دروس في الاخلاق

دروس في الاخلاق14%

دروس في الاخلاق مؤلف:
الناشر: نشر الهادي
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 279

دروس في الاخلاق
  • البداية
  • السابق
  • 279 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 69948 / تحميل: 7492
الحجم الحجم الحجم
دروس في الاخلاق

دروس في الاخلاق

مؤلف:
الناشر: نشر الهادي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

وأن علياًعليه‌السلام أوصى بحب المساكين ومجالستهم(١) .

وأنه : أنظر إلى من هو دونك ، ولا تنظر إلى من هو فوقك في المقدرة ، فإن ذلك أقنع لك بما قسم لك(٢) .

وأن الفقر مع اعتقاد الولاية خير من الغنى مع عدمه ، والقتل معه خير من الحياة مع عدمه(٣) .

وأن فقراء المؤمنين يتقلبون في رياض الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفاً ، وذلك مثل : سفينتين مرّ بهما على عاشر لم يجد في إحداهما شيئاً ، فقال : أسربوها ، ووجد الأخرى موقرة ، فقال : إحبسوها(٤) .

وأن فقر الدنيا غنى الآخرة ، وغنى الدنيا فقر الآخرة ، وذلك الهلاك(٥) .

وأنه هل يسرك أنك على بعض ما عليه هؤلاء الجبارون ولك الدنيا مملوة ذهباً فما أحسن حالك وبيدك صناعة لا تبيعها بملئ الأرض ذهباً(٦) .

وأن الأنبياء وأولادهم وأتباعهم خصوا بالفقر(٧) .

وأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : الفقر فخري(٨) .

وأنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : اللهم أحيني مسكيناً ، وأمتني مسكيناً ، واحشرني مع المساكين(٩) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٤١.

٢ ـ الكافي : ج٨ ، ص٢٤٤ ـ بحار الأنوار : ج٦٩ ، ص٤٠٠ وج٧٠ ، ص١٧٣ وج٧٢ ، ص٤٢.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٤٤.

٤ ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٦٠ ـ الوافي : ج٥ ، ص٧٨٩ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٦.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٤٧.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٤٦.

٧ ـ نفس المصدر السابق.

٨ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٣٠.

٩ ـ التبيان : ج٨ ، ص٣٣٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص١٧ و٤٦ ـ مرآة العقول : ج٩ ، ص٣٦٦.

١٨١

وأنه : ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء طلباً لما عند الله ، وأحسن منه تيه الفقراء على الأغنياء اتكالاً على الله(١) ( والتيه : التكبر وعدم الاعتناء ).

وأن الفقر كرامة من الله(٢) .

وأن من توفر حظّه في الدنيا انتقص حظه في الآخرة وإن كان كريماً(٣) .

وأن الفقر شين عند الناس وزين عند الله يوم القيامة(٤) .

وأنه : لولا الفقر في ابن آدم ما طأطأ رأسه شيء(٥) .

وأن العفاف زينة الفقر ، والشكر زينة الغنى(٦) .

وأن الفقر والغنى بعد العرض على الله(٧) .

وأن من كثر اشتباكه بالدنيا كان أشد لحسرته عند فراقها(٨) .

وأنه : تخفّفوا تلحقوا ، فإنما ينتظر بأولكم آخركم(٩) .

ثم إن هنا روايات وردت بألسنة أخرى. فورد : أن الفقر الموت الأحمر(١٠) ، وأن الفقر الموت الأكبر(١١) .

__________________

١ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٤٠٦ ـ بحار الأنوار : ج٣٩ ، ص١٣٣ وج٧٥ ، ص١٢٣.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٤٧.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٤٨.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٤٩.

٥ ـ الخصال : ص١١٣ ـ بحار الأنوار : ج٥ ، ص٣١٦ وج٦ ، ص١١٨.

٦ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٦٨ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٥٣.

٧ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٤٥٢ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٥٣ وج٧٨ ، ص٨٠.

٨ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣٢٠ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٣١٨ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٥٤ وج٧٣ ، ص١٩.

٩ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٣ ، ص٢٩١ ـ بحار الأنوار : ج٤٠ ، ص١٦٣ وج٧٢ ، ص٥٤.

١٠ ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٦٦ ـ معاني الأخبار : ص٢٥٩ ـ بحار الأنوار : ج٦٨ ، ص٢١٥ وج٧٢ ، ص٥.

١١ ـ نهج البلاغة : الحكمة ١٦٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٤٢ وج٧٨ ، ص٥٣ وج١٠٤ ، ص٧١.

١٨٢

وأن الفقر يخرس الفطن عن حجته. والمقل غريب في بلده(١) .

وأن الفقر في الوطن غربة(٢) .

وأنه : ما خلق الله في الأرض أشد من الفقر ، والفقر أشد من القتل(٣) .

وأن من عدم قوته كثر خطاياه(٤) .

وأن الفقير لا يسمع كلامه ولا يعرف مقامه لو كان صادقاً يسمونه كاذباً ، ولو كان زاهداً يسمونه جاهلاً(٥) .

وأن لقمان قال : قد ذقت الصبر وأنواع المر ، فلم أر أمر من الفقر(٦) ونحو ذلك ، لكنها لا تخالف ما سبق فإن هذه الأخبار تشير إلى بعض آثار الفقر الراجعة إلى نفس الفقير من شدته عليه وصعوبة تحمله ، أو إلى معاملة الناس مع صاحب الفقر من تحقيرهم له ، ونحو ذلك.

نعم ، يمكن أن يشير بعضها إلى معنى آخر : كقوله : كاد الفقر أن يكون كفراً(٧) .

وأن الفقر سواد الوجه في الدارين(٨) . فلعل المراد بها : المعنى الثالث للفقر ، وهو : شره النفس وحرصها على المال والجاه ، أو المراد فقر النفس وفقدها لما ينبغي أن تكون واجدة له من العلم والدين ، والفضائل النفسانية ، والعمل بطاعة الله ونحو ذلك ، وهذا له مراتب : فبعضها كفر ، وبعضها فسق ، وبعضها جهل وبهيمية.

__________________

١ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٤٦ وج١٠٣ ، ص٢٠.

٢ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٥٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٥٣.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٤٧.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٤٧ ـ مستدرك الوسائل : ج١٣ ، ص١٤.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٤٧.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٥٣.

٧ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣٠٧ ـ الأمالي : ج١ ، ص٢٤٣ ـ الخصال : ص١٢ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٢٩٣ ـ بحار الأنور : ج٢٧ ، ص٢٤٧ وبحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٣٠.

٨ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٣٠.

١٨٣

فقد ورد : أن الصادقعليه‌السلام قال : الفقر الموت الأحمر ، فقيل : الفقر من الدنانير والدراهم؟ قال : لا ، ولكن من الدين(١) .

وأنه قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : الفقر فقران : فقر الدنيا وفقر الاخرة ، وهو الهلاك(٢) .

وأنه قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : الفقر فقر القلب(٣) .

ثم إن ابتلاء الله تعالى الناس بالفقر المالي يكون لجهات ، منها : إصلاح نفوسهم وردعها عن الشهوات ، وعن الوقوع في أنواع المعاصي والمحرمات.

ومنها : حط ما صدر عنهم من السيئات ، وكونه كفارة لذلك.

ومنها : اقتضاء صلاح غير الفقير ، من أرحامه أو مجتمعه ذلك.

ومنها : اقتضاء صلاح دينه له. وعلى أي تقدير فقد عرفت أن الله تعالى يعوض الفقير عن فقره في الدنيا أو في الآخرة ، وهذا تفضل منه تعالى ، أو أنه عوض صبره ، أو عوض نفس حرمانه ، والله تعالى هو الغفور الشكور.

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٤٠.

٢ ـ معالم الزلفى : ج١ ، ص٢٩٧ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٤٧.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٥٦.

١٨٤

الدرس الثالث والثلاثون

في الكفاف في الرزق

ذكر هذا العنوان في المقام لأجل أن دوام ذلك يوجب حصول صفة الصبر والرضا فيكون من الملكات ، إلا أنه ينبغي أن يعد من شعب الصبر أو الرضا والتسليم.

وقد ورد في النصوص : أن الله تعالى قال : « إن أغبط أوليائي عندي رجل خفيف الحال جعل رزقه كفافاً فصبر عليه »(١) . ( والكفاف بالفتح هو الذي لا يفضل عن الشيء ، ويكون بقدر الحاجة إليه ، يقال : قوته كفاف أي : غير زائد ولا ناقص سمي بذلك لأنه يكف عن سؤال الناس ويغني عنهم ).

وورد : أنه : طوبى لمن أسلم وكان عيشه كفافاً(٢) .

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٤٠ ـ وسائل الشيعة : ج١ ، ص٥٧ ـ بحار الأنوار : ج٦٩ ، ص٣١٦ وج٧٢ ، ص٥٧ وج٧٧ ، ص١٤١ وج٨٤ ، ص٢٦٧.

٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٤٠ ـ الوافي : ج٤ ، ص٤١٢ ـ وسائل الشيعة : ج١٥ ، ص٢٤٢ ـ

١٨٥

وأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : اللهم من أحبني فارزقه الكفاف والعفاف(١) .

وأنهصلى‌الله‌عليه‌وآله مر براعي غنم فبعث إليه يستسقيه فحلب له ما في ضروعها ، وبعث إليه بشاة ، فقال : هذا ما عندنا ، وإن أحببت أن نزيدك زدناك ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهم ارزقه الكففاف(٢) .

وأنه قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : من رضي من الله بالقليل من الرزق رضي الله منه بالقليل من العمل(٣) ( والقليل من العمل : أن يقتصر على الواجبات أو يطيعه في بعض الأحكام ويعصيه في بعضها ).

وأن قيّم أبي ذر في غنمه أخبره بأنه قد ولدت الأغنام وكثرت ، فقال : تبشرني بكثرتها ، ما قل وكفى خير مما كثر وألهى(٤) .

__________________

بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٥٩.

١ ـ الأمالي : ج١ ، ص١٣٢ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٦٤.

٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٤١ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٦١.

٣ ـ الأمالي : ج٢ ، ص١٩ ـ المحجة البيضاء : ج٨ ، ص٨٧ ـ بحار الأنوار : ج٥٢ ، ص١٢٢ وج٧٢ ، ص٦٤ وج٧٨ ، ص٢٦٢.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٦٦.

١٨٦

الدرس الرابع والثلاثون

في الكذب ونقله وسماعه

الكذب لغة هو : اللا مطابقة ويتصف به الاعتقاد والفعل كما يتصف به الكلام فالظن أو الاعتقاد المخالف للواقع ، كذب ، كما أن العمل المخالف للقول والوعد ـ مثلاً ـ كذب. والكذب في القول هو : الكلام المخالف للواقع ، خالف الاعتقاد أيضاً أم لا ، أو هو : الكلام المخالف للاعتقاد ، خالف الواقع أم طابق.

ثم إنه لا ريب في أن الكذب من أعظم المعاصي وأشنعها ، وهو مما يحكم العقل والنقل بقبحه ، وله مراتب شتى في القبح والشناعة : كالكذب على الله ، وعلى رسوله ، وعلى الأئمةعليهم‌السلام ، وعلى المؤمنين وهكذا.

والكلام في المقام ليس في حرمة الكذب أصالة ، فإن البحث عن ذلك يقع في الفقه ، بل لأن الجرأة عليه في ابتداء الأمر تورث في النفس حالة الانحراف عن الواقع ، والغفلة عن الحق وستره ، والممارسة عليها توجب حصول ملكة الكذب ، وهي من أشنع الملكات وأخبثها ، وهي التي يسمى صاحبها كذاباً. ففي صحيح ابن

١٨٧

الحجاج : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : الكذاب هو الذي يكذب في الشيء؟ قال : لا ، ما من أحد إلا يكون ذلك منه ، ولكن المطبوع على الكذب(١) . فإن المطبوع هو المجبول عليه بحيث صار عادة له لا يتحرز ولا يبالي به ولا يندم.

وكيف كان ، فقد ورد في تحريمه وذمه آيات كقوله تعالى :( واجتنبوا قول الزور ) (٢) وقوله :( ويل لكل أفاك أثيم ) (٣) وقوله :( سماعون للكذب ) (٤) وقوله :( لا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام ) (٥) وقوله :( إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار ) (٦) و( لا يهدي من هو مسرف كذاب ) (٧) وغير ذلك.

وقد ورد في النصوص : أن الباقرعليه‌السلام قال : لا تكذب علينا كذبة فتسلب الحنيفية(٨) ( وكذبة أي : مرة واحدة فضلاً عن الكثير ، والحنيفية : الطريقة الحقة وهي الدين ).

وأنه : اتقوا الكذب الصغير منه والكبير ، وفي كل جد وهزل ، فإن الرجل إذا كذب في الصغير اجترأ على الكبير ، وما يزال العبد يكذب حتى يكتبه الله كذاباً(٩) .

وأن الله قد جعل للشر أقفالاً ، وجعل مفاتيح تلك الأقفال الشراب ، والكذب شر من الشراب(١٠) .

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣٤٠ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٥٠.

٢ ـ الحج : ٣٠.

٣ ـ الجاثية : ٧.

٤ ـ المائدة : ٤٢.

٥ ـ النمل : ١١٦.

٦ ـ غافر : ٢٨.

٧ ـ الزمر : ٣.

٨ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣٣٨ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٧٥ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٣٣.

٩ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣٣٨ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٣٥.

١٠ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣٣٩ ـ ثواب الأعمال : ص٢٩١ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٧٢ وج١٧ ، ص٢٥١ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٣٦ وج٧٩ ، ص١٣٩.

١٨٨

( الصغر والكبر في الكذب : إما بلحاظ اختلاف مراتب المفسدة الموجودة في المخبر به ، أو مراتب مقام المتكلم بالكذب ، أو اختلاف المكان أو الزمان الذي يقع فيه أو غير ذلك ، وكونه شراً من الشراب إنما هو في بعض مصاديقه : كالكذب في أصول العقائد ، أو الأحكام الشرعية الفرعية ، فإنه سبب للإضلال في الأصول والفروع ، أو الكذب في الموضوعات الذي ينجر إلى المعاصي الكبيرة : كالقتل والزنا وغيرهما.

وأنه : إياكم والكذب ، فإن كل راج طالب ، وكل خائف هارب(١) ( والمراد به : الكذب في دعوى رجاء الآخرة والخوف من النار ).

وأن الكذب خراب للإيمان(٢) .

وأن أول من يكذب الكذاب ، الله تعالى ، ثم الملكان اللذان معه ، ثم هو يعلم أنه كاذب(٣) .

وأن الكذاب يهلك بالبينات ، ويهلك أتباعه بالشبهات(٤) ( والمراد من الكذاب هنا : مدعي مقام يعلم ببطلانه ويتبعه الناس جهلاً كمدعي النبوة والولاية والفقاهة ونحوها ، فإنه يهلك هو لعلمه بكذبه والعلم بنيّته ، ويهلك الناس بجهالته وحسن ظنهم ).

وأن الكذبة لتفطر الصائم ، وذلك الكذب على الله ورسوله والأئمةعليهم‌السلام (٥) .

وأن الحائك الذي ورد اللعن عليه هو الذي يحوك الكذب على الله ورسوله(٦) .

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣٤٣ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٧٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٤٦.

٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣٣٩ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٧٢ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٤٧.

٣ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣٣٩ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٧٢ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٤٧.

٤ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣٣٩ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٧٢ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٤٨.

٥ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣٤٠ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٤٩.

٦ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣٤٠ ـ وسائل الشيعة : ج٧ ، ص٢١ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٤٩.

١٨٩

وأنه : لا يجد عبد طعم الإيمان حتى يترك الكذب جده وهزله(١) .

وأن من كثر كذبه ذهب بهاؤه(٢) .

وأنه : ينبغي للمسلم أن يجتنب مؤاخاة الكذاب(٣) .

وأن مما أعان الله على الكذابين النسيان(٤) .

وأن أقل الناس مروءة من كان كاذباً(٥) .

وأنه : لا سوء أسوء من الكذب(٦) .

وأن الكذب يهدي إلى الفجور ، والفجور إلى النار(٧) .

وأنه : ما يزال أحدكم يكذب حتى لا يبقى في قلبه موضع إبرة صدق فيسمى عند الله كذاباً.

وأن شر الرواية رواية الكذب(٨) .

وأنه : جانبوا الكذب ، فإن الكذب مجانب الإيمان(٩) .

وأن الرجل ليكذب الكذبة فيحرم صلاة الليل ، فإذا حرم صلاة الليل حرم بها الرزق(١٠) .

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣٤٠ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٧٧ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٤٩ وج٧٨ ، ص٥٥.

٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣٤١ ـ وسائل الشيعة : ج٧ ، ص٥٧٣ ـ بحار الأنوار : ج١٤ ، ص٣٣١ وبحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٥٠.

٣ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣٤١ ـ تحف العقول : ص٢٠٥ ـ بحار الأنوار : ج٧٨ ، ص٤٢.

٤ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣٤١ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٧٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٥١.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٥٩.

٦ ـ نفس المصدر السابق.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٦٣ ـ مستدرك الوسائل : ج٩ ، ص٨٦.

٨ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٥٩ وج٧٧ ، ص١٧٤.

٩ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٣ ، ص٣٦١ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٦٠.

١٠ ـ ثواب الأعمال : ص٦٥ ـ علل الشرائع : ص٣٦٣ ـ وسائل الشيعة : ج٥ ، ص٢٧٨ ـ بحار

١٩٠

وأن الكذب لعوق إبليس(١) .

وأن من كان فيه الكذب ففيه خصلة من النفاق(٢) .

وأن اعتياده يورث الفقر(٣) .

وأنه خيانة(٤) .

وأن المؤمن يكون جباناً وبخيلاً ولا يكون كذاباً(٥) .

وأن رجلاً قال : يا رسول الله ، علمني خلقاً يجمع لي خير الدنيا والآخرة ، فقال : لا تكذب(٦) .

وأن الكاذب لا يكذب إلا من مهانة نفسه(٧) .

وأن أصل السخرية الطمأنينة إلى أهل الكذب(٨) .

وأن الكذب مذموم إلا في الحرب ، ودفع شر الظلمة ، وإصلاح ذات البين(٩) .

__________________

الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٦٠ وج٧٦ ، ص٣١٦ وج٨٧ ، ص١٤٦.

١ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٦٠.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٦١.

٣ ـ نفس المصدر السابق.

٤ ـ الخصال : ص٥٠٥ ـ بحار الأنوار : ج٦٩ ، ص٣٧٩ وج٧٢ ، ص١٩٢ وج٧٧ ، ص٤٠١.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٦٢.

٦ ـ نفس المصدر السابق.

٧ ـ الاختصاص : ص٢٣٢ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٦٢.

٨ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٦٢.

٩ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٦٣.

١٩١

١٩٢

الدرس الخامس والثلاثون

في الرّياء

الرّياء لغة : مصدر باب المفاعلة من رأي ، فهو والمراءاة بمعنى : إراءة الشيء للغير على خلاف واقعه : كإراءة أنّ صلاته وصيامه لله ، وليس كذلك. ويقع غالبا في الأفعال الحسنة لطلب المنزلة عند الناس. فالمرائي اسم فاعل ، هو العامل كذلك والمرائى له اسم مفعول من يطلب جلب قلبه ، والمرائى به هو : العمل والرياء قصد إظهار ذلك.

والمرائى به تارة يكون من حالات البدن : كإظهار الحزن والضعف والتحوّل ونحوها ، وأخرى من قبيل الزّي : كالهيئة وكيفية الشّعر واللباس ، وثالثة من قبيل القول والكتابة ونحوهما ، ورابعةً من قبيل العمل ، وخامسة من قبيل الرفقة والاصحاب والزائرين والمزورين وغيرهم فجميع ذلك ممّا يمكن للانسان الرياء فيها.

وأيضا الرياء يكون تارة في اصول العقائد : كالرياء في أصل إظهار الإيمان

١٩٣

فيكون صاحبه منافقا كافرا في الباطن متظاهرا بالاسلام ، وهو أشدّ من الكفر في الظاهر والواقع. وأخرى في أصول العبادات : كإتيان الواجبات ظاهرا مع تركها في الباطن. وثالثة في العبادات المندوبة ِ: كالنوافل وقراءة القرآن والأدعية. رابعة في أوصاف العبادات : كالإسراع اليها ، وحضور الأمكنة المتبرّكة ، وتحرّي الأزمنة الشريفة ، والحضور في الاجتماعات.

ثم إنه يترتّب على العمل المأتيّ به رياءً في الجملة آثار ، ويتّصف بعناوين كونه كذباً وتلبيسا واستهزاءً وإشراكاً لله تعالى وباطلاً ، فإن إراءة ما لغير الله لله تعالى ، كذب عمليّ ، والتخييل إلى الناس بأنه مطيع لله مخلص له تلبيس لهم ومكر ، وإراءة عمل الناس إليهم بدعوى أنه من الله مع وقوعه بمرئى من الله ومنظر منه استهزاء.

وجعل ظاهر عمل واحد لله وباطنه للناس إشراك لغيره معه ، وبهذا المعنى يكون كلّ رياء شركا كما سيأتي ، ولا إشكال في اتّصاف هذا النحو من العمل بالبطلان في أكثر مصاديقه وتفصيل ذلك في الفقه.

ثمّ إنّ اعتياد الانسان بالرياء في عمله وتخلّقه بذلك من أقبح صفات النفس وملكاته ، بل لا صفة أقبح من بعض مصاديقه.

وقد ورد في تحريمه وذمّه آيات : كقوله تعالى في وصف المنافقين :( وإذا قاموا الى الصلاة قاموا كسالى يراؤون النّاس ولا يذكرون الله إلاّ قليلا ) ،(١) وقال :( لا تبطلوا صدقاتكم بالمنّ والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ) ،(٢) وقال :( الذين هم يراؤون ويمنعون الماعون ) .(٣)

__________________

١ ـ النساء : ١٤٢.

٢ ـ البقرة : ٢٦٤.

٣ ـ الماعون : ٦ـ ٧.

١٩٤

وقد ورد في نصوص أهل البيتعليهم‌السلام أنه : إيّاك والرياء ، فإنه من عمل لغير الله وكله الله إلى من عمل له(١) .

وأنه : اجعلوا أمركم هذا لله ، ولا تجعلوه للناس ، فإنه ما كان لله فهو لله ، وما كان للناس فلا يصعد إلى الله(٢) .

وأن كل رياء شرك(٣) .

وأن الرياء هو الشرك الأصغر(٤) .

وأنه : من عمل للناس كان ثوابه على الناس ، ومن عمل لله كان ثوابه على الله(٥) .

وأنه : ما عمل أحد عملاً إلا رداه الله به ، إن خيراً فخيراً ، وإن شراً فشراً(٦) ( رداه به أي : جعله رداء له ، وهو تشبيه أي : أن الله يظهر أثره للناس كالثوب الجميل والقبيح ، أو يجعله رداء روحه أو رداءه يوم القيامة ).

وأن الملك ليصعد بعمل العبد مبتهجاً به ، فإذا صعد بحسناته يقول الله : اجعلوها في سجين ، إنه ليس إياي أراد به(٧) .

وأنه للمرائي ثلاث علامات : ينشط إذا رأى الناس ، ويكسل إذا كان وحده ،

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٩٣ ـ الوافي : ج٥ ، ص٨٥٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٦٦.

٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٩٣ ـ وسائل الشيعة : ج١ ، ص٥٢ وج١١ ، ص٤٥٠ ـ بحار الأنوار :ج٥ ، ص٢٠٧ وج٦٨ ، ص٢٠٩ وج٧٢ ، ص٢٨١.

٣ ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٩٣ ـ وسائل الشيعة : ج١ ، ص٥٢ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٨١.

٤ ـ المحجة البيضاء : ج٦ ، ص١٤٠ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٦٦ ـ مرآة العقول : ج١٠ ، ص٨٧.

٥ ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٩٣ ـ وسائل الشيعة : ج١ ، ص٥٢ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٨١.

٦ ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٨٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٨٤ ـ مشكوة الأنوار في غرر الأخبار : ص٣١١.

٧ ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٩٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٨٧.

١٩٥

ويحب أن يحمد في جميع أموره(١) .

وأن الله تعالى قال : « أنا خير شريك ، من أشرك معي غيري في عمل عمله ، لم أقبله إلا ما كان لي خالصاً »(٢) .

وأنه : من أظهر للناس ما يحب الله وبارز الله بما كرهه لقي الله وهو ماقت له(٣) .

وأنه : ما يصنع أحدكم أن يظهر حسناً ويسر سيئاً ، أليس يرجع إلى نفسه فيعلم أن ذلك ليس كذلك(٤) والله يقول :( بل الإنسان على نفسه بصيرة ) (٥) .

وأن أيما عبد أسر شراً لم تذهب الأيام حتى يظهر له شراً(٦) .

ومن أراد الله بالقليل من عمله أظهره الله له أكثر مما أراد ، ومن أراد الناس بالكثير من عمله أبى الله إلا أن يقلله في أعين الناس(٧) .

وأن الإبقاء على العمل أشد من العمل ، وهو : أن ينفق نفقة لله فتكتب له سراً ، ثم يذكرها فتمحى فتكتب له علانية ، ثم يذكرها فتمحى وتكتب له رياء(٨) ( والإبقاء على العمل : شدة المحافظة عليه حتى لا يذهب بتكرار ذكره أو بحسد أو عجب أو غيبة الناس ).

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٩٥ ـ المحجة البيضاء : ج٦ ، ص١٤٤ ـ وسائل الشيعة : ج١ ، ص٥٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٠٦ و٢٨٨.

٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٩٥ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٨٨.

٣ ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٩٥ ـ وسائل الشيعة : ج١ ، ص٤٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٦٦ وج٧٢ ، ص٢٨٨.

٤ ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٩٥ ـ وسائل الشيعة : ج١ ، ص٤٧ ـ بحار الأنوار : ج٧ ، ص٨٧ وج٧١ ، ص٣٦٨ وج٧٢ وص٢٨٩.

٥ ـ القيامة : ١٤.

٦ ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٩٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٨٨.

٧ ـ الكافي : ج٢ ، بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٩٠.

٨ ـ وسائل الشيعة : ج١ ، ص٤٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٢٣٣ ـ مرآة العقول : ج٧ ، ص٨٠.

١٩٦

وأن من عمل لغير الله وكله الله إلى عمله(١) .

وأنه : لو عمل خيراً فرآه إنسان فسر بذلك لا يكون رياء إذا لم يكن صنع ذلك لذلك(٢) .

وأن المرائي يخادع الله ، يعمل بما أمره ثم يريد به غيره ، فاتقوا الله واجتنبوا الرياء ، فإنه شرك بالله. إن المرائي يدعى يوم القيامة بأربعة أسماء : يا كافر ، يا فاجر ، يا غادر ، يا خاسر ، حبط عملك ، وبطل أجرك ، ولا خلاق لك اليوم(٣) .

وأن أحدكم إذا أتاه الشيطان وهو في صلاته فقال : إنك مراء فليطل صلاته ما بداله(٤) .

وأن الشرك المنهي في قوله تعالى : ( ولا يشرك بعبادة ربه أحداً )(٥) شرك رياء(٦) .

وأن الاشتهار بالعبادة يبة(٧) .

وأنه : سيأتي على الناس زمان تخبث فيه سرائرهم وتحسن فيه علانيتهم طمعاً في الدنيا ، يكون دينهم رياء لا يخالطهم خوف ، يعمهم الله بعقاب فيدعونه دعاء الغريق فلا يستجيب لهم(٨) .

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٩٧ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٩٢ ـ التنبيهات العلية : ص١٤٩.

٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٩٧ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٩٤.

٣ ـ المحجة البيضاء : ج٨ ، ص١٢٩ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٩٥.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٩٥.

٥ ـ الكهف : ١١٠.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٩٧.

٧ ـ معاني الأخبار : ص١٩٥ ـ من لا يحضره الفقيه : ج٤ ، ص٣٩٤ ـ وسائل الشيعة : ج١ ، ص٥٩ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٩٧ ، ص٢٩٧ وج٧٧ ، ص١١٢.

٨ ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٩٦ ـ وسائل الشيعة : ج١ ، ص٤٧ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ٢٩٠.

١٩٧

وأن الله يقول : « أنا خير شريك ، من عمل لي ولغيري فهو لمن عمل له غيري »(١) .

وأن الرياء من قلة العقل ، فإنه يعمل ما فيه رضا الله لغير الله ، فلو أنه أخلصه لله لجاءه الذي يريد في أسرع من ذلك(٢) .

وأن جب الخزي واد في جهنم أعد للمرائين(٣) .

وأن النجاة أن لا يعمل العبد بطاعة يريد بها الناس(٤) .

__________________

١ ـ المحجة البيضاء : ج٦ ، ص١٤٤ ـ وسائل الشيعة : ج١ ، ص٥٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٩٩ ـ نور الثقلين : ج٣ ، ص٣١٧.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٢٩٩.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٣٠٣.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٣٠٤.

١٩٨

الدرس السادس والثلاثون

في العجب بالعمل واستكثار الطاعة

العجب: ابتهاج الإنسان وسروره بتصور الكمال في نفسه وإعجابه بأعماله ، والإدلال بها بظن تماميتها وخلوصها ، وحسبان نفسه خارجاً عن حد التقصير ، لا السرور بصدور العمل مع التواضع لله والشكر له على التوفيق ، والخوف من عدم تمامه وعدم قبوله ، فإنه لا بأس به ، بل هو حسن.

والعجب من أخبث الصفات وأعظم المهلكات ، سواء أكان حالة غير راسخة في القلب أو صار بالمدوامة عليه ملكة راسخة ، وهو من أشد الحجب بين القلب والرب تعالى. والمعجب مبغوض عند الله ، مسلوب التوفيق من ناحية الله لحسبان نفسه غنياً عن إنعامه وإفضاله ونعوذ بالله من ذلك.

وظاهر الأدلة كما هو ظاهر كلمات الأصحاب حرمته ، ومعروض الحرمة : إما نفس الحالة النفسانية أو إظهارها في ضمن قول أو فعل.

١٩٩

وقد ورد في الكتاب الكريم :( أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً ) .(١) ( وخبر الموصول المبتدأ محذوف أي : كمن لم يزين له وعرف كيفية عمله فلم يعجب به ). وسوء العمل : إما لحرمته ذاتاً أو لعروض القبح عليه بإعجاب العامل به.

وورد في عدة نصوص : أنه : من دخله العجب هلك(٢) ( والهلاك هنا : البعد من الله واستحقاق عقابه ).

وأن الذنب خير للمؤمن من العجب(٣) .

وأن سيئة تسوءك خير من حسنة تعجبك(٤) .

وأن موسىعليه‌السلام سأل إبليس عن الذنب الذي إذا أذنبه إبن آدم استحوذ عليه قال : إذا أعجبته نفسه واستكثر عمله(٥) .

وأنه : لا تستكثروا الخير وإن كثر في أعينكم(٦) .

وأن استكثار العمل من قاصمات الظهر(٧) .

وأنه : لا وحدة ولا وحشة أوحش من العجب(٨) .

وأنه : لا جهل أضر من العجب(٩) .

__________________

١ ـ فاطر : ٨.

٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣١٣ ـ وسائل الشيعة : ج١ ، ص٧٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٣٠٩.

٣ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣١٣ ـ علل الشرائع ص٥٧٩ ـ الأمالي : ج٢ ، ص١٨٤ ـ وسائل الشيعة : ج١ ، ص٧٥ ـ بحار الأنوار : ج٦ ، ص١١٤ وج٦٩ ، ص٢٣٥ وج٧٢ ، ص٣٠٦ و٣١٥ ـ نور الثقلين : ج٤ ، ص٣٥١.

٤ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٤٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٣١٦ ـ عدة الداعي : ص٢٢٢.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٣١٧.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٣١٤.

٧ ـ نفس المصدر السابق.

٨ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٦ ، ص٣٨٠ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٣١٥.

٩ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٣١٥.

٢٠٠

وأن من لا يعرف لأحد الفضل فهو المعجب برأيه(١) .

وأن الإعجاب يمنع من الازدياد(٢) .

وأن عجب المرء بنفسه أحد حساد عقله(٣) .

وأنه : من المهلكات(٤) .

وأنه : لا تخرجن نفسك من حد التقصير في عبادة الله ، فإن الله لا يعبد حق عبادته(٥) .

وأنه قال الله تعالى : « إن من عبادي من يسألني الشيء من طاعتي لا حبه فأصرف ذلك عنه ؛ لكيلا يعجبه عمله »(٦) .

وأنه : قل يا رب لا تخرجني من التقصير ، فكل عمل تريد به الله فكن فيه مقصراً عند نفسك(٧) .

__________________

١ ـ معاني الأخبار : ص٢٤٤ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ص٤٦٨ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٣١٦.

٢ ـ نهج البلاغة : الحكمة ١٦٧ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٣١٦.

٣ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٢١٢ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٣١٧.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٣٢١.

٥ ـ الكافي : ج٢ ، ص٧٢ ـ وسائل الشيعة : ج١ ، ص٧١ ، بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٣٢٢.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٣٢٢.

٧ ـ الكافي : ج٢ ، ص٧٣.

٢٠١

٢٠٢

الدرس السابع والثلاثون

في الشكوى إلى الله وإلى الناس

الشكوى والشكاية : مصدران من : شكى يشكوا إلى زيد : تظلم إليه ، وأخبره بسوء الحوادث ، فالمخبر شاك وزيد مشكو إليه ، والمخبر عنه مشكو منه ، والإخبار شكاية. والشكوى إن كانت إلى الله تعالى أو إلى عبده المؤمن فهي حسن جميل ، سواء كانت من ظلم الناس أو مكاره الدهر. وأن كانت من الله ومن الحوادث الراجعة إليه تعالى ، فإن كانت إلى المؤمن فلا ذم ، وأن كانت إلى غيره فهي مذمومة. وقد ورد في الكتاب الكريم قول يعقوبعليه‌السلام :( إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله ) (١) .

وورد في النصوص : أنه : من شكى إلى أخيه فقد شكى إلى الله ، ومن شكى إلى غير أخيه فقد شكى الله(٢) .

وأن أبغض الكلام إلى الله التحريف ، وهو قول الرجل : إني مجهود ، ومالي ، وما عندي(٣) .

__________________

١ ـ يوسف : ٨٦.

٢ ـ وسائل الشيعة : ج٢ ، ص٦٣٢ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٣٢٥ وج٨١ ، ص٢٠٧.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٣٢٥.

٢٠٣

وأنه : إذا ضاق المسلم فلا يشكون ربه وليشك إلى ربه الذي بيده مقاليد الأمور وتدبيرها(١) . وأنه : من لم يرض بما قسم الله له من الرزق وبث شكواه ولم يصبر ولم يحتسب لم ترفع له حسنة ، وهو عليه غضبان ، إلا أن يتوب(٢) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٣٢٦.

٢ ـ من لا يحضره الفقيه : ج٤ ، ص١٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٣٢٦.

٢٠٤

الدرس الثامن والثلاثون

في اليأس من روح الله والأمن من مكره

روح الله تعالى هو : رحمته وفرجه وإحسانه في الدنيا ، وشفاعتة أنبيائه وملائكته ، وغفرانه وجنته في الآخرة. والمكر : أخذه في الدنيا بنحو الإستدراج وغيره ، وعقابه في الآخرة.

ويظهر من النص والفتوى تحريم الأمرين ، وقد عدهما أصحابنا في الفقه من المعاصي الكبيرة ، وظاهرهما كون نفس الحالتين معصية محرمة فتحرم التسبيب لحدوثهما ، ويجب السعي في إزالتهما لو اتفق حصولهما بالتأمل والتفكر في مفاد النصوص الواردة فيه ، في الكتاب والسنة والعقل الحاكم بقبحهما بعد ملاحظة سعة رحمة الله تعالى وشمول عفوه وغفرانه ، وبعد التوجه إلى قدرته وسطوته وما يقتضيه ذنوب عباده ، ولو لم يقدر على التأمل في ذلك فعليه أن يراجع أهله من علماء الدين ورواة الأحاديث وحملة العلوم والمعارف الاسلامية ، وأطباء النفوس من علماء الأخلاق وغيرهم.

٢٠٥

وقد قال تعالى :( ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ) ،(١) وقال :( فلا تكن من الفانطين ...قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون ) (٢) ، وقال :( والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي ) ،(٣) وقال :( يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً ) ،(٤) وقال :( أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ) .(٥)

وروي : أن الله يبعث المقنطين يوم القيامة مغلّبة وجوههم ، يعني : غلبة السواد على البياض ، فيقال لهم : هؤلاء المقنطون من رحمة الله(٦) .

__________________

١ ـ يوسف : ٨٧.

٢ ـ الحجر : ٥٥ ـ ٥٦.

٣ ـ العنكبوت : ٢٣.

٤ ـ الزمر : ٥٣.

٥ ـ الأعراف : ٩٩.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٢ ، ص٥٥ وج٧٢ ، ص٣٣٨.

٢٠٦

الدرس التاسع والثلاثون

في الدنيا وحبها وذمها

هنا أمور : الأول : الدنيا في اللغه : اسم تفضيل مؤنث ادنى ، تستعمل تارة بمعنى : الأقرب زماناً أو مكاناً ، ويقابله الأبعد ، وأخرى بمعنى : الأرذل والأخس ، ويقابله الخير ، وثالثة بمعنى الأقل ويقابله : الأكثر. والكلمة تطلق بمعانيها على هذه الدنيا في مقابل الآخرة ، فإنها الأقرب وجوداً والأرذل جوهراً قيمةً ، والأقل كماً وكيفاً.

وقد استعمل في الكتاب الكريم في كل من المعاني.

والدنيا المصطلح عليها عند الشرع وأهله لها إطلاقات ثلاثة :

أحدها : الدنيا المستعملة مطلقة في مقابل الآخرة ، وهي : عبارة عن كل ما يرتبط بالانسان وله مساس به قبل موته في هذا العالم مما هو في داخل وجوده : كتصوراته وتصديقاته وأقواله وأفعاله ، ومما هو خارج عنه متأصلاً كان ، كمآكله وملابسه ومسكانه ، أو غير متأصل ، كمناصبه وولاياته ونحوها ، وتقابله الآخرة

٢٠٧

على نحو الاطلاق ، وهي : العالم المحيط به بعد موته.

وثانيها : الدنيا المذمومة ، وهي أخص من الأولى ، فإنها عبارة عنها ، أو عن بعض مصاديقها مع انطباق بعض العناوين عليها وعروض بعض الحالات والإضافات لها كما ستعرف.

وثالثها : الدنيا الممدوحة ، وسيأتي ذكرها في ضمن الروايات. والكلام هنا في القسم الثاني ، وهو : الدنيا التي نطق الكتاب الكريم بذمها وتحقيرها ، وحثت النصوص المتواترة على تركها والإعراض عنها. وهذا القسم يشمل جميع ما يتعلق بالانسان من تنعّماته وانتفاعاته ، وما يسعى في تحصيله من علومه وفنونه ومناصبه ، وما يحصله ويعده لنفسه من أمواله وأولاده وكل ما يملكه ويدخره لينتفع به ، كل ذلك إذا حصلت من الوجه المحرم ، أو كانت مقدمة للحرام ، أو لوحظت بنحو الاصالة في الحياة ، وكانت مبلغ علم الإنسان ومنتهى همته ، فتطلق على الحياة المقرونة بجميع ذلك والمشتملة عليها حياة الدنيا ، وعلى نفس تلك الأمور عرض الحياة وزينتها ومتاعها وحطامها وما أشبهها من التعابير القرآنية.

وظواهر الكتاب والسنة بعضها مسوق لبيان حال اشتغال الإنسان بها وذم حبها ، وتزينها في القلب ورضا الإنسان بها ، وطمأنينته إليها وإيثارها على الآخرة وابتغائها والفرح بها واستحبابها ، أي : ترجيحها على الآخرة والإشراف بها وكونها لعباً ولهواً وتفاخراً وتكاثراً ، وغير ذلك من التعابير الكاشفة عن حالات الإنسان ونفسياته المتعلقة بها والمذمومة في الشرع.

وبعضها مسوق لبيان ما يرجع إلى حال نفس أعراضها وأمتعتها. وأنها حقيرة صغيرة ، وأنها غرارة ملهية فانية زائلة ، وأنها تنفد ولا تبقى ، وأنها متاع قليل ، ونحو ذلك من التعابير ، فمن الطائفة الاولى قوله تعالى :( زين للناس حب

٢٠٨

الشهوات ) (١) أي : زين نفس شهوات الدنيا ومشتهياتها ، وقال :( زين للذين كفروا الحياة الدنيا ) (٢) أي : نفس الحياة أو ما يقارنها مما عرفت آنفاً ، وقال :( ومن كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء ) (٤) وقال :( ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها ) (٥) وقال :( ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها ) (٦) وقال :( وفرحوا بالحياة الدنيا ) (٧) وقال :( فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا ) (٨) وقال :( ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة ) (٩) وقال :( اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد ) (١٠) .

ومن الطائفة الثانية قوله :( فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل ) (١١) وقال تعالى في توضيح مشتهيات الدنيا من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث :( ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب ) (١٢) وقال :( وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما

__________________

١ ـ آل عمران : ١٤.

٢ ـ البقرة : ٢١٢.

٣ ـ آل عمران : ١٥٢.

٤ ـ الإسراء : ١٨.

٥ ـ الشورى : ٢٠.

٦ ـ يونس : ٧.

٧ ـ رعد : ٢٦.

٨ ـ النازعات : ٣٧ ـ ٣٨.

٩ ـ النحل : ١٠٧.

١٠ ـ الحديد : ٢٠.

١١ ـ التوبة : ٣٨.

١٢ ـ آل عمران : ١٤.

٢٠٩

عند الله خير ) (١) وغير ذلك من الآيات.

وورد في النصوص : أن حب الدنيا رأس كل خطيئة(٢) ، فالشقاء والشرور والخطايا والمفاسد كلها مطوية تحت عنوان الدنيا ، وذمائم الخصال ورذائلها محوية في صفة حبّها والميل إليها.

وأنه : ما فتح الله على عبد باباً من أمر الدنيا إلا فتح عليه من الحرص مثله. وأن(٣) من أصبح وأمسى والدنيا أكبر همه جعل الله الفقر بين عينيه(٤) ( أي : كلما صرف همه وعمره في تحصيلها زاده الله حرصاً وحاجة وفقرا ).

وأن : أبعد ما يكون العبد من الله إذا لم يهمه إلا بطنه وفرجه(٥) .

وأن : من كثر اشتباكه بالدنيا كان أشد لحسرته عند فراقها(٦) .

وأن للدنيا شعباً منها : الكبر ، وهو : أول ما عصى الله ، والحرص ، وهو : عصيان آدم وحواء ، والحسد وهو : معصية ابن آدم(٧) .

وأن الله قال : «جعلت الدنيا ملعونة ، ملعون ما فيها إلا ما كان فيها لي ، وأن عبادي زهدوا في الدنيا بقدر علمهم ، وسائر الناس رغبوا فيها بقدر جهلهم ، وما من أحد عظمها فقرت عينه فيها ولا يحقرها أحد إلا انتفع بها »(٨) .

( قال المجلسيقدس‌سره : قوله : ( ملعون ما فيها إلا ما كان فيها لي ) هذا معيار كامل

__________________

١ ـ القصص : ٦٠.

٢ ـ الخصال : ص٢٥ ـ المحجة البيضاء : ج٥ ، ص٣٥٣ ـ الوافي : ج٥ ، ص٨٨٩ ـ بحار الأنوار : ج٥١ ، ص٢٥٨ وج٧٨ ، ص٥٤.

٣ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣١٩ ـ الوافي : ج٥ ، ص٨٩٦ ـ بحار الأنوار ـ ج٧٣ ، ص١٦.

٤ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣١٩ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٧.

٥ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣١٩ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٣١٨ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٨.

٦ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣٢٠ ـ الوافي : ج٥ ، ص٨٩٧ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٥٤.

٧ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣١٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٩.

٨ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣١٧ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٢١.

٢١٠

للدنيا الملعونة وغيرها ، فكلما كان في الدنيا يوجب القرب إلى الله من المعارف والعلوم الحقة والطاعات ، وما يتوصل به إليها من المعيشة بقدر الضرورة والكفاف ، فهي من الآخرة وليست من الدنيا ، وكلما يصير سبباً للبعد عن الله والاشتغال عن ذكره ويلهي عن درجات الآخرة وكمالاتها ، وليس الغرض فيه القرب منه تعالى والوصول إلى رضاه ، فهي الدنيا الملعونة ـ انتهى. وقد عرفت من يؤيد ذلك.

وأن الشيطان يدبر ابن آدم في كل شيء ، فإذا أعياه جثم له عند المال فأخذ برقبته(١) . ( يدبر ، أي : يتعقبه ويمشي خلفه ، وأعياه ، أي : أعيا ابن آدم الشيطان ، وجثم له : لزم مكانه ، والمراد : أنه يقدر على إغوائه من جهة المال ).

وأن الدينار والدرهم أهلكا من كان قبلكم وهما مهلكاكم(٢) .

وأن مثل الحريص على الدنيا كمثل دودة القز كلما أزداد من القز على نفسها لفاً كان أبعد من الخروج حتى تموت غماً(٣) .

وأنه : ما ذئبان ضاريان في غنم بأفسد فيها من حب المال والشرف في دين المؤمن(٤) .

وأن من تعلق قلبه بالدنيا تعلق قلبه بثلاث خصال : هم لا يفنى ، وأمل لا يدرك ، ورجاء لا ينال(٥) .

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣١٥ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٢٢.

٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣١٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٢٣.

٣ ـ الكافي : ج٢ ص١٣٤ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٣١٨ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٢٣ و٦٨.

٤ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣١٥ ـ الوافي : ج٥ ، ص٨٤٣ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٢٧٩ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٢٤.

٥ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣٢٠ ـ الخصال : ص٨٨ ـ الوافي : ج٥ ، ص٨٩٧ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٢٤ وج٧٨ ، ص٢٥٠.

٢١١

وأن الدنيا دار فناء وزوال ، وأهل الدنيا أهل غفلة ، والمؤمنون هم الفقهاء ، أهل فكرة وعبرة ، لم يصمهم عن ذكر الله ما سمعوا ، ولم يعمهم ما رأوا من الزينة ، وأهل التقوى أيسر أهل الدنيا مؤونة وأكثرهم معونة ، قوالون بأمر الله ، قوامون على أمر الله(١) .

وأن الدنيا مدبرة والآخرة مقبلة ، ولكل واحدة منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ، ولا تكونوا من أبناء الدنيا(٢) .

وأن اليوم عمل ولا حساب ، والآخرة حساب ولا عمل(٣) .

وأن من اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات ، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات(٤) .

وأن من زهد في الدنيا أثبت الله الحكمة في قلبه ، وأنطق بها لسانه ، وبصّره عيوب الدنيا داءها ودواءها ، وأخرجه من الدنيا سالماً إلى دار السلام(٥) .

وأن الدنيا دار من لا دار له ، ومال من لا مال له ، ولها يجمع من لا عقل له ، وشهواتها يطلب من لا فهم له ، وعليها يعادي من لا علم له ، وعليها يحسد من لا فقه له ، ولها يسعى من لا يقين له(٦) .

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٣٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٣٦.

٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٣١ ـ المحجة البيضاء : ج٥ ، ص٣٦٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٣١٤ وج٧٣ ، ص٤٣.

٣ ـ كنز الفوائد : ج١ ، ص٢٧٩ ـ غر الحكم ودرر الكلم : ج٢ ، ص٥٠٣.

٤ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٥ ، ص٣٢٨ ـ المحجة البيضاء : ج٧ ، ص٢٨٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٧ ، ص١٧١.

٥ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٢٨ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٣١٠ ـ بحار الأنوار : ج٢ ، ص٣٣ وج٧٣ ، ص٤٨.

٦ ـ الوافي : ج١ ، ص٧٥ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٢٢.

٢١٢

وأنه : إذا أراد الله بعبد خيراً زهده في الدنيا وبصره عيوبها(١) .

وأنه إذا تخلى المؤمن من الدنيا سما ووجد حلاوة حب الله ، وكان عند أهل الدنيا كأنه قد خولط ، وإنما خالط القوم حلاوة حب الله(٢) .

وأن في طلب الدنيا إضراراً بالآخرة ، وفي طلب الآخرة إضراراً بالدنيا ، فأضروا بالدنيا فإنها أحق بالاضرار(٣) .

وأن ملكاً ينادي كل يوم ابن آدم لد للموت واجمع للفناء وابن للخراب(٤) .

وأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : مالي والدنيا ، إنما مثلي ومثلها كمثل راكب رفعت له شجرة في يوم صائف فقال تحتها ، ثم راح وتركها(٥) .

وأنه قال الله تعالى : يا موسى ، لا تركن إلى الدنيا ركون الظالمين ، ولو وكلتك إلى نفسك تنظر إليها ، إذاً لغلب عليك حب الدنيا وزهرتها ، واعلم : أن كل فتنة بدؤها حب الدنيا ولا تغبط أحداً بكثرة المال ، فإن مع كثرة المال تكثر الذنوب لواجب الحقوق ، ولا برضى الناس عنه حتى تعلم أن الله راض عنه ، ولا بطاعة الناس له فإن طاعة الناس على غير الحق هلاك له ولمن اتبعه(٦) .

وأن مثل الدنيا كمثل الحية ، ما ألين مسها وفي جوفها السم الناقع ، يحذرها الرجل العاقل ، ويهوى إليها الصبي الجاهل(٧) .

وأن من اتقى الله رفع عقله عن أهل الدنيا ، فبدنه مع أهل الدنيا وقلبه وعقله

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٣٠ ـ الوافي : ج٤ ، ص٣٩١ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٥٥.

٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٣٠ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٥٦.

٣ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٣١ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٦١.

٤ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٣١ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٦٤.

٥ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٣٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٦٨ ـ الأنوار النعمانية : ج٣ ، ص١٠٤.

٦ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٣٥ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٧٣.

٧ ـ نهج البلاغة : الحكمة ١١٩ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٦ ، ص١٣٨ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٣١٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٧٥.

٢١٣

يعاين الآخرة ، فقذر حرامها وجانب شبهاتها(١) .

وأن الدنيا كمثل ماء البحر كلما شرب منه العطشان ازداد عطشاً حتى يقتله(٢)

وأنه : لا تأسوا على ما فاتكم من الدنيا كما لا يأسى أهل الدنيا على ما فاتهم من دينهم إذا أصابوا دنياهم(٣) .

وأن الدنيا دار منى لها الفناء ، ولأهلها منها الجلاء(٤) .

وأن أغفل الناس من لم يتعظ بتغير الدنيا من حال إلى حال(٥) .

وأن أعظم الناس خطراً من لم يجعل للدنيا عنده خطراً(٦) .

وأن من رمى ببصره إلى ما في يدي غيره كثر همه ولم يشف غيظه ، ومن لم يعلم أن الله عليه نعمة إلا في مطعم أو ملبس فقد قصر عمله ودنا عذابه(٧) .

وأن كل شيء تصيب من الدنيا فوق قوتك فإنما أنت فيه خازن لغيرك(٨) .

وأنه : ما الدنيا والآخرة إلا ككفتي الميزان ، فأيهما رحج ذهب بالآخر(٩) .

وأنه : ما أعطي أحد منها حفنة إلا أعطي من الحرص مثليها ، وما تعب أولياء الله في الدنيا للدنيا ، بل تعبوا في الدنيا للآخرة(١٠) .

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٣٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٧٥.

٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٣٦ ـ المحجة البيضاء : ج٥ ، ص٣٦٧.

٣ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٣٧ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٨٠.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٢ ، ص٦٨ وج٧٣ ، ص١١٩.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٢٤ وج٧٣ ، ص٨٨.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٨٨ ـ نزهة الناظر : ص٩٤.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٨٩ ـ دار السلام : ج٤ ، ص٢٠٨.

٨ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٩٠.

٩ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٩٢.

١٠ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٩٢ و٩٣.

٢١٤

وقال المسيحعليه‌السلام : إنما الدنيا قنطرة ، فاعبروها ولا تعمروها(١) .

وأنه : من يئس مما فات أراح بدنه ، ومن قنع بما أوتي قرت عينه(٢)

وأنه : ما تنالون في الدنيا نعمة تفرحون بها إلا بفراق أخرى تكرهونها ، إنا خلقنا للبقاء لا للفناء ، ولكنكم من دار تنقلون ، فتزودوا لما أنتم صائرون إليه ، حيها بعرض موت وصحيحها بعرض سقم ، وملكها مسلوب ، وعزيزها مغلوب(٣) .

وأن من صفت له دنياه فإتهمه في دينه(٤) .

وأن أكثر الناس شبعاً في الدنيا أكثرهم جوعاً في الآخرة(٥) .

وأنها سجن المؤمن وجنة الكافر(٦) .

وأنه : خذ من حياتك لموتك ، ومن صحتك لسقمك ، فإنه لا تدري ما اسمك غداً(٧) .

وأنها فناء وعناء ، وعبر وغير(٨) .

وأنه : كان مكتوباً في لوح اليتيمين : عجبت لمن يرى الدنيا وتصرف أهلها حالاً بعد حال كيف يطمئن إليها؟!(٩)

__________________

١ ـ المحجة البيضاء : ج٦ ، ص١٢ ـ بحار الأنوار : ج١٤ ، ص٣١٩ وج٧٣ ، ص١١٩.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٩٤.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٩٦٦ و٩٧.

٤ ـ الأمالي : ج١ ، ص٢٨٦ ـ وسائل الشيعة : ج٢ ، ص٩١٠ وج٨ ، ص٤٨٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٩٨.

٥ ـ الأمالي : ج١ ، ص٣٥٦ ـ وسائل الشيعة : ج١٦ ، ص٤٠٩ وج١٧ ، ص١٤ ـ بحار الأنوار : ج٦٦ ، ص٣٣٣ وج٧٣ ، ص٩٩.

٦ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٣١٦ ـ بحار الأنوار : ج٦٧ ، ص٨٠ وج٦٨ ، ص٢٢١ ـ مرآة العقول : ج٧ ، ص٣.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٩٩.

٨ ـ الأمالي : ج٢ ، ص٥٨ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٩٩ وج٧٨ ، ص٢٢.

٩ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٩٤ و١٠٢.

٢١٥

وأنه : لا يجد ريح الجنة جعظري ، وهو : الذي لا يشبع من الدنيا(١) .

وأن الكاظم ٧ قال عند رؤية قبر : إن شيئاً كان هذا آخره لحقيق أن يزهد في أوله. وإن شيئاً هذا أوله لحقيق أن يخاف آخره(٢) .

وأن من عرضت له دنيا وآخرة فاختار الدنيا على الآخرة لقي الله يوم القيامة وليست له حسنة يتقي بها النار(٣) .

وأن المسجون : من سجنته دنياه عن آخرته(٤) .

وأن آخر نبي يدخل الجنة سليمان بن داودعليه‌السلام ، وذلك لما أعطي في الدنيا(٥) .

وأنها قد أصبحت كالعروس المجلوة ، والقلوب إليها تائقة ، وهي لأزواجها كلهم قاتلة ، فلا الباقي بالماضي معتبر ، ولا الآخر بسوء أثرها على الأول مزدجر ، ولا اللبيب فيها بالتجارب منتفع ، والناس لها طالبان : طالب ظفر بها فاغتر ، وآخر لم يظفر بحاجته ففارقها بغرته وأسفه ، فارتحلا جميعاً بغير زاد ، والسار فيها غار ، والنافع فيها ضار ، ولو كان خالقها لم يخبر عنها ولم يأمر بالزهد عنها لكانت وقائعها وفجائعها قد أنبهت النائم ، وكيف وقد جاء عنها من الله زاجر؟! وقد صغرها الله أن يجعل خيرها ثواباً للمطيعين وعقوبتها عقاباً للعاصين(٦) .

ومما يدل على دناءتها : أن الله زواها عن أوليائه اختياراً ، وبسطها لأعدائه اختباراً ، والله لو أنها كانت سهل المنال بلا تعب ونصب غير أن ما أخذ منها لزمه

__________________

١ ـ الصافي : ج٥ ، ص٢١٠ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٠٣.

٢ ـ معاني الأخبار : ص٣٤٣ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٣١٥ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٠٣ وج٧٨ ص٣٢٠.

٣ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٢٨٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٠٣.

٤ ـ الوافي : ج٤ ، ص٢٦ ـ بحار الأنوار : ج٦٧ ، ص٨١ وج٧٣ ، ص١٠٥ ـ مرآة العقول : ج٧ ، ص٣.

٥ ـ بحار الأنوار : ج١٤ ، ص٧٤ وج٧٣ ، ص١٠٧.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٠٨ إلى ١١٠.

٢١٦

حق الله والشكر عليه والمحاسبة به ، لكان يحق على العاقل أن لا يتناول منها إلا قوته خوفاً من السؤال والعجز عن الشكر ، فكيف بمن تجشم في طلبها؟(١)

وأنه : أنزل الساعة الماضية من الدنيا والساعة التي أنت فيها منزلة الضيفين نزلا بك فظعن الراحل عنك بذّمة إياك فإحسانك إلى الثاوي يمحو إساءتك إلى الماضي(٢) .

وأنه : ما الدنيا في جنب الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه في اليم فلينظر بم يرجع؟(٣) .

وأن الدنيا دار ما أخذه الناس منها لها ، أخرجوا منها وحوسبوا عليه ، وما أخذوه منها لغيرها قدموا عليه وأقاموا فيه(٤) .

وأن من أبصر بها بصرته ، ومن أبصر إليها أعمته(٥) .

وأن حلاوة الدنيا مرارة الآخرة ، ومرارة الآخرة حلاوة الدنيا(٦) .

وأنه : لا خير في الدنيا إلا لأحد رجلين : رجل يزداد كل يوم إحساناً ، ورجل يتدراك سيّئته بتوبةٍ(٧) .

وأن مثل الدنيا والآخرة كمثل رجل له ضرتان ، إن أرضى إحداهما أسخطت الأخرى(٨) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١١٠ و١١١.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١١٢.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١١٩.

٤ ـ نفس المصدر السابق.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٢٠ ـ مجمع البحرين : ج٣ ، ص٢٢٥.

٦ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٢٥١ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٣ ، ص٣٩٨ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١١٩ وج٨٢ ، ص١٤٤.

٧ ـ الخصال : ص٤١ ـ بحار الأنوار : ج٢ ، ص٢٦٣ وج٢٧ ، ص١٦٧ ـ نور الثقلين : ج٢ ، ص٢٦١.

٨ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٢٢.

٢١٧

وأنهما عدوّان متفاوتان فمن أحب الدنيا أبغض الآخرة وأنّهما بمنزلة المشرق والمغرب والماشي بينهما كلما قرب من واحد بعد من الآخر(١) .

وأنها دار هانت على ربها ، فخلط خيرها بشرها وحلوها بمرها لم يرضها لأوليائه ولم يضنّ بها على أعدائه(٢) .

وأن يومك جملك ، إذا أخذت برأسه أتاك ذنبه(٣) .

وأنه لا تدخل في الدنيا دخولاً يضر بآخرتك ، ولا تتركها تركاً تكون كلاً على الناس(٤) .

وأن من ازداد في الله علماً وازداد للدنيا حبّاً ازداد من الله بعداً ، وازداد الله عليه غضباً(٥) .

وأن قوله تعالى :( إن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون ) (٦) أكثر من ثلثي الناس(٧) .

وأن الله يعطيها من يحب ويبغض ولا يعطى دينه إلا من يحب(٨) .

وأن أهلها كركب يسار بهم وهم نيام(٩) .

وأنها دار ممر إلى دار مقر(١٠) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٢٩.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٢٣.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٢٤.

٤ ـ نفس المصدر السابق.

٥ ـ نفس المصدر السابق.

٦ ـ التوبة : ٥٨ .

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٢٥.

٨ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٢٧.

٩ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٦٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٢٨.

١٠ ـ نهج البلاغة : الحكمة ١٣٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٣٠.

٢١٨

وأن الناس أبناء الدنيا ، ولا يلام الرجل على حب أمه(١) .

وأن من هوانها على الله أن لا يعصى إلا فيها ، ولا ينال ما عنده إلا بتركها(٢) .

وأنها خلقت لغيرها ولم تخلق لنفسها(٣) .

وأن في حلالها حساب وفي حرامها عقاب(٤) .

وأن ابليس خاطب الدرهم والدينار وقال : ما أبالى من بني آدم إذا أحبوكما أن لا يعبدوا وثناً ، حسبي من بني آدم أن يحبوكما(٥) .

وأما الدنيا الممدوحة التي يمكن سلب اسم الدنيا عنها فقد عرفت أنها كلما كان من هذه الدنيا لله تعالى ، وفي طريق الوصول إلى رضاه ، ولازم ذلك أن لا يكون تحصيله وحفظه وصرفه والانتفاع به إلا عن طريق سوّغه الشرع وأباحه أو أحبه وندب إليه.

فقد ورد : أنه : قيل للصادقعليه‌السلام : إنا لنحب الدنيا ، فقال : تصنع بها ماذا؟ قال أتزوج منها وأحج بها وأنفق على عيالي وأنيل أخواني وأتصدق ، قال لي : ليس هذا من الدنيا ، هذا من الآخرة(٦) .

وأن قوله تعالى :( ولنعم دار المتقين ) (٧) أريد به الدنيا(٨) .

__________________

١ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٢ ، ص٦٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٣١.

٢ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٣٨٥ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٢ ، ص٦٢٥ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٣٢.

٣ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٤٦٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٣٣.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٨ ، ص٢٣ و٣٧.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٣٧.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٢٨.

٧ ـ النحل : ٣٠.

٨ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٠٧.

٢١٩

وأنه : نعم العون : الدنيا على الآخرة(١) .

وأن الدنيا ثلاثة أيام يوم مضى بما فيه ، ويوم أنت فيه ، ويوم لا تدري أنت من أهله. أما اليوم الماضي فحكيم مؤدب ، وأما اليوم الذي أنت فيه فصديق مودع ، وأما غداً فإنما في يديك منه الأمل(٢) .

وأن من المأثور عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أن الدنيا دار غنى لمن تزود منها ، مسجد أنبياء الله ، ومهبط وحيه ، ومسكن أحبائه ، ومتجر أوليائه ، إكتسبوا فيها الرحمة وربحوا منها الجنة ، فمن ذا يذم الدنيا وقد نادت بانقطاعها ومثّلث ببلائها البلاء وشوقت بسرورها إلى السرور. أيها المغرور بغرورها : متى غرتك بنفسها ، أبمصارع آبائك ، أم بمضاجع أمهاتك(٣) . والكلام الشريف طويل ، أخذنا منه شيئاً قليلاً روماً للإختصار.

__________________

١ ـ الكافي : ج٥ ، ص٧٢ ـ من لا يحضره الفقيه : ج٣ ، ص١٥٦ ـ وسائل الشيعة : ج١٢ ، ص١٧ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٢٧.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١١١ و١١٢ ـ مستدرك الوسائل : ج١٢ ، ص١٤٩.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٠٠.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279