كتاب سليم بن قيس الهلالي

كتاب سليم بن قيس الهلالي0%

كتاب سليم بن قيس الهلالي مؤلف:
المحقق: محمد باقر الأنصاري الزنجاني
الناشر: نشر الهادي
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 638

كتاب سليم بن قيس الهلالي

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: سليم بن قيس الهلالي العامري
المحقق: محمد باقر الأنصاري الزنجاني
الناشر: نشر الهادي
تصنيف: الصفحات: 638
المشاهدات: 398015
تحميل: 7619

توضيحات:

كتاب سليم بن قيس الهلالي
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 638 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 398015 / تحميل: 7619
الحجم الحجم الحجم
كتاب سليم بن قيس الهلالي

كتاب سليم بن قيس الهلالي

مؤلف:
الناشر: نشر الهادي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام على لسان الإمام الحسينعليه‌السلام

وما ترك شيئاً مما أنزل الله فيهم من القرآن إلا تلاه وفسره، ولا شيئاً مما قاله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في أبيه وأخيه وأمه وفي نفسه وأهل بيته إلا رواه، وكل ذلك يقول الصحابة: «اللهمَّ نعم، قد سمعنا وشهدنا»، ويقول التابعي: «اللهمَّ قد حدثني به من أصدقه وأئتمنه من الصحابة». فقال: أنشدكم الله إلا حدثتم به من تثقون به وبدينه.

قال سليم: فكان فيما ناشدهم الحسينعليه‌السلام وذكَّرهم أن قال: أنشدكم الله أتعلمون أن علي بن أبي طالب كان أخا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين آخى بين أصحابه، فآخى بينه وبين نفسه وقال: «أنت أخي وأنا أخوك في الدنيا والآخرة »؟ قالوا: اللهمَّ نعم.

قال: أنشدكم الله، هل تعلمون أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اشترى موضع مسجده ومنازله فابتناه، ثم ابتنى فيه عشرة منازل، تسعة له وجعل عاشرها في وسطها لأبي.

ثم سد كل باب شارع إلى المسجد غير بابه، فتكلم في ذلك من تكلم، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «ما أنا سددت أبوابكم وفتحت بابه، ولكن الله أمرني بسد أبوابكم وفتح بابه». ثم نهى الناس أن يناموا في المسجد غيره، وكان يجنب في المسجد ومنزله في منزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فولد لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وله فيه أولاد؟ قالوا: اللهمَّ نعم.

قال: أفتعلمون أن عمر بن الخطاب حرص على كوة قدر عينه يدعها من منزله إلى المسجد، فأبى عليه. ثم خطبصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: إن الله أمر موسى أن يبني مسجداً طاهراً لا يسكنه غيره وغير هارون وابنيه وإن الله أمرني أن أبني مسجداً طاهراً لا يسكنه غيري وغير أخي وابنيه؟ قالوا: اللهمَّ نعم.

قال: أنشدكم الله، أتعلمون أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نصبه يوم غدير خم فنادى له بالولاية وقال: «ليبلغ الشاهد الغائب»؟ قالوا: اللهمَّ نعم.

٣٢١

قال: أنشدكم الله، أتعلمون أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال له في غزوة تبوك: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى وأنت ولي كل مؤمن بعدي»؟ قالوا: اللهمَّ نعم.

قال: أنشدكم الله، أتعلمون أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين دعا النصارى من أهل نجران إلى المباهلة لم يأت إلا به وبصاحبته وابنيه؟ قالوا: اللهمَّ نعم.

قال: أنشدكم الله، أتعلمون أنه دفع إليه اللواء يوم خيبر، ثم قال: «لأدفعه إلى رجل يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله، كرّار غير فرّار يفتحها الله على يديه»؟ قالوا: اللهمَّ نعم.

قال: أتعلمون أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعثه ببراءة وقال: «لا يبلغ عني إلا أنا أو رجل مني»؟ قالوا: اللهمَّ نعم.

قال: أتعلمون أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم تنزل به شدة قط إلا قدَّمه لها ثقة به، وأنه لم يدعُه باسمه قط إلا أن يقول: «يا أخي» و «ادعوا لي أخي»؟ قالوا: اللهمَّ نعم.

قال: أتعلمون أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قضى بينه وبين جعفر وزيد(١) ، فقال له: «يا علي، أنت مني وأنا منك، وأنت ولي كل مؤمن ومؤمنة بعدي»؟ قالوا: اللهمَّ نعم.

قال: أتعلمون أنه كانت له من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كل يوم خلوة وكل ليلة دخلة، إذا سأله أعطاه وإذا سكت أبداه؟ قالوا: اللهمَّ نعم.

____________________

١. راجع الحديث ١١ من هذا الكتاب.

٣٢٢

قال: أتعلمون أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فضله على جعفر وحمزة حين قال لفاطمةعليها‌السلام : «زوَّجتك خير أهل بيتي، أقدمهم سلماً وأعظمهم حلماً وأكثرهم علماً»؟ قالوا: اللهمَّ نعم.

قال: أتعلمون أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: «أنا سيد ولد آدم وأخي علي سيد العرب، وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة، وابناي الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة»؟ قالوا: اللهمَّ نعم.

قال: أتعلمون أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمره بغسله وأخبره أن جبرئيل يعينه عليه؟ قالوا: اللهمَّ نعم.

قال: أتعلمون أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال في آخر خطبة خطبها: «أيها الناس، إني تركت فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي، فتمسَّكوا بهما لن تضلوا»؟ قالوا: اللهمَّ نعم.

فلم يدع شيئاً أنزله الله في علي بن أبي طالبعليه‌السلام خاصة وفي أهل بيته من القرآن ولا على لسان نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلا ناشدهم فيه، فيقول الصحابة: «اللهمَّ نعم، قد سمعنا»، ويقول التابعي: «اللهمَّ قد حدثنيه مَن أثق به، فلان وفلان».

ثم ناشدهم أنهم قد سمعوهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: «من زعم أنه يحبني ويبغض علياً فقد كذب، ليس يحبني وهو يبغض علياً » فقال له قائل: يا رسول الله، وكيف ذلك؟ قال: لأنه مني وأنا منه، من أحبه فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أبغضه فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله»؟

فقالوا: «اللهمَّ نعم، قد سمعنا». وتفرقوا على ذلك.

٣٢٣

٢٧

ابن عباس يحكي قضية الكتف

أبان بن أبي عياش عن سليم، قال: إني كنت عند عبد الله بن عباس في بيته وعنده رهط من الشيعة. قال: فذكروا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وموته، فبكى ابن عباس، وقال:

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الاثنين - وهو اليوم الذي قبض فيه - وحوله أهل بيته وثلاثون رجلاً من أصحابه: ايتوني بكتف أكتب لكم فيه كتاباً لن تضلوا بعدي ولن تختلفوا بعدي.

فمنعهم فرعون هذه الأمة فقال: «إن رسول الله يهجر»! فغضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: «إني أراكم تخالفوني وأنا حي، فكيف بعد موتي »؟ فترك الكتف.

قال سليم: ثم أقبل عليَّ ابن عباس فقال: يا سليم، لولا ما قال ذلك الرجل لكتب لنا كتاباً لا يضل أحد ولا يختلف.

فقال رجل من القوم: ومن ذلك الرجل؟ فقال: ليس إلى ذلك سبيل.

فخلوت بابن عباس بعد ما قام القوم، فقال: هو عمر. فقلت: صدقت، قد سمعت علياًعليه‌السلام وسلمان وأبا ذر والمقداد يقولون: «إنه عمر». فقال: يا سليم، اكتم إلا ممن تثق بهم من إخوانك،فإن قلوب هذه الأمة أشربت حب هذين الرجلين كما أشربت قلوب بني إسرائيل حب العجل والسامري .

٣٢٤

٢٨

أحاديث عن حرب الجمل

قال أبان: سمعت سليم بن قيس يقول: شهدت يوم الجمل علياًعليه‌السلام ، وكنااثني عشر ألفاً وكان أصحاب الجمل زيادة علىعشرين ومائة ألف .

وكان مع عليعليه‌السلام من المهاجرين والأنصار نحو منأربعة آلاف ممن شهد مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بدراً والحديبية ومشاهده، وسائر الناس من أهل الكوفة إلا من تبعه(١) من أهل البصرة والحجاز ليست له هجرة ممن أسلم بعد الفتح. وجل الأربعة آلاف من الأنصار.

ولم يكره أحداً من الناس على البيعة ولا على القتال؛ إنما ندبهم فانتدب من أهل بدر سبعون ومائة رجل، وجلهم من الأنصار ممن شاهد أحُداً والحديبية، ولم يتخلف عنه أحد.

وليس أحد من المهاجرين والأنصار إلا وهواه معه، يتولَّونه ويدعون له بالظفر والنصر ويحبون ظهوره على من ناواه؛ ولم يحرجهم ولم يضيِّق عليهم وقد بايعوه، وليس كل الناس يقاتل في سبيل الله.(٢)

____________________

١. أي مضافاً إلى من تبعه من أهل البصرة ومن غير المهاجرين من أهل الحجاز الذين أسلموا بعد فتح مكة.

٢. أي عدم إكراههعليه‌السلام لهم لا ينافي عدم خلوص نياتهم في الحرب.

٣٢٥

والطاعن عليه والمتبرء منه قليل مستتر عنه، مظهر له الطاعة غير ثلاثة رهط، بايعوه ثم شكّوا في القتال معه وقعدوا في بيوتهم:محمد بن مسلمة وسعد بن أبي وقاص وابن عمر .

وأسامة بن زيد سلَّم بعد ذلك ورضي، ودعا لعليعليه‌السلام واستغفر له وبرئ من عدوه وشهد أنه على الحق، ومن خالفه ملعون حلال الدم.

٣٢٦

٢٩

احتجاجات أمير المؤمنينعليه‌السلام على طلحة والزبير

قال أبان: قال سليم: لما التقى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وأهل البصرة يوم الجمل نادى عليعليه‌السلام الزبير: يا أبا عبد الله، اخرج إليَّ.

فقال له أصحابه: يا أمير المؤمنين، تخرج إلى الزبير الناكث بيعته وهو على فرس شاك في السلاح وأنت على بغلة بلا سلاح؟! فقال عليعليه‌السلام : إن عليَّ من الله جنة واقية. لن يستطيع أحد فراراً من أجله. وإني لا أموت ولا أقتل إلا على يدي أشقاها كما عقر ناقة الله أشقى ثمود.

فخرج إليه الزبير. فقال: أين طلحة؟ ليخرج. فخرج طلحة.

أصحاب الجمل ملعونون على لسان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

فقالعليه‌السلام : نشدتكما بالله، أتعلمان وأولوا العلم من آل محمد وعائشة بنت أبي بكر «أن أصحاب الجمل وأهل النهروان ملعونون على لسان محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله » وقد خاب من افترى؟

فقال الزبير: كيف نكون ملعونين ونحن من أهل الجنة؟ فقال عليعليه‌السلام : لو علمت أنكم من أهل الجنة لما استحللت قتالكم.

فقال الزبير: أما سمعت رسول الله يقول يوم أحُد: «أوجب طلحة الجنة؛ ومن أراد أن ينظر إلى شهيد يمشي على الأرض حياً فلينظر إلى طلحة»؟ أوَما سمعت رسول الله

٣٢٧

يقول: «عشرة من قريش في الجنة»؟(١)

رد أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث العشرة المبشرة

فقال عليعليه‌السلام : فسمِّهم. قال: فلان وفلان وفلان، حتى عدَّ تسعة، فيهم أبو عبيدة بن الجراح وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل.

فقال عليعليه‌السلام : عددت تسعة، فمن العاشر؟ قال الزبير: أنت! فقال عليعليه‌السلام :أما أنت فقد أقررت أني من أهل الجنة، وأما ما ادعيت لنفسك وأصحابك فإني به لمن الجاحدين . والله إن بعض من سميت لفي تابوت في جب في أسفل درك من جهنم، على ذلك الجب صخرة إذا أراد الله أن يسعر جهنم رفع تلك الصخرة فأسعرت جهنم. سمعت ذلك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإلا فأظفرك الله بي وسفك دمي بيدك، وإلا فأظفرني الله بك وبأصحابك!

فرجع الزبير إلى أصحابه وهو يبكي.

إخراج زوجة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيد طلحة والزبير

ثم أقبل على طلحة فقال: يا طلحة، معكما نساؤكما؟ قال: لا. قال: عمدتما إلىامرأة موضعها في كتاب الله القعود في بيتها فأبرزتماها وصنتما حلائلكما في الخيام والحجال!؟ ما أنصفتما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من أنفسكم حيث أجلستما نسائكما في البيوت وأخرجتما زوجة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد أمر الله أن لا يكلِّمن إلا من وراء حجاب.

أخبرني عن صلاة عبد الله بن الزبير بكما، أما يرضى أحدكما بصاحبه؟ أخبرني عن دعائكما الأعراب إلى قتالي، ما يحملكما على ذلك؟

____________________

١. في الإحتجاج: أما سمعتَ حديث سعيد بن عمرو بن نفيل وهو يروي أنه سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: «عشرة من قريش في الجنة»؟ قال عليعليه‌السلام : سمعتُه يحدث بذلك عثمان في خلافته. فقال له عليعليه‌السلام : لست أخبرك بشئ حتى تسميهم.

٣٢٨

فقال طلحة: يا هذا، كنا في الشورى ستة مات منا واحد وقتل آخر، فنحن اليوم أربعة كلنا لك كاره.

فقال له عليعليه‌السلام : ليس ذلك عليَّ؛ قد كنا في الشورى والأمر في يد غيرنا وهو اليوم في يدي. أرأيت لو أردت - بعد ما بايعت عثمان - أن أردَّ هذا الأمر شورى، أكان ذلك لي؟ قال: لا. قال: ولمَ؟ قال: لأنك بايعت طائعاً.

فقال عليعليه‌السلام : وكيف ذلك، والأنصار معهم السيوف مخترطة يقولون: «لئن فرغتم وبايعتم واحداً منكم، وإلا ضربنا أعناقكم أجمعين »! فهل قال لك ولأصحابك أحد شيئاً من هذا حيث بايعتماني؟ وحجتي في الاستكراه في البيعة أوضح من حجتك وقد بايعتني أنت وصاحبك طائعين غير مكرهين، وكنتما أول من فعل ذلك، ولم يقل أحد: لتبايعان أو لنقتلنكما!

فانصرف طلحة ونشب القتال، فقتل طلحة وانهزم الزبير.

٣٢٩

٣٠

مفتاح العلوم عند أمير المؤمنينعليه‌السلام

قال أبان: قال سليم: سمعت ابن عباس يقول: سمعت من عليعليه‌السلام حديثاً لم أدر ما وجهه ولم أنكره. سمعته يقول: «إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أسرَّ إليَّ في مرضه، فعلَّمنيمفتاح ألف باب من العلم يفتح كل باب ألف باب».

وإني لجالس بذي قار في فسطاط عليعليه‌السلام وقد بعث الحسنعليه‌السلام وعماراً إلى أهل الكوفة يستنفران الناس، إذ أقبل عليَّ عليعليه‌السلام فقال: يا بن عباس، يقدم عليك الحسن ومعه أحد عشر ألف رجل غير رجل أو رجلين.(١) فقلت في نفسي: إن كان كما قال فهو من تلك الألف باب.

فلما أظلنا الحسنعليه‌السلام بذلك الجند استقبلتهم، فقلت لكاتب الجيش الذي معه أسمائهم: كم رجل معكم؟ فقال: أحد عشر ألف رجل غير رجل أو رجلين.

____________________

١. الترديد من الراوي، ورواه في البحار: ج ٤١ ص ٣٠٠ بتفصيل أكثر هكذا: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام بذي قار وهو جالس لأخذ البيعة: يأتيكم من قبل الكوفة ألف رجل لا يزيدون رجلاً ولا ينقصون رجلاً، يبايعوني على الموت. قال ابن عباس: فجزعت لذلك وخفت أن ينقص القوم من العدد أو يزيدوا عليه فيفسدوا الأمر علينا. وإني أحصي القوم فاستوفيت عددهم تسعمائة ر جل وتسعة وتسعين رجلاً، ثم انقطع مجيء القوم. فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون. ما ذا حمله على ما قال؟ فبينما أنا مفكر في ذلك إذ رأيت شخصاً قد أقبل حتى دنا، وهو رجل عليه قباء صوف ومعه سيف وترس وإداوة. فقرب من أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال: امدد يديك لأبايعك. قال عليعليه‌السلام : وعلى ما تبايعني؟ قال: على السمع والطاعة والقتال بين يديك أو يفتح الله عليك. فقال: ما اسمك؟ قال: أويس القرني، قال: نعم، الله أكبر! فإنه أخبرني حبيبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أني أدرك رجلاً من أمته يقال له «أويس القرني»، يكون من حزب الله، يموت على الشهادة، يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر. قال ابن عباس: فسُري عنا.

٣٣٠

٣١

سلوني قبل أن تفقدوني

قال أبان عن سليم، قال: جلست إلى عليعليه‌السلام بالكوفة في المسجد والناس حوله. فقال: سلوني قبل أن تفقدوني. سلوني عن كتاب الله، فوالله ما نزلت آية من كتاب الله إلا وقد أقرأنيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلَّمني تأويلها.

فقال ابن الكواء: فما كان ينزل عليه وأنت غائب؟

فقالعليه‌السلام : بلى، يحفظ عليَّ ما غبت عنه، فإذا قدمت عليه قال لي: «يا علي، أنزل الله بعدك كذا وكذا»فيَقرأنيه ، «وتأويله كذا وكذا»فيعلِّمنيه .

٣٣١

٣٢

افتراق الأمم

قال أبان: قال سليم: سمعت علياًعليه‌السلام وهو يقول لرأس اليهود: كم افترقتم؟ فقال: على كذا وكذا فرقة. فقال عليعليه‌السلام : كذبت!

ثم أقبل على الناس فقال: والله لو ثنِّيت لي الوسادة لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وبين أهل القرآن بقرآنهم.

افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، سبعون منها في النار وواحدة في الجنة وهي التي اتبعتيوشع بن نون وصي موسى . وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، إحدى وسبعون فرقة في النار وواحدة في الجنة وهي التي اتبعتشمعون وصي عيسى عليه‌السلام . وتفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، اثنتان وسبعون فرقة في النار وواحدة في الجنة وهي التي اتبعتوصي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله - وضرب بيده على صدره -.

ثم قال:ثلاث عشرة فرقة من الثلاث والسبعين كلها تنتحل مودتي وحبي ، واحدة منها في الجنة واثنتا عشرة منها في النار.

٣٣٢

٣٣

أسماء أهل السعادة والشقاوة

قال أبان: قال سليم: قلت لابن عباس: أخبرني بأعظم ما سمعتم من علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، ما هو؟

قال سليم: فأتاني بشيئ قد كنت سمعته أنا من عليعليه‌السلام .

قالعليه‌السلام : دعاني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وفي يده كتاب، فقال: يا علي، دونك هذا الكتاب. فقلت: يا نبي الله، وما هذا الكتاب؟ قال: كتاب كتبه الله، فيه تسميةأهل السعادة وأهل الشقاوة من أمتي إلى يوم القيامة، أمرني ربي أن أدفعه إليك.(١)

____________________

١. يناسب هنا أن أورد ما رواه في البحار: ج ١٧ ص ١٤٦ ح ٤٠ بأسناده عن أبي جعفر عن آبائهعليهم‌السلام قال: خرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وفي يده اليمنى كتاب وفي يده اليسرى كتاب. فنشر الكتاب الذي في يده اليمنى فقرأ: «بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب لأهل الجنة بأسمائهم وأسماء آبائهم، لا يزاد فيهم واحد ولا ينقص منهم واحد». قال: ثم نشر الذي بيده اليسرى فقرأ: «كتاب من الله الرحمن الرحيم لأهل النار بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم، لا يزاد فيهم واحد ولا ينقص منهم واحد».

وروي في البحار أيضاً عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: انتهى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى السماء السابعة وانتهى إلى سدرة المنتهى. قال: فقالت السدرة: ما جازني مخلوق قبلك. ثم دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى. قال: فدفع إليه كتاب أصحاب اليمين وكتاب أصحاب الشمال. فأخذ كتاب أصحاب اليمين بيمينه وفتحه ونظر فيه، فإذاً فيه أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم. قال: وفتح كتاب أصحاب الشمال ونظر فيه فإذاً فيه أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم. ثم نزل ومعه الصحيفتان فدفعهما إلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

٣٣٣

٣٤

أخبار ليلة الهرير أشد مراحل حرب صفين

قال أبان: سمعت سليم بن قيس يقول - وسألته(١) : هل شهدت صفين؟ فقال: نعم. قلت: هل شهدت يوم الهرير؟ قال: نعم. قلت: كم كان أتى عليك من السن؟ قال: أربعون سنة.(٢) قلت: فحدثني رحمك الله.

قال: مهما نسيت من شئ من الأشياء فلا أنسى هذا الحديث. ثم بكى وقال: صفوا وصففنا، فخرج مالك الأشتر على فرس له أدهم مجنَّب(٣) وسلاحه معلق على فرسه وبيده الرمح وهو يقرع به رؤوسنا ويقول: «أقيموا صفوفكم».

فلما كتَّب الكتائب(٤) وأقام الصفوف أقبل على فرسه حتى قام بين الصفين فولَى أهل الشام ظهره وأقبل علينا بوجهه، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم قال:

«أما بعد، فإنه كان من قضاء الله وقدره اجتماعنا في هذه البقعة من الأرض لآجال قد اقتربت وأمور تصرمت، يسوسنا فيها سيد المسلمين وأمير المؤمنين

____________________

١. أي وقد سألت سليماً؛ وسيأتي في موارد من هذا الحديث قوله: «قال سليم». ويؤيد ذلك أن سليم كان حاضراً بصفين إلى آخرها كما هو صريح عدة أحاديث في هذا الكتاب.

٢. يستفاد من هذه العبارة أن سليماً ولد بسنتين أو أربع سنين قبل الهجرة، وذلك أن وقعة صفين بدئت في سنة ٣٦ وانتهت في سنة ٣٨. فإذا كان عمر سليم آنذاك أربعون سنة يكون ميلاده إما بسنتين قبل الهجرة أو أربع سنوات.

٣. أي كان يقوده إلى جنبه ولم يركبه.

٤. كتَّب الكتائب أي هيَّأهم وجعلهم في فئات منظمة.

٣٣٤

وخير الوصيين وابن عم نبينا وأخوه ووارثه، وسيوفنا سيوف الله،ورئيسهم ابن آكلة الأكباد وكهف النفاق وبقية الأحزاب يسوقهم إلى الشقاء والنار. ونحن نرجو بقتالهم من الله الثواب، وهم ينتظرون العقاب. فإذا حمى الوطيس وثار القتال(١) وجالت الخيل بقتلانا وقتلاهم رجونا بقتالهم النصر من الله، فلا أسمعن إلا غمغمة(٢) أو همهمة.

أيها الناس، غُضُّوا الأبصار وعَضُّوا على النواجذ من الأضراس فإنها أشد لضرب الرأس، واستقبلوا القوم بوجوهكم وخذوا قوائم سيوفكم بأيمانكم، فاضربوا الهام وأطعنوا بالرماح مما يلي الشرسوف(٣) الايسر فانه مُقتل وشدوا شدة قوم موتورين بآبائهم وبدماء إخوانهم حنقين على عدوهم، قد وطَّنوا أنفسهم على الموت، لكيلا تذلُّوا ولا يلزمكم في الدنيا عار».

ثم التقى القوم فكان بينهم أمر عظيم، فتفرقوا عنسبعين ألف قتيل من جحاجحة العرب(٤) . وكانت الوقعة يوم الخميس من حيث استقلت الشمس حتى ذهب ثلث الليل الأول. ما سُجد لله في ذينك العسكرين سجدة حتى مرت مواقيت الصلوات الأربع: الظهر والعصر والمغرب والعشاء.(٥)

خطبة أمير المؤمنينعليه‌السلام بعد ليلة الهرير

قال سليم: ثم إن علياًعليه‌السلام قام خطيباً فقال: «يا أيها الناس، إنه قد بلغ بكم ما قد رأيتم وبعدوكم كمثلٍ فلم يبق إلا آخر نفس، وإن الأمور إذا أقبلت اعتبر آخرها بأولها،

____________________

١. حمى الوطيس أي اشتد الحرب.

٢. الغمغمة: الكلام الذي لا يبيَّن.

٣. الشرسوف: طرف الضلع المشرف على البطن.

٤. أي ساداتهم.

٥. قوله: «ما سُجد لله...» أي كانوا يصلون صلاة الخوف حالة القيام، كما ورد ذلك عن الإمام أبي جعفر الباقرعليه‌السلام قال: «... وما كانت صلاة القوم يومئذ إلا تكبيراً عند مواقيت الصلاة». راجع أمالي الصدوق: ص ٣٣٢ والبحار: ج ٣٢ ص ٦١٥ ح ٤٨٢.

٣٣٥

وقد صبر لكم القوم على غير دين حتى بلغوا فيكم ما قد بلغوا. وأنا غاد عليهم بالغداة إن شاء الله ومحاكمهم إلى الله».

رفع المصاحف

فبلغ ذلك معاوية ففزع فزعاً شديداً وانكسر هو وجميع أصحابه وأهل الشام لذلك. فدعا عمرو بن العاص فقال: يا عمرو، إنما هي الليلة حتى يغدو علينا، فما ترى؟ قال: أرى الرجال قد قلوا، وما بقي فلا يقومون لرجاله ولست مثله، وإنما يقاتلك على أمر وأنت تقاتله على غيره:أنت تريد البقاء وهو يريد الفناء . وليس يخاف أهل الشام علياً إن ظفر بهم ما يخاف أهل العراق إن ظفرت بهم. ولكن ألق إليهم أمراً إن ردُّوه اختلفوا وإن قبلوه اختلفوا! دعهم إلى كتاب اللهوارفع المصاحف على رؤوس الرماح ، فإنك بالغ حاجتك فإني لم أزل أدَّخرها لك.

كتاب معاوية إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام خديعة

فعرفها معاوية وقال: صدقت، ولكن قد رأيت رأياً أخدع به علياً: «طلبي إليه الشام على الموادعة»، وهو الشيئ الأول الذي ردني عنه.

فضحك عمرو وقال:أين أنت يا معاوية من خديعة علي ؟ وإن شئت أن تكتب فاكتب.

قال: فكتب معاوية إلى عليعليه‌السلام كتاباً مع رجل من أهل السكاسك يقال له «عبد الله بن عقبة»:

«أما بعد، فإنك لو علمت أن الحرب تبلغ بنا وبك ما بلغت وعلمناه نحن، لم يجنِها بعضنا على بعض. وإن كنا قد غلبنا على عقولنا فقد بقي منها ما نرمُّ به(١) ما مضى ونصلح ما بقي.

وقد كنت سألتك الشام على أن لا تلزمني لك طاعة ولا بيعة، فأبيت ذلك عليَّ

____________________

١. أي نصلح ونأخذ في ترميمه.

٣٣٦

فأعطاني الله ما منعت. وأنا أدعوك اليوم إلى ما دعوتك إليه أمس، فإنك لا ترجو من البقاء إلا ما أرجوه ولا تخاف من الفناء إلا ما أخاف، وقد والله رقت الأكباد وذهبت الرجال. ونحن بنو عبد مناف، وليس لبعضنا على بعض فضل يستذل به عزيز ولا يسترق به ذليل، والسلام».

جواب أمير المؤمنينعليه‌السلام لكتاب معاوية

قال سليم: فلما قرأ عليعليه‌السلام كتابه ضحك وقال: العجب من معاوية وخديعته لي! فدعا كاتبه عبيد الله بن أبي رافع فقال له: أكتب:

أما بعد، فقد جائني كتابك تذكر فيه «أنك لو علمت وعلمنا أن الحرب تبلغ بنا وبك إلى ما بلغت لم يجنِها بعضنا على بعض»، وإنا وإياك - يا معاوية - على غاية منها لم نبلغها بعد.

وأما طلبك الشام، فإني لم أعطك اليوم ما منعتك أمس. وأما استواؤنا في الخوف والرجاء، فإنك لست بأمضى على الشك مني على اليقين، وليس أهل الشام أحرص على الدنيا من أهل العراق على الآخرة. وأما قولك «إنا بنو عبد مناف ليس لبعضنا فضل على بعض»، فكذلك نحنولكن ليس أمية كهاشم ولا حرب كعبد المطلب ولا أبو سفيان كأبي طالب ولا الطليق كالمهاجر ولا المنافق كالمؤمن والمبطل كالمحق. في أيدينا فضل النبوة التي ملكنا بها العرب واستعبدنا بها العجم، والسلام».

شماتة عمرو بن العاص بمعاوية

قال: فلما انتهى كتاب عليعليه‌السلام إلى معاوية كتمه عن عمرو، ثم دعاه فأقرأه. فشمت به عمرو، وقد كان نهاه. ولم يكن أحد من قريش أشد تعظيماً لعليعليه‌السلام من عمرو بعد اليوم الذي صرعه عن دابته. فقال عمرو:

٣٣٧

ألا للهِ دَرُّكَ يَابْنَ هَنْدٍ

وَدَرُّ الْمَرْءِ ذِي الحالِ الْمَسودِ

أتَطْمَعُ - لا أباً لَكَ - في عَليٍّ

وَقد قُرعَ الحَديدُ عَلَى الحَديدِ

وَتَرْجُو أنْ تُخادِعَهُ بِشَكٍّ

وَتَرجُو أنْ يَهابَكَ بِالْوَعيدِ

وَقد كَشَفَ القِناعَ وَجَرَّ حَرْباً

يَشيبُ لِهَوْلِها رَأسُ الوَليدِ

لَهُ جاواه مُظْلِمَةٌ طَحُولُ

فَوارِسُها تُلَهِّبُ كَالأُسُودِ(١)

يُقولُ لَها إذا رَجَعَتْ إلَيهِ

وَقابَلَ بِالطِّعانِ القُومَ عُودي

فَإنْ وَرَدَتْ فَأوَّلُها وُروداً

وَإنْ صَدَرَتْ فَلَيْسَ بِذي وُرُودٍ

وَما هِيَ مِنْ أبي حَسَنٍ بِنُكْرٍ

وَما هِيَ مِنْ مَسائِكَ بِالْبَعيدِ

وَقُلْتَ لَهُ مَقالَةَ مُسْتَكينٍ

ضَعيفِ القَلْبِ مُنْقَطِعِ الوَريدِ

طَلِبْتَ الشامَ حَسْبُكَ يَابْنَ هِنْدٍ

مِنَ السَّوءاتِ واَلرَّأيِ الزَّهيدِ

وَلَوْ أعْطاكَها مَا ازْدَدْتَ عِزّاً

وَما لَكَ في اسْتِزادِكَ مِنْ مَزيدٍ

فَلَمْ تَكْسِرْ بِهذا الرَّأيِ عُوداً

سِوى ما كانَ، لا بَلْ دُونَ عُودٍ

فضيحة معاوية وعمرو بن العاص

فقال معاوية: والله لقد علمت ما أردت بهذا. قال عمرو: وما أردت به؟ قال: عيبك رأيي وخلافك عليَّ وإعظامك علياً، لما فضحك يوم بارزته.

فضحك عمرو وقال: أما خلافك ومعصيتك فقد كانت،وأما فضيحتي فلم يفتضح

____________________

١. جاوى بالإبل: دعاه إلى الماء، والطحول: الملآن.

٣٣٨

رجل بارز علياً (١) ، فإن شئت أن تتلوها أنت منه فافعل!

فسكت معاوية وفشا أمرهما في أهل الشام.

____________________

١. روى العلامة الأميني في الغدير: ج ٢ ص ١٦١ عن كتاب صفين لنصر بن مزاحم عن ابن عباس قال: تعرض عمرو بن العاص لعليعليه‌السلام يوماً من أيام صفين وظن أنه يطمع منه في غرة فيصيبه. فحمل عليه عليعليه‌السلام ، فلما كاد أن يخالطه أذرى نفسه عن فرسه ورفع ثوبه وشغر برجله فبدت عورته! فصرفعليه‌السلام وجهه عنه وقام (أي ابن العاص) معفَّراً بالتراب هارباً على رجليه معتصماً بصفوفه. فقال أهل العراق: يا أمير المؤمنين، أفلت الرجل. فقال: أتدرون من هو؟ قالوا: لا. قال: إنه عمرو بن العاص، تلقّاني بسوأته فذكَّرني بالرحم، فصرفت وجهي عنه. ورجع عمرو إلى معاوية، فقال: ما صنعت يا أبا عبد الله؟ فقال: لقيني علي فصرعني! قال: أحمد الله وعورتك!!

٣٣٩

٣٥

أخبار مقطع من حرب صفين

قال أبان: قال سليم: ومر عليعليه‌السلام بجماعة من أهل الشام فيهم الوليد بن عقبة بن أبي معيط(١) وهم يشتمونه.

____________________

١. أورد العلامة الأميني في الغدير: ج ٨ ص ١٢٠ عن الأغاني: أن الوليد بن عقبة كان زانياً شريب الخمر.  فشرب الخمر بالكوفة وقام ليصلي بهم الصبح في المسجد الجامع، فصلى بهم أربع ركعات. ثم التفت  إليهم وقال لهم: أزيدكم؟! وتقيَّأ في المحراب، وقرأ بهم في الصلاة وهو رافع صوته:

علق القلب الربابا

بعد ما شابت وشابا

وروى عن عدة طرق: أن طلحة والزبير أتيا عثمان فقالا له: قد نهيناك عن تولية الوليد شيئاً من أمور المسلمين فأبيت، وقد شهد عليه بشرب الخمر والسكر فاعزله. وقال عليعليه‌السلام : اعزله وحدَّه إذا شهد الشهود عليه في وجهه. فولى عثمان سعيد بن العاص الكوفة وأمره بإشخاص الوليد. فلما قدم سعيد الكوفة غسل المنبر ودار الإمارة وأشخص الوليد. فلما شُهد عليه في وجهه وأراد عثمان أن يحده ألبسه جبة حبر وأدخله بيتاً. فجعل إذا بعث إليه رجلاً من قريش ليضربه قال له الوليد: أنشدك الله أن تقطع رحمي وتغضب أمير المؤمنين عليك! فيكف. فلما رآى ذلك علي بن أبي طالبعليه‌السلام أخذ السوط ودخل عليه فجعل يضربه والوليد يسبه!

وفي رواية البحار: ج ٨ طبع قديم ص ٣٠٢: «فأقبل الوليد يروغ من عليعليه‌السلام . فاجتذبه وضرب به الأرض وعلاه بالسوط».

وابن النابغة هو عمرو بن العاص، وأمه كانت بغياً من ذوات الرايات من طوائف مكة. فوقع عليها ستة من قريش في طهر واحد فولدت عمراً! فاختصم القوم جميعاً فيه فألحقَته النابغة بالعاص بن وائل. راجع الغدير: ج ٢ ص ١٢١.

وأما أبو الأعور الأسلمي فهو عمرو بن سفيان كان ممن شهد معاهدة المنافقين ضد أمير المؤمنينعليه‌السلام بالمدينة قبيل وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . ولم يزل معادياً لأمير المؤمنينعليه‌السلام حتى صار من أمراء جند معاوية بصفين وكان على مقدمته.

=

٣٤٠