مستدرك الوسائل خاتمة 6 الجزء ٢٤

مؤلف: الحاج ميرزا حسين النوري الطبرسي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 417
مؤلف: الحاج ميرزا حسين النوري الطبرسي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 417
تنبيهات:
ارتأينا ان نذكر للقارئ الكريم جملة تنبيهات حول عملنا في الفائدة السادسة بالذات، لما في ذلك من أهمية بالغة، وهي:
الأوّل:
لقد سبق التنبيه في مقدمة تحقيق خاتمة مستدرك الوسائل الجزء الأول، وعند التعريف بهذه الفائدة صفحة: ٥٣ الفقرة (٨) على تصحيح الأردبيليقدسسره بعض طرق الشيخ إلى أصحاب الأُصول والمصنفات في مشيخة التهذيب في هذه الفائدة، مع عدم وجود تلك الطرق في المشيخة، كما هو الحال في الطرق: ٨٧ و ٩١ و ١٠٧ و ١٠٨ و ١٢٠ و ١٥٤ وكثير غيرها.
وقد استبعدنا هناك أن تكون كل هذه الأُمور قد صدرت سهواً من قلم الأردبيليقدسسره كما ذهب إلى ذلك جملة من الأعلام، بما فيهم المحدث النوري نفسه الذي اعترض على بعض الطرق كما في الطريق [١٠٨] وغيره بعدم وجودها في المشيخة وقد اكتشفنا من خلال متابعتنا الحثيثة للأسانيد المتصلة بأصحاب الأُصول والمصنفات في أوائل التهذيب ممّن لم يذكر
الشيخ طرقاً لهم في المشيخة، ومقارنة ذلك بطرقه إليهم في الفهرست ان الأردبيليقدسسره في رسالة تصحيح الأسانيد المنقولة خلاصتها في هذه الفائدة قد اعتمد على تلك الأسانيد مباشرة، وجعلها بمثابة الطرق إلى أصحاب الأُصول والمصنفات، الذين لم تذكر طرقهم في مشيخة التهذيب، وذلك ضمن اعتبارات خاصة ألمح لها الأردبيلي في ديباجة رسالته في آخر جامع الرواة ٢: ٤٧١ من الفائدة الرابعة. ويدلُّ على ذلك قوله فيها: « وأيضاً رأيت الشيخرحمهالله يروي الحديث عن أُناس آخر معلقاً وليس له في المشيخة ولا في الفهرست إليهم طريق. إلى أن ألقي في روعي أن أنظر في أسانيد التهذيب والاستبصار لعل الله يفتح إلى ذلك باباً، فلما رجعت إليهما فتح الله إلى أبواباً، فوجدت لكل من الأُصول والكتب طرقاً كثيرة غير مذكورة فيهما، أكثرها موصوفة بالصحة والاعتبار ».
هذا ولم نتعرض في هوامش تلك الطرق إلى مناقشة هذا المبنى الرجالي في تتميم طرق المشيخة من أسانيد التهذيب لحاجته إلى بحث مستقل، فلاحظ.
الثاني:
ان الطرق التي ستذكر في هذه الفائدة منقولة من جامع الرواة الفائدة الرابعة ٢: ٤٧٤ تحت عنوان « في أسانيد كتابي الشيخ » وسوف يصرح المصنف بذلك، وقد قمنا بتخريج هذه الطرق من مصادرها دون الإشارة إلى جامع الرواة عقيب كل طريق، إلاّ في الحالات الخاصة التي تقتضي ذلك.
الثالث:
قد يحصل من الإشارة في متن هذه الفائدة إلى رقم الحديث في بعض الكتب الحديثية لا سيما التهذيب والاستبصار بعض التفاوت بين الرقم المشار إليه وبين رقمه المخرج في الهامش، مع ان المراد واحد، وقد
نتج هذا التفاوت من جراء ترقيم الأحاديث المكررة والمعطوفة على ما تقدمها بعبارة (مثله) أو نحوه عند طبع كتابي التهذيب والاستبصار، بينما اعتمدت النسخ الخطية منهما من قبل المؤلف ولم تؤخذ الأحاديث المكررة فيهما بعين الاعتبار من حيث عدد الأحاديث في الأبواب.
الرابع:
في أغلب الأحيان تتم الإشارة في المتن إلى تسلسل الحديث في بابه، كأن يقال: في الحديث العاشر من الباب كذا، ونحن لم نعتمد على تسلسل الأحاديث في أبوابها في التخريج، بل اعتمدنا على تسلسلها العام في كل جزء، بغية تسهيل مراجعتها للقارئ، وفي المثال ربما يكون الحديث العاشر هو الحديث التسعين أو غير ذلك. مع ان المراد واحد، وربما يجد القاري ان الحديث في المثال هو ليس العاشر في بابه لما ذكرناه في التنبيه الثاني.
الخامس:
في هذه الفائدة دراسة رجالية موسعة بجميع طرق الشيخ الطوسيقدسسره ، بحيث لم يترك طريق في التهذيب والاستبصار
والفهرست إلاّ وقد حكم عليه بأنه صحيح، أو موثق، أو حسن، أو مختلف فيه، أو ضعيف، أو مجهول، كما سيأتي بيانه في أول الفائدة.
ونحن لم نعقب على الطرق الصحيحة أو المختلف فيها إلاّ نادراً، وركزنا الحديث في الهامش على بيان سبب الحكم في ما ورد فيه التصريح في المتن بأنه مجهول، أو ضعيف، أو حسن، أو موثق.
فاذا ما صُرِّح بضعف طريق بحثنا في رجال ذلك الطريق رجلاً رجلاً وميزنا الضعيف فيهم، ثم نذكر بعد هذا في الهامش بأن الطريق المذكور ضعيف بفلان، لأنا لم نجد في ذلك الطريق من هو ضعيف غيره في كتب الرجال، بغض النظر عن اختلاف المباني العلمية في التوثيقات العامة،
فالغرض هو تحقيق النص وتعضيدهُ، وقد نضطر أحياناً إلى مخالفته فيما إذا خالف النصُّ المشهور، كأن يحكم بضعف طريق لا يوجد في رجاله غير الثقة، وهكذا.
السادس:
قد يقتصر في رسالة تصحيح الأسانيد (الفائدة الرابعة في جامع الرواة) على ذكر الطريق الصحيح في الفهرست أو مشيخة التهذيبين، ويدع ذكر غير الصحيح، أما إذا لم يكن هناك ثمة طريق صحيح إلى أحد المشايخ، فإنه يتم التنبيه على سائر الطرق إليه بتفصيل دقيق مع ترك الاقتصار إلاّ في النادر.
وقد سرنا على وفق هذا المنهج في الغالب، مع التنبيه أحيانا على بعض الطرق التي لم تذكر وفقاً لما يقتضيه الحال، فلاحظ.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحَمْدُ للهِ وَصلّى اللهُ عَلى مُحمَّدٍ وآلِهِ آلِ اللهِ
الفائدة السادسة
[نبذ ممّا يتعلَّق بكتاب التهذيب]
في نبذ ممّا يتعلّق بكتاب التهذيب، الذي هو أعظم كتب الحديث في الفقه منزلة، وأكثرها منفعة، بل هو كاف للفقيه فيما يبتغيه من روايات الأحكام، مغن عمّا سواه في الغالب، ولا يغني عنه غيره في هذا المرام، مضافاً إلى ما اشتمل عليه من الفقه والاستدلال، والتنبيه على الأُصول، والرجال، والتوفيق بين الأخبار، والجمع بينها بشاهد النقل والاعتبار.
وقد مرّ في ترجمته في الفائدة الثالثة(١) أنّ الشيخ شرع في هذا الكتاب ولمّا بلغ سنّهُ ستّاً وعشرين، وهذا ممّا يقضي منه العجب.
ثم أن طريقته في نقل الأحاديث في هذا الكتاب مختلفة.
قال السيد الأجل بحر العلومرحمهالله : فإنّه قد يذكر في التهذيب والاستبصار جميع السند كما في الكافي، وقد يقتصر على البعض بحذف الصدور كما في الفقيه، واستدرك المتروك في آخر الكتابين، فوضع له مشيخته المعروفة، وهي فيهما واحدة غير مختلفة، وقد ذكر فيها جملة من الطرق إلى أصحاب الأُصول والكتب، ممّن صدر الحديث بذكرهم، وابتدأ بأسمائهم، ولم يستوف الطرق كلّها، ولا ذكر الطريق إلى كلّ من روى عنه بصورة التعليق، بل ترك الأكثر لقلّة روايته عنهم، وأحال التفصيل إلى فهارسة الشيوخ المصنّفة في هذا الباب.
وزاد في التهذيب الحوالة على كتاب الفهرست، الذي صنّفه في هذا
__________________
(١) تقدم ذلك في الجزء الثالث صحيفة:
المعنى، وقد ذهبت فهارسة الشيوخ بذهاب كتبهم، ولم يبق منها إلاّ القليل، كمشيخة الصدوق، وفهرست الشيخ الجليل أبي غالب الزراري، ويعلم طريق الشيخ منهما بوصل طريقه إليهما بطريقهما إلى المصنفين، وقد يعلم ذلك من طريق النجاشي، فإنه كان معاصراً للشيخ، مشاركاً له في أكثر المشايخ: كالمفيد، والحسين بن عبيد الله، وأحمد بن عبدون، وغيرهم.
فإذا علم روايته للأصل أو الكتاب بتوسط أحدهم، كان ذلك طريقاً للشيخ.
والحاجة إلى فهرست الشيخ، أو غيره متوفّرة فيمن لم يذكرهم الشيخ في المشيخة لتحصيل الطريق إليه، وفيمن ذكره فيها لاستقصاء الطرق والوقوف على الطريق الأصح، أو الأوضح، والرجوع إليه في هذا القسم معلوم، بمقتضى الحوالة الناصّة على إرادته، وكذا الأول، لأن الظاهر دخوله فيها، كما يستفاد من فحوى كلامه في أول المشيخة وآخرها، مع أنّ ثبوت تلك الطرق له في معنى الإحالة عليها فيما رواه في الكتابين وغيرهما، ولا يتوقف على التصريح، ولا يلزم من جواز الرجوع في المتروك من السند، جوازه مع الاستقصاء لحصول الاشتباه معه في تعيين الكتاب الذي أخرج منه الحديث، فإنه قد يخرجه من كتب من تقدّم من المحدّثين، وقد يخرجه من كتب من تأخّر، فلا يتميّز المأخذ، ولا يمكن الحكم بصحة الحديث إذا صحّ الطريق إلى البعض، ولو صحّ إلى الكلّ ففي الصحة وجهان من احتمال تلقّي الحديث من أفواه الرجال، ومن بعد هذا الاحتمال من عادة المصنّفين، فإن المعهود [منهم](١) أخذ الحديث من الكتب،
__________________
(١) ما بين المعقوفتين لم يتضح في الأصل، وأثبتناه من الحجرية والمصدر.
ولاستعلام الواسطة المتروكة طريق آخر، هو [ردّ](١) المتروك إلى المذكور، بأن يَثْبُت للشيخ مثلاً في أسانيد الكتابين طريق إلى صاحب الأصل، أو الكتاب، فيحكم بكونه طريقاً في المتروك، وبمثله يمكن تحصيل الطرق المتروكة في الكافي، وغيره من كتب الحديث، وتصحيح أكثر الروايات المرويّة فيها بحذف الاسناد، لوجود الطرق الصحيحة إلى رجال السند في تضاعيف الأخبار، ومثله تركيب الأسانيد بعضها (مع)(٢) بعض، أو مع الطرق الثابتة، وليس شيء منها بمعتمد، إذ قد يختص الطريق ببعض كتب أصحاب الحديث، بل ببعض روايات البعض، كما يعلم من تتبع الإجازات، والرجال، ويظهر من أحوال السلف في تحمّل الحديث، فلا يستفاد حكم الكلّ من البعض، لكنّه لا يخلو من التأييد خصوصاً مع الإكثار، انتهى(٣) .
قلت: ومع الإكثار كثيراً ما يظنّ، بل يطمئن الناظر أنّه هو الطريق، ورحى مطالب الأسانيد (ومسائل)(٤) الرجالية تدور على الظنون.
ثم إنهرحمهالله وضع مشيخة، ذكر فيها طرق الشيخ في المشيخة والفهرست، وأشار إلى الصحة، والضعف، والخلاف، من غير إشارة إلى ما يظهر من طرقه في الأسانيد، ولكن فارس هذا الميدان العالم الجليل المولى الحاج محمّد الأردبيلي، جمع في رسالته التي سمّاها (بتصحيح الأسانيد) وذكر مختصرها في (جامعه) ما فيهما وما يظهر من أسانيد الكتابين، ونحن نورد ما أورده، لما فيه من الفوائد ما لا تحصى، جزاه الله
__________________
(١) ما بين المعقوفتين لم يتضح في الأصل، وأثبتناه من الحجرية والمصدر.
(٢) في الحجرية: من.
(٣) رجال السيد بحر العلوم ٤: ٧٤ ٧٦.
(٤) كذا في الأصل والحجرية، والظاهر: والمسائل.
تعالى عن العلماء الراسخين، بل الإسلام والمسلمين، خير جزاء المحسنين.
قالرحمهالله في صدر الرسالة بعد كلمات: فطمحت النظر إلى أحاديث كتابَي التهذيب والاستبصار، قدّس الله روح مؤلّفهما، ورفع في فراديس الجنان قدره، بما بذل الجهد فيهما، فرأيت الشيخرحمهالله يذكر مجموع السند، في أوائل الكتاب، ثم يطرح ابتداء السند لأجل الاختصار، ويبتدئ بذكر أهل الكتب، وأصحاب الأُصول، ويذكر في المشيخة والفهرست طلباً لإخراج الحديث من الإرسال طريقاً، أو طريقين، أو أكثر، إلى كلّ واحد منهم، ومن كان مقصده الاطلاع على أحوال الأحاديث، فينبغي له أن يطمح نظره إلى المشيخة، ويرجع إلى الفهرست.
وإنّي(١) لمّا رجعت إليهما ألفيت كثيراً من الطرق الموردة(٢) فيهما معلولاً على المشهور، بضعف، أو جهالة، أو إرسال، وأيضاً رأيت الشيخرحمهالله يروي الحديث عن أُناس أُخَر معلّقاً، وليس له في المشيخة ولا في الفهرست إليهم طريق، ولم يبال الشيخ (قدّس الله روحه) بذلك، لكون الأُصول والكتب عنده مشهورة، بل متواترة، وإنّما يذكر الأسانيد لاتّصال السند، ولذا تراه لا يقدح عند الحاجة إليه في أوائل السند، بل إنّما يقدح فيمن يذكر بعد أصحاب الأُصول، لكن المتأخرين من فقهائنا (رضوان الله عليهم) (يقولون)(٣) : حيث أنّ تلك الشهرة لم تثبت عندنا، فلا بدّ لنا من النظر في جميع السند، فبذلك أسقطوا كثيراً من أخبار الكتابين
__________________
(١) الكلام لا زال للأردبيليقدسسره
(٢) في المصدر: المورودة، وما في الأصل هو الصحيح ظاهراً.
(٣) ما بين القوسين غير واضح في الأصل، وأثبتناه من الحجرية والمصدر.
عن درجة الاعتبار.
وقد خطر بخاطر هذا القليل البضاعة، المجهد نفسه لإيضاح هذه الصناعة، أنّه إن حصل لي طريق يكون لطريقة الشيخرحمهالله مقوّياً، وقرينة للمتأخرين والاعتبار، لكانت تلك الأحاديث الغير المعتبرة من هذين الكتابين معتبرة، ولمن أراد الاطلاع على طرق هذين الكتابين منهلاً (مروية)(١) .
وكنت أفتكر برهة من الزمان في هذا الأمر، متضرعاً إلى الله سبحانه، ومستمداً من هداياته، وألطافه التي وعدها المتوسلين إلى جنابه بقوله:( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ) (٢) إلى أن القي في روعي أن أنظر في أسانيد التهذيب والاستبصار، لعلّ الله تعالى يفتح إلى ذلك باباً، فلمّا رجعت إليهما، فتح الله لي أبوابها، فوجدت لكلّ من الأُصول والكتب طرقاً كثيرة، غير مذكورة فيهما، أكثرها موصوفة بالصحة والاعتبار، فأردت أن أجمعها للطالبين للهداية والاستبصار، وليكون عوناً وردءً للناظرين في الأخبار مدى الأعصار، ثم إني اكتفيت في جمعها لاطمئنان القلب، وحصول الجزم للناظر إليها، على ضبط قدر قليل منها، لأنّ المنظور فيما نحن فيه الاختصار، فنظرت أوّلاً إلى الفهرست، والمشيخة، فكتبت:
الطريق الذي يحكم من غير خلاف بصحّته.
والطريق الذي يحكم من غير خلاف بضعفه.
وفي الطريق الذي كان خلافياً، ولم أقدر على ترجيحه، كتبت اسم
__________________
(١) مروية: كذا في الأصل والحجرية والمصدر، والظاهر: مروياً، صفة للمنهل واحد المناهل، وهو موضع الشرب، لسان العرب ١١: ٦٨٠، نهل.
(٢) العنكبوت: ٢٩ / ٦٩.
الشخص الذي صار الطريق بسببه مختلفاً فيه، حتى أن الناظر فيه يكون هو الذي يرجّحه.
ثم كتبت تحت كلّ واحد من الطرق الضعفية، والمرسلة، والمجهولة: الطرق الصحيحة، والحسنة، والموثّقة التي وجدتها في هذين الكتابين، وأشرت إلى أنّها في أيّ باب، وأيّ حديث من هذا الباب، حتى يكون للناظر مبرهناً ومدلّلاً، وله إلى مأخذه سبيلاً سهلاً، وبذلت الجهد، وصرفت الوسع، فجاء كتابي هذا بحمد الله سبحانه وتعالى وافياً شافياً، وجعلت لما رأيت في المشيخة علامة المشيخة، ولما في الفهرست (ست)، وفي التهذيب (يب)، وفي الاستبصار (بص)(١) قالرحمهالله : وأرجو من الناظر فيه أن ينظر بعين الإنصاف، ويجانب طريق الغيّ والاعتساف، وإن اطلع أحياناً في تعداد الأحاديث على سهو أو خطأ، مع أنّه لا يضرّ بالمقصود، يكون ساعياً لإصلاحها، ولا يجعلني غرضاً لسهام الملامة، فإنّ الإنسان مشتق من النسيان، وإن كنت ذكرت من الطرق المذكورة في رسالتي المزبورة كثيراً، لكن اختصرت في هذه الفائدة بأربعة أو خمسة منها(٢) ، انتهى.
ثم شرعرحمهالله في ذكر الطرق.
وربّما نبّهت على فائدة في بعض الطرق أدرجتها في كلامه، مصدّراً بقولي: قلت، وفي آخره: انتهى.
قال (رحمهالله ):
__________________
(١) بناء على مقتضيات المنهج العلمي الحديث في التحقيق، سوف نذكر اسم الكتاب بدلاً من الرمز الخاص به أينما وجد.
(٢) جامع الرواة ٢: ٤٧٤، من الفائدة الرابعة.
فأقول: طريق الشيخ (قدسسره ):
[١] إلى آدم بن إسحاق:
ضعيف في الفهرست(١) .
وإليه: حَسَن في التهذيب، في باب الزيادات في الصيام، في الحديث الخامس والخمسين(٢) ، وفي كتاب المكاسب، قريباً من الآخر بخمسة وأربعين حديثاً(٣) ، وفي باب لحقوق الأولاد بالآباء، قريباً من الآخر باثني عشر حديثاً(٤) ، وفي باب الحدّ في السرقة، في الحديث الخامس والسبعين(٥) ، وفي الإستبصار، في باب الرجل تكون له الجارية يطأها ويطأ غيرها سفاحاً، في الحديث الرابع(٦) .
قلت: في النجاشي: له كتاب، يرويه عنه محمّد بن عبد الجبار، وأحمد بن محمّد بن خالد(٧) ، وهما ثقتان، وطريق الشيخ إلى الأول في
__________________
(١) فهرست الشيخ: ١٦ / ٥٨، وفي الطريق: أبو المفضل الشيباني، وابن بطة (محمد بن جعفر بن أحمد)، والأول: ضعيف في رجال النجاشي: ٣٩٦ / ١٠٥٩، ورجال الشيخ: ٥١١ / ١١٠، وفهرست الشيخ: ١٤٠ / ٦١٠، والثاني: كذلك في رجال النجاشي: ٣٧٣ / ١٠٢٠.
(٢) تهذيب الأحكام ٤: ٣٢٢ / ٩٨٧.
(٣) تهذيب الأحكام ٦: ٣٨٠ / ١١١٦.
(٤) تهذيب الأحكام ٨: ١٨٠ / ٦٣٠.
(٥) تهذيب الأحكام ١٠: ١١٦ / ٤٦١.
(٦) الاستبصار ٣: ٣٦٥ / ١٣٠٩، والطرق في الموارد المذكورة حسنة بإبراهيم بن هاشم القمي لوقوعه فيها، وهو (رضى الله عنه) وإن لم ينص أحد من أصحاب الأُصول الرجالية على وثاقته، إلاّ انه لا ينبغي الإشكال في وثاقته، ولا نعلم أحداً تردد في قبول حديثه من فقهائنا قط، على ان ابنه الفقيه المفسر علي بن إبراهيم قد وثق مشايخه في تفسيره، وكان أبوه من أشهرهم.
(٧) رجال النجاشي: ١٠٥ / ٢٦٢.
الفهرست(١) ، و [إلى](٢) الثاني في المشيخة(٣) صحيح، انتهى.
[٢] وإلى آدم بيّاع اللؤلؤة (٤) :
ضعيف في الفهرست(٥) .
وإليه: موثّق في التهذيب، في باب وصيّة الصبي، قريباً من الآخر بحديثين(٦) .
[٣] وإلى آدم بن المتوكل:
ضعيف في الفهرست(٧) .
قلت: الظاهر اتحادهما، وفي النجاشي: آدم بن المتوكل بياع اللؤلؤة، كوفي، ثقة، روى عن أبي عبد اللهعليهالسلام ذكره أصحاب الرجال، له أصل،
__________________
(١) فهرست الشيخ: ١٤٧ / ٦٢٩.
(٢) في الأصل: في، وفي الحجرية: إلى، وهو ما اخترناه لمناسبته المقام.
(٣) تهذيب الأحكام ١٠: ٤٤، من المشيخة، والاستبصار ٤: ٣١٤، من المشيخة.
(٤) اللؤلؤة: كذا في الأصل والحجرية، وسيرد مثله أيضاً بعد قليل، وفي المصدر ٢: ٤٧٤، ورجال النجاشي: ١٠٤ / ٢٦٠، وسائر كتب الرجال: اللؤلؤ بالجمع، فلاحظ.
(٥) فهرست الشيخ: ١٦ / ٤٦، وفي الطريق: القاسم بن إسماعيل القرشي، وأبو محمد، والأول: من الواقفة كما في كتاب الغيبة للشيخ الطوسي: ٦٩ / ٧٣، ومنه يظهر كذبه، والثاني: لم يعرف من هو، فالطريق ضعيف بهما، ولكن ذهب البعض إلى توثيق الأول، وسيرد التصريح بتضعيف الكثير من الطرق، ولا يوجد فيها من يقال بضعفه غيره، وسيأتي ما له علاقة بذلك في تعقيب المصنف على الطريقين [٢٨] و [٢٩] وفي تعليقتنا عليها أيضاً، فلاحظ.
(٦) تهذيب الأحكام ٩: ١٨٤ / ٧٤١، وفي الطريق: الحسن بن سماعة، وجعفر بن سماعة، وهما من الواقفة في رجالي النجاشي: ٤٠ / ٨٤، والشيخ: ٣٤٦ / ٨، لذا عدَّ الطريق موثقاً بهما.
(٧) فهرست الشيخ: ١٦ / ٥٧، وفيه: أحمد بن زيد الخزاعي، ولم نجد فيه مدحاً ولا ذما في سائر كتب الرجال، بل لم يترجم أحواله أصلاً، فالطريق ضعيف به.
س / قال الفاضل المقداد السيوري ( قده ) : « ورد متواتراً ، أنّ الشفاء في تربته ، وكثرة الثواب بالتسبيح بها ، والسجود عليها ، ووجوب تعظيمها ، وكونها دافعة للعذاب عن الميت ، وأماناً من المخاوف ، وأنّ الإستنجاء بها حرام ، فهل هي مختصة بمحل أم لا ؟ » (٢٢٣)
جـ / يمكن تلخيص رأي الأعلام فيما ذكره الفقيه السبزواري : « القدر المتيقن من محل أخذ التربة هو القبر الشريف وما يقرب منه على وجه يلحق به عرفاً ، ولعله كذلك الحائر المقدس بأجمعه ، لكن في بعض الأخبار ، يؤخذ طين قبر الحسين عليه السلام من عند القبر على سبعين ذراعاً ، وفي بعضها طين قبر الحسين فيه شفاء وإنْ أخذ على رأس ميل ، بل وفي بعضها أنه يستشفى فيما بينه وبين القبر على رأس أربعة أميال ، بل وفي بعضها على عشرة أميال ، وفي بعضها فرسخ في فرسخ ، بل وروي إلى أربعة فراسخ ، ولعلّ الإختلاف من جهة تفاوت مراتبها في الفضل فكل ما قرب إلى القبر الشريف ؛ كان أفضل ، والأحوط الإقتصار عل ی ما حول القبر إل ی سبعين ذراعاً ، وفيما زاد على ذلك أنْ يستعمل ممزوجاً بماء أو شربة على نحو لا يصدق عليه الطين ويستشفى به رجاء »(٢٢٤)
ومن أراد التوسع ، فعليه بمراجعة ( جواهر الكلام ج ٣٦ / ٣٦٤ ـ ٣٦٧ ) وغيره من الكتب الفقهية
______________________
(٢٢٣) ـ السيوري ، الشيخ جمال الدين مقداد بن عبدالله : التنقيح الرائع ، ج ٤ / ٥١
(٢٢٤) ـ السبزواري ، السيد عبدالأعلى : مهذب الأحكام ، ج ٢٣ / ١٨٥
س / في حالة الشك في أن هذه تربة الحسينعليهالسلام أم لا ، ماذا يصنع ؟
جـ / يقول الفقيه السبزواري ( قده ) : « إنْ أخذ التربة بنفسه أو علم من الخارج بأنّ هذا الطين من تلك التربة المقدسة فلا إشكال ، وكذا إذا قامت على ذلك البينة ، بل الظاهر كفاية قول عدل واحد بل شخص ثقة ، وهل يكفي إخبار ذي اليد بكونه منها أو بذله على أنه منها ؟ لا يعد ذلك وإنْ كان الأحوط في غير صورة العلم ، وقيام البينة تناولها بالإمتزاج بماء أو شربة »(٢٢٥)
وقال الشيخ المامقاني ( قده ) : « ويثبت كون الطين طين قبره الشريف بالبينة الشرعية ، وهل يثبت بقول ذي اليد الشيعي ؟ وجهان ، أظهرهما ذلك »(٢٢٦)
س / هل توجد طريقة للإستشفاء بالتربة الحسينية ؟
جـ / نعم ، وقد ذكر الفقهاء ذلك وهذه كلماتهم كالتالي :
قال المحقق الأردبيلي ( قده ) : « الأخبار في جواز أكلها الإستشفاء كثيرة ، والأصحاب مطبقين عليه ، وهل يشترط أخذه بالدعاء وقراءة( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ ) ؟ ظاهر بعض الروايات في كتب المزار ذلك ، بل مع شرائط أخرى ، حتى ورد أنه قال شخص : إني أكلت وما شفيت ، فقالعليهالسلام له : إفعل كذا وكذا وورد أيضاً أنّ له غسلاً وصلاة خاصة والأخذ على وجه خاص وربطه وختمه بخاتم يكون نقشه كذا ، ويكون أخذه مقداراً خاصاً ، ويحتمل أنْ يكون ذلك لزيادة
______________________
(٢٢٥) ـ المصدر السابق / ١٨٨ ـ ١٨٩
(٢٢٦) ـ المامقاني ، الشيخ عبد الله : مرآة الكمال ، ج ٣ / ٢٤٠
الشفاء وسرعته وتبقيته لا مطلقاً ، فيكون مطلقاً جائزاً كما هو مشهور ، وفي كتب الفقه مسطور »(٢٢٧)
وقال الفقيه السبزواري ( قده ) : « لأخذ التربة المقدسة وتناولها عند الحاجة آداب وأدعية مذكورة في محالها خصوصاً في كتب المزار ، ولاسيما مزار بحار الأنوار ، لكن الظاهر أنها كلها شروط كمال لسرعة تأثيرها لا أنها شرط لجواز تناولها »(٢٢٨)
وقال الشيخ الأعسم في إرجوزته :
وللحسين تربة فيها الشفا |
تشفي الذي على الحِمام أشرفا(٢٢٩) |
س / هل يوجد قدر محدد للإستشفاء بتربة الحسين عليهالسلام ؟
ج / المعروف من كلمات الأعلام أنّ القدر المحدد للإستشفاء هو بقدر الحمصة ، بل نسب الفقيه السبزواري ذلك إلى الإجماع والنصوص(٢٣٠)
وقال الشيخ الأعسم :
حَدّ له الشارع حداً خَصّصَهْ |
تحريم ما قد زاد فوق الحِمَّصة(٢٣١) |
وقال الفاضل المقداد ( قده ) : « قيد الشيخ في( النهاية ) المتناول باليسير ، وهو حسن وإختاره ابن إدريس والعلامة : لحصول الغرض والشفاء في ذلك ، فما زاد يكون حراماً ولما كان اليسير أمراً إضافياً ؛ لأنه رب يسير كثير بالإضافة
______________________
(٢٢٧) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٥٧ / ١٦٠
(٢٢٨) ـ السبزواري ، السيد عبدالأعلى : مهذب الأحكام ، ج ٢٣ / ١٨٤
(٢٢٩) ـ الأعسم ، الشيخ عبدالرزاق : النفحات الذكية ، في شرح الأرجوزة الأعسمية / ١٣٢ ـ ١٣٣
(٢٣٠) ـ السبزواري ، السيد عبدالأعلى : مهذب الأحكام ج ٢٣ / ١٨٣
(٢٣١) ـ الأعسم ـ الشيخ عبدالرزاق : النفحات الذكية في شرح الأرجوزة الأعسمية / ١٣٣
إلى ما هو أقل منه ، ورب كثير يسير بالإضافة إلى ما هو أكثر منه ؛ قيّده المصنف بقدر الحمصة لينضبط ، وهل يجوز الإكثار منه ؟ الأصح لا ، لما ورد عنهمعليهمالسلام : من أكل زائداً عن ذلك فكأنما أكل من لحومنا »(٢٣٢)
وقال الشيخ المجلسي ( قده ) : « وقد مر التصريح بهذا المقدار في الأخبار ، وكان الأحوط(٢٣٣) عدم التجاوز عن مقدار عدسة لما رواه الكليني عن علي ابن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمّار قال : قلت لأبي عبد اللهعليهالسلام : إنّ الناس يروون أنّ النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم قال :إنّ العدس بارك عليه سبعون نبياً فقال : هو الذي تسمونه عندكم الحمص ونحن نسميه العدس » (٢٣٤)
«الحِمّصة : واحدة الحمص بكسر الحاء وفتح الميم المشددة ؛ هي القيراط الصيرفي والحمصة في كلام علماء العراق هي : الحبة المتعارفة عند العراقيين ، وهي القيراط الصيرفي الذي وزنه أربع حبات قمح »(٢٣٥)
القيراط الصيرفي : « هو أربع حبات أو أربع قمحات كما نص عليه السيد الأمين في ( الدرة البهية / ٨ ) وكما نص عليه في ( حلية الطلاب / ٥٣ ) ، وفي ( كشف الحجاب / ٥٨ ) ، حيث قالا : أربع قمحات قيراط »(٢٣٦)
والقيراط : « هو عشرون جزءاً من الغرام كما في ( حلية الطلاب / ١١٣ ) وقد إختبرناه ؛ فوجدناه صحيحاً فهو : ( ١ / ٥ غرام ) ، فالخمسة قراريط ـ
______________________
(٢٣٢) ـ السيوري ، الشيخ جمال الدين مقداد بن عبدالله : التنقيح الرائع ، ج ٤ / ٥٠
(٢٣٣) ـ ظاهر العبارة ( وان كان الأحوط ) ـ المؤلف
(٢٣٤) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر ، بحار الأنوار ، ج ٥٧ / ١٦١
(٢٣٥) ـ العاملي ، الشيخ إبراهيم سليمان : الأوزان والمقادير / ٢١
(٢٣٦) ـ نفس المصدر / ٢٤
أعني العشرين قمحة ـ هي غرام كما هو واضح »(٢٣٧) فالنتيجة أن الحمصة تساوي ( ١ / ٥ غرام ) ، وهي تعادل العدسة المذكورة في الرواية تقريباً
وردت عدة أدعية عند إستعمال التربة الحسينية مذكورة في كتب المزار(٢٣٨) نذكر منها التالي :
قال الشيخ الأعسم في ارجوزته :
لها دعاءانِ فيدعو الداعي |
في وقتَّي الأخذ و الإبتلاعِ(٢٣٩) |
١ ـ عن أبي أسامة قال : ( كنت في جماعة من عصابتنا بحضرة سيدنا الصادقعليهالسلام ؛ فأقبل علينا أبو عبد اللهعليهالسلام فقال : إنّ الله جعل تربة جدي الحسينعليهالسلام شفاء من كل داء ، وأماناً من كل خوف ، فإذا تناولها أحدكم ؛ فليقبلها ويضعها على عينيه ، وليمرّها على ساير جسده وليقل :اللهم بحق هذه التربة ، وبحق من حَلّ بها وثوى فيها ، وبحق أبيه وأمه وأخيه والأئمة من ولده ، وبحق الملائكة الحافّين به ، إلا جعلتها شفاءً من كل داء ، وبرءاً من كل مرض ، ونجاة من كل آفة ، وحرزاً مما أخاف وأحذر ، ثم ليستعملها ) (٢٤٠)
٢ ـ عن أبي عبداللهعليهالسلام ، قال : ( إذا تناول أحدكم من طين قبر الحسينعليهالسلام فليقل :اللّهُمَّ إنّي أسألُك بِحقِّ المَلَكِ الّذي تَنَاوَله ، والرّسُولِ الّذي بَوّأهُ ،
______________________
(٢٣٧) ـ المصدر السابق / ٩٢
(٢٣٨) ـ راجع : بحار الأنوار ، ج ٩٨ / ١١٨ ـ ١٤٠ وكامل الزيارات ( باب ٩٣ ، ٩٤ )
(٢٣٩) ـ الأعسم ، الشيخ عبدالرزاق : النفحات الذكية في شرح الارجوزة الاعسمية / ١٣٣
(٢٤٠) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٩٨ / ١١٩
والوَصِيَّ الّذي ضُمِّنَ فيه ، أنْ تَجعَلَه شِفَاءً مِنْ كُلِّ داءٍ كذا وكذا ، وتُسمِّي ذلك الداء ) (٢٤١)
٣ ـ عن أبي جعفر الموصلي ، أن أبا جعفرعليهالسلام قال : إذا أخذت طين قبر الحسينعليهالسلام فقل :( اللّهُمّ بِحَقِّ هذه التُّربَة ، وبحَقِّ المَلَكِ المُوَكَّل بِهَا ، وبحَقِّ المَلَكِ الذّي كرّبهَا ، وبِحَقِّ الوّصيِّ الّذي هُوَ فيها ، صَلِّ على مُحَمّد وآلِ محمدٍ ، واجْعَلْ هذا الطّينَ شِفَاءً لي منْ كُلِّ داءٍ ، وأَمَاناً منْ كُلِّ خَوْفٍ ) (٢٤٢)
٤ ـ وروي : إذا أخذته فقل :( بِسْم الله ، اللّهُمّ بِحَقِّ هذه التُّرْبَة الطّاهرَة ، وبِحَقِّ البُقْعَةِ الطَّيَّبةِ ، وبِحقَّ الوَصِيِّ الّذِي تُوارِيه ، وبِحَقِّ جَدِه وأبيه وأمه وأخيه والمَلائِكةِ الّذين يَحُفُّونَ به ، والمَلَائِكةِ العُكُوف على قَبْر وَليِّك ، ينتظرون نَصْرَه صَلّى اللهُ عَلَيْهِم أجمعين ، إجْعَل لي فيه شِفَاءً من كُلّ دَاء ، وأماناً من كُلّ خَوْفٍ ، وغِنىً من كُلّ فَقْرٍ ، وعِزّاً من كُلّ ذُلّ ، وأوسِعْ به عَلَيّ في رِزْقي ، وأصِحّ به جِسْمِي ) (٢٤٣)
٥ ـ وروي أن رجلاً سأل الصادقعليهالسلام فقال : ( إني سمعتك تقول : إن تربة الحسينعليهالسلام من الأدوية المفردة ، وإنها لا تمر بداء إلا هضمته ، فقال : قد كان ذلك ( أو قد قلت ذلك ) فما بالك ؟ فقال : إني تناولتها فما إنتفعت بها ، قال : أما إن لها دعاء فمن تناولها ولم يدعُ به واستعملها لم يكن ينتفع بها ، قال : فقال له : ما يقول إذا تناولها ؟ قال : تقبلها قبل كل شيء وتضعها على عينيك ، ولا تناول منها أكثر من حِمّصَه ، فإن من تناول منها ______________________
(٢٤١) ـ ابن قولويه ، الشيخ جعفر بن محمد : كامل الزيارات / ٤٦٩ ـ ٤٧٢
(٢٤٢) ـ نفس المصدر
(٢٤٣) ـ نفس المصدر
أكثر فكأنما أكل من لحومنا ودمائنا ، فإذا تناولت ؛ فقل :اللّهم إني أسْأَلُك بِحَقِّ المَلَكِ الذي قبضها ، وبِحَقِّ المَلَكِ الذي خَزَنَها ، وأسْأَلُك بِحَقِّ الوَصِيِّ الذي حَلَّ فيها ، أن تُصَلِّي على محمد وآل محمد ، وأن تَجعَلَهُ شِفَاءً من كُلِّ دَاءٍ ، وأمَاناً من كُلِّ خَوْفٍ ، وحِفْظَاً من كُلِّ سُوءٍ . فإذا قلت ذلك فاشددها في شيء وأقرأ عليها إنا أنزلناه في ليلة القدر ، فإن الدعاء الذي تقدم لأخذها ؛ هو الإستئذان عليها ، واقرأ إنا أنزلناه ختمها )(٢٤٤)
١ ـ روى الشيخ في المصباح ، عن الصادقعليهالسلام : ( طين قبر الحسينعليهالسلام شفاء من كل داء ؛ فإذا أكلت منه ؛فقل : بسم الله و بالله ، اللهم إجعله رزقاً واسعاً ، وعلماً نافعاً ، وشفاء من كل داء ، إنك على كل شئ قدير ، اللهم رب التربة المباركة ، ورب الوصي الذي وارته ، صلِّ على محمد وآل محمد ، واجعل هذا الطين شفاءً من كل داء ، وأماناً من كل خوف ) (٢٤٥)
٢ ـ وروي حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي عبداللهعليهالسلام أنه قال :( مَنْ أكَلَ مِنْ طِينِ قَبْرِ الحسين عليهالسلام غير مستشفٍ به فكأنما أكل من لحومنا ، فإذا إحتاج أحدكم للأكل منه ليستشفي به ، فليقل : بِسْمِ الله وبالله ، اللّهُمّ رَبَّ هذه التُّربَةِ المُبَارَكَةِ الطّاهِرَةِ ، ورَبّ النُّور الّذي أُنزل فيه ، ورَبّ الجَسَدِ الذي سَكَن فيه ، ورَبّ الملائكة المُوكِّلين به ، إجْعَلْهُ لي شِفاءً من دَاءِ كذا وكذا ، وأجرع من الماء جرعه خلفه ، وقل : اللّهُمَّ إجْعَلْه رِزْقَاً وَاسعاً ،
______________________
(٢٤٤) ـ الطوسي ، الشيخ محمد بن الحسن : مصباح المتهجد / ٥١٠ ـ ٥١١
(٢٤٥) ـ الأمين ، السيد محسن : مفاتيح الجنات ، ج ١ / ٤٥٥
وعِلْماً نَافِعاً ، وشِفَاءً من كل دَاءٍ وسُقْمٍ فإن الله تعالى يدفع عنك بها كل ما تجد من السقم والغم إن شاء الله تعالى ) (٢٤٦)
٣ ـ عن أبي عبداللهعليهالسلام قال :( طين قبر الحسين عليهالسلام شفاء من كل داء ، وإذا أكلته فقل : بسم الله وبالله ، اللّهُمّ أجْعَلْهُ رِزْقَاً واسِعاً ، وعِلْماً نافِعاً ، وشِفاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ إنّكَ على كُلِّ شيء قدير ) (٢٤٧)
٤ ـ وروي عنهعليهالسلام قال :( إذا أكلته تقول : اللّهُمّ رَبِّ هذه التُّربَة المباركة ، ورَبّ هذا الوَصِيّ الذي وَارَتْهُ ، صَلِّ على محمد وآل محمد ، واجْعَلْهُ عِلْماً نافِعَاً ، ورِزْقَاً واسعاً ، وشِفَاءً من كُلِّ داء ) (٢٤٨)
٥ ـ وروي عنهعليهالسلام قال :( إذا أخذت من تربة المظلوم ووضعتها في فيك فقل : اللّهُمّ إنّي أسْأَلُك بِحَقِّ هذه التُّربَة ، وبِحَقّ المَلَكِ الذي قَبَضَها ، والنّبيِّ الذي حَضَنَها ، والإمام الذي حَلّ فيها ، أن تُصلِّي على محمدٍ وآل محمدٍ ، وأن تَجْعَل لي فيها شِفَاء نافِعَاً ، ورِزْقَاً واسِعَاً ، وأمَانَاً من كُلّ خَوْف ودَاءِ فإذا قال ذلك ؛ وهب الله له العافية ) (٢٤٩)
ذكر ابن طاووس : « إنه لما ورد الصادقعليهالسلام إلى العراق إجتمع إليه الناس فقالوا : يا مولانا تربة قبر مولانا الحسين شفاء من كل داء ، وهل هي أمان من كل خوف ؟ فقال : نعم إذا أراد أن تكون أماناً من كل خوف ؛ فليأخذ السبحة من تربته ويدعو دعاء ليلة المبيت على الفراش ثلاث مرات وهو :( أمسيت اللهم
______________________
(٢٤٦) ـ الطوسي ، الشيخ محمد بن الحسن : مصباح النهجد / ٥١٠ ـ ٥١١
(٢٤٧) ـ ابن قولويه ، الشيخ جعفر بن محمد : كامل الزيارات / ٤٧٩
(٢٤٨) ـ نفس المصدر / ٤٧٧
(٢٤٩) ـ نفس المصدر
معتصماً بذمامك المنيع الذي لا يطاول إلخ ) ، ثم يقبل السبحة ويضعها على عينيه ويقول :( اللّهُمّ إنّي أسْألُك بِحَقّ هذه التُّربَة ، وبِحَقّ صَاحِبها ، وبِحَقّ جَدّه وأبيه ، وبحق أمه وأخيه ، وبِحَقِّ ولده الطاهرين ، إجْعَلْها شِفَاءً من كُلِّ دَاءٍ ، وأمَاناً من كُلِّ خَوْفٍ ، وحِفْظَاً من كُلِّ سُوء ، ثم يضعها في جيبه فإن فعل ذلك في الغدوة ؛ فلا يزال في أمان حتى العشاء ؛ وإن فعل ذلك في العشاء ، فلا يزال في أمان الله حتى الغدوة » (٢٥٠)
ـ عن أبي حمزة الثمالي قال : قال الصادقعليهالسلام
:( إذا أردت حمل الطين ـ طين قبر الحسين
عليهالسلام
) ـ ، فأقرأ فاتحة الكتاب ، والمعوذتين ، و(
قُلْ هُوَ
اللَّـهُ أَحَدٌ
)
، و(
قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ
)
، و(
إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ
)
،ويس ، وآية الكرسي
، وتقول :( اللّهُمّ بِحَقِّ مُحَمدٍ عَبْدِك وحَبيبكَ ونَبِيِّك ورَسُولِكَ وأمِينكَ ، وبِحَقِّ أميرِ المُؤمِنين عَليِّ بن أبي طالب عَبْدِكَ وأخي رسُولِك ، وبِحَقِّ فَاطِمةَ بِنْتِ نَبِيِّكَ وزوْجَة وَليِّكَ ، وبِحَقِّ الحَسَنِ والحُسَيْنِ ، وبِحَقِّ الأئمَّة الرّاشِدَينَ ، وبِحَقِّ هذه التُّرْبَةِ ، وبِحَقِّ المَلَكِ المُوَكِّل بها ، وبِحَقِّ الوَصيّ الّذي حَلّ فيها ، وبِحَقِّ الجَسَدِ الّذي تضمّنَتْ ، وبِحَقِّ السِّبْطِ الّذي ضمنت ، وبِحَقِّ جَميعِ مَلائِكتِكَ وانْبِيَائِك ورُسُلِكَ ، صَلّ على مُحَمّدٍ وآل محمدٍ ، واجعَلْ هذا الطِّين شِفَاءً لي وَلَمن يَسْتَشْفِي به من كُلِّ دَاءٍ وسُقْمَ ومَرَضٍ ، وأمَاناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ اللّهُمّ بِحَقِّ محمد وأهلِ بيته إجْعَله عِلْماً نافِعَاً ، ورِزْقَاً واسعاً ، وشِفَاء من كُلِّ دَاءٍ وسُقْم ، وآفة وعَاهةٍ ، وجميع الأوجاع كلها ، إنك على كل شيء قدير )
______________________
(٢٥٠) ـ ابن طاووس ، السيد رضي الدين علي بن موسى : فلاح السائل / ٢٢٤ ـ ٢٢٥
وتقول :( اللّهُمّ رَبَّ هذه التُّربَة المباركَة الميمونَةِ ، والمَلَكِ الذي هَبَط بَها ، والوَصّي الذي هو فيها ، صلِّ على محمد وآل محمد وسلّم وأنفعني بها ، إنّك على كلِّ شيء قدير ) (٢٥١)
ـ وروي عن الإمام الصادقعليهالسلام :( اللّهُمّ إنَّي أخَذْتُه مِنْ قَبْرِ وَليِّكَ وابن وَليِّكَ ، فَاجْعَلْهُ لي أمْنَاً وحِرْزَاً لما أخَافُ ومَالَا أخَافُ ) (٢٥٢)
______________________
(٢٥١) ـ ابن قولويه ، الشيخ جعفر بن محمد : كامل الزيارات / ٤٧٥ ـ ٤٧٦
(٢٥٢) ـ آل طعان ، الشيخ احمد بن الشيخ صالح : الصحيفة الصادقية / ٢٩٤
توطئة :
س / عرفنا مما سبق المقصود بالتربة الحسينية ، وطريقة الإستشفاء بها ، وبقي شئ وهو ما هي الأدلة التي يمكن أنْ تعتمدها الشيعة الإمامية في الإستشفاء بهذه التربة الزكية ؟
ج / من أهم الأدلة التي يمكن عرضها هي التالي :
وهو يتكون من عنصرين هما :
الأول : حث الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم على الإستشفاء بتربة المدينة ، ويمكن ذكر ذلك في طائفتين :
١ ـ ( غبار المدينة شفاء من الجذام )(٢٥٣)
٢ ـ ( غبار المدينة يبرئ الجذام )(٢٥٤)
٣ ـ ( إنّ في غبارها شفاء من كل داء )(٢٥٥)
أ ـ ( والذي نفسي بيده إنّ تربتها لمؤمنة ، وأنها شفاء من الجذام )(٢٥٦)
ب ـ ( مالكم يا بني الحارث رَوْبَى ؟ قالوا : أصابتنا يا رسول الله هذه الحمى ، قال فأين أنتم عن صُعَيْب )(٢٥٧)
______________________
(٢٥٣ ـ ٢٥٦) ـ المتقي الهندي ، علاء الدين علي بن حسام الدين : كنز العمال ، ج ١٣ / ٢٠٥
ـ السمهودي ، السيد نور الدين ، علي : وفاء الوفاء ، ج ١ / ( ٦٧ ـ ٦٨ )
(٢٥٧) ـ قال أبو القاسم ، طاهر بن يحيى العلوي : صعيب : وادي بطحان دون الماجشونية ، وفيه حفرة مما يأخذ الناس منه ، وهو اليوم إذا وبأ إنسان أخذ منه وقال ابن النجار عقبه : وقد رأيت أنا هذه الحفرة اليوم ، والناس يأخذون منها ، وذكروا أنهم قد جربوه ، فوجدوه صحيحاً ) وفاء الوفاء ، ١ / ٦٨
قالوا : يا رسول الله ما نصنع به ؟ قال : تأخذون من ترابه فتجعلونه في ماء ، ثم يتفل عليه أحدكم ويقول : بسم الله ، تُرابُ أرضنا ، بريق بعضنا ، شفاء لمريضنا ، بإذن ربنا ففعلوا فتركتهم الحمى )(٢٥٨)
ج ـ وروى ابن زَبَالة : ( أنّ رجلاً أتى به رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم وبرجله قرحة ، فرفع رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم طرف الحصيرة ، ثم وضع إصبعه التي تلي الإبهام على التراب بعدما مسّها بريقه ، بسم الله ، ريق بعضنا ، بتربة أرضنا يشفي سقيمنا ، بإذن ربنا ، ثم وضع إصبعه على القرحة فكأنما حُلّ من عِقَال )(٢٥٩)
« قال الزركشي : ينبغي أنْ يستثنى من منع نقل تراب الحرم تربة حمزة رضي الله عنه ، لإطباق الناس على نقلها للتداوي بها »(٢٦٠)
« وحكى البرهان بن فرحون ، عن الإمام العالم أبي محمد عبد السلام بن إبراهيم بن ومصال الحاحاني قال : نقلت من كتاب الشيخ العالم أبي محمد صالح الهزميري قال : قال صالح بن عبد الحليم : سمعت أبا محمد عبد السلام بن يزيد الصنهاجي يقول : سألت أحمد ابن بكوت عن تراب المقابر الذي كان الناس يحملونه للتبرك هل يجوز أو يمنع ؟ فقال : هو جائز ومازال الناس يتبركون بقبور العلماء والشهداء والصالحين ، وكان الناس يحملون تراب قبر سيدنا حمزة بن عبد المطلب في القديم من الزمان قال ابن فرحون عَقِبَهُ : والناسُ اليوم يأخذون من تربة قريبة من مشهد سيدنا حمزة ، ويعملون خرزاً يشبه
______________________
(٢٥٨) ـ السمهودي ، السيد نور الدين ، علي بن حسام الدين : وفاء الوفاء ، ج ١ / ٦٨
(٢٥٩) ـ نفس المصدر / ٦٩
(٢٦٠) ـ نفس المصدر
السبح وإستدل ابن فرحون بذلك على جواز نقل تراب المدينة ، وقد علمت مما تقدم أن نقل تراب حمزة ـ رضی الله عنه ـ إنما للتداوي ؛ ولهذا لا يأخذونها من القبر بل من المسيل الذي عندْ المسجد ) ؟ »(٢٦١)
أقول : إنّ التبرك والإستشفاء بتراب المدينة وغبارها ، وما ذكرته الروايات من فعل النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكذلك سيرة المسلمين من الأصحاب والتابعين ، هي سيرة الشيعة الإمامية في التبرك و الإستشفاء بتربة الحسينعليهالسلام ، فكيف ينكر عليها بالخصوص دون غيرها ؟!!
وردت أحاديث كثيرة في التبرك والإستشفاء بتربة الحسينعليهالسلام ، وهذه بعضها كالتالي :
١ ـ عن أبي عبد الله الصادقعليهالسلام قال :( عند رأس الحسين عليهالسلام لتربة حمراء فيها شفاء من كل داء ) (٢٦٢)
٢ ـ عن ابن أبي يعفور قال : قلت لأبي عبد اللهعليهالسلام :( يأخذ الإنسان من طين قبر الحسين عليهالسلام فينتفع به ويأخذ غيره فلا ينتفع ، فقال : لا والله لا يأخذه أحد وهو يرى أن الله ينفعه به إلا نفعه به ) (٢٦٣)
٣ ـ عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال :( من أصابة عِلّة ؛ فبدأ بطين قبر الحسين عليهالسلام شفاه الله من تلك العلة ؛ إلا أن تكون علّة السام ) (٢٦٤)
______________________
(٢٦١) ـ المصدر السابق / ١١٦
(٢٦٢) ـ الحر العاملي ، الشيخ محمد بن الحسن : وسائل الشيعة ، ج ١٠ / ٤٠٩ ( باب (٧٠) من المزار وما يناسبه ، حديث ـ ٢ ، ١ )
(٢٦٣) ـ نفس المصدر
(٢٦٤) ـ نفس المصدر / ٤١٢ (باب ـ ٧٠ ـ ، حديث ١٣)
٤ ـ عن الكاظمعليهالسلام في حديث( ولا تأخذوا من تربتي شيئاً لتتبركوا به ، فإنّ كل تربة لنا مُحرّمة إلا تربة جدي الحسين بن علي عليهالسلام ، فإن الله عَزّ وجَلّ جعلها شفاء لشيعتنا وأوليائنا ) (٢٦٥)
٥ ـ عن سعد بن سعد الأشعري ، عن أبي الحسن الرضاعليهالسلام قال سألته عن الطين الذي يؤكل فقال :( كل طين حرام كالميتة والدم وما أُهِلّ لغير الله به ما خلا طين قبر الحسين عليهالسلام ، فإنه شفاء من كل داء ) (٢٦٦)
٦ ـ عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال :( أكل الطين حرام على بني آدم ما خلا طين قبر الحسين عليهالسلام ، من أكله من وجع ؛ شفاه الله ) (٢٦٧)
وبعد ذكر هذه الأحاديث المروية عن أهل بيت العصمة والطهارة ، فهل يشك مسلم في التبرك والإستشفاء بتربة سيد الشهداء أبي عبد الله الحسينعليهالسلام ؟ بل هو وأخوه سيدا شباب أهل الجنة ، وأحد سبطي الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومن تحدث عن فضله القرآن الكريم والأحاديث النبوية ، ومن ثبت في حقه أنّ تربته الطاهرة الزكيه قبضها جبريل وأعطاها لجده المصطفىصلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكل ذلك من المسَلّمات بين الصحابة والتابعين ، فلماذا النبذ والعتاب الشديد اللهجة على عمل الشيعة الإمامية من التبرك والإستشفاء بتربته الطاهرة ؟!
ألا يكفي كل ذلك على صحة عمل الشيعة الإمامية وبرائتهم من كل ما اُتهموا به من أباطيل ؟
______________________
(٢٦٥) ـ المصدر السابق / ٤١٤ ( باب ـ ٧٢ ـ ، حديث ، ٢ )
(٢٦٦) ـ نفس المصدر / ٤١٥ ـ حديث (٣)
(٢٦٧) ـ نفس المصدر ، ج ١٦ / ٣٩٧ ، ( باب ٥٩ ـ باب عدم تحريم أكل طين قبر الحسين (ع) بقصد الشفاء ، حديث ٤ )
يتضح هذا الدليل بعد ذكر السؤال التالي والإجابة عليه
س / هل الإستشفاء بتربة الحسين عليهالسلام ونحوها من الإستشفاء بماء زمزم وماء الميزاب ، من التبرك فقط ، أو لوجود أثر طبي وكيميائي زيادة على ذلك ؟
ج / إختلف العلماء في ذلك على رأيين هما :
قال الشيخ المجلسي ( قده ) : « وقد يكون بعض الأدوية التي لا مناسبة لها بمرض على سبيل الإفتتان والإمتحان ، ليمتاز المؤمن المخلص القوي الإيمان من المنتحل أو ضعيف الإيمان ، فإذا إستعمله الأول إنتفع به لا لخاصيته وطبعه ، بل لتوسله بمن صدر عنه ويقينه وخلوص متابعته ، كالإنتفاع بتربة الحسين عليه السلام ، وبالمعوذات ، والأدعية »(٢٦٨) وعلى هذا بعض علماء الأمامية
وإستنتج الدكتور النسيمي الآتي :
« يتفق علماء المسلمين مع الأطباء في شأن الإيحاء وأثره في المعالجة »(٢٦٩)
وقال أيضاً : « يقصد بالمعالجة الروحية منذ القديم ، تطمين المريض ورفع معنوياته ، والإيحاء اليه بأنّ مرضه سيسير عاجلاً في طريق الشفاء وفي الغالب في وسائلها أنْ تكون غير عقارات ، وقد تكون عقارات يراد بها الإيحاء بأنها دواء لِعِلّة المريض عندما يكون علاجها الناجح مفقوداً أو غير مكتشف »(٢٧٠)
______________________
(٢٦٨) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ج ٥٩ / ٧٦
(٢٦٩) ـ النسيمي ، الدكتور محمود ناظم : الطب النبوي والعلم الحديث ، ج ٣ / ١٨٧
(٢٧٠) ـ نفس المصدر / ١٣٥
وقال أيضاً : « يعتقد المسلمون في النتائج الحسنة للرقي المشروعة بأمر زائد على الإيحاء ، هو معونة الله القادر على كل شيء يُقدِّمها حتى في غير الأمراض النفسية والوظيفية ، إجابة لدعوة المضطر الصادرة من أعماق نفسه أو معونة أو إكراماً لعبده الصالح والراقي والمرقي الذي رجاه »(٢٧١)
قال الشيخ كاشف الغطاء ( قده ) : « أفلا يجوز أنْ تكون لتلك الطينة عناصر تكون بلسماً شافياً من جملة من الأسقام ، قاتلة للميكروبات ولا نكران ولا غرابة ، فتلك وصفة روحية من طبيب رباني يرى بنور الوحي والإلهام ما في طبائع الأشياء ، وبعرف أسرار الطبيعة وكنوزها الدفينة التي لم تصل إليها عقول البشر بعد ، ولعلّ البحث والتحري والمثابرة سوف يوصل اليها ، ويكشف سِرّها ، ويَحلُّ طَلْسَمَها ، كما إكتشف سِرّ كثير من العناصر ذات الأثر العظيم مما لم تصل إليه معارف الأقدمين ، ولم يكن ليخطر على باب واحد منهم مع نقدهم وسمو أفكارهم وعظم آثارهم ، وكم من سِرّ دفين ومنفعة جليلة في موجودات حقيرة وضئيلة لم تزل مجهولة لا تخطر على بال ولا تمر على خيال ، وكفي ( بالبنسلين ) وأشباهه شاهداً على ذلك ، نعم لا تزال أسرار الطبيعة مجهولة إلى أن يأذن الله للباحثين بحِلِّ رموزها وإستخراج كنوزها ، والأمور مرهونة بأوقاتها ولكل أجل كتاب ، ولا يزال العلم في تجدد فلا تبادر إلى الإنكار إذا بلغك أن بعض المرضى عجز الأطباء عن علاجهم ، وحصل
______________________
(٢٧١) ـ المصدر السابق / ١٨٧
لهم الشفاء بقوة روحية ، وأصابع خفية من إستعمال التربة الحسينية ، أو من الدعاء والإلتجاء إلى القدرة الأزلية ، أو ببركة دعاء بعض الصالحين »(٢٧٢)
ويؤيد هذا الرأي الشواهد التالية :
١ ـ ما ذكره المهندس يحي حمزة كوشك في كتابه ( زمزم طعام طعم وشفاء سقم ) ، الذي صدر عام ١٤٠٣ هـ : « وتؤكد التحاليل الكيميائية ومقارنتها بالمواصفات العالمية ، على أنّ ماء زمزم صالح تماماً للشرب ، وأنّ أثره الصحي جيد ، وقد وجد أنّ تركيز عنصر الصوديوم يُعدُّ مرتفعاً لكن لا يوجد ضمن المواصفات العالمية المنشورة جداً لأعلى تركيز للصوديوم ، كما وجد أنّ الأربعة عناصر السامة الموجودة : وهي الزرنيخ ، والكاذميوم ، والرصاص ، والسيلينيوم ، هي أقل من مستوى الضرر بكثير بالنسبة للإستخدام البشري ، لذلك فإنّ مياه زمزم خالية من أي أضرار صحية ، بل هي مفيدة جداً بقدرة الله تعالى »(٢٧٣)
٢ ـ « وبرهن العالم واكسمان ، والدكتور إلبرت ، أنّ التراب جراثيم نافعة يمكن إستخراجها ومعالجة الأمراض السارية بها وفعلاً اُستخرج دواء من التراب بإسم ( استربتوماسين ) الذي يعالج بها السل ، والتايفوئيد ، والجراحات المزمنة ، والإسهال القوي ، وذات الرئة وإلتهاب الحلق »(٢٧٤)
٣ ـ «والعلاج بالطين طريقة أثبتت التجارب نجاحها في إحداث الشفاء من كثير من الأمراض التي إستعصت على العقاقير المسكنة والمهدئة والمنشطة وغيرها
______________________
(٢٧٢) ـ كاشف الغطاء ، الشيخ محمد حسين : الأرض والتربة الحسينية / ٢٨ ـ ٢٩
(٢٧٣) ـ عبد القادر ، د / أحمد المهندس ( ماء زمزم الأمن المائي وصحة الحجيج ) ، القافلة ـ م / ٤٢ محرم / لعام ١٤١٤ هـ ص / ٤٤
(٢٧٤) ـ الدهان ، سعيد ناصر : القرآن والعلوم / ١٦٨
.. وأفادت في الوقاية من آفات أخرى أي أن لها إتجاهين : إتجاهاً وقائياً وعلاجياً
ويتم إستخدام العلاج بالطين للمرضى القادمين من أمريكا والمجر ويوغسلافيا وجميع أنحاء أوروبا ، للوقاية من السمنة ، والسكر ، وإضطرابات النمو عند الأطفال ، وإلتهابات الجهاز التنفسي ، ونوبات الربو ، والأعصاب ، كما أفادت النساء في الوقاية من الإختلافات في العظم الهورموني وحالات الدوالي كما ينصح به لمن لم تمارس أعمالاً فيزيائية متعبة ، أو لديه ميول نحو السمنة كما أظهر العلاج بالطين نتائج مذهلة في معالجة كثير من الأمراض الجلدية الإكزمائية التي إستعصت على المراهم والأدوية »(٢٧٥)
هذه بعض الشواهد المؤيدة لرأي الشيخ كاشف الغطاء ( قده ) في دليله المتقدم
وبعد هذا ، فأي مانع أنْ تكون في التربة الحسينية تلك الخصوصية الطبية والكيميائية كما كانت في ماء زمزم ؟ والخلاصة التي توصلنا إليها في الدليل العلمي ، إنّ التربة الحسينية بما تحمله من خصائص البركة إنما هي كرامة إلهية للحسينعليهالسلام كما أنّ مقتضى البركة والكرامة أنْ توجد فيها خصائص طبية وكيميائية تفوق وجودها في التراب والطين الآخر الموجود في بقاع الأرض وكذلك المياه ، وقد حصل لماء زمزم ، ومقتضى هذه الكرامة الإلهية أنْ تكون على مدى العصور ، يحظى بها من إعتقد بها ، ويحرم منها من جهلها وتهاون بها وقد أشار إلى هذا إمامنا الصادقعليهالسلام بقوله : ( وإنما يفسدها ما يخالطها من أوعيتها وقلة اليقين لمن يعالج بها ، فأما من أيقن أنها له شفاء إذا تعالج بها ؛ كفته بإذن الله من غيرها مما يتعالج به ، ويفسدها الشياطين والجن من أهل الكفر
______________________
(٢٧٥) ـ عبد الصمد ، محمد كامل : ثبت علمياً ، ج ١ / ( ٣٨ ـ ٣٩ )