دروس في الاخلاق

دروس في الاخلاق0%

دروس في الاخلاق مؤلف:
الناشر: نشر الهادي
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 279

دروس في الاخلاق

مؤلف: الشيخ علي المشكيني
الناشر: نشر الهادي
تصنيف:

الصفحات: 279
المشاهدات: 66612
تحميل: 6518

توضيحات:

دروس في الاخلاق
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 279 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 66612 / تحميل: 6518
الحجم الحجم الحجم
دروس في الاخلاق

دروس في الاخلاق

مؤلف:
الناشر: نشر الهادي
العربية

( فالاسترجاع دليل الصبر والتسليم ، والجزاء : الصلاة والرحمة والهداية ).

وقال مولانا الصادقعليه‌السلام : إنا صبّر وشيعتنا أصبر منا ؛ لأنا نصبر على ما نعلم وشيعتنا يصبرون على ما لا يعلمون(١) ( أي : نحن نعلم بالمصائب قبل حدوثها ، ونعلم الحكمة في حدوثها والثواب المترتب عليها ، ونعلم عواقبها ووقت زوالها ، وكل ذلك له دخل في سهولة التحمل ).

والمصيبة إذا صبر عليها الإنسان تصير له نعمة(٢) .

والصبر خلق قبل البلاء وإلا لتفطر المؤمن كتفطر البيضة على الصفا(٣) .

ومروءة الصبر في حال الفاقة أكثر من مروءة الإعطاء(٤) ( أي : تكامل صفات الإنسان مع الصبر على الفاقة وعدم إقدامه على ما حرم الله أكثر منه مع غناه وإنفاقه ).

والصبر الجميل هو الذي ليس فيه شكوى إلى غير المؤمن(٥) .

والصبر يلي مسائلة الإنسان في القبر إذا لم تنفعه صلاته زكاته(٦) .

وينادي يوم القيامة : أين الصابرون؟ فيقوم الذين صبروا على أداء الفرائض ، وينادي : أين المتصبرون؟ فيقوم الذين اجتنبوا المحارم(٧) .

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص٩٣ ـ الوافي : ج٤ ، ص٣٤٠ ـ بحار الأنوار : ج٢٤ ، ص٢١٦ وج٧١ ، ص٨٠ و٨٤.

٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص٩٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٨١.

٣ ـ الكافي : ج٢ ، ص٩٢ ـ من لا يحضره الفقيه : ج١ ، ص١٧٥ ـ وسائل الشيعة : ج٢ ، ص٩٠٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٨٢.

٤ ـ الكافي : ج٢ ، ص٩٣ ـ وسائل الشيعة : ج٢ ، ص٩٠٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٨٢.

٥ ـ الكافي : ج٢ ، ص٩٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ٨٣ ـ جوامع الجامع : ج٢ ، ص١٨١ ـ منهج الصادقين : ج٥ ، ص٢٢.

٦ ـ الكافي : ج٢ ، ص٩٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٧٣.

٧ ـ تفسير القمي : ج١ ، ص١٢٩ ـ بحار الأنوار : ج٧ ، ص١٨١ ـ نور الثقلين : ج١ ، ص٤٢٦.

١٠١

والصبر عند البلاء فريضة على المؤمن ، وهو من كمال الإيمان(١) .

وعلامة الصابر أنه لا يكسل ولا يضجر ولا يشكوا من ربه(٢) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٨٥ و٩٠.

٢ ـ علل الشرايع : ص٤٩٨ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٣٢٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٨٦.

١٠٢

الدرس السادس عشر

في التوكل والتفويض

الوكول في اللغة : ترك الأمر إلى الغير وتفويضه إليه. يقال : وكل الأمر إلى زيد : سلمه إليه وفوضه ، وتوكل لزيد قبل الوكالة له ، وتولى أمره وتوكل له وعليه : عجز من الأمر واعتمد عليه. قال في لسان العرب : والمتوكل على الله : الذي يعلم أن الله كافل رزقه وأمره فيركن إليه وحده ولا يتوكل على غيره.

والمراد به باصطلاح الشرع : هو الاعتماد على الله تعلى في جميع الأمور والاتكال على إرادته ، والاعتقاد بأنه مسبب الأسباب والمتسلط عليها ، وبإرادته تتم الأسباب وتؤثر لا بمعنى الاستغناء بذلك عن طلب الحوائج وترك إعداد مقدماتها وحسبان بطلان السببية ، بل بمعنى : عدم الانقطاع إلى الأسباب الظاهرية وتوجه النفس إلى إرادة الله التي هي وراء كل سبب وفوق كل سلطان.

ومقتضى توكل المؤمن على ربه عدم ركونه في رزقه على الأسباب ، وتوجه

١٠٣

باطنه وسكون قلبه إلى ربه عند الاشتغال بكل سبب ، وسهولة إقدامه على ما أمر الله به من بذل المال والنفس ، فيجود بالإعطاء ويطمئن بالخلف ، ويخوض الغمرات ولا يبالي أوقع على الموت أم وقع الموت عليه.

ثم إن الظاهر أن مورد التوكل والتفويض عند الإقدام إلى الأمور التي على العبد وينبغي صدوره مه : كتحصيل العلم والحرث والزرع والزواج للولد وعلاج المرض ونحوها ، ومورد الرضا والتسليم الآتيين حال حدوث الأمور الراجعة إلى فعل الله تعالى : كالحوادث الكونية والأمراض وغيرها. فإذا أقدم المؤمن على أمر هام فعليه أن يتوكل ويفوض ، وإذا قضى النظام الأتم على خلاف مناه فعليه أن يرضا ويسلم هذا ، ولكنه قد يستعمل كل من العناوين في موضع الآخر.

وقد ورد في الكتاب الكريم : أن( على الله فليتوكل المؤمنون )(١) (وعليه فليتوكل المتوكلون ) (٢) وأنه( إذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين ) (٣) . وأنه( كفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً ) (٤) و( كفى بالله وكيلاً ) (٥) وأن المؤمن يقول :( إن وليي الله الذي نزّل الكتاب وهو يتولى الصالحين ) (٦) . وأن الله قال لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( إن يريدوا أن يخدعوك فأنّ حسبك الله ) (٧) . وأن النبي موسىعليه‌السلام قال :( يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا ...فقالوا على الله توكلنا ) (٨) .

__________________

١ ـ آل عمران : ١٢٢.

٢ ـ يوسف : ٦٧.

٣ ـ آل عمران : ١٥٩.

٤ ـ النساء : ٤٥.

٥ ـ النساء : ٨١.

٦ ـ الاعراف : ١٩٦.

٧ ـ الأنفال : ٦٣.

٨ ـ يونس : ٨٤ و ٨٥.

١٠٤

وأن( إليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه ) (١) . وأنه( ما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ) (٢) . وأن ما( يعبدون من دون الله لا يملك لهم رزقاً من السماوات والأرض ) (٣) . وأنهم (لا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً ) .(٤) وأنه :( اعتصموا بالله هو مولاكم ) (٥) وأن( بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه ) .(٦) و( من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوء أو أراد بكم رحمة ) (٧) و( أليس الله بكاف عبده ) (٨) . وأن مؤمن آل فرعون قال :( وأفوض أمري إلى الله ) (٩) فوقاه سيئات ما مكروا. وأن( من يتوكل على الله فهو حسبه ) (١٠) .

وورد في النصوص : أن الغنى والعز يجولان ، فإذا ظفرا بموضع التوكل أوطنا(١١) ( وهذه استعارة تمثيلية لبيان أن غنا النفس والعز ملازمان للتوكل ، فالمتوكل مستغن قلباً وعملاً ، ولو كان به خصاصة فلا يذل نفسه بالسؤال والخضوع ويغنيه ربه ويعزه إذا رأى ذلك منه ).

وأن من اعتصم بالله عصمه الله(١٢) .

__________________

١ ـ هود : ١٢٣.

٢ ـ ابراهيم : ١٢.

٣ ـ النحل : ٧٣.

٤ ـ الإسراء : ٥٦.

٥ ـ الحج : ٧٨.

٦ ـ المؤمنون : ٨٨.

٧ ـ الاحزاب : ١٧.

٨ ـ الزمر : ٣٦.

٩ ـ غافر : ٤٤.

١٠ ـ الطلاق : ٣.

١١ ـ الكافي : ج٢ ، ص٦٥ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص١٦٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٤٣ و١٧٥ وج٧٨ ، ص٢٥٧.

١٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص٦٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٢٧.

١٠٥

وأن من درجات التوكل على الله أن تتوكل عليه في أمورك كلها ، فما فعل بك كنت عنه راضياً تعلم أنه لا يألوك خيراً وفضلاً(١) .

وأنه من أعطي التوكل أعطي الكفاية(٢) .

وأنه : كن لما لا ترجوا أرجى منك لما ترجوا ، فإن موسى خرج يقتبس لأهله ناراً رجع نبياً. وخرجت ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان. وخرج سحرة فرعون يطلبون العزة لفرعون فرجعوا مؤمنين(٣) .

وثق بالله تكن مؤمناً(٤) .

ومن وثق بالزمان صرع(٥) .

وأن مما لا حيلة لإبليس فيه أن يعتصم العبد بالله عن نية صادقة ويتكل عليه في جميع أموره(٦) .

وأنه أعقل راحلتك وتوكل عليه(٧) .

وأن من أحب أن يكون أتقى الناس فليتوكل على الله(٨) .

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص٦٥ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص١٦٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٢٩.

٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص٦٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٢٩.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٣٤.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٣٥.

٥ ـ نفس المصدر السابق.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٣٦.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٣٨.

٨ ـ نفس المصدر السابق.

١٠٦

الدرس السابع عشر

في الرضا والتسليم

مفهومهما معروف ، ورضى العبد عن الله أن لا يكره ما يجري به قضاؤه ويقتضيه تقديره من الحوادث الكونية التي جرت عليه فيما مضى بلا إرادته وتجري عليه في حياته بدون اختياره كخصوصية خلقته وبعض ملكات نفسه مما ليس بيده حدوثاً أو بقاء ، ومقدار رزقه مع بذله الوسع في طلبه بميسور قدرته ، وعدم رزق الولد له أو قلته ، وعروض الأمراض والنوائب والمكاره ونحو ذلك ، وليس من الرضا الممدوح رضاه بالفقر والذلة والظلم والاستضعاف ونحوها من الأمور المتوجهة إليه من ناحية أبناء نوعه مع قدرته على الدفاع عن نفسه وأهله وماله واستقلاله وحريته ودينه وأرضه وبلاده وجميع ما له دخل في أمور معاشه ومعاده.

وأما رضا العبد بما أراد الله منه من دينه وشرعه والتسليم لأحكامه وحدوده فهو أيضاً من الرضا الممدوح ، إلا أنه يذكر في شرائط الإيمان وكماله ولم يذكر في هذا الباب.

١٠٧

وأما نصوص الباب : فقد ورد فيها : أن الله قال : من لم يرض بقضائي ولم يؤمن بقدري فليلتمس إلهاً غيري(١) .

وقال : يا داوود إن أسلمت لما أريد أعطيتك ما تريد ، وإن لم تسلم أتعبتك فيما تريد ، ثم لا يكون إلا ما أريد(٢) .

وأن في كل قضاء الله خيرة للمؤمن(٣) .

وأن من رضي بالقضاء أتى عليه القضاء وهو مأجور ، ومن سخط القضاء أتى عليه وأحبط الله أجره(٤) .

وأن من رضي بما قسم الله عليه استراح بدنه وقرت عينه(٥) .

وأن رأس طاعة الله : الرضا بما صنع الله فيما أحب وكره(٦) .

وأن من عباد الله من لا يصلحه إلا الفاقة ولو أغناه لفسد ، ومنهم من لا يصلحه إلا السقم ، فليطمئنوا إلى حسن نظر الله ، فإنه يدبر عباده بما يصلحهم والتسليم على العبد في قضاء الله فريضة(٧) .

وأن موسىعليه‌السلام سأل ربه عن أبغض الخلق إليه قال : من يتهمني ، قال : وهل من خلقك من يتهمك؟ قال : نعم ، الذي أقضي له القضاء وهو خير له فيتهمني(٨) .

__________________

١ ـ التوحيد : ص٣٧١ ـ عيون أخبار الرضا ( ع ) : ج١ ، ص١٤١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٣٩ ـ نور الثقلين : ج٤ ، ص٢٨٠.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٣٨.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٣٩.

٤ ـ نفس المصدر السابق.

٥ ـ نفس المصدر السابق.

٦ ـ الكافي : ج٢ ، ص٦٠ ـ وسائل الشيعة : ج٢ ، ص٩٠١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٣٩ وج٧٢ ، ص٣٣٣.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٤٠.

٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٤٢.

١٠٨

وأن : أعلم الناس بالله أرضاهم بقضاء الله(١) .

وأن : رأس الطاعة : الرضا(٢) .

ومن رضي بالقضاء جعل الخير فيه(٣) .

وأن : من ابتلاه كان كفارة لذنبه(٤) .

وأن في قضاء الله كل خير للمؤمن(٥) . وأن الرضا بمكروه القضاء من أعلى درجات اليقين(٦) .

وأن أحق الخلق بالتسليم لقضاء الله من عرف الله(٧) .

وأن علياًعليه‌السلام قال : ما أحب أن لي بالرضا في موضع القضاء حمر النعم(٨) ( الباء في قوله : بالرضا للبدلية ، وحمر النعم : أقسامها وألوانها ، والمعنى : لا أحب أن ينتفي مني الرضا ويكون لي بدله أنواع النعم ).

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٤٤.

٢ ـ نفس المصدر السابق.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٤٤ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٤ ، ص٥٣.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٥٢.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٥٢ وج٧٨ ، ص١٧٣.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٥٢.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٥٣.

٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٥٤ ـ مستدرك الوسائل : ج٢ ، ص٤١٣.

١٠٩

١١٠

الدرس الثامن عشر

في الحث على الاجتهاد والمواظبة على العمل

حث الكتاب الكريم الإنسان على عمل الخير والطاعة والاهتمام به والمواظبة عليه حثاً بليغاً ، ووعد عليه وعداً حسناً ، وأوعد على الغافلين المعرضين عنه بالحرمان عن ثوابه والاضطرار إلى عذابه.

والمداومة والاستمرار على ذلك يوجب حصول خلق كريم في النفس ، فلا تضيع عنه أيام عمره ولا تفوته أعماله التي هي مرهونة بأوقاتها ، ولا تعقبه الندامة والحسرة يوم القيامة ، وهذا يشمل الإتيان بالواجبات والمندوبات والترك للمحرمات والمكروهات حسب اختلاف مراتبها في الفضيلة والقرب إلى الله تعالى والمثوبة.

فقد نطق القرآن الكريم بأنه :( قدموا لأنفسكم ) (١) وأن( ما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله ) (٢) .

__________________

١ ـ البقرة : ٢٢٣.

٢ ـ البقرة : ١١٠.

١١١

وأن الذين عند ربك( لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون ) (١) .

وأن( الباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير أملاً ) (٢) . وأنه :( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ) (٣) . وأنه :( فاعبده واصطبر لعبادته ) (٤) . وأنه :( لا نضيع أجر من أحسن عملاً ) (٥) وأن( عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) (٦) . وأنه( اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) (٧) . وأن( الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) (٨) .

وأنه( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) (٩) . وأنه( نكتب ما قدموا وآثارهم ) (١٠) . وأن( من عمل صالحاً فلنفسه ) (١١) وأنه :( ما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيئ ) (١٢) و( أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون ) (١٣) . وأنه( سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء

__________________

١ ـ الأنبياء : ١٩ ـ ٢٠.

٢ ـ الكهف : ٤٦.

٣ ـ النحل : ٩٧.

٤ ـ مريم : ٦٥.

٥ ـ الكهف : ٣٠.

٦ ـ المائدة : ١٠٥.

٧ ـ التوبة : ١٠٥.

٨ ـ العنكبوت : ٦٩.

٩ ـ فاطر : ١٠.

١٠ ـ يس : ١٢.

١١ ـ فصلت : ٤٦ والجاثية : ١٥.

١٢ ـ غافر : ٥٨.

١٣ ـ الجاثية : ٢١.

١١٢

والأرض ) (١) وأن( كل نفس بما كسبت رهينة ) (٢) . و( إن كتاب الأبرار لفي عليين ) (٣) . و( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه ) (٤) .

وورد في النصوص : أنه : طوبى لمن طال عمره وحسن عمله(٥) .

وكان عليعليه‌السلام ينادي بعد العشاء الآخرة : أيها الناس : تجهزوا رحمكم الله ، فقد نودي فيكم بالرحيل وانتقلوا بأحسن ما بحضرتكم من الزاد وهو زاد التقوى(٦) .

وأن من استوى يوماه فهو مغبون ، ومن كان آخر يوميه شرهما فهو ملعون. ومن لم يعرف الزيادة في نفسه كان إلى النقصان أقرب(٧) .

ومن لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوى(٨) .

وأن الخير كثير وفاعله قليل(٩) .

وكونوا على قبول العمل أشد عناية منكم على العمل(١٠) .

وأنه من أحبنا فليعمل بعملنا وليستعن بالورع(١١) .

__________________

١ ـ الحديد : ٢١.

٢ ـ المدثر : ٣٨.

٣ ـ المطففين : ١٨.

٤ ـ الانشقاق : ٦.

٥ ـ من لا يحضره الفقيه : ج٤ ، ص٣٩٦ ـ بحار الأنوار : ج٦٩ ، ص٤٠٠ وج٧١ ، ص١٧١ وج٧٧ ، ص١١٣ ـ الأمالي : ج١ ، ص٥٥.

٦ ـ نهج البلاغة : الخطبة ٢٠٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٧٢.

٧ ـ الامالي : ج١ ، ص٥٣١ ـ معاني الاخبار : ص٣٤٢ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٣٧٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٧٤ وج٧٧ ، ص١٦٤ وج٧٨ ، ص٣٢٧ ـ مرآة العقول : ج٨ ، ص٨٢.

٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٨١.

٩ ـ الخصال : ص٣٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٧٣.

١٠ ـ الخصال : ص١٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٣١٢ وج٧١ ، ص١٧٣.

١١ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٥ ، ص٣٠٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٣٠٦ وج٧١ ، ص١٧٣.

١١٣

وما أقبح بالمؤمن أن يدخل الجنة وهو مهتوك الستر(١) .

ولا تعّنتونا في الطلب والشفاعة لكم يوم القيامة(٢) ، ولا تفضحوا أنفسكم عند عدوكم يوم القيامة.

ولا تكذبوها عندهم في منزلتكم عند الله ، فما بين أحدكم وبين أن يغبط ويرى ما يحب إلا أن يحضره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) .

ولو لم يخوّف الله الناس بجنة ونار لكان الواجب عليهم أن يطيعوه ولا يعصوه(٤) .

وأن من أخلاء المؤمن خليل ، يقول له : أنا معك حياً وميتاً ، وهو عمله(٥) .

وأن الصادقعليه‌السلام قال : إنكم على دين الله ودين ملائكته ، فأعينونا بورع واجتهاد(٦) .

وأنه خذ من حياتك لموتك(٧) .

ومن يزرع خيراً يحصد غبطة ، ومن يزرع شراً يحصد ندامة(٨) .

وأن الله أخفى رضاه في طاعته ، فلا تستصغرن شيئاً من طاعته(٩) ، وأن قوله تعالى :( لا تنس نصيبك من الدنيا ) (١٠) معناه : لا تنس صحتك وقوتك وفراغك

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٧٤.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٨ ، ص٣٤ وج٧١ ، ص١٧٤.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٧٤.

٤ ـ نفس المصدر السابق.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٧٥.

٦ ـ نفس المصدر السابق.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٧٦.

٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٧٦ وج٧٣ ، ص٧٢ ـ مرآة العقول : ج٨ ، ص٣٠٦.

٩ ـ الخصال : ص٢٠٩ ـ كمال الدين : ص٢٩٦ ـ معاني الأخبار : ص١١٢ ـ بحار الأنوار : ج٦٩ ، ص٢٧٤ وج٧١ ، ص١٧٦ وج٩٣ ، ص٣٦٣.

١٠ ـ القصص : ٧٧.

١١٤

وشبابك ونشاطك أن تطلب بها الآخرة(١) .

وأن المغبون من غبن عمره ساعة بعد ساعة(٢) .

وأن كل يوم يمر على ابن آدم يقول : قل فيّ خيراً واعمل في خيراً أشهدك به يوم القيامة ، فإنك لن تراني بعده(٣) .

وأنه لا تصغرن حسنة فإنها ستسرك يوم القيامة.

وويح من غلبت واحدته عشرته(٤) .

والعمل الصالح يذهب إلى الجنة فيمهد لصاحبه كما يبعث الرجل غلامه فيفرش له(٥) ، قال تعالى :( ومن عمل صالحاً فلأنفسهم يمهدون ) (٦) .

وأن جبرئيل قال للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إعمل ما شئت فإنك ملاقيه(٧) .

وشتان بين عملين : عمل تذهب لذته وتبقى تبعته ، وعمل تذهب مؤنته ويبقى أجره(٨) .

ومن تذكر بعد السفر استعد(٩) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٧٧.

٢ ـ معاني الأخبار : ص٣٤٢ ـ الامالي : ص١٨٣ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٢ ، ص٥٢٥ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٣٧٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٧٧.

٣ ـ الأمالي : ج١ ، ص٩٥ ـ من لا يحضره الفقيه : ج٤ ، ص٣٩٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٨١ وج٧٧ ، ص٣٧٩.

٤ ـ الأمالي : ص١٨٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٨٥ وج٧٨ ، ص١٥٢.

٥ ـ الأمالي : ص١٩٥ ـ البرهان : ج٣ ، ص٢٦٧ ـ بحار الأنوار : ج٨ ، ص١٩٧ وج٧١ ، ص١٨٥.

٦ ـ الروم : ٤٤.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٨٩.

٨ ـ نهج البلاغة : الحكمة ١٢١ ـ الأمالي : ج١ ، ص١٥٣ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص١٨٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٨٩.

٩ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٢٨٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٨٩.

١١٥

والطاعة غنيمة الأكياس عند تفريط العجزة(١) .

واحذر أن يفقدك الله عند طاعته فتكون من الخاسرين(٢) .

__________________

١ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٣٣١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٨٩.

٢ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٣٨٣ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص١٨٩ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص١٨٩.

١١٦

الدرس التاسع عشر

في الاقتصاد في العبادة

قد تعرض على المؤمن حالة رغبة واشتياق للعبادة فلا يقنع بالإتيان بالواجبات فقط ، بل لا يقنع بالبعض اليسير من المندوبات أيضاً ، فيرغب إلى الازدياد عنها كما وكيفاً ، وتسمى هذه الحالة « شِرّة » في الشرع وهي قد تنتهي إلى ترك بعض الملاذ للاشتغال بالعبادة ، بل إلى ترك بعض ما يجب عقلاً وشرعاً من المطاعم والمشارب والملابس والمناكح ، وقد تعرض له حالة سأم وكسل عن العبادة بحيث يصعب عليه الإتيان بالفرائض فضلاً عن السنن ، فيقنع بالفرائض في الكم وينقص عنها أيضاً في الكيف ، وتسمى هذه « فتوراً » ، بل قد تغلب على الإنسان حالة يترك أغلب ما كان عاملاً به أو جميعه حتى الفرائض ولو مع بقاء الإيمان في الجملة ـ ونستعيذ بالله من الكسل والفشل والغفلة والغرة ـ وحيث أن كلتا الحالتين لا تخلوا عن الخطر في الدين بالنسبة لأصوله وفروعه فقد ورد عن أهل بيت

١١٧

الوحي : : التنبيه على الحالتين وكيفية حفظ النفس عن شرهما وتسويل الشيطان عند عروضها ، فبين فيها خطر الشرة بأنه قد يبتدع الإنسان في هذه الحالة من نفسه أعمالاً وأوراداً وينسبها إلى الشرع بعنوانها الخاص ، مع أن العبادات توقيفية لا يجوز لأحد الأقتراح فيها من نفسه ، فكل قول أو فعل ينسب إلى الشرع فلابد له من دليل معتبر من آية أو رواية معتبرة ، وإلا فيخرج عن الحق ، ويدخل تحت عنوان البدعة ، فيقع العامل في معصية البدعة عند طلب الطاعة. كما أنه في الفتور يترك بعض ما فرضه الله تعالى أو كلها ، وقد ينتهي إلى الكفر وهو خطر الفتور.

ففي النصوص الوارادة أنه قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا إن لكل عبادة شرة ، ثم تصير إلى فترة ، فمن كانت شرة عبادته إلى سنتي فقد اهتدى ، ومن خالف سنتي فقد ضل أما إني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأضحك وأبكي ، فمن رغب عن منهاجي وسنتي فليس مني(١) ، والشرة بالكسر فالتشديد : شدة الرغبة والميل. كما ورد : أن لهذا القرآن شرة ، ثم إن للناس فيه فترة ، وهذا إشارة إلى اختلاف الأزمنة في رغبة الناس وإقبالهم عليه كما في صدر الإسلام وآخر الزمان. وقوله : « إلى سنتي » أي : كانت وفق سنتي ومطابقة لها من غير خروج عن الطريق المستقيم.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : وأن هذا الدين متين ، فأوغلوا فيه برفق ، ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربك ، فإن المنبت لا ظهراً أبقى ولا أرضاً قطع(٢) ، والمتين : صفة بمعنى : القوي الشديد ، من : متن يمتن من باب : نصر ، أي : اشتد وصلب وقوي. وقد يوصف به المركوب إذا صعب ركوب متنه ، والكلام هنا تشبيه به لمشقة القيام بشرائط الدين وأداء وظائفه. فأمر الإنسان أن يدخل أبوابه مترفقاً ويصعد مرقاه متدرجاً حتى

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص٨٥ ـ وسائل الشيعة : ج١ ، ص٨٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٠٩.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ٢١٨.

١١٨

يتمرن ويعتاد ، ولذا ورد : « عليكم هدياً قاصداً ، فإنه من يثابر هذا الدين يغلبه »(١) . وانبت الرجل كاشتد : انقطع في سفره وهلكت راحلته ( وهذا مثال من أوقع نفسه فيما فوق وظيفته من العمل ).

وورد : أنه لا تكرهوا إلى أنفسكم العبادة(٢) .

وأن الله إذا أحب عبداً فعمل قليلاً جزاه بالقليل الكثير(٣) .

وأن الصادقعليه‌السلام قال : اجتهدت في العبادة وأنا شاب ، فقال لي أبي : يا بني : دون ما أراك تصنع ! فإن الله إذا أحب عبداً رضي عنه باليسير(٤) ، ( والمراد بقوله : أحب أي : بصحة العقائد وترك المحرمات ).

وورد : أنه إقتصد في عبادتك وعليك بالأمر الدائم الذي تطيقه(٥) .

والدائم القليل على اليقين أفضل من الكثير على غير يقين(٦) .

وأحب الأعمال إلى الله مادام عليه العبد وإن قل(٧) .

وأن الاقتصاد في العمل هو الوسط بين الإفراط والتفريط فكأنه حسنة بين السيئتين(٨) كقوله تعالى :( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً ) (٩) وقوله :( ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط ) (١٠) وقوله :( والذين

__________________

١ ـ نفس المصدر السابق.

٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص٨٦ ـ وسائل الشيعة : ج١ ، ص٨٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢١٣.

٣ ـ الكافي : ج٢ ، ص٨٦ ـ وسائل الشيعة : ج١ ، ص٨٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢١٣.

٤ ـ الكافي : ج٢ ، ص٨٧ ـ وسائل الشيعة : ج١ ، ص٨٢ ـ بحار الأنوار : ج٤٧ ، ص٥٥ وج٧١ ، ص٢١٣.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢١٤.

٦ ـ نفس المصدر السابق.

٧ ـ الكافي : ج٢ ، ص٨٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢١٦.

٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢١٦.

٩ ـ الإسراء : ١١٠.

١٠ ـ الإسراء : ٢٩.

١١٩

إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً ) (١) . فالطرفان في الجميع سيئة والوسط حسنة.

وأنه لا يرى الجاهل إلا مفرطاً أو مفرّطاً(٢) .

وأن للقلوب شهوة وإقبالاً وإدباراً ، فأتوها من قبل شهوتها وإقبالها ، والقلب إذا أكره عمي(٣) .

وأنه إذا أضرت النوافل بالفرائض فارفضوها(٤) .

وأن الخير ثقيل على أهل الدنيا كثقله في موازينهم يوم القيامة. وأن الشر خفيف عليهم كخفته في موازينهم يوم القيامة(٥) .

وأن قليلاً مدوماً عليه خير من كثير مملول منه(٦) .

__________________

١ ـ الفرقان : ٦٧.

٢ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٧٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢١٧.

٣ ـ نهج البلاغة : الحكمة ١٩٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢١٧.

٤ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٢٧٩ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢١٨.

٥ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٤٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٢٥.

٦ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٤٤٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢١٨.

١٢٠