء النفيس الخطير.

٣ ـ دلّ الحديث على إمامتهم وخلافتهم ووجوب تسليم الحكم وإدارة شؤون الدولة إليهم بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مباشرة ؛ لأن وظيفة الحاكم الأعلى في الدولة الإسلامية في المنظور القرآني والنبوي من يقود الرعية إلى شاطيء الأمان لا أن يضلها ويحرفها عن دين الله وشرعه القويم أما بتقصير أو قصور ، ويكاد لفظ الحديث من يكون صريحا بهذا ؛ لان معنى نجاة الرعية في الدولة الإسلامية أن لا تضل عن الطريق المستقيم ، وقد حصر الحديث النجاة من الضلالة بالتمسّك بالثقلين : كتاب الله وعترته أهل بيتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٤ ـ دلّ أيضا على أن مقولة ( حسبنا كتاب الله ) مقولة شيطانية ، لا يراد بها إلاّ إضلال الأمة وهلاكها ، لمن الحديث حصر النجاة بالتمسّك بالثقلين ( كتاب الله والعترة ). وأين هذا من تلك المقولة؟

٥ ـ دلّ على أن من تمسّك بغير هما يكون من الهالكين ولابدّ ، ومن باب أولى أن يكون ذلك الغير ( المتمسَّك به ) من الهالكين ، لأنه سيكون من أئمة الضلال ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون خليفة أو حاكما أو قاضيا أو رئيسا أو أميرا أو سلطان ؛ إذ خدع الناس بأخذ معالم دينهم منه ، فتمسّكوا به لا بالثقلين.

وقد صرح محمود شكري الآلوسي بهذا ، فقال عمن خالفهما وتمسّك بغيرهما : ( فهو ضالّ ، ومذهبه باطل ، وفاسد لايعبأبه ، ومن جحد بهما فقد

٥٤

غوى ، ووقع في مهأوي الردى )(١) .

٦ ـ دلّ على مرجعية أهل البيتعليهم‌السلام العلميّة ، وأنهم أعلم الناس بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما في الكتاب والسنة المطهرة ، إذ لا يعقل مطلقا أن يكونوا أمانا للأُمة من الضلالة في حال تمسّكها بهم وهناك من هو أعلم منهم بالكتاب والسنة ، ولو وُجِد فرضا لعدّه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمكان أهل البيتعليه‌السلام أو لجعله ثقلا ثالثا مع الكتاب العزيز والعترة الطاهرة ، وأما أن يتركه ـ على تقدير وجوده ـ فهو محال. الأمر الذي يدلُّ على عدمه ، ويؤيّده من الله عزّوجلّ لم يُذْهِب الرجس عن أحدٍ من الصحابة ويطهّره تطهيرا وإنّما انحصر ذلك بأهل البيتعليهم‌السلام دون غير هم.

٧ ـ دلّ الحديث على وجوب الآخذ منهم مباشرة أو بالواسطة ، وعلى محبتهم وتوقيرهم ، وطاعتهم المطلقة وعدم الرد عليهم في شيءٍ البتة لأنهمعليهم‌السلام مع القرآن صنوان لا يفترقان ، كل منهما يشهد للآخر ، فيكون الراد عليهم كالجاحد بكتاب الله ، وكالراد على الله تعالى ورسوله.

٨ ـ دلّ الحديث على حجية سنتهمعليهم‌السلام ، وان سنة كل واحد منهمعليه‌السلام هي سنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأن حديثهم حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سواء رُفِع منهم إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو لم يُرفع ، ومن الحكم على حديثهمعليهم‌السلام بالإرسال لا يكون إلاّ من جاهل بحديث الثقلين أو من معاند متعصب أو ناصب.

__________________

١ ـ مختصر التحفة الاثني عشرية / الآلوسي : ٥٢.

٥٥

٩ ـ دلّ الحديث الشريف على عصمة أهل البيتعليهم‌السلام من جهتين :

الاُولى : أنهمعليهم‌السلام مع القرآن والقرآن معهم لا يفترقان عمر الدنيا ، فعصمتهم كعصمة الكتاب من هذه الجهة.

الثانية : أن من لا يدلّ على ضلالة أبدا ولو مرّة واحدة في حياته عن سهو أو اشتباه لا يكون إلاّ معصوما ، وقد صرّح الحديث بأن من يتمسك بهما لا يضلّ أبدا إلى يوم القيامة.

جدير بالذكر من الإمام الصادقعليه‌السلام قد صرّح بعصمة الأنبياء والأوصياءعليهم‌السلام جميعا فقال : « الأنبياء وأوصيائهم لا ذنوب لهم ؛ لأنهم معصومون مطهرون »(١) .

وقالعليه‌السلام « عشر خصال في صفات الإمام » ثم عدّعليه‌السلام العصمة في أول تلك الخصال(٢) .

وقد مرّ عنهعليه‌السلام ما يشير إلى عصمتهم ومرجعيتهمعليهم‌السلام باُسلوب المزاوجة بين الآيات الدالة على العصمة كآية التطهير ، والطاعة كآية أولي الأمر من جهة ، وبين حديث الثقلين من جهة اُخرى ، ليلتفت السامع والمتلقي إلى وحده الموضوع والهدف والنتيجة.

__________________

١ ـ الخصال / الشيخ الصدوق ٢ : ٦٠٨ / ٩.

٢ ـ الخصال ٢ : ٤٢٨ / ٥.

٥٦

القاعدة الثانية :

قاعدة حصر الأئمة باثني عشر أوصياء كلهم من عترة النبي أهل بيتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

وهذه القاعدة تكشف للعيان بأن الثقل الذي أوصى به الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع القرآن ليكونا للمتمسك بهما عاصما من الضلالة ، إنما هو الثقل المتمثّل بهذا العدد من الأئمة لا غير ، وأنه ليس للأُمة أن تزيد عليهم أوصياء ولا تنقص منهم واحدا ، وهذه القاعدة مستفادة من الحديث الصحيح الثابت عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد أخرج البخاري بسنده عن جابر بن سمرة قال : « سمعت النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلم يقول : يكون اثنا عشر أميرا ، فقال كلمة لم أسمعها ، فقال أبي : إنّه قال : كلّهم من قريش »(١) .

وفي صحيح مسلم : « ولا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة ، أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش »(٢) .

وفي مسند أحمد بسنده ، عن مسروق قال : « كنّا جلوسا عند عبد الله ابن مسعود وهو يقرأ القرآن ، فقال له رجل : يا أبا عبدالرحمن! هل سألتم رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم كَمْ يملك هذه الأمة من خليفة؟ فقال

__________________

١ ـ صحيح البخاري ٤ : ١٦٤ كتاب الأحكام ، باب الاستخلاف ، وأخرجه الصدوق ، عن جابر بن سمرة أيضا في إكمال الدين ١ : ٢٧٢ / ١٩ ، والخصال ٢ : ٤٦٩ و ٤٧٥.

٢ ـ صحيح مسلم ٢ : ١١٩ ـ كتاب الأمارة ، باب الناس تبع لقريش ، أخرجه من تسعة طرق.

٥٧

عبد الله : ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك ، ثم قال : نعم ، ولقد سألنا رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] ، فقال : « اثني عشر كعدّة نقباء بني إسرائيل »(١) .

وقد جاء في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنه قال : « سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين حضرته وفاته ، فقلت : يا رسول الله! إذا كان ما نعوذ بالله منه ، فإلى من؟ فأشارصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى عليعليه‌السلام فقال : إلى هذا ، فإنه مع الحق ، والحق معه ، ثم يكون من بعده أحد عشر أوصياء ، مفترضة طاعتهم كطاعته »(٢) .

وعن ابن عباس أيضا ، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : « معاشر الناس من أراد أن يتولّى الله ورسوله فليقتد بعلي بن أبي طالب بعدي ، والأئمة من ذريتي ، فإنهم خزّان علمي. فقام جابر بن عبد الله الأنصاري ، فقال : يا رسول الله! وما عِدّة الأئمة؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ياجابر سألتني ـ رحمك الله عن الإسلام باجمعه. عِدّتهم عِدة الشهور ، وهي عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض ، وعِدّتهم عِدّة العيون التي انفجرت لموسى بن عمرانعليه‌السلام حين ضرب بعصاه الحجر فانفجرت

__________________

١ ـ مسند أحمد ٥ : ٩٠ و ٩٣ و ٩٧ و ١٠٠ و ١٠٦ و ١٠٧ ، وأخرجه الصدوق ، عن ابن مسعود في إكمال الدين ١ : ٢٧٠ / ١٦.

٢ ـ إعلام الورى ٢ : ١٦٣ ـ ١٦٤ الركن الرابع. أخرجه عن الدوريستي ، عن أبيه ، عن الصدوق ، عن ماجيلويه ، عن عمه ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن خلف بن حماد ، عن الأعمش ، عن عباية بن ربعي ، عن ابن عباس ، وهؤلاء كلهم من مشاهير الرواة ولم يتهم أحدهم بكذب وكلهم ما بين ثقة مشهور ، أو حسن معتمد.

٥٨

أنه اثنتا عشرة عينا ، وعدّتهم عدّة نقباء بني إسرائيل( وبعثنا منهمْ اثني عَشَرَ نقيبا ) (١) فالأئمة يا جابر اثنا عشر أولهم : علي بن أبي طالب ، وآخرهم : القائم المهدي صلوات الله عليهم »(٢) .

وقد جاء إمامنا الإمام الصادقعليه‌السلام ليؤكّد هذه القاعدة بكل قوة :

١ ـ فعن عبد العزيز القراطيسي قال : قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « الأئمة بعد نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اثنا عشر نجباء مفهمون ، من نقّص منهم واحدا ، أو زاد فيهم واحدا ، خرج من دين الله ، ولم يكن من ولايتنا على شيء »(٣)

٢ ـ وفي الصحيح عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن آبائه ، عن الحسن السبطعليهم‌السلام قال : « سألت جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الأئمة بعده فقال : الأئمة بعدي بعدد نقباء بني إسرائيل ، اثنا عشر ، أعطاهم الله علمي وفهمي ، وأنت منهم ياحسن »(٤) .

٣ ـ وعن إبراهيم بن مهزم ، عن أبيه ، عن الإمام الصادق ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن عليعليهم‌السلام ، قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الأئمة اثنا عشر من أهل بيتي أعطاهم الله فهمي وعلمي وحكمي ، وخَلَقهم من طينتي ، فويل

__________________

١ ـ سورة المائدة : ٥ / ١٢.

٢ ـ مائة منقبة / ابن شاذان : ٧١ المنقبة رقم / ٤١.

٣ ـ الاختصاص / الشيخ المفيد : ٢٣٣.

٤ ـ اثبات الرجعة / الفضل بن شاذان ، كما في اثبات الهداة / الحر العاملي ٣ : ٩٣ ـ ٩٤ / ٨٠٩ باب ٩ فصل / ٦٠.

٥٩

للمتكبرين عليهم بعدي ، القاطعين فيهم صلتي الحديث »(١) .

٤ ـ وعن سماعة بن مهران قال : « كنتُ أنا وأبو بصير ، ومحمد بن عمران ـ مولى أبي جعفرعليه‌السلام ـ في منزل بمكة ، فقال محمد بن عمران : سمعتُ أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : نحن اثنا عشر مهديا. فقال له أبو بصير : تالله ، لقد سمعتُ ذلك من أبي عبد اللهعليه‌السلام ؟ فحلف مرَّة أو مرَّتين أنّه سمع ذلك منه ، فقال أبو بصير : لكنّي سمعته من أبي جعفرعليه‌السلام »(٢) .

ويستفاد من مجمل هذه الأحاديث أمور ، وهي :

الأول : إنّ عدد الخلفاء أو الأمراء أو الأئمة لا يتجأوز الاثني عشر وكلهم من قريش بلا خلاف بين الفريقين. وهذا العدد منطبق مع ما تعتقده الشيعة الإمامية بعدد الأئمة ، وهم كلهم من قريش.

وأما التعبير بـ ( الأمراء أو الخلفاء ) فهو وإن لم ينطبق في الظاهر على مقولة الإمامية إلاّ من المقصود بذلك ليس الإمرة القسرية أو الاستخلاف بالقوة وإنّما المراد بذلك هو من يستمدّ سلطته من الشارع المقدّس ، ولا ينافي ذهاب السطلة عن أهل البيتعليهم‌السلام في واقعها الخارجي ؛ لتسلّط الآخرين عليهم. وفي كلام النوربشتي ما يشير إلى هذه الحقيقة ، قال : « السبيل في هذا الحديث وما يتعقّبه في هذا المعنى أنه يُحَمل على المقسطين

__________________

١ ـ إكمال الدين ١ : ٢٨١ / ٣٣ باب ٢٤ ، وعيون أخبار الرضاعليه‌السلام ١ : ٦٦ / ٣٢ باب النصوص على الرضاعليه‌السلام بالأئمة الاثني عشرعليهم‌السلام .

٢ ـ أصول الكافي١ : ٥٣٤ ـ ٥٣٥ / ٢٠ باب ١٢٦ ، وإكمال الدين ٢ : ٣٣٥ / ٦ وذيل الحديث نفسه أيضا.

٦٠