مرآة العقول الجزء ١

مرآة العقول16%

مرآة العقول مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 358

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 358 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 40290 / تحميل: 6053
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

٩ - وعنه، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن داود بن فرقد، عن المعلى بن خنيس قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إذا جاء حديث عن أولكم وحديث عن آخركم بأيهما نأخذ فقال خذوا به حتّى يبلغكم عن الحي فإن بلغكم عن الحي فخذوا بقوله قال ثمّ قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إنا والله لا ندخلكم إلا فيما يسعكم وفي حديث آخر خذوا بالأحدث.

١٠ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن داود بن الحصين، عن عمر بن حنظلة قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام - عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة أيحل

________________________________________________________

الحديث التاسع مجهول ويدل على لزوم العمل بقول الإمام الحي مع تعارض قول الإمام السابق له، بل بقول الإمام المتأخر مطلقاً كما يدل عليه قولهعليه‌السلام : خذوا بالأحدث، ووجه الأول ظاهر، لأنّ الإمام الحي إنما يحكم بما يعلمه صلاحا في زمانه، فيجب العمل به، وأمّا الثاني فلأنه بحكم الإمام الثاني علم تغير المصلحة الأولى ولم يعلم بعد تغير المصلحة المتجددة إلا إذا علم تغيرها بزوال التقية مع العلم بكون الحكم الثاني للتقية.

قولهعليه‌السلام فيما يسعكم: أي يجوز لكم القول والعمل به تقية أو لمصلحة أخرى.

الحديث العاشر: موثق تلقاه الأصحاب بالقبول.

قولهعليه‌السلام في دين أو ميراث، لعل ذكرهما على سبيل التمثيل، ويحتمل التخصيص، والمراد بالمنازعة في الميراث إمّا في الوارثية أو في قدر الإرث أو في ثبوته مع عدم علم المدعي، وفي جميع هذه الصور لا يجوز الأخذ بحكم الجائر، ويكون المأخوذ حراما بخلاف الأعيان ومنافعها، مع علم المدعي فإن المشهور أنه وإن حرم الأخذ بحكم الجائر لكن لا يحرم المأخوذ، وحرمة المأخوذ في تلك الصور لا تنافي صحة المقاصة في الدين المعلوم ثبوته، والمراد بحرمة المأخوذ كونه غير جائز التصرف

٢٢١

ذلك قال من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت وما يحكم له فإنما يأخذ سحتا وإن كان حقاً ثابتا لأنّه أخذه بحكم الطاغوت وقد أمر الله أن يكفر به قال الله تعالى( يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ ) (١)

________________________________________________________

فيه بعد الأخذ، وبحرمة الأخذ عدم جواز إزالة يد المدعي واستقرار اليد عليه، فقولهعليه‌السلام في الجواب: من تحاكم إليهم. يحتمل العموم والشمول للأعيان والديون والمواريث وغيرها.

وقولهعليه‌السلام : فإنما يأخذ سحتا، إن حمل على أنه يأخذ أخذا سحتا أي حراما فعلى عمومه وإن حمل على أنه يأخذ مالا سحتا فمخصص بما لا يكون المدعى به عينا معلوم الحقية للمدعي، فإن له التصرف في المأخوذ حينئذ بخلاف ما إذا كان ثابت الحقيقة عنده بحكم الحاكم، أو مظنون الحقية أو مشكوكها، أو كان المدعى به دينا، فالاستحقاق في العين والتعين في الدين بحكم الطاغوت لا يوجب جواز التصرف، كما ذكره بعض المحققين.

قوله تعالى( يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ ) الطاغوت مشتق من الطغيان وهو الشيطان أو الأصنام، أو كلّ ما عبد من دون الله أو صد من عبادة الله، والمراد هنا من يحكم بالباطل ويتصدى للحكم، ولا يكون أهلا له، سمي به لفرط طغيانه أو لتشبهه بالشيطان أو لأنّ التحاكم إليه تحاكم إلى الشيطان من حيث أنه الحامل عليه والآية بتأييد الخبر تدل على عدم جواز الترافع إلى حكام الجور مطلقا، وربما قيل بجواز التوسل بهم إلى أخذ الحقّ المعلوم اضطراراً مع عدم إمكان الترافع إلى الفقيه العدل، وبجواز الاستعانة بهم في إجراء حكم الفقيه، وأيد ذلك بقوله تعالى( يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا ) فإن الترافع على وجه الاضطرار ليس تحاكما على الإرادة والاختيار، والمسألة قوية الإشكال.

__________________

(١) سورة النساء: ٦٠.

٢٢٢

قلت فكيف يصنعان قال ينظران إلى من كان منكم ممّن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما فإني قد جعلته

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام ممّن قد روى حديثنا: أي كلها بحسب الإمكان أو القدر الوافي منها، أو الحديث المتعلّق بتلك الواقعة، وكذا في نظائره، والأحوط أن لا يتصدى لذلك إلا من تتبع ما يمكنه الوصول إليه من أخبارهم ليطلع على المعارضات ويجمع بينها بحسب الإمكان.

قولهعليه‌السلام فإني قد جعلته عليكم حاكما: استدل به على أنه نائب الإمام في كلّ أمر إلا ما أحوجه الدليل، ولا يخلو من إشكال، بل الظاهر أنه رخص له في الحكم فيما رفع إليه لا أنه يمكنه جبر الناس على الترافع إليه أيضا، نعم يجب على الناس الترافع إليه والرضا بحكمه، وقال بعض الأفاضل: قولهعليه‌السلام : فإني قد جعلته عليكم حاكما يحتمل وجهين: الأول: قد صيرته عليكم حاكماً، والثاني: قد وصفته بكونه حاكما عليكم، وقد حكمت بذلك وسميته بالحاكم، كقوله تعالى( وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً ) (١) فعلى الأول يكون حكومة المجتهد بنصبهعليه‌السلام لها، فلا يثبت له حكومة بدون النصب ما لم يدل دليل آخر، وعلى الثاني تكون المجتهد متصفا بالحكومة، ويكون قولهعليه‌السلام مبينا لاتصافه بها، والثاني أولى بوجوه: منها أنه لم يكونواعليه‌السلام في تلك الأعصار ينصبون الحكام، ومنها أنهم لو نصبوا لأعلموا الناس بذلك ولكان هذا من المعلوم عند الإمامية، ومنها أنه لم يعهد نصب غير المعين. ومنها: أن الضرورة ماسة بحكومة الفقيه أمّا عند الغيبة فظاهر، وأمّا مع ظهور الحجة فلعدم إمكان رجوع الكل في كلّ الأحكام إلى الحجة لا بواسطة، ولو حمل على الأول فإما أن يحمل على نصبهعليه‌السلام الفقيه في عصره وفي الأعصار بعده، أو على نصبه في عصره، وعلى الأول فيكون الفقيه منصوباً ما لم ينعزل بعزله أو بعزل من يقوم مقامه، وعلى الثاني ينقضي نصبه بانقضاء أيامه

__________________

(١) سورة زخرف: ١٩.

٢٢٣

عليكم حاكما فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنما استخف بحكم الله وعلينا رد والراد علينا الراد على الله وهو على حد الشرك بالله.

قلت فإن كان كلّ رجل اختار رجلاً من أصحابنا فرضياً أن يكونا الناظرين في حقهما واختلفا فيما حكما وكلاهما اختلفا في حديثكم؟

قال الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ولا

________________________________________________________

عليه‌السلام حيث يكون الحكم لغيره بعده، ويحتمل الحكم بنصبه بعده ما لم ينعزل لاتحاد طريقتهمعليه‌السلام ، واستحسان اللاحق ما حسنه السابق منهم، وكون المتأخر خليفة للمتقدم، فما لم يظهر منه خلاف ما جاء من المتقدم حكم بإبقائه له، والظاهر من الحاكم القاضي وهو الّذي يحكم في الوقائع الخاصة، وينفذ الحكم لا المفتي وهو المبين الحكم الشرعي عموما « انتهى ما أفاده ره » ولا يخفى متانته، ويمكن المناقشة في كثير منها وسنبين تحقيق هذا المطلب في رسالة مفردة إنشاء الله تعالى.

قولهعليه‌السلام : فإنما استخف بحكم الله: لأنّه لم يرض بحكم أمر الله به « وعلينا رد » حيث رد قضاء من وصفناه بالحكومة « وهو على حد الشرك بالله » أي دخل في الشرك بأحد معانيه حيث أشرك في حكمه تعالى غيره، أو المعنى أنه في مرتبة من الضلالة لا مرتبة فيها أشد منها، والمرتبة المتجاوزة منها مرتبة الشرك.

قولهعليه‌السلام : فيما حكما: ظاهره أن اختلافهما بحسب اختلاف الرواية لا الفتوى.

قولهعليه‌السلام أعدلهما وأفقههما: في الجواب إشعار بأنه لا بد من كونهما عادلين فقيهين صادقين ورعين، والفقه هو العلم بالأحكام الشرعية كما هو الظاهر، وهل يعتبر كونه أفقه في خصوص تلك الواقعة أو في مسائل المرافعة والحكم أو في مطلق المسائل؟ الأوسط أظهر معنى، وإن كان الأخير أظهر لفظا، والظاهر أن مناط الترجيح الفضل في جميع تلك الخصال، ويحتمل أن تكون كلمة الواو بمعنى أو، فعلى الأول لا يظهر الحكم فيما إذا كان الفضل في بعضها، وعلى الثاني فيما إذا كان أحدهما فاضلا في إحداهما

٢٢٤

يلتفت إلى ما يحكم به الآخر قال:

قلت فإنهما عدلان مرضيان عند أصحابنا لا يفضل واحد منهما على الآخر قال فقال ينظر إلى ما كان من روايتهم عنا في ذلك الّذي حكما به المجمع عليه من أصحابك فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذ الّذي ليس بمشهور عند أصحابك فإن المجمع عليه لا ريب فيه وإنما الأمور ثلاثة أمر بين رشده فيتبع وأمر بين غيه فيجتنب وأمر مشكل يرد علمه إلى الله وإلى رسوله قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حلال بين وحرام بين وشبهات بين ذلك فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم.

قلت فإن كان الخبران عنكما مشهورين قد رواهما الثقات عنكم؟

قال ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامة فيؤخذ به و

________________________________________________________

والآخر في الأخرى، والرجحان بالترتيب الذكرى ضعيف، وفي سؤال السائل إشعار بفهم المعنى الثاني.

قولهعليه‌السلام المجمع عليه: استدل به على حجية الإجماع، وظاهر السياق أن المراد الاتفاق في النقل لا الفتوى ويدل على أن شهرة الخبر بين الأصحاب وتكرره في الأصول من المرجحات وعليه كان عمل قدماء الأصحاب رضوان الله عليهم.

قولهعليه‌السلام وشبهات بين ذلك: المراد الأمور الّتي اشتبه الحكم فيها، ويحتمل شموله لما كان فيه احتمال الحرمة وإن كان حلالا بظاهر الشريعة.

قولهعليه‌السلام ارتكب المحرمات: أي الحرام واقعا، فيكون محمولا على الأولوية والفضل، ويحتمل أن يكون المراد الحكم في المشتبهات، ويكون الهلاك من حيث الحكم بغير علم، ويدل على رجحان الاحتياط بل وجوبه.

قولهعليه‌السلام عنكما: أي الباقر والصادقعليهما‌السلام ، وفي الفقيه عنكم وهو أظهر.

قولهعليه‌السلام فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة: قيل المراد بالموافقة احتمال

٢٢٥

يترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنة ووافق العامة.

قلت جعلت فداك أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة ووجدنا أحد الخبرين موافقاً للعامة والآخر مخالفا لهم بأي الخبرين يؤخذ؟

قال ما خالف العامة ففيه الرشاد.

فقلت جعلت فداك فإن وافقهما الخبران جميعا.

قال ينظر إلى ما هم إليه أميل حكامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر.

قلت فإن وافق حكامهم الخبرين جميعا؟

قال إذا كان ذلك فأرجه حتّى تلقى إمامك فإن الوقوف عند الشبهات خير

________________________________________________________

دخوله في المراد من الكتاب والسنة الثابتة والكون من محاملهما فتأمل.

قوله قد رواهما الثقات عنكم: استدل به على جواز العمل بالخبر الموثق وفيه نظر، لانضمام قيد الشهرة، ولعل تقريرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمجموع القيدين على أنه يمكن أن يقال: الكافر لا يوثق بقوله شرعاً لكفره، وإن كان عادلا بمذهبه.

قوله والسنة: أي السنة المتواترة.

قولهعليه‌السلام فأرجه: بكسر الجيم والهاء من أرجيت الأمر بالياء أو من أرجأت الأمر بالهمزة، وكلاهما بمعنى أخرته فعلى الأول حذفت الياء في الأمر وعلى الثاني أبدلت الهمزة ياء، ثمّ حذفت، والهاء ضمير راجع إلى الأخذ بأحد الخبرين أو بسكون الهاء لتشبيه المنفصل بالمتصل، أو من أرجه الأمر أي أخره عن وقته، كما ذكره الفيروزآبادي لكنه تفرد به ولم أجد في كلام غيره.

وورد في خبر آخر في الجمع بين الأخبار، رواه ابن جمهور في كتاب غوالي اللئالي عن العلامة مرفوعاً إلى زرارة بن أعين قال: سألت الباقرعليه‌السلام فقلت: جعلت فداك يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان فبأيهما آخذ؟ فقالعليه‌السلام : يا زرارة خذ بما اشتهر [ به ] بين أصحابك، ودع الشاذ النادر، فقلت: يا سيدي إنهما معاً مشهوران مرويان مأثوران عنكم؟ فقالعليه‌السلام : خذ بقول أعدلهما عندك وأوثقهما في نفسك، فقلت: إنهما

٢٢٦

من الاقتحام في الهلكات.

باب الأخذ بالسنة وشواهد الكتاب

١ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إن على كلّ حق حقيقة وعلى كلّ صواب

________________________________________________________

معاً عدلان مرضيان موثقان؟ فقال: انظر ما وافق منهما مذهب العامة فاتركه، وخذ بما خالفهم، قلت: ربما كانا موافقين لهم أو مخالفين فكيف أصنع؟ فقالعليه‌السلام : إذن فخذ بما فيه الحائطة لدينك واترك ما خالف الاحتياط، فقلت: إنهما معاً موافقان للاحتياط أو مخالفان له فكيف أصنع؟ فقالعليه‌السلام : إذن فتخير أحدهما فتأخذ به وتدع الآخر، ويدل على أن المراد بالمجمع عليه المشهور في النقل والرواية، وعلى أن موافقة الاحتياط أيضاً من مرجحات الخبر، ويدل على التخيير أيضا.

باب الأخذ بالسنة وشواهد الكتاب

أي السنة المتواترة المعلومة ودلائل الكتاب والمراد الاستناد إليهما أو إلى أحدهما بواسطة أو بدونها، والعمل بأخبار الأئمّةعليه‌السلام متواترة وآحاداً داخلة فيهما، إذ الكتاب والسنة دلا على وجوب الأخذ بقولهم والرجوع إليهم، وعلى جواز العمل بأخبار الآحاد وجواز العمل بها هو المشهور بيننا وبين من خالفنا، ومنعه المرتضى وابن زهرة وابن البراج وابن إدريس وجماعة، والأول أقوى لتواتر العمل بها معنى في أعصار أئمتناعليهم‌السلام ، وعدم إنكارهم بل تجويزهمعليهم‌السلام ، وهذا مما لا يخفى على المستأنس بالأخبار.

الحديث الأول: ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام إن على كلّ حق حقيقة: أي على كلّ أمر ثابت في نفس الأمر من الأمور الدينية وغيرها أو الدينية فقط حقيقة، أي ما يكون مصيره إليه، وبه يثبت ويتبين حقيقته « وعلى كلّ صواب » أي كلّ اعتقاد مطابق لما في نفس الأمر « نوراً » أي

٢٢٧

نوراً فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه.

٢ - محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن عبد الله بن أبي يعفور قال وحدثني حسين بن أبي العلاء أنه حضر ابن أبي يعفور في هذا المجلس قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام - عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به ومنهم من لا نثق به قال إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهداً من كتاب

________________________________________________________

موضحا ومبينا يهدى إليه، وما وافق كتاب الله أي ينتهي في البيان والاستدلال إليه أو إلى ما يوافقه فخذوه وما خالف كتاب الله أي ينتهي بيانه إلى ما يخالف كتاب الله ولا ينتهي إليه ولا إلى ما يوافقه فدعوه.

الحديث الثاني: مجهول.

قوله وحدثني حسين بن أبي العلاء: هذا الكلام يحتمل وجوها: « الأول » أن يكون كلام علي بن الحكم يقول حدثني حسين بن أبي العلاء أنه أي الحسين حضر ابن أبي يعفور في المجلس الّذي سمع منه أبان « الثاني » أن يكون كلام أبان، بأن بأن يكون الحسين حدثه أنه كان حاضراً في مجلس سؤال ابن أبي يعفور عنهعليه‌السلام

الثالث: أن يكون أيضاً من كلام أبان وحدثه الحسين أن ابن أبي يعفور حضر مجلس السؤال عنهعليه‌السلام ، وكان السائل غيره، ولعل الأوسط أظهر.

قوله ومنهم من لا نثق به: ظاهره جواز العمل بخبر من لا يوثق به، إذا كان له شاهد من الكتاب، ويحتمل أن يكون المراد أنه يرد علينا الخبر من جهة من نثق به ومن جهة من لا نثق به، فأمّا الثاني فلا يشكل علينا الأمر فيه لأنا لا نعمل به، وأمّا الأول فكيف نصنع فيه؟ أو المعنى: إذا وقع الاختلاف والتعارض في مضمون حديث بسبب اختلاف نقل الراوي، بأن ينقله أحد الراويين بنحو والآخر بنحو آخر، ويكونا عدلين ويكون من جملة رواة أحد الطرفين غير الثقة أيضاً أيصلح هذا الترجيح أحد الطرفين؟ فأجابعليه‌السلام بأن هذا لا يصلح للترجيح، بل الترجيح بموافقة الكتاب والسنة المتواترة وهما بعيدان.

قولهعليه‌السلام إذا ورد عليكم: جزاء الشرط محذوف أي فاقبلوه، وقوله: فالذي

٢٢٨

الله أو من قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وإلا فالذي جاءكم به أولى به.

٣ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أيوب بن الحر قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول كلّ شيء مردود إلى الكتاب والسنة وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف.

٤ - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أيوب بن راشد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف.

٥ - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم وغيره، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال خطب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بمنى فقال أيها الناس ما جاءكم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقله.

٦ - وبهذا الإسناد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه قال سمعت أبا عبد الله

________________________________________________________

جاءكم أولى به أي ردوه عليه ولا تقبلوا منه، فإنه أولى بروايته، وأن يكون عنده لا يتجاوزه.

الحديث الثالث صحيح.

قولهعليه‌السلام كلّ شيء: أي من الأمور الدينية مردود إلى الكتاب والسنة، وأن يكون مأخوذا منهما بواسطة أو بدونها، وكل حديث لا يوافق كتاب الله أي لا بواسطة ولا بدونها، وما وافق السنة فهو موافق للكتاب أيضا، فإنه يدل على حقيقتها مع أن جميع الأحكام مأخوذ من الكتاب كما يدل عليه الأخبار، والزخرف: المموه المزور والكذب المحسن المزين.

الحديث الرابع مجهول.

الحديث الخامس. مجهول كالصحيح.

الحديث السادس: مجهول كالصحيح.

٢٢٩

عليه‌السلام يقول من خالف كتاب الله وسنة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله فقد كفر.

٧ - علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس رفعه قال قال علي بن الحسينعليه‌السلام إن أفضل الأعمال عند الله ما عمل بالسنة وإن قل.

٨ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن أبي سعيد القماط وصالح بن سعيد، عن أبان بن تغلب، عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه سئل عن مسألة فأجاب فيها قال فقال الرجل إنّ الفقهاء لا يقولون هذا فقال يا ويحك وهل رأيت فقيها قط إنّ الفقيه حق الفقيه الزاهد في الدنيا الراغب

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام من خالف: أي في القول والاعتقاد، عالماً عامداً فهو حينئذ كافر، وأمّا إذا خالف في العمل أو في القول والاعتقاد خطأ فليس بكافر، أو هو محمول على مخالفة ما علم من الدين ضرورة، كالصلاة والإمامة والمعاد وأمثالها، ويمكن حمله على ما إذا قصر في تحصيل الحكم أو أخذه من غير المأخذ الشرعي، أو أفتى بخلاف معتقده للأغراض الدنيوية، فيكون الكفر بالمعنى الّذي يطلق على أصحاب الكبائر.

الحديث السابع: مرفوع.

قولهعليه‌السلام ما عمل بالسنة: أي العمل بما جاء في السنة عالماً بذلك، لمجيئه فيها بأن تكون كلمة ما مصدرية أو ما عمل فيه بالسنة، والمراد الأعمال الّتي عملت ولعله أظهر.

قولهعليه‌السلام وإن قل: أي وإن كان ذلك العمل قليلاً كما ورد: قليل في سنة خير من كثير في بدعة، أو وإن كان العمل بالسنة قليلاً بين الناس.

الحديث الثامن: صحيح.

قوله: ويحك: كلمة ترحم، ونصبه بتقدير أي ألزمك الله ويحا، وقد يطلق ويح مكان ويل في العذاب « وهل رأيت فقيها » أي من العامة أو مطلقا، لندور الفقيه الكامل، وحق الفقيه منصوب على أنه بدل الكل من الفقيه، وحاصل الحديث أن

٢٣٠

في الآخرة المتمسك بسنة النبي ص.

٩ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن أبي إسماعيل إبراهيم بن إسحاق الأزدي، عن أبي عثمان العبدي، عن جعفر، عن آبائه، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا قول إلا بعمل ولا قول ولا عمل إلا بنية ولا قول ولا عمل ولا نية إلا بإصابة السنة.

١٠ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال ما من أحد إلا وله شرة وفترة فمن

________________________________________________________

من استقر العلم في قلبه كان عاملا بمقتضى علمه، والعلم يقتضي الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة، والتمسك بسنة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، سواء كان بلا واسطة أو بها.

الحديث التاسع: مجهول.

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا قول إلا بعمل: أي لا يجدي القول والإقرار والاعتقاد في العمليات أو مطلقاً إلا بعمل ولا يجدي القول والعمل إلا بنية خالصة لله تعالى، غير مشوبة بالرياء وغير ذلك، ولا ينفع القول والعمل والنية جميعاً إلا بإصابة السنة، أي بالأخذ من السنة، والإتيان بما يوافقها.

الحديث العاشر: ضعيف.

قولهعليه‌السلام إلا وله شرة، قال في النهاية: فيه أن لهذا القرآن شرة، ثمّ إن للناس عنه فترة، الشره النشاط والرغبة، ومنه الحديث الآخر: أن بكل عابد شرة « انتهى » وقيل فيه وجوه: « الأول » أنه ما من أحد إلا وله نشاط يتحرك بسببه إلى جوانب مختلفة وفترة وسكون إلى ما يستقر عنده ويسكن إليه فبنشاطه يتوجه إلى كلّ جانب، ويتحرك إليه في أخذ دينه وينظر في كلّ ما يجوز كونه مأخذا، ثمّ يستقر عند ما يعتقد صلوحه للمأخذية دون غيره فيفتر به ويسكن إليه فمن كان سكونه إلى السنة وما ينتهي إليها ويجعلها مأخذا ومنتها في الأمور الدينية فقد اهتدى، ومن كان سكونه إلى ما لا يوافق السنة بل يخالفها من البدع فقد غوى « الثاني » أن المراد به

٢٣١

كانت فترته إلى سنة فقد اهتدى ومن كانت فترته إلى بدعة فقد غوى.

١١ - علي بن محمد، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن علي بن حسان ومحمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن علي بن حسان، عن موسى بن بكر، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال كلّ من تعدى السنة رد إلى السنة.

١٢ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن آبائهعليهم‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام السنة سنتان سنة في فريضة الأخذ بها هدى وتركها ضلالة وسنة في غير فريضة

________________________________________________________

أن كلّ واحد من أفراد الناس له قوة وصولة وحركة ونشاط وحرص على تحصيل كماله اللائق به في وقت من أوقات عمرة كما يكون للأكثرين في أيام شبابهم، وله فتور وضعف وسكون وتقاعد عن ذلك في وقت آخر كما يكون للأكثرين في أوان مشيهم، فمن كان فتوره وقراره وسكونه وختام أمره في عبادته إلى سنة فقد اهتدى، وهذا وجه ظاهر، وربما يقرأ شره بالتحريك والتخفيف والهاء فيؤول إلى هذا المعنى: « الثالث » أن يكون الشره إشارة إلى زمان التكليف، والفترة إلى ما قبله، والمعنى: من كانت فترته إلى السنة واستعد للتمسك بها عند البلوغ فقد اهتدى « الرابع » أن من كانت فترته وضعفه لأجل تحمل المشاق الدينية والطاعات الشرعية فقد اهتدى، ولا يخفى بعد الوجهين الأخيرين.

الحديث الحادي عشر: ضعيف.

قولهعليه‌السلام رد إلى السنة، أي يجب على العلماء إظهار بدعته ونهيه عن تلك البدعة لينتهي عنها، ويعمل بما يوافق السنة أو يعمل به ما ورد في السنة من الحدود والتعزيرات والتأديبات كما قيل.

الحديث الثاني عشر: ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام سنة في فريضة: السنة الطريقة المنسوبة إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أو الحديث المروي عنهعليه‌السلام وعلى الأول كونها في فريضة كون العام في خاص من خواصها، أي سنة تكون فريضة، وعلى الثاني فكونها فريضة كونها في بيانها، وقوله: الأخذ بها

٢٣٢

الأخذ بها فضيلة وتركها إلى غير خطيئة.

تم كتاب فضل العلم والحمد لله رب العالمين

وصلى الله على محمّد وآله الطاهرين

________________________________________________________

أي العمل على وفقها، والقول بوجوبها أو مفادها هدى، وتركها قولا وفعلا ضلالة، وقوله وسنة في غير فريضة، يحتمل المعنيين الأولين، وقوله إلى غير خطيئة أي ينتهي إلى غير خطيئة أو هو من غير خطيئة أو هو غير خطيئة لأنّه ترك ما جوز الشارع تركه، ولم يوجب فعله، وأمّا عدم القول به لعدم الاطلاع عليه فليس بخطيئة، وأمّا عدم القول للإنكار بعد ما اطلع على السنة فهو على حد الشرك بالله، كذا ذكره بعض الأفاضل.

٢٣٣

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب التوحيد

________________________________________________________

كتاب التوحيد

اعلم أن التوحيد يطلق على معان أحدها نفي الشريك في الإلهية أي استحقاق العبادة وهي أقصى غاية التذلل والخضوع ولذلك لا يستعمل إلا في التذلل لله تعالى، لأنّه المولى لأعظم النعم بل جميعها ولو بواسطة ووسائط فهو المستحق لأقصى الخضوع وغايته، وأكثر الآيات والأخبار تدل على ذلك، والمخالف في ذلك مشركو العرب وأضرابهم فإنهم بعد علمهم بأن صانع العالم واحد كانوا يشركون الأصنام في عبادته كما قال تعالى( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ ) (١) . وثانيها: نفي الشريك في صانعية العالم كما قال تعالى( رَبِّ الْعالَمِينَ ) وقال تعالى:( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ ) (٢) وأمثالها وخالف في ذلك الثنوية وأضرابهم، وثالثها: ما يشمل المعنيين المتقدمين وتنزيهه عمّا لا يليق بذاته وصفاته تعالى، من النقص والعجز والجهل والتركب والاحتياج والمكان وغير ذلك من الصفات السلبية وتوصيفه بالصفات الثبوتية الكمالية، ورابعها: ما يشمل تلك المعاني وتنزيهه سبحانه عمّا يوجب النقص في أفعاله أيضاً من الظلم وترك اللطف وغيرهما، وبالجملة كلّ ما يتعلّق به سبحانه ذاتا وصفاتا وأفعالا إثباتا ونفيا، والظاهر أن المراد هنا هذا المعنى.

__________________

(١) - سورة لقمان: ٢٥.

(٢) - سورة الإسراء: ١١١.

٢٣٤

باب

حدوث العالم وإثبات المحدث

١ - أخبرنا أبو جعفر محمّد بن يعقوب قال حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الحسن بن إبراهيم، عن يونس بن عبد الرحمن، عن علي بن منصور

________________________________________________________

باب حدوث العالم وإثبات المحدث

أقول: أراد بالعالم ما سوى الله تعالى، والمراد بحدوثه كونه مسبوقاً بالعدم وكون زمان وجوده متناهياً في جانب الأول، وقد اختلف الناس فيه فذهب جميع المليين من المسلمين واليهود والنصارى والمجوس إلى أنها حادثة بذواتها وصفاتها وأشخاصها وأنواعها، وذهب أكثر الفلاسفة إلى قدم العقول والنفوس والأفلاك بموادها وصورها وقدم هيولى العناصر، وإليه ذهبت الدهرية والناسخية ولما لم يكن في صدر الإسلام مذاهب الفلاسفة شايعة بين المسلمين، وكان معارضة المسلمين في ذلك مع الملاحدة المنكرين للصانع كانوا يكتفون غالباً في إثبات هذا المدعى بإثبات الصانع، مع أنه كان مقرراً عندهم أن التأثير لا يعقل في القديم، ويحتمل أن يكون غرضه من عقد هذا الباب حدوث العالم ذاتا، واحتياجه بجميع أجزائه إلى المؤثر لكن هذا لا يدل على عدم قولهم بالحدوث الزماني، بمعنى نفي عدم تناهي وجود العالم من طرف الأزل، ولا على عدم ثبوته بالدلائل، فإن ذلك مما أطبق عليه المليون ودلت عليه الآيات المتكاثرة والأحاديث المتواترة الصريحة في ذلك، وعدم القول بذلك مستلزم لإنكار ما ورد في الآيات والأخبار من فناء الأشياء وخرق السماوات وانتشار الكواكب بل المعاد الجسماني، وقد فصلنا الكلام في ذلك في كتاب السماء والعالم من كتاب بحار الأنوار، وسنشير في ضمن الأخبار الدالة على هذا المطلوب عند شرحها إلى ذلك.

الحديث الأول مجهول.

٢٣٥

قال قال لي هشام بن الحكم كان بمصر زنديق تبلغه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أشياء فخرج إلى المدينة ليناظره فلم يصادفه بها وقيل له إنه خارج بمكة فخرج إلى مكة ونحن مع أبي عبد الله فصادفنا ونحن مع أبي عبد اللهعليه‌السلام في الطواف وكان اسمه عبد الملك وكنيته أبو عبد الله فضرب كتفه كتف أبي عبد اللهعليه‌السلام فقال له أبو عبد اللهعليه‌السلام ما اسمك فقال اسمي عبد الملك قال فما كنيتك قال كنيتي أبو عبد الله فقال له أبو عبد اللهعليه‌السلام فمن هذا الملك الّذي أنت عبده أمن ملوك الأرض أم من ملوك

________________________________________________________

قوله: كان بمصر زنديق: قال في القاموس الزنديق بالكسر من الثنوية القائل بالنور والظلمة أو من لا يؤمن بالآخرة وبالربوبية أو من يبطن الكفر ويظهر الإيمان أو هو معرب زن دين، أي دين المرأة « انتهى » وقيل: إنه معرب زنده لأنهم يقولون بدوام الدهر، وقيل: معرب زندي منسوب إلى زند كتاب زردشت، والظاهر أن المراد به هنا من لا يقر بالصانع تعالى.

قوله: أشياء: أي مما يدل على كمال علمه واحتجاجه على الزنادقة وغيرهم وعجزهم عن مقاومته.

قوله: بمكة: أي مقيما بها، أو الباء بمعنى « إلى » وقولهعليه‌السلام كتفه، منصوب بنزع الخافض، أي بكتفه.

قولهعليه‌السلام فمن هذا الملك: لعلهعليه‌السلام سلك في الاحتجاج عليه أولا مسلك الجدال، لكسر سورة إنكاره، ثمّ نزله عن الإنكار إلى الشك، ثمّ أقام البرهان له عملا بما أمر الله تعالى به نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قوله:( وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) (١) فهذا هو الجدال لابتنائه على ما هو المشهور عند الناس من أن الاسم مطابق للمسمى، ويحتمل أن يكون على سبيل المطايبة والمزاح لبيان عجزه عن فهم الواضحات، وقصوره عن رد أو هن الشبهات، ويمكن أن يكون منبها على ما ارتكز في العقول من الإذعان بوجود الصانع وإن أنكروه ظاهراً للمعاندة والأغراض الفاسدة، لأنّ كل

__________________

(١) سورة النحل: ١٢٥.

٢٣٦

السماء وأخبرني عن ابنك عبد إله السماء أم عبد إله الأرض قل ما شئت تخصم قال هشام بن الحكم فقلت للزنديق أمّا ترد عليه قال فقبح قولي فقال أبو عبد الله

________________________________________________________

أحد إذا خلى نفسه عن الأغراض الفاسدة والوساوس الشيطانية عرف أن له من يفزع إليه ويتكل عليه في الشدائد والمضايق ويرجو منه النجاة في المحن والمصائب، وذلك إلهه وعلته الأولى، وموجده وصانع السماوات والأرضين وما فيهن، إلا أنه لضعف علمه لا يعلمه إلا بآنيته على سبيل الإجمال، ولا يعرف ما له من صفات الكمال، كما نبه الله سبحانه عباده بذلك حيث قال( إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً ) (١) ونبه الصادقعليه‌السلام زنديقاً ثمّ شرععليه‌السلام في إزالة إنكار الخصم وإخراجه منه إلى الشك لتستعد نفسه لقبول الحقّ فأزال إنكاره بأنه غير عالم بما في تحت الأرض، وليس له سبيل إلى الجزم بأن ليس تحتها شيء ثمّ زاده بيانا بأن السماء الّتي لم يصعدها كيف تكون له المعرفة بما فيها وما ليس فيها، وكذا المشرق والمغرب، فلما عرف قبح إنكاره وتنزل عنه وأقر بالشك بقوله: ولعل ذلك، أخذعليه‌السلام في هدايته وقال: ليس للشاك دليل، ولا للجاهل حجة، فليس لك إلا طلب الدليل فأقام له الدليل والبرهان، وبين الحقّ له بأوضح البيان والمراد بملوك السماء الملائكة أو من كان خارجاً عن السماء والأرض مدبراً لهما، والإتيان بصيغة الجمع لأنّه ليس المقام مقام إثبات التوحيد بل إثبات الصانع، أو الغرض رد الاحتمالات المحتملة في بادئ النظر، ولا يلزم تحقق كلها.

قولهعليه‌السلام تخصم: على بناء المفعول أي إن تقل ما شئت تصير مخصوما مغلوباً بقولك وقراءته على بناء الفاعل أي تخصم نفسك لأنّ في نفسك ليس شيء من الشقين كما قيل بعيد.

قوله فقبح قولي: على بناء المجرد أي كان كلامي حضورهعليه‌السلام بغير إذنه قبيحا أو على بناء التفعيل أي عد الزنديق قولي قبيحا، ويحتمل حينئذ إرجاع ضمير

__________________

(١) سورة الإسراء: ٦٧.

٢٣٧

إذا فرغت من الطواف فأتنا فلما فرغ أبو عبد الله أتاه الزنديق فقعد بين يدي أبي عبد الله ونحن مجتمعون عنده فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام للزنديق أتعلم أن للأرض تحتا وفوقاً قال نعم قال فدخلت تحتها قال لا قال فما يدريك ما تحتها قال لا أدري إلا أني أظن أن ليس تحتها شيء فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام فالظن عجز لما لا تستيقن ثمّ قال أبو عبد الله أفصعدت السماء قال لا قال أفتدري ما فيها قال لا قال عجباً لك لم تبلغ المشرق ولم تبلغ المغرب ولم تنزل الأرض ولم تصعد السماء ولم تجز هناك فتعرف ما خلفهن وأنت جاحد بما فيهن وهل يجحد العاقل ما لا يعرف قال الزنديق ما كلمني بهذا أحد غيرك فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام فأنت من ذلك في شك فلعله هو ولعله ليس هو فقال الزنديق ولعل ذلك فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام :

________________________________________________________

الفاعل إليهعليه‌السلام .

قولهعليه‌السلام لما لا تستيقن: كذا في بعض النسخ بصيغة الخطاب وفي بعضها بصيغة الغيبة، وفي بعضها لمن لا يستيقن، وفي توحيد الصدوق ما لم تستيقن بصيغة الخطاب فعلى الأول نسبة العجز إلى الموصول على المجاز، وعلى الثاني إمّا على بناء الفاعل بإرجاع الضمير إلى الظان المعلوم بقرينة المقام والإسناد كما تقدم، أو على بناء المفعول وهو أظهر، وعلى الثالث قيل: يعني من استيقن شيئاً فيقول أظنه لمصلحة تقتضي ذلك فليس بعاجز في معرفته، إنما العجز لغير المتيقن ولا يخفى عدم الحاجة إلى هذا التكلف.

قولهعليه‌السلام عجباً لك ...نصبه على المصدر أي عجبت عجباً لك، أو على النداء أي يا عجباً لك.

قولهعليه‌السلام ولم تجز هناك: أي لم تجز السماوات فتعرف الّذي خلقهن، وما قيل: من أنه إشارة إلى مكة أي هي غاية سفرك أو المعمور من الأرض فلا يخفى بعدهما.

قولهعليه‌السلام لعل ذلك: تصديق للشك على سبيل الشك للمصلحة، أو المراد أنه لعله لا يكون الصانع أي الشك لا ينفعكم توهما منه أنهعليه‌السلام يكتفي بذلك

٢٣٨

أيها الرجل ليس لمن لا يعلم حجة على من يعلم ولا حجة للجاهل يا أخا أهل مصر تفهم عني فإنا لا نشك في الله أبداً أمّا ترى الشمس والقمر والليل والنهار يلجان

________________________________________________________

لإثبات الصانع تعالى.

قولهعليه‌السلام أمّا ترى الشمس والقمر؟: استدلعليه‌السلام على إثبات الصانع المجرد المنزه عن مشابهة المصنوعات بوجوه ثلاثة: هذا أو لها، وهو لبيان إبطال ما زعموه من استناد الحوادث السفلية إلى الدورات الفلكية وعدم احتياجها إلى علة أخرى سوى ذواتها.

قولهعليه‌السلام والليل والنهار: الظاهر أن الواو في قوله والليل للعطف، والولوج والرجوع متعلّقان بالشمس والقمر والليل والنهار جميعا، إمّا على البدلية أو بأخذ الأوّلين واحداً والثانيين واحدا، ويلجان ثاني مفعولي ترى، أو حال وقد اضطراً مفعول وعلى الأول قد اضطراً حال، ويحتمل الحالية فيهما بأن يكون الرؤية بمعنى النظر، ويحتمل أن يكون الواو في قوله: والليل، للحال فيكون قد اضطراً مفعولاً ثانياً والمراد بولوج الشمس والقمر غروبهما أو دخولهما بالحركات الخاصة في بروجهما، وبولوج الليل والنهار دخول تمام كلّ منهما في الآخر، أو دخول بعض من كلّ منهما في الآخر بحسب الفصول، وقوله فلا يشتبهان أي لا يشتبه قدرهما بالدخول والخلط بل محفوظ على نسق واحد حتّى يعوداً مثل ما كانا عليه، وحاصل الاستدلال أن لهذه الحركات انضباطا واتساقاً واختلافا وتركبا، فالانضباط يدل على عدم كونها إرادية كما هو المشاهد من أحوال ذوي الإرادات من الممكنات، والاختلاف يدل على عدم كونها طبيعية فإن الطبيعة العادمة للشعور لا تختلف مقتضياتها، كما نشاهد من حركات العناصر، كما قالوا إنّ الطبيعة الواحدة لا تقتضي التوجه إلى جهة والانصراف عنها، ويمكن أن يقال حاصل الدليل راجع إلى ما يحكم به الوجدان من أن مثل تلك الأفعال المحكمة المتقنة الجارية على قانون الحكمة لا يمكن صدورها عن الدهر والطبائع العادمة للشعور والإرادة، وهذا أظهر معنى، وإن كان الأول

٢٣٩

فلا يشتبهان ويرجعان قد اضطراً ليس لهما مكان إلا مكانهما فإن كانا يقدران على أن يذهباً فلم يرجعان وإن كانا غير مضطرين فلم لا يصير الليل نهاراً والنهار

________________________________________________________

أظهر لفظا، وحاصل الاستدلال على الأول على ما ذكره بعض المحققين أنه لا شك في حركات المتحركات من العلويات حركات ليست طبيعية للمتحرك بها(١) للانصراف عمّا يتحرك إليه، ولا إرادية للمتحرك لانضباطها ودوامها وانخفاضها الدالة على عدم اختلاف أحوال المتحرك بالحركة من النشاط والكلال، وحدوث ميل وغيرها الّتي يتحدس منها بكونها غير إرادية للمتحرك، وكلما وجدت الحركة كان المحرك لها موجوداً لأنّ ما يخرج من العدم إلى الوجود لا يمكن أن يخرج بنفسه، بل يحتاج إلى موجد موجود مباين له، لأنّ ما لا يكون موجوداً فيصير موجوداً لا يمكن أن يحصل له الوجود إلا بمحصل وسبب لاتصافه به ولا يجوز أن يكون ذلك المحصل للوجود ماهيته الخالية عن الوجود، لأنّ إعطاء الوجود لا يتصور من غير الموجود، وإذ ليست طبيعية، أو إرادية للمتحرك فلهما محرك يضطره إلى الحركة، والقاهر الّذي أضطره إلى الحركة أقوى منه وأحكم، لأنّ الضعيف لا يمكنه قهر القوي فلا يكون حالاً في المتحرك محتاجاً إليه وأكبر من أن يحاط بالمتحرك أو يحصر فيه، أو أن يتصف بمثل صفته الاضطرارية ولا بد أن ينتهي إلى محرك لا يكون جسماً، لأنّ الجسم لا يحرك الجسم إلا بالمجاورة والحركة، أو إحداث محرك في المتحرك، وإذ قد عرفت أن المحرك ليس في المتحرك

__________________

(١) توضيحه أنّ للحركة الطبيعية هرب عن حالة منافرة وطلب لحالة ملائمة، وكلّ من الطلب والهرب في الحركة المستديرة محال، أمّا أنّه لا يمكن أن يكون تلك الحركة هرباً فلأنّ ترك كلّ نقطة أو وضع في الحركة المستديرة وهربه عن كلّ منهما عين التوجه إلى تلك النقطة أو إلى مثل ذلك الوضع والهرب عن الشيء بالطبع استحال أن يكون توجها إليه وأمّا أنّه لا يكون طلباً لحالة ملائمة فلأنّ طلب كلّ نقطة أو وضع في الحركة المستديرة والتوجه إلى كلّ منهما عين تركه وهربه عن تلك النقطة أو عن مثل ذلك الوضع والتوجه إلى الشيء بالطبع استحال أن يكون هرباً عنه، ولأن الطبيعة إذا وصلت الجسم بالحركة إلى الحالة المطلوبة سكنته وحينئذ يلزم دوام الليل أو دوام النهار وصيرورة أحدهما ( كذا ) ( منه ره ).

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

عن أبي جعفرعليه‌السلام قال العبد إذا أقر على نفسه عند الإمام مرة أنه قد سرق قطعه والأمة إذا أقرت على نفسها بالسرقة قطعها.

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال السارق إذا جاء من قبل نفسه تائبا إلى الله عز وجل ورد سرقته على صاحبها فلا قطع عليه.

٩ ـ ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال من أقر على نفسه عند الإمام بحق أحد من حقوق المسلمين فليس على الإمام أن يقيم عليه الحد الذي أقر به عنده حتى يحضر صاحب حق الحد أو وليه فيطلبه بحقه.

( باب )

( قيمة ما يقطع فيه السارق )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قطع أمير المؤمنينعليه‌السلام في بيضة قلت وما بيضة قال بيضة قيمتها ربع دينار وقلت هو أدنى حد السارق فسكت.

الحديث الثامن : حسن.

الحديث التاسع : صحيح.

باب قيمة ما يقطع فيه السارق

الحديث الأول : موثق.

وقال في المسالك : لا خلاف بين الأصحاب في اشتراط النصاب في القطع ، واختلف في قدره فالمشهور بينهم أنه ربع دينار من الذهب الخالص المضروب بسكة المعاملة ، أو ما قيمته ربع دينار ، واعتبر ابن أبي عقيل دينارا فصاعدا ، وقال الصدوق : يقطع في خمس دينار أو في قيمة ذلك ، ويظهر من ابن الجنيد الميل إليه ، والمذهب هو الأول.

٣٤١

٢ ـ عنه ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا يقطع يد السارق إلا في شيء تبلغ قيمته مجنا وهو ربع دينار.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا يقطع يد السارق حتى تبلغ سرقته ربع دينار وقد قطع علي صلوات الله عليه في بيضة حديد قال علي وقال أبو بصير سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن أدنى ما يقطع فيه السارق فقال في بيضة حديد قلت وكم ثمنها قال ربع دينار.

٤ ـ علي ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن محمد بن حمران وعن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج جميعا ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال أدنى ما يقطع

الحديث الثاني : صحيح.

وفي القاموس :المجن والمجنة بكسرهما الترس.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

الحديث الرابع : حسن كالصحيح.

وهذا الخبر الآتي يدلان على ما ذهب إليه الصدوق وابن الجنيد ، ولعله أقوى دليلا من المشهور ، لكون الأخبار الواردة فيه أقوى سندا وأبعد من موافقة العامة ، إذ الأشهر بينهم هو ربع الدينار ، ولم أر قائلا منهم بالخمس ، ولو كان فيهم قائل به كان نادرا ، فحمل أخبار الربع على التقية أولى من حمل أخبار الخمس على التقية كما فعله الشيخ في التهذيب(١) ، مع أن السكوت في خبر سماعة وغيره يشعر بالتقية.

قال محيي السنة : روي عن عائشة « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : القطع في ربع دينار فصاعدا »(٢) ثم قال : هذا حديث متفق على صحته ، وروي أيضا عن ابن عمر « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قطع سارقا في مجن ثمنه ثلاثة دراهم »(٣) ثم قال : اختلف أهل العلم فيما يقطع فيه يد السارق؟ فذهب أكثرهم إلى حديث عائشة ، روي ذلك عن

__________________

(١) التهذيب ج ١٠ ص ١٠٢.

(٢) سنن أبي داود ج ٤ ص ١٣٦ ح ٤٣٨٤.

(٣) سنن أبي داود ج ٤ ص ١٣٦ ح ٤٣٨٥.

٣٤٢

فيه يد السارق خمس دينار.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن بعض أصحابه ، عن أبان بن عثمان ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال أقل ما يقطع فيه الرجل خمس دينار.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام في كم يقطع السارق فقال في ربع دينار قال قلت له في درهمين فقال في ربع دينار بلغ الدينار ما بلغ قال فقلت له أرأيت من سرق أقل من ربع دينار هل يقع عليه حين سرق اسم السارق وهل هو عند الله سارق في تلك الحال فقال كل من سرق من مسلم شيئا قد حواه وأحرزه فهو يقع عليه اسم السارق وهو عند الله سارق ولكن لا يقطع إلا في ربع دينار أو أكثر ولو قطعت أيدي السراق فيما هو أقل من ربع دينار لألفيت عامة الناس مقطعين.

أبي بكر وعمر وعثمان وعليعليه‌السلام وعائشة ، وهو قول عمر بن عبد العزيز والأوزاعي والشافعي.

وقال مالك : نصابها ثلاثة دراهم ، وقال أحمد إن سرق ذهبا فربع دينار ، وإن سرق فضة فثلاثة دراهم ، وإن سرق متاعا فإذا بلغت قيمتها ثلاثة دراهم أو ربع دينار ، وذهب قوم إلى أنه لا يقطع في أقل من دينار أو عشرة دراهم ، روي ذلك عن ابن مسعود وإليه ذهب الثوري وأصحاب الرأي ، وقال قوم : لا يقطع إلا في خمسة دراهم انتهى ، فظهر أن خمس الدينار أبعد الأقوال عما ذهبوا إليه والله يعلم.

الحديث الخامس : مرسل.

الحديث السادس : صحيح.

٣٤٣

( باب )

( حد القطع وكيف هو )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له من أين يجب القطع فبسط أصابعه وقال من هاهنا يعني من مفصل الكف.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال القطع من وسط الكف ولا يقطع الإبهام وإذا قطعت الرجل ترك العقب لم يقطع.

٣ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان بن عثمان ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال كان علي صلوات الله عليه لا يزيد على قطع اليد والرجل ويقول إني لأستحيي من ربي أن أدعه ليس له ما يستنجي به أو يتطهر به قال وسألته إن هو سرق بعد قطع اليد والرجل فقال أستودعه السجن أبدا وأغني عن الناس شره.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن

باب حد القطع وكيف هو

الحديث الأول : صحيح.

قوله « من مفصل الكف » أي المفصل التي بين الكف والأصابع ، فإن المشهور بين الأصحاب أنه يقطع الأصابع الأربع من اليد اليمنى أولا ، ويترك له الراحة والإبهام ، ولو سرق ثانيا قطعت رجله اليسرى من مفصل القدم يترك له العقيب يعتمد عليها ، فإن سرق ثالثة حبس دائما ، ولو سرق بعد ذلك قتل.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث : مرسل كالموثق.

الحديث الرابع : حسن كالصحيح.

٣٤٤

ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام في السارق إذا سرق قطعت يمينه وإذا سرق مرة أخرى قطعت رجله اليسرى ثم إذا سرق مرة أخرى سجنته وتركت رجله اليمنى يمشي عليها إلى الغائط ويده اليسرى يأكل بها ويستنجي بها وقال إني لأستحيي من الله أن أتركه لا ينتفع بشيء ولكني أسجنه حتى يموت في السجن وقال ما قطع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من سارق بعد يده ورجله.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن القاسم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل سرق فقال سمعت أبي يقول أتي عليعليه‌السلام في زمانه برجل قد سرق فقطع يده ثم أتي به ثانية فقطع رجله من خلاف ثم أتي به ثالثة فخلده في السجن وأنفق عليه من بيت مال المسلمين وقال هكذا صنع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا أخالفه.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن شعيب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قطع رجل السارق بعد قطع اليد ثم لا يقطع بعد فإن عاد حبس في السجن وأنفق عليه من بيت مال المسلمين.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام في رجل أمر به أن يقطع يمينه فقدمت شماله فقطعوها وحسبوها يمينه وقالوا إنما قطعنا شماله أتقطع يمينه قال فقال لا يقطع يمينه وقد قطعت شماله وقال

الحديث الخامس : مجهول.

الحديث السادس : صحيح.

الحديث السابع : حسن كالصحيح.

قوله عليه‌السلام : « لا يقطع يمينه » أقول : المشهور بين الأصحاب أن مع علم الحداد عليه القصاص ، ولا يسقط قطع اليمين بالسرقة ، ولو ظنها اليمين فعلى الحداد الدية وهل يسقط قطع اليمين قال في المبسوط : لا ، لتعلق القطع بها قبل ذهابها ، وهذه

٣٤٥

في رجل أخذ بيضة من المغنم وقالوا قد سرق اقطعه فقال إني لم أقطع أحدا له فيما أخذ شرك.

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران قال قال إذا أخذ السارق قطعت يده من وسط الكف فإن عاد قطعت رجله من وسط القدم فإن عاد استودع السجن فإن سرق في السجن قتل.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل سرق سرقة فكابر عنها فضرب فجاء بها بعينها هل يجب عليه القطع قال نعم ولكن لو اعترف ولم يجئ بالسرقة لم تقطع يده لأنه اعترف على العذاب.

١٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي قال

الرواية المعتبرة يدل على السقوط كما اختاره في المختلف ،قوله عليه‌السلام : « إني لم أقطع » أقول : عمل بمضمونها المفيد وسلار من المتقدمين وفخر الدين من المتأخرين إلى أنه إن زاد ما سرق عن نصيبه بقدر النصاب قطع وإلا فلا ، ويدل عليه صحيحة عبد الله بن سنان(١) قال في المسالك : وفيها دلالة على أن الغانم يملك نصيبه من الغنيمة بالحيازة أو على أن القسمة كاشفة عن سبق ملكه بها ، وفي المسألة رواية أخرى بقطعه مطلقا.

الحديث الثامن : موثق.

الحديث التاسع : حسن.

وقال في الشرائع : لو أقر مكرها لا يثبت به حد ، ولا غرم فلو رد السرقة بعينها بعد الإقرار بالضرب قال في النهاية : يقطع ، وقال : بعض الأصحاب : لا يقطع لتطرق الاحتمال إلى الإقرار إذ من الممكن أن يكون المال في يده من غير جهة السرقة ، وهذا حسن.

أقول : واختار الأخير ابن إدريس ، والعلامة في أكثر كتبه.

الحديث العاشر : حسن.

__________________

(١) الوسائل ج ١٨ ص ٥١٩ ح ٤.

٣٤٦

سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل ثقب بيتا فأخذ قبل أن يصل إلى شيء قال يعاقب فإن أخذ وقد أخرج متاعا فعليه القطع قال وسألته عن رجل أخذوه وقد حمل كارة من ثياب وقال صاحب البيت أعطانيها قال يدرأ عنه القطع إلا أن يقوم عليه البينة فإن قامت البينة عليه قطع قال ويقطع اليد والرجل ثم لا يقطع بعد ولكن إن عاد حبس وأنفق عليه من بيت مال المسلمين.

١١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في السارق إذا أخذ وقد أخذ المتاع وهو في البيت لم يخرج بعد فقال ليس عليه القطع حتى يخرج به من الدار.

١٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن بكير بن أعين ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في رجل سرق فلم يقدر عليه ثم سرق مرة أخرى فلم يقدر عليه وسرق مرة أخرى فأخذ فجاءت البينة فشهدوا عليه بالسرقة الأولى والسرقة الأخيرة فقال تقطع يده بالسرقة الأولى ولا تقطع رجله بالسرقة الأخيرة فقيل كيف ذاك فقال لأن الشهود شهدوا جميعا في مقام

وفي الصحاح :الكارة : ما يحمل على الظهر من الثياب.

الحديث الحادي عشر : ضعيف على المشهور.

الحديث الثاني عشر : حسن.

وقال في المسالك : إذا تكررت السرقة ولم يرافع بينهما فعليه حد واحد لأنه حد فيتداخل أسبابه لو اجتمعت كغيره من الحدود ، وهل القطع بالأولى أو الأخيرة قولان : جزم المحقق بالثاني ، والعلامة بالأول ويظهر فائدة القولين فيما لو عفي من حكم بالقطع لأجله ، والحق أنه يقطع على كل حال حتى لو عفا أحدهما قطع بالآخر لأن كل واحدة منهما سبب تام ، هذا إذا أقر بهما دفعة ، أو قامت البينة بهما كذلك ، أما لو شهدت البينة عليه بواحدة ثم أمسكت ثم شهدت أو غيرها عليه بأخرى قبل القطع ، ففي التداخل قولان : أقر بهما عدم تعدد القطع كالسابق ، ولو

٣٤٧

واحد بالسرقة الأولى والأخيرة قبل أن يقطع بالسرقة الأولى ولو أن الشهود شهدوا عليه بالسرقة الأولى ثم أمسكوا حتى يقطع ثم شهدوا عليه بالسرقة الأخيرة قطعت رجله اليسرى.

١٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي إبراهيمعليه‌السلام قال تقطع يد السارق ويترك إبهامه وصدر راحته وتقطع رجله وتترك له عقبه يمشي عليها.

١٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام أتي أمير المؤمنينعليه‌السلام برجال قد سرقوا فقطع أيديهم ثم قال إن الذي بان من أجسادكم قد وصل إلى النار فإن تتوبوا تجروها وإن لم تتوبوا تجركم.

١٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن منصور بن حازم ، عن سليمان بن خالد قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا سرق السارق قطعت يده وغرم ما أخذ.

١٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن

أمسكت الثانية حتى قطع بالأولى ثم شهدت ففي ثبوت قطع رجله بالثانية قولان أيضا ، وأولى بالثبوت لو قيل به ثم ، ويؤيده رواية بكير ، وتوقف ابن إدريس والمحقق في ذلك وله وجه مراعاة للاحتياط.

الحديث الثالث عشر : موثق.

الحديث الرابع عشر : موثق.

الحديث الخامس عشر : صحيح.

الحديث السادس عشر : صحيح.

وقال في الشرائع : لا يقطع اليسار مع وجود اليمين بل يقطع اليمين ولو كانت شلاء ، وكذا لو كانت اليسار شلاء ، أو كانتا شلاوين قطعت اليمنى على التقديرين وقال في المسالك : ما ذكره من قطع اليمين ولو كانت شلاء مذهب الشيخ في النهاية وجماعة أخذا بعموم الأدلة وخصوص صحيحة ابن سنان.

٣٤٨

سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل أشل اليد اليمنى أو أشل اليد الشمال سرق قال تقطع يده اليمنى على كل حال.

١٧ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن عبد الله بن هلال ، عن أبيه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له أخبرني عن السارق لم تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى ولا تقطع يده اليمنى ورجله اليمنى فقالعليه‌السلام ما أحسن ما سألت إذا قطعت يده اليمنى ورجله اليمنى سقط على جانبه الأيسر ولم يقدر على القيام فإذا قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى اعتدل واستوى قائما قلت له جعلت فداك وكيف يقوم وقد قطعت رجله قال إن القطع ليس من حيث رأيت يقطع إنما يقطع الرجل من الكعب ويترك من قدمه ما يقوم عليه يصلي ويعبد الله قلت له من أين تقطع اليد قال تقطع الأربع أصابع وتترك الإبهام يعتمد عليها في الصلاة ويغسل بها وجهه للصلاة قلت فهذا القطع من أول من قطع قال قد كان عثمان بن عفان حسن ذلك لمعاوية.

وقال في المبسوط : إن قال أهل العلم بالطب أن الشلاء متى قطعت بقيت أفواه العروق مفتحة كانت كالمعدومة ، وإن قالوا : يندمل قطعت الشلاء ، ووافقه القاضي والعلامة في المختلف ، وأما إذا كانت اليسار شلاء واليمين صحيحة فقطع اليمين هو مقتضى الأدلة ، وقال ابن الجنيد : إن كانت يساره شلاء لم يقطع يمينه ولا رجله ، وكذا لو كانت يده اليسرى مقطوعة في قصاص فسرق لم يقطع يمينه ، وحبس في هذه الأحوال وأنفق عليه من بيت المال إن كان لا مال له ، لرواية المفضل بن صالح ، ومنه يظهر عدم القطع لو كانتا شلاوين بطريق الأولى.

الحديث السابع عشر : مجهول.

وقال الوالد العلامة (ره) : الظاهر أن الغرض أنه إذا قطعتا من جانب واحد يضر بالبدن بحيث يصير مزمنا غالبا ، أو المراد بالسقوط أن الإنسان سيما مثل هذا إذا أراد القيام فهو يعتمد على العضو الصحيح ، فإذا حصل للبدن مثل هذا الضعف وأراد القيام واعتمد على اليسرى يسقط عليها ، وهو كذلك في الغالب مع أنهعليه‌السلام إنما

٣٤٩

( باب )

( ما يجب على الطرار والمختلس من الحد )

١ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي بصير ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال سمعته يقول قال أمير المؤمنينعليه‌السلام لا أقطع في الدغارة المعلنة وهي الخلسة ولكن أعزره.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام في رجل اختلس ثوبا من السوق فقالوا قد سرق هذا الرجل فقال إني لا أقطع في الدغارة المعلنة ولكن أقطع يد من يأخذ ثم يخفي.

٣ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن عدة من أصحابنا ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ليس على الذي يستلب

يحكم(١) معه على قدر عقله.

باب فيما يجب على الطرار والمختلس من الحد

الحديث الأول : موثق.

وقال في النهاية : في حديث عليعليه‌السلام « لا قطع في الدغرة » قيل : هي الخلسة وهي من الدفع ، لأن المختلس يدفع نفسه على الشيء يستلبه انتهى ، وقال في الروضة لا يقطع المختلس وهو الذي يأخذ المال خفية من غير الحرز ، ولا المستلب وهو الذي يأخذه جهرا ويهرب مع كونه غير محارب ، ولا المحتال على أخذ الأموال بالرسائل الكاذبة ونحوها ، بل يعزر كل واحد منهم بما يراه الحاكم ، لأنه فعل محرم لم ينص الشارع على حده.

الحديث الثاني : حسن كالصحيح.

الحديث الثالث : مرسل كالموثق.

__________________

(١) كذا في النسخ والظاهر « لا يتكلم معه ».

٣٥٠

قطع وليس على الذي يطر الدراهم من ثوب الرجل قطع.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال قال من سرق خلسة اختلسها لم يقطع ولكن يضرب ضربا شديدا.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أتي أمير المؤمنينعليه‌السلام بطرار قد طر دراهم من كم رجل قال فقال إن كان قد

وفي الصحاح :الطر : الشق والقطع ، ومنه الطرار.

الحديث الرابع : موثق.

وقال في النهاية : في الحديث« ليس في النهبة ولا في الخلسة قطع » أي ما يؤخذ سلبا ومكابرة.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

وقال الشهيدان في اللمعة وشرحها : الجيب والكم الباطنان حرز لا الظاهران والمراد بالجيب الظاهر ما كان في ظاهر الثوب الأعلى ، والباطن ما كان في باطنه أو في ثوب داخل مطلقا ، وأما الكم الظاهر فقيل : المراد به ما كان معقودا في خارجه لسهولة قطع السارق له ، فيسقط ما في داخله ولو في وقت آخر ، وبالباطن ما كان معقودا من داخل كم الثوب الأعلى أو في الثوب الذي تحته مطلقا.

وقال الشيخ في الخلاف : المراد بالجيب الباطن ما كان فوقه قميص آخر ، وكذا الكم سواء شده في الكم من داخل أو من خارج.

وفي المبسوط اختار في الكم عكس ما ذكرناه ، فنقل عن قوم أنه إن جعلها في جوف الكم وشدها من خارج فعليه القطع ، وإن جعلها من خارج وشدها من داخل فلا قطع ، وقال : وهو الذي يقتضيه مذهبنا ، والأخبار في ذلك مطلقة في اعتبار الثوب الأعلى والأسفل ، فيقطع في الثاني دون الأول وهو موافق للخلاف ، ومال إليه في المختلف : وجعله المشهور ، وهو في الحكم حسن ، أما في الجيب فلا ينحصر الباطن منه فيما كان فوقه ثوب آخر بل يصدق به ، وبما كان في باطن الثوب الأعلى كما قلناه.

٣٥١

طر من قميصه الأعلى لم أقطعه وإن كان طر من قميصه الداخل قطعته.

٦ ـ علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام أربعة لا قطع عليهم المختلس والغلول ومن سرق من الغنيمة وسرقة الأجير فإنها خيانة.

٧ ـ وبهذا الإسناد أن أمير المؤمنينعليه‌السلام أتي برجل اختلس درة من أذن جارية قال هذه الدغارة المعلنة فضربه وحبسه.

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن مسمع أبي سيار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أن أمير المؤمنينعليه‌السلام أتي بطرار قد طر من رجل من ردنه دراهم قال إن كان طر من قميصه الأعلى لم نقطعه وإن كان طر من قميصه الأسفل قطعناه.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « والغلول ومن سرق من الغنيمة » يمكن أن يكون المراد بالغلول مطلق الخيانة أو السرقة قبل الحيازة ، وبما بعده السرقة بعدها ، قال في النهاية :

الغلول هو الخيانة في المغنم والسرقة من الغنيمة قبل القسمة ، وكل من خان في شيء خفية فقد غل انتهى.

ثم اعلم أنه يمكن حمل بعض أخبار عدم القطع على ما إذا لم يكن محرزا كما هو الغالب فيها ، وأخبار القطع على ما إذا نقلت إلى الحرز ، والله يعلم وقد تقدم القول فيه.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور.

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.

وفي الصحاح :الردن بالضم : أصل الكم.

٣٥٢

( باب )

( الأجير والضيف )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال في رجل استأجر أجيرا فأقعده على متاعه فسرقه قال هو مؤتمن وقال في رجل أتى رجلا فقال أرسلني فلان إليك لترسل إليه بكذا وكذا فأعطاه وصدقه فلقي صاحبه فقال له إن رسولك أتاني فبعثت إليك معه بكذا وكذا فقال ما أرسلته إليك وما أتاني بشيء وزعم الرسول أنه قد أرسله وقد دفعه إليه فقال إن وجد عليه بينة أنه لم يرسله قطعت يده ومعنى ذلك أن يكون الرسول قد أقر مرة أنه لم يرسله وإن لم يجد بينة فيمينه بالله ما أرسله ويستوفي الآخر من الرسول المال قلت أرأيت إن زعم أنه إنما حمله على ذلك الحاجة فقال يقطع لأنه سرق مال الرجل.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن موسى بن بكر ، عن علي بن سعيد قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل اكترى حمارا ثم أقبل به إلى أصحاب

باب الأجير والضيف

الحديث الأول : حسن. ونسب في المختلف القول بمضمونه إلى الصدوق ، وأجاب بأنه محمول على ما إذا اعتاد ذلك ، فإن للإمام أن يعزره ويؤدبه بما يراه رادعا له ولغيره ، فجاز أن يكون للإمام أن يقطعه جمعا بين الأدلة ، قوله « ومعنى ذلك » لعله من كلام الكليني أدخله بين الخبر لتصحح شهادة النفي ، وهو غير منحصر فيما ذكره إذ يمكن أن يكون ادعى إرساله في وقت محصور يمكن للشاهد الاطلاع على عدمه ، ولعله ذكره على سبيل التمثيل ، وقال الشهيد الثاني (ره) في الروضة : حمل الشيخ هذا الخبر على أن قطعه حدا للإفساد لا لأنه سارق ، مع أن الرواية صريحة في قطعه للسرقة انتهى ، وفيه كلام لا يخفى.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

٣٥٣

الثياب فابتاع منهم ثوبا أو ثوبين وترك الحمار فقال يرد الحمار على صاحبه ويتبع الذي ذهب بالثوبين وليس عليه قطع إنما هي خيانة.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يستأجر أجيرا فيسرق من بيته هل تقطع يده قال هذا مؤتمن ليس بسارق هذا خائن.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال الضيف إذا سرق لم يقطع وإن أضاف الضيف ضيفا فسرق قطع ضيف الضيف.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال سألته عن رجل استأجر أجيرا فأخذ الأجير متاعه فسرقه فقال هو مؤتمن ثم قال الأجير

الحديث الثالث : صحيح.

وقال في الشرائع : يقطع الأجير إذا أحرز المال من دونه وفي رواية لا يقطع وهي محمولة على حال الاستئمان.

وقال في المسالك : كون الأجير كغيره من السارقين هو المشهور بين الأصحاب وقال الشيخ في النهاية لا قطع عليه استنادا إلى رواية سليمان وحسنة الحلبي ، والمصنف وغيره من الأصحاب حملوا الروايات على ما لو كان المستأجر قد استأمنه على المال ولم يحرزه عنه ، وفي الروايات إيماء إليه بل في رواية الحلبي تصريح به.

الحديث الرابع : حسن كالصحيح.

أقول : في الضيف قولان : أحدهما عدم القطع مطلقا كما هو ظاهر الرواية ، وذهب إليه الشيخ في النهاية وابن الجنيد والصدوق وابن إدريس محتجا عليه بالإجماع ، والقول الآخر القطع إذا أحرز من دونه ، وعليه المتأخرون لعموم الآية(١) وحملت الروايات على ما لو لم يحرز المال عنه ، قال في المسالك : وينبه عليه الحكم بقطع ضيف الضيف لأن المالك لم يأتمنه.

الحديث الخامس : موثق.

__________________

(١) سورة المائدة : ٣٨.

٣٥٤

والضيف أمناء ليس يقع عليهم حد السرقة.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن أبي بصير قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قوم اصطحبوا في سفر رفقاء فسرق بعضهم متاع بعض فقال هذا خائن لا يقطع ولكن يتبع بسرقته وخيانته قيل له فإن سرق من منزل أبيه فقال لا يقطع لأن ابن الرجل لا يحجب عن الدخول إلى منزل أبيه هذا خائن وكذلك إن سرق من منزل أخيه وأخته إذا كان يدخل عليهم لا يحجبانه عن الدخول.

( باب )

( حد النباش )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول حد النباش حد السارق.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن آدم بن إسحاق ، عن عبد الله بن محمد الجعفي

الحديث السادس : حسن.

والحكم بعدم القطع لعدم الإحراز عنهم لا لخصوص القرابة ، فلو أحرز عنهم فسرقوا وجب القطع إلا في الوالد إذا أخذ من مال ولده إجماعا على قول أبي الصلاح والله يعلم.

باب حد النباش

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

الحديث الثاني : ضعيف.

وقال في المسالك : للأصحاب في حكم سارق الكفن من القبر أقوال : أحدها : أنه يقطع مطلقا بناء على أن القبر حرز للكفن ، والكفن لا يعتبر بلوغه نصابا لإطلاق الأخبار.

٣٥٥

قال كنت عند أبي جعفرعليه‌السلام وجاءه كتاب هشام بن عبد الملك في رجل نبش امرأة فسلبها ثيابها ثم نكحها فإن الناس قد اختلفوا علينا هاهنا فطائفة قالوا اقتلوه وطائفة قالوا أحرقوه فكتب إليه أبو جعفرعليه‌السلام إن حرمة الميت كحرمة الحي حده أن تقطع يده لنبشه وسلبه الثياب ويقام عليه الحد في الزنى إن أحصن رجم وإن لم يكن أحصن جلد مائة.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن غير واحد من أصحابنا قال أتي أمير المؤمنينعليه‌السلام برجل نباش فأخذ أمير المؤمنينعليه‌السلام بشعره فضرب به الأرض

وثانيها : اشتراط بلوغ قيمته النصاب لعموم أخبار الاشتراط ، ويؤيده قول عليعليه‌السلام « كما يقطع سارق الأحياء » ، وقولهعليه‌السلام « كما نقطع لأحيائنا » وظاهر التشبيه المساواة في الشرائط.

وثالثها : أنه يشترط بلوغ النصاب في المرة الأولى خاصة.

ورابعها : أنه يقطع مع إخراجه الكفن مطلقا أو اعتياده النبش وإن لم يأخذ الكفن ، وهو قول الشيخ في الاستبصار ، قال المحقق في النكت : وهو جيد إلا أن الأحوط اعتبار النصاب في كل مرة.

وخامسها : عدم قطعه مطلقا إلا مع النبش مرارا ، وهو قول الصدوق ، ومقتضى كلامه عدم الفرق بين بلوغه النصاب وعدمه ، وفي كثير من الأخبار دلالة عليه ، وقال في الشرائع : وطئ الميتة من بنات آدم كوطئ الحية في تعلق الإثم والحد واعتبار الإحصان وعدمه ، وهنا الخيانة أفحش فتغلظ العقوبة بزيادة عن الحد بما يراه الإمام ، فلو كانت زوجته اقتصر في التأديب على التعزير ، وسقط الحد بالشبهة.

الحديث الثالث : حسن.

وقال في النهاية :الوطء في الأصل : الدوس بالقدم ، وقال الشيخ (ره) في التهذيب(١) : الرواية محمولة على أنه إذا تكرر منهم الفعل ثلاث مرات وأقيم عليهم الحد ، فإنه يجب عليه القتل كما يجب على السارق ، والإمام مخير في كيفية القتل

__________________

(١) التهذيب ج ١٠ ص ١١٨.

٣٥٦

ثم أمر الناس أن يطئوه بأرجلهم فوطئوه حتى مات.

٤ ـ حبيب بن الحسن ، عن محمد بن الوليد ، عن عمرو بن ثابت ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام يقطع سارق الموتى كما يقطع سارق الأحياء.

٥ ـ عنه ، عن محمد بن عبد الحميد العطار ، عن سيار ، عن زيد الشحام ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أخذ نباش في زمن معاوية فقال لأصحابه ما ترون فقالوا تعاقبه وتخلي سبيله فقال رجل من القوم ما هكذا فعل علي بن أبي طالبعليه‌السلام قال وما فعل قال فقال يقطع النباش وقال هو سارق وهتاك للموتى.

٦ ـ محمد بن جعفر الكوفي ، عن محمد بن عبد الحميد ، عن سيف بن عميرة ، عن منصور بن حازم قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول يقطع النباش والطرار ولا يقطع المختلس.

( باب )

( حد من سرق حرا فباعه )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن حنان ، عن معاوية بن طريف ، عن سفيان الثوري قال سألت جعفر بن محمدعليه‌السلام عن رجل سرق حرة فباعها قال فقال فيها

كيف شاء بحسب ما يراه أردع في الحال.

الحديث الرابع : ضعيف.

الحديث الخامس : مجهول.

الحديث السادس : صحيح على الظاهر.

باب حد من سرق حرا فباعه

الحديث الأول : مجهول.

وقال في المسالك : ثبوت القطع بسرقة المملوك الصغير واضح ، ويشترط فيه شروطه التي من جملته كونه محرزا ، وكون قيمته بقدر النصاب ، ولو كان كبيرا مخيرا فلا قطع بسرقته ، وأما الحر فاختلف في حكم سرقته ، فقيل : لا يقطع ، لأنه

٣٥٧

أربعة حدود أما أولها فسارق تقطع يده والثانية إن كان وطئها جلد الحد وعلى الذي اشترى إن كان وطئها وقد علم إن كان محصنا رجم وإن كان غير محصن جلد الحد وإن كان لم يعلم فلا شيء عليه وعليها هي إن كان استكرهها فلا شيء عليها وإن كانت أطاعته جلدت الحد.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أن أمير المؤمنينعليه‌السلام أتي برجل قد باع حرا فقطع يده.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن حفص ، عن عبد الله بن طلحة قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يبيع الرجل وهما حران يبيع هذا هذا وهذا هذا ويفران من بلد إلى بلد فيبيعان أنفسهما ويفران بأموال الناس فقال تقطع يديهما لأنهما سارقان أنفسهما وأموال الناس.

( باب )

( نفي السارق )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن علي بن الحسن بن رباط ، عن ابن مسكان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا أقيم على السارق الحد نفي إلى بلدة أخرى.

ليس بمال ، وذهب الشيخ وجماعة إلى أنه يقطع لا من حيث سرقته المال ، بل من جهة كونه مفسدا في الأرض ، ويؤيده رواية السكوني ورواية عبد الله بن طلحة وظاهر الروايتين بل صريح الثانية عدم اشتراط صغر الحر المبيع ، وكذلك أطلقه الشيخ في النهاية وجماعة ، وقيده في المبسوط بالصغير وتبعه الأكثر.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث : مجهول.

باب نفي السارق

الحديث الأول : صحيح.

٣٥٨