مرآة العقول الجزء ١

مرآة العقول16%

مرآة العقول مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 358

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 358 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 40181 / تحميل: 6044
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

١٢ - وبهذا الإسناد، عن محمّد بن علي رفعه قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إياكم والكذب المفترع قيل له وما الكذب المفترع قال أن يحدثك الرجل بالحديث فتتركه وترويه عن الّذي حدثك عنه.

________________________________________________________

الحديث الثاني عشر مرفوع أو ضعيف إذ الظاهر أن محمّد بن علي هو أبو سمينة.

قولهعليه‌السلام إياكم والكذب المفترع: قيل أي الكذب الحاجز بين الرجل وبين قبول روايته من فرع فلان بين الشيئين إذا حجز بينهما، أو هو من فرع الشيء ارتفع وعلا، وفرعت الجبل أي صعدته لأنّه يريد أن يرفع حديثه بإسقاط الواسطة، أو المراد به الكذب الّذي يزيل عن الراوي ما يوجب قبول روايته، والعمل بها أي العدالة من افترعت البكر افتضضتها وأزلت بكارتها أو الكذب الّذي أزيل بكارته يعني وقع مثله من السابقين من الرواة، أو الكذب المبتدأ أي المستحدث، وفيه إيماء إلى أنه لم يقع مثله من السابقين أو المتعلّق بذكر أحد ابتداء، ومن قولهم بئس ما افترعت به أي ابتدأت به، والمفترع على الأخيرين اسم مفعول وعلى الثلاثة الأول اسم فاعل، وقيل: المراد أنه كذب هو فرع لكذب رجل آخر، فإن ساندته إليه فإن كان كاذباً أيضاً فلست بكاذب بخلاف ما إذا أسقطته فإنه إن كان كاذباً فأنت أيضاً كاذب، وقيل الافتراع بمعنى التفرع، فإنه فرع قوله على صدق الراوي، فإن قال في نفسه إذا رواه الفرع عن الأصل فقد قاله الأصل، فيجوز لي أن أسنده إلى الأصل، فأسنده إليه فإنما كان كذباً لأنّه غير جازم بصدوره عن الأصل، ولعل الفرع قد كذب عليه أو سها في نسبته إليه، ولا بد له من تجويز ذلك، فلا يحصل له الجزم به فهو كاذب في قوله، وإن قدرنا أن الأصل قد قاله كما أن المنافقين كانوا كاذبين في شهادتهم بالرسالة لأنهم كانوا غير جازمين به، وإنما كان كذباً مفترعاً لأنّه فرع على كذب مقدر، ولعله لم يكن كذباً فهو ليس بكذب صريح بل هو كذب مفترع، كما أنه صدق مفترع، ومنهم من صحف وقرع بالقاف من الاقتراع بمعنى الاختيار.

١٨١

١٣ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن جميل بن دراج قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام أعربوا حديثنا فإنا قوم فصحاء.

١٤ - علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن هشام بن سالم وحماد بن عثمان وغيره قالوا سمعنا أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول حديثي حديث أبي وحديث أبي حديث جدي وحديث جدي حديث الحسين وحديث الحسين حديث الحسن وحديث الحسن حديث أمير المؤمنينعليه‌السلام وحديث أمير المؤمنين حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وحديث رسول الله قول الله عز وجل.

١٥ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمّد بن الحسن بن أبي خالد شينولة قال قلت لأبي جعفر الثانيعليه‌السلام جعلت فداك إن مشايخنا رووا عن أبي جعفر

________________________________________________________

الحديث الثالث عشر صحيح.

قولهعليه‌السلام أعربوا حديثنا: الإعراب الإبانة والإفصاح، والمراد إظهار الحروف وإبانتها بحيث لا تشتبه بمقارباتها، وإظهار حركاتها وسكناتها، بحيث لا يوجب اشتباها ويحتمل أن يراد به إعرابه عند الكتابة بأن يكتب الحروف بحيث لا يشتبه بعضها ببعض، أو يجعل عليها ما يسمى اليوم عند الناس إعرابا، كما كان دأب القدماء ورعاية الجمع أحوط.

الحديث الرابع عشر ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام حديث أبي: أي أحاديث كلّ واحد منهم مأخوذة من الآخر ومنتهية إلى قول الله تعالى، ولا مدخل فيها للآراء والظنون فلا اختلاف في أحاديثهم، ويومئ إلى أنه يجوز رواية ما سمع من أحدهم عن غيرهعليه‌السلام كما مر.

الحديث الخامس عشر مجهول.

وقال في الإيضاح: شينولة بفتح الشين المعجمة وإسكان الياء المنقطة تحتها نقطتين وضم النون وإسكان الواو، والخبر يدل على صحة تحمل الحديث بالوجادة، وعلى جواز الرجوع إلى الكتب المؤلفة قبلهعليه‌السلام والاعتماد عليها والعمل

١٨٢

وأبي عبد اللهعليه‌السلام وكانت التقية شديدة فكتموا كتبهم ولم ترو عنهم فلما ماتوا صارت الكتب إلينا فقال حدثوا بها فإنها حق.

باب التقليد

١ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عبد الله بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له -( اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ ) (١) فقال أمّا والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ولو دعوهم

________________________________________________________

بما فيها، ويضم تلك الأخبار بعضها إلى بعض، ورعاية ما كان الشائع بين السلف من الرجوع إليها والعمل بها، وروايتها وإجازتها والاحتجاج بها، يحصل العلم بجواز العمل بأخبار الآحاد الّتي تضمنتها الكتب المعتبرة، وسنحقق ذلك في المجلد الآخر من كتاب بحار الأنوار إنشاء الله تعالى.

باب التقليد

الحديث الأول حسن، إذا الظاهر أن عبد الله هو الكاهلي، أو مجهول لاحتمال غيره، وسيأتي هذا الحديث في باب الشرك راوياً عن العدة عن البرقي عن أبيه عن عبد الله بن يحيى وهو أصوب.

قولهعليه‌السلام قلت له اتخذوا أحبارهم: أي سألته عن معنى هذه الآية، والأحبار العلماء والرهبان العباد، ومعنى الحديث أن من أطاع أحداً فيما بأمره به مع أنه خلاف ما أمر الله تعالى به وعلمه بذلك أو تقصيره في التفحص فقد اتخذه رباً وعبده من حيث لا يشعر، كما قال الله تعالى:( أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ ) (٢) وذلك لأنّ العبادة عبارة عن الطاعة والانقياد وأمّا من قلد عالماً أفتى بمحكمات القرآن والحديث، وكان عدلا موثقاً به، فإنه ليس بتقليد له، بل تقليد لمن فرض الله طاعته، وحكم بحكم الله عز وجل، وإنما أنكر الله تعالى تقليد هؤلاء أحبارهم ورهبانهم وذمهم على ذلك،

__________________

(١) سورة التوبة: ٣١.

(٢) سورة يس: ٦٠.

١٨٣

ما أجابوهم ولكن أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا فعبدوهم من حيث لا يشعرون.

٢ - علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن إبراهيم بن محمّد الهمذاني، عن محمّد بن عبيدة قال قال لي أبو الحسنعليه‌السلام يا محمّد أنتم أشد تقليداً أم المرجئة قال قلت قلدنا وقلدوا فقال لم أسألك عن هذا فلم يكن عندي جواب أكثر من الجواب الأول فقال أبو الحسنعليه‌السلام إنّ المرجئة نصبت رجلاً لم تفرض طاعته وقلدوه

________________________________________________________

لأنهم إنما قلدوهم في الباطل بعد وضوح الحقّ وظهور أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلذا لم يكونوا معذورين في ذلك، وقد يقال أحلوا لهم حراماً، ناظر إلى العلماء والأحبار، وقوله: وحرموا عليهم حلالا، ناظر إلى الرهبان.

الحديث الثاني ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام أم المرجئة: قد يطلق المرجئة في مقابل الشيعة من الإرجاء بمعنى التأخير لتأخير هم علياًعليه‌السلام عن درجته، وكأنه المراد هنا، وقد يطلق في مقابلة الوعيدية إمّا من الإرجاء بمعنى التأخير لأنهم يؤخرون العمل عن النية والقصد وإما بمعنى إعطاء الرجاء لأنهم يعتقدون أنه لا يضر مع الأيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وقيل: كان الشائع في سابق الزمان التعبير بالقدرية والمرجئة عمن يضاهي المعبر عنه في هذه الأعصار بالمعتزلة والأشاعرة في أصول الاعتقادات، كما ورد في رواية ابن عباس أنه قال: أمرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن أبرأ من خمسة: من الناكثين وهم أصحاب الجمل، ومن القاسطين وهم أصحاب الشام، ومن الخوارج وهم أهل النهروان، ومن القدرية وهم الّذين ضاهوا النصارى في دينهم، فقالوا لا قدر ومن المرجئة الّذين ضاهوا اليهود في دينهم فقالوا: الله أعلم.

قولهعليه‌السلام لم تفرض طاعته: على بناء المجهول أي لم يفرض الله تعالى طاعته، ومع ذلك لا يخالفونهم في شيء أو على بناء المعلوم أي لم يفرضوا على أنفسهم طاعتهم، إمّا لأنهم على الباطل فلم يجب عندهم متابعتهم، أو لأنهم يجوزون الاجتهاد على

١٨٤

وأنتم نصبتم رجلاً وفرضتم طاعته ثمّ لم تقلدوه فهم أشد منكم تقليدا.

٣ - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله جل وعز -( اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ ) فقال والله ما صاموا لهم ولا صلوا لهم ولكن أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا فاتبعوهم.

باب البدع والرأي والمقاييس

١ - الحسين بن محمّد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال جميعا، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام الناس فقال أيها الناس إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع وأحكام تبتدع يخالف فيها كتاب الله يتولى فيها رجال رجالا فلو أن الباطل خلص لم يخف على ذي حجى ولو أن الحق

________________________________________________________

خلافهم، والحاصل أن رسوخهم في التقليد والمتابعة أشد منكم، وهذه شكاية منهعليه‌السلام عن بعض الشيعة.

الحديث الثالث: مجهول كالصحيح وقد مر الكلام فيه.

باب البدع والرأي والمقاييس

الحديث الأول موثق كالصحيح.

قولهعليه‌السلام إنما بدء وقوع الفتن: والبدء الابتداء أو المبتدأ، والفتنة: الامتحان والاختبار، ثمّ كثر استعماله لما يختبر به من المكروه ثمّ كثر استعماله بمعنى الضلال والكفر والقتال، والأهواء جمع الهواء وهو بالقصر الحب المفرط في الخير والشر وإرادة النفس، والحاصل أن أوّل الفتن أو منشأها وعلتها متابعة المشتهيات النفسانية، وابتداع الأحكام في الدين بسببها، وقولهعليه‌السلام يخالف فيها كتاب الله تعالى، توضيح وبيان لقوله: تبتدع، ويقال: تولاه أي اتخذه ولياً أي حبيباً أو ناصرا

١٨٥

خلص لم يكن اختلاف ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معاً فهنالك استحوذ الشيطان على أوليائه ونجا الّذين سبقت لهم من الله الحسنى.

٢ - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمّد بن جمهور العمي يرفعه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه فمن لم يفعل فعليه لعنة الله.

٣ - وبهذا الإسناد، عن محمّد بن جمهور رفعه قال من أتى ذا بدعة فعظمه فإنما يسعى في هدم الإسلام.

٤ - وبهذا الإسناد، عن محمّد بن جمهور رفعه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أبى الله لصاحب البدعة بالتوبة قيل يا رسول الله وكيف ذلك قال إنه قد أشرب قلبه حبها.

٥ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن

________________________________________________________

أو أولى بالتصرف، ويمكن أن يكون المراد بالتولي المتابعة، والحجى بكسر المهملة ثمّ الجيم المفتوحة: العقل، والضغث: القطعة من الحشيش المختلط رطبه باليابس، وقيل: ملأ الكف من الشجر والحشيش أو الشماريخ.

قولهعليه‌السلام فهنالك: أي عند امتزاج الحقّ بالباطل واشتباههما، والاستحواذ الغلبة.

الحديث الثاني ضعيف.

قولهعليه‌السلام فليظهر: أي مع التمكن وعدم الخوف على نفسه، أو على المؤمنين.

الحديث الثالث ضعيف.

الحديث الرابع ضعيف.

قولهعليه‌السلام أشرب، على بناء المجهول أي خالط قلبه حبها، كما قال الله تعالى:( وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ ) (١) ولعل المعنى أنه لا يوفق للتوبة الكاملة أو غالبا.

الحديث الخامس: صحيح.

__________________

(١) سورة البقرة: ٩٣.

١٨٦

معاوية بن وهب قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إن عند كلّ بدعة تكون من بعدي يكاد بها الإيمان ولياً من أهل بيتي موكلا به يذب عنه ينطق بإلهام من الله ويعلن الحقّ وينوره ويرد كيد الكائدين يعبر عن الضعفاء فاعتبروا يا أولي الأبصار وتوكلوا على الله.

٦ - محمّد بن يحيى، عن بعض أصحابه وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب رفعه، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال إن من أبغض الخلق إلى الله عز وجل لرجلين رجل وكله الله إلى نفسه فهو جائر عن قصد السبيل مشعوف بكلام بدعة

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام يكاد: على بناء المجهول أي بها يمكر أو يحارب أو يراد بسوء ويمكن أن يقرأ على بناء المعلوم أي يكاد أن يذهب بها الإيمان، والأول أصوب، والولي هنا الناصر أو الأولى بالأمر.

قولهعليه‌السلام يعبر عن الضعفاء: أي يتكلم من قبل الضعفاء العاجزين عن إظهار الحقّ وبيان حقيقته بالأدلة ودفع الشبهة عن الدين، ويحتمل أن يكون يعبر عن الضعفاء ابتداء كلام الصادقعليه‌السلام أي عبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالولي عن الأئمّة الّذين استضعفوا في الأرض والأول أظهر، والظاهر أن قوله: فاعتبروا، من كلام الصادقعليه‌السلام .

الحديث السادس: سنده الأول ضعيف والثاني مرفوع، لكنه مذكور في نهج البلاغة وإرشاد المفيد والاحتجاج وغيرها بأدنى اختلاف.

قولهعليه‌السلام : فهو حائر بالمهملتين، وفي بعض النسخ بإعجام الأول فقط، وفي بعضها بإعجامهما والمعاني متقاربة، وقصد السبيل: استقامته، أي مائل ومتجاوز أو حيران عن السبيل المستقيم المستوي، وقوله: مشغوف، في بعض النسخ بالغين المعجمة وفي بعضها بالمهملة، وبهما قرأ قوله تعالى( قَدْ شَغَفَها حُبًّا ) (١) وعلى الأول معناه دخل حبّ كلام البدعة شغاف قلبه أي حجابه، وقيل: سويداءه، وعلى الثاني غلبه حبه وأحرقه،

__________________

(١) سورة: يوسف ٣٠.

١٨٧

قد لهج بالصوم والصلاة فهو فتنة لمن افتتن به ضال عن هدي من كان قبله مضل لمن اقتدى به في حياته وبعد موته حمال خطايا غيره رهن بخطيئته.

ورجل قمش جهلا في جهال الناس عان بأغباش الفتنة قد سماه أشباه الناس عالماً ولم يغن فيه يوما سالما.

________________________________________________________

فإن الشعف بالمهملة شدة الحب وإحراقه القلب، واللهج بالشيء محركة: الولوع فيه والحرص عليه، أي هو حريص على الصوم والصلاة وبذلك يفتتن به الناس وقولهعليه‌السلام عن هدى من كان قبله، إمّا بفتح الهاء وسكون الدال أو بضم الهاء وفتح الدال، والأول بمعنى السيرة والطريقة.

قولهعليه‌السلام رهن: وفي بعض النسخ رهين، قال المطرزي هو رهن بكذا ورهين به أي مأخوذ به، والقمش جمع الشيء من ههنا وههنا، وكذا التقميش، وذلك الشيء القماش، والمراد بالجهل ما أخذ من غير المأخذ الشرعي، بل بالأوهام والاستحسانات والقياسات أو روايات غير ثابتة عن الحجة.

قولهعليه‌السلام : عان بأغباش الفتنة: كذا في أكثر النسخ بالعين المهملة والنون من قولهم عني فيهم أسيراً أي أقام فيهم على إساره واحتبس، وعناه غيره حبسه، والعاني الأسير أو من عني بالكسر بمعنى تعب، أو من عني به فهو عان أي اهتم به واشتغل، وفي بعض النسخ بالغين المعجمة من غني بالمكان كرضى أي أقام به، أو من غني بالكسر أيضاً بمعنى عاش، وفي أكثر نسخ النهج والإرشاد وغيرهما غار بالغين المعجمة ولراء المهملة المشددة، وفي بعض نسخ النهج بالعين المهملة والدال المهملة من العدو بمعنى السعي أو من العدوان، والغبش محركة ظلمة آخر الليل، والإضافة من قبيل لجين الماء أو لامية، والمراد بأشباه الناس: الجهال والعوام، لخلوهم عن معنى الإنسانية وحقيقتها.

قولهعليه‌السلام ولم يغن فيه: قال في النهاية في حديث عليعليه‌السلام ورجل سماه الناس عالماً ولم يغن في العلم يوما تاما من قولك غنيت بالمكان أغنى إذا قمت به « انتهى ».

قولهعليه‌السلام سالما: أي من النقص بأن يكون نعتا لليوم كما في روايات المخالفين

١٨٨

بكر فاستكثر ما قل منه خير مما كثر حتّى إذا ارتوى من آجن واكتنز من غير طائل جلس بين الناس قاضياً ضامنا لتخليص ما التبس على غيره وإن خالف قاضياً سبقه لم يأمن أن ينقض حكمه من يأتي بعده كفعله بمن كان قبله وإن نزلت به إحدى المبهمات المعضلات هيأ لها حشوا من رأيه.

________________________________________________________

أو من الجهل بأن يكون حالا عن ضمير الفاعل.

قولهعليه‌السلام بكر: أي خرج في طلب العلم بكرة، كناية عن شدة طلبه واهتمامه في كلّ يوم، أو في أوّل العمر وابتداء الطلب، وقال الفاضل التستري (ره): كان المراد أنه بكر في العبادات فاستكثر منها، مع أن ما قل منه خير مما كثر « انتهى » و « ما » في قوله مما قل، موصولة، وهي مع صلتها صفة لمحذوف وتقديره: فاستكثر من جمع شيء قليله خير من كثيره، وكون قليله خيراً بالنسبة إلى كثيره لا في نفسه، ويحتمل أن تكون « ما » مصدرية أي قلته خير من كثرته، وقيل قل مبتدأ بتقدير أن، وخير خبره كقولهم تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، وقيل: الجملة معترضة بين الكلام وفي النهج فاستكثر من جمع ما قل، ويروى بالتنوين بأن يكون المصدر بمعنى المفعول، فلا يحتاج إلى تقدير وبدونه يحتاج كما هنا، والمراد بذلك الشيء الشبهات المضلة والآراء الفاسدة والعقائد الباطلة، أو الأعمال المبتدعة، أو زهرات الدنيا، والأول أظهر بقرينة قوله: حتّى إذا ارتوى من أجن، والآجن الماء المتغير أستعير للآراء الباطلة والأهواء الفاسدة وقيل: في الكلام لف ونشر فالبكور في طلب الدنيا وما قبله للعلم، والارتواء متعلّق بما قبله، والاكتناز بالبكور، ولا يخفى بعده.

قولهعليه‌السلام : واكتنز: في بعض النسخ فأكثر، وفي الإرشاد وغيره واستكثر، وهما ظاهران وأمّا الاكتناز فهو بمعنى الاجتماع والامتلاء وهو لازم، فالإسناد إمّا مجازي أو في الكلام تقدير أي اكتنز له العلوم الباطلة، وقال الجوهري: هذا أمر لا طائل فيه إذا لم يكن فيه غناء ومزية، والمعضلات على صيغة الفاعل: المشكلات.

قولهعليه‌السلام حشوا: أي كثيراً بلا فائدة.

١٨٩

ثم قطع به فهو من لبس الشبهات في مثل غزل العنكبوت لا يدري أصاب أم أخطأ لا يحسب العلم في شيء مما أنكر ولا يرى أن وراء ما بلغ فيه مذهباً إن قاس شيئاً بشيء لم يكذب نظره وإن أظلم عليه أمر اكتتم به لما يعلم من جهل نفسه لكيلا يقال له لا يعلم ثمّ جسر فقضى فهو مفتاح عشوات ركاب شبهات خباط جهالات لا يعتذر مما لا يعلم

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام : ثمّ قطع، أي جزم، وفي النهج « به » وفي غيره « عليه ».

قولهعليه‌السلام : فهو من لبس الشبهات في مثل غزل العنكبوت: اللبس بفتح اللام وأصله اختلاط الظلام أو بالضم بمعنى الإلباس كذا قيل، وقال ابن ميثم: وجه هذا التمثيل أن الشبيهات الّتي تقع على ذهن مثل هذا الموصوف إذا قصد حل قضية مبهمة تكثر فتلتبس على ذهنه وجه الحقّ منها، فلا يهتدي له لضعف ذهنه فتلك الشبهات في الوهن تشبه نسج العنكبوت وذهنه فيما يشبه الذباب الواقع فيه فكما لا يتمكن الذباب من خلاص نفسه من شباك العنكبوت لضعفه كذلك ذهن هذا الرجل لا يقدر على التخلص من تلك الشبهات.

أقول: ويحتمل أيضاً أن يكون المراد تشبيه ما يلبس على الناس من الشبهات بنسج العنكبوت لضعفها وظهور بطلانها، لكن تقع فيها ضعفاء العقول فلا يقدرون على التخلص منها لجهلهم وضعف يقينهم والأول أنسب بما بعده.

قوله لا يحسب العلم: بكسر السين من الحسبان أي يظن أن العلم منحصر فيما يعلم، أو بضم السين من الحساب أي لا يعد ما ينكر علما.

قوله: لا يرى أن ما وراء ما بلغ مذهبا: أي أنه لوفور جهله يظن أنه بلغ غاية العلم فليس بعد ما بلغ إليه فكره لأحد مذهب، وموضع تفكّر.

قولهعليه‌السلام فهو مفتاح عشوات: أي يفتح على الناس ظلمات الشبهات والجهالات، ويركب الشبهات زعما منه أنه توصله إلى الحق.

قولهعليه‌السلام خباط جهالات الخبط: المشي على غير استواء، أي خباط في الجهالات أو بسببها.

١٩٠

فيسلم ولا يعض في العلم بضرس قاطع فيغنم يذري الروايات ذرو الريح الهشيم - تبكي منه المواريث وتصرخ منه الدماء يستحل بقضائه الفرج الحرام ويحرم بقضائه الفرج الحلال لا مليء بإصدار ما عليه ورد ولا هو أهل لما منه فرط من ادعائه علم الحق

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام بضرس قاطع: كناية عن عدم إتقانه للقوانين الشرعية وإحاطته بها يقال لم يعض فلان على الأمر الفلاني بضرس: إذا لم يحكمه.

قولهعليه‌السلام يذري الروايات ذرو الريح الهشيم: قال الفيروزآبادي: ذرت الريح الشيء ذروا وأذرته وذرته أطارته وأذهبته، وقال: الهشيم: نبت يابس متكسر، أو يابس كلّ كلاء وكل شجر، ووجه التشبيه صدور فعل بلا روية من غير أن يعود إلى الفاعل نفع وفائدة، فإن هذا الرجل المتصفح للروايات ليس له بصيرة بها ولا شعور بوجه العمل بها، بل هو يمر على رواية بعد أخرى، ويمشي عليها من غير فائدة كما أن الريح الّتي تذري الهشيم لا شعور لها بفعلها، ولا يعود إليها من ذلك نفع، وإنما أتى الذر ومكان الإذراء لاتحاد معنييهما، وفي بعض الروايات يذر الرواية قال الجزري: يقال ذرته الريح وأذرته تذروه وتذريه إذا أطارته ومنه حديث عليعليه‌السلام يذروا الرواية ذرو الريح الهشيم، أي يسرد الرواية كما تنسف الريح هشيم النبت، وأمّا بكاء المواريث وصراخ الدماء فالظاهر أنهما على الاستعارة ولطفهما ظاهر، فيحتمل حذف المضاف أي أهل المواريث وأهل الدماء.

قولهعليه‌السلام لا مليء: المليء بالهمز: الثقة الغني، والإصدار الإرجاع، أي ليس له من العلم والثقة قدر ما يمكن أن يصدر عنه انحلال ما ورد عليه من الإشكالات والشبهات قال الجزري: المليء بالهمزة الثقة الغني، وقد ملؤ فهو مليء بين الملاءة بالمد، وقد أولع الناس بترك الهمزة وتشديد الياء، ومنه حديث عليعليه‌السلام لا مليء والله بإصدار ما عليه ورد.

قولهعليه‌السلام ولا هو أهل لما منه فرط: فرط - بالتخفيف - بمعنى سبق وتقدم، أي

١٩١

٧ - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبان بن عثمان، عن أبي شيبة الخراساني قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إن أصحاب المقاييس طلبوا العلم بالمقاييس فلم تزدهم المقاييس من الحقّ إلا بعداً وإن دين الله لا يصاب بالمقاييس.

________________________________________________________

ليس هو أهل لما ادعاه من علم الحقّ الّذي من أجله سبق الناس، وتقدم عليهم بالرئاسة والحكومة وربما يقرأ بالتشديد أي ليس هو من أهل العلم كما يدعيه لما فرط فيه وقصر عنه، وفي الإرشاد: ولا يندم على ما منه فرط، وليست هذه الفقرة في النهج أصلاً، وقال ابن أبي الحديد: في كتاب ابن قتيبة ولا أهل لما فرط به، أي ليس بمستحق للمدح الّذي مدح به، وقال: فإن قيل: تبينوا الفرق بين الرجلين الّذين أحدهما وكله الله إلى نفسه والآخر رجل قمش جهلا؟ قيل أمّا الرجل الأول فهو الضال في أصول العقائد كالمشبه والمجبر ونحوهما، ألا تراه كيف قال: مشغوف بكلام بدعة ودعاء ضلالة، وهذا يشعر بما قلناه من أن مراده به التكلم في أصول الدين وهو ضال عن الحق، ولهذا قال: إنه ضال عن هدى من كان قبله، وأمّا الرجل الثاني فهو المتفقة في فروع الشرعيات وليس بأهل لذلك، ألا تراه كيف يقول: جلس بين الناس قاضياً « انتهى » أقول: ويمكن الفرق بأن يكون المراد بالأول من نصب نفسه لمناصب الإفادة والإرشاد، وبالثاني من تعرض للقضاء والحكم بين الناس، ولعله أظهر، ويحتمل أيضاً أن يكون المراد بالأول العباد المبتدعين في العمل والعبادة كالمتصوفة والمرتاضين بالرياضات الغير المشروعة، وبالثاني علماء المخالفين ومن يحذو حذوهم حيث يفتون الناس بالقياسات الفاسدة والآراء الواهية، وفي الإرشاد وأن أبغض الخلق عند الله رجل وكله إلى نفسه، إلى قوله رهين بخطيئته قد قمش جهلا فالأكل صفة لصنف واحد.

الحديث السابع: ضعيف على المشهور ويشمل جميع أنواع القياس حتّى منصوص العلة والقياس بطريق الأولى، وأكثر الأصحاب أخرجوهما، والكلام فيه موكول إلى آخر مجلدات كتابنا الكبير إن شاء الله القدير.

١٩٢

٨ - علي بن إبراهيم، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان رفعه، عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليه‌السلام قالا كلّ بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها إلى النار.

٩ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن حكيم قال قلت لأبي الحسن موسىعليه‌السلام جعلت فداك فقهنا في الدين وأغنانا الله بكم عن الناس حتّى إنّ الجماعة منا لتكون في المجلس ما يسأل رجل صاحبه تحضره المسألة ويحضره جوابها فيما من الله علينا بكم فربما ورد علينا الشيء لم يأتنا فيه عنك ولا عن آبائك شيء فنظرنا إلى أحسن ما يحضرنا وأوفق الأشياء لما جاءنا عنكم فنأخذ به فقال

________________________________________________________

الحديث الثامن: مرفوع.

قولهعليه‌السلام كلّ بدعة ضلالة: يدل على أن قسمة بعض أصحابنا البدعة إلى أقسام خمسة تبعاً للعامة باطل، فإنها إنما تطلق في الشرع على قول أو فعل أو رأي، قرر في الدين، ولم يرد فيه من الشارع شيء لا خصوصاً ولا عموماً، ومثل هذا لا يكون إلا حراما أو افتراء على الله ورسوله.

الحديث التاسع: حسن.

قولهعليه‌السلام فقهنا: على بناء المعلوم من فقه ككرم أي صار فقيها، أو على بناء المجهول من باب التفعيل وهو أظهر.

قوله ما يسأل ما موصولة وهي مع صلتها مبتدأ والعائد إليه محذوف ويحضره خبره، والجملة مستأنفة وقيل: ما موصولة والجملة صفة للمجلس، وقيل:الجملة حال من فاعل تكون، وقيل: « ما » زائدة ويسأل حال من المجلس، ويحضره حال من صاحبه، وقيل: « ما » نافية أي لا حاجة له إلى سؤال، فقوله: يحضره استيناف بياني والضميران لرجل وفي بعض نسخ المحاسن: إلا وتحضره المسألة، فكلمة ما نافية، ويستقيم الكلام بلا تكلف، وكلمة في في قوله فيما من الله ظرفية أو سببية.

قولهعليه‌السلام إلى أحسن ما يحضرنا: أي ما يكون أقوى سنداً وأبعد من التقية وأصرح في المطلوب، وما قيل: من أنه إشارة إلى القياس بطريق أولى فلا يخفى بعده

١٩٣

هيهات هيهات في ذلك والله هلك من هلك يا ابن حكيم قال ثمّ قال لعن الله أبا حنيفة كان يقول قال علي وقلت.

قال محمّد بن حكيم لهشام بن الحكم والله ما أردت إلا أن يرخص لي في القياس.

١٠ - محمّد بن أبي عبد الله رفعه، عن يونس بن عبد الرحمن قال قلت لأبي الحسن الأولعليه‌السلام بما أوحد الله فقال يا يونس لا تكونن مبتدعاً من نظر

________________________________________________________

وأوفق الأشياء أي أوفق الأجوبة عن تلك المسألة، لما جاءنا عنكم من أحسن أحاديثكم قياسا عليه أو أوفق الأحاديث للعمومات المروية عنكم، هيهات: أي بعد عن الطريق المستقيم وإصابة الحقّ في ذلك، أي في الأخذ بالقياس الّذي تستأذنني فيه.

قولهعليه‌السلام قال علي وقلت: أي وقلت خلاف قوله، أراد أنه رأى في المسألة رأياً وأنا رأيت فيها رأياً بخلافه وقيل: أراد أنه قال علي قياسا وقلت أنا أيضاً بالقياس وإن وافقه أو يخالف ما روي عن عليعليه‌السلام لأنّ من مذهبه ترجيح القياس على الخبر الواحد، وقيل: كان يقيس حكما على حكم روي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام والأول أظهر، وليس ببديع منه، قال الزمخشري في ربيع الأبرار: قال يوسف بن أسباط رد أبو حنيفة على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أربعمائة حديث وأكثر، قيل: مثل ما إذا قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : للفرس سهمان وللرجل سهم، قال أبو حنيفة: لا أجعل سهم البهيمة أكثر من سهم المؤمن، وأشعر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه البدن وقال أبو حنيفة: الإشعار مثلة، وقال: البيعان بالخيار ما لم يفترقا، وقال أبو حنيفة: إذا وجب البيع فلا خيار، وكانعليه‌السلام يقرع بين نسائه إذا أراد سفراً وأقرع أصحابه، وقال أبو حنيفة: القرعة قمار.

الحديث العاشر: مرفوع.

قولهعليه‌السلام بما أوحد الله: أي بأي طريق أعبد الله بالوحدانية، وقيل: أي بما استدل على التوحيد كأنه يريد الدلائل الكلامية فنهاه عن غير السمع، وقوله: ومن

١٩٤

برأيه هلك ومن ترك أهل بيت نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ضل ومن ترك كتاب الله وقول نبيه كفر.

١١ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، عن مثنى الحناط، عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ترد علينا أشياء ليس نعرفها في كتاب الله ولا سنة فننظر فيها فقال لا أمّا إنك إن أصبت لم تؤجر وإن أخطأت كذبت على الله عز وجل.

________________________________________________________

ترك كتاب الله مكن أن يكون تعليلاً وتبيينا للجملة السابقة، فإن من ترك اتباع أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقد ترك ما ورد بالكتاب والسنة في وجوب متابعتهم، وقيل: قوله: من نظر برأيه هلك، أي من نظر في العلوم الدينية برأيه وبدعته وجعل الرأي والقياس مأخذه فقد ضل لأنّ ذلك مسبب عن ترك أهل البيتعليه‌السلام وإنكار إمامتهم وعدم أخذ المعارف والأحكام عنهم، فاحتاج إلى القياس والرأي، فهو تارك لأهل البيتعليهم‌السلام ، ومن تركهمعليه‌السلام ولم يأخذ العلوم عنهم أولا أو بواسطة ضل، لعدم تمكنه من الوصول إلى الحقّ فيها، فينتج من نظر برأيه ضل، فهذا قياس على هيئة الشكل الأول وصغراه مطوي لظهوره وملخص الدليل أنه من نظر برأيه فقد ترك أهل بيت نبيه، ومن تركهم ضل فمن نظر برأيه ضل، وقولهعليه‌السلام : من ترك كتاب الله وقول نبيه كفر، قياس آخر وصغراه مطوي لظهوره وهو أنه من ترك أهل بيت نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقد ترك كتاب الله وقول نبيه، لدلالتهما على إمامتهم ووجوب طاعتهم وأخذ العلوم عنهم، ومن ترك كتاب الله وقول نبيه كفر، فمن ترك أهل بيت نبيه كفر، ومن كلا القياسين يتلخص قياس ثالث ينتج: من نظر برأيه كفر.

الحديث الحادي عشر: حسن.

قولهعليه‌السلام فإن أصبت لم توجر: ظاهره أنه مع إصابة الحكم لا يكون آثما وهو خلاف المشهور، ويمكن أن يكون على سبيل التنزيل، وقال بعض الأفاضل: يحتمل أن يكون المراد النظر بالقياس، والمراد بقوله: إن أصبت لم توجر، الإصابة في

١٩٥

١٢ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن عمر بن أبان الكلبي، عن عبد الرحيم القصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كلّ بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

١٣ - علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن سماعة بن مهران، عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام قال قلت أصلحك الله إنا نجتمع فنتذاكر ما عندنا فلا يرد علينا شيء إلا وعندنا فيه شيء مسطر وذلك مما أنعم الله به علينا بكم ثمّ يرد علينا الشيء الصغير ليس عندنا فيه شيء فينظر بعضنا إلى بعض وعندنا ما يشبهه فنقيس على أحسنه فقال وما لكم وللقياس إنما هلك من هلك من قبلكم بالقياس ثمّ قال إذا جاءكم ما تعلمون فقولوا به وإن جاءكم ما لا تعلمون فها وأهوى بيده إلى فيه ثمّ قال لعن الله أبا حنيفة كان يقول قال علي وقلت أنا وقالت الصحابة وقلت ثمّ قال أكنت تجلس إليه فقلت لا ولكن هذا كلامه فقلت أصلحك الله أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الناس بما يكتفون به في عهده قال نعم وما يحتاجون إليه إلى يوم القيامة فقلت فضاع من ذلك شيء فقال لا هو عند أهله.

________________________________________________________

أصل الحكم وعلته، ويحتمل أن يكون المراد النظر في الكتاب والسنة، والاستنباط من العمومات لا بطريق القياس، فربما يكون مصيباً في الحكم والاستنباط كليهما، ولم يكن مأجوراً لتقصيره في تتبع الأدلة، وتحصيل الظن، وعدم دليل آخر والمصنف حملها على الأول فأوردها في هذا الباب « انتهى » وفيه ما لا يخفى.

الحديث الثاني عشر: مجهول.

الحديث الثالث عشر: موثق.

قولهعليه‌السلام فها: الظاهر أنه إشارة إلى السكوت، و « ها » حرف تنبيه، وقيل: هو اسم فعل بمعنى خذ، ويحتمل أن يكون فها للمفرد، ويحتمل أن يكون فهاؤا للجمع وقوله: وأهوى على الأول كهوي على الثاني للحال بتقدير « قد » والباء في بيده للتعدية، والمعنى إذا جاءكم ما لا تعلمون فخذوا من أفواهنا، والأول أظهر.

١٩٦

١٤ - عنه، عن محمد، عن يونس، عن أبان، عن أبي شيبة قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول ضل علم ابن شبرمة عند الجامعة إملاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وخط عليعليه‌السلام بيده إنّ الجامعة لم تدع لأحد كلاما فيها علم الحلال والحرام إن أصحاب القياس طلبوا العلم بالقياس فلم يزدادوا من الحقّ إلا بعداً إن دين الله لا يصاب بالقياس.

١٥ - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إنّ السنة لا تقاس ألا ترى أن امرأة تقضي صومها ولا تقضي صلاتها يا أبان إنّ السنة إذا قيست

________________________________________________________

الحديث الرابع عشر: مجهول.

قولهعليه‌السلام ضل علم ابن شبرمة: قيل: المراد بالعلم أمّا المأخوذ من مأخذه من المسائل، وأمّا ما يظن ويراه بأي طريق كان سواء كان مأخوذا من المأخذ الشرعية أو من الرأي والقياس والضلال إمّا بمعنى الخفاء والغيبوبة حتّى لا يرى، أو بمعنى الضياع والهلاك والفساد، أو مقابل الهدي، فإن حمل العلم على الأول ناسبه الأول من معاني الضلال، لأنّه من قلته بالنسبة إلى ما في الجامعة من جميع المسائل مما لا يرى ولا يكون له قدر بالنسبة إليه وفي جنبه، وإن حمل العلم على الثاني ويشمل جميع ظنونه وآرائه ناسبه أحد الأخيرين من معاني الضلال، فإنه ضائع هالك عند ما أتى به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمخالفته له، وضل هذا العلم أي ظهر ضلاله وخروجه عن الطريقة المستقيمة عند ما ثبت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو منهاج الهدى لمخالفته إياه.

الحديث الخامس عشر: مجهول كالصحيح.

قولهعليه‌السلام إنّ السنة لا تقاس: أي لا تعرف بالقياس لما فيها من ضم المختلفات في الصفات الظاهرة وتفريق المتشابهات في الأحكام الواضحة، كما في قضاء صوم الحائض وعدم قضاء صلاتها مع أن مقتضى عقول أكثر الخلق إمّا اشتراكهما فيه أو اختصاص الصلاة به، والحاصل أن ما يقع فيه الخطأ غالباً لا يصلح أن يكون مدركاً للأحكام الشرعية.

١٩٧

محق الدين.

١٦ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى قال سألت أبا الحسن موسىعليه‌السلام عن القياس فقال ما لكم والقياس إنّ الله لا يسأل كيف أحل وكيف حرم.

١٧ - علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال حدثني جعفر، عن أبيهعليه‌السلام أن علياًصلى‌الله‌عليه‌وآله قال من نصب نفسه للقياس لم يزل دهره في التباس ومن دان الله بالرأي لم يزل دهره في ارتماس - قال وقال أبو جعفرعليه‌السلام من أفتى الناس برأيه فقد دان الله بما لا يعلم ومن دان الله بما لا يعلم فقد ضاد الله حيث أحل وحرم فيما لا يعلم.

________________________________________________________

قوله: محق الدين: على بناء المجهول أي محي، وأبطل الدين شيئاً فشيئاً بإدخال ما ليس فيه وإخراج ما يكون منه عنه حتّى يؤدي إكثار ذلك إلى تركه بالكلية.

الحديث السادس عشر موثق.

قولهعليه‌السلام لا يسأل: أي لم يبين لنا علل كلّ الأحكام وليس لنا أن نسأله عنها حتّى يتبين لنا فكيف يتأتى حقيقة القياس مع خفاء العلة، وقيل: أي لا يأتي في التحليل والتحريم بما يوافق مدارك عامة العباد من المصالح والحكم، حتّى لو سئل عنه أجاب بما هو مرغوب مداركهم ومستحسن طباعهم بل في أحكامه حكم ومصالح لا يصل إليها أفهام أكثر الناس.

الحديث السابع عشر ضعيف.

قولهعليه‌السلام دهره: منصوب على الظرفية ورفعه بالإسناد المجازي بعيد، والارتماس الاغتماس في الباطل والدخول فيه، بحيث يحيط به إحاطة تامة.

قوله: برأيه، أي بظنونه المأخوذة لا من الأدلة والمأخذ المنتهية إلى الشارع بل من الاستحسانات العقلية والقياسات الفقهية.

قوله: فقد ضاد الله: أي جعل نفسه شريكاً لله تعالى في وضع الشريعة لعباده.

١٩٨

١٨ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن الحسين بن مياح، عن أبيه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن إبليس قاس نفسه بآدم

________________________________________________________

الحديث الثامن عشر ضعيف.

قولهعليه‌السلام قاس نفسه، يحتمل أن يكون المراد بالقياس هنا ما هو أعم من القياس الفقهي من الاستحسانات العقلية، والآراء الواهية الّتي لم تؤخذ من الكتاب والسنة، ويكون المراد أن طريق العقل مما يقع فيه الخطأ كثيراً فلا يجوز الاتكال عليه في أمور الدين، بل يجب الرجوع في جميع ذلك إلى أوصياء سيد المرسلين صلوات الله عليهم أجمعين، وهذا هو الظاهر في أكثر أخبار هذا الباب فالمراد بالقياس هنا القياس اللغوي، ويرجع قياس إبليس إلى قياس منطقي مادته مغالطة، لأنّه استدل أولا على خيريته بأنه من نار ومادة آدم من طين، والنار خير من الطين، فاستنتج من ذلك أن مادته خير من مادة آدم، ثمّ جعل ذلك صغرى، ورتب القياس هكذا، مادته خير من مادة آدم، وكل من كان مادته خيراً من مادة غيره يكون خيراً منه، فاستنتج أنه خير من آدم، ويرجع كلامهعليه‌السلام إلى منع كبرى القياس الثاني، بأنه لا يلزم من خيرية مادة أحد من غيره كونه خيراً منه، إذ لعله تكون صورة الغير في غاية الشرافة، وبذلك يكون ذلك الغير أشرف، كما أن آدم لشرافة نفسه الناطقة الّتي جعلها الله محل أنواره ومورد إسراره أشد نوراً وضياء من النار، إذ نور النار لا يظهر إلا المحسوسات ومع ذلك ينطفئ بالماء والهواء، ويضمحل بضوء الكواكب ونور آدم نور به يظهر عليه أسرار الملك والملكوت ولا ينطفئ بهذه الأسباب والدواعي، ويحتمل أن يكون المراد بنور آدم عقله الّذي به نور الله نفسه، وبه شرفه على غيره، ويحتمل إرجاع كلامه إلى إبطال كبرى القياس الأول بأن إبليس نظر إلى النور الظاهر في النار، وغفل عن النور الّذي أودعه الله في طين آدم لتواضعه ومذلته، فجعله لذلك محل رحمته ومورد فيضه، وأظهر منه أنواع النباتات والرياحين والثمار والمعادن والحيوان، وجعله قابلاً لإفاضة الروح عليه، وجعله محلا لعلمه وحكمته، فنور

١٩٩

فقال خلقتني من نار وخلقته من طين ولو قاس الجوهر الّذي خلق الله منه آدم بالنار كان ذلك أكثر نوراً وضياء من النار.

١٩ - علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن حريز، عن زرارة قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام - عن الحلال والحرام فقال حلال محمّد حلال أبداً إلى يوم القيامة وحرامه حرام أبداً إلى يوم القيامة لا يكون غيره ولا يجيء غيره وقال قال عليعليه‌السلام ما أحد ابتدع بدعة إلا ترك بها سنة

________________________________________________________

التراب نور خفي لا يطلع عليه إلا من كان له نور، ونور النار نور ظاهر بلا حقيقة ولا استقرار وثبات، ولا يحصل منها إلا الرماد، وكل شيطان مريد، ويمكن حمل القياس هنا على القياس الفقهي أيضا، لأنّه لعنه الله استنبط أو لا علة إكرام آدم، فجعل علة ذلك كرامة طينته ثمّ قاس بأن تلك العلة فيه أكثر وأقوى، فحكم بذلك أنه بالمسجودية أولى من الساجدية فأخطأ العلة ولم يصب، وصار ذلك سبباً لكفره وشركه، ويدل على بطلان القياس بطريق أولى على بعض معانيه.

الحديث التاسع عشر صحيح.

قولهعليه‌السلام ترك بها سنة: لأنّه لما كان في كلّ مسألة بيان من الشارع وحكم فيها، فمن قال بما لم يكن في الشرع وابتدع شيئاً ترك به سنة وحكما من أحكام الله تعالى، والحاصل نفي مذهب المصوبة الّذين يقولون ليس للشارع حكم معين في كلّ فرع بل فوض الأحكام إلى آراء المجتهدين فحكم كلّ مجتهد في كلّ فرع هو حكم الله الواقعي في حقه وفي حق مقلده، وتصويب لمذهب المخطئة القائلين بأن الشارع قد حكم في كلّ فرع بحكم معين والمجتهد بعد استفراغ الوسع قد يصيب وقد يخطئ، والمخطئ مصاب لبذل جهده وخطأه مغتفر، وللمصيب أجران أحدهما لإصابته والآخر لاجتهاده، وربما يقال هذه الأخبار تدل على نفي الاجتهاد مطلقاً وفيه: أن للمحدثين أيضاً نوعاً من الاجتهاد يقع منهم الخطأ والصواب ولا محيص لهم عن ذلك

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

مثل ذلك من الغد ولا يكاد يقدرون على الماء وإنما أحدثت هذه المياه حديثا

٥ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي إبراهيمعليه‌السلام إن أصحابنا يختلفون في وجهين من الحج يقول بعض أحرم بالحج مفردا فإذا طفت بالبيت وسعيت بين الصفا والمروة فأحل واجعلها عمرة وبعضهم يقول أحرم وانو المتعة «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » أي هذين أحب إليك قال انو المتعة

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن حمزة بن حمران قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الذي يقول حلني حيث حبستني قال هو حل حيث حبسه قال أو لم يقل

قوله عليه‌السلام : « من الغد » الظاهر أن الواو عاطفة منفصلة عن هذه الكلمة أي إلى ذلك الوقت من بعد ذلك اليوم ، وقيل : يحتمل أن يكون الواو جزء الكلمة.

قال في الصحاح : الغدو نقيض الرواح. وقد غدا يغدو غدوا وقوله تعالى : «بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ »(١) أي بالغدوات ، فعبر بالفعل عن الوقت ، كما يقال : أتيتك طلوع الشمس ، أي في وقت طلوع الشمس(٢) .

الحديث الخامس : موثق. ويدل على أن الافتتاح بعمرة التمتع أفضل من العدول بعد إنشاء حج الإفراد بل يدل على تعينه ، والمشهور جواز العدول اختيارا عن الإفراد إلى التمتع إذا لم يتعين عليه الإفراد.

الحديث السادس : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « قال أو لم يقل » أجمع علماؤنا وأكثر العامة على أنه يستحب لمن أراد الإحرام بالحج أو العمرة أن يشترط على ربه عند عقد إحرامه أن يحله حيث حبسه واختلف في فائدته على أقوال.

__________________

(١) سورة الأعراف : ٢٠٥.

(٢) الصحاح للجوهري : ج ٦ ص ٢٤٤٤.

٢٦١

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال هو حل إذا حبس اشترط أو لم يشترط

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي وزيد الشحام ومنصور بن حازم قالوا أمرنا أبو عبد اللهعليه‌السلام أن نلبي ولا نسمي شيئا وقال أصحاب الإضمار أحب إلي

أحدها : أن فائدته سقوط الهدي مع الإحصار والتحلل بمجرد النية ذهب إليه المرتضى ، وابن إدريس ، ونقل فيه إجماع الفرقة.

وقال الشيخ : لا يسقط وموضع الخلاف من لم يسق الهدي ، أما السابق فقال بعض المحققين : إنه لا يسقط عنه بإجماع الأمة.

وثانيها : ما ذكره المحقق من أن فائدته جواز التحلل عند الإحصار من غير تربص إلى أن يبلغ الهدي محله فإنه لو لم يشترط لم يجز له التعجيل.

وثالثها : أن فائدته سقوط الحج في القابل عمن فاته الموقفان ذكره الشيخ في التهذيب واستشكل العلامة بأن الفائت إن كان واجبا لم يسقط فرضه في العام المقبل بمجرد الاشتراط وإلا لم يجب بترك الاشتراط ، ثم قال. فالوجه حمل إلزام الحج من قابل على شدة الاستحباب.

ورابعها : أن فائدته استحقاق الثواب بذكره في عقد الإحرام كما هو ظاهر هذا الخبر وإن كان لا يأبى عن الحمل على بعض الأقوال السابقة.

وقال في المداك : الذي يقتضيه النظر أن فائدته سقوط التربص عن المحصر كما يستفاد من قوله وحلني حيث حبستني وسقوط الهدي عن المصدود بل لا يبعد سقوطه موضع الحصر أيضا.

الحديث السابع : حسن. وهو مثل الخبر السابق.

الحديث الثامن : صحيح الفضلاء. وحمل على حال التقية كما عرفت.

٢٦٢

٩ ـ أحمد ، عن علي ، عن سيف ، عن إسحاق بن عمار أنه سأل أبا الحسن موسىعليه‌السلام قال الإضمار أحب إلي فلب ولا تسم

١٠ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام أرأيت لو أن رجلا أحرم في دبر صلاة مكتوبة أكان يجزئه ذلك قال نعم

١١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري وعبد الرحمن بن الحجاج وحماد بن عثمان ، عن الحلبي جميعا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا صليت في مسجد الشجرة فقل وأنت قاعد في دبر الصلاة قبل أن تقوم ما يقول المحرم ثم قم فامش حتى تبلغ الميل وتستوي بك البيداء فإذا استوت بك فلبه

١٢ ـ علي ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن عبد الله بن سنان أنه سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام هل يجوز للمتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » أن يظهر التلبية في مسجد الشجرة فقال نعم إنما لبى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على البيداء لأن الناس لم يكونوا يعرفون التلبية فأحب أن يعلمهم كيف التلبية

١٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال قلت له إذا أحرم الرجل في دبر المكتوبة أيلبي حين ينهض به بعيره أو جالسا في دبر الصلاة قال أي ذلك شاء صنع

قال الكليني وهذا عندي من الأمر المتوسع إلا أن الفضل فيه أن يظهر التلبية

الحديث التاسع : موثق. وقد مر الكلام فيه.

الحديث العاشر : مجهول.

الحديث الحادي عشر : حسن.

قوله عليه‌السلام : « فلبه » الهاء للسكت ، ويدل على تعين التفريق بين النية والتلبية ، أو فضله كما عرفت.

الحديث الثاني عشر : مجهول. ويدل على جواز المقارنة.

الحديث الثالث عشر : موثق. ويدل على التخير وبه يجمع بين الأخبار

٢٦٣

حيث أظهر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على طرف البيداء ولا يجوز لأحد أن يجوز ميل البيداء إلا وقد أظهر التلبية وأول البيداء أول ميل يلقاك عن يسار الطريق.

١٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال صل المكتوبة ثم أحرم بالحج أو بالمتعة واخرج بغير تلبية حتى تصعد إلى أول البيداء إلى أول ميل عن يسارك فإذا استوت بك الأرض راكبا كنت أو ماشيا فلب فلا يضرك ليلا أحرمت أو نهارا ومسجد ذي الحليفة الذي كان خارجا عن السقائف عن صحن المسجد ثم اليوم ليس شيء من السقائف منه

١٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال المعتمر عمرة مفردة يشترط على ربه أن يحله حيث حبسه ومفرد الحج يشترط على ربه إن لم يكن حجة فعمرة

كما فعل المصنف (ره) وهو قوي.

الحديث الرابع عشر : حسن.

قوله عليه‌السلام : « عن السقائف » قال الجوهري « السقيفة » الصفة ، ومنه سقيفة بني ساعدة ، وقال ، إن جمعها سقائف(١) .

وأقول : لعله سقطت لفظة « كان » هنا لتوهم التكرار وعلى أي وجه فهو مراد والغرض أن ما هو مسقف الآن لم يكن داخلا في المسجد الذي كان في زمن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وقيلمسجد مبتدأ والموصول خبره ، والواو فيقوله « عن صحن » إما ساقط أو مقدر والمعنى أنهم كانوا وسعوا المسجد أولا فكان بعض المسقف وبعض الصحن داخلين في المسجد القديم وبعضها خارجين ثم وسع بحيث لم يكن من المسقف شيء داخلا ولا يخفى ما فيه.

الحديث الخامس عشر : ضعيف على المشهور.

__________________

(١) الصحاح للجوهري : ج ٤ ص ١٣٧٥.

٢٦٤

١٦ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي المغراء ، عن أبي عبد الله قال كانت بنو إسرائيل إذا قربت القربان تخرج نار تأكل قربان من قبل منه وإن الله جعل الإحرام مكان القربان

(باب التلبية)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي قال سألته لم جعلت التلبية فقال إن الله عز وجل أوحى إلى إبراهيمعليه‌السلام أن «أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ » فنادى فأجيب من كل وجه يلبون

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيهعليهما‌السلام أن عليا صلوات الله عليه قال تلبية الأخرس وتشهده وقراءته القرآن في الصلاة تحريك لسانه وإشارته بإصبعه

الحديث السادس عشر : موثق. وقال الجوهري :« القربان » بالضم : ما تقربت به إلى الله تعالى. ومنه قربت لله قربانا(١) .

أقول : يحتمل أن يكون المراد : أن الإحرام بمنزلة تقريب القربان وذبح الهدي بمنزلة قبولها ، أو المراد أن الإحرام مع سياق الهدي بمنزلة القربان.

باب التلبية

الحديث الأول : حسن.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

قوله : « تلبية الأخرس » هذا هو المشهور بين الأصحاب ، ونقل عن ابن الجنيد : أنه أوجب على الأخرس استنابة غيره في التلبية وهو ضعيف.

وقال بعض المحققين : ولو تعذر على الأعجمي التلبية فالظاهر وجوب الترجمة

وقال في الدروس : روي أن غيره يلبي عنه.

__________________

(١) الصحاح للجوهري : ج ١ ص ١٩٩.

٢٦٥

٣ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان وابن أبي عمير جميعا ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال التلبية لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك ذا المعارج لبيك لبيك داعيا إلى دار السلام لبيك لبيك غفار الذنوب لبيك لبيك أهل التلبية لبيك لبيك ذا الجلال والإكرام لبيك لبيك مرهوبا ومرغوبا إليك لبيك لبيك تبدئ والمعاد إليك لبيك لبيك كشاف الكرب العظام لبيك لبيك عبدك وابن عبديك لبيك لبيك يا كريم لبيك تقول ذلك في دبر كل صلاة مكتوبة ـ أو نافلة وحين ينهض بك بعيرك وإذا علوت شرفا أو هبطت واديا أو لقيت راكبا أو استيقظت من منامك وبالأسحار وأكثر ما استطعت منها واجهر بها وإن تركت بعض التلبية فلا يضرك غير أن تمامها أفضل

واعلم أنه لا بد من التلبيات الأربع في أول الكلام وهي الفريضة وهي التوحيد

الحديث الثالث : صحيح. وروي في غير الكتاب بالسند الصحيح ، وقد مر شرح بعض أجزاء التلبية في باب حج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

قوله عليه‌السلام « ذا المعارج » قال البيضاوي في قوله تعالى : «ذِي الْمَعارِجِ » أي ذي المصاعد وهي الدرجات التي تصعد فيها الكلم الطيب والعمل الصالح ويترقى فيها المؤمنون في سلوكهم ، أو في دار ثوابهم أو مراتب الملائكة أو السماوات فإن الملائكة يعرجون فيها.

قوله عليه‌السلام : « دبر كل صلاة » استحباب تكرار التلبية والجهر بها في هذه المواضع ، وهو المشهور بين الأصحاب.

وقال الشيخ في التهذيب : إن الإجهار بالتلبية واجب مع القدرة والإمكان ولعل مراده تأكد الاستحباب.

قوله عليه‌السلام : « لا بد من التلبيات الأربع » فهم الأكثر أن المراد بالتلبيات الأربع المذكورة هنا هو ما ذكر في أول التلبيات إلى قوله إن الحمد ولذا قال

٢٦٦

وبها لبى المرسلون وأكثر من ذي المعارج فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يكثر منها وأول من لبى إبراهيمعليه‌السلام قال إن الله عز وجل يدعوكم إلى أن تحجوا بيته فأجابوه بالتلبية فلم يبق أحد أخذ ميثاقه بالموافاة في ظهر رجل ولا بطن امرأة إلا أجاب بالتلبية

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن أسد بن أبي العلاء ، عن محمد بن الفضيل عمن رأى أبا عبد اللهعليه‌السلام وهو محرم قد كشف عن ظهره حتى أبداه للشمس هو يقول لبيك في المذنبين لبيك

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز رفعه قال إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لما أحرم أتاه جبرئيلعليه‌السلام فقال له مر أصحابك بالعج والثج والعج رفع الصوت بالتلبية والثج نحر البدن وقال قال جابر بن عبد الله ما بلغنا الروحاء حتى بحت أصواتنا

جماعة : بعدم وجوب الزائد.

وقال المفيد ، وابنا بابويه ، وابن أبي عقيل ، وابن الجنيد ، وسلار : ويضيف إلى ذلك : أن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ، فلعلهم حملوا الخبر على أن المراد به إلى التلبية الخامسة وليس ببعيد بمعونة الروايات الكثيرة المشتملة على تلك التتمة ، والأحوط عدم الترك بل الأظهر وجوبها.

قوله عليه‌السلام : « وأول من لبى » ظاهره أنه على بناء المعلوم ويمكن أن يقرأ على بناء المجهول أي أجابوا إبراهيم بهذه التلبية حين ناداهم إلى الحج.

الحديث الرابع : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « في المذنبين » أي شافعا في المذنبين ، أو كافيا فيهم وإن لم يكن منهم صلوات الله عليه.

الحديث الخامس : مرفوع.

قوله عليه‌السلام : « بحت » قال الفيروزآبادي : بححت بالكسر أبح وأبححا أبح

٢٦٧

٦ ـ علي ، عن أبيه ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا بأس بأن تلبي وأنت على غير طهر وعلى كل حال

٧ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن أبي سعيد المكاري ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ليس على النساء جهر بالتلبية

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن ابن فضال ، عن رجال شتى ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من لبى في إحرامه سبعين مرة إيمانا واحتسابا أشهد الله له ألف ألف ملك ببراءة من النار وبراءة من النفاق

بفتحهما بحا وبححا وبحاحا وبحوحا وبحوحة وبحاحة : إذا أخذته بحة وخشونة وغلظ في صوته(١) .

الحديث السادس : حسن. وقال في المنتقى : روى الكليني هذا الحديث في الحسن وطريقه : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي.

ورواه الشيخ معلقا عن محمد بن يعقوب بالسند ، ولا يخفى ما فيه من النقيصة فإن إبراهيم بن هاشم إنما يروي عن حماد بن عثمان بتوسط ابن أبي عمير ، ونسخ الكافي والتهذيب في ذلك متفقة وعليه الأصحاب.

الحديث السابع : ضعيف واختصاص رفع الصوت بالتلبية واستحبابه بالرجال مقطوع به في كلام الأصحاب.

الحديث الثامن : كالموثق.

__________________

(١) القاموس المحيط : ج ١ ص ٢١٤.

٢٦٨

(باب)

( ما ينبغي تركه للمحرم من الجدال وغيره)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ » فقال إن الله عز وجل اشترط على الناس شرطا وشرط لهم شرطا قلت فما الذي اشترط عليهم وما الذي اشترط لهم فقال أما

باب ما ينبغي تركه للمحرم من الجدال وغيره

الحديث الأول : حسن.

قوله تعالى : «فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ »(١) قيل أي ألزم نفسه فيهن الحج ، وذلك بعقد إحرامه بالتلبية أو الإشعار والتقليد عندنا.

وقال البيضاوي : إنه بالتلبية وسوق الهدي عند أبي حنيفة ، أو الإحرام عند الشافعية.

«فَلا رَفَثَ » قال الصادقعليه‌السلام : « الرفث » الجماع.

وقال في مجمع البيان : كنى به عن الجماع هاهنا عند أصحابنا. وهو قول : ابن مسعود ، وقتادة ، وقيل : هو مواعدة الجماع أو التعريض للنساء به عن ابن عباس ، وابن عمر ، وعطاء ، وقيل : هو الجماع والتعريض له بمداعبة أو مواعدة عن الحسن(٢) .

وقال في كنز العرفان : ولا يبعد حمله على الجماع وما يتبعه مما يحرم من النساء في الإحرام حتى العقد والشهادة عليه كما هو المقرر بمعونة الأخبار.

وقيل : « الرفث » المواعدة للجماع باللسان ، والغمز بالعين له.

وقيل : « الرفث بالفرج » الجماع ، و « باللسان » المواعدة له و « بالعين »

__________________

(١) سورة البقرة : ١٩٧.

(٢) مجمع البيان ج ١ ـ ٢ ص ٢٩٤.

٢٦٩

الذي اشترط عليهم فإنه قال «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ » وأما ما شرط لهم فإنه قال : «فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ

الغمز له.

وقال الزمخشري والبيضاوي : إنه الجماع أو الفحش من الكلام.

«وَلا فُسُوقَ » في أخبارنا أنه الكذب والسباب ، وفي بعضها المفاخرة ، ويدخل فيه التنابز بالألقاب كما يقتضيه قوله تعالى«وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ » واقتصار بعض أصحابنا في تفسيره على الكذب ، إما لإدخاله السباب كالتنابز فيه أو لدلالة بعض الروايات عليه.

وفي التذكرة أنه روى العامة قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : سباب المسلم فسوق فجعلوا الفسوق هو السباب وفيه : ما ترى.

وقيل : هو الخروج عن حدود الشريعة فيشمل معاصي الله ، كلها «وَلا جِدالَ » في أخبارنا أنه قول الرجل لا والله وبلى والله وللمفسرين فيه قولان.

أحدهما : أنه المراد بإغضاب على جهة اللجاج.

والثاني : أنه لا خلاف ولا شك في الحج وذلك أن قريشا كانت تخالف سائر العرب فتقف بالمشعر الحرام وسائر العرب يقفون بعرفة وكانوا ينسون الشهر فيقدمون الحج سنة ويؤخرونه أخرى وقوله تعالى «فِي الْحَجِ » متعلق بمحذوف أي موجود ، أو واقع أو نحو ذلك ، والجملة جزاء.

«فَمَنْ فَرَضَ » أي فلا شيء من ذلك في حجة أي في زمان الاشتغال به.

قوله عليه‌السلام : « وأما الذي شرط لهم (١) » أقول على هذا التفسير لا يكون نفي الإثم للتعجيل والتأخير ، بل يكون المراد أن الله يغفر له كل ذنب والتعجيل والتأخير على هذا يحتمل وجهين.

__________________

(١) هكذا في الأصل : ولكن في الأصل « وأمّا ما شرط لهم ».

٢٧٠

فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى » قال يرجع لا ذنب له قال قلت :

أحدهما : أن يكون المراد التعجيل في النفر والتأخير فيه إلى الثاني.

والثاني : أن يكون المراد التعجيل في الموت أي من مات في اليومين فهو مغفور له ، ومن لم يمت فهو مغفور له لا إثم عليه إن اتقى في بقية عمرة كما دل عليه بعض الأخبار ، وإن اتقى الشرك والكفر وكان مؤمنا كما دل عليه بعض الأخبار وهذا أحد الوجوه في تفسير هذه الآية ويرجع إلى وجوه ذكر بعضها بعض المفسرين ، ففيها وجه آخر يظهر من الأخبار أيضا وهو أن يكون نفي الإثم متعلقا بالتعجيل والتأخير ويكون الغرض بيان التخيير بينهما فنفي الإثم في الأول لرفع توهمه وفي الثاني على جهة المزاوجة كما يقال : إن أعلنت الصدقة فحسن وإن أسررت فحسن وإن كان الأسرار أحسن ، وقيل : إن أهل الجاهلية كانوا فريقين منهم من يجعل التعجيل إثما ومنهم من يجعل المتأخر إثما فورد القرآن بنفي الإثم عنهما جميعا ، ويحتمل أن يكون المراد بذلك رفع التوهم الحاصل من دليل الخطاب حتى لا يتوهم أحد أن تخصيص التعجيل بنفي الإثم يستلزم حصوله بالتأخير كما ستأتي الإشارة إليه في صحيحة أبي أيوب عن الصادقعليه‌السلام حيث قال : فلو سكت لم يبق أحد إلا تعجل ، ولكنه قال : ومن تأخر في يومين فلا إثم عليه(١) .

وقد نبه عليه العلامة في المنتهى ، وعلى هذا التفسيرقوله «لِمَنِ اتَّقى » يحتمل وجهين.

الأول : أن هذا التخيير في النفر إنما هو لمن اتقى الصيد والنساء في إحرامه كما هو قول أكثر الأصحاب : أو مطلق محرمات الإحرام كما ذهب إليه بعضهم ، وربما يومئ هذا الحديث إلى التعميم فتأمل.

الثاني : أن يكون قيدا لعدم الإثم في التعجيل والمعنى أنه لا يأثم بترك

__________________

(١) الوسائل : ج ١٠ ص ٢٢٢ ح ٤.

٢٧١

أرأيت من ابتلي بالفسوق ما عليه قال لم يجعل الله له حدا يستغفر الله ويلبي قلت فمن ابتلي بالجدال ما عليه قال إذا جادل فوق مرتين فعلى المصيب دم يهريقه وعلى

التعجيل إذا اتقى الصيد إلى أن ينفر الناس : النفر الأخير فحينئذ يحل أيضا ، وقد ورد كل من الوجهين في أخبار كثيرة ، واتقاء الصيد إلى النفر الأخير ربما يحمل على الكراهة.

وذكر في الكشاف وجها آخر لقوله تعالى : «لِمَنِ اتَّقى » وهو أن يراد أن ذلك الذي مر ذكره من أحكام الحج وغيره لمن اتقى لأنه المنتفع به دون من سواه كقوله «ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ »

قولهعليه‌السلام : « إذا جادل فوق مرتين » مقتضاه عدم تحقيق الجدال مطلقا إلا بما زاد على المرتين ، وأنه مع الزيادة عليهما يجب على الصادق شاة وعلى الكاذب بقرة ، ويدل عليه أيضا صحيحة محمد بن مسلم(١) وقال في المدارك : ينبغي العمل بمضمونهما لصحة سندهما ووضوح دلالتهما ، والمشهور بين الأصحاب أنه ليس فيما دون الثلاث في الصدق شيء وفي الثالث شاة ومع تخلل التكفير ، لكل ثلاث شاة ، وفي الكذب منه مرة شاة ومرتين بقرة وثلاثا بدنة ، وإنما تجب البقرة بالمرتين والبدنة بالثلاث إذا لم يكن كفر عن السابق ، فلو كفر عن كل واحدة فالشاة أو اثنتين فالبقرة ، والضابط اعتبار العدد السابق ابتداء أو بعد التكفير.

وقال الشهيد (ره) في الدروس : « الجدال » هو قول لا والله وبلى والله وفي الثلاث صادقا شاة وكذا ما زاده ما لم يكفر ، وفي الواحدة كذبا : شاة ، وفي الاثنين بقرة ما لم يكفر وفي الثلاث بدنة ما لم يكفر.

قيل : ولو زاد على الثلاث فبدنة ما لم يكفر ، وروى محمد بن مسلم إذا جادل

__________________

(١) الوسائل : ج ٩ ص ٢٨٠ ح ٦.

٢٧٢

المخطئ بقرة.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عبد الله بن سنان في قول الله عز وجل : «وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ » قال إتمامها أن لا «رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ ».

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى وابن أبي عمير جميعا ، عن معاوية بن عمار قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا أحرمت فعليك بتقوى الله وذكر الله كثيرا وقلة الكلام إلا بخير فإن من تمام الحج والعمرة أن يحفظ المرء لسانه إلا من خير كما قال الله عز وجل فإن الله عز وجل يقول : «فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ » والرفث الجماع والفسوق الكذب والسباب والجدال قول الرجل لا والله وبلى والله.

فوق مرتين مخطئا فعليه بقرة(١) .

وروى معاوية « إذا حلف ثلاث أيمان في مقام ولاء فقد جادل فعليه دم(٢) ».

وقال الجعفي : الجدال فاحشة إذا كان كاذبا أو في معصية فإذا قاله مرتين فعليه شاة ، وقال الحسن إن حلف ثلاث أيمان بلا فصل في مقام واحد فقد جادل وعليه دم ، قال : وروي أن المحرمين إذا تجادلا فعلى المصيب منهما دم وعلى المخطئ بدنة ، وخص بعض الأصحاب الجدال بهاتين الصيغتين ، والقول بتعديته إلى ما يسمى يمينا أشبه ، ولو اضطر لإثبات حق أو نفي باطل فالأقرب جوازه وفي الكفارة تردد ، أشبهه الانتفاء.

الحديث الثاني : صحيح. وهو مؤيد لما مر من أن المراد وقعوهما تأمين.

الحديث الثالث : حسن كالصحيح.

قوله عليه‌السلام : « قول الرجل لا والله » ظاهره انحصار الجدال في هاتين

__________________

(١) الوسائل : ج ٩ ص ٢٨١ ح ٦ نقلا بالمضمون.

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ٢٨١ ح ٥. مع اختلاف يسير في العبارة.

٢٧٣

واعلم أن الرجل إذا حلف بثلاث أيمان ولاء في مقام واحد وهو محرم فقد جادل فعليه دم يهريقه ويتصدق به وإذا حلف يمينا واحدة كاذبة فقد جادل وعليه دم يهريقه ويتصدق به وقال اتق المفاخرة وعليك بورع يحجزك عن معاصي الله فإن الله عز وجل يقول «ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ

الصيغتين.

وقيل : يتعدى إلى كل ما يسمى يمينا واختاره في الدروس كما مر ، وربما يستدل له بإطلاققوله عليه‌السلام « إن الرجل إذا حلف بثلاثة أيمان » (١) .

وأو رد عليه أن هذا الإطلاق غير مناف للحصر المتقدم ، وهل الجدال مجموع اللفظين. أو إحداهما؟ قولان أظهرهما الثاني.

قوله عليه‌السلام : « ولاء » مقتضاه اعتبار كون الأيمان الثلاثة ولاء في مقام واحد ويمكن حمل الأخبار المطلقة عليه كما هو اختيار ابن أبي عقيل.

قوله تعالى : «ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ »(٢) قيل قضاء التفث : حلق الشعر ، وقص الشارب ، ونتف الإبط وقلم الأظفار. وقال في مجمع البيان : أي ليزيلوا شعث الإحرام من تقليم ظفر وأخذ شعر وغسل واستعمال طيب عن الحسن ، وقيل : معناه ليقضوا مناسك الحج كلها عن ابن عباس وابن عمر ، وقال الزجاج : قضاء التفث كناية عن الخروج من الإحرام إلى الإحلال انتهى(٣) .

وهذا الخبر يدل على أن التفث : الكلام القبيح وقضاؤه تداركه بكلام طيب.

وروي في حديث آخر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام « أنه قال هو ما يكون من الرجل في إحرامه فإذا دخل مكة فتكلم بكلام طيب كان ذلك كفارة لذلك الذي

__________________

(١) الوسائل : ج ٩ ص ٢٨١ ح ٥.

(٢) سورة الحجّ : ٢٩.

(٣) مجمع البيان : ج ٧ ـ ٨ ص ٨١.

٢٧٤

وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ » قال

كان منه »(١) .

وفي رواية أخرى : عن أبي جعفرعليه‌السلام « أن التفث حفوف الرجل من الطيب ، فإذا قضى نسكه حل له الطيب(٢) ».

وفي رواية أخرى : أن التفث هو الحلق وما في جلد الإنسان(٣) وعن الرضاعليه‌السلام « أنه تقليم الأظفار وترك(٤) الوسخ عنك والخروج من الإحرام »(٥) .

وسيأتي في حديث المحاربي « إن قضاء التفث » لقاء الإمام(٦) .

ومقتضى الجمع بين الأخبار حمل قضاء التفث : على إزالة كل ما يشين الإنسان في بدنه وقلبه وروحه ، فيشمل إزالة الأوساخ البدنية بقص الأظفار وأخذ الشارب ونتف الإبط وغيرها ، وإزالة وسخ الذنوب عن القلب بالكلام الطيب والكفارة ونحوها ، وإزالة دنس الجهل عن الروح بلقاء الإمامعليه‌السلام ، ففسر في كل خبر ببعض معانيه على وفق أفهام المخاطبين ومناسبة أحوالهم.

قوله تعالى «وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ »(٧) قيل المراد بها الإتيان بما بقي عليه من مناسك الحج ، وروي ذلك في أخبارنا فيكون ذكر الطواف بعد ذلك من قبيل التخصيص بعد التعميم لمزيد الاهتمام.

__________________

(١) نور الثقلين : ج ٣ ص ٤٩٢ ح ٩٨.

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ٩٦ ح ١٧.

(٣) الوسائل : ج ١٠ ص ١٧٨ ح ٤.

(٤) هكذا في الأصل : ولكن في الوسائل : « وطرح ».

(٥) الوسائل : ج ٩ ص ٣٨٨ ح ١٣.

(٦) الوسائل : ج ١٠ ص ٢٥٣ ح ٣.

(٧) سورة الحجّ : ٢٩.

٢٧٥

أبو عبد الله من التفث أن تتكلم في إحرامك بكلام قبيح فإذا دخلت مكة وطفت بالبيت وتكلمت بكلام طيب فكان ذلك كفارة قال وسألته عن الرجل يقول لا لعمري وبلى لعمري قال ليس هذا من الجدال إنما الجدال لا والله وبلى والله.

٤ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال إذا حلف ثلاث أيمان متتابعات صادقا فقد جادل وعليه دم وإذا حلف بيمين واحدة كاذبا فقد جادل وعليه دم.

وقيل : ما نذروا من أعمال البر في أيام الحج وإن كان على الرجل نذور مطلقة فالأفضل أن يفي بهما هناك.

وقيل : أريد بها ما يلزمهم في إحرامهم من الجزاء ونحوه فإن ذلك من وظائف منى.

أقول : لا يبعد أن يكون على تأويل قضاء التفث بلقاء الإمام أن يكون المراد « بإيفاء النذور » الوفاء بالعهود التي أخذ عليهم في الميثاق وفي الدنيا من طاعة الإمامعليه‌السلام وعرض ولايتهم ونصرتهم عليه كما يومئ إليه كثير من الأخبار.

وأماقوله تعالى ، «وَلْيَطَّوَّفُوا »(١) فقيل أراد به طواف الزيارة.

وقيل : هو طواف النساء ، وكلاهما مرويان في أخبارنا.

وقيل : هو طواف الوداع.

وقيل : المراد به مطلق الطواف ، أعم مما ذكر وغيره من الطواف المندوب وهو الظاهر من اللفظ فيمكن حمل الأخبار على بيان الفرد الأهم والله يعلم.

قوله عليه‌السلام : « فكان ذلك كفارة » قال في الدروس : ولا كفارة في الفسوق سوى الكلام الطيب في الطواف والسعي قاله : الحسن ، وفي رواية علي بن جعفر « يتصدق »(٢)

الحديث الرابع : ضعيف.

__________________

(١) سورة الحجّ : ٢٩.

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ٢٨٣ ح ٣.

٢٧٦

٥ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي بصير قال سألته عن المحرم يريد أن يعمل العمل فيقول له صاحبه والله لا تعمله فيقول والله لأعملنه فيخالفه(١) مرارا أيلزمه ما يلزم صاحب الجدال قال لا إنما أراد بهذا إكرام أخيه إنما ذلك ما كان لله فيه معصية.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن أبي المغراء ، عن سليمان بن خالد قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول في الجدال شاة وفي السباب والفسوق بقرة والرفث فساد الحج.

الحديث الخامس : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « يريد أن يعمل » أي يريد أن يعمل عملا ويخدمهم على وجه الإكرام وهم يقسمون عليه على وجه التواضع أن لا يفعل ، وقال في الدروس : قال ابن الجنيد : يعفى عن اليمين في طاعة الله وصلة الرحم ما لم يدأب في ذلك ، وارتضاه الفاضل ، وروى أبو بصير في المتحالفين على عمل : « لا شيء »(٢) لأنه إنما أراد إكرامه إنما ذلك على ما كان فيه معصية ، وهو قول : الجعفي.

الحديث السادس : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « والفسوق » لعله محمول على الاستحباب والعمل به أولى وأحوط ، وإن لم أظفر على قائل به.

قال في المدارك : أجمع العلماء كافة على تحريم الفسوق في الحج وغيره ، واختلف في تفسيره فقال الشيخ وابنا بابويه : أنه الكذب ، وخصه ابن البراج بالكذب على الله وعلى رسوله والأئمةعليهم‌السلام .

وقال المرتضى وجماعة : إنه الكذب والسباب.

وقال ابن أبي عقيل : إنه كل لفظ قبيح ، وفي صحيحة معاوية « الكذب

__________________

(١) فيحالفه ( خ ل ).

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ١١٠ ح ٧.

٢٧٧

(باب)

( ما يلبس المحرم من الثياب وما يكره له لباسه)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن بعض أصحابنا ، عن بعضهمعليهم‌السلام قال أحرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ثوبي كرسف.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان ثوبا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي أحرم فيهما يمانيين عبري وظفار وفيهما كفن.

٣ ـ علي ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :

والسباب »(١) ، وفي صحيحة علي بن جعفر « الكذب والمفاخرة »(٢) ولا كفارة في الفسوق سوى الاستغفار(٣) انتهى.

ولعله (ره) غفل عن هذه الصحيحة ولم يقل بها ولم يتعرض لتأويلها.

باب ما يلبس المحرم من الثياب وما يكره له لباسه

الحديث الأول : مرسل. ويدل على استحباب الإحرام في ثياب القطن ولا خلاف بين الأصحاب في عدم جواز الإحرام في الحرير المحض للرجال ، فأما النساء فالمشهور جواز إحرامهن فيه ، وقيل : بالمنع.

الحديث الثاني : حسن. وقال الفيروزآبادي :العبر بالكسر ما أخذ على غربي الفرات إلى برية العرب وقبيلة(٤) ، وقالالظفار : كقطام بلد باليمن قرب الصنعاء(٥) .

الحديث الثالث : حسن. ويدل على جواز الإحرام في القصب والكتان

__________________

(١) الوسائل : ج ٩ ص ١٠٨ ح ١.

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ١٠٩ ح ٤.

(٣) وجملة « ولا كفّارة في الفسوق سوى الاستغفار » ليست موجودة في هذه الرواية.

(٤) القاموس المحيط الفيروزآبادي : ج ٢ ص ٨٣.

(٥) القاموس المحيط : ج ٢ ص ٨٣.

٢٧٨

كل ثوب يصلى فيه فلا بأس أن يحرم فيه.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد ، عن عبد الكريم بن عمرو ، عن أبي بصير قال سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن الخميصة سداها إبريسم ولحمتها من غزل قال لا بأس بأن يحرم فيها إنما يكره الخالص منه.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن شعيب أبي صالح ، عن خالد أبي العلاء الخفاف قال رأيت أبا جعفرعليه‌السلام وعليه برد أخضر وهو محرم.

٦ ـ محمد بن أحمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن حنان بن سدير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كنت عنده جالسا فسئل عن رجل يحرم في ثوب فيه حرير فدعا بإزار قرقبي فقال أنا أحرم في هذا وفيه حرير.

والصوف والشعر دون الجلد إذ لا يطلق عليه الجلد.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

وقال في القاموس :الخميصة كساء أسود مربع له علمان(١) .

الحديث الخامس : مجهول. ويدل على عدم مرجوحية الإحرام في الثوب الأخضر كما اختاره في المدارك ، والمشهور استحباب الإحرام في الثياب البيض.

الحديث السادس : موثق.

وقال في النهاية :ثوب فرقبي : هو ثوب مصري أبيض من كتان(٢) .

قال الزمخشري : الفرقبية ثياب مصرية بيض من كتان وروي بقافين منسوب إلى قرقوب مع حذف الواو في النسب كسابرى في سابور.

__________________

(١) القاموس المحيط : ج ٢ ص ٣٠٢.

(٢) النهاية لابن الأثير : ج ٣ ص ٤٤٠.

٢٧٩

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن يعقوب بن شعيب قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المحرم يلبس الطيلسان المزرور فقال نعم وفي كتاب عليعليه‌السلام لا يلبس طيلسان حتى ينزع أزراره فحدثني أبي إنما كره ذلك مخافة أن يزره الجاهل عليه.

الحديث السابع : صحيح وسنده الثاني حسن.

قوله عليه‌السلام : « يلبس الطيلسان » قال الشهيد الثاني : (ره) هو ثوب منسوج محيط بالبدن. وقال جلال الدين السيوطي : الطيلسان بفتح الطاء واللام على الأشبه الأفصح ، وحكي كسر اللام وضمها حكاهما القاضي عياض في المشارق والنوى في تهذيبه.

وقال صاحب كتاب مطالع الأنوار : الطيلسان شبه الأردية يوضع على الرأس والكتفين والظهر.

وقال ابن دريد في الجمهرة : وزنه فيعلان وربما يسمى طيلسا.

وقال في شرح الفصيح : قالوا في الفعل منه أطلست وتطلست قال : وفيه لغة طالسان بالألف حكاها ابن الأعرابي.

وقال ابن الأثير في شرح سنة الشافعي في حديث ابن عمر : أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله حول رداءه في الاستسقاء ما لفظه « الرداء » الثوب الذي يطرح على الأكتاف أو يلقى فوق الثياب وهو مثل الطيلسان إلا أن الطيلسان يكون على الرأس والأكتاف وربما ترك في بعض الأوقات على الرأس وسمي الرداء كما يسمى الرداء طيلسانا انتهى.

والمشهور بين الأصحاب : جواز لبسه اختيارا في حال الإحرام ولكن لا يجوز زره ، وقال العلامة في الإرشاد : لا يجوز لبسه إلا عند الضرورة ، والرواية تدفعه والمعتمد الجواز مطلقا.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358