مستدرك الوسائل خاتمة 1 الجزء ١٩

مستدرك الوسائل خاتمة 110%

مستدرك الوسائل خاتمة 1 مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 392

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 392 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 86581 / تحميل: 6124
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل خاتمة 1

مستدرك الوسائل خاتمة ١ الجزء ١٩

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

بأحسن تأليف، وأملح سجع، وعمل في المناقب والمثالب كتابا حسنا، وله ردود على المخالفين: له ردّ على أبي حنيفة، وعلى مالك، والشافعي، وابن سريج، وغيرهم، وكتاب اختلاف الفقهاء، وينتصر فيه لأهل البيتعليهم‌السلام (١) ، انتهى.

والظاهر أنّ كتاب المناقب والمثالب، هو الذي أشار إليه القاضي في كلامه المتقدّم.

وقال ابن شهرآشوب في معالم العلماء: وكتبه حسان، منها شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهارعليهم‌السلام (٢) . وينقل عنه في مناقبه، ففي أحوال المجتبىعليه‌السلام : القاضي النعمان في شرح الأخبار، بالإسناد عن عبادة بن الصامت - ورواه جماعة عن غيره -: أنّه سأل أعرابي أبا بكر، فقال: إنّي أصبت بيض نعام. الخبر(٣) .

ومن الغريب بعد ذلك ما في رياض العلماء قال: وقد نسب ابن شهرآشوب في بعض مواضع المناقب إلى القاضي النعمان كتاب شرح الأخبار، وينقل عنه فيه، وقد صرّح بذلك في معالم العلماء أيضا، ولكنّ الحقّ عندي أنّ ذلك سهو منه، فإنّ ابن شهرآشوب قد صرّح نفسه في عدة مواضع أخر من مناقبه المذكور، بأنّ شرح الأخبار من مؤلّفات ابن فيّاض من أصحابنا، وأغرب منه أنّه عدّ هو نفسه هذا الكتاب - على ما في بعض نسخ معالم العلماء - في جملة الكتب التي لم يعلم مؤلّفها، فتدبّر، انتهى(٤) .

ولكنّهرحمه‌الله استدرك بخطّه في حاشية الكتاب، فقال: ولكن يظهر

__________________

(١) وفيات الأعيان ٥: ٤١٦ / ٧٦٦.

(٢) معالم العلماء: ١٢٦ / ٨٥٣.

(٣) مناقب ابن شهرآشوب ٤: ١٠.

(٤) رياض العلماء ٥: ٢٧٥.

١٦١

من نسخ المعالم(١) أنّ ابن فيّاض هو القاضي النعمان، فتأمّل ولاحظ.

وفيه: في الفصل الخامس من القسم الأول بعد نقل ما في آخر معالم العلماء، من الكتب المجهولة: وأقول: قد يوجد في بعض نسخ المعالم، في هذا المقام كتاب شرح الأخبار أيضا. وهو غير متوجّه، لأنّه قد صرّح نفسه في المعالم بأنّه تأليف القاضي النعمان، وصرّح في غير موضع من المناقب بأنّه تأليف ابن فيّاض، انتهى(٢) .

قلت : الموجود في بعض نسخ المعالم - ومنه نسختي - هكذا: ابن فيّاض القاضي النعمان بن محمد. إلى آخر الترجمة(٣) . وبعد التأمّل فيما ذكرنا لا مجال للشبهة في اتّحادهما، وكون الكتاب له، إلاّ أنّ ما فيه من الأحكام في غاية الندرة.

__________________

(١) معالم العلماء: ١٢٦ / ٨٥٣ علما ان نسخة الرياض المطبوعة خالية منه.

(٢) رياض العلماء ٦: ٤١.

(٣) معالم العلماء: ١٢ / ٨٥٣.

١٦٢

٢٧ - كتاب الاستغاثة في بدع الثلاثة:

ويعرف بكتاب البدع أيضا، وتارة بالبدع المحدثة، لأبي القاسم عليّ بن أحمد الكوفي، كان إماميّا مستقيم الطريقة، ثمّ غلا في آخر عمره، وصنّف كتبا في حالتي الاستقامة والانحراف، وهذا الكتاب من القسم الأوّل، ولنذكر ما ذكروا فيه ثم نتبيّن ما ادّعيناه.

قال الشيخقدس‌سره في الفهرست: عليّ الكوفي، يكنّى أبا القاسم، كان إماميّا مستقيم الطريقة، وصنّف كتبا كثيرة سديدة، منها كتاب الأوصياء، وكتاب في الفقه على ترتيب كتاب المزني، ثمّ خلط وأظهر مذهب المخمّسة(١) ، وصنّف كتبا في الغلوّ والتخليط، وله مقالة تنسب إليه(٢) .

وقال النجاشي قدس‌سره : عليّ بن أحمد أبو القاسم الكوفيّ، رجل من أهل الكوفة، كان يقول: إنّه من آل أبي طالب، غلا في آخر عمره، وصنّف كتبا كثيرة، أكثرها على الفساد:

كتاب الأنبياء، كتاب الأوصياء، كتاب البدع المحدثة، كتاب التبديل والتحريف، كتاب تحقيق اللسان في وجوه البيان، كتاب الاستشهاد، كتاب تحقيق ما ألّفه البلخي من المقالات، كتاب منازل النظر والاختيار، كتاب أدب النظر والتحقيق، كتاب تناقض أحكام المذاهب الفاسدة - تخليط كلّه - كتاب

__________________

(١) المخمسة: من فرق غلاة الشيعة وهم منهم براء، ملعونون لديهم، إذ يعتقدون ان الله تعالى أو كل ادارة مصالح العباد إلى خمسة: سلمان - وهو رئيسهم - والمقداد وعمار وأبو ذر وعمرو بن أمية الضمري.

وهناك مخمسة آخرون ملقبون في كتب الفرق بالخطابية أتباع أبو الخطاب، هم غلاة ملعونون، تبرأ الشيعة الاثنى عشرية منهم يعتقدون ان الله تعالى ظهر بصورة النبي، والنبي ظهر بخمسة صور هي محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام .

(٢) فهرست الشيخ: ٩١ / ٣٧٩.

١٦٣

الأصول في تحقيق المقالات، كتاب الابتداء، كتاب معرفة وجوه الحكمة، كتاب معرفة ترتيب ظواهر الشريعة، كتاب التّوحيد، كتاب مختصر في فضل التوبة، كتاب في تثبيت نبوّة الأنبياء، كتاب مختصر في الإمامة، كتاب مختصر في الأركان الأربعة، كتاب الفقه على ترتيب المزني، كتاب الآداب ومكارم الأخلاق، كتاب فساد أقاويل الإسماعيليّة، كتاب الردّ على أرسطاطاليس، كتاب المسائل والجوابات، كتاب فساد قول البراهمة، كتاب تناقض أقاويل المعتزلة، كتاب الردّ على محمد بن بحر الرهني، كتاب الفحص عن مناهج الاعتبار، كتاب الاستدلال في طلب الحقّ، كتاب تثبيت المعجزات، كتاب الردّ على من يقول إنّ المعرفة من قبل الموجود، كتاب إبطال مذهب داود بن عليّ الأصبهاني، كتاب الردّ على الزيديّة، كتاب تحقيق وجوه المعرفة، كتاب ما تفرّد به أمير المؤمنينعليه‌السلام من الفضائل، كتاب الصلاة والتسليم على النبيّ وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما، كتاب الرسالة في تحقيق الدلالة، كتاب الردّ على أصحاب الاجتهاد في الأحكام، كتاب في الإمامة، كتاب فساد الاختيار، رسالة الى بعض الرّؤساء، الردّ على المثبتة، كتاب الراعي والمرعي، كتاب الدلائل والمعجزات، كتاب ماهيّة النفس، كتاب ميزان العقل، كتاب إبّان حكم الغيبة، كتاب الرّد على الإسماعيليّة في المعاد، كتاب تفسير القرآن - يقال: إنّه لم يتمه - كتاب في النفس.

هذه جملة الكتب التي أخرجها ابنه أبو محمد.

توفّي أبو القاسم بموضع يقال له: كرمي(١) ، من ناحية فسا، وبين هذه الناحية وبين فسا خمسة فراسخ، وبينها وبين شيراز نيف وعشرون فرسخا، توفّي في جمادى الأولى، سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة، وقبره بكرمي بقرب الخان

__________________

(١) في حاشية المخطوطة منهقدس‌سره : في رياض العلماء: لعلّ مراده بكرمي هو آب كرم وهو بقرب بلدة فسا، فلاحظ.

١٦٤

والحمّام، أوّل ما يدخل كرمي من ناحية شيراز، وآخر ما صنّف مناهج الاستدلال.

وهذا الرجل يدّعي له الغلاة منازل عظيمة، وذكر الشريف أبو محمد المحمّديرحمه‌الله أنّه رآه(١) .

وقال العلاّمة في الخلاصة: عليّ بن أحمد الكوفي، يكنّى أبا القاسم، قال الشيخ الطوسي طاب ثراه فيه: إنّه كان إماميّا مستقيم الطريقة، صنّف كتبا كثيرة سديدة، وصنّف كتبا في الغلوّ والتخليط، وله مقالة تنسب إليه.

قال النجاشي: إنّه كان يقول: إنّه من آل أبي طالب، وغلا في آخر عمره وفسد مذهبه، وصنّف كتبا كثيرة أكثرها على الفساد، توفّي بموضع يقال له كرمي، بينه وبين شيراز نيّف وعشرون فرسخا، في جمادى الأولى، سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة، وهذا الرجل يدّعي له الغلاة منازل عظيمة.

وقال ابن الغضائري: عليّ بن أحمد أبو القاسم الكوفي، المدّعي العلويّة، كذّاب غال، صاحب بدعة ومقالة، ورأيت له كتبا كثيرة، لا يلتفت إليه.

وأقول: وهذا هو المخمّس، صاحب البدع المحدثة، وادّعى أنّه من بني هارون بن الكاظمعليه‌السلام ، ومعنى التخميس عند الغلاة - لعنهم الله تعالى - أنّ سلمان الفارسي، والمقداد، وعمّار، وأبا ذر، وعمرو بن أميّة الضمري، هم الموكّلون بمصالح العالم، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا(٢) ، انتهى.

وقد تلخّص من كلماتهم أنّه كان إماميّا مستقيما، من أهل العلم والفضل، والمؤلّفات السديدة، ثمّ غلا وصار من المخمّسة في آخر عمره، فلو كان الكتاب المذكور في حال الاستقامة، ما كان في تخليطه بعده وهن في

__________________

(١) رجال النجاشي: ٢٦٥ / ٦٩١.

(٢) الخلاصة: ٢٣٣ / ١٠.

١٦٥

الكتاب، وهذا ظاهر لمن نظر فيه، وليس فيه ممّا يتعلّق بالغلوّ والتخليط شيء، بل وممّا يخالف الإماميّة، إلاّ في مسألة تحديد حدّ شارب الخمر بالثمانين، وكم له نظائر من أصحابنا، بل هو في أسلوبه، ووضعه، ومطالبه من الكتب المتقنة البديعة، الكاشفة عن علوّ مقام فضل مؤلّفه، ولذا اعتمد عليه علماء أعلام مثل ابن شهرآشوب في مناقبه(١) ، وفي معالمه إشارة الى ذلك كما لا يخفى على النّاظر اللّبيب(٢) ، والشيخ يونس البياضي في كتاب الصراط المستقيم(٣) ، بل وكلام العلاّمة يشير إلى أنّه من الكتب المعروفة بين الإماميّة، والقاضي في الصوارم المهرقة(٤) وغيرهم.

وفي رياض العلماء: وهذا السيّد قد ذكره علماء الرجال، لكن قدحوا فيه جدّا، إلاّ أنّه قد ألّف في زمان استقامة أمره كتبا عديدة، على طريقة الشّيعة الإماميّة، منها: كتاب الإغاثة في بدع الثلاثة، ويقال له كتاب الاستغاثة، وكتاب البدع المحدثة أيضا - إلى أن قال - وبالجملة من مؤلّفات هذا السيّد كتاب تثبيت المعجزات في ذكر معجزات الأنبياء جميعا، ولا سيّما نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد ألّف الشيخ حسين بن عبد الوهّاب - المعاصر للسيّد المرتضىرحمه‌الله والرضيرضي‌الله‌عنه - تتميما لكتابة هذا كتابه المعروف بكتاب عيون المعجزات في ذكر معجزات فاطمة والأئمة الاثني عشر صلوات الله عليهم، وإن ظنّ الأستاذ(٥) الاستناد، وجماعة أيضا كون عيون المعجزات للسيّد المرتضى، وقد سبق وجه بطلان هذا الحسبان في ترجمة الحسين بن عبد الوهاب المذكور.

__________________

(١) المناقب ٢: ٣٦٤.

(٢) معالم العلماء: ٦٤ / ٤٣٦.

(٣) منها في ٢: ١٧ من الصراط المستقيم.

(٤) الصوارم المهرقة: ٢٠.

(٥) حاشية المخطوطة: يعني العلامة المجلسي.

١٦٦

قال الشيخ حسين بن عبد الوهاب - المشار إليه - في أواخر كتاب عيون المعجزات، ما هذا لفظه: وكنت حاولت أن اثبت في صدر هذا الكتاب البعض من معجزات سيّد المرسلين، وخاتم النبيّينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الطاهرين الطيّبين، فوجدت كتابا ألّفه السيّد أبو القاسم عليّ بن أحمد بن موسى ابن محمد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، سمّاه، تثبيت المعجزات، وقد أوجب في صدره بطريق النظر والاختيار، والدليل والاعتبار، كون معجزات الأنبياء والأوصياء صلوات الله عليهم أجمعين، بكلام بيّن، وحجج واضحة، ودلائل نيّرة، لا يرتاب فيها إلاّ ضالّ غافل غويّ، ثمّ أتبعها المشهور من المعجزات لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وذكر في آخرها أنّ معجزات الأئمّة الطاهرة صلوات الله عليهم أجمعين زيادة تنساق في أثرها، فلم أر شيئا في آخر كتابه هذا، الّذي سمّاه كتاب تثبيت المعجزات، وتفحّصت عن كتبه وتأليفاته التي عندي وعند إخواني المؤمنين - أحسن الله توفيقهم - فلم أر كتابا اشتمل على معجزات الأئمّة الطاهرة صلوات الله عليهم، وتفرّد الكتاب بها، فلمّا أعياني ذلك استخرت الله تعالى، واستعنت به في تأليف شطر وافر من براهين الأئمّة الطاهرةعليهم‌السلام . إلى آخره.

قالرحمه‌الله : ثمّ اعلم أنّ علماء الرجال قد ذمّوه ذمّا كثيرا كما سنفصّله، ولذلك لا يليق بنا إيراد ترجمته في القسم الأوّل من كتابنا هذا، ولكن دعاني الى ذلك أمران.

الأوّل: اعتماد مثل الشيخ حسين بن عبد الوهاب - الذي هو أبصر بحاله - عليه وعلى كتابه، وتأليف كتاب تتميما لكتابة.

الثاني: أنّ كتبه جلّها، بل كلّها معتبرة عند أصحابنا، حيث كان في أوّل أمره مستقيما محمود الطريقة، وقد صنّف كتبه في تلك الأوقات، ولذلك اعتمد علماؤنا المتقدمون على كثير منها، إذ كان معدودا من جملة قدماء علماء الشيعة

١٦٧

برهة من الزمان(١) .

ونقلرحمه‌الله في موضع آخر عن الحسين بن عبد الوهّاب، أنّه قال في موضع من كتاب عيون المعجزات: وقرأت من خطّ نسب الى أبي عمران الكرماني، تلميذ أبي القاسم عليّ بن أحمد الموسوي الكوفيرضي‌الله‌عنه ( سمع أبا القاسمرضي‌الله‌عنه (٢) يذكر أنّ التوقيعات تخرج على يد عثمان أبي(٣) عمرو العمري، وكان السّفير بين الصّاحبعليه‌السلام والشيعة(٤) . إلى آخره.

وفي موضع آخر، ومن كتاب الاستشهاد: قال أبو القاسم عليّ بن أحمد الكوفي -رضي‌الله‌عنه - أخبرنا جماعة من مشايخنا الّذين خدموا بعض الأئمّةعليهم‌السلام ، عن قوم جلسوا لعليّ بن محمدعليهما‌السلام (٥) . إلى آخره، انتهى ما أردنا نقله من الرياض، وينبغي التنبيه على أمرين:

الأوّل : في أنّه سيّد رضويّ، ينتهي نسبه الى موسى بن محمد الجوادعليه‌السلام ، كما صرّح به في عيون المعجزات.

أو موسوي ينتهي نسبه الى هارون بن الكاظمعليه‌السلام ، كما أشار إليه في الخلاصة(٦) .

أو ليس بعلويّ هاشميّ، كما يشير إليه كلام ابن الغضائري.

وهذا أمر لا يهمّنا تحقيقه، ولا يعود لصرف العمر فيه فائدة لكتابنا هذا، ولذا أعرضنا عنه.

__________________

(١) رياض العلماء ٣: ٣٥٥.

(٢) ما بين قوسين لم ترد في المخطوطة.

(٣) في المخطوطة والحجرية: ابن.

(٤) لم نجده في الرياض وما في كتاب عيون المعجزات: ١٤٣ باختلاف.

(٥) لم نجده في القسم المطبوع فلاحظ.

(٦) رجال العلامة: ٢٣٣.

١٦٨

الثاني : إنّك قد عرفت تصريح الجماعة بأنّ كتاب البدع المحدثة - المعروف بالاستغاثة - لأبي القاسم الكوفي، كالنجاشي، والعلامة، والسروي، والبياضي، ويلائم سند بعض أخباره طبقته ففي أوّل بدع الثاني: وفي مصحف أمير المؤمنينعليه‌السلام ، برواية الأئمّة من ولده صلوات الله عليهم ( من المرفق والى الكعبين )، حدّثنا بذلك عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الحسن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام (١) . الخبر، فهو في طبقة الكلينيرحمه‌الله وأضرابه، ويشير في الكتاب أحيانا الى كتابه، كتاب الأوصياء(٢) الذي صرّح النجاشي بأنّه له.

وقال في أواخر الكتاب، في تحقيق أنّ المقتول في يوم الطفّ عليّ بن الحسين الأكبر أو الأصغر - لمناسبة - ما لفظه: فمن كان من ولد الحسينعليه‌السلام قائلا بالإمامة بالنصوص، يقول إنّهم من ولد عليّ الأكبر ابن الحسينعليه‌السلام ، وهو الباقي بعد أبيه، وإنّ المقتول الأصغر منهما، وهو قولنا وبه نأخذ، وعليه نعوّل ثمّ نقل القول الآخر ونسبه إلى الزيديّة، وطعن عليهم - إلى أن قال - وإنّما أكثر ما بينهم وبينه من الآباء في عصرنا هذا، ما بين ستّة آباء أو سبعة، فذهب عنهم أو عن أكثرهم معرفة من هم من ولده من الأخوين(٣) . إلى آخره، وهذا أيضا لا يلائم إلاّ الطبقة المذكورة.

فمن الغريب بعد ذلك نسبة هذا الكتاب الى المحقّق ميثم بن عليّ البحراني، ففي الفصل الأوّل من أوّل البحار: كتاب شرح نهج البلاغة، وكتاب الاستغاثة في بدع الثلاثة، للحكيم المدقّق العلاّمة كمال الدين ميثم بن

__________________

(١) الاستغاثة: ٢٩ هامش ١، وفيه بدل ما بين القوسين ( من المرافق - ومن الكعبين )

(٢) الاستغاثة: ٨ و ٢٢ و ١١٦، وغيرها.

(٣) الاستغاثة: ٨٣.

١٦٩

عليّ بن ميثم البحراني(١) . وفي الفصل الثاني: والمحقّق البحراني من أجلّة العلماء ومشاهيرهم، وكتاباه في غاية الاشتهار، انتهى(٢) .

ولولا كلامه الأخير لاحتملنا كما في الرياض، أن يكون لابن ميثم أيضا كتاب سمّاه بالاستغاثة، فإنّ الاشتراك في أسامي الكتب غير عزيز، ولكنّ الكتاب المتداول المعروف ليس من مؤلّفاته قطعا لما عرفت.

قال المحقّق المحدّث البحراني في اللّؤلؤة بعد نقل ترجمة ابن ميثم، عن رسالة السلافة البهيّة في الترجمة الميثميّة، لشيخه العلاّمة الشيخ سليمان البحراني، وعدّ الكتاب المذكور من مؤلّفاته، وتوصيفه بأنّه لم يعمل مثله ما لفظه:

ثم إنّ ما ذكره شيخنا المذكور من نسبة كتاب الاستغاثة في بدع الثلاثة للشيخ المشار إليه غلط قد تبع فيه من تقدّمه، ولكن رجع عنه أخيرا فيما وقفت عليه من كلامه، وبذلك صرّح تلميذه الصالح الشيخ عبد الله بن صالح البحرانيرحمه‌الله ، وإنّما الكتاب المذكور كما صرّحا به لبعض قدماء الشيعة من أهل الكوفة، وهو عليّ بن أحمد أبو القاسم الكوفي، والكتاب يسمّى كتاب البدع المحدثة، ذكره النجاشي في جملة كتبه، ولكن اشتهر في ألسنة الناس تسميته بالاسم الأوّل، ونسبته للشيخ ميثم، ومن عرف سليقة الشيخ ميثم في التصنيف، ولهجته وأسلوبه في التأليف، لا يخفى عليه أنّ الكتاب المذكور ليس جاريا على تلك اللهجة، ولا خارجا من تلك اللجّة(٣) ، انتهى.

وبعد الوقوف على ما أشرنا إليه من القرائن والحجّة، لا وقع للتشبّث باللهجة، فإنّه لغريق صار في غمرات اللجّة.

وأغرب من جميع ذلك أنّ الفاضل المتبحّر الشيخ عبد النبيّ الكاظمي في

__________________

(١) بحار الأنوار ١: ١٩.

(٢) بحار الأنوار ١: ٣٧.

(٣) لؤلؤة البحرين: ٢٦٠.

١٧٠

تكملة الرجال، في ترجمة عليّ بن الحسين الأصغرعليه‌السلام قال: في كتاب الاستغاثة لبدع الثلاثة للشيخ ميثم البحراني، قال: وكان للحسينعليه‌السلام ابنان، ونقل بعض ما في الكتاب إلى قبيل العبارة التي نقلناها، وهي قوله: وإنّما أكثر ما بينهم - يعني السادات - وبينه - يعني الحسينعليه‌السلام - من الآباء في عصرنا هذا ما بين ستّة آباء أو سبعة. إلى آخره(١) .

ولم يلتفت أنّه لا يمكن أن يكون بين من في عصر ابن ميثم من السادة وبينهعليه‌السلام ستة أو سبعة بحسب العادة، فإنّ بينهما قريبا من ستمائة سنة، ولنذكر نسب واحد من السادة المعاصرين لابن ميثم، وهو رضيّ الدين عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن محمّد الطاوس بن إسحاق بن محمّد ابن سليمان بن داود بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبىعليه‌السلام ، والله الهادي.

__________________

(١) تكملة الكاظمي ٢: ١٥٩.

١٧١

٢٨ - كتاب الآداب ومكارم الأخلاق:

له أيضا، وهو كتاب لطيف، بديع في فنّه، ذكر فيه الأخلاق الحسنة، والصّفات الذميمة، يبتدئ في كلّ خصلة بالأخبار المأثورة عن النبيّ والأئمّةعليهم‌السلام ، ثم يذكر كلمات الحكماء، ويختم بأبيات رائقة انشدت فيها، وهو كسابقه في الخلوّ عمّا يوهم التخليط والغلوّ، وقد عثرنا على نسخة عتيقة منه، إلاّ أنّها ناقصة في مواضع منها.

وفي الرياض: ومن مؤلّفاته أيضا كتاب في الآداب ومكارم الأخلاق، وهو كتاب جيّد حسن، رأيت نسخة عتيقة منه بقطيف بحرين، وقد قال في أوّله: أنّه ألّف كتبا كثيرة في العلوم والآداب والرّسوم، وعندنا أيضا منه نسخة(١) .

وقال في موضع آخر: وعندنا من كتبه كتاب الأخلاق حسنة الفوائد(٢) .

__________________

(١) رياض العلماء ٣: ٣٥٩.

(٢) رياض العلماء ٣: ٣٤٠.

١٧٢

٢٩ - كتاب النوادر:

هو تأليف السيّد الإمام الكبير ضياء الدين أبي الرضا، فضل الله بن علي بن عبيد الله بن محمد بن عبيد الله بن محمد بن أبي الفضل عبيد الله بن الحسن بن عليّ بن محمد السيلق بن الحسن بن جعفر بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبىعليه‌السلام - الراوندي الكاشاني -.

وصفه العلامة في إجازة بني زهرة، بالسيّد الإمام(١) .

وفي فهرست الشيخ منتجب الدين: علامة زمانه، جمع مع علوّ النسب كمال الفضل والحسب، وكان أستاذ أئمّة عصره(٢) .

قال أبو سعد السمعاني في كتاب الأنساب: لمّا وصلت إلى كاشان قصدت زيارة السيّد أبي الرضا المذكور، فلمّا انتهيت إلى داره ( وقفت على الباب هنيئة )(٣) انتظر خروجه، فرأيت مكتوبا على طراز الباب هذه الآية المشعرة بطهارته وتقواه:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٤) فلمّا اجتمعت به، رأيت منه فوق ما كنت أسمعه عنه، وسمعت منه جملة من الأحاديث، وكتبت عنه مقاطيع من شعره، ومن جملة إشعاره التي كتبها لي بخطّه الشريف هذه الأبيات:

هل لك يا مغرور من زاجر

أو حاجز عن جهلك الغامر

أمس تقضّى وغدا لم يجئ

و اليوم يمضي لمحة الباصر

__________________

(١) بحار الأنوار ١٠٧: ١٣٥.

(٢) فهرست منتخب الدين: ١٤٣ / ٣٣٥.

(٣) في حاشية المخطوطة نسخة بدل عنها: قرعت الحلقة وقعدت على الدكة.

(٤) الأحزاب ٣٣: ٣٣.

١٧٣

فذلك العمر كذا ينقضي

ما أشبه الماضي بالغابر(١)

انتهى.

وبالجملة هو من المشايخ العظام الذي تنتهي كثير من أسانيد الإجازات إليه، وهو تلميذ الشيخ أبي عليّ بن شيخ الطائفةقدس‌سره ، ويروي عن جماعة كثيرة من سدنة الدين، وحملة الأخبار، وله تصانيف تشهد بفضله وأدبه، وجمعه بين موروث المجد ومكتسبه، ومنه انتشرت الأدعية الجليلة المعروفة بأدعية السرّ، وهو صاحب ضوء الشّهاب في شرح الشهاب، الذي أكثر عنه النقل في البحار، ويظهر منه كثرة تبحّره في اللّغة والأدب، وعلوّ مقامه في فهم معاني الأخبار، وطول باعه في استخراج مأخذها.

وشرح حاله، وعدّ مؤلّفاته، وذكر مشايخه ورواته، يطلب من رياض العلماء(٢) ، وغيره وما يأتي إن شاء الله تعالى في ترجمته، في الفائدة الآتية(٣) وغيره.

قال الفاضل السيّد علي خان في الدرجات الرفيعة: وقد وقفت على ديوان هذا السيّد الشريف، فرأيت فيه ما هو أبهى من زهرات الربيع، وأشهى من ثمرات الخريف، فاخترت منه ما يروق سماعه لاولي الألباب، ويدخل الى المحاسن من كلّ باب(٤) ، ثمّ ساق جملة منها.

ثمّ لا يخفى انّا قد ذكرنا شطرا ممّا يتعلّق بكتاب النوادر في شرح حال الجعفريات، ولنذكر بعض ما يتعلّق بسند أوّله، فنقول: قال في صدر الكتاب، كما في نسختي وكذا نقله في البحار: أخبرني السيّد الإمام ضياء

__________________

(١) أنساب السمعاني ١٠: ١٨ باختلاف.

(٢) رياض العلماء ٤: ٣٦٤.

(٣) يأتي في الفائدة الثالثة عند ذكر مشايخ ابن شهرآشوب.

(٤) الدرجات الرفيعة: ٥٠٧.

١٧٤

الدين، سيّد الأئمّة، شمس الإسلام، تاج الطالبيّة، ذو الفخرين، جمال آل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أبو الرّضا فضل الله بن علي بن عبيد الله الحسني الراوندي - حرس الله جماله وأدام فضله - قال: أخبرنا الإمام الشهيد أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد الروياني - إجازة وسماعا - أخبرني الشيخ أبو عبد الله محمد بن الحسن التميمي البكري - إجازة، أو سماعا - حدّثنا أبو محمد سهل بن أحمد الديباجي، قال: حدّثنا أبو علي محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي. إلى آخر ما تقدّم(١) .

وقد مرّ أيضا شرح حال جملة من رجال هذا السند.

وأمّا أبو المحاسن: ففي رياض العلماء: الشيخ الإمام أبو المحاسن، القاضي فخر الإسلام، الشهيد عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد بن محمد الطبري الروياني، كان من أجلّة علماء حلب، ولكن كان يتّقي، وإن ظنّ أنّه من علماء الشافعيّة، وكان في ابتداء أمر الباطنيّة، وكان يطعن فيهم ولذلك قتلوه، وكان من مشايخ السيّد فضل الله الراوندي ونظرائه، فكان من المتأخّرين عن المفيدقدس‌سره بدرجتين، بل درجات، إلاّ أنّه قد يظهر من بعض المواضع أنّه كان من مشايخ المفيد، وهو غريب فلاحظ.

ويروي عن جماعة كثيرة، منهم الشيخ أبو عبد الله محمد بن الحسن التميمي البكري، عن سهل بن أحمد الديباجي، عن محمد بن محمد بن الأشعث، كما يظهر من كتاب نوادر الراوندي.

ثم إنّه وقع في بعض أحاديث كتاب الأربعين للشيخ منتجب الدين صاحب الفهرس، هكذا: أخبرنا أبو النجيب سعيد بن محمد بن أبي بكر الحمامي - بقراءتي عليه - أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي حازم الركاب، حدّثنا أبو

__________________

(١) بحار الأنوار ١: ٥٤.

١٧٥

معمّر جعفر بن عليّ الوزان(١) .

( حيلولة ) : وأخبرنا أبو سعيد عبد الرحمن بن أبي القاسم الحصيري - قراءة عليه - أخبرنا أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل الروياني، قالا: أخبرنا أبو الحسن عليّ بن شجاع بن محمد المصقلي الحافظ. إلى آخره.

وفي موضع آخر منه: أخبرنا أبو الفتوح محمود بن محمد بن عبد الجبار المذكر الهرمز دياري السّروي، ثم الجرجاني - قدم علينا الريّ قراءة عليه - أخبرنا القاضي أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد الروياني(٢) . إلى آخره.

قال: وقد نقل بعض الأفاضل أنّ الشيخ أبا المحاسن هذا أوّل من أفتى بإلحاد الطائفة الباطنيّة، حيث كانوا يقولون بأنّه لا بدّ من معلّم يعلّم الناس الطريق الى الله تعالى، وكان ذلك المعلّم يقول لا يجب عليكم إلاّ طاعتي، وما سوى ذلك إن شئتم فافعلوا وإن شئتم فلا تفعلوا، ولمّا جاء هذا الشيخ الى قزوين أفتى بإلحادهم، ووصى لأهل قزوين التجنّب عنهم حين كان بينهم و [ بين ](٣) الباطنيّة اختلاط، وقال: إن وقع بينكم وبينهم اختلاط ففيهم قوم عندهم حيل يخدعون بعضكم، وإذا خدعوا بعضكم وقع الاختلاف والفتنة، والأمر كان على ما أشار إليه هذا الشيخ، وقال: إن جاء من ذلك الجانب طائر فاقتلوه، فلمّا عاد هذا الشيخ إلى بلدة رويان(٤) ، بعث الباطنيّة بعض الفدائيّة

__________________

(١) في المخطوطة: الوازن، وقد أثبتنا ما في الحجرية والمصدر.

(٢) الأربعون حديثا عن الأربعين: ٢٤ / ٥، ٢٠ / ٢.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) قال السيد الداماد في حواشي اختيار الكشي [ ١: ٤٠ ] الروياني: نسبة إلى رويان - بضم الراء قبل الواو الساكنة، والياء المثناة من تحت قبل الألف، والنون بعدها - بلد بطبرستان. قال الفاضل البيرجندي بينه وبين قزوين ستة عشر فرسخا. وفي القاموس [ ٤: ٢٣٠، مادة: الرين ]: محلة بالري، وقرية بحلب، وبلد بطبرستان منه الإمام أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل، انتهى « منذ مد ظله العالي ».

١٧٦

كما هو دأب هؤلاء الملاعين، فقتله غيلة بالخفية، وقد عاش سعيدا ومات حميدا.

وقال ابن الأثير الجزري في الكامل: إنّ القاضي الإمام فخر الإسلام أبو المحاسن، عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد بن محمد الروياني الطبري، الفقيه الشافعي، كان مولده سنة خمس عشرة وأربعمائة، وقتل في محرّم سنة اثنتين وخمسمائة، وكان حافظا للمذهب، ويقول: لو أحرقت كتب الشافعي لأمليتها من قلبي، انتهى(١) .

وأقول: والحقّ أنّ الروياني كان يعمل بالتقيّة، فلذلك قد ظنّ به العامّة كونه من الشافعيّة انتهى ما أردنا نقله من الرياض(٢) . وصرّح ابن شهرآشوب في المناقب: إنّ جدّه شهرآشوب يروي عن القاضي أبي المحاسن الروياني(٣) .

وأمّا الشيخ أبو عبد الله محمد بن الحسن التميمي البكري، فلم أجد له ترجمة، والظاهر أنّه من مشايخ الإجازة، ذكروه لمجرّد اتّصال السند الى كتاب علم انتسابه إلى مؤلّفه، فلا يضرّ الجهل بحاله، أو هو من علائم الوثاقة إن اعتمدوا عليه في الانتساب، والله العالم.

__________________

(١) الكامل لابن الأثير ١: ٤٧٣.

(٢) رياض العلماء ٣: ٢٧٦ - ٢٧٨.

(٣) مناقب ابن شهرآشوب ١: ١٠.

١٧٧

٣٠ - كتاب روض الجنان:

وهو التفسير الكبير، للشيخ الجليل أبي الفتوح الحسين بن عليّ بن محمد ابن أحمد الخزاعي، الرازي، النيشابوري، قدوة المفسرين، من مشايخ الشيخ منتجب الدين وابن شهرآشوب.

ذكراه في الفهرست(١) والمعالم، وفي الثاني: إنّ تفسيره فارسي(٢) ، إلاّ أنّه عجيب.

قال في الرياض: وأمّا تفسيره الفارسي فهو من أجلّ - الكتب، وأفيدها وأنفعها، وقد رأيته فرأيت بحرا طمطاما، قال: وكان هو، وولده الشيخ الإمام تاج الدين محمد، ووالده، وجدّه القريب، وجدّه الأعلى الشيخ أبو بكر أحمد، وعمّه الأعلى وهو الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ أبي بكر أحمد المذكور، كلّهم من مشاهير العلماء.

وبالجملة هؤلاء سلسلة معروفة من علماء الإماميّة، ولكلّ واحد منهم تأليفات جياد، وتصنيفات عديدة حسان(٣) ، انتهى.

وهذا التفسير العجيب في عشرين مجلّدا، وفيه أخبار كثيرة تناسب أبواب كتابنا هذا، إلاّ أنّه لكونه بالفارسيّة، ويحتاج نقله إلى الترجمة ثانيا بالعربيّة، ويخاف منها فوات بعض مزايا الأخبار، لم نرجع إليه إلاّ قليلا، وقد ينقل الخبر بمتنه ثم يترجمه، فأخرجناه سالما والحمد لله.

__________________

(١) فهرست منتجب الدين: ١٧٣ / ٤٢٤.

(٢) معالم العلماء: ١٤١ / ٩٨٧.

(٣) رياض العلماء ٢: ١٥٨.

١٧٨

٣١ - رسالة تحريم الفقاع:

للشيخ الأجلّ الأعظم أبي جعفر الطوسيقدس‌سره ، وجلالة قدر صاحبها تغني عن التعرّض لحاله.

١٧٩

٣٢ - كتاب معدن الجواهر:

للشيخ الجليل أبي الفتح محمد بن عليّ بن عثمان بن عليّ الكراجكي، الفقيه المتكلّم، الذي يعبّر عنه الشهيدقدس‌سره في الدروس بالعلاّمة(١) ، تلميذ شيخنا المفيد والسيّد المرتضىقدس‌سرهما ، صاحب كتاب كنز الفوائد الذي طابق اسمه معناه، وهذا الكتاب على حذو كتاب القرائن من كتب المحاسن، وكتاب الخصال، إلاّ أنّه لم يتجاوز فيه من أبواب العشرة، وزاد بعد نقل الأخبار ما يناسبها من كلمات العلماء الأخيار.

__________________

(١) الدروس ١: ١٥٢.

١٨٠

٣٣ - كتاب لبّ اللباب أو اللباب:

للشيخ الفقيه، المحدّث النبيه، سعيد بن هبة الله، المدعو بالقطب الراوندي صاحب الخرائج، وشارح النهج، اختصره من كتاب فصول نور الدين عبد الوهاب الشعراني العامي، لخصه وألقى ما فيه من الزخارف والأباطيل. وقد رأيت المجلّد الثاني من الفصول في المشهد الرضويعليه‌السلام يقرب من تمام كتاب اللّباب، وهذا كتاب حسن كثير الفوائد، مشتمل على مائة وخمسة وخمسين مجلسا، في تفسير مثلها من الآيات على ترتيب القرآن.

وفي الرياض: وله كتاب تلخيص فصول عبد الوهاب في تفسير الآيات والروايات، مع ضمّ الفوائد والأخبار من طرق الإماميّة، قد رأيته في بلدة أردبيل، وهو كتاب حسن، انتهى(١) .

وهو داخل في فهرست البحار، قالقدس‌سره : وكتاب اللّباب المشتمل على بعض الفوائد(٢) . لكنّهرحمه‌الله غفل عنه فلم ينقل عنه في البحار، والظاهر أنّه لم يكن عنده وقت تأليفه، كما يظهر من المكتوب الذي أرسله إليه بعض تلامذته، وأدرجه في آخر إجازات البحار، في استدراك ما فاته من الكتب الموجودة وغير ذلك، ثمّ استدركرحمه‌الله بعضا وترك بعضا. وفي المكتوب: وشرحا النهج للراونديّين قد نقلتم عنهما في كتاب الفتن وغيره، من كتب البحار، وكتاب اللّباب للأوّل عند الأمير زين العابدين بن سيّد المبتدعين عبد الحسيب، حشره الله مع جدّه القمقام يوم الدين(٣) . إلى آخره.

وبالجملة فاعتبار الكتاب يعرف من اعتبار مؤلّفه، الذي هو في المقام فوق ما يصفه مثلي بالقلم، أو اللّسان.

__________________

(١) رياض العلماء ٢: ٤٢١.

(٢) بحار الأنوار ١: ٣١.

(٣) بحار الأنوار ١١٠: ١٦٨.

١٨١

٣٤ - كتاب الدعوات:

له أيضا سمّاه سلوة الحزين، قال في البحار: وجدنا منه نسخة عتيقة، وفيه دعوات موجزة شريفة، مأخوذة من الأصول المعتبرة، على أنّ الأمر في سند الدعاء هيّن(١) ، انتهى.

قلت: ليس هو مقصورا على الأدعية، بل فيه ممّا يتعلّق بحالتي الصحّة والمرض، وآداب الاحتضار، وما يتعلّق بما بعد الموت، وفوائد كثيرة، ونوادر عزيزة.

وممّا يجب التنبيه عليه في هذا المقام، انّني كنت معتقدا في سالف الزمان، أنّ هذا الكتاب من تأليف السيّد فضل الله الراوندي المتقدّم ذكره، ونسبته إليه في كلّ مقام نقلت منه فيما برز منّي، كدار السلام، والنجم الثاقب وغيرهما، وقد ظهر لي من بعد ذلك أنّه للقطب الراوندي وهذا اشتباه لا يترتّب عليه أثر، ولا يضعّف به خبر، لأنّ كلاهما من أجلّة المشايخ وأساتيذ العصر، إلاّ أنّه يوجد في النفس بعد التنبيه انكسار لا بدّ من جبره، ولا جابر إلاّ الالتفات الى ما وقع لمولانا العلامة المجلسيرحمه‌الله في هذا المقام من الاشتباه، واختلاط كتب هذين العالمين الراونديّين عليه، ونسبته تأليف أحدهما إلى الآخر.

ولحسن الظنّ به اعتمدنا عليه ولم نراجع المأخذ، فوقعنا فيما وقعنا مع إنّهرحمه‌الله جذيلها المحكّك وعذيقها المرجّب. فقال في الفصل الأوّل: وكتاب الخرائج والجرائح، للشيخ الإمام قطب الدين أبي الحسن سعيد بن هبة الله بن الحسن الراوندي، وكتاب قصص الأنبياء له أيضا، على ما يظهر من أسانيد الكتاب واشتهر أيضا، ولا يبعد أن يكون تأليف فضل الله بن عليّ بن عبيد الله الحسني الراوندي، كما يظهر من بعض أسانيد السيّد ابن طاوسقدس‌سره .

__________________

(١) بحار الأنوار ١: ٣١.

١٨٢

وقد صرّح بكونه منه في رسالة النجوم، وكتاب فلاح السائل، والأمر فيه هيّن لكونه مقصورا على القصص، وأخباره جلّها مأخوذة من كتب الصدوق. وكتاب فقه القرآن للأوّل أيضا. وكتاب ضوء الشهاب، شرح شهاب الأخبار للثاني فضل الله -رحمه‌الله - وكتاب الدعوات، وكتاب اللّباب، وكتاب شرح نهج البلاغة، وكتاب أسباب النزول له أيضا، انتهى(١) .

وظاهر العبارة بل صريحها أنّ الكتب الأربعة الأخيرة للسيّد الراوندي لا لقطبها، إذ عود ضمير « له » إليه مستهجن جدّا، إذ لا وجه لتوسيط ذكر كتاب ضوء الشهاب الذي هو من مؤلّفات السيد.

وقد تفطّن صاحب الرياض الى هذا الاشتباه، وأشار إليه في ترجمتهما، وصرّح هو وغيره بأنّ الكتب الأربعة للقطب لا له(٢) .

والعجب أنّ العلاّمة المذكور قال في الفصل الثاني في شرح حال الكتب المذكورة: وكتاب ضوء الشهاب كتاب شريف، مشتمل على فوائد جمّة، خلت عنها كتب الخاصّة والعامّة، وكتاب اللّباب المشتمل على بعض الفوائد، وشرح النهج مشهور معروف، رجع إليه أكثر الشرّاح، وكتاب أسباب النزول فيه فوائد، انتهى(٣) .

وفيه أيضا تأكيد لما ذكرنا، مع أنّ شرح النهج المتداول غير خفيّ أنّه للقطب، فراجع.

__________________

(١) بحار الأنوار ١: ١٢.

(٢) رياض العلماء ٢: ٤٢٩، و ٤: ٣٦٥.

(٣) بحار الأنوار ١: ٣١.

١٨٣

٣٥ - كتاب فقه القرآن:

وهو بعينه كتاب آيات الأحكام له أيضا، وهو من نفائس الكتب النافعة الجامعة، الكاشفة عن جلالة قدر مؤلّفها، وعلوّ مقامه في العلوم الدينيّة، وقد عثرنا - بحمد الله تعالى - على نسخة عتيقة منه، كتب في آخره: كتبه سعيد بن هبة الله بن الحسن، في محرّم سنة اثنتين وستّين وخمسمائة، حامدا لربّه، ومصلّيا على محمّد وآله - إلى هنا كلام المصنّفرحمه‌الله - وتمّ الكتاب على يد العبد الفقير الى الله تعالى، الحسن بن الحسين بن الحسن ( السدّ السوي )(١) ناقلا عن خطّ المصنّف إلاّ قليلا، أواسط صفر، ختم بالخير والظفر، شهور سنة أربعين وسبعمائة هجريّة، بمدينة قاشان. إلى آخره.

قال في الرياض: ثمّ إنّ القطب الراونديقدس‌سره هو أوّل من شرح نهج البلاغة، وأوّل من ألّف تفسير آيات الأحكام، فلاحظ(٢) .

قلت: أمّا الثاني فالظاهر أنّه كما ذكره، وأمّا النهج فأوّل من شرحه أبو الحسن البيهقي(٣) وهو حجّة الدين، فريد خراسان، أبو الحسن بن أبي القاسم زيد - صاحب لباب الألباب، وحدائق الحدائق، وغيرها - ابن محمد ابن عليّ البيهقي، من أولاد خزيمة بن ثابت ذي الشهادتين.

قال في أوّل شرحه: قرأت كتاب نهج البلاغة على الإمام الزاهد الحسن ابن يعقوب بن أحمد القاري، وهو وأبوه في فلك الأدب قمران، وفي حدائق

__________________

(١) هكذا في الحجرية، وفي المخطوطة غير مقروءة وقد علم فيهما عليها ب: كذا.

(٢) رياض العلماء ٢: ٤٢١.

(٣) فيه تأمل، إذ الظاهر ان أول من شرحه هو علي بن الناصر - المعاصر للسيد الرضي - وهو من أخصر وأتقن الشروح، سماه أعلام نهج البلاغة، راجع الذريعة ٢: ٢٤٠.

١٨٤

الورع ثمران، في شهور سنة ستّ عشرة وخمسمائة، وخطّه شاهد لي بذلك - إلى أن قال - ولم يشرح قبلي من كان من الفضلاء السابقين هذا الكتاب بسبب موانع(١) . إلى آخره.

__________________

(١) معارج نهج البلاغة: ٢ - ٤.

١٨٥

٣٦ - كتاب التمحيص:

قال في البحار: هو لبعض قدماء أصحابنا، ويظهر من القرائن الجليّة أنّه من مؤلّفات الثقة الجليل أبي عليّ محمد بن همام(١) .

وقال في موضع آخر: وكتاب التمحيص، ومتانته تدلّ على فضل مؤلّفه، وإن كان مؤلّفه أبا عليّ كما هو الظاهر، ففضله وتوثيقه مشهوران(٢) .

قلت: ولم يشر إلى القرائن، والذي يظهر منها من الكتاب، قوله في أوّل الكتاب بعد الديباجة، باب سرعة البلاء إلى المؤمنين: حدّثنا أبو عليّ محمّد بن همام، قال: حدّثني عبد الله بن جعفر(٣) . إلى آخره، وهذا هو المرسوم في غالب كتب المحدّثين من القدماء، أنّ الرواة عنهم من تلاميذهم يخبرون عن روايتهم عنه في صدر كتبهم، فراجع الكافي، وكتب الصدوق، وغيرها، تجدها على ما وصفناه.

وبهذا يظنّ أنّ التمحيص له، ولكنّ الشيخ الجليل النبيل، الشيخ إبراهيم القطيفي، قال في خاتمة كتاب الفرقة الناجية، الحديث الأول: ما رواه الشيخ العالم، الفاضل العامل، الفقيه النبيه، أبو محمد الحسن بن عليّ بن الحسين بن شعبة الحرّاني قدّس الله روحه الزكيّة في كتابه المسمّى بالتمحيص، ثمّ أخرج منه خمسة أحاديث، وهو صاحب كتاب تحف العقول المتداول المعروف.

وفي الرياض: وأمّا قول الأستاذ الاستناد بأنّ كتاب التمحيص من مؤلّفات غيره - أي غير الحسن المذكور - فهو عندي محلّ تأمّل، لأنّ الشيخ

__________________

(١) بحار الأنوار ١: ١٧.

(٢) بحار الأنوار ١: ٣٤.

(٣) التمحيص: ٣٠.

١٨٦

إبراهيم أقرب وأعرف، مع أنّ عدم ذكر كتاب التمحيص في جملة مؤلّفاته، التي أوردها أصحاب الرجال في كتبهم مع قربهم إليه، يدلّ على أنّه ليس منه، فتأمّل(١) .

ووافقهما على ذلك الشيخ الجليل في أمل الآمل، إلاّ أنّه نسبه إلى القاضي في المجالس(٢) ، وفيه سهو ظاهر، فإنّ القاضي نقل في ترجمة القطيفي(٣) ما أخرجه من كتاب التمحيص بعبارته(٤) ، ولا يظهر منه اختياره ما اختاره من النسبة.

ثمّ إنّي إلى الآن ما تحقّقت طبقة صاحب تحف العقول(٥) ، حتّى استظهر منها ملاءمتها للرواية عن أبي عليّ محمد بن همام وعدمها.

والقطيفي من العلماء المتبحّرين، إلاّ أنّه لم يعلم أعرفيّته في هذه الأمور من العلامة المجلسيرحمه‌الله ، وهو في طبقة المحقّق الكركي، وهذا المقدار من التقدّم غير نافع في المقام.

نعم ما ذكره صاحب الرياض أخيرا يورث الشك في النسبة، إلا أنّه يرتفع بملاحظة ما ذكرنا.

ومع الغضّ عنه فالكتاب مردّد بين العالمين الجليلين الثقتين، فلا يضرّ الترديد في اعتباره، والاعتماد عليه.

__________________

(١) رياض العلماء ١: ٢٤٥.

(٢) أمل الآمل ٢: ٧٤ / ١٩٨.

(٣) بل في ترجمة أبو بكر الحضرمي.

(٤) مجالس المؤمنين ١: ٣٨٣.

(٥) ذكر الشيخ آغا بزرگ الطهراني في طبقات اعلام الشيعة القرن الرابع: ٩٣ ان الحسن بن علي ابن شعبة صاحب تحف العقول معاصر للصدوق المتوفى سنة ٣٨١، ويروي عن أبي علي محمد ابن همام بن سهيل الإسكافي المتوفى سنة ٣٣٦، ويروي عنه المفيد المتوفى سنة ٤١٣ كما ذكره حسين ابن علي بن صادق البحراني في رسالته في الأخلاق، ولعل كتاب التمحيص للحسن بن علي بن شعبة البحراني كما استظهره إبراهيم القطيفي والحر وصاحب الرياض، والاحتمال الآخر للمجلسي.

١٨٧

٣٧ - كتاب الهداية:

هو للصدوققدس‌سره ، صرّح به النجاشي(١) وغيره(٢) .

__________________

(١) رجال النجاشي: ٣٩٠ / ١٠٤٩.

(٢) بحار الأنوار: ١ / ٦ وروضات الجنات ٦: ١٣٦.

١٨٨

٣٨ - كتاب المقنع:

له أيضا، وهو داخل في فهرست مآخذ الوسائل(١) ، إلاّ أنّ المؤلّفرحمه‌الله لم ينقل منه إلاّ ما صرح فيه بالرواية، وترك باقيه لزعمه انّه من كلامه، والحقّ إنّ ما فيه عين متون الأخبار الصحيحة، بالمعنى الأخصّ الذي عليه المتأخّرون، لا لما اشتهر من أنّ فتاوى القدماء في كتبهم متون الأخبار، وإن كان حقّا، ولذا كانوا يرجعون إلى شرائع أبيه - وهو رسالته إليه - عند اعوزاز النصوص، بل لأمرين آخرين:

الأوّل : تصريحه بذلك في أوّل الكتاب، قالرحمه‌الله بعد الخطبة: قال محمد بن عليّ: ثمّ إنّي صنّفت كتابي هذا، وسمّيته كتاب المقنع لقنوع من يقرؤه بما فيه، وحذفت الإسناد منه لئلاّ يثقل حمله، ولا يصعب حفظه، ولا يملّه قارئه، إذ كان ما أبيّنه فيه في الكتب الأصوليّة موجودا، مبيّنا عن المشايخ العلماء، الفقهاء الثقاترحمهم‌الله أرجو بذلك ثواب الله، وأبتغي به مرضاته، وأطلب الأجر عنده(٢) ، وهذه العبارة كما ترى متضمّنة لمطالب:

الأوّل : إنّ ما في الكتاب خبر كلّه، إلاّ ما يشير إليه.

الثاني : إنّ ما فيه من الأخبار مسند كلّه، وعدم ذكر السند فيه للاختصار، لا لكونها من المراسيل.

الثالث : إنّ ما فيه من الأخبار مأخوذ من أصول الأصحاب، التي هي مرجعهم، وعليها معوّلهم، وإليها مستندهم، وفيها مباني فتاويهم.

الرابع : إنّ أرباب تلك الأصول ورجال طرقه إليها، من ثقات العلماء،

__________________

(١) وسائل الشيعة ٣٠: ١٥٤ / ١٧، في ذكر الكتب المعتمدة.

(٢) المقنع: ٢.

١٨٩

وبذلك فاق قدره عن كتابه الفقيه، الذي عدّ من مآخذه كتاب نوادر الحكمة، وكتب المحاسن، وفيهما من ضعاف الأخبار بزعمه وزعم المتأخّرين ما لا يحصى، فإذا لا فرق فيما أدرجه فيه بين أن يقول: روي عن فلان وما أشبهه، أو يذكر حكم المسألة من غير استناد في الاعتبار والتعويل عليه.

الثاني : ما يظهر من مواضع من الكتاب أنّ ما يذكره متن الحديث.

ففي أحكام البئر: وإن وقعت في البئر فأرة، أو غيرها من الدواب فماتت، فعجن من مائها، فلا بأس بأكل ذلك الخبز إذا أصابته النار، وفي حديث آخر: أكلت النار ما فيه(١) . فلو لا أنّ الكلام الأوّل متن الخبر، لما كان لقوله: وفي حديث آخر محلّ.

ومثله في غسل الجنابة: وإن اغتسلت من الجنابة ووجدت بللا، فإن كنت بلت قبل الغسل فلا تعد الغسل، وإن كنت لم تبل قبل الغسل فأعد الغسل وفي حديث آخر: إن لم تكن بلت فتوضّأ(٢) .

ومثله في الخلل: وإن لم تدر اثنتين صلّيت أو خمسا، أو زدت أو نقصت، فتشهّد وسلّم، وصلّ ركعتين وأربع سجدات وأنت جالس بعد تسليمك. وفي حديث آخر تسجد سجدتين بغير ركوع، ولا قراءة(٣) .

ومثله في آخر الباب، وفي باب الصوم: اعلم أنّ الصوم على أربعين وجها، وساق الخبر المرويّ عن الزهري، عن السجادعليه‌السلام - الى أن قال - قال الزهري: وكيف يجزي صوم تطوّع عن صوم فريضة(٤) ، مع أنّه ما تعرّض للراوي، ولا المروي عنه في صدر الخبر.

__________________

(١) المقنع: ١٠.

(٢) المقنع: ١٣.

(٣) المقنع: ٣١.

(٤) المقنع: ٥٥ - ٥٧.

١٩٠

وفي كتاب النكاح: وإذا تزوّج الرجل المرأة فزنى قبل أن يدخل بها، لم تحلّ له لأنّه زان، ويفرّق بينهما، ويعطيها نصف الصداق، وفي حديث آخر: يجلد الحدّ، ويحلق رأسه. إلى آخره(١) .

وفيه: ولا تحلّ القابلة للمولود ولا ابنتها، وهي كبعض أمّهاته، وفي حديث آخر: إن قبّلت ومرّت فالقوابل أكثر من ذلك، وإن قبّلت وربّت حرمت عليه(٢) .

وهذا المقدار يكفي لإثبات ما أردناه، ومن هنا ظهر وجه نقل المجلسيرحمه‌الله ما فيه كنقله عن سائر كتب الأخبار، لكنّهرحمه‌الله فعل بكتاب الهداية ما فعل به، لظنّه أنّه أيضا مثله، والظاهر أنّه كذلك، ولكنّا ما اعتمدنا عليه، لعدم ما يدلّ على اعتباره، فاقتصرنا في النقل عنه بما أسنده إلى المعصومعليه‌السلام .

__________________

(١) المقنع: ١٠٩.

(٢) المقنع: ١٠٩.

١٩١

٣٩ - كتاب نزهة الناظر وتنبيه الخاطر:

في كلمات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّةعليهم‌السلام . للشيخ الأجلّ الشريف أبي يعلى محمد بن الحسن بن حمزة الجعفري الطالبي(١) ، تلميذ الشيخ المفيدقدس‌سره ، والجالس مجلسه، وهو متكلّم فقيه، قائم بالأمرين جميعا، قاله النجاشي(٢) ، والعلاّمة(٣) .

وقال الأوّل في ترجمة السيّد المرتضى: تولّيت غسله ومعي الشريف أبي يعلى محمد بن الحسن الجعفري، وسلاّر بن عبد العزيز(٤) .

وهذا كتاب لطيف، صغير الحجم، عظيم القدر، أسقط أسانيد جميع ما فيه، إلاّ خبرا واحدا ذكره في آخر الكتاب، وهو الخبر المعروف في ذكر جماعة زهّاد ثلاثين، كانوا عند المستجار، وشاهدوا الصّاحبعليه‌السلام من غير أن يعرفوه، وعلّمهم بعض الدعوات، فقال: لمع ممّا روي عن مولانا صاحب الزمانعليه‌السلام : أخبرني الشيخ أبو القاسم عليّ بن محمد بن محمد المفيد

__________________

(١) لم نجد من صرح بأن الكتاب له، حتى ان النجاشي المعاصر له لم يصرح بأن كتاب النزهة من مصنفاته.

هذا، والاعتقاد إن مؤلفه هو الحسين بن الحسن بن نصر الحلواني المعاصر لأبي يعلى الجعفري كما هو مصرح به في صحيفة: ٧٦ من الكتاب إذ قال: قال الحسين بن محمد بن الحسن لما انتهى إلى هذا الفصل من كتابه.

كما وانه يروي عن أبي يعلى الجعفري في ذات الكتاب في صحيفة: ٤٧.

وقد نسب ابن شهرآشوب في معالمه ٤٢ / ٢٧٣ الكتاب إليه حيث قال: الحسين بن محمد بن الحسن له كتاب نزهة الناظر وتنبيه الخاطر، فلاحظ.

(٢) رجال النجاشي: ٤٠٤ / ١٠٧٠.

(٣) رجال العلامة: ١٦٤ / ١٧٩.

(٤) رجال النجاشي: ٢٧١ / ٧٠٨.

١٩٢

رضي‌الله‌عنه قال: حدّث أبو محمد هارون بن موسى(١) . إلى آخره. وما رأينا ترجمة وذكرا لولد المفيد هذا(٢) ، إلاّ في هذا المقام.

__________________

(١) نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: ٧٤.

(٢) نقول: ان الشيخ في فهرسته: ١٥٨ / ٧٠٦ في ترجمته للشيخ المفيد عند ذكر مصنفاته قال: ورسالة في الفقه إلى ولده لم يتمها.

كما وان الحسين بن محمد الحلواني في كتابه الآخر الموسوم بنهج النجاة في فضائل أمير المؤمنين والأئمة الطاهرين من ذريته صلوات الله عليهم أجمعين روى عنه بقوله: حدثنا أبو القاسم بن المفيد، أنظر كتاب اليقين في إمرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام : ١٤٠ فإنه نقل ذلك عن النهج. وعليه فللمفيد ولد يكنى أبا القاسم وان لم يذكره علماء الرجال، فلاحظ.

١٩٣

٤٠ - كتاب مصباح الشريعة ومفتاح الحقيقة:

المنسوب إلى أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام ، على ما صرّح به جماعة من العلماء الأعلام، أوّلهم فيما أعلم السيّد الأجلّ رضيّ الدين عليّ بن طاوس، في الفصل السابع من الباب السادس، من كتاب أمان الأخطار قال: ويصحب - أي المسافر - معه كتاب الإهليلجة، وهو كتاب مناظرة مولانا الصادقعليه‌السلام للهندي، في معرفة الله جلّ جلاله، بطرق غريبة عجيبة ضروريّة، حتى أقرّ الهندي بالإلهيّة والوحدانيّة، ويصحب معه كتاب مفضّل ابن عمر، الذي رواه عن الصادقعليه‌السلام ، في معرفة وجوه الحكمة في إنشاء العالم السفلي، وإظهار إسراره، فإنّه عجيب في معناه، ويصحب معه كتاب مصباح الشريعة ومفتاح الحقيقة، عن الصادقعليه‌السلام ، فإنّه كتاب لطيف شريف، في التعريف بالتسليك الى الله جلّ جلاله، والإقبال عليه، والظفر بالأسرار التي اشتملت عليه، فإنّ هذه الثلاثة كتب تكون مقدار مجلّد واحد، وهي كثيرة الفوائد(١) .

والفاضل المتبحّر الشيخ إبراهيم الكفعميقدس‌سره - صاحب الجنّة - في كتاب مجموع الغرائب، قال: ومن كتاب مصباح الشريعة ومفتاح الحقيقة: قال الصادقعليه‌السلام : « إعراب القلوب أربعة. » إلى آخره. وقال الصادقعليه‌السلام : « سمّي المستراح مستراحا. » إلى آخره. وقال الصادقعليه‌السلام : « السخاء من أخلاق الأنبياءعليهم‌السلام . » إلى آخره، ثمّ نقل شيئا من فضل الحلم والتقوى(٢) .

وشيخ الفقهاء الشهيد الثاني قدس الله روحه، فإنّه اعتمد عليه غاية الاعتماد، ونسب ما فيه إلى الصادقعليه‌السلام من غير تردّد وارتياب، فقال

__________________

(١) الأمان: ٩١ - ٩٢.

(٢) مجموع الغرائب: ٤٩.

١٩٤

في كشف الريبة، في مقام ذكر علاج الغيبة ما لفظه: جملة ما ذكروه من الأسباب الباعثة على الغيبة عشرة أشياء، قد نبّه الصادقعليه‌السلام عليها بقوله: « أصل الغيبة عشرة » وذكر ما فيه، ثم قال: ونحن نشير إليها مفصّلة، ثمّ شرح الأصول العشرة المذكورة، ثمّ شرع في ذكر علاجها(١) .

وقالرحمه‌الله في منية المريد: وقال الصادقعليه‌السلام : « المراء داء دويّ، وليس في الإنسان خصلة شرّ منه » إلى آخر ما في المصباح. وقال في آخره: هذا كلّه من كلام الصادقعليه‌السلام (٢) .

وقالرحمه‌الله في مسكّن الفؤاد: فصل، قال الصادقعليه‌السلام : « البلاء زين المؤمن، وكرامة لمن عقل » إلى آخر ما في الباب التسعين من الكتاب. وقال في آخر الفصل: وهذا الفصل كلّه من كلام الصادقعليه‌السلام (٣) ، ثمّ قال: فصل، قال الصادقعليه‌السلام : « الصبر يظهر ما في بواطن العباد من النور » إلى آخر ما في الباب الذي بعده، ولم يذكر في هذا الفصل أيضا من غيره(٤) .

وفي كتاب أسرار الصلاة أخرج منه جميع ما له تعلّق بالصلاة، من مقدّماتها، وآدابها، وأفعالها إلى التسليم، مبتدئا في جميع المواضع بقوله: قال الصادقعليه‌السلام ، من دون أن يذكر اسم الكتاب، ودأبه في نقل سائر الأخبار أن يقول: روى فلان، أو عن فلان، وبذلك يظهر ما أشرنا إليه من شدّة اعتماده، لأنّهرحمه‌الله تعالى قال في شرح درايته: وإذا نقل من نسخة موثوق بها في الصحّة، بأن قابلها هو، أو ثقة، على وجه وثق به، لمصنف من

__________________

(١) كشف الريبة: ٦٩، ومصباح الشريعة: ٢٧٧.

(٢) منية المريد ٦٩، مصباح الشريعة: ٢٦٧.

(٣) مسكن الفؤاد: ٥٢ - ٥٣، ومصباح الشريعة: ٤٨٦.

(٤) مسكن الفؤاد: ٥٣، ومصباح الشريعة: ٤٩٨.

١٩٥

العلماء، قال فيه - أي في نقله من تلك النسخة: - قال فلان - يعني ذلك المصنّف - وألا يثق بالنسخة، قال: بلغني عن فلان أنّه ذكر كذا وكذا، أو وجدت في نسخة من الكتاب الفلاني وما أشبه ذلك من العبارات.

وقد تسامح أكثر الناس في هذا الزمان بإطلاق اللفظ الجازم في ذلك، من غير تجوّز وتثبّت، فيطالع أحدهم كتابا منسوبا إلى مصنّف معيّن، وينقل منه من غير أن يثق بصحة النسخة قائلا: قال فلان كذا، وذكر فلان كذا. وليس بجيّد، بل الصواب ما فصّلناه(١) . وهذا الكلام منهرحمه‌الله وإن كان في مقام علم انتساب النسخة إلى المؤلّف، ولم يطمئن بصحّة ما فيها، ولكنّه يدلّ فيما لم يعلم أصل النسبة بطريق أولى.

وقال المحقّق الدامادقدس‌سره في الرواشح، في ردّ من استدلّ على حجّيّة المراسيل مطلقا: بأنّه لو لم يكن الوسط الساقط عدلا عند المرسل، لما ساغ له إسناد الحديث إلى المعصوم سلام الله عليه، وكان جزمه بالإسناد الموهم لسماعة إيّاه من عدل تدليسا في الرواية، وهو بعيد من أئمّة النقل، قال: وإنّما يتمّ إذا كان الإرسال بالإسقاط رأسا والإسناد جزما، كما لو قال المرسل: قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أو قال الإمامعليه‌السلام ذلك، وذلك مثل قول الصدوق، عروة الإسلامرضي‌الله‌عنه في الفقيه، قالعليه‌السلام : « الماء يطهّر ولا يطهّر(٢) » إذ مفاده الجزم، أو الظنّ بصدور الحديث عن المعصوم، فيجب أن تكون الوسائط عدولا في ظنّه، وإلاّ كان الحكم الجازم بالإسناد هادما لجلالته وعدالته، بخلاف ما لو التزم العنعنة وأبهم الواسطة، كقوله: عن رجل، أو عن صاحب لي، أو عن بعض أصحابه مثلا، انتهى(٣) .

__________________

(١) الدراية: ١٠٩.

(٢) الفقيه: ١: ٦ / ٢.

(٣) الرواشح السماوية: ١٧٤.

١٩٦

ومن هنا قيل: إنّ هذا الصنف من مراسيل الفقيه، إن لم يكن أقوى ممّا عرف إسناده، فلا يقصر عنه.

وبالجملة فهو -رحمه‌الله - أحقّ بأن يعمل بما قرّره، ومن سبر مؤلّفاته عرف شدّة إتقانه وضبطه في نقل الأخبار والآثار، ورعاية القوانين المودعة في كتب الدراية.

والسيّد الجليل، العالم المتبحّر النبيل، السيد حسين القزويني، قال في المبحث الخامس من كتاب جامع الشرائع، في بيان الاعتماد على مؤلّفي الكتب المنتزعة منها، قال: ومصباح الشريعة المنسوب إليه - يعني الصادقعليه‌السلام - بشهادة الشارح الفاضل - يعني الشهيد الثانيرحمه‌الله - والسيد ابن طاوس، والفاضل العارف مولانا محسن القاساني، وغيرهم، فلا وجه لتشكيك بعض المتأخّرين بعد ذلك، انتهى.

وقال العلاّمة المجلسي في البحار: وكتاب مصباح الشريعة فيه بعض ما يريب اللّبيب الماهر، وأسلوبه لا يشبه سائر كلمات الأئمّةعليهم‌السلام وآثارهم، وروى الشيخ في مجالسه بعض أخباره هكذا: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل الشيباني، بإسناده عن شقيق البلخي، عمّن أخبره من أهل العلم.

وهذا يدلّ على أنّه كان عند الشيخ -رحمه‌الله - وفي عصره، وكان يأخذ منه، ولكنّ لا يثق به كلّ الوثوق، ولم يثبت عنده كونه مرويّا عن الصادقعليه‌السلام ، وإنّ سنده ينتهي إلى الصوفيّة، ولذا اشتمل على كثير من اصطلاحاتهم، وعلى الرواية من مشايخهم، ومن يعتمدون عليه في رواياتهم، والله يعلم، انتهى(١) .

قلت : أمّا مغايرة الأسلوب فغير مضرّ، وسنشير ان شاء الله إلى وجهه.

وأمّا قوله: وروى الشيخ بعض أخباره. إلى آخره، ثمّ فرّع عليه

__________________

(١) بحار الأنوار ١: ٣٢.

١٩٧

وجود الكتاب عنده، وعدم اعتماده عليه، فهو في غاية الغرابة سيّما من مثله، إذ ليس فيه إلاّ حديث واحد غير مأخوذ عن هذا الكتاب يقينا، ونحن نذكر الخبرين حتّى يتبيّن للناظر صدق ما ادّعيناه.

ففي الباب الثامن والسبعين من المصباح وهو في تبجيل الإخوان، بعد التصدير بكلام الصادقعليه‌السلام ، على ما هو رسم الكتاب وظهور اختتام كلامهعليه‌السلام : قيل لعيسى بن مريمعليه‌السلام : كيف أصبحت؟ قال: « لا أملك نفع ما أرجوه، ولا أستطيع دفع ما أحذره، مأمورا بالطاعة، منهيّا عن المعصية، فلا أرى فقيرا أفقر منّي ».

وقيل لأويس القرني: كيف أصبحت؟ قال: كيف يصبح رجل إذا أصبح لا يدري أيمسي وإذا أمسى لا يدري أيصبح؟!

قال أبوذر -رضي‌الله‌عنه -: أصبحت أشكر ربي، وأشكو نفسي.

قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من أصبح وهمّته غير الله فقد أصبح من الخاسرين المعتدين » انتهى(١) .

وفي مجالس الشيخ، في مجلس يوم الجمعة، الثاني من رجب سنة ٤٥٧: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل، قال: حدّثنا غياث بن مصعب بن عبدة أبو العباس الخجندي الرياطي، قال: حدّثنا محمد بن حمّاد الشّاسي(٢) ، عن حاتم الأصمّ، عن شقيق بن إبراهيم البلخي، عمّن أخبره من أهل العلم، قال: قيل لعيسى بن مريمعليه‌السلام : كيف أصبحت يا روح الله؟ قال: « أصبحت وربّي تبارك وتعالى من فوقي، والنار أمامي، والموت في طلبي، لا أملك ما أرجو، ولا أطيق دفع ما أكره، فأيّ فقير أفقر منّي؟! ».

وقيل للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كيف أصبحت؟ قال: « بخير من

__________________

(١) مصباح الشريعة: ٤٢٩.

(٢) في المصدر: الشاشي.

١٩٨

رجل لم يصبح صائما، ولم يعد مريضا، ولم يشهد جنازة ».

قال: وقال جابر بن عبد الله الأنصاري: لقيت عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ذات يوم صباحا، فقلت: كيف أصبحت يا أمير المؤمنين؟ قال: « بنعمة من الله، وفضل من رجل لم يزر أخا، ولم يدخل على مؤمن سرورا » قلت: وما ذلك السرور؟ قال: « يفرّج عنه كربا، أو يقضي عنه دينا، أو يكشف عنه فاقة ».

قال جابر: ولقيت عليّاعليه‌السلام يوما، فقلت: كيف أصبحت يا أمير المؤمنين؟ قال: « أصبحنا وبنا من نعم الله وفضله ما لا نحصيه مع كثير ما نحصيه، فما ندري أيّ نعمة نشكر، أجميل ما ينشر، أم قبيح ما يستر؟ ».

وقيل لأبي ذر -رضي‌الله‌عنه -: كيف أصبحت يا صاحب رسول الله؟ قال: أصبحت بين نعمتين، بين ذنب مستور، وثناء من اغترّ به فهو مغرور.

وقيل للربيع بن خيثم: كيف أصبحت يا أبا يزيد؟ قال: أصبحت في أجل منقوص، وعمل محفوظ، والموت في رقابنا، والنار من ورائنا، ثمّ لا ندري ما يفعل بنا.

وقيل لأويس بن عامر القرني: كيف أصبحت يا أبا عامر؟ قال: ما ظنّكم بمن يرحل الى الآخرة كل يوم مرحلة، لا يدري إذا انقضى سفره، أعلى جنّة يرد أم على نار؟! قال: وقال عبد الله بن جعفر الطيّار: دخلت على عمّي عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام صباحا، وكان مريضا، فقلت: كيف أصبحت يا أمير المؤمنين؟ قال: « يا بنيّ كيف أصبح من يفنى ببقائه، ويسقم بدوائه، ويؤتي من مأمنه ».

وقيل لعليّ بن الحسينعليهما‌السلام : كيف أصبحت يا ابن رسول الله؟ قال: « أصبحت مطلوبا بثمان: الله تعالى يطلبني الفرائض، والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالسنّة، والعيال بالقوت، والنفس بالشهوة، والشيطان باتّباعه،

١٩٩

والحافظان بصدق العمل، وملك الموت بالروح، والقبر بالجسد، فأنا بين هذه الخصال مطلوب ».

وقيل لابنه محمد بن عليّعليهما‌السلام : كيف أصبحت؟ قال: « أصبحنا غرقى في النعمة، موفورين بالذنوب، يتحبّب إلينا إلهنا بالنعم، ونتمقّت إليه بالمعاصي، ونحن نفتقر إليه، وهو غنيّ عنّا ».

وقيل لبكر بن عبد الله المزني: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت قريبا أجلي، بعيدا أملي، سيّئا عملي، ولو كان لذنوبي ريح ما جالستموني.

قال: وقيل لرجل من المعمّرين: كيف أصبحت؟ قال:

أصبحت لا رجلا يغدو لحاجته

و لا قعيدة بيت تحسن العملا

وقيل لأبي الرجاء العطاردي، وقد بلغ عشرين ومائة سنة: كيف أصبحت؟ قال:

أصبحت لا يحمل بعضي بعضا

كأنّما كان شبابي قرضا(١)

وأنت خبير بما بين الخبرين من الطول والاختصار، ولو كان ما في الأوّل أطول لأمكن احتمال أن يكون الثاني مختصرا منه، وأمّا العكس فغير متصوّر، مع أنّ في المقدار المتّفق منهما من الاختلاف ما لا يحتمل أن يكون أحدهما مأخوذا من الآخر.

ثمّ من أين علم أنّ الشيخ أخرج الخبر عنه؟ فلعلّه أخرجه من كتب بعض من ذكر في رجال السند كحاتم الأصمّ، وشقيق البلخي، وغيرهما، والتعبير عنهعليه‌السلام بقوله: عمّن أخبره من أهل العلم منه كما هو الظاهر لا من الشيخ، بل هذا غير معهود منه ومن غيره من المصنّفين، فإنّهم إذا أخرجوا خبرا من كتاب، ما كانوا ليغيّروا بعض ما في سنده أو متنه، إلاّ ان يقع منهم

__________________

(١) أمالي الشيخ الطوسي ٢: ٢٥٣.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392