دروس في الاخلاق

دروس في الاخلاق21%

دروس في الاخلاق مؤلف:
الناشر: نشر الهادي
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 279

دروس في الاخلاق
  • البداية
  • السابق
  • 279 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 69959 / تحميل: 7493
الحجم الحجم الحجم
دروس في الاخلاق

دروس في الاخلاق

مؤلف:
الناشر: نشر الهادي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص ١: -

النص والاجتهاد

تأليف الإمام عبد الحسين شرف الدين الموسوي قدس الله سره

تحقيق وتعليق أبو مجتبى

بسم الله الرحمن الرحيم(١)

[ خطبة الكتاب ]

الحمد لله الذي اختص عبده ورسوله محمدا بما اختصه به من الكرامة والمنزلة والزلفى لديه، فعلمه علم ما كان وعلم ما بقي، وآتاه من الفضل ما لم يؤت أحدا من العالمين، و " الله أعلم حيث يجعل رسالته " فختم به النبوة والوحي ونسخ بشريعته السمحة ما كان قبلها من شرائعه المقدسة المتعلقة بأفعال المكلفين(٢) فحلال محمد هو الحلال إلى يوم القيامة، وكذلك حرامه وسائر أحكامه(٣) ، سواء أكانت تكليفية أم وضعية. وهذا مما أجمع عليه

____________________

(١) بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد والأئمة من آله شهداء دار الفناء وشفعاء دار البقاء وعلى الصالحين من ذريتهم ومواليهم في كل خلف ورحمة الله وبركاته (منه قدس).

(٢) دون ما كان منها متعلقا بأصول الدين كالتوحيد والعدل والنبوة والبعث والجنة والنار والثواب والعقاب، فان هذه وأمثالها مما جاء به آدم وسائر من بعده من الأنبياء حتى خاتمهمصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليهم أجمعين (منه قدس).

(٣) مضمون الحديث القائل: حلال محمد حلال إلى يوم القيامة. وسائل الشيعة ج ١٨ / ١٢٤ ح ٤٧ (*).

٢١

كافة، كإجماعهم على نبوتهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم ينبس(١) منهم واحد بكلمة من خلاف فيه، ولا رتم بها أبدا. وقد علموا - ولله الحمد - ان الشرائع الإسلامية قد وسعت الدنيا والآخرة بنظمها وقوانينها وحكمتها في جميع أحكامها وقسطها في موازينها، وانها المدنية الحكيمة الرحيمة الصالحة لأهل الأرض في كل مكان وزمان، على اختلافهم في أجناسهم وأنواعهم وألوانهم ولغاتهم.

لم يبق شارع الإسلام " وهو علام الغيوب جل وعلا " غاية الا أوضح سبيلها وأقام لأولي الألباب دليلها، وحاشاه تعالت آلاؤه أن يوكل الناس إلى آرائهم، أو يذرهم يسرحون في دينه على غلوائهم، بل ربطهم - على لسان عبده وخاتم رسالته - بحبليه، وعصمهم بثقليه، وبشرهم بالهدى ما ان أخذوا بهديهما، وأنذرهم الضلال ان لم يتمسكوا بهما، واخبرهم انهما لن يفترقا ولن تخلو الأرض منهما حتى يردا عليه الحوض(٢) ، فهما معا مفزع الأمة ومرجعها بعد نبيها، فالمنتهج نهجهما لاحق به، والمتخلف عنهما أو عن أحدهما مفارق لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣) .

____________________

(١) أي ما تكلم، وكذا ما نبس ولا رتم (منه قدس).

(٢) أشارة إلى حديث الثقلين الآتي مع مصادره تحت رقم - ١٥ -.

(٣) مشيرا إلى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله في القرآن وعترته: " فلا تقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم اعلم منكم " راجع الحديث في: الصواعق المحرقة ص ١٤٨ و ٢٢٦ ط المحمدية وص ٨٩ و ١٣٦ ط الميمنية، مجمع الزوائد ج ٩ ص ١٦٣ ط بيروت، كنز العمال ج ١ ص ١٦٨ ح ٩٥٨ ط ٢، الدر المنثور للسيوطي ج ٢ ص ٦٠ ط مصر، ينابيع المودة للقندوزى ص ٤١ و ٣٥٥ ط الحيدرية وص ٣٧ و ٢٩٦ ط اسلامبول، الغدير للأميني ج ١ ص ٣٤ وج ٣ ص ٨٠ ط بيروت.

٢٢

مثلهم في هذه الأمة كباب حطة في بني إسرائيل، وكسفينة نوح في قومه(٤) ، فليس لأحد - وان عظم شأنه - أن يتبع غير سبيلهم،( وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا ) (٥)

وليس لأحد أن يحمل من المأثور عن الله تعالى آية أو عن رسوله سنة الا على ظاهرهما المتبادر منهما إلى الأذهان، وليس له أن يحيد عن الظاهر المتبادر فضلا عن المنصوص عليه بصراحة، الا بسلطان مبين، فان كان هناك سلطان يخرج به الظاهر عن ظاهره عمل بمقتضاه، والا فقد ضل وابتدع.

هذا ما عليه الأمة المسلمة - امة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله - بجميع مذاهبها، فان من دينهم التعبد بظواهر الكتاب والسنة، فضلا عن نصوصها الصريحة.

جروا في الأخذ بهما، والعمل على مقتضاهما مجرى أهل العرف من أهل اللغات كلها، فان أهل اللغات بأسرهم انما يحملون ألفاظهم المطلقة على ما يسبق منها إلى أذهانهم من المعاني، لا يتأولون منها - عند انطلاقها - شيئا، ولا يحملونها على ما تقتضيه أغراضهم ومصالحهم، شخصية كانت أم عامة.

نعم رأيت - بكل أسف - بعض ساسة السلف وكبرائهم يؤثرون اجتهادهم في ابتغاء المصالح على التعبد بظواهر الكتاب والسنة ونصوصهما

____________________

(٤) مشيرا إلى حديث السفينة الآتي تحت رقم (١٧) فراجع.

(٥) أخرج ابن مردويه في تفسير الآية: ان المراد بمشاققة الرسول هنا انما هي المشاققة في شأن علي وان الهدى في قوله بعد ما تبين له الهدى انما هو شأنهعليه‌السلام وأخرج العياشي في تفسيره نحوه، والصحاح متواترة من طريق العترة الطاهرة، في ان سبيل المؤمنين انما هو سبيلهمعليهم‌السلام (منه قدس). تفسير على بن إبراهيم القمي ج ١ ص ١٥٢ ط النجف، البرهان في تفسير القرآن ج ٢ ص ٤١٥ ط طهران. (*)

٢٣

الصريحة يتأولونها بكل جرأة ويحملون الناس على معارضتهما طوعا وكرها بكل قوة وهذا أمر ليس له قبلة ولا دبرة(١) فانا لله وإنا إليه راجعون.

وقد قال الله تعالى:( ... وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢) )

وقال عز سلطانه:( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا (٣) )

( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا (٤) )

( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ (٥) )

( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ * وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (٦) )

( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ) (٧) .

فنطقهصلى‌الله‌عليه‌وآله كالقرآن الحكيم( لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) (٨)

فليس لمن يؤمن بهذه الآيات أو يصدق بنبوتهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يحيد عن نصوصه قيد شعرة فما دونها، وما كان القوم كحائدين، وانما كانوا كمجتهدين متأولين( وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ) فانا لله وإنا إليه راجعون.

____________________

(١) أي لا يعرف له وجه (منه قدس).

(٢) الحشر آية ٧.

(٣) الأحزاب آية ٣٦.

(٤) النساء آية ٦٥.

(٥) التكوير آية ١٩.

(٦) الحاقة آية ٤٠.

(٧) النجم آية ٣.

(٨) فصلت آية ٤٢ (*).

٢٤

واليك في كتابنا هذا (النص والاجتهاد) من موارد تأولهم للنصوص واجتهادهم في إيثار المصلحة عليها ما تسعه العجالة وضعف الشيخوخة، وبلابل المحن والإحن ونوائب الزمن، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت واليه أنيب.

فخذها إليك مائة مورد في فصول سبعة لتسمعن بها ولك بعد ذلك رأيك، والله الهادي إلى الحق والصواب، واليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير.

النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص ٦: -

[ الفصل الأول ] [ تأول أبى بكر واتباعه ] [ المورد (١) يوم السقيفة ]

إذ بسط أبو بكر يده ليبايع بالخلافة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فبايعه من بايعه طوعا، وبايعه - بعد ذلك - آخرون كرها(٦) مع علمهم جميعا بعهد رسول

____________________

(٦) وقد تخلف عن بيعة أبى بكر جماعة منهم: ١ - على بن أبى طالبعليه‌السلام . ٢ - العباس بن عبد المطلب ٣ - الفضل بن العباس ٤ - عتبة بن أبى لهب ٥ - سلمان الفارسي ٦ - أبو ذر الغفاري ٧ - عمار بن ياسر ٨ - المقداد ٩ - البراء بن عازب ١٠ - أبى بن كعب ١١ - سعد بن أبى وقاص ١٢ - طلحة بن عبيد الله ١٣ - الزبير بن العوام ١٤ - خزيمة بن ثابت ١٥ - فروة بن عمرو الأنصاري ١٦ - خالد بن سعيد بن العاص الأموي ١٧ - سعد بن عبادة الأنصاري لم يبايع حتى مات في خلافة عمر. وجماعة من بني هاشم راجع: العقد الفريد لابن عبد ربه ج ٤ ص ٢٥٩ ط ٢ بمصر وج ٢ ص ٢٥١ ط آخر و =>

٢٥

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بها إلى أخيه وابن عمه علي بن أبي طالب، وقد رأوه وسمعوه ينص عليه مستمرا في تكرار هذا النص من مبدأ أمره - في نبوته - إلى منتهى عمره الشريف. ويورده بطرق مختلفة في وضوح الدلالة عليه.

ومن أراد التفصيل فعليه بكتابنا (المراجعات) (٧) إذ استقصينا البحث ثمة عن تلك النصوص، وعن كل ما هو حولها مما يقوله الفريقان في هذا الموضوع، تبادلنا ذلك مع شيخنا شيخ الإسلام ومربي العلماء الأعلام الشيخ سليم البشري المالكي شيخ الجامع الأزهر يومئذرحمه‌الله تعالى، أيام كنا في خدمته(١) وكان إذ ذاك شيخ الأزهر، فعني بي عنايته بحملة العلم عنه، وجرت بيننا وبينه حول الخلافة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ونصوصها مناظرات

____________________

=> ج ٣ ص ٦٤ ط آخر أيضا، عبد الله بن سبأ للعسكري ج ١ ص ١٠٥ ط ٣ بيروت، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ١ ص ١٣١ - ١٣٤ ط ١ بمصر، الغدير للأميني ج ٥ ص ٣٧٠ - ٣٧١ وج ٧ ص ٧٦ و ٧٧ ط بيروت، مروج الذهب للمسعودي ج ٢ ص ٣٠١ ط دار الأندلس بيروت، أسد الغابة لابن الأثير ج ٣ ص ٢٢٢ ط مصر، تاريخ الطبري ج ٣ ص ٢٠٨ ط دار المعارف بمصر، الكامل في التاريخ لابن الأثير ج ٢ ص ٣٢٥ و ٣٣١ ط دار صادر، تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ١٠٣ و ١٠٥ ط الغرى، سمط النجوم العوالي للعاصمى المكى ج ٢ ص ٢٤٤ ط السلفية، السيرة الحلبية ج ٣ ص ٣٥٦ ط البهية بمصر.

استعمال القوة والإكراه في البيعة لأبي بكر. راجع: شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ١ ص ٢١٩ وج ٦ ص ٩ و ١١ و ١٩ و ٤٠ و ٤٧ و ٤٨ و ٤٩ ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل وج ١ ص ٧٤ وج ٢ ص ٤ - ١٩ ط ١، وغيرها.

(٧) وكتابنا (سبيل النجاة في تتمة المراجعات) المطبوع ملحقا بالمراجعات ط بغداد والطبعة الثانية في بيروت ١٤٠٢ ه‍.

(١) وذلك سنة ١٣٢٩ والتي بعدها بعد رجوعنا من الجامعة العلمية في النجف الأشرف (منه قدس) (*).

٢٦

ومراجعات خطية، بذلنا الوسع فيها ايغالا في البحث والتمحيص، وإمعانا فيما يوجبه الإنصاف والاعتراف بالحق، فكانت تلك المراجعات بيمن نقيبة الشيخ سفرا من انفع أسفار الحق، يتجلى فيها الهدى بأجلى مظاهره والحمد لله على التوفيق(١) .

وها هي تلك، منتشرة في طول البلاد وعرضها، تدعو إلى المناظرة بصدر شرحه الله للبحث، وقلب واع لما يقوله الفريقان، ورأي جميع ولب رصين، فلا تفوتنكم أيها الباحثون. نعم لي رجاء أنيطه بكم فلا تخيبوه.

أمعنوا في أهداف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ومراميه من أقواله وأفعاله. التي هي محل البحث بيننا وبين الجمهور، ولا تغلبنكم العاطفة على إفهامكم وعقولكم، كالذين عاملوها معاملة المجمل أو المتشابه من القول، لا يأبهون بشئ من صحتها، ولا من صراحتها، والله تعالى يقول:( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ ) (٨) فأين تذهبون، أيها المسلمون( إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ) (٩) .

ما رأيت كنصوص الخلافة صريحة متواترة صودرت من أكثر الأمة، والجرح لما يندمل والنبي لما يقبر. على ان حياة النبي بعد النبوة كانت مليئة مفعمة بتلك النصوص منذ يوم الإنذار في دار أبي طالب(١٠) فما بعده من الأيام حتى سجيصلى‌الله‌عليه‌وآله على فراش الموت

____________________

(١) وقد بلغت مائة واثنتي عشرة مراجعة (منه قدس).

(٨) سورة التكوير آية: ١٩ - ٢٢.

(٩) سورة الحاقة آية: ٣ - ٥.

(١٠) إذا دعا عشيرته الأقربين لينذرهم، وكان آخر كلامه معهم ان أخذ بيد على =>

٢٧

..

____________________

=> فقال: ان هذا أخي ووزيري ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا، فلتراجع المراجعة ٢٠ والتي بعدها من المراجعات (منه قدس).

حديث الدار يوم الإنذار وفيه قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلىعليه‌السلام : " ان هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا ".

راجع: تاريخ الطبري ج ٢ ص ٣١٩ - ٣٢١ ط دار المعارف بمصر، الكامل في التاريخ لابن الأثير الشافعي ج ٢ ص ٦٢ و ٦٣ ط دار صادر في بيروت، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ١٣ ص ٢١٠ و ٢٤٤ وصححه ط مصر بتحقيق أبو الفضل، السيرة الحلبية للحلبي الشافعي ج ١ ص ٣١١ ط البهية بمصر، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٥ ص ٤١ و ٤٢ ط الميمنية بمصر، شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج ١ ص ٣٧١ ح ٥١٤ و ٥٨٠ ط ١ بيروت، كنز العمال ج ٦ ص ٣٩٢ ط ١ وج ١٥ ص ١١٥ ح ٣٣٤ ط ٢، ترجمة الإمام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج ١ ص ٨٥ ح ١٣٩ و ١٤٠ و ١٤١ ط ١ بيروت، حياة محمد لمحمد حسين هيكل ص ١٠٤ الطبعة الأولى سنة ١٣٥٤ ه‍

وفى الطبعة الثانية وما بعدها من طبعات الكتاب حذف من الحديث قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " وان يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم " ! وأكبر شاهد مراجعة الطبعة الأولى والطبعات الأخرى، جريدة السياسة المصرية لمحمد حسين هيكل ملحق عدد - ٢٧٥١ - بتاريخ ١٢ ذي القعدة ١٣٥٠ ه‍ ص ٥ وص ٦ من ملحق عدد: - ٢٧٨٥ - ذكر الحديث بتمامه، تفسير الخازن ج ٣ ص ٣٧١ و ٣٩٠ ط مصر، التفسير المنير لمعالم التنزيل للجاوي ج ٢ ص ١١٨ ط ٣، تفسير الطبري ج ١٩ ص ١٢١ ط ٢ ولكن المؤلف أو الطابع حرف آخر الحديث فحذف قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " ان هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم " وذكر بدله " ان هذا أخي وكذا وكذا ! ! " فيا للعجب لهذه الأعمال التي تنطوي على الحقد الدفين والحسد المشين مع انه ذكر الحديث تاما في تاريخه ج ٢ ص ٢١٩ كما تقدم. وبلفظ آخر: وفيه نزل قوله تعالى: "( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) " الشعراء: ٢١٤ يوجد في =>

٢٨

والحجرة غاصة بأصحابه فقال: " أيها الناس يوشك أن اقبض قبضا سريعا فينطلق بي. وقد قدمت إليكم الا أني مخلف فيكم كتاب الله عزوجل وعترتي أهل بيتي ". ثم أخذ بيد علي فرفعها فقال: " هذا علي مع القرآن، والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض "(١١) . وكفى بنصوص

____________________

=> شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج ١ ص ٣٧٢ ح ٥١٤ وج ٢ ص ٤٢٠ ح ٥٨٠ ط ١ بيروت، مسند أحمد ج ١ ص ١١١ ط الميمنية بمصر، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص ٢٠٤ - ٢٠٦ ط الحيدرية وص ٨٩ ط الغرى، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى الحنفي ص ٣٨ ط الحيدرية وص ٤٤ ط النجف، كنز العمال ج ٦ ص ٣٩٦ ط ١ وج ١٥ ص ١١٣ و ١١٥ ط ٢، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٥ ص ٤١ و ٤٢ و ٤٣ ط الميمنية بمصر، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص ١٠٥ ط اسلامبول وص ١٢٢ ط الحيدرية، تاريخ أبى الفداء ج ١ ص ١١٩ ط القسطنطنية، الدر المنثور للسيوطي ج ٥ ص ٩٧ ط مصر، تفسير ابن كثير ج ٣ ص ٣٥١ ط مصر. وبلفظ ثالث يوجد في: خصائص أمير المؤمنين للنسائي ص ٨٦ ط الحيدرية وص ٣٠ ط بيروت، نظم درر السمطين للزرندى الحنفي ص ٨٣ ط النجف، مجمع الزوائد ج ٨ ص ٣٠٢ وج ٩ ص ١١٣ ط القدسي. ولاجل المزيد من المصادر راجع (سبيل النجاة في تتمة المراجعات) تحت رقم - ٧١١ - ط بيروت .

(١١) يوجد في: الصواعق المحرقة لابن حجر الشافعي ص ١٢٤ ط المحمدية وص ٧٥ ط الميمنية بمصر، ينابيع المودة للقندوزى الحنفي ص ٢٨٥ ط اسلامبول وص ٣٤٢ ط الحيدرية.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " علي مع القرآن والقرآن مع على لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " يوجد في: المستدرك على الصحيحين للحاكم ج ٣ ص ١٢٤ وصححه، تلخيص المستدرك للذهبي مطبوع بذيل المستدرك ج ٣ ص ١٢٤ وصححه أيضا، المناقب للخوارزمي الحنفي =>

٢٩

الثقلين حكما بين الفريقين(١٢) ، وخصائص علي كل نص جلي:( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ) (١٣) .

استأثروا بالأمر يوم السقيفة، متأولين نصوص لا يلوون على شئ، وقد قضوا أمرهم بينهم بدون أن يؤذنوا به أحدا من بني هاشم وأوليائهم(١٤) وهم أهل بيت النبوة، وموضع الرسالة ومختلف الملائكة، ومهبط الوحي والتنزيل، حتى كأنهمعليهم‌السلام لم يكونوا ثقل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وأعدال كتاب الله عزوجل(١٥) .

____________________

=> ص ١١٠ ط الحيدرية وص ١٠٧ ط تبريز، المعجم الصغير للطبراني ج ١ ص ٥٥ ط دار النصر بالقاهرة، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص ٣٩٩ ط الحيدرية وص ٢٥٤ ط الغرى، مجمع الزوائد ج ٩ ص ١٣٤ ط القدسي، الصواعق المحرقة ص ١٢٢ و ١٢٤ ط المحمدية وص ٧٤ و ٧٥ ط الميمنية، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ١٧٣ ط السعادة، إسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار ص ١٥٧ ط السعيدية وص ١٤٣ ط العثمانية، الغدير للأميني ج ٣ ص ١٨٠ ط بيروت، نور الأبصار للشبلنجى ص ٧٣ ط السعيدية، ينابيع المودة للقندوزى ص ٤٠ و ٩٠ و ١٨٥ و ٢٣٧ و ٢٨٣ و ٢٨٥ ط اسلامبول وص ٤٤ و ١٠٣ و ٢١٩ و ٢٨١ و ٣٣٩ و ٣٤٢ ط الحيدرية وج ١ ص ٣٨ و ٨٨ وج ٢ ص ١٠ و ٦١ و ١٠٨ و ١١٠ ط العرفان بصيدا، فيض القدير للشوكاني ج ٤ ص ٣٥٨، الجامع الصغير للسيوطي ج ٢ ص ٥٦ ط الميمنية، الفتح الكبير للنبهاني ج ٢ ص ٢٤٢ ط مصر، غاية المرام ص ٥٤٠ (باب) ٤٥ ط ايران، أسنى المطالب للحوت ص ٢٠١ ح ٨٩٨.

(١٢) سوف تأتى مصادره تحت رقم (١٥)

(١٣) سورة ق: ٣٧.

(١٤) لم يحضر أحد من بني هاشم السقيفة بل كانوا متخلفين راجع المصادر تحت رقم (٦)

(١٥) إشارة إلى النصوص الصريحة في السنن الصحيحة، التي أنزلت العترة من منزلة الكتاب فجعلتهما القدوة لأولى الألباب، وقد أخرجها مسلم في صحيحه، وأخرجها =>

٣٠

.

____________________

=> الترمذي والنسائي والإمام أحمد في مسنده والطبراني في الكبير، والحاكم في مستدركه والذهبي في تلخيص المستدرك، وابن أبى شيبة وأبو يعلى في سننهما، وابن سعد في الطبقات، وغير واحد من أصحاب السنن بطرق متعددة وأسانيد كثيرة، والتفصيل في المراجعة ٨ من مراجعاتنا (منه قدس).

أقول: إشارة إلى مضمون الحديث المتواتر وهو حديث الثقلين قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : " يا أيها الناس إني تركت فيكم ما ان أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ". راجع الحديث في: صحيح الترمذي ج ٥ ص ٣٢٨ ط بيروت وج ١٣ ص ١٩٩ ط الصاوى وج ٢ ص ٣٠٨ ط بولاق بمصر، تفسير ابن كثير ج ٤ ص ١١٣ دار إحياء الكتب العربية بمصر، مصابيح السنة للبغوي ص ٢٠٦ ط القاهرة وج ٢ ص ٢٧٩ ط محمد على صبيح، جامع الأصول لابن الأثير ج ١ ص ١٨٧ ط مصر، مشكاة المصابيح ج ٣ ص ٢٥٨ ط دمشق، إحياء الميت للسيوطي بهامش الإتحاف ص ١١٤ ط الحلبي، الفتح الكبير للنبهاني ج ١ ص ٥٠٣ وج ٣ ص ٣٨٥ ط دار الكتب العربية، الشرف المؤبد للنبهاني أيضا ص ١٨ ط مصر، نظم درر السمطين للزرندى الحنفي ص ٢٣٢ ط النجف، ينابيع المودة للقندوزى الحنفي ص ٣٣ و ٤٥ و ٤٤٥ ط الحيدرية وص ٣٠ و ٤١ و ٣٧٠ ط اسلامبول

وبلفظ ثان قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : " إني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدى، أحدهما أعظم من الأخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا على الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما ". راجع الحديث في: صحيح الترمذي ج ٥ ص ٣٢٩ ط دار الفكر بيروت وج ١٣ ص ٢٠٠ ط الصاوى وج ٢ ص ٣٠٨ ط بولاق بمصر، نظم درر السمطين للزرندى ص ٢٣١ ط النجف، الدر المنثور للسيوطي ج ٦ ص ٧ و ٣٠٦ ط مصر، ذخائر العقبى ص ١٦ ط القدسي، الصواعق المحرقة ص ٨٩ ط الميمنية وص ١٤٧ و ٢٢٦ ط المحمدية، أسد الغابة لابن الأثير ج ٢ ص ١٢ =>

٣١

وأمان الأمة من الاختلاف(١٦)

____________________

=> ط مصر، المعجم الصغير للطبراني ج ١ ص ١٣٥ ط دار النصر بمصر، ينابيع المودة للقندوزى الحنفي ص ٣٣ و ٤٠ و ٢٢٦ و ٣٥٥ ط الحيدرية وص ٣٠ و ٣٦ و ١٩١ و ٢٩٦ ط اسلامبول، تفسير ابن كثير ج ٤ ص ١١٣ ط مصر، عبقات الأنوار ج ١ من حديث الثقلين ص ٢٥ ط اصفهان، كنز العمال ج ١ ص ٤٤ ح ٨٧٤ ط ١ وج ١ ص ١٥٤ ط ٢، الفتح الكبير للنبهاني ج ١ ص ٤٥١ ط مصر، تفسير الخازن ج ١ ص ٤ ط مصر، مصابيح السنة للبغوي ج ٢ ص ٢٧٩ ط محمد على صبيح وص ٢٠٦ ط الخيرية، جامع الأصول لابن الأثير ج ١ ص ١٨٧ ط مصر، مشكاة المصابيح للعمري ج ٣ ص ٢٥٨ ط دمشق.

وفى لفظ ثالث عن زيد بن ثابت قال: " قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض أو ما بين السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وانهما لن يتفرقا حتى يردا على الحوض ". راجع: الفضائل لأحمد بن حنبل بترجمة الإمام الحسين ص ٢٨ ح ٥٦. مسند أحمد بن حنبل ج ٥ / ١٨٢ و ١٨٩ ط ١، فرائد السمطين للحموينى ج ٢ / ١٤٤ عن زيد بن ثابت قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عزوجل وعترتي أهل بيتي ألا وهما الخليفتان من بعدى ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض ".

وعن أبى سعيد الخدري أيضا: " إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الأخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وانهما لن يتفرقا حتى يردا على الحوض ". الفضائل لأحمد بن حنبل ص ٢٠ ح ٣٥ ترجمة الحسين وح ٣٦. ويوجد هذا الحديث بألفاظ أخرى متعددة ومصادر كثيرة جدا ولأجل المزيد من الاطلاع راجع (سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت رقم - ٣٠ و ٣١ و ٣٢ و ٣٣ و ٣٤ و ٣٥ و ٣٦ ط في بغداد وبيروت مع المراجعات).

(١٦) إشارة إلى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف، فإذا خالفتهم =>

٣٢

وسفينة نجاتها من الضلال(١٧) . وباب حطتها(١٨) .

____________________

=> قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس. أخرجه الحاكم في ص ١٤٩ من الجزء ٣ من المستدرك، ثم قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (منه قدس). والصواعق المحرقة لابن حجر ص ٩١ و ١٤٠ ط الميمنية وص ١٥٠ و ٢٣٤ ط المحمدية وصححه، إحياء الميت للسيوطي بهامش الإتحاف ص ١١٤ ط الحلبي بمصر، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٥ ص ٩٣ ط الميمنية بمصر، ينابيع المودة للقندوزى الحنفي ص ٢٩٨ ط اسلامبول وص ٣٥٧ ط الحيدرية، جواهر البحار للنبهاني ج ١ / ٣٦١. ولأجل المزيد من المصادر راجع كتاب (سبيل النجاة في تتمة المراجعات طبع ملحقا بالمراجعات في بغداد وبيروت تحت رقم - ٤١ -).

(١٧) إشا رة إلى ما أخرجه الحاكم بالإسناد إلى أبى ذر ص ١٥١ من الجزء ٣ من المستدرك قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " ان مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق " (منه قدس). وراجع أيضا: تلخيص المستدرك للذهبي، نظم درر السمطين للزرندى الحنفي ص ٢٣٥ ط النجف، ينابيع المودة للقندوزى ص ٣٠ و ٣٧٠ ط الحيدرية وص ٢٧ و ٣٠٨ ط اسلامبول، الصواعق المحرقة ص ١٨٤ و ٢٣٤ ط المحمدية وص ١١١ و ١٤٠ ط الميمنية، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص، إسعاف الراغبين للصبان ص ١٠٩ ط السعيدية و ١٠٢ ط العثمانية، جواهر البحار ج ١ / ٣٦١، الفضائل لأحمد بن حنبل بترجمة الإمام الحسين ص ٢٨ ح ٥٥.

(١٨) إشارة إلى ما أخرجه الطبراني في الأوسط عن أبى سعيد قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: إنما مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق، وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة بني إسرائيل من دخله غفر له (منه قدس). راجع: كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص ٣٧٨ ط الحيدرية وص ٢٣٤ ط الغرى، مجمع الزوائد ج ٩ ص ١٦٨، المعجم الصغير للطبراني ج ٢ ص ٢٢ ط دار =>

٣٣

وكأنهم لم يكونوا من الأمة بمنزلة الرأس من الجسد، وبمنزلة العينين من الرأس(١٩) بل كأنهم انما كانوا ممن عناهم الشاعر في المثل السائر.

____________________

=> النصر بمصر، إحياء الميت للسيوطي بهامش الإتحاف ص ١١٣ ط الحلبي، ينابيع المودة ص ٢٨ و ٢٩٨ ط اسلامبول وص ٣٠ و ٣٥٨ ط الحيدرية، رشفة الصادى لأبي بكر الحضرمي ص ٧٩ ط مصر، الصواعق المحرقة ص ٩١ ط الميمنية وص ١٥٠ ط المحمدية وهذا الحديث من الأحاديث المتواترة وان شئت المزيد فراجع (سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت رقم - ٣٩ و ٤٠) ففيهما عشرات المصادر.

وفى لفظ آخر يقولصلى‌الله‌عليه‌وآله : " مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق ". يوجد في: حلية الأولياء ج ٤ ص ٣٠٦ ط السعادة بمصر، مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلى الشافعي ص ١٣٢ ح ١٧٣ و ١٧٦ ط ١ بطهران، ذخائر العقبى ص ٢٠ ط القدسي، مجمع الزوائد ج ٩ / ١٦٨، إحياء الميت ص ١١٣، الجامع الصغير للسيوطي ج ٢ / ١٣٢ ط الميمنية، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٥ / ٩٢ ط الميمنية، الفتح الكبير للنبهاني ج ٣ / ١٢٣ ط مصر، ينابيع المودة ص ١٨٧ و ١٩٣ ط اسلامبول وص ٢٢١ و ٢٢٨ ط الحيدرية، مقتل الحسين للخوارزمي ج ١ / ١٠٤ ط مطبعة الزهراء. وغيرها من المصادر.

(١٩) نقل الإمام الصبان في كتابه - إسعاف الراغبين - والشيخ يوسف النبهاني في - الشرف المؤبد - وغير واحد من الثقات بالإسناد إلى أبى ذر قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اجعلوا أهل بيتي منكم مكان الرأس من الجسد، ومكان العينين من الرأس، ولا يهتدى الرأس الا بالعينين، ومن أراد تفصيل هذه الأحاديث وما يجرى مجراها فعليه بمراجعاتنا، ولا سيما المراجعة ٦ وما بعدها حتى المراجعة ١٣ (منه قدس). راجع: إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص ١١٠ ط السعيدية وص ١٠٢ ط العثمانية، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكى ص ٨ ط الحيدرية، مجمع الزوائد ج ٩ ص ١٧٢ ط بيروت، الشرف المؤبد للنبهاني. (*)

٣٤

ويقضي الأمر حين تغيب تيم * ولا يستأذنون وهم شهود(٢٠)

أجل قضي الأمر في السقيفة ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لقى بين عترته الطاهرة وأوليائهم ثلاثة أيام، وهم حوله يتقطعون حسرات، ويتصعدون زفرات قد أخذهم من الحزن ما تنفطر به المرائر، ومن الهم والغم ما يذيب لفائف القلوب، ومن الرعب والوجل ما تميد به الجبال ومن الهول والفرق ما أطار عيونهم، وضيق الأرض برحبها عليهم.

وأولئك في معزل عن المسجى ثلاثا - بأبي وأمي - يرهفون لسلطانه عزائمهم ويشحذون لملكه آراءهم، لم يهتموا في شئ من أمره، حتى قضوا أمرهم مستأثرين به. وما ان فاءوا إلى مواراته حتى فاجأوا أولياءه وأحباءه بأخذ البيعة منهم، أو التحريق عليهم(٢١) كما قال شاعر النيل حافظ إبراهيم في قصيدته السائرة :

____________________

(٢٠) هذا البيت.

(٢١) تهديدهم عليا بالتحريق ثابت بالتواتر القطعي، وحسبك ما أخرجه أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب (السقيفة) كما في ص ١٣٠ وفى ص ١٣٤ من المجلد الأول من شرح النهج الحميدى. وأخرجه ابن جرير الطبري في موضعين في أحداث السنة الحادية عشرة من تاريخ الأمم والملوك. وذكره ابن قتيبة في أوائل كتابه - الإمامة والسياسة -. وابن عبد ربه المالكي في حديث السقيفة في الجزء الثاني من العقد الفريد.

والمسعودي في مروج الذهب نقلا عن عروة بن الزبير في مقام الاعتذار عن أخيه عبدالله، إذ هم بالتحريق على بني هاشم حين تخلفوا عن بيعته. وابن الشحنة حيث ذكر بيعة السقيفة في كتابه (روضة المناظر). وأبو الفداء حيث أتى على ذكر أخبار أبى بكر في تاريخه الموسوم بالمختصر في أخبار البشر. ورواه الشهرستاني عن النظام عند ذكره للفرقة النظامية من كتاب - الملل والنحل - ونقله العلامة الحلي في (نهج الصدق) عن كتاب (المحاسن وأنفاس الجواهر) وغرر ابن خنزابة. وأفرد أبو مخنف لبيعة السقيفة كتابا فيه التفصيل (منه قدس) =>

٣٥

وقولة لعلي قالها عمر

أكرم بسامعها أعظم بملقيها

حرقت دارك لا أبقى عليك بها

ان لم تبايع وبنت المصطفى فيها

ما كان غير أبي حفص بقائلها

أمام فارس عدنان وحاميها(٢٢)

فلو فرض ان لا نص بالخلافة على أحد من آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفرض كونهم مع هذا غير مبرزين في حسب أو نسب، أو أخلاق، أو جهاد، أو علم، أو عمل، أو إيمان، أو إخلاص ولم يكن لهم السبق في مضامير كل فضل، بل كانوا كسائر الصحابة، فهل كان من مانع شرعي أو عقلي أو عرفي، يمنع من تأجيل عقد البيعة إلى فراغهم من تجهيز رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ ؟ ولو بأن يوكل حفظ الأمن إلى القيادة العسكرية مؤقتا حتى يستتب أمر الخلافة ؟

أليس هذا المقدار من التريث كان أرفق بأولئك المفجوعين ؟ وهم وديعة النبي لديهم، وبقيته فيهم، وقد قال الله تعالى:( لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) (٢٣) أليس على حق هذا الرسول - الذي يعز عليه عنت الأمة، ويحرص على

____________________

=> تهديد عمر عليا وفاطمة بالإحراق: راجع: الإمامة والسياسة لابن قتيبة ج ١ / ١٢ ط مصر، العقد الفريد لابن عبد ربه المالكي ج ٤ / ٢٥٩ و ٦٠ ط ٢ بمصر، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ١ / ١٣٤ وج ٢ / ١٩ ط ١ بمصر وج ٢ / ٥٦ وج ٦ / ٤٨ ط مصر بتحقيق أبو الفضل وج ١ / ١٥٧ ط دار الفكر، تاريخ الطبري ج ٣ / ٢٠٢ ط دار المعارف بمصر، الملل والنحل للشهرستاني ج ١ / ٥٧ ط بيروت، تاريخ أبى الفداء ج ١ / ١٥٦، أعلام النساء ج ٣ / ١٢٠٧، تاريخ ابن شحنة بهامش الكامل ج ٧ / ١٦٤، بحار الأنوار ج ٢٨ / ٣٢٨ و ٣٣٩ ط الجديد، الغدير للأميني ج ٧ / ٧٧ ط بيروت، عبدالله بن سبأ ج ١ / ١٠٨ ط بيروت.

(٢٢) ديوان حافظ إبراهيم

(٢٣) سورة التوبة: ١٢٨ (*).

٣٦

سعادتها، وهو الرؤوف بها الرحيم لها - ان لا تعنت عترته فلا تفاجأ بمثل ما فوجئت به، - والجرح لما يندمل، والنبي لما يقبر - ؟ ! وحسبها يومئذ فقد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قارعة تفترش بها القلق، وتتوسد الأرق، وتساور الهموم، وتسامر النجوم، وتتجرع الغصص، وتعالج البرحاء، فالتريث الذي قلناه كان أولى بتعزيتها، وأدنى إلى حفظ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيها، وأجمع لكلمة الأمة، واقرب إلى استعمال الحكمة، ولكن القوم صمموا على صرف الخلافة عن آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله مهما كلفهم الأمر، فخافوا من التريث أن يفضي بهم إلى خلاف ما صمموا عليه، فان آل محمد إذا حضروا المشورة ظهرت حجتهم وعلت كلمتهم، فبادر القوم بعقد البيعة، واغتنموا اشتغال الهاشميين برزيتهم، وانتهزوا انصرافهم بكلهم إلى واجباتهم بتجهيز جنازتهم المفداة.

وأعان أولئك على ما دبروه دهشة المسلمين وذعرهم، وتزلزل أقدامهم، واجتماع أكثر الأنصار في السقيفة يرشحون سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج، لكن ابن عمه بشير بن سعد بن ثعلبة الخزرجي وأسيد بن الحضير سيد الأوس، كانا ينافسانه في السيادة فحسداه على هذا الترشيح وخافا أن يتم له الأمر، فأضمرا له الحسيكة مجمعين على صرف الأمر عنه بكل ما لديهما من وسيلة، وصافقهما على ذلك عويم بن ساعدة الأوسي، ومعن بن عدي حليف الأنصار، وقد كان هذان على اتفاق سري مع أبي بكر وعمر وحزبهما، فكانا من أولياء أبي بكر على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكانا مع ذلك ذوي بغض وشحناء لسعد بن أبي عبادة، فانطلق عويم إلى أبي بكر وعمر مسرعا فشحذ عزمهما لمعارضة سعد، وأسرع بهما إلى السقيفة ومعهما أبو عبيدة، وسالم مولى أبي حذيفة، ولحقهم آخرون من حزبهم من المهاجرين.

٣٧

فاحتدم الجدال بين المهاجرين والأنصار، واشتدت الخصومة حتى ارتفعت أصواتهم بها وكادت الفتنة أن تقع، فقام أبو بكر بكلام أثنى فيه على الأنصار، واعترف لهم بالجميل خاطبا ودهم بلين ورقة

واحتج عليهم: بأن المهاجرين شجرة رسول الله وبيضته التي تفقأت عنه، ورشحهم للوزارة إذا تمت للمهاجرين الإمرة، ثم أخذ بضبعي عمر وأبي عبيدة فأمر المجتمعين بمبايعة أيهما شاؤا، وما ان فعل ذلك حتى تسابق إلى بيعته عمر وبشير، وما ان بايعاه حتى تبارى إلى بيعته أسيد بن الحضير، وعويم بن ساعدة، ومعن بن عدي، وأبو عبيدة بن الجراح، وسالم مولي أبي حذيفة، وخالد بن الوليد(٢٤) واشتد هؤلاء على حمل الناس على البيعة بكل طريق، وكان أشدهم في ذلك عمر، ثم أسيد وخالد وقنفذ(١) بن عمير بن جدعان التميمي(٢٥) وما بويع أبو بكر حتى أقبلت به الفئة التي بايعته تزفه إلى مسجد

____________________

(٢٤) ولأجل المزيد من المصادر راجع: كتاب عبدالله بن سبأ للعسكري ج ١ / ٨٢ - ١٣٢.

(١) كان هؤلاء مع الجماعة الذين دخلوا بيت فاطمةعليها‌السلام وحسبك ما هو منقول عنهم في ص ١٩ من المجلد الثاني من شرح النهج. وروى أحمد بن عبد العزيز الجوهري - كما في ص ١٣٠ من المجلد الأول من شرح النهج - قال: لما بويع أبو بكر كان الزبير والمقداد يختلفان في جماعة من الناس إلى علي وهو في بيت فاطمة فخرج عمر حتى دخل على فاطمة فقال: يا بنت رسول الله ما من أحد من الخلق أحب إلينا من أبيك، ومنك بعد أبيك وايم الله ما هذا بما نعى ان اجتمع هؤلاء النفر عندك ان آمر بتحريق البيت عليهم. (الحديث) (منه قدس).

(٢٥) استعمال القوة والإكراه في البيعة لأبي بكر: راجع: شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ١ / ٢١٩ وج ٦ / ٩ و ١١ و ١٩ و ٤٠ و ٤٧ و ٤٨ و ٤٩ ط مصر بتحقيق أبو الفضل وج ١ / ٧٤ وج ٢ / ٤ - ١٩ ط ١ بمصر .(*)

٣٨

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله زفاف العروس(٢٦) والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ثمة لقي بين أولئك المولهين والمولهات من الطيبين والطيبات، فما وسع أمير المؤمنينعليه‌السلام حينئذ الا التمثيل بقول القائل ؟

وأصبح أقوام يقولون ما اشتهوا * ويطغون لما غال زيدا غوائل(٢٧)

وكانعليه‌السلام على علم من تصميم القوم على صرف الأمر عنه، وانه لو نازعهم فيه لنازعوه، ولو قاتلهم عليه لقاتلوه، وان ذلك يوجب التغرير في الدين والخطر بالأمة، فاختار الكف احتياطا على الإسلام، وإيثارا للصالح العام، وتقديما للأهم على المهم، عهد معهود من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . صبر أمير المؤمنين على تنفيذه وفي العين قذى، وفي الحلق شجى(١) .

نعم قعد في بيته ساخطا مما فعلوه، حتى أخرجوه كرها(٢٨) احتفاظا بحقه المعهود به إليه

____________________

(٢٦) نص على زفافه الزبير بن بكار في الموفقيات كما في ص ٨ من المجلد الثاني من شرح النهج (منه قدس). وج ٦ / ١٩ ط مصر بتحقيق أبو الفضل.

(٢٧) نقل تمثله بهذا البيت أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب - السقيفة - كما في ص ٥ من المجلد الثاني من شرح النهج الحميدى (منه قدس). شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ٦ / ١٤ بتحقيق أبو الفضل.

(١) وتفصيل هذه الأمور كلها في رسالتنا - فلسفة الميثاق والولاية - وحسبك المراجعة ٨٢ و ٨٤ من كتابنا - المراجعات - فان فيهما من التفصيل ما يثلج الغليل. وكذلك التنبيه المعقود في الفصل الثامن من - فصولنا المهمة - فراجع (منه قدس).

(٢٨) أخرج أبو بكر الجوهري في كتاب السقيفة - كما في ص ١٩ من المجلد الثاني من شرح النهج الحميدى - عن الشعبى حديثا قال فيه: فانطلق عمر وخالد بن الوليد إلى بيت فاطمة فدخل عمر ووقف خالد على الباب، فقال عمر للزبير: ما هذا =>

٣٩

واحتجاجه على من استبد به(٢٩) وما أبلغ حجته إذ قال مخاطبا لأبي بكر :

فأن كنت بالقربى حججت خصيمهم

فغيرك أولى بالنبي وأقرب

____________________

=> السيف ؟ قال: أعددته لأبايع عليا. قال وكان في البيت ناس كثير منهم المقداد وجمهور الهاشميين، فاخترط عمر السيف وضرب به صخرة في البيت فكسره ثم أخرجوا الزبير إلى خالد ومن معه، وكان معه جمع كثير أرسلهم أبو بكر ردءا لعمر وخالد، ثم قال عمر لعلى: قم فبايع. فتلكأ وأحتبس، فأخذ بيده فقال: قم، فأبى فحملوه ودفعوه إلى خالد كما دفعوا الزبير وساقهما عمر ومن معه من الرجال سوقا عنيفا، واجتمع الناس ينظرون، وامتلأت شوارع المدينة بالرجال، فلما رأت فاطمة ما صنع عمر صرخت وولولت، واجتمع معها نساء كثير من الهاشميات وغيرهن، فخرجت إلى باب حجرتها ونادت: يا أبا بكر ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله. والله لا أكلم عمر حتى ألقى الله، (الحديث)، ومن استقصى ما كان منهم يومئذ تجلت له الحقيقة في قول أبى بكر عند موته: وددت إني لم أكشف عن بيت فاطمة ولو أغلق على حرب.

وأخرج أبو بكر الجوهري في كتاب السقيفة أيضا من حديث أبى لهيعة عن أبى الأسود: ان عمر وأصحابه اقتحموا الدار وفاطمة تصيح وتناشدهم الله، وأخرجوا عليا والزبير يسوقهما عمر سوقا، وأخرج أبو بكر الجوهري: ان عمر جاء إلى بيت فاطمة في رجال من الأنصار ونفر قليل من المهاجرين، فقال: والذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقن البيت عليكم، فخرج إليه الزبير مصلتا بالسيف، فاجتمعوا عليه حتى ندر السيف من يده، فضرب به عمر الحجر فكسره، ثم أخرجهم بتلابيبهم يسوقهم سوقا عنيفا. (الحديث)، فراجعه في ص ١٩ من المجلد الثاني من شرح النهج، وكل ما ذكرناه هنا تجده هناك (منه قدس).

أخراج الإمام أمير المؤمنين (ع) كرها لأجل البيعة: راجع: العقد الفريد ج ٤ / ٣٣٥ ط لجنة التأليف والنشر في مصر وج ٢ / ٢٨٥ ط آخر، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ٣ / ٤١٥ ط أفست بيروت وج ٦ / ١١ و ٤٨ ط مصر بتحقيق أبو الفضل.

(٢٩) مطالبة الإمام (ع) بحقه واحتجاجه عليهم =>

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

الدرس العشرون

في الحسنات بعد السيئات

هذا العنوان يرجع إلى مسألة التكفير ، وهي مسألة كلامية.

ويمكن البحث فيها أخلاقياً أيضاً ، فإن إتيان الإنسان بحسنة بعد كل سيئة لأجل تكفيرها وتطهير النفس عن الرجز الحاصل منها كاشف عن حالة يقظة للنفس وصلاحها ، وهو يمنعها عن حدوث حالة الغفلة والقسوة فيها ، والمواظبة على هذا النحو من النظافة والنزاهة تورث ملكة المراقبة وتزكية النفس ، وهي من أفضل الملكات.

وقد ورد في الكتاب العزيز : أن( الحسنات يذهبن السيئات ) (١) .

وأن( من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ) (٢) .

وأن( من ظلم ثم بدل حسناً بعد سوء فإني غفور رحيم ) (٣) .

__________________

١ ـ هود : ١١٤.

٢ ـ الفرقان : ٧٠.

٣ ـ النمل : ١١.

١٢١

وورد في النصوص أنه : ما أحسن الحسنات بعد السيئات وما أقبح السيئات بعد الحسنات(١) .

وأنه إذا عملت سيئة فأتبعها بحسنة تمحها سريعاً(٢) .

وأن المؤمن يوم القيامة ينظر في صحيفته ، فأول ما يراه سيئاته ، فيتغير لذلك لونه وترتعش فرائصه ، ثم يعرض عليه حسناته فيفرح لذلك نفسه ، فيقول الله عز وجل : «بدلوا سيئاته حسنات ،وأظهروها للناس » فيقول الناس : ما له سيئة واحدة(٣) .

وأنه ليس شيء قط أشد طلباً ولا أسرع دركاً من حسنة محدثة لذنب قديم(٤) .

ومن عمل سيئة في السر فليعمل حسنة في السر. ومن عمل سيئة في العلانية فليعمل حسنة في العلانية(٥) .

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص٤٥٨ ـ الأمالي : ج١ ، ص٢٠٩ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٣٨٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٤٢.

٢ ـ المحجة البيضاء : ج٧ ، ص٨٥ ـ نور الثقلين : ج٢ ، ص٤٩٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٤٢.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٤٢.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٤٣.

٥ ـ نفس المصدر السابق.

١٢٢

الدرس الحادي والعشرون

في الحسنات والسيئات

في أن الحسنات يضاعف ثوابها ، ويعجل في كتابها ، ويثاب على مقدماتها والسيئات لا يضاعف عقابها ، ويؤجل كتابها ، ولا يعاقب على مقدماتها.

وقد ورد في الكتاب الكريم : أن( من جاء بالحسنة فله خير منها ) (١) . وأن( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) (٢) .

وأن( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزي إلا مثلها وهم لا يظلمون ) (٣) ، وأن( الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً ) (٤) ، وأنه( من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة ) (٥) ، وأنه( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع

__________________

١ ـ القصص : ٨٤.

٢ ـ يونس : ٢٦.

٣ ـ الأنعام : ١٦٠.

٤ ـ النساء : ٤٠.

٥ ـ البقرة : ٢٤٥.

١٢٣

سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء ) (١) .

وورد في النصوص : أنه لما نزل قوله :( فله خير منها ) قال رسول الله : اللهم زدني ، فأنزل الله( فله عشر أمثالها ) فقال رسول الله : اللهم زدني ، فأنزل الله( فيضاعفه له أضعافاً كثيرة ) فعلم رسول الله أن الكثير من الله لا يحصى وليس له منتهى(٢) ( ويدل الخبر على : أن الإقراض لله يشمل الأعمال الصالحة ، فكأن العبد يقرضها في الدنيا ويأخذها ربوياً في الآخرة ، ولا بأس بالربا بين المولى وعبده ).

وأنه إذا هم المؤمن بحسنة كتبت له حسنة ، فإذا عملها كتبت له عشر حسنات ، وإذا هم بسيئة لم تكتب عليه ، فإذا عملها أجل تسع ساعات ، فإن ندم واستغفر لم تكتب ، وإلا كتبت عليه سيئة واحدة(٣) .

وأن صاحب اليمين أمير على صاحب الشمال ، فإذا عمل العبد سيئة قال له : لا تعجل ، وأنظره سبع ساعات ، فإن مضت ولم يستغفر قال : أكتب فما أقل حياء هذا العبد !(٤)

وأنه إذا أحسن المؤمن عمله ضاعف الله لكل حسنة سبعمائة وذلك قوله :( والله يضاعف لمن يشاء ) فأحسنوا أعمالكم ، قيل : فما الاحسان؟ قال : كل عمل تعمله فليكن نقياً من الدنس.(٥) ( واختلاف تضاعف الثواب : إما من جهة اختلاف مقام المؤمنين ، أو اختلاف مراتب خلوص النيات ، أو وقوع الحسنات في الأمكنة الشريفة ، أو الأزمنة المباركة ، أو غير ذلك ).

__________________

١ ـ البقرة : ٢٦١.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٤٦.

٣ ـ الكافي : ج٢ ، ص٤٢٨ ـ بحار الأنوار : ج٥ ، ص٣٢٧ وج٧١ ، ص٢٤٦ ـ معالم الزلفى : ج١ ، ص٣١ ـ بحار الأنوار : ج٥ ، ص٣٢٧.

٤ ـ الأمالي : ج١ ، ص٢١٠ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٣٥٥ ـ بحار الأنوار : ج٥ ، ص٣٢١ و ج٧١ ، ص٢٤٧ ـ نور الثقلين : ج٥ ، ص٤٥٨.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٦٧ ، ص٦٤ وج٧١ ، ص٢٤٧ وج٧٤ ، ص٤١٢ وج٩٦ ، ص٢٩١ ـ وسائل الشيعة : ج١ ، ص٩٠ ـ ثواب الأعمال : ص٢٠١ ـ الأمالي : ج١ ، ص٢٢٧.

١٢٤

الدرس الثاني والعشرون

في الاستعداد للموت

من الأمور التي اختص بعلمه خالق الإنسان انقضاء أجله ووقوع موته وهو لمصالح كثيرة كامنة فيه ، ومنها : إستعداده في جميع أوقات عمره لإجابة دعوة ربه ومراقبته لحالات نفسه وأقواله وأفعاله. ولازمه إعداده ما يلزمه لهذا السفر العظيم الطويل من الزاد ، ورفع ما يمكن أن يكون مانعاً من العبور من العقبات المتعددة ، والمواقف المختلفة كقضاء فوائته الواجبة ، وما عليه من ديونه لخالقه ، وما عليه من حقوق الناس وأموالهم ، وتعيين ما عليه من الحقوق في دفاتر وكتابات ، فيكون في جميع أوقات عمره على تهيؤ بحيث لو نزل به الموت لم يكن مأثوماً في أمره معاقباً على فعل شيء أو تركه ، وهذا القسم من التهيؤ من أفضل خلق الإنسان وأحسن حالاته ، فطوبى لمن كان كذلك.

وقد ورد في النصوص : أنه سئل أمير المؤمنين عن الاستعداد للموت؟ قال : أداء الفرائض واجتناب المحارم والاشتمال على المكارم ثم لا يبالي : أوقع على الموت

١٢٥

أو وقع الموت عليه(١) .

وقالعليه‌السلام : لاغائب أقرب من الموت ، ولكل حبة آكل وأنت قوت الموت(٢) .

وأن من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد(٣) .

وكانعليه‌السلام : بالكوفة ينادي بعد العشاء الآخرة : تجهزوا رحمكم الله ، فقد نودي فيكم بالرحيل وانتقلوا بأفضل ما بحضرتكم من الزاد وهو التقوى ، واعلموا أن طريقكم إلى المعاد ، وعلى طريقكم عقبة كؤود ، ومنازل مهولة مخوفة لابد لكم من الممر عليها والوقوف بها(٤) .

وقالعليه‌السلام : إن الموت ليس منه فوت ، فأحذروا قبل وقوعه ، وأعدوا له عدته وهو ألزم لكم من ظلّكم ، فأكثروا ذكره عندما تنازعكم أنفسكم من الشهوات وكفى بالموت واعظاً وإنا خلقنا وإياكم للبقاء لا للفناء ، ولكنكم من دار إلى دار تنقلون ، فتزودوا لما أنتم إليه صائرون(٥) .

وورد : أن من أكثر ذكر الموت زهد في الدنيا(٦) .

وأن أكيس المؤمنين أكثرهم ذكراً للموت وأشدهم إستعداداً له(٧) .

وأن عيسىعليه‌السلام قال : هول لا تدري متى يلقاك ، ما يمنعك أن تستعد له قبل أن يفجأك(٨) .

__________________

١ ـ الأمالي : ج١ ، ص٩٧ ـ بحار الأنوار : ج٦ ، ص١٣٨ وج٧٧ ، ص٣٨٢.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٣.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٣ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٥ ، ص٤٠٣.

٤ ـ نهج البلاغة : الخطبة ٢٠٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٣٤.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٦ ، ص١٣٢ وج٧١ ، ص٢٦٤.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٨٢ ، ص١٧٢.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٧.

٨ ـ نفس المصدر السابق.

١٢٦

وأن من أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير(١) . وأن المراد بقوله :( لا تنس نصيبك من الدنيا ) (٢) لا تنس صحتك وقوتك وفراغك وشبابك ونشاطك وغناك أن تطلب به الآخرة(٣) .

وأنه سئل زين العابدينعليه‌السلام عن خير ما يموت عليه العبد ، قال : أن يكون قد فرغ من أبنيته ودوره وقصوره ، قيل ، وكيف ذلك؟ قال : أن يكون من ذنوبه تائباً وعلى الخيرات مقيماً ، يرد على الله حبيباً كريماً(٤) .

وأن من مات ولم يترك درهماً ولا ديناراً لم يدخل الجنة أغنى منه(٥) .

وأنه إذا أويت فراشك فانظر ما سلكت في بطنك وما كسبت في يومك ، واذكر أنك ميت وأن لك معاداً(٦) .

__________________

١ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٣٤٩ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٥ ، ص٣٧٩ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٧ وج٨٢ ، ص١٨١ وج١٠٣ ، ص٢٦.

٢ ـ القصص : ٧٧.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٧.

٤ ـ نفس المصدر السابق.

٥ ـ نفس المصدر السابق.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٧ وج٧٦ ، ص١٩٠.

١٢٧

١٢٨

الدرس الثالث والعشرون

في عفة البطن والفرج

تخصيص العضوين بلزوم العفة من بين سائر الاعضاء التي يجب حفظها عن المعاصي التي تصدر منها : كاللسان عن الكلام المحرم ، والعين عن النظر الحرام والسمع عن استماع اللغو واللهو ، والبدن عن اللبس المحرم ، لابتلاء الإنسان بمعاصيهما أكثر من غيرها.

ولا سيما في أوائل شبابه وأزمنة ثوران شهوته ، ولما يبلغ علمه بالله وإيمانه بالأصول واعتياده بالعبادات حداً يزجره عن الغي ويردعه عن الهوى ، ونعوذ بالله من غلبة الهوى والشهوة على عقل الرجل ودينه. وقد ورد في الكتاب الكريم : أن( الحافظين فروجهم والحافظات ...أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً ) (١) وكرر تعالى في سورتين قوله :( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) (٢) . فحكم بأنهم

__________________

١ ـ الأحزاب : ٣٥.

٢ ـ المؤمنون : ٥ ـ ٧ والمعارج : ٢٩ ـ ٣١.

١٢٩

مفلحون ، وأنهم في جنات مكرمون.

وقد ورد في النصوص : أنه ما عبد الله بشيء أفضل من عفة بطن وفرج(١) .

وأن أفضل العبادة العفاف(٢) ( العفة والعفاف في اللغة : الكف ، وعف الرجل عفة : كف عما لا يحل ولا يجمل ، والعفيف والمتعفف : من يترك الحرام بضرب من الممارسة ، وفي اصطلاح الشرع : حصول حالة للنفس تمتنع بها عن غلبة الشهوة ، وتكف البطن والفرج عن المشتهيات المحرمة ، بل المشتبهة ، والمكروهة من المآكل والمشارب والمناكح وما هو من مقدماتها ولوازمها ).

وأن رجلاً قال للباقرعليه‌السلام : إني ضعيف العمل قليل الصيام ، ولكني أرجو أن لا آكل إلا حلالاً ، فقال له : وأي الاجتهاد أفضل من عفة بطن وفرج؟(٣) .

وأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أكثر ما تلج به أمتي النار ، وأول ما تلج به أمتي النار : الأجوفان : البطن والفرج(٤) .

ومما أخاف بعدي على أمتي شهوة البطن والفرج(٥) .

ومن ضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه ضمنت له الجنة(٦) .

ومن أسلم من اتباعهما فله الجنة(٧) .

وأنه : لا تنسوا الجوف وما وعى(٨) ( أي : البطن وما يدخل فيه ويمكن أن يكون المراد : القلب وما يعقد عليه من الإيمان أو الكفر ).

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص٧٩ ـ بحار الأنوار : ج٦٩ ، ص٣٩٣ وج٧١ ، ص٢٦٨.

٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص٧٩ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص١٩٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٩.

٣ ـ الكافي : ج٢ ، ص٧٩ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص١٩٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٩.

٤ ـ الكافي : ج٢ ، ص٧٩ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص١٩٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٩ و٢٧١.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٢ و ٢٧٣.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٢.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧١.

٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٩.

١٣٠

وأن الله يحب الحيي المتعفف(١) .

وأن الباقرعليه‌السلام قال : كلكم في الجنة معنا ، إلا أنه ما أقبح بالرجل منكم أن يدخل الجنة قد هتك وبدت عورته ، قيل : وكيف ذلك؟ قال : إن لم يحفظ فرجه وبطنه(٢) .

وأنه : عفّوا عن نساء الناس تعف نساؤكم(٣) .

وأن العفيف لا تبدو له عورة وأن كان عارياً ، والفاجر بادي العورة وإن كان كاسياً(٤) .

وأن من أول من يدخل الجنة رجل عفيف متعفف ذو عبادة(٥) .

وأن من المروة العفاف في الدين(٦) .

وأن أعرابياً قال : أوصني يا رسول الله ، قال : أوصيك بحفظ ما بين رجليك(٧) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٠.

٢ ـ الخصال : ص٢٥ ـ وسائل الشيعة : ج١٤ ، ص٢٧٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٠.

٣ ـ وسائل الشيعة : ج١٤ ، ص٢٧٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٠.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٢.

٥ ـ نفس المصدر السابق.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٣.

٧ ـ مشكوة الأنوار في غرر الاخبار : ص٦٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٤.

١٣١

١٣٢

الدرس الرابع والعشرون

في الكلام والسكوت والصمت

موقع اللسان من الإنسان موقع ينبغي أن يمتاز بالبحث والتحقيق عن حاله وبيان وظائفه عقلاً وشرعاً واجتماعاً ، فإنه من أعظم ما يمتاز به الإنسان عن أبناء جنسه ، ولذا قال تعالى : ( خلق الإنسان ، علمه البيان )(١) ، واللسان هو الطريق الوحيد العام لانتقال ضمائر الإنسان وعلومه ومعارفه إلى بني نوعه.

وأما البيان بالقلم ، كما قيل : إن البيان بيانان : بيان باللسان ، وبيان بالبنان ، فهو يختص من حيث الملقن والملقن له ، وكيفية التلقين بالعلماء ولا يعم الجميع. وذكر بعض علماء الفن أن المعاصي التي يمكن صدورها من اللسان ثمانية عشر نوعاً ، وسيأتي بعضها.

ثم إن المراد بالصمت الممدوح أعم من الصمت عن التكلم الحرام ، أو عن التكلم بما لا فائدة فيه للانسان.

__________________

١ ـ الرحمن : ٣ ـ ٢.

١٣٣

فقد ورد في النصوص : أن علي بن الحسين ٨ سئل عن الكلام والسكوت أيهما أفضل؟ فقال : لكل واحد منهما آفات ، فإذا سلما من الآفات فالكلام أفضل من السكوت ، قيل : كيف ذلك؟ قال : لأن الله ما بعث الأنبياء والأوصياء بالسكوت ، إنما بعثهم بالكلام ، ولا استحقت الجنة بالسكوت ، ولا استوجبت ولاية الله بالسكوت ولا توقيت النار بالسكوت ، إنما ذلك كله بالكلام ما كنت لأعدل القمر بالشمس ، إنك تصف فضل السكوت بالكلام ، ولست تصف فضل الكلام بالسكوت(١) .

وأنه ليس على الجوارح عبادة أخف مؤونة وأفضل منزلة وأعظم قدراً عند الله من الكلام في رضا الله ، ألا ترى أن الله لم يجعل فيما بينه وبين رسله معنى يكشف ما أسر إليهم من مكنونات علمه غير الكلام؟ وكذلك بين الرسل والأمم فهو أفضل الوسائل والعبادة. وكذلك لا معصية أسرع عقوبة وأشد ملامة منه(٢) .

والسكوت خير من إملاء الشر ، وإملاء الخير خير من السكوت(٣) .

ولكن قد ورد : أن الكلام لو كان من فضة كان ينبغي للصمت أن يكون من ذهب ،(٤) وظاهره أن الصمت في موضع رجحانه أفضل من الكلام في مورد رجحانه ، فهذا : إما بنحو الموجبة الجزئية ، أو أن الجملة مسوقة لبيان حال أكثر الناس ، حيث أنهم جاهلون بسطاء ، وكلامهم لو كان خيراً فهو خير قليل ، فسكوتهم أفضل منه.

وأنه : جمع الخير كله في ثلاث خصال : النظر والسكوت والكلام ، فكل نظر ليس فيه اعتبار فهو سهو ، وكل سكوت ليس فيه فكر فهو غفلة ، وكل كلام ليس

__________________

١ ـ الحقائق : ص٧١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٤.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٥.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٩٤.

٤ ـ المحجة البيضاء : ج٥ ، ص١٩٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٨.

١٣٤

فيه ذكر فهو لغو ، فطوبى لمن كان نظره عبراً وسكوته فكراً وكلامه ذكراً(١) .

وأنه لا حافظ أحفظ من الصمت(٢) .

وأن علياًعليه‌السلام وقفت على رجل يتكلم بفضول الكلام وقال : إنك تملي على حافظيك كتاباً إلى ربك ، فتكلم بما يعنيك ودع ما لا يعنيك(٣) .

وأن أعظم الناس قدراً من ترك ما لا يعنيه(٤) .

وأن النطق راحة للروح ، والسكوت راحة للعقل(٥) .

وأنه تكلموا تعرفوا فإن المرء مخبوء تحت لسانه(٦) .

وأن من علامات الفقه الصمت(٧) ( قال المجلسيقدس‌سره : الفقه هو العلم الرباني المستقر في القلب الذي يظهر آثاره على الجوارح ).

وأن الصمت باب من أبواب الحكمة يكسب المحبة ، وهو دليل على الخير(٨) .

وأن على لسان كل قائل رقيباً ، فليتق العبد ولينظر ما يقول(٩) .

وأن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه(١٠) .

__________________

١ ـ الأمالي : ج١ ، ص٣٢ ـ ثواب الأعمال : ص٢١٢ ـ الخصال : ص٩٨ ـ معاني الأخبار : ص٣٣٤ ـ من لا يحضره الفقيه : ج٤ ، ص٤٠٥ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٥ وج٧٧ ، ص٤٠٦ وج٧٨ ، ص٥٤.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٥.

٣ ـ من لا يحضره الفقيه : ج٤ ، ص٣٩٦ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٦.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٦.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٦.

٦ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٣٩٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٦.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٦.

٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٨.

٩ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٧.

١٠ ـ تنبيه الخواطر : ج١ ، ص٢٣٦ ـ مجمع البحرين : ج١ ، ص٣٠٩ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٧.

١٣٥

وأنه : ما من شيء أحق بطول السجن من اللسان(١) .

وأن المؤمن يكتب محسناً ما دام ساكتاً ، فاذا تكلم كتب محسناً أو مسيئاً(٢) .

وأن داود قال لسليمان : عليك بطول الصمت إلا من خير ، فإن الندامة على طول الصمت مرة واحدة خير من الندامة على كثرة الكلام مرات(٣) .

وأنه ما عبد الله بشيء أفضل من الصمت(٤) .

وأن من لم يملك لسانه يندم(٥) .

وأن من حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه(٦) .

وأن الصمت مطردة للشيطان وعون لك على أمر دينك(٧) .

وأنه من المنجيات(٨) .

وأنه : إن أردت خير الدنيا والآخرة فاخزن لسانك كما تخزن مالك(٩) .

ولا يعرف عبد حقيقة الإيمان حتى يخزن لسانه(١٠) .

وأن الصمت نعم العون في مواطن كثيرة وإن كنت فصيحاً(١١) .

__________________

١ ـ الخصال : ص١٥ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٧.

٢ ـ ثواب الأعمال : ص١٩٦ ـ الخصال : ص١٥ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٢٩ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٧.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٧.

٤ ـ الخصال : ص٣٥ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٨ وج٩٩ ، ص١٠٣.

٥ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٥ ، ص٢٤٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٨.

٦ ـ الكافي : ج٢ ، ص١١٦ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٩.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٩.

٨ ـ نفس المصدر السابق.

٩ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٠.

١٠ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٢ ، ص١٨٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٠.

١١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٠.

١٣٦

وأن كثرة الكلام بغير ذكر الله تقسي القلب(١) .

وأنه : لا بد للعاقل أن ينظر في شأنه فليحفظ لسانه(٢) .

وأن نجاة المؤمن في حفظ لسانه ، ومن حفظ لسانه ستر الله عورته(٣) .

وأن ذلاقة اللسان رأس المال(٤) .

وأن من حق اللسان إكرامه عن الخنا وتعويده حسن القول وترك الفضول(٥) .

وأن الكلام في وثاقك ما لم تتكلم به ، فإذا تكلمت فأنت في وثاقه(٦) .

ورب كلمة سلبت نعمة(٧) .

ومن كثر كلامه كثر خطؤه(٨) .

وحبس اللسان سلامة الإنسان(٩) .

وبلاء الإنسان من اللسان(١٠) .

وفتنة اللسان أشد من ضرب السيف(١١) .

__________________

١ ـ الأمالي : ج١ ، ص٢ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨١ وج٩٣ ، ص١٦٤.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨١ ـ مرآة العقول : ج٨ ، ص٢٢٥.

٣ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٣.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٦.

٥ ـ روضة الواعظين : ص٤٦٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٦.

٦ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٣٨١ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٦ ـ مرآة العقول : ج٨ ، ص٢١٩.

٧ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٤ ، ص٥٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٧.

٨ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٩١.

٩ ـ جامع الأخبار : ص٩٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٦.

١٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٦ ـ مستدرك الوسائل : ج٩ ، ص٣٠.

١١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ٢٨٦.

١٣٧

وأن من خاف الناس لسانه فهو من أهل النار(١) .

وأنه : لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ، فمن استطاع أن يلقى الله وهو سليم اللسان من أعراض المسلمين فليفعل(٢) .

وأن اللسان كلب عقور ، إن خليته عقر(٣) .

وأن نجاة المؤمن من حفظه(٤) .

وأنه ما أحسن الصمت لا من عيّ ، والمهذار له سقطات(٥) .

وأن الكلام ثلاثة : رابح وسالم وشاحب ، فأما الرابح فالذي يذكر الله ، وأما السالم فالذي يقول ما أحب الله ، وأما الشاحب فالذي يخوض في الله(٦) .

وأنه : لا يكب الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم(٧) .

وأن اللسان سبع ، إن خلي عنه عقر(٨) .

وأنه : هانت عليه نفسه من أمر عليها لسانه(٩) .

وأنه إذا تم العقل نقص الكلام(١٠) .

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣٢٧ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٣٢٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٦ وج٧٥ ، ص٢٨٣.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٩٢ وج٧٥ ، ص٢٦٢ ـ مستدرك الوسائل : ج٩ ، ص٣١.

٣ ـ ارشاد القلوب : ص١٠٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٧.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٦.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٨.

٦ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٩ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٩ وج٩٣ ، ص١٦٥.

٧ ـ المحجة البيضاء : ج٥ ، ص١٥٧ ـ بحار الأنوار : ج٦٨ ، ص١٠٣ وج٧٠ ، ص٨٥ وج٧١ ، ٢٩٠.

٨ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٦٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٩٠.

٩ ـ كنز الفوائد : ج٢ ، ص١٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٩٠.

١٠ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٧١ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٤ ـ بحار الأنوار : ج١ ، ص٢٩٢ ـ مرآة العقول : ج٨ ، ص٢٢٥.

١٣٨

وأنه : رب قول أنفذ من صول(١) .

وأنه : اجعلوا اللسان واحداً. وأن اللسان جموح بصاحبه ، وما أرى عبداً يتقي بتقوى الله تنفعه حتى يختزن لسانه(٢) .

وأن لسان المؤمن من وراء قلبه ، وأن قلب المنافق من وراء لسانه(٣) .

وأن اللسان بضعة من الإنسان ، فلا يسعده القول إذا امتنع ، ولا يمهله النطق إذا اتسع(٤) .

وأن تلافيك ما فرط من صمتك أيسر من إدراكك ما فات من منطقك وحفظ ما في الوعاء بشد الوكاء(٥) .

وأنه إذا فاتك الأدب فالزم الصمت(٦) .

وأن المرء يعثر برجله فيبرأ ، ويعثر بلسانه فيقطع رأسه(٧) .

وأن الله جعل صورة المرأة في وجهها وصورة الرجل في منطقه(٨) .

ورحم الله عبداً قال خيراً فغنم ، أو سكت عن سوء فسلم(٩) .

وأن الباقرعليه‌السلام قال : شيعتنا الخرس(١٠) ( هو جمع أخرس ، أي : لا يتكلمون باللغو والباطل ، وفيما لا يعلمون ، وفيما لا يعنيهم ، وفي مقام التقية ).

__________________

١ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٣٩٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٩١.

٢ ـ نهج البلاغة : الخطبة ١٧٦ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج١ ، ص١١٤ وج٦ ، ص٢٠٨.

٣ ـ نهج البلاغة : الخطبة ١٧٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٩٢ ـ المحجة البيضاء : ج٥ ، ص١٩٥.

٤ ـ نهج البلاغة : الخطبة ٢٣٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٩٢.

٥ ـ نهج البلاغة : الكتاب ٣١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ٢٩٢.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٩٣.

٧ ـ نفس المصدر السابق.

٨ ـ نفس المصدر السابق.

٩ ـ نفس المصدر السابق.

١٠ ـ الكافي : ج٢ ، ص١١٣ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٢٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٥.

١٣٩

وأنه : ما من يوم إلا وكلّ عضو من أعضاء الجسد يكفّر اللسان يقول : نشدتك الله أن نعذب فيك(١) . ( يكفر اللسان أي : يذل ويخضع له ، والمراد : أن لسان حال الأعظاء هو الإقسام له بأن تكف نفسك من أن نعذب بسببك ).

وأن الله يعذب اللسان بعذاب لا يعذب به شيئاً من الجوارح ، فيقول له : خرجت منك كلمة فبلغت مشارق الأرض ومغاربها ، فسفك بها الدم الحرام ، وانتهب بها المال الحرام ، وانتهك بها الفرج الحرام(٢) .

وأنه : إن كان في شيء شؤم ففي اللسان(٣) .

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص١١٥ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٠٢.

٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص١١٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٠٤.

٣ ـ الكافي : ج٢ ، ص١١٦ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٠٥.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279