كتاب سليم بن قيس الهلالي

كتاب سليم بن قيس الهلالي3%

كتاب سليم بن قيس الهلالي مؤلف:
المحقق: محمد باقر الأنصاري الزنجاني
الناشر: نشر الهادي
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 638

كتاب سليم بن قيس الهلالي
  • البداية
  • السابق
  • 638 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 416004 / تحميل: 8161
الحجم الحجم الحجم
كتاب سليم بن قيس الهلالي

كتاب سليم بن قيس الهلالي

مؤلف:
الناشر: نشر الهادي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

١٣

بيت المال في عصر عمر

عن أبان، قال سليم: كتب أبو المختار بن أبي الصعق(١) إلى عمر بن الخطاب هذه  الأبيات:

ألا أبْلِغْ أميرَ الْمُؤمنينَ رِسالَةً

فَأَنْتَ أمينُ الله في المالِ وَالأمْرِ

وأنْتَ أمينُ الله فينا وَمَنْ يَكُنْ

أميناً لِرَبِّ الناس يَسْلَمْ لَهُ صَدري

فَلا تَدَعَنْ أهْلَ الرَّساتيقِ وَالقُرى

يَخُونُونَ مالَ الله في الأُدُمِ الحُمْرِ

وَأرْسِلْ إلى النُّعْمان وَابْنِ مَعقِلٍ

وَأرْسِلْ إلى حَزْم وَأرْسِلْ إلى بِشرٍ

وَأرْسِلْ إلى الحَجّاجِ وَاعْلَمْ حِسابَهُ

وَذاكَ الَّذي في السُّوقِ مَوْلى بَني بَدرِ

وَلا تَنْسِيَنَّ التّابِعَيْنِ كِلَيْهما

وَصِهْرُ بَني غَزْوانِ في القومِ ذا وَفْرٍ

وَما عاصَمٌ فيها بِصِفْرٍ عِيابُهُ

وَلاَ ابْنُ غَلابٍّ مِنْ رُماةِ بَني نَصْرٍ

وَاسْتُلَّ ذاكَ المالِ دُونَ ابْنِ مُحْرزٍ

وَقد كانَ مِنْهُ في الرَّساتيقِ ذا وَقْرٍ(٢)

فَأرْسِلْ إلَيْهِمْ يُصدِقُوكَ وَيُخْبِرُوا

أحاديثَ هذَا المالِ مَنْ كانَ ذا فِكرٍ

وَقاسِمْهُمُ أهْلي فِداؤُكَ إنهُمْ

سَيَرْضَوْنَ إنْ قاسَمْتَهُم مِنْكَ بِالشَّطْرِ

____________________

١. أبو المختار هو يزيد بن قيس بن يزيد.

٢. قوله: بصفر عيابه، الصفر بمعنى الخالي والعياب جمع العيبة بمعنى الزنبيل من الأدم. وقوله «ابن محرز» جاء في فتوح البلاذري: ابن محرَّش.

٢٢١

وَلا تَدْعَونَي لِلشَّهادَةِ إنني

أغيبُ وَلكِنّي أرى عَجَبَ الدَّهرِ

أَرَى الخَيْلَ كَالجُدرانِ وَالبيضَ كَالدُّمى(١)

وَخَطِّيَّةٍ(٢) في عِدَّةِ النَّمْلِ وَالقَطْرِ

وَمِنْ ريطَةٍ(٣) مَطْوِيَّةٍ في قِرابها

وَمِن طَيِّ أبْرادٍ مُضاعَفَةٍ صُفْرٍ

إذِ التَاجِرُ الدَاري جاءَ بِفَأرَةٍ

مِنَ الْمِسْكِ راحَتْ في مَفارِقِهِمْ تَجْري

نَنوبُ إذا نابُوا وَنَغْزُو إذا غَزَوْا

فَإنَّ لَهُمْ مالاً وَلَيْسَ لَنا وَفرٌ

فقال ابن غلّاب المصري(٤) :

ألا أبْلغ أبا الْمُختارِ إني أتَيْتُهُ

وَلَم أكُ ذا قُربى لَدَيْهِ وَلا صِهْرٍ

وَما كانَ عِنْدي مِنْ تراثٍ وَرِثْتُهُ

وَلا صَدَقاتٍ مِنْ سِبيً وَلا غَدْرٍ

وَلكِنْ دَراكِ الرَّكْضِ في كُلِّ غارَةٍ

وَصَبْري إذا مَا الْمَوْتُ كانَ وَرا السُّمْرِ

بِسابِغَةٍ يَغْشَى اللَّبانَ فُصولها(٥)

أُكَفْكِفُها عَنّي بِأبْيَضَ ذي وَفْرِ

حكم عمر بمصادرة نصف أموال عماله

قال سليم: فأغرم عمر بن الخطاب تلك السنة جميع عماله أنصاف أموالهم لشعر

____________________

١. الدمى جمع الدمية وهي الصور المزينة فيها حمرة.

٢. جمع الخطِّي وهو الرمح المنسوب إلى الخطِّ وهو مرفأ بالبحرين.

٣. الريطة: كل ثوب يشبه الملحفة.

٤. ابن غلاب هو خالد بن الحرث من بني دهمان كان على بيت المال بإصبهان.

٥. السابغة كناية عن الدرع الواسعة، واللبان هو الصدر.

٢٢٢

أبي المختار(١) ولم يُغرم قنفذ العدوي شيئاً - وقد كان من عماله - وردَّ عليه ما أخذ منه وهو عشرون ألف درهم ولم يأخذ منه عُشره ولا نصف عشره!

وكان من عماله الذين أُغرموا أبو هريرة - وكان على البحرين - فأحصى ماله فبلغ أربعة وعشرون ألفاً، فأغرمه اثني عشر ألفاً.

علة العفو عن قنفذ من مصادرة أمواله

قال أبان: قال سليم: فلقيت علياًعليه‌السلام فسألته عما صنع عمر، فقال: هل تدري لمَ كف عن قنفذ ولم يغرمه شيئاً؟ قلت: لا. قال:لأنه هو الذي ضرب فاطمة عليها‌السلام بالسوط حين جاءت لتحول بيني وبينهم ، فماتت صلوات الله عليها وإن أثر السوط لفي عضدها مثل الدملج.

____________________

١. ذكر البلاذري أسماء عدد من عمال عمر بن الخطاب، شاطرهم أموالهم حتى أخذ نعلاً وترك نعلاً!! وهم: أبو بكرة نفيع بن الحرث بن كلدة الثقفي، نافع بن الحرث بن كلدة الثقفي، الحجاج بن عتيك الثقفي وكان على الفرات، جزء بن معاوية عم الأحنف كان على سرَّق، بشر بن المحتفز كان على جندي سابور، ابن غلاب خالد بن الحرث كان على بيت المال بإصبهان، عاصم بن قيس بن الصلت السلمي كان على مناذر، سمرة بن جندب كان على سوق الأهواز، النعمان بن عدي بن نضلة الكعبي كان على كور دجلة، مجاشع بن مسعود السلمي صهر بني غزوان كان على أرض البصرة وصدقاتها، شبل بن معبد البجلي ثم الأحمسي كان على قبض المغانم، أبو مريم بن محرش الحنفي كان على رامهرمز.

وهؤلاء ذكرهم أبو المختار في شعره الذي ورد في المتن مع اختلاف في ضبط بعض الأسماء. وكان أيضاً من عماله الذين شاطرهم سعد بن أبي وقاص وكان على الكوفة، وأبو موسى الأشعري وكان على البصرة، وعمرو بن العاص وكان على مصر، وعتبة بن أبي سفيان وكان على الطائف، وأبو هريرة وكان على البحرين، وخالد بن الوليد. راجع الغدير: ج ٦ ص ٢٧٧ - ٢٧١. إثبات الهداة: ج ٢ ص ٣٦٩ ح ٢١٨.

٢٢٣

١٤

بدع واعتراضات أبي بكر وعمر في الدين

قال أبان عن سليم، قال: انتهيت إلى حلقة في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ليس فيها إلا هاشمي غير سلمان وأبي ذر والمقداد ومحمد بن أبي بكر وعمر بن أبي سلمة وقيس بن سعد بن عبادة.

١

بدع أبي بكر وعمر

تغريم عمر لعماله

فقال العباس لعليعليه‌السلام : ما ترى عمر منعه من أن يغرم قنفذاً كما أغرم جميع عماله؟ فنظر عليعليه‌السلام إلى من حوله ثم اغرورقت عيناه بالدموع، ثم قال:شكر له ضربة ضربها فاطمة عليها‌السلام بالسوط ، فماتت وفي عضدها أثره كأنه الدملج.

ثم قالعليه‌السلام : العجب مما أشربت قلوب هذه الأمة من حب هذا الرجل وصاحبه من قبله، والتسليم له في كل شيئ أحدثه! لئن كان عماله خوَنة وكان هذا المال في أيديهم خيانةً ما كان حل له تركه، وكان له أن يأخذه كله فإنه فيئ المسلمين، فما له يأخذ نصفه ويترك نصفه؟ ولئن كانوا غير خوَنة فما حل له أن يأخذ أموالهم ولا شيئاً منهم قليلاً

٢٢٤

ولا كثيراً، وإنما أخذ أنصافها. ولو كانت في أيديهم خيانة ثم لم يقروا بها ولم تقم عليهم البينة ما حل له أن يأخذ منهم قليلاً ولا كثيراً وأعجب من ذلك إعادته إياهم إلى أعمالهم! لئن كانوا خوَنة ما حل له أن يستعملهم، ولئن كانوا غير خوَنة ما حلت له أموالهم.

أمير المؤمنينعليه‌السلام يتعجب من ميل الناس إلى البدع

ثم أقبل عليعليه‌السلام على القوم فقال: العجب لقوم يرون سنة نبيهم تتبدل وتتغير شيئاً شيئاً وباباً باباًثم يرضون ولا ينكرون، بل يغضبون له ويعتبون على من عاب عليه وأنكره! ثم يجيئ قوم بعدنا، فيتَّبعون بدعته وجوره وأحداثه ويتَّخذون أحداثه سنة وديناً يتقربون بها إلى الله في مثل:

نقل مقام إبراهيمعليه‌السلام إلى موضعه في الجاهلية

تحويلهمقام إبراهيم عليه‌السلام من الموضع الذي وضعه فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الموضع الذي كان فيه في الجاهلية الذي حوَّله منه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .(١)

تغيير صاع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومده

وفي تغييرهصاع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومده ، وفيهما فريضة وسنة. فما كان زيادته إلا سوء لأن المساكين - في كفارة اليمين والظهار - بهما يعطون ما يجب من الزرع. وقد قال

____________________

١. روي في البحار: ج ٨ (طبع قديم) ص ٢٨٧ عن أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام أنه قال: كان موضع المقام الذي وضعه إبراهيمعليه‌السلام عند جدار البيت، فلم يزل هناك حتى حوَّله أهل الجاهلية إلى المكان الذي هو فيه اليوم. فلما فتح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مكة ردَّه إلى الموضع الذي وضعه إبراهيمعليه‌السلام . فلم يزل هناك إلى أن ولي عمر بن الخطاب فسأل الناس: من منكم يعرف المكان الذي كان فيه المقام؟ فقال رجل: أنا قد كنت أخذت مقداره بنسع فهو عندي! فقال: تأتيني به. فأتاه به، فقاسه ثم رده إلى ذلك المكان!!

وذكر اليعقوبي في تاريخه: ج ٢ ص ١٤٩ أن ذلك كان في سنة ١٧.

٢٢٥

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «اللهمَّ بارك لنا في مدِّنا وصاعنا». لا يحولون بينه وبين ذلك(١) ، لكنهم رضوا وقبلوا ما صنع.

غصب فدك

وقبضه وصاحبهفدك وهي في يد فاطمةعليها‌السلام مقبوضة قد أكلت غلتها على عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله . فسألها البينة على ما في يدها ولم يصدِّقها ولا صدَّق أم أيمن. وهو يعلم يقيناً - كما نعلم - أنها في يدها. ولم يكن يحل له أن يسألها البينة على ما في يدها ولا أن يتهمها. ثم استحسن الناس ذلك وحمدوه وقالوا: «إنما حمله على ذلك الورع والفضل»!!

ثم حسن قبح فعلهما أن عدلا عنها فقالا: «نظن إن فاطمة لن تقول إلا حقاً وإن علياً لم يشهد إلا بحق، ولو كانت مع أم أيمن امرأة أخرى أمضيناها لها». فحَظَيا بذلك عند الجهال!وما هما ومن أمر هما أن يكونا حاكمَيْن فيعطيان أو يمنعان؟! ولكن الأمة ابتلوا بهما فأدخلا أنفسهما فيما لا حق لهما فيه ولا علم لهما به . وقد قالت فاطمةعليها‌السلام لهما - حين أراد انتزاعها وهي في يدها -: «أليست في يدي وفيها وكيلي وقد أكلت غلتها ورسولصلى‌الله‌عليه‌وآله حي»؟

قالا: بلى. قالت: «فلِمَ تسألني البينة على ما في يدي»؟ قالا: لأنها فيئ المسلمين، فإن قامت بينة وإلا لم نمضها!

قالت لهما - والناس حولهما يسمعون -: «أفتريدان أن تردّا ما صنع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وتحكما فينا خاصة بما لم تحكما في سائر المسلمين؟! أيها الناس، اسمعوا ما ركباها. أرأيتما إن ادَّعيت ما في أيدي المسلمين من أموالهم، أتسألونني البينة أم تسألونهم»؟

قالا: بل نسألك.

____________________

١. أي لا يحول الناس بين عمر وفعله ذلك، بل رضوا به وقبلوه.

٢٢٦

قالت: «فإن ادعى جميع المسلمين ما في يدي تسألونهم البينة أم تسألونني»؟ فغضب عمر وقال: إن هذا فيئ للمسلمين وأرضهم، وهي في يدي فاطمة تأكل غلتها، فإن أقامت بينة على ما ادعت أن رسول الله وهبها لها من بين المسلمين - وهي فيئهم وحقهم - نظرنا في ذلك!

فقالت: حسبي! أنشدكم بالله أيها الناس، أما سمعتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: «إن ابنتي سيدة نساء أهل الجنة»؟ قالوا: اللهمَّ نعم، قد سمعناه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . قالت:أفسيدة نساء أهل الجنة تدعي الباطل وتأخذ ما ليس لها ؟ أرأيتم لو أن أربعة شهدوا عليَّ بفاحشة أو رجلان بسرقة أكنتم مصدقين عليَّ؟ فأما أبو بكر فسكت، وأما عمر فقال: نعم، ونوقع عليك الحد!!

فقالت: كذبت ولؤمت، إلا أن تقرَّ أنك لست على دين محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .إن الذي يجيز على سيدة نساء أهل الجنة شهادة أو يقيم عليها حداً لملعون كافر بما أنزل الله على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأن من «أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً» لا تجوز عليهم شهادة لأنهم معصومون من كل سوء مطهرون من كل فاحشة. حدِّثني - يا عمر - من أهل هذه الآية، لو أن قوماً شهدوا عليهم أو على أحد منهم بشرك أو كفر أو فاحشة كان المسلمونيتبرؤون منهم ويحدونهم؟ قال: نعم، وما هم وسائر الناس في ذلك إلا سواء!!

قالت:كذبت وكفرت ، ما هم وسائر الناس في ذلك سواء لأن الله عصمهم ونزل عصمتهم وتطهيرهم وأذهب عنهم الرجس. فمن صدق عليهم فإنما يكذب الله ورسوله. فقال أبو بكر: أقسمت عليك - يا عمر - لما سكتَّ!!

مؤامرة قتل أمير المؤمنينعليه‌السلام

فلما أن كان الليل أرسلا إلى خالد بن الوليد فقالا: إنا نريد أن نسر إليك أمراً

٢٢٧

ونُحملكه لثقتنا بك. فقال: احملاني على ما شئتما، فإني طوع أيديكما. فقالا له: «إنه لا ينفعنا ما نحن فيه من الملك والسلطان ما دام علي حياً! أما سمعت ما قال لنا وما استقبلنا به؟ ونحن لا نأمنه أن يدعو في السر فيستجيب له قوم فيناهضنا فإنه أشجع العرب، وقد ارتكبنا منه ما رأيت وغلبناه على ملك ابن عمه ولا حق لنا فيه، وانتزعنا فدك من امرأته. فإذا صليت بالناس صلاة الغداة فقم إلى جنبه وليكن سيفك معك،فإذا صليتُ وسلمت فاضرب عنقه »!

قال عليعليه‌السلام : فصلى خالد بن الوليد بجنبي متقلداً السيف. فقام أبو بكر في الصلاة وجعل يؤامر نفسه وندم وأسقط في يده(١) حتى كادت الشمس أن تطلع! ثم قال - قبل أن يسلم -: «لا تفعل ما أمرتك» ثم سلم!! فقلت لخالد: وما ذاك؟ قال: كان قد أمرني - إذا سلم - أن أضرب عنقك!! قلت: أوَ كنت فاعلاً؟ قال: إي وربي إذاً لفعلت!

حبس الخمس

قال سليم: ثم أقبلعليه‌السلام على العباس وعلى من حوله، ثم قال: ألا تعجبون من حبسه وحبس صاحبه عنّاسهم ذي القربى الذي فرضه الله لنا في القرآن؟ وقد علم الله أنهم سيظلموناه وينتزعونه منا، فقال:( إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّـهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ) .(٢)

____________________

١. أسقط في يده أي تحير.

٢. سورة الأنفال: الآية ٤١. والعبارة في إرشاد القلوب هكذا: وأقبلعليه‌السلام على من كان حوله فقال: أوَليس قد ظهر لكم رأىٌ وحملهم علينا أهل البيت من كل جانب ووجه لا يألون به إبعاداً وتقاصياً وأخذ حقوقنا؟! أليس العجب بحبسه وصاحبه عنا ...

٢٢٨

إلحاق بيت جعفر بالمسجد

والعجب لهدمه منزل أخي جعفر وإلحاقه في المسجد، ولم يُعط بنيه من ثمنه قليلاً ولا كثيراً. ثم لم يعب ذلك عليه الناس ولم يغيِّروه، فكأنما أخذ منزل رجل من الديلم.(١)

البدعة في غسل الجنابة

والعجب لجهله وجهل الأمة أنه كتب إلى جميع عمّاله: «أن الجنب إذا لم يجد الماء فليس له أن يصلي وليس له أن يتيمم بالصعيد حتى يجد الماء وإن لم يجده حتى يلقى الله»! ثم قبل الناس ذلك ورضوا به، وقد علم وعلم الناس أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد أمر عماراً وأمر أبا ذر أن يتيمما من الجنابة ويصليا، وشهدا به عنده وغيرهما(٢) فلم يقبل ذلك ولم يرفع به رأساً.

البدعة في إرث الجد

والعجب لما خلطا قضايا مختلفة في الجد بغير علم تعسفاً وجهلاً وادعائهما ما لم يعلما جرأة على الله وقلة ورع.

____________________

١. «ب» و «د»: ولم يُعيِّروه فكأنما أخذ دار رجل من ترك أو كابل. روي في الغدير: ج ٦ ص ٢٦٢ عن طبقات ابن سعد: أنه لما كثر المسلمون في عهد عمر ضاق بهم المسجد فاشترى عمر ما حول المسجد من الدور إلا دور العباس بن عبد المطلب وحُجَر أمهات المؤمنين.

٢. روى العلامة الأميني في الغدير: ج ٦ ص ٨٣ عن صحيح مسلم: أن رجلاً أتى عمر فقال: إني أجنبت فلم أجد ماء؟ فقال عمر: لا تصلِّ. فقال عمار: أما تذكر يا أمير المؤمنين إذ أنا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد ماء، فأما أنت فلم تصلِّ وأما أنا فتمعَّكت في التراب وصليت. فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك الأرض ثم تنفخ ثم تمسح بهما وجهك وكفيك؟ فقال عمر: إتَّق الله يا عمار! قال: إن شئت لم أحدِّث به.

٢٢٩

إدعيا أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مات ولم يقض في الجد شيئاً منه(١) ولم يدع أحد يعلم(٢) ما للجد من الميراث! ثم تابعوهما على ذلك وصدقوهما.

عتق أمهات الأولاد

وعتقه أمهات الأولاد(٣) فأخذ الناس بقوله وتركوا أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

القضاء الباطل في ثلاثة أشخاص

وما صنع بنصر بن الحجاج وبجعدة من سليم وبابن وبرة.(٤)

____________________

١. أي من الميراث.

٢. روى العلامة الأميني في الغدير: ج ٦ ص ١١٧ عن سنن البيهقي عن عبيدة قال: حفظت عن عمر مائة قضية في الجد!! قال: وقال (عمر): إني قد قضيت في الجد قضايا مختلفة كلها آلو فيه عن الحق، ولئن عشت إن شاء الله إلى الصيف لأقضينَّ فيها بقضية تقضي به المرأة وهي على ذيلها! ثم إن أبا بكر أيضاً حكم في الجد بقضايا مختلفة (راجع الغدير: ج ٧ ص ١٢٠)، ولذلك جاء بضمير التثنية في هذا المورد.

٣. قوله « عثقه أمهات الأولاد » إشارة إلى بدعة عمر حيث حكم بأن كل أمَةٍ حبلى تعتق إذا وضعت حملها.

٤. إشارة إلى تغريب نصر بن الحجاج أبي ذويب من المدينة من غير ذنب. روي في البحار: ج ٨ طبع قديم ص ٢٨٦: بينا عمر يطوف في بعض سكك المدينة إذ سمع امرأة تهتف من خدرها:

هل من سبيل إلى خمر فأشربها

أم هل سبيل إلى نصر بن حجاج

إلى آخر الأبيات. فقال: لا أرى معي رجلاً تهتف به العواتق في خدورهن. عليَّ بنصر بن الحجاج. فأتي به وإذاً هو أحسن الناس وجهاً وعيناً وشعراً. فأمر بشعره فجُزَّ، فخرجت له وَجْنتان كأنهما قمر، فأمره أن يعتمَّ، فاعتم ففتن النساء بعينيه! فقال: عمر: لا والله، لا تساكنني بأرض أنا بها! فقال: ولِم يا أمير المؤمنين؟! قال: هو ما أقول لك! فسيَّره إلى البصرة. هذا وقد فعل مثل ذلك لك بابن عم لنصر بن الحجاج. راجع طبقات ابن سعد: ج ٣ ص ٣٨٥.

وقوله «بجعدة من سليم»، في النسخ «بجعدة بن سليم»، والصحيح ما أوردناه. روى ابن سعد في طبقاته: ج ٣ ص ٢٨٥: أن بريداً قدم على عمر فنثر كنانته فبدرت صحيفة فأخذها فقرأها فإذاً فيها:

=

٢٣٠

البدعة في الطلاق

وأعجب من ذلك أن أبا كنف العبدي أتاه فقال: «إني طلقت امرأتي وأنا غائب فوصل إليها الطلاق. ثم راجعتها وهي في عدتها وكتبت إليها فلم يصل الكتاب إليها حتى تزوَّجت». فكتب له: «إن كان هذا الذي تزوَّجها قد دخل بها فهي امرأته، وإن كان لم يدخل بها فهي امرأتك»!!

وكتب له ذلك وأنا شاهد؛ فلم يشاورني ولم يسألني، يرى استغناءه بعلمه عني، فأردت أن أنهاه، ثم قلت: «ما أبالي أن يفضحه الله». ثم لم يعبه الناس بل استحسنوه واتخذوه سنة وقبلوه منه ورأوه صواباً! وذلك قضاء لو قضى به مجنون نحيف سخيف لما زاد.

إسقاط أجزاء الأذان

ثم تركه من الأذان «حيَّ على خير العمل »، فاتخذوه سنة وتابعوه على ذلك.(١)

____________________

=

ألا أبلغ أبا حفص رسولاً

فدى لك من أخي ثقة إزاري

قلائصنا - هداك الله - إنا

شُغلنا عنكم زَمَن الحصار

فما قُلُص وُجدنَ مُعقَّلاتٍ

قفا سلع بمختلف البحار

قلائص من بني سعد بن بكر

وأسلم أو جُهينَة أو غفار

يُعقِّلهنَّ جعدة من سُليم

مُعيداً يبتغي سَقَطَ العذار

فقال (عمر): ادعوا لي جُعدَة من سليم. قال: فدعوا به، فجُلد مائةً معقولاً، ونهاه أن يدخل على امرأة مُغيَّبة. وأما قوله «بابن وبرة»، فلم أظفر على مصدر يذكر قصته.

ثم إن الإشكال في فعل عمر في الموردين من جهة أنه حكم بما لم يثبت مقتضيه، فمجرد حسن الوجه في نصر بن الحجاج لا يقتضي نفيه عن البلد ومجرد تلك الأبيات الدالة على أن الرجل كانت تفتن النساء إليه بفعاله مع عدم ثبوته بالبينة لا يوجب حد الرجل ولا تعزيره.

١. روى العلامة الأميني في الغدير: ج ٦ ص ٢١٣ عن الطبري عن عمر أنه قال: ثلاث كنَّ على عهد رسول الله أنا محرمهن ومعاقب عليهن: متعة الحج ومتعة النساء وحيَّ على خير العمل في الأذان.

وروي في إثبات الهداة: ج ٢ ص ٣٧١ ح ٢٣٢: أن عمر ترك « حي على خير العمل » وقال: خفتُ أن يتَّكل الناس عليها ويدع غيرها. وقد روت العامة أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قد أمر بها.

٢٣١

البدعة في حكم المفقود زوجها

وقضيته في المفقود وأن «أجل امرأته أربع سنين، ثم تتزوج، فإن جاء زوجها خير بين امرأته وبين الصداق».(١) فاستحسنه الناس واتخذوه سنة وقبلوه منه جهلاً وقلة علم بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه.

بدعه في الأعاجم

وإخراجه من المدينة كل أعجمي.(٢)

وإرساله إلى عماله بالبصرة بحبل طوله خمسة أشبار وقوله: «من أخذتموه من الأعاجم فبلغ طول هذا الحبل فاضربوا عنقه»!

ورده سبايا تستر وهن حبالى!!

وإرساله بحبل في صبيان سرقوا بالبصرة وقوله: «من بلغ طول هذا الحبل فاقطعوه»!(٣)

وأعجب من ذلك أن كذّاباً رجم بكذابة فقبلها وقبلها الجهال فزعموا أن الملك ينطق على لسانه ويلقنه!(٤)

وإعتاقه سبايا أهل اليمن.(٥)

____________________

١. أورد العلامة الأميني في الغدير: ج ٨ ص ٢٠٠ ما رواه مالك أن عمر قال: «أيما امرأة فقدت زوجها فلم تدر أين هو، فإنها تنتظر أربع سنين. ثم تنتظر أربعة أشهر وعشراً ثم تحل». وأنه إن جاء زوجها وقد تزوَّجت خيِّر بين امرأته وبين صداقها، فإن اختار الصداق كان على زوجها الآخر، وإن اختار امرأته اعتدَّت حتى تحلَّ، ثم ترجع إلى زوجها الأوَّل وكان لها من زوجها الآخر مهرها بما استحلَّ من فرجها!

٢. ذكر المسعودي في مروج الذهب: ج ٢ ص ٣٢٠: أن عمر كان لا يترك أحداً من العجم يدخل المدينة.

٣. أورد العلامة الأميني في الغدير: ج ٦ ص ١٧١ عن ابن أبي مليكة: أن عمر كتب في غلام من أهل العراق سرق، فكتب: أن اشبروه، فإن وجدتموه ستة أشبار فاقطعوه. فشبر فوجد ستة أشبار تنقص أنملة فترك!

٤. قوله «رجم بكذّابة»! أي ألقى كلاماً كاذباً رجماً بالغيب وهو ادعائه «أن الملك ينطق على لسان عمر». راجع عن هذه المنقبة المختلقة لعمر: الغدير: ج ٦ ص ٣٣١، وراجع الحديث ١٠ من هذا الكتاب.

٥. روى الفضل بن شاذان في «الإيضاح» ص ٤٦٣: أن عمر أعتق سبايا اليمن وهن حبالى من المسلمين! =

٢٣٢

٢

معصية أبي بكر وعمر للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله واعتراضاتهما عليه!!(١)

وتخلُّفه وصاحبه عن جيش أسامة بن زيد مع تسليمهما عليه بالأمرة.(٢)

ثم أعجب من ذلك أنه قد علم الله وعلمه الناس أنه الذي صد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الكتف الذي دعاه به. ثم لم يضره ذلك عندهم ولم ينقصه.(٣)

وإنَّه صاحب صفية حين قال لها ما قال. فغضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى قال ما قال.(٤)

____________________

= وفرَّق بينهن وبين من اشتراهن.

وروى ابن شهر آشوب في المثالب (مخطوط) ص ١٠٨: أن أبا بكر أرقَّ سبي اليمن وبيعوا، فوطئت الفروج. فلما استخلف الثاني أعتق ذلك السبي وقال: لا أملك على عربيِّ فأعتقهن وهن حبالى، وفرَّق بينهن وبين من اشتراهن. فمضين إلى بلادهن ومعهن أولاد أيضاً منهن!! وذلك أن أبا موسى ادعى أنه أعطاهن عهداً وحلف على ذلك فردهم عمر إلى أرضهم حبالى!!

وروي في البحار: ج ٨ طبع قديم ص ١٩٦ عن تقريب المعارف والخصال: أن عمر قال عند موته: أتوب إلى الله من ثلاث: من ردي (عتقي) سبايا اليمن و ....

١. قد أورد في إثبات الهداة: ج ٢ ص ٣٢٥ موارد كثيرة من اعتراضات عمر على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢. روي في البحار: ج ٨ طبع قديم ص ٢٤٥ بطرق كثيرة: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر الناس بالتهيُّؤ لغزو الروم لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة. فدعا أسامة بن زيد وولاه الجيش وأعطاه الراية ولعن المتخلف عن جيش أسامة وكان ممن نص على أسمائهم أبو بكر وعمر. فرجعا ودخلا المدينة ليلة وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . وتهيَّؤوا لغصب الخلافة وما في سقيفة بني ساعدة. وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله في تلك الليلة: «دخل المدينة الليلة شر عظيم ».

٣. راجع عن قصة الكتف: الحديث ١١ و ٤٩.

٤. روى العلامة المجلسي في البحار: ج ٨ طبع قديم ص ٢٠٠ ب ١٩ ح ٣ عن أبي جعفرعليه‌السلام : إن صفية بنت =

٢٣٣

وإنه وصاحبه اللذان كفا عن قتل الرجل الذي أمرهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بقتله، ثم أمرني بعدهما وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك ما قال.(١)

وأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أبا بكر ينادي في الناس: «إنه من لقي الله موحداً لا يشرك به شيئاً دخل الجنة»، فرده عمر وأطاعه أبو بكر(٢) وعصى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلم تنفذ أمره، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك ما قال.

فمساويه ومساوي صاحبه أكثر من أن تحصى أو تعد، ثم لم ينقصهم ذلك عند الجهال والعامة ؛ وهما أحب إليهم من آبائهم وأمهاتهم وأنفسهم، ويبغضون لهما ما لا يبغضون لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .(٣)

____________________

= عبد المطلب مات إبنٌ لها فأقبلت فقال لها عمر: غَطّي قرطك فإن قرابتك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا تنفعك شيئاً! فقالت له: هل رأيت لي قرطاً يا بن اللخناء؟! ثم دخلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبرته بذلك فبكت. فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فنادى: الصلاة جامعة. فاجتمع الناس، فقال: ما بال أقوام يزعمون أن قرابتي لا تنفع وجاء مثله في مجمع الزوائد: ج ٨ ص ٢١٦.

١. أورد العلامة الأميني في الغدير: ج٧ص٢١٦ عن أبي سعيد الخدري: أن أبا بكر جاء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا رسول الله إني مررت بوادي كذا وكذا فإذاً رجل متخشِّع حسن الهيئة يصلي. فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذهب إليه فاقتله. قال: فذهب إليه أبو بكر، فلما رآه على تلك الحالة كره أن يقتله، فجاء إلى رسول الله. فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعمر: إذهب إليه فاقتله. قال: فذهب عمر فرآه على تلك الحالة التي رآه أبو بكر، فكره أن يقتله. فرجع فقال: يا رسول الله، إني رأيته متخشِّعاً فكرهت أن أقتله. فقال: يا علي، إذهب فاقتله. فذهب عليعليه‌السلام فلم يره. فرجع فقال: يا رسول الله، إني لم أره. فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إن هذا وأصحابه يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم في فوقه، فاقتلوهم، هم شر البرية». وروي مثله في البحار: ج ٨ طبع قديم ص ٢٢٩ و ٢٧٠.

٢. أي رد عمر قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأطاع أبو بكر قول عمر. روى ابن أبي الحديد في شرح النهج: ج ٣ ص ١٠٨ أن أبا هريرة قال: قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذهب فمن لقيته وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه فبشِّره بالجنة. فخرجت فكان أول من لقيت عمر، فقال: ما هذا؟ فضرب عمر في صدري فخررت لإستي وقال: إرجع إلى رسول الله! فأجهشتُ بالبكاء راجعاً. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما بالك؟ فأخبرته، فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فإذاً عمر، فقال: ما حملك يا عمر على فعلت!؟

٣. زاد في إرشاد القلوب:ويتورَّعون ذكرهما بسوء ما لا يتورَّعون عن ذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢٣٤

إهانة عمر لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

قال عليعليه‌السلام : ثم مررت بالصهاكي(١) يوماً فقال لي: «ما مثل محمد إلا كمثل نخلة نبتت في كناسة»! فأتيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فذكرت له ذلك. فغضب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وخرج مغضباً فأتى المنبر، وفزعت الأنصار فجاءت شاكة في السلاح لما رأت من غضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: ما بال أقوام يعيِّرونني بقرابتي؟ وقد سمعوا مني ما قلت في فضلهم وتفضيل الله إياهم وما اختصهم الله به من إذهاب الرجس عنهم وتطهير الله إياهم، وقد سمعتم ما قلت في أفضل أهل بيتي وخيرهم مما خصه الله به وأكرمه وفضله من سبقه في الإسلام وبلاؤه فيه وقرابته مني وأنه بمنزلة هارون من موسى، ثمتزعمون أن مثَلي في أهل بيتي كمثل نخلة نبتت في كناسة؟

ألا إن الله خلق خلقه ففرَّقهم فرقتين، فجعلني في خير الفريقين. ثم فرَّق الفرقة ثلاث فِرَق، شعوباً وقبائل وبيوتاً وجعلني في خيرها شعباً وخيرها قبيلة. ثم جعلهم بيوتاً فجعلني في خيرها بيتاً، فذلك قوله:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (٢) ، فحصلَتْ(٣) في أهل بيتي وعترتي وأنا وأخي علي بن أبي طالب.

ألا وإن الله نظر إلى أهل الأرض نظرة فاختارني منهم، ثم نظر نظرة فاختار أخي علياً ووزيري ووصيي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي. فبعثني رسولاً ونبياً ودليلاً، فأوحى إليَّ أن أتخذ علياً أخاً وولياً ووصياً وخليفة في أمتي بعدي.

ألا وإنه ولي كل مؤمن بعدي، من والاه والاه الله ومن عاداه عاداه الله ومن أحبه أحبه الله ومن أبغضه أبغضه الله. لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا كافر. ربُّ الأرض

____________________

١. المراد بالصهاكي عمر بن الخطاب باعتبار أمَّه الصهاك الحبشية. راجع الحديث ٤ من هذا الكتاب.

٢. سورة الأحزاب: الآية ٣٣.

٣. أي فحصلت هذه الآية في هذه الأشخاص.

٢٣٥

بعدي وسكَنها وهو كلمة الله التقوى وعروة الله الوثقى.

أتريدون أن تطفؤوا نور الله بأفواهكم؟ والله متم نوره ولو كره المشركون. ويريد أعداء الله أن يطفؤوا نور أخي، ويأبى الله إلا أن يتم نوره.

يا أيها الناس، ليبلغ مقالتي شاهدكم غائبكم. اللهمَّ اشهد عليهم.

يا أيها الناس، إن الله نظر نظرة ثالثة فاختار منهم بعدي اثني عشر وصياً من أهل بيتي وهم خيار أمتي منهم أحد عشر إماماً بعد أخي واحداً بعد واحد كلما هلك واحد قام واحد منهم. مَثلهم كمثل النجوم في السماء كلما غاب نجم طلع نجم لأنهم أئمة هداة مهتدون، لا يضرهم كيد من كادهم ولا خذلان من خذلهم بل يضر الله بذلك من كادهموخذلهم.

فهم حجة الله في أرضه وشهداءه على خلقه. من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله. هم مع القرآن والقرآن معهم، لا يفارقونه ولا يفارقهم حتى يردوا على حوضي.

أول الأئمة أخي علي خيرهم، ثم ابني الحسن ثم ابني الحسين ثم تسعة من ولد الحسين، وأمهم ابنتي فاطمة ، صلوات الله عليهم. ثم من بعدهم(١) جعفر بن أبي طالب ابن عمي وأخو أخي، وعمي حمزة بن عبد المطلب.

ألا إني محمد بن عبد الله. أنا خير المرسلين والنبيين، وفاطمة ابنتي سيدة نساء أهل الجنة، وعلي وبنوه الأوصياء خير الوصيين، وأهل بيتي خير أهل بيوتات النبيين وابناي سيدا شباب أهل الجنة.

____________________

١. أي ثم من بعدهم في الفضل.

٢٣٦

أيها الناس، إن شفاعتي ليرجوها رجاءكم، أفيعجز عنها أهل بيتي؟ ما من أحد ولَّده جدي عبد المطلب يلقى الله موحداً لا يشرك به شيئاً إلا أدخله الجنة ولو كان فيه من الذنوب عدد الحصى وزبد البحر.

أيها الناس، عظموا أهل بيتي في حياتي ومن بعدي وأكرموهم وفضِّلوهم، فإنه لا يحل لأحد أن يقوم من مجلسه لأحد إلا لأهل بيتي. إني لو أخذت بحلقة باب الجنة ثم تجلى لي ربي تبارك وتعالى فسجدت وأذن لي بالشفاعة، لم أوثر على أهل بيتي أحداً.

أيها الناس، انسبوني من أنا؟ فقام إليه رجل من الأنصار فقال: نعوذ بالله من غضب الله ومن غضب رسوله، أخبرنا - يا رسول الله - من الذي آذاك في أهل بيتك حتى نضرب عنقه وليبر عترته. فقال: انسبوني، أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم حتى انتسب إلى نزار؛ ثم مضى في نسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم خليل الله(١) ؛ ثم قال: إني وأهل بيتي بطينة طيبة من تحت العرش إلى آدم نكاح غير سفاح لم يخالطنا نكاح الجاهلية.

تحدي الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله لهم في أنسابهم وآخرتهم

فسلوني، فوالله لا يسألني رجل عن أبيه وعن أمه وعن نسبه إلا أخبرته به.

فقام إليه رجل فقال: من أبي؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : أبوك فلان الذي تدعى إليه. فحمد الله

____________________

١. روي في البحار: ج ١٥ ص ١٠٧ نسب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى آدمعليه‌السلام هكذا: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لوي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن خزيمة بن مدركة بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أد بن أدد بن اليسع بن الهميسع بن سلامان بن نبت حمل بن قيذار بن إسماعيل بن إبراهيم بن تارخ بن ناخور بن سروغ بن هود بن أرفخشذ بن متوشلخ بن سام بن نوح بن لمك بن إدريس بن مهلائيل بن زبارز بن قينان بن أنوش بن شيث وهو هبة الله بن آدم.

٢٣٧

وأثنى عليه وقال: لو نسبتني إلى غيره لرضيت وسلمت. ثم قام إليه رجل آخر فقال له: من أبي؟ فقال: أبوك فلان - لغير أبيه الذي يدعى إليه - فارتد عن الإسلام. ثم قام إليه رجل آخر فقال: أمن أهل الجنة أنا أم من أهل النار؟ فقال: من أهل الجنة. ثم قام رجل آخر فقال: أمن أهل الجنة أنا أم من أهل النار؟ فقال: من أهل النار.

اعتراض عمر بإهانته لساحة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله القدسية

ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - وهو مغضب -: ما يمنع الذي عيَّر أفضل أهل بيتي وأخي ووزيري ووارثي ووصيي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي أن يقوم فيسألني من أبوه وأين هو، أفي الجنة أم في النار؟

فقام إليهعمر بن الخطاب فقال(١) : أعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله، أعف عنا يا رسول الله عفا الله عنك، أقلنا أقالك الله، استرنا سترك الله، اصفح عنا صلى الله عليك. فاستحى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فكف.

اعتراض عمر على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في زكاة أموال العباس

قال عليعليه‌السلام : وهو صاحب العباس الذي بعثه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ساعياً فرجع وقال: إن العباس قد منع صدقة ماله. فغضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: «الحمد لله الذي عافانا أهل البيت من شر ما يلطخونا به. إن العباس لم يمنع صدقة ماله ولكنك عجلت عليه وقد عجل زكاة سنين. ثم أتاني بعد ذلك يطلب أن أمشي معه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شافعاً ليرضى عنه، ففعلت.

اعتراض عمر على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الصلاة على جنازة المنافق

وهو صاحب عبد الله بن أبي سلول حين تقدَّم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليصلي عليه فأخذ

____________________

١. في الفضائل: فعند ذلك خشي الثاني على نفسه أن يذكره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ويفضحه بين الناس، فقام وقال: نعوذ بالله ...

٢٣٨

بثوبه من ورائه فمده إليه من خلفه وقال: «قد نهاك الله أن تصلي عليه ولا يحل لك أن تصلي عليه» فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ويلك، قد آذيتني! إنما صليت عليه كرامة لابنه، وإني لأرجو أن يسلم به سبعون رجلاً من بني أبيه وأهل بيته. وما يدريك ما قلت، إنما دعوت الله عليه.(١)

اعتراض عمر على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في صلح الحديبية

وهو صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الحديبية(٢) - حين كتب القضية - إذ قال له: أنعطي

____________________

١. روي في البحار: ج ٨ طبع قديم ص ٢٠٠ أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لما رجع إلى المدينة مرض عبد الله بن أُبي (وكان من المنافقين) وكان ابنه عبد الله بن عبد الله مؤمناً. فجاء إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وأبوه يجود بنفسه فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي، إنك لم تأتِ أبي عائداً كان ذلك عاراً علينا. فدخل عليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والمنافقون عنده، فقال ابنه عبد الله بن عبد الله: يا رسول الله، استغفر الله له. فاستغفَر له. فقال عمر: ألم ينهك الله - يا رسول الله - أن تصلي عليهم أو تستغفر لهم؟ فأعرض عنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأعاد عليه، فقال له: ويلك، إني خُيِّرت فاخترت. إن الله يقول:( اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّـهُ لَهُمْ ) .

فلما مات عبد الله جاء ابنه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، إن رأيت أن تحضر جنازته؟ فحضره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقام على قبره؟ فقال له عمر: يا رسول الله، ألم ينهك الله أن تصلي على أحد منهم مات أبداً وأن تقوم على قبره؟ فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ويلك! وهل تدري ما قلت؟ إنما قلت: « اللهمَّ احشُ قبره ناراً وجوفه ناراً وأصله النار ». فبدا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما لم يكن يحب.

٢. روي في البحار: ج ٢ ص ٣٣٤ عند ذكر كتاب الصلح الذي تصالح عليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسهيل بن عمرو من جملة ما كتبوه أن سهيلاً قال: «على أن لا يأتيك منا رجل - وإن كان على دينك - إلا رددته إلينا، ومن جاءنا ممن معك لم نرده عليك». فقال المسلمون: سبحان الله، كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلماً؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من جاءهم منا فأبعده الله ومن جاءنا منهم رددناه إليهم، فلو علم الله الإسلام من قلبه جعل له مخرجاً» ...

فبينا هم كذلك إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده، قد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين. فقال سهيل: يا محمد، هذا أول ما أُقاضيك عليه أن ترده قال أبو جندل بن سهيل: معاشر المسلمين، أُرَدُّ إلى المشركين وقد جئت مسلماً؟ ألا ترون ما قد لقيت. وكان قد عذِّب عذاباً شديداً.

=

٢٣٩

الدنيَّة في ديننا؟! ثم جعل يطوف في عسكر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يشكِّكهم ويحضِّضهم ويقول: «أنعطي الدنية في ديننا »؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أفرجوا عني، أتريدون أن أغدر بذمتي؟ ولَأفي لهم بما كتبت لهم، خذ يا سهيل بيد أبي جندل». فأخذه فشده وثاقاً في الحديد. ثم جعل الله عاقبة أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الخير والرشد والهدى والعزة والفضل.

اعتراض عمر يوم غدير خم

وهو صاحب يوم غدير خم إذ قال هو وصاحبه - حين نصبني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لوِلايتي - فقال: «ما يألو أن يرفع خسيسته»! وقال الآخر: «ما يألو رفعاً بضبع ابن عمه»! وقال لصاحبه - وأنا منصوب -: «إن هذه لهي الكرامة». فقطب صاحبه في وجهه وقال: لا والله لا أسمع له ولا أطيع أبداً! ثم اتكأ عليه ثم تمطى وانصرفا، فأنزل الله فيه:( فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّىٰ، وَلَـٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ، أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ، ثُمَّ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ ) (١) ، وعيداً من الله له وانتهاراً.

اعتراض عمر في مرض عليصلى‌الله‌عليه‌وآله واستهزاءه

وهو الذي دخل عليَّ مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يعودني في رهط من أصحابه، حين غمزه صاحبه فقام وقال: يا رسول الله، إنك قد كنت عهدت إلينا في علي عهداً وإني لأراه لما به! فإن هلك فإلى من؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إجلس، فأعادها ثلاث مرات، فأقبل عليهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: إيهٍ، والله إنه لا يموت في مرضه هذا. والله لا يموت حتى تملياه غيظا وتوسعاه غدراً وظلماً، ثم تجداه صابراً قواماً. ولا يموت حتى يلقى منكما هنات وهنات، ولا يموت إلا شهيداً مقتولاً.

____________________

= فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أبا جندل، اصبر واحتسب فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجاً. إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحاً وأعطيناهم على ذلك وأعطونا عهد الله وإنا لا نغدر بهم.

١. سورة القيامة: الآيات ٣١ - ٣٥.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638