شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار الجزء ١

شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار0%

شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 502

شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار

مؤلف: للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي
تصنيف:

الصفحات: 502
المشاهدات: 180277
تحميل: 9059


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 502 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 180277 / تحميل: 9059
الحجم الحجم الحجم
شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار

شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار الجزء 1

مؤلف:
العربية

قال : حمزة سيد الشهداء.

قال : ومن هذا عند رجليه؟؟

قال : جعفر الطيّار في الجنة.

[ ضبط الغريب ]

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فرفسني برجله : الرفسة : الصدمة بالرجل في الصدر.

[٤٧] وبآخر يرفعه الى أبي رافع ، قال : لما قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان من أمر الناس ما كان ، قام عليعليه‌السلام خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذكر ما منح الله بهم أهل البيت إذ بعث فيهم رسول منهم وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا(١) ، ثم قال : أنا ابن عمّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبو بنيه والصديق الأكبر وأخو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يقولها أحد غيري إلا كاذب ، أسلمت وصلّيت معه قبل الناس ، وأنا وصيه وخليفته من بعده وزوج ابنته سيدة نساء العالمين ، ونحن أهل بيت الرحمة ، بنا هداكم الله من الضلالة وبصّركم من العمى ، ونحن نعم الله فاتقوا الله يبقي عليكم نعمه.

[٤٨] وبه عنه ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلىعليه‌السلام أما ترضى يا علي [ أن تكون ] أخي ووصيّي ووزيري ووليّي وخليفتي من بعدي.

[٤٩] وبآخر ، صفية(٢) قالت لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنه ليس من

__________________

(١) كما ورد في سورة الأحزاب الآية ٣٣.

(٢) صفية بنت حيي بن اخطب ( الإصابة ٤ / ٣٤٦ ).

١٢١

نسائك الامن لها ان كان كون من تلجأ إليه ، فان كان كون فإلى من تلجأ صفية؟ قالت : فقال لي [صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ] : إلى عليعليه‌السلام .

[٥٠] وبآخر يرفعه الى أبي رافع ، قال : كنت جالسا عند أبي بكر بعد أن بايعه الناس ، إذ أتاه عليعليه‌السلام والعباس يختصمان في تراث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فافتتح العباس الكلام ، فقال له أبو بكر : لا تعجل ، فاني اسألك أمرا ، اناشدك الله هل تعلم إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أجمع بني عبد المطّلب وأولادهم وأنت فيهم ، فقال : يا بني عبد المطّلب إن الله لم يبعث نبيا إلا جعل له أخا ووزيرا ووارثا ووصيا وخليفة في أهله ، فمن يقوم منكم فيبايعنى على أن يكون أخي ووزيري ووارثي ووصيّي وخليفتي في أهلي ، فأمسكتم ، ثم أعاد الثانية ، فأمسكتم ، ثم أعاد الثالثة فأمسكتم ، فقال : لئن لم يقم قائمكم ليكونن في غيركم ، ثم لتندمن ، فقام هذا ( يعني علياعليه‌السلام ) من بينكم ، فبايعه الى ما دعاكم إليه وشرط له عليكم ما شرط ، أتعلم ذلك يا عباس؟

قال : نعم ، هذا قول أبي بكر.

[٥١] وبآخر رفعه الى أبي سعيد الخدري [ إنه ] قال : اعتلّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكنت عنده إذ دخلت فاطمةعليها‌السلام ، فلما رأته لما به ، بكت. فقال : ما يبكيك يا فاطمة. قالت : أخشى الضيعة بعدك يا رسول الله؟؟! قال : يا فاطمة ، أما علمت أن الله عز وجل اطّلع الى أهل الارض اطلاعة واختار منهم أباك ، فبعثه نبيا ثم اطلع الثانية فاختار منهم بعلك ، فأوحى إليّ أن ازوجك به ، فاختاره لي وصيا يا فاطمة ، أما علمت أن لكرامة الله إياك زوّجك أعظم الناس حلما واكثرهم علما وأوفرهم فهما وأقدمهم سلما. فاستبشرت وسرّت. فأراد النبيّ

١٢٢

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يزيدها من الفضل الذي أعطاه الله إياه. فقال : يا فاطمة إن لعلي سبعة أضراس قطع(١) ليست لأحد غيره : إيمانه بالله ورسله ، وحكمته ، وعلمه بكتاب الله وفهمه ، وزوجته فاطمة بنت محمد ، وابناه الحسن والحسين سبطا هذه الامة ، وأمره بالمعروف ، ونهيه عن المنكر.

يا فاطمة ، إن الله عز وجل أعطانا خصالا لم يعطها أحد من الأولين ولا يدركها أحد من الآخرين ، نبينا خير الأنبياء وهو أبوك ، ووصينا خير الأوصياء وهو بعلك ، وشهيدنا خير الشهداء وهو عمّ أبيك(٢) ، ومنا من جعل الله له جناحين يطير بهما في الجنة مع الملائكة حيث يشاء وهو ابن عمّ أبيك ، ومنّا سبطا هذه الامة وهما ابناك ومنّا المهدي ـ وضرب بيده على ظهر الحسين ، وقال : ـ وهو من ولد ولدك هذا ( يقولها ثلاث مرات )(٣) .

[٥٢] وبآخر رفعه الى ابن عباس ، قال : قال عليعليه‌السلام في حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الله عز وجل يقول : «أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ) (٤) والله لا ننقلبن على أعقابنا بعد إذ هدانا الله ولئن مات أو قتل لاقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت والله لإني لأخو

__________________

(١) أضراس قطع : فقد شبّه الرسول الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فضائلهعليه‌السلام بالأضراس لأجل قوتها ورصانتها وعظمتها بحيث يتحدى من يجابهه بها. وفي كتاب سليم بن قيس : أن لعلي بن أبي طالب ثمانية أضراس تواقب.

(٢) وهو حمزة بن عبد المطّلب سيد الشهداء.

(٣) وفي بحار الانوار ٢٨ / ٥٣ الحديث ٣١ أضاف : مهديّ هذه الامة الذي يملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.

(٤) آل عمران : ١٤٤.

١٢٣

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووليه وابن عمّه ووصيه ووارثه وخليفته من بعده ، فمن أحقّ به مني.

[٥٣] وبآخر يرفعه أيضا الى ابن عباس ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأمّ سلمة : يا أمّ سلمة اشهدي هذا علي أمير المؤمنين وسيد الوصيّين وعيبة العلم ومنار الدين وهو الوصي على الأموات من أهلي والخليفة على الأحياء من امتي.

[٥٤] وبآخر يرفعه الى الأصبغ بن نباتة ، قال : كنا مع عليعليه‌السلام بالبصرة وهو راكب على بغلة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فقال لنا : ألا اخبركم بأفضل الخلق عند الله يوم يجمع الله الخلق. فقال أبو أيوب الأنصاري : أخبرنا يا أمير المؤمنين. فقال : أفضل الخلق عند الله يوم يجمع الله الخلق الرسلعليهم‌السلام ، وأفضل الرسل نبينا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأفضل الخلق بعد الرسل الأوصياء ، وأفضل الأوصياء وصيّ نبيناعليهم‌السلام ، وأفضل الخلق بعد الأوصياء الأسباط وأفضل الأسباط سبطا نبيكم ـ يعني الحسن والحسينعليهم‌السلام ـ وأفضل الخلق بعد الأسباط الشهداء ، وأفضل الشهداء حمزة بن عبد المطّلب وجعفر بن أبي طالب ذو الجناحين المخضبين ، [ هذه ] تكرمة خصّ الله بها محمّدا نبيكمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والمهديّ المنتظر في آخر الزمان لم يكن في امة من الامم مهدي ينتظر غيره.

[٥٥] وبآخر عن سلمان (ره) ، قال : قلتم : كان الف نبي والف وصي فاهتدت الأنبياء والأوصياء وضلّ وصيّ نبينا من بينهم؟ كذبتم والله ما ضلّ ولكنه كان هاديا مهديا.

[٥٦] وبآخر عن عليعليه‌السلام إنه قال كان الف وصي والف نبي ، والله ما بقى منهم غيري.

١٢٤

[٥٧] وبآخر عن كريم ، قال : شهدت الجمل مع عائشة وأنا مملوك لواء عائشة مع مولاي ، فكنت بين يدي هودجها وهو مجلّل بالدروع ، فبينا نحن كذلك إذ جاء أحنف ابن قيس ، فوقف الى مولاي فوعظه ونهاه عما ارتكبه وأمره بالرجوع ، فسكت مولاي عنه ، ولم يجبه بشيء ، وانصرف الأحنف ، ثم تحرك الناس حركة ، فقيل : ما هذا ، فقالوا : مستأمن جاء إلينا ، فنظرنا ، فإذا هو عمّار بن ياسر ، فجاء حتى وقف بين يدي الهودج ، فقال : يا أمّ المؤمنين ، اتقي الله ولا تسفكي هذه الدماء بين يديك وأنت امرأة ، ولست من هذا في شيء ، فانصرفي الى بيتك.

فسكتت عنه عائشة ولم تجبه بشيء.

فقال : اذكر الله والقرآن الذي أنزله الله في بيتك على رسوله ، أما علمت أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جعل علياعليه‌السلام وصيه على أهله ، فبإذن من خرجت؟؟ فاتقي الله وارجعي. فسكتت ولم تجبه بشيء ، فانصرف.

ثم تحرك الناس حركة ، فقلنا ما هذا؟؟. فقيل مستأمن جاءنا ، فنحن على ذلك ، إذ نظرنا الى عليعليه‌السلام قد أقبل وعليه بردان وعمامته سوداء متقلّدا بسيفه حتى وقف بين يدي الهودج ، فقال : يا عائشة ، اتقي الله ولا تسفكي هذه الدماء اليوم علي يديك وبسببك ، فلست مما هنالك في شيء ، أنت امرأة ، فانصرفي ، فلم تجبه بشيء. فقال : اذكرك الله والقرآن الذي أنزله على رسوله في بيتك ، أما علمت أن رسول الله صلوات الله عليه وآله جعلني وصيا على أهله ، فبإذن من خرجت؟؟ فارجعي ، فسكتت ، ولم تجبه بكلمة ، فناشدها الله [ العودة ] وكلّهما ووعظها فلم تكلّمه ، فانصرف ، ودارت الحرب.

[٥٨] وبآخر عن سلمان الفارسي ، قال : قلت لرسول الله صلوات الله عليه

١٢٥

وآله : يا رسول الله ، إنه لم يكن نبي إلا وله وصي! ، فمن وصيك؟؟ قال : يا سلمان لم يبيّن لي بعد(١) ؟ قال : فمكثت بعد ذلك ما شاء الله ، ثم دخلت المسجد ، فناداني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا سلمان ، فأتيته.فقال : يا سلمان كنت قد سألتني من وصيّي في امتى ، فمن كان وصيّ موسى؟؟ فقلت : يوشع(٢) وقال : لم كان وصيه؟؟ قلت : الله ورسوله أعلم. قال : لأنه كان أعلم امته من بعده ، وأعلم امتى من بعدي علي بن أبي طالب وهو وصيّي.

[٥٩] وبآخر عن أبي رافع ، قال : لما كان اليوم الذي قبض فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، اغمي عليه ، ثم أفاق وأنا أبكي وأقول : من لنا بعدك يا رسول الله؟؟ فقال : لكم بعدي الله تعالى ذكره ووصيّي علي صالح المؤمنين.

[٦٠] وبآخر عن حسن الصنعاني ، قال : سمعت علياعليه‌السلام يقول : نحن النجباء ، وإفراطنا إفراط الأنبياء وأنا وصيّ الأوصياء.

فهذه الأخبار ثابتة ، وكلها وما تقدم قبلها وما نذكره في هذا الكتاب بعدها مما قد رواه الثقات عند العامة من أصحاب الحديث والفقهاء منهم عندهم وأهل الفضل فيهم ، بعد أن اختصرت ـ كما شرطت في أول هذا الكتاب ـ أكثر مما جاء في ذلك ، واقتصرت على حديث واحد من كل فن ، وحذفت التكرار الذي يدخله أصحاب الحديث وغيرهم باختلاف الأسانيد وغير ذلك فيما يريدون به التأكيد ، وفيما ذكرته من ذلك وجئت به في هذا الباب أبين البيان على إمامة عليعليه‌السلام ، وأنه أولى الناس بها بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبأنه وصيه من بعده وكل وصي كان لنبي تقدم

__________________

(١) هكذا في الأصل وفي مجمع الزوائد ٩ / ١١٣ : فسكت عني فلما كان بعد رآني. قال : يا سلمان ...

(٢) يوشع بن نون.

١٢٦

قبله فهو وليّ امته من بعده ، والذي يقوم لها مقامه ، فلا اختلاف بين الامة في ذلك وبأنه نصّ عليه بأنه أمير المؤمنين ، فكيف ينبغي لغيره أن [ يتسمى ](١) معه بهذا الاسم بعد رسول الله صلوات الله عليه وآله أو يتأمّر عليه وقد جعله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمير المؤمنين وأمّره بذلك عليهم أجمعين ونصّ ـ أيضا ـ عليه فيما ذكرناه بأنه خليفته على امته ، فمن أين يجوز لأحد أن يدعى أنه خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعده معه؟ بل أي نصّ ، وأي تأكيد ، وأي بيان يكون أبلغ من هذا ، وأيّ شبهة فيه؟؟ إلا على من أعمى الله قلبه واتبع هواه وصرح بالخلاف على الله عز وجل وعلى رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . نعوذ بالله من الحيرة والضلال والكون في جملة الجهال.

وأعجب ما جاء من هذا الباب احتجاج أبي بكر على العباس بما كان من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم جمع بني عبد المطلب من اقامته عليا وأخذه البيعة له بالاخوة والوصاية والوراثة والوزارة والخلافة ، وأمّره إياهم بالسمع والطاعة له.

وقد ذكرت الحديث قبل هذا بتمامه وهو من مشهور الأخبار عن الخاص والعام ، فاذا كان ذلك كذلك وهو الأخ والوزير والوصي والوارث والخليفة ومستحقّ تراث رسول الله فمن أين وجب لأبي بكر وغيره أن يدّعوا أنهم خلفاء رسول الله وأن يقوموا مقامه من بعده ، وليس أحد منهم يدعي أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال له مثل ذلك ولا شيئا مما قدمنا ذكره ويأتي بعد في هذا الكتاب مما يوجب إمامة عليعليه‌السلام وما هذا إلا كما قال الله تعالى : «فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ » (٢) وقوله تعالى «أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها » (٣) .

__________________

(١) وفي الأصل : أن يتمسّى.

(٢) الحج : ٤٦.

(٣) محمّد : ٢٤.

١٢٧

وأكثر مما سمعناه وتأدى إلينا عن المتعلّقين بهؤلاء من ضعفاء الامة إن أحدهم إذا خوطب بمثل هذا وقامت الحجة عليه فيه ولم يجد مدفعا لها أن يقول : أفتكفّر أبا بكر وعمر وجميع الصحابة الذين بايعوا لهما؟؟ فيقال له : فأي لكع ، فلا تكفرهم أنت ـ إن شئت ـ وتخالف أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتكذبه ، فتكون أنت الكافر. ولقد صدق من قال : إن مجيء عليعليه‌السلام مع العباس إلى أبي بكر يختصمان إليه إنه انما كان لما أراده من إقامة الحجة عليه بمثل ما أقرّ به ، وبأنه لو لم يقرّ بذلك لاحتج به وبغيره عليه علي صلوات الله عليه وكبته فيه وقرره على تعديه ، فلما كفاه ذلك باقراره ، سكت عنه ، وكان اختصامهما في ذلك إليه كاختصام الملكين الى داودعليه‌السلام قرّراه عليه من أمر [ ال ] خطيئة(١) ـ والله أعلم ـ.

ولو أنا ذهبنا الى استقصاء الحجج في هذا المعنى لقطعنا عمّا أردنا من تأليف هذا الكتاب ولاحتاج ذلك الى كتاب مثله ، وفيما ذكرناه من ذلك ونذكره وأقل قليل منه بيان لذوي الألباب والله الموفق برحمته للصواب.

قد شرطت في أول هذا الكتاب وذكرت في آخر الباب الذي قبل هذا الباب اختصار ذكر الاحتجاج على المقتصرين بعلي أمير المؤمنينعليه‌السلام كما أبانه الله عز وجل به على لسان محمّد رسوله صلّى الله من الفضل والكرامة واستحقاق الوصية من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والامامة من بعده وان ذلك إن ذكرته طال ذكره وقطع الكتاب عمّا عليه بسطته ، ثم لم أجد بدّا من ذكر هذا الفصل فيه لما قيل إنه لا بدّ للصدور من أن ينفث ، وذكري فيه ، محمد بن جرير الطبري وما رواه وبسطه من فضائل عليعليه‌السلام لما أردته من

__________________

(١) وقد يذكر المؤلف هذا الموضوع مفصلا في الجزء ١٣ من هذا الكتاب وهذا قول هشام بن الحكم مع أحد متكلمي العباسيين.

١٢٨

الاخبار بذلك عن إقرار العوام وروايتهم ما قد بسطته في هذا الكتاب من ذلك ، ولأن لا يرى من سمعه إنه شاذ أو مما انفردت به الشيعة دون العامة ، فيكون ذلك مما يضعف عند عقل الضعفاء ممن لا علم له بالحديث ، ولا معرفة له بالأخبار ، ورأيت في هذا الكتاب :

١٢٩

[ نقد للطبري ]

حجة(١) احتج بها الطبري على بعض من خالفه في تفضيل عليعليه‌السلام وما عليه من الحجة مع إقراره بفضله.

ومما رواه في اثبات خلافته وامامته مما قد حكيت ذلك عنه في الباب الذي قبل هذا الباب مع تصحيحه ذلك وانه كبعض من قدمت ذكره ممن يتعاظم أن يكفر غيره ولا يتعاظم التكفير لنفسه ، فمن ذلك أن كتابه الذي ذكرناه وهو كتاب لطيف بسيط ذكر فيه فضائل عليعليه‌السلام وذكر إن سبب بسطه إياه ، إنما كان لأن سائلا سأله عن ذلك لأمر بلغه عن قائل زعم أن علياعليه‌السلام لم يكن شهد مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حجة الوداع التي قيل أنه قام فيها بولاية علي بغدير خم(٢) ليدفع بذلك بزعمه عنه الحديث.

__________________

(١) هذا اول ما في النسخة « الف » واما ما تقدم من الكتاب فقد كان ساقطا من هذه النسخة إلا أنا اكملناه بالنسخة « ب ».

(٢) « الطبري وكتابه » ( وهو ابو جعفر محمد بن جرير المتولد سنة ٢٢٤ هـ والمتوفى ٣١٠ كتابه : الولاية في طرق حديث الغدير.

وقد روى فيه من نيف وسبعين طريقا. قال الحموي في معجم الادباء ١٨ / ٨٠ في ترجمة الطبري : له كتاب فضائل علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه تكلم في أوله بصحة الأخبار الواردة في غدير خم ، ثم تلاه

١٣٠

[٦١] لقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فهذا علي مولاه. فاكثر

__________________

بالفضائل ولم يتم. وقال في ص ٧٤ : وكان إذا عرف من إنسان بدعة أبعده وأطرحه ، وكان قد قال بعض الشيوخ ببغداد بتكذيب غدير خم ، وقال : إن علي بن أبي طالب كان باليمن في الوقت الذي كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بغدير خم وقال هذا الانسان في قصيدة مزدوجة يصف فيها بلدا بلدا ومنزلا منزلا أبياتا يلوح فيها الى معنى ( حديث غدير خم ) فقال :

ثم مررنا بعد بغدير خم

كم قائل فيه بزور رجم

على علي والنبي الامي

وبلغ أبا جعفر ذلك فابتدأ بالكلام في فضائل علي بن أبي طالب عليه‌السلام وذكر طريق حديث خم فكثر الناس لاستماع ذلك واستمع قوم من الروافض من بسط لسانه بما لا يصلح في الصحابة ره. فابتدأ بفضائل أبي بكر وعمر.

وقال الذهبي في طبقاته ( ٢ / ٢٥٤ ) : لما بلغ ( محمد بن جرير الطبري ) ان ابن داود تكلم في حديث غدير خم عمد كتابة الفضائل وتكلم في تصحيح الحديث.

وقال السيد ابن طاوس في الاقبال : ومن ذلك ما رواه محمد بن جرير الطبري صاحب التاريخ الكبير صنفه وسماه كتاب الرد على الحرقوصية. روى حديث يوم الغدير وروى ذلك من خمس وسبعين طريقا ). الغدير ١ / ١٥٣.

وقال الشيخ آغا بزرگ الطهراني في الذريعة الى تصانيف الشيعة ١٦ / ٣٥ حول شخصية الطبري وكتابه ما نصه :

( كتاب غدير خم وشرح أمره كما عبر عنه كذلك في الفهرست وفي تهذيب التهذيب وفي معالم العلماء وقال هذا بعد ذلك وسماه كتاب الولاية. وقال النجاشي : ذكر طرق خبر يوم الغدير ، وصرح الجميع بأنه لأبي جعفر محمد بن جرير العامي صاحب التاريخ والتفسير الذي توفي سنة ٣١٠ هـ ومرّ رده على الحرقوصية.

أقول : ظاهر توصيف هذا الكتاب وتسميته بـ ( كتاب الولاية ) وكذا ردّ الحرقوصية لا يلائم مذهب أبي جعفر الطبري العامي بشهادة كلماته في تاريخه وتفسيره بل المظنون أنها لأبي جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الامامي المعاصر لصاحب الترجمة وهو مصنف كتاب المسترشد في الامامة وانما وقع الخلط من اتحاد الاسم والكنية واسم الاب والنسبة ، ويدل عليه عدم ذكر ابن النديم هذين الكتابين للطبري العامي مع بسطه القول في ترجمته وتصانيفه ، وترجمة تلاميذه وناصريه في مذهبه المعروف بمذهب أبي جعفر الطبري في قبال سائر المذاهب كما وقع لابن النديم خلط في نسبة المسترشد الى هذا العامي مع أن في كل صفحة منه ردود على العامة. مع أن الذي نسب كتاب الغدير الى العامي في طريق الفهرست ، هو أبو بكر

١٣١

الطبري التعجب من جهل هذا القائل ، واحتجّ على ذلك بالروايات الثابتة(١) على :

[٦٢] قدوم علي ( صلوات الله عليه ) من اليمن على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند وصوله الى مكة ، وبأنه أتاه بهدي ساقه معه وأصابه ، [ و ] قد انزل عليه ما انزل في أمر المتعة بالعمرة الى الحج ، وأنه أمر من لم يسق الهدي أن يتمتع بها وأقام هوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على إحرامه لمكان الهدي الذي كان قد ساقه معه لقول الله تعالى : «وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ

__________________

بن أحمد بن كامل الذي هو على مذهب استاذه أبي جعفر العامي ، ونصر مذهبه ، ومخلد والد أبي إسحاق ابراهيم بن مخلد الغير المذكور في رجالنا ، ولعله أيضا عامي.

ومن تأليفات الطبري ـ الاخرى ـ الآداب الحميدة ، الايضاح ، دلائل الائمة ، المسترشد ، غريب القرآن. فضائل أمير المؤمنين ).

والذي يؤيد كلام الشيخ آغا بزرك ما نقله الامين العاملي في أعيان الشيعة المجلد ٩ / ١٩٩ بعد ذكر الكلمات التي أوردها ابن أبي الحديد جوبا عن كلام المرتضى في الشافي ما لفظه : وأما الأخبار التي رواها عن عمر فأخبار غريبة ما رأيناها في الكتاب المدونة. وما وقفنا عليها إلا من كتاب المرتضى ، وكتاب آخر يعرف بكتاب المستبشر لمحمد بن جرير الطبري وليس ابن جرير صاحب التاريخ بل هو من رجال الشيعة. والعجب من الشيخ آغابزرگ رحمه‌الله أنه عاد ( في نفس الجزء ١٦ / ٢٥٦ ) ونسب تأليف فضائل أمير المؤمنين الى الطبري العامي واستدل بقول الحموي في معجم الادباء.

وقد ذكر كارل بروكلمان في كتابه : ( تاريخ الأدب العربي ٣ / ٤٥ ) ترجمة محمد بن جرير الطبري ، وادعى أنه كان صاحب مذهب فقهي وسرد مؤلفاته ولم يتعرض الى هذا الكتاب.

والخلاصة : أن أبا جعفر محمد بن جرير الطبري الآملي ، المعروف بهذا الاسم رجلان من كبار العلماء :

أحدهما محمد بن جرير بن يزيد المولود في آمل طبرستان والساكن في بغداد المفسر والمحدث والمؤرخ والفقيه من أئمة أهل السنّة.

والثاني محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي من اكابر علماء الامامية في المائة الرابعة ومن أجلاّء الأصحاب ـ وهو ثقة ـ.

(١) ذكر أحمد بن حنبل في مسنده عدة طرق للحديث راجع ج ١ / ٧٩ / ١٢٣ / ١٤٣ / ١٥٤.

١٣٢

الْهَدْيُ مَحِلَّهُ » (١) وأنه قال لعلي صلوات الله عليه لما وصل إليه : بما ذا أهللت يا علي؟ قال : قلت : اللهمّ إني أهلّ بما أهلّ به رسولك. قال : فلا تحلل(٢) . فاني قد سقت الهدي ، ولو استقبلت من أمري ما استدبرته لم اسقه ولجعلتها متعة.

__________________

(١) وتمام الآية :( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ، وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) . البقرة : ١٩٦.

(٢) وفي المناقب لابن شهرآشوب ٢ / ١٣٠ : كن على إحرامك مثلي وأنت شريكي في هديي.

١٣٣

[ إشراكه في الهدي ]

[٦٣] وإنه أشركه في هديه ، ونحر هو بعضه ونحر علي بعضه واكّد ذلك الطبري بالروايات الثابتة عن حجة الوداع وكون عليعليه‌السلام فيها مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واجماع أصحاب الحديث والعلماء(١) عنده على ذلك ، ليدفع به قول من نفى ذلك.

[ الرسول في حجة الوداع ]

ثم جاء أيضا في هذا الكتاب بباب أفرد فيه الروايات الثابتة التي جاءت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

[٦٤] بأنه قال ـ قبل حجة الوداع وبعدها ـ : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله.

[ فضائل اخرى لأمير المؤمنينعليه‌السلام ]

[٦٥] وقوله : عليّ أمير المؤمنين ، وعليّ أخي ، وعليّ وزيري ، وعليّ وصيي ،

__________________

(١) وقد صنّف العلاّمة الاميني موسوعة قيّمة حول حديث الغدير وطرق اسناده ورواته في ١١ جزء لا يستغني عنه الباحث.

١٣٤

وعليّ خليفتي على امتى من بعدي ، وعليّ أولى الناس بالناس من بعدي.

[٦٦] وغير ذلك ممّا يوجب له مقامه من بعده ، وتسليم الامة له ذلك ، وأن لا يتقدّم عليه أحد منها ، ولا يتأمّر عليه ، في كلام طويل(١) ذكر ذلك فيه ، واحتجاج أكيد أطاله ، على ( القائل )(٢) حكى قوله.

[ شذوذ القول بانكار حضور عليعليه‌السلام يوم الغدير ]

ولا نعلم أحد قال بمثله ، وما حكاه عنه من دفع ما اجتمعت الامة عليه ونفيه أن يكون عليعليه‌السلام مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجة الوداع ، وعامة أهل العلم ، وأصحاب الحديث مجمعون(٣) على أنه كان معه.

ومن نفى ما أثبته غيره من الثقات لم يلتفت الى نفيه ، ولم يعدّ خلافه خلافا عند أحد من أهل العلم علمته ، وهذا من اصول ما عليه العمل عند أهل العلم في قبول الشهادات والأخبار ، ودفع ما يجب دفعه منها عن الثقة العدل في قوله وشهاداته ونقله اذا قال : رأيت ، أو سمعت كذا ، وقال من هو في مثل حاله أو فوقه في الثقة والعدالة وجواز الشهادات ، لم يكن ذلك [ و ] لم يقله أحد لما لم يلتفت الى قوله لأنه غير شاهد فيه(٤) وكان القول قول من شهد بما عاين أو سمع.

فأشغل الطبري اكثر كتابه بالاحتجاج على هذا القائل الجاحد الشاذ قوله

__________________

(١) راجع الغدير ١ / ١٦٥.

(٢) وفي الاصل : قائم.

(٣) وفي نسخة ـ ب ـ : يأثرون.

(٤) وخلاصة قول المؤلف للذين انكر الحادث أو الرواية : لم نقبل شهادته من جهة انه منكر وليس بشاهد ( المنكر هنا في الحقيقة مدع فعليه البينة ).

١٣٥

الذي لم يثبت عند أحد من أهل العلم. إذ قد جاء عنهم ، وصح لديهم إثبات ما نفي عنه. وأغفل الطبري أو جهلها أو تعمد أو تجاهل خلافه ، لما أثبته ورواه وصححه مما قدمنا ذكره. وحكايته عنه في عليعليه‌السلام وذهب فيه الى ما ذهب أصحابه من العامة إليه. من تقديم أبي بكر وعمر وعثمان عليه.

فهذا مما قدمت ذكره من عماء القوم ، وتعاميهم وجهلهم وضلالهم ، وإقرارهم بذلك على أنفسهم تقية من أن ينسبوه الى غيرهم. فلو قالوا في مثل ذلك ما قاله الله سبحانه في كتابه : «تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ »(١) . وتوقفوا عن القول في القوم وقدّموا من قدّمه الله ورسوله واعتقدوا ذلك له لكان أولى بهم من الدخول في جملة من قال الله عز وجل فيهم : «وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا » (٢) أعاذنا الله وجميع المؤمنين من ذلك ومما يدعون إليه(٣) بفضله ورحمته.

__________________

(١) البقرة : ١٣٤ و ١٤٠.

(٢) النمل : ١٤.

(٣) هكذا في الأصل.

١٣٦

[ مناقب أمير المؤمنين عليه السلام ]

ونحن بعد هذا نحكي مما رواه الطبري هذا من مناقب علي صلوات الله عليه وفضائله الموجبة لما خالفه هو لنؤكد بذلك ما ذكرناه عنه من اغفاله أو جهله أو تعمده أو تجاهله خلاف ما رواه ، وتقديمه أبا بكر وعمر وعثمان على عليعليه‌السلام .

الأخبار عن كون علي صلوات الله عليه وصيّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنه أحب الخلق الى الله والى رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخير الخلق والبشر.

[ حديث الطير ]

[٦٧] الطبري باسناد له رفعه الى أبي أيوب الأنصاري. قال : اهدي الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طير يقال له : الحجل ، فوضع بين يديه.

قال : اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطعام.

وكان أنس بن مالك وعائشة وحفصة قريب منه فقالت عائشة :

اللهمّ اجعله أبا بكر. وقالت حفصة : اللهمّ اجعله عمر. وقال أنس :

اللهمّ اجعله سعد بن عبادة ـ أو رجلا من الأنصار ـ.

وقال : وحرّك الباب. فقال : يا أنس انظر من بالباب. قال أنس :

فخرجت ، فإذا هو علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

١٣٧

فقلت له : النبي على حاجة. فرجع عليعليه‌السلام ومكث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما شاء الله ، ثم رفع رأسه. وقال : اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك ليأكل معي من هذا الطعام. ثم قال : وحرّك الباب ثانية ، ثم قال رسول الله : يا أنس انظر من بالباب فخرجت فاذا هو علي بن أبي طالبعليه‌السلام . فقلت له : النبي على حاجة. فانصرف. فمكث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما شاء الله ، ثم رفع يديه ، وقال : اللهمّ ائتني به الساعة. قال : وحرّك الباب. ثم قال يا أنس انظر من الباب. قال أنس : فخرجت فاذا هو علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فقلت له : النبيّ على حاجة. قال : فوضع يده على صدري ثم دفعني فألصقني بالحائط ، ثم دخل ، قال : فلما رآه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عانقه ، ثم قال : اللهمّ وإليّ اللهمّ وإليّ ( يعنى إنه أحب خلقك إليك وإليّ ) ثم قال له : يا علي ما حبسك. قال : جئت ثلاث مرات كل ذلك يردني أنس. فنظر إليّ النبي ، وقال : ما حملك على هذا يا أنس. فقلت : يا رسول الله أردت أن تكون الدعوة لرجل من قومي الأنصار. فقال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لست بأول من أحبّ قومه.

وجاء الطبري بهذا الحديث بروايات كثيرة وطرق شتى. ورواه غيره كثير [ ون ] وهو من مشهور الأخبار(١) .

__________________

(١) وقد ذكر العلاّمة البحراني في غاية المرام ص ٤٧١ : ٣٥ حديثا من طرق العامة و ٨ أحاديث من الخاصة ونقل أيضا ابن عساكر في تاريخ دمشق ( ترجمة الامام علي ٢ / ١٠٥ ) أكثر من ٩٠ حديثا من طرق شتى. وكذلك الكنجي في كفاية الطالب ص ١٥٢ يرويه عن ٨٦ رجلا كلهم يروونه عن أنس بن مالك. وابن المغازلي في مناقبه ص ١٥٧ من ٣٤ طريقا.

١٣٨

[ حديث اللحم المشوي ]

[٦٨] وروى أيضا حديثا بإسناد له يرفعه الى أبي رافع ، قال : أصبت لحما ، فصنعته للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يكن قريب عهد بلحم ، فأتيته به على خلوة ليصيب منه. فقال لي : كأنك أتيتني به خاليا لأصيبه وحدي. قلت : نعم ، يا رسول الله. قال : أما والله على ذلك ليأكله معي رجل يحبّ الله ورسوله. ويحبّه الله ورسوله ، ووضعته بين يديه ، وقمت الى باب الحجرة ، فرددته ، فأتى عليعليه‌السلام يستأذن على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فقلت له : هو على حاجة. فناداني رسول الله : افتح له ، ففتحت له ، فدخل عليعليه‌السلام ، فأكل معه ، ما أكل معه أحد غيره. فقلت : صدق الله ورسوله.

[٦٩] وبآخر عن أبي رافع أيضا. قال : صنع زيد بن حارثة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طعاما ، فأتاه به. وعنده نفر من أصحابه ، وفيهم أبو بكر وعمر ، فوضعه بين أيديهم. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ليدخلن عليكم الآن رجل يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله. فقال أبو بكر : اللهمّ اجعله عبد الرحمن يعني ابنه. وقال عمر : [ اللهمّ ] اجعله عبد الله يعني ابنه.

ثم نظروا الى شخص مقبل بين النخيل. فقالوا : هذا رجل قد أقبل. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كن عليا. فإذا هو علي. فجاء حتى دخل عليهم.

١٣٩

[ عائشة تعترف بفضله ]

[٧٠] وبآخر يرفعه الى جميع بن عمير ، قال : دخلت مع عمتي [ على ](١) عائشة ، فسألتها : أيّ النساء كانت أحب الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟

فقالت : فاطمة رضوان الله عليها. فقالت لها : فمن كان أحب إليه من الرجال؟ قالت : بعلها علي بن أبي طالب ، ولقد كان كما علمت [ صوّاما ] قوّاما.

[٧١] قال : وسألتها امرأة في مقام آخر : من كان أحب أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إليه؟ قالت : علي بن أبي طالب. ما ظنكم برجل سالت نفس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في يده ، فمسح بها وجهه.

[٧٢] وبآخر عن جميع بن عمير أيضا ، إنه قال : قالت عمتى لعائشة : ما حملك على الخروج على عليعليه‌السلام ؟ فقالت : دعينى عن هذا ، والله ، ما كان أحد من الرجال أحب الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من عليعليه‌السلام ، ولا في النساء من فاطمة.

[٧٣] وبآخر ، إنه قيل لعائشة : كيف كانت منزلة علي فيكم؟ قالت : سبحان الله! أتسألوني عن رجل لما قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال

__________________

(١) وفي الأصل : الى.

١٤٠