مستدرك الوسائل خاتمة 4 الجزء ٢٢

مؤلف: الحاج ميرزا حسين النوري الطبرسي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 501
مؤلف: الحاج ميرزا حسين النوري الطبرسي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 501
الفائدة الخامسة
في شرح مشيخة كتاب من لا يحضره الفقيه
الّذي بعد الكافي أصحّ الكتب وأتقنها
على ما صرّح به أئمّة الفنّ.
قال العلامة الطباطبائي في ترجمة الصدوق في كلام له في توثيقه: مضافا إلى ما ذكر، إجماع الأصحاب على نقل أقواله، واعتبار مذاهبه في الإجماع والنزاع، وقبول قوله في التوثيق والتعديل، والتعويل على كتبه خصوصا كتاب من لا يحضره الفقيه، فإنه أحد الكتب الأربعة التي هي في الاشتهار والاعتبار كالشمس في رابعة النهار، وأحاديثه معدودة في الصحاح من غير خلاف ولا توقّف من أحد، حتى أنّ الفاضل المحقق الشيخ حسن بن الشهيد الثاني مع ما علم من طريقته في تصحيح الأحاديث يعد حديثه من الصحيح عنده وعند الكلّ(١) .
__________________
(١) رجال السيد بحر العلوم ٣: ٢٩٩.
وحكى تلميذه الشيخ الجليل الشيخ عبد اللطيف(١) بن أبي جامع في رجاله: أنه سمع منه مشافهة يقول: ان كلّ رجل يذكره في الصحيح فهو شاهد أصل بعدالته لا ناقل، ومن الأصحاب من يذهب إلى ترجيح أحاديث الفقيه على غيره(٢) من الكتب الأربعة نظرا إلى زيادة حفظ الصدوق، وحسن ضبطه، وتثّبته في الرواية، وتأخّر كتابه عن الكافي(٣) وضمانه فيه لصحة ما يورده، وأنه لم يقصد فيه قصد المصنفين في إيراد جميع ما رووه، وإنّما يورد فيه ما يفتي به، ويحكم بصحّته، ويعتقد أنه حجّة بينه وبين ربّه(٤) .
وبهذا الاعتبار قيل: إنّ مراسيل الصدوق في الفقيه كمراسيل ابن أبي عمير في الحجيّة والاعتبار، وإنّ هذه المزيّة من خواصّ هذا الكتاب لا توجد في غيره من كتب الأصحاب، وقد ذكرنا كلام الأستاد الأكبر في التعليقة والفوائد، وكلام الشيخ الأعظم في رسالة التعادل في الفائدة السابقة(٥) .
وقد أطال بعضهم الكلام في الفقيه، وذكروا قرائن ظنّوا أنّها تفيد رجوع الصدوق عمّا ذكره في أوّله، وعدم وفائه بما جعله على عهدته، ولكنّ المتأمّل
__________________
(١) هو الشيخ عبد اللطيف بن الشيخ نور الدين علي بن شهاب الدين احمد بن أبي جامع الحارثي الهمداني الشامي العاملي، تلميذ البهائي وصاحب المعالم والمدارك وغيرهم، والمجاز هو واخوه عن صاحب المعالم، اقتصر في كتابه على رجال الكتب الأربعة، أنظر: الذريعة ١٠: ١٢٨ / ٢٥٣.
(٢) أي: على احاديث غيره.
(٣) تأخر الفقيه عن الكافي لا يعد سببا في ترجيح أحاديثه على احاديث غيره، والاّ لكانت احاديث التهذيبين اولى بالترجيح لتأخرها، ولكن قد يقال ان من مزايا تأخر الفقيه عن الكافي هو وقوف الصدوق على مروياته وتحاشي رواية بعضها والتنبيه على ما انفرد به ثقة الإسلام.
وهذا هو المراد من معنى العبارة، فلاحظ.
(٤) انظر: الفقيه ١: ٣ من المقدمة، فإن بعض فقرات هذا الكلام مأخوذ من هناك.
(٥) انظر: ماله علاقة بالمقام في الفائدة الرابعة.
المنصف لعلّه لا يستفيد منها إلاّ إبطال ما زعم من قطعيّة آحاد أخباره، للشهادة المذكورة في خطبته وغيرها على منوال ما مرّ في حال أخيه الأكبر الكافي.
وأمّا صيرورتها سببا للوهن في الوثوق بها والظن بصدورها فهي أوهى حالا وأضعف بإلا من نيل هذا المقام، ورأينا نقلها وذكر ما قيل أو يقال فيها خروجا عن الغرض من هذه الفائدة، وهي شرح حال المشيخة على الطريقة المشهورة، مع أن في التأمّل في الفائدة السابقة ما يكتفي به الطالب، لاشتراك الكتابين في جملة من المطالب.
فنقول: قد سلك كلّ من مشايخنا الثلاثة أصحاب الكتب الأربعة (رضوان الله تعالى عليهم) في أسانيد كتابه مسلكا ما سلكه الآخر.
فالشيخ ثقة الإسلام جرى في الكافي على طريقة السلف الصالحين من ذكر جميع السند غالبا، وترك أوائل الاسناد ندرة اعتمادا على ذكره في الأخبار المتقدمة عليه في هذا، وقد يتفق له الترك بدون ذلك أيضا، فإن كان للمبتدء بذكره في السند طريق معهود متكرّر في الكتاب كأحمد بن محمّد بن عيسى، وأحمد بن محمّد بن خالد، وسهل بن زياد، فالظاهر البناء عليه، وإلاّ كان الحديث مرسلا، ويسمّى مثله في الاصطلاح: معلّقا.
وأمّا رئيس المحدّثين الصدوق فإنّه بنى في الفقيه من أوّل الأمر على اختصار الأسانيد، وحذف أوائل السند، ثم وضع في آخره مشيخة يعرف بها طريقه إلى من روى عنه، فهي المرجع في اتّصال سنده في أخبار هذا الكتاب، وربّما أخلّ منها بذكر الطريق إلى بعض فيكون السند باعتباره معلّقا، وسنذكر طريقة شيخ الطائفة في الفائدة الآتية إن شاء الله تعالى.
ثم إنّهم أطالوا البحث والفحص عن أحوال المذكورين في المشيخة، ومدحهم وقدحهم، وصحّة الطريق من جهتهم، ولقرائن أخرى.
وأوّل من دخل في هذا الباب العلاّمة في الخلاصة، وتبعه ابن داود، ثم أرباب المجاميع الرجالية.
وشرّاح الفقيه: كالعالم الفاضل المولى مراد التفريشي، والعالم الجليل المجلسي الأول وغيرهم، ونحن نذكر خلاصة ما ذكروه مع الإشارة إلى ما عندي فيها، ثم نتبعه تنبيهات نافعة تتعلّق بالفقيه، ولتكن هذه الفائدة بمنزلة الشرح للفائدة الأولى من خاتمة الوسائل فإنّا نذكر الطرق على ترتيبه.
فنقول وبالله المستعان:
[١] أ - أمّا طريق الصدوق إلى أبان بن تغلب: فأبوه، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن صفوان بن يحيى، عن أبي أيوب، عن أبي علي - صاحب الكلل - عنه (١) .
والطريق ضعيف على المشهور لمكان أبي عليّ، فإنه مجهول.
وأمّا الباقون فمن أجلاء الثقات، ويمكن تصحيح الطريق من وجوه:
أ - رواية ابن أبي عمير عن أبي علي - صاحب الكلل - كما في الكافي في باب حقّ المؤمن على أخيه(٢) ، وهي من أمارات الوثاقة كما صرّح به الشيخ(٣) ، وعليه المحققون.
__________________
(١) الفقيه: ٤: ٢٣، من المشيخة.
(٢) أصول الكافي ٢: ١٣٧ / ٨.
(٣) عدة الأصول ١: ٣٨٧.
ب - إنّ في السند صفوان الذي هو من أصحاب الإجماع الذين يحكم بصحّة رواياتهم على المشهور، وسنوضحه ان شاء الله تعالى.
ج - ما أشار إليه المحقق الكاظمي في عدّته: من أنّ ما روي في الفقيه إنّما كان من أصل أبان لا من كتاب التفسير، ولا من كتاب الفضائل(١) لعدم المناسبة، والأصول - ولا سيّما أصل مثله في أيام الصدوق - كانت مشهورة، فلا يضرّ توسط ما جهل(٢) .
د - ما أشار فيها أيضا من أنّ بعض المحققين قال: أظنّ أنّ أبا علي هذا هو عبد الرحمن بن الحجّاج لكثرة روايته عن أبان، لكن عبد الرحمن يدعى: بياع السابري(٣) ، انتهى، وفيه بعد.
هـ - ما في جامع الرواة: من أنّ الظاهر أنّ أبا علي هذا هو بعينه أبو علي صاحب الأنماط الكوفي المذكور في أصحاب الصادقعليهالسلام من رجال الشيخ(٤) ، الذي يروي عنه ابن أبي عمير كما في التهذيب في آخر باب الأذان والإقامة من أبواب الزيارات(٥) ، وفي الكافي في باب ورود تبّع في كتاب الحج(٦) (٧) .
وهذا وإن كان يرجع إلى أوّل الوجوه إلاّ أنّ في ذكره الشيخ في رجال الصادقعليهالسلام تأكيد للوثاقة لما سنبيّنه ان شاء الله من أنّه من أمارات
__________________
(١) في الأصل: كتاب الفاضل، والذي أثبتناه هو الصحيح لكونه من كتب أبان كما في النجاشي: ١٠ / ٧.
(٢) عدة الكاظمي: ٢ / ٨٠.
(٣) عدة الكاظمي: ٢ / ٨٠.
(٤) رجال الطوسي: ٣٣٩ / ٢٠.
(٥) تهذيب الأحكام ٢: ٢٨٦ / ١١٤٤.
(٦) الكافي ٤: ٢٢٢ / ٨.
(٧) جامع الرواة ٢: ٤٠٥.
الوثاقة.
[٢] ب - وإلى أبان بن عثمان: محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد وأيوب بن نوح وإبراهيم بن هاشم ومحمّد بن عبد الجبار كلّهم، عن محمّد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى، عن أبان بن عثمان الأحمر (١) .
والسند في أعلى درجة الصحة.
وأمّا أبان فهو من أصحاب الإجماع، ويأتي بعض الكلام فيه وفي إبراهيم(٢) .
[٣] ج - وإلى إبراهيم بن أبي البلاد: أبوه علي بن بابويه، عن عبد الله ابن جعفر الحميري، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عنه، ويكنّى أبا إسماعيل (٣) .
وهذا السند أيضا صحيح بالاتفاق.
[٤] د - وإلى إبراهيم بن أبي زياد الكرخي (٤) : أبوه، عن سعد بن عبد الله، عن أيوب بن نوح، عن محمّد بن أبي عمير، عنه (٥) .
والسند إليه صحيح بالاتفاق.
__________________
(١) الفقيه ٤: ٨٣، من المشيخة.
(٢) يأتي في صحيفة: ٣٣.
(٣) الفقيه ٤: ٦٨، من المشيخة.
(٤) ذكره النجاشي في ترجمة محمد بن أحمد بن عبد الله بن مهران بعنوان: إبراهيم بن زياد الكرخي: ٣٤٦ / ٩٣٥، ومثله في الفقيه ٣: ١٤٥ / ٦٤١. إلاّ ان ما في الأصل موافق لما في المشيخة، وروضة الكافي ٨: ٣٧٠ / ٥٦٠، وتهذيب الأحكام ٧: ٨٠ / ٣٤٥ وموارد كثيرة أخرى.
والظاهر سقوط كلمة (أبي) قبل كلمة (زياد) من النجاشي والفقيه كما نبّه عليه في معجم رجال الحديث ١: ٢٢٥، فلاحظ.
(٥) الفقيه ٤: ٦١، من المشيخة.
وأمّا إبراهيم فيروي عنه ابن أبي عمير الذي لا يروي إلاّ عن ثقة.
والحسن بن محبوب، كما في الفقيه في باب المضاربة(١) ، وباب الهدية(٢) ، وفي التهذيب في باب الأحداث الموجبة للطهارة(٣) ، وفي الكافي في باب أصول الكفر وأركانه(٤) ، وهو من أصحاب الإجماع، وهم أيضا لا يروون إلاّ عن الثقة كما هو الحقّ عندنا وفاقا للعلامة الطباطبائي في ترجمة زيد النرسي(٥) ، وقد مرّ - في شرح حال أصل زيد(٦) - كلامه، وسنوضحه إن شاء الله تعالى في مقام ذكر هؤلاء العصابة.
ويروي عنه أبان بن عثمان، كما في التهذيب في باب الصلاة في السفر من أبواب الزيادات(٧) ، وهو أيضا من أصحاب الإجماع.
ويروي عنه صفوان بن يحيى، كما في الكافي في باب القول على العقيقة(٨) ، وهو شريك الجماعة، وممّن نصّ عليهم أنّهم لا يروون إلاّ عن ثقة.
ويروي عنه إبراهيم بن مهزم في الكافي في كتاب العقيقة(٩) ، وهو من أجلاّء الثقات.
وأبو أيّوب في الكافي في باب دعوات موجزات(١٠) ، وهو كسابقه، وبعد رواية هؤلاء عنه لا مجال للتأمّل فيه.
__________________
(١) الفقيه ٣: ١٤٥ / ١١ و ١٤٦ / ١٢.
(٢) الفقيه ٣: ١٩١ / ١٣.
(٣) تهذيب الأحكام ١: ٢٠ / ٤٩.
(٤) أصول الكافي ٢: ٢٢١ / ١٢.
(٥) رجال السيد بحر العلوم ٢: ٣٦٦.
(٦) تقدم في المجلد الأول صحيفة: ٦٢.
(٧) تهذيب الأحكام ٣: ٢٢٩ / ٥٨٦.
(٨) الكافي ٦: ٣٠ / ١.
(٩) الكافي ٦: ٤ / ١.
(١٠) أصول الكافي ٢: ٤٢٢ / ١٢.
[٥] ه - وإلى إبراهيم بن أبي محمود: محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إبراهيم بن أبي محمود.
وأبوه علي، عن الحسن بن أحمد المالكي، عن أبيه، عنه.
ومحمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد الله ومحمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عنه(١) .
والطريق الأول: حسن بإبراهيم على المشهور، صحيح عند المحققين كما سيأتي(٢) في الطريق إليه.
وأمّا الثاني: فضعيف على المشهور، لمكان الحسن بن أحمد المجهولين(٣) ، والظاهر كما قيل: انه نسب الى جدّه مالك بن الأحوص الأشعري القميّ، وقد ذكره الشيخ في أصحاب العسكريعليهالسلام (٤) وفيه مدح، مضافا إلى رواية مثل علي بن بابويه الجليل عنه، فالسند قوي وفاقا للتقي المجلسي(٥) .
والثالث: صحيح بالاتفاق.
[٦] و - وإلى إبراهيم بن أبي يحيى المدائني: محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن عبد الجبار، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ظريف بن ناصح، عنه (٦) .
وكلّهم ثقات وأجلاّء من الإماميّة سوى ابن فضال، ولذا عدّ السند في المشهور من الموثق، ولكنّه من أصحاب الإجماع، وممن أمر العسكري (عليه
__________________
(١) الفقيه ٤: ١٤، من المشيخة.
(٢) يأتي في صحيفة: ٣٣.
(٣) أي: الحسن وأبوه أحمد.
(٤) رجال الشيخ: ٤٣٠ / ٣.
(٥) روضة المتقين ١٤: ٢٧.
(٦) الفقيه ٤: ٩٧، من المشيخة.
السلام) بأخذ رواياتهم(١) ، وقد أخبر محمّد بن عبد الله بن زرارة برجوعه عن الفطحية(٢) ، فدرج السند في سلك الصحاح أولى كما صرّح به في العدّة(٣) .
وأمّا إبراهيم فهو بعينه إبراهيم بن محمّد بن أبي يحيى أبو إسحاق المدني مولى الأسلميين، من أصحاب الباقر والصادقعليهماالسلام له كتاب مبوّب في الحلال والحرام عن الصادقعليهالسلام وكان خاصّا به خصيصا بحديثنا(٤)
يروي عنه: حماد كما في التهذيب في كتاب المكاسب(٥) ، وصرّح به في التعليقة(٦) ، وهو من أصحاب الإجماع، ومن الثقات الأجلاّء.
وعاصم بن حميد كما في الكافي في باب صدقات النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم (٧) وباب ما أحل لهصلىاللهعليهوآلهوسلم من النساء(٨) .
والجليل: عبد الرحمن بن محمّد بن أبي هاشم كما فيه في باب آلات الدواب(٩) ، وفي التهذيب في باب ارتباط الخيل(١٠) .
وظريف بن ناصح كما في الفقيه(١١) .
__________________
(١) بقولهعليهالسلام : خذوا بما رووا، وذروا ما رأوا.
أنظر: كتاب الغيبة للطوسي: ٣٩٠.
(٢) رجال النجاشي: ٣٥ / ٧٢.
(٣) العدة للكاظمي: ١ / ١١١.
(٤) رجال النجاشي: ١٤ / ١٢.
(٥) تهذيب الأحكام ٦: ٣٢٨ / ٢٨.
(٦) تعليقة الوحيد على منهج المقال: ٢٠.
(٧) الكافي ٧: ٤٨ / ٣.
(٨) الكافي ٥: ٣٩١ / ٧.
(٩) الكافي ٦: ٥٤١ / ٥.
(١٠) تهذيب الأحكام ٦: ١٦٥ / ١١.
(١١) الفقيه ٤: ٩٧، من المشيخة.
وذكره الشيخ في رجال الصادقعليهالسلام (١) ومرّ ويأتي أنّه من الشواهد على كونه ممّن وثقهم ابن عقدة في رجاله.
وقال أيضا في حقّه: أسند عنه(٢) ، وجميع ذلك يورث الظنّ القويّ بكونه من ثقاتنا.
[٧] ز - وإلى إبراهيم بن سفيان: محمّد بن عليّ ماجيلويه، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن علي الكوفي، عن محمّد بن سنان، عنه (٣) .
والظاهر أنّ المراد بمحمّد بن علي هو الصيرفي الذي يكنّى أبا سمينة، وقالوا فيه: إنّه من الغلاة الكذّابين، وبعد أن اشتهر بالكذب في الكوفة انتقل إلى قم، ونزل على أحمد بن محمّد بن عيسى، ثم اشتهر بالغلوّ فأخرجه أحمد من قم(٤) ، وله كتب مثل كتب الحسين بن سعيد(٥) .
فالسند ضعيف وإن بنينا على وثاقة محمّد بن سنان كما هو الحقّ، الاّ أنّ في شرح المشيخة: وروى الأصحاب كتبه، إلاّ ما كان فيه غلوّ، أو كان منفردا به، وكتبه كثيرة، والظاهر أنّ مساهلتهم في النقل عن أمثاله لكونهم من مشايخ الإجازة، والأمر فيه سهل، لأن الكتاب إذا كان مشتهرا متواترا عن صاحبه يكفي في النقل عنه، وكان ذكر السند لمجرّد التيمن والتبرك، مع أن الغلوّ الذي
__________________
(١) رجال الشيخ: ١٤٤ / ٢٤.
(٢) انظر: رجال الشيخ: ١٤٤ / ٢٤.
(٣) الفقيه ٤: ١٠٢، من المشيخة.
(٤) انظر: رجال النجاشي: ٣٣٢ / ٨٩٤، وقد ذكره بعنوان: محمد بن علي بن إبراهيم بن موسى أبو جعفر القرشي، مولاهم، صيرفي، وكان لقب محمد بن علي: أبا سمينة، وقال: ضعيف جدا فاسد الاعتقاد، لا يعتمد في شيء.
أقول: سيأتي في الهامش رقم ٨ من الصفحة: ١٥ ماله علاقة بالمقام، فلاحظ.
(٥) فهرست الشيخ الطوسي: ١٤٦ / ٦١٤.
ينسبونه إليهم لا نعرف أنّه كان الاخبار عاليا دقيقا أو كان موافقا للواقع، لأنا نراهم يذكرون: أنّ أوّل درجة في الغلوّ نفي السهو عن النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم مع أن أكثر الأصحاب رووا أحاديثهم، وما رأينا من أخبار أمثاله خبرا دالا على الغلو، والله تعالى يعلم(١) ، انتهى.
ويؤيد ما ذكره أنّ الصدوق مع قرب عهده به ووقوفه على حاله، وما صنع به شيخ الأشعريّين أحمد اعتمد عليه في جملة من طرقه سوى إبراهيم المذكور.
فمنها: طريقه إلى الحسن بن علي بن أبي حمزة(٢) ، وطريقه إلى محمّد بن سنان(٣) ، وإلى علي بن محمّد الحضيني(٤) ، وإلى وهيب بن حفص(٥) ، وكذا طريقه إلى أبي الجارود(٦) ، وطريقه إلى عبد الحميد الأزدي(٧) - بناء على كون محمّد بن علي القرشي الكوفي هو بعينه الصيرفي الهمداني(٨) ، كما استظهره في
__________________
(١) روضة المتقين ١٤: ٢٨.
(٢) الفقيه ٤: ١٣٠، من المشيخة.
(٣) الفقيه ٤: ١٥ و ١٠٥، من المشيخة.
(٤) الفقيه ٤: ١٢٠، من المشيخة.
(٥) الفقيه ٤: ٦٣، من المشيخة.
(٦) الفقيه ٤: ٤٠، من المشيخة.
(٧) الفقيه ٤: ١٥، من المشيخة.
(٨) الظاهر اشتباه المصنفرحمهالله تعالى في القول بالاتحاد بين محمد بن علي القرشي الكوفي وبين محمد بن علي الصيرفي الهمداني فيما نقله عن منتهى المقال وتبناه أيضا. وفي المقام جملة أمور نوردها اختصارا.
١ - ان محمد بن علي القرشي ليس هو أبا سمينة، وان كان قريشا واسمه محمد بن علي، فهذا لا يلزم انحصار المسمى بهذا الاسم، وبالإمكان ان يكون غيره، كما لا تدل رواية ابن ماجيلويه على الاتحاد لإمكان روايته عن الاثنين لا سيما بعد ثبوت كونهما من طبقة مشايخه.
٢ - وقوع محمد بن علي القرشي في ثمان طرق للشيخ الصدوق كما بينها المصنف، ولو كان المقصود منه هو الملقب بأبي سمينة، لما صح التزام الصدوق في أول الفقيه بان لا يذكر فيه الا ما يعتمد عليه، ويحكم بصحته، ويكون حجة بينه وبين ربه، ولا يمكن الجمع بين قوله
منتهى المقال(١) - وطريقه إلى هارون بن خارجة.
هذا وأما إبراهيم بن سفيان فغير مذكور في الرجال، ولا يوجد له رواية في الكتب الأربعة إلاّ ما في الفقيه في باب ما يجوز للمحرم إتيانه: عنه، عن أبي الحسنعليهالسلام (٢) وروى عن الحسين بن سعيد، عنه، عن أبي الحسن الرضاعليهالسلام في باب ما يجب على من اختصر شوطا في الحجر(٣) ، والأمر سهل.
[٨] ح - وإلى إبراهيم بن عبد الحميد: محمّد بن الحسن، عن محمّد ابن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن سعدان بن مسلم، عنه.
وأبوه أيضا، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عنه(٤) .
والسندان حسنان في المشهور.
__________________
هذا والرواية عمن هو معروف لدى الصدوق وغيره بالغلو والكذب والتدليس والوضع، وعليه فلا بد وأن يكون المراد منه غير أبي سمينة.
٣ - استثناء محمد بن الحسن بن الوليد من رواية محمد بن أحمد بن يحيى ما رواه عن محمد ابن علي أبي سمينة، وما رواه عن محمد بن علي الهمداني، كما في النجاشي: ٣٤٨ / ٩٣٩، وهذا يدل على أن أبا سمينة هو غير الهمداني.
٤ - ذكر النجاشي كلا الرجلين وقال عن أبي سمينة (٣٣٢ / ٨٩٤): انه ضعيف جدا فاسد الاعتقاد لا يعتمد في شيء، وذكر عن الهمداني بأنه وأباه وجده من وكلاء الأئمة عليهمالسلام ولم يطعن عليه في أي شيء (٣٤٤ / ٩٢٨).
٥ - جد الهمداني اسمه محمد وجد أبي سمينة اسمه إبراهيم والأول من أهل همدان والثاني من الكوفة ثم انتقل الى قم واخرج منها كما يظهر من ترجمة الاثنين لدى النجاشي.
معجم رجال الحديث: ١٦ / ٢٩٩ - بتصرف.
(١) منتهى المقال: ٢٨٤.
(٢) الفقيه ٢: ٢٢٤ / ١٠٤٨.
(٣) الفقيه ٢: ٢٤٩ / ١١٩٩.
(٤) الفقيه ٤: ٥٥، من المشيخة.
أمّا الأول: فبسعدان، وأمّا الثاني فبابن هاشم، والحقّ وثاقتهما.
أمّا الثاني فيأتي(١) عن قريب.
وأمّا الأول فلرواية من لا يروي إلاّ عن ثقة عنه، مؤيّدة برواية الأجلاّء الكاشفة عادة عنها.
فروى عنه ابن أبي عمير، في الكافي في باب أن الأرض لا تخلو من حجه(٢) ، وصفوان بن يحيى، كما صرح به الشيخ في الفهرست(٣) ، ويونس ابن عبد الرحمن في الكافي، في باب البيان والتعريف(٤) ، وفضالة بن أيوب، في باب النوادر من كتاب الجنائز(٥) ، والحسن بن محبوب، في الفقيه، في باب أحكام المماليك والإماء من كتاب النكاح(٦) ، والحسن بن علي بن فضال، في التهذيب، في زيارة الأربعين(٧) .
وهؤلاء الستة من أصحاب الإجماع، وفيهم ابن أبي عمير، وصفوان.
ويروي عنه العباس بن معروف كما في مشيخة الفقيه(٨) في طريقه إليه، وأحمد بن إسحاق كذلك(٩) ، وعبد الله بن الصلت القمّي(١٠) .
وشيخ القميين محمّد بن علي بن محبوب كما في التهذيب في باب
__________________
(١) يأتي في هذه الفائدة، صحيفة: ٣٣.
(٢) أصول الكافي ١: ١٣٦ / ٢.
(٣) فهرست الشيخ الطوسي: ٧ / ١٢.
(٤) أصول الكافي ١: ١٢٥ / ٦.
(٥) الكافي ٣: ٢٥٨ / ٢٩.
(٦) الفقيه ٣: ٢٨٨ / ١٤.
(٧) تهذيب الأحكام ٦: ١١٣ / ٢٠١.
(٨) الفقيه ٤: ٥٥، من المشيخة.
(٩) الكافي ٥: ٥٢٦ / ١.
(١٠) فهرست الشيخ: ٧٩ / ٣٢٦.
الأحداث الموجبة للطهارة من أبواب الزيادات(١) .
والحسن بن علي بن يوسف - المعروف بابن بقاح - فيه في باب اختيار الأزواج(٢) .
وأحمد بن محمّد [عن محمّد](٣) بن خالد فيه في باب الزيادات من الزكاة.
والحسين بن هاشم في الكافي في باب إلطاف المؤمن(٤) ، وهو من الثقات، وإن رمي بالوقف.
وعلي بن الحكم فيه في باب فضل فقراء المسلمين(٥) ، ومحمّد بن خالد(٦) ، ومحمّد بن عيسى بن عبيد(٧) ، وعلي بن أسباط(٨) وغيرهم.
وصرّح الشيخ في الفهرست أنّ له أصلا(٩) ، وقد قال المفيد في رسالة العدد: وأمّا رواة الحديث بأن شهر رمضان شهر من شهور السنة يكون تسعة
__________________
(١) تهذيب الأحكام ١: ٣٥٣ / ١٠٥١.
(٢) تهذيب الأحكام ٧: ٣٩٩ / ١٥٩٢.
(٣) في الأصل: وأحمد بن محمد بن خالد، والذي أثبتناه هو الموافق لما في المصدر، والكافي ٤: ٨ / ٣، وثواب الأعمال: ١٧٣ / ٢، ووسائل الشيعة ٦: ٢٧٨ / ٢، ومعجم رجال الحديث ٨: ١٠١، ولم تعهد رواية أحمد بن محمد بن خالد عن سعدان بن مسلم، والصحيح رواية محمد بن خالد عنه.
(٤) أصول الكافي ٢: ١٦٤ / ١.
(٥) أصول الكافي ٢: ٢٠٢ / ٩.
(٦) انظر الهامش المتعلق بما أثبتناه بين معقوفتين آنفا.
(٧) الاستبصار ١: ٣٠٩ / ١١٥١.
(٨) الكافي ٨: ٣٠٧ / ٤٧٨، من الروضة.
(٩) فهرست الطوسي: ٧٩ / ٣٢٦.
وعشرين يوما ويكون ثلاثين يوما فهم فقهاء أصحاب أبي جعفر - وعدّ إلى العسكريعليهمالسلام - والأعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام والفتيا والأحكام، الذين لا يطعن عليهم، ولا طريق إلى ذمّ واحد منهم، وهم أصحاب الأصول المدوّنة والمصنفات المشهورة(١) ، انتهى.
وأمّا إبراهيم بن عبد الحميد، فهو الأسدي الكوفي الأنماطي، أخو محمّد ابن عبد الله بن زرارة(٢) لأمّه، الثقة، لتصريح الشيخ في الفهرست(٣) ، ورواية الأجلاء عنه مثل: النضر بن سويد(٤) ، والحسين بن سعيد(٥) ، ويعقوب بن يزيد(٦) ، وجعفر بن محمّد بن سماعة(٧) ، وعبد الله بن محمّد النهيكي(٨) ، وإبراهيم بن هاشم(٩) ، وعلي بن أسباط(١٠) . وغيرهم، ورميه بالوقف غير مضرّ، مع أنه ضعيف من أصله، مضافا إلى كونه من أرباب الأصول الذين عرفت مقامهم.
[٩] ط - وإلى إبراهيم بن عمر: أبوه، عن سعد بن عبد الله، عن
__________________
(١) الرسالة العددية: ١٤.
(٢) رجال النجاشي: ٢٠ / ٢٧.
(٣) فهرست الطوسي: ٧ / ١٢.
(٤) تهذيب الأحكام ٧: ٩٨ / ٤٢١.
(٥) أصول الكافي ٢: ٢٤٩ / ٤.
(٦) تهذيب الأحكام ٣: ٢٣ / ٨٠.
(٧) تهذيب الأحكام ٢: ٢٥٨ / ١٠٢٧.
(٨) الكافي ٦: ٥٠٥ / ٥.
(٩) روى عنه بواسطة واحدة في التهذيب ٤: ١٨٩ / ٥٣٣ وهو واقع أيضا في طريق الفهرست إليه ولكن بتوسط ابن أبي عمير وصفوان بن يحيى.
(١٠) أصول الكافي ١: ٣٥٠ / ٥٦.
يعقوب بن يزيد، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني (١) .
وكلّهم من أجلاّء الثقات، وفيهم حمّاد، وهو من أصحاب الإجماع، ومنه يظهر حال إبراهيم.
ويروي عنه أيضا ابن أبي عمير كما في الكافي في باب يوم الفطر(٢) .
ومن الأجلاّء: شيخ القميّين محمّد بن علي بن محبوب(٣) ، وسيف بن عميرة(٤) ، وعلي بن الحكم(٥) ، وأبان(٦) ، والظاهر أنه ابن عثمان، وهو من أصحاب الإجماع.
وقال النجاشي: شيخ من أصحابنا، ثقة، روى عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهماالسلام ذكر ذلك أبو العباس وغيره(٧) .
وقال الشيخ في [أصحاب الباقرعليهالسلام ]: له أصول رواها عنه حماد ابن عيسى(٨) .
وقد عرفت مقام أرباب الأصول عندهم، فقول ابن الغضائري: - إنّه يكنّى أبا إسحاق، ضعيف جدا - لا يصغى اليه، ولذا قال العلاّمة في الخلاصة بعد نقل كلام النجاشي وابن الغضائري: والأرجح عندي قبول روايته وإن حصل بعض الشك في الطعن فيه(٩) .
__________________
(١) الفقيه ٤: ٩٥، من المشيخة.
(٢) الكافي ٤: ١٦٨ / ٣.
(٣) تهذيب الأحكام ٤: ٣١٧ / ٩٦٣.
(٤) أصول الكافي ١: ٦٨ / ٣.
(٥) لم نعثر على روايته عنه.
(٦) تهذيب الأحكام ٦: ٣٧٩ / ١١١٣.
(٧) رجال النجاشي: ٢٠ / ٢٦.
(٨) رجال الطوسي: ١٠٣ / ٧.
(٩) رجال العلامة: ٦ / ١٥.
قال التقي المجلسي: بل لا يحصل الشكّ لأن أصوله معتمد الأصحاب بشهادة الصدوق والمفيد ووثقه الثقتان، والجارح مجهول الحال، ولو لم يكن كذلك لكان عليه أن يقدّم الجرح، كما ذكره العلاّمة في كتبه الأصولية(١) .
[١٠] ي - وإلى إبراهيم بن محمّد الثقفي: أبوه، عن عبد الله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن علي الأصفهاني.
وعن محمّد بن الحسن، عن أحمد بن علويّة الأصفهاني، عنه(٢) .
والظاهر اتحاد الأحمدين، والاشتباه في السند الأول لما في النجاشي(٣) .
[و] عبد الله بن الحسن المؤدّب روى عن أحمد بن علويّة كتب الثقفي، روى عنه علي بن الحسين بن بابويه(٤) .
وفي من لم يرو عنهمعليهمالسلام من رجال الشيخ: أحمد بن علوية الأصفهاني المعروف بابن الأسود، روى عن إبراهيم بن محمّد الثقفي كتبه كلّها(٥) ، مع أنه ليس للأول(٦) ذكر في كتب الأصحاب، ثم انّهم لم يوثقوا أحمد ابن علويّة صريحا، إلاّ أنّهم مدحوه بما يقرب من التوثيق، ولا أقل من معناه الأعمّ.
ففي النجاشي: أنّ له كتاب الاعتقاد في الأدعية(٧) ، وذكر طريقه إليه.
__________________
(١) روضة المتقين ١٤: ٣٦.
(٢) الفقيه ٤: ١٢٦، من المشيخة.
(٣) رجال النجاشي: ١٨ / ١٩، وفيه: وأخبرنا علي بن احمد، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن محمد بن عامر، عن احمد بن علوية الأصفهاني - الكاتب المعروف بأبي الأسود - عنه بكتبه.
(٤) رجال الطوسي: ٤٨٤ / ٤٦، وما وضعناه بين المعقوفتين هو لفصل كلام الشيخ عما هو في رجال النجاشي المبين في الهامش السابق، فلاحظ.
(٥) رجال الطوسي: ٤٤٧ / ٥٦.
(٦) أي: أحمد بن علي الأصفهاني.
(٧) رجال النجاشي: ٨٨ / ٢١٤.
وفي من لم يروعنهمعليهمالسلام : روى عنه الحسين بن محمّد بن عامر، وله دعاء الاعتقاد وتصنيفه(١) .
والحسين هو الأشعري الثقة، ويروي عنه ابن الوليد(٢) الجليل المعروف حاله في شدّة التحرز عن الرواية عن غير الثقة.
وقال ابن شهرآشوب في المعالم في ذكر الطبقة الأولى من شعراء أهل البيتعليهمالسلام : وهم المجاهرون: الشيخ أحمد بن علويّة الأصفهاني(٣) .
وفي إيضاح العلامة: أحمد بن علويّة الأصبهاني - بفتح العين المهملة، وفتح اللام، وكسر الواو، وتشديد الياء المنقطة تحتها نقطتين - له كتاب الاعتقاد في الأدعية، وله النونيّة المسمّاة بالألفية والمحبرة(٤) ، وهي ثمانمائة ونيّف وثلاثون بيتا، وقد عرضت على أبي حاتم السجستاني، فقال: يا أهل البصرة غلبكم والله شاعر أصبهان في هذه القصيدة في أحكامها وكثرة فوائدها(٥) .
وذكره ابن داود في القسم الأول من كتابه، وقال: أحمد بن علويّة الأصبهاني الرحّال - بالحاء المهملة - والتضعيف في من لم يرو عنهمعليهمالسلام في الكشي(٦) ، سمّي الرحّال لأنه رحل خمسين رحلة من حج إلى
__________________
(١) رجال الطوسي: ٤٤٨ / ٥٦.
(٢) الفقيه ٤: ١٢٦، من المشيخة، وقد تقدم أنفا.
(٣) معالم العلماء: ١٤٨.
(٤) وتسمى (الكرمانية) أيضا، وهي في مدح أمير المؤمنينعليهالسلام ، ومطلعها:
ما بال عينك ثرة الإنسان |
عبري اللحاظ سقيمة الأجفان |
(٥) إيضاح الاشتباه: ١٠٤ / ٦٩.
(٦) رمز له في الأصل بـ (لم كش)، وفي المصدر بـ (لم جش).
والصحيح ما في المصدر، والمراد منه هو ان ابن داود يرمز بكتابه بـ (لم جش) لكل رجل ورد في رجال النجاشي ولم تكن له رواية عن أحد الأئمة عليهمالسلام ، وقد نبه على هذه الطريقة المحقق الداماد في الرواشح السماوية: ٦٨ الراشحة السابعة عشرة، وأشار إليها
غزو(١) .
ونقله عنه المحقق الكاظمي في عدّته(٢) ، ولم يتعرض لما فيه من الاشتباه، فان الرحّال من ألقاب محمّد بن أحمد الراوي عنه دونه.
ففي النجاشي: أحمد بن علويّة الأصبهاني، أخبرنا ابن نوح، قال: حدّثنا محمّد بن علي بن أحمد بن هشام أبو جعفر القمي، قال: حدثنا محمّد ابن أحمد بن [محمّد بن](٣) بشر البطال بن بشير الرحّال، قال: وسمّي الرحّال لأنّه رحل خمسين رحلة من حجّ إلى غزو، وقال: حدثنا أحمد بن علويّة بكتاب الاعتقاد في الأدعية(٤) .
وفيه اشتباه آخر من نسبة ذلك إلى الكشي دون النجاشي، وليس له ذكر في الكشي(٥) .
وأمّا عبد الله بن الحسن المؤدّب - أي معلّم علوم الأدبية كالنحو والصرف واللغة - فهو من مشايخ إجازة علي بن بابويه كما صرح به النجاشي(٦) ، ومرّ في
__________________
السيد محمد صادق بحر العلوم في مقدمة كتاب الرجال لابن داود: ٢١ والظاهر ان نسخة النوري من رجال ابن داود فيها (لم كش) لما سيأتي عن المصنف من التصريح بوقوع الاشتباه في نسبة ذلك الى الكشي دون النجاشي، فلاحظ.
(١) رجال ابن داود: ٤٠ / ١٠٣.
(٢) عدة الكاظمي ٢ / ٨٧.
(٣) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٤) رجال النجاشي: ٨٨ / ٢١٤.
(٥) وهو كذلك، إذ ليس له ذكر في الكشي، راجع الهامش رقم / ٦ من الصفحة السابقة.
(٦) لم يصرح النجاشي بذلك، ولم يترجم للمؤدب في رجاله أصلا، كما لم يذكره في ترجمة ابن بابويه أيضا.
بل ذكر الشيخ في رجاله، باب من لم يرو عنهم عليهمالسلام : ٤٨٤ / ٤٦ رواية علي بن الحسين بن بابويه عنه.
ومن تعرض لترجمته من أرباب هذا الفن نقل عبارة الشيخ الطوسي ولم ينسب إلى النجاشي شيئا في حقه. ولعل استبدال لفظ الشيخ بالنجاشي وقع سهوا من المصنف، أو اشتباها
الفائدة السابقة إجمال علوّ مقامهم(١) ، مضافا إلى ذكره النجاشي في كتابه الذي عرفت حاله، وبناءه فيه في ترجمته.
وأمّا إبراهيم بن محمّد الثقفي - صاحب كتاب الغارات المعروف، الذي اعتمد عليه الأصحاب - فهو من أجلاّء الرواة المؤلّفين كما يظهر من ترجمته، ويروي عنه الأجلاّء كالصفّار(٢) ، وسعد بن عبد الله(٣) ، وأحمد بن أبي عبد الله(٤) .
وفي أنساب السمعاني بعد الترجمة: قدم أصبهان وأقام بها، وكان يغلو في الرفض، وله مصنفات في التشيّع، روى عن أبي نعيم الفضل بن دكين، وإسماعيل بن أبان(٥) .
وقال السيد علي بن طاوس: في الباب الرابع والأربعين من كتابه الموسوم باليقين - الباب ٤٤ - فيما نذكره من تسمية مولانا علي بأمير المؤمنينعليهالسلام سمّاه به سيّد المرسلين (صلوات الله عليهم أجمعين) روينا ذلك من كتاب المعرفة تأليف أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد بن سعيد الثقفي من الجزء الأوّل منه، وقد أثنى عليه محمّد بن إسحاق النديم في كتاب الفهرست في الرابع(٦) ، فقال ما هذا لفظه: أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد الأصفهاني، من ثقات العلماء المصنفين(٧) .
__________________
من الناسخ، والله العالم.
(١) انظر تفصيل ذلك في الفائدة المتقدمة.
(٢) التهذيب ١٠: ٣١٥ / ١١٧٤ وفيها عن إبراهيم فقط.
(٣) أصول الكافي ١: ٣٧٢ / ٢٧.
(٤) تهذيب الأحكام ٦: ٣٢٧ / ٩٠١، أصول الكافي ٢: ٩٧ / ٩.
(٥) أنساب السمعاني ٣: ١٣٦.
(٦) كذا والصحيح في الفن الخامس من المقالة السادسة.
(٧) فهرست ابن النديم: ٢٧٩.
قال: إن هذا أبا إسحاق إبراهيم بن محمّد الثقفي كان من الكوفة، ومذهبه مذهب الزيدية، ثم رجع إلى اعتقاد الإمامية، وصنّف هذا كتاب المعرفة، فقال له الكوفيون: تتركه ولا تخرجه لأجل ما فيه من كشف الأمور، فقال لهم: أيّ البلاد أبعد من مذهب الشيعة؟ فقالوا: أصفهان، فرحل من الكوفة إليها، وحلف أنّه لا يرويه إلاّ بها، فانتقل إلى أصبهان، ورواه بها ثقة منه بصحة ما رواه فيه، وكانت وفاته سنة ٢٨٣(١) ، انتهى.
[١١] يا - وإلى إبراهيم بن محمّد الهمداني: أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عنه (٢) .
وفي بعض نسخ الفقيه: أحمد بن علي بن زياد، ولعلّه من زيادة النسّاخ، وأحمد بن زياد هو الذي قال في حقّه الصدوق في كمال الدين بعد نقل خبر عنه: لم أسمع هذا الحديث إلاّ من أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني [-رضياللهعنه - بهمدان](٣) عند منصرفي من حجّ بيت الله الحرام، وكان رجلا ثقة ديّنا فاضلا، رحمة الله عليه ورضوانه(٤) .
وقد مرّ، ويأتي(٥) نقل الاتفاق على وثاقة إبراهيم من ابن طاوس.
وأمّا إبراهيم فهو من وكلاء الناحية، وكذا أولاده، وروى الكشي توثيقه وجماعة عن الامامعليهالسلام وكان قد حجّ أربعين حجّة(٦) .
ويروي عنه من الأجلاّء: إبراهيم بن هاشم(٧) ، وعلي بن مهزيار كما في
__________________
(١) اليقين: ٣٨، كما ذكر النجاشي هذه القصة في ترجمته أيضا: ١٦ / ١٩.
(٢) الفقيه ٤: ٧٩، من المشيخة.
(٣) ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.
(٤) كمال الدين ٢: ٣٦٩.
(٥) سيأتي في صحيفة: ٣٣ (فلاح السائل: ١٥٨)
(٦) رجال الكشي ٢: ٨٣١ / ١٠٥٣ و ٨٦٧ / ١١٣١.
(٧) كما في طريق الصدوق إليه.
الكافي في باب من يؤاجر أرضا ثم يبيعها(١) ، وفي التهذيب في باب المزارعة(٢) ، ويعقوب بن يزيد في التهذيب في باب البينات(٣) ، وأحمد بن محمّد ابن عيسى في التهذيب في باب أحكام الطلاق(٤) ، وأحمد بن أبي عبد الله في التهذيب في باب الكفاءة في النكاح(٥) ، وفي الكافي في باب تزويج أم كلثوم(٦) ، وسهل بن زياد(٧) ، ومحمّد بن عيسى(٨) ، وعمر بن علي بن عمر(٩) .
[١٢] يب - وإلى إبراهيم بن مهزيار: أبوه، عن الحميري - يعني عبد الله بن جعفر - عنه (١٠) .
وهما من الأجلاّء، وتستظهر وثاقة إبراهيم من أمور:
أ - قول السيد علي بن طاوس في ربيع الشيعة: إنّه من سفراء الصاحبعليهالسلام والأبواب المعروفين الذين لا يختلف الاثنا عشرية فيهم(١١) .
ب - ما في الكشي: حدّثني أحمد بن علي بن كلثوم السرخسي - وكان من القوم أو الفقهاء - وكان مأمونا على الحديث، قال: حدثني إسحاق بن محمّد البصري، قال: حدثني محمّد بن إبراهيم بن مهزيار، قال: إنّ أبي لما حضرته
__________________
(١) الكافي ٥: ٢٧٠ / ٢.
(٢) تهذيب الأحكام ٧: ٢٠٧ / ٩١٢.
(٣) تهذيب الأحكام ٦: ٢٦٨ / ٧١٩.
(٤) تهذيب الأحكام ٨: ٥٧ / ١٨٦.
(٥) تهذيب الأحكام ٧: ٣٩٦ / ١٥٨٤.
(٦) الكافي ٥: ٣٤٧ / ٣.
(٧) أصول الكافي ١: ٤٣ / ٢.
(٨) الكافي ٥: ٢٧٠ / ٢.
(٩) رجال الكشي ٢: ٨٦٩ / ١١٣٦.
(١٠) الفقيه ٤: ٤٤، من المشيخة.
(١١) ربيع الشيعة (إعلام الورى): ٤١٦.
الوفاة دفع إليّ مالا. وأعطاني علامة، ولم يعلم بتلك العلامة إلاّ الله عزّ وجلّ وقال: من أتاك بهذه العلامة فادفع إليه المال، قال: فخرجت إلى بغداد ونزلت في خان، فلمّا كان في اليوم الثاني إذ جاء شيخ ودقّ الباب، فقلت للغلام: انظر من هذا؟ فقال: شيخ بالباب، فقلت: أدخل، فدخل وجلس وقال: أنا العمري، هات المال الذي عندك، وهو كذا وكذا ومعه العلامة، قال: فدفعت إليه المال(١) .
ج - رواية الأجلاّء عنه: كعبد الله بن جعفر في هذا الطريق(٢) ، وفي الكافي في باب مولد الحسن بن عليعليهالسلام (٣) ، وباب مولد فاطمة الزهراءعليهاالسلام (٤) ، وفي الفهرست في ترجمة أخيه علي(٥) ، وسعد بن عبد الله كما يأتي في طريق الفقيه إلى علي بن مهزيار(٦) ، وفي الفهرست في ترجمة علي(٧) ، وفي الكافي في البابين المذكورين(٨) ، ومحمّد بن علي بن محبوب في التهذيب في أواخر باب كيفية الصلاة من أبواب الزيادات(٩) ، وباب وصيّة الإنسان لعبده(١٠) ، وباب الزيادات في فقه الحج(١١) ، وأحمد بن محمّد - والظاهر
__________________
(١) رجال الكشي ٢: ٨١٣ / ١٠١٥.
(٢) أي: طريق الصدوق إلى إبراهيم بن مهزيار وقد تقدم آنفا.
(٣) أصول الكافي ١: ٣٨٤ / ٢.
(٤) لم نقف على رواية عبد الله بن جعفر، عنه في الباب المذكور، بل في باب مولد أمير المؤمنينعليهالسلام ، انظر: أصول الكافي ١: ٣٨٠ / ١٠.
(٥) فهرست الشيخ: ٨٨ / ٣٦٩.
(٦) يأتي في الطريق رقم: ٢٢٨، وكذلك انظر الفقيه ٤: ٣٨، من المشيخة.
(٧) فهرست الشيخ: ٨٨ / ٣٦٩.
(٨) راجع ما في الهامشين رقم (٣) و (٤)
(٩) تهذيب الأحكام ٢: ٣٣٧ / ١٣٩٢.
(١٠) تهذيب الأحكام ٩: ٢٢٦ / ٨٩٠.
(١١) تهذيب الأحكام ٥: ٤٠٨ / ١٤١٨.
أنه ابن عيسى - في الكافي في باب مولد الحسينعليهالسلام (١) .
ومحمّد بن عبد الجبّار كما في النجاشي في ترجمته(٢) ، ومحمّد بن أحمد بن يحيى في أواخر باب الذبح(٣) ، وباب الكفارة عن خطأ المحرم(٤) ، وباب الإقرار في المرض من التهذيب(٥) ، وفي الاستبصار في باب لبس الخاتم للمحرم(٦) ، ومن روايته عنه يظهر الأمر.
د - فإنه صاحب نوادر الحكمة، ولم يستثنوا روايته، وصرّح الأستاذ الأكبر(٧) وغيره بأن فيه إشعار بالوثاقة.
هـ - ما في التهذيب في كتاب الوصايا: عن محمّد بن علي بن محبوب، عن إبراهيم بن مهزيار، قال: كتبت إليهعليهالسلام إنّ مولاك علي بن مهزيار أوصى أن يحجّ عنه من ضيعة صيّر ربعها إلى حجّه(٨) في كلّ سنة [إلى](٩) عشرين دينارا، وانه قد انقطع طريق البصرة فتتضاعف المئونة على الناس، وليس يكتفون بالعشرين، وكذلك أوصى عدّة من مواليك في حجّتهم؟ فكتبعليهالسلام : يجعل ثلاث حجج [حجتين](١٠) إن شاء
__________________
(١) أصول الكافي ١: ٣٨٥ / ١.
(٢) رجال النجاشي: ١٦ / ١٧.
(٣) تهذيب الأحكام ٥: ٢٣٨ / ٨٠٥.
(٤) تهذيب الأحكام ٥: ٣٨٥ / ١٣٤٥.
(٥) تهذيب الأحكام ٩: ١٦٢ / ٦٦٧.
(٦) الاستبصار ٢: ١٦٥ / ٣.
(٧) تعليقة البهبهاني: ٢٨١.
(٨) كذا في الأصل والمصدر، وفي الكافي ٤: ٣١٠ / ١ والفقيه ٢: ٢٧٢ / ١٣٢٦: لك حجة.
(٩) ما بين المعقوفتين من المصدر، والكافي أيضا ٤: ٣١٠ / ١.
(١٠) في الأصل: في حجة، وما أثبتناه هو الصحيح الموافق لما في المصدر والكافي والفقيه.
الله(١) . الخبر، وفيه إشعار بأنّه كان وصيّ أخيه علي.
و - إنّ العلاّمة حكم بصحّة طريق الصدوق إلى بحر السقّاء، وفيه إبراهيم(٢) .
[١٣] يج - وإلى إبراهيم بن ميمون: محمّد بن الحسن، عن الحسين ابن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن معاوية ابن عمّار، عنه (٣) .
وكلّهم من الأجلاّء الذين لم يطعن عليهم بشيء سوى ابن أبان الذي لم يصرّحوا بتوثيقه، الذي يمكن استفادته:
أولا: من كونه من مشايخ الإجازة كما يظهر من النجاشي(٤) وغيره، ومرّ(٥) وجهها.
وثانيا: رواية الأجلّة عنه مثل: محمّد بن الحسن بن الوليد هنا(٦) ، وفي ترجمة محمّد بن أورمة(٧) ، وأبو علي الأشعري في الكافي في باب أخوّة المؤمنين(٨) ، وعلي بن إبراهيم فيه في باب حقّ المؤمن على أخيه(٩) ، ومحمّد بن الحسن الصفار في التهذيب في باب الأحداث الموجبة للطهارة(١٠) ، وغيره، وفي غيره.
وثالثا: ما في ترجمة الحسين بن سعيدرحمهالله : من أنه مات في بيته
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٩: ٢٢٦ / ٨٩٠.
(٢) رجال العلامة: ٢٧٩، وانظر: الفقيه ٤: ٦٩، من المشيخة.
(٣) الفقيه ٤: ٦٣، من المشيخة.
(٤) رجال النجاشي: ٥٩ / ١٣٦ - ١٣٧.
(٥) تقدم ماله علاقة بالمقام في الفائدة الرابعة.
(٦) أي: كما في الطريق.
(٧) انظر فهرست الطوسي: ١٤٣ / ٦١٠.
(٨) أصول الكافي ٢: ١٣٣ / ٧.
(٩) أصول الكافي ٢: ١٣٩ / ١٤.
(١٠) تهذيب الأحكام ١: ٧ / ٨.
بقم(١) ، وأوصى له بكتبه مع وجود أولاده، وفيهم أحمد دندان، روى عن جميع شيوخ أبيه سوى حمّاد(٢) وفي هذه الوصيّة من مثله من الدلالة على علوّ المقام ما لا يخفى.
ورابعا: ما نصّ عليه جماعة من تصحيح العلامة في المختلف(٣) وغيره، وجملة من الأصحاب طرق أحاديث في التهذيب وغيره وهو فيها.
وخامسا: نصّ ابن داود على وثاقته في ترجمة محمّد بن أورمة، قال: روى عنه الحسين بن الحسن بن أبان وهو ثقة(٤) .
وما قيل: - إن المراد ان الحسين روى عن محمّد في أيام كون محمّد ثقة - مستبعد جدا، ولذا قال السيد المحقق الكاظمي في عدّته بعد حكمه بصحّة الطريق المذكور: إذ ليس فيه إلاّ ابن أبان، وقد وثّقه ابن داود صريحا، وتأويل عبارته مجازفة مع أن العلاّمة كثيرا ما يصحح حديث ابن الوليد جميع كتب ابن أبان.
وأمّا إبراهيم ففي شرح المشيخة(٥) انّه مجهول الحال، لكن يظهر ممّا ذكره المصنف أنه كان كتابه معتمد الأصحاب(٦) ، انتهى.
قلت: ويمكن استفادة مدحه القريب من الوثاقة بل وثاقته من أمور:
أ - رواية صفوان عنه كما في الكافي في باب أن الرجل يسلم فيحج قبل أن يختتن(٧) ، وهو لا يروي إلاّ عن ثقة.
__________________
(١) رجال النجاشي: ٥٩ / ١٣٦ - ١٣٧.
(٢) رجال النجاشي: ٧٧ / ١٨٣.
(٣) المختلف: ١٧.
(٤) رجال ابن داود: ٢٧٠ / ٤٣١.
(٥) روضة المتقين ١٤: ٣٩.
(٦) عدة الكاظمي ٢ / ٨٩.
(٧) الكافي ٤: ٢٨١ / ١.
ب - رواية الأجلاّء عنه، وفيهم بعض أصحاب الإجماع - الذين هم عندنا كصفوان - مثل: حمّاد بن عثمان كما في التهذيب في باب المزارعة(١) ، وباب فضل المساجد من أبواب الزيادات(٢) ، وفي الكافي في باب الرجل يؤم النساء(٣) ، وباب قبالة أرض أهل الذمة(٤) .
ومعاوية بن عمار كما عرفت في التهذيب في باب وقت زكاة الفطرة(٥) .
وعلي بن رئاب في الكافي في باب الكلب يصيب الثوب(٦) ، وباب فيمن أجنب بالليل في شهر رمضان(٧) ، وفي التهذيب في باب تطهير الثياب من النجاسات(٨) .
وعبد الله بن مسكان في التهذيب في باب الطواف(٩) ، وباب الكفّارة عن خطأ المحرم(١٠) ، وفي الفقيه في باب تحريم صيد الحرم(١١) ، وباب ما جاء في طواف الأغلف(١٢) .
وأبو المغراء حميد بن المثنى الثقة الجليل في الكافي في باب الغنم تعطى
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٧: ١٩٩ / ٨٧٨.
(٢) تهذيب الأحكام ٣: ٢٦٨ / ٧٦٧.
(٣) الكافي ٣: ٣٧٧ / ٣.
(٤) الكافي ٥: ٢٧٠ / ٥.
(٥) تهذيب الأحكام ٤: ٧٦ / ٢١٤.
(٦) الكافي ٣: ٦١ / ٥.
(٧) الكافي ٤: ١٠٦ / ٥.
(٨) تهذيب الأحكام ١: ٢٧٦ / ٨١١.
(٩) تهذيب الأحكام ١: ١٢٦ / ٤١٢.
(١٠) تهذيب الأحكام ٥: ٣٤٨ / ١٢١٠.
(١١) الفقيه ٢: ١٦٩ / ١٤.
(١٢) الفقيه ٢: ٢٥١ / ٢.
بالضريبة(١) ، وفي التهذيب في باب إبطال العول(٢) ، وباب المزارعة(٣) .
والثقة الجليل عيينة - أو عتيبة - بياع القصب في التهذيب في باب الصلاة في السفر من أبواب الزيادات(٤) ، وباب الصلاة في السفينة منها(٥) .
وعلي بن أبي حمزة - بناء على كونه الثمالي الثقة - في [الكافي](٦) في باب فضل الحج والعمرة.
ج - ذكره الشيخ في أصحاب الصادقعليهالسلام من رجاله(٧) ، ويأتي إن شاء الله كونه من أمارات الوثاقة.
د - ما احتمله الفاضل الشيخ فرج الله الحويزاوي في كتاب إيجاز المقال من كونه أخا عبد الله بن ميمون القدّاح، قال: وحينئذ فيشمله قول الصادقعليهالسلام : إنكم من نور الله في الأرض(٨) .
قلت: الصواب الباقرعليهالسلام فإنّه أشار بذلك إلى ما رواه الكشي مسندا عن عبد الله بن ميمون، عن أبي جعفرعليهالسلام قال: يا ابن ميمون كم أنتم بمكة؟ قلت: نحن أربعة، قال: إنكم نور الله(٩) .
الى آخره. وردّه السيد في العدّة بأنه يأباه قول ابن حجر: إنّه - يعني إبراهيم -
__________________
(١) الكافي ٥: ٢٢٤ / ٢.
(٢) تهذيب الأحكام ٩: ٢٥٠ / ٩٦٦.
(٣) تهذيب الأحكام ٧: ٢٠٢ / ٨٩٣.
(٤) تهذيب الأحكام ٣: ٢٩٩ / ٥٨٧.
(٥) تهذيب الأحكام ٢: ٢٩٨ / ٩٠٨.
(٦) في الأصل: في التهذيب، وما أثبتناه هو الصحيح لخلو التهذيب من ذلك، انظر: الكافي ٤: ٢٥٩ / ٢٩ باب فضل الحج والعمرة من كتاب الحج.
(٧) رجال الشيخ: ١٥٤ / ٢٣٦.
(٨) إيجاز المقال:
(٩) رجال الكشي ٢: ٥١٤ / ٤٥٢.
كوفي، فإنّ القدّاح مكّي(١) ، قال: مع أنّه إنّما يتم لو أراد عبد الله بقوله: نحن أربعة - حين قال له: كم أنتم بمكة -: أربعة بيوت، أمّا لو أراد أربعة أنفس فلا(٢) .
قلت: في التقريب: إبراهيم بن ميمون كوفي صدوق من السادسة(٣) ، وقال الذهبي في الميزان: إنّه من أجلاّء الشيعة(٤) .
[١٤] يد - وإلى إبراهيم بن هاشم: أبوه ومحمّد بن الحسن، عن سعد ابن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري، عنه.
وعن محمّد بن موسى بن المتوكل، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه(٥) .
وقد أطالوا الكلام في ترجمة إبراهيم، وعدّ المشهور حديثه حسنا، وصرح جمع من المحققين بوثاقته وهو الحقّ لأمور:
أ - قول السيد علي بن طاوس في فلاح السائل في حديث نقله عن أمالي الصدوق(٦) : ورواة الحديث ثقات بالاتفاق(٧) ، ومنهم إبراهيم.
ب - قول ولده الجليل عليّ في أوّل تفسيره: ونحن ذاكرون ومخبرون بما ينتهي إلينا، ورواه مشايخنا وثقاتنا عن الذين فرض الله طاعتهم(٨) . إلى آخره، وقد أكثر فيه الرواية عن أبيه.
قال السيّد الأجل بحر العلوم في رجاله: والأصحّ أنه عندي ثقة
__________________
(١) تهذيب التهذيب ٦: ٤٤ / ٩٢.
(٢) عدة الكاظمي: ٢ / ٨٨.
(٣) تهذيب التهذيب ١: ٤٥ / ٢٩٣.
(٤) ميزان الاعتدال ١: ٦٣ / ٢٠٣.
(٥) الفقيه ٤: ١٣٣، من المشيخة.
(٦) أمالي الصدوق: ٣٩٦ / ٣.
(٧) فلاح السائل: ١٥٨.
(٨) تفسير القمي ١: ٤.
صحيح الحديث لوجوه:
الأوّل ما ذكره ولده الثقة الثبت في خطبة تفسيره. وساقه، وقال: ثم أنه روى معظم كتابه هذا عن أبيهرضياللهعنه ورواياته كلّها: حدثني أبي، وأخبرني أبي، إلاّ النادر اليسير الذي رواه عن غيره، ومع هذا الإكثار لا يبقى الريب في أنه مراد في عموم قوله: مشايخنا وثقاتنا، فيكون ذلك توثيقا له من ولده الثقة، وعطف الثقات على المشايخ من باب عطف الأوصاف مع اتّحاد الموصوف والمعنى: مشايخنا الثقات، وليس المراد به: المشايخ غير الثقات، والثقات غير المشايخ كما لا يخفى على العارف بأساليب الكلام(١) .
ج - رواية أجلاّء المحدّثين المتورّعين عنه:
مثل: سعد بن عبد الله(٢) ، وعبد الله بن جعفر(٣) ، ومحمّد بن الحسن الصفار(٤) ، ومحمّد بن علي بن محبوب(٥) ، ومحمّد بن يحيى العطّار(٦) ، وعلي ابن الحسن بن فضّال(٧) ، ومحمّد بن أحمد بن يحيى(٨) ، ولم يستثنوه عن رواة كتابه نوادر الحكمة.
ومحمّد بن موسى بن المتوكل(٩) ، وولده الجليل علي(١٠) ، والحسن بن
__________________
(١) رجال السيد بحر العلوم ١: ٤٦٢.
(٢) تهذيب الأحكام ١: ٢٧ / ٦٩.
(٣) الفقيه ٤: ٩٠، من المشيخة.
(٤) تهذيب الأحكام ٧: ٣١٠ / ١٢٨٥.
(٥) تهذيب الأحكام ٤: ٣٢٢ / ٩٨٧.
(٦) الفقيه ٤: ٩٩، من المشيخة.
(٧) الاستبصار ٢: ٥١ / ١٧٣.
(٨) تهذيب الأحكام ٦: ١٧٢ / ٣٣٦.
(٩) الفقيه ٤: ٤٣، من المشيخة.
(١٠) الفقيه ٤: ٤١، من المشيخة.
متيل(١) - وهو وجه من وجوه أصحابنا - وعلي بن بابويه(٢) ، ومحمّد بن الحسن بن الوليد(٣) ، وأحمد ابن إسحاق(٤) ، وهؤلاء وجوه الطائفة وعيونهم في هذه الطبقة، كيف يحتمل فيهم الاجتماع على الرواية والتلقي من غير الثقة؟! وفيهم من كان يتحرّز عن كثير من الثقات لما توهّمه من الطعن الذي لو صدق لم يكن منافيا للوثاقة، مع أنّ أكثرهم من أهل قم، وشدّة انحرافهم عن يونس بن عبد الرحمن أمر معلوم، وإبراهيم كان تلميذ يونس المقتضي للتجنب عنه، والأخذ عنه مع ذلك ينبئ عن كونه في أعلى درجة الوثاقة، ومن ذلك يظهر وجه الأمر الرابع.
د - وهو قولهم في حقّه: وأصحابنا يقولون: إنّه أول من نشر حديث الكوفيين بقم(٥) ، فان النشر كما صرّح به الأستاذ الأكبر لا يتحقق إلاّ بالقبول، وإنّ انتشاره عندهم من حيث العمل والاعتماد لا من حيث النقل(٦) .
وقال السيّد الأجلّ بحر العلوم في وجه تقريب دلالته على التوثيق: تلقي القميين من أصحابنا أحاديثه بالقبول، إلاّ أنّ العمدة فيه ملاحظة أحوال القميين، وطريقتهم في الجرح والتعديل، وتضييقهم أمر العدالة، وتسرعهم إلى القدح والجرح والهجر والإخراج بأدنى ريبة كما يظهر من استثنائهم كثيرا من رجال نوادر الحكمة، وطعنهم في يونس بن عبد الرحمن مع جلالته وعظم منزلته، وإبعادهم لأحمد بن محمّد بن خالد من قم لروايته عن المجاهيل واعتماده على المراسيل، وغير ذلك ممّا يعلم بتتبع الرجال.
__________________
(١) فهرست الشيخ: ١٢١ / ٥٣٦.
(٢) وردت رواية علي بن بابويه عنه بالواسطة، انظر: الفقيه ٤: ١١٨، من المشيخة.
(٣) وردت رواية محمد بن الحسن بن الوليد عنه كذلك بالواسطة، انظر الفقيه ٤: ١٠٨، من المشيخة.
(٤) انظر هداية المحدثين: ١٢.
(٥) رجال النجاشي: ١٦ / ١٨ وفهرست الشيخ: ٤ / ٦.
(٦) تعليقة البهبهاني: ٢٩.
فلولا أن إبراهيم بن هاشم عندهم بمكان من الثقة والاعتماد لما سلم من طعنهم وغمزهم بمقتضى العادة، ولم يتمكن من نشر الأحاديث التي لم يعرفوها إلاّ من جهته في بلده، ومن ثم قال في الرواشح(١) : ومدحهم إيّاه بأنه أول من نشر حديث الكوفيين بقم كلمة جامعة، وكل الصّيد في جوف الفراء(٢) . انتهى.
وبذلك كلّه يندفع توهّم أن تلك الأحاديث كانت عندهم، وهذه التي نشرها اتفقت الموافقة بينهما، فلا يكون اعتمادا منهم عليه، كما أنّ ظاهر قولهم: وأصحابنا. إلى آخر الاتفاق، على أن ذلك مسلّم لديهم ومعروف عندهم، فيندفع توهم أنّها شهادة رجل واحد.
هـ - حكم العلامةرحمهالله بصحة طريق الصدوق إلى عامر بن نعيم القمّي، وإلى كردويه الهمداني، وإلى ياسر الخادم(٣) ، وهو موجود فيها.
و - توثيق جماعة من المتأخرين إياه كالمحقق الأردبيلي في صوم زبدة البيان(٤) ، والمحقق الداماد في الرواشح(٥) ، ووالد شيخنا البهائي(٦) ،
__________________
(١) الرواشح السماوية: ٤٨.
(٢) رجال السيد بحر العلوم ١: ٤٦٤، وقولهم: كل الصيد في جوف الفراء: مثل يضرب لمن يفضل على أقرانه، انظر مجمع الأمثال للميداني ٣ / ١١.
(٣) رجال العلامة ٢٧٧ - ٢٧٨ والفقيه ٤: ٣٨ و ٧ و ٤٨، من المشيخة.
(٤) زبدة البيان: ١٥٦.
(٥) الرواشح السماوية: ٤٨.
(٦) ذكر المحقق البحراني في معراجه: ٨٧ عن والد الشيخ البهائي قوله: إني أستحي أن لا أعدّ حديث إبراهيم بن هاشم من الصحاح.
وقال في وصول الأخيار: ٩٩ واعلم أن ما يقارب الصحيح عندنا في الاحتجاج ما رواه علي بن إبراهيم عن أبيه، لأن أباه ممدوح جدا ولم نر أحدا من أصحابنا نص على ثقته ولكنهم وثقوا ابنه، بل هو عندنا من أجلاء الأصحاب وأكثر رواياته عن أبيه.
والمجلسي في الأربعين(١) ، ونقله عن والده عن جماعة وغيرهم.
قال السيد الأجل: ولا يعارضه عدم توثيق الأكثر، لما عرفت من اضطراب كلامهم، ولأن غايته عدم الاطلاع على السبب المقتضي للتوثيق، فلا يكون حجّة على المطلع، لتقدم قول المثبت على النافي، ودعوى حصر الأسباب ممنوع، فان [في] الزوايا خبايا، وكثيرا ما يقف المتأخر على ما لم يقف عليه المتقدم، وكذا الشأن في المتعاصرين، ولذا قبلنا توثيق كلّ من النجاشي والشيخ لمن لم يوثقه الآخر ولم يوثقه من تقدم عليهما، نعم يشكل ذلك مع تعيين السبب وخفاء الدلالة، وأكثر الموثّقين هنا لم يستند إلى سبب معيّن فيكون توثيقه معتبرا(٢) .
ز - دعوى السيد الأجل بحر العلوم اتفاق الأصحاب على قبول روايته، قالرحمهالله : مع اختلافهم على حجيّة الحسن، وفي الاكتفاء في ثبوت العدالة بحسن الظاهر فلا بد من وجود سبب متّفق على اعتباره يكون هو المنشأ في قبول الكلّ أو البعض، وليس إلاّ التوثيق، وذكررحمهالله أكثر الوجوه السابقة، وأطال الكلام في نقل كلمات القوم واختلافهم فيه، ووصف حديثه تارة بالحسن واخرى بالصحة. إلى أن قال: وبالجملة فكلام الجماعة في هذا المقام مضطرب جدّا، لم أجد أحدا منهم استقام على وصف حديثه بالحسن، ولم يختلف قوله فيه إلاّ القليل، ومنه يظهر أن دعوى الشهرة في ذلك محل نظر.
وقال في آخر كلامه: وهذه الوجوه التي ذكرناها وإن كان كلّ منها كافيا في إفادة المقصود إلاّ أن المجموع مع ما أشرنا إليه من أسباب المدح كنار على علم(٣) .
__________________
(١) أربعين المجلسي: ٥٠٧ الحديث الخامس والثلاثون.
(٢) رجال السيد بحر العلوم ١: ٤٦٣.
(٣) رجال السيد بحر العلوم ١: ٤٤٨ - ٤٦٥.
[١٥] يه - وإلى أحمد بن أبي عبد الله البرقي: أبوه ومحمّد بن موسى ابن المتوكل، عن علي بن الحسين السعدآبادي، عنه (١) .
وأبوه ومحمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد الله، عنه (٢) .
أما السند الثاني فصحيح بالاتفاق.
وأمّا الأول فحسن بالسعدآبادي عند بعضهم، وضعيف عن آخرين لجهالته، ووصفه في شرح المشيخة بالقوي(٣) ، ولكن الحق ما ذكره السيد المحقق الكاظمي، من أنّه وإن كان مسكوتا عنه، لكن أجلاّء المشايخ اعتمدوه، ورووا عنه، كالكليني في العدة(٤) ، والصدوق علي بن الحسين(٥) ، وعلي بن إبراهيم(٦) ، ومحمّد بن موسى بن المتوكل(٧) ، وأبي غالب الزراري الثقة(٨) ، وكان مؤدّبا له، والصدوق إذا ذكره ترضى عنه. مع أنه شيخ إجازة، ولم يرو إلاّ عن أحمد بن محمّد البرقي(٩) ، انتهى.
ومن رواية هؤلاء الأجلّة عنه يمكن استظهار الوثاقة، وقد مرّ في حال
__________________
(١) الفقيه ٤: ٢٦، من المشيخة.
(٢) وسائل الشيعة ١٩: ٣٢٣ / ١٥، وروضة المتقين ١٤: ٤٣.
(٣) روضة المتقين ١٤: ٤٣.
(٤) انظر الفائدة الرابعة من الخاتمة.
(٥) كما في طريق الصدوق إلى البرقي، وقد تقدم آنفا: وكذلك في طريقه الى الفضل بن أبي قرة السمندي، الفقيه ٤: ٨١، من المشيخة.
(٦) أصول الكافي ١: ٢٧ / ٣.
(٧) كما في طريق الصدوق إلى البرقي، وقد تقدم آنفا: وكذلك في طريقه الى بزيع المؤذن، الفقيه ٤: ٥٩، من المشيخة.
(٨) رسالة أبي غالب الزراري ١٦٢ / ١٤، روى عنه كتب البرقي بقوله: وحدثني مؤدبي أبو الحسن علي بن الحسين السعدآبادي.
(٩) عدة الكاظمي ٢: ٩٠.
مشايخ الإجازة ما يؤكده، فلاحظ، بل يدل على وثاقته كثرة رواية الجليل جعفر بن قولويه عنه في كتاب كامل الزيارة، وقد نصّ في أوّله أنه لا يروي فيه إلاّ عن الثقات من أصحابنا(١) كما مرّ في ترجمته في الفائدة [الثالثة](٢) ، فراجع.
وأمّا أحمد فقد وثقه الشيخ(٣) والنجاشي(٤) وغيرهما، ولكن طعنوا فيه أنه كان يروي عن الضعفاء ويعتمد المراسيل، ولذلك أبعده أحمد بن محمّد بن عيسى عن قم، ثم ذكروا أنه أعاده واعتذر إليه، وأنه لمّا مات مشى في جنازته حافيا حاسرا.
وقال ابن الغضائري: طعن عليه القمّيّون، وليس الطعن فيه، إنما الطعن فيمن يروي عنه(٥) .
وبالجملة فهو من أجلاّء رواتنا، وقد نقل عن جامعه الكبير المسمى بالمحاسن كلّ من تأخر عنه من المصنفين وأرباب الجواميع، بل منه أخذوا عناوين الكتب خصوصا أبو جعفر الصدوق، فان من كتب المحاسن: كتاب ثواب الأعمال، كتاب الأعمال، كتاب العلل، كتاب القرائن، وعليه بنى كتاب الخصال، وان قال في أوله: فإني وجدت مشايخي وأسلا في (رحمة الله عليهم) قد صنّفوا في فنون العلم كتبا وغفلوا عن تصنيف كتاب يشتمل على الاعتداد والخصال الممدوحة والمذمومة(٦) . الى آخره.
وقال النجاشي في ترجمة محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري: ولمحمد
__________________
(١) كامل الزيارات: ٤.
(٢) في الأصل: الثانية، تقدم في الجزء الثالث بعنوان السابع من المشايخ.
(٣) فهرست الشيخ: ٢٠ / ٥٥.
(٤) رجال النجاشي: ٧٦ / ١٨٢.
(٥) رجال العلامة: ١٤ / ٧.
(٦) الخصال: ١.
كتب منها: كتاب الحقوق، كتاب الأوائل، كتاب السماء، كتاب الأرض، كتاب المساحة والبلدان، كتاب إبليس وجنوده، كتاب الاحتجاج، أخبرنا أبو عبد الله بن شاذان القزويني، قال: حدثنا علي بن حاتم، قال: قال محمّد بن عبد الله بن جعفر: كان السبب في تصنيفي هذه الكتب أنّي تفقدت فهرست كتب المساحة التي صنفها أحمد بن أبي عبد الله البرقي، ونسختها، ورؤيتها عمّن رواها عنه، وسقطت هذه الستة الكتب عنّي، فلم أجد لها نسخة، فسألت إخواننا بقم وبغداد والري فلم أجدها عند أحد منهم، فرجعت إلى الأصول والمصنفات فأخرجتها وألزمت كلّ حديث منها كتابه وبابه الذي شاكله(١) ، انتهى.
وهذه الكتب كلّها داخلة في جملة كتب المحاسن، كما أنّ كتاب رجاله الموجود أيضا منها، وعندنا منه نسخة، ولم يصل إلينا من المحاسن إلاّ ثلاثة عشر كتابا منه، والباقي ذهب فيما ذهب، ولو وجد لوجد فيه علم كثير.
قالرحمهالله في أول المحاسن كما في السرائر: أما بعد فانّ خير الأمور أصلحها وأحمدها وأنجحها، وأسلمها أقومها، وأنشدها أعمّها خيرا، وأفضلها أدومها نفعا، وإنّ قطب المحاسن الدين، وعماد الدين اليقين والقول الرضي والعمل الزكي، ولم نجد في وثيقة المعقول وحقيقة المحصول عند المناقشة والمباحثة لدى المقايسة والموازنة خصلة لا تكون أجمع لفضائل الدين والدنيا، ولا أشدّ تصفية لاقذاء العقل، ولا أقمع لخواطر الجهل، ولا ادعى إلى اقتناء كلّ محمود ونفي كلّ مذموم من العلم بالدين، وكيف لا يكون ذلك كذلك ما من الله عزّ وجلّ سببه، ورسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم مستودعه ومعدنه، وأولوا النهي تراجمته وحملته، وما ظنّك بشيء الصدق خلّته، والذكاء والفهم
__________________
(١) رجال النجاشي: ٣٥٥ / ٩٤٩.