شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار الجزء ١

شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار7%

شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 502

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 502 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 197467 / تحميل: 10659
الحجم الحجم الحجم
شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار

شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

[ بغض أهل البيت ]

[١٠٩] وبآخر عن فضل بن عمرو : إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : اشتدّ غضب الله على اليهود [ واشتد غضب الله على النصارى و ] اشتد غضب الله على من آذاني في عترتي.

[١١٠] وبآخر عن أبي سعيد الخدري ، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : والذي نفسي بيده لا يبغضنا ـ أهل البيت ـ أحد إلا أكبّه الله على وجهه في النار.

[١١١] وبآخر عن جابر [ الانصاري ] إنه قال : كان(١) رجل يجفو علياعليه‌السلام فلقيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال له : إنك قد آذيتني. فقال : بأي شيء يا رسول الله؟ قال : من جفا عليا فقد آذاني. فقال : لا والله لا أجفوه بعدها ابدا يا رسول الله.

[١١٢] وبآخر عنه قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لعليعليه‌السلام : يا علي ، إنه لن يرد على الحوض مبغض لك ، ومن أحبك فهو يرد الحوض معك.

__________________

(١) وفي المناقب أيضا ٣ / ٢١٠ نقله جابر عن عمر بن الخطاب قال : كنت أجفو عليا.

١٦١

[ بين ابن عمر ومبغض لعلي ]

[١١] وبآخر عن ابن عمر : إن رجلا سأله عن عليعليه‌السلام ، فقال : إذا أردت أن تسأل عن عليعليه‌السلام ، فانظر الى منزله من منزل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي أنزله فيه(١) فهذا منزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهذا منزل عليعليه‌السلام .

قال الرجل : فإني أبغضه. قال له ابن عمر : أبغضك الله عز وجل ، [ أتبغض رجلا سابقة من سوابقه خير من الدنيا وما فيها ](٢) .

[ زيد يتحدث ]

[١١٤] وبآخر عن بحر بن جعدة ، قال : إني لقائم وزيد بن أرقم على باب مصعب بن الزبير إذ تناول قوم علياعليه‌السلام . فقال زيد : اف لكم إنكم لتذكرون رجلا [ صلّى وصام ] قبل الناس سبع سنين(٣) .

وان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إن الصدقة لتدفع سبعين نوعا من أنواع البلاء أهونها الجذام والبرص ، وإن البرّ ليزيد في العمر ، وإن الدعاء ليرد القضاء الذي قد أبرم إبراما. ومن أبغضنا أهل البيت

__________________

(١) هكذا في الاصل وفي الخصائص للنسائي ص ٢٠١.

(٢) هذه الزيادة موجودة في غاية المرام ص ٤٩٧ باب ١٩ الخبر ٢٤.

(٣) ولقد أجاد الحميري :

من فضله انه قد كان أول من

صلّى وآمن بالرحمن إذ كفروا

سنين سبعا وأياما محرمة

مع النبيّ على خوف وما شعروا

( حلية الأبرار للبحراني ١ / ٢٤٣ )

وما بين المعقوفين لم يكن في الأصل ونقله ابن عساكر في تاريخ دمشق ١ / ٦٩.

١٦٢

حشره الله يهوديا أو نصرانيا ، فقال جابر بن عبد الله : وإن صام وصلّى وحج البيت؟ قال : نعم. إنما فعل ذلك احتجازا أن يسفك دمه أو يؤخذ ماله أو يعطي الجزية عن يد وهو صاغر.

[١١٥] وبآخر عن عبد الله بن نجي. قال : قال لي عليعليه‌السلام : إن الحسن والحسين قد اشتركا في حبهما البرّ والفاجر ، وإنه كتب لي ألا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق.

[ حبّ أهل البيت تسقط الذنوب ]

[١١٦] وبآخر عن الحسينعليه‌السلام ، إنه قال : من أحبنا أهل البيت لله نفعه حبنا ، وإن كان أسيرا بالديلم ، ومن أحبنا للدنيا فإن الله يفعل ما يشاء. والله إن حبنا أهل البيت لتساقط الذنوب كما تساقط الريح الورق اليابس عن الشجر.

[ المنافق لا يحبّ عليا ]

[١١٧] وبآخر عن أبي الطفيل ، قال : سمعت علياعليه‌السلام يقول : لو ضربت المؤمن على خيشومه ما أبغضني ، ولو أعطيت المنافق الذهب والفضة ما أحبني.

[١١٨] وبآخر عن أبي جعفر محمّد بن عليعليه‌السلام عن آبائه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إنه قال : إن الله [ تعالى ] عهد إليّ عهدا ، فقلت : يا رب بيّنه لي. فقال : اسمع. [ ف ] قلت : قد سمعت. فقال : يا محمد ، إن عليا راية الهدى بعدك وإمام أوليائي ونور من أطاعني ، وهو الكلمة التي ألزمه الله المتقين ، فمن أحبه فقد أحبني ، ومن أبغضه فقد

١٦٣

أبغضني ، فبشره بذلك(١) .

[ لعن علي ]

[١١٩] وبآخر عن مالك بن ضمرة ، قال : قال علي صلوات الله عليه : ألا إنكم ستعرضون على لعني ودعائي [ كذبا ](٢) فمن [ لعنني ] منشرح الصدر [ بلغني فلا حجاب بينه وبين الله ولا حجة له عند محمد ](٣) ومن لعنني كارها مكرها يعلم الله من قلبه ذلك ، جئت أنا وهو يوم القيامة كهاتين ـ وجمع بين [ السبابة ](٤) والوسطى ـ ألا وان محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخذ بيدي هذه ، فقال : من بايع هؤلاء الخمس ثم مات [ وهو ] يحبك فقد قضى نحبه ، ومن مات وهو يبغضك [ مات ميتة جاهلية ] ويحاسب بما عمل في الإسلام ، ومن بقى بعدك وهو يحبك ، ختم الله له بالأمن والايمان ما طلعت شمس وما غربت.

وهذا مما أثبتناه في هذا الكتاب مما آثره الطبري ـ الذي قدمنا ذكره ـ وذلك كله من الثابت الصحيح المأثور(٥) عن عليعليه‌السلام ، وفيه وفي خبر واحد من هذه الإخبار حجة لله عز وجل على من روى

__________________

(١) وأضاف في حلية الأبرار للبحراني ١ / ٦٦ : فجاء علي فبشرته. فقال : يا رسول الله انا عبد الله وفي قبضته فان يعذبني فبذنبي وان يتم لي الذي بشرتني به فالله اولى بي. قال : فقلت : اللهمّ اجل قلبه واجعل ربيعه الايمان. فقال الله : قد فعلت به ذلك. ثم انه رفع الى انه سيخصّه من البلاء بشيء لم يخصّ به أحدا من أصحابي. فقلت : يا رب أخي وصاحبي. فقال : إن هذا لشيء قد سبق وانه مبتلى ومبتلى به.

(٢) وفي الاصل : كذابا.

(٣) وفي الاصل بين المعقوفين : فلا حاجة لي عند محمد.

(٤) وفي الاصل : المسبحة.

(٥) اي ينقله خلف عن سلف.

١٦٤

ذلك ، وانتهى إليه ، ثم قدم على عليعليه‌السلام أحدا من البشر.

[١٢٠] وما آثرناه مما يدخل في هذا الباب ما روي عن الحسين بن عليعليه‌السلام إنه قال : من أحبنا أهل البيت بقلبه وجاهد معنا بلسانه ويده فهو معنا في الجنة في الرفيق الأعلى ، ومن أحبنا بقلبه وجاهد معنا بلسانه وضعف عن أن يجاهد معنا بيده فهو معنا في الجنة دون تلك ، ومن أحبنا بقلبه وضعف عن أن يجاهد معنا بلسانه ويده فهو معنا في الجنة دون ذلك ، ومن أبغضنا بقلبه وأعان علينا بلسانه ويده فهو في الدرك الأسفل من النار ، ومن أبغضنا بقلبه ولسانه وكفّ عنا يده فهو في النار فوق ذلك ، ومن أبغضنا بقلبه وكفّ عنا لسانه ويده فهو في النار فوق ذلك.

[ أمير المؤمنين ينعى نفسه ]

[١٢١] ومما آثرناه عن أبي جعفر عبد الله بن محمّد بن علي بن عطية الدغشي المحازني باسناده عن الأصبغ بن نباتة ، قال : لما اصيب عليعليه‌السلام وضربة ابن ملجم لعنه الله ـ الضربة التي مات منها ـ لزمناه يومه ذلك ، وبتنا عنده ، فاغمي عليه في الليل ، ثم أفاق فنظر إلينا ، فقال : وانكم لهاهنا؟ قلنا : نعم يا أمير المؤمنين. قال : وما الذي أجلسكم؟ قلنا : حبك. قال : والله الذي أنزل التوراة على موسى ، والإنجيل على عيسى ، والزبور على داود والفرقان على محمّد صلوات الله عليه وعليهم ما أجلسكم إلا ذلك. قلنا : نعم. قال : فخفوا ، فخفّ بعض القوم ، ثم اغمي عليه ، ثم أفاق ، فقال : ما أجلسكم؟ قلنا : حبك يا أمير المؤمنين. قال : أما والذي أنزل التوراة على موسى والإنجيل على عيسى والزبور على داود والفرقان على محمد صلوات الله عليه وعليهم لا يحبني عبد إلا ورآني حيث

١٦٥

يسره ، ولا يبغضني عبد إلا رآني حيث يسؤه ـ ارتفعوا ـ(١) فإن رسول الله صلوات الله عليه وعليهم أخبرني إني اضرب ليلة تسع عشرة من شهر رمضان في الليلة التي مات فيها وصيّ موسىعليه‌السلام (٢) ، وأموت في الليلة احد [ ى ] وعشرين منه في الليلة التي رفع فيها عيسىعليه‌السلام .

قال الأصبغ : فمات والذي لا إله إلا هو فيها. كما قال.

[ أفضل الأعمال ]

[١٢٣] وعنه باسناد آخر له عن يحيى بن كثير [ الضرير ] رأيت زبيد [ بن الحارث ] الأياميّ(٣) في المنام بعد أن مات. فقلت له : ما ذا سرت إليه [ يا أبا عبد الرحمن ]؟ قال : الى رحمة الله. قلت : فأي عملك وجدت أفضل؟ قال : الصلاة وحبّ علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

[ ببغض علي نعرف المنافق ]

[١٢٣] وبآخر عن أبي سعيد الخدري. قال : إنما كنا نعرف منافقي الانصار ببغضهم عليا(٤) .

[ بحبّ علي نختبر أولادنا ]

[١٢٤] وسأل رجل عبادة بن صامت عن علي صلوات الله عليه ، قال : أما نحن معاشر الأنصار من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فانا نختبر أولادنا بحبه فمن لم يحبه منهم عرفنا إنه ليس منا.

__________________

(١) هكذا في الاصل ، ولعلها تفرقوا.

(٢) يوشع بن نون.

(٣) وفي بحار الانوار ٣٩ / ٢٥٩ : النامي

(٤) هكذا في المناقب لابن شهرآشوب ٣ / ٢٠٧

١٦٦

[ أمّ سلمة وسبّ علي ]

[١٢٥] أبو إسحاق [ السبيعي ] قال : حججت وأنا غلام. فمررت بالمدينة [ فرأيت الناس عنقا واحدا ] فسألتهم ، فقالوا : نريد أمّ سلمة زوج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نسمع منها. فأتبعتهم حتى دخلنا إليها. فحدثتنا. ثم نادت يا [ شبث ](١) بن ربعي فأجابها رجل من آخر الناس(٢) : أن لبّيك يا أمّ المؤمنين. قالت : أيسبّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ناديكم؟ قال : معاذ الله. قالت : فعلي بن أبي طالب؟ قال : إنهم يقولون شيئا يريدون به عرض [ هذه ] الدنيا. قالت : فاني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : من أحبّ عليا فقد أحبني ومن أحبني فقد أحبه الله ، ومن سبّ عليا فقد سبني ومن سبني فقد سبّ الله.

[ الرسول وسبّ علي ]

[١٢٦] وبآخر عن أبي جعفر صلوات الله عليه ، قال : بلغ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن قوم إنهم يسبون علياعليه‌السلام فغضب لذلك غضبا شديدا ـ وهو على ذلك يذكره مع أصحابه ـ حتى أقبل عليعليه‌السلام ، فأجلسه الى جانبه ، ثم قال : إنكم لن تدخلوا الجنة حتى تحبوني ، وكذب من زعم إنه يحبني ويبغض هذا ـ ووضع يده على عليعليه‌السلام ـ.

[١٢٧] زيد بن أرقم. قال : دخلت على أمّ سلمة. فقالت : من أين أنت؟

__________________

(١) وفي الأصل : شبيب.

(٢) وذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق ٣١٨ : فأجابها رجل جلف جاف. وكذا في كنز العمال ٦ / ٤٠١ مستدرك الصحيحين ٣ / ١٢١.

١٦٧

قلت : من أهل الكوفة. قالت : أنت من الذين يسبّ فيهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قلت : لا والله يا أمّ المؤمنين ، ما سمعت أحدا فينا يسبّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . قالت : بلى. والله إنهم يقولون : فعل الله بعلي ، وصنع به وبمن يحبه ، وقد كان والله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحبه ، وكان أحبّ الناس إليه.

[ الأصبغ وابن هود ]

[١٢٨] وبآخر عن الأصبغ بن نباتة ، قال : لقيني محبس بن هود ، فقال : يا أصبغ ، كيف أنت وأخوك أبو تراب الكذاب؟ فقلت : لعن الله شرّكما أبا وامّا وخالا وعما ، أما إني سمعت علياعليه‌السلام يقول : وبارئ النسمة وفالق الحبة وناصب الكعبة لا يبغضني إلا ولد زنا ، أو من حملت به أمه [ وهي ](١) حائض ، أو منافق. أما إني أقول : اللهمّ خذ محبسا أخذة رابية لا تبقي له في الارض باقية.

قال : فما كان إلا بعض أيام حتى دخل اصطبلا فيه دواب ، فانفلتت [ دابة ] فرمحته(٢) بأرجلها ، فقتلته.

[ البراءة من أمير المؤمنين ]

[١٢٩] وبآخر عن أبي صالح مولى عاص(٣) . قال : أتيت علياعليه‌السلام وأنا مملوك. فقلت : ابايعك ، يا أمير المؤمنين فقال : أحرّ أنت؟ قلت : بل مملوك. فقبض يده عني. فقلت : ابايعك يا أمير المؤمنين على أني إن شهدت معك نصرتك وإن غبت عنك نصحتك. قال : فبايعني على

__________________

(١) وفي الاصل ـ وهو ـ.

(٢) أي ضربته.

(٣) وفي نسخة ـ ب ـ مولى عياص.

١٦٨

ذلك. ثم قال : سيظهر عليكم بعدي رجل ، وإنه سيعرضكم على سبي والبراءة مني ، فان خفتموه فسبوني ، فانما هي زكاة ونجاة وإن سألكم [ البراءة مني ](١) فلا تبرءوا مني فاني على الفطرة.

[١٣٠] بآخر عن سعد بن ظريف. قال : أخذ الحجاج همدان مؤذن عليعليه‌السلام . فقال له : ابرأ من علي واشتمه. فقال : لا والله لا أبرأ ممن أدّبني صغيرا وعلّمني كبيرا. فقتله.

__________________

(١) أورده المفيد في الإرشاد ص ١٦٩.

١٦٩

[ صعصعة مع معاوية ]

[١٣١] وبآخر عن تميم بن مالك القرشي إنه قال : كتب معاوية بن أبي سفيان الى زياد : أن ابعث لي خطباء أهل العراق : وابعث إليّ صعصعة بن صوحان. ففعل. فلما قدموا على معاوية خطبهم. فقال : [ مرحبا بكم يا أهل العراق ] قدمتم على إمامكم ، وهو جنة لكم يعطيكم مسألتكم ، ولا يعظم في عينه كبيرا ، ولا يحقر لكم صغيرا ، وقدمتم على أرض المحشر والمنشر والأرض المقدسة وأرض هجرة الأنبياء. ثم قال في خطبته : ولو أن أبا سفيان ولد الناس كلهم لكانوا أكياسا.

ولما فرغ من خطبته ، قال لصعصعة : قم واخطب يا صعصعة. فقام صعصعة : فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم قال : إن معاوية ذكر إنا قدمنا على إمامنا وهو جنة لنا فما يكون حالنا اذا انخرفت الجنة ، وذكر إنا قدمنا على أرض المحشر والمنشر والأرض المقدسة وأرض هجرة الأنبياء. فالمحشر والمنشر لا يضرّ بعدهما مؤمنا ولا ينفع قربهما كافرا. والأرض لا تقدس أحدا ، وانما يقدس العباد أعمالهم. ولقد وطأها من الفراعنة أكثر مما وطأها من الأنبياء. وذكر إن أبا سفيان لو ولد الناس كلهم لكانوا أكياسا ، فقد ولدهم من هو خير من

١٧٠

أبي سفيان آدم ( صلوات الله عليه ) فولد الكيس والأحمق [ والجاهل والعالم ].

ـ فغضب معاوية ـ وقال : اسكت لا أمّ لك ولا أب ولا أرض(١) .

فقال صعصعة : الأب والامّ ولداني ومن الأرض خرجت وإليها أعود.

فأمر بردّه الى زياد ، ثم كتب إليه : أقمه للناس وأمره أن يلعن علياعليه‌السلام ، فان لم يفعل ، فاقتله. فأخبره زياد بما أمره به فيه وأقامه للناس. فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم قال : أيها الناس إن معاوية أمرني أن ألعن عليا فالعنوه لعنه الله ، ونزل.

فقال زياد لصعصعة : لا أراك لعنت إلا أمير المؤمنين. قال : إن تركتها مبهمة وإلا بينتها. قال [ زياد ] : لتلعنن عليا ، وإلا نفذت فيك أمر أمير المؤمنين ، فصعد المنبر. فقال : أيها الناس إنهم أبوا عليّ إلا أن أسبّ علياعليه‌السلام وقد ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من سبّ عليا فقد سبني ومن سبني فقد سبّ الله )(٢) ، وما كنت بالذي أسبّ الله ورسوله. فكتب زياد بخبره الى معاوية. فأمره بقطع عطائه وهدم داره. ففعل.

فمشى بعض الشيعة الى بعضهم ، فجمعوا له سبعين الفا.

[ أقول : ]

__________________

(١) وفي رواية اخرى قال له معاوية : والله لأجفينك عن الوساد ولأشردن بك في البلاد. فقال صعصعة : والله إن في الارض لسعة وان في فراقك لدعة ( اعيان الشيعة مجلد ٧ / ٣٨٨.

(٢) وقد مرّ هذا الحديث عن أمّ سلمة رقم الحديث ٦٠.

١٧١

والأخبار عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في علي والائمة الهدى من أهل بيته في الأمر بمودتهم والنهي عن بغضهم والبراءة من [ أعدائهم ] تخرج عن حدّ هذا الكتاب.

وقد ذكرنا منها ما في بعضه كفاية لمن أراد الله عز وجل [ ان ] يهديهم ويشرح للايمان صدورهم ، وكل ذلك كتاب لله شاهد له بنصّ الله جلّ ذكره فيه على ذلك ، وقد قال جلّ من قائل : «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى » (١) .

[ آية المودة ]

[١٣٢] وجاء في تفسير ذلك : إن الأنصار اجتمعوا الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقالوا : يا رسول الله إنك قد جئتنا بخير الدنيا والآخرة وهذه أموالنا خذها إليك جزاء لما جئتنا به أو ما شئت منها ، فأنزل الله عز وجل «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ». يعني على ما جئتكم به إلا المودة في القربى.

[ ابن عباس وآية المودة ]

[١٣٣] قال عبد الله بن عباس : فلما نزل ذلك اجتمع الناس الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقالوا : يا رسول الله من قرابتك الذين فرض الله عز وجل علينا مودتهم؟ فقال : علي وفاطمة وولدهما.

فنصّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على بيان ذلك من قرابته المذكورة مودتهم والمأثور بها ، وروى ذلك عبد الله بن العباس وهو واحد القرابة ،

__________________

(١) الشورى : ٢٣.

١٧٢

وأخرج نفسه بذلك من القرابة المفروضة مودتهم. وزعم من أراد دفع ذلك عداوة لهم إن ذلك إنما هو إن العرب بأسرها قرابة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فأمرهم عز وجل بمودتهم لقرابته منهم.

والقرآن يشهد على إبطال هذا القول لأن الله عز وجل قال : «ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى » فكان الخطاب بذلك لجميع المؤمنين من العرب والعجم وغيرهم ، فمودة علي وذريته الائمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين فرض من الله عز وجل على جميع المؤمنين فمن أبغضهم أو عاداهم أو سبّهم أو آذاهم فقد خرج من جملة المؤمنين وخالف أمر الله جلّ ذكره وكتابه وما افترضه فيه على المؤمنين من عباده. عصمنا الله وجميع المؤمنين والمؤمنات من ذلك أجمعين. برحمته إنه أرحم الراحمين وخير الغافرين.

تمّ الجزء الأوّل من كتاب شرح الأخبار في فضائل الائمة الأطهار

والحمد لله ربّ العالمين

وصلّى الله عليه سيّدنا محمّد ووصيّه وآلهما الطاهرين

١٧٣

١٧٤

١٧٥

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله وحده وصلّى الله على محمّد وآله

١٧٦

[ سبق علي صلوات الله عليه الى الإسلام ]

[١٣٤] الدغشي بإسناده ، عن حبة العرني ، قال : نزلت النبوة على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الإثنين ، وصلّى عليعليه‌السلام معه يوم الثلاثاء.

[١٣٥] وبآخر عن [ ابن ](١) يحيى ، قال : قال عليعليه‌السلام : صلّيت مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاث سنين قبل أن يصلّي معه أحد.

[١٣٦] وبآخر عن حبة العرني ، قال : [ رأيت عليا ( صلوات الله عليه ) ضحك على المنبر لم أره ضحك ضحكا أكثر منه حتى بدت نواجذه. ثم ](٢) قال عليعليه‌السلام : بينما أنا ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ببطن نخلة نصلّي إذ ظهر علينا أبو طالب. فقال : ما تصنعان يا ابن أخي؟ فدعاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورغبة في الإسلام. فقال : ما أرى بالذي تقول وتصنع بأسا ، ولكن والله ما تعلوني استي أبدا. ثم قال عليعليه‌السلام : اللهمّ لا أعرف عبدا من هذه الامة عبدك قبلي غير

__________________

(١) وهو عبد الله بن يحيى وفي الاصل : عن يحيى. أقول : ولعله عبد الله بن نجي ، هو من أصحاب أمير المؤمنين وصاحب مظهرته.

(٢) بين معقوفين موجود في غاية المرام ص ٥٠٣ راجع تخريج الأحاديث لهذا الجزء.

١٧٧

نبيها(١) ، يقولها ثلاث مرات ، ثم قال : لقد صلّيت قبل أن يصلّي أحد سبعا ، يعني سبع سنين.

[١٣٧] وبآخر ، عن مروان [ و ](٢) عبد الرحمن التميمي [ قالا ] : مكث الإسلام سبع سنين ليس فيه إلا ثلاثة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخديجة رضوان الله عليها وعليعليه‌السلام .

[١٣٨] وبآخر عن سلمان الفارسيرحمه‌الله إنه قال : إن أول هذه الامة ورودا على نبيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أولها إسلاما علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، وإن هذا البيت يخرب على يد رجل من ولد الزبير ـ حدث بذلك قبل أن يكون ـ.

[١٣٩] وبآخر عنه أيضا ، إنه قال : وردت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو على رأس ركيّ ، فقال لي : يا سلمان. قلت : لبيك يا رسول الله. قال : أما إنك من أهل الجنة ، وان أول امتي ورودا عليّ الحوض يوم القيامة علي بن أبي طالب. قلت : يا رسول الله قبل أبي بكر وعمر. قال : نعم ، إنما يردون على إسلامهم ، يا سلمان إنه من سبّح الله تسبيحة أو هلّله تهليلة ، أو كبّره تكبيرة ، أو حمده تحميدة ، غرس الله عز وجل له بها شجرة في الجنة أصلها من ذهب ، وفرعها من اللؤلؤ مكلّلة بالياقوت ثمرها كثدي الابكار أحلى من الشهد وألين من الزبد ، كلما جنى منها شيء عاد مكانه مثله.

[١٤٠] وبآخر عن أبي الجحّاف عن رجل ذكره ، قال : دخلنا على أمير المؤمنين عليعليه‌السلام في الرحبة(٣) ، فأصبناه على سرير قصير.

__________________

(١) وفي مسند أحمد بن حنبل ١ / ٩٩ : نبيك.

(٢) وفي الاصل : عن مروان بن عبد الرحمن التميمي. وكذا في نسخة ـ ب ـ.

(٣) الرحبة : قرية بحذاء القادسية على مرحلة من الكوفة على يسار الحجاج إذا أرادوا مكة.

١٧٨

قال : وما جاء بكم؟ قلنا : حبّك يا أمير المؤمنين. قال : إنه ما أحبني أحد إلا رآني حيث يحب ، وما أبغضني أحد إلا رآني حيث يبغض. ثم قال : والله ، ما عبد الله رجل قبلي مع نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ذكور هذه الامة ، ثم ضحك وأعرض بوجهه ، وقال : أتدرون ممّ ضحكت؟ قلنا : لا. قال لما ذكرت عرض بي قول أبي طالب ، وقد هجم على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنا معه ونحن [ لله ](١) ساجدون. فقال : أو فعلتماها. ثم أخذ بيدي فقال : انظر كيف تنصره يعني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجعل يرغّبني في ذلك ويحضّني عليه ، فلما رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك طمع في إسلامه ، فدعاه إلى الإسلام ، فقال : يا ابن أخي والله ما أراك تدعو إلا إلى خير ، فأما أن تعلو استي رأسي فلا يعنى السجود ، فضحكت إذ تذكرت قوله هذا(٢) .

[١٤١] وبآخر ، عن سعيد ، قال : أسلم عليعليه‌السلام وهو ابن ثمان سنين وهاجر وهو ابن ثمان عشر سنة وشهد بدرا ، فقتل من قتل يومئذ وكان ما كان منه وهذه سنّه.

[١٤٢] وبآخر ، عن عفيف ( أخ الأشعث بن قيس ) قال : أتيت [ في الجاهلية ] مكة لأبتاع [ لأهلي ] من عطرها وثيابها ، فبينا أنا مع العباس بن عبد المطلب جالسا في المسجد إذ نظرت الى شاب قد أقبل وقد حلقت(٣) الشمس ، فجعل ينظر إليها نحو السماء ، ثم توجه الى البيت ثم

__________________

(١) وفي الأصل : له ساجدون.

(٢) ولا يخفى أن جملة : فلما رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وما بعدها لم تكن في رواية النهج لابن أبي الحديد راجع تخريج الأحاديث. علما بأنا في الجزء ١٣ ذكرنا بعض الأحاديث تبعا للمؤلف حول إيمان أبي طالب.

(٣) أي ارتفعت.

١٧٩

جاء غلام فوقف الى جانبه ثم جاءت امرأة فوقفت خلفهما ، فركع الشاب وركعا ، وسجد فسجدا حتى أتمّ الصلاة ، فقلت للعباس : أني أرى أمرا عظيما ، قال : نعم ، هذا الشاب وهو محمد بن عبد الله ابن أخي ، وهذا الغلام ابن أخي أيضا علي بن أبي طالب. قلت : فالامرأة؟ قال : خديجة بنت خويلد زوج محمد هذا. وإنه زعم إن الله رب السماوات والأرض بعثه رسولا بهذا الدين ، ودعا إليه ، فلم يجبه إلا من ترى(١) .

[١٤٣] وبآخر ، عن الحسن بن علي ( صلوات الله عليهما ) ، إنه خطب الناس بعد أن اصيب علي صلوات الله عليه فقال : لقد قتل أمس رجل ما سبقه الأولون بعمل ، ولا يدرك الآخرون مثله(٢) ، لقد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يبعثه في السرية ، فيقول : أما(٣) إن جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره وملك الموت أمامه فليس يقاتل أحد إلا قتله ، ولا يروم فتح شيء إلا فتحه الله على يديه ، ما ترك صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت عنده من عطائه أعدها لخادم(٤) .

[١٤٤] وبآخر ، عن عبد الوهاب بن محمد ، عن أبيه ، إنه قال : كل آية في القرآن ـ «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا » ـ فعليعليه‌السلام رأسها ، لأنه أول من آمن بالله ورسوله من جميع المؤمنين.

[١٤٥] وبآخر ، عن أبي بكرية ، عن عمر بن أميّة ، قال : مكث الإسلام

__________________

(١) وفي مسند أحمد بن حنبل ( ١ / ٢٠٩ ) أضاف : ولا والله ما على الأرض كلها أحد على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة.

(٢) وفي كفاية الطالب ص ٩٢ : ولا يدركه الآخرون.

(٣) وفي أمالي الصدوق ص ٢٦٢ : في السرية فيقاتل جبرائيل عن يمينه.

(٤) وفي خصائص أمير المؤمنينعليه‌السلام للرضي ص ٥٤ : فضلت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله. وفي كفاية الطالب : خادما لام كلثوم.

١٨٠

ثلاث سنين ليس فيه إلا ثلاثة : رسول الله صلوات الله عليه وآله وعليعليه‌السلام وخديجة رضوان الله عليها.

وهذه الأخبار ثابتة واكثر المنسوبين الى العلم من العامة(١) يقولون بذلك ، وأن علياعليه‌السلام أول من أسلم من ذكور هذه الامة ولم يسبقه بالإسلام إلا خديجة بنت خويلد زوج النبيّ صلوات الله عليه وآله ، وكان ذلك لأمر قد يقدم عندها أراد الله به سعادتها.

وذلك أن رسول الله صلوات الله عليه وآله مات أبوه عبد الله بن عبد المطلب وأمه آمنة حاملة به ، فلما ولدته كفله جده عبد المطلب. ثم توفي عبد المطلب ورسول الله صلوات الله عليه وآله ابن ثمان سنين. وكفله بعده أبو طالب عمّه ، وكان شقيق أبيه. امهما فاطمة بنت عمرو بن عابد بن عمران بن مخزوم(٢) .

وكان عبد المطلب قد عهد في ذلك(٣) إليه ، فلما أراد الله عز وجل لمحمد صلوات الله عليه وآله من كرامة النبوة أنشأه على الطهارة ومكارم

__________________

(١) قال الثعلبي ( في تفسير قوله تعالى :( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ ) . ( التوبة : ١٠٠ ) : قد اتفق العلماء على أن أول من آمن بعد خديجة من الذكور برسول الله ٩ علي بن أبي طالب ، وهو قول ابن عباس وجابر بن عبد الله الأنصاري وزيد بن أرقم ومحمد بن المنكدر وأبي جارود المدني وربيعة التميمي.

(٢) ذكر ذلك المؤلف في الجزء ١٣ مفصلا فراجع.

(٣) قال لأبي طالب واسمه عبد مناف :

اوصيك يا عبد مناف بعدي

بمفرد بعد أبيه فرد

فارقه وهو ضجيع المهد

فكنت كالامّ له في الوجد

تدنيه من أحشائها والكبد

فانت من أرجى بنيّ عندى

لدفع ضيم أو لشدّ عقد

( تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٣ )

١٨١

الأخلاق ، وكان أفضل الناس مروءة ، وأحسنهم خلقا ، وأصدقهم حديثا ، وأجملهم صحبة وجوارا ، وأعظمهم حلما ، وأكرمهم حسبا ، وله في ذلك من مكارم أخلاقه وفضله وبرهان نبوته ودلائلها ما يخرج ذكره عن حدّ هذا الكتاب حتى إنهم كانوا يسمّونه الأمين لما رأوا من أمانته وطهارته ومكارم أخلاقه ونزاهته وبراءته من كل فاحشة ونقيصة.

[١٤٦] وكان مما يؤثر عنه صلوات الله عليه وآله ، إنه قال : كنت يوما وأنا صبي ألعب مع الصبيان من قريش ، فجعلت أنقل حجارة لبعض ما كنا نلعب ، فرأيت كل واحد من الصبيان قد نزع إزاره فألقاه على عاتقه لمكان الحجر الذي يحمله ليقيه منه ، وبقوا عراة ، فذهبت لأفعل مثل ما فعلوا(١) فلما أن مددت يدي لأحل إزاري لكمني لاكم لكمة(٢) وجيعة ، وقال : لا تحل إزارك واشدده على نفسك ولا تكشف سوأتك ، فجعلت أنظر يمينا وشمالا فلا أرى أحدا ، فتركت ما أردته من أخذ إزاري وشددته على نفسي حسب ما كان ، وجعلت أنقل الحجارة على عاتقي.

وبلغ رسول الله صلوات الله عليه وآله مبلغ الرجال وقد استفاضت الأخبار عنه في الناس بطهارته ومكارم أخلاقه وصيانته وعفافه وورعه ،

__________________

(١) وقد ذكر علي بن برهان الحلبي في السيرة الحلبية ١ / ١٩٩ ما مفاده إنه حل إزاره ومشى عاريا ( راجع تخريج الأحاديث ) وهذا ينافي عصمته وما أثر عنه من العفة والحياء. وقد روى ابن شهر اشوب في مناقبه ١ / ٣٦ : عن ابن عباس : قال أبو طالب لأخيه : يا عباس ، أخبرك عن محمد ، اني ضممته فلما افارقه ساعة من ليل أو نهار فلم آتمن احدا حتى نومته في فراشي ، فأمرته أن يخلع ثيابه وينام معي ، فرأيت في وجهه الكراهية. فقال : يا عماه اصرف بوجهك عني حتى أخلع ثيابي وأدخل فراشي ، فقلت له : ولم ذلك؟ فقال : لا ينبغي لأحد أن ينظر الى جسدي ، فتعجبت من قوله وصرفت بصري عنه. الحديث.

(٢) اللكمة : الضرب بجميع الكف.

١٨٢

وما شوهد من بواهره وأعلام النبوة فيه ، واتصل عن المخبرين بذلك عنه ، ممن شاهده من الأخبار والرهبان(١) وغيرهم ممن كان عنده علم من علوم دين الله سبحانه وكتبه وإعلام أنبيائه. وكانت خديجة بنت خويلد امرأة لها شرف ومال وقد تأيّمت من زوج كان لها هلك(٢) . وكانت قد تبضع البضائع مع عبيد لها ومضاربين الى الشام في التجارة ، وكانت قريش كذلك تجارا يخرجون في تجارتهم الى الشام وغيره.

ولما انتهى إليها عن رسول الله صلوات الله عليه وآله ما قد فشى واستفاض عنه من الخبر ، أرسلت إليه في أن تعطيه مالا يتّجر لها به الى

__________________

(١) ومن هؤلاء الرهبان والأحبار والكهان :

أ ـ ربيعه بن مازن الكاهن المعروف ب سطيح ، قصد مكة ليبشرهم بالنبيّ ( الأنوار لابن الحسن البكري ص ٢٧٥ ).

ب ـ زرقاء اليمامة : عند ما جاءت الى مكة لأجل أن تدبر الحيلة في اغتيال آمنة مع امرأة ماشطة.

قالت الماشطة : سمعت رجلا يقول لزرقاء هذه الأبيات :

كاهنة جاءت من اليمامة

أزعجها ذو همة همامة

لما رأت نورا على تهامة

وهو لإظهار النبي علامة

محمد الموصوف بالكرامة

ستدرك الزرقاء به الندامة

لهفي على سيدة اليمامة

إذا أتاها صاحب الغمامة

ج ـ الفيلق بن اليونان بن عبد الصليب وكان يكنى بأبي بحيرة الراهب.

د ـ سعد بن قمطير من أحبار اليهود ( إعلام الورى للطبرسي ص ٢٦ ).

(٢) والمعروف إنها تزوجت قبله برجلين.

اولهما : عتيق بن عائذ بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم ، فولدت له بنتا اسمها هند ( وهي أمّ محمد بن صيفي المخزومي ).

ثانيهما : أبو هالة ( واسمه : هند بن زرارة التيمي ) ، فولدت له ولدا اسمه هالة وولدا اسمه هند أيضا ، فهو هند بن هند ، وكان يقول : أنا اكرم الناس أبا واما وأخا واختا. أبي رسول الله ( لأنه زوج أمه ) وأمي خديجة ، وأخي القاسم ، واختي فاطمة. قتل هند مع علي يوم الجمل.

١٨٣

الشام ، ففعل(١) وأرسلت معه عبدا يقال له : ميسرة(٢) فنزلوا منزلا بقرب دير فيه راهب ونزل الناس ، وذهب رسول الله صلوات الله عليه وآله الى شجرة(٣) بعيدة عنهم ، فنزل تحتها ، ورآه الراهب ، فنزل حتى أتاه ، ورأى ميسرة يخدمه ويحدثه ، فخلا به ، وقال : من أين هذا الشاب الذي أراك معه؟ فقال : من أهل مكة حرم الله ، قال : من قريش؟؟ قال : نعم ، من أوسطها نسبا ، فما تريد منه؟؟ قال : إنا نأثر أنّ نبيا يبعث من العرب وانه ينزل تحت هذه الشجرة في هذا اليوم ، وانه ما نزل تحتها قط في مثله إلا نبي. قال له ميسرة : والله لقد دلّت عليه بذلك عندنا(٤) أخبار كثيرة بمثل ما ذكرت. قال له الراهب(٥) : تكتم عليه ما

__________________

(١) وهو ابن خمس وعشرين سنة ( مروج الذهب ٢ / ٢٧٥ ).

(٢) ذكر الحلبي في السيرة ١ / ١٩٧ عن ابن مندة : إن الذي كان مع الرسول في سفره إلى الشام وما جرى بينه وبين الراهب وجلوس الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت الشجرة هو أبو بكر وليس ميسرة.

وقال ابن حجر : ويحتمل أن يكون سفر أبي بكر معه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سفرة اخرى بعد سفر أبي طالب.

أقول : ولكن المتفق عليه إنه لم يسافر أكثر من مرتين مرة مع أبي طالب والاخرى مع ميسرة.

وقال : أبو الحسن البكري في كتاب الانوار ص ٢٥٨ ما مضمونه : انها ارسلت عبدين مع الرسول وهما : ميسرة وناصح وأمرتهما بالإطاعة له.

(٣) وكانت الشجرة يابسة لم تخضر. فقال الراهب لا ولادة : يا أولادي إن كان هذا النبي المنعوت في الكتب والمبعوث في هذا الزمان في هذا الركب فإنه ينزل تحت هذه الشجرة اليابسة ويجلس تحتها ، وقد جلس تحتها عدة من الأنبياء ، وإنها من عهد عيسى بن مريم يابسة لم تخضر. وهذه البئر لها عدة سنين لم يكن فيها ماء فانه قد يأتي إليه ويشرب منه قال : فما كان إلا ساعة وإذا بالركب قد أقبل ونزلوا حول البئر وحطوا الأحمال عن الأحمال وكان النبيّ يحبّ الخلوة بنفسه فأقبل حتى نزل تحت الشجرة فأخضرت وأثمرت من وقتها وساعتها. ( الأنوار للبكري ص ٢٧٨ )

(٤) محمد وعلي والأوصياء ١ / ١٣٤ ـ ١ / ٤١.

(٥) قال ابن شهر اشوب في المناقب والمسعودي في المروج ٢ / ٢٧١ يقال للراهب نسطور.

١٨٤

قلت لك ، فانه له اعداء من اليهود(١) . ثم نظر ميسرة بعد ذلك في يوم قد اشتد حر الشمس(٢) ، فما يملك أحد ممن كان معهم الكلام من شدة الحر ، وغمامة قد أظلّت رسول الله صلوات الله عليه وآله وهو وادع لم يصبه شيء مما أصاب القوم.

وربح في تلك التجارة ما لم يربح أحد مثله(٣) فلما قدم بذلك على خديجة قالت لغلامها ميسرة : ما أعظم أمانة محمد وبركته ، ما ربحت في تجارة قط كربحي فيما أبضعته معه. فقال لها ميسرة : وأعظم من ذلك ما سمعته فيه ورأيته منه. قالت : وما هو؟ فأخبرها بخبر الراهب وخبر الغمامة(٤) .

وكان لخديجة ابن عم قد ذكرت له وذكر لها ـ وهو ورقة بن نوفل ـ وكان على دين النصرانية وكان يذكر إنه أزف(٥) وقت ظهور نبيّ من العرب يبعثه الله عز وجل على جميع الامم مع ما سمعته من الأخبار عن رسول الله صلوات الله عليه وآله فقالت : والله إن هذا أولى بي من ورقة وغيره ، فأرسلت إليه ، فتزوجته. وكانت من أفضل نسائه ، وكل ولده منها خلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية ، وولدت له أكبر ولده وهو القاسم

__________________

(١) الأنوار للبكري ص ٢٨٤.

(٢) قال السكي :

و ميسرة قد عاين الملكين ذا

إظلاك لما سرت ثاني سفره

٣) قال ابو جهل : يا قوم ما رأيت ربحا أكثر من ربح محمد لخديجة ( الأنوار للبكري ص ٢٩٠ ).

(٤) قال ابن شهر اشوب في المناقب ١ / ٤١ : فاعتقت ميسرة وأولادها واعطته عشرة آلاف درهم لتلك البشارة.

(٥) قال الرازي في مختار الصحاح : ازف الرحيل دنا. ومنه قوله تعالى :( أَزِفَتِ الْآزِفَةُ ) يعني القيامة.

١٨٥

وبه كان يكنى صلوات الله عليه وآله وهو أكبر الذكور من ولدها منه ثم الطيّب ثم الطاهر ، وأكبر بناتها منه رقية ثم زينب ثم أمّ كلثوم ثم فاطمة ( عليها وعليهم‌السلام ) ، ولما تزوجها رسول الله صلوات الله عليه وآله لم تزل ترى منه ويخبرها بمثل ما استفاض الخبر به عنه من إعلام النبوة ، فتذكر ذلك لابن عمها ورقة(١) فيبشرها ويغبطها ويعظمها به ويقول : والله إنه لهو النبيّ المنتظر. ومات ورقة قبل أن يبعث رسول الله صلوات الله عليه وآله وكان شاعرا. وكان كلما أخبرته خديجة بما تشاهده منه ويخبرها به رسول الله صلوات الله عليه وآله يستبطئ أمره ويقول : حتى متى يبعث رسول الله صلوات الله عليه وآله فاومن به؟ وفي ذلك يقول :

لججت وكنت في الذكرى لجوجا

لهمّ طال ما بعث النشيجا

لوصف من خديجة بعد وصف

فقد طال انتظاري يا خديجا

بما خبرته من قول قسّ(٢)

من الرهبان يكبر أن يعوجا

ببطن المكتين على رجائي

حديثك ان أرى منه خروجا

__________________

(١) وهو ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى. وقد قال عند ما أخبرته خديجة : ما أراه إلا نبيّ هذه الامّة الذي بشّر به موسى وعيسى. وقد قال هذه الأبيات :

يا للرجال وصرف الدهر الغدر

هذي خديجة تأتيني لأخبرها

وما لنا بخفيّ الغيب من خبر

بأن أحمد ياتيه فيخبره

جبريل إنك مبعوث الى البشر

فقلت على ترجين ينجزه

له الا له فارجى الخير وانتظرى

( الإصابة لابن حجر ٣ / ٦٣٤ ) أقول : وهذا ينافي ما صرح به المؤلف : إنه مات قبل البعثة.

(٢) قس بن ساعدة الأيادي : وهو خطيب العرب قاطبة. والمضروب به المثل في البلاغة والحكمة كان يدين بالتوحيد. وسمعه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل البعثة يخطب في عكاظ ، فأثنى عليه ، جواهر الادب للهاشمي ٢ / ١٩. وفي نسخة ـ ب ـ من قول قيس.

١٨٦

بأن محمدا سيسود قوما

ويخصم من يكون له حجيجا

ويظهر في البلاد ضياء نور(١)

يقيم به البرية إن تموجا

فيلقى من يحاربه خسارا

ويلقى من يسالمه فلوجا

فيا ليتي إذا ما كان ذاكم

شهدت وكنت أولهم ولوجا

ولوجا في الذي كرهت قريش

ولو عجت بمكتها عجيجا

أرجّي بالذي كرهوا جميعا

الى ذي العرش إن سفلوا عروجا

وهل أمر السفالة غير كفر

بمن يختار من سمك البروجا

فإن يبقوا وأبق تكن امور

يضجّ الكافرون لها ضجيجا

وإن أهلك فكلّ فتى سيلقى

من الأقدار مبلغه خروجا

[ ضبط الغريب ]

النشيج من البكاء ، يقال : نشج الباكي إذا غصّ البكاء في حلقه.

فهذا سبب(٢) خديجة رضوان الله عليها ورحمته.

__________________

(١) وفي نسخة ـ ب ـ ضياء عدل.

(٢) هكذا في الأصل.

١٨٧

[ اختصاص عليّ بالرسول صلى الله عليه وآله ]

أما علي بن أبي طالب ( صلوات الله عليه ) فإن سببه في ذلك إن أشراف العرب وأهل [ السيادة ](١) منهم كانوا إذا شبّ لأحدهم الولد ، وأراد تقويمه وتأديبه دفعه الى شريف من أشراف قومه ليلي ذلك منه ويستخدمه فيما يقوّمه به لئلاّ يدلّ في ذلك عليه دلالة الولد على الوالد.

وكان لأبي طالب ثلاثة من الولد(٢) أكبرهم سنّا عقيل ابن أبي طالب ، وأوسطهم جعفر ، وبينه وبين عقيل عشر سنين ، وأصغرهم علي ( صلوات الله عليه ) ، وبينه وبين جعفر عشر سنين فلما شبّ عقيل دفعه أبو طالب إلى عباس أخيه ، ولما شبّ جعفر دفعه إلى حمزة أخيه ، ولما شبّ علي دفعه إلى رسول الله صلوات الله عليه وآله.

وفي رواية اخرى إنه دفع جعفر إلى عباس وعلياعليه‌السلام الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبقى عقيلا عنده.

فلما لحق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالرجال وبان بنفسه وتأهّل ، فكان

__________________

(١) وفي الأصل : السادات.

(٢) ولم يذكر المؤلف طالبا الولد الأرشد لأبي طالب وقد ذكره في ج ١٣ مفصلا عند الحديث عن اسرة أبي طالب فراجع.

١٨٨

عليعليه‌السلام عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلما أتى رسول الله صلوات الله عليه وآله جبرائيلعليه‌السلام بالرسالة عن الله عز وجل ، وذلك في يوم الإثنين ، أطلع خديجة على ذلك حسبما كان يطلعها عليه مما يراه ويتصل به من مواد الله عز وجل أناه بمخائل النبوة التي أهّله لها ، فكان ذلك مما تقدم عندها على ما ذكرناه وتأكد لديها ، فلم تزل مستشرفة إليه منتظرة له ، فلما أتاها به رسول الله صلوات الله عليه وآله أسلمت في الوقت.

[١٤٧] ثم دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من غد يوم الثلاثاء علياعليه‌السلام وهو صغير لا علم عنده بذلك ولا خبر.

فقال له : بأبي أنت وامّي انظرني ساعة(١) فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا أنظرك ما شئت ولكن يكون ما قلته لك أمانة عندك أن لا يطلع عليه أحد غيرك. فقال عليعليه‌السلام : إنما أردت أن لا أتقدم في ذلك إلا عن رأي أبي ، فإذا ما قلت فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وإنك رسوله.

فكانت نبوة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الإثنين وأسلم عليعليه‌السلام من غد يوم الثلاثاء كما جاء ذلك مأثورا في أول هذا الباب ، وهو كما ذكرنا مما يؤثره أكثر العوام وبإسنادهم حكيت أكثر ما حكيته منه ، وكان ذلك مما امتحن الله عز وجل به قلب عليعليه‌السلام بالإيمان به وبرسوله على حداثة سنّه وقرب عهده ، فوجده عند ما ارتضاه منه وأرضاه.

وقد طعن قوم من العامة من مبغضيه الذين أبغضهم الله عز وجل ، وأخبر بذلك على لسان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : إن إسلامه

__________________

(١) أقول : أهذا هو جواب طفل غير رشيد؟ أم هو من نبوغ العقل لذا تقدم.

١٨٩

يومئذ لا يعدّ إسلاما لأنه لم يكن بالغا مكلّفا ، وهذا منهم طعن على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ كان قد دعاه إلى الإسلام ، وقبله منه. وهو بزعمهم غير مقبول ، ولا واجب عليه مع جهل هؤلاء بدين الله عز وجل ، وسنّة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما أنزله عليه عز وجل في كتابه ، فقد قال جلّ ثناؤه : «وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا » (١) والحكم درجة بعد الاسلام ولا يكون إلا لمن يستحقه ، وقد رووا عن عبد الله بن عمر هو وأمثاله من الصحابة عندهم ممن يجب اتباعه ولا يجوز عندهم مخالفة قوله ، إنه قال : إذا بلغ الصبي سبع سنين كتب إيمانه وكفره. وحجته في ذلك عندهم اسلام عليعليه‌السلام [ وذكروا ] بأجمعهم قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه(٢) . وأجمعوا كذلك أن حكم الولد حكم أبويه ودينه على دينهما حتى يختار الخروج منه ، فاذا كان مولودا على الفطرة لم يجز أن ينقل عنها حتى يبلغ ، وهو اذا بلغ عندهم على الإسلام ثم اختار غيره استتيب فان تاب وإلا قتل. وفي هذا كلام يطول ذكره.

[١٤٨] ومما رووه في نفس هذا المعنى عن عمرو بن سلمة ، إنه قال : كنا بحاضرا يمرّ بنا من جاء من عند النبيّ صلوات الله عليه وآله ، فيحدّثون عنه عليه الصلاة والسّلام ، فحفظت قرآنا كثيرا ، فوفدوا بي الى النبيّ في نفر من قومي ، فعلّمهم الصلاة ، وقال : ليؤمّكم أقرأكم ، فقدموني ، وكنت اؤمّهم وأنا ابن ثمان سنين ، وكان عليّ بردة إذا سجدت انكشف سوءتي. فقال امرؤ من القوم : واروا سوءة إمامكم ، فكسوني عمامة معقدة ،

__________________

(١) مريم : ١٢.

(٢) أي يسلك الطريقة المجوسية في حياته العملية.

١٩٠

فما فرحت بشيء بعد الإسلام مثل ما فرحت بها.

فهذا عمرو بن سلمة أحد الصحابة الذين لا يجوز خلاف قولهم عندهم يخبر أنه أسلم ووفد على رسول الله صلوات الله عليه وآله وأمّ الناس بعد ذلك وهو ابن ثمان سنين.

إنما قال من قال : بأن إسلام عليعليه‌السلام لم يكن إسلاما ليدفع بذلك فضله بزعمه على أبي بكر وعمر وغيره ممن تقدم عليه لأن الله عز وجل يقول : «وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ » (١) ، ولا يجوز أن يكون المقرّب عند الله يتقدمه من يكون هو أقرب إليه منه ، ورسول الله صلوات الله عليه وآله يقول : إمام القوم وافدهم الى الله ، وكذلك إنما يتقدم القوم في كلّ شيء إمامهم ولا يكون ذلك إلا لمن هو أقربهم الى الله عز وجل والى رسوله(٢) بينه وبين عليعليه‌السلام .

[١٤٩] بإسناد آخر عن حبة العرني ، قال : قال عليعليه‌السلام بعرفة : أنا عبد الله وأخو رسول الله ، لم يقلها أحد قبلي ولا يقولها أحد بعدي إلا كاذب.

[١٥٠] وبآخر عن عبد الله بن عمر ، قال : آخى رسول الله صلوات الله عليه وآله بين أصحابه ولم يذكر علياعليه‌السلام ، فقام وعيناه تهملان.

فقال : يا رسول الله ، مالي تركتني بلا أخ. فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لنفسي تركتك ، أنت أخي في الدنيا والآخرة(٣) .

[١٥١] بآخر عن أسماء بنت عميس ، قالت : وقف رسول الله صلّى الله

__________________

(١) الواقعة : ١٠.

(٢) هكذا في الاصل.

(٣) وهذا الحديث لم يكن في نسخة ـ أ ـ.

١٩١

عليه وآله بجمع امراد مزدلفة في حجة الوداع مستقبلا ثبير(١) ، فقال : اللهمّ اني أقول كما قال أخي موسى : اللهمّ اغفر لي ذنبي واشرح لي صدري ويسّر لي أمري ، واحطط عني وزري واجعل لي وزيرا من أهلي عليا أخي اشدد به أزري وأشركه في أمرى كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا(٢) .

[١٥٢] وبآخر ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : خطبنا عليعليه‌السلام فقال : أيها الناس أنا ابن عمّ رسول الله صلوات الله عليه وآله وأخو رسول الله صلوات الله عليه وآله ووصيّ رسول الله ، ووارث رسول الله ، وابنته زوجتي وخير نساء امّته ، فمن زعم أن وحيا ينزل بعد محمّد صلوات الله عليه وآله فقد كفر بالرحمن عز وجل.

[١٥٣] وبآخر ، عن أبي يحيى ، قال : سمعت علياعليه‌السلام وهو على المنبر يقول : أنا عبد الله وأخو رسوله ، لا يقولها أحد غيري إلا كذاب. فقال رجل(٣) : وأنا عبد الله وأخو رسوله ، فأصابته جنّة.

[١٥٤] وبآخر ، عن كثير بن سعد ، عن أبي يحيى ، قال : سمعت علياعليه‌السلام ما لا احصيه ، أو قال : أكثر من الف مرة يقول ـ على المنبر ، ما صعد عليه إلا قال ـ : أنا عبد الله وأخو رسوله ، لا يقولها بعدي إلا كاذب.

__________________

(١) وفي تفسير فرات بن إبراهيم ص ٢١٦ : أشرق ثبير أشرق ثبير ، اللهمّ إني أسألك ما سألك أخي موسى. وفي ص ٩٢ الرواية منقولة أيضا عن إبراهيم بن أحمد عن عمر الهمداني إلا إن الجملة الاخيرة لم يذكرها.

(٢) وقد ورد شطرا من ذلك في سورة طه الآيات : ٢٩ ـ ٣٣.

(٣) وفي البحار للمجلسي ٤١ / ٢٠٥ : رجل من عبس.

١٩٢

[ الاخوّة ]

وهذه الأخبار أيضا ثابتة ، قد رواها الخاصّ والعام من طرق كثيرة ، ولم يختلفوا في صحتها ، ولم يكن عليعليه‌السلام أخا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اخوّة نسب في الظاهر لأبيه ولا لامّه ، ولا كان أخا شقيقا ، وإنما قال ذلك فيه إبانة(١) لمنزلته وإمامته وفضله على سائر المسلمين لئلاّ يتقدمه أحد منهم ولا يتأمّر عليه بعده إذ قد آخى بينهم أجمعين ، وقرن بين كلّ واحد منهم وصاحبه وأفرده هو من بينهم باخوّته. والعرب تقول للشيء إنه أخو الشيء إذا أشبهه أو قاربه أو وافق معناه. وقد قالوا في قوله الله عز وجل حكاية عن الذين أنكروا على مريمعليه‌السلام ولادة عيسىعليه‌السلام : «يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا » (٢) . قالوا : كان هارون هذا في ذلك الوقت رجلا عاهرا فشبهوها به بأن قالوا : يا اخت هارون : يا شبيهة هارون في عهره. وهذا معروف في لسان العرب.

فلما كانعليه‌السلام وصيّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في امّته وخليفته عليها من بعده ، والقائم فيها مقامه. وكان أقرب الناس شبها في المنزلة به ، وإن كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعلى منزلة منه وقدرا ، وإنه أقربهم إليه في ذلك كما ذكرناه إنه يجوز أن يقال للشيء إذا قارن الشيء وشاكله إنه أخوه ، فأكّد له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما جعله له من الإمامة بذلك ، وبغيره مما ذكرناه ونذكره في هذا الكتاب من وجوه شتى مع النصّ عليه الذي ذكرناه.

وأما الاخوّة في النسب الظاهر فليست بموجبة لهذا المقام بلا نص ، لأنه قد يكون المؤمن أخا للكافر وللمنافق في النسب ويختلفان في الحال والمذهب. وإنما

__________________

(١) إظهارا.

(٢) مريم : ٢٨.

١٩٣

اخوّة الدين فإنما تكون لاعتقاده والتشابه فيه والاجتماع عليه ، لذلك قال الله عز وجل : «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ » (١) لاتفاقهم على الايمان ، فكانوا إخوة فيه لاتفاقهم عليه ، وأبان الله عز وجل علياعليه‌السلام على لسان رسوله بأن جعله مشاكلا موافقا له إذ قد خصّه باخوّته من بين جميع المؤمنين ، ولم يكن لأحد منهم مع ذلك أن يتقدمه ولا يتأمّر عليه كما لم يكن لهم أن يفعلوا ذلك مع رسول الله صلوات الله عليه وآله.

__________________

(١) الحجرات : ١٠.

١٩٤

[ تفضيل علي عليه السلام ]

ومما جاء النصّ به من تفضيل عليعليه‌السلام باسمه :

[١٥٥] بإسناد آخر ، عن أنس بن مالك ، قال : كنا نتهيب أن نسأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلما نزلت : «إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ » (١) رأينا(٢) أن نفسه نعيت إليه. فقلنا : يا رسول الله أرأيت إن كان شيء فمن نسأل بعدك؟! فقال : أخي ووزيري وخليفتي في أهلي ، وخير من أترك بعدي يقضي ديني وينجز موعدي علي بن أبي طالب صلوات الله عليه.

[١٥٦] وبآخر عن السدي ، قال : دخل علي صلوات الله عليه على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعائشة جالسة فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مرحبا بسيد العرب. فقالت عائشة : يا رسول الله أولست سيد العرب؟.

قال : أنا سيد ولد آدمعليه‌السلام ولا فخر ، وعلي سيد العرب(٣) .

[١٥٧] وبآخر ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري : إنه ذكر عنده عليعليه‌السلام فقال : ذلك خير البرية أو قال : خير البشر. يعني عليا

__________________

(١) النصر : ١.

(٢) علمنا ، كما في تاريخ دمشق لابن عساكر ١ / ١١٥.

(٣) هذا الحديث لم يكن في نسخة ـ أ ـ.

١٩٥

صلوات الله عليه.

[١٥٨] وبآخر أيضا عنه إنه ذكر علياعليه‌السلام فقال : عليعليه‌السلام خير البشر لا يشكّ فيه إلا منافق.

[١٥٩] وبآخر ، عن عمّار بن ياسررحمه‌الله إنه قال يوما لقوم اجتمعوا إليه : من أخير الناس وأفضلهم عندكم؟ قالوا : عمر ؛ أمير المؤمنين ؛ فتح الفتوح ، ومصّر الأمصاء ، وذلك في أيامه. فسكت. فقالوا : ما تقول يا أبا اليقظان؟ قال : أقول ما قد سمعت من رسول الله صلوات الله عليه وآله ، إنه قال : علي خير البشر ، فمن أبى فقد كفر. وسمعتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ما من قوم ولّوا امورهم رجلا وفيهم من هو خير منه إلا كان أمرهم الى سفال.

[١٦٠] وبآخر ، عن محمد بن قيس ، عن أبيه ، قال : كنا عند الأعمش(١) ـ فتذاكرنا الاختلاف ـ فقال : أنا أعلم من أين وقع الاختلاف. قلت : من أين وقع؟ قال : ليس هذا موضع ذكر ذلك. قال : فأتيته بعد ذلك فخلوت به. وقلت : ذكرنا الاختلاف الواقع ، وذكرت إنك تعلم من أين وقع. فسألتك عن ذلك ، فقلت : ليس هذا موضع ذلك. وقد جئتك خاليا. فأخبرني من أين وقع الاختلاف؟ قال : نعم ، وليّ أمر هذه الامة من لم يكن عنده علم فسئل. فسأل(٢) الناس فاختلفوا فلو ردوا هذا الأمر في موضعه ما كان اختلاف. قلت : الى من؟ قال : الى من كان يسأل بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما سئل أحد غيره ، إلى من كان يقول : سلوني قبل أن تفقدوني ، وإنكم لن تجدوا أعلم بما بين اللوحين

__________________

(١) سلمان بن مهران الاسدي ـ راجع قسم التراجم ـ.

(٢) وفي الأصل فسئل فبال الناس.

١٩٦

مني ، إلى من كان يضرب بيده على صدره ، ويقول : إن هاهنا لعلما جمّا لم أجد له حمله ، الى من قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه : أقضاكم علي بن أبي طالب.

[١٦١] وبآخر ، عن الحسن البصري ، قال : دخلت مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجلست الى عبد الله بن عمر ، وذلك في يوم الجمعة الى أن طلع علينا مروان ، فخطب ، وصلّى ، فجعل عبد الله بن عمر يقول : رحمك الله يا سلمان. ويكرر ذلك. فقلت له : يا أبا عبد الرحمن ، لقد ذكرت من سلمان شيئا. قال : نعم ، خرج علينا عشية بايع الناس لأبي بكر ، فقال : أما والله لقد أطمعتم فيها أولاد العتل(١) ولو وليتموها أهل بيت نبيّكم ما طمع فيها غيرهم ، وذكرت قوله هذا لما رأيت مروان(٢) على المنبر.

[١٦٢] وعن أبي صالح ، قال : لما حضرت عمر الوفاة جمع أهل الشورى ـ فاجتمع عنده علي صلوات الله عليه وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص واناس من المهاجرين والأنصار : ـ فحمد الله تعالى وأثنى عليه. وقال : إني مفارقكم كالذي فارقكم من قبلي ، وإني أسألكم بالله هل تعلمون عليّ مظلمة أو تباعة لأحد من الناس من المسلمين والمعاهدين؟ فقالوا جميعا : اللهمّ ، لا. وسكت علي صلوات الله عليه. فقال : ألم تكونوا راضين الى يومكم هذا؟ قالوا : نعم. ولم يقل عليعليه‌السلام شيئا. فنظر إليه عمر ، وقال : ما تقول يا أبا الحسن. قال : أقول : غفر الله لي ولك يا عمر أنت الى رضا من تقدم عليه أحوج منك

__________________

(١) العتل : الغليظ الجافي وغيره.

(٢) وهو الذي لعنه الرسول ونصبه معاوية أمير المدينة ( تذكرة الخواص ص ١٧ ).

١٩٧

الى رضانا ، فقال له الزبير بن العوام : يا أبا الحسن ، إن في صدر أمير المؤمنين هاجسا ، ولم يقبل عليك بالمسألة من بيننا إلا لتسمعه خيرا. فقال عليعليه‌السلام : إن يكن فيما كان منه إليّ خاصة ـ ما قد عرفت ـ فقد أحسّ فيما ولّي من امور العامة ، وقد أوصاني خليلي أن تغفر المظلمة في خاصتنا ، وأنا أقول كما قال يوسف : «لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ »(١) . قال عمر : ولك يغفر الله ، يا أبا الحسن ، فقديما كنت سباقا الى الخير. ثم قال : يا معشر المهاجرين والأنصار إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخبرنا من قبل أن يقبض : إن الله مولى رسوله ، وإن رسوله مولى كل مؤمن ، وأولى المؤمنين من أنفسهم ، وإن علي بن أبي طالب مولى من كان رسول الله صلوات الله عليه وآله مولاه.

[١٦٣] محمد بن سنان عن [ أبي ] الجارود [ زياد بن المنذر ] عن عمر المرادي قال : كنت أرى رأي الخوارج لأني لم أر قوما أشدّ منهم اجتهادا ولا أسخى نفوسا بالموت ، وكنت آتي القضاة والفقهاء ، فقال لي رجل يوما من الأيام : هل أدلّك على امرأة ليس بالبصرة فقيه ولا مجتهد إلا وهو يأتيها؟ قلت : وددت ذلك. فوصف لي منزلها ، فدخلت عليها ، فإذا بامرأة قد طعنت في السن ، عليها أثر العبادة ، في ناحية من دارها رجل(٢) ملتفّ في خلق ، فظننت أنه بعض من يخدمها. فقالت لي : ما حاجتك يا عبد الله؟ قلت : إني رجل أرى رأي الخوارج لأني رأيتهم أشدّ الناس اجتهادا وأسخاهم نفوسا بالموت ، فرفع إليّ الشيخ رأسه ، وقال : إنك لتحطب في حبل قوم في النار يسبّون الله ورسوله بسبّهم أفضل الناس بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فأقبلت عليه كالمنكر لما قال. فقالت لي

__________________

(١) يوسف : ٩٢.

(٢) وفي نسخة ـ ب ـ : شيخ.

١٩٨

المرأة : يا عبد الله أتدري من هذا الشيخ؟ هذا أبو الحمراء خادم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فقلت له : ما عرفتك. فأخبرني عمّا عندك في عليعليه‌السلام . قال : أخبرك بما رأت عيناي وسمعت اذناي ومشت فيه قدماي ، بينا أنا بين يدي رسول الله صلوات الله عليه وآله أخدمه ، إذ قال لي : يا أبا الحمراء اخرج فأتني بمائة رجل من العرب ، وسمّاهم لي ، وخرجت فأتيته بهم ، فصفهم صفا بين يديه. ثم قال لي : اخرج فأتني بكذا وكذا(١) من العجم ، وسمّاهم لي. فأتيته بهم فصفهم صفا خلف صفّ العرب ، ثم قال لي : اخرج فائتني بقوم من القبط ، وسمّاهم لي ، فأتيته بهم ، فصفهم وراء العجم ، ثم قال لي : ائتني بنفر من الحبش وسمّاهم لي ، فأتيته بهم ، فصفهم من وراء القبط ، ثم أقبل على جميعهم ، وقال :(٢) أتشهدون إني مولى المؤمنين ، وأولى بهم من أنفسهم؟ قالوا : اللهمّ نعم ، قال : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ، هل سمعتم وأطعتم. قالوا : نعم ، يا رسول الله! قال : اللهمّ اشهد ، ثم قال لي : يا أبا الحمراء(٣) ، ائتني بأديم ودواة. فأتيته بذلك ، ثم قال لي : أكتب :

__________________

(١) وفي أمالي الصدوق ص ٣١٣ : وخمسين رجلا من العجم وثلاثين رجلا من القبط وعشرين رجلا من الحبشة.

(٢) وفي البحار ٣٨ / ١٠٦ : ثم قام ، فحمد الله وأثنى عليه ومجد الله بتمجيد لم يسمع الخلائق بمثله ، ثم قال : يا معشر العرب والعجم والقبط والحبشة أقررتم بشهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمّدا عبده ورسوله ، فقالوا : نعم. فقال : اللهمّ اشهد ، حتى قالها ثلاثا.

(٣) وفي الأمالي والبحار : ثم قال لعليعليه‌السلام : يا أبا الحسن ، انطلق فائتني بصحيفة ودواة ، فدفعها الى علي بن أبي طالب ، ثم قال له : اكتب.

أقول : أظن بنظري القاصر العبارة في الكتابين مصحّفة.

١٩٩

بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما أقرّت به العرب والعجم والقبط والحبش إن الله جلّ ثناؤه مولى رسوله ، ورسوله مولى المؤمنين وأولى بهم من أنفسهم ، وإن من كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مولاه فعلي مولاه ، اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله.

ثم أخذ الكتاب فختمه ودفعه إلى علي فو الله ما أدري ما صنع به.

وقد روى أيضا هذا الحديث محمد بن جرير الطبري في كتابه الذي قدمنا ذكره.

[١٦٤] وبآخر ، عن علي بن حزور ، يرفعه ، قال : لما فرغ أمير المؤمنين صلوات الله عليه من قتال أهل البصرة ، فوقف صلوات الله عليه على أفواه ثلاث سكك ، ووقف الناس من حوله ، فقالعليه‌السلام : ألا أخبركم بخير الخلق عند الله يوم القيامة. قالوا : نعم ، يا أمير المؤمنين فخبّرنا ، فقال : هم شيعة من ولد عبد المطلب. قال له عمّار [ بن ياسر ] : سمّهم لنا يا أمير المؤمنين. قال : ما حدثتكم إلا وأنا اريد أن أخبركم بأسمائهم. هم : رسول الله وصاحبكم وصيّه وحمزة وجعفر والحسن والحسين والمهديّ منا أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين.

[١٦٥] [ الحسين ](١) بن الحكم الحبري ، باسناده ، عن ربيعة السعدي ، قال : لما كان من أمر عثمان ما كان بايع الناس علياعليه‌السلام ، وكان حذيفة اليماني على المدائن يوم قتل عثمان ، فبعث إليه عليعليه‌السلام بعهده ، وأخبره بما كان من أمر الناس وبيعتهم إياه. فنادى حذيفة

__________________

(١) وفي الأصل : الحسن ، ولم يكن أحد بهذا الاسم أما الحسين بن الحكم الحبري هو صاحب كتاب ( ما نزل من القرآن في علي ) ويذكر المؤلف منه فيما بعد.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502