آراء علماء المسلمين في التقية والصحابة وصيانة القرآن الكريم

آراء علماء المسلمين في التقية والصحابة وصيانة القرآن الكريم0%

آراء علماء المسلمين في التقية والصحابة وصيانة القرآن الكريم مؤلف:
تصنيف: كتب متنوعة
الصفحات: 250

آراء علماء المسلمين في التقية والصحابة وصيانة القرآن الكريم

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد مرتضى الرضوي
تصنيف: الصفحات: 250
المشاهدات: 19600
تحميل: 6466

توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 250 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 19600 / تحميل: 6466
الحجم الحجم الحجم
آراء علماء المسلمين في التقية والصحابة وصيانة القرآن الكريم

آراء علماء المسلمين في التقية والصحابة وصيانة القرآن الكريم

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

آراء علماء المسلمين

في التقيَّة والصحابة وصيانة القرآن الكريم

تأليف

السيِّد مرتضى الرضوي

١

٢

آراء علماء المسلمين

في التقيَّة والصحابة وصيانة القرآن الكريم

تأليف

السيِّد مرتضى الرضوي

مؤلِّف كتاب: مع رجال الفكر في القاهرة

وعضو رابطة الأدب الحديث بالقاهرة

٣

بسم الله الرحمن الرحيم

٤

آيات مِن الذكر الحكيم

قال الله تعالى: ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ... ) .

وقال تعالى: ( إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِي )

وقال تعالي: ( ... إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) .

وقال تعالي: ( ... فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) .

صدق الله العليّ العظيم.

٥

قال الشّيخ محمّد الغزالي المصري:

(إنَّ كلَّ ما بقي في عصرنا هذا مِن خلاف، هو الفجوة التي افتعلت افتعالاً بين السنة والشيعة!! وهي فجوة يعمل الاستعمار على الأقلِّ يستبقيها، لتكون قطيعة دائمة بين الفريقين، ثمَّ ينفذ مِن خلالها إلى أغراضه..).

دفاع عن العقيدة والشريعة ص 253 ط رابعة بمصر عام 1395 هـ

٦

كلمة المؤلِّف

٧

بسم الله الرحمن الرحيم

٨

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محّمد بن عبد الله خاتم النبييِّن، المبعوث رحمة وهداية لكافَّة الخلائق أجمعين، وعلى عترته البررة الميامين، الطيّبين الطاهرين، وصحابته الأخيار الأطياب، المُنتجبين.

وبعد، فقد صدر في أوائل هذا القرن - الخامس عشر الهجري - كتاب طُبع في مصر باسم: (الشيعة وتحريف القرآن)

بقلم محمد مال الله البحريني، و أُعيد طبعه في بيروت.

وقبل سبعة أعوام رأيت مقالاً نُشر عنه في مجلَّة سعودية وهابيّة، تصدر عن الأمانة العامة للمجلس الأعلى للمساجد برابطة العالم الإسلامي في مكَّة المكرَّمة، والمقال منشور في ص (142) في العدد الثامن مِن السنة السادسة، الصادر في شهر ذي الحجة عام (1403هـ)، فرأيت مِن الأجدر الردَّ على الكتاب المذكور عملاً بقوله (عليه السلام): (الساكت عن الحق شيطان أخرس).

وكتبت الردَّ وطبع باسم: (البرهان على عدم تحريف القرآن) بعد النصف الثاني مِن عام 1411هـ نشرته: الإرشاد للطباعة والنشر بيروت - لندن.

٩

وحيث إنَّ هذا الكتاب يضمُّ مواضيع عديدة اخترت منها:

التقيَّة، الصحابة، عدم تحريف القرآن. وقد طُبع هذا المُختصر لأوّل مرَّة في مدينة بمبي - الهند، باسم آراء علماء المسلمين في التقيَّة والصحابة، وصيانة القرآن الكريم، نشرته إشاعة تبليغات إيماني هند عام 1409هـ، وتمتاز هذه الطبعة على ما فاتها لما فيها مِن زيادات مُهمَّة، وسيُقدَّم إلى القاري العزيز بحلَّة قشيبة و إخراج جميل.

نسأل الله أنْ يُخلص لنا النيات ويوفِّقنا للقيام بما يحبُّ ويرضي، إنَّه سميع الدعاء قريب مُجيب.

* * *

١٠

مِن همْ خير البريَّة؟

أخرج ابن مردويه عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله، مَن أكرم الخلق على الله؟

قال: (يا عائشة، أما تقرئين: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) ).

وأخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال: كنَّا عند النبي صلّى الله عليه وسلام فأقبل عليّ فقال النبي (صلى الله عليه [ وآله ] وسلم): (والذي نفسي بيده، إنَّ هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة)، ونزلت: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ )

فكان أصحاب النبي (صلى الله عليه [ وآله ] وسلم) أذا أقبل عليّ قالوا: جاء خير البريّة (1)

وأخرج ابن عدي، وابن عساكر عن أبي سعيد مرفوعاً: (عليٌّ خير البرية).

____________________

(1) الدر المنثور في التفسير بالمأثور: 6 | 379 طبعه مصر.

١١

نُبذة مِن مُعتقدات الشيعة الأماميّة

قال الأمام كاشف الغطاء (طاب ثراه):

إنَّ الدين ينحصر في قضايا خمس:

1 - معرفة الخالق.

2 - معرفة المُبلَِّغ عنه.

3 - معرفة ما تَعبَّد به والعمل به.

4 - الأخذ بالفضيلة، وترك الرذيلة.

5 - الاعتقاد بالمعاد والدينونة. فالدين علم وعمل، و ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ... ) ، والإسلام والإيمان مترادفان، ويُطلقان على معنىَ أعم يعتمد على ثلاثة أركان: التوحيد، والنبَّوة، والمعاد.

فلو أنكر الرجل واحداً منها فليس بمسلم، ولا مؤمن، وإذا دان بتوحيد الله، ونبوَّة سيِّد الأنبياء محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلم)، واعتقد بيوم الجزاء، مَن آمن بالله ورسوله فهو مسلم حقَّاً، له ما للمسلمين وعليه ما عليهم، دمه و ماله حرام، ويطلقان أيضاً على معنى أخص، يعتمد على تلك الأركان الثلاثة. وركن رابع وهو:

١٢

العمل بالدعائم التي بُني الإسلام عليها، وهي خمس: الصلاة، والصوم، والزكاة، والحجّ، والجهاد.

وبالنظر إلى هذا قالوا: (الإيمان اعتقاد بالجَنان، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان) .

(مَن آمن بالله وعمل صالحاً)

فكلُّ مورد في القرآن اقتصر على ذكر الإيمان بالله ورسوله، واليوم الآخر.

وكلُّ مورد أُضيف أليه العمل الصالح يُراد به المعنى الثاني.

والأصل في هذا التقسيم قوله تعالى: ( قَالَتِ الأعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ... ) (49 | 14) وزاده إيضاحاً بقوله بعدها:

( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ) (49|15).

يعني: أنَّ الإيمان قول ويقين وعمل. فهذه الأربعة هي أُصول الإسلام والإيمان بالمعنى الأخص عند جمهور المسلمين.

ولكنَّ الشيعة الإمامية زادوا (ركناً خامساً) وهو: الاعتقاد بالإمامة.

يعني: أنْ يعتقد أنَّ الإمامة منصب إلهي كالنبوَّة، فكما أنَّ الله سبحانه يختار مَن يشاء مِن عباده للنبوَّة والرسالة، ويؤيِّده بالمُعجزة التي هي كنصٍّ مِن الله عليه، ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ... ) (28| 68).

فكذلك يختار للإمامة مَن يشاء، ويأمر نبيَّه بالنصِّ عليه، وأنْ

١٣

يُنصِّبه أماماً للناس مِن بعده؛ للقيام بالوظائف التي كان على النبي أنْ يقوم بها، سوى أنَّ الإمام لا يوحى أليه كالنبي، وإنَّما يتلقَّى الأحكام منه مع تسديد ألهي.

فالنبي مبلَّغ عن الله، والإمام مبلَّغ عن النبي. والإمامة مُتسلسلة في اثني عشر، كُلُّ سابق ينصُّ على اللاحق.

ويشترطون، أنْ يكون معصوماً كالنبي عن الخطأ والخطية، وإلاَّ زالت الثقة به، والآية الكريمة مِن قوله تعالى: ( ... إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) (2|124)، صريحة في لزوم العصمة في الإمام لمَن تدبَّرها جيداً.

وأنْ يكون أفضل أهل زمانه في كلِّ فضيلة، وأعلمهم بكلِّ علم؛ لأنَّ الغرض منه تكميل البشر، وتزكية النفوس، ووتهذيبها بالعلم، والعمل الصالح، ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ... ) (62| 2).

والناقص لا يكون مكمِّلاً، والفاقد لا يكون مُعطياً.

فالإمام في الكمالات دون النبي، وفوق البشر.

فمَن اعتقد بالإمامة بالمعنى الذي ذكرناه، فهو عندهم مؤمن بالمعنى الأخص.

وإذا اقتصر على تلك الأركان الأربعة، فهو مسلم ومؤمن بالمعنى الأعم. تترتَّب عليه جميع أحكام الإسلام: مِن حرمة دمه، وماله، وعرضه، ووجوب حفظه، وحرمة غيبتة وغير ذلك. إلاَّ أنَّه بعدم الاعتقاد

١٤

بالإمامة يخرج عن كونه مسلماً (1) .

____________________

(1) أصل الشيعة وأصولها ص 126، 129 طبعة القاهرة.

١٥

تسمية الشيعة (1) بشيعة أهل البيت

تمهيد:

لما رأى الاستعمار - وفي الآونة الأخيرة بالذات - أنَّ الإسلام لا

____________________

(1) الشيعة: الفرقة والجماعة، ويُقال: هم شيعة فلان، وشيعة كذا مِن الآراء. - وفرقة كبيرة مِن المسلمين اجتمعوا على حبِّ عليّ وآله، وأحقِّيتهم بالإمامة. (المُعجم الوسيط: 1 | 503).

الشيعة: مِن يتقوَّى بهم الإنسان وينتشرون عنه. (مفردات غريب القرآن ص 271 ط مصر).

أصل الشيعة: الفرقة مِن الناس، فإذا قيل: فلان مِن الشيعة عُرف أنَّه منهم، وتُجمَع الشيعة على شيع، وأصلها مِن المُشايعة وهي المُتابعة والمُطاوعة. (النهاية لابن الأثير: 2 | 519، 520).

(شايع) فلاناً: والاه وتابعه على أمر، وهو مِن الشيعة كما أنَّ والاه مِن الولاء. (أقرب الموارد 1 |626).

التشيُّع: لفرقة أو طائفة. إلخ (المصطلحات العلميّة والفنيّة:2 | 85 ط بيروت).

قال أبو علي: وحدَّثنا أبو الحسن جحظة قال: قال الشعبي: ما لقينا مِن عليّ (رضي الله عنه) إنْ أحببناه قُتلنا، وإنْ أبغضناه كفرنا.. وقال ابن هرمة:

مهما أُلام على حُبِّهم

فإنِّي أُحِبُّ بني فاطمة

بني بنت مَن جاء بالمحكما

ت والدين والسُّنن القائمة

فلقيه بعد ذلك رجل، فسأله مَن قائلها فقال: مَن عضَّ ببظر أُمِّه، فقال له ابنه يا أبت ألست قائلها قال: بلى قال: فلم تشتم نفسك، قال: أليس الرجل يعضُّ بظر أُمِّه خيراً له مِن أنْ يأخذه ابن

١٦

ينطبق إلاَّ على المذهب الشيعي الإمامي، ولا يتحقَّق النصر للمسلمين إلاَّ به، وقد أخذ يشقَّ طريقه نحو الظهور، وهو الآن في دور أو مرحلة التطبيق - وذلك بعد أنْ أعلنت إيران أنَّها جمهوريَّة إسلامية وأخذت تسير سيراً هادئاً وحثيثاً نحو تطبيق النظام الإسلامي - إذا بالاستعمار تيقَّظ مِن نومته، وأخذ يحيك المؤامرات الدنيئة - بكلِّ ما أوتي مِن خبث وشيطنة - في إحباط هذه الجهود والمساعي، وإخفاقه وتمزيقه على يد عملائه الصهاينة وغيرهم.

إنَّ إيران - منذ العهود الماضية - عُرفت بالتشيُّع والولاء المحض لأهل بيت المصطفى (عليهم السلام).

وإنَّ واضع بذرة التشيُّع هو نفس صاحب الشريعة الإسلامية، يعني: إنَّ بذرة التشيُّع وضعت مع بذرة الإسلام جنباً إلى جنب، وسواء بسواء ولم يزل غارسها يتعاهدها بالسقي والعناية، حتَّى نمت وازدهرت في حياته ثمَّ أثمرت بعد وفاته.

وقال العلاَّمة الكبير السيِّد محمد صادق الصدر (1) :

(ونحن إذا رجعنا للأحاديث النبويَّة الشريفة، وجدنا النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد عيَّن الفرقة الناجية بحديث آخر (2) مُجمع على صحته.

____________________

قحطبة. (الأماني لأبي علي القالي: 2 | 177 ط مصر).

شيعة الرجل: أولياؤه، وأنصاره، ج أشياع. وشيع (وغلَّب على مَن يتولَّى عليّاً وأهل بيته (عليهم السلام)، وهم فرق مُتعدِّدة أشهرها. وأكثرها عدداً: الإمامية الاثنا عشريَّة. وليسوا مِن الغُلاة - كما زعم صاحب التاج - بلْ إنَّهم يُكفِّرون الغُلاة كما يعرفه كلُّ مَن اطَّلع على مذهبهم، وفتاوى فقهائهم). وقال الأزهري: الشيعة هم الذين يهوون عترة النبي ويوالونهم. (معجم متن اللغة 3 | 400 ط بيروت).

(1) رئيس المجلس النيابي في العراق في العهد الملكي البائد.

(2) الحديث السابق هو قوله (ص): (ستفرق أُمَّتي على ثلاث وسبعين فرقة، فرقة واحدة ناجية والباقون في النار).

١٧

وقد ذكره علماء الطائفتين، وهو قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (إنَّما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح، مَن ركب فيها نجا، ومَن تخلَّف عنها غرق)، وفي رواية هلك (1) .

فأنت تراه (صلّى الله عليه وآله وسلم) قد حكم بالنجاة على الفرقة التي تتمسَّك بأهل البيت (عليهم السلام)، وتعتصم بحبلهم.

وما مِن شكٍّ أنَّ الراكب في هذه السفينة، والمُتمسِّك بها ليس إلاَّ الشيعة؛ لأنَّها هي التي شايعتهم على كلِّ قول، وتابعتهم على كلِّ فعل، وأخذت عنهم معالم الدين والأصول، والفروع، والأخلاق، والتفسير، وكلَّ ما يحتاجونه مِن أُمور الدنيا والدين، يوالون وليَّهم ويُعادون عدوَّهم حتَّى أصبحوا يُلقَّبون: بـ (شيعة أهل البيت).

ومِن الغريب المُضحك أنَّا نرى ابن حجر في صواعقه، يُريد أنْ يغتصب لقب التشيُّع ويجعله له ولأتباعه، وأنَّهم هم الذين شايعوا أهل البيت، ووالوهم.

وليت شعري، هل يكون مِن شيعتهم مَن يرجع في الأصول إلى

____________________

والله درُّ الإمام الشافعي حيث يقول:

و لما رأيت الناس قد ذهبت بهم

مذاهبهم في أبحر الغيِّ والجهل

ركبت على اسم الله في سفن النجا

وهم أهل بيت المصطفى خاتم الرُّسل

وأمسكت حبل الله وهو ولاؤهم

كما قد أُمرنا بالتمسُّك بالحبل

إذا افترقت في الدين سبعون فرقة

ونيِّف كما قد جاء في مُحكم النقل

ولم يكُ ناجٍ منهم غير فرقة

فقل لي بها يا ذا الرجاحة والعقل

أفي الفرق الهلاَّك آل محمَّد

أم الفرق اللاتي نجت منهم قلْ لي

فإنْ قلت في الناجين فالقول واحد

وإنْ قلت في الهلاَّك جدت عن العدل

إذا كان مولى القوم منهم فإنَّني

رضيت بهم لازال في ظلِّهم ظلِّي

فخلِّ علياً لي إماماً ونسله

وأنت مِن الباقين في أوسع الحلِّ

(1) الصواعق المحرقة لابن حجر ص 93 طبعة مصر.

١٨

الأشعري؟! وفي الفقه إلى مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وأحمد بن حنبل؟‍‍‍‍‍‍‍!!

هل يكون مِن شيعتهم مَن لا يُعوِّل عليهم، ويُعوِّل على الخوارج، والمرجئة، والمضعَّفين؟!!

هل يكون ابن حجر وأمثاله مِن شيعتهم وفيهم أمثال ابن خلدون الذي يرى - والعياذ بالله - أنَّ أهل البيت شذاذ مُبتدعون (1) ، وأمثال ابن حزم الذي لا يرى لهم نفعاً في علم كما ستعرف ذلك؟!!

هل يكون هؤلاء مِن شيعتهم؟!!

سبحانك اللَّهمَّ هذا بُهتان عظيم.

فالمذهب الحقُّ - إذاً - هو مذهب أهل البيت، وهو مذهب الشيعة الإمامية، وهي الحرَّية بالنجاة، لما عرفت مِن مفاد الحديثين.

وهناك مسائل لا تُلائم روح الإسلام، تجدها مبثوثة في كتب القوم، وأحاديثهم، ومعتقداتهم، نضع بين يديك مثلاً تستطيع به أنْ تحكم على مُعتنقيها بالبُعد عن النجاة المنوَّه عنهما في حديث افتراق الأُمَّة.

تجسيم الله:

ومِن المسائل الغريبة التي يذهبون إليها تجسيم الله (تعالى الله عن ذلك علَّواً كبيراً) وإنْ صحاحهم

____________________

(1) ا نظر مقدِّمة ابن خلدون ص 498 المطبوعة بالقاهرة عام 1327هـ بمطبعة حسين أفندي شرف الواقعة في شارع خرنفش بمصر وإلى القارئ الكريم نص كلامه الذي ذكره تحت عنوان:

علم الفقه وما يتبعه مِن الفرائض، قال:

وشذَّ أهل البيت في طرق ابتدعوها، وقفه انفردوا به وبنوه على مذهبهم في تناول بعض الصحابة بالقدح على قولهم بعصمة الأئمة، ورفع الخلاف عن أقوالهم وكلُّها أُمور واهية... إلخ.

١٩

محشوَّة بما ينطق بذالك. فهذا مسلم يروي لنا في

الجزء الأوَّل مِن صحيحه 1 |87 مصر:

عن أبي سعيد الخدري: إنَّ أُناساً - في زمن رسول الله (صلّى الله عليه [ آله ] وسلم) - قالوا: يا رسول الله: هل نرى ربَّنا يوم القيامة؟

قال رسول الله (صلّى الله عليه [ آله ] وسلم): (نعم.. هل تُضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحواً ليس فيها سحاب؟ وهل تُضارون في رؤية القمر ليلة البدر صحوا ليس فيها سحاب؟) .

قالوا: لا يا رسول الله..

قال: (ما تُضارون في رؤية الله تعالى يوم القيامة، إلاَّ كما تُضارون مِن أحدهما) . ثمَّ ذكر الأُمم التي كانوا يُشركون في عبادة الله ودخولهم النار.

وقال الشهيد الصدر:

روى الحاكم بسنده عن أبي إسحاق.. سألت القاسم بن العباس: كيف ورث علي رسول الله؟

قال: لأنَّه كان أوَّلنا به لحوقاً، وأشدَّنا به لزوقاً.

وقال أيضا طاب ثراه:

ولم يكن هذا الشخص الداعي المُرشَّح للإعداد الرسالي والقيادي، والمنصوب لتسلُّم مُستقبل الدعوة وتزعمها فكرياً، وسياسياً إلاَّ عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، الذي رشَّحه لذلك عمق وجوده في كيان الدعوة، وأنَّه المسلم الأوَّل، والمجاهد الأوَّل في سبيلها، عبر كفاحها المرير ضدَّ كلِّ أعدائها، وعمق وجوده في حياة القائد الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأنَّه ربيبه الذي فتح عينيه في حجره، ونشأ في كنفه، وتهيَّأت له مِن فرص التفاعل معه والاندماج بخطَّه ما لو يتوفَّر لأيِّ إنسان

٢٠