شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار الجزء ١

شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار15%

شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 502

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 502 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 187674 / تحميل: 9846
الحجم الحجم الحجم
شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار

شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار الجزء ١

مؤلف:
العربية

شرح الأخبار

 في

 فضائل الائمة الاطهار

للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي

١
٢

بسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على القائل « النجوم أمان لأهل السماء ، وأهل بيتي أمان لامّتي » وعلى عترته الطيّبين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا.

من الواضح المعلوم أنّ الأئمة صلوات الله عليهم أجمعين أمناء الله على عباده وخلفاؤه في أرضه وهم السبل الواضحة التي تهتدي بها البشريّة وسفن النجاة التي لا يغرق من ركبها وهم معادن علم الله ومحطّ بركاته لا يعرف فضلهم ولا تدرك منزلتهم ولا يوصف ثناؤهم ، ولا يسع لأحد التعرّف عليهم بما هم إلاّ الله ورسوله. ولذالك نرى القرآن الكريم أبان فضلهم وعرّف قدرهم وبيّن مقامهم وأظهر شأنهم ومن جهة أخرى قام الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ببيان مقامهم في ضمن أحاديث كثيرة جمعها أرباب الحديث في تصانيفهم وأخذ كلّ بقدر وسعة منها وسردها في كتابه ، منهم القاضى النعمان بن محمد بن منصور بن أحمد بن حيّون الإماميّ المذهب في كتاب سمّاه بـ « شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار » وهو لم يطبع بعد بهذا الكيفية ، وقد قام العلاّمة السيّد محمّد الجلالي بتحقيق هذا الكتاب وتصحيحه ومقابلته مع نسخ خطّية متعدّدة فجزاه الله خير الجزاء وجعله من أحسن موالي البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام.

وقد قامت المؤسّسة ـ بحمد الله ومنّه ـ بطبع ونشر هذا السفر الشريف كي تتعرّف الأمّة الإسلاميّة أكثر على فضائل ومناقب آل الرسولعليهم‌السلام ، سائله المولى عزّ وجلّ لها وللسيّد المحقّق التوفيق لخدمة الإسلام ونشر علوم أهل البيت إنّه سميع مجيب.

مؤسّسة النشر الإسلامي

التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة

٣

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على أفضل رسله وأشرف بريّته أبي القاسم محمّد وعلى آله الطيّبين الطاهرين المعصومين واللعنة الدائمة على أعدائهم ومخالفيهم ومنكري فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين. آمين يا ربّ العالمين.

٤

مقدّمة المحقّق

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحقائق التاريخية هي منتهى آمال الباحثين ومطمح انظار المحققين ، فمن خلال الدراسة والتحقيق يتمّ التعرف على مدى ثقافة وعظمة الامم السالفة لمعرفة وتثمين وتقصّي النقاط الإيجابية منها. بيد أن الدوافع المادية والنزعات القبلية لذوي النفوس الشريرة فرضت بأساليب مختلفة وطرق متباينة من ترغيب وترهيب وتطميع وتعذيب لتدوين التاريخ المتداول ملائما لميولها ومنسجما مع أغراضها ومجانسا لمآربها ومشبعا لرغباتها ، فلو كان التاريخ على حقيقته لكشف لنا الكثير من نتائج المعادلات المجهولة التي لو كانت لدينا لحصلنا واكتسبنا مزيدا مما نروم إليه في حياتنا العملية وتعاملنا وتفاعلنا مع الحوادث والافراد والامم بالشكل الموضوعي الموصل بالمجتمع الى الخير والسعادة والتقدم والازدهار وتجنبنا المزيد من عوامل التخلف والشقاء والتفرق ، ومن البديهي ـ الغير القابل للجدل ـ أن يحاول المستبدون والجبابرة والمستعمرون بالإضافة الى طمس المعالم الخلقية والظواهر الطيبة والبوادر الخيرة لأجل تمرير أحقادهم وتسييب شعوبهم وتحكيم موقعهم منطلقين من مبادئهم وآرائهم التي تمخّضت عن تلكم النتائج البغيضة ، فرغم توليد الأحقاد وتباعد الشعوب والأفراد حرمان الأجيال القادمة من الارتواء من معرفة أسلافهم إلا النزر القليل الذي لا يسمن ولا يغني من جوع ، وأوضح مصداق واكبر برهان لما

٥

ذكرنا ما عاناه أهل البيتعليهم‌السلام الذين جعلهم الله نبراسا ومنارا وملاذ لنا لنقتدي بهم ونتمسك بحبلهم ونلجأ إليهم ونستلهم من سيرتهم ، وهم الذين ارتضاهم الله وخصّهم بقوله : «إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً »(١) .

من ذوي النفوس الخبيثة والمآرب الشريرة ـ كذوي الأعين المصابة بالرمد ـ آلوا على أنفسهم وشدوا العزم على إطفاء هذا النور الساطع والضياء المنتشر ، ليدوم سلطانهم ودولتهم بل لم يكتفوا بالقتل والتشريد والتعذيب والتنكيل حتى شمّروا عن سواعدهم وبذلوا أقصى الجهود وصرفوا اكثر ما في وسعهم لقلب الحقائق وتشويه الصور وتعكير الأجواء ، ففي أربعين عاما من أيام التاريخ الإسلامي كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يسبّ على منابر المسلمين في خطب الجمعة وغيرها وتلصق به أنواع التهم والإفترءات ، وقتل حتى من يحتمل موالاته ومحبته لعليعليه‌السلام ، حتى أن الحجاج أمر باحراق محلة بما فيها لأجل اختفاء موال فيها. و و ولكن ما أسرع أن تبدد الظلام ولاح نور الصباح في الافق وبانت الحقيقة وظهر الحق رغم قسره على الاختفاء. مصداقا لوعده وهو أصدق القائلين «وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ». والكتاب الذي بين يديك من تلك المظاهر مما حدى بي الى اختياره للتحقيق. وقد كانت منذ أمد بعيد تساورني هواجس وخلجات تحفزني فكرة تأليف سفر في هذا المعنى ، ولما وجدت هذا الكتاب موفيا لرغبتي زاد شوقي إليه ، وبادرت الى تحقيقه واخراجه الى عالم الطباعة.

__________________

(١) الاحزاب ٣٣.

٦

نسخ الكتاب :

إنه من الكتب العزيزة النزيرة النسخ ، ولعل السبب في ذلك إضافة الى تعدد أجزائه ، وتفرقة في البلاد هو قلة الناسخين له ، فلم يتعدّ ناسخوه المعدودين بالاصابع المنتمين الى الفرقة الإسماعيلية التي تحرص أشدّ الحرص للحفاظ على كتبها لئلا يطّلع عليها من هو خارج عن هذه الفرقة. ورغم ذلك فقد حاولت حثيثا وجهدت مليا حتى حصلت على جميع أجزاء الكتاب من بلدان عديدة في العالم. فهناك أجزاء وجدت في المكتبات الاوربية صوّرها وأرسلها لي مشكورا الأخ العلاّمة الحاج السيد محمد حسين الحسيني الجلالي دام توفيقه من امريكا وهناك أجزاء عثرت عليها في مكتبة جامعة طهران ، وهناك أجزاء خطية ومصوّرة وقفت عليها في مكتبة السيد المرعشي بقم ـ ولعل اكمل مجموعة من أجزاء الكتاب هي ما وقفت على مصوّرتها أخيرا في مكتبة السيد المرعشي دام ظله ـ.

وأمّا النسخ التي اعتمدنا عليها في تحقيق الكتاب فهي :

١ ـ نسخة جامعة طهران :

تحتوي على الأجزاء ١ ـ ٧ في ٢١٦ صفحة بمقياس ٢١ * ١٥ سم. وفي كل صفحة ٢١ سطرا.

وهذه النسخة كانت لدى الميرزا النوري ـ صاحب مستدرك الوسائل ـ ثم انتقلت الى السيد محمّد مشكاة الذي أهداها بدوره الى مكتبة جامعة طهران في سنة ١٣٢٨ هجرية.

وقد ذكرها الميرزا النوري في مستدرك الوسائل ٣ / ٣٢١ بقوله : عثرنا بحمد الله تعالى على نسخة عتيقة منه إلا أنه ناقص من أوله وآخره ، أظنه أوراق

٧

يسيرة.

وفي الحقيقة أن الساقط من الكتاب ـ نسخة الجامعة ـ ما يقارب النصف الأول من الجزء الأول ، ومن آخره هو اكثر من نصف الكتاب ـ أي تسعة أجزاء ـ ، ولعل السبب في توهم العلاّمة النوري ـ ره ـ بأن الساقط أوراق يسيرة هو الكتابة الموجودة على صفحة الغلاف ، من أن الساقط من الكتاب هو ثلاثة أوراق.

وهذه النسخة محفوظة في مكتبة جامعة طهران برقم ٩١٦. وقد رمزنا لها بالحرف الألف.

٢ ـ نسخ مكتبة السيد المرعشي :

أ ـ نسخة خطية تحتوى على الأجزاء ١ ، ٢ ، ٤ ، ٦ بخط محمّد بن يوسف علي وهو برقم ٤٢٠٢ ، وعدد صفحات هذه النسخة ٢٧٨ صفحة بمقياس ١٤ * ٥ / ٨ سم ، وفي كل صفحة ١٧ سطرا.

وقد رمزنا لها بالحرف ـ ب ـ.

ب ـ نسخة خطية في مجلّدين برقم ٣٧٣١ و ٣٧٥١ تحتوى على الأجزاء ٥ ، ٦ ، ٧ ، ٨ بخط حسين بن عبد العلي المباركفوري الأعظمي.

والمجلّد الأول المرقم ٣٧٣١ يحتوي على الجزءين ٥ و ٦ وهو مؤرخ بتاريخ ١٣١٦ هجرية والمجلّد الثاني المرقم ٣٧٥١ يحتوي على الجزءين ٧ و ٨ مؤرخ بتاريخ ١٣٥٠ هجرية.

وتقع هذه النسخة في ٣٠٦ صفحة بمقياس ٨ * ١٥ سم وفي كل صفحة ١٢ سطرا.

وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف ـ ج ـ.

٣ ـ نسخة مصورة محتوية على الأجزاء ١ ، ٢ ، ٤ ، ٦ ، ٧ وتقع في ٢٢٧

٨

صفحة بمقياس ٥ / ٢١ * ١١ سم وفي كل صفحة ٢٣ سطرا تقريبا.

وهذه النسخة مجهولة التاريخ والناسخ إلا أنها تمتاز بكونها مشكولة ، وعليها عدة بلاغات مما يدل على مقابلتها وتصحيحها.

وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف ـ د ـ.

٤ ـ نسخة مصورة اخرى تحتوى على الأجزاء ٩ ـ ١٢ في ٢٦٧ صفحة بمقياس ٥ / ١٣ * ٥ / ٧ سم وفي كل صفحة ١٦ سطرا.

وهذه النسخة مجهولة الناسخ والتاريخ إلا أن عليها تملكا نصّه : مما منّ الله به على عبدوليه ( كلمة لا تقرأ ) بن الشيخ الفاضل الحاج حبيب الله.

وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف ـ هـ ـ.

٥ ـ نسخة مصورة ـ ثالثة ـ تحتوى على الأجزاء ٦ ـ ١٠ في ٢١٧ صفحة بمقياس ١٣ * ٨ سم ، وفي كل صفحة ١٣ سطرا مؤرخة ١١١٦ هجري وعليها تملّك محمد علي بن فتح بهائي بن سليمان حي بهائي ساكن سكندرپور في محلة كوثر. كما ورد على ظهر النسخة. وهي من كتب الجمعية الاسماعيلية بلندن تحت الرقم ٥٨٤٥.

وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف ـ و ـ.

٦ ـ نسخة مصورة ـ رابعة ـ تحتوى على الأجزاء ١٣ ـ ١٦ في ٢٨٥ صفحة بمقياس ١٤ * ٥ / ٨ سم وفي كل صفحة ١٥ سطرا.

والنسخة الخطية مؤرخة سنة ١٢٩٥ هجرية محفوظة في الجمعية الاسماعيلية في بمبئي برقم ١٦٧ الف و ١٢٩ ـ ن ـ.

وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف ـ ز ـ.

٧ ـ نسخة مصورة ـ خامسة ـ تحتوي على الجزءين : ١٣ و ١٤ في ١٥٥ صفحة ١٥ * ٥ / ٩ سم وفي كل صفحة ١٥ سطرا. أرسلها سماحة العلاّمة الأخ السيد محمّد حسين الجلالي وهي نسخة جامعة لندن غير مؤرخة برقم ٢٥٤٣٢. وعلى

٩

النسخة تملّك نصّه : ملك طيب علي ملاجيوا بهائي. وقد ضبط فيضي كلمة : ( ملاچى ) ، وقال : إنها اسرة معروفة لدى طائفة البهرة الداودية لما لها من مكانة علمية متوارثة. ( كما جاء في مقدمة الدعائم ١ / ١٨ / ط / القاهرة ١٢٨٩ هـ ) وعلى النسخة أبيات تدعو الى محبة نجم الدين الداعي وهو نجم الدين بن زكي الدين المتوفى سنة ١٢٣٢ هجرية.

وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف ـ ح ـ.

ولدينا نسخة مطبوعة من الجزء الخامس عشر ـ طبعة إيفانوف ـ غير أن هذه الطبعة منتخب من الجزء الخامس عشر طبعت عام ١٩٤٢ م بمطبعة اوكسفورد ضمن سلسلة البحوث الإسماعيلية وتقع في ٣٤ صفحة.

عملنا في الكتاب :

إن هذا الكتاب من الكتب النادرة ، وقد انفرد القاضي بإيراد روايات عزيزة لم نقف عليها في مصادر اخرى. أضف الى ذلك وجود روايات اخرى لم تكن من السهل العثور عليها في المصادر الحديثية الموجودة بأيدينا لأجل تقطيعها أو ذكر محل الحاجة منها ، ومع ذلك استقصينا الجهد في تخريج الروايات وشرح الغريب من ألفاظها بالاعتماد على المصادر الكثيرة والمراجع اللغوية. وألحقنا بكل جزء من أجزاء الكتاب ملحقا بعنوان ـ تخريج الأحاديث ـ وذكرنا فيه شواهد الروايات التي أوردها المؤلف ومتابعاتها كما حاولنا ذكر المزيد من المؤيدات لتلك الروايات اعتمادا على امّهات المراجع من كتب العامة والخاصة مع تقديم كل نصّ أقرب لما ذكره المؤلف. وذكرنا أسانيدها بايراد أسماء الرواة دون التعرض الى ما لا يلزم ذكره من قبيل الالقاب والكنى ، ومراعات عدم الإطالة والتكرار.

وقد قمنا أساسا في التحقيق بعد ضبط النصّ ومقابلته مع النسخ المتوفّرة

١٠

والمصادر الاخرى بما يلي :

أ ـ ترقيم الأحاديث بالتسلسل وفق ما وجدناه في النسخ المستحضرة لتحقيق الكتاب.

ب ـ جعل ما سقط من نسخة الأصل ووجدناه في النسخ الاخرى بين قوسين ، وما وجدناه في المصادر الاخرى ضمن معقوفتين هكذا [ ].

ج ـ الإشارة الى اختلاف الكلمات أو الجمل الموجودة بين النسخ في الهامش.

د ـ تبديل الكلمات التي وردت في تضاعيف الكتاب الى الرسم المتداول كالزكاة والصلاة الى الزكاة والصلاة.

هـ ـ تبديل ما رمز إليه في بعض النسخ من عبارات الإجلال والتعظيم للفظ الجلالة والصلاة على النبيّ والائمة والترضية على الصحابة الكرام بالعبارات الصريحة.

وختاما أسأل المولى القدير أن يوفقنا لما يحبّ ويرضى إنه سميع مجيب.

محمّد الحسينيّ الجلالي

شهر رمضان المبارك ١٤٠٧ هـ

١١

١٢

١٣

١٤

١٥

١٦

المؤلّف والكتاب

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

شارك المؤلّف أبو حنيفة النعمان الشيعي ـ المتوفّى سنة ٣٦٣ هـ ـ في الدعوة الفاطمية في مهدها بالمغرب ، وقام بتأصيل اصولها حتى أصبحت الدعوة تعتمد على النشاط الفكري للمؤلّف بقدر اعتمادها على النشاط السياسي للخلفاء الفاطميين.

ولدوره البارز في الدفاع عن حريم التشيّع اعتبرته بعض المصادر الشيعية إماميا اثنا عشريا ، بالرغم من كثرة مؤلّفاته التي تعتبر مصدر عطاء للمذهب الاسماعيلي ، ولا يزال أتباع المذهب الاسماعيلي يعبّرون عنه بألفاظ التجليل التي لا يصفون غيره بها ، كألفاظ « سيّدنا الأوحد » و « القاضي الأجل » و « سيّدنا القاضي ».

وبالرغم من انغلاق أبواب المكتبة الاسماعيلية في وجه الباحثين لعوامل التقيّة التي أصبحت متأصّلة في نفوسهم وحرمت العلم من أصحابه فقد تمكّن الأخ السيّد محمد الحسينيّ الجلالي ـ حفظ الله ـ بسعيه الحثيث أن يجمع أفراط هذا الكتاب « شرح الأخبار في فضائل الائمة الأطهار » من مختلف المكتبات ويقدمها سلسلة منضودة كاملة.

ترجمة المؤلّف :

هو أبو حنيفة النعمان بن محمد بن منصور بن أحمد بن حيّون ، واتفقت

١٧

المصادر على وصفه بالفضل والعلم والنبل ، وصرّحت بتولّيه القضاء ، وانفرد ابن العماد الحنبلي ( ت / ١٠٨٩ هـ ) على نسبته الى التشيّع ظاهرا والزندقة باطنا ، وهو نابع من الخلاف المذهبي.

وقال معاصره المعز لدين الله ( ت / ٣٦٥ هـ ) رابع خلفاء الفاطميين : « من يؤدّي جزء ممّا أدّاه النعمان أضمن له الجنّة بجوار ربّه »(١) .

ووصفه ابن زولاق الحسن بن إبراهيم الليثي ( ت / ٣٨٧ هـ ) بقوله : « في غاية الفضل من أهل القرآن والعلم بمعانيه ، وعالما بوجوه الفقه وعلم اختلاف الفقهاء واللغة والشعر والعقل والمعرفة بأيام الناس مع عقل وانصاف »(٢) .

أمّا الأمير المختار عزّ الملك محمد الكاتب المسيحي فوصفه بقوله : « كان من أهل العلم والفقه والرأي والنبل على ما لا مزيد عليه وله عدّة تصانيف »(٣) .

وقال عنه محمد بن علي بن شهرآشوب ( ت / ٥٨٨ هـ ) : « ابن فياض القاضي النعمان بن محمد ليس بإمامي وكتبه حسان »(٤) .

وابن خلكان ( ت / ٦٨١ هـ ) قال : « أحد الائمة الفضلاء المشار إليهم وكان مالكيّ المذهب ثم انتقل الى مذهب الامامية »(٥) .

واليافعي ( ت / ٧٦٨ هـ ) قال : « كان من أوعية العلم والفقه والدين »(٦) .

وابن حجر أحمد بن علي العسقلاني ( ت / ٨٥٢ هـ ) قال : « كان مالكيا ثم

__________________

(١) عن عيون الأخبار : للداعي إدريس ، راجع أعلام الاسماعيلية : ص ٥٩.

(٢) ابن خلكان : ٥ / ٤١٦ ، ويراجع البداية والنهاية.

(٣) وفيات الأعيان : ٥ / ٤١٥.

(٤) معالم العلماء : ص ١٢٦.

(٥) وفيات الأعيان : ٥ / ٤١٥.

(٦) مرآة الجنان : ٢ / ٢٧٨.

١٨

تحوّل إماميا وولّي القضاء للمعزّ العبيدي صاحب مصر وصنّف لهم التصانيف على مذهبهم ، وفي تصانيفه ما يدل على انحلاله »(١) .

والداعي إدريس عماد الدين القرشي ( ت / ٨٧٢ هـ ) يقول : « إن النعمان كان في مكانة رفيعة جدا قريبة من الأئمة ، وأنه كان دعامة من دعائم الدعوة »(٢) .

وابن تغرى بردى يوسف ( ت / ٨٧٤ هـ ) يقول : « قاضي مملكة المعز ، وكان حنفيّ المذهب ، لأن المغرب كان يومذاك غالبه حنفية الى أن حمل الناس على مذهب مالك فقط المعر بن باديس »(٣) .

وابن العماد الحنبلي ( ت / ١٠٨٩ ) يقول : « القاضي أبو حنيفة الشيعي ظاهرا الزنديق باطنا قاضي قضاة الدولة العبيدية »(٤) .

هذا ولم يذكر المتأخّرون شيئا جديدا في وصف المؤلّف ، راجع الحرّ العاملي ( ت / ١١٠٤ هـ )(٥) ، وبحر المعلوم ( ت / ١٢١٢ )(٦) وشيخنا العلاّمة ( ت / ١٣٨٩ )(٧) ، ويعتبر ابن شهرآشوب ( ت / ٥٨٨ ) الوحيد الذي وصفه بابن الفيّاض ، ولم اهتد للوجه الصحيح لهذه النسبة سوى أن والد المؤلّف أبو عبد الله محمد القيرواني كان كما يقول ابن خلكان ( ت / ٦٨١ هـ ) : « قد عمّر ، ويحكي أخبارا كثيرة نفيسة » فاذا صحّ تلقّبه بالفيّاض ، والمؤلّف بابن الفيّاض ، وربّما

__________________

(١) لسان الميزان : ٦ / ١٦٧.

(٢) عن عيون الأخبار له ، راجع مقدّمة اختلاف اصول المذاهب ص ١٣ لمصطفى غالب.

(٣) النجوم الزاهرة : ٤ / ١٠٦.

(٤) شذرات الذهب : ٣ / ٤٧.

(٥) أمل الآمل : ٢ / ٣٣٢.

(٦) رجال بحر العلوم « الفوائد الرجالية » : ٤ / ٥.

(٧) نوابغ الرواة : ٤ / ٣٢.

١٩

عثر ابن شهرآشوب على مصدر لذلك ، فإن كتبه تشهد بأنه كان على اطّلاع واسع للمصادر التي لم تصل يد التتبّع إليها.

هذا واتفق المؤرخون على وفاة المؤلّف في سنة ٣٦٣ هـ ، ولكن لم ينصّ أحد منهم على تاريخ ولادته ، ممّا أدّى الى أعمال مجرّد الظنّ والحدس في نصّ ذكره المؤلّف في كتابه « المجالس » الذي يعتبر حافلا بالتواريخ الهامّة في الدعوة الإسماعيلية ، فقد قال : « وخدمت المهدي بالله [ ت ـ ٣٣٢ هـ ] من أواخر عمره تسع سنين وشهورا وأياما »(١) .

وحيث إن المهدي هو أول الخلفاء الفاطميين توفى في ١٤ ربيع الأول ٣٢٢ هـ فيكون تاريخ خدمة المؤلّف إيّاه في أواخر عام ٣١٢ هـ في عمر تؤهّله للخدمة ، ويصعب تحديد ذلك ، واذا قدرنا عمره آنذاك انه كان في العشرين من العمر فتكون ولادته حدود منه ٢٩٢ ه‍.

والمؤلّف يذكر في « المجالس » بعض الأعمال والوظائف التي قام بها والتي تعدّ قمّة المسئولية في عهد الخليفة المعز ، وإليك بعض التواريخ الهامّة في حياته.

٢٩٢ (؟ ) هـ حدود تاريخ ميلاده ٣١٣ ـ ٣٢٢ (؟ ) هـ تسع سنين وشهورا وأياما من أواخر عمر المهدي المتوفّى سنة ٣٢٢ هـ وبعده القائم.

وكان المؤلف ينقل « أخبار الحضرة إليهما في كلّ يوم طول تلك المدة إلا أقل الأيام »(٢) ولا أعرف بالضبط طبيعة هذه الوظيفة ، وربما تكون مجرد الخدمة أو المراقبة.

٣٢٢ ـ ٣٣٤ (؟ ) هـ في عهد الخليفة الثاني الفاطمي « القائم بأمر الله أبي القاسم محمد ( ت / ٣٣٤ هـ ) » كان المؤلّف يقوم بنفس دور

__________________

(١) المجالس : ص ٦٩.

(٢) المجالس : ص ٧٩.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

[ وقال الشافعي : يأخذه الشفيع بمتعة مثلها لا بالمهر ؛ لأنّ المتعة هي التي وجبت بالطلاق ، والشقص عوض عنها(١) .

ولو أخذ من المكاتب شقصاً عوضاً عن النجوم ، فلا شفعة عندنا ](٢) .

وقال الشافعي : يأخذه الشفيع بمثل النجوم أو بقيمتها ؛ لأنّ النجوم هي التي قابلته(٣) .

ولو جعل الشقص اُجرة دار ، فلا شفعة عندنا.

وقال الشافعي : يؤخذ بقيمة المنفعة ، وهي اُجرة مثل الدار(٤) .

ولو صالح على الشقص عن دم ، فلا شفعة عندنا.

وقال الشافعي : يأخذه الشفيع بقيمة الدم ، وهي الدية(٥) . ويعود فيه مذهب مالك(٦) .

ولو استقرض شقصاً ، فلا شفعة عندنا.

وقال الشافعي : يأخذه الشفيع بقيمته وإن قلنا : إنّ المستقرض يردّ المثل ؛ لأنّ القرض مبنيّ على الإرفاق ، والشفعة ملحقة بالإتلاف(٧) (٨) .

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٤٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٨ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧١.

(٢) بعض ما بين المعقوفين أضفناه من « العزيز شرح الوجيز » نصّاً ، ونحوه في « التهذيب » للبغوي ، و « روضة الطالبين ». وبعضه الآخَر من تصحيحنا لأجل السياق.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٨ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧١.

(٤و٥) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٤٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٨ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧١.

(٦) كذا في النسخ الخطّيّة والحجريّة. وورد في العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٨ - تتمّةً لقول الشافعي - : « ويقود منه الجريح ويذهب ملكه » بدل « ويعود فيه مذهب مالك ».

(٧) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « بالإتلاف ». وما أثبتناه من « العزيز شرح الوجيز ».

(٨) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٨ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧١.

٢٦١

مسالة ٧٤٧ : لو كان الثمن مؤجَّلاً‌ ، مثلاً : اشترى الشقص بمائة مؤجَّلة إلى سنة ، فللشيخرحمه‌الله قولان :

أحدهما - وهو الأقوى عندي ، وبه قال مالك وأحمد والشافعي في القديم(١) - : أنّ للشفيع الأخذ كذلك بعد إقامة كفيل إذا لم يكن مليّاً ، وليس له الصبر والأخذ عند الأجل(٢) .

لنا : أنّ الأخذ إنّما يكون بالثمن ، ويجب أن يكون على الشفيع مثل الثمن قدراً ووصفاً ، والتأجيل وصف في الثمن. ولأنّ الشفعة على الفور ، وتأخير الطلب إلى الأجل مناف للفوريّة ، وأخذها بالثمن المعجّل إضرار بالشفيع بغير وجه ، فلم يبق إلّا ما قلنا توصّلاً إلى الجمع بين الحقوق كلّها.

وقال الشيخ أيضاً : يتخيّر الشفيع بين أن يأخذه ويعجّل الثمن ، وبين أن يصبر إلى أن يحلّ الأجل ثمّ يأخذه بالثمن(٣) - وبه قال أبو حنيفة والشافعي في الجديد(٤) - لأنّ ذلك يؤدّي إلى أن يلزم المشتري قبول ذمّة الشفيع ، والذمم لا تتماثل ، ولهذا إذا مات مَنْ عليه الدَّيْن المؤجَّل ، حلّ الأجل ، ولم ينتقل إلى ذمّة الورثة. وملاءة الأشخاص لا توجب تماثل الذمم ، فإنّها تختلف في كون بعضها أوفى وبعضها أسهل في المعاملة.

____________________

(١) الموطّأ ٢ : ٧١٥ ، ذيل الحديث ٣ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٥٩ ، المغني ٥ : ٥٠٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٢٣ ، المحلّى ٩ : ٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٩ ، وانظر : روضة الطالبين ٤ : ١٧١ - ١٧٢.

(٢) النهاية : ٤٢٥.

(٣) المبسوط - للطوسي - ٣ : ١١٢ ، الخلاف ٣ : ٤٣٣ ، المسألة ٩ من كتاب الشفعة.

(٤) بدائع الصنائع ٥ : ٢٧ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٤٣ / ١٩٥٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٥٦ ، الوسيط ٤ : ٨٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٩ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧١ - ١٧٢ ، المغني ٥ : ٥٠٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٢٣.

٢٦٢

ولأنّ في ذلك تغريراً بالمشتري ؛ لجواز أن يذهب مال الشفيع قبل حلول الأجل ، فيلزمه غرمه ، ولا يجوز أن يلزمه ذلك ، ولم يحصل له حظّ بهذا البيع.

وهو ممنوع ؛ لأنّا نلزم الشفيع بكفيل مليّ يرتضيه المشتري ، فاندفع المحذور.

وللشافعي قولٌ ثالث : إنّ الشفيع يأخذه بسلعة قيمتها الثمن إلى سنة ؛ لأنّه لم يأخذ السلعة بثمن مؤجّل على ما تقدّم ، وإن أخذها بثمنٍ حالّ في الحال أو بعد انقضاء الأجل ، فقد كلّفناه أكثر من الثمن ؛ لأنّ ما يباع بمائة إلى سنة لا يساويها حالّا ، ولئلّا يتأخّر الأخذ ولا يتضرّر الشفيع(١)

وعلى ما اخترناه فإنّما يأخذه بثمنٍ مؤجّل إذا كان مليّاً موثوقاً به أو(٢) إذا أعطى كفيلاً مليّاً ، وإلّا لم يأخذه ؛ لأنّه إضرار بالمشتري ، وهو أحد قولي الشافعي على تقدير قوله بما قلناه. والثاني له : أنّ له الأخذ على الإطلاق ، ولا ينظر إلى صفته ، ولو أخذه ثمّ مات ، حلّ عليه الأجل(٣) .

وعلى قول أبي حنيفة والشيخ والشافعي في الجديد لا يبطل حقّ الشفيع بالتأخير ؛ لأنّه تأخير بعذر ، ولكن هل يجب تنبيه المشتري على الطلب؟ فيه وجهان ، أحدهما : لا ؛ إذ لا فائدة فيه. والثاني : نعم ؛ لأنّه ميسور وإن كان الأخذ معسوراً(٤) .

ولو مات المشتري وحلّ عليه الثمن ، لم يتعجّل الأخذ على الشفيع ،

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٩ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٢.

(٢) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « و» بدل « أو ». والظاهر ما أثبتناه.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٠ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٢.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٩ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٢.

٢٦٣

بل هو على خيرته إن شاء أخذ في الحال ، وإن شاء صبر إلى مجي‌ء ذلك المحلّ.

ولو مات الشفيع ، فالخيرة التي كانت له تثبت لورثته.

ولو باع المشتري الشقص قبل أن يحلّ الأجل ، صحّ البيع ؛ لأنّ الثمن لو كان حالّاً فباع المشتري صحّ بيعه ، فإذا كان مؤجّلاً وتأخّر الأخذ ، كان جواز البيع أولى ، ويتخيّر الشفيع بين أن يجيز البيع الثاني ويأخذه بالثمن الثاني وبين أن يفسخه إمّا في الحال أو عند حلول الأجل ، ويأخذه بالثمن الأوّل ؛ لأنّ ذلك كان له ، ولا يسقط بتصرّف المشتري.

هذا إذا قلنا : إنّ للشفيع نقض تصرّف المشتري ، وهو الظاهر عندهم(١) ، وفيه خلاف ، وإن قلنا بالثالث ، فتعيين(٢) العرض إلى الشفيع وتعديل القيمة [ إلى ](٣) مَنْ يعرفها.

ولو لم يتّفق طلب الشفعة حتى حلّ الأجل ، وجب أن لا يطالب على هذا القول إلّا بالسلعة المعدلة ؛ لأنّ الاعتبار في قيمة عوض المبيع بحال البيع ، ألا ترى أنّه إذا باع بمتقوّم ، تعتبر قيمته يوم البيع. وعلى القولين الآخَرَيْن لو أخّر الشفعة ، بطل حقّه.

مسالة ٧٤٨ : لو ضمّ شقصاً مشفوعاً إلى ما لا شفعة فيه في البيع‌ ، مثل أن يبيع نصفَ دار وثوباً أو عبداً أو غيرهما صفقةً واحدة ، بسط الثمن عليهما باعتبار القيمتين ، وأخذ الشفيع الشقص بحصّته من الثمن ، عند علمائنا ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد(٤) ، ولا شفعة في المضموم ؛

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٠ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٢.

(٢) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « فيتعيّن ». والصحيح ما أثبتناه.

(٣) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٠ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٢ ، المغني ٥ : ٥٠٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٠٢.

٢٦٤

لأنّ المضموم لا شفعة فيه ولا هو تابع لما فيه الشفعة ، فلا تثبت فيه الشفعة ، كما لو أفرده.

وقال مالك : تثبت الشفعة فيهما معاً. ويروى عنه أيضاً أنّه إن كان من مصالح الضيعة وتوابعها كالثيران وآلات الحرث والعبد العامل في البستان ، أخذه الشفيع مع الشقص. وإن كان غير ذلك ، لم يأخذه ؛ لأنّه لو أخذ الشقص وحده ، تبعّضت الصفقة على المشتري ، وفي ذلك ضرر ، ولا يزال الضرر عن الشفيع بإلحاق ضرر المشتري(١) .

وهو غلط ؛ لأنّه أدخله على نفسه بجمعه في العقد بين ما ثبت فيه الشفعة وما لا تثبت.

ثمّ النظر إلى قيمتهما يوم البيع ؛ فإنّه وقت المقابلة.

قال الجويني : إذا قلنا : إنّ الملك ينتقل بانقطاع الخيار ؛ فيجوز أن يعتبر وقت انقطاع الخيار ، لأنّ انتقال الملك - الذي هو سبب الشفعة - حينئذٍ يحصل(٢) .

وهذا يتأتّى على قول الشيخ أيضاً.

وإذا أخذ الشفيع الشقص ، لم يثبت للمشتري الخيار وإن تفرّقت الصفقة عليه ، لدخوله فيها عالماً بالحال.

مسالة ٧٤٩ : إذا اشترى شقصاً من دار فاستهدمت إمّا بفعل المشتري أو بغير فعله ، فلها أحوال :

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٠ ، المغني ٥ : ٥٠٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٠٢.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٠.

٢٦٥

أ - أن تتعيّب من غير تلف شي‌ء منها ولا انفصال بعضها عن بعض بأن يتشقّق جدار أو تميل أسطوانة أو ينكسر جذع أو يضطرب سقف ، فالشفيع بالخيار بين الأخذ بكلّ الثمن ، وبين الترك ، ويكون تعيّبه في يد المشتري كتعيّب المبيع في يد البائع ، فإنّه يتخيّر المشتري بين الفسخ وبين الأخذ بجميع الثمن ، عند بعض(١) علمائنا ، وبه قال الشافعي(٢) .

وعند بعضهم(٣) يسقط(٤) الأرش ، فينبغي هنا أن يكون كذلك.

ب - أن يتلف بعضها ، فيُنظر إن تلف شي‌ء من العرصة بأن غشيها السيل فغرّقها ، أخذ الباقي بحصّته من الثمن.

وإن بقيت العرصة بتمامها وتلفت السقوف والجدران باحتراقٍ وغيره ، فإن قلنا : إنّ الأبنية كأحد العبدين المبيعين(٥) ، أخذ العرصة بحصّتها من‌

____________________

(١) كالشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ١٠٩ ، المسألة ١٧٨ ، والمبسوط ٢ : ١٢٧ ، وابن إدريس في السرائر ٢ : ٣٠٥.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١١ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٢ - ١٧٣.

(٣) اُنظر : نكت النهاية ( النهاية ونكتها ) ٢ : ١٦١ - ١٦٢.

(٤) كذا بصيغة الإثبات. وفي جواهر الكلام ١٦ : ٣٥٩ حيث نقل عبارة التذكرة قال : « لا يسقط الأرش ». وقال المحقّق الكركي في جامع المقاصد ٤ : ٤١٧ - ٤١٨ عند شرح قول المصنّف في القواعد : « ولو انهدم أو تعيّب بفعل المشتري قبل المطالبة » : فهاهنا أربع صور : الاولى : أن يكون ذلك بفعل المشتري قبل مطالبة الشفيع بالشفعة بأن ينقض البناء أو يشقّ الجدار أو يكسر الجذع إلى أن ساق الكلام إلى قوله : وقد سبق في كتاب البيع وجوب الأرش على البائع إذا تعيّب المبيع في يده فينبغي أن يكون هنا كذلك ، وقد نبّه كلام المصنّف في التذكرة على ذلك. انتهى ، فلاحظ قوله : « وجوب الأرش على البائع » حيث إنّه يخالف قول المصنّف : « يسقط الأرش » ويوافق ما في الجواهر من قوله : « لا يسقط ». وانظر أيضاً : الكافي في الفقه - للحلبي -: ٣٥٥.

(٥) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « المسمّيين » بدل « المبيعين ». والظاهر ما أثبتناه.

٢٦٦

الثمن ، وهو الأصحّ ، وبه قال الشافعي ومالك وأحمد(١) .

وإن قلنا : إنّها كأطراف العبد وصفاته ، أخذها بكلّ الثمن على رأي - وبه قال الشافعي(٢) - وبما بعد الأرش على رأي.

وفرّق بعضهم بين أن يكون التلف بآفة سماويّة ، فيأخذها بجميع الثمن ، أو بإتلاف متلفٍ ، فيأخذها بالحصّة ؛ لأنّ المشتري يحصل له بدل التالف ، فلا يتضرّر ، وبه قال أبو حنيفة(٣) .

ج - أن لا يتلف شي‌ء منها ولكن ينفصل بعضها عن بعض بالانهدام وسقوط الجدران ، فإنّ الشفيع يأخذ الشقص مع الأبعاض - وهو أحد قولي الشافعي(٤) - لأنّها دخلت في البيع وكانت متّصلة به حالة البيع ممّا يدخل في الشفعة ، فكذا بعد النقض ، وكونه منقولا عرض بعد البيع وبعد تعلّق حقّ الشفيع به ، والاعتبار بحال جريان العقد ، ولهذا لو اشترى داراً فانهدمت ، يكون النقض والعرصة للمشتري وإن كان النقض لا يندرج في البيع لو وقع بعد الانهدام.

والثاني للشافعي : لا يأخذ الشفيع النقض ؛ لأنّه منقول كما لو كان في الابتداء كذلك وأدخل النقض في البيع ، لا يؤخذ بالشفعة(٥) .

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٤٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١١ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٣ ، المغني ٥ : ٥٠٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٠٣.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١١ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٣.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١١ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٣ ، بدائع الصنائع ٥ : ٢٨ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٥١ / ١٩٧٢ ، المغني ٥ : ٥٠٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٠٣.

(٤و٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١١ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٣.

٢٦٧

فإن قلنا بالأوّل ، أخذه مع العرصة بجميع الثمن أو بما بعد الأرش على ما تقدّم ، أو يعرض عن الكلّ.

وإن قلنا : إنّه لا يأخذه - كما هو اختيار الشافعي في القول الثاني - فيبني على أنّ السقوف والجدران كأحد العبدين أو كطرف العبد؟ إن قلنا بالأوّل ، أخذ العرصة وما بقي من البناء بحصّتهما من الثمن.

وإن قلنا بالثاني ، فوجهان :

أحدهما : أنّه يأخذ بالحصّة ؛ لأنّ الأنقاض كانت من الدار المشتراة ، فيبعد أن تبقى للمشتري مجّاناً ويأخذ الشفيع ما سواه بتمام الثمن.

والثاني - وهو قياس الأصل المبنيّ عليه - : أن يأخذ بتمام الثمن ، كما في الحالة الاُولى. وعلى هذا فالأنقاض تشبه بالثمار والزوائد التي يفوز بها المشتري قبل قبض الشفيع(١) .

ومنهم مَنْ كان يطلق قولين - تفريعاً على أنّ النقض غير مأخوذ من غير البناء - على أنّ النقض كأحد العبدين أو كأطراف العبد؟(٢)

ووجه الأخذ بالكلّ : أنّه نَقْصٌ حصل عند المشتري ، فأشبه تشقّق الحائط ، والأخذِ بالحصّة : أنّ ما لا يؤخذ من المبيع بالشفعة تسقط حصّته من الثمن ، كما إذا اشترى شقصاً وسيفاً.

واعلم أنّ المزني نقل عن الشافعي أنّ الشفيع مخيّر بين أن يأخذه بجميع الثمن أو يردّ(٣) .

وقال في القديم ومواضع من الجديد : أنّه يأخذه بالحصّة(٤) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١١ - ٥١٢ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٣.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٢.

(٣) مختصر المزني : ١٢٠ ، الحاوي الكبير ٧ : ٢٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٢.

(٤) الحاوي الكبير ٧ : ٢٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٢.

٢٦٨

وقد ذكر بعض الشافعيّة فيه خمس طرق :

أ - منهم مَنْ قال : إنّ ما انهدم من الدار لا يدخل في الأخذ بالشفعة ، وإنّما يأخذ العرصة وما فيها من البناء ؛ لأنّ ذلك منفصل عنها ، كما لو باع داراً ، لم يدخل فيها ما كان منفصلاً عنها. وهل يأخذ العرصة والبناء الذي فيها بجميع الثمن أو بالحصّة؟ قولان.

ب - ما ذُكر في الطريقة الاُولى إلّا في أنّه يأخذ ذلك بحصّته من الثمن قولاً واحداً.

ج - إنّ ما انفصل من الدار يستحقّه الشفيع مع الدار ؛ لأنّ استحقاقه للشفعة إنّما كان حال عقد البيع وفي ذلك الحال كان متّصلاً.

د - المسألة على اختلاف حالين ، فالموضع الذي قال : يأخذها بالحصّة إذا ذهب بعض العرصة بغرقٍ أو غير ذلك ، والموضع الذي قال : يأخذها بجميع الثمن إذا كانت العرصة باقيةً وإنّما ذهب البناء.

ه- إنّ الموضع الذي قال : يأخذ بالحصّة إذا تلف بعض الأعيان بفعله أو فعل آدميّ ، والموضع الذي قال : يأخذه بجميع الثمن إذا حصل ذلك بأمر سماويّ(١) .

وبهذه(٢) الطريقة الأخيرة قال أبو حنيفة(٣) .

أقول : ما فعله المشتري مضمون ( وإن كان إذا )(٤) حصل بغير فعله لم يضمنه ، كما لو قلع عين المبيع ، كان تضمينها عليه ، ولو سقطت‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٢٦٥ - ٢٦٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٢.

(٢) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « هذه ». والصحيح ما أثبتناه.

(٣) بدائع الصنائع ٥ : ٢٨ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٥١ / ١٩٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١١ ، المغني ٥ : ٥٠٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٠٣.

(٤) بدل ما بين القوسين في الطبعة الحجريّة : « وإذا كان ».

٢٦٩

لم يسقط شي‌ء من الثمن.

هذا كلّه إذا كان التعيّب لا بفعل المشتري أو بفعله قبل الطلب ، أمّا إذا كان بفعل المشتري بعد الطلب ، فهل يضمن المشتري؟ قولان لعلمائنا ، الأقرب : الضمان.

ولو تلف بعض المبيع ، أخذه بحصّته من الثمن.

مسالة ٧٥٠ : إذا بنى المشتري أو غرس قبل القسمة ، كان للشريك قلعه‌ ، لا من حيث الشفعة ، بل من حيث إنّ أحد الشريكين إذا بنى أو غرس في الأرض المشتركة ، كان للشريك الآخر قلعه وتخريب البناء مجّاناً ، وله الأخذ بالشفعة بعد القلع وقبله.

وإن كان المشتري قد قسّم - إمّا لغيبة الشريك ، أو لصغره - بإذن الحاكم ، أو لكذبه في الإخبار بالثمن فعفا ، أو في الاتّهاب فظهر(١) البيع ، أو قاسمه وكيله وأخفى(٢) عنه وجه الحظّ في الأخذ بالشفعة ثمّ يجي‌ء الموكّل فيظهر له الوجه ثمّ بنى أو غرس أو زرع بعد القسمة والتمييز ثمّ علم الشفيع ، فللمشتري قلع غرسه وبنائه ؛ لأنّه ملكه.

فإذا قلعه ، لم يكن عليه تسوية الحفر ؛ لأنّه غرس وبنى في ملكه ، وما حدث من النقص فإنّما حدث في ملكه ، وذلك ممّا لا يقابله الثمن ، وإنّما يقابل الثمن سهام الأرض من نصف وثلث وربع ، ولا يقابل التراب ، فيكون الشفيع بالخيار بين أن يأخذ الأرض بجميع الثمن أو يترك.

وإن لم يقلع المشتري الغراس ، تخيّر الشفيع بين ثلاثة أشياء : ترك الشفعة ، وأخذها ودفع قيمة البناء والغراس إن رضي الغارس والباني ،

____________________

(١) في « س ، ي » : « فيظهر ».

(٢) في « س ، ي » : « خفي ».

٢٧٠

ويصير الملك له ، وأن يُجبر المشتري على القلع ، ويضمن له ما نقص له بالقلع.

وقيل : رابعٌ : أن يُبقيه في الأرض باُجرة(١) .

فأمّا إذا طالبه بقلع ذلك من غير أن يضمن له النقص ، لم يلزمه قلعه ، قاله الشيخ(٢) رحمه‌الله ، والشافعي ومالك وأحمد وإسحاق والنخعي(٣) ؛ لأنّه بنى في ملكه الذي يملك نفعه ، فلم يُجبر على قلعه مع الإضرار به ، كما لو كان لا شفعة فيه.

وقال أبو حنيفة والثوري : يُجبر على قلعه ؛ لأنّه بنى في حقّ غيره بغير إذنه ، فكان عليه قلعه ، كما لو بنى فيها وبانت مستحقَّةً(٤) .

وفرّق(٥) الأوائل بأنّه غرس في ملك غيره(٦) .

وقول أبي حنيفة عندي لا بأس به ، والبناء وإن كان في ملكه لكنّه ملكٌ غير مستقرّ ، فلا يؤثّر في منع القلع ، والقياس على عدم الشفعة باطل.

لا يقال : القسمة تقطع الشركة ، وتردّ العلقة بينهما إلى الجوار ، وحينئذٍ وجب أن لا تبقى الشفعة ؛ لاندفاع الضرر الذي كُنّا نثبت الشفعة لدفعه ، كما لا تثبت ابتداءً للجار.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢٠ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٨.

(٢) المبسوط - للطوسي - ٣ : ١١٨ ، الخلاف ٣ : ٤٣٩ ، المسألة ١٤.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٩ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٦ - ١٧٧ ، المغني ٥ : ٥٠١ ، الشرح الكبير ٥ : ٥١٣.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٩ ، المغني ٥ : ٥٠١ ، الشرح الكبير ٥ : ٥١٣.

(٥) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « فرّقوا ».

(٦) المغني ٥ : ٥٠١ ، الشرح الكبير ٥ : ٥١٣.

٢٧١

لأنّا نقول : الجوار وإن لم يكن يكتفى به في الابتداء إلّا أنّه اكتفي به في الدوام عند حصول الشركة في الابتداء ، ولم يخرّج على الخلاف في بطلان الشفعة فيما إذا باع نصيبه جاهلاً بالشفعة ؛ لأنّ الجوار على حال ضرب اتّصال قد يؤدّي إلى التأذّي(١) بضيق المرافق وسوء الجوار ، ولذلك اختلف العلماء في ثبوت الشفعة به.

إذا عرفت هذا ، فلا فرق بين تصرّف المشتري والمستعير إذا بنى في أرض المعير أو غرس. ولو كان قد زرع ، ترك زرعه إلى أن يدرك ويحصد.

وهل للشفيع أن يطالبه باُجرة بقاء الزرع؟ الأقوى : العدم ، بخلاف المستعير ، فإنّه زرع أرض الغير وقد رجع في العارية ، فكان عليه الاُجرة ، أمّا المشتري فإنّه زرع ملك نفسه واستوفى منفعته بالزراعة ، وهو أحد وجهي الشافعيّة. وفي الثاني : له المطالبة ، كما أنّ المعير يبقي بالاُجرة(٢) . وقد بيّنّا الفرق.

وكذا لو باع أرضاً مزروعة ، لا يطالبه المشتري بالاُجرة لمدّة بقاء الزرع.

وللشافعيّة في الصور الثلاث - صورة بيع الأرض المزروعة ، وصورة العارية ، وصورة الشفعة - وجهان في وجوب الاُجرة ، لكنّ الظاهر عندهم في صورة العارية وجوب الاُجرة ، وفي الصورتين الاُخريين المنع ؛ للمعنى الجامع لهما ، وهو أنّه استوفى منفعة ملكه(٣) .

وأمّا إذا زرع بعد المقاسمة ، فإنّ الشفيع يأخذ بالشفعة ، ويبقى زرع المشتري إلى أوان الحصاد ، لأنّ ضرره لا يبقى ، والأجرة عليه ، لأنّه زرعه‌

____________________

(١) في « س » والطبعة الحجريّة : « على حال ضرر إيصال قد يتأدّى إلى التأذّي ». وفي « ي » : « على حال ضرر أيضاً . .». والظاهر ما أثبتناه.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢٠ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨٧.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢٠.

٢٧٢

في ملكه.

تذنيب : إذا زرع ، لزم الشفيع إبقاء الزرع ، وحينئذٍ يجوز له تأخير الشفعة إلى الإدراك والحصاد ؛ لأنّه لا ينتفع به قبل ذلك ، ويخرج الثمن من يده ، فله في التأخير غرض صحيح ، وهو الانتفاع بالثمن إلى ذلك الوقت ، قاله بعض الشافعيّة(١) .

وقال بعضهم : ويحتمل أن لا يجوز التأخير وإن تأخّرت المنفعة ، كما لو بِيعت الأرض في وسط الشتاء ، لا تؤخّر الشفعة إلى أوان الانتفاع(٢) . ولعلّ بينهما فرقاً.

ولو كان في الشقص أشجار عليها ثمار لا تستحقّ بالشفعة ، ففي جواز التأخير إلى وقت القطاف وجهان للشافعيّة(٣) .

وعندي أنّه يجب الأخذ معجّلاً.

مسالة ٧٥١ : لو تصرّف المشتري بوقف أو هبة وغيرهما ، صحّ‌ ؛ لأنّه واقع في ملكه ، وثبوت حقّ التملّك للشفيع لا يمنع المشتري من التصرّف ، كما أنّ حقّ التملّك للواهب بالرجوع(٤) لا يمنع تصرّف المتّهب ، وكما أنّ حقّ التملّك للزوج بالطلاق لا يمنع تصرّف الزوجة.

وعن ابن سريج من الشافعيّة أنّ تصرَّفاته باطلة ؛ لأنّ للشفيع حقّاً لا سبيل إلى إبطاله ، فأشبه حقّ المرتهن(٥) .

وإذا قلنا بالصحّة على ما اخترناه نحن - وهو الظاهر من قول الشافعيّة(٦) - أنّه يُنظر إن كان التصرّف ممّا لا تثبت به الشفعة ، فللشفيع نقضه ، وأخذ‌

____________________

(٣-١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢١ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٨.

(٤) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « فالرجوع ». والصحيح ما أثبتناه.

(٥و٦) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢١ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٨.

٢٧٣

الشقص بالشفعة ، وإلّا تخيّر بين الأخذ بالأوّل وفسخ الثاني ، وبين إمضائه والأخذ بالثاني.

وعن المروزي أنّه ليس تصرّف المشتري بأقلّ من بنائه ، فكما لا ينقض المشتري بناؤه لا ينبغي أن ينقض تصرّفه(١) .

واختلفت الشافعيّة في موضع هذا الوجه :

فمنهم مَنْ خصّصه بما تثبت فيه الشفعة من التصرّفات ، أمّا ما لا تثبت فله نقضه ، لتعذّر الأخذ به.

ومنهم مَنْ عمّم وقال : تصرّف المشتري يُبطل حقَّ الشفيع ، كما يُبطل تصرّف المشتري المفلس حقَّ الفسخ للبائع ، وتصرّف المرأة حقَّ الرجوع إلى العين إذا طلّق قبل الدخول ، وتصرّف المتّهب رجوعَ الواهب. نعم ، لو كان التصرّف بيعاً ، تجدّد حقّ الشفعة بذلك(٢) .

وعن أبي إسحاق من الشافعيّة أنّها لا تتجدّد أيضاً ؛ لأنّ تصرّف المشتري إذا كان مبطلاً للشفعة ، لا يكون مثبتاً لها ، كما إذا تحرّم(٣) بالصلاة ثمّ شكّ فجدّد نيّةً وتكبيراً ، لا تنعقد بها الصلاة ؛ لأنّه يحصل بها الحلّ فلا يحصل العقد(٤) .

ووجه ظاهر المذهب : أنّ للشفيع نقض تصرّف المشتري ؛ لأنّ حقّه ثابت بأصل العقد ، فلا يتمكّن المشتري من إبطاله ، ولا يشبه تصرّف المفلس وتصرّف المرأة في الصداق ، فإنّ حقّ البائع والزوج لا يبطل بالكلّيّة ، بل ينتقل إلى الثمن والقيمة ، والواهب رضي بسقوط حقّه حيث سلّمه إليه وسلّطه عليه ، وهنا لم يبطل حقّ الشفيع بالكلّيّة ، ولم يوجد منه‌

____________________

(١و٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢١.

(٣) في الطبعة الحجريّة : « أحرم » بدل « تحرّم ».

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢٢.

٢٧٤

رضا ولا تسليم(١) .

قال بعض الشافعيّة : يجوز أن يبنى الوجهان على القولين فيما إذا عُتقت الأمة تحت عبد وطلّقها قبل أن تختار الفسخ ، هل ينفذ الطلاق؟

ووجه الشبه : أنّ الطلاق يُبطل حقّها في الفسخ ولم تسلّطه عليه ، كما ذكرنا في الشفيع(٢) .

وحكي عن بعضهم أنّه لا ينقض الشفعةَ تصرّفُ الوقف ، وينقض ما عداه(٣) .

مسالة ٧٥٢ : النخل تتبع الأرض في الشفعة‌ ، وبه قال الشافعي(٤) .

فإن طالب بالشفعة وقد زادت النخل بطولٍ وسعفٍ ، رجع في ذلك ؛ لأنّ هذه زيادة غير متميّزة ، فتبعت الأرض في الرجوع ، كسمن الجارية.

اعترض بعض الشافعيّة بأنّه كيف جعلتم النخل تبعاً للأرض في الشفعة وقد قلتم : إنّ الأرض تتبع النخل في المساقاة ، فتجوز المزارعة على ما بين النخل من البياض تبعاً للنخيل!؟

واُجيب : بأنّه يجوز أن تكون الأرض تبعاً في حكمٍ يختصّ بالنخل ، والنخل تبعاً لها في حكم آخَر يختصّ بالأرض ، وإنّما لا يجوز أن يكون الشي‌ء تابعاً ومتبوعاً في أمرٍ واحد ، وقد عرفت الكلبُ مقيس على الخنزير في النجاسة ، والخنزير مقيس عليه في الغَسْل من ولوغه عندهم(٥) .

ولو طلّق الزوج قبل الدخول وكان الصداق نخلاً وقد طالت ، لا يرجع في النصف ، لأنّ الزوج يمكنه الرجوع في القيمة إذا تعذّر الرجوع في‌

____________________

(٣-١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢٢.

(٤) الحاوي الكبير ٧ : ٢٦٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٨٤.

(٥) لم نعثر على الاعتراض والجواب عنه في المصادر المتوفّرة لدينا.

٢٧٥

العين ، والقيمة تنوب منابها ، وفي الشفعة إذا لم يرجع في ذلك ، سقط حقّه من الشفعة ، فلهذا لم يسقط من الأصل لأجل ما حدث من البائع.

إذا عرفت هذا ، فإن كان في هذه النخل طلع حدث ، نُظر فإن كان قد اُبّر وتشقّق ، كان للمشتري ؛ لأنّه بمنزلة النماء المنفصل من ملكه.

وإن كان لم يؤبّر ، فهل يتبع في الشفعة؟

أمّا عندنا فلا ؛ لاختصاص الشفعة بالبيع خاصّةً.

وأمّا عند الشافعي فقولان(١) ، كالمفلس إذا ابتاع نخلاً وحدث فيها طلع لم يؤبّر وأراد البائع الرجوع في النخل.

ويفارق ذلك البيعَ ؛ لأنّه أزال ملكه باختياره ، وكان الطلع تابعاً إذا لم يكن ظاهراً ، ويكون في الردّ بالعيب كالشفعة.

وكذلك إذا كان انتقال الملك بغير عوض - كالهبة ، وفسخ الهبة - فيه قولان(٢) .

فإن كان المشتري اشترى النخل وفيها الطلع ، فإن كان مؤبَّراً ، فإنّه لا يتبع في البيع ، وإذا اشترطه ، دخل في البيع ، ولا تثبت فيه الشفعة ، وإنّما يأخذ الأرض والنخل بحصّتهما من الثمن.

فإن كانت غير مؤبَّرة ، تبعت بمطلق العقد.

فإن أخذ الشفيع الشقص قبل أن تؤبّر الثمرة ، لم يأخذه الشفيع بالثمرة إن تجدّدت بعد الشراء.

وإن كانت موجودةً حال البيع ، فالأقوى : الدخول في الشفعة ، كما دخلت في البيع ، فصارت بمنزلة النخل في الأرض.

____________________

(١ و ٢) لم نعثر عليه في مظانّه.

٢٧٦

وإن أخذ الشقص بعد التأبير ، لم يتبعه الطلع.

وقال بعض الشافعيّة : إذا أخذ الشفيع الشقص قبل أن يؤبّر الطلع ، كان في الطلع القولان ؛ لأنّه لو ثبت حقّ الشفيع في هذا الطلع ، لوجب أن يأخذه وإن تشقّق ؛ لأنّ ذلك زيادة متّصلة(١) .

والغراس تبع في الشفعة ؛ لأنّه يراد للتبقية في الأرض والتأبيد.

مسالة ٧٥٣ : إذا تبايعا بثمن ثمّ زاده المشتري عليه زيادة أو نقص البائع منه شيئاً بعد العقد، فإن كان ما اتّفقا عليه من الزيادة أو الحطّ بعد لزوم البيع وانقضاء الخيار ، لم يكن للشفيع في ذلك حقّ ، ولا عليه شي‌ء لا في حطّ الكلّ ولا في حطّ البعض ؛ لأنّ الشفيع إنّما يأخذ بما استقرّ عليه العقد ، والذي استقرّ عليه المسمّى.

ولو كان في زمن الخيار ، لم يلحق أيضاً الشفيع عندنا ؛ لوقوع العقد على شي‌ء ، فلا تضرّ الزيادة والنقيصة بعده.

وقال الشافعي : يثبت ذلك التغيير في حقّ الشفيع في أحد الوجهين ؛ لأنّ حقّ الشفيع إنّما ثبت إذا تمّ العقد ، وإنّما يستحقّ بالثمن الذي هو ثابت في حال استحقاقه. ولأنّ زمن الخيار بمنزلة حالة العقد ، والتغيير يلحق بالعقد ؛ لأنّهما على اختيارهما فيه كما كانا في حال العقد(٢) .

فأمّا إذا انقضى الخيار وانبرم(٣) العقد فزاد أو نقص ، لم يلحق بالعقد ؛ [ لأنّ الزيادة ](٤) لا تثبت إلّا أن تكون هبةً مقبوضةً ، والنقصان يكون‌

____________________

(١) لم نعثر عليه في مظانّه.

(٢) الوجيز ١ : ٢١٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٣ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٣ ، المغني ٥ : ٥٠٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٢٢.

(٣) في الطبعة الحجريّة : « لزم » بدل « انبرم ».

(٤) بدل ما بين المعقوفين في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « والزيادة ». والظاهر ما أثبتناه كما في المغني والشرح الكبير.

٢٧٧

إبراءً ، ولا يثبت [ ذلك ](١) في حقّ الشفيع ، وبه قال الشافعي(٢) .

وقال أبو حنيفة : يثبت النقصان بعد الخيار للشفيع ، ولا تثبت الزيادة وإن كانا(٣) عنده يلحقان بالعقد ، ويقول : الزيادة تضرّ بالشفيع فلم يملكها(٤) .

وهو غلط ؛ لأنّ ذلك تغيّر بعد استقرار العقد ، فلم يثبت في حقّ الشفيع ، كالزيادة.

والفرق ليس بصحيح ؛ لأنّ ذلك لو لحق بالعقد ، لثبت في حقّه وإن أضرّ به ، كما لو كان في زمن الخيار.

ولو حطّ كلّ الثمن في زمن الخيار ، لم يلحق الحطّ عندنا بالشفعة - وبه قال الشافعي(٥) - لأنّ ذلك بمنزلة ما لو باع بلا ثمن ، فلا شفعة للشريك ؛ لأنّه يصير هبةً ، فيبطل على رأي ، ويصحّ على رأي.

أمّا إذا حطّ منه أرش العيب ، فإنّه يثبت في حقّ الشفيع ؛ لأنّه سقط بجزء فقد من المبيع ، ولهذا فاته جزء من الثمن.

مسالة ٧٥٤ : لو كان ثمن الشقص عبداً ، ثبتت الشفعة عندنا‌ ، خلافاً لبعض علمائنا وبعض الجمهور ، وقد سبق(٦) ، ويأخذ الشفيع بقيمة العبد.

فإن وجد البائع بالعبد عيباً ، فإمّا أن يكون [ قبل ](٧) أن يحدث عنده‌

____________________

(١) ما بين المعقوفين من المغني والشرح الكبير.

(٢) المصادر في الهامش (٢) من ص ٢٧٦.

(٣) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « كان » بدل « كانا ». وما أثبتناه من المغني والشرح الكبير.

(٤) المغني ٥ : ٥٠٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٢٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٣.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٣ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٣.

(٦) في ص ٢٥٧ ، المسألة ٧٤٥.

(٧) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « بعد » بدل « قبل ». والصحيح ما أثبتناه.

٢٧٨

عيب أو يكون الوقوف على العيب بعد حدوث عيب عنده. فإن علمه قبل أن يحدث عنده عيب ، فإمّا أن يكون ذلك بعد أخذ الشفيع بالشفعة أو قبله.

فإن وقف عليه بعد أخذ الشفيع ، كان له ردّ العبد على المشتري ، ولم يكن له استرجاع الشقص ؛ لأنّ الشقص قد ملكه بالأخذ ، فلم يكن للبائع إبطال ملكه ، كما لو كان المشتري قد باعه ثمّ وجد البائع بالثمن عيباً ، فإنّه يردّه ، ولا يفسخ بيع المشتري ، ويرجع البائع إلى قيمة الشقص ، كذا هنا.

وقال بعض الشافعيّة : يستردّ المشتري الشقص من الشفيع ، ويردّ عليه ما أخذه ، ويسلّم الشقص إلى البائع ؛ لأنّ الشفيع نازل منزلة المشتري ، فردُّ البائع يتضمّن نقض ملكه ، كما يتضمّن نقض ملك المشتري لو كان في ملكه(١) .

والمشهور عندهم(٢) ما قلناه.

فإذا دفع الشفيع قيمة العبد إلى المشتري ودفع المشتري إلى البائع قيمة الشقص ، فإن تساويا ، فلا بحث. وإن تفاوتا ، لم يرجع المشتري على الشفيع إن كانت قيمة الشقص أكثر بشي‌ء ، ولا يرجع الشفيع على المشتري إن كانت قيمة العبد أكثر - وهو أحد قولي الشافعيّة(٣) - لأنّ الشفيع أخذه بالثمن الذي وقع عليه العقد ، فلا يلزمه أكثر من ذلك.

والثاني : يتراجعان ؛ لأنّ المشتري استقرّ عليه عوض الشفيع قيمته ، فينبغي أن يستحقّ ذلك على الشفيع ، فيرجع كلّ مَنْ كان ما دفعه أكثر على صاحبه بالزيادة(٤) .

ولو عاد الشقص إلى المشتري ببيع أو هبة أو ميراث أو غير ذلك ،

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٤ ، وأيضاً : فتح العزيز ١١ : ٤٥٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٤.

(٢ - ٤ ) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٤ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٤.

٢٧٩

لم يكن للبائع أخذه منه ، بخلاف الغاصب إذا دفع القيمة لتعذّر ردّ المغصوب ثمّ قدر عليه ، فإنّه يجب عليه ردّه على المالك ، واسترداد ما دفعه من القيمة ؛ لأنّ المالك لم يزل ملكه عن المغصوب بالتقويم ودفع القيمة ، وإنّما أخذنا القيمة للضرورة وقد زالت ، وهنا زال ملك البائع عنه وصار ملكاً للشفيع ، وانقطع حقّه عنه ، وإنّما انتقل حقّه إلى القيمة ، فإذا أخذها ، لم يبق له حقّ.

وحكى بعض الشافعيّة فيه وجهين بناءً على أنّ الزائل العائد كالذي لم يزل ، أو كالذي لم يعد؟(١)

وأمّا إذا كان قد علم بالعيب قبل أن يأخذ الشفيع بالشفعة ، فهنا حقّان ، ففي تقديم أيّهما للشافعيّة وجهان :

أحدهما : الشفيع أولى ؛ لأنّ حقّه سبق حقّ البائع في الردّ.

والثاني : البائع أولى ؛ لأنّ الشفعة تثبت لإزالة الضرر عن الشريك ، فلا نثبتها مع تضرّر البائع بإثباتها(٢) .

وحكى الجويني الجزم بتقديم البائع(٣) .

والوجه عندي : تقديم حقّ الشفيع ؛ لسبقه.

فإذا قلنا : الشفيع أحقّ ، فإنّ البائع يأخذ من المشتري قيمة الشقص ، ويرجع المشتري على الشفيع بقيمة العبد ، وهو أحد وجهي الشافعيّة. والثاني : يرجع على الشفيع بقيمة الشقص(٤) .

ولو وجد البائع العيب في العبد بعد أن حدث عنده عيب أو بعد‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٥ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٤.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٤ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٣.

(٤) لم نعثر عليه في مظانّه.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502