وصايا الرّسول لزوج البتول عليهم السلام

وصايا الرّسول لزوج البتول عليهم السلام0%

وصايا الرّسول لزوج البتول عليهم السلام مؤلف:
تصنيف: كتب الأخلاق
ISBN: 964-92482-1-8
الصفحات: 665

وصايا الرّسول لزوج البتول عليهم السلام

مؤلف: السيد علي الحسيني الصدر
تصنيف:

ISBN: 964-92482-1-8
الصفحات: 665
المشاهدات: 254647
تحميل: 5467

توضيحات:

وصايا الرّسول لزوج البتول عليهم السلام
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 665 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 254647 / تحميل: 5467
الحجم الحجم الحجم
وصايا الرّسول لزوج البتول عليهم السلام

وصايا الرّسول لزوج البتول عليهم السلام

مؤلف:
ISBN: 964-92482-1-8
العربية

والناكِحِ البهائم ، والمؤذي جارَه (٧٤).

يا علي ، مَنْ كان له عيالْ فلم يأمُرْهُم بالصلاةِ ، ولم يَنهَهمُ عن أكلِ الحرام فشطرُ الذنوبِ على رَقَبتِه (٧٥).

           

ومفصّل البحث في ذلك تلاحظه من الشيخ الأعظم الأنصاري في المكاسب(١) في مبحث تدليس الماشطة.

(٧٤) فإنّ مَنْ ذُكِر من الطوائف يعملون بأنفسهم وبسوء إختيارهم أعمالا توجب حرمانهم من الجنّة وتحريم الجنّة عليهم.

ومثل لذلك بمن أحدث بنفسه الجنابة والنجاسة التي تمنعه عن دخول بيت الله الحرام ، وتوجب حرمة دخول البيت عليه فيكون هذا بفعل نفسه لا إجباراً له.

(٧٥) فإنّ مقتضى الدين أوّلا هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ومقتضى التربية ثانياً الإرشاد إلى فعل الواجبات خصوصاً الصلاة ، وترك المحرّمات قال عزّ اسمه :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُوُدها النّاسُ وَالحِجَارَةُ ) (٢) .

فإذا قصّر صاحب العيال في ذلك كانت مخالفة العيال مرتبطة بتقصيره ، فيكون شطر الذنوب أي جزئها على رقبته.

وقد عقد المحدّث الحرّ العاملي باباً تحت عنوان إستحباب أمر الصبيان بالصلاة لستّ سنين أو سبع ووجوب الزامهم بها عند البلوغ فلاحظ(٣) .

__________________

١ ـ المكاسب ، ج ٢ ، ص ١٥٩.

٢ ـ سورة التحريم ، الآية ٦.

٣ ـ وسائل الشيعة ، ج ٣ ، ص ١١.

١٨١

يا علي ، وَقِّر (٧٦) الشيخَ الكبيرَ والطفَلَ الصغيرَ ، وكنْ للغريبِ كالأخِ القريب (٧٧) ، ولليتيمِ كالأبِ الرحيم (٧٨) ، وللأرملةِ كالزوجِ الشفيق (٧٩) ليكتبَ اللّهُ لَك بكلّ نَفَس مائةَ حسنة ، وبكلِّ حسنة قصراً (٨٠).

يا علي ، مَن أعزَّ الغنيَّ وأهانَ الفقيرَ سُمِّيَ في السماواتِ عدوُّ اللّه (٨١).

           

(٧٦) التوقير هو التعظيم وترفيع الشأن والمنزلة.

(٧٧) من حيث المودّة والمبرّة التي تكون في الأخ.

(٧٨) من حيث إيواء اليتامى ، والإحسان إليهم ، والترحّم عليهم ، والعطوفة بهم وعدم إيذائهم.

(٧٩) من حيث الإحسان إليها ، وتكفّل نفقتها وكسوتها ، والإشفاق بها.

(٨٠) فيكون لكلّ نَفَس مدّة هذه الحسنات وفي زمن الإتيان بها مائة قصر.

(٨١) فإنّ الفقر شعار الصالحين ، وذخيرة المؤمن ليوم الآخرة ، ووسيلة لمكافأة الجنّة وليس الفقر لأجل هوان الفقير المؤمن أو استهانته عند الله ، بل هو من باب إعطاء الخير الأكثر في الأيّام الآجلة ، وأنّ مرارة الدنيا حلاوة الآخرة.

فيلزم إكرامهم ويحرم الإستهانة بهم فتكون إهانة الفقير مخالفة مع الله تعالى ومعاداة له.

وقد جمع العلاّمة المجلسي ما يقارب تسعين حديثاً في فضل الفقر والفقراء وحبّهم ومجالستهم والرضا بالفقر ، وثواب إكرام الفقراء وعقاب من إستهان بهم فلاحظ(١) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار ، ج ٧٢ ، ص ١ ـ ٥٦ ، باب ٩٤ ، الأحاديث.

١٨٢

يا علي ، أوحى اللّهُ إلى موسىعليه‌السلام ، أَكرمِ الفقيرَ كما تُكرمُ الغنيَّ وإلاّ فاجعلْ كلّما عَمِلتَ تحتَ التراب.

يا علي ، أوحى اللّهُ تعالى إلى إبراهيمَعليه‌السلام ، يا إبراهيم ، أكرِمْ ضيفي كما تُكرمُ ضيفَك قال : ياربِّ ، مَن ضيفُك؟ قال : الفقيرُ الحقيرُ بينَ الناس.

يا علي ، قل الحقَّ ولو عَليك ، وتصدّقْ ولو بتمرة واحدة ، وصُمْ أيّامَ البيض (٨٢) ، واستُر عيوبَ الناس فإنّه مَنْ فَعَل ذلك نَزَل عليه في كلِّ يوم سبعونَ رحمة ، وعلى مالِه سبعونَ بركة.

يا علي ، ثلاثٌ توجبُ المَقتَ (٨٣) من اللّهِ عزّوجلّ ، الضحكُ من غيرِ عجب (٨٤) ،

           

وبذلك يظهر لك وجه ما أوصى به الله تعالى إلى خليله إبراهيم ، وكليمه موسىعليهما‌السلام في الفقرتين الآتيتين.

(٨٢) أيّام البيض على حذف مضاف ، وأصله أيّام الليالي البيض ، وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من الشهر ، وسمّيت بيضاً لبزوغ القمر في تلك الليالي من أوّلها إلى آخرها(١) .

(٨٣) المقت هو البغض لأمر قبيح. وقد وردت هذه الفقرة في الخصال(٢) أيضاً.

(٨٤) فإنّ الضحك يلزم أن ينشأ من سبب مُعجب فإذا كان من غير عجب كان ناشئاً عن الجهل أو سوء الأدب وهو ممقوت.

__________________

١ ـ مجمع البحرين ، ص ٣٥١.

٢ ـ الخصال ، ص ٨٩ ، ح ٢٥.

١٨٣

ونومُ النهارِ من غيرِ سَهَر الليل (٨٥) ، والأكلُ إلى غَلبةِ الشبع (٨٦).

يا علي ، ثلاثةٌ محجوبونَ عن رحمةِ اللّه ، من باتَ شبعاناً وعَلِم أنّ جارَه طاو (٨٧) ، ومن جَلَد عبدَه (٨٨) ، ومن ردَّ هديَة صدِيقه (٨٩).

يا علي ، لا تكنْ لَجوجاً ولا تُصاحبْ أهلَ اللّجاجة (٩٠) ،

           

(٨٥) فإنّ ذلك من البطالة وهي مبغوضة.

(٨٦) فإنّه مكروه موجب لقسوة القلب وهي ممقوتة.

(٨٧) الطوي هو الجوع وطاوي البطن هو مَنْ كان خالي البطن وفي الحديث الشريف ، « ما آمن بي من بات شبعاناً وجاره المسلم جائع »(١) .

(٨٨) الجَلْد هو الضرب بالسوط وهو ظلم للعبد وفي الحديث الصادقي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « ألا أُنبئكم بشرّ الناس؟ قالوا ، بلى يا رسول الله ، فقال : مَنْ سافر وحده ، ومنع رفده ، وضرب عبده »(٢) .

(٨٩) ففي الحديث عن الإمام الكاظمعليه‌السلام ، عن آبائه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، « مِنْ تكرمة الرجل لأخيه المسلم أن يقبل تحفته ، أو يتحفه ممّا عنده ولا يتكلّف شيئاً »(٣) .

فتكون ردّ الهديّة ردّ الكرامة.

(٩٠) لجَّ في الأمر ، تمادى عليه وأبى أن ينصرف عنه والمُلاجَّة ، التمادي في الخصومة(٤) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار ، ج ٧٤ ، ص ١٥١ ، باب ٩ ، ح ٨.

٢ ـ بحار الأنوار ، ج ٧٤ ، ص ١٤١ ، باب ٤ ، ح ٧.

٣ ـ بحار الأنوار ، ج ٧٥ ، ص ٤٥ ، باب ٣٧ ، ح ٦.

٤ ـ لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٣٥٣.

١٨٤

ولا تكُن بخيلا ولا تصاحِب البخيلَ فإنّ البُخلَ جمرةٌ في قلبِ ابنِ آدم (٩١).

يا علي ، البخيلُ بعيدٌ من اللّه ، بعيدٌ من رحمتِه ، بعيدٌ من جنّتِه ، قريبٌ من عذابِه.

يا علي ، عليك بالسخاءِ (٩٢) فإنّه من أخلاقِ النبيّينَ والمُرسلين (٩٣).

يا علي ، السخيُّ قريبٌ من اللّه ، قريبٌ من رحمتِه ، قريبٌ من جنّتِه ، وبعيدٌ ...

           

(٩١) مرّ في أوّل نفس هذه الوصيّة الشريفة خساسة صفة البخل فراجع.

(٩٢) السخاء ـ بالمدّ ـ ، هو الجود والكرم ، وقال بعض الشارحين ، السخاء ملكة بذل المال لمستحقّه بقدر ما ينبغي ابتداءً(١) .

وفي حديث حريز ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام ، « السخي ، الكريم الذي ينفق ماله في حقّ »(٢) .

وقد وردت أحاديث كثيرة في فضيلة السخاء ومدح السخي(٣) .

منها الحديث الثامن عشر من الباب عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « الجنّة دار الأسخياء ».

(٩٣) وتلاحظ سخاء وعطايا النبي وأهل بيته الطاهرين فيما جاء بيانه بتفصيل في الأحاديث والأخبار الواردة المجموعة في السفينة(٤) فلاحظها للمعرفة.

__________________

١ ـ مجمع البحرين ، ص ٤٣.

٢ ـ معاني الأخبار ، ص ٢٥٦.

٣ ـ بحار الأنوار ، ج ٧١ ، ص ٣٥٠ ، باب ٨٧ ، الأحاديث.

٤ ـ سفينة البحار ، ج ٤ ، ص ١٠٣.

١٨٥

من عذابِه (٩٤).

يا علي ، إرْضَ باليَسير من الدنيا ، واعط من القليل فإنّه من فَعَل ذلكَ يُحشرُ يومَ القيامةِ في زمرةِ الأنبياءِ والمرسَلين.

يا علي ، قُصَّ أظفارَك في كُلِّ شهر مرّتين ، فإنّ من طال [ طالت ] أظفارُه قَعدَ الشيطانُ تحتَ ظلّها (٩٥).

           

(٩٤) جاء مضمونه في بعض الأحاديث الاُخرى مثل حديث السكوني(١) .

(٩٥) فالدين الإسلامي الأكمل تكفّل بيان جميع ما يحتاج إليه الإنسان في الدنيا والآخرة ، ومنها آداب النظافة وسنن التنظيف التي هي من شؤون الإيمان ، ومن أسباب سعادة الإنسان.

ففي الحديث ، « أنزل الله على إبراهيم الحنيفيّة وهي الطهارة ، وهي عشرة أشياء ، خمسة في الرأس ، وخمسة في البدن.

وأمّا التي في الرأس ، فأخذ الشارب ، وإعفاء اللّحى ، وطمّ الشعر ، والسواك ، والخلال.

وأمّا التي في البدن ، فحلق الشعر من البدن ، والختان ، وقلم الأظفار ، والغسل من الجنابة ، والطهور بالماء فهذه خمسة في البدن ».

وهي الحنيفية الطاهرة التي جاء بها إبراهيم فلم تنسخ ولا تنسخ إلى يوم القيامة ، وهو قوله :( اتَّبِعْ مِلَّةَ إبراهِيمَ حَنِيفاً ) (٢) »(٣) .

وفي خصوص قصّ الأظفار وردت أحاديث عديدة تأمر به ، وتُحبّب كونه في

__________________

١ ـ بحار الأنوار ، ج ٧٣ ، ص ٣٠٨ ، ب ١٣٧ ، ح ٣٧.

٢ ـ سورة النحل ، الآية ١٢٣.

٣ ـ بحار الأنوار ، ج ٧٦ ، ص ٦٨ ، ب ٢ ، ح ٣.

١٨٦

يا علي ، قُصَّ شارِبَك ، فإنّه مَن طالَ شاربُه سَكَنَ الشيطانُ في فيهِ ، يأكلُ معه ويشربُ معه (٩٦).

يا علي ، إحتجِم في كلِّ شهر مرّةً ، فإنّكَ لا تحتاج إلى الطبيبِ أبَداً (٩٧) ولا تحتجِمْ في أوّلِ يوم من الشهر ...

           

يوم الجمعة الذي يوجب خروج الداء ودخول الدواء والشفاء ، وكونه أماناً من الجنون والجذام والبرص والعمى ويستحبّ أن يقول حين التقليم ، « بسم الله وبالله وعلى سنّة محمّد وآل محمّدعليهم‌السلام » كما تلاحظ مفصّل ذلك في الأحاديث(١) .

(٩٦) وقد عرفت أنّ أخذ الشارب من السنن الإبراهيمية الحنيفية ، وهي من أسباب النظافة ، ودفع الأوساخ.

وفي الحديث ، « ولا يطولنّ أحدكم شاربه ، ولا عانته ، ولا شعر ابطه فإنّ الشيطان يتّخذها مخابىء يستتر بها ».

ويُفسّر بأنّ الشيطان يستأنس بالمواضع القذرة فيسكنها ويختبىء فيها.

وتلاحظ أحاديث إستحباب قصّ الشارب يوم الجمعة مع دعاءه في كتب الأخبار(٢) .

(٩٧) الحجامة ـ بكسر الحاء ـ ، هو التداوي والعلاج بالمحِجَم يعني إمتصاص الدم بالمحِجَم(٣) .

وهي من السنن الشريفة المفيدة الثابتة شرعاً ، والنافعة وجداناً ففي حديث أبي جميلة قال : قال أبو عبداللهعليه‌السلام ، « نزل جبرئيل بالسواك والخلال والحجامة »(٤) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار ، ج ٧٦ ، ص ١١٩ ، ب ١٦ ، الأحاديث.

٢ ـ بحار الأنوار ، ج ٧٦ ، ص ١٠٩ ، ب ١٣ ، الأحاديث.

٣ ـ المعجم الوسيط ، ج ١ ، ص ١٥٨.

٤ ـ المحاسن للبرقي ، ص ٥٥٨.

١٨٧

 ..................................................................................

           

وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، « إن يكن في شيء شفاء ففي شَرطة الحجّام ، أو في شربة العسل »(١) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، « احتجموا ، فإنّ الدم يتبيّغ ـ أي يهيج ـ بصاحبه فيقتله »(٢) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، « الداء ثلاث والدواء ثلاث ، فالداء ، المرّة والبلغم والدم ، فدواء الدم الحجامة ، ودواء المرّة المشي ، ودواء البلغم الحمّام »(٣) .

وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، « إنّ الحجامة تصحّح البدن وتشدّ العقل »(٤) .

فلاحظ أحاديث فوائدها مجموعة في بابها(٥) .

وجاء في آدابها أنّه يقرأ قبل الحجامة آية الكرسي وأنّه يتربّع في جلسته أمام الحجّام ، وأنّه يدعو حين خروج الدم ويقول : « بسم الله الرحمن الرحيم أعوذ بالله الكريم في حجامتي هذه من العين في الدم ومن كلّ سوء ».

ويقرأ كذلك حين الحجامة ، « بسم الله الرحمن الرحيم أعوذ بالله الكريم في حجامتي من العين في الدم ومن كلّ سوء واعلال وأمراض وأسقام وأوجاع ، وأسألك العافية والمعافاة والشفاء من كلّ داء »(٦) .

ثمّ إنّ هذه السُنّة النافعة التي أُوصي بها أكيداً حُدّد لها الوقت المناسب تحديداً بحيث يوجب ذلك كمال تأثيرها وبالغ نفعها ..

__________________

١ ـ عيون الأخبار ، ج ٢ ، ص ٣٥.

٢ ـ مكارم الأخلاق ، ج ١ ، ص ١٦٩ ، ح ٤.

٣ ـ مكارم الأخلاق ، ج ١ ، ص ١٧٥ ، ح ٣٩.

٤ ـ البحار ، ج ٦٢ ، ص ١١٤ ، ب ٥٤ ، ح ١٨.

٥ ـ بحار الأنوار ، ج ٦٢ ، ص ١٠٨ ـ ١٣٩ ، ب ٥٤ ، الأحاديث.

٦ ـ حلية المتّقين ، ص ٨٧.

١٨٨

فإنّه يُورثُ اليَرَقان (٩٨)

ولا في اليومِ الثاني من الشَّهرِ فإنّه يُورثُ الحُمّى النصفَ والرُبع (٩٩)

ولا في اليومِ الثالثِ فإنّه يُورث ...

           

ويستفاد من بعض الأحاديث الشريفة أنّ حُسنها يتمّ في النصف الثاني من الشهر ففي حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، « من احتجم يوم الثلاثاء لسبع عشرة أو تسع عشرة أو لإحدى وعشرين كانت له شفاء من داء السنة »(١) .

وأفاد العلاّمة المجلسيقدس‌سره انّه قد اتّفق الأطباء على أنّ الحجامة في النصف الثاني من الشهر ثمّ في الربع الثالث من أرباعه أنفع من الحجامة في أوّله وآخره(٢) .

وهذه الوصيّة الشريفة تنهى عن الحجامة في النصف الأوّل من الشهر وتبيّن آثارها ، ثمّ تأمر بالإحتجام في النصف الثاني من الشهر وتبيّن حسن نتائجه بالبيان المذكور فيها :

(٩٨) وهو من أمراض المرارة ويتغيّر به لون البدن خصوصاً بياض العين فإنّه يتغيّر إلى صفرة أو سواد لجريان الخلط الأصفر أو الأسود إلى الجلد(٣) .

(٩٩) الحمّى هي الحرارة الباطنية التي تنتشر في البدن وهي على أقسام منها ، حمّى النصف وهي المسمّاة بالغِبّ التي تأتي يوماً بعد يوم ، ومنها حمّى الُربع وهي التي تأتي كلّ أربعة أيّام وهي أخبثها(٤) .

__________________

١ ـ مكارم الأخلاق ، ج ١ ، ص ١٧٢ ، ح ١٨.

٢ ـ بحار الأنوار ، ج ٦٢ ، ص ١٣٩.

٣ ـ شرح النفيسي ، ص ٢٦٨.

٤ ـ دائرة المعارف للأعلمي ، ج ٨ ، ص ٥٠٢.

١٨٩

البَرَص (١٠٠).

ولا في اليومِ الرابعِ فإنّه يُورثُ الوَجَع في الظَّهورِ [ الظهر ] والرُكبتين

ولا في اليومِ الخامسِ فإنّه يورثُ صُفرةَ الوجهِ ودقّةَ العروق

ولا في اليومِ السادسِ فإنّه يورثُ البَلغمَ والرطوبةَ

ولا اليومِ السابعِ فإنّه يُكثرُ الأذى (١٠١).

ولا اليوم الثامن فإنّه يُورثُ الريحَ الفالج (١٠٢)

ولا اليوم التاسع فإنّه يُورثُ نقصَ العقلِ في الدماغ

ولا اليوم العاشر فإنّه يُورثُ موتَ الفجأة.

ولا اليوم الحادي عَشَر فإنّه يُنقصُ الجماع

ولا اليوم الثاني عَشَر فإنّه يُورثُ الجَرَب والحَكّة (١٠٣).

           

(١٠٠) البرص ، بياض يظهر في ظاهر البدن في بعض الأعضاء وربّما ينتشر في سائر البدن بسبب سوء مزاج العضو إلى البرودة وغلبة البلغم على الدم(١) .

(١٠١) الأذى هو ما يكره ويُغتمّ به(٢) فلا يرتاح له الإنسان.

(١٠٢) الفالج ـ بفتح الفاء وكسر اللام ـ ، إسترخاء عامّ يعرض جميع البدن بسبب إنصباب المواد الباردة الرطبة على منبت الأعصاب(٣) .

(١٠٣) الجَرَب ـ بفتحتين ـ ، مرض جلدي مصحوب بحبوب صغيرة على البدن كالحويصلات مع الحكّة(٤) .

__________________

١ ـ شرح النفيسي ، ص ٣٧٣.

٢ ـ مجمع البحرين ، ص ٥.

٣ ـ القرابادين ، ص ٥٤٥.

٤ ـ دائرة معارف فريد وجدي ، ج ٣ ، ص ٤٩.

١٩٠

ولا تحتجم الرابع عَشَر فإنّه يُورثُ الريحَ البواسير (١٠٤)

ولا تحتجم الخامس عَشَر فإنّه يُنقصُ من نورِ البَصَر.

عليك بالإحتجام في اليومِ السادسِ عَشَر فإنّ صاحبَه يأمنُ من الجُنونِ والجُذامِ والبَرَص.

وفي السابع عَشَر يزيد في البدنِ ـ الدمَ ولو لم تحتجم إلى سَنَة.

وفي الثامن عَشَر يجلُو البَصر

وفي التاسع عَشَر يزيدُ في الدَّماغِ وفي قوّةِ البدن.

واليوم العشرون ينفعُ من سبعينَ داء.

والحادي والعشرون يزيدُ في اللَّحمِ والدَّم.

وفي الثاني والعشرين (١٠٥) يُصحّحُ اللِّسان.

والثالث والعشرين يَزيدُ في الشَّجاعةِ وقُوّةِ المِراس (١٠٦).

واليوم الرابع والعشرين يزيدُ في الدَّماغِ ويُذهبُ الأوجاع.

والخامس والعشرين يزيدُ في الحِفظ ويقوّي الظهَر والمعدة.

والسادس والعشرين يَذهبُ بالحُمّى وصداعَ الشقيقة (١٠٧).

           

(١٠٤) البواسير الريحي ، ريح غليظ يحدث الألم في نهاية الأمعاء وقد يصاحبه البواسير الدموي الذي يكون من زيادة حبيبات تظهر على عروق المقعد(١) .

(١٠٥) هكذا مقتضى العبارة وكذا فيما بعده في النسخة المخطوطة.

(١٠٦) أي ممارسة الحروب وقوّة الإقدام فيها.

(١٠٧) الشقيقة ألم يحدث في أحد جانبي الرأس إلى وسطه يسمّى في إصطلاح

__________________

١ ـ القرابادين ، ص ٥٣١.

١٩١

واليوم السابع والعشرين يُذهب الهُمومَ والأحزانَ ، ويكونُ صاحبُه آمناً من السَحَرةِ والشياطين.

والثامن والعشرين والتاسع والعشرين فقد استمسكَ بالعرُوةِ الوثقى من كلِّ وسُقم.

يا علي ، احذر الحجامةَ يومَ السبت والأربعاء فإنّها تُورث البرص والأسقَام والأمراض (١٠٨).

وإذا بنيت بيتاً فابدأ به يومَ الأحدِ فإنّ اللّهَ عزّوجلّ بنى السماواتِ والأرضَ يومَ الأحد (١٠٩).

           

العصر بالمگرين.

(١٠٨) فإنّ للحجامة من حيث أيّام الأسبوع أيضاً وقتاً مناسباً لها.

ففي الأحاديث الصادقيةعليه‌السلام وردت الحجامة في يوم الأحد ، ويوم الإثنين بعد العصر ، ويوم الخميس بعد الزوال فلاحظها(١) .

(١٠٩) فإنّ لبناء البيت كسائر أُمور العيش والحياة آداباً في الشرع المقدّس ، ولذلك عقد الشيخ الطبرسي فصلا في اُمور المسكن فلاحظ إذا شئت المعرفة بالتفصيل(٢) .

على أنّ للأيّام في الأسبوع شؤوناً من حيث السعادة والنحوسة عقد لها العلاّمة المجلسي باباً مستقلا فراجع(٣) .

__________________

١ ـ مكارم الأخلاق ، ج ١ ، الفصل الرابع ، ص ١٧١ ، الأحاديث ١٥ و ١٧ و ٢٣ و ٢٤.

٢ ـ مكارم الأخلاق ، ج ١ ، ص ٢٧٣.

٣ ـ بحار الأنوار ، ج ٥٩ ، ص ١٨ ، باب ١٥.

١٩٢

وإذا أردتَ سَفَراً أو تجارةً فاقصد يومَ الثلاثاء فإنّ اللّهَ عزّوجلّ خلَقَ فيه الشمسَ والقمَر ، وغَرَس فيه الأشجارَ ، وكان صالحُ النبيّ يخرجُ في ذلكَ اليوم إلى التجارة (١١٠).

ويومُ الثلاثاء يومُ خروجِ الدّمِ لأنّ قابيلَ قَتَل هابيلَ يومَ الثلاثاء (١١١).

ويومُ الأربعاء يومٌ مشؤوم يومُ نحس مستمرّ خلقَ اللّهُ تعالى فيه فرعونَ لعنَه اللّهُ ، وفيه ادّعى الربوبيّةَ ، وفيه أغرقَهُ اللّهُ في البحر ، وفيه ابتلاءُ النبيّ أيّوبِعليه‌السلام ، وفيه طُرِح يوسفُ في الجُبّ ، وفيه التقَمَ الحوتُ يونسَ بن مَتّى ، وفيه خَلَقَ اللّهُ الظلمةَ والرَّعدَ والبَرق

يومُ الخميس طلبُ الحوائج من الناس والدخُولُ على السلطان لأنّ إبراهيمَ الخليلعليه‌السلام دخلَ على نمرودَ بن كنعان في حاجتِه فقضاها له ،

           

وفي كلّ يوم من أيّام الأسبوع أحاديث ذكرها شيخ المحدّثين الصدوق في الأبواب السبعة فلاحظ(١) .

(١١٠) فللسفر والخروج إلى التجارة أيضاً أوقات مناسبة ، وآدابٌ في الشريعة الإسلامية الجامعة يمكنك ملاحظة تفصيلها في السفينة(٢) .

(١١١) في حديث الخصال(٣) كون القتل يوم الأربعاء ولعلّ الجمع بينهما بكون الإقدام يوم الثلاثاء ووقوع القتل يوم الأربعاء.

__________________

١ ـ الخصال ، ص ٣٨٢ ، الأحاديث ٥٩ ـ ١٠١.

٢ ـ سفينة البحار ، ج ٤ ، ص ١٦٩ ـ ١٨٠.

٣ ـ الخصال ، ص ٣٨٨.

١٩٣

وفيه خَلَق اللّهُ اللوحَ والقَلم ، وفيه الفردوسُ ، وفيه نجاةُ اللّه من النار ، وفيه رُفِع إدريسُ ، ولُعنَ إبليس.

يومُ الجمعةِ يومٌ مبَاركٌ ، يومٌ مستجابٌ فيه الدَعوات ، وتُقبل فيه المثوبات وهو يومُ نكاح ، وقراءةِ القرآن ، والزُّهِد ، والعبادات.

يا علي ، إحفَظْ وصيّتي كما حفظتُها عن أخي جبرئيل ، وعَلِّمها من استَطعت (١١٢).

           

(١١٢) هذا تمام الوصيّة في النسخة المخطوطة من رسالة وصايا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لابن القاساني أعلى الله مقامه وجاء في آخرها قوله ، « تمّت الوصيّة والحمد لله ».

١٩٤

٣

ومن الوصايا المفصّلة وصيتهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، عند إرتحاله إلى العالم الأعلى ، وقرب حدوث المصيبة العظمى ، فقد أوصاه بوصايا مؤكّدة ، وعهد إليه بعهود مغلّظة ، وأشهد عليه بشهادات متعدّدة أوصاه بعظيم الصبر في الأمر ، وتحمّل الظلم والهضم ، وأخذ منه عهد الوفاء وضمان الأداء

وقد جاءت تلك الوصايا في الأحاديث التالية التي هي في مضمار واحد ونذكرها مجموعةً بالترتيب التالي :

أ ) ما رواه ثقة الإسلام الكليني أعلى الله مقامه في جامعه الكبير الكافي بسنده عن الحسين بن محمّد الأشعري ، عن معلّى بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحارث ابن جعفر ، عن علي بن إسماعيل بن يقطين ، عن عيسى بن المستفاد أبي موسى الضرير قال : حدّثني موسى بن جعفرعليه‌السلام قال : قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام ، أليسَ كان أميرُ المؤمنينعليه‌السلام كاتبَ الوصيّةِ ورسولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المُملي عليه وجبرئيلُ والملائكةُ المقرَّبونعليهم‌السلام شهود؟

قال : فأطرقَ طويلا (١) ، ثمّ قال : يا أبا الحسن (٢) ...

           

(١) يعني أطرق الإمام الصادقعليه‌السلام أي مكث ولم يتكلّم وفي بعض النسخ ، أطرق مليّاً.

(٢) خطاب إلى الإمام الكاظم بكنيته من والده الإمام الصادقعليهما‌السلام أي ثمّ

١٩٥

قد كانَ ما قلتَ ولكن حينَ نزلَ برسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله الأمرُ (٣) ، نَزَلَت الوصيّةُ من عندِ اللّهِ كتاباً مسجّلا (٤) ، نَزَل بهِ جبرئيلُ مع أُمناءِ اللّهِ ( تبارك وتعالى ) من الملائكةِ ، فقال جبرئيلُ ، يا محمّد مُر بإخراجِ مَن عندَك إلاّ وصيّك ، ليقبضَها منّا وتُشهِدَنا بدفعِكَ إيّاها إليه ضامناً لها ـ يعني عليّاًعليه‌السلام ـ فأمرَ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بإخراجِ مَن كانَ في البيت ما خلا عليّاًعليه‌السلام وفاطمةُ فيما بين السترِ والباب ، فقال جبرئيلُ ، يا محمَّد ربُّك يقرئكَ السلامَ ويقول : هذا كتابُ ما كنتُ عهدتُ إليك وشرطتُ عليك وشهدتُ به عليك وأشهدتُ به عليك ملائكتي ، وكفى بي يا محمّد شهيداً ، قال : فارتَعَدَتْ مفاصلُ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله (٥) فقال : يا جبرئيلُ ربّي هو السَلامُ ومنه السلامُ وإليه يعودُ السلامُ صَدَق ( عزّوجلّ ) وبَرَّ ، هاتِ (٦) الكتاب ، فدفَعه إليه وأمرهُ بدفعهِ إلى أميرِ المؤمنينعليه‌السلام فقال له (٧) ، إقرأْهُ ، فقرأهُ حرفاً حرفاً ، فقال :

يا علي هذا عهدُ ربّي ( تبارك وتعالى ) إليَّ ، وشرطُه عليَّ وأمانتُه ، وقد بلّغتُ ونصحتُ وأدّيتُ ،

           

قال الإمام الصادق للإمام الكاظم يا أبا الحسن.

(٣) نزل به الأمر أي حلّ به أمر الوفاة ، ومصيبة الموت.

(٤) أي معهوداً محفوظاً ـ والسجل هو كتاب العهود والأحكام.

(٥) أي ارتعدت مفاصله من هذا العهد الشديد والميثاق الغليظ.

(٦) هات ، اسم فعل بمعنى أعطني وهذا خطاب النبي الأعظم لجبرئيل.

(٧) أي قال رسول الله لأمير المؤمنين عليهما وآلهما السلام.

١٩٦

فقال عليعليه‌السلام ، وأنا أشهدُ لك [ بأبي وأُمّي أنت ] بالبلاغِ والنصيحةِ والتصديقِ على ما قلتَ ويشهدُ لكَ بهِ سمعي وبصري ولحمي ودمي ، فقال جبرئيلعليه‌السلام ، وأنا لكما على ذلكَ من الشاهدين ، فقال رسولُ اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يا علي أخذتَ وصيّتي وعرفتَها وضمنتَ للّهِ ولي الوفاءَ بما فيها؟ فقال عليعليه‌السلام ، نعم بأبي أنت واُمّي عَلَيَّ ضمانُها وعلى اللّهِ عوني وتوفيقي على أدائِها ، فقال رسولُ اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

يا علي إنّي اُريدُ أنْ أُشهِدَ عليك بموافاتي بها يومَ القيامةِ ، فقال عليعليه‌السلام ، نعم أَشهِد ، فقال النبيُصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إنّ جبرئيلَ وميكائيلَ فيما بيني وبينَك الآن وهما حاضران ، معهما الملائكةُ المقرّبُون لأُشهِدَهم عليك ، فقال : نعم لَيشهَدوا وأنا ـ بأبي أنت واُمّي ـ اُشهِدُهم ، فأَشْهَدَهم رسولُ اللّهِصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان فيما اشترَط عليه النبيُّ بأمرِ جبرئيلِعليه‌السلام فيما أمرَ اللّهُ ( عزّوجلّ ) أن قال له (٧) :

يا علي تفي بما فيها من موالاةِ مَنْ والى اللّهَ ورسولَه ، والبراءةِ والعداوةِ لمن عادى اللّهَ ورسولَه ، والبراءة منهم ، على الصبرِ منك (٨) [ و ] على كظمِ الغيظِ وعلى ذهابِ حقِّك ، وغصبِ خمسكَ ، وانتهاكِ حرمتِك (٩)؟ فقال : نعم يا رسولَ اللّه ،

           

(٧) هذه جملة من تلك الوصايا المعهودة من رسول الله لأمير المؤمنين سلام الله عليهم وعلى آلهم الطيبين.

(٨) أي الصبر على هذه المصائب الآتية.

(٩) وهي حرمته العظمى ، وقرينته الكبرى فاطمة الزهراء سلام الله عليها في

١٩٧

فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والذي فلقَ الحبّةَ وبرأ النسمةَ لقد سمعتُ جبرئيلعليه‌السلام يقول للنبيّ ، يا محمّد عَرِّفْهُ أنّه يُنتهكُ الحُرمة وهي حرمةُ اللّهِ وحرمةُ رسولِ اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى أن تخضبَ لحيتُه من رأسِه بدم عَبيط (١٠) ، فقال أميرُ المؤمنينعليه‌السلام ، فصعقتُ (١١) حين فهَمتُ الكلمةَ من الأمينِ جبرئيل حتّى سقطتُ على وَجهي وقلتُ ، نعم قبلتُ ورضيتُ وإنْ انتُهِكَت الحرمةُ وعُطّلتُ السّنن ومُزّق الكتابُ وهُدّمتُ الكعبةُ وخُضبَت لحيتي من رأسي بدم عبيط (١٢) صابراً محتسباً أبداً حتّى أقدمُ عليك ، ثمّ دعا رسولُ اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمةَ والحسنَ والحسينَ وأعلَمَهم مِثْلَ ما أعلمَ أميرَ المؤمنين ، فقالوا مثلَ قولِهِ فخُتِمَت الوصيّةُ بخواتيمَ من ذهب ، لم تمسّهُ النارُ (١٣) ودُفِعَت إلى أميرِ المؤمنينعليه‌السلام .

فقلتُ (١٤) لأبي الحسنِعليه‌السلام ،

           

الرزايا التي جرت عليها بعد فقد أبيها من ظالميها.

(١٠) الدم العبيط هو الدم الخالص الطري ، والخضاب به إشارة إلى خضاب شهادته الحزينة

(١١) صعق الرجل صعقة أي غشي عليه من هول ما رأى ومن فزع ما سمع.

(١٢) وقد وقعت هذه الِمحن بعد إستشهاد رسول الإسلام كما أخبر الأميرعليه‌السلام .

(١٣) أي النار التي كانت تُستعمل لتأثير الختم كما كان متعارفاً فلم تمسّه النار لعدم إحتياج تلك الرسالة الملكوتية إليها.

(١٤) هذا قول الراوي عن الإمام الكاظمعليه‌السلام ، وهو عيسى بن المستفاد أبو موسى الضرير.

١٩٨

بأبي أنت واُمّي ألا تذكُر ما كانَ في الوصيّةِ؟ فقال : سننُ اللّهِ وسننُ رسولِه (١٥) ، فقلتُ ، أكان في الوصيّةِ توثّبُهم (١٦) وخلافُهم على أميرِ المؤمنين عليه‌السلام ؟ فقال : نعم واللّهِ شيئاً شيئاً ، وحرفاً حرفاً (١٧) ، أما سمعتَ قولَ اللّهِ ( عزّوجلّ ) : ( إنَّا نَحْنُ نُحْيي المَوْتَى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْء أَحْصَيْناهُ فِي إمَام مُّبِين ) (١٨) واللّهِ لقد قالَ رسولُ اللّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله لأميرِ المؤمنين وفاطمةَ عليهما‌السلام ، أليس قد فهمتُما ما تقدّمتُ به إليكما وقبلتُماه؟ فقالا ، بلى وصبرنا على ما ساءَنا وغاظَنا (١٩).

ب ) وأفاد العلاّمة المجلسي بعد نقل هذا الحديث ، أنّه رواه مجملا السيّد علي بن طاووس(٢٠) من كتاب الوصيّة لعيسى بن المستفاد ثمّ ذكرقدس‌سره (٢١) :

أنّه حدّث الإمام الكاظم ، عن أبيهعليهما‌السلام أيضاً قال : قال علي بن أبي طالبعليه‌السلام ،

           

(١٥) أي الطريقة والنهج الذي سنّه الله ورسوله لأمير المؤمنينعليه‌السلام .

(١٦) التوثّب هو الإستيلاء على الشيء ظلماً.

(١٧) أي جميعها مستوعبةً كان مذكوراً في الوصيّة.

(١٨) سورة يس ، الآية ١٢.

(١٩) اُصول الكافي ، ج ١ ، ص ٢٨١ ، كتاب الحجّة ، ح ٤. وجاء في بحار الأنوار ، ج ٢٢ ، ص ٤٧٩ ، ب ١ ، ح ٢٨.

(٢٠) في كتابه الطُرف ، ص ٢٣ ـ ٢٤.

(٢١) ذكر ذلك في البحار ، ج ٢٢ ، ص ٤٩٥. ثمّ أفاد بعد نقل هذه الوصيّة الشريفة ، أنّها أُخرجت من كتاب الطرف والخصائص ، وأكثرها مروي في الصراط المستقيم للبياضي ، ولي إلى كتاب الوصيّة أسانيد جمّة ، واعتبره الكليني ، وإعتمد عليه السيّدان إبنا طاووس ، وألفاظها ومضامينها شاهدة على صحّتها.

١٩٩

أنّه كان في وصيّةِ رسولِ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في أوّلِها :

« بسمِ اللّهِ الرحمنِ الرَّحيم هذا ما عَهِدَ مُحمّدُ بن عبدِاللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأوصى به وأسنَدَه بأمر اللّهِ إلى وصيِّه علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ».

وكان في آخرِ الوصيّة :

« شَهِدَ جبرئيلُ وميكائيلُ وإسرافيلُ على ما أوصى بهِ محمّدٌ صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى علي بِن أبي طالب عليه‌السلام ، وقبضَه وصيُّه ، وضمانُه على ما فيها على ما ضَمِنَ يوشعُ بن نُون لموسى بن عمران عليه‌السلام ، وعلى ما ضَمِنَ وأدّى وصيُّ عيسى بن مريم (٢٢) ، وعلى ما ضَمِنَ الأوصياءُ قبلُهم على أنّ محمّداً أفضلُ النبيّين وعليّاً أفضلُ الوصيّين ، وأوصى محمّدٌ وسَلَّمَ إلى علي (٢٣) ، وأقرّ عليٌّ وقبض الوصيّةَ على ما أوصى بهِ الأنبياءُ ،

           

(٢٢) وصيّ عيسى وخليفته هو شمعون بن حمّون الصفا الذي ورد في الحديث أنّه لمّا أراد الله تعالى أن يرفع عيسى إلى السماء أوصى إليه أن استودِعْ نور الله وحكمته وعلم كتابه شمعون خليفته على المؤمنين ، ففعل عيسى ذلك ، ولم يزل شمعون في قومه يقوم بأمر الله تعالى ويهدي بجميع مقال عيسى في قومه من بني إسرائيل ويجاهد الكفّار.

فلمّا مضى شمعون عظمت البلوى ، وإندرس الدين ، واُضيعت الحقوق ، واُهينت الفرائض والسنن إلى أن منّ الله تعالى ببعثة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كما تلاحظه في البحار ، ج ١٤ ، ص ٣٤٥ ، ب ٢٤ ، الأحاديث.

(٢٣) في الطرف ، وسلّم الأمر إلى علي بن أبي طالب.

٢٠٠