قواعد الحديث

قواعد الحديث0%

قواعد الحديث مؤلف:
تصنيف: علم الدراية
الصفحات: 263

قواعد الحديث

مؤلف: محي الدين الموسوي الغريفي
تصنيف:

الصفحات: 263
المشاهدات: 98794
تحميل: 6732

توضيحات:

قواعد الحديث
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 263 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 98794 / تحميل: 6732
الحجم الحجم الحجم
قواعد الحديث

قواعد الحديث

مؤلف:
العربية

وبذلك يثبت وثاقة احمد بن الغضائري واعتباره.

 الاكثار من جرح الثقات

نعم يبقى البحث في النقاش المشهور في قبول قوله ، وهو أنه قد أكثر من جرح الثقات وتعدى الحد فيه ، ولم يرَ الأصحاب له مبرراً ، ولأجله وهّنوا تضعيفاته ، ورموه بعدم التحقيق.

قال الوحيد البهبهاني : « قلّ أن يسلم أحد من جرحه أو ينجو من قدحه ، وجرح أعاظم الثقات وأجلاء الرواة الذين لا يناسبهم ذلك. وهذا يشير الى عدم تحقيقه حال الرجال كما هو حقه ، أو كون أكثر ما يعتقده جرحاً ليس في الحقيقة جرحاً وقال الشهيد الثانيرحمه‌الله ( شرح البداية )(1) : وقد اتفق لكثير من العلماء جرح بعض فلما استفسر ذكر ما لا يصلح جارحاً ، قيل لبعضهم : لمَ تركت حديث فلان؟. فقال : رأيته يركض على برذون(2) وبالجملة لا شك أن ملاحظة حاله توهن الوثوق بمقاله الخ »(3) .

وقال السيد بحر العلوم : « هذا الشيخ الذي قد بلغ الغاية في تضعيف الروايات والطعن في الرواة ، حتى قيل : إن السالم من رجال الحديث من سلم منه ، وإن الاعتماد على كتابه في الجرح طرح لما سواه من الكتب فانه قد ضعّف فيه كثيراً من أجلاء الأصحاب المعروفين

__________________

1 ـ وهو كتاب ( درايته ) ، أنظر ص 71 منه.

2 ـ البرذون « ضرب من الدواب دون الخيل وأقدر من الحمر » أقرب الموارد ، مادة برذن.

3 ـ تعليقة منهج المقال ص 24.

٢٠١

بالتوثيق واعتمد في الطعن عليهم ـ غالباً ـ أموراً لا توجب قدحاً فيهم الخ »(1) .

وعليه لا يبقى وثوق بكون جرحه وتضعيفه للرواة جارياً على الأصول المعتبرة ، فكيف يصح الركون اليه؟.

الطريق الى رجال ابن الغضائري

الجهة الثانية أن هذا الكتاب المنسوب الى ابن الغضائري لم يصل الينا بنفسه بطريق معتبر ، وإنما أدرجه السيد ابن طاووس في كتابه ( حل الاشكال في معرفة الرجال ) منسوباً اليه. لكن يشكل الاعتماد عليه لأمرين.

أحدهما أن الشيخ الطوسي لم يذكر لابن الغضائري إلا الكتابين اللذين ألفهما في المصنفات والأصول وقد تلفا. فلو كان له كتاب ثالث في الضعفاء لما خفي عن مثل الشيخ المصاحب له ، والشريك معه في الدراسة على أبيه الحسين بن عبيد اللّه ، كما صرح به في ( رجاله ) قائلاً : « سمعنا منه وأجاز لنا بجميع رواياته »(2) .

وبذلك استشهد شيخنا الطهراني في ( الذريعة )(3) على استبعاد أن يكون لابن الغضائري كتاب ثالث خفي على الشيخ الطوسي ، وقال : « والظاهر أنه لم يكن له تأليف آخر وإلا لذكره ».

على أن الشيخ الطوسي لم يحك تلف الكتابين فقط ، وإنما قال : « وعمد بعض الورثة الى إهلاك الكتابين وغيرهما من الكتب ». وإطلاقه شامل لكتاب الضعفاء على تقدير أن يكون من تصنيفه.

__________________

1 ) رجال السيد بحر العلوم ج 2 ص 369

2 ـ رجال الشيخ الطوسي ص 470

3 ـ أنظر ج 10 ص 88

٢٠٢

ولذا أهمل ذكره في ( فهرسته ) حيث لم يبق له مصنَّف ليذكر من أجله ، كما أهمل ذكره الشيخ النجاشي في ( رجاله ) لذلك. ولو بقي له كتاب بعده لما خفي على النجاشي ، فانه كالشيخ الطوسي مصاحب له ، وشريك في الدراسة على أبيه الحسين ، حيث قال : « قرأته أنا وأحمد بن الحسينرحمه‌الله على أبيه ». كما أنه شريكه في الدراسة على احمد بن عبد الواحد ، حيق قال : « قرأ احمد بن الحسين كتاب الصلاة والزكاة على احمد بن عبد الواحد في مدة سمعتها معه »(1) .

بل صرح السيد بحر العلوم بأن النجاشي تلميذ لابن الغضائري ، حيث قال : « ما اتفق للنجاشيرحمه‌الله من صحبة احمد بن الحسين بن عبيد اللّه الغضائريرحمه‌الله فانه كان خصيصاً به صحبه وشاركه وقرأ عليه وأخذ منه ونقل عنه ما سمعه أو وجده بخطه الخ ». ونص على أنه شيخ النجاشي عند ذكر مشايخه(2) . واستظهر ذلك شيخنا الطهراني في ( الذريعة )(3) من قول النجاشي في ترجمة علي بن محمد بن شيران : « كنا نجتمع معه عند احمد بن الحسين »(4) قائلاً : « والاجتماع عند العالم والحضور في مجلسه لا يكون إلا للاستفادة العلمية عنه ، ولعل ذلك وجه استظهار آية اللّه بحر العلوم في ( الفوائد الرجالية ) أنه كان من مشايخ النجاشي كوالده ، ولكنه بعيد لقصر عمره ، كما نذكره وإن استظهره القهبائي أيضاً في ( مجمع الرجال ) من هذه الترجمة ».

__________________

1 ـ رجال النجاشي ص 61 ـ 182.

2 ـ رجال السيد بحر العلوم ج 2 ص 49 ـ 64.

3 ـ أنظر ج 4 ص 289.

4 ـ رجال النجاشي ص 192.

٢٠٣

مع السيد بحر العلوم

لكن السيد بحر العلوم ـ قدست نفسه ـ ناقش في تلف كتب ابن الغضائري بقوله : « لما يظهر من النجاشي من اطلاعه عليها ، وإخباره عنها. وقد بقي بعضها الى زمان العلامة الخ »(1) . ونقول :

أما دعوى وجود بعض كتب ابن الغضائري في زمان العلامة فقد سبق(2) الجواب عنها.

وأما دعوى اطلاع النجاشي عليها فالجواب عنها :

أولاً : أن النجاشي كان مصاحباً لابن الغضائري وشريكاً في الدراسة بل وتلميذاً ، فلا يكشف نقله عنه في كتاب ( رجاله ) عن اطلاعه على كتبه وإخباره عنها ، لامكان نقله عنه بالسماع أو غيره ، ولذا يقبل منه وإن سقطت كتب ابن الغضائري عن الاعتبار.

وقد تصفحت ( رجال النجاشي ) وسبرته ، وأحصيت الموارد التي نقل فيها عن احمد بن الغضائري فبلغت ثلاثة وعشرين مورداً ، لم يخبر فيها عن كتبه كما يقول السيد ـ قدست نفسه ـ ، وإنما أخبر عنه بلفظ قال تارة ، ولفظ ذكر أخرى ، على غرار إخباره عن والده الحسين ، وسائر مشايخه الآخرين ، وربما قرنه بهم في النقل ، كما في قوله عند ترجمة احمد بن اسحاق : « قال أبو الحسن علي بن عبد الواحد الخمريرحمه‌الله واحمد بن الحسينرحمه‌الله ». وقوله عند ترجمة سهل بن زياد : « ذكر ذلك احمد بن علي بن نوح ، واحمد بن الحسين رحمهما اللّه »(3) .

__________________

1 ـ رجال السيد بحر العلوم ج 2 ص 49.

2 ـ أنظر ص 199 ـ 200.

3 ـ رجال النجاشي ص 66 ـ 132.

٢٠٤

 نعم هناك مورد واحد نقل فيه النجاشي عن ( تأريخ ابن الغضائري )(1) لكنه لا يصلح دليلاً لكون النقل في بقية الموارد عن كتبه ، بل يستظهر منه العكس ، وإلا لما كان وجه لتخصيص هذا المورد بالنقل عن الكتاب والظاهر أن النجاشي يلحظ هذه الخصوصية في النقل ، ولذا نقل كثيراً عن شيخه أحمد بن علي بن نوح بلفظ ذكر وقال ، إلا في بعض الموارد فانه قال : « ورأيت بخط أبي العباس أحمد بن علي بن نوح الخ »(2) .

و ثانياً : أن نقل النجاشي عن كتب ابن الغضائري على فرضه لا يكشف عن عدم عروض التلف لها بعد موته ، حيث لا مانع من نقله عنها في حياته ، لاصطحابهما واشتراكهما في الدراسة.

ويشهد باطلاع النجاشي على ما كان لديه من كتب في حياته قوله في ترجمة محمد بن علي بن النعمان : « وله كتاب ( افعل لا تفعل ) رأيته عند احمد بن الحسين بن عبيد اللّهرحمه‌الله ، كتاب كبير حسن الخ »(3)

وثالثاً : أن نقل النجاشي عن كتب ابن الغضائري لا يثبت لنا الطريق المعتبر اليها ، فما نقله عنها في ( رجاله ) قبلناه ، دون ما ينسبه المتأخرون اليها ، مثل نقل العلامة عن كتاب ( الضعفاء ) المبحوث عنه.

ثانيهما : أن السيد ابن طاووس الناقل لهذا الكتاب قد صرح بعدم وجود طريق متصل اليه ، فانه قد جمع في كتابه ( حل الاشكال ) الأصول الرجالية الخمسة المذكورة في صدر البحث ، ومنها ( رجال ابن الغضائري ) لكنه لم يدرج كتاب ( الاختيار ) من كتاب أبي عمرو الكشي في كتابه إلا بعد أن حرره وهذب أخباره متناً وسنداً ووزعها في طي الكتاب على تراجم الرجال.

____________

1 ـ رجال النجاشي ص 56.

2 ـ رجال النجاشي ص 81.

3 ـ رجال النجاشي ص 228.

٢٠٥

ولما ظفر الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني بهذا الكتاب لابن طاووس ورآه مشرفاً على التلف انتزع منه ما حرره ابن طاووس ، ووزعه في كتابه من خصوص كتاب ( الاختيار ) وسماه ( التحرير الطاووسي ) ولا يزال مخطوطاً(1) ، وأثبت في أوله بعض ما ذكره ابن طاووس في أول كتابه عند ذكره الكتب الخمسة التي جمعها فقال : « من كتب خمسة ولي بالجميع روايات متصلة عدا كتاب ابن الغضائري »(2) .

وعليه فلا يثبت اعتبار هذا الكتاب بنقل ابن طاووس له بعد أن اعترف بعدم الطريق اليه. ولذا صرح شيخنا الطهراني في ( الذريعة )(3) بأن إدراج السيد ابن طاووس كتاب ابن الغضائري في كتابه ( حل الاشكال ) لم يكن « لأجل اعتباره عنده فتبرأ من عهدته بصحة النسبة اليه ، ولم يكتف بذلك أيضاً بل أسّس في أول الكتاب ضابطة كلية تفيد وهن التضعيفات التي وردت في هذا الكتاب ، حتى لو فرض أنه كان معلوم النسبة الى مؤلفه الخ ».

وقد جرى الشيخ عناية اللّه القهبائي على منوال ابن طاووس فجمع تلك الأصول الرجالية الخمسة في كتابه ( مجمع الرجال ) ، لكنه اعتمد في إثبات ( رجال ابن الغضائري ) على كتاب ابن طاووس السابق بتوسط أستاذه الشيخ عبد اللّه التستري ، فانه الذي استخرجه من كتاب ابن طاووس.

وذكر الشيخ القهبائي في صدر كتابه خطب الأصول الرجالية ، ولم

__________________

1 ـ نقل شيخنا في ( الذريعة ) أنه رأى نسختين من ( التحرير ) إحداهما عند السيد محمد علي السبزواري في الكاظمية ، والاخرى في الخزانة الرضوية. وأخبرني شفاهاً أنه رأى نسخة في الكاظمية في مكتبة المرحوم آية اللّه السيد حسن الصدر الكاظمي.

2 ـ الذريعة ج 3 ص 385 ـ 386.

3 ـ أنظر ج 4 ص 288.

٢٠٦

يكن لابن الغضائري خطبة لكتابه ، وإنما نقل ما ذكره الشيخ التستري في مقدمته قائلاً : « وقال شيخنا التستري في عنوان كتاب الشيخ احمد بن الحسين الموضوع لذكر الرجال المذمومين : إعلم ـ أيدك اللّه وإيانا ـ إني لما وقفت على كتاب السيد المعظم السيد جمال الدين أحمد بن طاووس في الرجال ، فرأيته مشتملاً على نقل ما في كتب السلف ، وقد كنت رزقت بحمد اللّه تعالى النافع من تلك الكتب إلا كتاب ابن الغضائري ، فإني كنت ما سمعت له وجوداً في زماننا هذا ، وكان كتاب السيد هذا بخطه الشريف مشتملاً عليه ، فحداني التبرك به مع ظن الانتفاع بكتاب ابن الغضائري أن أجعله منفرداً عنه الخ »(1) .

و هذا صريح في أنه لم يكن للشيخ القهبائي ولا لشيخه التستري طريق إلى كتاب ابن الغضائري ، كما لا طريق لابن طاووس إليه. بل صرح التستري بأنه لم يسمع لهذا الكتاب وجوداً في زمانه فضلاً عن أن يراه ، وإنما نقله عن ابن طاووس تبركاً بخطه ، وأخذه عنه تلميذه القهباني.

إ ذن فينحصر الاستدلال على اعتبار ( رجال ابن الغضائري ) بنقل العلامة عنه في ( خلاصته ) وابن داود في ( رجاله ) قائلاً في مقدمته : « فصنفت هذا المختصر لنخب كتاب الرجال للشيخ أبي جعفررحمه‌الله ، والفهرست له ، وما حققه الكشي والنجاشي ، وما صنفه البرقي والغضائري ، وغيرهم ». ونحتمل أن يكون لهذين العلمين طريق حسي معتبر الى ذلك الكتاب ، وهو كاف في اعتباره ، إلا أن الذي يوهن هذا الاحتمال أمور.

الأول أن العلامة وابن داود قد صحبا السيد ابن طاووس ، وتتلمذا له ، واعتمدا عليه في تنقيح تنويع الحديث وتجديده ، وهذا مما يوجب قوة الظن باعتمادهما عليه في شأن هذا الكتاب ، لا أن لهما طريقاً معتبراً اليه

____________

1 ـ مجمع الرجال ج 1 ص 10 ـ 11.

٢٠٧

 قد اختصا به دون استاذهما ، أستاذ الفن ، كما اعتمد عليه الشيخ التستري في نقله. بل قال ابن داود في كتاب ( رجاله )(1) عند ذكر استاذه ابن طاووس « ربّاني وعلمني وأحسن إليّ ، وأكثر فوائد هذا الكتاب من إشاراته وتحقيقاته ، جزاه اللّه عني أفضل جزاء المحسنين الخ ».

الثاني أن الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني نقل في كتابه ( التحرير الطاووسي ) تصريح ابن طاووس بعدم وجود طريق الى كتاب ابن الغضائري ولم يعقبه بشيء ولم يذكر له طريقاً اليه ، فلو كان للعلامة وابن داود طريق لما خفي على مثل هذا الشيخ المتأخر عنهما ، والمتضلع في الأحاديث وأسنادها وأحوال رجالها ، كما يشهد له كتابه ( منتقى الجمان ).

الثالث أن ابن داود ذكر في مقدمة ( رجاله ) طريقه الى الشيخ الطوسي والنجاشي والكشي ، كما ذكر طريقه الى الصدوق والمفيد وسلار والسيد المرتضى وأبي الصلاح ، وكلها تبتدئ باستاذه المحقق الحلي ، ولم يذكر له طريقاً الى ابن الغضائري ، وهذا الاهمال في قوة التصريح بعدمه ولو كان للعلامة طريق لما خفي عليه عادة ، لأنهما عاشا في بلد واحد مصطحبين ، وتلميذين لابن طاووس ، والمحقق الحلي.

فيكون نقلهما عن ( رجال ابن الغضائري ) اعتماداً على شيخهما ابن طاووس ، واجتهاداً منهما في صحة نسبته اليه ، كما اعتمد جماعة على ( كتاب الفقه ) المنسوب الى الإمام الرضا (ع) حين وثقوا بصحة تلك النسبة وإن لم يكن لهم طريق متصل يثبت ذلك ، ولم يعتمد عليه آخرون لعدم وثوقهم بصحتها.

و حيث لم يثبت صحة نسبة هذا الكتاب الى ابن الغضائري فلا يصح الاعتماد على ما ورد فيه. بالاضافة لما سبق من جرحه لأعاظم الثقات مستنداً

____________

1 ـ أنظر ص 46.

٢٠٨

 الى أمور لا تصلح للجرح.

ومن هنا يحتمل وضع هذا الكتاب من بعض الكذابين منسوباً الى ابن الغضائري لغرض جرح ثقات رواتنا ، وإسقاط أحاديثهم عن الاعتبار ، فرآه ابن طاووس وأدرجه في كتابه ، ونبّه على عدم الطريق اليه ليخرج من عهدته ، وتبعه تلميذاه فيه.

و ليس هذا بغريب بعدما أكثر الوضّاعون من وضع الأحاديث ونسبتها الى النبي (ص) وأهل بيته ، كما سبق(1) .

ولذا قال شيخنا الطهراني في ( الذريعة )(2) : « إن نسبة ( كتاب الضعفاء ) هذا اليه ( أي ابن الغضائري ) مما لم نجد له أصلاً حتى أن ناشره قد تبرأ من عهدته بصحته ، فيحق لنا أن ننزه ساحة ابن الغضائري عن الاقدام في تأليف هذا الكتاب والاقتحام في هتك هؤلاء المشاهير بالعفاف والتقوى والصلاح الخ ». وقال : « فالظاهر أن المؤلف لهذا الكتاب كان من المعاندين لكبراء الشيعة ، وكان يريد الوقيعة بهم بكل حيلة ووجه ، فألف هذا الكتاب ، وأدرج فيه بعض مقالات ابن الغضائري تمويهاً ليقبل عنه جميع ما أراد إثباته من الوقائع الخ ».

وعلى فرض عدم كونه موضوعاً يقوى احتمال مّد يد أثيمة اليه حرفت فيه ودست تضعيف أولئك الثقات في الفترة التي فقد فيها الكتاب أي منذ وفاة ابن الغضائري حتى عصر ابن طاووس. وليس هذا بعيداً بعدما كان المغيرة بن سعيد يدس في الكتب من الأحاديث ما يريد.

«يحرّفون الكلم عن مواضعه »(3) «ليطفئوا نور اللّه بأفواههم واللّه متم نوره ولو كره الكافرون »(4) .

____________

1 ـ أنظر ص 135 ، وما بعدها.

2 ـ أنظر ج 4 ص 290 ، وج 10 ص 89.

3 ـ النساء / 45.

4 ـ الصف / 8.

٢٠٩

٢١٠

ـ 6 ـ

الأحاديثُ المُضمَرَة

ـ 7 ـ

الأحاديثُ المَوقَوفة

٢١١

ا لاضمار في اللغة الاخفاء ، فيقال : أضمر الضمير في نفسه. إذا أخفاه وأضمرت الأرض الرجل. إذا غيّبته(1) . ولذا سمي الضمير من الأسماء ضميراً لخفائه ، مقابل الاسم الظاهر.

فالأحاديث المضمرة هي التي أضمر فيها المسؤول وأخفي فعبّر عنه ، إما بالضمير البارز مثل صحيح زرارة « قلت له : الرجل ينام وهو على وضوء الخ «(2) ، وحديث سماعة « سألته عن الرجل به الجرح والقرح الخ »(3) . وإما بالضمير المستتر مثل حديث سماعة قال : « قال إذا سها الرجل في الركعتين الأوّلتين الخ »(4) . ولأجله سميت بالمضمرة. وهي مجموعة كبيرة من الأحاديث أثبتها مشايخنا الأقدمون في مجاميعهم ، وليست كالموقوفة أحاديث معدودة.

والوقف في اللغة السكون ، فيقال : وقف القارئ على الكلمة. إذا نطق بها مسكّنة الآخر قاطعاً لها عما بعدها(5) . فتكون الكلمة موقوفاً عليها.

فالأحاديث الموقوفة هي المروية عن مصاحب المعصوم (ع) مع الوقوف عليه وعدم وصل السند الى المعصوم (ع) ، ولذا سمي الراوي موقوفاً عليه ، كما سمي حديثه موقوفاً.

وذكر الشهيد الثاني : أن الموقوف قسمان مطلق ومقيد ، فالمطلق ما ذكرناه ، والمقيد ما لو كان الموقوف عليه غير مصاحب للمعصوم (ع)

__________________

1 ـ أقرب الموارد ، مادة ضمر.

2 ـ الوسائل ح 1 ب‍‌ 1 ـ نواقض الوضوء.

3 ـ الوسائل ح 2 ب‍‌ 22 ـ النجاسات.

4 ـ الوسائل ح 17 ب‍‌ 1 ـ الخلل في الصلاة.

5 ـ أقرب الموارد ، مادة وقف.

٢١٢

 فان كان من التابعين سمي حديثه مقطوعاً أيضاً(1) .

و يخص بحثنا الموقوف المطلق ، لأنه الذي يمكن صدور الحكم فيه عن المعصوم (ع) بلا واسطة بينه وبين الراوي الموقوف عليه مثل حديث أبي بصير « لا تعاد الصلاة من دم لم يبصره إلا دم الحيض »(2) . وحديث عمر بن أذينة الوارد في المرأة تموت وولدها في بطنها يتحرك ، قال : « يخرج الولد ويخاط بطنها »(3) . وصحيح زرارة ، قال : « إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر الخ »(4) .

فالفرق بين الموقوف والمضمر ، أن الحكم في الموقوف يقف عند الراوي ، فلا يتعداه ، حيث لم يسنده الى غيره لا بالتصريح ولا بالاضمار فنحتمل أنه رأي رآه بمقتضى اجتهاده ، كما نحتمل أنه نقله عن المعصوم (ع) أو غيره من الفقهاء. أما الحكم في المضمر فلا نحتمل استناده إلى رأي الراوي حيث صرح فيه باسناده الى غيره ، وإن لم نعلم أن ذلك الغير هو المعصومعليه‌السلام . فالاشكال في المضمر أهون منه في الموقوف.

____________

1 ـ الدراية للشهيد الثاني ص 45 ـ 47.

2 ـ نقل هذا الحديث الشيخ يوسف البحراني موقوفاً على أبي بصير عن موضع من كتاب ( التهذيب ) ولذا ناقش فيه جماعة ، لكن نقله عن موضع آخر منه وعن ( الكافي ) مسنداً ( الحدائق ج 5 ص 325 ـ 326 ). وكذا الشيخ محمد بن الحسن الحر نقله مسنداً عن الكليني والشيخ الطوسي معاً باختلاف يسير في ألفاظه ( الوسائل ج 1 ب‍‌ 21 ـ النجاسات ).

3 ـ الوسائل ج 7 ب‍‌ 45 ـ الاحتضار.

4 ـ نقله الشيخ محمد بن الحسن الحر عن الكليني موقوفاً على زرارة ونقله عن الشيخ الطوسي مسنداً عن أحد الباقرين (ع) ، كما نقله عن ابن ادريس مسنداً عن الامام الباقر (ع). ( الوسائل ج 1 ب‍‌ 42 ـ الجنابة ).

٢١٣

وحيث لا تثبت حجية الحديث إلا بعد إحراز صدور ما حكاه عن المعصوم (ع) ولو تعبداً لوثاقة الراوي فلا بد من النظر في هذين القسمين من الأحاديث في مبحثين.

 الأحاديث المضمرة

أحدهما في الأحاديث المضمرة. قد اختلف الفقهاء فيها على أقوال ثلاثة.

الأول : عدم حجيتها مطلقاً ، أي سواء كان الراوي المضمر من وجوه الراواة وفقهائهم كزرارة ، أو من غيرهم من الثقات ، لاحتمال عود الضمير فيها الى غير المعصوم (ع) ، وهو يكفي في عدم الحجية.

نسب الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني هذا القول الى جمع من الأصحاب(1) واختاره الشهيدان حيث خدش الأول منهما في مضمر محمد بن مسلم « سألته عن الرجل لا يدري صلى ركعتين أم أربعاً. قال : يعيد الصلاة »(2) . بأنه مجهول المسؤل. وعقّبه الثاني بقوله : « فيحتمل كونه غير إمام »(3) مع أن محمد بن مسلم من فقهاء الرواة. كما اختاره الشيخ محمد حسن في ( جواهره )(4) ، حيث خدش في صحيح محمد بن اسماعيل بن بزيع « سأله رجل عن رجل مات وترك أخوين الخ »(5) بأنه مضمر في

__________________

1 ـ منتقى الجمان ج 1 ص 35.

2 ـ الوسائل ح 7 ب‍‌ 11 ـ الخلل في الصلاة.

3 ـ شرح اللمعة ج 1 ص 141.

4 ـ الجواهر ـ كتاب النكاح ـ ولاية الوصي.

5 ـ الوسائل ح 1 ب‍‌ 8 ـ أولياء العقد.

٢١٤

( الكافي ، والتهذيب ) فلا يصلح للمعارضة.

الثاني : حجيتها مطلقاً : اختاره الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني في كتاب ( المعالم ) عند البحث عن حسنة محمد بن مسلم « قلت له الدم يكون في الثوب عليَّ وأنا في الصلاة »(1) ، حيث أورد عليها العلامة في ( المختلف ) : بأن الراوي لم يسند الحكم فيها الى الامام (ع) وإن كانت عدالته تقتضي الإخبار عنه. فأجابه في ( المعالم ) : بأن « الممارسة تنبه على أن المقتضي لنحو هذا الاضمار في الأخبار ارتباط بعضها ببعض في كتب روايتها عن الأئمةعليهم‌السلام ، فكان يتفق وقوع أخبار متعددة في أحكام مختلفة مروية عن إمام واحد ، ولا فصل بينها يوجب إعادة ذكر الامامعليه‌السلام بالاسم الظاهر ، فيقتصرون على الاشارة اليه بالمضمر. ثم أنه لمّا عرض لتلك الأخبار الاقتطاع والتحويل الى كتاب آخر تطرق هذا اللبس ، ومنشأه غفلة المقتطع لها ، وإلا فقد كان المناسب رعاية حال المتأخرين ، لأنهم لا عهد لهم بما في الأصول الخ ».

وتبعه الشيخ يوسف البحراني ، حيث صّدر كلامه هذا بقوله : « وللّه در المحقق الشيخ حسن في ( المعالم ) حيث رد ذلك فقال الخ »(2) .

وتبعهما الشيخ المامقاني ، فانه بعد أن خدش في حجية المضمر صريحاً « لاحتمال أن لايكون المراد بالضمير هو المعصوم (ع) » قال بحجية مضمرات مطلق الموثقين من أصحابنا مستدلاً عليه بقوله : « لأن ظاهر حال أصحاب الأئمة (ع) أنهم لا يسألون إلا منهم ، ولا ينقلون حكماً شرعياً يعمل به العباد إلا عنهم الخ »(3) .

لكن ظاهر كلام الشيخ حسن في ( منتقى الجمان )(4) ينافي الحجية

__________________

1 ـ الوسائل ح 6 ب‍‌ 20 ـ النجاسات.

2 ـ الحدائق ج 5 ص 311 ـ 312.

3 ـ مقباس الهداية ص 47.

4 ـ أنظر ج 1 ص 35.

٢١٥

المطلقة ، حيث قال : « يتفق في بعض الأحاديث عدم التصريح باسم الامام الذي يروى عنه الحديث ، بل يشار اليه بالضمير ، وظن جمع من الأصحاب أن مثله قطع ينافي الصحة ، وليس ذلك على إطلاقه بصحيح ، إذ القرائن في أكثر تلك المواضع تشهد بعود الضمير الى المعصوم (ع) بنحو من التوجيه الذي ذكرناه الخ ». فاعترف بمنافاة الاضمار للصحة في بعض المواضع.

الثالث : التفصيل بين كون الراوي المضمر من أجلّة الرواة وفقهائهم فيقبل مضمره ، وبين غيره فلا يقبل. نسبه الشيخ المامقاني الى بعض المحققين(1) ، ونسبه في ( تعليقة الروضة ) الى الأكثر قائلاً : « فان كان الراوي فيها من الأجلة والاعيان مثل زرارة ومحمد بن مسلم فالأظهر عند الأكثر حجيتها ، لأن الظاهر أن مثلهما لا يسأل إلا من المعصوم (ع) ، وإلا فلا الخ »(2) .

وهو ظاهر كلام المحقق الخراساني ، حيث قال عند البحث عن صحيح زرارة في مبحث الاستصحاب : « وهذه الرواية وإن كانت مضمرة إلا أن إضمارها لا يضر باعتبارها ، حيث كان مضمرها مثل زرارة ، وهو ممن لا يكاد يستفتي من غير الامامعليه‌السلام »(3) . وهو الحق.

__________________

1 ـ مقباس الهداية ص 47.

2 ـ شرح اللمعة ج 1 ص 141 ـ التعليقة.

3 ـ كفاية الأصول ج 2 ص 400.

٢١٦

تحقيق البحث

فهنا دعويان : إحداهما حجية مضمرات أجلة الرواة وفقهائهم. الثانية عدم حجية مضمرات غيرهم.

أما الأولى فان الراوي لمّا أسند الحكم في حديثه الى غيره بالضمير لم نحتمل فيه استناده الى رأيه وإن قلنا بصحة اجتهاد أولئك الفقهاء في عصر المعصوم (ع) ، فيدور الأمر بين استناده الى المعصوم (ع) بعود الضمير اليه ، وبين استناده الى غيره من أهل الرأي والفتوى. وحيث فرضنا الراوي من الأجلة الذين لا نحتمل فيهم أن يستفتوا غير المعصوم (ع) عن أحكام الدين تعين صدور الحكم عن المعصوم (ع) فكان حجة.

فزرارة ومحمد بن مسلم ويونس بن عبد الرحمان ونظائرهم من فقهاء رواة حديث أهل البيت (ع) كانوا مرجع الشيعة في الحكم والفتوى. وقد نوّه الأئمة (ع) بفضلهم ، وأرجعوا الشيعة اليهم ، ورغبوا في أن يفتوا بينهم. فيحصل الوثوق بأنهم لا يستقون الحكم من غير المعصوم (ع).

بل كانوا مرجع غير الشيعة من المسلمين عندما يرتج عليهم باب الحكم فلا يهتدون اليه إلا بمصباح أولئك الفقهاء الذي استمد نوره من أهل بيت الوحي (ع). ولذ لمّا اختصم رجلان الى ابن أبي ليلى في جارية اشتراها أحدهما من الآخر فلم يجد على رَكبَها شعراً فقال : « أيها القاضي إن كان عيباً فاقض لي به فأتى محمد بن مسلم الثقفي فقال له أي شيء تروون عن أبي جعفر (ع) في المرأة لا يكون على ركبها شعر أيكون ذلك عيباً؟. فقال له محمد بن مسلم : أما هذا نصاً فلا أعرفه ، ولكن حدثني أبو جعفر عن أبيه عن آبائه (ع) عن النبي (ص) أنه قال : كل

٢١٧

ما كان في أصل الخلقُ فزاد أو نقص فهو عيب. فقال له ابن أبي ليلى : حسبك. ثم رجع الى القوم فقضى لهم بالعيب »(1) .

وكانوا يناظرون فقهاء العامة وينقضون بعض فتاواهم. فروى عمر بن أذينة قضاء ابن أبي ليلى في واقعة. وقول محمد بن مسلم الثقفي له : « أما إن علي بن أبي طالب (ع) قد قضى في هذا المسجد بخلاف ما قضيت فقال : وما علمك بذلك. قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي (ع) يقول : قضى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) برد الحبيس ، وإنفاذ المواريث. فقال ابن أبي ليلي : هذا عندك في كتاب. قال : نعم. قال : فأرسل وأئتني به. قال له محمد بن مسلم : على أن لا تنظر في الكتاب إلا في ذلك الحديث. قال : لك ذاك. قال : فأراه الحديث عن أبي جعفر (ع) في الكتاب ، فرد قضيته »(2) .

ولذا قال الشهيد الثاني عند ترجيح كون الراوي عبد الرحمان بن سيابة في رواية تردد راويها بينه وبين عبد اللّه بن سنان : « ويؤيده كونه سأل ابن أبي ليلى في ذلك ، ومن المستبعد جداً أن عبد اللّه بن سنان الفقيه الجليل الامامي سأل ابن أبي ليلى في ذلك ، بل الموجود في الأخبار أن ابن أبي ليلى كان يسأله ويسأل أصحابه مثل محمد بن مسلم وغيره عن كثير من المسائل »(3) . وقال الشيخ يوسف البحراني عند ذكر مضمر رواه زرارة والفضيل بن يسار : « وإن كان إضمار مثل هذين العمدتين غير ضائر ، لأنه من المعلوم أنهما وأمثالهما لا يعتمدون على غير الامامعليه‌السلام »(4) .

__________________

1 ـ الكافي ج 5 ص 215 ـ 216.

2 ـ الكافي ج 7 ص 34 ـ 35.

3 ـ المسالك ج 1 ـ كتاب الوصايا ـ مبحث الوصية المبهمة.

4 ـ الحدائق ج 4 ص 226.

٢١٨

 بل إن فقاهة أولئك الرواة ، ومعرفتهم بمزايا الأحكام وفن الحديث تمنع من نقلهم كلام غير المعصوم (ع) بأسلوبهم الذي ينقلون به الأحاديث عن المعصومين (ع) حذراً من عروض الالتباس ولو بعد حين. وسبب الاضمار أحد أمور.

ا لأول : وجود القرينة المعيّنة للامام (ع) الذي صدر عنه الحكم عند نقل الراوي ، فاتكل عليها في معرفة مرجع الضمير ، حالية كانت أو مقالية.

الثاني : التقية فلم يجرأ الراوي على التصريح بالامام (ع) خوفاً من ولاة الجور وأذنايهم ، حتى أن الرجل في بعض تلك العصور إذا حدّث عن الامام علي (ع) قال : « عن أبي زينب ». كما سبق(1) .

الثالث : تقطيع الأحاديث عند نقلها عن الأصول وتبويبها في المجاميع الواصلة الينا ، كما أشار اليه الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني ، فان فقهاء الرواة كانوا يسألون الامام (ع) عن عدة فروع في مجلس واحد أو أكثر ثم يحررون الجميع في أصولهم ، وينقلونه الى غيرهم ، فيصرحون في صدر الكلام بالامام المسؤول ويعطفون عليه مضمرين ، كما في أسئلة علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع). ولما بوّب مشايخنا الأحاديث قطّعوها ، وذكروا كل قطعة في بابها فعرض الاضمار.

و أما الدعوى الثانية ، وهي عدم حجية مضمرات باقي الرواة فمن أجل توقف الحجية على إحراز استناد الحكم الى المعصوم (ع) ولو تعبداً بنقل الثقة عنه ، وهذا لم يثبت هنا ، إذ كما يحتمل استناده اليه (ع) يحتمل استناده الى بعض فقهاء الامامية الذين أمرهم الامام (ع) بالافتاء بين الناس ، لتعذر الوصول اليه غالباً ، وأمر الشيعة بالرجوع اليهم وأخذ الحكم منهم ، ولذا نقل عنهم

____________

1 ـ أنظر ص 131 ، وما بعدها.

٢١٩

 كثير من التفاوى في كتب الفقه. كما يحتمل استناده الى بعض فقهاء العامة حيث كانوا قضاة حكّام الدولتين الأموية والعباسية ، فيرجع بعض الشيعة اليهم في الحكم أحياناً لاضطرار أو جهل ، واليك بعض الشواهد على ذلك.

فروى عبد الرحمان بن سيابة فقال : « إن امرأة أوصت اليَّ ، وقالت : ثلثي يقضى به ديني وجزء منه لفلانة. فسألت عن ذلك ابن أبي ليلى ، فقال : ما أرى لها شيئاً ، ما أدري ما الجزء؟. فسألت بعد ذلك أبا عبد اللّه (ع) عنه فقال (ع) : كذب ابن أبي ليلى : لها عشر الثلث ، إن اللّه عز وجل أمر ابراهيم (ع) فقال : اجعل على كل جبل منهن جزءاً(1) . وكانت الجبال يومئذٍ عشرة ، فالجزء هو العشر من الشيء »(2) .

و روى أبو ولاد الحنّاط قائلاً : « اكتريت بغلاً الى قصر ابن هبيرة فتوجهت نحو النيل فأخبرت صاحب البغل بعذري ، وأردت أن أتحلل منه فتراضينا بأبي حنيفة ، فأخبرته بالقصة وأخبره الرجل فقال ما أرى لك حقاً فخرجنا من عنده ، وجعل صاحب البغل يسترجع ، فرحمته مما أفتى به أبو حنيفة فأعطيته شيئاً الخ »(3) .

وروى خالد بن بكير الطويل فقال : « دعاني أبي حين حضرته الوفاة فقال : يا بني اقبض مال إخوتك الصغار واعمل به فقدمتني أم ولد أبي بعد وفاة أبي الى ابن أبي ليلى فاقتصصت عليه ما أمرني به أبي فقلال لي ابن أبي ليلى : إن كان أبوك الخ »(4) .

____________

1 ـ البقرة / 260.

2 ـ الوسائل ح 2 ب‍‌ 54 ـ الوصايا.

3 ـ الكافي ج 5 ص 290 ـ التهذيب ج 7 ص 215.

4 ـ الوسائل ح 2 ب‍‌ 92 ـ الوصايا.

٢٢٠