آراء علماء المسلمين في التقية والصحابة وصيانة القرآن الكريم

آراء علماء المسلمين في التقية والصحابة وصيانة القرآن الكريم0%

آراء علماء المسلمين في التقية والصحابة وصيانة القرآن الكريم مؤلف:
تصنيف: كتب متنوعة
الصفحات: 250

آراء علماء المسلمين في التقية والصحابة وصيانة القرآن الكريم

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد مرتضى الرضوي
تصنيف: الصفحات: 250
المشاهدات: 19596
تحميل: 6466

توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 250 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 19596 / تحميل: 6466
الحجم الحجم الحجم
آراء علماء المسلمين في التقية والصحابة وصيانة القرآن الكريم

آراء علماء المسلمين في التقية والصحابة وصيانة القرآن الكريم

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

المنافقون مِن الصحابة

ما جاء عنهم في سورة التوبة عن غزوة تبوك

ذكر البغوي وغيره، عن ابن عباس أنَّه قال: لم يكن رسول الله يعرف المنافقين حتَّى نزلت سورة براءة، وكان قبلها يعرف بعض صفاتهم وأقوالهم وأفعالهم، ممَّا جاء عنهم في عدَّة سور نزلت قبل براءة، منها سورة المنافقين، والأحزاب، والنساء، والأنفال، والقتال، والحشر.

أمَّا سورة براءة فقد فضحتهم، وكشفت جميع أنواع نفاقهم الظاهرة، والباطنة ومِن أجل ذلك سُمِّيت (الفاضحة) والمُبعثرة، والمُشرَّدة، والمُخزية، والمُثيرة، والحافرة، والمُنكِّلة، والمُدمدمة، وسورة العذاب!

وإليك بيان أُمورهم في غزوة تبوك، وحدُّها، وأعمالهم، وآيات نفاقهم، وهتك أستارهم، وعقابهم، مرتبة على سياق آيات سورة التوبة لا على الحروف (1):

____________________

(1) هذا الفصل منقول عن الجزء العاشر مِن تفسير القرآن الحكيم للإمامين محمد عبده، ومحمد رشيد رضا رضي الله عنهما، والأرقام الموضوعة هي أرقام الصفحات مِن هذا الجزء.

١٤١

1- استئذانهم في التخلُّف وهو لا يقع مِن مؤمن، وإنَّما يستأذن ترك الجهاد مَن لا يؤمن بالله ولا بالآخرة (467).

2- لو أرادوا الخروج لأعدُّوا له عدَّة (471).

3- إنَّ الله كره انبعاثهم فثبَّطهم (471).

4- إنَّهم لو خرجوا في المؤمنين لم يزيدوهم إلاً خبالاً، ويبغون فتنتهم (473).

5- إنَّهم اتَّبعوا الفتنة مِن قبل تبوك في غزوة أُحد؛ إذ أوقعوا الشقاق في المسلمين، وثبَّطوا بعضهم (474).

6- إنَّهم قلَّبوا الأُمور للنبي مِن أول الأمر، إلى أنْ جاء الحقُّ بنصره وظهور أمر الله وهم كارهون لذلك (475).

7- إنَّ منهم مِن استأذن النبي في القعود متعذراً، بأنَّه يخاف على نفسه الافتتان بجمال نساء الروم، فسقطوا في فتنة معصية الله ورسوله بالفعل (477).

8- إنَّ كلَّ حسنة تُصيب النبي تسؤوهم، وكلَّ مصيبة تعرض له تُسرُّهم، ويرون أنَّهم أخذوا بالحزم في التخلُّف (478).

9- إنَّ المؤمنين يتربَّصون بالمنافقين عذاب الله مباشرة أو بأيديهم (479).

10- إنَّ صدقاتهم لا تُقبل لفسوقهم ولكفرهم، وإتيانهم الصلاة وهم كسالى، وإنفاق ما يُنفقون وهم كارهون (481).

11- تعذيبهم بأموالهم وأولادهم في الدنيا وموتهم على كفرهم (485 - 574).

12- حلفهم للمؤمنين بأنَّهم منهم، ووصف خيبتهم، وفرقهم منهم (485).

١٤٢

13 - لمز بعضهم للرسول في الصدقات، فإنْ أُعطوا منها رضوا، وإلاَّ سخطوا (467).

14 - إيذاؤهم له (ص) بقولهم: هو أُذنٌ (516).

15 - حلفهم للمؤمنين ليرضوهم دون إرضاء الله ورسوله (522).

16 - حذرهم إنزال سورة تُنبئهم بما في قلوبهم ووعيدهم على استهزائهم بإخراج ما يحذرون (525).

17- اعتذارهم عن استهزائهم بأنَّهم كانوا يقصدون الخوض واللعب، وكون هذا الخوض عين الكفر، ووعيدهم بتعذيب طائفة منهم بإصرارهم على إجرامهم، واحتمال العفو عن طائفة أُخرى (528 - 532).

18- بيان حال المنافقين وصفاتهم العامة ذُكراناً، وإناثاً، وإيقادهم هم والكفار نار جهنَّم ولعنهم إلخ (533).

19 - تشبيههم بمنافقي الأُمم الغابرة في كونهم لا حظَّ لهم إلا الاستماع بما ذكِّروا في خوضهم بالباطل، وحبوط أعمالهم في الدنيا والآخرة مثلهم وخسارهم التام (527). وتذكيرهم بنبأ أقوام الأنبياء قلبهم (539).

20- ( ... إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) . الآية (67).

21- قرنهم بالكفار في وجوب جهادهم والإغلاظ في معاملتهم ووعيدهم (549).

22- حلفهم على إنكار ما قالوا مِن كلمة الكفر، وإثبات الله لما نفوه ( ... وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ... ) أيْ محاولة اغتياله (ص) (551 - 555).

23- مَن عاهد الله منهم على الصدقة في حالة العسر، وإخلافه،

١٤٣

وكذبه، بعد الغنى واليسر، وأعقبهم ذلك نفاقاً يصحبهم إلى الحشر، وجهلهم علم الله بحالهم في السرِّ والجهر (558).

24 - لمزهم وعيبهم للمؤمنين في الصدقات، وسخريَّتهم منهم. (563).

25 - حرمانهم الانتفاع باستنفار الرسول لهم بكفرهم، حتَّى بالله ورسوله لا يُرجى اهتداؤهم بالرجوع عن قسوتهم (666).

26 - فرح المخلَّفون منهم بمقعدهم خلاف رسول الله، وتواصيهم بعدم النفر في الحرِّ، وتذكيرهم بحرِّ جهنم (569).

27- كون الأجدر بهم أنْ يحزنوا، ويضحكوا قليلاً ويبكوا كثيراً (572).

28 - نهيه (ص) عن الصلاة على موتاهم، وتعليله بكفرهم وموتهم عليه (573).

29 - استئذان أغنيائهم بالتخلُّف عن الجهاد كلَّما نزلت سورة تأمر بالجمع بين الإيمان والجهاد (581).

30- حال الأعراب، واستئذان بعضهم بالقعود عن الجهاد، وقعود الكاذبين بغير اعتذار ووعيدهم بعذاب أليم على الكفر (583).

نكتفي بذلك مِن صفات المنافقين في غزوة تبوك، التي جاءت بسورة التوبة ومَن أراد المزيد مِن معرفة سائر أعمال المنافقين فليرجع إلى سور: المنافقين، والأحزاب، والنساء، والأنفال، والقتال، والحشر.

وفي الصحيحين مِن حديث الإفك أنَّ أسيد بن الخضير قال لسعد بن عبادة:

إنَّك منافق، تُجادل عن المنافقين. واختصم الفريقان فأصلح النبي بينهم - فهؤلاء البدريُّون فيهم مَن قال لآخر منهم:

١٤٤

إنَّك منافق، ولم يكفر النبي لا هذا ولا ذاك.

والأخبار في ذلك كثيرة، ومَن شاء أنْ يقف على أسماء المنافقين مِن الخزرج والأوس فليرجع إلى الجزء الأول مِن (أنساب الأشراف) يجد أسماءهم قد ملأت عشر صفحات كاملة مِن ص 274 إلى ص 283.

يفضِّلون التجارة واللهو عن الصلاة:

ولا بأس أنْ نورد هنا ما فعله الصحابة مع رسول الله، وانفضاضهم مِن حوله إلى التجارة واللَّهو، وتفضيل ذلك على الصلاة، وتركهم إيَّاه قائماً وحده يُصلِّي يوم الجمعة، وذلك بعد أنْ أمرهم الله سبحانه بأنْ يسعوا إلى الصلاة، ويتركوا البيع؛ لأنَّ ذلك خير لهم (إنْ كانوا يعلمون) فخالفوا عن أمر الله، وانصرفوا إلى تجارتهم، ولهوهم، مِن حول رسول الله! وإليك هذه الآية الكريمة التي تفضحهم قال تعالى:

( وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) الجمعة: 11.

نفاق الصحابة على عهد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وبعده:

وإليك حديثاً رواه البخاري وغيره (1) ، عن حذيفة بن اليمان يُبيِّن فيه نفاق الصحابة على عهد النبي (صلّى الله عليه وسلم) وبعده.

قال حذيفة: إنَّ المنافقين اليوم، شرٌّ منهم على عهد النبي (صلّى الله عليه وسلم)، كانوا يومئذ يُسرُّون، واليوم يجهرون!

وفي رواية أُخرى للبخاري كذلك عنه:

____________________

(1) فتح الباري: 13/62 - 63 ط مصر.

١٤٥

قال: إنَّما كان النفاق على عهد النبي (ص)، فأمَّا اليوم فإنَّما هو الكفر بعد الإيمان.

(وفي رواية): فإنَّما هو الكفر والإيمان.

وأخرج البزار عن أبي وائل، قلت لحذيفة: النّفاق اليوم شرٌّ أمْ على عهد رسول الله (صلّى الله عليه وسلم)؟

قال: فضرب به على جبهته وقال: أوه! هو اليوم ظاهر، إنَّما كانوا يستخفون على عهد رسول الله (1) !

____________________

(1) أضواء على السنَّة المحمدية ص 356- 359 ط دار المعارف بمصر الطبعة الثالثة.

١٤٦

صيانة

القرآن من التحريف

١٤٧

قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في: وصف القرآن الكريم: (جعله الله ريَّاً لعطش العلماء، وربيعاً لقلوب الفقهاء ومحاج لطرق الصلحاء، ودواء ليس بعده داء، ونوراً ليس معه ظلمة).

نهج البلاغة

١٤٨

نقدِّم إلى القارئ الكريم بعض الآراء لعلماء الشيعة الإماميّة عن سلامة القرآن مِن الزيادة والنقصان.

معنى التحريف

قال الراغب الأصباني:

وتحريف الشيء إمالته كتحريف القلم. (المفردات في غريب القرآن ص 114 ط مصر).

الشيعة مأمورون بالأخذ بما يوافق القرآن

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (خطب النبي (صلّى الله عليه وآله) بمنى فقال: أيُّها الناس، ما جاءكم عنِّي يوافق كتاب الله فأنا قلته، وماجاءكم يُخالف كتاب الله فلم أقله). (أصول الكافي: 1/69 رقم الحديث 5).

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال:

١٤٩

(قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنَّ على كلِّ حقٍّ حقيقة، وعلى كلِّ صواب نوراً، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه). (اصول الكافي: 1/69 رقم الحديث 1).

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (ما لم يوافق مِن الحديث القرآن فهو زخرف). (أصول الكافي: 1/69 رقم الحديث 4).

التمسُّك بالقرآن الكريم

إنَّ الإمامية أشدُّ تمسُّكاً بالقرآن، ومحافظة عليه، وتعظيماً له، ومنه يستقون عقيدتهم وأحكامهم، وبه يدفعون شبهات المقياس المبطلين وأقوال المتحذلقين، فهو عندهم: المعجزة الكبرى، والمقياس الصحيح للحقِّ، والهداية. فقد رووا أنَّ أئمَّتهم أمروهم أنْ يعرضوا ما يُنقل عنهم على القرآن، فإنْ خالفه فهو كذب، وافتراء، وزخرف وباطل يجب ضربه في عرض الجدار (1) .

صيانة القرآن عن الزيادة والنقصان:

قال الله تعالى:

( هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ ) ، ( ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ) ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) ، ( ... كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ) ، ( لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) (2) .

(صدق الله العليُّ العظيم).

____________________

(1) الشيعة في الميزان ص 314 طبع بيروت - لبنان.

(2) المؤلِّف: علماء الشيعة الإمامية يستدُّلون بالآيات الواردة تحت عنوان: (صيانة القرآن عن =

١٥٠

جمع القرآن الكريم على عهد النبي (ص):

قال الإمام شرف الدين العاملي (قدِّس سرُّه):

وكان القرآن مجموعاً أيَّام النبي (صلّى الله عليه وآله) على ما هو عليه الآن مِن الترتيب، والتنسيق في آياته، وسوره، وسائر كلماته، وحروفه بلا زيادة، ولا نقصان، ولا تقديم ولا تأخير، ولا تبديل، ولا تغيير..

أجل، إنَّ القرآن عندنا كان مجموعاً على عهد الوصي، والنبوَّة، مؤلَّفاً على ما هو عليه الآن... وقد كان القرآن زمن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) يُطلق عليه الكتاب، قال الله تعالى:

( ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ) (1) البقرة: 2.

____________________

= الزيادة والنقصان) وبأحاديث كثيرة وردت عن طريق أئمَّة أهل البيت النبوي (عليهم السلام) بإرجاع شيعتهم إلى التمسُّك بهذا القرآن المتداول بين يدي عامَّة المسلمين في جميع أقطار العالم، وإليك نصَّ أوَّل إمام مِن أئمَّة العترة الطاهرة وصيِّ الرسول وخليفته (صلّى الله عليه وآله) بلا فصل أمير المؤمنين، وسيد الوصيين علي بن أبي طالب (عليه السلام).

قال (عليه السلام): (وعليكم بكتاب الله؛ فإنَّه الحبل المتين، والنور المُبين، والشفاء النافع، والرَّي الناقع [ نفع العطش إذا أزاله ] والعصمة للمتمسك، والنجاة للمتعلِّق، لا يعوج فيُقام ولا يزيغ فيُستعتب، ولا تخلفه كثيرة الرَّد، وولوج السمع مَن قال به صَدَق، ومَن عمل به سبق).

(نهج البلاغة شرح محمد عبده ص 335 ط بيروت - دار المعارف).

(1) بعض الآيات التي فيها جاء ذكر(الكتاب):

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ... ) النساء: 136.

( ... قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ ) المائدة: 15.

( ... وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ... ) النجل: 89.

( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ... ) . الجمعة: 2.

( ( ... وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً... ) الأحقاف: 12.

( إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ... ) الزمر: 2.

( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ) ص: 29.

( إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ... ) الزمر: 41.

=

١٥١

وهذا يشعر بأنَّه كان مجموعاً، ومكتوباً فإنَّ ألفاظ القرآن إذا كانت محفوظة، ولم تكن مكتوبة لا تُسمَّى كتاباً، وإنَّما تسمَّى بذلك بعد الكتابة كما لا يخفى، وكيف كان فإنَّ رأي المحقِّقين مِن علمائنا:

أنَّ القرآن العظيم إنَّما هو ما بين الدفَّتين الموجود في أيدي الناس، والباحثون مِن أهل السنَّة يعلمون منَّا ذلك، والمنصفون منهم يصرِّحون به. (أجوبة مسائل جار الله ص 34، 37 الطبعة الثانية صيدا عام 1377 هـ).

____________________

=

( ... تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ) القصص: 2.

( هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ... ) الجاثية: 29.

( إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ ) الواقعة: 37، 38.

١٥٢

لا تحريف في القرآن

1- معنى التحريف (1)

يطلق لفظ التحريف ويراد منه عدَّة معانٍ على سبيل الإشراك، فبعض منها واقع في القرآن باتِّفاق مِن المسلمين، وبعض منها لم يقع فيه باتِّفاق منهم أيضاً، وبعض منها وقع الخلاف فيما بينهم، وإليك تفصيل ذلك:

____________________

(1) علماء الشيعة الإمامية الذين ألَّفوا في فقه القرآن يُنكرون التحريف، وكذلك علماء التفسير.

وأمَّا علماء الحديث والرجال مِن الشيعة فإنَّهم قائلون بتمحيص الروايات حتَّى في كتب الحديث المُعتبرة عندهم (*).

وأمَّا فقهاء الشيعة، ومؤلِّفو آيات الأحكام فهم يحتجون بالقرآن وذلك إذعاناً منهم بحجية القرآن، وصيانته مِن التحريف، وأهمُّ مِن هؤلاء جميعاً علماء الكلام، ومؤلِّفو الفلسفة الإسلامية، والحكماء منهم الذين دوَّنوا عقائد الشيعة بالأصول العلمية والفلسفية يرفضون الرأي القائل: بتحريف القرآن رفضاً باتَّاً بلْ إنَّهم في مقام الاستدلال على الإمامة والخلافة يستدلُّون بآيات مِن القرآن الكريم.

____________________

(*) راجع معجم رجال الحديث الجزء الأول.

قال الراغب الأصبهاني: وتحريف الكلام أنْ تجعله على حرف مِن الاحتمال يمكن حمله على غيره، قال عز وجل: ( ...يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ... ) و ( ... مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ... ) ( ... وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) (المفردات في غريب القرآن ص 114).

١٥٣

الأول: (نقل الشيء عن موضعه وتحويله إلى غيره) ومنه قوله تعالى: ( مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ... ) النساء: 46.

ولا خلاف بين المسلمين في وقوع مثل هذا التحريف في كتاب الله، فإنَّ كلَّ مَن فسَّر القرآن بغير حقيقته، وحمله على غير معناه فقد حرَّفه، وترى كثيراً مِن أهل البدع، والمذاهب الفاسدة، قد حرَّفوا القرآن بتأويلهم آياته على آرائهم وأهوائهم.

وقد ورد المنع عن التحريف بهذا المعنى، وذمِّ فاعله في عدَّة مِن الروايات منها:

رواية (الكافي) بإسناده عن الباقر (عليه السلام) أنَّه كتب في رسالته إلى سعد الخير: (... وكان مِن نبذهم الكتاب أنْ أقاموا حروفه، وحرَّفوا حدوده، فهم يروونه، ولا يرعونه، والجهَّال يُعجبهم حفظ للرواية، والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية...) الوافي 3/274. أبواب القرآن وفضائله.

الثاني: (النقص أو الزيادة في الحروف، أو في الحركات، مع حفظ القرآن، وعدم ضياعه، وإنْ لم يكن مميَّزاً في الخارج عن غيره).

والتحريف بهذا المعنى واقع في القرآن قطعاً فقد أثبتنا فيما تقدَّم (1) عدم تواتر القراءات، وأمَّا غيرها فهو إمَّا زيادة في القرآن، وإمَّا نقيصة فيه.

____________________

(1) انظر: البيان في تفسير القرآن ص 158 طبع بيروت تحت عنوان: أدلَّة تواتر القراءات.

١٥٤

الثالث: (النقص أو الزيادة بكلمة، أو كلمتين، مع حفظ التحفظ على نفس القرآن المنزل).

والتحريف بهذا المعنى قد وقع في صدر الإسلام، وفي زمان الصحابة قطعاً، ويدلُّنا على ذلك إجماع المسلمين على أنَّ عثمان أحرق جملة مِن المصاحف وأمر ولاته بحرق كلِّ مصحف غير ما جمعه.

وهذا يدلُّ على أنَّ هذه المصاحف كانت مخالفة لما جمعه، وإلاَّ لم يكن هناك سبب موجب لإحراقها.

وقد ضبط جماعة مِن العلماء موارد الاختلاف بين المصاحف، منهم:

عبد الله بن أبي داود السجستاني، وقد سمَّى كتابه هذا بكتاب (المصاحف).

وعلى ذلك فالتحريف واقع لا محالة، إمَّا مِن عثمان، أو مِن كتاب تلك المصاحف، ولكنَّا سنبيِّن بعد هذا إنْ شاء الله تعالى: أنَّ ما جمعه عثمان كان هو القرآن المعروف بين المسلمين، الذي تداولوه عن النبي (صلّى الله عليه وآله) يداً بيد.

فالتحريف بالزيادة والنقيصة إنَّما وقع في تلك المصاحف التي انقطعت بعد عهد عثمان.

وأمَّا القرآن الموجود فليس فيه زيادة، ولا نقيصة.

وجملة القول: إنَّ مَن يقول بعدم تواتر تلك المصاحف - كما هو الصحيح - فالتحريف بهذا المعنى، وإنْ كان قد وقع عنده في الصدر الأول، إلاّ أنَّه قد انقطع في زمان عثمان، وانحصر المصحف بما ثبت تواتره عن النبي (صلّى الله عليه وآله).

وأمَّا القائل: بتواتر المصاحف بأجمعها، فلا بدَّ له مِن الالتزام بوقوع التحريف بالمعنى المتنازع فيه في القرآن المُنزَل، وبضياع شيء منه.

١٥٥

الرابع: (التحريف بالزيادة والنقيصة في الآية والسورة مع التحفُّظ على القرآن المنزل، والمتسالم على قراءة النبي (ص) إيّاها).

والتحريف بهذا المعنى أيضاً واقع في القرآن قطعاً. فالبسملة - مثلاً - ممَّا تسالم المسلمون على أنَّ النبي (ص) قرأها قبل كلِّ سورة غير سورة التوبة.

وقد وقع الخلاف في كونها مِن القرآن بين علماء السنَّة. فاختار جمع منهم أنَّها ليست مِن القرآن، بلْ ذهبت المالكيَّة إلى كراهة الإتيان بها قبل قراءة الفاتحة في الصلاة المفروضة، إلاَّ إذا نوى بها المصلِّي الخروج مِن الخلاف، وذهب جماعة أُخرى إلى أنَّ البسملة مِن القرآن.

وأمَّا الشيعة الإمامية فهم متسالمون على جزئية البسملة مِن كلِّ سورة غير سورة التوبة، واختار هذا القول جماعة مِن علماء السنَّة أيضاً... وإذاً، فالقرآن المنزل مِن السَّماء قد وقع فيه التحريف يقيناً بالزيادة، أو بالنقيصة.

الخامس: (التحريف بالزيادة بمعنى أنَّ بعض المصحف الذي بأيدينا ليس مِن الكلام المُنزل).

والتحريف بهذا المعنى باطل بإجماع المسلمين، بلْ هو ممّا علم بطلانه بالضرورة.

السادس: (التحريف بالنقيصة، بمعنى أنَّ المصحف الذي بأيدينا لا يشتمل على جميع القرآن الذي نزل مِن السماء، فقد ضاع بعضه على النّاس).

والتحريف بهذا المعنى هو الذي وقع فيه الخلاف فأثبته قوم ونفاه آخرون (1) .

____________________

(1) البيان في تفسير القرآن ص 200 طبع بيروت.

١٥٦

2 - رأي المسلمين في التحريف

المعروف بين المسلمين عدم وقوع التحريف في القرآن، وأنَّ الموجود بأيدينا هو جميع القرآن المُنزل على النّبي الأعظم (ص)، وقد صرّح بذلك كثير من الأعلام.

منهم: بطل العلم المجاهد الشيخ محمد جواد البلاغي (1) في مقدِّمة تفسيره (آلاء الرحمان)، وقد نسب جماعة القول بعدم التحريف إلى كثير مِن الأعاظم منهم:

شيخ المشايخ المفيد [ محمد بن محمد النعمان ] وَالمُتَبَحّر الجامع الشيخ البهائي، والمحقِّق القاضي نور الله، وأضرابهم. وممَّن يظهر منه

____________________

(1) قال الشيخ آقا بزرك في طبقات أعلام الشيعة: الشيخ محمد جواد البلاغي المولود سنة (1282 هـ) - والمتوفَّى سنة (1352 هـ) هو: الشيخ محمد جواد بن الشيخ حسن... ابن الشيخ محمد علي بن محمد البلاغي النجفي الربعي نسبة إلى ربيعة القبيلة المشهورة. مِن مشاهير علماء الشيعة في عصره. علاَّمة جليل، ومجاهد كبير، ومؤلِّف مُكثر خبير.

(آل البلاغي) مِن أقدم بيوتات النجف وأعرقها في العلم والفضل والأدب.

أنجبت هذه الأسرة عدَّة مِن رجال العلم والدين... والمُترجَم مِن أعلام هذا البيت المعاصرين. كان أحد مفاخر العصر علماً وعملاً.

وإليك مِن مؤلَّفاته المطبوع منها: (الهدى إلى دين المصطفى) جزءان في الردِّ على عبدة الثالوث، و(أنوار الهدى) في إبطال بعض الشُّبه الإلحادية و(الرحلة المدرسية) أو المدرسة السيَّارة ثلاثة أجزاء في الردِّ على الملل الخاطئة طبع مرتَّين وتُرجِم إلى الفارسية وطُبِع أيضاً، و(التوحيد والتثليث) في الردِّ على النصارى أيضا، و(إبطال فتوى الوهابيين) بهدم قبور البقيع، ورسالة في إبطال فتوى الوهابيين أيضاً، و(البلاغ المبين) في الإلهيات، و(أجوبة المسائل البغدادية) في أصول الدين ورسالة في وضوء الإمامية وصلاتهم، وصومهم طُبعت بالإنجليزية، و(العقود المفضَّلة) في حلِّ المسائل المشكلة في الفقه، تعليقة على مباحث البيع مِن (المكاسب) للشيخ الأنصاري، و(آلاء الرحمان) في تفسير القرآن طُبع منه الجزءان الأول والثاني وهو آخر تأليفه ومِن أثمن التفاسير وأليقها بهذا العصر. وأمَّا غير المطبوع فهو كثير... الخ.

(نقباء البشر في القرن الرابع عشر: 1/324-325 طبعة النجف الأشرف - العراق).

١٥٧

القول بعدم التحريف: كلُّ مَن كتب في الإمامة مِن علماء الشيعة وذكر فيه المثالب، ولم يتعرَّض للتحريف فلو كان هؤلاء قائلين في التحريف لكان ذلك أولى بالذكر مِن إحراق المصحف وغيره.

وجملة القول: إنَّ المشهور بين علماء الشيعة الإمامية ومحقّقيهم، بلْ المُتسالم عليه بينهم هو القول بعدم التحريف (1) .

____________________

(1) البيان في تفسير القرآن ص 200، 201.

١٥٨

رأي علماء الإماميَّة بعدم الزيادة والنقيصة في القرآن

رأي الشيخ الصدوق طاب ثراه

قال العلاَّمة الجليل المجاهد الشيخ محمد جواد البلاغي (طاب ثراه) في مقدِّمة تفسيره (آلاء الرحمان) المطبوعة في أوائل تفسير القرآن الكريم للعلاَّمة الجليل المفسِّر، السيد عبد الله شبَّر (1) في القاهرة تحت عنوان: قول الإمامية بعدم النقيصة في القرآن:

ولا يخفى أنَّ شيخ المحدِّثين والمعروف بالاعتناء بما يروي، وهو الصدوق (طاب ثراه) (2) قال في كتاب (الاعتقاد):

____________________

(1) هو السيد عبد الله بن السيد محمد رضا شبَّر، ولد رحمه الله في النجف الأشرف عام (1188هـ) وتوفِّي في مدينة الكاظمية قرب بغداد في ليلة الخميس مِن شهر رجب (عام 1242هـ)، ودفن في رواق الكاظمين (عليهما السلام).

وقال السيد الخوانساري في (روضات الجنات):

السيد عبد الله بن محمد رضا العلوي الحسيني الكاظمي الشهير بشبَّر (على زنه سكَّر).

كان مِن أعيان فضلاء هذه الأواخر ومحدِّثيهم. فقيهاً، متبحِّراً، جامعاً، متتبِّعاً متوطِّناً بأرض الكاظمين المطهرة على مشرِّفيها السلام. وله مؤلَّفات كثيرة في التفسير، والحديث والفقه، والأصول، وغير ذلك.

(2) الشيخ الصدوق: مِن كبار علماء الإمامية في القرآن الثالث الهجري.

١٥٩

اعتقادنا أنَّ القرآن الذي أنزله الله على نبيِّه محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هو ما بين الدفَّتين، وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر مِن ذلك، ومبلغ سوره عند الناس مئة وأربع عشرة سورة، وعندنا: أنْ الضّحى، وألم نشرح سورة واحدة ولإيلاف، وألم تر كيف.. سورة واحدة، ومَن نَسب إلينا أنَّا نقول: أكثر مِن ذلك فهو كاذب (1) .

وقال الشيخ المفيد (2) محمد بن محمد بن النعمان (طاب ثراه):

____________________

=

ولِد في مدينة قم المقدسة (عام 306هـ) (وهي أولى سنيِّ سفارة الحسين بن روح، وهو السفير الثالث مِن السفراء الأربعة الذين هم نوَّاب الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام)، الإمام الثاني عشر (عليه السلام) في الغيبة الصغرى).

وتوفِّي في بلدة ري - طهران - (عام 381) مِن الهجرة.

مؤلَّفاته كثيرة تعرَّض لذكرها بعض أرباب المعاجم. انظر:

رجال النجاشي، فهرست الشيخ الطوسي، خلاصة الأقوال للعلاَّمة الحلّي، معالم العلماء لابن شهرآشوب، مستدرك الوسائل للعلاَّمة النوري، الذريعة إلى تصانيف الشيعة للعلاَّمة الكبير الشيخ آقا بزرك الطهراني وغيرها.

(1) كتاب (الاعتقاد) ص 63 طبع طهران (عام 1370 هـ) نشرته مكتبة العلاَّمة الشيخ ميرزا حسن المصطفوي، (بحر الفوائد في شرح العقائد) للعلاَّمة الحجَّة الشيخ محمد حسن الآشتياني ص 98 طبع طهران (عام 1314 هـ)، مقدِّمة تفسير (الآء الرحمان) المطبوعة في أوائل تفسير شبَّر بمصر (عام 1385) هجرية. الوافي: 3/273 طبع على الحجر بطهران (عام 1324 هـ).

(2) محمد بن محمد بن النعمان المفيد، يكنَّى أبا عبد الله المعروف بابن المعلّم، مِن جملة متكلِّمي الإمامية، انتهت إليه رياسة الإمامية في وقته، وكان مقدَّماً في العلم، وصناعة الكلام وكان فقيهاً متقدِّماً فيه. حسن الخاطر، دقيق الفطنة، حاظر الجواب، وله قريب مِن مئتي مصنَّف كبار، وصغار، وفهرست كتبه معروف.

ولِد سنة ثمان وثلاثين وثلاثمئة (338هـ) وتوفِّي لليلتين خلتا مِن شهر رمضان سنة ثلاث عشر وأربعمئة (413هـ). وكان يوم وفاته يوماً لم يُرَ أعظم منه مِن كثرة الناس للصلاة عليه، وكثرة البكاء مِن المخالف والموافق. ومِن كتبه:

كتاب المقنعة في الفقه، وكتاب الأركان في الفقه، ورسالة في الفقه إلى ولده لم يتمَّها، وكتاب الإرشاد، وكتاب الإيضاح في الإمامة...الخ

(انظر: فهرست الشيخ الطوسي ص 157 - 158 طبع النجف الأشرف - العراق، رجال النجاشي ص 283 طبع الهند، نقد الرجال للنقرشي ص 331 طبع إيران ذكر مولده في 11 =

١٦٠