مستدرك الوسائل خاتمة 1 الجزء ١٩

مستدرك الوسائل خاتمة 115%

مستدرك الوسائل خاتمة 1 مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 392

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 392 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 86590 / تحميل: 6130
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل خاتمة 1

مستدرك الوسائل خاتمة ١ الجزء ١٩

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

٣٣ - كتاب لبّ اللباب أو اللباب:

للشيخ الفقيه، المحدّث النبيه، سعيد بن هبة الله، المدعو بالقطب الراوندي صاحب الخرائج، وشارح النهج، اختصره من كتاب فصول نور الدين عبد الوهاب الشعراني العامي، لخصه وألقى ما فيه من الزخارف والأباطيل. وقد رأيت المجلّد الثاني من الفصول في المشهد الرضويعليه‌السلام يقرب من تمام كتاب اللّباب، وهذا كتاب حسن كثير الفوائد، مشتمل على مائة وخمسة وخمسين مجلسا، في تفسير مثلها من الآيات على ترتيب القرآن.

وفي الرياض: وله كتاب تلخيص فصول عبد الوهاب في تفسير الآيات والروايات، مع ضمّ الفوائد والأخبار من طرق الإماميّة، قد رأيته في بلدة أردبيل، وهو كتاب حسن، انتهى(١) .

وهو داخل في فهرست البحار، قالقدس‌سره : وكتاب اللّباب المشتمل على بعض الفوائد(٢) . لكنّهرحمه‌الله غفل عنه فلم ينقل عنه في البحار، والظاهر أنّه لم يكن عنده وقت تأليفه، كما يظهر من المكتوب الذي أرسله إليه بعض تلامذته، وأدرجه في آخر إجازات البحار، في استدراك ما فاته من الكتب الموجودة وغير ذلك، ثمّ استدركرحمه‌الله بعضا وترك بعضا. وفي المكتوب: وشرحا النهج للراونديّين قد نقلتم عنهما في كتاب الفتن وغيره، من كتب البحار، وكتاب اللّباب للأوّل عند الأمير زين العابدين بن سيّد المبتدعين عبد الحسيب، حشره الله مع جدّه القمقام يوم الدين(٣) . إلى آخره.

وبالجملة فاعتبار الكتاب يعرف من اعتبار مؤلّفه، الذي هو في المقام فوق ما يصفه مثلي بالقلم، أو اللّسان.

__________________

(١) رياض العلماء ٢: ٤٢١.

(٢) بحار الأنوار ١: ٣١.

(٣) بحار الأنوار ١١٠: ١٦٨.

١٨١

٣٤ - كتاب الدعوات:

له أيضا سمّاه سلوة الحزين، قال في البحار: وجدنا منه نسخة عتيقة، وفيه دعوات موجزة شريفة، مأخوذة من الأصول المعتبرة، على أنّ الأمر في سند الدعاء هيّن(١) ، انتهى.

قلت: ليس هو مقصورا على الأدعية، بل فيه ممّا يتعلّق بحالتي الصحّة والمرض، وآداب الاحتضار، وما يتعلّق بما بعد الموت، وفوائد كثيرة، ونوادر عزيزة.

وممّا يجب التنبيه عليه في هذا المقام، انّني كنت معتقدا في سالف الزمان، أنّ هذا الكتاب من تأليف السيّد فضل الله الراوندي المتقدّم ذكره، ونسبته إليه في كلّ مقام نقلت منه فيما برز منّي، كدار السلام، والنجم الثاقب وغيرهما، وقد ظهر لي من بعد ذلك أنّه للقطب الراوندي وهذا اشتباه لا يترتّب عليه أثر، ولا يضعّف به خبر، لأنّ كلاهما من أجلّة المشايخ وأساتيذ العصر، إلاّ أنّه يوجد في النفس بعد التنبيه انكسار لا بدّ من جبره، ولا جابر إلاّ الالتفات الى ما وقع لمولانا العلامة المجلسيرحمه‌الله في هذا المقام من الاشتباه، واختلاط كتب هذين العالمين الراونديّين عليه، ونسبته تأليف أحدهما إلى الآخر.

ولحسن الظنّ به اعتمدنا عليه ولم نراجع المأخذ، فوقعنا فيما وقعنا مع إنّهرحمه‌الله جذيلها المحكّك وعذيقها المرجّب. فقال في الفصل الأوّل: وكتاب الخرائج والجرائح، للشيخ الإمام قطب الدين أبي الحسن سعيد بن هبة الله بن الحسن الراوندي، وكتاب قصص الأنبياء له أيضا، على ما يظهر من أسانيد الكتاب واشتهر أيضا، ولا يبعد أن يكون تأليف فضل الله بن عليّ بن عبيد الله الحسني الراوندي، كما يظهر من بعض أسانيد السيّد ابن طاوسقدس‌سره .

__________________

(١) بحار الأنوار ١: ٣١.

١٨٢

وقد صرّح بكونه منه في رسالة النجوم، وكتاب فلاح السائل، والأمر فيه هيّن لكونه مقصورا على القصص، وأخباره جلّها مأخوذة من كتب الصدوق. وكتاب فقه القرآن للأوّل أيضا. وكتاب ضوء الشهاب، شرح شهاب الأخبار للثاني فضل الله -رحمه‌الله - وكتاب الدعوات، وكتاب اللّباب، وكتاب شرح نهج البلاغة، وكتاب أسباب النزول له أيضا، انتهى(١) .

وظاهر العبارة بل صريحها أنّ الكتب الأربعة الأخيرة للسيّد الراوندي لا لقطبها، إذ عود ضمير « له » إليه مستهجن جدّا، إذ لا وجه لتوسيط ذكر كتاب ضوء الشهاب الذي هو من مؤلّفات السيد.

وقد تفطّن صاحب الرياض الى هذا الاشتباه، وأشار إليه في ترجمتهما، وصرّح هو وغيره بأنّ الكتب الأربعة للقطب لا له(٢) .

والعجب أنّ العلاّمة المذكور قال في الفصل الثاني في شرح حال الكتب المذكورة: وكتاب ضوء الشهاب كتاب شريف، مشتمل على فوائد جمّة، خلت عنها كتب الخاصّة والعامّة، وكتاب اللّباب المشتمل على بعض الفوائد، وشرح النهج مشهور معروف، رجع إليه أكثر الشرّاح، وكتاب أسباب النزول فيه فوائد، انتهى(٣) .

وفيه أيضا تأكيد لما ذكرنا، مع أنّ شرح النهج المتداول غير خفيّ أنّه للقطب، فراجع.

__________________

(١) بحار الأنوار ١: ١٢.

(٢) رياض العلماء ٢: ٤٢٩، و ٤: ٣٦٥.

(٣) بحار الأنوار ١: ٣١.

١٨٣

٣٥ - كتاب فقه القرآن:

وهو بعينه كتاب آيات الأحكام له أيضا، وهو من نفائس الكتب النافعة الجامعة، الكاشفة عن جلالة قدر مؤلّفها، وعلوّ مقامه في العلوم الدينيّة، وقد عثرنا - بحمد الله تعالى - على نسخة عتيقة منه، كتب في آخره: كتبه سعيد بن هبة الله بن الحسن، في محرّم سنة اثنتين وستّين وخمسمائة، حامدا لربّه، ومصلّيا على محمّد وآله - إلى هنا كلام المصنّفرحمه‌الله - وتمّ الكتاب على يد العبد الفقير الى الله تعالى، الحسن بن الحسين بن الحسن ( السدّ السوي )(١) ناقلا عن خطّ المصنّف إلاّ قليلا، أواسط صفر، ختم بالخير والظفر، شهور سنة أربعين وسبعمائة هجريّة، بمدينة قاشان. إلى آخره.

قال في الرياض: ثمّ إنّ القطب الراونديقدس‌سره هو أوّل من شرح نهج البلاغة، وأوّل من ألّف تفسير آيات الأحكام، فلاحظ(٢) .

قلت: أمّا الثاني فالظاهر أنّه كما ذكره، وأمّا النهج فأوّل من شرحه أبو الحسن البيهقي(٣) وهو حجّة الدين، فريد خراسان، أبو الحسن بن أبي القاسم زيد - صاحب لباب الألباب، وحدائق الحدائق، وغيرها - ابن محمد ابن عليّ البيهقي، من أولاد خزيمة بن ثابت ذي الشهادتين.

قال في أوّل شرحه: قرأت كتاب نهج البلاغة على الإمام الزاهد الحسن ابن يعقوب بن أحمد القاري، وهو وأبوه في فلك الأدب قمران، وفي حدائق

__________________

(١) هكذا في الحجرية، وفي المخطوطة غير مقروءة وقد علم فيهما عليها ب: كذا.

(٢) رياض العلماء ٢: ٤٢١.

(٣) فيه تأمل، إذ الظاهر ان أول من شرحه هو علي بن الناصر - المعاصر للسيد الرضي - وهو من أخصر وأتقن الشروح، سماه أعلام نهج البلاغة، راجع الذريعة ٢: ٢٤٠.

١٨٤

الورع ثمران، في شهور سنة ستّ عشرة وخمسمائة، وخطّه شاهد لي بذلك - إلى أن قال - ولم يشرح قبلي من كان من الفضلاء السابقين هذا الكتاب بسبب موانع(١) . إلى آخره.

__________________

(١) معارج نهج البلاغة: ٢ - ٤.

١٨٥

٣٦ - كتاب التمحيص:

قال في البحار: هو لبعض قدماء أصحابنا، ويظهر من القرائن الجليّة أنّه من مؤلّفات الثقة الجليل أبي عليّ محمد بن همام(١) .

وقال في موضع آخر: وكتاب التمحيص، ومتانته تدلّ على فضل مؤلّفه، وإن كان مؤلّفه أبا عليّ كما هو الظاهر، ففضله وتوثيقه مشهوران(٢) .

قلت: ولم يشر إلى القرائن، والذي يظهر منها من الكتاب، قوله في أوّل الكتاب بعد الديباجة، باب سرعة البلاء إلى المؤمنين: حدّثنا أبو عليّ محمّد بن همام، قال: حدّثني عبد الله بن جعفر(٣) . إلى آخره، وهذا هو المرسوم في غالب كتب المحدّثين من القدماء، أنّ الرواة عنهم من تلاميذهم يخبرون عن روايتهم عنه في صدر كتبهم، فراجع الكافي، وكتب الصدوق، وغيرها، تجدها على ما وصفناه.

وبهذا يظنّ أنّ التمحيص له، ولكنّ الشيخ الجليل النبيل، الشيخ إبراهيم القطيفي، قال في خاتمة كتاب الفرقة الناجية، الحديث الأول: ما رواه الشيخ العالم، الفاضل العامل، الفقيه النبيه، أبو محمد الحسن بن عليّ بن الحسين بن شعبة الحرّاني قدّس الله روحه الزكيّة في كتابه المسمّى بالتمحيص، ثمّ أخرج منه خمسة أحاديث، وهو صاحب كتاب تحف العقول المتداول المعروف.

وفي الرياض: وأمّا قول الأستاذ الاستناد بأنّ كتاب التمحيص من مؤلّفات غيره - أي غير الحسن المذكور - فهو عندي محلّ تأمّل، لأنّ الشيخ

__________________

(١) بحار الأنوار ١: ١٧.

(٢) بحار الأنوار ١: ٣٤.

(٣) التمحيص: ٣٠.

١٨٦

إبراهيم أقرب وأعرف، مع أنّ عدم ذكر كتاب التمحيص في جملة مؤلّفاته، التي أوردها أصحاب الرجال في كتبهم مع قربهم إليه، يدلّ على أنّه ليس منه، فتأمّل(١) .

ووافقهما على ذلك الشيخ الجليل في أمل الآمل، إلاّ أنّه نسبه إلى القاضي في المجالس(٢) ، وفيه سهو ظاهر، فإنّ القاضي نقل في ترجمة القطيفي(٣) ما أخرجه من كتاب التمحيص بعبارته(٤) ، ولا يظهر منه اختياره ما اختاره من النسبة.

ثمّ إنّي إلى الآن ما تحقّقت طبقة صاحب تحف العقول(٥) ، حتّى استظهر منها ملاءمتها للرواية عن أبي عليّ محمد بن همام وعدمها.

والقطيفي من العلماء المتبحّرين، إلاّ أنّه لم يعلم أعرفيّته في هذه الأمور من العلامة المجلسيرحمه‌الله ، وهو في طبقة المحقّق الكركي، وهذا المقدار من التقدّم غير نافع في المقام.

نعم ما ذكره صاحب الرياض أخيرا يورث الشك في النسبة، إلا أنّه يرتفع بملاحظة ما ذكرنا.

ومع الغضّ عنه فالكتاب مردّد بين العالمين الجليلين الثقتين، فلا يضرّ الترديد في اعتباره، والاعتماد عليه.

__________________

(١) رياض العلماء ١: ٢٤٥.

(٢) أمل الآمل ٢: ٧٤ / ١٩٨.

(٣) بل في ترجمة أبو بكر الحضرمي.

(٤) مجالس المؤمنين ١: ٣٨٣.

(٥) ذكر الشيخ آغا بزرگ الطهراني في طبقات اعلام الشيعة القرن الرابع: ٩٣ ان الحسن بن علي ابن شعبة صاحب تحف العقول معاصر للصدوق المتوفى سنة ٣٨١، ويروي عن أبي علي محمد ابن همام بن سهيل الإسكافي المتوفى سنة ٣٣٦، ويروي عنه المفيد المتوفى سنة ٤١٣ كما ذكره حسين ابن علي بن صادق البحراني في رسالته في الأخلاق، ولعل كتاب التمحيص للحسن بن علي بن شعبة البحراني كما استظهره إبراهيم القطيفي والحر وصاحب الرياض، والاحتمال الآخر للمجلسي.

١٨٧

٣٧ - كتاب الهداية:

هو للصدوققدس‌سره ، صرّح به النجاشي(١) وغيره(٢) .

__________________

(١) رجال النجاشي: ٣٩٠ / ١٠٤٩.

(٢) بحار الأنوار: ١ / ٦ وروضات الجنات ٦: ١٣٦.

١٨٨

٣٨ - كتاب المقنع:

له أيضا، وهو داخل في فهرست مآخذ الوسائل(١) ، إلاّ أنّ المؤلّفرحمه‌الله لم ينقل منه إلاّ ما صرح فيه بالرواية، وترك باقيه لزعمه انّه من كلامه، والحقّ إنّ ما فيه عين متون الأخبار الصحيحة، بالمعنى الأخصّ الذي عليه المتأخّرون، لا لما اشتهر من أنّ فتاوى القدماء في كتبهم متون الأخبار، وإن كان حقّا، ولذا كانوا يرجعون إلى شرائع أبيه - وهو رسالته إليه - عند اعوزاز النصوص، بل لأمرين آخرين:

الأوّل : تصريحه بذلك في أوّل الكتاب، قالرحمه‌الله بعد الخطبة: قال محمد بن عليّ: ثمّ إنّي صنّفت كتابي هذا، وسمّيته كتاب المقنع لقنوع من يقرؤه بما فيه، وحذفت الإسناد منه لئلاّ يثقل حمله، ولا يصعب حفظه، ولا يملّه قارئه، إذ كان ما أبيّنه فيه في الكتب الأصوليّة موجودا، مبيّنا عن المشايخ العلماء، الفقهاء الثقاترحمهم‌الله أرجو بذلك ثواب الله، وأبتغي به مرضاته، وأطلب الأجر عنده(٢) ، وهذه العبارة كما ترى متضمّنة لمطالب:

الأوّل : إنّ ما في الكتاب خبر كلّه، إلاّ ما يشير إليه.

الثاني : إنّ ما فيه من الأخبار مسند كلّه، وعدم ذكر السند فيه للاختصار، لا لكونها من المراسيل.

الثالث : إنّ ما فيه من الأخبار مأخوذ من أصول الأصحاب، التي هي مرجعهم، وعليها معوّلهم، وإليها مستندهم، وفيها مباني فتاويهم.

الرابع : إنّ أرباب تلك الأصول ورجال طرقه إليها، من ثقات العلماء،

__________________

(١) وسائل الشيعة ٣٠: ١٥٤ / ١٧، في ذكر الكتب المعتمدة.

(٢) المقنع: ٢.

١٨٩

وبذلك فاق قدره عن كتابه الفقيه، الذي عدّ من مآخذه كتاب نوادر الحكمة، وكتب المحاسن، وفيهما من ضعاف الأخبار بزعمه وزعم المتأخّرين ما لا يحصى، فإذا لا فرق فيما أدرجه فيه بين أن يقول: روي عن فلان وما أشبهه، أو يذكر حكم المسألة من غير استناد في الاعتبار والتعويل عليه.

الثاني : ما يظهر من مواضع من الكتاب أنّ ما يذكره متن الحديث.

ففي أحكام البئر: وإن وقعت في البئر فأرة، أو غيرها من الدواب فماتت، فعجن من مائها، فلا بأس بأكل ذلك الخبز إذا أصابته النار، وفي حديث آخر: أكلت النار ما فيه(١) . فلو لا أنّ الكلام الأوّل متن الخبر، لما كان لقوله: وفي حديث آخر محلّ.

ومثله في غسل الجنابة: وإن اغتسلت من الجنابة ووجدت بللا، فإن كنت بلت قبل الغسل فلا تعد الغسل، وإن كنت لم تبل قبل الغسل فأعد الغسل وفي حديث آخر: إن لم تكن بلت فتوضّأ(٢) .

ومثله في الخلل: وإن لم تدر اثنتين صلّيت أو خمسا، أو زدت أو نقصت، فتشهّد وسلّم، وصلّ ركعتين وأربع سجدات وأنت جالس بعد تسليمك. وفي حديث آخر تسجد سجدتين بغير ركوع، ولا قراءة(٣) .

ومثله في آخر الباب، وفي باب الصوم: اعلم أنّ الصوم على أربعين وجها، وساق الخبر المرويّ عن الزهري، عن السجادعليه‌السلام - الى أن قال - قال الزهري: وكيف يجزي صوم تطوّع عن صوم فريضة(٤) ، مع أنّه ما تعرّض للراوي، ولا المروي عنه في صدر الخبر.

__________________

(١) المقنع: ١٠.

(٢) المقنع: ١٣.

(٣) المقنع: ٣١.

(٤) المقنع: ٥٥ - ٥٧.

١٩٠

وفي كتاب النكاح: وإذا تزوّج الرجل المرأة فزنى قبل أن يدخل بها، لم تحلّ له لأنّه زان، ويفرّق بينهما، ويعطيها نصف الصداق، وفي حديث آخر: يجلد الحدّ، ويحلق رأسه. إلى آخره(١) .

وفيه: ولا تحلّ القابلة للمولود ولا ابنتها، وهي كبعض أمّهاته، وفي حديث آخر: إن قبّلت ومرّت فالقوابل أكثر من ذلك، وإن قبّلت وربّت حرمت عليه(٢) .

وهذا المقدار يكفي لإثبات ما أردناه، ومن هنا ظهر وجه نقل المجلسيرحمه‌الله ما فيه كنقله عن سائر كتب الأخبار، لكنّهرحمه‌الله فعل بكتاب الهداية ما فعل به، لظنّه أنّه أيضا مثله، والظاهر أنّه كذلك، ولكنّا ما اعتمدنا عليه، لعدم ما يدلّ على اعتباره، فاقتصرنا في النقل عنه بما أسنده إلى المعصومعليه‌السلام .

__________________

(١) المقنع: ١٠٩.

(٢) المقنع: ١٠٩.

١٩١

٣٩ - كتاب نزهة الناظر وتنبيه الخاطر:

في كلمات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّةعليهم‌السلام . للشيخ الأجلّ الشريف أبي يعلى محمد بن الحسن بن حمزة الجعفري الطالبي(١) ، تلميذ الشيخ المفيدقدس‌سره ، والجالس مجلسه، وهو متكلّم فقيه، قائم بالأمرين جميعا، قاله النجاشي(٢) ، والعلاّمة(٣) .

وقال الأوّل في ترجمة السيّد المرتضى: تولّيت غسله ومعي الشريف أبي يعلى محمد بن الحسن الجعفري، وسلاّر بن عبد العزيز(٤) .

وهذا كتاب لطيف، صغير الحجم، عظيم القدر، أسقط أسانيد جميع ما فيه، إلاّ خبرا واحدا ذكره في آخر الكتاب، وهو الخبر المعروف في ذكر جماعة زهّاد ثلاثين، كانوا عند المستجار، وشاهدوا الصّاحبعليه‌السلام من غير أن يعرفوه، وعلّمهم بعض الدعوات، فقال: لمع ممّا روي عن مولانا صاحب الزمانعليه‌السلام : أخبرني الشيخ أبو القاسم عليّ بن محمد بن محمد المفيد

__________________

(١) لم نجد من صرح بأن الكتاب له، حتى ان النجاشي المعاصر له لم يصرح بأن كتاب النزهة من مصنفاته.

هذا، والاعتقاد إن مؤلفه هو الحسين بن الحسن بن نصر الحلواني المعاصر لأبي يعلى الجعفري كما هو مصرح به في صحيفة: ٧٦ من الكتاب إذ قال: قال الحسين بن محمد بن الحسن لما انتهى إلى هذا الفصل من كتابه.

كما وانه يروي عن أبي يعلى الجعفري في ذات الكتاب في صحيفة: ٤٧.

وقد نسب ابن شهرآشوب في معالمه ٤٢ / ٢٧٣ الكتاب إليه حيث قال: الحسين بن محمد بن الحسن له كتاب نزهة الناظر وتنبيه الخاطر، فلاحظ.

(٢) رجال النجاشي: ٤٠٤ / ١٠٧٠.

(٣) رجال العلامة: ١٦٤ / ١٧٩.

(٤) رجال النجاشي: ٢٧١ / ٧٠٨.

١٩٢

رضي‌الله‌عنه قال: حدّث أبو محمد هارون بن موسى(١) . إلى آخره. وما رأينا ترجمة وذكرا لولد المفيد هذا(٢) ، إلاّ في هذا المقام.

__________________

(١) نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: ٧٤.

(٢) نقول: ان الشيخ في فهرسته: ١٥٨ / ٧٠٦ في ترجمته للشيخ المفيد عند ذكر مصنفاته قال: ورسالة في الفقه إلى ولده لم يتمها.

كما وان الحسين بن محمد الحلواني في كتابه الآخر الموسوم بنهج النجاة في فضائل أمير المؤمنين والأئمة الطاهرين من ذريته صلوات الله عليهم أجمعين روى عنه بقوله: حدثنا أبو القاسم بن المفيد، أنظر كتاب اليقين في إمرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام : ١٤٠ فإنه نقل ذلك عن النهج. وعليه فللمفيد ولد يكنى أبا القاسم وان لم يذكره علماء الرجال، فلاحظ.

١٩٣

٤٠ - كتاب مصباح الشريعة ومفتاح الحقيقة:

المنسوب إلى أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام ، على ما صرّح به جماعة من العلماء الأعلام، أوّلهم فيما أعلم السيّد الأجلّ رضيّ الدين عليّ بن طاوس، في الفصل السابع من الباب السادس، من كتاب أمان الأخطار قال: ويصحب - أي المسافر - معه كتاب الإهليلجة، وهو كتاب مناظرة مولانا الصادقعليه‌السلام للهندي، في معرفة الله جلّ جلاله، بطرق غريبة عجيبة ضروريّة، حتى أقرّ الهندي بالإلهيّة والوحدانيّة، ويصحب معه كتاب مفضّل ابن عمر، الذي رواه عن الصادقعليه‌السلام ، في معرفة وجوه الحكمة في إنشاء العالم السفلي، وإظهار إسراره، فإنّه عجيب في معناه، ويصحب معه كتاب مصباح الشريعة ومفتاح الحقيقة، عن الصادقعليه‌السلام ، فإنّه كتاب لطيف شريف، في التعريف بالتسليك الى الله جلّ جلاله، والإقبال عليه، والظفر بالأسرار التي اشتملت عليه، فإنّ هذه الثلاثة كتب تكون مقدار مجلّد واحد، وهي كثيرة الفوائد(١) .

والفاضل المتبحّر الشيخ إبراهيم الكفعميقدس‌سره - صاحب الجنّة - في كتاب مجموع الغرائب، قال: ومن كتاب مصباح الشريعة ومفتاح الحقيقة: قال الصادقعليه‌السلام : « إعراب القلوب أربعة. » إلى آخره. وقال الصادقعليه‌السلام : « سمّي المستراح مستراحا. » إلى آخره. وقال الصادقعليه‌السلام : « السخاء من أخلاق الأنبياءعليهم‌السلام . » إلى آخره، ثمّ نقل شيئا من فضل الحلم والتقوى(٢) .

وشيخ الفقهاء الشهيد الثاني قدس الله روحه، فإنّه اعتمد عليه غاية الاعتماد، ونسب ما فيه إلى الصادقعليه‌السلام من غير تردّد وارتياب، فقال

__________________

(١) الأمان: ٩١ - ٩٢.

(٢) مجموع الغرائب: ٤٩.

١٩٤

في كشف الريبة، في مقام ذكر علاج الغيبة ما لفظه: جملة ما ذكروه من الأسباب الباعثة على الغيبة عشرة أشياء، قد نبّه الصادقعليه‌السلام عليها بقوله: « أصل الغيبة عشرة » وذكر ما فيه، ثم قال: ونحن نشير إليها مفصّلة، ثمّ شرح الأصول العشرة المذكورة، ثمّ شرع في ذكر علاجها(١) .

وقالرحمه‌الله في منية المريد: وقال الصادقعليه‌السلام : « المراء داء دويّ، وليس في الإنسان خصلة شرّ منه » إلى آخر ما في المصباح. وقال في آخره: هذا كلّه من كلام الصادقعليه‌السلام (٢) .

وقالرحمه‌الله في مسكّن الفؤاد: فصل، قال الصادقعليه‌السلام : « البلاء زين المؤمن، وكرامة لمن عقل » إلى آخر ما في الباب التسعين من الكتاب. وقال في آخر الفصل: وهذا الفصل كلّه من كلام الصادقعليه‌السلام (٣) ، ثمّ قال: فصل، قال الصادقعليه‌السلام : « الصبر يظهر ما في بواطن العباد من النور » إلى آخر ما في الباب الذي بعده، ولم يذكر في هذا الفصل أيضا من غيره(٤) .

وفي كتاب أسرار الصلاة أخرج منه جميع ما له تعلّق بالصلاة، من مقدّماتها، وآدابها، وأفعالها إلى التسليم، مبتدئا في جميع المواضع بقوله: قال الصادقعليه‌السلام ، من دون أن يذكر اسم الكتاب، ودأبه في نقل سائر الأخبار أن يقول: روى فلان، أو عن فلان، وبذلك يظهر ما أشرنا إليه من شدّة اعتماده، لأنّهرحمه‌الله تعالى قال في شرح درايته: وإذا نقل من نسخة موثوق بها في الصحّة، بأن قابلها هو، أو ثقة، على وجه وثق به، لمصنف من

__________________

(١) كشف الريبة: ٦٩، ومصباح الشريعة: ٢٧٧.

(٢) منية المريد ٦٩، مصباح الشريعة: ٢٦٧.

(٣) مسكن الفؤاد: ٥٢ - ٥٣، ومصباح الشريعة: ٤٨٦.

(٤) مسكن الفؤاد: ٥٣، ومصباح الشريعة: ٤٩٨.

١٩٥

العلماء، قال فيه - أي في نقله من تلك النسخة: - قال فلان - يعني ذلك المصنّف - وألا يثق بالنسخة، قال: بلغني عن فلان أنّه ذكر كذا وكذا، أو وجدت في نسخة من الكتاب الفلاني وما أشبه ذلك من العبارات.

وقد تسامح أكثر الناس في هذا الزمان بإطلاق اللفظ الجازم في ذلك، من غير تجوّز وتثبّت، فيطالع أحدهم كتابا منسوبا إلى مصنّف معيّن، وينقل منه من غير أن يثق بصحة النسخة قائلا: قال فلان كذا، وذكر فلان كذا. وليس بجيّد، بل الصواب ما فصّلناه(١) . وهذا الكلام منهرحمه‌الله وإن كان في مقام علم انتساب النسخة إلى المؤلّف، ولم يطمئن بصحّة ما فيها، ولكنّه يدلّ فيما لم يعلم أصل النسبة بطريق أولى.

وقال المحقّق الدامادقدس‌سره في الرواشح، في ردّ من استدلّ على حجّيّة المراسيل مطلقا: بأنّه لو لم يكن الوسط الساقط عدلا عند المرسل، لما ساغ له إسناد الحديث إلى المعصوم سلام الله عليه، وكان جزمه بالإسناد الموهم لسماعة إيّاه من عدل تدليسا في الرواية، وهو بعيد من أئمّة النقل، قال: وإنّما يتمّ إذا كان الإرسال بالإسقاط رأسا والإسناد جزما، كما لو قال المرسل: قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أو قال الإمامعليه‌السلام ذلك، وذلك مثل قول الصدوق، عروة الإسلامرضي‌الله‌عنه في الفقيه، قالعليه‌السلام : « الماء يطهّر ولا يطهّر(٢) » إذ مفاده الجزم، أو الظنّ بصدور الحديث عن المعصوم، فيجب أن تكون الوسائط عدولا في ظنّه، وإلاّ كان الحكم الجازم بالإسناد هادما لجلالته وعدالته، بخلاف ما لو التزم العنعنة وأبهم الواسطة، كقوله: عن رجل، أو عن صاحب لي، أو عن بعض أصحابه مثلا، انتهى(٣) .

__________________

(١) الدراية: ١٠٩.

(٢) الفقيه: ١: ٦ / ٢.

(٣) الرواشح السماوية: ١٧٤.

١٩٦

ومن هنا قيل: إنّ هذا الصنف من مراسيل الفقيه، إن لم يكن أقوى ممّا عرف إسناده، فلا يقصر عنه.

وبالجملة فهو -رحمه‌الله - أحقّ بأن يعمل بما قرّره، ومن سبر مؤلّفاته عرف شدّة إتقانه وضبطه في نقل الأخبار والآثار، ورعاية القوانين المودعة في كتب الدراية.

والسيّد الجليل، العالم المتبحّر النبيل، السيد حسين القزويني، قال في المبحث الخامس من كتاب جامع الشرائع، في بيان الاعتماد على مؤلّفي الكتب المنتزعة منها، قال: ومصباح الشريعة المنسوب إليه - يعني الصادقعليه‌السلام - بشهادة الشارح الفاضل - يعني الشهيد الثانيرحمه‌الله - والسيد ابن طاوس، والفاضل العارف مولانا محسن القاساني، وغيرهم، فلا وجه لتشكيك بعض المتأخّرين بعد ذلك، انتهى.

وقال العلاّمة المجلسي في البحار: وكتاب مصباح الشريعة فيه بعض ما يريب اللّبيب الماهر، وأسلوبه لا يشبه سائر كلمات الأئمّةعليهم‌السلام وآثارهم، وروى الشيخ في مجالسه بعض أخباره هكذا: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل الشيباني، بإسناده عن شقيق البلخي، عمّن أخبره من أهل العلم.

وهذا يدلّ على أنّه كان عند الشيخ -رحمه‌الله - وفي عصره، وكان يأخذ منه، ولكنّ لا يثق به كلّ الوثوق، ولم يثبت عنده كونه مرويّا عن الصادقعليه‌السلام ، وإنّ سنده ينتهي إلى الصوفيّة، ولذا اشتمل على كثير من اصطلاحاتهم، وعلى الرواية من مشايخهم، ومن يعتمدون عليه في رواياتهم، والله يعلم، انتهى(١) .

قلت : أمّا مغايرة الأسلوب فغير مضرّ، وسنشير ان شاء الله إلى وجهه.

وأمّا قوله: وروى الشيخ بعض أخباره. إلى آخره، ثمّ فرّع عليه

__________________

(١) بحار الأنوار ١: ٣٢.

١٩٧

وجود الكتاب عنده، وعدم اعتماده عليه، فهو في غاية الغرابة سيّما من مثله، إذ ليس فيه إلاّ حديث واحد غير مأخوذ عن هذا الكتاب يقينا، ونحن نذكر الخبرين حتّى يتبيّن للناظر صدق ما ادّعيناه.

ففي الباب الثامن والسبعين من المصباح وهو في تبجيل الإخوان، بعد التصدير بكلام الصادقعليه‌السلام ، على ما هو رسم الكتاب وظهور اختتام كلامهعليه‌السلام : قيل لعيسى بن مريمعليه‌السلام : كيف أصبحت؟ قال: « لا أملك نفع ما أرجوه، ولا أستطيع دفع ما أحذره، مأمورا بالطاعة، منهيّا عن المعصية، فلا أرى فقيرا أفقر منّي ».

وقيل لأويس القرني: كيف أصبحت؟ قال: كيف يصبح رجل إذا أصبح لا يدري أيمسي وإذا أمسى لا يدري أيصبح؟!

قال أبوذر -رضي‌الله‌عنه -: أصبحت أشكر ربي، وأشكو نفسي.

قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من أصبح وهمّته غير الله فقد أصبح من الخاسرين المعتدين » انتهى(١) .

وفي مجالس الشيخ، في مجلس يوم الجمعة، الثاني من رجب سنة ٤٥٧: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل، قال: حدّثنا غياث بن مصعب بن عبدة أبو العباس الخجندي الرياطي، قال: حدّثنا محمد بن حمّاد الشّاسي(٢) ، عن حاتم الأصمّ، عن شقيق بن إبراهيم البلخي، عمّن أخبره من أهل العلم، قال: قيل لعيسى بن مريمعليه‌السلام : كيف أصبحت يا روح الله؟ قال: « أصبحت وربّي تبارك وتعالى من فوقي، والنار أمامي، والموت في طلبي، لا أملك ما أرجو، ولا أطيق دفع ما أكره، فأيّ فقير أفقر منّي؟! ».

وقيل للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كيف أصبحت؟ قال: « بخير من

__________________

(١) مصباح الشريعة: ٤٢٩.

(٢) في المصدر: الشاشي.

١٩٨

رجل لم يصبح صائما، ولم يعد مريضا، ولم يشهد جنازة ».

قال: وقال جابر بن عبد الله الأنصاري: لقيت عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ذات يوم صباحا، فقلت: كيف أصبحت يا أمير المؤمنين؟ قال: « بنعمة من الله، وفضل من رجل لم يزر أخا، ولم يدخل على مؤمن سرورا » قلت: وما ذلك السرور؟ قال: « يفرّج عنه كربا، أو يقضي عنه دينا، أو يكشف عنه فاقة ».

قال جابر: ولقيت عليّاعليه‌السلام يوما، فقلت: كيف أصبحت يا أمير المؤمنين؟ قال: « أصبحنا وبنا من نعم الله وفضله ما لا نحصيه مع كثير ما نحصيه، فما ندري أيّ نعمة نشكر، أجميل ما ينشر، أم قبيح ما يستر؟ ».

وقيل لأبي ذر -رضي‌الله‌عنه -: كيف أصبحت يا صاحب رسول الله؟ قال: أصبحت بين نعمتين، بين ذنب مستور، وثناء من اغترّ به فهو مغرور.

وقيل للربيع بن خيثم: كيف أصبحت يا أبا يزيد؟ قال: أصبحت في أجل منقوص، وعمل محفوظ، والموت في رقابنا، والنار من ورائنا، ثمّ لا ندري ما يفعل بنا.

وقيل لأويس بن عامر القرني: كيف أصبحت يا أبا عامر؟ قال: ما ظنّكم بمن يرحل الى الآخرة كل يوم مرحلة، لا يدري إذا انقضى سفره، أعلى جنّة يرد أم على نار؟! قال: وقال عبد الله بن جعفر الطيّار: دخلت على عمّي عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام صباحا، وكان مريضا، فقلت: كيف أصبحت يا أمير المؤمنين؟ قال: « يا بنيّ كيف أصبح من يفنى ببقائه، ويسقم بدوائه، ويؤتي من مأمنه ».

وقيل لعليّ بن الحسينعليهما‌السلام : كيف أصبحت يا ابن رسول الله؟ قال: « أصبحت مطلوبا بثمان: الله تعالى يطلبني الفرائض، والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالسنّة، والعيال بالقوت، والنفس بالشهوة، والشيطان باتّباعه،

١٩٩

والحافظان بصدق العمل، وملك الموت بالروح، والقبر بالجسد، فأنا بين هذه الخصال مطلوب ».

وقيل لابنه محمد بن عليّعليهما‌السلام : كيف أصبحت؟ قال: « أصبحنا غرقى في النعمة، موفورين بالذنوب، يتحبّب إلينا إلهنا بالنعم، ونتمقّت إليه بالمعاصي، ونحن نفتقر إليه، وهو غنيّ عنّا ».

وقيل لبكر بن عبد الله المزني: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت قريبا أجلي، بعيدا أملي، سيّئا عملي، ولو كان لذنوبي ريح ما جالستموني.

قال: وقيل لرجل من المعمّرين: كيف أصبحت؟ قال:

أصبحت لا رجلا يغدو لحاجته

و لا قعيدة بيت تحسن العملا

وقيل لأبي الرجاء العطاردي، وقد بلغ عشرين ومائة سنة: كيف أصبحت؟ قال:

أصبحت لا يحمل بعضي بعضا

كأنّما كان شبابي قرضا(١)

وأنت خبير بما بين الخبرين من الطول والاختصار، ولو كان ما في الأوّل أطول لأمكن احتمال أن يكون الثاني مختصرا منه، وأمّا العكس فغير متصوّر، مع أنّ في المقدار المتّفق منهما من الاختلاف ما لا يحتمل أن يكون أحدهما مأخوذا من الآخر.

ثمّ من أين علم أنّ الشيخ أخرج الخبر عنه؟ فلعلّه أخرجه من كتب بعض من ذكر في رجال السند كحاتم الأصمّ، وشقيق البلخي، وغيرهما، والتعبير عنهعليه‌السلام بقوله: عمّن أخبره من أهل العلم منه كما هو الظاهر لا من الشيخ، بل هذا غير معهود منه ومن غيره من المصنّفين، فإنّهم إذا أخرجوا خبرا من كتاب، ما كانوا ليغيّروا بعض ما في سنده أو متنه، إلاّ ان يقع منهم

__________________

(١) أمالي الشيخ الطوسي ٢: ٢٥٣.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

شاء الله، والسلام على أنبياء الله ورسله، السلام(١) على رسول الله (وآله، السلام)(٢) على إبراهيم، والحمد لله ربّ العالمين.

فإذا دخلت المسجد، فانظر إلى الكعبة وقل: الحمد لله الذي عظمك وشرّفك وكرمك، وجعلك مثابة للناس وأمناً مباركاً وهدى للعالمين، ثم ارفع يديك وقل: اللهم إنّي أسألك في مقامي هذا، في أوّل مناسكي أن تقبل توبتي، وتجاوز عن خطيئتي، وتضع عنّي وزري، الحمد لله الذي بلغني بيته الحرام، اللهم إنّي أشهد أن هذا بيتك الحرام، الذي جعلته مثابة للناس وأمناً مباركاً وهدى للعالمين.

٦ -( باب استحباب دخول المسجد الحرام من باب بني شيبة، والسواك عند إرادة الطواف والاستلام)

[١١٠٠٥] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وادخل المسجد من باب بني شيبة، فقل: بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

[١١٠٠٦] ٢ - الصدوق في المقنع: فإذا أردت أن تدخل المسجد الحرام، فادخل من باب بني شيبة بالسكينة والوقار وأنت حافٍ، فإنه من دخله بخشوع غفر له.

__________________

(١) في المصدر: والسلام.

(٢) وفيه: صلى‌الله‌عليه‌وآله والسلام.

باب ٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٧.

٢ - المقنع ص ٨٠.

٣٢١

٧ -( باب استحباب كسوة الكعبة)

[١١٠٠٧] ١ - علي بن الحسين المسعودي في إثبات الوصية: مرسلاً أن إسماعيلعليه‌السلام أوّل من ركب الخيل، وكسا البيت، ولبس العمائم، وأطعم الحاج.

٨ -( باب وجوب بناء الكعبة إن انهدمت، وكيفيّة بنائها)

[١١٠٠٨] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن أبي سلمة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : « ان الله عزّوجلّ أنزل الحجر الأسود من الجنّة لآدمعليه‌السلام ، وكان البيت درّة بيضاء فرفعه الله إلى السماء، وبقي أساسه، فهو حيال هذا البيت، وقال: يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك لا يرجعون إليه أبداً، فأمر الله إبراهيم وإسماعيل أن يبنيا البيت على القواعد ».

[١١٠٠٩] ٢ - وعن عطا، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - في حديث طويل - قال: « إنّ الله أوحى إلى جبرئيل بعد ذلك: أن اهبط إلى آدم وحوّاء فنحّهما عن مواضع قواعد بيتي، فإني أُريد أن أهبط في ظلال من ملائكتي إلى أرضي، فارفع أركان بيتي لملائكتي، ولخلقي من ولد آدم.

قال: فهبط جبرئيل على آدم وحوّاء فأخرجهما من الخيمة،

__________________

باب ٧

١ - إثبات الوصية ص ٣٥.

باب ٨

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٦٠ ح ٩٨.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٧ ح ٢١.

٣٢٢

ونحّاهما(١) عن ترعة(٢) البيت الحرام، ونحى الخيمة عن موضع الترعة، قال: ووضع آدم على الصفا، ووضع حوّاء على المروة، ورفع الخيمة إلى السماء، فقال آدم وحوّاء: يا جبرئيل أبسخطة من الله حوّلتنا(٣) أم برضى تقديراً من الله علينا؟ فقال لهما: لم يكن ذلك سخطاً من الله عليكما، ولكن الله لا يسأل عمّا يفعل، يا آدم إن السبعين ألف ملك الذين أنزلهم الله إلى الأرض ليؤنسوك، ويطوفون نحول أركان البيت والخيمة، سألوا الله أن يبني لهم مكان الخيمة بيتاً على موضع الترعة المباركة حيال البيت المعمور، فيطوفون حوله كما كانوا يطوفون في السماء حول البيت المعمور، فأوحى الله إليّ أن أنحيك وحوّاء، وارفع الخيمة إلى السماء » الخبر.

[١١٠١٠] ٣ - علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن هشام، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث طويل، إلى أن قال -: « فلمّا بلغ إسماعيل مبلغ الرجال، أمر الله إبراهيمعليه‌السلام أن يبني البيت، فقال: يا ربّ في أيّ(١) بقعة؟ قال: في البقعة التي أنزلت على آدم القبّة فأضاء لها الحرم، فلم تزل القبة التي أنزلها الله تعالى على آدم قائمة، حتى كان أيّام الطوفان - أيام نوحعليه‌السلام - فلمّا غرقت الدنيا رفع الله تلك القبة، وغرقت الدنيا إلّا موضع البيت، فسمّيت البيت العتيق، لأنه أعتق من الغرق.

__________________

(١) في المصدر: ونهاهما.

(٢) الترعة: الدرجة، وقيل الروضة ..

والترعة: الباب. وقيل: الترعة المتن المرتفع من الأرض (لسان العرب ج ٨ ص ٣٣).

(٣) في المصدر زيادة: وفرقت بيننا.

٣ - تفسير القمي ج ١ ص ٦١.

(١) وفي نسخة: أية، (منه قدّه).

٣٢٣

فلما أمر الله عزّوجلّ إبراهيمعليه‌السلام أن يبني البيت، لم يدر في أيّ مكان يبنيه، فبعث الله تعالى جبرئيل فخطّ له موضع البيت، فأنزل الله تعالى عليه القواعد من الجنّة، وكان الحجر الذي أنزله الله على آدم أشدّ بياضاً من الثلج، فلمّا مسّته أيدي الكفّار اسودّ، فبنى إبراهيمعليه‌السلام البيت، ونقل إسماعيل الحجر من ذي طوى، فرفعه في السماء تسعة أذرع، ثم دلّه على موضع الحجر فاستخرجه إبراهيمعليه‌السلام ، ووضعه في موضعه الذي هو فيه الآن.

فلما بنى جعل له بابين: باباً إلى المشرق، وباباُ إلى المغرب، والباب الذي إلى المغرب يسمّى المستجار، ثم ألقى عليه الشجر والإذخر، وعلقت هاجر على بابه كساء كان معها، وكان يكونون تحته » الخبر.

[١١٠١١] ٤ - دعائم الإسلام: روينا عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال في قول الله عزّوجلّ:( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) (١) ، قال: « كان في قولهم هذا منة على الله لعبادتهم، وإنّما قال ذلك بعض الملائكة، لمّا عرفوا من حال من كان في الأرض من الجن قبل آدم، فأعرض الله عزّوجلّ عنهم، وخلق آدمعليه‌السلام وعلّمه الأسماء، ثم قال للملائكة:( أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَـٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ، قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ،

__________________

٤ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٩١.

(١) البقرة ٢: ٣٠.

٣٢٤

قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ ) (٢) ، قال لهم: اسجدوا لآدم فسجدوا، فقالوا في أنفسهم وهم سجود: ما كنّا نظنّ أنّ الله يخلق خلقاً أكرم عليه منّا، ونحن جيرانه وأقرب الخلق إليه، فلمّا رفعوا رؤوسهم، قال الله عزّوجلّ:( إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ) (٢) يعني ما أبدوه بقولهم:( أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ) وما كتموه في أنفسهم، فقالوا: ما ظنّنا أنّ الله يخلق خلقاً أكرم عليه منّا، فعلموا أنّهم قد وقعوا في الخطيئة، فلاذوا بالعرش وطافوا حوله يسترضون ربّهم، ورضي عنهم.

وأمر الله الملائكة أن تبني في الأرض بيتاً، ليطوف به من أصاب ذنباً من ولد آدمعليه‌السلام ، كما طافت الملائكة بعرشه، فيرضى عنهم كما رضي عن ملائكته، فبنوا مكان البيت بيتاً رفع زمن الطوفان، فهو في السماء الرابعة، يلجه كلّ يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه أبداً، وعلى أساسه وضع إبراهيمعليه‌السلام بناء البيت » الخبر.

[١١٠١٢] ٥ - وعن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « أوحى الله إلى إبراهيمعليه‌السلام : أن ابن لي بيتاً في الأرض تعبدني فيه، فضاق به ذرعاً، فبعث الله إليه(١) السكينة - وهي ريح لها رأسان يتبع أحدهما صاحبه - فدارت على أُسّ البيت الذي بنته الملائكة، فوضع إبراهيمعليه‌السلام البناء على كلّ شئ استقرت عليه السكينة، وكان إبراهيمعليه‌السلام يبني وإسماعيلعليه‌السلام يناوله

__________________

(٢) البقرة ٢: ٣١ ٣٣.

٥ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٩٢.

(١) أثبتناه من المصدر، وفي المخطوط: عليه.

٣٢٥

الحجارة، ويرفع إليه القواعد، فلمّا صار إلى مكان الركن الأسود، قال إبراهيم لإسماعيل: أعطني حجراً لهذا الموضع، فلم يجده [ وتلكأ ](٢) قال: اذهب فاطلبه، فذهب ليأتيه به، فأتاه جبرئيلعليه‌السلام بالحجر الأسود، فجاء إسماعيل وقد وضعه [ إبراهيم ](٣) موضعه، فقال: من جاءك بهذا؟ فقال: من لم يتّكل على بنائك، فمكث البيت حيناً فانهدم، فبنته العمالقة، ثم مكث حيناً فانهدم فبنته جرهم، ثم انهدم فبنته قريش، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يومئذٍ غلام قد نشأ على الطهارة وأخلاق الأنبياء، فكانوا يدعونه الأمين، فلمّا انتهوا إلى موضع الحجر، أراد كلّ بطن من قريش أن يلي رفعه ووضعه موضعه، فاختلفوا في ذلك، ثم اتفقوا على أن يحكّموا في ذلك أوّل من يطلع عليهم، فكان ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالوا: هذا الأمين قد طلع، وأخبروه بالخبر، فانتزعصلى‌الله‌عليه‌وآله إزاره (ودعا بثوب فوضع)(٤) الحجر فيه، وقال: يأخذ من كلّ بطن من قريش رجل بحاشية الثوب وارفعوا معاً، فأعجبهم ما حكم به وأرضاهم، وفعلوا حتى إذا صار إلى موضعه، وضعه فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

[١١٠١٣] ٦ - سعيد بن هبة الله الراوندي في قصص الأنبياء: بإسناده إلى الصدوق، بإسناده(١) عن إبراهيم بن محرز، (عن أبي حمزة)(٢) ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « إن آدمعليه‌السلام نزل

__________________

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) في المصدر: ووضع.

٦ - قصص الأنبياء ص ١٩، وعنه في البحار ج ١١ ص ١٨٠ ح ٣٢.

(١) في المصدر زيادة: عن أبي بصير.

(٢) ليس في المصدر.

٣٢٦

بالهند، فبنى الله تعالى له البيت، وأمره أن يأتيه » الخبر.

[١١٠١٤] ٧ - وبإسناده إلى الصدوق، بإسناده إلى وهب، قال: كان مهبط آدمعليه‌السلام على جبل في شرقي أرض الهند يقال له: باسم، ثم أمره أن يسير إلى مكّة، فطوى له الأرض فصار على كلّ مفازة يمرّ به خطوة، ولم يقع قدمه على شئ من الأرض إلّا صار عمراناً، وبكى على الجنّة مائتي سنة، فعزّاه الله بخيمة من خيام الجنّة فوضعها له بمكّة في موضع الكعبة، وتلك الخيمة من ياقوتة حمراء، لها بابان شرقي وغربي من ذهب، منظومان معلّق فيها ثلاث قناديل من تبر الجنّة تلتهب نوراً، ونزل الركن وهو ياقوتة بيضاء من ياقوت الجنّة، وكان كرسيّاً لآدمعليه‌السلام يجلس عليه، وإنّ خيمة آدم لم تزل(١) في مكانها حتى قبضه الله تعالى إليه، ثم رفعها الله تعالى إليه، وبنى بنو آدم في موضعها بيتاً من الطين والحجارة، ولم يزل معموراً، وأُعتق من الغرق، ولم (يجر به)(٢) الماء حتى ابتعث الله إبراهيمعليه‌السلام .

[١١٠١٥] ٨ - وفي كتاب الخرائج: روي أن الحجاج بن يوسف لمّا خرّب الكعبة بسبب مقاتلة عبد الله بن الزبير، ثم عمروها، فلمّا أُعيد البيت وأرادوا أن ينصبوا الحجر الأسود، فكلّما نصبه عالم من علمائهم، أو قاض من قضاتهم، أو زاهد من زهّادهم يتزلزل ويضطرب، ولا يستقر الحجر في مكانه فجاء علي بن الحسينعليهما‌السلام وأخذه من

__________________

٧ - قصص الأنبياء ص ٤٥، وعنه في البحار ج ١١ ص ٢١١ ح ١٧.

(١) أثبتناه من المصدر، وفي المخطوط: يزل.

(٢) في المصدر: يخربه.

٨ - الخرائج والجرائح ص ٧٠.

٣٢٧

أيديهم، وسمّى الله ونصبه فاستقر في مكانه، وكبّر الناس، ولقد أُلهم الفرزدق في قوله:

يكاد يمسكه عرفان راحته

ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم

 [١١٠١٦] ٩ - وفي فقه القرآن: عن الباقرعليه‌السلام ، أنه قال: « إنّ الله وضع تحت العرش أربعة أساطين، وسمّاه الضراح، وهو البيت المعمور، قال للملائكة: طوفوا به، ثم بعث ملائكة، فقال لهم: أبنوا في الأرض بيتاً بمثاله وقدره، وأمر من في الأرض أن يطوفوا به، وقال: ولمّا أهبط الله آدم من الجنّة قال: إنّي منزل معك بيتاً تطوف حوله كما يطاف حول عرشي، وتصلّي عنده كما يصلّى عند عرشي، فلمّا كان زمن الطوفان رفع، فكانت الأنبياءعليهم‌السلام يحجّونه ولا يعلمون مكانه، حتى بوّأه الله لإبراهيمعليه‌السلام فأعلمه مكانه، فبناه من خمسة أجبل من حراء، وثبير، ولبنان، وجبل الطور، وجبل الحمر ».

وروي أن آدم بناه ثم عفّى أثره فجدّده إبراهيمعليه‌السلام .

[١١٠١٧] ١٠ - البحار، عن العلل لعلي بن محمّد بن إبراهيم: سأل رجل من اليهود، رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: أخبرني عن الكلمات التي علّمها الله إبراهيم حيث بنى البيت، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « نعم، هي سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلّا الله، والله أكبر ».

__________________

٩ - فقه القرآن ج ١ ص ٢٩٢.

١٠ - البحار ج ٩٩ ص ٦٥ ح ٤٨.

٣٢٨

٩ -( باب وجوب احترام الحرم، وحكم صيده وشجره)

[١١٠١٨] ١ - علي بن إبراهيم في تفسيره: [ حدثني أبي ](١) ، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إن آدم بقي على الصفا أربعين صباحاً ساجداً يبكي على الجنّة، وعلى خروجه(٢٢) من جوار الله عزّوجلّ، فنزل عليه جبرئيل فقال: يا آدم مالك تبكي؟ قال: يا جبرئيل مالي لا أبكي وقد أخرجني الله(٣) من جواره، وأهبطني إلى الدنيا، قال: يا آدم تب إليه، قال: وكيف أتوب؟ فأنزل الله عليه قبّة من نور في موضع البيت، فسطع نورها في جبال مكّة، فهو الحرم، فأمر الله جبرئيل أن يضع عليه الاعلام » الخبر.

[١١٠١٩] ٢ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن جابر الجعفي، عن جعفر بن محمّد، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال في حديث يأتي: « وكان نور القناديل يبلغ إلى موضع الحرم، وكان أكبر القناديل مقام إبراهيمعليه‌السلام ، فكان القناديل ثلاثمائة وستين قنديلاً » الخبر.

[١١٠٢٠] ٣ - وعن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: قلت: أرأيت قوله:( وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ) البيت عنى، أو

__________________

باب ٩

١ - تفسير القمي ج ١ ص ٤٤.

(١) أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال، راجع معجم رجال الحديث ج ١٤ ص ٢٨٨.

(٢) في المصدر زيادة: من الجنّة.

(٣) في المصدر زيادة: من الجنّة.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٩ ح ٢٢.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٨٩ ح ١٠١.

٣٢٩

الحرم؟ قال: « من دخل الحرم من الناس مستجيراً به فهو آمن - إلى أن قال - ومن دخل الحرم من الوحش والسباع، والطير، فهو آمن من أن يهاج أو يؤذى، حتى يخرج من الحرم ».

[١١٠٢١] ٤ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن علي بن الحسينعليهما‌السلام أنه قال: « كان آدمعليه‌السلام لمّا أراد أن يغشى حوّاء خرج بها من الحرم، ثم كانا يغتسلان ويرجعان إلى الحرم ».

[١١٠٢٢] ٥ - البحار، عن الدر المنثور للسيوطي: عن تاريخ الخطيب، عن يحيى بن أكثم، أنه قال في مجلس الواثق: من حلق رأس آدم حين حجّ؟ فتعايا الفقهاء عن الجواب، فقال الواثق: أنا أُحضر من ينبئكم بالخبر، فبعث إلى علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفرعليهم‌السلام [ فسأله ](١) فقال: حدثني أبي، عن جدي، عن أبيه، عن جدّه، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أمر جبرئيل أن ينزل ياقوتة من الجنّة، فهبط بها فمسح بها رأس آدم، فتناثر الشعر منه، فحيث بلغ نورها صار حرماً ».

[١١٠٢٣] ٦ - دعائم الإسلام: روينا عن علي بن الحسين (صلوات الله عليهما): أنه نظر إلى حمام مكّة، فقال: « هل تدرون ما أصل كون هذا الحمام بالحرم؟ » فقالوا: أنت أعلم يا ابن رسول الله، فأخبرنا، قال: « كان فيما مضى رجل قد آوى إلى داره حمام فاتخذ عشّاً في خرق في جذع نخلة كانت في داره، فكان الرجل ينظر إلى فراخه فإذا همّت

__________________

٤ - المناقب لابن شهرآشوب ج ٤ ص ١٦٠.

٥ - البحار ج ٩٩ ص ٥٠ ح ٥٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

٦ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٦ ح ١٢٦٧.

٣٣٠

بالطيران رقى إليها فأخذها فذبحها، والحمام ينظر إلى ذلك، فيحزن(١) له حزناً عظيماً، فمرّ له على ذلك دهر طويل لا يطير له فرخ، فشكا ذلك إلى الله عزّوجلّ، فقال الله تعالى: لئن عاد هذا العبد إلى ما يصنع بهذا الطائر لأُعجْلنّ منيته قبل أن يصل إليه.

فلمّا أفرخ الحمام واستوت أفراخه، صعد الرجل للعادة فلمّا ارتقى بعض النخلة وقف سائل ببابه، فنزل فأعطاه شيئاً، ثم ارتقى فأخذ الفراخ فذبحه [ والطير ينظر ما يحل به فقال: ما هذا يا ربّ ](٢) فقال الله عزّوجلّ: إنّ عبدي سبق بلائي بالصدقة، وهي تدفع البلاء، ولكنّي سأُعوض هذا الحمام عوضاً صالحاً، وأبقي له نسلاً لا ينقطع [ ما أقامت الدنيا فقال الطير ربِّ وعدتني بما وثقت بقولك وانك لا تخلف الميعاد ](٣) ، فألهمه(٤) عزّوجلّ المصير إلى هذا الحرم، وحرّم صيده، فأكثر ما ترون من نسله وهو أوّل حمام سكن الحرم ».

[١١٠٢٤] ٧ - أحمد بن محمّد بن فهد الحلي يفي كتاب التحصين: نقلاً من كتاب المنبئ عن زهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بإسناده عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال في جملة كلام له في وصف إخوانه الذين يأتون من بعده: « يا أبا ذر لو [ أن ](١) أحداً منهم يسبّح تسبيحة خير له من أن يصير له جبال الدنيا ذهباً، ونظرة إلى واحد منهم أحبّ إليّ من نظرة إلى بيت الله الحرام، ولواحد منهم يموت في شدّة بين

__________________

(١) في المخطوط: وتحزن، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) في المصدر: فحينئذ ألهمه الله.

٧ - التحصين ص ١١.

(١) أثبتناه من المصدر.

٣٣١

أصحابه (له حجّ مقبول)(٢) بين الركن والمقام، وله أجر من يموت في حرم الله، ومن مات في حرم الله آمنه الله من الفزع الأكبر، وأدخله الجنّة » الخبر.

١٠ -( باب حكم من جنى ثم لجأ إلى الحرم، لم يقم عليه حدّ ولا قصاص ولا يبايع ولا يطعم ولا يسقى، حتى يخرج، فإن جنى في الحرم أُقيم عليه الحدّ فيه، وعدم جواز التحصّن بالحرم)

[١١٠٢٥] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمّد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من قتل قتيلاً وأذنب ذنباً ثم لجأ إلى الحرم فقد أمن، لا يقاد فيه ما دام في الحرم، ولا يؤخذ، ولا يؤذى [ ولا يؤوى ](١) ، ولا يطعم، ولا يسقى، ولا يبايع، ولا يضيف، ولا يضاف ».

[١١٠٢٦] ٢ - وبهذا الإسناد قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، على من أحدث في الإسلام حدثاً - يعني يحدث في الحلّ فيلجأ إلى الحرم - فلا يؤويه أحد، ولا ينصره، ولا يضيفه حتى يخرج إلى الحل فيقام عليه الحدّ ».

__________________

(٢) وفيه: إلّا كان له أجر مقتول.

الباب ١

١ - الجعفريات ص ٧١.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - الجعفريات ص ٧١.

٣٣٢

[١١٠٢٧] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إن كان لك على رجل حقّ فوجدته بمكّة، أو في الحرم فلا تطالبه، ولا تسلم عليه فتفزعه، إلّا أن تكون أعطيته(١) حقّك في الحرم فلا بأس أن تطالبه في الحرم ».

وفي بعض نسخه(٢) : « ومن قتل رجلاً في الحلّ ثم دخل الحرم، لم يقتل ولا يطعم، ولا يسقى، ولا يؤوى، حتى يخرج من الحرم فيقام عليه الحدّ.

ومن قتل في الحرم أُقيم عليه الحدّ في الحرم، لأنه لم يرع للحرم(٣) حرمة، قال الله تعالى:( فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ ) (٤) وقال:( فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ ) (٥) ».

[١١٠٢٨] ٤ - دعائم الإسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : أنه سئل عن فرجل قتل أو سرق ثم لجأ إلى الحرم؟ قال: « لا يؤوى ولا يطعم، ولا يسقى، ولا يبايع، فإذا خرج إلى الحلّ أُقيم عليه الحدّ ».

__________________

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٣.

(١) في المخطوط: أعطيت، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) بعض نسخ الرضوي ص ٧٤ « والمتضمنة في كتاب نوادر أحمد بن عيسى » وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٦.

(٣) في المخطوط « في الحرم » وما أثبتناه من المصدر والبحار.

(٤) البقرة ٢: ١٩٤.

(٥) البقرة ٢: ١٩٣.

٤ - دعائم الإسلام.

٣٣٣

١١ -( باب استحباب المجاورة بمكّة، مع التحول في أثناء السنة)

[١١٠٢٩] ١ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال في مكّة: « ما أطيبك من بلد! وأحبّك إليّ! ولولا أنّ قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك ».

[١١٠٣٠] ٢ - تفسير الإمامعليه‌السلام : (عن الحسن بن عليعليهما‌السلام )(١) عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - في حديث يأتي(٢) - أنّه قال مشيراً إلى مكّة: « ولولا أن أهلك أخرجوني عنك، لمّا آثرت عليك بلداً، ولا ابتغيت عنك بدلا ».

١٢ -( باب وجوب احترام الكعبة وتعظيمها، وتحريم هدمها، وأذى مجاوريها)

[١١٠٣١] ١ - محمّد بن مسعود العياشي: عن زرارة: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: كنت عنده قاعداً خلف المقام، وهو محتب مستقبل القبلة، فقال: « [ أما ](١) النظر إليها عبادة، وما خلق الله بقعة من الأرض أحبّ إليه منها - ثم أهوى بيده إلى الكعبة - ولا أكرم عليه منها، ولها حرّم الله الأشهر الحرم في كتابه يوم خلق السماوات

__________________

الباب ١١

١ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٨٦ ح ٢٦٠.

٢ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٢٣٠.

(١) في المصدر: قال علي بن الحسين عليهما‌السلام .

(٢) يأتي في الحديث ٤ من الباب ١٣ من هذه الأبواب.

باب ١٢

١ - تفسير العياش ج ٢ ص ٨٨ ح ٥٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

٣٣٤

والأرض، ثلاثة أشهر متوالية، وشهر مفرد للعمرة ».

[١١٠٣٢] ٢ - وعن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « كان الله تبارك وتعالى كما وصف نفسه، وكان عرشه على الماء، والماء على الهواء(١) لا يجزي ولم يكن غير الماء خلق، والماء يومئذٍ عذب فرات، فلمّا أراد الله أن يخلق الأرض، أمر الرياح الأربع فضربن الماء حتى صار موجاً، ثم أزبد زبدة واحدة فجمعه في موضع البيت، فأمر الله فصار جبلاً من زبد، ثم دحا الأرض من تحته، ثم قال:( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ ) (٢) الآية ».

[١١٠٣٣] ٣ - عن الحلبي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إنه وجد في حجر من حجرات البيت مكتوباً: إنّي أنا الله ذو بكّة(١) خلقتها يوم خلقت السماوات والأرض، ويوم خلقت الشمس والقمر، وخلقت الجبلين، وحففتهما بسبعة أملاك حفيفاً، وفي حجر آخر: هذا بيت الله الحرام ببكة، تكفّل الله برزق أهله من ثلاثة سبل مبارك لهم في اللحم والماء، أوّل من نحله إبراهيمعليه‌السلام ».

[١١٠٣٤] ٤ - وعن جابر الجعفي، عن أبي جعفر(١) ، عن آبائه

__________________

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٨٦ ح ٩١.

(١) في المصدر زيادة: والهواء.

(٢) آل عمران ٣: ٩٦.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٨٧ ح ٩٧.

(١) قال ابن الأثير في النهاية: قبل بكة موضع البيت ومكة سائر البلد وقيل هما اسم البلدة والباء والميم للتعاقب. وسميت بكّة لأنها تبك أعناق الجبابرة أي تدقها وقيل لأن الناس يبك بعضهم بعضاً في الطواف أي يزحم ويدفع (النهاية ج ١ ص ١٥٠).

٤ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٩ ح ٢٢، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٦٣ ح ٣٩.

٣٣٥

عليهم‌السلام ، قال: « إنّ الله اختار من الأرض جميعاً مكّة، واختار من مكّة بكّة، فأنزل في بكّة سرادقاً [ من نور ](٢) محفوفاً بالدر والياقوت، ثم أنزل في وسط السرادق عمداً أربعة، وجعل بين العمد الأربعة لؤلؤه بيضاء، وكان طولها سبعة أذرع في ترابيع البيت، وجعل فيها نوراً من نور السرادق بمنزلة القناديل، وكانت العمد أصلها في الثرى والرؤوس تحت العرش، وكان الربع الأول من زمرّد أخضر، والربع الثاني من ياقوت أحمر، والربع الثالث من لؤلؤ أبيض، والربع الرابع من نور ساطع، وكان البيت ينزل فيما بينهم مرتفعاً من الأرض، وكان نور القناديل يبلغ إلى موضع الحرم، وكان أكبر القناديل مقام إبراهيمعليه‌السلام ، فكان القناديل ثلاثمائة وستين قنديلاً، فالركن الأسود باب الرحمة إلى الركن الشامي فهو باب الإنابة، وباب الركن الشامي باب التوسل، وباب الركن اليماني باب التوبة، وهو باب آل محمّدعليهم‌السلام وشيعتهم إلى الحجر.

فهذا البيت حجّة الله في أرضه على خلقه، فلمّا هبط آدم إلى الأرض هبط إلى(٣) الصفا، ولذلك اشتقّ الله له اسماً من اسم آدم لقوله تعالى:( إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ ) (٤) ونزلت حواء على المروة فاشتق الله له اسماً من اسم المرأة، وكان آدم نزل بمرآة(٥) من الجنّة، فلمّا لما يخلق آدم المرآة(٦) إلى جنب المقام، وكان يركن إليه، سأل ربّه أن يهبط البيت إلى

__________________

(١) في المصدر والبحار: عن جعفر بن محمّد عن آبائه.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: على.

(٤) آل عمران ٣: ٣٣.

(٥) في المصدر: مرأة.

(٦) في المصدر: مرأة، وورد في هامش الطبعة الحجرية: كذا في نسخ =

٣٣٦

الأرض فأهبط فصار على وجه الأرض، فكان آدمعليه‌السلام يركن إليه، وكان ارتفاعها من الأرض سبعة أذرع، وكانت له أربعة أبواب، وكان عرضها خمسة وعشرين ذراعاً في خمسة وعشرين ذراعاً ترابيعه، وكان السرادق مائتي ذراع في مائتي ذراع ».

[١١٠٣٥] ٥ - وعن عطا، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن آبائه عن عليعليهم‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في حديث طويل في قصّة آدمعليه‌السلام ، - إلى أن قال -صلى‌الله‌عليه‌وآله : « وأوحى إلى جبرئيل أنا الله الرحمن الرحيم، وإني قد رحمت آدم وحوّاء لمّا شكيا إلي، فاهبط إليهما بخيمة من خيام الجنّة وعزّهما عني بفراق الجنّة، واجمع بينهما في الخيمة فإني قد رحمتهما لبكائهما، ووحشتهما، ووحدتهما، وانصب لهما الخيمة على الترعة التي بين جبال مكّة، قال: والترعة مكان البيت وقواعدها التي رفعتها الملائكة قبل ذلك.

فهبط جبرائيل على آدم بالخيمة، على مقدار أركان البيت وقواعده فنصبها، قال: وأنزل جبرئيل آدم من الصفا، وأنزل حوّاء من المروة، وجمع بينهما في الخيمة قال: وكان عمود الخيمة قضيب ياقوت أحمر، فأضاء نوره ووضوءه جبال مكّة وما حولها، وامتد(١) ضوء العمود - إلى أن قال - ومدت أطناب الخيمة حولهما، فمنتهى أوتادها ما حول المسجد الحرام.

قال: وكانت أوتادها من غصون الجنّة، وأطنابها من ضفائر(٢)

__________________

= العياشي والبرهان والبحار.

٥ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٦ ح ٢١.

(١) في المصدر: وكلّما امتد.

(٢) الضفيرة: نسج الشعر وغيره عريضاً (مجمع البحرين ج ٣ ص ٣٧٤).

٣٣٧

الأرجوان(٣) ، قال: فأوحى الله إلى جبرئيل اهبط على الخيمة سبعين ألف ملك يحرسونها(٤) من مردة الجن، ويؤنسون آدم وحوّاء، ويطوفون حول الخيمة تعظيماً للبيت والخيمة.

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : فهبطت الملائكة فكانوا بحضرة الخيمة يحرسونها من مردة الشياطين والعتاة، ويطوفون حول أركان البيت والخيمة كلّ يوم وليلة، كما يطوفون في السماء حول البيت المعمور، قال: وأركان البيت (في البيت)(٥) في الأرض حيال(٦) البيت المعمور الذي في السماء » الخبر.

[١١٠٣٦] ٦ - الشيخ المفيد في أماليه: عن علي بن بلال المهلبي، عن عبد الواحد بن عبد الله بن يونس، عن الحسين بن محمّد بن عامر، عن المعلّى، عن العمّيّ، عن جعفر بن بشير، عن سليمان بن سماعة، عن عبد الله بن القاسم، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدهعليهم‌السلام ، قال: « لمّا قصد أبرهة بن الصباح ملك الحبشة لهدم البيت، تسرعت الحبشة فأغاروا عليها فأخذوا سرحاً(١) لعبد المطلب بن هاشم، فجاء عبد المطلب إلى الملك فاستأذن عليه، فأذن له وهو في قبّة ديباج على سرير له

__________________

(٣) الأرجُوان: بضم الهمزة وسكون الراء وضم الجيم: ورد أحمر شديد الحمرة يصبغ به (مجمع البحرين ج ٢ ص ٢٧٥).

(٤) في المصدر: يحرسونهما.

(٥) في المصدر: الحرام.

(٦) حياله: أي تلقاء وجهه (النهاية ج ١ ص ٤٧٠).

٦ - أمالي المفيد ص ٣١٢ ح ٥.

(١) السَّرح: الإبل السائمة التي ترعى بنفسها (مجمع البحرين ج ٢ ص ٣٧١).

٣٣٨

فسلم عليه فردّ أبرهة السلام - إلى أن قال - ثم قال لعبد المطلب: فيم جئت؟ فقد بلغني سخاؤك وكرمك وفضلك، ورأيت من هيبتك وجمالك وجلالك ما يقتضي أن أنظر في حاجتك، فسلني ما شئت، وهو يرى أنه يسأله في الرجوع عن مكّة.

فقال له عبد المطلب: إن أصحابك غدوا على سرح لي فذهبوا به فمرهم بردّه علي.

قال: فتغيظ الحبشي من ذلك، وقال لعبد المطلب: لقد سقطت من عيني، جئتني تسألني في سرحك وأنا قد جئت لهدم شرفك، وشرف قومك، ومكرمتكم التي تتميّزون بها من كلّ جيل، وهو البيت الذي يحجّ إليه من كلّ صقع في الأرض، فتركت مسألتي في ذلك وسألتني في سرحك؟

فقال له عبد المطلب: لست بربّ البيت الذي قصدت لهدمه وأنا ربّ سرحي الذي أخذه أصحابك، فجئت أسألك فيما أنا ربّه، وللبيت ربّ هو أمنع [ له ](٢) من الخلق كلّهم، وأولى به منهم.

فقال الملك: ردّوا عليه سرحه [ وازحفوا إلى البيت فانقضوه حجراً حجراً، فأخذ عبد المطلب سرحه ](٣) وانصرف إلى مكّة، واتبعه الملك بالفيل الأعظم مع الجيش لهدم البيت، فكانوا إذا حملوا على دخول الحرم أناخ، وإذا تركوه رجع مهرولاً، فقال عبد المطلب لغلمانه ادعوا لي ابني فجيئ بالعباس، فقال: ليس هذا أريد، ادعوا لي ابني، فجيئ بأبي طالب، فقال: ليس هذا أريد، ادعوا لي ابني، فجيئ بعبد الله - أبي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله - فلمّا أقبل إليه، قال: اذهب

__________________

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) أثبتناه من المصدر.

٣٣٩

يا بني حتى تصعد أبا قبيس، ثم اضرب ببصرك ناحية البحر فانظر أيّ شئ يجيئ من هناك، وخبّرني به.

قال: فصعد عبد الله أبا قبيس، فما لبث أن جاء طير أبابيل مثل السيل والليل، فسقط على أبي قبيس، ثم صار إلى البيت فطاف [ به ](٤) سبعاً، ثم صار إلى الصفا والمروة فطاف بهما سبعاً، فجاء عبد الله إلى أبيه فأخبره الخبر، فقال: انظر يا بني ما يكون من أمرها بعد فأخبرني به.

فنظرها فإذا هي قد أخذت نحو عسكر الحبشة، فأخبر عبد المطلب بذلك، فخرج عبد الطلب وهو يقول: يا أهل مكّة اخرجوا إلى العسكر فخذوا غنائمكم، قال: فأتوا العسكر وهم أمثال الخشب النخرة، وليس من الطير إلّا ما(٥) معه ثلاثة أحجار في منقاره ويديه، يقتل بكل حصاة منها واحداً من القوم، فلمّا أتوا على جميعهم انصرف الطير، ولم ير قبل ذلك ولا بعده، فلمّا هلك القوم بأجمعهم جاء عبد المطلب إلى البيت فتعلّق بأستاره وقال:

يا حابس الفيل بذي المغمس

حبسته كأنه مكوس(٦)

في مجلس تزهق فيه الأنفس »

[١١٠٣٧] ٧ - أبو الفتح الكراجكي في كنز الفوائد: عن الحسين بن عبيد الله الواسطي، عن التلعكبري، عن محمّد بن همام وأحمد بن هوذة جميعاً، عن الحسن بن محمّد بن جمهور، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب،

__________________

(٤) أثبتناه من المصدر.

(٥) في المصدر: و.

(٦) كوّسته على رأسه: إذا قلبته وجعلت رأسه أسفله (مجمع البحرين ج ٤ ص ١٠٠).

٧ - كنز الفوائد ص ٨١.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392