دروس في الاخلاق

دروس في الاخلاق0%

دروس في الاخلاق مؤلف:
الناشر: نشر الهادي
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 279

دروس في الاخلاق

مؤلف: الشيخ علي المشكيني
الناشر: نشر الهادي
تصنيف:

الصفحات: 279
المشاهدات: 66607
تحميل: 6518

توضيحات:

دروس في الاخلاق
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 279 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 66607 / تحميل: 6518
الحجم الحجم الحجم
دروس في الاخلاق

دروس في الاخلاق

مؤلف:
الناشر: نشر الهادي
العربية

كونها أصنافاً كثيرة مختلفة المراتب كجنود السلاطين ، والاختلاف هنا من حيث استعداد الذات ومختلف الصفات. فالمتجانس والمتشابه منها في الأوصاف يميل بعضها إلى بعض ، والمتخالف فيها يتباعد ويتباغض ، قال تعالى :( الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات ) (١) .

وفي الحديث في أوصافها : «إن الروح حياتها علمها ، وموتها جهلها ، ومرضها شكها ، وصحتها يقينها ، ونومها غفلتها ، ويقظتها حفظها »(٢) .

وفيه أيضاً : « ألناس معادن كمعادن الذهب والفضة »(٣) أي : كما أن أجناس المعادن مختلفة في الصفات والخواص والآثار وبها تختلف قيمتها ورغبات الناس فيها فكذلك أرواح الناس فهم مختلفون في الصفات والحالات والملكات تتجلى أنوار الطيبات منها من أفق الأبدان وتظهر ثمراتها من أفنان الأعضاء. وتترائي كدورة الخبائث منها وظلماتها من وراء الأقوال والأفعال.

الأمر السابع : قال الصدوقرحمه‌الله : اعتقادنا في الروح أنها خلقت للبقاء لا للفناء ، لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما خلقتم للفناء ، بل خلقتم للبقاء ، وإنما تنقلون من دار إلى دار »(٤) . واعتقادنا فيها أنها إذا فارقت الأبدان فهي باقية ، منها منعمة ومنها معذبة إلى أن يردها الله إلى أبدانها ، قال الله تعالى :( ولا

__________________

١ ـ النور : ٢٦.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٦١ ، ص٤٠.

٣ ـ بحار الأنوار : ج ٦١ ، ص ٦٥ ـ مرآة العقول : ج٩ ، ص ٢٥ ـ من لا يحضره الفقيه : ج ٤ ، ص ٣٨٠.

٤ ـ بحار الأنوار : ج ٦ ، ص ٢٤٩.

٢١

تحسبن الذين ...) .

وقال المفيدرحمه‌الله ما حاصله : إن الأرواح بعد الأجساد على ضربين : منها ما ينقل إلى الثواب أو العقاب ، ومنها ما يبطل فلا يشعر بثواب ولا عقاب. وقد روي عن الصادقعليه‌السلام ما ذكرنا ، وسئل عمن مات أين تكون روحه؟ فقالعليه‌السلام : «من مات وهو ماحض للايمان محضاً يجعل في جنان من جنان الله ، يتنعم فيها إلى يوم المآب »(١) .

وشاهد ذلك ما حكاه الله تعالى عن قول حبيب النجار بمجرد قتله ودخوله في عالم البرزخ :( قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين ) (٢) ومن ماحض الكفر محضاً يجعل في النار فيعذب بها إلى يوم القيامة ، وشاهد ذلك قوله تعالى في آل فرعون بعد أن أهلكهم الله :( النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب ) (٣) والغدو والعشي من شؤون برزخ الدنيا. وقال تعالى في الضرب الاخر :( إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوماً ) (٤) . فبين أن قوماً عند الحشر لا يعلمون مقدار لبثهم في القبور حتى يظن بعضهم أن ذلك كان يوماً ، ولا يمكن ذلك في حق من لم يزل منعماً ، أو لم يزل معذباً إلى يوم القيامة.

وهل المنعم والمعذب بعد الموت ، الروح أو الجسد الذي فيه الحياة؟ الأظهر عندي أنه الجوهر المخاطب ، وهو الروح التي توجه اليها

__________________

١ ـ بحار الانوار : ج ٦١ ، ص ٨١.

٢ ـ يس : ٢٦.

٣ ـ غافر : ٤٦.

٤ ـ طه : ١٠٤.

٢٢

الأمر والنهي والتكليف. فيجعل الله للأرواح أجساماً كأجسامهم في دار الدنيا ، ينعم مؤمنيهم ويعذب كفارهم وفساقهم دون أجسامهم التي في القبور يشاهدها الناظرون وتتفرق وتندرس. وهذا مذهبي في النفس ، ومعنى الإنسان المكلف عندي ، ولا أعلم بيني وبين فقهاء الامامية وأصحاب الحديث فيه اختلافاً ، انتهى.

وقال المحقق الطوسي فيما يشير إليه الإنسان بقوله : أنا : ( فيكون جوهراً عالماً والبدن وسائر الجوارح آلاته في أفعاله ، ونحن نسميه هاهنا : الروح ).

الأمر الثامن : النفس سلطان الجوارح ، وتسلطها عليها من أنفذ السلطات ، فبإرادتها تتحرك الأعظاء وتسكن. ولا تخلف لإرادتها عن وقوع المراد ، وهذا من أحسن أمثلة تسلط الرب تعالى على خلقه ونفوذ مشيئته فيما شاء وأراد ، وإن كان بينهما فرق واضح فإن النفس فضلاً عن تسلطها ، حادثة. ووجودها مفاض من إرادة الرب ، وأنه قد يحدث للأعضاء خلل ونقص لا يؤثر فيها إرادة النفس ، ولا يكون ذلك في إرادة الله ، وبهذه الملاحظة أطلق على النفس والقلب : إمام الأعضاء ومرجعها وهاديها ورئيسها المتولي لأمرها.

ففي مباحثة هشام بن الحكم مع عمرو بن عبيد التي نقلها للصادقعليه‌السلام فأمضاها وأقسم بالله تعالى على كونها مكتوبة في صحف إبراهيم وموسى : ( قال : قلت له : ألك قلب؟ قال : نعم ، قلت : وما تصنع به؟ قال : أميز كل ما ورد على هذه الجوارح. قلت : أفليس في هذه الجوارح

٢٣

غنيً عن القلب؟ قال : لا ، قلت : وكيف ذلك وهي صحيحة سليمة؟ قال : يا بني ، إن الجوارح إذا شكت في شيء شمته أو رأته أو ذاقته أو سمعته أو لمسته ردته إلى القلب فييقن اليقين ويبطل الشك ، قلت : إنما أقام الله القلب لشك الجوارح؟ قال : نعم ، قلت : فلا بد من القلب وإلا لم يستقم الجوارح قال : نعم ، فقلت : يا أبا مروان ، إن الله لم يترك جوارحك حتى جعل لها إماماً يصحح لهم الصحيح وييقن ما شك فيه ويترك هذا الخلق كلهم في حيرتهم وشكهم واختلافهم لا يقيم لهم إماماً يردون إليهم شكهم وحيرتهم. قال : فسكت ولم يقل شيئاً )(١) .

وفي خبر إبن سنان : (إعلم : أن منزلة القلب من الجسد بمنزلة الإمام من الناس الواجب الطاعة عليهم ، ألا ترى أن جميع جوارح الجسد شرط للقلب وتراجمة له مؤدية عنه )(٢) . الشرط كصرد جمع شرطة : أعوان الولاة.

وفي توحيد المفضل : (فكر يا مفضل في الأفعال التي جعلت في الإنسان من الطعم والنوم والجماع وما دبر فيها ، فإنه جعل لكل واحدٍ منها في انطباع نفسه محرك يقتضيه ويستحث به ، وقال : فانظر كيف جعل لكل واح من هذه الأفعال التي بها قوام الإنسان وصلاحه محرك من نفس الطبع يحركه كذلك ويحدوه عليه )(٣) ويحدوه أي : يحثه ويحركه.

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : (سبحان الذي جمع من حزن الأرض وسهلها وعذبها وسبخها فمثلت إنساناً ذا أذهان يجيلها ، وفكر يتصرف بها ، وجوارح

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج ٦١ ، ص ٢٤٩.

٢ ـ علل الشرايع : ص ١٠٩ ـ بحار الأنوار : ج ٦١ ، ص٢٤٩ ـ ج٧٠ ، ص ٢٥٥.

٣ ـ توحيد المفضل : ص٧٥ ـ بحار الأنوار : ج٦١ ، ص٢٥٥.

٢٤

يختدمها وأدوات يقلبها ، ومعرفةٍ يفرق بها بين الحق والباطل ، والأذواق والمشام والألوان والأجناس )(١) .

ووصف عليعليه‌السلام في نهج البلاغة قلب الإنسان وروحه بأن له مواد من الحكمة وأضداد من خلافها ، فإن سنح له الرجاء أذله الطمع ، وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص ، وإن ملكه اليأس قتله الأسف ، وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ ، وإن أسعده الرضا نسي التحفظ ، وإن غاله الخوف شغله الحذر ، وإن اتسع له الأمن استلبته الغرة ، وإن أفاد مالاً أطغاه الغنى ـ(٢) الخ ـ.

ثم إنه لا يخفى عليك أن الكلام في تشريح حقيقة الإنسان والنفس والروح رفيع المرقى صعب المنال ، والأقوال ـ في كيفية خلقه وتكوينه بجسمه وبدنه فضلاً عن روحه ونفسه وأن روحه مخلوقة قبل الأبدان بألفي عام أو أقل أو أكثر كما ورد بذلك نصوص كثيرة ، أو أنها مخلوقة من الأبدان ومكونة عنها كما أشرنا إليه ـ كثيرة مختلفة ، بل قد تنتهي إلى عشرة أو أكثر ، ولم يكن البحث في ذلك من أغراض هذا الكتاب. وكان ما ذكرنا من الآيات والنصوص وبعض الأقوال في ذلك إيضاحاً إجمالياً بالمقدار الميسور لموضوع علم الأخلاق وموضوع البحث.

__________________

١ ـ نهج البلاغة : الخطبة ١.

٢ ـ نهج البلاغة : الحكمة ١٠٨.

٢٥

 

٢٦

الدرس الأول

في بيان مما يدل على صلاح القلب وفساده

وليعلم أولاً : أن المقصد الأعلى والغرض الأسمى في هذا العلم السعي في إصلاح القلب وإكماله ، وتطهيره وتزكيته عن ذمائم الصفات ، وتزيينه وتحليته لفضائل السجايا وفواضل الملكات ، ليستعد على الاستفاضة من إنارة الألطاف الرحمانية وإضافة المعارف الالهية من حضرة ذي الجلال. فبالقلب شرف الإنسان وبه فضيلته على كثير من الخلق ، وبه ينال معرفة ربه التي هي في الدنيا شرفه وجماله ، وفي الآخرة مقامه وكماله. فالقلب هو العالم بالله ، والعامل لله ، والساعي إلى الله ، والمتقرب إلى جوار الله ، والجوارح أتباع وخدم يستعملها استعمال الملك للعبيد والصانع للآلة.

والقلب هو المقبول عند الله إذا سلم من الآفات ، والمحجوب عن الله تعالى إذا استغرق في الشهوات وهو الذي يفلح الإنسان إذا زكاه ويخيب ويشقى إذا دساه وهو المطيع لله على الحقيقة والمشرق على الجوارح أنواره وهو العاصي في الواقع

٢٧

والظاهر على الأعضاء آثاره وباستنارته وظلمته تظهر محاسن الظن ومساويه ، إذا كل إناء يترشح بما فيه.

وهو الذي إذا عرفه الإنسان فقد عرف نفسه ، وإذا عرف نفسه فقد عرف ربه ، وإذا جهله جهل نفسه ، واذا جهل نفسه فقد جهل ربه.

وهو الذي جهله أكثر الناس وغفلوا عن عرفانه ، وحيل بينهم وبينه بمعاصيهم والحائل هو الله ، فإنه يحول بين المرء وقلبه ، وينسى الإنسان نفسه ويضله ولا يهديه. ولا يوفقه لمشاهدته ومراقبته ومعرفة صفاته ، فمعرفة القلب وأحواله وأوصافه أصل الأخلاق وأساس طريق الكمال.

والقلب لطيفة ربانية روحانية لها تعلق بالبدن شبه تعلق الأعراض بالأجسام ، أو تعلق المستعمل بالآلة ، أو المكين بالمكان.

والروح أيضاً عبارة عن هذه اللطيفة الربانية العالمة المدركة ، وهو أمر عجيب رباني يعجز العقول عن إدراك كنهه.

والنفس أيضاً هي اللطيفة المذكورة ، وهي الإنسان في الحقيقة ، وتتصف بأوصاف مختلفة بحسب أحوالها ، فإذا سكنت تحت أمر الله وزال عنها الاضطراب لثقتها بالله ولم تتزلزل ولم تضطرب ولم تنحرف عن سبيل الله وطريق الحق عند معارضة الشهوات سميت بـ « النفس المطمئنة ». وإذا لم يتم سكونها ولكن كانت مدافعة عن نفسها معارضة مع ما تقتضيه شهواتها سميت بـ « النفس اللوامة ». وإن أذعنت وأطاعت للشهوات ودواعي الهوى والشياطين سميت بـ « النفس الأمارة بالسوء ».

ثم إن طريق تسلط الشيطان على القلب : الحواس الخمس الظاهرة والقوى الباطنة : كالخيال والشهوة والغضب. فالقلب يتأثر دائماً من هذه الجهات ، وأخص

٢٨

الآثار الحاصلة في القلب هي الخواطر ، والخواطر هي المحركات للإرادات ، فإن سند الأفعال الخواطر ، والخاطر يحرك الرغبة ، والرغبة تحرك العزم والنية ، والنية هي الإرادة التي تحرك العضلات والأعضاء.

والخواطر المحركة قسمان : قسم يدعوا إلى الخير ، وهو ما ينفع الإنسان في العاقبة ، وقسم يدعوا إلى الشر وهو ما يضره في العاقبة ، والخاطر المحمود إلهام ، والمذموم وسوسة ، وسبب الخاطر الداعي إلى الخير في الغالب هو الملك ، وإلى الشر هو الشيطان.

والملك خلق من خلق الله ، شأنه إفاضة الخير وإفادة العلم وكشف الحق والوعد بالمعروف. والشيطان خلق على ضد ذلك. شأنه الوعد بالشر والأمر بالفحشاء ، والتخويف بالفقر عند الهم بالخير ، ولعل المقام من مصاديق قوله تعالى :( ومن كل شيء خلقنا زوجين ) (١) فإن الموجودات متقابلة مزدوجة بمعان مختلفة. وقد ورد أنه للقلب لمتان : لمة من الملك ولمة من الشيطان ، واللمة : الخطوة والدنو والمساس. وورد أيضاً : إن قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمان(٢) ، أي : بين خلقين مقهورين بإرادة الله التكوينية كالإصبع من صاحبها وهما : الملك والشيطان ومعنى كونه بينهما أن الله يخلي بينه وبين أي منهما أراد حسب اقتضاء عمل الإنسان ورغبته ودعائه.

ثم إن القلب بأصل الفطرة صالح مستعد لقبول دعوات الملك والشيطان ويترجح أحدهما على الآخر باتباع الهوى والشهوات أو الإعراض عنها والميل إلى الطاعات ، فإن اتبع الإنسان مقتضى الأول تسلط عليه الشيطان وصار القلب عشاً له ، وصار صاحبه ممن باض الشيطان وفّرح في صدره ودب ودرج في حجره. وإن

__________________

١ ـ الذاريات : ٥١.

٢ ـ المحجة البيضاء : ج٥ ، ص ٨٥ ـ بحار الانور : ج ٧٠ ، ص ٣٩ ـ مرآة العقول : ج ١٠ ، ص ٣٩٤.

٢٩

جاهد في مخالفة الشهوات كان قلبه مستقر الملائكة ومهبطهم وعاد صاحبه ممن سبقت له من الله الحسنى ، وقد قال تعالى :( وقل رب أعوذ من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون ) (١) .

وذكرنا هذا ليسهل عليك فهم ما سوف نذكره من الأحاديث المقصودة واستفدنا ذلك من كلمات بعض المحققين على ما نقله عنه الفاضل المجلسيقدس‌سره في جعليه‌السلام ٠ من البحار.

وأما النصوص الواردة في بيان القلب وحالاته فعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : «في الإنسان مضغة إذا هي سلمت وصحت سلم بها سائر الجسد ، فإذا سقمت سقم لها سائر الجسد وفسد ، وهي القلب »(٢) . والمراد بالقلب : الروح الإنساني التي لها تعلق خاص بالقلب الصنوبري ، والمراد من صحتها : حصول صفة التسليم لها ، ومن مرضها : عروض الطغيان عليها ، وسلامة سائر الجسد عدم صدور المعاصي منه ، وسقمه صدورها عنه. وهذا هو المراد من قولهعليه‌السلام :« إذا طاب قلب المرء طاب جسده ، وإذا خبث القلب خبث الجسد »(٣) . وكذا من قول عليعليه‌السلام : «أشد من مرض البدن مرض القلب ، وأفضل من صحة البدن تقوى القلوب »(٤) .

وفي صحيح أبان عن الصادقعليه‌السلام : «ما من مؤمن إلا لقلبه أذنان في جوفه : أذن ينفث فيها الوسواس الخناس ، وأذن ينفث فيها الملك ، فيؤيد الله المؤمن بالملك وذلك قوله : وأيدهم بروح منه »(٥) . وورد في النصوص : أن للقلب أذنين ، فإذا هم العبد

__________________

١ ـ المؤمنون : ٩٧ ـ ٩٨.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص ٥٠ ـ الخصال ص٣١.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٥٠ ـ الخصال ص ٣١ ـ نور الثقلين : ج٣ ، ص ٥٨٥.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٥١.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٦٣ ، ص١٩٤ ـ ج٦٩ ، ص٢٦٧ ـ ج٧٠ ، ص٤٨ ـ الكافي : ج ٢ ، ص ٢٦٧ ـ مرآة العقول : ج٩ ، ص٣٩٢ ـ نور الثقلين : ج٥ ، ص٢٦٩.

٣٠

بذنب قال له روح الإيمان : لا تفعل ، وقال له الشيطان : إفعل(١) .

وأن بعض القلوب منكوس لا يعي الخير أبداً ، وبعضها فيه الخير والشر يعتلجان ، وبعضها مفتوح فيه مصباح يزهر ولا يطفأ نوره(٢) .

وأن من علائم الشقاء قسوة القلب والحرص على الدنيا والإصرار على الذنب وجمود العين(٣) .

وأنه إذا أراد الله بعبد خيراً فتح عيني قلبه فأبصر بهما الغيب وأمر آخرته وإذا أراد غير ذلك ترك القلب بما فيه(٤) .

وأن للقلب أذنين ، الملك وروح الإيمان يساره ويأمره بالخير ، والشيطان يساره ويأمره بالشر ، فأيهما ظهر على صاحبه غلب(٥) .

وأن قلوب المؤمنين مطوية بالأيمان طياً ، فإذا أراد الله إنارة ما فيها فتحها بالوحي(٦) .

وأن الخطيئة أفسد شيء للقلب. فما تزال به حتى تجعله منكوساً(٧) .

وأنه ما جفت الدموع إلا لقسوة القلوب ، وما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب(٨) .

وأن للقلب إعراباً كالحروف ، فرفع القلب اشتغاله بذكر الله ، وفتحه رضاه

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٤٤.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص ٥١.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٥٢.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص ٥٣.

٥ ـ نفس المصدر السابق.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٥٤.

٧ ـ نفس المصدر السابق.

٨ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٥٥.

٣١

عن الله ، وخفضه اشتغاله بغير الله ، ووقفه غفلته عن الله(١) .

وأن لله في عباده آنية وهو القلب ، فأحبها إليه أصفاها وأصلبها وأرقها أصفاها من الذنوب وأصلبها في دين الله وأرقها على الأخوان(٢) .

وأن القلوب مرة يصعب عليها الأمر فتحب الدنيا ، ومرة يسهل فترق وتسلوا عن الدنيا ويحقر عنده ما في أيدي الناس من الأموال حتى كأنها تعاين الآخرة والجنة والنار(٣) .

وأنه لو دامت على هذه الحالة لصافحت الملائكة ومشت على الماء(٤) .

وأن للقلب اضطراباً عند طلب الحق وخوفاً ، فإذا أصابه اطمأن به ، فإن من يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام. ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء(٥) .

وأن الله يحول بين المرء وقلبه ، والحيلولة : أن لا يأتي بشيء مما يشتيهيه من الحرام إلا وهو ينكره ويعلم أن ذلك باطل ، ولا يستيقن أن الحق باطل أبداً ، ولا يستيقن أن الباطل حق أبداً(٦) .

وأن لله خزانة أعظم من العرش وأوسع من الكرسي وأطيب من الجنة وهي القلب(٧) .

 وأنه يأتي عليه تارات أو ساعات ليس فيه إيمان ولا كفر شبه الخرقة

__________________

١ ـ نفس المصدر السابق.

٢ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص٥٦.

٣ ـ نفس المصدر السابق.

٤ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص٥٧.

٥ ـ نفس المصدر السابق.

٦ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص٥٨.

٧ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص٥٩.

٣٢

البالية(١) .

وأن قلب المؤمن أجرد فيه سراج يزهر(٢) .

وأن القلب السليم هو الذي يلقى ربه وليس فيه أحد سواه(٣) .

وأنه لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى الملكوت(٤) .

وأنه إذا نشطت القلوب فأودعوها ، وإذا نفرت فودعوها(٥) ، فإنه إذا أكره عمى(٦) .

__________________

١ ـ نفس المصدر السابق.

٢ ـ نفس المصدر السابق.

٣ ـ نفس المصدر السابق.

٤ ـ نفس المصدر السابق.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٦٠.

٦ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص٦١.

٣٣

٣٤

الدرس الثاني

في محاسبة النفس ومراقبتها

قال تعالى :( ولتنظر نفس ما قدمت لغدٍ ) .(١) المخاطب المأمور ، هو الإنسان أمر بالنظر إلى أعماله التي تحصّلها وتقدمها أمامه لآخرته ، ولازمه النظر إلى من تصدر عنه الأعمال ومعرفته وهو نفسه أيضاً ، فالناظر : النفس باعتبار قوتها العاقلة المدركة المميزة بين الحق والباطل ، الداعية إلى الصلاح والسعادة ، والمنظور إليه أيضاً ذاتها باعتبار صفاتها وغرائزها الداعية إلى الانحراف عن الحق واتباع الهوى والشهوات ، والأمر للارشاد ، فأرشد الله تعالى نفس كل إنسان إلى النظر في نفسها وما هي عليه من العقائد والملكات والأعمال ، فإن جميع ذلك مما يقدمه الإنسان لآخرته ، إيماناً أو كفراً ، فضيلة أو رذيلة ، طاعة أو عصياناً ، والجامع لجميعها سعادة أو شقاوة ، ولا يكون النظر إلا ممن عرف ذلك كله ، أصولها وفروعها ، وعلم بما هو النفس واجدة له أو فاقدة ، وهذه هي المحاسبة للنفس ، وتنتج ذلك القيام بإصلاحها

__________________

١ ـ الحشر : ١٨.

٣٥

وسوقها إلى مراحل تهذيبها.

والنصوص أيضاً في هذه الباب كثيرة. فقد ورد : أن العلم الذي طلبه فريضة على كل مسلم ومسلمة هو علم الأنفس(١) .

وأنه على العاقل أن يكون له ساعة يحاسب فيها نفسه(٢) .

وأنه لا يزال ابن آدم بخير ما كان له واعظ من نفسه وما كانت المحاسبة من همه(٣) .

وأن من لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوى(٤) .

وأن من رعى قلبه عن الغفلة ونفسه عن الشهوة وعقله عن الجهل فقد دخل في ديوان المتنبهين(٥) .

وأنه إذا رأيت مجتهداً أبلغ منك في الاجتهاد فوبخ نفسك ولمها وحثها على الازدياد(٦) .

وأن أكيس الكيّسين من حاسب نفسه(٧) .

وأنه يجب على كل إنسان أن يسأل نفسه في كل يوم عن عمل ذلك اليوم.

وأن من لم يجعل له من نفسه واعظاً فإن مواعظ الناس لن تغني عنه شيئاً(٨) .

وأنه لا يكمل إيمان العبد حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة الشريك

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٦٨.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٦٤.

٣ ـ نفس المصدر السابق.

٤ ـ نفس المصدر السابق.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٦٨.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٦٩.

٧ ـ نفس المصدر السابق.

٨ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٧٠.

٣٦

شريكه والسيد عبده(١) .

وأن من حاسب نفسه ربح ، ومن غفل عنها خسر(٢) .

وأن الصادقعليه‌السلام قال : « حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا في مواقف القيامة(٣) .

وأن على العاقل ان يحصي على نفسه مساويها في الدين والرأي والأخلاق والأدب فيجمع ذلك في صدره أو في كتاب ويعمل في إزالتها »(٤) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٧٢.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٧٣.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٦٤.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٨ ، ص٦.

٣٧

٣٨

الدرس الثالث

في مجاهدة النفس وبيان حدودها

قال تعالى :( وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباك ) (١) .

وقال تعالى :( ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه ) (٢) .

وقال تعالى :( الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) (٣) .

الجهاد والمجاهدة : استفراغ الوسع في مدافعة العدو ونحوه ، وهو على ثلاثة أضرب : مجاهدة العدو الظاهر من إنسان وغيره ، ومجاهدة الشيطان ، ومجاهدة النفس وهواها ، والجميع داخل في المراد من الآيات الشريفة. والأمر بالجهاد والحث عليه في هذه الآيات بالنسبة إلى جهاد النفس إرشاد إلى ما يدركه العقل بنفسه ، فإن جهاد النفس في الحقيقة عبارة عن فعل الواجبات والمندوبات وترك المحرمات والمشتبهات ، والقيام بذلك شكر للمنعم وهو واجب عقلاً ، وتركها سبب

__________________

١ ـ الحج : ٧٨.

٢ ـ العنكبوت : ٦.

٣ ـ العنكبوت : ٦٩.

٣٩

للوقوع في ضرر الهلكة والعذاب الأليم ، ورفع الضرر واجب عقلاً ، فالأوامر في هذه الآيات كأوامر الاطاعة والتسليم والاتباع لله ورسوله من الآيات الكريمة وكذا النصوص الحاثة على ذلك من السنة كلها إرشادات الهية ونبوية وولوية يترتب على موافقتها سعادة الإنسان وعلى مخالفتها شقاوته.

والأخبار الواردة في هذا الباب عن النبي الأقدس واهل بيته المعصومين : كثيرة جداً.

فقد ورد أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعث سرية فلما رجعوا قال : «مرحباً بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر ، قيل : يا رسول الله وما الجهاد الأكبر؟ قال : جهاد النفس ، ثم قال : أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه »(١) .

وورد : أن من جاهد نفسه عن الشهوات واللذات والمعاصي فإنما يجاهد لنفسه(٢) .

وأن جهاد المرء نفسه فوق جهاده بالسيف(٣) .

وأنه سئل الرضاعليه‌السلام عما يجمع خير الدنيا والآخرة؟ فقال : خالف نفسك(٤) .

وأن من جاهد نفسه وهزم جند هواه ظفر برضا الله(٥) .

وأنه لا حجاب أظلم وأوحش بين العبد وبين الرب من النفس والهوى(٦) .

وأن أحمق الحمقاء من اتبع نفسه هواه(٧) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٦٥ ـ مجمع البحرين : ج٢ ، ص٦٨ ـ الفصول المهمة : ص٣٢٨.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٦٥.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٦٨.

٤ ـ الفقه : ص٣٩٠.

٥ ـ المحجة البيضاء : ج٨ ، ص١٧٠ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٦٩ ـ مستدرك الوسائل : ج١١ ، ص١٣٩.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٦٩.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٧٠.

٤٠