مستدرك الوسائل خاتمة 1 الجزء ١٩

مستدرك الوسائل خاتمة 110%

مستدرك الوسائل خاتمة 1 مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 392

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 392 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 86708 / تحميل: 6157
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل خاتمة 1

مستدرك الوسائل خاتمة ١ الجزء ١٩

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

١٦ - مختصر كتاب العلاء:

وجدناه بخطّ الشيخ الجليل صاحب الكرامات محمد بن علي الجباعي، نقله من خطّ الشيخ الشهيد الأوّلقدس‌سرهما ، أوّله هكذا: من كتاب العلاء، وساق الأخبار، وكتب في آخره: آخر المختار نقلا من خطّ الشيخ العالم محمّد بن مكي، وهو نقل من خطّ الشيخ الجليل محمّد بن إدريس في العشرين من جمادى الأولى، سنة ستين وثمانمائة(١) . وتأريخ الكاتب(٢) ( للأصل آخر يوم الجمعة )(٣) ثامن عشر من شهر رمضان، سنة ثلاث وستين وسبعمائة، وذهب هنا(٤) نصف السطر في آخر الصفحة، وبقي منه هذا: سبعين وخمسمائة، قال وهو يسأل من الله التوفيق واللطف، وذهب سطر آخر أيضا، والظاهر أنّ هذا تأريخ خطّ ابن إدريس.

والعلاء كما في النجاشي: ابن رزين القلاّء، ثقفي، مولى، قاله ابن فضال، وقال ابن عبدة الناسب: مولى يشكر، كان يقلي السويق، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وصحب محمّد بن مسلمقدس‌سره وفقه عليه، وكان ثقة وجها، والهلال بن العلاء روى عنه وعبد الملك بن محمّد بن العلاء.

له كتب يرويها جماعة، أخبرنا جماعة، عن الحسن بن حمزة، قال: حدثنا محمّد بن جعفر، عن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، قال: حدثنا

__________________

(١) مختصر أصل علاء بن رزين ( ضمن الأصول الستة عشر ): ١٥٠.

(٢) ورد في المخطوطة فوقها: كذا.

(٣) وردت في المخطوطة هكذا: الأصل يوم آخر الجمعة، وورد فوقها: تاريخ خط الجباعيقدس‌سره .

(٤) ورد في المخطوطة فوقها: تاريخ خط الشهيدقدس‌سره .

١٠١

الحسن، عن العلاء بكتابه(١) .

وفي الفهرست: العلاء بن رزين القلاّء، جليل القدر، ثقة، له كتاب، وهو أربع نسخ، منها رواية الحسن بن محبوب، وذكر النسخ والطرق وجلّها صحاح، وقال في آخر كلامه: قال ابن بطّة: العلاء بن رزين أكثر رواية من صفوان بن يحيى(٢) .

وفي هذا المقدار كفاية لاعتبار كتابه، وعلوّ مقامه.

__________________

(١) رجال النجاشي: ٢٩٨ / ٨١١.

(٢) فهرست الشيخ: ١١٢ / ٤٨٨.

١٠٢

١٧ - كتاب المؤمن أو ابتلاء المؤمن:

هو للثقة الجليل الحسين بن سعيد الأهوازي، أمّا جلالة قدره وبيان حاله فلا يحتاج إلى البيان، وأمّا الكتاب المذكور فهو داخل في كتبه الثلاثين التي يضرب باعتبارها المثل، إلاّ أنّ النجاشي عبّر عنه بكتاب حقوق المؤمنين وفضلهم(١) ، والشيخ في الفهرست بكتاب المؤمن(٢) . والطرق إليها كثيرة - مذكورة في النجاشي، والفهرست، ومشيخة الفقيه(٣) ، - غنيّة عن التزكية والتصحيح.

وقد ذكر هذا الكتاب بخصوصه الشيخ الجليل أبو غالب الزراري في رسالته، فقال: كتاب ما يبتلى به المؤمن لابن سعيد، حدثني به عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد(٤) قدس‌سرهم .

__________________

(١) رجال النجاشي: ٥٨ / ١٣٦ - ١٣٧.

(٢) فهرست الشيخ: ٥٨ / ٢٢٠.

(٣) الفقيه ٤: ٩٠، من المشيخة.

(٤) رسالة أبي غالب الزراري: ٤٧.

١٠٣

١٨ - كتاب الديات:

هو من الأصول المشهورة واعتمد عليها المشايخ الثلاثةقدس‌سرهم في الكافي، والتهذيب، والفقيه، وذكروا طرقهم إليه، وبين نسخهم اختلاف يعرفه النظّار.

وقال في النجاشي: ظريف بن ناصح أصله كوفيّ، نشأ ببغداد، وكان ثقة في حديثه، صدوقا، له كتب منها كتاب الديات، رواه عدّة من أصحابنا، عن أبي غالب أحمد بن محمّد، قال: قرئ على عبد الله بن جعفر وأنا أسمع، قال: حدثنا الحسن بن ظريف، عن أبيه به(١) .

وفي الرسالة المذكورة نسب الكتاب إلى الحسن، فقال: كتاب الديات للحسن بن ظريف، حدثني به عبد الله بن جعفر، عن الحسن بن ظريف(٢) .

وقد نقل العالم الفقيه يحيى بن سعيد، ابن عمّ المحقّق تمام الكتاب، في آخر جامعه، وذكر طريقه إليه فقال: فصل، ولمّا انتهيت إلى هنا وهو المقصود بالكتاب، سأل من وجب حقّه إثبات كتاب الديات لظريف بن ناصحرحمه‌الله بإسناده، وأجبته إلى ذلك وها أنا ذاكره على وجهه إن شاء الله تعالى:

أخبرني السيد الفقيه العالم الصالح محيي الدين أبو حامد محمّد بن عبد الله ابن علي بن زهرة الحسيني الحلبي رحمة الله عليه قال: أخبرني الشيخ الفقيه محمّد بن علي بن شهرآشوب، عن أبي الفضل الداعي وأبي الرضا فضل الله ابن علي الحسيني وأبي الفتوح أحمد بن علي الرازي وأبي علي محمّد بن الفضل الطبرسي ومحمّد وعلي ابني علي بن عبد الصمد النيشابوري ومحمّد بن الحسن الشوهاني وجماعة، وكلّهم عن أبي علي وعبد الجبار المقري، عن الشيخ أبي

__________________

(١) رجال النجاشي: ٢٠٩ / ٥٥٣. وفيه زيادة: أخبرنا عدة من أصحابنا عن أبي غالب.

(٢) رسالة أبي غالب الزراري: ٤٩.

١٠٤

جعفر الطوسيقدس‌سره .

وأخبرني الشيخ محمّد بن أبي البركات بن إبراهيم الصنعاني، في شهر رجب سنة ستّ وثلاثين وستمائة، عن الشيخ أبي عبد الله الحسين بن هبة الله ابن رطبة السوراوي، عن أبي علي، عن والده الشيخ أبي جعفر الطوسيقدس‌سره .

وأخبرني السيد المذكور، عن الفقيه عزّ الدين أبي الحارث محمّد بن الحسن بن علي الحسيني البغدادي، عن الفقيه قطب الدين أبي الحسين الراوندي، عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسن الحلبي، عن الشيخ أبي جعفر الطوسيقدس‌سره .

قال: أخبرني الشيخ أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان الحارثي، عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي(١) ، عن محمّد بن الحسن ابن الوليد، عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن حسّان الرازي، عن إسماعيل ابن جعفر الكندي، عن ظريف بن ناصح، قال: حدثني رجل يقال له: عبد الله بن أيوب، قال: حدثني أبو عمرو المتطبّب، قال: عرضت هذه الرواية على أبي عبد اللهعليه‌السلام .

وعن الشيخ أبي جعفر الطوسي، عن الشيخ أبي عبد الله، عن أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، عن محمّد بن يعقوب الكليني، عن علي بن إبراهيم ابن هاشم.

وعنه، عن الشيخ أبي عبد الله والحسين بن عبيد الله وأحمد بن عبدون، عن أبي محمّد الحسن بن حمزة العلوي الطبري، عن علي بن إبراهيم بن هاشم.

وعنه، عن الحسين بن عبيد الله، عن أبي غالب أحمد بن محمّد الزراري

__________________

(١) في المصدر زيادة: عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ظريف بن ناصح.

١٠٥

وأبي محمّد هارون بن موسى التلّعكبري وأبي القاسم بن قولويه وأبي عبد الله أحمد ابن أبي رافع الصيمري(١) وأبي المفضّل الشيباني وغيرهم، كلّهم عن محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيمقدس‌سرهم .

وعنه، عن أحمد بن عبدون، عن أحمد بن أبي رافع وأبي الحسين عبد الكريم بن عبد الله بن نصر البزّاز بتنيس وبغداد، عن محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضال، عن ظريف بن ناصح.

وسهل بن زياد، عن الحسن بن ظريف، عن أبيه ظريف.

وعن ابن فضال ومحمّد بن عيسى، عن يونس، قالا(٢) : عرضنا عليه هذا الكتاب فقال: نعم هو حقّ وقد كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يأمر عمّاله بذلك(٣) .

وبالجملة فهذا الكتاب معروف مشهور، معتمد عليه، وقد نقله في الوسائل عن الكافي، والتهذيب، والفقيه، وفرّق أجزاءه على الأبواب، ونحن نقلناه عن الأصل، وبينهما اختلاف في بعض المواضع لا يخفى على الناظر البصير.

__________________

(١) في المخطوط والحجرية: أحمد بن محمد الصيمري. ولم نعرف له وجه، انظر جامع الرواة ١: ٣٩، رجال النجاشي: ٨٤ / ٢٠٣، الفهرست: ٣٢ / ٨٦، تنقيح المقال ١: ٤٦ و ٣: ٤٠ من الكنى.

(٢) ورد في حاشية المخطوطة: أي ابن فضال ويونس.

(٣) الجامع للشرائع: ٦٠٥.

١٠٦

١٩ - كتاب المسلسلات

٢٠ - وكتاب المانعات من دخول الجنّة

٢١ - وكتاب الغايات

٢٢ - وكتاب العروس:

كلّها لأبي محمّد جعفر بن أحمد القمي، وهذا الشيخ غير مذكور فيما وصل إلينا من كتب الرجال، إلاّ في رجال ابن داود(١) كما ستعرف، مع أنّه من المؤلّفين المعروفين وأجلّة المحدّثين، ومؤلّفاته دائرة بين الأصحاب.

قال السيد الأجلّ علي بن طاوس في كتاب الدروع الواقية - وهو الجزء الرابع من تتمّات المصباح -: ولقد ذكر أبو محمّد جعفر بن أحمد القمّي في كتاب زهد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، من الله عزّ وجلّ ما فيه بلاغ(٢) .

وهذا جعفر بن أحمد عظيم الشأن، من الأعيان، ذكر الكراجكي في كتاب الفهرست أنّه صنّف مائتين وعشرين كتابا بقم والريّ، فقال حدّثنا الشريف أبو جعفر محمّد بن أحمد القمي. إلى آخره(٣) .

وقد نقل عن هذا الكتاب الشيخ الجليل ورّام في تنبيه الخاطر(٤) .

وقال أحمد بن محمّد بن فهد الحلّي في كتاب التحصين: روى الشيخ أبو محمّد جعفر بن أحمد بن علي القمّيقدس‌سره نزيل الريّ، في كتاب المنبئ عن زهد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال: حدّثنا أحمد بن علي بن بلال(٥) . إلى آخره.

وقال السيد ابن طاوس في كتاب المضمار في أعمال شهر رمضان: ورأيت

__________________

(١) رجال ابن داود: ٦٤ / ٣١٦.

(٢) الدروع الواقية: ٥٨.

(٣) راجع الذريعة ١٦: ٣٩٣.

(٤) تنبيه الخاطر: لم نعثر عليه فيه.

(٥) التحصين: ٢٠، ضمن كتاب مثير الأحزان.

١٠٧

في كتاب اعتقادي(١) أنّه تأليف أبي محمّد جعفر بن أحمد القمي، عن الصادقعليه‌السلام (٢) ، الخبر.

وقال أيضا في فلاح السائل - بعد رواية التكبيرات الثلاث عقيب الصلاة -: روى ذلك الشيخ الفقيه السعيد أبو محمّد جعفر بن أحمد القميقدس‌سره في كتاب آداب الإمام والمأموم، وساق السند(٣) إلى آخره.

وقال شيخنا الشهيد الثاني في روض الجنان: وروى الشيخ أبو محمّد جعفر بن أحمد القمي نزيل الري في كتاب الإمام والمأموم، بإسناده إلى أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤) . الخبر.

وفي أوّل تفسير الإمام الهمام أبي محمّد العسكريعليه‌السلام على ما في نسختي، وجملة من النسخ، وأشار إليها في أوّل البحار أيضا: قال محمّد بن علي ابن محمّد بن جعفر بن الدقاق: حدثني الشيخان الفقيهان أبو الحسن محمّد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان وأبو محمّد جعفر بن أحمد بن علي القمي رحمهما الله تعالى قالا: حدّثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين ابن موسى بن بابويه القمي -رحمه‌الله -. الى آخره(٥) .

ومنه يعرف طبقته وأنّه في طبقة المفيد، وابن الغضائري وأضرابهما، بل وطبقة الصدوق، بل يروي عنه كما يروي هو عنه، ويأتي(٦) ذكره في الفائدة الخامسة في مشايخه، ويظهر من مسلسلاته أنّه يروي عن الصاحب بن عباد.

ومن جميع ما ذكرنا يظهر أنّه كان من العلماء المعروفين الذين لا يحتاجون

__________________

(١) في المخطوطة: اعتقاد، وفي الحاشية: ظاهرا اعتقادي، كذا في النسخ.

(٢) الإقبال: ١٤.

(٣) فلاح السائل. وعنه في البحار ٧٦: ٢٢ حديث ٢٢.

(٤) روض الجنان: ٣٦٣.

(٥) تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام : ٩، بحار الأنوار ١: ٧٣.

(٦) يأتي في آخر الفائدة الخامسة عند عده لمشايخ الصدوق برقم: ٤٥ ورمز: مه.

١٠٨

إلى التزكية والتوثيق، وداخل في الجمع الذين أشار إليهم الشهيد الثانيقدس‌سره في شرح الدراية بقوله: تعرف عدالة الراوي بتنصيص عدلين عليها، أو بالاستفاضة بأن تشتهر عدالته بين أهل النقل، وغيرهم من أهل العلم، كمشايخنا السالفين من عهد الشيخ الكليني وما بعده إلى زماننا هذا، ولا يحتاج أحد من هؤلاء المشهورين إلى تنصيص على تزكيته، ولا تنبيه على عدالته لما اشتهر في كلّ عصر من ثقتهم، وضبطهم وورعهم، زيادة على العدالة، وإنّما يتوقّف على التزكية غير هؤلاء(١) ، انتهى.

وقال ابن داود في رجاله: جعفر بن علي بن أحمد القمّي المعروف بابن الرازي، وفي باب من لم يرو عنهمعليهم‌السلام من رجال الشيخ: أبو محمد ثقة مصنّف(٢) .

قال السيّد في منهج المقال: ولم أجده في غيره(٣) .

وقال السيّد مصطفى أيضا في رجاله - بعد نقل ما في رجال ابن داود -: ولم أجده في الرجال وغيره(٤) .

قال الشيخ عبد النبي الكاظمي في تكملة الرجال، وهو كالتعليقة عليه: هذا أحد شيوخ الصدوقرحمه‌الله كما يظهر من كتاب معاني الأخبار، وكأنّ ابن داود أخذ توثيقه من وصف الصدوق إيّاه بأنّه فقيه، قال في الكتاب المذكور: حدّثنا أبو محمد جعفر بن علي بن أحمد الفقيه القمي ثم الإيلاقيرضي‌الله‌عنه (٥) انتهى.

واحتمال رجوع الصفة والترضي الى جدّه أحمد غير بعيد، إلاّ أنّ الظاهر

__________________

(١) الدراية: ٦٩.

(٢) رجال ابن داود: ٦٤ / ٣١٦، رجال الشيخ ٤٥٧ / ١.

(٣) منهج المقال: ٨٣.

(٤) نقد الرجال: ٧١ / ٤٧.

(٥) معاني الأخبار: ٦ / ٣.

١٠٩

رجوعه إلى جعفر لأنّه هو المسوق له الكلام، وأنّ رعاية تعظيم الشيوخ أولى، وتعرّضه لتعظيم أواسط السند قليل، إلاّ أنّ هذا غايته الحسن لا الوثاقة، ولعلّ النسخة التي وقعت لديه فيها بدل الفقيه بالثقة(١) ، انتهى.

قلت: ظاهر الميرزا والسيّد التفريشي أنّهما لم يجدا أصل الترجمة في رجال الشيخ، وفيه أنّ الشيخ أبا علي صرّح في رجاله بوجودها فيه، قال في منتهى المقال: وفي نسختين عندي من رجال الشيخ في باب من لم يرو عنهمعليهم‌السلام : جعفر بن علي بن أحمد القمي المعروف بابن الرازي، يكنّى أبا محمد صاحب المصنّفات، وليس فيه التوثيق، لكن نقله في المجمع(٢) عن من لم يرو عنهمعليهم‌السلام كما ذكره ابن داود(٣) .

ويظهر من جميع ذلك اختلاف نسخ رجال الشيخ بالزيادة والنقيصة، وكلّ من الواجد والعادم صادق في دعوى الوجدان وعدمه، وعليه فنقل ابن داود التوثيق من رجال الشيخ لا ينافي عدم وجوده في بعض النسخ، لاحتمال وجوده في نسخته، فلا سبيل إلى تكذيبه أو تخطئته، هذا بناء على كون التوثيق من تتمّة ما نقله من رجال الشيخ، وإن كان من كلام نفسه، كما يظهر من الكاظمي، فتصديقه أولى، ولا حاجة إلى ما تمحّل له في التكملة من أخذه الوثاقة من الفقاهة، التي وصفه بها الصدوق في معاني الأخبار، حتى يستشكل بعدم دلالتها عليها، لجواز أخذها من كلام أخي أستاذه السيّد الأجلّ علي بن طاوس في الدروع الواقية كما نقلناه، فإنّه يدلّ على الوثاقة وفوقها، مع أنّ في عدم الدلالة نظر، كما صرّح به الأستاذ الأكبر في فوائده(٤) ، فراجع وتبصر.

__________________

(١) تكملة الرجال ١: ٢٤٨.

(٢) مجمع الرجال ٢: ٣١.

(٣) منتهى المقال: ٧٨.

(٤) انظر فوائد البهبهاني ( رجال الخاقاني ): ٥٠.

١١٠

٢٣ - كتاب القراءات للسياري:

ويعبّر عنه أيضا بالتنزيل والتحريف، وقد غمز عليه مشايخ الرجال، إلاّ أنّه يظهر من بعض القرائن اعتبار الكتاب واعتماد الأصحاب عليه، بل والنظر فيما ذكروا، فنقول:

قال الشيخ في الفهرست: أحمد بن محمد بن سيّار أبو عبد الله الكاتب، بصريّ كان من كتّاب آل طاهر في زمن أبي محمدعليه‌السلام ، ويعرف بالسيّاري، ضعيف الحديث، فاسد المذهب، مجفوّ الرواية، كثير المراسيل، وصنّف كتبا منها: كتاب ثواب القرآن، كتاب الطب، كتاب القراءات، كتاب النوادر، أخبرنا بالنوادر خاصّة الحسين بن عبيد الله، عن أحمد بن محمد بن يحيى، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا السيّاري، إلاّ بما كان فيه من غلوّ أو تخليط.

وأخبرنا بالنوادر وغيره جماعة من أصحابنا، منهم الثلاثة الذين ذكرناهم، عن محمد بن أحمد بن داود، قال: حدثنا سلامة بن محمد، قال: حدثنا علي ابن محمد الحنائي، قال: حدثنا السيّاري(١) .

وقال النجاشي: أحمد بن محمد بن سيّار أبو عبد الله الكاتب، بصريّ كان من كتّاب آل طاهر في زمن أبي محمّدعليه‌السلام ، ويعرف بالسيّاري، ضعيف الحديث، فاسد المذهب، ذكر ذلك لنا الحسين بن عبيد الله، مجفوّ الرواية، كثير المراسيل، له كتب وقع إلينا منها: كتاب ثواب القرآن، كتاب الطب، كتاب القراءات، كتاب النوادر، كتاب الغارات، أخبرنا الحسين بن عبيد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى، وأخبرنا أبو عبد الله القزويني، قال: حدثنا أحمد ابن محمد بن يحيى، عن أبيه، قال: حدثنا السيّاري، إلاّ ما كان من غلوّ

__________________

(١) الفهرست: ٢٣ / ٦٠.

١١١

وتخليط(١) .

وظاهرهما بعد كون مستند التضعيف الغضائري، بل وعدم قبول الثاني للضعف والفساد، وإلاّ لما نسبه إليه، ولذكره مع ما رماه به الاعتماد على رواياته الخالية عن الغلوّ والتخليط، كما يظهر من ذكر الطريق والاستثناء.

وقد أكثر ثقة الإسلام في الكافي من الرواية عنه، وقد تعهّد أن يجمع فيه الآثار الصحيحة، عن الصادقينعليهم‌السلام ، والسنن القائمة التي عليها العمل من جملة الأخبار المختلفة، مع قرب عهده به، وقلّة الواسطة بينهما.

فروى عنه في باب كراهية التوقيت، عن محمد بن يحيى وأحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عنه(٢) .

وفي مولد أمير المؤمنينعليه‌السلام ، عن علي بن محمد بن عبد الله، عنه(٣) .

وفي باب الدعاء في طلب الولد، في كتاب العقيقة، عن الحسين بن محمد بن عامر الأشعري الثقة، عنه. وكذا في كتاب العقل والجهل، وباب من يشتري الرقيق فيظهر به عيب(٤) .

وفي باب فضل القرآن، عن محمد بن يحيى، عن عبد الله بن جعفر، وهو الشيخ الجليل الحميري، عنه. وكذا في باب دهن الزنبق، وباب صفة الشراب الحلال(٥) .

وفي باب سويق الحنطة، عن محمد بن يحيى، عن موسى بن الحسن - وهو الأشعري الثقة الجليل - عنه. وكذا في باب صفة الشراب الحلال(٦) .

__________________

(١) رجال النجاشي: ٨٠ / ١٩٢.

(٢) الكافي ١: ٣٠١ حديث ٦.

(٣) الكافي ١: ٣٧٧ / ٢.

(٤) الكافي ٦: ٨ / ٥ و ١: ١٨ / ٢٠ و ٥: ١٢٥ / ١٢.

(٥) الكافي ٢: ٤٥٧ / ٢١ و ٦: ٥٢٣ / ١ و ٦: ٤٢٦ / ٤.

(٦) الكافي ٦: ٣٠٧ / ١٣ و ٦: ٤٢٦ / ٣.

١١٢

وفي باب أنّ الرجل إذا دخل بلدة فهو ضيف، عن أبي عليّ الأشعري - وهو شيخ القميين - عنه(١) .

ويروى عنه في الكافي سهل بن زياد(٢) ، والمعلّى بن محمد(٣) ، وعلي بن محمد بن بندار(٤) في أبواب متفرّقة.

وقال في باب الفيء والأنفال: علي بن محمد بن عبد الله، عن بعض أصحابنا - أظنّه السيّاري(٥) -.

وظاهره - كرواية هؤلاء الأجلّة عنه - عدم الاعتناء بما قيل فيه، بناء على ظهور أصحابنا في مشايخ الإماميّة، أو مشايخ أرباب الرواية والحديث، المعتبرة رواياتهم، وكيف يجتمع هذا مع فساد المذهب؟ إلاّ أن يريد به بعض المسائل الأصوليّة الكلاميّة التي ساقه - وجماعة من الأجلّة - إليه بعض الأدلّة، ممّا لا يوجب الكفر والارتداد، ولم يكن ضروريّا في تلك الأعصار، وأظنّ أنّ مأخذ جميع ما قيل فيه استثناؤه ابن الوليد عن رواة نوادر الحكمة(٦) .

ويروي عنه الصفّار في بصائر الدرجات، منه في باب ما لا يحجب عن الأئمّةعليهم‌السلام من علم السماء(٧) . إلى آخره.

وقال ابن إدريس في آخر السرائر ( باب الزيادات )(٨) وهو آخر أبواب هذا الكتاب: ممّا استنزعته واستطرفته من كتب المشيخة المصنّفين، والرواة

__________________

(١) الكافي ٦: ٢٨٢ / ٢ وفيه: أبو عبد الله الأشعري.

(٢) الكافي ٦: ٥٣١ / ١.

(٣) الكافي ١: ٣٤٢ / ١٠.

(٤) الكافي ٦: ٥٠٦ / ١٣.

(٥) الكافي ١: ٤٥٦ / ٥.

(٦) انظر رجال النجاشي: ٣٤٨ / ٩٣٩ وفهرست الشيخ: ١٤٥ / ٦١٢.

(٧) بصائر الدرجات: ١٤٥ / ٤.

(٨) لم ترد في المخطوطة.

١١٣

المحصلين، وستقف على أسمائهم. إلى أن قال: ومن ذلك ما استطرفته من كتاب السيّاري، واسمه أبو عبد الله، صاحب موسى والرضاعليهما‌السلام (١) . ثم أخرج جملة من الأخبار من كتابه.

وفي قوله صاحب موسىعليه‌السلام نظر لا يخفى على البصير بطبقته.

وقد أكثر من الرواية عنه الثقة الجليل محمد بن العباس بن ماهيار في تفسيره بتوسّط أحمد بن القاسم.

ثم إنّ الكتاب المذكور ليس فيه حديث يشعر بالغلوّ، حتّى على ما اعتقده القميّون نفيه فيهم، وأكثر رواياته موجودة في تفسير العيّاشي، بل لا يبعد أخذه منه، إلاّ أنّه لم يصل إلينا سند الأخبار المودعة في تفسيره لحذف بعض النسّاخ.

ونقل عنه الشيخ الجليل الحسن بن سليمان الحلّي في مختصر بصائر سعد ابن عبد الله، وعبّر عنه بالتّنزيل والتحريف(٢) .

ونقل عنه الأستاذ الأكبر في حاشية المدارك في بحث القراءة، وأخرج منه حديثين(٣) .

وبالجملة فبعد رواية المشايخ العظام: كالحميري، والصفّار، وأبي علي الأشعري، وموسى بن الحسن الأشعري، والحسين بن محمد بن عامر، عنه، وهم من أجلّة الثقات. واعتماد ثقة الإسلام عليه، وخلوّ كتابه عن الغلوّ والتخليط، ونقل الأساطين عنه، لا ينبغي الإصغاء إلى ما قيل فيه، أو الريبة في كتابه المذكور.

__________________

(١) السرائر ٣: ٥٤٩ و ٥٦٨.

(٢) مختصر بصائر الدرجات: ٢٠٤.

(٣) حاشية المدارك، لم نعثر على الروايتين في بحث القراءة.

١١٤

٢٤ - إثبات الوصيّة:

للعالم الجليل شيخ المؤرّخين وعمادهم علي بن الحسين بن علي المسعودي، أبو الحسن الهذلي.

قال النجاشي: علي بن الحسين بن علي المسعودي، أبو الحسن الهذلي، له كتاب المقالات في أصول الديانات، كتاب الزّلف، كتاب الاستبصار، كتاب نشر(١) الحياة، كتاب نشر الأسرار، كتاب الصّفوة في الإمامة، كتاب الهداية في تحقيق الولاية، كتاب المعالي في الدرجات، والإبانة في أصول(٢) الديانات، رسالة إثبات الوصيّة لعليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، رسالة إلى ابن صفوة المصيصي، أخبار الزّمان من الأمم الماضية والأحوال الخالية، كتاب مروج الذهب ومعادن الجواهر، كتاب الفهرست.

هذا رجل زعم أبو المفضّل الشيباني أنّه لقيه واستجازه وقال: لقيته، وبقي هذا الرجل إلى سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة(٣) .

وقال العلامة في القسم الأوّل من الخلاصة: علي بن الحسين بن علي المسعودي، أبو الحسن الهذلي، له كتب في الإمامة وغيرها، منها كتاب في إثبات الوصيّة لعليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، وهو صاحب مروج الذهب(٤) .

وقال الشهيد الثانيقدس‌سره في حواشيه عليها: ذكر المسعودي في مروج الذهب أنّ له كتابا اسمه الانتصار، وعدّد كتبا منها حدائق الأذهان في أخبار

__________________

(١) في المصدر: كتاب سر الحياة.

(٢) في المخطوط والحجرية: كتاب المعالي والدرجات والإمامة في أصول الديانات، والذي أثبتناه عن النجاشي وعن نسخة معلمة بخط الشيخ آغا بزرگ الطهراني، فلاحظ.

(٣) رجال النجاشي: ٢٥٤ / ٦٦٥.

(٤) رجال العلامة: ١٠٠ / ٤٠.

١١٥

آل محمدعليهم‌السلام (١) .

وقال السيد علي بن طاوسقدس‌سره في كتاب فرج المهموم - عند ذكر العلماء العاملين بالنجوم -: ومنهم الشيخ الفاضل الشيعي علي بن الحسين بن علي المسعودي مصنّف كتاب مروج الذهب(٢) .

وفي رياض العلماء: قال: قال السيد الداماد(٣) في حاشيته على اختيار رجال الكشي للشيخ الطوسيقدس‌سره : قال الشيخ الجليل الثقة الثبت المأمون الحديث عند العامّة والخاصّة، علي بن الحسين المسعودي أبو الحسن الهذلي في كتاب مروج الذهب(٤) .

وقال ابن إدريس في السرائر في كتاب الحج: قال أبو الحسن علي بن الحسين في كتابه المترجم بمروج الذهب ومعادن الجواهر في التاريخ وغيره، وهو كتاب حسن كبير كثير الفوائد، وهذا الرجل من مصنّفي أصحابنا، معتقد للحق، له كتاب المقالات(٥) . إلى آخره.

الى غير ذلك من العبارات الصريحة في كونه من علماء الإماميّة، ولم يتأمّل أحد فيه حتى أنّ طريقة الشهيدقدس‌سره في حواشي الخلاصة أن يتعرّض في كلّ موضع لا ينبغي ذكر الرجل في القسم الأوّل لقدح في نفسه أو مذهبه، ولم يتعرّض في هذا المقام، بل استدرك ما فات من الكتاب من كتب هذا الشيخ.

وذكره ابن داود أيضا في القسم الأوّل(٦) .

__________________

(١) حاشية الشهيد على الخلاصة: ٤٨، وانظر كذلك مروج الذهب ٣: ١٩٣ و ٢: ٥٤، وفي حاشية الشهيد والمروج: كتاب الانتصار وكتاب الاستبصار.

(٢) فرج المهموم: ١٢٦.

(٣) تعليقة الداماد على رجال الكشي ١: ١٠٠.

(٤) رياض العلماء ٣: ٤٣٢.

(٥) السرائر ١: ٦١٥.

(٦) رجال ابن داود: ١٣٧ / ١٠٣٨.

١١٦

بل في رجال أبي علي: ولم أقف إلى الآن على(١) من توقّف في تشيّع هذا الشيخ، سوى ولد الأستاذ العلامة - أعلى الله في الدارين مقامه ومقامه - فإنّه أصرّ على الخلاف وادّعى كونه من أهل الخلاف(٢) ، انتهى.

قلت : مراده من ولد الأستاذ: العالم النحرير آغا محمّد علي صاحب المقامع، ورأيت بخطّه الشريف على ظهر كتاب نقد الرجال - وعليه حواشي كثيرة منه بخطّه - قال: علي بن الحسين بن علي المسعودي أبو الحسن الهذلي، له كتاب في الإمامة، وغيرها، منها كتاب في إثبات الوصيّة لعليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، وهو صاحب كتاب مروج الذهب، عنه أبو المفضل الشيباني إجازة، بقي إلى سنة ٣٣٣، أو سنة ٣٤٥ - النجاشي -.

وقال السيد ابن طاوسقدس‌سره في كتاب النجوم - عند ذكر العلماء العاملين بالنجوم -: إنّ منهم الشيخ الفاضل الشيعي علي بن الحسين المسعودي صاحب مروج الذهب. انتهى(٣) .

وعدّه الخال المفضال في الوجيزة من الحسان(٤) ، ونقل عن كتابيه: كتاب الوصيّة، وكتاب مروج الذهب في البحار.

أقول (٥) : ظاهر كلامه في مروج الذهب أنّه كان من العامّة، حيث نسج(٦) على منوالهم، واعتمد على أخبارهم وآثارهم وأقوالهم، من ذكر أيام الخلفاء الأربعة وخلفاء بني أميّة وبني العباس، من غير تعرّض لمطاعنهم ومساويهم ومظالمهم، ومذهب المتقدّمين إنّما يثبت من كلماتهم، أو تصريح

__________________

(١) لم ترد في المخطوطة والحجرية، بل هي زيادة مناسبة للشيخ آقا بزرك على نسخته.

(٢) منتهى المقال: ٢١٣.

(٣) ورد هنا في حاشية المخطوط: كلام السيد.

(٤) الوجيزة: ٤١.

(٥) ورد هنا في حاشية المخطوط: من كلام ولد الأستاذقدس‌سره .

(٦) نسج - ينسج: أي ضم الشيء إلى الشيء، لسان العرب ٢: ٣٧٦.

١١٧

العلماء بمذاهبهم، وكلامه في ذلك الكتاب كما لا يخفى على المطّلع ظاهر، بل صريح فيما ذكرنا.

وكتاب إثبات الوصيّة ليس بنصّ في خلافه، لأنّه ممّا اتّفق عليه الفريقان، وحمل الجمهور حكاية الغدير عليها، وأرادوا بالوصيّة: الوصية في الأموال والديون، لا الخلافة المختلف فيها، ورووا مخاصمة عليّعليه‌السلام في تركة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وحكم الشيخين بها لعليّعليه‌السلام .

وكذا ذكره لبعض علمائنا ورواتنا فيه، ليس بنصّ ولا ظاهر فيه، فإنّه ديدن أكثر المخالفين في كتبهم الرجاليّة والأخبارية، كوفيّات الأعيان، والتقريب، والتهذيب، والأنسابيين، وغيرها.

وكذا ما ذكره ابن عقدة الزيدي في رجال الصادقعليه‌السلام .

ففي ميزان الاعتدال للذهبي - ذهب الله بنوره - في ترجمة أبان هكذا: أبان بن تغلب كوفيّ، شيعيّ جلد [ لكنه ](١) صدوق، فلنا صدقه وعليه بدعته، وكان غاليا في التشيّع.

فلقائل أن يقول: كيف ساغ توثيق مبتدع؟ وحدّ الثقة: العدالة والإتقان، وكيف يكون عدلا من هو صاحب بدعة؟.

وجوابه: إنّ البدعة على ضربين: فبدعة صغرى كغلوّ التشيع، أو التشيّع بلا غلوّ ولا تحرف، فهذا كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق، فلو ردّ حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبويّة، وهذه مفسدة بيّنة، ثم بدعة كبرى كالرفض الكامل، والغلوّ فيه، والحطّ على أبي بكر وعمر، والدعاء إلى ذلك، فهذا النوع لا يحتجّ به ولا كرامة(٢) ، انتهى.

__________________

(١) زيادة من المصدر.

(٢) ميزان الاعتدال ١: ٥ / ٢.

١١٨

ولو سلّم لجاز أن يكون قد رجع عن العاميّة إلى التشيّع، الذي هو أعمّ من الإماميّة - أي الأثناء عشريّة - الذي هو المراد الآن من الشيعة، فلا يكون هذا دالاّ على حسنه وإماميّته، بل يصير من قياس صاحب كتاب إخوان الصفا، وهو الفاضل أبو سلمة أحمد المجريطي، على ما قيل في اسمه ولقبه وكنيته.

فقد صرّح الفاضل العارف الكاشاني في الفصل الآخر من كتاب الأصول الأصلية: أنّه من حكماء الشيعة(١) .

وقال المدقّق الأسترآبادي في أواخر الفوائد المدنيّة: إنّه أفضل الحكماء الإسلاميّين، ومن الواقفين على موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، يستفاد ذلك من صريح كلامه، وكان في دولة العباسيّة(٢) . إلى آخر ما قال، وهو كما قال.

ولو سلّم فلا ينافي تسنّنه في كتاب المروج وإن كان في غيره إماميّا، فليتدبّر.

ثمّ ذكر تعجّب صاحب رياض العلماء من الشيخ الطوسي أنّه لم يذكر له ترجمة في الفهرست، مع أنّه جدّه، أو جدّ ولده أبي عليّ، وأطال الكلام في ردّه بما لا فائدة لنا في نقله، إنّما المهمّ رفع هذا التوهّم، وبيان اعتبار الكتاب، وجلالة شأن صاحبه.

فنقول : ما ذكره من أنّ مذهب المتقدّمين. إلى آخره، حقّ لو لم يعارضه كلام مثل النجاشي، الخبير بمذاهبهم مع قرب عهده بهم، واطّلاعه على ما خفي علينا من أحوالهم، فإنّه لم يتعرّض لمذهبه من التسنّن دائما، أو رجوعه، أو وقفه، أو غيره من سائر المذاهب، مع استقرار ديدنه عليه، وعدم

__________________

(١) الأصول الأصيلة: لم نعثر عليه فيه.

(٢) الفوائد المدنية: لم نعثر عليه فيه.

١١٩

التعرّض للإماميّة لبناء كتابه على ذكر علمائها ورواتها ومصنّفيها، ولم يكن ليخفى حاله أو كتبه عليه، وعلى الأساطين الذين أشرنا إلى أساميهم.

وكتاب المروج من الكتب المعروفة المشهورة، وهو بمرأى منهم ومسمع، وهو كما ذكره على منوال العامّة وطريقتهم، إلاّ أنّ المتأمّل في خبايا كلماته، خصوصا فيما ذكره من خلافة عثمان وسيرته ( وخلافة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، لعلّه يستخرج ما كان مكتوما في سريرته )(١) وكفاك شاهدا في هذا المقام آخر كلامه بعد ذكر جملة من مناقبه المقتضية لأحقّيته بالخلافة، كحديث المنزلة، والطير، والغدير، والاخوّة ما لفظه: فلما قبض الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وارتفع الوحي، حدثت أمور تنازع الناس في صحّتها، ولا يقطع عليهم بها، واليقين من أمورهم ما تقدّم، وما روي ممّا كان في إحداثهم بعد نبيّهمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فغير متيقّن، بل هو ممكن، ونحن نعتقد فيهم ما تقدّم، والله أعلم بها حدث(٢) .

( وأصرح(٣) منه ما ذكره في أوائل الكتاب، في ذكر المبدأ وشأن الخليقة ما لفظه: وروي عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام أنّه قال:

« إنّ الله حين شاء تقدير الخليقة، وذرء البريّة، وإبداع المبدعات، نصب الخلق في صور كالهباء قبل دحو الأرض، ورفع السماء وهو في انفراد ملكوته، وتوحّد جبروته، فأتاح نورا من نوره فلمع، ونزع قبسا من ضيائه فسطع.

__________________

(١) زيادة لم ترد في المخطوطة.

(٢) مروج الذهب ٢: ٤٢٦.

وقوله: وما روى مما كان في إحداثهم. فغير متيقن، كلام صريح في دفاعه عن الذين أحدثوا بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وتنزيههم عن الجرائم التي ارتكبوها بحق أهل البيت عليهم‌السلام .

(٣) من هنا تبدأ زيادة لم ترد في النسخة الخطية.

١٢٠

ثم اجتمع النور في وسط تلك الصور الخفيّة، فوافق ذلك صورة نبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال الله عزّ من قائل: أنت المختار المنتخب، وعندك مستودع نوري وكنوز هدايتي، من أجلك اسطّح البطحاء، واموج الماء، وأرفع السماء، وأجعل الثواب والعقاب، والجنّة والنار، وأنصب أهل بيتك للهداية، وأوتيهم من مكنون علمي ما لا يشكل عليهم دقيق، ولا يعييهم خفيّ، وأجعلهم حجّتي على بريّتي، والمنبّهين على قدرتي ووحدانيّتي.

ثم أخذ الله الشهادة عليهم بالربوبيّة، والإخلاص بالوحدانيّة.

فبعد أخذ ما أخذ من ذلك شاب ببصائر الخلق انتخاب محمّدا وآلهعليهم‌السلام ، وأراهم أنّ الهداية معه، والنور له، والإمامة في آله، تقديما لسنّة العدل، وليكون الأعذار متقدّما.

ثم أخفى الله الخليقة في غيبة، وغيّبها في مكنون علمه، ثم نصب العوالم، وبسط الزمان، وموّج الماء، وأثار الزبد، وأهاج الدخان، فطفى عرشه على الماء، فسطّح الأرض على ظهر الماء، ثم استجلبهما إلى الطاعة فأذعنتا بالاستجابة.

ثم أنشأ الله الملائكة من أنوار أبدعها، وأرواح اخترعها، وقرن توحيده بنبوّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فشهرت في السماء قبل بعثته في الأرض.

فلمّا خلق الله آدم أبان فضله للملائكة، وأراهم ما خصّه به من سابق العلم، حيث عرّفه عند استنبائه إيّاه أسماء الأشياء، فجعل الله آدم محرابا وكعبة وقبلة، أسجد إليها الأبرار والروحانيّين الأنوار.

ثم نبّه آدم على مستودعه، وكشف له عن خطر ما ائتمنه عليه، بعد ما سمّاه إماما عند الملائكة، فكان حظّ آدم من الخير ما أراه من مستودع نورنا.

ولم يزل الله تعالى يخبّئ النور تحت الزمان، الى أن وصل محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، في ظاهر الفترات، فدعا الناس ظاهرا وباطنا، ونبّههم سرّا وإعلانا، واستدعىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التنبيه على العهد الذي قدّمه إلى الذّر

١٢١

قبل النسل، فمن وافقه واقتبس من مصباح النور المقدّم اهتدى إلى سيره، واستبان واضح أمره، ومن ألبسته الغفلة استحقّ السخط.

ثم انتقل النور إلى غرائزنا، ولمع في أئمّتنا، فنحن أنوار السماء وأنوار الأرض، فبنا النجاة، ومنّا مكنون العلم، وإلينا يصير الأمور، وبمهدينا تنقطع الحجج، خاتمة الأئمّة، ومنقذ الأمّة، وغاية النور، ومصدر الأمور، فنحن أفضل المخلوقين، وأشرف الموحّدين، وحجج ربّ العالمين، فليهنأ بالنعمة من تمسّك بولايتنا وقبض عروتنا.

فهذا ما روي عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليهم‌السلام (١) ، انتهى. ولا أظنّ أحدا يروي هذا الخبر من غير إنكار ولا يكون إماميّا )(٢) .

وقوله رحمه‌الله : وكتاب إثبات الوصيّة ليس بنصّ. إلى آخره، كلام من لا عهد له بهذا الكتاب، ولم يظفر بنسخته، وإنّما استظهر من اسمه أنّه موضوع لإثبات وصايتهعليه‌السلام في بعض تركته، وقضاء ديونه، وإنجاز عداته(٣) ، وتجهيز جسده المباركصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ممّا تلقاه الأمّة على اختلاف مشاربهم بالقبول، ولو كان عثر عليه لعلم أنّه أحسن كتاب صنّف في هذا الباب، وفي إثبات وصاية عليّعليه‌السلام وإمامته، وأولاده الأطيابعليهم‌السلام ، فشرع في شرح خلقة صفيّ الله آدم، ومجمل أحواله، وذكر أسامي أوصيائه، مرتّبا إلى نوحعليه‌السلام ، ثم منه إلى إبراهيمعليه‌السلام ، ثم منه إلى موسىعليه‌السلام ، ثم منه إلى داودعليه‌السلام ، ثم منه إلى

__________________

(١) مروج الذهب ١: ٤٢ باختلاف في الألفاظ.

(٢) إلى هنا تنتهي الزيادة التي لم ترد في النسخة الخطية.

(٣) العدات: جمع عدة، وهي الوعد. لسان العرب ٣: ٤٦٢.

١٢٢

المسيحعليه‌السلام ، ثم منه إلى نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليهم، ومختصر من سيرتهم، والغالب أنّهم في كلّ طبقة اثنا عشر، ويذكر في آخر حال كلّ واحد منهم أن الله تعالى أوحى إليه أن يستودع التابوت، ومواريث الأنبياء إلى فلان.

ثم شرع في الجزء الثاني في حال خاتم الأنبياءصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ولادته إلى وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مختصرا.

ثم شرع في خلافة أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وذكر قصّة المتقدّمين عليه على طريقة الإماميّة، ومن جملة كلامه.

فأقام أمير المؤمنينعليه‌السلام ومن معه من شيعته في منازلهم، بما عهد إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فوجّهوا إلى منزله فهجموا عليه، وأحرقوا بابه، واستخرجوه منه كرها، وضغطوا سيّدة النساءعليها‌السلام بالباب، حتى أسقطت محسنا، وأخذوه بالبيعة فامتنع، فقال: « لا أفعل » فقالوا: نقتلك، فقال: « إن تقتلوني فإنّي عبد الله وأخو رسوله » وبسطوا يده فقبضها وعسر عليهم فتحها، فمسحوا عليها وهي مضمومة.

ثمّ لقي أمير المؤمنينعليه‌السلام بعد هذا أحد القوم، فناشده الله وذكّره بأيّام الله، وقال له: « هل لك أن أجمع بينك وبين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى يأمرك وينهاك » فخرجا إلى قبا. إلى آخر القصّة.

قال: وهمّوا بقتل أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وتواصوا وتواعدوا بذلك، وأن يتولّى قتله خالد بن الوليد - إلى أن قال - وكان الموعد في قتله أنّه يسلّم إمامهم، فيقوم خالد إليه بسيفه، فأحسّوا بأسه، فقال الإمام قبل أن يسلّم: لا يفعلنّ خالد ما أمرته به، ثم كان من أقاصيصهم ما رواه الناس(١) .

ثم ساق حالاته، وبعض معاجزه، ووفاته، ونصّه على ابنه أبي محمّدعليه‌السلام ، وهكذا إلى صاحب الزمان صلوات الله عليه، وذكر في حال كلّ

__________________

(١) إثبات الوصية: ١٢٣ و ١٢٤.

١٢٣

إمام ولادته، وسيرته، ومعاجزه، ووفاته، على أحسن نظم وترتيب.

ومن طريف ما رواه في حال أبي جعفر الثانيعليه‌السلام قوله: وروي أنّهعليه‌السلام كان يتكلّم في المهد.

وروي عن زكريا بن آدم قال: إنّي لعند الرضاعليه‌السلام ، إذ جيء بأبي جعفرعليه‌السلام وسنّه نحو أربع سنين، فضرب بيده الأرض، ورفع رأسه إلى السماء فأطال الفكر، فقال له الرضاعليه‌السلام : « بنفسي أنت فيم تفكّر طويلا ( منذ قعدت )(١) .

فقال: فيما صنع بأمّي فاطمةعليها‌السلام ، أما والله لأخرجنّهما، ثم لأحرقنّهما، ثم لاذرينّهما، ثم لأنسفنّهما في اليمّ نسفا، فاستدناه وقبّل بين عينيه، ثم قال: أنت لها - يعني الإمامة - »(٢) .

وذكر في أحوال الحجّةعليه‌السلام النصوص على الأئمّة الاثني عشر، وقال في آخرها وهو آخر الكتاب: فلمّا أفضى الأمر إلى أبي محمدعليه‌السلام ، كان يكلّم شيعته الخواصّ وغيرهم من وراء الستر، إلاّ في الأوقات التي يركب فيها إلى دار السلطان، وإنّ ذلك إنّما كان منه ومن أبيه قبله، مقدّمة لغيبة صاحب الزمانعليه‌السلام ، لتألف الشيعة ذلك ولا تنكر الغيبة، وتجري العادة بالاحتجاب والاستتار.

وفي تسع عشرة سنة من الوقت - أي وقت إمامته عجّل الله تعالى فرجه - توفّي المعتمد، وبويع لأحمد بن الموفّق - وهو المعتضد - وذلك في رجب سنة تسع وسبعين ومائتين، ثمّ ذكر الخلفاء إلى عصره، ثم قال: وللصاحبعليه‌السلام منذ ولد إلى هذا الوقت، وهو شهر ربيع الأوّل، سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة، خمس وسبعون سنة وثمانية أشهر(٣) ، أقام مع أبيه أبي محمد على

__________________

(١) في المخطوطة والحجرية: فقعد، وما أثبتناه في المتن نقلناه عن المصدر.

(٢) إثبات الوصية: ١٨٤.

(٣) في المصدر: ست وسبعون سنة وأحد عشر شهرا ونصف شهر.

١٢٤

السلام أربع سنين وثمانية أشهر، ومنها منفردا بالإمامة إحدى وسبعون سنة(١) ، وقد تركنا بياضا لمن يأتي بعد والسلام، وهو آخر الكتاب(٢) .

وقال في مروج الذهب: وفي أيّام عثمان اقتنى جماعة من الصحابة الضياع والدور، منهم الزبير بن العوام بنى داره بالبصرة، وهي المعروفة في هذا الوقت، وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة، تنزلها التجّار وأرباب الأموال(٣) . إلى آخره. ويعلم من هذا أنّه صنّف كتاب إثبات الوصيّة في خلال أيّام تأليفه المروج، ومنه يعلم فساد احتمال كونه منهم في أيام تأليفه، ورجوعه بعد ذلك بملاحظة الكتاب المذكور.

هذا وقال الثقة الجليل محمّد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة، في باب ما نزل من القرآن في القائمعليه‌السلام : أخبرنا علي بن الحسين المسعودي، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار القمّي، قال: حدثنا محمد بن حسان(٤) الرازي، قال: حدثنا محمد بن علي الكوفي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي نجران، عن القاسم، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ:( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ) (٥) هي في القائمعليه‌السلام وأصحابه(٦) .

__________________

(١) في المصدر: اثنتان وسبعون سنة وشهورا.

(٢) إثبات الوصية: ٢٣١.

(٣) مروج الذهب ٢: ٣٣٢.

(٤) في المخطوطة والحجرية: الحسن، والذي أثبتناه هو ما اتفقت عليه كتب الرجال، انظر على سبيل المثال لا الحصر: رجال النجاشي ٣٣٨ / ٩٠٣ وفهرست الشيخ ١٤٧ / ٦١٧ ورجال العلامة: ٢٥٥ / ٤٣ وتنقيح المقال ٣: ٩٩ / ١٠٥٢٨ وكذلك المصدر.

(٥) الحج: ٢٢: ٣٩.

(٦) الغيبة للنعماني: ٢٤١.

١٢٥

وروي عنه في الكتاب المذكور - بهذا السند إلى الكوفي - في الأبواب المختصة مضامين أخبارها بالإماميّة أخبارا كثيرة:

ففي باب ما جاء في الإمامة والوصيّة، وأنّهما من الله عزّ وجلّ باختياره وأمانته، لا باختيار خلقه، بالسند المذكور، عن الكوفي، بإسناده عن زيد الشحام، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أيّما أفضل الحسن أو الحسينعليهما‌السلام ؟ قال: « إنّ فضل أوّلنا يلحق فضل آخرنا، وفضل آخرنا يلحق فضل أوّلنا، فكلّ له فضل » قال، فقلت له: جعلت فداك وسّع عليّ في الجواب، فإنّي والله ما أسألك إلاّ مرتادا، فقالعليه‌السلام : « نحن من شجرة برأنا الله تعالى من طينة واحدة، فضلنا من الله، وعلمنا من عند الله، ونحن أمناء الله على خلقه، والدعاة إلى دينه، والحجّاب فيما بينه وبين خلقه، أزيدك يا زيد؟ قال: نعم، فقال: خلقنا واحد، وعلمنا واحد، وفضلنا واحد، وكلّنا واحد عند الله عزّ وجلّ، فقلت: أخبرني بعدّتكم؟ فقال: نحن اثنا عشر، هكذا حول عرش ربّنا عزّ وجلّ وفي مبتدإ خلقنا، أوّلنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأوسطنا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وآخرنا محمد(١) ».

وبالسند عن الكوفي، بإسناده عن أبي حمزة الثمالي، قال: كنت عند أبي جعفر محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام ذات يوم، فلمّا تفرّق من كان عنده قال: « يا أبا حمزة من المحتوم الذي لا تبديل له عند الله قيام قائمنا، فمن شكّ فيما أقول لقي الله وهو به كافر وله جاحد، ثمّ قال: بأبي وأمّي المسمّى باسمي، والمكنّى بكنيتي، والسابع من بعدي، بأبي من يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا(٢) . » الخبر.

وقس على الخبر سائر ما رواه عنه فيه، وإن لم يصفه بالمسعودي في كثير

__________________

(١) الغيبة للنعماني: ٨٥ والحديث في باب: ما روي في أن الأئمة اثنا عشر إماما.

(٢) الغيبة للنعماني: ٨٦.

١٢٦

من المواضع، إلاّ أنّ اتّحاد السند، وتوصيفه به في بعض المواضع، كاف للمستأنس بالطريقة، في ثبوت كونه المقصود في جميع المواضع، وفي بعضها: حدّثنا محمد بن يحيى العطار بقم، ولا يناسب صدور هذا الكلام عن علي بن الحسين بن بابويه الساكن فيه كما لا يخفى، ومن هنا ظهر أنّ ما فعله في الرياض - في مقام جمع مشايخ النعماني من عدّ المسعودي منهم دون ابن بابويه - في محلّه(١) .

__________________

(١) رياض العلماء ٥: ١٣، ولم نقف في ترجمة النعماني على ذكر مشايخه في النسخة المطبوعة.

١٢٧

٢٥ - كتاب دعائم الإسلام:

تأليف نعمان بن محمد بن منصور بن أحمد بن حيوان، قاضي مصر.

قال في البحار: قد كان أكثر أهل عصرنا(١) يتوهّمون أنّه تأليف الصدوق -رحمه‌الله - وقد ظهر لنا أنّه تأليف أبي حنيفة النعمان بن محمد بن منصور، قاضي مصر في أيام الدولة الإسماعيليّة، وكان مالكيّا أولا، ثم اهتدى وصار إماميّا، وأخبار هذا الكتاب أكثرها موافقة لما في كتبنا المشهورة، لكن لم يرو عن الأئمّة بعد الصادقعليه‌السلام ، خوفا من الخلفاء الإسماعيليّة، وتحت ستر التقيّة أظهر الحقّ لمن نظر فيه متعمّقا، وأخباره تصلح للتأييد والتأكيد.

قال ابن خلّكان: هو أحد الفضلاء المشار إليهم، ذكره الأمير المختار المسبّحي في تأريخه، فقال: كان من العلم، والفقه، والدين، والنبل، على ما لا مزيد عليه، وله عدّة تصانيف، منها كتاب اختلاف أصول المذاهب، وغيره، انتهى(٢) .

وكان مالكيّ المذهب، ثم انتقل إلى مذهب الإماميّة.

وقال ابن زولاق في ترجمة ولده علي بن النعمان: وكان أبوه النعمان بن محمد القاضي في غاية الفضل، من أهل القرآن والعلم، بمعانيه، وعالما بوجوه الفقه، وعلم اختلاف الفقهاء، واللّغة والشعر الفحل، والمعرفة بأيّام الناس، مع عقل وإنصاف، وألّف لأهل البيت من الكتب آلاف أوراق، بأحسن تأليف، وأملح سجع، وعمل في المناقب والمثالب كتابا حسنا، وله ردود على المخالفين: له ردّ على أبي حنيفة، وعلى مالك والشافعي، وعلى ابن سريج، وكتاب اختلاف الفقهاء ينتصر فيه لأهل البيتعليهم‌السلام (٣) .

__________________

(١) كذا في المصدر والحجرية، وفي المخطوطة: أهلنا.

(٢) أي كلام المختار المسبّحي في تأريخه ( تاريخ مصر )

(٣) وفيات الأعيان ٥: ٤١٥.

١٢٨

أقول : ثمّ ذكر كثيرا من فضائله وأحواله، ونحوه ذكر اليافعي وغيره.

وقال ابن شهرآشوب في كتاب معالم العلماء: القاضي النعمان بن محمد ليس بإماميّ، وكتبه حسان، منها شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهارعليهم‌السلام ، ذكر المناقب إلى الصادقعليه‌السلام ، الاتّفاق والافتراق، المناقب والمثالب [ الإمامة ] أصول المذاهب، الدّولة، الإيضاح، انتهى ما في البحار(١) .

وقال العلامة الطباطبائي في رجاله: نعمان بن محمد بن منصور، قاضي مصر، وقد كان بدو أمره مالكيّا، ثم انتقل إلى مذهب الإماميّة، وصنّف على طريق الشيعة كتبا، منها كتاب دعائم الإسلام، وله فيه وفي غيره ردود على فقهاء العامّة، كأبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وغيرهم.

وذكر صاحب تأريخ مصر: عن القاضي نعمان: إنّه كان من العلم والفقه، والدين والنبل، على ما لا مزيد عليه.

وكتاب الدعائم كتاب حسن جيّد، يصدّق ما قيل فيه، إلاّ أنّه لم يرو فيه عمّن بعد الصادق من الأئمةعليهم‌السلام ، خوفا من الخلفاء الإسماعيليّة، حيث كان قاضيا منصوبا من قبلهم بمصر، لكنّه قد أبدى من وراء ستر التقيّة مذهبه، بما لا يخفى على اللبيب(٢) .

وقال العالم المتبحّر الجليل السيّد حسين القزويني، في المبحث الخامس - من كتاب جامع الشرائع - في شرح حال المشايخ، وهو كرسالة لطيفة قال: النعمان بن محمد عالم فاضل، له كتاب دعائم الإسلام.

قال في البحار - وساق بعض ما نقلناه - وقال(٣) : وأخباره صالحة

__________________

(١) بحار الأنوار ١: ٣٨، معالم العلماء: ١٢٦ / ٨٥٣

(٢) رجال السيد بحر العلوم ٤: ٥ - ١٤.

(٣) أي القزويني.

١٢٩

للتأييد والتأكيد، ولما اشتهر [ من ] الفتوى بين العلماء الثقات ولم يوجد له مستند منسوب إلى الأئمة الأطهارعليهم‌السلام (١) .

وقال المحقّق النحرير الكاظمي في المقابس، في ذكر القائلين بعدم نجاسة الماء القليل بالملاقاة: وذهب إليه من القدماء صاحب دعائم الإسلام، كما يظهر من كلامه في هذا الكتاب - وساق بعض ما رواه فيه وبيّنه وشرحه - ثمّ قال: وهذا الرجل كما يلوح في كتابه من أفاضل الشيعة، بل الإماميّة، وإن لم يرو في كتابه إلاّ عن الصادق ومن قبله من الأئمّةعليهم‌السلام ، وقد ظهر للعلاّمة المجلسيقدس‌سره أنّ اسمه أبو حنيفة النعمان بن محمد بن منصور، قاضي مصر(٢) ، وذكر بعض ما مرّ(٣) .

وقال: وما في معالم السّروي من نفي كونه إماميّا منظور فيه، وقد ذكر السروي أنّ له كتبا حسانا في الإمامة، وفضائل الأئمّةعليهم‌السلام ، وغيرها، وعدّ منها كتابا في المناقب الى الصادقعليه‌السلام ، ولعلّ الوجه في اقتصاره عليهعليه‌السلام ما سبق(٤) ، مع احتمال كون [ مراد ](٥) من نسبه من العامّة إلى الإماميّة أنّه من الشيعة، لكنّه خلاف الظاهر والله يعلم.

وأكثر الأخبار التي أوردها في الدعائم موافقة لما في كتب أصحابنا المشهورة، وقال في أوّله: إنّه اقتصر فيه على الثابت الصحيح ممّا جاء عن الأئمّة، من أهل بيت الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، من جملة ما اختلف فيه الرّواة عنهم، وإنّه إنّما أسقط الأسانيد طلبا للاختصار، إلاّ أنّه مع ذلك خالف

__________________

(١) انتهى كلام القزويني والزيادة التي بين المعقوفتين أثبتناها لمقتضى السياق.

(٢) مقابس الأنوار: ٦٥ - ٦٦.

(٣) من كلام العلامة المجلسيرحمه‌الله .

(٤) أي كونه قاضي مصر في أيام الدولة الإسماعيلية.

(٥) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

١٣٠

فيه الأصحاب في جملة من الأحكام المعلومة عندهم، بل بعض ضروريّات مذهبهم كحلّيّة المتعة، فربّما كان مخالفته لهم هنا، وبقاؤه على مذهب مالك من هذا الباب، ولعلّه لبعض ما ذكر، ولعدم اشتهاره بين الأصحاب، وعدم توثيقهم له، وعدم تصحيحهم لحديثه أو كتابه، لم يورد صاحب الوسائل شيئا من أخباره، ولم يعدّ الدعائم من الكتب التي يعتمد عليها.

وقال صاحب البحار: ( إنّ أخباره تصلح للتأييد والتأكيد ) مع أنّ أخبار كثير من الأصول والمصنّفات يعتمد عليها وإن كان مؤلّفوها فاسدي المذهب كابن فضّال وغيره، فليعرف ذلك(١) ، انتهى.

وفي أمل الآمل: نعمان بن أبي عبد الله محمد بن منصور بن أحمد بن حيوان، أحد الأئمّة الفضلاء المشار إليهم(٢) ، ثم ساق بعض ما مرّ عن ابن خلّكان.

وذكره الشهيد الثالث القاضي نور الله في مجالسه في عداد علمائنا الأعلام، ورواة أخبارنا الكرام(٣) .

ولنرجع الى توضيح بعض ما ذكره هؤلاء المشايخ العظام، بما فيه قوّة اعتبار كتاب دعائم الإسلام، ويتمّ ذلك برسم أمور:

الأوّل في قول المجلسيقدس‌سره : قد كان أكثر أهل عصرنا. آخره. والظاهر أنّ سبب التوهّم عدّ الشيخ في الفهرست من كتب الصدوق كتاب دعائم الإسلام(٤) ، فظنّوا أنّه الموجود بأيدينا، ويرتفع ذلك بعد كثرة الاشتراك في أسامي الكتب، وبعد طريقة الصدوق عن تأليف مثله، بأنّه يظهر من مواضع(٥) منه أنّه كان في مصر، و(٦) مختلطا مع المنصور بالله، والمهدي بالله

__________________

(١) مقابس الأنوار: ٦٦.

(٢) أمل الآمل ٢: ٣٣٥ / ١٠٣٤.

(٣) مجالس المؤمنين ١: ٥٣٨.

(٤) الفهرست: ١٥٧ / ٦٩٥.

(٥) لم ترد في المخطوطة.

(٦) في الحجرية زيادة: أنه كان.

١٣١

من ملوك الفاطميّين(١) ، فراجع.

الثاني في قوله، وقول الجماعة: إنّه لم يرو عن الأئمّة بعد الصادقعليهم‌السلام . إلى آخره، والأمر كما قالوا إلاّ أنّي رأيت فيه الرواية عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام ، وعن الرضاعليه‌السلام ، ففي كتاب الوصايا: عن ابن أبي عمير(٢) أنّه قال: كنت جالسا على باب أبي جعفرعليه‌السلام ، إذ أقبلت امرأة، فقالت: استأذن لي على أبي جعفرعليه‌السلام ، قيل لها: وما تريدين منه، قالت: أردت أن أسأله عن مسألة، قيل لها: هذا الحكم، فقيه أهل العراق فاسأليه، قالت: إنّ زوجي هلك وترك ألف درهم، وكان لي عليه من صداقي خمسمائة درهم ( فأخذت صداقي وأخذت ميراثي، ثمّ جاء رجل فقال: لي عليه ألف درهم )(٣) وكنت أعرف له ذلك فشهدت بها، فقال الحكم: اصبري حتى أتدبّر في مسألتك وأحسبها، وجعل يحسب، فخرج إليه أبو جعفرعليه‌السلام وهو على ذلك، فقال: « ما هذا الذي تحرّك به أصابعك يا حكم » فأخبره، فما أتمّ الكلام حتى قال أبو جعفرعليه‌السلام : « أقرّت له بثلثي ما في يديها، ولا ميراث لها حتى تقضيه(٤) ».

والمراد به أبو جعفر الثانيعليه‌السلام قطعا، لأنّ ابن أبي عمير لم يدرك الصادقعليه‌السلام فضلا عن الباقرعليه‌السلام ، بل أدرك الكاظم عليه

__________________

(١) دعائم الإسلام ١: ٥٤ - ٥٥.

(٢) روى القاضي النعمان في دعائمه الحديث المذكور عن الحكم بن عيينة، بدلا من ابن أبي عمير، ورواه الشيخ الكليني في الكافي ٧: ٢٤ حديث ١ و ١٦٧ حديث ١، والشيخ الطوسي في التهذيب ٩: ١٦٤ حديث ٦٧١، والاستبصار ٤: ١١٤ حديث ٤٣٦ كلها عن الحكم بن عتيبة، والشيخ الصدوق في الفقيه ٤: ١٦٦ حديث ٥٧٩ عن الحكم بن عيينة، فعليه يكون استنتاج المصنف ( قده ) من أن المقصود بأبي جعفر في هذه الرواية هو الجوادعليه‌السلام ، وليس الباقرعليه‌السلام لرواية ابن أبي عمير عنه فيه تأمل، فلاحظ.

(٣) ما بين القوسين زيادة من الحجرية لم ترد في المخطوطة.

(٤) نسخة بدل: يقبضه ( مخطوط ). دعائم الإسلام ٢: ٣٦٠ / ١٣٠٩.

١٣٢

السلام ولم يرو عنه، وإنّما هو من أصحاب الرضا والجوادعليهما‌السلام ، وهو من مشاهير الرواة، بل الفقهاء العظام الذين لا يخفى عصرهم، وزمانهم وطبقتهم، على مثله من أهل العلم والفضل، وهذا ظاهر على الخبير المنصف.

وفي كتاب الوقوف: عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنّ بعض أصحابه كتب إليه: إنّ فلانا ابتاع ضيعة وجعل لك في الوقف الخمس(١) إلى آخر الخبر المروي في الكافي، والتهذيب، والفقيه، مسندا عن علي ابن مهزيار، قال: كتبت إلى أبي جعفرعليه‌السلام (٢) . إلى آخره، وعليّ من أصحاب الجواد والرضاعليهما‌السلام ، لم يدرك قبلهما من الأئمةعليهم‌السلام أحدا فلاحظ.

وفي كتاب الميراث: عن حذيفة بن منصور، قال: مات أخ لي وترك ابنته، فأمرت إسماعيل بن جابر أن يسأل أبا الحسن عليّا صلوات الله عليه عن ذلك، فسأله فقال: « المال كلّه لابنته »(٣) .

الثالث في تصريح الجماعة بأنّه أظهر الحقّ تحت أستار التقيّة لمن نظر فيه متعمّقا. وهو حقّ لا مرية فيه، بل لا يحتاج إلى التعمّق في النظر.

أمّا أولا : فلانّ الإسماعيليّة الخالصة كما صرّح به الشيخ الجليل الحسن ابن موسى النوبختي في كتاب الفرق، هم الذين أنكروا موت إسماعيل في حياة

__________________

(١) دعائم الإسلام ٢: ٣٤٤ / ١٢٩٠ كتاب العطايا، فصل: ذكر ما يجوز من الصدقة وما لا يجوز.

(٢) الكافي ٧: ٣٦ حديث ٣٠، والتهذيب ٩: ١٣٠ حديث ٥٥٧، والفقيه ٤: ١٧٨ حديث ٦٢٨.

(٣) لم نعثر على هذه الرواية في النسخة المطبوعة من الدعائم، ولم نعثر عليها في الكتب الحديثية ولعلها مذكورة في نسخته.

١٣٣

أبيه، وقالوا: كان ذلك على جهة التلبيس من أبيه على الناس، لأنّه خاف فغيّبه عنهم، وزعموا أنّ إسماعيل لا يموت حتى يملك الأرض يقوم بأمر الناس، وأنّه هو القائم(١) .

وأمّا الباطنيّة منهم فلهم ألقاب كثيرة، ومقالات شنيعة، وزعموا كما في الكتاب المذكور أنّ الله عزّ وجلّ بدا له في إمامة جعفرعليه‌السلام وإسماعيل، فصيّرها في محمد بن إسماعيل.

وزعموا أنّه حيّ لم يمت، وأنّه يبعث بالرسالة، وبشريعة جديدة ينسخ بها شريعة محمّد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنّه من اولي العزم.

وأولو العزم عندهم سبعة: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمّد، وعلي - صلوات الله عليهما وآلهما - ومحمّد بن إسماعيل، على أنّ السموات سبع، وأنّ الأرضين سبع، وأنّ الإنسان بدنه سبع: يداه، ورجلاه، وظهره، وبطنه، وقلبه، وأنّ رأسه سبع: عيناه، وأذناه، ومنخراه وفمه، وفيه لسانه - كصدره الذي فيه قلبه - وأنّ الأئمّة كذلك، وقلبهم محمد بن إسماعيل، وأنّ الله تبارك وتعالى جعل له جنّة آدم، ومعناها عندهم الإباحة للمحارم، وجميع ما خلق في الدنيا، وهو قول الله عزّ وجلّ:( وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ ) (٢) : [ أي ](٣) موسى بن جعفر بن محمد، وولدهعليهم‌السلام من بعده من ادّعى الإمامة منهم.

وزعموا أنّه خاتم النبيّين الذي حكاه الله عزّ وجلّ في كتابه.

وزعموا أنّ جميع الأشياء التي فرضها الله عزّ وجلّ على عباده، وسنّها نبيّه

__________________

(١) فرق الشيعة: ٧٩.

(٢) البقرة ٢: ٣٥.

(٣) ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.

١٣٤

وأمر بها، لها ظاهر وباطن، وأنّ جميع ما استعبد الله به العباد في الظاهر من الكتاب والسنّة، فأمثال مضروبة، وتحتها معان هي بطونها، وعليها العمل، وفيها النجاة، وأنّ ما ظهر منها ففي استعمالها الهلاك والشقاء، وهي جزء من العذاب الأدنى، عذّب الله به قوما إذ لم يعرفوا الحقّ، ولم يقولوا به.

الى غير ذلك من مقالاتهم الشنيعة، التي نسبها إليهم في الكتاب المذكور(١) ، وغيره في تصانيفهم في هذا الباب.

وأنت خبير بأنّه ليس في كتاب الدعائم ذكر لإسماعيل، ولا لمحمد أصلا في موضع منه، حتى في مقام إثبات الإمامة، وردّ مقالات العامّة وأئمّتهم الأربعة، فكيف يرضى المنصف أن ينسب إليه هذا المذهب؟! ولا يذكر في كتابه اسم إمامه أو نبيّه، مع أنّ خلفاء عصره الذين كان هو في قاعدة سلطنتهم، ومنصوبا للقضاوة من قبلهم، المدّعين انتهاء نسبهم الى محمد بن إسماعيل، المستولين على بلاد المغاربة، ومصر الإسكندرية، وغيرها، كانوا في الباطن من الباطنية - كما صرّح به العالم الخبير البصير السيد المرتضى الرازي، في كتاب تبصرة العوام(٢) - وكان دعاتهم متفرّقين في البلاد، ومنهم الحسن الصبّاح المعروف في خلافة المستنصر منهم، ومع ذلك ليس فيه إشارة إلى هذا المذهب، وفي مواضع لا بدّ من الإشارة إليه لو كان ممّن يميل إليه.

وأمّا ثانيا : فلأنّه صرّح في كتابه بكفر الباطنيّة وضلالتهم، وخروجهم عن الدين، فإنّه قال في باب ذكر منازل الأئمّةعليهم‌السلام ، وتنزيههم ممّن وضعهم بغير مواضعهم، وتكفيرهم من ألحد فيهم ما لفظه.

أئمّة الهدى صلوات الله عليهم ورحمته وبركاته، خلق مكرّمون من خلق

__________________

(١) فرق الشيعة: ٨٤ - ٨٥.

(٢) تبصرة العوام: ١٨١.

١٣٥

الله جلّ جلاله، وعباد مصطفون من عباده، افترض طاعة كلّ إمام منهم على أهل عصره، وأوجب عليهم التسليم لأمره، وجعلهم هداة خلقه إليه، وأدلاّء عباده عليه، وقرن طاعتهم في كتابه بطاعته وطاعة رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهم حجج الله على خلقه، وخلفاؤه في أرضه.

ليس كما زعم الضالّون المفترون بآلهة غير مربوبين، ولا بأنبياء مرسلين - إلى أن قال - ولمّا كان أولياء الله الأئمّة الطاهرين، حجج الله التي احتجّ بها على خلقه، وأبواب رحمته التي فتح لعباده، وأسباب النجاة التي سبّب لأوليائه وأهل طاعته، ومن لا يقبل العمل إلاّ بطاعتهم، ولا يجازى بالطاعة إلاّ من تولاّهم وصدّقهم، كان الشيطان أشدّ عداوة لأوليائهم وأهل طاعتهم، ليستزلّهم كما استزلّ أبويهم من قبلهم، فاستزلّ كثيرا منهم واستغواهم(١) ، واستهواهم، فصاروا إلى الحور بعد الكور(٢) ، والى الشقوة بعد السعادة، والى المعصية بعد الطاعة.

وقصد الشيطان كلّ امرئ منهم من حيث يجد السبيل اليه والى الإجلاب بخيله ورجله عليه، فمن كان منهم قصير العلم، متخلّف الفهم ممّن تابع هواه، استفزّه واستغواه، واستزلّه فمال إلى الجحد لهم والنفاق عليهم، والخروج عن طاعتهم والكفر بهم، والانسلاخ من معرفتهم.

ومن كان قد برع في العلم وبلغ حدود الفهم، فاستزلّه وخدعه ودخل إليه، من باب محبوبة، وموضع رغبته، ومكان طلبته، فبيّن(٣) له زخرف التأويل، ونمّق له قول الأباطيل، فأغراه بالفكرة في تعظيم شأنهم، ورفع

__________________

(١) ورد هنا في الحجرية والمصدر زيادة: وسول لهم.

(٢) في الدعاء: نعوذ بالله من الحور بعد الكور، أي نعوذ بالله من الرجوع إلى النقصان بعد الزيادة والتمام، انظر مجمع البحرين ٤: ٢٧٩.

(٣) نسخة بدل: فزين ( مخطوطة )، وكذا في المصدر.

١٣٦

مكانهم، وقرّب منه الوسائل، وأكّد له الدلائل على أنّهم آلهة غير مربوبين، أو أنبياء مرسلون، أمكنه من ذلك ما أمكنه فيه، وتهيأ له منه ما تجرّأ به عليه، ودخل إلى طبقة ثالثة من مدخل الشبهات، واستثقال الفرائض الواجبات، وأباح لهم المحارم، وسهّل عليهم العظائم، في رفض فرائض الدين، والخروج من جملة المسلمين، بفاسد أقام لهم من التأويل، ودلّهم عليه بأسوء دليل، فصاروا إلى الشّقوة والخسران، وانسخلوا من جملة الإيمان.

نسأل الله العصمة من الزّيغ، والخروج من الدنيا سالمين، غير ناكثين ولا مارقين، ولا مبدّلين، ولا مغضوب علينا ولا ضالّين(١) .

ثم ذكر قصّة الغلاة في عصر أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وإحراقه إيّاهم بالنار، ثم قال: وكان في أعصار الأئمّة من ولدهعليهم‌السلام من مثل ذلك، ما يطول الخبر بذكرهم، كالمغيرة بن سعيد وكان من أصحاب أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ودعاته، فاستزلّه الشيطان - إلى أن قال -: واستحلّ المغيرة وأصحابه المحارم كلّها وأباحوها، وعطّلوا الشرائع وتركوها، وانسلخوا من الإسلام جملة، وبانوا من جميع شيعة الحقّ، وأتباع الأئمّةعليهم‌السلام ، وأشهر أبو جعفرعليه‌السلام لعنهم، والبراءة منهم.

ثمّ كان أبو الخطّاب في عصر جعفر بن محمدعليهما‌السلام من أجلّ دعاته، ثمّ أصابه ما أصاب المغيرة فكفر وادّعى أيضا النبوّة، وزعم أنّ جعفراعليه‌السلام إلها، تعالى الله عزّ وجلّ عن قوله، واستحلّ المحارم كلّها، ورخّص لأصحابه فيها، وكانوا كلّما ثقل عليهم أداء فرض أتوه، فقالوا: يا أبا الخطّاب خفّف عنّا، فيأمرهم بتركه، حتى تركوا جميع الفرائض، واستحلّوا جميع المحارم، وأباح لهم أن يشهد بعضهم لبعض بالزور، وقال: من عرف الإمام حلّ له كلّ شيء كان حرم عليه، فبلغ أمره جعفر بن محمد عليهما

__________________

(١) دعائم الإسلام ١: ٤٥ - ٤٧.

١٣٧

السلام، فلم يقدر عليه بأكثر من أن لعنه وتبرّأ منه، وجمع أصحابه فعرّفهم ذلك، وكتب إلى البلدان بالبراءة منه وباللعنة عليه، وعظم أمره على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، واستفظعه واستهاله.

ثمّ ساق بعض الأخبار في ذلك، قال: وروينا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه كتب إلى بعض أوليائه، وقد كتب إليه بحال قوم قبله، ممّن انتحل الدعوة: تعدّوا الحدود، واستحلّوا المحارم، واطّرحوا الظاهر.

فكتب إليه أبو عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، بعد أن وصف حال القوم: « وذكرت أنّه بلغك أنّهم يزعمون أنّ الصلاة، والزكاة، وصوم شهر رمضان، والحجّ والعمرة، والمسجد الحرام، والبيت الحرام، والمشاعر، والشهر الحرام، إنّما هو رجل، والاغتسال من الجنابة رجل، وكلّ فريضة فرضها الله تبارك وتعالى على عباده هو رجل، وإنّهم ذكروا أنّ من عرف ذلك الرجل فقد اكتفى بعلمه من غير عمل، وقد صلّى، وأدّى الزكاة، وصام وحجّ البيت واعتمر، واغتسل من الجنابة وتطهّر، وعظّم حرمات الله والشّهر الحرام، والمسجد الحرام، وأنّهم زعموا أنّ من عرف ذلك وثبت في قلبه، جاز له أن يتهاون، وليس عليه أن يجتهد، وأنّ من عرف ذلك الرجل فقد قبلت منه هذه الحدود لوقتها، وإن هو لم يعملها.

وأنّه بلغك أنّهم يزعمون أنّ الفواحش التي نهى الله تعالى. عنها الخمر، والميسر، والزنا، والربا، والميتة، والدم، ولحم الخنزير أشخاص، وذكروا أنّ الله عزّ وجلّ إنّما حرّم من نكاح الأمّهات، والبنات، والأخوات، والعمّات، والخالات، وما حرّم على المؤمنين من النساء، إنّما عنى بذلك نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وما سوى ذلك فمباح، وبلغك أنّهم يترادفون نكاح المرأة الواحدة، ويتشاهدون بعضهم لبعض بالزور، ويزعمون أنّ لهذا ظهرا وبطنا يعرفونه، وأنّ الباطن هو الذي يطالبون به، وبه أمروا.

وكتبت تسألني عن ذلك، وعن حالهم وما يقولون، فأخبرك أنّه من كان

١٣٨

يدين الله بهذه الصفة التي كتبت تسأل عنها، فهو عندي مشرك بيّن الشرك، ولا يسع لأحد أن يشكّ فيه »(١) . إلى آخر الخبر الشريف الطويل، الذي رواه سعد بن عبد الله في بصائره، ومحمّد بن الحسن الصفار في أواخر بصائر الدرجات، وفيهما: إنّ الذي كتب إليهعليه‌السلام هو المفضل بن عمر(٢) ، ولا يخفى أنّ صاحب هذه المقالات الشنيعة هو أبو الخطاب وأصحابه.

وقال الشيخ المقدّم الحسن بن موسى النوبختي في كتاب المقالات: فأمّا الإسماعيلية فهم الخطابيّة، أصحاب أبي الخطاب محمّد بن أبي زينب الأسدي الأجدع، وقد دخلت منهم فرقة في فرقة محمّد بن إسماعيل، وأقرّوا بموت إسماعيل بن جعفرعليه‌السلام في حياة أبيه، وهم الذين خرجوا في حياة أبي عبد الله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، فحاربوا عيسى بن موسى بن علي بن عبد الله بن العباس، فبلغه عنهم أنّهم أظهروا الإباحات، ثم ساق قصّة مقاتلتهم وهلاكهم(٣) .

ثمّ أنّ الظاهر من كتب المقالات أنّ الإسماعيليّة كلّهم منكرون للشرائع، تاركون للفرائض، مستبيحون للمحارم، ولذا يذكرون - إذا بلغوا إلى شرح حالهم - أنّهم لقّبوا بسبعة ألقاب، منها الباطنيّة بالمعنى الذي أشرنا إليه، صرّح بذلك السيد المرتضى الرازي في تبصرة العوام، وغيره.

ووافقنا على ذلك السيد الفاضل المعاصررحمه‌الله في الروضات، في ترجمة جلال الرومي حيث قال: الإسماعيليّة وإن كانوا في ظاهر دعاويهم الكاذبة، من جملة فرق الشيعة المنكرين لخلافة غير أمير المؤمنينعليه‌السلام ، إلاّ أنّ الغالب عليهم الإلحاد، والزندقة، والمروق عن الدين، والخروج عن

__________________

(١) دعائم الإسلام ١: ٤٨ - ٥٢.

(٢) بصائر الدرجات: ٥٤٦، ومختصر بصائر الدرجات: ٧٨.

(٣) فرق الشيعة: ٨٠ - ٨١.

١٣٩

دائرة الموحّدين، والملّيّين، وأتباع النبيّين، انتهى(١) .

ولعلّه لذلك لم يتعرّض شيخ الطائفةرحمه‌الله في كتاب الغيبة لإبطال مذهبهم، كما تعرّض لإبطال مذهب الكيسانيّة، والناوسيّة، والواقفيّة، والفطحيّة، وغيرها، لظهور فساد مذهبهم عند جميع فرق المسلمين.

ومن ذلك كلّه ظهر أنّ نسبة هذا العالم الجليل، صاحب هذا المؤلّف الشريف إلى هذا المذهب السخيف، افتراء عظيم.

وأمّا ثالثا : فلأنّ لأرباب هذا المذهب ودعاته قواعد واصطلاحات ورموزا وإشارات، لا أثر لها في هذا الكتاب، ولا إشارة فيه إليها، فعندهم أنّه لا بدّ في كلّ عصر من سبعة، بهم يقتدون، وبهم يؤمنون، وبهم يهتدون، وهم متفاوتون في الرتب: إمام يؤدي عن الله وهو غاية الأدلّة إلى دين الله. وحجّة يؤدّي عن الإمام يحمل علمه. وذو مصّة يمصّ العلم من الحجّة أي يأخذه منه، فهذه ثلاثة. وأبواب وهم الدعاة: فداع أكبر هو رابعهم، يرفع درجات المؤمنين. وداع مأذون يأخذ العهود على الطالبين من أهل الظاهر، فيدخلهم في ذمّة الإمام، ويفتح لهم باب العلم والمعرفة وهو خامسهم. ومكلّب قد ارتفعت درجته في الدين، ولكن لم يؤذن له في الدعوة، بل في الاحتجاج على الناس، فهو يحتجّ ويرغّب إلى الداعي، ككلب الصائد، حتى إذا احتجّ على أحد من أهل الظاهر، وكسر عليه مذهبه بحيث رغب عنه، وطلب الحقّ، أدّاه المكلّب إلى الداعي المأذون ليأخذ عليه العهود، وإنّما سمّي مكلّبا لأنّ مثله مثل الجارح يحبس الصيد على الصائد، على ما قاله تعالى:( وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ ) (٢) وهو سادسهم. ومؤمن يتبع الداعي، وهو الذي أخذ عليه العهد، وآمن وأيقن بالعهد، ودخل في ذمّة الإمام وحزبه وهو سابعهم.

__________________

(١) روضات الجنات ٨: ٧١.

(٢) المائدة: ٥: ٤.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392