عين الحياة

عين الحياة0%

عين الحياة مؤلف:
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 470

عين الحياة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
تصنيف:

الصفحات: 470
المشاهدات: 77771
تحميل: 9133

توضيحات:

عين الحياة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 470 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 77771 / تحميل: 9133
الحجم الحجم الحجم
عين الحياة

عين الحياة

مؤلف:
العربية

وروي بسند معتبر عنهعليه‌السلام قال : من قرأ إذا أوى إلى فراشه( قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد ) كتب الله عزّوجلّ له براءة من الشرك(١) .

وروي بسند معتبر عن أمير المؤمنينعليه‌السلام انّه قال : صلّى بنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صلاة السفر ، فقرأ في الأولى( قل يا أيها الكافرون ) وفي الأخرى( قل هو الله أحد ) ثم قال : قرأت لكم ثلث القرآن وربعه(٢) .

وروي بسند صحيح عن أبي عبداللهعليه‌السلام انّه قال : لا تدع أن تقرأ بقل هو الله أحد ، وقل يا أيها الكافرون في سبع مواطن : في الركعتين قبل الفجر ، وركعتي الزوال ، وركعتين بعد المغرب ، وركعتين من أوّل صلاة الليل ، وركعتي الاحرام ، والفجر إذا أصبحت بها ، وركعتي الطواف.

وفي رواية أخرى انّه يبدأ في هذا كله بقل هو الله أحد [ وفي الركعة الثانية بقل يا أيها الكافرون ] الاّ في الركعتين قبل الفجر ، فانّه يبدأ بقل يا أيها الكافرون [ ثم يقرأ في الركعة الثانية بقل هو الله أحد ](٣) .

« سورة النصر » :

روي عن أبي عبداللهعليه‌السلام انّه قال : من قرا( إذا جاء نصر الله والفتح ) في نافلة أو فريضة نصره الله على جميع أعدائه ، وجاء يوم القيامة ومعه كتاب ينطق ، قد أخرجه الله من جوف قبره ، فيه أمان من جسر جهنّم ومن النار ، ومن زفير جهنّم.

فلا يمرّ على شيء يوم القيامة الاّ بشّره وأخبره بكلّ خير حتى يدخل الجنة ،

____________

١ ـ الكافي ٢ : ٦٢٦ ح ٢٣ باب فضل القرآن ـ الوسائل ٤ : ٨٧١ ح ٢ باب ٣٤.

٢ ـ البحار ٩٢ : ٣٣٩ ح ٢ باب ١٢١ ـ عن عيون أخبار الرضاعليه‌السلام .

٣ ـ الكافي ٣ : ٣١٦ ح ٢٢ باب قراءة القرآن ـ الوسائل ٤ : ٧٥١ ح ١ و ٢ باب ١٥.

٢٤١

ويفتح له في الدنيا من أسباب الخير ما لم يتمنّ ، ولم يخطر على قلبه(١) .

« سورة اللهب » :

روي عن أبي عبداللهعليه‌السلام انّه قال : قال إذا قرأتم( تبت يدا أبي لهب وتب ) فادعوا على أبي لهب فانّه كان من المكذّبين الذين يكذّبون بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وبما جاء به من عند الله عزّوجلّ(٢) .

« سورة الاخلاص » :

روي عن أبي جعفرعليه‌السلام (٣) انّه قال : من قرأ قل هو الله أحد مرّة بورك عليه ، ومن قرأها مرّتين بورك عليه وعلى أهله ، ومن قرأها ثلاث مرّات بورك عليه وعلى أهله وعلى جيرانه ، ومن قرأها اثني عشر مرّة بنى الله له اثني عشر قصراً في الجنّة ، فيقول الحفظة : اذهبوا بنا إلى قصور أخينا فلان فننظر إليها.

ومن قرأها مائة مرة غفرت له ذنوب خمسة وعشرين سنة ما خلا الدماء والأموال ، ومن قرأها أربعمائة مرة كان له أجر أربعمائة شهيد كلّهم قد عقر جواده وأُريق دمه ، ومن قرأها ألف مرّة في يوم وليلة لم يمت حتى يرى مقعده في الجنّة أو يُرى له(٤) .

وروي بسند معتبر آخر عنهعليه‌السلام انّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله صلّى على سعد بن معاذ ، فقال : لقد وافى من الملائكة سبعون ألفاً وفيهم جبرئيل يصلّون عليه ، فقلت له : يا جبرئيل بما يستحقّ صلاتكم عليه؟ فقال : بقراءته قل هو أحد قائماً

__________________

١ ـ البحار ٩٢ : ٣٤٣ ح ١ باب ١٢٢ ـ عن ثواب الأعمال.

٢ ـ البحار ٩٢ : ٣٤٣ ح ١ باب ١٢٣ ـ عن ثواب الأعمال.

٣ ـ لقد رواها المؤلّفرحمه‌الله عن أبي عبداللهعليه‌السلام ولم نجدها الاّ بالاسناد المذكور في المتن.

٤ ـ الكافي ٢ : ٦١٩ ح ١ باب فضل القرآن ـ الوسائل ٤ : ٨٦٦ ح ١ باب ٣١.

٢٤٢

وقاعداً وراكباً وماشياً وذاهباً وجائياً(١) .

وروي بسند معتبر عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله انّه قال : من قرأ( قل هو الله أحد ) مائة مرّة حين يأخذ مضجعه غفر الله له ذنوب خمسين سنة(٢) .

وروي بسند معتبر عن أبي عبداللهعليه‌السلام انّه قال : احتجز من الناس كلّهم بقل هو الله أحد ، اقرأها عن يمينك وعن شمالك ، ومن بين يديك ، ومن خلفك ، ومن فوقك ، ومن تحتك ، فاذا دخلت على سلطان جائر فاقرأها حين تنظر إليه ثلاث مرّات ، واعقد بيدك اليسرى ، ثم لا تفارقها حتى تخرج من عنده(٣) .

وروي عن أبي عبداللهعليه‌السلام انّه قال : من مضى به يوم واحد فصلّى فيه خمس صلوات ولم يقرأ فيها بقل هو الله أحد ، قيل له : يا عبدالله لست من المصلّين(٤) .

وروي عنهعليه‌السلام أيضاً بسند آخر انّه قال : من مضت له جمعة ولم يقرأ فيها بقل هو الله أحد ثم مات ، مات على دين أبي لهب(٥) .

وقالعليه‌السلام : من أصابه مرض أو شدّة فلم يقرأ في مرضه أو في شدّته بقل هو الله أحد ، ثم مات في مرضه أو في تلك الشدة التي نزلت به ، فهو من أهل النار(٦) .

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ٦٢٢ ح ١٣ باب فضل القرآن ـ الوسائل ٤ : ٨٧٦ ح ٢ باب ٣١.

٢ ـ الكافي ٢ : ٦٢٠ ح ٤ باب فضل القرآن ـ الوسائل ٤ : ٨٧٠ ح ٢ باب ٣٣.

٣ ـ الكافي ٢ : ٦٢٤ ح ٢٠ باب فضل القرآن ـ الوسائل ٤ : ٨٦٧ ح ٤ باب ٣١.

٤ ـ البحار ٩٢ : ٣٤٤ ح ١ باب ١٢٤ ـ عن ثواب الأعمال.

٥ ـ البحار ٩٢ : ٣٤٤ ح ٢ باب ١٢٤ ـ عن ثوب الأعمال ـ الوسائل ٤ : ٨٦٨ ح ٦ باب ٣١.

٦ ـ البحار ٩٢ : ٣٤٥ ح ٣ باب ١٢٤ ـ عن ثواب الأعمال ـ الوسائل ٤ : ٨٦٨ ح ٧ باب ٣١.

٢٤٣

وقالعليه‌السلام : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع أن يقرأ في دبر الفريضة بقل هو الله أحد ، فانّه من قرأها جمع الله له خير الدنيا والآخرة ، وغفر الله له ولوالديه وما ولدا(١) .

وروي بسند معتبر عن أبي عبداللهعليه‌السلام انّه قال : من قرأ( قل هو الله أحد ) إحدى عشر مرّة في دبر الفجر ، لم يتبعه في ذلك اليوم ذنب ، وان رغم أنف الشيطان(٢) .

وروي بسند معتبر عن أبي عبداللهعليه‌السلام انّه قال : [ من أوى إلى فراشه فقرأ( قل هو الله أحد ) إحدى عشر مرّة ] حفظه الله في داره ودويرات حوله(٣) .

وروي بسند معتبر عن أمير المؤمنينعليه‌السلام انّه قال : من قرأ( قل هو الله أحد ) حين يأخذ مضجعه وكلّ الله به خمسين ألف ملك يحرسونه ليلته(٤) .

وروي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام انّه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من قرأ( قل هو الله أحد ) حين يأخذ مضجعه غفر الله له ذنوب خمسين سنة(٥) .

وروي بسند معتبر عن أبي عبداللهعليه‌السلام انّه قال : من قرأ( قل هو الله أحد ) مرّة واحدة ، فكأنّما قرأ ثلث القرآن ، وثلث التوراة ، وثلث الانجيل ، وثلث الزبور(٦) .

وروي عن الصادقعليه‌السلام انّ الله عزّوجلّ عوّض فاطمةعليها‌السلام من فدك

__________________

١ ـ البحار ٩٢ : ٣٤٥ ح ٤ باب ١٢٤ ـ عن ثواب الأعمال.

٢ ـ البحار ٩٢ : ٣٤٩ ح ١٥ باب ١٢٤ ـ عن ثواب الأعمال.

٣ ـ البحار ٩٢ : ٣٤٩ ح ١٤ باب ١٢٤ ـ عن ثواب الأعمال ـ الوسائل ٤ : ٨٧١ ح ٣ باب ٣٣.

٤ ـ البحار ٩٢ : ٣٥١ ضمن حديث ٢٢ ـ عن عدة الداعي.

٥ ـ أمالي الصدوق : ٢١ ح ٣ مجلس ٤ ـ عنه البحار ٩٢ : ٣٤٨ ح ١٣ باب ١٢٤.

٦ ـ التوحيد للصدوق : ٩٥ ح ١٥ باب ٤ في تفسيرقل هو الله أحد ـ عنه البحار ٩٢ : ٣٤٨ ح ١١ باب ١٢٤.

٢٤٤

طاعة الحمّى لها ، فأيّما رجل أحبّها وأحبّ ولدها فأصابته الحمى فقرأ ألف مرّة( قل هو الله أحد ) ثم سأل بحق فاطمةعليها‌السلام زالت عنه الحمى باذن الله تعالى(١) .

وقال علي الرضاعليه‌السلام : إذا أصاب أحدكم الصداع أو غير ذلك ، فبسط يديه وقرأ فاتحة الكتاب ، وقل هو الله أحد ، والمعوذتين ، ومسح بهما وجهه يذهب عنه ما يجده(٢) .

« سورة المعوذتين » :

روى بسند معتبر عن أبي عبداللهعليه‌السلام انّه قال : كان سبب نزول المعوذتين انّه وعك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فنزل عليه جبرئيل بهاتين السورتين ، فعوّذه بهما(٣) .

وروي بسنتد معتبر عن صابر [ مولى بسّام ] قال : أمّنا أبو عبداللهعليه‌السلام في صلاة المغرب ، فقرأ المعوذتين ثم قال : هما من القرآن(٤) .

وروي بسند معتبر عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام انّه قال : ما من أحد في حدّ الصبى يتعهّد في كلّ ليلة قراءة قل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس ، كلّ واحدة ثلاث مرّات ، وقل هو الله أحد مائة مرّة ، فإن لم يقدر فخمسين الاّ صرف الله عزّوجلّ عنه كلّ لمم أو عرض من أعراض الصبيان والعطاش ، وفساد المعدة ، وبدور الدم أبداً ما تعوهد بهذا حتى يبلغه الشيب(٥) .

__________________

١ ـ مكارم الاخلاق : ٣٦٦.

٢ ـ مكارم الاخلاق : ٣٦٥.

٣ ـ البحار ٩٢ : ٣٦٣ ح ١ باب ١٢٥ ـ عن تفسير القمي.

٤ ـ الوسائل ٤ : ٧٨٦ ح ٢ باب ٤٧.

٥ ـ الكافي ٢ : ٦٢٣ ح ١٧ باب فضل القرآن.

٢٤٥

وروي عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام انّه قال : من أوتر بالمعوذتين وقل هو الله أحد قيل له : يا عبدالله أبشر فقد قبل الله وترك(١) .

وروي بسند صحيح عن أبي عبداللهعليه‌السلام انّه قال : من قال بعد الجمعة الحمد مرّة ، وقل هو الله أحد سبعاً ، وقل أعوذ برب الفلق سبعاً ، وقل أعود برب الناس سبعاً ، وآية الكرسي وآية السخرة ، وآخر قوله( لَقَد جَاءَكُم رَسُولٌ مِن اَنفُسِكُم ...) (٢) إلى آخرها ، كانت كفّارة ما بين الجمعة إلى الجمعة(٣) .

وروي عن معمر بن خلاّد انّه قال : كنت مع الرضاعليه‌السلام بخراسان على نفقاته ، فأمرني ان أتخذ له غالية ، فلمّا اتخذتها فأعجب بها فنظر إليها فقال لي : يا معمر انّ العين حق ، فاكتب في رقعة « الحمد لله ، وقل هو الله أحد ، والمعوذتين ، وآية الكرسي » واجعلها في غلاف القارورة.

وروي عن أبي عبداللهعليه‌السلام انّه قال : العين حق وليس تأمنها منك على نفسك ، ولا منك على غيرك ، فاذا خفت شيئاً من ذلك فقل : « ما شاء الله لا قوّة الاّ بالله العلي العظيم » ثلاثاً.

وقالعليه‌السلام : إذا تهيّأ أحدكم تهيئة تعجبه فليقرأ حين يخرج من منزله المعوذتين ، فانّه لا يضرّه شيء باذن الله تعالى(٤) .

وروي عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام انّه قال : من أصابه فزع عند منامه فليقرأ إذا اوى إلى فراشه المعوذتين وآية الكرسي(٥) .

__________________

١ ـ البحار ٩٢ : ٣٦٤ ح ٣ باب ١٢٥ ـ عن ثواب الأعمال.

٢ ـ التوبة : ١٢٨.

٣ ـ الوسائل ٥ : ٧٩ ح ١ باب ٤٨.

٤ ـ البحار ٩٥ : ١٢٨ ح ٩ باب ٩٦ ـ عن مكارم الاخلاق : ٣٨٦.

٥ ـ البحار ٧٦ : ١٩٥ ضمن حديث ١٢.

٢٤٦

( الينبوع الثالث )

في بيان مجمل من أحوال السلاطين والأُمراء ومعاشرتهم

وذكر عدلهم وجورهم

وفيه جداول :

( الجدول الأوّل )

في عدلهم وجورهم

اعلم انّ عدل الملوك والأمراء من أعظم مصالح الناس ، وانّ عدلهم وصلاحهم يوجب صلاح جميع العباد وعمارة البلاد ، وانّ فسقهم وفجورهم يورث اختلاف النظام وميل أكثر الناس إلى أفعالهم ، كما روي بسند معتبر عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله انّه قال : صنفان من أمتي إذا صلحا صلحت أمتي ، وإذا فسدا فسدت أمتي ، قيل : يا رسول الله ومن هما؟ قال : الفقهاء والأمراء(١) .

وروي بسند أخر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : رجلان لا تنالهما ، صاحب سلطان عسوف خشوم وغال في الدين مارق(٢) .

وروي عن أبي عبداللهعليه‌السلام انّه قال : انّي لأرجو النجاة لهذه الامة لمن عرف حقّنا منهم الاّ لأحد ثلاثة ، صاحب سلطان جائر ، وصاحب هوى ، والفاسق المعلن(٣) .

__________________

١ ـ الخصال : ٣٦ ح ١٢ باب ٢ ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٣٦ ح ١ باب ٨١.

٢ ـ الخصال : ٦٣ ح ٩٣ باب ٢ ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٣٦ ح ٣ باب ٨١.

٣ ـ الخصال : ١١٩ ح ١٠٧ باب ٣ ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٣٧ ح ٦ باب ٨١.

٢٤٧

وروي بسند معتبر عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله انّه قال : تكلّم النار يوم القيامة ثلاثة ، أميراً وقارئاً وذا ثروة من المال ، فتقول للأمير : يا من وهب الله له سلطاناً فلم يعدل ، فتزدرده كما يزدرد الطير حبّ السمسم.

وتقول للقارىء : يا من تزيّن للناس وبارز الله بالمعاصي فتزدرده ، وتقول للغني :
يا من وهب الله له دنيا كثيرة واسعة فيضاً وسأله الفقير اليسير قرضا فأبى الاّ بخلاً ، فتزدرده(١) .

وروي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام انّه قال : احذروا على دينكم رجلاً آتاه الله عزّوجلّ سلطاناً فزعم انّ طاعته طاعة الله ، ومعصيته معصية الله ، وكذب لأنّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، لا ينبغي للمخلوق أن يكون حبّه لمعصية الله ، فلا طاعة في معصية ، ولا طاعة لمن عصى الله.

انّما الطاعة لله ولرسوله ولولاة الأمر ، وانّما أمر الله عزّوجلّ بطاعة الرسول لأنّه معصوم مطهّر لا يأمر بمعصيته ، وانّما أمر بطاعة أولي الأمر لأنّهم معصومون مطهّرون لا يأمرون بمعصيته(٢) .

وروي عنهعليه‌السلام قال : انّ في جهنّم رحى تطحن ، أفلا تسألوني ما طحنها؟ فقيل له : فما طحنها يا أمير المؤمنين؟ قال : العلماء الفجرة ، والقرّاء الفسقة ، والجبابرة الظلمة ، والوزراء الخونة ، والعرفاء الكذبة(٣) .

وقالعليه‌السلام : انّ الله يعذّب ستة بستة ، العرب بالعصبية ، والدّهاقنة بالكبر ،

__________________

١ ـ الخصال : ١١١ ح ٨٤ باب ٣ ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٣٧ ح ٧ باب ٨١.

٢ ـ الخصال : ١٣٩ ح ١٥٨ باب ٣ ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٣٧ ح ٨ باب ٨١.

٣ ـ الخصال : ٢٩٦ ح ٦٥ باب ٥ ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٣٨ ح ١٤ باب ٨١.

٢٤٨

والأمراء بالجور ، والفقهاء بالحسد ، والتجار بالخيانة ، وأهل الرستاق بالجهل(١) .

وروي بأسانيد معتبرة انّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : انّي لعنت سبعة لعنهم الله وكلّ نبيّ مجاب قبلي ، فقيل : ومن هم؟

فقال : الزائد في كتاب الله ، والمكذّب بقدر الله ، والمخالف لسنّتي ، والمستحلّ من عترتي ما حرّم الله ، والمتسلّط بالجبريّة ليعزّ من أذل الله ، ويذلّ من أعزّ الله ، والمستأثر على المسلمين بفيئهم مستحلاً له ، والمحرّم ما أحلّ الله عزّوجلّ(٢) .

وروي بسند معتبر عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنه قال : أول من يدخل النار أمير متسلط لم يعدل ، وذو ثروة من المال لم يعطي المال حقه ، وفقير فخور(٣) .

وروي بسند معتبر عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام انّه قال : إذا كذب الولاة حُبس المطر ، وإذا جار السلطان هانت الدولة ، واذا حُبست الزكاة ماتت المواشي(٤) .

وروي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله انّه قال : لا يؤمّر رجل على عشرة فما فوقهم الاّ جيء به يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه ، فإن كان محسناً فكّ عنه ، وان كان مسيئاً زيد غلاًّ إلى غلّه(٥) .

وروي عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ألا ومن تولّى عرافة قوم حبسه الله عزّوجلّ على شفير جهنّم بكلّ يوم ألف سنة(٦) .

__________________

١ ـ الخصال : ٣٢٥ ح ١٤ باب ٦ ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٣٩ ح ١٥ باب ٨١.

٢ ـ الخصال : ٣٤٩ ح ٢٤ باب ٧ ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٣٩ ح ١٧ باب ٨١.

٣ ـ البحار ٧٥ : ٣٤١ ح ٢٢ باب ٨١ ـ عن عيون أخبار الرضاعليه‌السلام .

٤ ـ أمالي الطوسي : ٧٩ ح ٢٦ مجلس ٣ ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٤١ ح ٢٣ باب ٨١.

٥ ـ أمالي الطوسي : ٢٦٤ ح ٢٣ مجلس ١٠ ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٤١ ح ٢٤ باب ٨١.

٦ ـ البحار ٧٥ : ٣٤٣ ح ٣٤ باب ٨١ ـ عن أمالي الصدوق.

٢٤٩

وروي بسند معتبر عن [ أبي قتادة ، قال : كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام ] فدخل عليه زياد القندي ، فقال له : يا زياد وليت لهؤلاء؟ قال : نعم يا ابن رسول الله ، لي مروءة وليس وراء ظهري مال ، وانّما اُواسي اخواني من عمل السلطان.

فقال : يا زياد اما إذا كنت فاعلاً ذلك ، فاذا دعتك نفسك إلى ظلم الناس عند القدرة على ذلك فاذكر قدرة الله عزّوجلّ على عقوبتك ، وذهاب ما أتيت إليهم عنهم ، وبقاء ما أتيت إلى نفسك عليك(١) .

وروي بسند معتبر عن أبي عبداللهعليه‌السلام انّه قال : انّ الله عزّوجلّ جعل لمن جعل له سلطاناً مدّة من ليالي وأيّام وسنين وشهور ، فإن عدلوا في الناس أمر الله عزّوجلّ صاحب الفلك أن يبطي بادارته ، فطالت أيامهم ولياليهم وسنوهم وشهورهم.

وان هم جاروا في الناس ولم يعدلوا أمر الله عزّوجلّ صاحب الفلك فأسرع ادارته ، وأسرع فناء لياليهم وأيامهم وسنيهم وشهورهم ، وقد وفى تبارك وتعالى لهم بعدد الليالي والأيّام والشهور(٢) .

وروي بسند معتبر انّ أمير المؤمنينعليه‌السلام قال لنوف البكالي : يا نوف اقبل وصيّتي ، لا تكوننّ نقيباً ، ولا عريفاً ، ولا عشّاراً ، ولا بريداً(٣) .

وروي بسند معتبر عن علي بن موسى الرضاعليه‌السلام انّه قال : انّ العدالة والإحسان علامة دوام النعمة(٤) .

__________________

١ ـ أمالي الطوسي : ٣٠٣ ح ٤٩ مجلس ١١ ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٤١ ح ٢٦ باب ٨١.

٢ ـ البحار ٧٥ : ٣٤٢ ح ٢٩ باب ٨١ ـ عن علل الشرائع.

٣ ـ البحار ٧٥ : ٣٤٣ ح ٣٣ باب ٨١ ـ عن أمالي الصدوق.

٤ ـ مضمون النص.

٢٥٠

وروي بسند معتبر عن أبي عبداللهعليه‌السلام انّه قال : ثلاثة هم أقرب الخلق إلى الله عزّوجلّ يوم القيامة حتى يفرغ الله من الحساب ، رجل لم تدعه قدرة في حال غضبه إلى أن يحيف على من تحت يده ، ورجل مشى بين اثنين فلم يمل مع أحدهما على الآخر بشعيرة ، ورجل قال بالحقّ فيما له وعليه(١) .

وروي بسند معتبر عنهعليه‌السلام قال : العدل أحلى من الماء يصيبه الظمآن ، ما أوسع العدل إذا عدل فيه وان قل(٢) .

وقالعليه‌السلام : العدل أحلى من الشهد ، وألين من الزبد ، وأطيب ريحاً من المسك(٣) .

وروي عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام انّه قال : [ لمّا حضرت علي بن الحسينعليهما‌السلام الوفاة ضمّني إلى صدره ثم قال : يا بنيّ أوصيك بما أوصاني به أبيعليه‌السلام حين حضرته الوفاة ، وبما ذكر انّ أباه أوصاه به ] ، فقال : يا بنيّ اياك وظلم من لا يجد عليك ناصراً الاّ الله(٤) .

وروي عن أبي عبداللهعليه‌السلام انّه قال : من أصبح لا ينوي ظلم أحد غفر الله له ما أذنب ذلك اليوم ما لم يسفك دماً ، أو يأكل مال يتيم حراماً(٥) .

وروي بأسانيد صحيحة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله انّه قال : اتقوا الظلم فانّه ظلمات يوم القيامة(٦) .

____________

١ ـ الكافي ٢ : ١٤٥ ح ٥ باب الانصاف والعدل ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٣ ح ٢٦ باب ٣٥.

٢ ـ الكافي ٢ : ١٤٦ ح ١١ باب الانصاف والعدل ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٦ ح ٣٢ باب ٣٥.

٣ ـ الكافي ٢ : ١٤٧ ح ١٥ باب الانصاف والعدل ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٩ ح ٣٧ باب ٣٥.

٤ ـ أمالي الصدوق : ١٥٤ ح ١٠ مجلس ٣٤ ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٠٨ ح ١ باب ٧٩.

٥ ـ الكافي ٢ : ٣٣١ ح ٧ باب الظلم ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٢٣ ح ٥٥ باب ٧٩.

٦ ـ الكافي ٢ : ٣٣٢ ح ١٠ باب الظلم ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٣٠ ح ٦٣ باب ٧٩.

٢٥١

وروي بسند معتبر عن أبي عبداللهعليه‌السلام انّه قال : من ارتكب أحداً بظلم بعث الله عزّوجلّ عليه من يظلمه بمثله ، أو على ولده ، أو على عقبه من بعده(١) .

وقالعليه‌السلام : انّ الله عزّوجلّ أوحى إلى نبيّ من أنبيائه في مملكة جبّار من الجبارين أن أئت هذا الجبار فقل له : انني لم أستعملك على سفك الدماء واتخاذ الأموال ، وانّما استعملتك لتكفّ عنّي أصوات المظلومين ، فانّي لم أدع ظلامتهم وان كانوا كفاراً(٢) .

وقالعليه‌السلام : أما انّ المظلوم يأخذ من دين الظالم أكثر مما يأخذ الظالم من مال المظلوم ، ثم قال : من يفعل الشر بالناس فلا ينكر الشر إذا فُعل به ، اما انه انّما يحصد ابن آم ما يزرع ، وليس يحصد أحد من المرّ حلواً ولا من الحلو مرّاً(٣) .

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد(٤) .

وروي بسند معتبر انّ رجلاً قال لأبي جعفر الباقرعليه‌السلام : انّي لم أزل والياً منذ زمن الحجاح إلى يومي هذا ، فهل لي من توبة؟ قال : فسكت ، ثم أعدت عليه ، فقال ، لا حتى تؤدّي إلى كلّ ذي حقّ حقّه(٥) .

وروي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله انّه قال : من ظلم أحداً ففاته فليستغفر الله عزّوجلّ له ، فانّه كفّارة له(٦) .

__________________

١ ـ البحار ٧٥ : ٣١٣ ح ٢٣ باب ٧٩ ـ عن ثواب الأعمال.

٢ ـ الكافي ٢ : ٣٣٣ ح ١٤ باب الظلم ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٣١ ح ٦٥ باب ٧٩.

٣ ـ الكافي ٢ : ٣٣٤ ح ٢٢ باب الظلم ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٢٨ ح ٥٨ باب ٧٩.

٤ ـ البحار ٧٥ : ٣٠٩ ح ٤ باب ٧٩ ـ عن أمالي الصدوق.

٥ ـ الكافي ٢ : ٣٣١ ح ٣ باب الظلم ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٢٩ ح ٥٩ باب ٧٩.

٦ ـ البحار : ٧٥ : ٣١٣ ح ٢٧ باب ٧٩ ـ عن ثواب الأعمال.

٢٥٢

( الجدول الثاني )

في كيفية معاشرة الحكام مع الرعايا وبيان

حقوق الرعايا عليهم

روي بسند معتبر عن علي بن الحسينعليهما‌السلام انّه قال : وأمّا حقّ رعيّتك بالسلطان فأن تعلم انّهم صاروا رعيتك لضعفهم وقوتك ، فيجب أن تعدل فيهم ، وتكون لهم كالوالد الرحيم ، وتغفر لهم جهلهم ، ولا تعاجلهم بالعقوبة ، وتشكر الله عزّوجلّ على ما آتاك من القوّة عليهم(١) .

وروي بسند معتبر عن أبي عبداللهعليه‌السلام انّه قال : من تولّى أمراً من أمور الناس ، فعدل ، وفتح بابه ، ورفع ستره ، ونظر في أمور الناس كان حقّاً على الله عزّوجلّ أن يؤمن روعته يوم القيامة ، ويدخله الجنّة(٢) . وروي بسند معتبر انّه : دخل الباقرعليه‌السلام على عمر بن عبدالعزيز فوعظه ، وكان فيما وعظه : « يا عمر افتح الأبواب وسهّل الحجاب ، وانصر المظلوم ، وردّ المظالم »(٣) .

وروي بسند معتبر عن أمير المؤميننعليه‌السلام انّه قال : أيّما وال احتجب عن حوائج الناس احتجب الله يوم القيامة عن حوائجه ، وإن أخذ هديّة كان غلولاً ، وإن أخذ رشوة فهو مشترك(٤) .

__________________

١ ـ البحار ٧٤ : ٥ ضمن حديث ١ باب ١ ـ عن الخصال. ٢ ـ أمالي الصدوق : ٢٠٣ ح ٢ مجلس ٤٣ ـ عنه البحار ٧٥ : ٣٤٠ ح ١٨ باب ٨١.

٣ ـ البحار ٧٥ : ٣٤٤ ح ٣٦ باب ٨١ ـ عن الخصال : ١٠٥ ضمن حديث ٦٤ باب ٣.

٤ ـ البحار ٧٥ : ٣٤٥ ح ٤٢ باب ٨١ ـ عن ثواب الأعمال.

٢٥٣

وروي عن أبي عبداللهعليه‌السلام انّه قال : من ولي شيئاً من أمور المسلمين فضيّعهم ضيّعه الله عزّوجلّ(١) .

الأحاديث هنا كثيرة وبما انّها لا تفيد عامّة الخلق لذا نكتفي في هذا الباب بما ذكر ، ومن أراد الاطلاع على آداب الأُمراء والحكّام فليرجع إلى رسائل وكتب أمير المؤمنينعليه‌السلام الشافية حيث كتبها إلى عمّاله وأمرائه سيّما كتابه إلى مالك الأشتر ، وسهل بن حنيف ، ومحمد بن أبي بكر.

واعلم انّ الله تعالى أعطى لكلّ أحد سلطنة كما نقل ( كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيته ) ، فيسأل يوم القيامة عن سلوكه مع رعيته ، كما سلّط الملوك على الرعايا وسلّط الأُمراء والوزراء على بعض الرعايا ، وأرباب المزارع والأموال على العمّال ، وأصحاب البيوتات والأزواج والأولاد على الغلمان والجواري والخدم.

وجعل ربّ البيت واسطة رزقهم ، وأيضاً جعل العلماء رعاة طلبة العلم ، وجعل طلبة العلم رعيتهم ، وسلّط كلّ شخص على بعض الحيوانات ، وولى كلّ شخص على قواه وأعضائه وجوارحه حيث يأمرهم بما لا يوجب العقاب يوم القيامة.

وجعل الأعمال والأخلاق والعبادات محكومة لكلّ أحد وأمر برعايتها ، اذاً لا يوجد في العالم من لم يكن له حظّ من الولاية والحكومة وفي معاشرة كلّ صنف من الأصناف عدل وجور ، وأعطي لكلّ شخص نعمة حسب ما استولى عليه ، وطلب منه الشكر على قدر تلك النعمة.

وشكر كلّ نعمة توجب المزيد والفوز ، وانّما شكرها يكون بمعاشرتها طبقاً

__________________

١ ـ البحار ٧٥ : ٣٤٥ ح ٤١ باب ٨١ ـ عن ثواب الأعمال.

٢٥٤

لما أمر الله تعالى ، ورعاية الحقوق التي جعلت لها ، فاذا ائتمر بذلك زادها الله تعالى ، وان كفر ولم يشكر سلبها الله منه ، كما انّ الملوك إذا شكر وما في قدرتهم واستيلائهم وراعوا أحوال رعيتهم وحقوقهم دام ملكهم والاّ فسرعان ما يزول ، كما قيل أنّ الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم.

وكذلك الأمر فيمن له خدم وغلمان ، فإن ظلمهم ولم يرع حقّهم فسرعان ما تزول سلطته عنهم ، وان سلك العالم مع رعيته بسوء فسرعان ما يسلب علمه ، وإن أقسط زيد في علمه ، وإن صرف الانسان أعضاءه وجوارحه في المعاصي فسرعان ما تبتلي تلك الأعضاء بالبلاء ولم ينتفع منها.

فعقاب الآخرة وثوابها انّما هما لرعاية هذه الحقوق وعدمها ، وإذا أردت تفصيل هذه الحقوق فارجع إلى الحديث الطويل المرويّ عن علي بن الحسينعليهم‌السلام في الحقوق ، والى ما ترجمه والدي عليه الرحمة والغفران منها في شرح ( من لا يحضره الفقيه ) فهو يشتمل على جميع الحقوق ، ولا يسع هذا الكتاب أكثر من هذا.

( الجدول الثالث )

في ثواب اعانة المؤمنين ، وادخال السرور في قلوبهم

ودفع الظلم عنهم ، وذمّ من يقدر على نفعهم ولم يفعل

روي بسند معتبر عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام انّه قال : تبسّم الرجل في وجه أخيه حسنة ، وصرفه القذى عنه حسنة ، وما عبد الله بشيء أحبّ إلى الله من إدخال السرور على المؤمن(١) .

__________________

١ ـ الوسائل ١١ : ٥٦٩ ح ٢ باب ٢٤ ـ الكافي ٢ : ١٨٨ ح ٢ باب ادخال السرور على المؤمنين.

٢٥٥

وقالعليه‌السلام : انّ فيما ناجى الله عزّوجلّ به عبده موسىعليه‌السلام قال : انّ لي عباداً أُبيحهم جنّتي ، واحكّمهم فيها ، قال : يا رب ومن هؤلاء الذين تبيحهم جنتّك وتحكّمهم فيها؟ قال : من أدخل على مؤمن سروراً.

ثم قال : انّ مؤمناً كان في مملكة جبّار ، فولع به فهرب منه إلى دار الشرك ، فنزل برجل من أهل الشرك ، فأظلّه(١) وأرفقه وأضافه ، فلمّا حضره الموت أوحى الله عزّوجلّ إليه : وعزّتي وجلالي لو كان لك في جنّتي مسكن لأسكنتك فيها ، ولكنّها محرّمة على من مات بي مشركاً ، ولكن يا نار هيديه ولا تؤذيه(٢) ، ويؤتى برزقه طرفي النهار ، قلت : من الجنّة؟ قال : من حيث شاء الله(٣) .

وروي بأسانيد معتبرة عن أبي عبداللهعليه‌السلام انّه قال : أوحى الله عزّوجلّ إلى داودعليه‌السلام انّ العبد من عبادي ليأتيني بالحسنة فابيحه جنّتي ، فقال داود : يا ربّ وما تلك الحسنة؟ قال : يدخل على عبدي المؤمن سروراً ولو بتمرة ، قال داود : يا ربّ حقّ لمن عرفك أن لا يقطع رجاءه منك(٤) .

وروي بسند معتبر آخر عنهعليه‌السلام انّه قال : من أدخل السرور على المؤمن فقد أدخله على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن أدخله على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقد وصل ذلك إلى الله ، وكذلك من أدخل عليه كرباً(٥) .

وقالعليه‌السلام : من أحبّ الأعمال إلى الله عزّوجلّ ادخال السرور على

__________________

١ ـ فأظلّه أي أسكنه منزلاً يظلّه من الشمس.

٢ ـ هيديه أي خوّفيه وأزعجيه ، ولا تؤذيه أي لا تحرقيه.

٣ ـ الكافي ٢ : ١٨٨ ح ٣ باب ادخال السرور على المؤمنين ـ عنه البحار ٧٤ : ٢٨٨ ح ١٦ باب ٢٠.

٤ ـ الكافي ٢ : ١٨٩ ح ٥ باب ادخال السرور على المؤمنين ـ عنه البحار ٧٤ : ٢٨٩ ح ١٨ باب ٢٠.

٥ ـ الكافي ٢ : ١٨٩ ح ١٤ باب ادخال السرور على المؤمنين ـ عنه البحار ٧٤ : ٢٩٧ ح ٢٧ باب ٢٠.

٢٥٦

المؤمن ، اشباع جوعته ، أو تنفيس كربته ، أو قضاء دينه(١) .

وروي عن سدير الصراف انّه قال : كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام فذكر عنده المؤمن وما يجب من حقّه ، فالتفت إليّ أبو عبداللهعليه‌السلام ، فقال لي : يا أبا الفضل ألا أحدّثك بحال المؤمن عند الله؟ فقلت : بلى ، فحدّثني جعلت فداك.

فقال : إذا قبض الله روح المؤمن صعد ملكاه إلى السماء فقالا : يا ربّ عبدك ونعم العبد ، كان سريعاً إلى طاعتك ، بطيئاً عن معصيتك ، وقد قبضته إليك ، فما تأمرنا من بعده؟ فيقول الجليل الجبّار : اهبطا إلى الدنيا وكونا عند قبر عبدي ومجّداني وسبّحاني وهلّلاني وكبّراني ، واكتبا ذلك لعبدي حتّى أبعثه من قبره.

ثم قال لي : ألا أزيدك؟ قلت : بلى ، فقال : إذا بعث الله المؤمن من قبره خرج معه مثال يقدمه أمامه ، فكلّما رأى المؤمن هولاً من أهوال يوم القيامة قال له المثال : لا تجزع ولا تحزن ، وأبشر بالسرور والكرامة من الله عزّوجلّ ، فما يزال يبشره بالسرور والكرامة من الله سبحانه حتى يقف بين يدي الله عز وجل ، ويحاسبه حساباً يسيراً ، ويأمر به إلى الجنّة والمثال أمامه.

فيقول له المؤمن : رحمك الله نعم الخارج معي من قبري ، مازلت تبشّرني بالسرور والكرامة من الله عزّوجلّ حتى كان ، فمن أنت؟ فيقول له المثال : أنا السرور الذي أدخلته على أخيك المؤمن في الدنيا ، خلقني الله لاُبشّرك(٢) .

وروي بسند معتبر عن المشمعل [ الأسدي ] انّه قال : خرجت ذات سنة حاجّاً ، فانصرفت إلى أبي عبدالله الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، فقال : من أين

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ١٩٢ ح ١٦ باب ادخال السرور على المؤمنين ـ عنه البحار ٧٤ : ٢٩٧ ح ٢٩ باب ٢٠.

٢ ـ البحار ٧٤ : ٢٨٣ ح ٣ باب ٢٠ ـ عن أمالي الطوسي.

٢٥٧

بك يا مشمعل؟ فقلت : جعلت فداك كنت حاجّاً ، فقال : أو تدري ما للحاجّ من الثواب؟ فقلت : ما أدري حتى تعلمني.

فقال : انّ العبد إذا طاف بهذا البيت أُسبوعاً ، وصلّى ركعتيه ، وسعى بين الصفا والمروة ، كتب الله له ستة آلاف حسنة ، وحطّ عنه ستة آلاف سيّئة ، ورفع له ستة آلاف درجة ، وقضى له ستة آلاف حاجة للدنيا كذا ، وادخر له للآخرة كذا.

فقلت له : جعلت فداك انّ هذا لكثير ، فقال : أفلا أخبرك بما هو أكثر من ذلك؟ قال : قلت : بلى ، فقالعليه‌السلام : لقضاء حاجة امرىء مؤمن أفضل من حجة وحجّة وحجّة حتى عدّ عشر حجج(١) .

وقالعليه‌السلام : ما قضى مسلم لمسلم حاجة الاّ ناداه الله تبارك وتعالى : عليّ ثوابك ، ولا أرضى لك بدون الجنّة(٢) .

وروي بسند معتبرعن المفضل ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : قال لي : يا مفضل اسمع ما أقول لك واعلم انّه الحق وافعله وأخبر به علية اخوانك(٣) ، قلت : جعلت فداك وما علية اخواني؟ قال : الراغبون في قضاء حوائج اخوانهم.

قال : ثم قال : ومن قضى لأخيه المؤمن حاجة قضى الله له يوم القيامة مائة ألف حاجة من ذلك ، أوّلها الجنة ، ومن ذلك أن يدخل قرابته ومعارفه واخوانه الجنّة بعد أن لا يكونوا نصّاباً(٤) .

وروي أيضاً عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام انّه قال : انّ الله عزّ

__________________

١ ـ البحار ٧٤ : ٢٨٤ ح ٤ باب ٢٠ ـ عن أمالي الصدوق.

٢ ـ قرب الأسناد : ٣٩ ح ١٢٤ ـ عنه البحار ٧٤ : ٢٨٥ ح ٨ باب ٢٠.

٣ ـ علية أخوانك ـ بالكسر ـ : أي شريفهم ورفيعهم وجمعه ( عليّ ).

٤ ـ الكافي ٢ : ١٩٢ ح ١ باب قضاء حاجة المؤمن ـ عنه البحار ٧٤ : ٣٢٢ ح ٩٠ باب ٢٠.

٢٥٨

وجلّ خلق خلقاً من خلقه انتجبهم لقضاء حوائج فقراء شيعتنا ليثيبهم على ذلك الجنة ، فإن استطعت أن تكون منهم فكن(١) .

وقالعليه‌السلام : لقضاء حاجة امرء مؤمن أحبّ إليّ من عشرين حجّة كلّ حجّة ينفق فيها صاحبها مائة ألف(٢) .

وروي بسند معتبر عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام انّه قال : من أتاه أخوه المؤمن في حاجة فانّما هي رحمة من الله تبارك وتعالى ساقها إليه ، فإن قبل ذلك فقد وصله بولايتنا وهو موصول بولاية الله ، وإن ردّه عن حاجته وهو يقدر على قضائها سلّط الله عليه شجاعاً من نار ينهشه في قبره إلى يوم القيامة ، مغفوراً له أو معذّباً ، فإن عذره الطالب كان أسوء حالاً(٣) .

وروي عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام انّه قال : انّ المؤمن لترد عليه الحاجة لأخيه فلا تكون عنده فيهتمّ بها قلبه ، فيدخله الله تبارك وتعالى بهمّه الجنّة(٤) .

وروي عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام انّه قال : انّ لله عباداً في الأرض يسعون في حوائج الناس ، هم الآمنون يوم القيامة ، ومن أدخل على مؤمن سروراً فرّح الله قلبه يوم القيامة(٥) .

وروي عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام انّه قال : من مشى في حاجة أخيه المسلم أظلّه الله بخمسة وسبعين ألف ملك ، ولم يرفع قدماً الاّ كتب الله له حسنة ، وحطّ عنه بها سيئة ، ويرفع له بها درجة ، فاذا فرغ من حاجته كتب الله عزّوجلّ له

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ١٩٣ ح ٢ باب قضاء حاجة المؤمن ـ عنه البحار ٧٤ : ٣٢٣ ح ٩١ باب ٢٠.

٢ ـ الكافي ٢ : ١٩٣ ح ٤ باب قضاء حاجة المؤمن ـ عنه البحار ٧٤ : ٣٢٤ ح ٩٣ باب ٢٠ وفي المتن عشرين ألف.

٣ ـ الكافي ٢ : ١٩٦ ح ١٣ باب قضاء حاجة المؤمن ـ عنه البحار ٧٤ : ٣٣٠ ح ١٠٢ باب ٢٠.

٤ ـ الكافي ٢ : ١٩٦ ح ١٤ باب قضاء حاجة المؤمن ـ عنه البحار ٧٤ : ٣٣١ ح ١٠٤ باب ٢٠.

٥ ـ الكافي ٢ : ١٩٧ ح ٢ باب السعي في حاجة المؤمن ـ عنه البحار ٧٤ : ٣٣٢ ح ١٠٦ باب ٢٠.

٢٥٩

بها أجر حاجّ ومعتمر(١) .

وروي عن أبي عبداللهعليه‌السلام انّه قال : من أغاث أخوه المؤمن اللهفان اللهثان عند جهده ، فنفّس كربته وأعانه على نجاح حاجته كتب الله عزّوجلّ له بذلك ثنتين وسبعين رحمة من الله ، يعجّل له منها واحدة يصلح بها أمر معيشته ، ويدّخر له احدى وسبعين رحمة لأفزاع يوم القيامة وأهواله(٢) .

وقالعليه‌السلام : [ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ] : من أعان مؤمناً نفّس الله عزّوجل عنه ثلاثاً وسبعين كربة ، واحدة في الدنيا ، وثنتين وسبعين كربة عند كربه العظمى ، قال : حيث يتشاغل الناس بأنفسهم(٣) .

وقالعليه‌السلام : أيما مؤمن نفّس عن مؤمن كربة وهو معسر يسّر الله حوائجه في الدنيا والآخرة ، قال : ومن ستر على مؤمن عورة يخافها ستر الله عليه سبعين عورة من عورات الدنيا والآخرة ، قال : والله في عون المؤمن ما كان المؤمن في عون أخيه ، فانتفعوا بالعظة ، وارغبوا في الخير(٤) .

وروي بسند معتبر آخر انّه قالعليه‌السلام : ما من مؤمن يخذل أخاه وهو يقدر على نصرته الاّ خذله الله في الدنيا والآخرة(٥) .

وروي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله انّه قال : من فرّج عن مؤمن كربة فرّج الله عنه [ اثنتين وسبعين كربة من كرب الآخرة ] واثنتين وسبعين كربة من كرب

__________________

١ ـ الكافي ٢ : ١٩٧ ح ٣ باب السعي في حاجة المؤمن ـ عنه البحار ٧٤ : ٣٣٢ ح ١٠٧ باب ٢٠.

٢ ـ الكافي ٢ : ١٩٩ ح ١ باب تفريج كرب المؤمن ـ عنه البحار ٧٤ : ٣١٩ ح ٨٥ باب ٢٠.

٣ ـ الكافي ٢ : ١٩٩ ح ٢ باب تفريج كرب المؤمن ـ عنه البحار ٧٤ : ٣٢٠ ح ٨٦ باب ٢٠.

٤ ـ الكافي ٢ : ٢٠٠ ح ٥ باب تفريج كرب المؤمن ـ عنه البحار ٧٤ : ٣٢٢ ح ٨٩ باب ٢٠.

٥ ـ البحار ٧٥ : ١٧ ح ١ باب ٣٣ ـ عن أمالي الصدوق.

٢٦٠