دروس في الاخلاق

دروس في الاخلاق14%

دروس في الاخلاق مؤلف:
الناشر: نشر الهادي
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 279

دروس في الاخلاق
  • البداية
  • السابق
  • 279 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 69973 / تحميل: 7496
الحجم الحجم الحجم
دروس في الاخلاق

دروس في الاخلاق

مؤلف:
الناشر: نشر الهادي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

( فالاسترجاع دليل الصبر والتسليم ، والجزاء : الصلاة والرحمة والهداية ).

وقال مولانا الصادقعليه‌السلام : إنا صبّر وشيعتنا أصبر منا ؛ لأنا نصبر على ما نعلم وشيعتنا يصبرون على ما لا يعلمون(١) ( أي : نحن نعلم بالمصائب قبل حدوثها ، ونعلم الحكمة في حدوثها والثواب المترتب عليها ، ونعلم عواقبها ووقت زوالها ، وكل ذلك له دخل في سهولة التحمل ).

والمصيبة إذا صبر عليها الإنسان تصير له نعمة(٢) .

والصبر خلق قبل البلاء وإلا لتفطر المؤمن كتفطر البيضة على الصفا(٣) .

ومروءة الصبر في حال الفاقة أكثر من مروءة الإعطاء(٤) ( أي : تكامل صفات الإنسان مع الصبر على الفاقة وعدم إقدامه على ما حرم الله أكثر منه مع غناه وإنفاقه ).

والصبر الجميل هو الذي ليس فيه شكوى إلى غير المؤمن(٥) .

والصبر يلي مسائلة الإنسان في القبر إذا لم تنفعه صلاته زكاته(٦) .

وينادي يوم القيامة : أين الصابرون؟ فيقوم الذين صبروا على أداء الفرائض ، وينادي : أين المتصبرون؟ فيقوم الذين اجتنبوا المحارم(٧) .

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص٩٣ ـ الوافي : ج٤ ، ص٣٤٠ ـ بحار الأنوار : ج٢٤ ، ص٢١٦ وج٧١ ، ص٨٠ و٨٤.

٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص٩٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٨١.

٣ ـ الكافي : ج٢ ، ص٩٢ ـ من لا يحضره الفقيه : ج١ ، ص١٧٥ ـ وسائل الشيعة : ج٢ ، ص٩٠٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٨٢.

٤ ـ الكافي : ج٢ ، ص٩٣ ـ وسائل الشيعة : ج٢ ، ص٩٠٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٨٢.

٥ ـ الكافي : ج٢ ، ص٩٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ٨٣ ـ جوامع الجامع : ج٢ ، ص١٨١ ـ منهج الصادقين : ج٥ ، ص٢٢.

٦ ـ الكافي : ج٢ ، ص٩٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٧٣.

٧ ـ تفسير القمي : ج١ ، ص١٢٩ ـ بحار الأنوار : ج٧ ، ص١٨١ ـ نور الثقلين : ج١ ، ص٤٢٦.

١٠١

والصبر عند البلاء فريضة على المؤمن ، وهو من كمال الإيمان(١) .

وعلامة الصابر أنه لا يكسل ولا يضجر ولا يشكوا من ربه(٢) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٨٥ و٩٠.

٢ ـ علل الشرايع : ص٤٩٨ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٣٢٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٨٦.

١٠٢

الدرس السادس عشر

في التوكل والتفويض

الوكول في اللغة : ترك الأمر إلى الغير وتفويضه إليه. يقال : وكل الأمر إلى زيد : سلمه إليه وفوضه ، وتوكل لزيد قبل الوكالة له ، وتولى أمره وتوكل له وعليه : عجز من الأمر واعتمد عليه. قال في لسان العرب : والمتوكل على الله : الذي يعلم أن الله كافل رزقه وأمره فيركن إليه وحده ولا يتوكل على غيره.

والمراد به باصطلاح الشرع : هو الاعتماد على الله تعلى في جميع الأمور والاتكال على إرادته ، والاعتقاد بأنه مسبب الأسباب والمتسلط عليها ، وبإرادته تتم الأسباب وتؤثر لا بمعنى الاستغناء بذلك عن طلب الحوائج وترك إعداد مقدماتها وحسبان بطلان السببية ، بل بمعنى : عدم الانقطاع إلى الأسباب الظاهرية وتوجه النفس إلى إرادة الله التي هي وراء كل سبب وفوق كل سلطان.

ومقتضى توكل المؤمن على ربه عدم ركونه في رزقه على الأسباب ، وتوجه

١٠٣

باطنه وسكون قلبه إلى ربه عند الاشتغال بكل سبب ، وسهولة إقدامه على ما أمر الله به من بذل المال والنفس ، فيجود بالإعطاء ويطمئن بالخلف ، ويخوض الغمرات ولا يبالي أوقع على الموت أم وقع الموت عليه.

ثم إن الظاهر أن مورد التوكل والتفويض عند الإقدام إلى الأمور التي على العبد وينبغي صدوره مه : كتحصيل العلم والحرث والزرع والزواج للولد وعلاج المرض ونحوها ، ومورد الرضا والتسليم الآتيين حال حدوث الأمور الراجعة إلى فعل الله تعالى : كالحوادث الكونية والأمراض وغيرها. فإذا أقدم المؤمن على أمر هام فعليه أن يتوكل ويفوض ، وإذا قضى النظام الأتم على خلاف مناه فعليه أن يرضا ويسلم هذا ، ولكنه قد يستعمل كل من العناوين في موضع الآخر.

وقد ورد في الكتاب الكريم : أن( على الله فليتوكل المؤمنون )(١) (وعليه فليتوكل المتوكلون ) (٢) وأنه( إذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين ) (٣) . وأنه( كفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً ) (٤) و( كفى بالله وكيلاً ) (٥) وأن المؤمن يقول :( إن وليي الله الذي نزّل الكتاب وهو يتولى الصالحين ) (٦) . وأن الله قال لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( إن يريدوا أن يخدعوك فأنّ حسبك الله ) (٧) . وأن النبي موسىعليه‌السلام قال :( يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا ...فقالوا على الله توكلنا ) (٨) .

__________________

١ ـ آل عمران : ١٢٢.

٢ ـ يوسف : ٦٧.

٣ ـ آل عمران : ١٥٩.

٤ ـ النساء : ٤٥.

٥ ـ النساء : ٨١.

٦ ـ الاعراف : ١٩٦.

٧ ـ الأنفال : ٦٣.

٨ ـ يونس : ٨٤ و ٨٥.

١٠٤

وأن( إليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه ) (١) . وأنه( ما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ) (٢) . وأن ما( يعبدون من دون الله لا يملك لهم رزقاً من السماوات والأرض ) (٣) . وأنهم (لا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً ) .(٤) وأنه :( اعتصموا بالله هو مولاكم ) (٥) وأن( بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه ) .(٦) و( من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوء أو أراد بكم رحمة ) (٧) و( أليس الله بكاف عبده ) (٨) . وأن مؤمن آل فرعون قال :( وأفوض أمري إلى الله ) (٩) فوقاه سيئات ما مكروا. وأن( من يتوكل على الله فهو حسبه ) (١٠) .

وورد في النصوص : أن الغنى والعز يجولان ، فإذا ظفرا بموضع التوكل أوطنا(١١) ( وهذه استعارة تمثيلية لبيان أن غنا النفس والعز ملازمان للتوكل ، فالمتوكل مستغن قلباً وعملاً ، ولو كان به خصاصة فلا يذل نفسه بالسؤال والخضوع ويغنيه ربه ويعزه إذا رأى ذلك منه ).

وأن من اعتصم بالله عصمه الله(١٢) .

__________________

١ ـ هود : ١٢٣.

٢ ـ ابراهيم : ١٢.

٣ ـ النحل : ٧٣.

٤ ـ الإسراء : ٥٦.

٥ ـ الحج : ٧٨.

٦ ـ المؤمنون : ٨٨.

٧ ـ الاحزاب : ١٧.

٨ ـ الزمر : ٣٦.

٩ ـ غافر : ٤٤.

١٠ ـ الطلاق : ٣.

١١ ـ الكافي : ج٢ ، ص٦٥ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص١٦٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٤٣ و١٧٥ وج٧٨ ، ص٢٥٧.

١٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص٦٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٢٧.

١٠٥

وأن من درجات التوكل على الله أن تتوكل عليه في أمورك كلها ، فما فعل بك كنت عنه راضياً تعلم أنه لا يألوك خيراً وفضلاً(١) .

وأنه من أعطي التوكل أعطي الكفاية(٢) .

وأنه : كن لما لا ترجوا أرجى منك لما ترجوا ، فإن موسى خرج يقتبس لأهله ناراً رجع نبياً. وخرجت ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان. وخرج سحرة فرعون يطلبون العزة لفرعون فرجعوا مؤمنين(٣) .

وثق بالله تكن مؤمناً(٤) .

ومن وثق بالزمان صرع(٥) .

وأن مما لا حيلة لإبليس فيه أن يعتصم العبد بالله عن نية صادقة ويتكل عليه في جميع أموره(٦) .

وأنه أعقل راحلتك وتوكل عليه(٧) .

وأن من أحب أن يكون أتقى الناس فليتوكل على الله(٨) .

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص٦٥ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص١٦٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٢٩.

٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص٦٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٢٩.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٣٤.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٣٥.

٥ ـ نفس المصدر السابق.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٣٦.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٣٨.

٨ ـ نفس المصدر السابق.

١٠٦

الدرس السابع عشر

في الرضا والتسليم

مفهومهما معروف ، ورضى العبد عن الله أن لا يكره ما يجري به قضاؤه ويقتضيه تقديره من الحوادث الكونية التي جرت عليه فيما مضى بلا إرادته وتجري عليه في حياته بدون اختياره كخصوصية خلقته وبعض ملكات نفسه مما ليس بيده حدوثاً أو بقاء ، ومقدار رزقه مع بذله الوسع في طلبه بميسور قدرته ، وعدم رزق الولد له أو قلته ، وعروض الأمراض والنوائب والمكاره ونحو ذلك ، وليس من الرضا الممدوح رضاه بالفقر والذلة والظلم والاستضعاف ونحوها من الأمور المتوجهة إليه من ناحية أبناء نوعه مع قدرته على الدفاع عن نفسه وأهله وماله واستقلاله وحريته ودينه وأرضه وبلاده وجميع ما له دخل في أمور معاشه ومعاده.

وأما رضا العبد بما أراد الله منه من دينه وشرعه والتسليم لأحكامه وحدوده فهو أيضاً من الرضا الممدوح ، إلا أنه يذكر في شرائط الإيمان وكماله ولم يذكر في هذا الباب.

١٠٧

وأما نصوص الباب : فقد ورد فيها : أن الله قال : من لم يرض بقضائي ولم يؤمن بقدري فليلتمس إلهاً غيري(١) .

وقال : يا داوود إن أسلمت لما أريد أعطيتك ما تريد ، وإن لم تسلم أتعبتك فيما تريد ، ثم لا يكون إلا ما أريد(٢) .

وأن في كل قضاء الله خيرة للمؤمن(٣) .

وأن من رضي بالقضاء أتى عليه القضاء وهو مأجور ، ومن سخط القضاء أتى عليه وأحبط الله أجره(٤) .

وأن من رضي بما قسم الله عليه استراح بدنه وقرت عينه(٥) .

وأن رأس طاعة الله : الرضا بما صنع الله فيما أحب وكره(٦) .

وأن من عباد الله من لا يصلحه إلا الفاقة ولو أغناه لفسد ، ومنهم من لا يصلحه إلا السقم ، فليطمئنوا إلى حسن نظر الله ، فإنه يدبر عباده بما يصلحهم والتسليم على العبد في قضاء الله فريضة(٧) .

وأن موسىعليه‌السلام سأل ربه عن أبغض الخلق إليه قال : من يتهمني ، قال : وهل من خلقك من يتهمك؟ قال : نعم ، الذي أقضي له القضاء وهو خير له فيتهمني(٨) .

__________________

١ ـ التوحيد : ص٣٧١ ـ عيون أخبار الرضا ( ع ) : ج١ ، ص١٤١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٣٩ ـ نور الثقلين : ج٤ ، ص٢٨٠.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٣٨.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٣٩.

٤ ـ نفس المصدر السابق.

٥ ـ نفس المصدر السابق.

٦ ـ الكافي : ج٢ ، ص٦٠ ـ وسائل الشيعة : ج٢ ، ص٩٠١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٣٩ وج٧٢ ، ص٣٣٣.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٤٠.

٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٤٢.

١٠٨

وأن : أعلم الناس بالله أرضاهم بقضاء الله(١) .

وأن : رأس الطاعة : الرضا(٢) .

ومن رضي بالقضاء جعل الخير فيه(٣) .

وأن : من ابتلاه كان كفارة لذنبه(٤) .

وأن في قضاء الله كل خير للمؤمن(٥) . وأن الرضا بمكروه القضاء من أعلى درجات اليقين(٦) .

وأن أحق الخلق بالتسليم لقضاء الله من عرف الله(٧) .

وأن علياًعليه‌السلام قال : ما أحب أن لي بالرضا في موضع القضاء حمر النعم(٨) ( الباء في قوله : بالرضا للبدلية ، وحمر النعم : أقسامها وألوانها ، والمعنى : لا أحب أن ينتفي مني الرضا ويكون لي بدله أنواع النعم ).

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٤٤.

٢ ـ نفس المصدر السابق.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٤٤ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٤ ، ص٥٣.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٥٢.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٥٢ وج٧٨ ، ص١٧٣.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٥٢.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٥٣.

٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٥٤ ـ مستدرك الوسائل : ج٢ ، ص٤١٣.

١٠٩

١١٠

الدرس الثامن عشر

في الحث على الاجتهاد والمواظبة على العمل

حث الكتاب الكريم الإنسان على عمل الخير والطاعة والاهتمام به والمواظبة عليه حثاً بليغاً ، ووعد عليه وعداً حسناً ، وأوعد على الغافلين المعرضين عنه بالحرمان عن ثوابه والاضطرار إلى عذابه.

والمداومة والاستمرار على ذلك يوجب حصول خلق كريم في النفس ، فلا تضيع عنه أيام عمره ولا تفوته أعماله التي هي مرهونة بأوقاتها ، ولا تعقبه الندامة والحسرة يوم القيامة ، وهذا يشمل الإتيان بالواجبات والمندوبات والترك للمحرمات والمكروهات حسب اختلاف مراتبها في الفضيلة والقرب إلى الله تعالى والمثوبة.

فقد نطق القرآن الكريم بأنه :( قدموا لأنفسكم ) (١) وأن( ما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله ) (٢) .

__________________

١ ـ البقرة : ٢٢٣.

٢ ـ البقرة : ١١٠.

١١١

وأن الذين عند ربك( لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون ) (١) .

وأن( الباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير أملاً ) (٢) . وأنه :( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ) (٣) . وأنه :( فاعبده واصطبر لعبادته ) (٤) . وأنه :( لا نضيع أجر من أحسن عملاً ) (٥) وأن( عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) (٦) . وأنه( اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) (٧) . وأن( الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) (٨) .

وأنه( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) (٩) . وأنه( نكتب ما قدموا وآثارهم ) (١٠) . وأن( من عمل صالحاً فلنفسه ) (١١) وأنه :( ما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيئ ) (١٢) و( أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون ) (١٣) . وأنه( سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء

__________________

١ ـ الأنبياء : ١٩ ـ ٢٠.

٢ ـ الكهف : ٤٦.

٣ ـ النحل : ٩٧.

٤ ـ مريم : ٦٥.

٥ ـ الكهف : ٣٠.

٦ ـ المائدة : ١٠٥.

٧ ـ التوبة : ١٠٥.

٨ ـ العنكبوت : ٦٩.

٩ ـ فاطر : ١٠.

١٠ ـ يس : ١٢.

١١ ـ فصلت : ٤٦ والجاثية : ١٥.

١٢ ـ غافر : ٥٨.

١٣ ـ الجاثية : ٢١.

١١٢

والأرض ) (١) وأن( كل نفس بما كسبت رهينة ) (٢) . و( إن كتاب الأبرار لفي عليين ) (٣) . و( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه ) (٤) .

وورد في النصوص : أنه : طوبى لمن طال عمره وحسن عمله(٥) .

وكان عليعليه‌السلام ينادي بعد العشاء الآخرة : أيها الناس : تجهزوا رحمكم الله ، فقد نودي فيكم بالرحيل وانتقلوا بأحسن ما بحضرتكم من الزاد وهو زاد التقوى(٦) .

وأن من استوى يوماه فهو مغبون ، ومن كان آخر يوميه شرهما فهو ملعون. ومن لم يعرف الزيادة في نفسه كان إلى النقصان أقرب(٧) .

ومن لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوى(٨) .

وأن الخير كثير وفاعله قليل(٩) .

وكونوا على قبول العمل أشد عناية منكم على العمل(١٠) .

وأنه من أحبنا فليعمل بعملنا وليستعن بالورع(١١) .

__________________

١ ـ الحديد : ٢١.

٢ ـ المدثر : ٣٨.

٣ ـ المطففين : ١٨.

٤ ـ الانشقاق : ٦.

٥ ـ من لا يحضره الفقيه : ج٤ ، ص٣٩٦ ـ بحار الأنوار : ج٦٩ ، ص٤٠٠ وج٧١ ، ص١٧١ وج٧٧ ، ص١١٣ ـ الأمالي : ج١ ، ص٥٥.

٦ ـ نهج البلاغة : الخطبة ٢٠٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٧٢.

٧ ـ الامالي : ج١ ، ص٥٣١ ـ معاني الاخبار : ص٣٤٢ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٣٧٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٧٤ وج٧٧ ، ص١٦٤ وج٧٨ ، ص٣٢٧ ـ مرآة العقول : ج٨ ، ص٨٢.

٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٨١.

٩ ـ الخصال : ص٣٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٧٣.

١٠ ـ الخصال : ص١٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٣١٢ وج٧١ ، ص١٧٣.

١١ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٥ ، ص٣٠٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٣٠٦ وج٧١ ، ص١٧٣.

١١٣

وما أقبح بالمؤمن أن يدخل الجنة وهو مهتوك الستر(١) .

ولا تعّنتونا في الطلب والشفاعة لكم يوم القيامة(٢) ، ولا تفضحوا أنفسكم عند عدوكم يوم القيامة.

ولا تكذبوها عندهم في منزلتكم عند الله ، فما بين أحدكم وبين أن يغبط ويرى ما يحب إلا أن يحضره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) .

ولو لم يخوّف الله الناس بجنة ونار لكان الواجب عليهم أن يطيعوه ولا يعصوه(٤) .

وأن من أخلاء المؤمن خليل ، يقول له : أنا معك حياً وميتاً ، وهو عمله(٥) .

وأن الصادقعليه‌السلام قال : إنكم على دين الله ودين ملائكته ، فأعينونا بورع واجتهاد(٦) .

وأنه خذ من حياتك لموتك(٧) .

ومن يزرع خيراً يحصد غبطة ، ومن يزرع شراً يحصد ندامة(٨) .

وأن الله أخفى رضاه في طاعته ، فلا تستصغرن شيئاً من طاعته(٩) ، وأن قوله تعالى :( لا تنس نصيبك من الدنيا ) (١٠) معناه : لا تنس صحتك وقوتك وفراغك

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٧٤.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٨ ، ص٣٤ وج٧١ ، ص١٧٤.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٧٤.

٤ ـ نفس المصدر السابق.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٧٥.

٦ ـ نفس المصدر السابق.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٧٦.

٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٧٦ وج٧٣ ، ص٧٢ ـ مرآة العقول : ج٨ ، ص٣٠٦.

٩ ـ الخصال : ص٢٠٩ ـ كمال الدين : ص٢٩٦ ـ معاني الأخبار : ص١١٢ ـ بحار الأنوار : ج٦٩ ، ص٢٧٤ وج٧١ ، ص١٧٦ وج٩٣ ، ص٣٦٣.

١٠ ـ القصص : ٧٧.

١١٤

وشبابك ونشاطك أن تطلب بها الآخرة(١) .

وأن المغبون من غبن عمره ساعة بعد ساعة(٢) .

وأن كل يوم يمر على ابن آدم يقول : قل فيّ خيراً واعمل في خيراً أشهدك به يوم القيامة ، فإنك لن تراني بعده(٣) .

وأنه لا تصغرن حسنة فإنها ستسرك يوم القيامة.

وويح من غلبت واحدته عشرته(٤) .

والعمل الصالح يذهب إلى الجنة فيمهد لصاحبه كما يبعث الرجل غلامه فيفرش له(٥) ، قال تعالى :( ومن عمل صالحاً فلأنفسهم يمهدون ) (٦) .

وأن جبرئيل قال للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إعمل ما شئت فإنك ملاقيه(٧) .

وشتان بين عملين : عمل تذهب لذته وتبقى تبعته ، وعمل تذهب مؤنته ويبقى أجره(٨) .

ومن تذكر بعد السفر استعد(٩) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٧٧.

٢ ـ معاني الأخبار : ص٣٤٢ ـ الامالي : ص١٨٣ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٢ ، ص٥٢٥ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٣٧٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٧٧.

٣ ـ الأمالي : ج١ ، ص٩٥ ـ من لا يحضره الفقيه : ج٤ ، ص٣٩٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٨١ وج٧٧ ، ص٣٧٩.

٤ ـ الأمالي : ص١٨٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٨٥ وج٧٨ ، ص١٥٢.

٥ ـ الأمالي : ص١٩٥ ـ البرهان : ج٣ ، ص٢٦٧ ـ بحار الأنوار : ج٨ ، ص١٩٧ وج٧١ ، ص١٨٥.

٦ ـ الروم : ٤٤.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٨٩.

٨ ـ نهج البلاغة : الحكمة ١٢١ ـ الأمالي : ج١ ، ص١٥٣ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص١٨٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٨٩.

٩ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٢٨٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٨٩.

١١٥

والطاعة غنيمة الأكياس عند تفريط العجزة(١) .

واحذر أن يفقدك الله عند طاعته فتكون من الخاسرين(٢) .

__________________

١ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٣٣١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٨٩.

٢ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٣٨٣ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص١٨٩ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٨٩.

١١٦

الدرس التاسع عشر

في الاقتصاد في العبادة

قد تعرض على المؤمن حالة رغبة واشتياق للعبادة فلا يقنع بالإتيان بالواجبات فقط ، بل لا يقنع بالبعض اليسير من المندوبات أيضاً ، فيرغب إلى الازدياد عنها كما وكيفاً ، وتسمى هذه الحالة « شِرّة » في الشرع وهي قد تنتهي إلى ترك بعض الملاذ للاشتغال بالعبادة ، بل إلى ترك بعض ما يجب عقلاً وشرعاً من المطاعم والمشارب والملابس والمناكح ، وقد تعرض له حالة سأم وكسل عن العبادة بحيث يصعب عليه الإتيان بالفرائض فضلاً عن السنن ، فيقنع بالفرائض في الكم وينقص عنها أيضاً في الكيف ، وتسمى هذه « فتوراً » ، بل قد تغلب على الإنسان حالة يترك أغلب ما كان عاملاً به أو جميعه حتى الفرائض ولو مع بقاء الإيمان في الجملة ـ ونستعيذ بالله من الكسل والفشل والغفلة والغرة ـ وحيث أن كلتا الحالتين لا تخلوا عن الخطر في الدين بالنسبة لأصوله وفروعه فقد ورد عن أهل بيت

١١٧

الوحي : : التنبيه على الحالتين وكيفية حفظ النفس عن شرهما وتسويل الشيطان عند عروضها ، فبين فيها خطر الشرة بأنه قد يبتدع الإنسان في هذه الحالة من نفسه أعمالاً وأوراداً وينسبها إلى الشرع بعنوانها الخاص ، مع أن العبادات توقيفية لا يجوز لأحد الأقتراح فيها من نفسه ، فكل قول أو فعل ينسب إلى الشرع فلابد له من دليل معتبر من آية أو رواية معتبرة ، وإلا فيخرج عن الحق ، ويدخل تحت عنوان البدعة ، فيقع العامل في معصية البدعة عند طلب الطاعة. كما أنه في الفتور يترك بعض ما فرضه الله تعالى أو كلها ، وقد ينتهي إلى الكفر وهو خطر الفتور.

ففي النصوص الوارادة أنه قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا إن لكل عبادة شرة ، ثم تصير إلى فترة ، فمن كانت شرة عبادته إلى سنتي فقد اهتدى ، ومن خالف سنتي فقد ضل أما إني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأضحك وأبكي ، فمن رغب عن منهاجي وسنتي فليس مني(١) ، والشرة بالكسر فالتشديد : شدة الرغبة والميل. كما ورد : أن لهذا القرآن شرة ، ثم إن للناس فيه فترة ، وهذا إشارة إلى اختلاف الأزمنة في رغبة الناس وإقبالهم عليه كما في صدر الإسلام وآخر الزمان. وقوله : « إلى سنتي » أي : كانت وفق سنتي ومطابقة لها من غير خروج عن الطريق المستقيم.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : وأن هذا الدين متين ، فأوغلوا فيه برفق ، ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربك ، فإن المنبت لا ظهراً أبقى ولا أرضاً قطع(٢) ، والمتين : صفة بمعنى : القوي الشديد ، من : متن يمتن من باب : نصر ، أي : اشتد وصلب وقوي. وقد يوصف به المركوب إذا صعب ركوب متنه ، والكلام هنا تشبيه به لمشقة القيام بشرائط الدين وأداء وظائفه. فأمر الإنسان أن يدخل أبوابه مترفقاً ويصعد مرقاه متدرجاً حتى

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص٨٥ ـ وسائل الشيعة : ج١ ، ص٨٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٠٩.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ٢١٨.

١١٨

يتمرن ويعتاد ، ولذا ورد : « عليكم هدياً قاصداً ، فإنه من يثابر هذا الدين يغلبه »(١) . وانبت الرجل كاشتد : انقطع في سفره وهلكت راحلته ( وهذا مثال من أوقع نفسه فيما فوق وظيفته من العمل ).

وورد : أنه لا تكرهوا إلى أنفسكم العبادة(٢) .

وأن الله إذا أحب عبداً فعمل قليلاً جزاه بالقليل الكثير(٣) .

وأن الصادقعليه‌السلام قال : اجتهدت في العبادة وأنا شاب ، فقال لي أبي : يا بني : دون ما أراك تصنع ! فإن الله إذا أحب عبداً رضي عنه باليسير(٤) ، ( والمراد بقوله : أحب أي : بصحة العقائد وترك المحرمات ).

وورد : أنه إقتصد في عبادتك وعليك بالأمر الدائم الذي تطيقه(٥) .

والدائم القليل على اليقين أفضل من الكثير على غير يقين(٦) .

وأحب الأعمال إلى الله مادام عليه العبد وإن قل(٧) .

وأن الاقتصاد في العمل هو الوسط بين الإفراط والتفريط فكأنه حسنة بين السيئتين(٨) كقوله تعالى :( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً ) (٩) وقوله :( ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط ) (١٠) وقوله :( والذين

__________________

١ ـ نفس المصدر السابق.

٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص٨٦ ـ وسائل الشيعة : ج١ ، ص٨٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢١٣.

٣ ـ الكافي : ج٢ ، ص٨٦ ـ وسائل الشيعة : ج١ ، ص٨٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢١٣.

٤ ـ الكافي : ج٢ ، ص٨٧ ـ وسائل الشيعة : ج١ ، ص٨٢ ـ بحار الأنوار : ج٤٧ ، ص٥٥ وج٧١ ، ص٢١٣.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢١٤.

٦ ـ نفس المصدر السابق.

٧ ـ الكافي : ج٢ ، ص٨٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢١٦.

٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢١٦.

٩ ـ الإسراء : ١١٠.

١٠ ـ الإسراء : ٢٩.

١١٩

إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً ) (١) . فالطرفان في الجميع سيئة والوسط حسنة.

وأنه لا يرى الجاهل إلا مفرطاً أو مفرّطاً(٢) .

وأن للقلوب شهوة وإقبالاً وإدباراً ، فأتوها من قبل شهوتها وإقبالها ، والقلب إذا أكره عمي(٣) .

وأنه إذا أضرت النوافل بالفرائض فارفضوها(٤) .

وأن الخير ثقيل على أهل الدنيا كثقله في موازينهم يوم القيامة. وأن الشر خفيف عليهم كخفته في موازينهم يوم القيامة(٥) .

وأن قليلاً مدوماً عليه خير من كثير مملول منه(٦) .

__________________

١ ـ الفرقان : ٦٧.

٢ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٧٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢١٧.

٣ ـ نهج البلاغة : الحكمة ١٩٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢١٧.

٤ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٢٧٩ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢١٨.

٥ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٤٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٢٥.

٦ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٤٤٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢١٨.

١٢٠

الدرس العشرون

في الحسنات بعد السيئات

هذا العنوان يرجع إلى مسألة التكفير ، وهي مسألة كلامية.

ويمكن البحث فيها أخلاقياً أيضاً ، فإن إتيان الإنسان بحسنة بعد كل سيئة لأجل تكفيرها وتطهير النفس عن الرجز الحاصل منها كاشف عن حالة يقظة للنفس وصلاحها ، وهو يمنعها عن حدوث حالة الغفلة والقسوة فيها ، والمواظبة على هذا النحو من النظافة والنزاهة تورث ملكة المراقبة وتزكية النفس ، وهي من أفضل الملكات.

وقد ورد في الكتاب العزيز : أن( الحسنات يذهبن السيئات ) (١) .

وأن( من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ) (٢) .

وأن( من ظلم ثم بدل حسناً بعد سوء فإني غفور رحيم ) (٣) .

__________________

١ ـ هود : ١١٤.

٢ ـ الفرقان : ٧٠.

٣ ـ النمل : ١١.

١٢١

وورد في النصوص أنه : ما أحسن الحسنات بعد السيئات وما أقبح السيئات بعد الحسنات(١) .

وأنه إذا عملت سيئة فأتبعها بحسنة تمحها سريعاً(٢) .

وأن المؤمن يوم القيامة ينظر في صحيفته ، فأول ما يراه سيئاته ، فيتغير لذلك لونه وترتعش فرائصه ، ثم يعرض عليه حسناته فيفرح لذلك نفسه ، فيقول الله عز وجل : «بدلوا سيئاته حسنات ،وأظهروها للناس » فيقول الناس : ما له سيئة واحدة(٣) .

وأنه ليس شيء قط أشد طلباً ولا أسرع دركاً من حسنة محدثة لذنب قديم(٤) .

ومن عمل سيئة في السر فليعمل حسنة في السر. ومن عمل سيئة في العلانية فليعمل حسنة في العلانية(٥) .

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص٤٥٨ ـ الأمالي : ج١ ، ص٢٠٩ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٣٨٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٤٢.

٢ ـ المحجة البيضاء : ج٧ ، ص٨٥ ـ نور الثقلين : ج٢ ، ص٤٩٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٤٢.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٤٢.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٤٣.

٥ ـ نفس المصدر السابق.

١٢٢

الدرس الحادي والعشرون

في الحسنات والسيئات

في أن الحسنات يضاعف ثوابها ، ويعجل في كتابها ، ويثاب على مقدماتها والسيئات لا يضاعف عقابها ، ويؤجل كتابها ، ولا يعاقب على مقدماتها.

وقد ورد في الكتاب الكريم : أن( من جاء بالحسنة فله خير منها ) (١) . وأن( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) (٢) .

وأن( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزي إلا مثلها وهم لا يظلمون ) (٣) ، وأن( الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً ) (٤) ، وأنه( من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة ) (٥) ، وأنه( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع

__________________

١ ـ القصص : ٨٤.

٢ ـ يونس : ٢٦.

٣ ـ الأنعام : ١٦٠.

٤ ـ النساء : ٤٠.

٥ ـ البقرة : ٢٤٥.

١٢٣

سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء ) (١) .

وورد في النصوص : أنه لما نزل قوله :( فله خير منها ) قال رسول الله : اللهم زدني ، فأنزل الله( فله عشر أمثالها ) فقال رسول الله : اللهم زدني ، فأنزل الله( فيضاعفه له أضعافاً كثيرة ) فعلم رسول الله أن الكثير من الله لا يحصى وليس له منتهى(٢) ( ويدل الخبر على : أن الإقراض لله يشمل الأعمال الصالحة ، فكأن العبد يقرضها في الدنيا ويأخذها ربوياً في الآخرة ، ولا بأس بالربا بين المولى وعبده ).

وأنه إذا هم المؤمن بحسنة كتبت له حسنة ، فإذا عملها كتبت له عشر حسنات ، وإذا هم بسيئة لم تكتب عليه ، فإذا عملها أجل تسع ساعات ، فإن ندم واستغفر لم تكتب ، وإلا كتبت عليه سيئة واحدة(٣) .

وأن صاحب اليمين أمير على صاحب الشمال ، فإذا عمل العبد سيئة قال له : لا تعجل ، وأنظره سبع ساعات ، فإن مضت ولم يستغفر قال : أكتب فما أقل حياء هذا العبد !(٤)

وأنه إذا أحسن المؤمن عمله ضاعف الله لكل حسنة سبعمائة وذلك قوله :( والله يضاعف لمن يشاء ) فأحسنوا أعمالكم ، قيل : فما الاحسان؟ قال : كل عمل تعمله فليكن نقياً من الدنس.(٥) ( واختلاف تضاعف الثواب : إما من جهة اختلاف مقام المؤمنين ، أو اختلاف مراتب خلوص النيات ، أو وقوع الحسنات في الأمكنة الشريفة ، أو الأزمنة المباركة ، أو غير ذلك ).

__________________

١ ـ البقرة : ٢٦١.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٤٦.

٣ ـ الكافي : ج٢ ، ص٤٢٨ ـ بحار الأنوار : ج٥ ، ص٣٢٧ وج٧١ ، ص٢٤٦ ـ معالم الزلفى : ج١ ، ص٣١ ـ بحار الأنوار : ج٥ ، ص٣٢٧.

٤ ـ الأمالي : ج١ ، ص٢١٠ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٣٥٥ ـ بحار الأنوار : ج٥ ، ص٣٢١ و ج٧١ ، ص٢٤٧ ـ نور الثقلين : ج٥ ، ص٤٥٨.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٦٧ ، ص٦٤ وج٧١ ، ص٢٤٧ وج٧٤ ، ص٤١٢ وج٩٦ ، ص٢٩١ ـ وسائل الشيعة : ج١ ، ص٩٠ ـ ثواب الأعمال : ص٢٠١ ـ الأمالي : ج١ ، ص٢٢٧.

١٢٤

الدرس الثاني والعشرون

في الاستعداد للموت

من الأمور التي اختص بعلمه خالق الإنسان انقضاء أجله ووقوع موته وهو لمصالح كثيرة كامنة فيه ، ومنها : إستعداده في جميع أوقات عمره لإجابة دعوة ربه ومراقبته لحالات نفسه وأقواله وأفعاله. ولازمه إعداده ما يلزمه لهذا السفر العظيم الطويل من الزاد ، ورفع ما يمكن أن يكون مانعاً من العبور من العقبات المتعددة ، والمواقف المختلفة كقضاء فوائته الواجبة ، وما عليه من ديونه لخالقه ، وما عليه من حقوق الناس وأموالهم ، وتعيين ما عليه من الحقوق في دفاتر وكتابات ، فيكون في جميع أوقات عمره على تهيؤ بحيث لو نزل به الموت لم يكن مأثوماً في أمره معاقباً على فعل شيء أو تركه ، وهذا القسم من التهيؤ من أفضل خلق الإنسان وأحسن حالاته ، فطوبى لمن كان كذلك.

وقد ورد في النصوص : أنه سئل أمير المؤمنين عن الاستعداد للموت؟ قال : أداء الفرائض واجتناب المحارم والاشتمال على المكارم ثم لا يبالي : أوقع على الموت

١٢٥

أو وقع الموت عليه(١) .

وقالعليه‌السلام : لاغائب أقرب من الموت ، ولكل حبة آكل وأنت قوت الموت(٢) .

وأن من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد(٣) .

وكانعليه‌السلام : بالكوفة ينادي بعد العشاء الآخرة : تجهزوا رحمكم الله ، فقد نودي فيكم بالرحيل وانتقلوا بأفضل ما بحضرتكم من الزاد وهو التقوى ، واعلموا أن طريقكم إلى المعاد ، وعلى طريقكم عقبة كؤود ، ومنازل مهولة مخوفة لابد لكم من الممر عليها والوقوف بها(٤) .

وقالعليه‌السلام : إن الموت ليس منه فوت ، فأحذروا قبل وقوعه ، وأعدوا له عدته وهو ألزم لكم من ظلّكم ، فأكثروا ذكره عندما تنازعكم أنفسكم من الشهوات وكفى بالموت واعظاً وإنا خلقنا وإياكم للبقاء لا للفناء ، ولكنكم من دار إلى دار تنقلون ، فتزودوا لما أنتم إليه صائرون(٥) .

وورد : أن من أكثر ذكر الموت زهد في الدنيا(٦) .

وأن أكيس المؤمنين أكثرهم ذكراً للموت وأشدهم إستعداداً له(٧) .

وأن عيسىعليه‌السلام قال : هول لا تدري متى يلقاك ، ما يمنعك أن تستعد له قبل أن يفجأك(٨) .

__________________

١ ـ الأمالي : ج١ ، ص٩٧ ـ بحار الأنوار : ج٦ ، ص١٣٨ وج٧٧ ، ص٣٨٢.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٣.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٣ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٥ ، ص٤٠٣.

٤ ـ نهج البلاغة : الخطبة ٢٠٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٣٤.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٦ ، ص١٣٢ وج٧١ ، ص٢٦٤.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٨٢ ، ص١٧٢.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٧.

٨ ـ نفس المصدر السابق.

١٢٦

وأن من أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير(١) . وأن المراد بقوله :( لا تنس نصيبك من الدنيا ) (٢) لا تنس صحتك وقوتك وفراغك وشبابك ونشاطك وغناك أن تطلب به الآخرة(٣) .

وأنه سئل زين العابدينعليه‌السلام عن خير ما يموت عليه العبد ، قال : أن يكون قد فرغ من أبنيته ودوره وقصوره ، قيل ، وكيف ذلك؟ قال : أن يكون من ذنوبه تائباً وعلى الخيرات مقيماً ، يرد على الله حبيباً كريماً(٤) .

وأن من مات ولم يترك درهماً ولا ديناراً لم يدخل الجنة أغنى منه(٥) .

وأنه إذا أويت فراشك فانظر ما سلكت في بطنك وما كسبت في يومك ، واذكر أنك ميت وأن لك معاداً(٦) .

__________________

١ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٣٤٩ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٥ ، ص٣٧٩ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٧ وج٨٢ ، ص١٨١ وج١٠٣ ، ص٢٦.

٢ ـ القصص : ٧٧.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٧.

٤ ـ نفس المصدر السابق.

٥ ـ نفس المصدر السابق.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٧ وج٧٦ ، ص١٩٠.

١٢٧

١٢٨

الدرس الثالث والعشرون

في عفة البطن والفرج

تخصيص العضوين بلزوم العفة من بين سائر الاعضاء التي يجب حفظها عن المعاصي التي تصدر منها : كاللسان عن الكلام المحرم ، والعين عن النظر الحرام والسمع عن استماع اللغو واللهو ، والبدن عن اللبس المحرم ، لابتلاء الإنسان بمعاصيهما أكثر من غيرها.

ولا سيما في أوائل شبابه وأزمنة ثوران شهوته ، ولما يبلغ علمه بالله وإيمانه بالأصول واعتياده بالعبادات حداً يزجره عن الغي ويردعه عن الهوى ، ونعوذ بالله من غلبة الهوى والشهوة على عقل الرجل ودينه. وقد ورد في الكتاب الكريم : أن( الحافظين فروجهم والحافظات ...أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً ) (١) وكرر تعالى في سورتين قوله :( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) (٢) . فحكم بأنهم

__________________

١ ـ الأحزاب : ٣٥.

٢ ـ المؤمنون : ٥ ـ ٧ والمعارج : ٢٩ ـ ٣١.

١٢٩

مفلحون ، وأنهم في جنات مكرمون.

وقد ورد في النصوص : أنه ما عبد الله بشيء أفضل من عفة بطن وفرج(١) .

وأن أفضل العبادة العفاف(٢) ( العفة والعفاف في اللغة : الكف ، وعف الرجل عفة : كف عما لا يحل ولا يجمل ، والعفيف والمتعفف : من يترك الحرام بضرب من الممارسة ، وفي اصطلاح الشرع : حصول حالة للنفس تمتنع بها عن غلبة الشهوة ، وتكف البطن والفرج عن المشتهيات المحرمة ، بل المشتبهة ، والمكروهة من المآكل والمشارب والمناكح وما هو من مقدماتها ولوازمها ).

وأن رجلاً قال للباقرعليه‌السلام : إني ضعيف العمل قليل الصيام ، ولكني أرجو أن لا آكل إلا حلالاً ، فقال له : وأي الاجتهاد أفضل من عفة بطن وفرج؟(٣) .

وأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أكثر ما تلج به أمتي النار ، وأول ما تلج به أمتي النار : الأجوفان : البطن والفرج(٤) .

ومما أخاف بعدي على أمتي شهوة البطن والفرج(٥) .

ومن ضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه ضمنت له الجنة(٦) .

ومن أسلم من اتباعهما فله الجنة(٧) .

وأنه : لا تنسوا الجوف وما وعى(٨) ( أي : البطن وما يدخل فيه ويمكن أن يكون المراد : القلب وما يعقد عليه من الإيمان أو الكفر ).

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص٧٩ ـ بحار الأنوار : ج٦٩ ، ص٣٩٣ وج٧١ ، ص٢٦٨.

٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص٧٩ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص١٩٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٩.

٣ ـ الكافي : ج٢ ، ص٧٩ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص١٩٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٩.

٤ ـ الكافي : ج٢ ، ص٧٩ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص١٩٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٩ و٢٧١.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٢ و ٢٧٣.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٢.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧١.

٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٩.

١٣٠

وأن الله يحب الحيي المتعفف(١) .

وأن الباقرعليه‌السلام قال : كلكم في الجنة معنا ، إلا أنه ما أقبح بالرجل منكم أن يدخل الجنة قد هتك وبدت عورته ، قيل : وكيف ذلك؟ قال : إن لم يحفظ فرجه وبطنه(٢) .

وأنه : عفّوا عن نساء الناس تعف نساؤكم(٣) .

وأن العفيف لا تبدو له عورة وأن كان عارياً ، والفاجر بادي العورة وإن كان كاسياً(٤) .

وأن من أول من يدخل الجنة رجل عفيف متعفف ذو عبادة(٥) .

وأن من المروة العفاف في الدين(٦) .

وأن أعرابياً قال : أوصني يا رسول الله ، قال : أوصيك بحفظ ما بين رجليك(٧) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٠.

٢ ـ الخصال : ص٢٥ ـ وسائل الشيعة : ج١٤ ، ص٢٧٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٠.

٣ ـ وسائل الشيعة : ج١٤ ، ص٢٧٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٠.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٢.

٥ ـ نفس المصدر السابق.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٣.

٧ ـ مشكوة الأنوار في غرر الاخبار : ص٦٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٤.

١٣١

١٣٢

الدرس الرابع والعشرون

في الكلام والسكوت والصمت

موقع اللسان من الإنسان موقع ينبغي أن يمتاز بالبحث والتحقيق عن حاله وبيان وظائفه عقلاً وشرعاً واجتماعاً ، فإنه من أعظم ما يمتاز به الإنسان عن أبناء جنسه ، ولذا قال تعالى : ( خلق الإنسان ، علمه البيان )(١) ، واللسان هو الطريق الوحيد العام لانتقال ضمائر الإنسان وعلومه ومعارفه إلى بني نوعه.

وأما البيان بالقلم ، كما قيل : إن البيان بيانان : بيان باللسان ، وبيان بالبنان ، فهو يختص من حيث الملقن والملقن له ، وكيفية التلقين بالعلماء ولا يعم الجميع. وذكر بعض علماء الفن أن المعاصي التي يمكن صدورها من اللسان ثمانية عشر نوعاً ، وسيأتي بعضها.

ثم إن المراد بالصمت الممدوح أعم من الصمت عن التكلم الحرام ، أو عن التكلم بما لا فائدة فيه للانسان.

__________________

١ ـ الرحمن : ٣ ـ ٢.

١٣٣

فقد ورد في النصوص : أن علي بن الحسين ٨ سئل عن الكلام والسكوت أيهما أفضل؟ فقال : لكل واحد منهما آفات ، فإذا سلما من الآفات فالكلام أفضل من السكوت ، قيل : كيف ذلك؟ قال : لأن الله ما بعث الأنبياء والأوصياء بالسكوت ، إنما بعثهم بالكلام ، ولا استحقت الجنة بالسكوت ، ولا استوجبت ولاية الله بالسكوت ولا توقيت النار بالسكوت ، إنما ذلك كله بالكلام ما كنت لأعدل القمر بالشمس ، إنك تصف فضل السكوت بالكلام ، ولست تصف فضل الكلام بالسكوت(١) .

وأنه ليس على الجوارح عبادة أخف مؤونة وأفضل منزلة وأعظم قدراً عند الله من الكلام في رضا الله ، ألا ترى أن الله لم يجعل فيما بينه وبين رسله معنى يكشف ما أسر إليهم من مكنونات علمه غير الكلام؟ وكذلك بين الرسل والأمم فهو أفضل الوسائل والعبادة. وكذلك لا معصية أسرع عقوبة وأشد ملامة منه(٢) .

والسكوت خير من إملاء الشر ، وإملاء الخير خير من السكوت(٣) .

ولكن قد ورد : أن الكلام لو كان من فضة كان ينبغي للصمت أن يكون من ذهب ،(٤) وظاهره أن الصمت في موضع رجحانه أفضل من الكلام في مورد رجحانه ، فهذا : إما بنحو الموجبة الجزئية ، أو أن الجملة مسوقة لبيان حال أكثر الناس ، حيث أنهم جاهلون بسطاء ، وكلامهم لو كان خيراً فهو خير قليل ، فسكوتهم أفضل منه.

وأنه : جمع الخير كله في ثلاث خصال : النظر والسكوت والكلام ، فكل نظر ليس فيه اعتبار فهو سهو ، وكل سكوت ليس فيه فكر فهو غفلة ، وكل كلام ليس

__________________

١ ـ الحقائق : ص٧١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٤.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٥.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٩٤.

٤ ـ المحجة البيضاء : ج٥ ، ص١٩٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٨.

١٣٤

فيه ذكر فهو لغو ، فطوبى لمن كان نظره عبراً وسكوته فكراً وكلامه ذكراً(١) .

وأنه لا حافظ أحفظ من الصمت(٢) .

وأن علياًعليه‌السلام وقفت على رجل يتكلم بفضول الكلام وقال : إنك تملي على حافظيك كتاباً إلى ربك ، فتكلم بما يعنيك ودع ما لا يعنيك(٣) .

وأن أعظم الناس قدراً من ترك ما لا يعنيه(٤) .

وأن النطق راحة للروح ، والسكوت راحة للعقل(٥) .

وأنه تكلموا تعرفوا فإن المرء مخبوء تحت لسانه(٦) .

وأن من علامات الفقه الصمت(٧) ( قال المجلسيقدس‌سره : الفقه هو العلم الرباني المستقر في القلب الذي يظهر آثاره على الجوارح ).

وأن الصمت باب من أبواب الحكمة يكسب المحبة ، وهو دليل على الخير(٨) .

وأن على لسان كل قائل رقيباً ، فليتق العبد ولينظر ما يقول(٩) .

وأن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه(١٠) .

__________________

١ ـ الأمالي : ج١ ، ص٣٢ ـ ثواب الأعمال : ص٢١٢ ـ الخصال : ص٩٨ ـ معاني الأخبار : ص٣٣٤ ـ من لا يحضره الفقيه : ج٤ ، ص٤٠٥ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٥ وج٧٧ ، ص٤٠٦ وج٧٨ ، ص٥٤.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٥.

٣ ـ من لا يحضره الفقيه : ج٤ ، ص٣٩٦ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٦.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٦.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٦.

٦ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٣٩٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٦.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٦.

٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٨.

٩ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٧.

١٠ ـ تنبيه الخواطر : ج١ ، ص٢٣٦ ـ مجمع البحرين : ج١ ، ص٣٠٩ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٧.

١٣٥

وأنه : ما من شيء أحق بطول السجن من اللسان(١) .

وأن المؤمن يكتب محسناً ما دام ساكتاً ، فاذا تكلم كتب محسناً أو مسيئاً(٢) .

وأن داود قال لسليمان : عليك بطول الصمت إلا من خير ، فإن الندامة على طول الصمت مرة واحدة خير من الندامة على كثرة الكلام مرات(٣) .

وأنه ما عبد الله بشيء أفضل من الصمت(٤) .

وأن من لم يملك لسانه يندم(٥) .

وأن من حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه(٦) .

وأن الصمت مطردة للشيطان وعون لك على أمر دينك(٧) .

وأنه من المنجيات(٨) .

وأنه : إن أردت خير الدنيا والآخرة فاخزن لسانك كما تخزن مالك(٩) .

ولا يعرف عبد حقيقة الإيمان حتى يخزن لسانه(١٠) .

وأن الصمت نعم العون في مواطن كثيرة وإن كنت فصيحاً(١١) .

__________________

١ ـ الخصال : ص١٥ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٧.

٢ ـ ثواب الأعمال : ص١٩٦ ـ الخصال : ص١٥ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٢٩ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٧.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٧.

٤ ـ الخصال : ص٣٥ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٨ وج٩٩ ، ص١٠٣.

٥ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٥ ، ص٢٤٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٨.

٦ ـ الكافي : ج٢ ، ص١١٦ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٩.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٩.

٨ ـ نفس المصدر السابق.

٩ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٠.

١٠ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٢ ، ص١٨٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٠.

١١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٠.

١٣٦

وأن كثرة الكلام بغير ذكر الله تقسي القلب(١) .

وأنه : لا بد للعاقل أن ينظر في شأنه فليحفظ لسانه(٢) .

وأن نجاة المؤمن في حفظ لسانه ، ومن حفظ لسانه ستر الله عورته(٣) .

وأن ذلاقة اللسان رأس المال(٤) .

وأن من حق اللسان إكرامه عن الخنا وتعويده حسن القول وترك الفضول(٥) .

وأن الكلام في وثاقك ما لم تتكلم به ، فإذا تكلمت فأنت في وثاقه(٦) .

ورب كلمة سلبت نعمة(٧) .

ومن كثر كلامه كثر خطؤه(٨) .

وحبس اللسان سلامة الإنسان(٩) .

وبلاء الإنسان من اللسان(١٠) .

وفتنة اللسان أشد من ضرب السيف(١١) .

__________________

١ ـ الأمالي : ج١ ، ص٢ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨١ وج٩٣ ، ص١٦٤.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨١ ـ مرآة العقول : ج٨ ، ص٢٢٥.

٣ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٣.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٦.

٥ ـ روضة الواعظين : ص٤٦٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٦.

٦ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٣٨١ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٦ ـ مرآة العقول : ج٨ ، ص٢١٩.

٧ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٤ ، ص٥٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٧.

٨ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٩١.

٩ ـ جامع الأخبار : ص٩٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٦.

١٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٦ ـ مستدرك الوسائل : ج٩ ، ص٣٠.

١١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ٢٨٦.

١٣٧

وأن من خاف الناس لسانه فهو من أهل النار(١) .

وأنه : لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ، فمن استطاع أن يلقى الله وهو سليم اللسان من أعراض المسلمين فليفعل(٢) .

وأن اللسان كلب عقور ، إن خليته عقر(٣) .

وأن نجاة المؤمن من حفظه(٤) .

وأنه ما أحسن الصمت لا من عيّ ، والمهذار له سقطات(٥) .

وأن الكلام ثلاثة : رابح وسالم وشاحب ، فأما الرابح فالذي يذكر الله ، وأما السالم فالذي يقول ما أحب الله ، وأما الشاحب فالذي يخوض في الله(٦) .

وأنه : لا يكب الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم(٧) .

وأن اللسان سبع ، إن خلي عنه عقر(٨) .

وأنه : هانت عليه نفسه من أمر عليها لسانه(٩) .

وأنه إذا تم العقل نقص الكلام(١٠) .

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣٢٧ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٣٢٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٦ وج٧٥ ، ص٢٨٣.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٩٢ وج٧٥ ، ص٢٦٢ ـ مستدرك الوسائل : ج٩ ، ص٣١.

٣ ـ ارشاد القلوب : ص١٠٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٧.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٦.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٨.

٦ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٩ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٩ وج٩٣ ، ص١٦٥.

٧ ـ المحجة البيضاء : ج٥ ، ص١٥٧ ـ بحار الأنوار : ج٦٨ ، ص١٠٣ وج٧٠ ، ص٨٥ وج٧١ ، ٢٩٠.

٨ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٦٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٩٠.

٩ ـ كنز الفوائد : ج٢ ، ص١٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٩٠.

١٠ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٧١ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٤ ـ بحار الأنوار : ج١ ، ص٢٩٢ ـ مرآة العقول : ج٨ ، ص٢٢٥.

١٣٨

وأنه : رب قول أنفذ من صول(١) .

وأنه : اجعلوا اللسان واحداً. وأن اللسان جموح بصاحبه ، وما أرى عبداً يتقي بتقوى الله تنفعه حتى يختزن لسانه(٢) .

وأن لسان المؤمن من وراء قلبه ، وأن قلب المنافق من وراء لسانه(٣) .

وأن اللسان بضعة من الإنسان ، فلا يسعده القول إذا امتنع ، ولا يمهله النطق إذا اتسع(٤) .

وأن تلافيك ما فرط من صمتك أيسر من إدراكك ما فات من منطقك وحفظ ما في الوعاء بشد الوكاء(٥) .

وأنه إذا فاتك الأدب فالزم الصمت(٦) .

وأن المرء يعثر برجله فيبرأ ، ويعثر بلسانه فيقطع رأسه(٧) .

وأن الله جعل صورة المرأة في وجهها وصورة الرجل في منطقه(٨) .

ورحم الله عبداً قال خيراً فغنم ، أو سكت عن سوء فسلم(٩) .

وأن الباقرعليه‌السلام قال : شيعتنا الخرس(١٠) ( هو جمع أخرس ، أي : لا يتكلمون باللغو والباطل ، وفيما لا يعلمون ، وفيما لا يعنيهم ، وفي مقام التقية ).

__________________

١ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٣٩٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٩١.

٢ ـ نهج البلاغة : الخطبة ١٧٦ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج١ ، ص١١٤ وج٦ ، ص٢٠٨.

٣ ـ نهج البلاغة : الخطبة ١٧٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٩٢ ـ المحجة البيضاء : ج٥ ، ص١٩٥.

٤ ـ نهج البلاغة : الخطبة ٢٣٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٩٢.

٥ ـ نهج البلاغة : الكتاب ٣١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ٢٩٢.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٩٣.

٧ ـ نفس المصدر السابق.

٨ ـ نفس المصدر السابق.

٩ ـ نفس المصدر السابق.

١٠ ـ الكافي : ج٢ ، ص١١٣ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٢٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٥.

١٣٩

وأنه : ما من يوم إلا وكلّ عضو من أعضاء الجسد يكفّر اللسان يقول : نشدتك الله أن نعذب فيك(١) . ( يكفر اللسان أي : يذل ويخضع له ، والمراد : أن لسان حال الأعظاء هو الإقسام له بأن تكف نفسك من أن نعذب بسببك ).

وأن الله يعذب اللسان بعذاب لا يعذب به شيئاً من الجوارح ، فيقول له : خرجت منك كلمة فبلغت مشارق الأرض ومغاربها ، فسفك بها الدم الحرام ، وانتهب بها المال الحرام ، وانتهك بها الفرج الحرام(٢) .

وأنه : إن كان في شيء شؤم ففي اللسان(٣) .

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص١١٥ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٠٢.

٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص١١٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٠٤.

٣ ـ الكافي : ج٢ ، ص١١٦ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٠٥.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279