مستدرك الوسائل خاتمة 1 الجزء ١٩

مستدرك الوسائل خاتمة 110%

مستدرك الوسائل خاتمة 1 مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 392

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 392 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 86578 / تحميل: 6123
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل خاتمة 1

مستدرك الوسائل خاتمة ١ الجزء ١٩

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

القرائن الموجود فيه، ولكن يوجد في كلمات بعضهم بعض الاحتمالات، لا بأس بالإشارة إليها.

فمنها: ما وجدناه منقولا عن خطّ السيّد السند المؤيّد صاحب مطالع الأنوار، على ظهر نسخة من هذا الكتاب ما لفظه - بعد الإصرار على عدم كونه لهعليه‌السلام -: ويحتمل أن يكون هذا الكتاب لجعفر بن بشير، لما ذكره شيخ الطائفة في الفهرست: جعفر بن بشير البجلي، ثقة جليل القدر، له كتاب ينسب الى جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، رواية عليّ بن موسى الرضاعليهما‌السلام (١) ، انتهى كلامه.

وجعفر بن بشير لمّا كان من أصحاب مولانا الرضاعليه‌السلام ، يمكن أن يكون ما كتبه في أوّل الكتاب، عن لسانهعليه‌السلام ، فصار منشأ لنسبة الكتاب إليهعليه‌السلام وكان الكتاب قبل زمان الشيخ منسوبا الى جعفر ابن محمدعليهما‌السلام ، للاشتراك في الاسم، كما أنّه في هذه الأزمنة ممّا ينسب الى مولانا الرضاعليه‌السلام .

قال -رحمه‌الله -: ويحتمل أن يكون هذا الكتاب لمحمد بن عليّ بن الحسين ابن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، لما قال النجاشي في ترجمته ما هذا لفظه: له نسخة يرويها عن الرضاعليه‌السلام ، أخبرنا أبو الفرج محمد بن عليّ بن قرّة - الى أن قال - حدّثنا محمد بن عليّ بن الحسين بن زيد، قال: حدّثنا عليّ بن موسى الرضاعليهما‌السلام بالنسخة(٢) .

وقال النجاشي أيضا: وريزة بن محمد الغساني له كتاب عن الرضاعليه‌السلام ، أخبرنا أحمد بن(٣) ، الى آخره.

__________________

(١) فهرست الشيخ: ٤٣ / ١٣١.

(٢) رجال النجاشي: ٣٦٦ / ٩٩٢.

(٣) رجال النجاشي: ٤٣٢ / ١١٦٣.

٣٢١

ويحتمل أيضا أن يكون لعليّ بن مهدي بن صدقة بن هشام بن غالب بن محمد بن عليّ الرقي الأنصاري، لما في النجاشي أنّ له كتابا عن الرضاعليه‌السلام ، قال: أخبرنا محمد بن عثمان(١) ، الى آخره، انتهى المنقول من خطّه -رحمه‌الله -.

ومنها: ما في الرسالة السابقة قال: وبالجملة ففي المقام احتمالات:

أحدها: أن يكون هذا الكتاب من تأليف الإمام الثامنعليه‌السلام ، وقد عرفت ضعفه مفصّلا.

وثانيها: ( أن يكون كلّه أو بعضه مجعولا عليه، وقد ظهر ما فيه أيضا.

وثالثها: )(٢) أن يكون متّحدا مع رسالة عليّ بن بابويه، وضعّفه أيضا ظاهر.

وقال: ورابعها: أن يكون من مؤلّفات بعض أكابر قدماء رواة أخبارنا، أو فقهائنا العاملين بمتون الأخبار، وهو الذي يقوى في نفسي، ويترجّح في نظري بمقتضى ما حصل لي من القرائن والأمارات.

وخامسها: أن يكون عين كتاب المنقبة الذي قد ذكر جماعة من الأصحاب، منهم الشيخ الجليل ابن شهرآشوب، والشيخ السعيد السديد علي بن يونس العاملي، في كتاب المناقب(٣) ، والصراط المستقيم(٤) ، أنّه تصنيف الإمام الهمام مولانا أبي محمد العسكريعليه‌السلام ، ويؤيّده ما ذكراه أنّه مشتمل على أكثر الأحكام، ومتضمنّ أغلب مسائل الحلال والحرام، ثمّ استبعده ببعض ما مرّ في الرضوي(٥) .

__________________

(١) رجال النجاشي: ٢٧٧ / ٧٢٨.

(٢) ما بين القوسين ساقط من المخطوطة.

(٣) ذكر له في المناقب ٤: ٤٢٤، أن له كتاب المقنعة.

(٤) الصراط المستقيم: لم نعثر عليه فيه.

(٥) رسالة في تحقيق حال فقه الرضاعليه‌السلام للخوانساري: ٤١.

٣٢٢

٤٤ - فلاح السائل:

وهو الجزء الأوّل من الأجزاء العشرة من كتاب « التتمّات والمهمّات » للسيّد رضيّ - الدين عليّ بن طاوس -رحمه‌الله - وجلالة قدر مؤلّفه، وإتقانه وتثبّته في كلّ ما ينقله أشهر - عند كلّ من عاصره، أو تأخّر - من أن يذكر، جزاه الله تعالى عن الإسلام والمسلمين خير جزاء الصالحين، وقد ذكرنا شرح حال التتمّات، وأسامي أجزائها على الترتيب الذي وضعه في آخر الصحيفة الرابعة السجاديّة، من أرادها فليراجعها(١) .

__________________

(١) نظرا لاشتمال ما افاده على فوائد إليك نص ما افادهقدس‌سره في آخر الصحيفة السجادية الرابعة:

اعلم أصلح الله تعالى مكنون سريرتك، وفتح عين بصرك وبصيرتك، أنّ كلّ ما أوردناه في هذه الصحيفة الرابعة من أدعية شهر رمضان ونسبناه إلى كتاب الإقبال للسيّد الأجلّ عليّ بن طاوس - قدس الله روحه - فإنّما هو تبعا للمحدّثين، وجريا على ما تداول بينهم، والاّ فالظاهر بل المقطوع أنّه ليس في كتاب الإقبال عمل شهر الصّيام، وكلّ ما نقلوه من أدعية شهر رمضان ونسبوه إليه فإنّما هو من كتاب آخر للسيّد مقصور على ذكر أعماله، واشتبه عليهم جميعا، حتى العلاّمة المجلسي، والمحدث الحر العاملي، والسيّد الجزائري، والنحرير الماهر في هذا الفن صاحب الصحيفة الثالثة، وصاحب العوالم، وأضرابهم، ونحن نوضح المقصود ونبيّن سبب الاشتباه بعون الله تعالى.

اعلم انّ السيّد الأجلّ صاحب الكرامات الباهرة طاوس آل طاوس علي بن موسى بن جعفر بن محمّد -رحمهم‌الله - صنف كتابا كبيرا سماه ( مهمّات في صلاح المتعبد وتتمات المصباح المتهجّد ) وعبّر عنه في سائر كتبه وغيره بالمهمات والتتمات، وهو - على ما صرح به في كشف المحجة - إن تم يصير أكثر من عشر مجلّدات (١) ، وقد خرج منه ثمانية، عثرنا على خمسة منها، ولم نعثر على باقيه، ولا نقل عنه احد.

ثم انه رحمه‌الله قد سمى كل مجلد عنه باسم على حده:

__________________

(١) كشف المحجة: ١٣٧.

٣٢٣

__________________

فالمجلد الأول، والثاني منه؟ سماه: فلاح السائل ونجاح المسائل في عمل اليوم واللّيلة(١) .

والثالث سمّاه: زهرة الربيع في أدعية الأسابيع.

والرّابع سمّاه: جمال الأسبوع بكمال العمل المشروع (٢) في صلوات أيام الأسبوع واعمال الجمعة زائدا على ما جمعه في الجزء الثالث.

والخامس سمّاه: الدروع الواقية من الاخطار (٣) فيما يعمل مثلها كل شهر على التكرار.

والسادس سمّاه: مضمار السبق في ميدان الصدق في اعمال شهر رمضان، وله اسم آخر كما يأتي.

والسابع سمّاه: مسالك المحتاج الى مناسك الحاج.

والثامن سمّاه: الإقبال بالاعمال الحسنة فيما يعمل مرة في سنة (٤) ، وهو مقصور على ذكر اعمال شهر شوال الى آخر شهر رمضان، وهو مجلد كبير مختلف النسخ بالزيادة والنقصان، وليس فيه ذكرا لشهر الصيام لقرائن كثيرة.

الأول: تصريحه رحمه‌الله في الفصل السادس من الباب السادس من كتاب أمان الأخطار بما لفظه وينبغي أن يصحب معه كتابنا في عمل السنة منها كتاب عمل شهر رمضان واسمه كتاب المضمار، وكتاب التمام لمهام شهر الصيام، وكتاب الإقبال بالاعمال الحسنة فيما يعمل مرّة في السنة، وهما مجلدان الأول من شهر شوال الى آخر ذي الحجة والثاني من شهر محرم الحرام الى آخر شهر شعبان فإنهما قد تضمّنا من مهمات الإنسان ما هو كالفتح لابواب الأمان (٥) .

الثاني: قوله رحمه‌الله في كتاب الإجازات في الفصل الموضوع لذكر ما صنفه: وممّا صنفته - وما عرفت أنّ أحدا شرفه الله جل جلاله بالسبق الى مثل تأليفه وتصنيفه - كتاب مهمات في صلاح المتعبد وتتمّات المصباح المتهجد، خرج منه مجلدات، منها كتاب فلاح السائل الى أن قال بعد ذكر ما ذكرنا: وبقي منه ما يكون في السنة مرّة واحدة، وقد شرعت منها في كتاب

__________________

(١) مطبوع مشهور.

(٢) مطبوع أيضا مشهور.

(٣) طبع أخيرا ضمن سلسلة مصادر بحار الأنوار من قبل المؤسسة.

(٤) مطبوع معروف.

(٥) الأمان من الاخطار: ٩٠ - ٩١.

٣٢٤

__________________

مضمار السبق في ميدان الصدق لصوم شهر رمضان. وفي كتاب مسالك المحتاج الى مناسك الحاج: وما يبقى من عمل السنة سوف اتممه، الى آخر ما قال.

الثالث: قوله رحمه‌الله في اعمال اليوم الثالث عشر من شهر رمضان: وقد قدمنا في عمل رجب عملا جسيما في الليالي البيض منه، ومن شعبان، ومن شهر الصيام، الى ان قال وذلك الجزء منفرد فربما لا يتفق حضوره عند العامل بهذا الكتاب فنذكر هاهنا صفة هذه الصلاة إلى آخره.

الرابع: قوله رحمه‌الله في اعمال المحرم من الإقبال قبيل الباب الأول ما لفظه: ونبئنا بالإشارة الى بعض تأويل ما ورد من الاختلاف في الاخبار، هل أول السنة شهر رمضان أو شهر المحرم؟ فنقول: قد ذكرنا في الجزء السّادس من الذي سميناه كتاب المضمار ما معناه: انه يمكن ان يكون أوّل السنة في العبادات والطاعات شهر رمضان، وان يكون أول السنة لتواريخ أهل الإسلام ومتجددات العام شهر محرّم الحرام، وقدمنا هناك بعض الاخبار المختصة بأنّ أول السنة شهر رمضان إلى آخره (١) .

وقد ذكر تلك الاخبار والجمع الّذي ذكره في الباب الثاني من المضمار الذي أدرجوه في الإقبال.

الخامس: قوله في آخر أعمال شعبان: وهذا آخر ما اقتضاه حكم الامتثال لمراسم الموافق لنا ومالك العناية بنا في ذكر الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يعمل مرّة واحدة في كل سنة (٢) .

وذكر في آخر عمل ذي الحجة: أنه آخر الجزء الأول من الإقبال، وأنّ أول الجزء الثاني شهر المحرّم (٣) ،وذكر في أول شهر شوال فهرس فصوله، ويوجد في بعض النسخ خطبة ناقصة من أوّلها وأول الموجود منها هكذا: للتنوّر بأنوارها، والاستضاءة بأضواء عنايات الله جل جلاله وإسرارها، الى آخره (٤) ، وهذا دأبه في أول كل جزء من ذكر الخطبة وفهرس الفصول، وفي صدر الكتاب، ولو كان عمل شهر رمضان جزءا من الإقبال لكان جزءا ثالثا منه، وهو خلاف ما صرّح به، ولم يذكر فهرس أبوابه وفصوله في صدر أحد الجزءين، بل سقط من أصل نسخة المضمار

__________________

(١) الإقبال: ٥٤١.

(٢) الإقبال: ٧٢٦.

(٣) الإقبال: ٥٣١.

(٤) الإقبال: ٣٠٢.

٣٢٥

__________________

الخطبة والفهرس ونزر يسير من فصول الباب الأول منه، وأول الموجود منه كلمات من آخر حديث في فضل شهر رمضان، وبعده الخطبة المعروفة للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نقلها عن بشارة المصطفى لعماد الدين الطبري(١) .

ثم وقع بيد النّسّاخ فرأوا كتابا للسيّد في اعمال شهر رمضان على نسق الإقبال فظنّوا انّه منه فألحقوه به، واشتهرت النسخ وصار ذلك سببا لتوهم الجماعة المذكورين، ولم أر من تنبه لذلك الا الشيخ الأجلّ الخبير إبراهيم بن علي الكفعمي الجبعي في جنته، فإنّه عدّ في فهرس كتبه كتاب الإقبال وكتاب عمل شهر رمضان، وكلّ ما نقله في الفصل الخامس والأربعين في عمل شهر رمضان عن السيّد ينسبه الى الثاني، وقال في آخر الفصل: ثمّ ما اختصرنا من الأدعية في هذا الشهر الشريف وهي كثيرة جدا من أرادها فعليه بكتاب عمل شهر رمضان تأليف السيّد الجليل رضي الدين عليّ بن طاوس الحسني ختم الله له بالحسنى ولنا بمحمّد خاتم النبيّين وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين (٢) .

__________________

(١) الإقبال: ٢.

(٢) الجنة الواقية: لم نعثر عليه فيه.

٣٢٦

٤٥ - كتاب مشكاة الأنوار في غرر الأخبار:

قال في الرياض: الشيخ ثقة الإسلام أبو الفضل عليّ بن الشيخ رضيّ الدين أبي نصر الحسن بن الشيخ أبي عليّ الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي، الفاضل العالم، الفقيه المحدّث الجليل، صاحب مشكاة الأنوار، روى عن السيّد السعيد جلال الدين أبي عليّ بن حمزة الموسوي وغيره، كما يظهر من المشكاة المذكور، وله من المؤلّفات أيضا كتاب « كنوز النجاح » في الأدعية، وينقل عن هذا الكتاب ابن طاوس في « المجتنى من الدعاء المجتبى »(١) وغيره، وكذا الكفعمي في « المصباح » كثيرا، وهذا الشيخ سبط الشيخ أبي عليّ الطبرسي صاحب « مجمع البيان »، وقد ألّف المشكاة المذكور تتميما لكتاب « مكارم الأخلاق » لوالده أبي نصر الحسن بن الفضل المذكور، فيكون نسب هذا الشيخ هو: أبو الفضل عليّ بن رضيّ الدين أبي نصر الحسن بن أمين الدين أبي عليّ الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي، وحمله على غلط الكاتب، وأنّه كان أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي، ممّا لا حاجة إليه.

وممّا قلناه وضح اسم سبطه - أعني مؤلّف كتاب مشكاة الأنوار - وإن كان مخفيّا على الأستاذ الاستناد في بحار الأنوار(٢) .

وقد نقل الشيخ نعمة الله بن خاتون العاملي في الرسالة المعمولة لمعنى العدالة، بعض الفتاوى عن الشيخ أبي الفضل الطبرسي.

ونقل الأمير سيّد حسين المجتهد أيضا، في أواخر كتاب « دفع المناواة » عن كتب ثقة الإسلام أبي الفضل الطبرسي بعض الفوائد.

والظاهر أنّ مرادهما به هو هذا الشيخ، وعلى هذا فله مؤلّفات اخرى.

__________________

(١) انظر: ٨٤، ٨٦، ٨٧ منه.

(٢) بحار الأنوار ١: ٩، حيث نسبه الى السبط من دون ذكره بالاسم.

٣٢٧

وقد يستشكل بأنّ ثقة الإسلام لقب جدّه صاحب « مجمع البيان » ولكنّ الأمر فيه سهل لاحتمال الاشتراك، مع أنّ المشهور في لقب جدّه هو « أمين الدين ».

وقال الأستاذ الاستناد - أيّده الله تعالى - في أوّل البحار: وكتاب مشكاة الأنوار لسبط الشيخ أبي علي الطبرسي، ألّفه تتميما لمكارم الأخلاق تأليف والده الجليل، ثمّ قال: وكتاب مشكاة الأنوار كتاب طريف، يشتمل على أخبار غريبة، انتهى(١) .

وأقول: قال نفسه في أوّل المشكاة المذكور - بعد إيراد حكاية تأليف والده كتاب « مكارم الأخلاق » وكتاب « الجامع » الذي لم يتمّه كما سبق في ترجمته - بهذه العبارة: ثمّ سألني جماعة من المؤمنين، الراغبين في أعمال الخير أن اؤلّف هذا الكتاب فتقرّبت الى الله عزّ وجلّ بتأليفه، وكتبت ما حضرني من ذلك، ورتّبته وبوّبته، وتركت في آخر كلّ باب أوراقا لاحق به ما شذّ عنّي، وسمّيت هذا الكتاب بمشكاة الأنوار في غرر الأخبار، انتهى كلام صاحب الرياض(٢) .

قلت: ويأتي أنّ كتاب كنوز النجاح من مؤلّفات جدّه، وصرّح به في الرياض أيضا في ترجمة جدّه(٣) ، وأغلب أخبار المشكاة منقولة من كتب المحاسن، وكان عنده تمامها، أو أغلبها، ويعرف اعتباره من اعتباره، وفي أواخره حديث عنوان البصري المعروف، عن الصادقعليه‌السلام (٤) ، الذي نقله في البحار(٥) عن خطّ الشيخ البهائي، منقولا عن خطّ الشهيد الأوّل، وغفل عن نقله عنه.

__________________

(١) بحار الأنوار ١: ٩ و ٢٨.

(٢) رياض العلماء ٣: ٤٠٦.

(٣) رياض العلماء ٤: ٣٥٦.

(٤) مشكاة الأنوار: ٣٢٥.

(٥) بحار الأنوار ١: ٢٢٤ / ١٧.

٣٢٨

٤٦ - رسالة في المهر:

للشيخ الجليل أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المفيد، وغيرها ممّا لا حاجة إلى ذكرها.

٣٢٩

٤٧ - [ المسائل الصاغانيّة ].

.......(١) .

__________________

(١) أثبتنا العنوان حفظا للتسلسل العام الوارد في الفائدة الأولى صحيفة: ٢٠.

٣٣٠

٤٨ - كتاب عوالي اللآلئ الحديثية على مذهب الإمامية:

تأليف المحقّق الفاضل محمد بن الشيخ زين الدين أبي الحسن عليّ بن حسام الدين إبراهيم بن حسن بن إبراهيم بن أبي جمهور بن الهجري الأحسائي.

قال في أمل الآمل: محمد بن أبي جمهور الأحسائي، كان عالما، فاضلا، راوية، له كتب منها: « عوالي اللآلئ الأحاديثيّة على مذهب الإماميّة »(١) ، كتاب الأحاديث الفقهيّة، كتاب معين المعين، شرح الباب الحادي عشر، كتاب زاد المسافرين في أصول الدين، وله مناظرات مع المخالفين، كمناظرة الهروي وغيرها، ورسالة في العمل بأخبار أصحابنا(٢) .

وقال في موضع آخر: محمد بن علي بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحسائي، فاضل، محدّث، الى آخره(٣) .

وفي اللؤلؤة: والشيخ محمد بن أبي جمهور كان فاضلا، مجتهدا، متكلّما، له كتاب عوالي اللآلئ، جمع فيه جملة من الأحاديث، إلاّ أنّه خلط فيه الغثّ بالسمين، وأكثر فيه من أحاديث العامّة، ولهذا إنّ بعض مشايخنا لم يعتمد عليه، ثمّ عدّ بعض مؤلّفاته(٤) .

وذكره القاضي في مجالس المؤمنين، ومدحه وأطراه، وقال: إنّه مذكور في سلك المجتهدين(٥) .

__________________

(١) ضبط المؤلف اسم كتابه هذا هكذا عوالي اللآلئ العزيزية في الأحاديث الدينية. انظر: الذريعة ١: ٣٥٨ ورقم ٤٩ من خاتمة المستدرك صحيفة ١٦٨.

(٢) أمل الآمل ٢: ٢٥٣.

(٣) أمل الأمل ٢: ٢٨٠.

(٤) لؤلؤة البحرين: ١٦٨ / ٦٤.

(٥) مجالس المؤمنين ١: ٥٨١.

٣٣١

وفي البحار: وكتاب عوالي اللآلئ، وإن كان مشهورا، ومؤلّفه في الفضل معروفا، لكنّه لم يميّز القشر من اللّباب، وأدخل أخبار متعصبي المخالفين بين روايات الأصحاب، فلذا اقتصرنا منه على نقل بعضها، ومثله نثر اللآلئ(١) .

وقال العالم الجليل، الأمير محمد حسين الخاتون آبادي، في مناقب الفضلاء: وعن السيّد حسين المفتي -رحمه‌الله - عن الشيخ نور الدين محمد ابن حبيب الله، عن السيد النجيب الحسيب الفاضل السيد مهدي، عن والده الشريف المنيف، الكريم الباذل، السخيّ الزكيّ، السيد محسن الرضوي المشهدي، عن الشيخ المدقّق العلاّمة محمد بن علي بن إبراهيم الأحساوي - طيّب الله ضرائحهم - إلى آخر أسانيدهم التي أوردها في عوالي اللآلئ، وإجازته المبسوطة التي رقّمها للسيّد المذكور.

وفي إجازات البحار، بعد ذكر الإجازة المذكورة قال: ولنتبع هذه الإجازة بإيراد الطرق السبعة، التي ذكرها الشيخ المحقّق محمد بن أبي جمهور المذكور - قدس الله روحه - في كتابه المسمّى بعوالي اللآلئ، فقالقدس‌سره فيه: الطريق الأوّل، الى آخره(٢) .

وفيها قال: قال السيّد حسين المفتي المذكور: أروي عن الشيخ نور الدين محمد بن حبيب الله، عن السيّد محمد مهدي، عن والده السيّد محسن الرضوي المشهدي، عن الشيخ الفاضل محمد بن عليّ بن إبراهيم بن جمهور الأحساوي، بسنده المذكور في عوالي اللآلئ، على ما ذكره في إجازته التي كتبها للسيّد محسن(٣) .

وقال السيّد النبيل، السيّد حسين القزويني - طاب ثراه - في مقدّمات

__________________

(١) بحار الأنوار ١: ٣١.

(٢) بحار الأنوار ١٠٨: ٧.

(٣) بحار الأنوار ١٠٩: ١٧٣.

٣٣٢

شرح الشرائع: محمد بن عليّ بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحساوي، فاضل، جامع بين المعقول والمنقول، راوية للأخبار، ذكره الفاضل الأسترابادي في « الفوائد المدنيّة »(١) والفاضل المجلسي في « إجازات البحار »(٢) وشيخنا الحرّ في موضعين من « أمل الآمل »(٣) ، له كتب، منها العوالي اللآلئ، والمجلي، وشرح الألفية، والأقطاب في الأصول، وغيره، وما وصل الى النظر القاصر من نسخة العوالي كان بخطّ الوالد العلاّمة مع حواشيه.

وقال المحقّق الكاظمي في أوّل كتاب المقابيس: ومنها: الأحسائي، للعالم العلم، الفقيه النبيل، المحدّث الحكيم، المتكلّم الجليل، محمد بن عليّ ابن إبراهيم بن أبي جمهور، سقاه الله يوم النشور من الشراب الطهور، وكان من تلامذة الشيخ الفاضل، شرف الدين حسن بن عبد الكريم الفتال الغروي، الخادم للروضة الغرويّة، والشيخ عليّ بن هلال الجزائري في كرك، في أثناء مسيره إلى حجّ بيت الله، وفي رجوعه من الحجّ، وهو صاحب كتاب عوالي اللآلئ، ونثر اللآلئ في الأخبار، ورسالة كاشفة الحال عن أحوال الاستدلال في الأصول، والجامعيّة في شرح الألفية الشهيديّة، والمجلي في الحكمة والمناظرات مع العامّة، وغيرها، وروى كالكركي عن ابن هلال، عن أبي العباس، وروى أيضا عن أبيه، وغيره من المشايخ(٤) .

وقال العالم المتبحّر السيّد عبد الله، سبط المحدّث الجزائري في إجازته الكبيرة، في ذكر مشايخ المجلسي -رحمه‌الله -: ومنهم السيّد السند، الأمير فيض الله بن غياث الدين محمد الطباطبائي، عن السيّد الحسيب القاضي حسين - الى أن قال - عن الشيخ الجليل محمد بن علي بن إبراهيم بن أبي جمهور

__________________

(١) الفوائد المدنية: ١٨٦.

(٢) بحار الأنوار ١٠٨: ٣ - ٢٠.

(٣) أمل الأمل ٢: ٢٥٣، ٢٨٠.

(٤) مقابس الأنوار: ١٤.

٣٣٣

الأحسائي(١) .

وقال السيّد الأجلّ، الأمير عبد الباقي في إجازته للعلاّمة الطباطبائي: وقال الشيخ الجليل المبرور محمد بن أبي جمهور الأحسائي، في كتابه المعروف بعوالي اللآلئ: روى عنده من المشايخ بطريق صحيح، عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال: « إنّ الله عزّ وجلّ يقول » الخبر.

وقال الفاضل الخبير في الرياض، في باب الكنى: أبي جمهور اللحساوي، وهو الأشهر في ابن أبي جمهور، وقد يقال: ابن أبي جمهور، ويقال في هذه النسبة: الأحساوي أيضا، ويقال تارة: الأحسائي، واللحسائي - الى أن قال - وهو في الأشهر يطلق على الشيخ شمس الدين محمد بن علي بن إبراهيم بن الحسن بن أبي جمهور، كذا بخطّهرحمه‌الله على ظهر بعض مؤلّفاته، وهو الفقيه الحكيم المتكلّم، المحدّث الصوفي، المعاصر للشيخ علي الكركي، وكان تلميذ عليّ بن هلال الجزائري، وصاحب كتاب « عوالي اللآلئ » وكتاب « نثر اللآلئ » وكتاب « المجلي في مرآة المنجي » وغيرها من المؤلّفات، ذو الفضائل الجمّة لكنّ التصوّف العالي المفرط قد أبطل حقّه(٢) . الى غير ذلك من عبارات الأصحاب على اختلاف طبقاتهم ومشاربهم في حقّه، وذكرهم إيّاه بأوصاف وألقاب يذكرون بها العلماء الأعلام والفقهاء العظام.

فمن الغريب بعد ذلك ما ذكره السيّد الأيّد المعاصر في الروضات، في ترجمته بعد ذكر طرقه السبعة حيث قال: وأمّا نحن فقد قدّمنا ذكر شيخه الأجلّ الأعظم علي بن هلال الجزائري، الذي هو من جملة مشايخ المحقّق الشيخ علي الكركي، وبقي سائر مشايخه السبعة - المذكورين هنا، وفي مقدّمة كتابه العوالي على سبيل التفصيل - عند هذا العبد، وسائر أصحاب التراجم والإجازات، من جملة علمائنا المجاهيل، بل الكلام في توثيق نفس الرجل، والتعويل على رواياته

__________________

(١) الإجازة الكبيرة للسيد عبد الله الجزائري: ١٩.

(٢) رياض العلماء ٦: ١٣.

٣٣٤

ومؤلّفاته، وخصوصا بعد ما عرفت له من التأليف في إثبات العمل بمطلق الأخبار، الواردة في كتب أصحابنا الأخيار، وما وقع في أواخر وسائل الشيعة، من كون كتابي حديثه خارجين عن درجة الاعتماد والاعتبار، مع أنّ صاحب الوسائل من جملة مشاهير الأخباريّة، والأخباريّة لا يعتنون بشيء من التصحيحات الاجتهاديّة، والتنويعات الاصطلاحيّة، انتهى(١) .

وأنت خبير بأنّ كثيرا من العلماء المعروفين، المذكورين في الإجازات والكتب المعدّة لترجمتهم، ما قالوا في حقّهم أزيد ممّا قالوا في ترجمة صاحب العنوان، ولم يعهد منهم تزكيتهم وتوثيقهم بالألفاظ الشائعة المتداولة في الكتب الرجاليّة، التي يستعملونها في مقام تزكية الرواة وتعديلهم، فإنّهم أجلّ قدرا، وأعظم شأنا من الافتقار إليه.

ولذا قال شيخنا الشهيد الثاني في شرح الدراية: وقد مرّ أيضا: تعرف عدالة الراوي بتنصيص عدلين عليها، أو بالاستفاضة بأن تشتهر عدالته بين أهل النقل وغيرهم من أهل العلم، كمشايخنا السابقين من عهد الشيخ الكليني وما بعده الى زماننا هذا، ولا يحتاج أحد من هؤلاء المشهورين الى تنصيص على تزكيته، ولا تنبيه على عدالته، لما اشتهر في كلّ عصر من ثقتهم، وضبطهم، وورعهم زيادة على العدالة، وإنّما يتوقّف على التزكية غير هؤلاء(٢) .

وعلى ما أسّسه تتطرق الشبهة في جماعة كثيرة من علمائنا الأخيار، الذين قالوا في ترجمتهم مثل ما قالوا في حقّ صاحب العوالي، أو أقلّ، فتخرج أخبار هؤلاء الأعاظم، ورواياتهم، ومنقولاتهم، وأقوالهم عن حدود الصحّة والاعتماد، ولا يخفى ما في ذلك من القبح والفساد، بل قدّمنا ذكر جماعة منهم ليس لهم في كتب التراجم ذكر أصلا، فضلا عن المدح والثناء، والتزكية والإطراء، ومع ذلك كتبهم شائعة، متداولة، معتمدة.

__________________

(١) روضات الجنات ٧: ٣٣.

(٢) الدراية: ٦٩.

٣٣٥

والعجب أنّه -رحمه‌الله - ذكره في أوّل الترجمة بهذا العنوان: الشيخ الفاضل المحقّق، والحبر الكامل المدقّق، خلاصة المتأخّرين، محمد، الى آخره(١) ، ثمّ تأمّل في وثاقته، وهي أدنى درجة الكمال.

وقوله: خصوصا بعد ما عرفت، الى آخره، فيه:

أوّلا: إنه ليس في اسم الكتاب الذي ألّفه فيه دلالة على اعتقاده على حجيّة مطلق الأخبار.

ففي الأمل: ورسالة في العمل بأخبار أصحابنا(٢) ولم أجده في غيره، ولكنّه ذكر في أوّل الترجمة هكذا: ورسالة في أنّ على أخبارنا الآحاد في أمثال هذه الأزمان المعوّل، كما نسبها إليه صاحب الأمل، وهو أعرف بوجه التعبير، ولا دلالة فيه أيضا على ما نسبه إليه، مع أنّه يمكن أن يكون غرضه الموجودة في الكتب الأربعة، كما عليه جمع من المحقّقين، أو اشتراط في ضعافها الانجبار، ولا ينافي ذلك كون المستند هو الخبر الضعيف، فينطبق على ما عليه جماعة من حجيّة الأقسام الثلاثة(٣) : الصحيح والحسن والموثّق، والضعيف إذا انجبر.

وثانيا: إنّ اعتقاد حجيّة مطلق أخبار أصحابنا - بالنظر الى ما أدّاه إليه

__________________

(١) روضات الجنات ٧: ٢٦ ترجمة ٧٤٩.

(٢) أمل الآمل ٢: ٢٥٣ رقم ٧٤٩.

(٣) في هامش الحجرية ما لفظه: ثم اني بعد ما كتبت هذا الموضوع بأشهر عثرت على هذه الرسالة الشريفة فوجدتها في غاية المتانة والدقة والتحقيق، وضعها على طريقة الفقهاء - لكيفية استنباط الأحكام من أدلة الفروع - في ضمن فصول، ذكر في بعضها العلوم التي يحتاج إليها الفقيه وقال فيه:

واما الأصول: فهو العلم الذي عليه مدار الشريعة، وأساس الفقه، وجميع أصوله وفروعه مستفادة منه، فالاحتياج اليه أمسّ من سائر العلوم، فلا بدّ من ضبطه غاية الضبط، وكلّما انتهى في معرفته وجوّد البحث في معانيه، وأكثر من المطالعة في مسائله، وعرف قوانينه، وعلم مضمون دلائله كان أقرب إلى معرفة الفقه، وأسهل طريقا الى سلوك الاستدلال على مسائله، ويكفي منه الإتقان لمثل: مبادئ الوصول، وتهذيب الوصول، وان انتهى إلى منتهى الوصول ونهاية الوصول كان غاية المراد.

وبالجملة فالاحتياج إلى هذا العلم شديد، والتوصية به جاءت من جميع المشايخ، وباهماله

٣٣٦

دليله - ليس بكبيرة ولا صغيرة تضرّ بالوثاقة والعدالة، ولا ينافي الاعتماد على منقولاته ومرويّاته، فيكون بعد التسليم من الذين يقال في حقّهم: خذوا ما

__________________

أهملت الشريعة وضاع الدين، لأنه الأصل الحافظ لها، والضابط لأصولها وفروعها، وكيف يستقيم لطالب ان يعرف الفرع بدون الاطلاع على الأصل، وأنّي يحسن لعاقل ان يطلب العلم بالفقه ويصف نفسه بكونه من أهله مع إهماله للأصل الذي لا يعرف الفرع الا منه.

الى أن قال: وأمّا الرجال، فهو علم يحتاج اليه المستدل غاية الحاجة، لأن به يعرف صحيح الأحاديث من فاسدها، وصادقها من كاذبها، لأنه متى عرف الراوي عرف الحديث، ومتى جهله جهله، فلا بدّ من معرفة الرجال الناقلين للأحاديث عن الأئمة عليهم‌السلام من زمان الإمام الحق أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى زمان العسكري عليه‌السلام ، ومنه إلى زماننا هذا، اما: بعدالة، أو بفسق، أو بجهل أحدهما، ليكون على بصيرة فيقبل ما رواه العدل بلا خلاف، ويرد ما رواه الفاسق بلا خلاف، ويتوقف فيمن جهله. إلى ان قال: فما عدلوه فمعدّل وروايته صحيحة، وما مدحوه فممدوح وروايته حسنة، وما وثقوه فثقة وروايته موثقة وما فسقوه ففاسق وروايته مردودة، وما جهلوا حاله فمجهول يجب التوقف في روايته. وفي كيفية العمل بهذه الأحاديث بحث يأتي في فصل كيفية الاستدلال ان شاء الله تعالى.

وقال في الفصل الثالث في الاستدلال: وفيه بحثان، الأول: في الأدلة: وهي بالاتفاق من الأصوليين أربعة: الكتاب، والسنة، والإجماع، وأدلة العقل، ثم شرح حال الأدلة على طريقة الفقهاء. وقال في موضع بعد ذكر أوصاف المفتي في جملة كلام له: لكن يشترط بقاء المفتي إذ لو مات بطلت الرواية لفتواه وحكاية أقواله للعمل بها، إذ لا قول للميت، وعليه إجماع الأصحاب وبه نطقت عباراتهم في أكثر مصنفاتهم، ولا تبطل الرواية لأقواله وحكاية فتاويه مطلقا بل يصح ان تروى لتعلم وليعرف وفاقه وخلافه لمن يأتي بعده من أهل الاجتهاد.

الى غير ذلك من الكلمات الصريحة في جموده على طريقة الفقهاء والأصوليين والمقام لا يقتضي نقل أزيد من هذا وفيه الكفاية ( منه قدس‌سره ).

لدينا نسخة خطية من هذه الرسالة المسماة كاشفة الحال عن وجه الاستدلال صححنا ما تقدم عليها.

قال السيد الأجل بحر العلوم في ترجمة السكوني: ووصف فخر المحققين في الإيضاح سند رواية الكليني في باب السحت - الشيخ عنه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال: السحت ثمن الميتة، الحديث - بالتوثيق، قال: احتج الشيخ بما رواه عن السكوني في الموثق عن الصادق عليه‌السلام قال: السحت ثمن الميتة الحديث. وتبعه على ذلك ابن أبي جمهور في درر اللآلئ، وفيه شهادة بتوثيق السكوني والنوفلي وإبراهيم بن هاشم، انتهى ( منه قدس‌سره )

٣٣٧

رووا، وذروا ما رأوا(١) .

وثالثا: إنّ طريقته - كما تظهر من - كتابيه طريقة المجتهدين، كما لا يخفى على المراجع، فكلّ ما ذكره في حقّه حدس وتخمين، ناشئ من عدم ظفره بالكتابين.

وقوله: وما وقع في أواخر وسائل الشيعة، الى آخره(٢) ، فلم أجدهما فيها(٣) ، نعم ذكر في آخر كتاب الهداية الكتب الغير المعتبرة عنده، بأقسامها الثلاثة التي أشرنا إليها سابقا، وليس منها الكتابان.

قوله: والأخبارية لا يعتنون، الى آخره(٤) .

قلت: نعم، ومنه يظهر أنّ ابن أبي جمهور كان من المجتهدين، فإنّه في الكتابين لم يسلك إلاّ مسلكهم، ولم يجر إلاّ على مصطلحاتهم في الأخبار، من الصّحة والحسن، والقوّة والضعف، والترجيح بذلك، فراجعهما، ولولا خوف الإطالة لذكرت شطرا منها:

ومنها يظهر أنّ المقصد من الرسالة السابقة ليس إثبات حجيّة مطلق الأخبار، كما توهّمه فجعله من مطاعنه.

كما يظهر إنّ كلّ ما ذكره في هذا المقام ناشئ من عدم العثور عليهما، والله العاصم.

نعم قد يطعن فيه، وفي كتابه من جهتين:

الاولى: ميلة الى التصوّف، بل الغلو فيه، كما أشار إليه في الرياض(٥) .

وفيه: إنّ ميلة إليه حتى في بعض مقالاتهم الكاسدة، المتعلّقة بالعقائد، لا يضرّ بما هو المطلوب منه في المقام من الوثاقة، والتثبّت، وغير ذلك ممّا يشترط

__________________

(١) غيبة الشيخ: ٢٤٠، وفيه: خذوا بما رووا.

(٢) روضات الجنات ٧: ٣٣.

(٣) في هامش المطبوعة عن هامش الأصل والمصححة بعنوان منه ما يلي: هذه كتب غير معتمدة، لعدم العلم بثقة مؤلفيها و. عوالي اللآلئ وانظر وسائل الشيعة ٣٠: ١٥٩.

(٤) روضات الجنات ٧: ٣٣.

(٥) رياض العلماء ٥: ٥١.

٣٣٨

في الناقل، كغيره من العلماء على ما هم عليه من الاختلاف، حتى في أصول الكلام، ومع ذلك يعتمد بعضهم على بعض في مقام النقل والرواية، ولذا رأيتهم وصفوه بما هو دائر بينهم في مواضع مدح الأعاظم وشأنهم، وأدخلوه في إجازاتهم.

وليس هو أسوأ حالا فيما نسب إليه من: المحدّث الكاشاني، ولم يطعن عليه أحد في منقولاته.

ولا من السيّد حيدر الآملي المعروف، صاحب الكشكول، الذي ينسب إليه بعض الأقاويل المنكرة، وقد تلمّذ على فخر المحقّقين، وعندي مسائل السيّد مهنّا، وأجوبة العلاّمة بخطّه(١) ، وقد قرأها على الفخر، وعلى ظهرها إجازة الفخر له بخطّه الشريف، وهذه صورته:

هذه المسائل وأجوبتها صحيحة، سئل والدي عنها فأجاب بجميع ما ذكره فيها، وقرأتها أنا على والدي - قدّس الله سرّه - ورؤيتها(٢) عنه، وقد أجزت لمولانا السيّد الإمام، العالم العامل، المعظّم المكرّم، أفضل العلماء، أعلم الفضلاء، الجامع بين العلم والعمل، شرف آل الرسول، مفخر أولاد البتول، سيّد العترة الطاهرة، ركن الملّة والحقّ والدّين، حيدر بن السيّد السعيد تاج الدين عليّ بن السيّد السعيد ركن الدين حيدر العلوي الحسيني - أدام الله فضائله، وأسبغ فواضله. أن يروي ذلك عنّي، عن والدي - قدّس الله سرّه - وأن يعمل بذلك ويفتي به، وكتب محمد بن الحسن بن يوسف بن عليّ بن مطهّر الحليّ، في أواخر ربيع الآخر، لسنة إحدى وستّين وسبعمائة، والحمد لله تعالى، وصلّى الله على سيّد المرسلين محمد النّبي وآله الطاهرين.

وما كان يخفى على الفخر مقالاته، وما منعه ذلك عن أن يصفه بما ترى

__________________

(١) أي بخط السيد حيدر واستنسخت منه نسخة بخط يدي. ( كذا في هامش المخطوطة )

(٢) في المخطوطة والحجرية: ( ورؤيته ) في الموردين.

٣٣٩

من الأوصاف الجميلة، أرايت من يعظّمه كذلك، يتأمّل ويطعن في منقولاته؟! وهكذا الكلام في جمع ممّن تقدّم عليه، أو تأخّر عنه.

وليس الغرض من الاعتماد والاعتبار صحّة كلّ ما رواه في الكتابين، بل الصحّة من جهته فيكون كسائر مرويّات الأصحاب في كتبهم الفقهيّة، والمجاميع الحديثيّة، وعدم الفرق بين الخبر الموجود في العوالي، والموجود في غيره ممّا لم يتبيّن مأخذه، وإنّ هذا المقدار من التصوّف، أو الميل إليه، غير قادح في المطالب النقليّة عند الأصحاب.

الثانية: ما في الكتاب المذكور من اختلاط الغثّ بالسمين، وروايات الأصحاب بأخبار المخالفين، كما أشار إليه في اللّؤلؤة(١) .

وقال في الحدائق، بعد نقل مرفوعة زرارة في الأخبار العلاجيّة: إنّ الرواية المذكورة لم نقف عليها في غير كتاب العوالي، مع ما هي عليها من الإرسال، وما عليه الكتاب المذكور من نسبة صاحبه الى التساهل في نقل الأخبار، والإهمال، وخلط غثّها بسمينها، وصحيحها بسقيمها، كما لا يخفى على من لاحظ الكتاب المذكور(٢) .

قلت: ما ذكره صحيح في الجملة في بعض الكتاب، وهو أقلّ القليل منه، وأمّا في الباقي فحظّه منه نقل مجاميع الأساتيذ، الذين ساحتهم بريئة عن قذارة هذه الطعون.

توضيح ذلك: إنّ العوالي مشتمل على مقدّمة، وبابين، وخاتمة، وذكر في المقدّمة فصولا، ذكر فيها طرقه، وجملة من الأخبار النبويّة في فنون الآداب والأحكام، واختلط هنا الغثّ بالسمين كما قالوا.

وأمّا البابان، فقال: الباب الأوّل في الأحاديث المتعلّقة بأبواب الفقه،

__________________

(١) لؤلؤة البحرين: ٦٤، ١٦٧.

(٢) الحدائق الناضرة ١: ٩٣ - ٩٩.

٣٤٠

الغير المترتّبة بترتيب أبوابه، ولي فيها مسالك كثيرة، إلاّ أنّي أقتصر في هذا المختصر على ذكر أربعة مسالك لا غير، طلبا للإيجاز، حذرا من الملال.

المسلك الأوّل: في أحاديث ذكرها بعض متقدّمي الأصحاب، رؤيتها عنه بطرقي إليه، لا يختصّ إسنادها بالرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بل بعضها ينتهي إسنادها إليه، وبعضها الى ذريّته المعصومين، وخلفائه المنصوصين، عليهم أفضل الصلوات وأكمل التحيات، لأنّ الأصحاب - قدّس الله أرواحهم - إنّما يعتبرون من الأحاديث ما صحّ طريقه إليهم، واتّصلت روايته بهم، سواء وقف على واحد منهم، أو أسنده الى جدّه المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - الى أن قال - روى المنقول عنه هذا المسلك في الأحاديث من طرقه الصحيحة(١) ، عمّن رواه، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: « كلّ سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلاّ سببي ونسبي » ثمّ ساق الأخبار(٢) ، الى أن قال:

المسلك الثاني: في أحاديث تتعلّق بمصالح الدين، رواها جمال المحقّقين في بعض كتبه بالطريق التي له الى روايتها، روى في كتابه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أكثروا من سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلاّ الله، والله أكبر » الخبر، وساق أخبار كتابه(٣) ، الى أن قال:

المسلك الثالث: في أحاديث، رواها الشيخ العالم، شمس الملّة والدين، محمد بن مكّي في بعض مصنّفاته، يتعلّق بأبواب الفقه، رؤيتها عنه بطرقي إليه، قال -رحمه‌الله -: روي أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال:. الخبر،

__________________

(١) جاء في هامش النسخة الحجرية ما نصه « قال في الحاشية في هذا المقام لا يلزم من عدم ذكر اسم المنقول عنه في هذا المسلك أن يكون من المرسل، لما تقرأ في الأصول أن الراوي إذا علم من حاله أنه لا يروي إلاّ عن الثقات كان إرساله إسنادا » ( منه قده )

(٢) عوالي اللآلي ١: ٢٩٩.

(٣) عوالي اللآلي ١: ٣٤٩.

٣٤١

وساق أخباره(١) ، الى أن قال:

المسلك الرابع: في أحاديث رواها الشيخ العلاّمة الفهّامة، خاتمة المجتهدين، شرف الملّة والحقّ والدين، أبو عبد الله المقداد بن عبد الله السيوري - تغمّده الله برضوانه - قال -رحمه‌الله -: روي في الحديث عنهمعليهم‌السلام وساق مرويّاته المتفرّقة في أبواب الفقه(٢) ، الى أن قال: الباب الثاني في الأحاديث المتعلّقة بأبواب الفقه بابا بابا، ولنقتصر في هذا المختصر منها على قسمين:

القسم الأوّل: في أحاديث تتعلّق بذلك، رؤيتها بطريق فخر المحقّقين، ذكرها عنه بعض تلاميذه، على ترتيب والده جمال المحقّقين - رضوان الله عليهما -، باب الطهارة: روى محمد بن مسلم. وساق الى باب الديات(٣) ، ثمّ قال:

القسم الثاني: في أحاديث رواها الشيخ الكامل الفاضل، خاتمة المجتهدين، جمال الدين أبو العباس أحمد بن فهد الحلّي - قدّس الله روحه - على ترتيب الشيخ المحقّق المدقّق، أبي القاسم جعفر بن سعيد الحلّي -رحمه‌الله - باب الطهارة. وساق أيضا الى باب الديات(٤) .

وذكر في الخاتمة أيضا جملتين، ذكر فيهما الأخبار المتفرّقة(٥) كما في المقدّمة، إلاّ أنّ جلّها خاصيّة، وعمدة أخبار الكتاب ما أودعه في البابين.

وأنت خبير بأنّ حظّه منه النقل عن مجاميع هؤلاء المشايخ، الذين هم أساطين الشريعة، وأساتيذ علماء الشيعة، لا مسرح للطعن عليهم، ولا سبيل

__________________

(١) عوالي اللآلي ١: ٣٨٠.

(٢) عوالي اللآلي ٢: ٥.

(٣) عوالي اللآلي ٢: ١٦٥.

(٤) عوالي اللآلي ٣: ٧.

(٥) عوالي اللآلي ٤: ٥.

٣٤٢

لأحد في نسبة الخلط والمساهلة إليهم، فإن اتّهم صاحب العوالي في النقل عن تلك المجاميع، فهو معدود في زمرة الكذّابين الوضّاعين، فيرجع الأمر إلى الطعن والإساءة الى سدنة الدين، وحفظة السنّة، ونقّاد الأخبار، الذين مدحوه بكل جميل، وأدناه البراءة عن تعمّد الكذب ووضع الأحاديث.

وقد عثرت بعد ما كتبت هذا المقام على كلام السيّد المحدّث الجزائري في شرحه على الكتاب المذكور يؤيّد ما ذكرناه قال: إنّي لمّا فرغت من شروحي - الى ان قال -: تطلّعت الى الكتاب الجليل، الموسوم بعوالي اللآلئ، من مصنّفات العالم الربّاني، والعلاّمة الثاني، محمد بن عليّ بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحسائي - أسكنه الله تعالى غرف الجنان وأفاض على تربته سجال الرضوان - فطالعته مرارا، وتأمّلت أحاديثه ليلا ونهارا.

فشوّقتني عادتي في شرح كتب الأخبار، وتتّبع ما ورد عنهمعليهم‌السلام من الآثار، الى أن أكتب عليه شرحا يكشف عن بعض معانيه، ويوضّح ألفاظه ومبانيه، فشرعت بعد الاستخارة في ترتيب أبوابه وفصوله، واستنباط فروعه من أصوله، وسمّيته « الجواهر الغوالي في شرح عوالي اللآلئ »، ثمّ عنّ لي أن اسمّيه « مدينة الحديث » - الى أن قال في ذكر ما دعاه الى شرحه -: إنّه وإن كان موجودا في خزائن الأصحاب إلاّ أنّهم معرضون عن مطالعته، ومدارسته، ونقل أحاديثه، وشيخنا المعاصر - أبقاه الله تعالى - ربّما كان وقتا من الأوقات يرغب عنه لتكثّر مراسيله، ولأنّه لم يذكر مأخذ الأخبار من الكتب القديمة، ورجع بعد ذلك الى الرغبة فيه، لأنّ جماعة من متأخّري أهل الرجال وغيرهم من ثقات أصحابنا وثقوه، وأطنبوا في الثناء عليه، ونصّوا على إحاطة علمه بالمعقول والمنقول. وله تصانيف فائقة، ومناظرات في الإمامة وغيرها مع علماء الجمهور، سيّما مجالسه في مناظرات الفاضل الهروي في الإمامة، في منزل السيّد محسن في المشهد الرضوي، على ساكنه وآبائه وأبنائه من الصلوات أكملها، ومن التسليمات أجزلها.

٣٤٣

ومثله لا يتّهم في نقل الأخبار من مواردها، ولو فتحنا هذا الباب على أجلاّء هذه الطائفة، لأفضى بنا الحال الى الوقوع على أمور لا نحبّ ذكرها، على أنّا تتبعنا ما تضمّنه هذا الكتاب من الأخبار، فحصل الاطّلاع على أماكنها التي انتزعها منه، مثل الأصول الأربعة وغيرها، من كتب الصدوق وغيره من ثقات أصحابنا أهل الفقه والحديث. قال: وأمّا اطّلاعه وكمال معرفته بعلم الفلسفة وحكمتها، وعلم التصوف وحقيقته، فغير قادح في جلالة شأنه، فإنّ أكثر علمائنا من القدماء والمتأخّرين قد حقّقوا هذين العلمين، ونحوهما من الرياضي، والنجوم، والمنطق، وهذا غنيّ عن البيان، وتحقيقهم لتلك العلوم ونحوها ليس للعمل بأحكامها وأصولها، والاعتقاد بها، بل لمعرفتهم بها، والاطّلاع على مذاهب أهلها.

ثمّ نقل قصصا عن الشهيد الثاني، وابن ميثم، والشيخ البهائي، تناسب المقام لا حاجة الى نقلها.

فظهر أنّ الحقّ الحقيق أن يعامل الفقيه المستنبط بأخبار البابين، معاملته بما في كتب أصحاب المجاميع من الأحاديث، وما في طرفي الكتاب خصوصا أوّله، وإن كان مختلطا إلاّ أنّ بالنظر الثاقب يمكن تمييز غثّه من سمينة، وصحيحه من سقيمه.

بقي التنبيه على شيء، وهو أنّ المعروف الدائر في ألسنة أهل العلم، والكتب العلميّة « الغوالي » - بالغين المعجمة - ولكن حدّثني بعض العلماء، عن الفقيه النبيه، المتبحّر الماهر، الشيخ محسن خنفر - طاب ثراه، وكان من رجال علم الرجال - أنّه بالعين المهملة، فدعاني ذلك الى الفحص فتفحّصت، فما رأيت من نسخ الكتاب وشرحه فهو كما قال، وكذا في مواضع كثيرة من الإجازات التي كانت بخطوط العلماء الأعلام، بحيث اطمأنّت النفس بصحّة ما قال، ويؤيّده أيضا أنّ المحدّث الجزائري سمّى شرحه: الجواهر الغوالي - بالمعجمة - فلاحظ، والله العالم.

٣٤٤

٤٩ - كتاب درر اللآلئ العمادية:

للفاضل المتقدّم أيضا، ألّفه بعد العوالي، وهو أكبر وأنفع منه، قال في أوّله:

فإنّي لمّا ألّفت الكتاب الموسوم « بعوالي اللآلئ العزيزيّة في الأحاديث الدينيّة » وكان من جملة الحسنات الإلهيّة، والانعامات الربانيّة، أحببت أن أتبع الحسنة بمثلها، والطاعة بطاعة تعضدها، كما جاء في الأحاديث اتباع الطاعة بالطاعة دليل على قبولها، وعلامة على حصولها، فألّفت عقيبه هذا الكتاب الموسوم « بدرر اللآلئ العماديّة في الأحاديث الفقهية » ليكون مؤيّدا، لما بين يديه ناصرا ومقويا، لما تقدّمه مذكّرا، فأعززت الأوّل بالثاني لإثبات هذه المباني، لإعزاز الطاعة بالطاعة، واجتماع الجماعة مع الجماعة، لتقوى بهما الحجّة والاعتصام، ويظهر بمعرفتهما سلوك آثار الأئمّة الكرام،عليهم‌السلام ، والفقهاء القوّام، والمجتهدين العظام. وساق الكلام، الى أن ذكر أنّه ألّفه لخزانة السّيدين السندين، الأميرين الكبيرين، الأمير الجليل، كمال الملّة والحقّ والدين، والسيّد العضد النبيل، عماد الملّة والحقّ والدين، في كلام طويل - الى أن قال: - ورتّبته على مقدّمة، وأقسام ثلاثة، وخاتمة.

ذكر في المقدّمة الأخبار النبويّة، التي فيها الترغيب في فعل العبادات، والحثّ على فعلها، وفي الخاتمة ما يتعلّق بالأخلاق، أخرج كلّه من الكافي، وفي الأقسام ذكر أبواب الفقه على الترتيب، وكلّ ما فيها من الأحاديث أخرجه من الكتب الأربعة، بتوسّط كتب العلاّمة، والفخر، إلاّ قليلا من النبويّات الموجودة فيها، مع الإشارة إلى التعارض والترجيح، وبعض أقوالهما على طريقة الفقهاء، وذكر في آخر الكتاب طرقه وأسانيده، وفي آخر المجلّد الأوّل منه:

هذا آخر المجلّد الأوّل من كتاب « درر اللآلئ العماديّة في الأحاديث الفقهيّة »، ويتلوه بعون الله وحسن توفيقه المجلّد الثاني منه، وبه يتمّ الكتاب،

٣٤٥

وأوّله: النوع الثاني فيما يتعلّق بالإيقاعات، وقد وقع الفراغ في هذا المجلّد نقلا عن النسخة المبيضة من المسودة، في أوّل ليلة الأحد، التاسع من شهر ربيع الثاني، أحد شهور سنة إحدى وتسعمائة، على يد مؤلّفه، الفقير الى الله العفوّ الغفور، محمد بن علي بن أبي جمهور الأحساوي عفا الله عنه، وعن والده، وعن جميع المؤمنين والمؤمنات، إنّه غفور رحيم، ووقع كتابة هذا المجلّد بعد تأليف الكتاب، بولاية أستراباد - حميت من شرّ الأعداء - في فصل الشتاء، في قرية كلبان، وسروكلات - حماهما الله من الآفات، وصرف عنهما العاهات والبليّات - وكان تأليف الكتاب بتمامه في ذلك المكان، في أواخر شوّال من شهور سنة تسع وتسعين وثمانمائة.

وبالجملة: فهو كتاب شريف، محتو على فوائد طريفة، ونكات شريفة، خال عمّا توهّم في أخيه من الطّعن، فلاحظ وتبصّر.

ثم إنّ اسم الكتاب كما عرفت « درر اللآلئ العماديّة » فما في البحار، والرياض، والمقابيس(١) ، أنّه نثر اللآلئ وهم من الأوّل، وتبعه من بعده، واحتمال التعدّد بعيد غايته.

__________________

(١) بحار الأنوار ١: ١٣، رياض العلماء ٤: ٣٤٧، مقابس الأنوار: ١٤.

٣٤٦

٥٠ - تفسير الشيخ الجليل الأقدم، أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر النعماني الكاتب:

المعروف بابن زينب، وهو خبر واحد مسند عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، في أنواع الآيات وأقسامها، وأمثلة الأقسام، اختصره علم الهدى السيّد المرتضى، وقف عليه صاحب الوسائل فأخرج ما فيه من الأحكام، ولم أجد في الأصل زائدا منه، ولذا قلّ رجوعنا إليه مع أنّ الكتاب في غاية الاعتبار، وصاحبه شيخ من أصحابنا الأبرار.

ولكن يجب التنبيه على شيء لا يخلو من غرابة، وهو أنّ العلاّمة المجلسي قال في مجلّد القرآن من بحاره: باب ما ورد عن أمير المؤمنينعليه‌السلام في أصناف آيات القرآن وأنواعها، وتفسير بعض آياتها برواية النعماني، وهي رسالة مفردة مدوّنة، كثيرة الفوائد، نذكرها من فاتحتها الى خاتمتها: بسم الله الرحمن الرحيم. وساقها الى آخرها.

ثم قال: أقول: وجدت رسالة قديمة مفتتحها هكذا: حدّثنا جعفر بن محمد بن قولويه القميّ -رحمه‌الله - قال: حدّثني سعد الأشعري أبو القاسم -رحمه‌الله - وهو مصنّفه: الحمد لله ذي النعماء والآلاء، والمجد والعزّ والكبرياء، وصلّى الله على محمد سيّد الأنبياء، وعلى آله البررة الأتقياء، روى مشايخنا، عن أصحابنا، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : انزل القرآن على سبعة أحرف كلّها شاف كاف، أمر، وزجر، وترغيب، وترهيب، وجدل، وقصص، ومثل » وساق الحديث الى آخره، لكنّه غيّر الترتيب وفرّقه على الأبواب، وزاد فيما بين ذلك بعض الأخبار، انتهى(١) .

والظاهر أنّ المراد من سعد، هو ابن عبد الله الأشعري، الثقة الجليل

__________________

(١) بحار الأنوار ٩٣: ١ - ٩٧.

٣٤٧

المعروف، وعدّ النجاشي من كتبه كتاب « ناسخ القرآن ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه »(١) وعليه فيشكل ما في أوّل السند، فإنّ جعفر بن محمد بن قولويه(٢) يروي عن سعد بتوسّط أبيه، الذي كان من خيار أصحاب سعد، فيمكن أن يكون قد سقط من السند قوله: عن أبيه، ثمّ لا يخفى أنّ ما في أوّل تفسير الجليل عليّ بن إبراهيم، من أقسام الآيات وأنواعها، هو مختصر هذا الخبر الشريف، فلاحظ وتأمّل.

__________________

(١) رجال النجاشي: ١٧٧ / ٤٦٧.

(٢) تنبيه:

١ - روايته عن سعد ليست بواسطة أبيه فقط بل وأخيه أيضا، كما نبه على ذلك النجاشي ( ١٢٣ / ١٧٨، ٣١٨ / ٤٦٧ ) في ترجمة جعفر وسعد.

٢ - نقل النجاشي ( ١٢٣ / ٣١٨ ) في ترجمة جعفر عنه أنه روى أربعة أحاديث عن سعد بلا واسطة.

وحكى عنه في ترجمة سعد ( ١٧٨ / ٤٦٧ ) أنه روى عنه بلا واسطة حديثين.

فمن المحتمل كون روايته عن سعد في الرسالة المذكورة أحد الحديثين اللذين لا ريب في روايته لهما عنه لأنهما القدر المتبقي، فلاحظ.

٣٤٨

٥١ - كتاب جامع الأخبار:

قد كتبنا في سالف الزمان، في كتابنا المسمّى « بنفس الرحمن » ما قيل فيه، فنذكره هنا إذ استقصينا فيه الكلام في اختلافهم في مؤلّفه، المردّد بين جماعة:

منهم: الصدوق، كما يظهر من بعض أسانيده، وصرّح به السيّد حسين المفتي الكركي المتقدّم ذكره في « دفع المناواة »، وهو ضعيف لا لما قيل: إنّه يروي عنه بوسائط، لأنّه كثيرا ما يوجد في أسانيد الكتب القديمة أمثال ذلك من تلامذة المصنّف ورواة الكتب، بل لأنّه نقل فيه عن سديد الدين محمود الحمّصي(١) ، الذي هو متأخّر عن الصدوق بطبقات عديدة، وفيه أيضا هكذا: في أمالي الشيخ أبي جعفر، الى آخره(٢) ، مضافا الى بعد وضع الكتاب عن طريقة الصدوق في كتبه.

ومنهم: الشيخ أبو الحسن علي بن أبي سعد بن أبي الفرج الخيّاط، احتمله المجلسي في البحار، لما قاله الشيخ منتجب الدين في فهرسته: إنّ له كتاب جامع الأخبار(٣) ، وفيه أنّه قال بعد هذا الكلام: أخبرنا به الوالد، عنه(٤) . مع أنّ منتجب الدين من تلامذة الحمصي، فلعلّ هذا كتاب آخر. وصرّح المتبحّر صاحب الرياض أنّ نسخ جامع الأخبار مختلفة، فلاحظ(٥) .

قلت: وهو كذلك، فإنّ بعضها مبوّبة بأبواب، ولكلّ باب فصول، وبعضها أكبر منها لكنها غير مبوّبة، وإنما قسّمها بالفصول.

ومنهم: محمد بن محمد الشعيري، اختاره الفاضل صاحب الرياض،

__________________

(١) جامع الأخبار: ١٦٣.

(٢) جامع الأخبار: ٩٦.

(٣) بحار الأنوار ١: ١٤.

(٤) فهرست منتجب الدين: ١٢١ / ٢٥٧.

(٥) رياض العلماء ٥: ١٢١.

٣٤٩

قال في ترجمة عليّ بن سعد: إن جامع الأخبار لمحمد بن محمد الشعيري، وقد صرّح صاحب الكتاب نفسه في فصل تقليم الأظفار، بأنّ اسم مؤلّفه محمد بن محمد(١) .

وقال في ترجمة صاحب مكارم الأخلاق: إنّ نسبة جامع الأخبار إليه - كما سيأتي - إن كان المراد منه النسخ المشهورة فهو سهو ظاهر، لأنّه يقول في بحث تقليم الأظفار - أعني في الفصل الرابع والستين -:

قال محمد بن محمد - مؤلّف هذا الكتاب -: قال أبي في وصيّته إليّ: قلّم أظفارك، الى آخره(٢) .

ومن الغرائب أنّ بعضهم توهّم من آخر تلك العبارة المنقولة أنّه من مؤلّفات الصدوق، وغفل عن أوّلها، فإنّ اسم الصدوق محمد بن عليّ.

وأغرب منه قول بعضهم: إنّه من مؤلّفات والد هذا الشيخ، أعني الشيخ أبا عليّ الطبرسي(٣) .

قلت: ليس الكلام المنقول في النسخة الأخرى، والموجود في النسخة الكبيرة، إنّما هو في الفصل الثامن والسبعين.

وقال أيضا في ترجمة عليّ بن أبي سعد، بعد نقل ما في المنتجب، وما ذكره أستاذه في أوّل البحار: الظاهر أنّ هذا الكتاب غير كتاب جامع الأخبار المشهور:

أمّا أوّلا: فلأنّ في أثناء ذلك الكتاب صرّح نفسه بأنّ مؤلّفه محمد بن محمد.

وأمّا ثانيا: فلما سيجيء في ترجمة شمس الدين محمد بن محمد بن حيدر الشعيري، أنّه مؤلّف ذلك الكتاب مع الخلاف في ذلك أيضا.

__________________

(١) رياض العلماء ٤: ٩٩.

(٢) جامع الأخبار: ١٤٢.

(٣) رياض العلماء ج ١: ٢٩٨.

٣٥٠

وأمّا ثالثا: فلما يظهر من مطاوي ذلك الكتاب أنّه من مؤلّفات المتأخّرين عن الشيخ منتجب الدين وأمثاله، فلاحظ. ثمّ قال: إنّ ما يظهر من كلام الأستاذ الاستناد - أنّه من مؤلّفات محمد بن محمد الشعيري - ليس بصريح، لأنّ أصل العبارة في الكتاب ليس إلاّ محمد بن محمد، وهو مشترك، ولا يختصّ بالشعيري(١) وفي كلامه تشويش لا يخفى.

ومنهم: العالم الجليل جعفر بن محمد الدوريستي، نقله الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي في رسالة الرجعة، عن المجلسي، وعن بعض مشايخه.

والنقل الأوّل غريب لأنّه قال في البحار: ويظهر من بعض مواضع الكتاب أنّ اسم مؤلّفه محمد بن محمد الشعيري، ومن بعضها أنّه يروي عن الشيخ جعفر بن محمد الدوريستي بواسطة، انتهى(٢) .

وهو كما ذكره، ويظهر ضعف هذه النسبة بما تقدّم، إذ جعفر بن محمد من تلامذة المفيد، والحمصي متأخّر عنه جدّا.

ومنهم: الحسن بن محمد السبزواري، قال الشيخ المتقدّم: قال بعض المشايخ: وقفت على نسخة صحيحة عتيقة جدّا، في دار السلطنة أصفهان، وفيها تمّ الكتاب على يد مصنّفه الحسن بن محمد السبزواري.

ومنهم: الشيخ المفسّر أمين الدين أبو علي الفضل بن الحسن بن أبي الفضل الطبرسي، نقله صاحب الرياض عن بعضهم كما عرفت(٣) ، واستغربه، وهو في محلّه.

ومنهم: ولده أبو نصر الحسن - صاحب مكارم الأخلاق - نسبه إليه من غير تردّد الشيخ محمد بن الحسن الحرّ العاملي، في كتاب « إيقاظ الهجعة في إثبات الرجعة » كما رأيته بخطّه الشريف، مع أنّه كان عنده من الكتب

__________________

(١) رياض العلماء ٣: ٣٣٣.

(٢) بحار الأنوار ١: ١٤.

(٣) رياض العلماء ١: ٢٩٨.

٣٥١

المجهولة، ولذا لم ينقل عنه في الوسائل.

وقال في ترجمته في أمل الآمل: وينسب إليه أيضا كتاب جامع الأخبار، وربّما ينسب الى محمد بن محمد الشعيري، لكن بين النسختين تفاوت(١) . ولم أقف على مستنده في الجزم بالنسبة في الإيقاظ.

وقال في البحار: وقد يظنّ كونه تأليف مؤلّف مكارم الأخلاق(٢) . وممّن نسبه إليه السيّد الأجلّ بحر العلوم، على ما وجدته بخطّه الشريف في فهرست كتبه.

قلت: في النسختين في فصل فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام : حدّثنا الحاكم الرئيس الإمام، مجد الحكّام أبو منصور عليّ بن عبد الواحد الزيادي - أدام الله جلاله وجماله، إملاء في داره يوم الأحد، الثاني من شهر الله الأعظم رمضان سنة ثمان وخمسمائة - قال: حدّثنا الشيخ الإمام أبو عبد الله جعفر بن محمد الدوريستي - إملاء - أورد القصّة مجتازا في أواخر ذي الحجّة، سنة أربع وسبعين وأربعمائة، الى آخره(٣) .

ووفاة أمين الإسلام الفضل، والد صاحب المكارم في سنة ثمانية وأربعين، أو اثنتين وخمسين بعد خمسمائة، فصاحب الجامع تلائم طبقته طبقة الوالد لا الولد، إلاّ على تكلّف، مع أنّه ألّفه بعد مضي خمسين من عمره ولم ينقل فيه عن والده شيئا، ومع اتفاق المكارم وحسن ترتيبه بخلافه، فربّما يستبعد من جميع ذلك كونه له.

والذي يهوّن الخطب قلّة ما فيه من الأخبار المحتاجة إلى النظر في أسانيدها، مع أنّ المعلوم من جميع ما مرّ كونه من مؤلّفات علماء المائة الخامسة، الداخلة في عموم من زكّاهم الشهيد -رحمه‌الله - في درايته(٤) والله العالم.

__________________

(١) أمل الآمل ٢: ٧٥ / ٢٠٣.

(٢) بحار الأنوار ١: ١٤.

(٣) جامع الأخبار: ١١.

(٤) الرعاية: ١٩٢، ١٩٣.

٣٥٢

٥٢ - كتاب الشهاب:

للقاضي أبي عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر بن علي بن حكمون المغربي القضاعي، المحدّث المعروف، والمعاصر للشيخ الطوسيرحمه‌الله وأضرابه، المتوفى سنة أربع وخمسين وأربعمائة، وهو مقصور على الكلمات الوجيزة النبويّة.

قال في أوّله بعد الحمد: فإنّ في الألفاظ النبويّة، والآداب الشرعيّة جلاء لقلوب العارفين، وشفاء لأدواء الخائفين، لصدورها عن المؤيّد بالعصمة، المخصوص بالبيان والحكمة، الذي يدعو إلى الهدي، ويبصّر من العمى، ولا ينطق عن الهوى،صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أفضل ما صلّى على أحد من عباده الذين اصطفى، وقد جمعت في كتابي هذا ممّا سمعت من حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ألف كلمة من الحكمة، في الوصايا، والآداب، والمواعظ، والأمثال، قد سلمت من التكلّف مبانيها، وبعدت عن التعسّف معانيها، وبانت بالتأييد عن فصاحة الفصحاء، وتميّزت بهدي النّبوة عن بلاغة البلغاء، وجعلتها مسرورة يتلو بعضها بعضا، محذوفة الأسانيد، مبوّبة أبوابا على حسب تقارب الألفاظ، ليقرب تناولها، ويسهل حفظها، ثمّ زدتها مائتي كلمة، وختمت الكتاب بأدعية مرويّة عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأفردت الأسانيد جميعها كتابا يرجع في معرفتها إليه، انتهى.

وهذا الكتاب صار مطبوعا شائعا بين الخاصّة والعامّة، وقد شرحه جماعة من علماء الفريقين.

فمن الخاصّة: العالم الجليل السيّد ضياء الدين فضل الله بن عليّ بن عبيد الله الحسني الراوندي، سمّاه « ضوء الشهاب في شرح الشهاب » ينقل عنه في البحار كثيرا.

٣٥٣

ومنهم: أفضل الدين الشيخ حسن بن عليّ بن أحمد الماهابادي، قال منتجب الدين: إنّه علم في الأدب، فقيه، وعدّ من كتبه « شرح الشهاب »(١) .

ومنهم: برهان الدين أبو الحارث محمد بن أبي الخير عليّ بن أبي سليمان ظفر الحمداني، عدّ في المنتجب من كتبه « شرح الشهاب »(٢) .

ومنهم: قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي، عدّ في المنتجب من كتبه « ضياء الشهاب في شرح الشهاب »(٣) .

ومنهم: الشيخ أبو الفتوح الحسين بن عليّ بن محمد الخزاعي، عدّ في المنتجب من كتبه « روح الأحباب وروح الألباب في شرح الشهاب »(٤) وكذا ابن شهرآشوب في معالم العلماء(٥) . وغير هؤلاء الأعلام ممّا يجده المتتبّع.

وأمّا من العامّة: ففي كشف الظنون: لخّصه الشيخ نجم الدين الغيطي محمد بن أحمد الاسكندري، المتوفّى سنة أربع وثمانين وتسعمائة، وأصلحه الامام حسن بن محمد الصغاني، وسمّاه « كشف الحجاب عن أحاديث الشهاب » وضع علامة للصحيح، والضعيف، والمرسل، ورتّبه على الأبواب كالمشارق، وقد أوصى ابن الأثير في « المثل السائر » بمطالعته للكاتب الفقيه، وله ضوء الشهاب.

وشرحه أبو المظفّر محمد بن أسعد - المعروف بابن الحكيم الحنفي - المتوفّى سنة سبع وستّين وخمسمائة.

وشرحه الشيخ عبد الرؤوف المناوي شرحا ممزوجا، وسمّاه « رفع النقاب عن كتاب الشهاب » لكنّ الأميني الشامي قال في ترجمته: ورتّب كتاب

__________________

(١) فهرست منتجب الدين: ٥٠ / ٩٣.

(٢) فهرست منتجب الدين: ١٦١ / ٣٧٨.

(٣) فهرست منتجب الدين: ٨٧ / ١٨٦.

(٤) فهرست منتجب الدين: ٤٥ / ٧٨.

(٥) معالم العلماء: ١٤١ / ٩٨٧.

٣٥٤

الشهاب للقضاعي وشرحه، وسمّاه « إمعان الطلاّب بشرح ترتيب الشهاب » وله ترتيب أحاديثه على ترتيب « جامع الصغير » ورموزه.

ومن شروحه « حلّ الشهاب » وشرحه بعضهم أوّله: الحمد لله الذي جعل سنّة نبيّه مشكاة لاقتباس أنوار الرشد والهدى، الى آخره.

وشرحه ابن وحشي محمد بن الحسين الموصلي.

واختصر هذا الشرح الشيخ إبراهيم بن عبد الرحمن الوادياشي، المتوفّى سنة سبعين وخمسمائة.

وشرحه الأستاذ أبو القاسم بن إبراهيم الورّاق العابي شرحا بالقول.

ورتّبه السيوطي كترتيب الجامع الصغير له، وسمّاه « إسعاف الطلاّب بترتيب الشهاب » انتهى. وصرّح في أوّل كلامه بشافعيّة القاضي(١) .

وقال في البحار: كتاب الشهاب، وإن كان من مؤلّفات المخالفين، لكنّ أكثر فقراته مذكورة في الخطب والأخبار المرويّة من طرقنا، ولذا اعتمد عليه علماؤنا، وتصدّوا لشرحه.

وقال الشيخ منتجب الدين: السيّد فخر الدين شميلة بن محمد بن هاشم الحسيني، عالم صالح، روى لنا كتاب الشهاب للقاضي أبي عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي، عنه(٢) .

هذا وربّما يستأنس لتشيّعه بأمور:

منها: توغّل الأصحاب على كتابه، والاعتناء به، والاعتماد عليه، وهذا غير معهود منهم بالنسبة إلى كتبهم الدينيّة، كما لا يخفى على المطّلع بسيرتهم.

ومنها: إنّه قال في خطبة الكتاب بعد ذكر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

__________________

(١) كشف الظنون ٢: ١٠٦٧، ١٠٦٨.

(٢) بحار الأنوار ١: ٤٢.

٣٥٥

أذهب الله عنهم الرجس، وطهّرهم تطهيرا(١) . ولم يعطف عليهم الأزواج والصحابة، وهذا بعيد عن طريقة مؤلّفي العامّة غايته.

ومنها: إنّه ليس في تمام هذا الكتاب من الأخبار الموضوعة في مدح الخلفاء، سيّما الشيخين، والصحابة، خبر واحد مع كثرتها، وحرصهم في نشرها ودرجها في كتبهم بأدنى مناسبة، مع أنّه روى فيه قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح، من ركب فيها نجا، ومن تخلّف عنها غرق »(٢) .

ومنها: إنّ جلّ ما فيه من الأخبار موجود في أصول الأصحاب ومجاميعهم، كما أشار إليه المجلسي أيضا(٣) ، وليس في باقيه ما ينكر ويستغرب، وما وجدنا في كتب العامّة له نظيرا ومشابها.

وبالجملة: فهذا الكتاب في نظري القاصر في غاية الاعتبار، وإن كان مؤلّفه في الظاهر - أو واقعا - غير معدود من الأخيار.

وقال ابن شهرآشوب في معالم العلماء: القاضي أبو عبد الله محمد بن سلام القضاعي، عامّي، له « دستور الحكم في مأثور معالم الكلم » وهو مجموع من كلام أمير المؤمنينعليه‌السلام (٤) وفيه أيضا تأييد لما قلنا.

وقال العلاّمة في الإجازة الكبيرة لبني زهرة: ومن ذلك جميع كتاب الشهاب للقاضي أبي عبد الله محمد بن سلامة القضاعي المغربي، وباقي مصنّفاته ورواياته عنّي، عن والدي -رحمه‌الله - عن السيّد فخار بن معد الموسوي، عن القاضي ابن الميداني، عن القاسم بن الحسين، عن القاضي

__________________

(١) شهاب الأخبار، المقدمة: ه‍.

(٢) شهاب الاخبار ( شرح الشهاب ): ١٥٦ / ٨٤٩.

(٣) بحار الأنوار ١: ٤٢.

(٤) معالم العلماء: ١١٨ / ٧٨٧.

٣٥٦

أبي عبد الله المصنف(١) .

هذا ولعلّ من يقف على بعض شروحه التي أشرنا إليها، يجد لاعتباره قرائن خفيت علينا.

__________________

(١) بحار الأنوار ١٠٧: ٧٨.

٣٥٧

٥٣ - كتاب المزار:

قال في البحار: كتاب كبير في الزيارات، تأليف محمد بن المشهدي، كما يظهر من تأليفات السيّد ابن طاوس، واعتمد عليه ومدحه، وسمّيناه بالمزار الكبير، وقال في الفصل الآخر: والمزار الكبير يعلم من كيفيّة إسناده أنّه كتاب معتبر، وقد أخذ منه السيّدان ابنا طاوس كثيرا من الأخبار والزيارات.

وقال الشيخ منتجب الدين في الفهرست: أبو البركات محمد بن إسماعيل المشهدي، فقيه، محدّث، ثقة، قرأ على الإمام محيي الدين الحسين ابن المظفّر الحمداني، [ وقال في ترجمة الحمداني: ] أخبرنا بكتبه السيّد أبو البركات المشهدي، انتهى(١) .

ومراده من ابني طاوس: السيّد رضيّ الدين عليّ في مزاره، والسيّد عبد الكريم في فرحة الغري.

وما استظهره من أنّه الذي ذكره في المنتجب كأنّه في غير محلّه، فإنّ المذكور في المنتجب هو السيّد ناصح الدين أبو البركات، الذي ينقل عنه أبو نصر الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق بهذا العنوان: من مسموعات السيّد الإمام ناصح الدين أبي البركات المشهدي(٢) .

وكذا ولده عليّ في كتاب مشكاة الأنوار كثيرا، تارة بهذا العنوان: من مجموع السيّد ناصح الدين أبي البركات، واخرى: من كتاب السيّد ناصح الدين أبي البركات، وثالثة: من كتاب السيّد الإمام ناصح الدين أبي البركات(٣) .

__________________

(١) بحار الأنوار ١: ١٨، ٣٥. وانظر فهرست منتجب الدين: ١٦٣ / ٣٨٧ و ٤٣ / ٧٣.

(٢) مكارم الأخلاق: ٢٨١.

(٣) مشكاة الأنوار: ٢٤، ١٧٤، ٢٠٠، ٢٢٨.

٣٥٨

وقال القطب الراوندي في الخرائج: أخبرنا السيّد أبو البركات محمد بن إسماعيل المشهدي، عن الشيخ جعفر الدوريستي، عن المفيد(١) .

وبالجملة: فهو مذكور في كتب الأصحاب بكنية أبي البركات، ولقبه ناصح الدين، وبالإمامة والسيادة معروف بها لا بعنوان المشهدي، بخلاف صاحب المزار فإنّه معروف به لا غير.

ففي فرحة الغري: وذكر محمد بن المشهدي في مزاره، أنّ الصادقعليه‌السلام علّم محمد بن مسلم الثقفي هذه الزيارة - الى أن قال -: وقال ابن المشهدي أيضا ما صورته. الى آخره(٢) .

وصاحب الرياض ذكر السيّد المذكور تارة بعنوان السيّد ناصح الدين أبو البركات المشهدي، واخرى بعنوان السيّد أبو البركات المشهدي، وحكم باتّحادهما، بل واتّحادهما مع السيّد أبي البركات العلوي، الذي نقل صاحب تبصرة العوام قصّة مناظرته في الإمامة مع أبي بكر بن إسحاق الكرامي(٣) ، ومع ذلك لم يحتمل كونه صاحب المزار، وهو من الكتب المعروفة.

وكذا صاحب المنتجب، لم يسند إليه المزار(٤) ، ولا كتابه الآخر الذي أشار إليه في آخر آداب المدينة من المزار، قال فيه: ثمّ تصلّي في مسجد المباهلة ما استطعت، وتدعو فيه بما تحبّ، وقد ذكرت الدعاء بأسره في كتابي المعروف « ببغية الطالب وإيضاح المناسك لمن هو راغب في الحجّ »، فمن أراده أخذه من هناك ففيه كفاية(٥) .

ومنه يظهر أنّه معدود في زمرة الفقهاء، كما أنّه يظهر من صدر كتابه

__________________

(١) الخرائج والجرائح ٢: ٧٩٧ / ٧.

(٢) فرحة الغري: ٩٣ - ٩٤.

(٣) رياض العلماء ٥: ٤٢٣، وانظر: تبصرة العوام: ٧٠.

(٤) فهرست منتجب الدين: ١٦٣ / ٣٨٧.

(٥) المزار الكبير: ١١٩.

٣٥٩

الاعتماد على كلّ ما أودعه فيه، وإنّ ما فيه من الزيارات كلّها مأثورة، وإن لم يستند بعضها إليهمعليهم‌السلام في محلّه.

قال بعد الخطبة: فإني قد جمعت في كتابي هذا من فنون الزيارات للمشاهد، وما ورد في الترغيب في المساجد المباركات، والأدعية المختارات، وما يدعى به عقيب الصلوات، وما يناجي به القديم تعالى، من لذيذ الدعوات في الخلوات، وما يلجأ إليه من الأدعية عند المهمّات، ممّا اتّصلت به من ثقات الرواة إلى السادات، وحثّني الى ذلك أيضا. إلى آخره(١) .

والذي أعتقده أنّه من مؤلّفات محمد بن جعفر المشهدي، وهو بعينه محمد بن جعفر الحائري، وإن جعل في أمل الآمل له عنوانين، وظنّه اثنين، قال فيه: الشيخ محمد بن جعفر الحائري فاضل جليل، له كتاب « ما اتّفق من الأخبار في فضل الأئمّة الأطهار،عليهم‌السلام » - الى أن قال - الشيخ محمد ابن جعفر المشهدي كان فاضلا محدّثا، صدوقا، له كتب، يروي عن شاذان ابن جبرائيل القمّي، انتهى(٢) .

والذي يبيّن ما ادّعيناه أنّا عثرنا على مزار قديم، يظهر من بعض أسانيده أنّه في طبقته، وطبقة الشيخ الطبرسي صاحب الاحتجاج، والنسخة عتيقة، يظنّ أنّه كتبت في عصر مؤلّفه، وفيه فوائد حسنة جميلة(٣) ، ويظهر منه غاية

__________________

(١) المزار الكبير: ٣.

(٢) أمل الآمل ٢: ٢٥٢ / ٢٥٣ / ٧٤٤، ٧٤٧.

(٣) منها: أنّ أعمال مسجد الكوفة، والأدعية المخصوصة بمقاماتها الشريفة - الموجودة في كتب المزار من غير نسبتها الى المعصومعليه‌السلام - مروية وليست من مؤلفات الأصحاب كما احتمله المجلسيرحمه‌الله ، ولذا لم يوردها في كتاب التحفة الذي لم يجمع فيه إلاّ ما نسب إليهمعليهم‌السلام ، فإنّه من أول الكتاب ساق أعمال المقامات على الترتيب المعهود، وذكر لكلّ مقام دعاء طويلا، وبعد الفراغ منها قال: أعمال الكوفة برواية أخرى، ثم ساق الأعمال المعروفة، فيظهر أنّ كليهما مرويان.

ومنها: ان السيد علي بن طاوس ذكر في مصباح الزائر [١٦٤] في زيارات أبي عبد الله

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392