شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار الجزء ١

شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار11%

شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 502

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 502 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 187820 / تحميل: 9853
الحجم الحجم الحجم
شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار

شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

باب فضل السخاء والجود

١٧٠٧ - قال الصادق عليه السلام: " خياركم سمحاؤكم وشراركم بخلاؤكم، ومن خالص الايمان البر بالاخوان، والسعي في حوائجهم، وإن البار بالاخوان ليحبه الرحمن، وفي ذلك مرغمة الشيطان، وتزحزح عن النيران(١) ، ودخول الجنان، ثم قال لجميل: يا جميل أخبر بهذا غرر أصحابك(٢) ، قلت: جعلت فداك من غرر أصحابي؟ قال: هم البارون بالاخوان في العسر واليسر، ثم قال: يا جميل أما إن صاحب الكثير يهون عليه ذلك، وقد مدح الله عزوجل في ذلك صاحب القليل، فقال في كتابه " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ".

١٧٠٨ - وقال عليه السلام: " شاب سخي مرهق في الذنوب(٣) أحب إلى الله عزو جل من شيخ عابد بخيل ".

١٧٠٩ - وروي " أن الله عزوجل أوحى إلى موسى أن لا تقتل السامري فإنه سخي ".(٤)

___________________________________

(١) " مرغمة " بفتح الميم مصدر، وبكسرها اسم آلة من الرغام بفتح الراء بمعنى التراب.

والتزحزح: التباعد (الوافى) والخبر رواه الكلينى باسناده عن سهل بن زياد عمن حدثه عن جميل بن دراج قال: " سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول الخبر ".

(٢) " غرر " بالغين المعجمة والمهملتين النجباء جمع الاغر.

وفى بعض النسخ هنا وما يأتى بالعين المهملة والزاء‌ين المعجمتين جمع العزيز.

(٣) المرهق: المفرط في الشر ومرتكب المحارم.

وفى القاموس الرهق محركة: السفه وركوب الشر والظلم وغشيان المحارم.

(٤) رواه الكلينى ج ٤ ص ٤١ عن على بن ابراهيم رفعه قال: " أوحى الله عزوجل إلى موسى عليه السلام الخ ".

٦١

١٧١٠ - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " من أدى ما افترض الله عليه فهو أسخى الناس ".(١)

١٧١١ - وقال الصادق عليه السلام: " من يضمن لي أربعة بأربعة أبيات في الجنة؟ أنفق ولا تخف فقرأ، وأنصف الناس من نفسك(٢) ، وافش السلام في العالم(٣) واترك المراء وإن كنت محقا "(٤) .

١٧١٢ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من أيقن بالخلف سخت نفسه بالنفقة ".

 (٥) وقال الله عزوجل: " وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين "(٦) .

١٧١٣ - وقال الصادق عليه السلام: " في قول الله عزوجل: " كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم "(٧) قال: هو الرجل يدع ماله لا ينفقه في طاعة الله عزوجل بخلا ثم يموت فيدعه لمن يعمل فيه بطاعة الله عزوجل أو بمعصية الله، فإن عمل فيه بطاعة الله(٨) رآه في ميزان غيره فرآه حسرة وقد كان المال له، وإن كان عمل فيه بمعصية الله عزوجل(٩) قواه بذلك المال حتى عمل به في معصية الله عزوجل ".

١٧١٤ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ليس البخيل من أدى الزكاة المفروضة من

___________________________________

(١) أى بالنسبة إلى من لم يؤد وان أعطى المال الكثير في غير موقعه لما مر وسيجئ.

(٢) أى كن حكما على نفسك فيما كان بينك وبين الناس وارض لهم ما ترضى لنفسك، واكره لهم ما تكره لها.

(٣) أى سلم على من لقيت من اخوانك جهارا.

(٤) المراء: الجدال، أى اترك الجدال في الكلام وان كان الحق لك.

والخبر مروى في الكافى بسند فيه ضعف ج ٤ ص ٤٤ عن معاوية بن وهب عن الصادق عليه السلام.

(٥) الخلف بفتح المعجمة واللام: العوض.

وقوله " سخت " أى جادت وفى بعض نسخ الكافى " سمحت ".

(٦) من كلام المؤلف رحمه الله كما يظهر من الكافى.

(٧) الحسرات جمع الحسرة وهى أشد الندامة.

(٨) في الكافى " أو في معصية الله فان عمل به في طاعة الله الخ ".

(٩) في بعض النسخ والكافى " وان كان عمل به في معصية الله ".

٦٢

ماله وأعطى البائنة في قومه(١) إنما البخيل حق البخيل من لم يؤد الزكاة المفروضة من ماله ولم يعط البائنة في قومه، وهو يبذر فيما سوى ذلك ".

١٧١٥ - وروي عن الفضل بن أبي قرة السمندي أنه قال: " قال لي أبو عبدالله عليه السلام: أتدري من الشحيح؟ قلت: هو البخيل، فقال: الشح أشد من البخل إن البخيل يبخل بما في يده، والشحيح يشح بما في أيدي الناس وعلى ما في يده حتى لا يرى في أيدي الناس شيئا إلا تمنى أن يكون له بالحل والحرام، ولا يقنع بما رزقه الله عزوجل ".

١٧١٦ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ما محق الاسلام محق الشح شئ، ثم قال: إن لهذا الشح دبيبا كدبيب النمل، وشعبا كشعب الشرك ".(٢)

١٧١٧ - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " إذا لم يكن لله عزوجل في العبد حاجة ابتلاه بالبخل ".(٣)

١٧١٨ - " وسمع أمير المؤمنين عليه السلام رجلا يقول: الشحيح أعذر من الظالم(٤) فقال له: كذبت إن الظالم قد يتوب ويستغفر ويرد الضلامة على أهلها، والشحيح إذا شح منع الزكاة، والصدقة، وصلة الرحم، وإقراء الضيف(٥) والنفقة في سبيل الله

___________________________________

(١) البائنة العطية، سميت بها لانها ابينت من المال (الوافى) وفى القاموس البائنة فاعلة من البين بمعنى البينونة جعلت اسما للعطية لانها ابينت من المال.

(٢) الدبيب: المشى اللين أى حركة خفيفة لا تحس، والشرك محركة: حبائل الصيد.

وقرأه الفاضل التفرشى بكسر الشين المعجمة وكسر الراء وتكلف في توجيهه بما لا يحتاج اليه.

(٣) أى إذا كان غير منظور اليه ولم يكن أهلا للهدايات والتوفيقات منع عنه اللطف فاستولى عليه الشيطان وزين له البخل.

(٤) أى عذره أشد وأكثر من عذر الظالم.

(٥) اقراء الضيف: ضيافته وخدمته والاحسان اليه.

هذه الاخبار كلها مروية في الكافي مسندة ج ٤ ص ٤٤ و ٤٥.

٦٣

عزوجل وأبواب البر، وحرام على الجنة أن يدخلها شحيح ".

١٧١٩ - وقال الصادق عليه السلام: " المنجيات إطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام ".

 [فضل القصد]

١٧٢٠ - وقال أبوالحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: " ما عال امرء في اقتصاد "(١)

١٧٢١ - وقال الصادق عليه السلام: " ضمنت لمن اقتصد أن لا يفتقر ".(٢)

وقال الله عزوجل: " يسألونك ماذا ينفقون قل العفو " والعفو الوسط(٣) .

وقال الله عزوجل: " والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما " والقوام الوسط.

باب فضل سقى الماء

١٧٢٢ - قال أمير المؤمنين عليه السلام: " أول ما يبدأ به في الآخرة صدقة الماء يعني في الاجر ".

١٧٢٣ - وقال أبوجعفر عليه السلام: " إن الله تبارك وتعالى يحب إبراد الكبد الحرى(٤) ، ومن سقى كبدا حرى من بهيمة أو غيرها أظله الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ".

١٧٢٤ - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " من سقى الماء في موضع يوجد فيه الماء كان كمن أعتق رقبة، ومن سقى الماء في موضع لا يوجد فيه الماء كان

___________________________________

(١) العيلة والعالة: الفاقة، أى ما افتقر أحد إذا اقتصد في أمر معاشه.

والخبر رواه الكلينى ج ٤ ص ٥٣ مسندا وكذا الذى قبله.

(٢) مروى في الكافى مسندا عن مدرك بن أبى الهزهاز عنه (ع).

(٣) كما في مرسلة ابن أبى عمير عن أبى عبدالله عليه السلام " في قول الله تعالى " و يسئلونك ماذا ينفقون قل العفو " قال: العفو الوسط " (الكافى ج ٤ ص ٥٢)

(٤) في القاموس: الحران العطشان، والانثى حرى مثل عطشى.

٦٤

كمن أحيا نفسا، ومن أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا ".(١)

باب ثواب اصطناع المعروف إلى العلوية

١٧٢٥ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من صنع إلى أحد من أهل بيتي يدا كافيته يوم القيامة".

١٧٢٦ - وقال عليه السلام: " إني شافع يوم القيامة لاربعة أصناف ولو جاؤوا بذنوب أهل الدنيا: رجل نصر ذريتي، ورجل بذل ماله لذريتي عند الضيق ورجل أحب ذريتي باللسان والقلب، ورجل سعى في حوائج ذريتي إذا طردوا أو شردوا ".(٢)

١٧٢٧ - وقال الصادق عليه السلام: " إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أيها الخلائق أنصتوا فإن محمدا يكلمكم فتنصت الخلائق فيقوم النبي صلى الله عليه وآله فيقول: يا معشر الخلائق من كانت له عندي يد أو منة أو معروف فليقم حتى أكافيه، فيقولون: بابائنا وأمهاتنا وأي يد وأي منة وأي معروف لنا، بل اليد والمنة والمعروف لله ولرسوله على جميع الخلائق، فيقول لهم: بلى من آوى أحدا من أهل بيتي أو برهم أو كساهم من عرى أو أشبع جائعهم فليقم حتى أكافيه، فيقوم أناس قد فعلوا ذلك، فيأتي النداء من عند الله عزوجل: يا محمد يا حبيبي قد جعلت مكافأتهم إليك فأسكنهم من الجنة حيث شئت، قال: فيسكنهم في الوسيلة(٣) حيث لا يحجبون عن محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين ".

___________________________________

(١) هذه الاخبار الثلاثة في الباب مروية في الكافى ج ٣ ص ٥٧ مسندة.

(٢) التشريد: الطرد والتفريق، والخبر مروى في الكافى وفيه " ورجل يسعى في حوائج ذريتى الخ ".

(٣) الوسيلة والواسلة: المنزلة عند الملك والدرجة والقربة (القاموس) وفى معانى الاخبار ص ١١٦ في حديث طويل عن النبى صلى الله عليه وآله قال: " الوسيلة هى درجتى في الجنة وهى ألف مرقاة الخ "

٦٥

باب فضل الصدقة

١٧٢٨ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " أرض القيامة نار ما خلا ظل المؤمن فإن صدقته تظله".

١٧٢٩ - وقال أبوجعفر عليه السلام: " البر والصدقة ينفيان الفقر، ويزيدان في العمر ويدفعان عن صاحبهما سبعين ميتة سوء ".

١٧٣٠ - وقال الصادق عليه السلام: " داووا مرضاكم بالصدقة، وادفعوا البلاء بالدعاء واستنزلوا الرزق بالصدقة، فإنها تفك من بين لحيي سبعمائة شيطان(١) .

وليس شئ أثقل على الشيطان من الصدقة على المؤمن، وهي تقع في يد الرب تبارك وتعالى قبل أن تقع في يد العبد"(٢) .

١٧٣١ - وقال عليه السلام: " الصدقة باليد تقي ميتة السوء وتدفع سبعين نوعا من أنواع البلاء وتفك عن لحيي سبعين شيطانا كلهم يأمره أن لا يفعل ".

١٧٣٢ - وقال عليه السلام: " يستحب للمريض أن يعطي السائل بيده، ويأمر السائل أن يدعو له ".

___________________________________

(١) قال بعض الشراح: كأن الصدقة دخلت في أفواهم باعتبار منعهم عنها بالوجوه الباطلة فبعضهم يقول لا تتصدق فانك تصير فقيرا، وبعضهم يقول: لا تتصدق فانك أحوج منه، أو أن السائل غير مستحق، أو تصدق على آخر أحوج منه انتهى.

أقول يمكن أن يقرأ " تفك " بصيغة المعلوم فالمعنى أن الصدقة تفك الرزق من بين لحيى سبعمائة شيطان كلهم يمنعون وصوله اليك، أو بصيغة المجهول أى الصدقة تخرج من بين لحيى سبعمائة شيطان فيكون كناية عن كونها شاقة على النفس وحينئذ يكون تعليلا للجملة السابقة.

وأصل الفك الفصل بين الشيئين وتخليص بعضهما من بعض كما في النهاية.

(٢) كناية عن قبوله تعالى، ولعله اشارة إلى قوله تعالى: " أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات ".

٦٦

١٧٣٣ - وقال عليه السلام: " باكروا بالصدقة(١) فإن البلايا لا تتخطاها(٢) ومن تصدق بصدقة أول النهار دفع الله عنه شر ما ينزل من السماء في ذلك اليوم، فإن تصدق أول الليل دفع الله عنه شر ما ينزل من السماء في تلك الليلة ".

١٧٣٤ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إن الله لا إله إلا هو ليدفع بالصدقة الداء والدبيلة(٣) والحرق والغرق والهدم والجنون، وعد عليه السلام سبعين بابا من الشر "(٤) .

١٧٣٥ - وقال صلى الله عليه وأله: " صدقة السر تطفئ غضب الرب جل جلاله "(٥) .

١٧٣٦ - وروى عمار عن الصادق عليه السلام قال: " قال لي يا عمار الصدقة والله في السر أفضل من الصدقة في العلانية، وكذلك والله العبادة في السر أفضل من العبادة في العلانية ".(٦)

١٧٣٧ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إذا طرقكم سائل ذكر بليل فلا تردوه ".(٧)

١٧٣٨ - وقال صلى الله عليه وآله: " الصدقة بعشرة والقرض بثمانية عشر(٨) وصلة الاخوان بعشرين وصلة الرحم بأربعة وعشرين ".

___________________________________

(١) أى ابتدؤوا النهار بالصدقة أو تصدقوا في أوله وفى الكافى " بكروا " بتشديد الكاف.

(٢) أى ان البلايا لا تتجاوز الصدقة بل هى تسدها وتمنعها وحالت بين صاحبها وبين البلايا.

(٣) الدبيلة كجهينة مصغرة: الطاعون والخراج ودمل يظهر في البطن فيقتل.

(٤) في الكافى ج ٤ ص ٥ " سبعين بابا من السوء " وهو أصوب.

(٥) غضبة تعالى كناية عن العذاب والا فهو سبحانه منزه عن أن يكون محلا للحوادث.

(٦) في المحكى عن دروس الشهيد رحمه الله الصدقة سرا أفضل الا أن يتهم بترك المواساة، أو يقصد اقتداء غيره به، اما الواجبة فاظهارها أفضل مطلقا.

(٧) " طرقكم " أى نزل عليكم، وطرق فلان طروقا إذا جاء بليل.

(٨) وجه تفضيل القرض هو أن الصدقة تقع أحيانا في يد غير المحتاج والقرض غالبا لا يقع الا في يد المحتاج.

وقيل: انما جعل الله جزاء الحسنة عشر أمثالها والقرض حسنة فاذا أخذ المقرض ما أعطاه قرضا فكأنه أخذ من العشر واحدة وبقيت له عند الله تسعة ووعد الله سبحانه أن يضاعفها له في قوله " فيضاعفه له " فتصير ثمانية عشر.

٦٧

١٧٣٩ - وسئل عليه السلام " أي الصدقة أفضل؟ قال: على ذي الرحم الكاشح "(١) .

١٧٤٠ - وقال عليه السلام: " لا صدقة وذو رحم محتاج "(٢) .

١٧٤١ - قال عليه السلام " ملعون ملعون من ألقى كله على الناس(٣) ملعون ملعون من ضيع من يعول "(٤) .

١٧٤٢ - وقال أبو الحسن الرضا عليه السلام: " ينبغي للرجل أن يوسع على عياله لئلا يتمنوا موته".(٥)

١٧٤٣ - وسئل الصادق عليه السلام " عن السائل يسأل ولا يدري ما هو؟ فقال: أعط من وقعت في قلبك الرحمة له، وقال: اعطه دون الدرهم، قلت: أكثر ما يعطى؟ قال أربعة دوانيق "(٦) .

١٧٤٤ - وروى الوصافي عن أبي جعفر عليه السلام قال: " كان فيما ناجى الله عزو جل به موسى عليه السلام أن قال: يا موسى أكرم السائل ببذل يسير، أو برد جميل إنه يأتيك من ليس بإنس ولا جان ملائكة من ملائكة الرحمن يبلونك فيما خولتك و يسألونك مما نولتك(٧) فانظر كيف أنت صانع يا ابن عمران ".

___________________________________

(١) في النهاية " الكاشح ": العدو الذى يضمر لك عداوته ويطوى عليها كشحه أى باطنه وذلك لان الاخلاص فيها أتم بخلاف ذى المحبة.

(٢) حمل على الصدقة الكاملة أى لا صدقة كاملة.

(٣) الكل بالفتح: الثقل والعيال والمراد قوته وقوت عياله.

(٤) أى تركهم مهملين بلا قوت ولا نفقة.

(٥) مروى في الكافى باسناده عن معمر بن خلاد عنه عليه السلام وفيه " كيلا يتمنوا موته وتلا هذه الاية " ويطعمون الطعام على حبه الآية " وقال: الاسير عيال الرجل ينبغى للرجل إذا زيد في النعمة أن يزيد اسراء‌ه في السعة عليهم ; ثم قال: ان فلانا أنعم الله عليه بنعمة فمنعها اسراء‌ه وجعلها عند فلان فذهب الله بها، وقال معمر: وكان فلان حاضرا".

(٦) الدوانيق جمع دانق كصاحب: سدس الدرهم.

(٧) خوله الله عزوجل أى أعطاه متفضلا.

والنوال: العطاء، ونولته أى أعطيته نوالا.

٦٨

١٧٤٥ - وقال عليه السلام: " اعط السائل ولو على ظهر فرس "(١) .

١٧٤٦ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا تقطعوا على السائل مسألته(٢) فلو لا أن المساكين يكذبون ما أفلح من [ي‍] ردهم ".

١٧٤٧ - وروي عن الوليد بن صبيح قال: " كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فجاء‌ه سائل فأعطاء، ثم جاء‌ه آخر فأعطاء، ثم جاء‌ه آخر فأعطاه، ثم جاء‌ه آخر فقال: وسع الله، عليك ثم قال: إن رجلا لو كان له مال يبلغ ثلاثين أو أربعين ألف درهم ثم شاء أن لا يبقي منها شيئا إلا وضعه في حق لفعل فيبقى لا مال له، فيكون من الثلاثة الذين يرد دعاؤهم قال: قلت: من هم؟ قال: أحدهم رجل كان له مال فأنفقه في [غير](٣) وجهه، ثم قال: يا رب ارزقني، فيقول الرب عزوجل: ألم أرزقك؟ ورجل جلس في بيته ولا يسعى في طلب الرزق ويقول: يا رب ارزقني، فيقول الرب عزوجل ألم أجعل لك سبيلا إلى طلب الرزق، ورجل له أمرأة تؤذيه فيقول: يا رب خلصني منها فيقول الله عزوجل: ألم أجعل أمرها بيدك ".

١٧٤٨ - وقال الصادق عليه السلام في السؤال(٤) : " أطعموا ثلاثة وإن شئتم أن تزدادوا فازدادوا وإلا فقد أديتم حق يومكم ".

١٧٤٩ - وقال عليه السلام: " إذا اعطيتموهم فلقنوهم الدعاء فإنه يستجاب لهم فيكم ولا يستجاب لهم في أنفسهم ".

١٧٥٠ - وقال الصادق عليه السلام: " في الرجل يعطي غيره الدراهم يقسمها، قال: يجري له من الاجر مثل ما يجري للمعطي ولا ينقص من أجره شئ، ولو أن المعروف جرى على سبعين يدا لاوجروا كلهم من غير أن ينقص من أجر صاحبه شئ "(٥) .

___________________________________

(١) أى ولو كان السائل على ظهر فرس أى غنيا غير فقير، أو كنت على ظهر فرس غير متمكن حين السؤال من اعطاء شئ غير الفرس الذى أنت على ظهره. (م ح ق)

(٢) المراد بالقطع على السائل رده.

(٣) لفظة " غير " ليست في كثير من النسخ.

(٤) السؤال كتجار: جمع سائل وهو الفقير.

(٥) رواه الكلينى باختلاف في خبرين مسندين عن أبى نهشل وابن أبى عمير عن جميل.

٦٩

١٧٥١ - وسئل الصادق عليه السلام " أي الصدقة أفضل؟ قال: جهد المقل(١) أما سمعت قول الله عزوجل: " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة " هل ترى ههنا فضلا "(٢) .

١٧٥٢ - وقال علي بن الحسين عليهما السلام: " ضمنت(٣) على ربي عزوجل أن لا يسأل أحد من غير حاجة إلا اضطرته المسألة يوما إلى أن يسأل من حاجة ".

١٧٥٣ - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " اتبعوا قول رسول الله صلى الله عليه وآله إنه قال: من فتح على نفسه باب مسألة فتح الله عليه باب فقر ".

١٧٥٤ - وقال الصادق عليه السلام: " ما من عبد يسأل من غير حاجة فيموت حتى يحوجه الله عزوجل إليها ويكتب له بها النار ".(٤)

١٧٥٥ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إن الله تبارك وتعالى أحب شيئا لنفسه وأبغضه لخلقه، أبغض عزوجل لخلقه المسألة(٥) وأحب لنفسه أن يسأل، وليس شئ أحب إليه من أن يسأل، فلا يستحي أحدكم أن يسأل الله عزوجل من فضله ولو شسع نعل ".(٦)

١٧٥٦ - وقال الصادق عليه السلام: " إياكم وسؤال الناس فإنه ذل الدنيا وفقر تتعجلونه، وحساب طويل يوم القيامة ".

___________________________________

(١) في النهاية " أفضل الصدقة جهد المقل " أى قدر ما يحتمله حال قليل المال.

(٢) أى هل ترى في الاية تقييدا بالفضل عما يحتاجون اليه.

(٣) ذلك على سبيل التهكم وفيه مبالغة في أن السائل بلا حاجة يصير مآله إلى الفقر.

(٤) قوله " ما من عبد " النفى راجع إلى القيد الاخير وهو الموت، أى لا يموت عبد يسائل من غير حاجة حتى يحوجه الله تعالى (مراد) أقول: رواه الكلينى في الكافى ج ٤ ص ١٩ وفيه " يثبت الله له بها النار ".

(٥) يعنى أبغض لهم أن يسألوا وذلك لان مسؤوليتهم تمنع مسؤوليته سبحانه، وهو أحب لنفسه فأبغضها لهم.(الوافى)

(٦) الشسع بكسر المعجمة وسكون المهملة وبكسرهما: قبال النعل وهو زمان بين الاصبع الوسطى والتى تليها.

٧٠

١٧٥٧ - وقال أبوجعفر عليه السلام: " لو يعلم السائل ما في المسألة ما سأل أحد أحدا ولو يعلم المعطي ما في العطية ما رد أحد أحدا ".

١٧٥٨ - و " جاء‌ت فخذ من الانصار(١) إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسلموا عليه فرد عليهم السلام فقالوا: يا رسول الله لنا إليك حاجة، قال: هاتوا حاجتكم، قالوا: إنها حاجة عظيمة قال: هاتوا ما هي؟ قالوا: تضمن لنا على ربك الجنة، فنكس صلى الله عليه وآله رأسه ونكت في الارض(٢) ثم رفع رأسه فقال: أفعل ذلك بكم على أن لا تسألوا أحدا شيئا قال: فكان الرجل منهم يكون في السفر فيسقط سوطه فيكره أن يقول لانسان ناولنيه فرارا من المسألة فينزل فيأخذه، ويكون على المائدة ويكون بعض الجلساء أقرب منه إلى الماء فلا يقول: ناولني حتى يقوم فيشرب ".

١٧٥٩ - وقال عليه السلام: " استغنوا عن الناس ولو بشوص السواك "(٣) .

١٧٦٠ - وقال الصادق عليه السلام: " المن يهدم الصنيعة ".

١٧٦١ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إن الله تبارك وتعالى كره لي ست خصال و كرهتهن للاوصياء من ولدي وأتباعهم من بعدي العبث في الصلاة والرفث في الصوم، والمن بعد الصدقة، وإتيان المساجد جنبا، والتطلع في الدور، والضحك بين القبور ".

١٧٦٢ - وروي عن مسعدة بن صدقة عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام " أن أميرالمؤمنين عليه السلام بعث إلى رجل بخمسة أوساق من تمر البغيبغة(٤) وكان الرجل

___________________________________

(١) رواه الكلينى باسناده عن هشام بن سالم عن أبى بصير ن الصادق عليه السلام (ج ٤ ص ٢١ والفخذ: القبيلة.

(٢) نكت في الارض بقضيبه أى ضرب بها فأثر فيها.

(٣) الشوص بالفتح ثم السكون: الغسل والتنظيف أى استغنوا عن الناس ولو بشوص السواك إى بغسله وتنظيفه. ولا يقل أحد لاحد: اغسل سواكى أو نظفه.

(٤) البغيبغة بباء‌ين موحدتين وغينين معجمتين وفى الوسط ياء مثناة وفى الاخر هاء: ضيعة أو عين بالمدينة كثيرة النخل لال الرسول صلى الله عليه وآله، قال المسهودى في وفاء الوفاء: البغيبغة تصغير البغبغ وهى البئر القريبة الرشا، والبغبغات عيون عملها على بن أبى طالب عليه السلام بينبغ أول ما صارت اليه وتصدق بها وبلغ جذاذها في زمنه ألف وسق ومنها خيف الاراك وخيف ليلى وخيف الطاس.

٧١

ممن يرجو نوافله ويرضى نائله ورفده(١) وكان لا يسأل عليا عليه السلام ولا غيره شيئا، فقال رجل لامير المؤمنين عليه السلام: والله ما سألك فلان شيئا ولقد كان يجزيه من الخمسة الاوساق وسق واحد، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: لاكثر الله في المؤمنين ضربك، أعطي أنا وتبخل أنت به(٢) إذا أنا أعط الذي يرجوني إلا من بعد مسألتي ثم أعطيته بعد المسألة فلم أعطه إلا ثمن ما أخذت منه، وذلك لاني عرضته لان يبذل لي وجهه الذي يعفره في التراب لربي وربه عزوجل عند تعبده له وطلب حوائجه إليه، فمن فعل هذا بأخيه المسلم وقد عرف أنه موضع لصلته ومعروفه فلم يصدق الله عزوجل في دعائه له(٣) حيث يتمنى له الجنة بلسانه ويبخل عليه بالحطام من ماله وذلك أن العبد قد يقول في دعائه: " الله اغفر للمؤمنين والمؤمنات " فإذا دعا له بالمغفرة فقد طلب له الجنة، فما أنصف من فعل هذا بالقول ولم يحققه بالفعل "(٤) .

باب ثواب صلة الامام عليه السلام

١٧٦٣ - سئل الصادق عليه السلام " عن قول الله عزوجل: " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا " قال: نزلت في صلة الامام عليه السلام "(٥) .

___________________________________

(١) النوافل: العطايا، والنائل: العطاء، والرفد بالكسر: الصلة والعطاء.

(٢) " ضربك " أى مثلك، وفى الكافى " أعطى أنا وتبخل أنت، لله أنت ".

(٣) " فلم يصدق الله " من الصدق المتعدى إلى مفعولين.

قال الله تعالى: " لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق " أى أخبره بالحق. (سلطان)

(٤) أى لم يأت بالانصاف والعدل من قال بلسانه انى أطلب له الجنة واحب ذلك ولم يفعل باليد ما يدل على أن ما قال بلسانه كان موافقا لما في قلبه.(مراد)

(٥) رواه الكلينى ج ١ ص ٥٣٨ باسناد عن اسحاق بن عمار عن أبى ابراهيم عليه السلام.

٧٢

١٧٦٤ - وقال عليه السلام: " درهم يوصل به الامام أفضل من ألف ألف درهم ينفق في غيره في سبيل الله عزوجل".(١)

١٧٦٥ - وقال الصادق عليه السلام: " من لم يقدر على صلتنا فليصل صالحي شعيتنا(٢) يكتب له ثواب صلتنا، ومن لم يقدر على زيارتنا فليزر صالحي موالينا يكتب له ثواب زيارتنا ".

كتاب الصوم

باب علة فرض الصيام

٦ ١٧٦ سأل هشام بن الحكم أبا عبدالله عليه السلام " عن علة الصيام فقال: " إنما فرض الله عزوجل الصيام ليستوي به الغني والفقير، وذلك أن الغني لم يكن ليجد مس الجوع فيرحم الفقير لان الغني كلما أراد شيئا قدر عليه فأراد الله عزوجل أن يسوي بين خلقه وأن يذيق الغني مس الجوع والالم ليرق على الضعيف فيرحم الجائع ".

١٧٦٧ - وكتب أبوالحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام إلى محمد بن سنان فيما كتب من جواب مسائله: " علة الصوم لعرفان مس الجوع والعطش ليكون ذليلا مستكينا مأجورا محتسبا صابرا، ويكون ذلك دليلا له على شدائد الآخرة، مع ما فيه من الانكسار له عن الشهوات، واعظا له في العاجل، دليلا على الآجل ليعلم شدة مبلغ ذلك من أهل الفقر والمسكنة في الدنيا والآخرة ".

١٧٦٨ - وكتب حمزة بن محمد إلى أبي محمد عليه السلام " لم فرض الله الصوم؟ فورد في الجواب ليجد الغني مس الجوع فيمن على الفقير ".(٣)

١٧٦٩ - وروي عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام أنه قال: " جاء نفر من

___________________________________

(١) في الكافى ج ١ ص ٥٣٨ وفيه " أفضل من ألفى ألف درهم فيما سواه من وجوه البر ".

(٢) في بعض النسخ وثواب الاعمال ص ١٢٤ " صالحى موالينا ".

(٣) أى يعطى، من عليه أى أنعم واصطنع عنده صنيعة.

٧٣

اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسأله أعلمهم عن مسائل فكان فيما سأله أنه قال له: " لاي شئ فرض الله عزوجل الصوم على امتك بالنهار ثلاثين يوما، وفرض الله على الامم أكثر من ذلك؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: إن آدم عليه السلام لما أكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما ففرض الله على ذريته ثلاثين يوما الجوع والعطش، والذي يأكلونه بالليل تفضل من الله عزوجل عليهم وكذلك كان على آدم عليه السلام، ففرض الله ذلك على امتي، ثم تلا هذه الآية: " كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات " قال اليهودي: صدقت يا محمد، فما جزاء من صامها؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتسابا إلا أوجب الله تبارك وتعالى له سبع خصال، أولها يذوب الحرام في جسده، والثانية يقرب من رحمة الله عزوجل والثالثة يكون قد كفر خطيئة آدم أبيه عليه السلام، والرابعة يهون الله عليه سكرات الموت، والخامسة أمان من الجوع والعطش يوم القيامة، والسادسة يعطيه الله براء‌ة من النار، والسابعة يطعمه الله عزوجل من طيبات الجنة، قال: صدقت يا محمد ".

باب فضل الصيام

١٧٧٠ - قال أبوجعفر عليه السلام: " بني الاسلام على خمسة أشياء: على الصلاة، والزكاة، والحج، والصوم، والولاية"(١)

١٧٧١ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الصوم جنة من النار "(٢) .

١٧٧٢ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الصائم في عبادة وإن كان نائما على فراشه ما

___________________________________

(١) المراد بالولاية معرفة الامام الحق المنصوب من عند الله المنصوص عليه، والتصديق بكونه ولى أمر الامة، مفترض الطاعة كطاعة الرسول صلى الله عليه وآله.

والولاية بالكسر بمعنى تولى الامر ومالكية التصرف فيه.

(٢) رواه الكلينى عن على عن ابيه عن حماد عن حريز عن زرارة.

٧٤

لم يغتب مسلما ".(١)

١٧٧٣ - وقال صلى الله عليه وآله: " قال الله تبارك وتعالى: الصوم لي وأنا أجزي به(٢) ، وللصائم فرحتان حين يفطر وحين يلقى ربه عزوجل(٣) ، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم(٤) عند الله أطيب من ريح المسك ".

١٧٧٤ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لاصحابه: " ألا اخبركم بشئ إن أنتم فعلتموه تباعد الشيطان عنكم كما تباعد المشرق من المغرب؟ قالوا: بلي يا رسول الله، قال: الصوم يسود وجهه، والصدقة تكسر ظهره، والحب في الله عزوجل والمؤازرة على العمل الصالح يقطع دابره، والاستغفار يقطع وتينه(٥) ولكل شئ زكاة وزكاة الابدان الصيام".

١٧٧٥ - وقال الصادق عليه السلام لعلي بن عبدالعزيز: " ألا أخبرك بأصل الاسلام وفرعه وذروته وسنامه؟ قال: بلى، قال: أصله الصلاة، وفرعه الزكاة، وذروته وسنامه الجهاد في سبيل الله عزوجل، ألا أخبرك بابواب الخير؟ الصوم جنة من النار "(٦) .

___________________________________

(١) رواه الكلينى ج ٤ ص ٦٤ باسناده عن عبدالله بن طلحة عن الصادق عليه السلام عن النبى صلى الله عليه وآله، ويدل على جواز النوم للصائم.

(٢) انما خص الصوم بالله من بين سائر العبادات وبأنه جازيه مع اشتراك الكل في ذلك لكونه خالصا له وجزاؤه من عنده خاصة من غير مشاركة أحد فيه لكونه مستورا عن أعين الناس مصونا عن ثنائهم عليه. (الوافى).

(٣) فرحه عند الافطار لاشعاره بان المولى وفقه لغلبة هواه ولعدم تزلزله في اتيان ما كلف به ومجيئه مظفرا من تلك الجهاد، وله فرح آخر وهو عند لقاء جزاء عمله بما فرض الله له.

(٤) الخلوف بضم الخاء المعجمة قبل اللام، والفاء بعد الواو: رائحة الفم، أو الرائحة الكريهة.

(٥) المؤازرة: المعاونة، وقطع الدابر كناية عن الاستيصال، والوتين: عرق في القلب إذا انقطع مات صاحبه. (الوافى)

(٦) أى وقاية وحسن من الوقوع في كل معصية توجب دخول النار. وقال في الوافى: لانه يدفع حر الشهوة والغضب اللتين بهما يصلى نار جهنم في باطن الانسان في الدنيا وتبرز له في الاخرة، كما أن الجنة تدفع عن صاحبها حر الحديد.

٧٥

١٧٧٦ - وقال عليه السلام " في قول الله عزوجل: " واستعينوا بالصبر والصلاة " قال: يعني بالصبر الصوم ".

١٧٧٧ - وقال عليه السلام: " إذا نزلت بالرجل النازلة أو الشدة(١) فليصم فإن الله عزوجل يقول: " واستعينوا بالصبر والصلاة "(٢) .

١٧٧٨ - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " إن الله تبارك وتعالى وكل ملائكة بالدعاء للصائمين وقال: أخبرني جبرئيل عليه السلام عن ربه تعالى ذكره أنه قال: ما أمرت ملائكتي بالدعاء لاحد من خلقي إلا استجبت لهم فيه ".

١٧٧٩ - وقال الصادق عليه السلام: " أوحى الله تبارك وتعالى إلى موسى عليه السلام ما يمنعك من مناجاتي؟ فقال: يا رب اجلك عن المناجاة لخلوف فم الصائم، فأوحى الله عزوجل إليه يا موسى لخلوف فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك ".

١٧٨٠ - وقال الصادق عليه السلام: " للصائم فرحتان: فرحة عند إفطاره وفرحة عند لقاء ربه عزوجل ".

١٧٨١ - وقال عليه السلام: " من صام لله عزوجل يوما في شدة الحر فأصابه ظمأ وكل الله به ألف ملك يمسحون وجهه ويبشرونه حتى إذا أفطر، قال الله عزوجل: ما أطيب ريحك وروحك يا ملائكتي اشهدوا أني قد غفرت له ".

١٧٨٢ - وقال أبوالحسن الاول عليه السلام: " قيلوا(٣) فإن الله عزوجل يطعم الصائم ويسقيه في منامه ".

١٧٨٣ - وقال الصادق عليه السلام: " نوم الصائم عبادة، وصمته تسبيح، وعمله متقبل ودعاؤه مستجاب ".

___________________________________

(١) في الكافى ج ٤ ص ٦٤ " بالرجل النازلة والشديدة الخ ".

(٢) في الكافى " يقول " استعينوا بالصبر " يعنى الصيام ".

(٣) من القيلولة وهى نوم الضحى، أمر من قال يقيل قيلولة بمعنى النوم قبل الظهر.

٧٦

باب وجوه الصوم

١٧٨٤ - روي عن الزهري أنه قال: قال لي علي بن الحسين عليهما السلام يوما: " يا زهري من أين جئت؟ فقلت: من المسجد، قال: ففيم كنتم؟ قلت: تذاكرنا أمر الصوم فأجمع رأيي ورأي أصحابي على أنه ليس من الصوم شئ واجب إلا صوم شهر رمضان، فقال: يا زهري ليس كما قلتم، الصوم على أربعين وجها، فعشرة أوجه منها واجبة كوجوب شهر رمضان، وعشرة أوجه منها صيامهن حرام، وأربعة عشر وجها منها صاحبها فيها بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر، وصوم الاذن على ثلاثة أوجه، وصوم التأديب، وصوم الاباحة، وصوم السفر والمرض، قلت: جعلت فداك فسرهن لي.

قال: فأما الواجب فصيام شهر رمضان، وصيام شهرين متتابعين لمن أفطر يوما من شهر رمضان عمدا متعمدا، وصيام شهرين متتابعين في كفارة الظهار قال الله عزوجل: " والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا(١) ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير * فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا "، وصيام شهرين متتابعين في قتل الخطأ لمن لم يجد العتق واجب لقول الله عزوجل: " ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله(٢) إلى قوله تعالى فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين "، وصيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين واجب لمن لم يجد الاطعام(٣) قال الله عزوجل: " فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم " فكل ذلك متتابع وليس بمتفرق، وصيام أذى حلق

___________________________________

(١) " ثم يعودون " أى يريدون الوطى ونقض قولهم، فعليهم الكفارة " من قبل أن يتماسا " أى يجامعا.

(٢) أى مدفوعة إلى أهل القتيل.

(٣) أى لم يجده مع اختيه من العتق والكسوة، وترك للظهور. (م ت)

٧٧

الرأس واجب قال عزوجل: " فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك "(١) فصاحبها فيها بالخيار فإن صام صام ثلاثا، وصوم دم المتعة(٢) واجب لمن لم يجد الهدي قال الله تعالى: " فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة، وصوم جزاء الصيد واجب قال الله عزوجل: " ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما " ثم قال: أو تدرى كيف يكون عدل ذلك صياما يا زهري؟ قال: قلت: لا أدرى قال: يقوم الصيد قيمة ثم تفض تلك القيمة على البر ثم يكال ذلك البر أصواعا فيصوم لكل نصف صاع يوما، وصوم النذر واجب(٣) ، وصوم الاعتكاف واجب(٤) .

وأما الصوم الحرام: فصوم يوم الفطر، ويوم الاضحى، وثلاثة أيام التشريق(٥) ، وصوم يوم الشك امرنا به ونهينا عنه، امرنا أن نصومه مع شعبان ونهينا عنه أن ينفرد الرجل بصيامه في اليوم الذي يشك فيه الناس(٦) ، فقلت له جعلت فداك فإن لم يكن صام من شعبان شيئا كيف يصنع؟ قال: ينوي ليلة الشك أنه صائم من

___________________________________

(١) جمع نسيكة وهى الذبيحة.

(٢) أى الهدى الواجب في حج التمتع بعد العجز عنه.

(٣) الظاهر أن المراد أعم منه ومن العهد واليمين وسيجئ اطلاقه في الاخبار عليهما ولو تجوزا. (م ت)

(٤) المراد به الوجوب الشرطى بمعنى عدم تحقق الاعتكاف بدون الصوم ولا يجب أن يكون الصوم للاعتكاف فلو كان عليه قضاء رمضان وصامه في اعتكافه صح والمراد وجوب اليوم الثالث والسادس والتاسع وهكذا كل ثالث بعد اعتكافه يومين. (م ت)

(٥) أى لمن كان بمنى، ولا خلاف في حرمة صوم أيام التشريق لمن كان بمنى ناسكا والمشهور التحريم لمن كان فيها وان لم يكن ناسكا.

(٦) الظاهر أن المراد بصيامه أن ينويه من رمضان من بين سائر الناس من غير أن يصح عند الناس أنه منه. (المرآة)

٧٨

شعبان فإن كان من شهر رمضان أجزأ عنه، وإن كان من شعبان لم يضره، فقلت له: وكيف يجزي صوم تطوع عن صوم فريضة؟ فقال: لو أن رجلا صام يوما من شهر رمضان تطوعا وهو لا يدري ولا يعلم أنه من شهر رمضان ثم علم بعد ذلك أجزأ عنه، لان الفرض إنما وقع على اليوم بعينه(١) ، وصوم الوصال حرام، وصوم الصمت حرام(٢) ، وصوم نذر المعصية حرام(٣) ، وصوم الدهر حرام(٤) .

___________________________________

(١) أى أن الفرض أنما وقع على اليوم بعينه سواء نواه بقصد الواجب أو المندوب أو لم يقصدهما كما أنه لو صام يوما من شهر رمضان ندبا لاجزأ عنه إذا كان جاهلا ولو كان نية التعيين شرطا لما أجزأ عنه، أو لان الفرض على اليوم بعينه ونية التعيين واجب مع العلم واما مع الجهل فلا لانه لا ريب أنه لو غفل عن نية التعيين في يوم بعينه ونواه ندبا أجزأ عن رمضان فكذا يوم الشك لانه لا يعلم أنه من رمضان فاذا نواه من شعبان فانكشف أنه كان من رمضان أجزأ عنه والمعتمد قوله عليه السلام لا استدلاله وهذه الاستدلالات كانت لاشكالات العامة. (م ت)

(٢) ذهب الشيخ رحمه الله في النهاية وأكثر الاصحاب إلى أن صوم الوصال هو أن ينوى صوم يوم وليلة إلى السحر، وذهب هو في الاقتصاد وابن ادريس إلى أن معناه أن يصوم يومين مع ليلة بينهما، وانما يحرم تأخير العشاء إلى السحر إذا نوى كونه جزء‌ا من الصوم أما لو أخره الصائم بغير نية فانه لا يحرم فيها، قطع به الاصحاب والاحتياط يقتضى اجتناب ذلك، واما صوم الصمت فهو أن ينوى الصوم ساكتا وقد أجمع الاصحاب على تحريمه. (المرآة)

(٣) هو أن يصوم بنذره على ترك الطاعة أو فعل المعصية شكرا أو عكسهما جزاء. (م ت)

(٤) حرمة صوم الدهر اما لاشتماله على الايام المحرمة ان كان المراد كل السنة، وان كان المراد ما سوى الايام المحرمة فلعله انما يحرم إذا صام على الاعتقاد أنه سنة مؤكدة فانه يقتضى الافتراء على الله تعالى: ويمكن حمله على الكراهة أو التقية لاشتهار الخبر بهذا المضنون بين العامة قال المطرزى في المغرب: وفى الحديث انه عليه السلام " سئل عن صوم الدهر فقال: لا صام ولا أفطر " قيل انما دعا عليه لئلا يعتقد فريضته ولئلا يعجز فيترك الاخلاص أو لئلا يرد صيام السنة كلها فلا يفطر في الايام المنهى عنها انتهى، وقال الجزرى في النهاية في الحديث انه " سئل عمن يصوم الدهر فقال لا صام ولا أفطر " أى لم يصم ولم يفطر كقوله تعالى: " فلا صدق ولا صلى " وهو احباط لاجره على صومه حيث خالف السنة، وقيل: دعاء عليه كراهة لصنيعه. (المرآة)

٧٩

وأما الصوم الذي يكون صاحبه فيه بالخيار(١) فصوم يوم الجمعة، والخميس، والاثنين وصوم البيض(٢) ، وصوم ستة أيام من شوال بعد شهر رمضان(٣) ، وصوم يوم عرفة، ويوم عاشورا كل ذلك صاحبه فيه بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر.

وأما صوم الاذن فإن المرأة لا تصوم تطوعا إلا بإذن زوجها(٤) ، والعبد لا يصوم تطوعا إلا بإذن سيده، والضيف لا يصوم تطوعا إلا بإذن صاحبه، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من نزل على قوم فلا يصومن تطوعا إلا باذنهم ".

وأما صوم التأديب فإنه يؤمر الصبي إذا راهق(٥) بالصوم تأديبا وليس بفرض، وكذلك من أفطر لعلة من أول النهار ثم قوي بعد ذلك امر بالامساك بقية يومه تأديبا وليس بفرض، وكذلك المسافر إذا أكل من أول النهار ثم قدم أهله

___________________________________

(١) معنى كون صاحب الصوم بالخيار أن ليس شئ من الصوم تركه ممنوعا لكنه لابد من كون الفعل راجحا على الترك (مراد) وقال المولى المجلسى رحمه الله: أى يجوز له الافطار بعد الشروع فيه أو لا يجب صومه.

(٢) هو اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر لبياض الليالى فيها مع الايام، أو لابيضاض جسد آدم عليه السلام لصيامها.(م ت)

(٣) استحباب صيامها مشهور بين العامة وروى من طرقهم أن من صامها بعد شهر رمضان فكانما صام الدهر لقوله تعالى " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " ولو صامها بعد يومين أو ثلاثة بعد العيد فهو أفضل لما سيجئ.(م ت)

(٤) المشهور بين الاصحاب بل المتفق عليه بينهم أنه لا يجوز صوم المرأة ندبا مع نهى زوجها عنه والمشهور أيضا عدم الجواز مع عدم الاذن.(المرآة)

(٥) راهق الغلام مراهقة: قارب الاحتلام ولم يحتلم بعد (المصباح المنير) وفى المحكى عن الفاضل الاسترابادى أنه قال: اشتهر بين المتأخرين خلاف من غير فيصل وهو أن عبادات الصبى المميز تمرينية يعنى صورتها صورة الصلاة والصوم مثلا وليست بعبادة، أو عبادة فلو نوى النيابة عن الميت لبرئت ذمة الميت، وجعله عليه السلام صوم الصبى قسيما للصوم الذى صاحبه بالخيار فيه صريح في أن صوم الصبى ليس بعبادة ويؤيد ذلك أن نظائره مطلوبة وليست بصوم بل صورتها صورة الصوم.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

صوتي : يا معشر المسلمين ، ابشروا هذا رسول الله صلوات الله عليه وآله!! ، فأشار إليّ بيده أن انصت.

ومضى رسول الله صلوات الله عليه وآله يلتمس حمزة رضوان الله عليه ، فوجده ببطن الوادي ، فقال ـ حين رآه ـ : أما إنه لو لا أن تحزن صفية(١) ويكون سنة بعدي لتركته حتى يكون(٢) في بطون السباع وحواصل الطير. ثم قال : والله ما وقفت موقفا قط أغيظ لي من هذا الموقف. فهبط جبرائيلعليه‌السلام ، فقال : يا محمد إنه مكتوب في أهل السماوات إن حمزة أسد الله وأسد رسوله. ثم أمر به صلوات الله عليه فسجي ببردة ، ثم صلّى عليه ، فكبر سبع تكبيرات ، ثم أتى بالقتلى يوضعون الى حمزة فيصلي عليه وعليهم حتى صلّى اثنين وسبعين صلاة.

وقيل لرسول الله صلوات الله عليه وآله إن صفية بنت عبد المطلب جاءت لتنظر الى أخيها حمزة. فقال للزبير إيها : ألقها ، فأرجعها لئلا ترى ما صنع بأخيها ، فلقيها ، فقال : يا امة إن رسول الله صلوات الله عليه وآله يأمرك أن ترجعي ، قالت : ولم؟ وقد بلغنى أنه مثّل بأخي وذلك في الله عز وجل فما أرضانا بما كان من ذلك!! لأحتسبن ولأصبرن إن شاء الله. فقال له رسول الله صلوات الله عليه وآله خلّ بينها وبينه. فأتت ، فنظرت إليه ، وصلّت عليه واسترجعت واستغفرت له.

ثم أمر به رسول الله صلوات الله عليه وآله فدفن في مصرعه وأمر بالقتلى كذلك أن يدفنوا في مصارعهم. وقال : أنا أشهد على هؤلاء أنه ما من أحد يجرح في الله إلا والله عز وجل يبعثه يوم القيامة بدم جرحه اللون لون الدم والريح ريح المسك.

__________________

(١) وهي صفية بنت عبد المطلب عمة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . كما سيأتي.

(٢) وفي النسخة الألمانية : حتى يكون أو يحشره من بطون السباع.

٢٨١

ثم انصرف صلوات الله عليه وآله راجعا الى المدينة ، وانصرف الناس معه فلما دخل المدينة مرّ على دور الأنصار وهم يبكون قتلاهم ، فذرفت عيناه صلوات الله عليه وآله ، فبكى ، ثم قال : لكن حمزة لا بواكي له. فأمر الأنصار نساءهم أن يبكين عليه(١) ، ففعلن ، فخرج رسول الله صلوات الله عليه وآله وهن يبكين حمزة على باب المسجد فقال : ارجعن رحمكن الله ، فقد آسيتن(٢) بأنفسكن ، ونهاهن عن النوح ( وقال : كل نادبة كاذبة إلا نادبة حمزة )(٣) .

فلما دخل رسول الله صلوات الله عليه وآله(٤) منزله تلقته فاطمة صلوات الله عليها ، فدفع إليها سيفه ، وقال لها : اغسلي يا بنية عن هذا دمه ، فلقد صدقني اليوم ، وناولها علي صلوات الله عليه ذا الفقار ، وكان رسول الله صلوات الله عليه وآله أعطاه إياه ذلك اليوم. وقال لها مثل ذلك.

وقيل إن عليا صلوات الله عليه لما أبلى ذلك اليوم وأثخن بالقتل في المشركين نادى مناد يسمعونه ولا يعرفونه : لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي(٥) . ثم قال رسول الله صلوات الله عليه وآله لعلي صلوات الله عليه إنه لا يصيب المشركون منّا مثلها حتى يفتح الله علينا.

__________________

(١) قال ابن هشام في السيرة ٣ / ٤٢ فلما رجع سعد بن معاذ وأسيد بن حضير الى دار بني عبد الأشهل أمر نساءهم أن يتحزمن ثم يذهبن فيبكين على عم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

(٢) آسيتن : عاونتن.

(٣) هذه الزيادة لم تكن في الاصل ونسخة ب وهي من النسخة الألمانية.

(٤) هكذا في نسخة ـ ب ـ.

(٥) وقد قيل ان النداء كان يوم بدر ، والله أعلم.

٢٨٢

[ غزوة حمراء الأسد ]

فلما كان من الغد ـ يوم الأحد ـ أذّن مؤذن رسول الله صلوات الله عليه وآله في الناس أن يخرجوا لطلب العدو وأن لا يخرج منهم إلا من خرج بالأمس ، ( وإنما خرج رسول الله صلوات الله عليه ـ فيما قيل ـ مرهبا للعدو وليبلغهم أنه قد خرج في طلبهم )(١) ليظنوا به قوة والذي أصابهم لم يوهنهم وليعلموا طاعة الناس له ، فخرج ، وخرجوا معه من غد يوم الإثنين حتى انتهى إلى حمراء الأسد(٢) ـ وهي من المدينة على ثمانية أميال ـ فأقام بها الاثنين والثلاثاء والأربعاء.

ومرّ به معبد بن أبي معبد الخزاعي ـ وكانت خزاعة مسلمهم ومشركهم عيينة نصح لرسول الله صلوات الله عليه وآله بتهامة ، لا يخفون عنه شيئا بها ، ومعبد يومئذ مشرك ـ فقال : يا محمد ، والله لقد عزّ علينا ما أصابك في أصحابك ، ولوددنا أن الله عز وجل عافاك فيهم ، ثم مضى يريد مكة ورسول الله بحمراء الأسد. فلقي أبا سفيان ومن معه بالروحاء(٣) وقد اجتمعوا للرجوع الى

__________________

(١) ما بين القوسين ـ ما عدى ما ذكرناه من النسخة الآلمانية ـ سقط من نسخة الأصل ـ أ ـ وموجودة في نسخة ـ ب ـ.

(٢) وفي نسخة الأصل ـ أ ـ حمر الاسمد.

(٣) الروحاء بالفتح ثم السكون والحاء المهملة ، قال المجد : موضع من عمل الفرع على نحو أربعين ميلا من المدينة. ( وفاء الوفاء ص ١٢٢٢ ).

٢٨٣

رسول الله صلوات الله عليه وآله وأصحابه ، وذلك أنهم اجتمعوا هنالك ، وقالوا : والله ما صنعنا شيئا أصبنا جلّ القوم وقادتهم وأشرافهم ثم نرجع قبل أن نستأصلهم(١) .

فلما رأى أبو سفيان معبدا قال له : ما وراءك يا معبد؟؟ قال : محمد خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثله قط يتحرقون عليكم تحرقا وقد اجتمع معه من كان تخلف عنه في يومكم ذلك ، وندموا على ما صنعوا ، وبهم من الحنق عليكم شيء لم أر مثله قط.

قال : ويلك ما تقول؟؟ قال : والله ما أرى أن ترحل حتى نرى نواصي الخيل. قال : فو الله لقد أجمعنا الكرّة عليهم حتى نستأصل بقيتهم. قال : فاني أنهاك عن ذلك فو الله لقد حملني ما رأيت [ منهم ] أن قلت أبياتا أردت أن أبعث بها إليك ثم جئت بنفسي. قال : وما قلت؟؟ قال :

كادت تهدّ من الأصوات راحلتي

إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل

تردى بأسد كرام لا تنابلة

عند اللقاء ولا ميل معازيل

[ ضبط الغريب ]

الأبابيل : القطع ، تردى : تجرى ، التنابلة : القصّار ، المعازيل : الذين لا سلاح معهم

فظلت عدوا أظن الأرض مائلة

لما سمعوا برئيس غير مخذول

وقلت : ويل ابن حرب من لقائكم

إذا تغطمطت البطحاء بالجيل

إني نذير لأهل الحزم ضاحية

لكل ذي إربة منهم ومعقول

__________________

(١) وفي النسخة الألمانية : نستأصل شأفتهم.

٢٨٤

من جيش أحمد لا احصي تنابلة

وليس يوصف ما أنذرت بالقبل(١)

فساء ذلك أبا سفيان ومن معه ، وقال لهم صفوان بن أميّة بن خلف : إن القوم قد حزبوا ـ أي غضبوا ـ وقد خشيت إن عاودتموهم أن يكون لهم قتال غير الذي كان ، وقد أصبتم ما أصبتم فارجعوا! ، فرجعوا.

ولقى أبو سفيان ركبا من عبد القيس يريدون المدينة يمتارون(٢) منها. فقال : هل تبلغون عني محمدا رسالة وأنا أحمل لكم أجمالكم إذا انصرفتم زبيبا [ بعكاظ ]؟؟ قالوا : نعم. قال : تخبروه إنا أزمعنا الرجوع إليه والى أصحابه لنستأصل شافتهم ، فمروا برسول الله صلوات الله عليه وآله وهو بحمراء الأسد ، فقالوا ذلك. فقال رسول الله صلوات الله عليه وآله : والذي نفسي بيده لقد سومت لهم حجارة لو صبحوا بها لكانوا كالأمس الذاهب. وانصرف الى المدينة.

فهذه جملة مما ذكره أصحاب المغازي ـ ابن إسحاق وابن هشام(٣) والواقدي(٤) ، وقد ذكرت فيها ما جاء من مقام علي صلوات الله عليه في يوم احد ومقام حمزة عمهعليه‌السلام وما أكرمه الله عز وجل به ( من الشهادة في ذلك المقام الأعظم والموقف الأكرم )(٥) ، ونذكر بعد ذلك ما جاء من ذلك وغيره نبذا كما شرطت ، وقد ذكرت بعض ذلك فيما تقدم.

[٢٨٠] ومن ذلك في رواية ثانية مما رواه أحمد بن علي بن سهل البغدادي

__________________

(١) الجرد : العتاق من الخيل. الميل : الذين لا رماح معهم. تغطمطت : اهتزت. الجيل : الصنف من الناس. أهل الحزم : قريش. الضاحية : الظاهرة للشمس. الاربة : العقل.

(٢) أي يمتنعون.

(٣) في السيرة النبوية ج ٣ من ص ١٤ الى ص ٩٢.

(٤) في كتاب المغازي ج ١ من ص ١٩٩ الى ص ٣٤٠.

(٥) ما بين القوسين زيادة في النسخة الألمانية.

٢٨٥

بإسناده عن أبي رافع (ره) أنه قال : لما كان يوم أحد ـ وكان من أمر الناس ما كان ـ جاء علي بن أبي طالب صلوات الله عليه فوقف بين يدي رسول الله صلوات الله عليه وآله. فقال له رسول الله صلوات الله عليه وآله : اذهب يا علي!!. فقال : يا رسول الله ، إلى أين أذهب؟ وأدعك؟؟ ـ فهو على ذلك إذ نظر الى كتيبة مقبلة ـ فقال له رسول الله : فاحمل على هذه الكتيبة ، فحمل عليها ، فقتل فيها هشام بن أميّة المخزومي ، وكشفها.

ثم أقبلت كتيبة ثانية. فقال : احمل على هذه ، فحمل عليها ، فقتل عمر بن عبد الله الحجمي ، وكشفها.

ثم مرت كتيبة ثالثه. فقال : احمل على هذه ، فحمل عليها ، فقتل فيها شيبة بن مالك أخا بني عامر بن لؤي.

فقال جبرائيل للنبيّ صلوات الله عليه وآله : يا محمّد ( الرب يقرؤك السلام ويقول لك : )(١) إن هذه للمواساة. فقال رسول الله صلوات الله عليه وآله : إنه مني وأنا منه.

قال جبرائيلعليه‌السلام : وأنا منكما.

__________________

(١) ما بين القوسين زيادة في النسخة الألمانية.

٢٨٦

[ غزوة الخندق ]

ثم كان بعد ذلك يوم الخندق فمما جاء منه فيهعليه‌السلام .

[٢٨١] ما رواه محمد بن سلام بإسناده عنه صلوات الله عليه فيما ذكره مما امتحنه الله عز وجل في حياة رسوله صلوات الله عليه وآله ، فقال :

وأما الخامسة(١) فإن العرب اجتمعت وعقدت بينها عقدا ألاّ ترجع عنا حتى تقتل رسول الله صلوات الله عليه وآله وتقتلنا معه معشر بني عبد المطلب لما استجاشها أبو سفيان وأقبل بها وبكافة قريش ، فأتى جبرائيل الى النبيّ صلوات الله عليه وآله ، فأخبره بالخبر.

وأمره بالخندق! فخندق على نفسه وعلى من معه من المهاجرين والأنصار خندقا.

وأقبلت قريش وسائر العرب حتى أناخوا علينا بالمدينة موقنين في أنفسهم بالظفر ، فنزلوا على الخندق ، وفارس العرب يومئذ عمرو بن عبد ودّ يهدر كالبعير المغتلم على فرسه يدعو الى البراز ويرتجز ، ويخطر برمحه مرة ، وبسيفه مرة ، لا يتقدم عليه منا متقدم ولا يطمع فيه منا طامع لا حمية تهيجه ولا بصيرة تشجعه.

__________________

(١) وفي الاختصاص للمفيد ص ١٦٠ والخصال للصدوق ٢ / ٣٦٨ : واما الرابعة.

٢٨٧

فأنهضني إليه رسول الله صلوات الله عليه وآله ، فعمّمني ببردة بيده ، وأعطاني سيفه هذا ـ واومي الى ذي الفقار ـ فخرجت أمشي ونساء المدينة ورجالها بواك إشفاقا عليّ من عمرو بن عبد ودّ ، فقتلته! ، والعرب لا تعدل به فارسا غيره ، وضربني هذه الضربة ـ وأومأ بيده الى هامته ، ووضع يده على الضربة(١) ـ ، وهزم الله المشركين.

وهذا يوم الاحزاب الذي ذكر الله عز وجل في كتابه فيه ما ذكر من قوله : «إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ، وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا » (٢) الى ما ذكر عز وجل في سورة الأحزاب.

وكان سبب الأحزاب ـ وهم الذين تحزبوا على رسول الله صلوات الله عليه وآله من قبائل العرب فيما حكاه ، ورواه أهل السير من العامة ، إنه كان بالمدينة وما حولها كثير من اليهود ، وهم أهل نعم وأموال وذوي رئاسة وأصحاب حصون اطام ، وكانوا أهل كتاب ، وغيرهم من العرب على عبادة الأوثان والتكذيب بالبعث والجزاء في الآخرة بالثواب والعقاب إلا أنهم مع ذلك مقرون بأن الله عز وجل ربهم وخالقهم ، ويزعمون إنهم يتقربون إليه بعبادة ما نصبوه من الأوثان.

فلما صار رسول الله صلوات الله عليه وآله إلى المدينة ، وأسلم أهلها وأكرمهم الله عز وجل بنبيه وفضلهم بدينه حسدهم اليهود على ذلك لأنهم كانوا يرون قبل ذلك أنهم أهل الكتاب ودين وإنهم بذلك أفضل منهم ، فكذبوا رسول الله صلوات الله عليه وآله وجحدوه وهم يجدونه

__________________

(١) ما بين الشارحتين زيادة في النسخة الألمانية.

(٢) الأحزاب : ١٠.

٢٨٨

مكتوبا عندهم كما أخبر الله سبحانه بذلك في كتابه(١) فدخل على أكثر العرب الشك من أمرهم ، وقالوا هؤلاء أهل الكتاب ، فلو كان محمد رسول الله كما زعم لعرفوه.

وكان رسول الله صلوات الله عليه وآله يجهد نفسه في دعاء اليهود ، وأنزل الله سبحانه كثيرا من القرآن في ذلك(٢) فمنّ الله عز وجل الاسلام

__________________

(١) الأعراف : ١٥٧ :( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ ) الآية.

(٢) استقصيت الآيات النازلة في اليهود نذكرها حسب العناوين.

أ ـ بنو إسرائيل :

سورة البقرة ٤٠ / ٥٤ / ٦٣ / ١٢٢ ، وسورة المائدة ٢٢ ، وسورة الأعراف ١٣٦ / ١٥٩ / ١٦٠ ، وسورة يونس ٩٣ ، وسورة إبراهيم ٦ ، وسورة طه ٨٠ ، وسورة القصص ٤ / ٦ ، وسورة الدخان ٣٠ / ٣٣ ، وسورة الجاثية ١٥.

ب ـ معاندتهم وتكذبيهم وقتلهم الأنبياء :

سورة البقرة ٥٩ / ٦١ / ٦٥ / ٧٥ / ٨٥ / ٩٩ / ١١٩ / ١٤٠ / ١٤٥ / ٢١١ / ٢٤٦. وسورة آل عمران ١٩ / ٢٣ / ١١٠ / ١٨١ ، وسورة النساء ٥٠ / ٥٩ / ٦٥ / ١٥٢ / ١٥٩ ، وسورة المائدة ٢٣ / ٣٥ / ٤٤ / ٦٢ / ٧٣ / ١١٣ ، وسورة الأعراف ١٦٠ ، وسورة الجاثية ١٦ ، وسورة الصف ٥.

ج ـ تحريفهم لكلام الله :

سورة البقرة ٧٥ ، سورة النساء ٤٥ ، سورة المائدة ١٤ / ٤٤ ، وسورة الأنعام ٩١.

د ـ أخذ الميثاق عليهم وإلقاء العداوة بينهم :

سورة البقرة ٦٣ / ٨٣ / ٩٣ ، سورة آل عمران ١٨٧ ، سورة النساء ١٥٣ ، سورة المائدة ١٣ / ٦٧ / ٧٣.

هـ ـ شدة حرصهم على الحياة :

سورة البقرة ٩٤ ، سورة الجمعة ٦.

و ـ عداوتهم لله والملائكة والمؤمنين :

سورة البقرة ٩٧ ، سورة المائدة ٨٥.

ز ـ غرورهم وأمانيهم :

سورة البقرة ١١١ / ١٣٥ ، سورة آل عمران ٢٤ / ٧٥ ، سورة النساء ١٢٢ ، سورة المائدة ٢٠ ، سورة

٢٨٩

على كثير منهم فأسلموا. ونصب العداوة والبغضاء لرسول الله صلوات الله عليه وآله أكثرهم وبغوه الغوائل وأعملوا فيه الحيل ، فأوقع ببغضهم ووادعه آخرون منهم. إذ خافوه ، وهم على ذلك يعتقدون له المكروه.

فلما كان من أمر أحد ما كان رأوا أنها كانت فرصة ، وأن الذين أتوه من المشركين لو أقاموا على المدينة وعلى حرب لرسول الله صلوات الله عليه وآله لظفروا به وبأهلها ، وكان في ذلك راحتهم منه ، وندموا إذ لم يعينوا المشركين عليه وأرسلوا الى أبي سفيان بذلك ، ووعدوه أن ينصروه وأن يكونوا بجماعتهم معه ، فأصاب بذلك فرصة ، وقال لهم : أنتم أهل كتاب ، والعرب تركن الى ما تقولون من تكذيب محمد ، فلو حاجوهم وجوهكم واستفزوهم(١) وقرروا تكذيبه وما جاء به من الباطل عندهم

__________________

النحل ٦٢.

ح ـ عدم رضاهم عمّن لم يتبع ملّتهم :

سورة البقرة ١٢٠.

ط ـ أقوالهم وجرأتهم على الله والأنبياء :

سورة المائدة ٦٧ ، وسورة التوبة ٣١.

ي ـ ما حرم عليهم ببغيهم :

سورة الأنعام ١٤٦.

ك ـ قضاء الله إليهم إنهم سيفسدون مرتين :

سورة الاسراء ٤.

ل ـ جزاؤهم لو آمنوا :

سورة البقرة ١٠٣ ، سورة آل عمران ١١٠ ، سورة النساء ٤٥ / ٦٣ / ٦٥ ، سورة المائدة ١٣ / ٦٨.

م ـ أصحاب السبت :

سورة البقرة ٦٥ سورة النساء ٤٦.

(١) وفي الاصل : استنفزوهم.

٢٩٠

لنفروا إليه بجماعتهم ، ففعلوا.

ومضى وجوههم وساداتهم حتى وصلوا الى مكة واجتمع إليهم أهلها فذكروا ذلك لهم فقال لهم أهل مكة : أنتم معشر يهود أهل كتاب ومحمد يدعو الى مثل ما أنتم عليه ، ونحن على ما تعلمون ، نسألكم بالله أيّنا أهدى سبيلا نحن أم محمد؟؟ فقالوا : بل أنتم. ففيهم أنزل الله عز وجل فيما قالوا : «وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً » (١) . هذا كما ذكرنا فيما تقدم يجري فيهم وفيمن قال مثل قولهم.

فلما سمع أهل مكة ذلك ووعدهم القيام والنصرة وثقوا بذلك واشتد عزمهم ومشوا معهم على قبائل العرب بمثل ذلك ، فأجابتهم غطفان من قيس بن غيلان ومن خفّ من سائر العرب ، واتعدوا(٢) على أن يرجعوا بأجمعهم الى المدينة فلا يبرحوا منها حتى يقتلوا رسول الله صلوات الله عليه وآله ومن فيها وتعاقدوا على ذلك واجتمعوا فيه.

وكان أبو سفيان رئيس قريش ومن كان من أهل مكة من حلفائهم وقائدهم وخرج بهم. وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن ابن حذيفة بن بدر من بني فزارة(٣) ، والحارث بن عوف بن أبي حارثة المزني في بني مرة ، ومسفر بن دخيلة بن نميرة فيمن تابعه من قومه من أشجع واجتمع الجميع في عدد عظيم وعدة وقوة عتيدة(٤) .

__________________

(١)( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ ) ( النساء : ٥١ ).

(٢) اي : اجمعوا.

(٣) واسم عيينة حذيفة ، وسمّي : عيينة لشتر كان بعينه وهو الذي قال فيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأحمق المطاع لانه كان من الجرارين تتبعه عشرة آلاف قناة.

(٤) عتيدة : قاهرة.

٢٩١

وانتهى أمرهم الى رسول الله صلوات الله عليه وآله فأمر بحفر الخندق على المدينة وما والاها مما يحتاج الى حياطته والتفسح فيه ، فبادر المسلمون الى ذلك ، وكان من بعضهم فيه تقصير فعمل فيه رسول الله صلوات الله عليه وآله بيده ، وكان علي صلوات الله عليه وشيعته أكثر الناس عناء ، وفيه عملا ، وكان في ذلك من الأخبار ما يطول ذكره. فلم تأت جموع الأحزاب إلا بعد أن فرغ رسول الله صلوات الله عليه وآله منه فأناخوا حول المدينة من كل جانب وخرج إليهم اليهود وبعض من كان منهم قد حالف رسول الله صلوات الله عليه وآله حلفه ـ وهم بنو قريظة ـ وصاروا مع الأحزاب إلبا على رسول الله صلوات الله عليه وآله ، فارجف المنافقون من أهل المدينة لذلك.

وأمر رسول الله صلوات الله عليه وآله المسلمين بالثبات في مكانهم ولزوم خندقهم وبادخال النساء والولدان والضعفاء من الرجال في أطام المدينة وحصونها لتسكن أنفسهم ووعدهم نصر الله عز وجل إياهم.

ونظر المشركون الى الخندق فتهيّبوا القدوم عليه ولم يكونوا قبل ذلك رأوا مثله ، وقالوا إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تعرفها ، فجعلوا يدورون حوله بعساكرهم وخيلهم ورجلهم ويدعون المسلمين ألا هلمّ للقتال والمبارزة ، فلا يجيبهم أحد الى ذلك ولا يرد عليهم فيه شيئا ولزموا مواضعهم كما أمرهم رسول الله صلوات الله عليه وآله قد عسكروا في الخندق وأظهروا العدة ولبسوا السلاح ووقفوا في مواقفهم وتهيّب المشركون أن يلجوا الخندق عليهم.

فلما طال ذلك بهم ونفذت أكثر أزوادهم(١) اجتمعوا وندبوا من

__________________

(١) وفي الأصل : أزدادهم.

٢٩٢

ينتدب منهم الى اقتحام الخندق على رسول الله صلوات الله عليه وآله ، فانتدب لذلك عمرو بن عبد ودّ وكان أشد من فيهم وأنجدهم يعرف له ذلك جميعهم ، وكان عمرو بن عبد ودّ قد شهد بدرا مع المشركين واثخن جراحة ونجي بنفسه فيمن نجا ولم يشهد احدا فأراد أن يبين بنفسه من قريش من أبطالهم بما يفعله فتعلّم بعلامة ليشهر نفسه وجاء فيمن قصده من بين قريش من أبطالهم ورجالهم.

وكان ذلك بعد أن أقاموا شهرا لم يكن بينهم قتال إلا نضح بالنبل ورمي بالحجارة من وراء الخندق ، فجاء القوم الى الخندق ، فمشوا حوله ، حتى أتوا الى موضع ضيق منه ، فأقحموا خيلهم فيه ، فدخلوا ، ووقف الجميع من وراء الخندق ينتظرون ما يكون منهم ، وثبت الناس في معسكرهم حسبما أمرهم به رسول الله صلوات الله عليه وآله ولما تداخلهم من الخوف وما عاينوه من الجموع.

وقد أرسل رسول الله صلوات الله عليه وآله الى عيينة بن حصن ، فبذل له ثلث ثمرة المدينة في ذلك العام على أن يرجع عنه بغطفان لما رآه من جزع المسلمين وفساد المنافقين وما تخوّفه من أن يكون المكروه ، ولان المسلمين قد صاروا الى حيث وصفهم الله عز وجل في كتابه بقوله : «إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا. هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً. وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً » (١) . فلم ينعقد بين رسول الله صلوات الله عليه وآله وبين عيينة بن حصن في ذلك عقد ، وسمعت به الأنصار وجالت أكثر

__________________

(١) الاحزاب : ١٠.

٢٩٣

القلوب ، قال الله عز وجل : «وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِراراً. وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها » (١) وتسلّل عن رسول الله صلوات الله عليه وآله أكثر أهل المدينة ، فدخلوا بيوتهم كالملقين بأيديهم.

فاقتحم عمرو بن عبد ودّ وأصحابه(٢) الخندق على المسلمين ـ وهم على هذه الحال ـ فلما نظر رسول الله صلوات الله عليه وآله الى ذلك وأن خيلهم جالت بهم في السبخة بين الخندق وسلع(٣) وقربوا من مناخ رسول الله صلوات الله عليه وآله تخوّف أن يمدهم سائر المشركين فيقتحموا الخندق فدعى عليا صلوات الله عليه. فقال : يا علي ، امض بمن خفّ معك من المسلمين فخذ عليهم الثغرة التي اقتحموا منها فمن قاتلكم عليها فاقتلوه.

فمضى علي صلوات الله عليه في نفر جمعوا معه يريدون الثغرة ، وقد كان المشركون هموا أن يلحوها فلما رأوهم ـ وهم أقل من الذين اقتحموها منهم ـ توقفوا لينظروا ما يكون من أمر أصحابهم معهم وعطف عليهم عمرو بن عبد ودّ بمن كان معه تعتو بهم خيلهم حتى قربوا منهم.

فنادى علي صلوات الله عليه عمرو بن عبد ودّ ، فأجابه فقال له علي صلوات الله عليه : إنه بلغني إنك كنت عاهدت الله أن لا يدعوك أحد الى

__________________

(١) الاحزاب : ١٣.

(٢) وهم : عكرمة بن أبي جهل وهبيرة بن أبي وهب المخزومي وضرار بن أبي الخطاب ومرداس الفهري ( المغازي ١ / ٤٧٠ ).

(٣) السخة من الارض : ما يعلوه الملوحة ولا ينبت إلا بعض الاشياء. والسلع ـ بالفتح ثم السكون آخره عين مهملة جبل معروف بالمدينة.

٢٩٤

إحدى خلّتين إلا أجبت الى احداهما(١) .

قال : نعم ، يا ابن أخي ، فما تريد بذلك ـ وكان عمرو بن عبد ودّ مؤالفا لأبي طالب ـ.

قال : فاني أدعوك الى خلّتين.

قال : وما هما؟؟

قال : أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.

قال عمرو : وما لي بهذه من حاجة.

قال : فإني أدعوك الى البراز.

قال : يا ابن أخي والله ما أحب أن أقتلك! ، وقد كان بيني وبين أبيك من المودة ما قد علمت.

فقال له علي صلوات الله عليه : فاني والله يا عمرو أحب أن أقتلك على ذلك إذ قد أبيت ما دعوتك إليه ـ فغضب عمرو من قوله ـ.

ونزل عن فرسه ، ثم عقره ، وضرب وجهه ، واخترط سيفه ـ وقد حمي ـ وتقدم الى علي صلوات الله عليه.

ووقف رسول الله صلوات الله عليه وآله والمسلمون معه ، ووقف المشركون من وراء الخندق ينظرون ما يكون منهما.

ورفع رسول الله صلوات الله عليه وآله يده الى السماء يدعو الله عز وجل لعلي

__________________

(١) وفي الارشاد للمفيد ص ٥٤ : فلما انتهى أمير المؤمنينعليه‌السلام إليه ، فقال له : يا عمرو إنك كنت في الجاهلية تقول لا يدعوني أحد الى ثلاث واللات والعزى إلا قبلتها أو واحدة منها؟ قال : أجل.

قال : فاني أدعوك الى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمّدا رسول الله وأن تسلم لرب العالمين. قال : يا ابن الأخ أخر هذه عني. فقال له أمير المؤمنين : أما أنها خير لك لو أخذتها. ثم قال : فهاهنا اخرى. قال :

وما هي؟ قال : ترجع من حيث جئت. قال : لا نحدّث نساء قريش بهذا أبدا. قال : فهاهنا اخرى! قال : وما هي؟ قال : تنزل فتقاتلني.

٢٩٥

بالظفر. فتجاولا ساعة ، ثم اختلفا ضربتين ، فضرب عمرو عليا على أم رأسه وعليه البيضة فقدها وأثر السيف في هامته ، وضربه علي صلوات الله عليه فوق طوق الدرع ، فرمى برأسه ، وثارت بينهما لذلك عجاجة فما انكشفت إلا وهم يرون عليا صلوات الله عليه يمسح سيفه على ثياب عمرو ـ وقد خرّ صريعا ـ.

ثم حمل وأصحابه على أصحاب عمرو ، فولّوا بين أيديهم هاربين عن الثغرة التي اقتحموها حتى خرجوا وانكشف المشركون عن الخندق وعلموا أن لا حيلة لهم فيه ، وألقى عكرمة بن أبي جهل رمحه وهو منهزم في الخندق إذ أثقله ـ وكان ممن كان مع عمرو بن عبد ودّ ـ وكبّر المسلمون وفرحوا وزال عنهم أكثر الخوف الذي كان بهم.

وانصرف علي صلوات الله عليه الى رسول الله صلوات الله عليه وآله ، وهو يقول :

نصر الحجارة من سفاهة رأيه

ونصرت ربّ محمد بصواب

فصددت حين تركته متجدلا

كالجذع بين دكادك وروابي

وعففت عن أثوابه ولو إنني

كنت المصرع(١) بزني أثوابي

لا تحسبن الله خاذل دينه

وبنيه يا معشر الأحزاب

وقال حسان بن ثابت لعكرمة بن أبي جهل في إلقائه رمحه من الخوف وهروبه :

ففرّ وألقى لنا رمحه

لعلّك عكرم لم تفعل

وولّيت تعدو كعدو الظليم

ما إن تجوز عن المعدل

ولم تلو(٢) ظهرك مستأنسا

كأن قفاك قفا فرعل

__________________

(١) وفي السيرة لابن هشام ٣ / ١٣٤ : كنت المقطر بزني.

(٢) وفي السيرة أيضا ٣ / ١٣٤ : ولم تلق.

٢٩٦

[ ضبط الغريب ]

الفرغل : الصغير من الضباع(١) .

فلما كان من علي صلوات الله عليه ما كان ، وفتح به على المسلمين ما فتحه قويت قلوبهم ، وعلموا أن المشركين قد يئسوا من أن يلجوا الخندق عليهم ، ووقع اليأس والخوف في المشركين ، ونفدت أزوادهم ، واختلفت آراؤهم في المقام والانصراف.

[ نعيم بن مسعود ]

وأتى رسول الله صلوات الله عليه وآله نعيم بن مسعود بن عامر ـ رجل من غطفان ممن كان مع المشركين ـ فقال : يا رسول الله إني قد أسلمت ولم يعلم قومي بإسلامي ، فقد جئت إليك ، فأمرني بما شئت.

فقال له رسول الله صلوات الله عليه وآله : إنما أنت فينا رجل واحد ، فما عسى أن تغني عنا ، ولكن انصرف الى قومك واخذلهم(٢) عنا ما استطعت فإن الحرب خدعة.

فمضى على ذلك ، وكان نديما لبني قريظة ، فأتاهم كالزائر لهم ، فرحبوا به ووقروه ، فلما خلا بهم قال : قد عرفتم مودتي لكم ، وقد جئت إليكم ناصحا إن قبلتم مني.

قالوا : جزاك الله خيرا ، ما نتهمك بل نحن ممن نثق بمودتك ونقبل نصيحتك ، فقل ما أردت!

__________________

(١) والحجارة : الانصاب التي كانت تعبدها قريش. الدكادك : الرمال الليّنة. الظليم : ولد النعام.

(٢) وفي نسخة ـ ب ـ واحذرهم.

٢٩٧

قال : إنكم قد فعلتم فعلا لم تحسنوا النظر فيه لأنفسكم ، نقضتم حلف محمد وصرتم مع قريش وغطفان ، ولستم كمثلهم ، إن قريشا وغطفان إنما جاءوا لحرب محمد وأصحابه على ظهور دوابهم فإن أصابوا منه ما أرادوا وإلا انصرفوا عنه ، وتركوكم معه ، وأنتم تعلمون أنه لا طاقة لكم به وبأصحابه إن خلا بكم ، وقد تداخل أصحابنا الفشل والاختلاف وطال مقامهم وخفت أزوادهم ، وكان من أمر ابن عبد ودّ وأصحابه ما قد عرفتم وإنما كان المعتمد عليهم والنظر الى ما يكون منهم عند اقتحامهم الخندق ، فإذا قد كان من ذلك ما كان فقد تداخل اليأس قلوب الناس واكثر ما يقيمون أياما قليلة فإن رأوا فرصة أصابوها ، وإن كان غير ذلك لحقوا ببلادهم وتركوكم!! قالوا : لقد صدقت ونصحت فيما قلت ، فجزاك الله خيرا. فما الحيلة بعد هذا؟؟

قال : الحيلة ألا تقاتلوا مع القوم حتى تأخذوا منهم رهائن من أشرافهم يكونون بأيديكم ثقة لكم أن لا ينصرفوا عنكم ويدعوكم.

قالوا : لقد أشرت بالرأي ، فأحسن الله عنا جزاك.

ثم أتى عيينة بن حصن وأبا سفيان ، فقال : إن بني قريظة بيني وبينهم ما قد علمتم ، وقد بتّ عندهم فاطلعت منهم على سرّ خشيت منه علينا!.

قالوا : وما هو؟؟

قال : إن القوم قد ندموا على ما نقضوا من حلف محمد لما رأوا مقامنا ولم نصنع شيئا ، ونظروا الى ما كان من أمر عمرو بن عبد ودّ وأصحابه ، وخافوا أن ننصرف عنهم فيطؤهم محمد ، فأرسلوا إليه يرغبون في سلمه ويذكرون ندامتهم على ما كان منهم. وقالوا : نحن نرضيك بأن نأخذ من القبيلتين رجالا من أشرافهم ، فنسلّمهم إليك ، فتضرب أعناقهم أو تفعل فيهم ما رأيت ، ثم نكون معك على من بقي منهم ، فإياكما أن يخدعكما يهود أو أن يظفروا بأحد منكم.

٢٩٨

فأرسل أبو سفيان وعيينة إليهم عكرمة بن أبي جهل في نفر من قريش وغطفان يستخبرونهم ذلك(١) ويدعونهم الى القتال معهم ويقولون إنا لسنا بدار مقام وقد هلك الخفّ والحافر ونفذ الزاد وأبى محمد وأصحابه إلا لزوما لخندقهم ، وأنتم أعلم بعورة الموضع ، فاخرجوا إلينا بجماعتهم لنناجز محمدا وأصحابه ، ونقتحم عليهم الخندق بجماعتنا.

فلما جاء القوم بني قريظة بذلك قالوا : قد كنا مع محمد على حلف ولم نكن نرى منه إلا خيرا. ونقضنا ما كان بيننا وبينه ونحن نخشى ونخاف أن ضرستكم(٢) الحرب أن تشمروا الى بلادكم وتتركونا والرجل في بلادنا ، ولا طاقة لنا به ، فلسنا بالذي نقاتل معكم حتى تعطونا رهائن من وجوه رجالكم يكونون بأيدينا ثقة لنا حتى نناجز محمدا.

فلما انصرف بذلك القوم الى أبي سفيان وعيينة علما أن الأمر ما قاله نعيم بن مسعود ، وأبوا أن يدفعوا إليهم أحدا.

وقالت بنو قريظة هذا مصداق قول نعيم بن مسعود ولزموا معاقلهم ، واستوحش بعض القوم من بعض وتنافرت قلوبهم ولم يجد الأحزاب إلا الرحيل الى بلادهم ، فرحلوا ، وافترقوا.

وانصرف رسول الله صلوات الله عليه وآله على بني قريظة ، فقتلهم وسبى ذراريهم ، وكان ذلك بصنع الله لرسوله صلوات الله عليه وآله وللمسلمين وبما أجراه الله على يدي وليه علي صلوات الله عليه وكان مقامه ذلك من أشهر المقامات وأفضلها.

[٢٨٢] أبو هارون العبدي عن ربيعة السعدي ، قال : أتيت حذيفة بن

__________________

(١) هكذا في نسخة ـ ب ـ وفي الأصل : يبحثون ذلك.

(٢) هكذا في نسخة ـ ب ـ وفي الأصل : سنرنبتكم.

٢٩٩

اليماني ، فقلت : يا أبا عبد الله إنا لنحدّث عن علي صلوات الله عليه ومناقبه ، فيقول لنا أهل البصرة : إنكم تفرطون في علي صلوات الله عليه ، فهل أنت محدّثي بحديث في علي صلوات الله عليه؟ قال :

فقال لي حذيفة : يا ربيعة ، ما تسألني عن رجل ـ والذي نفسي بيده ـ لو وضع جميع أعمال أصحاب محمد صلوات الله عليه وآله في كفة ميزان ووضع عمل علي صلوات الله عليه في الكفة الاخرى لرجح عمله على أعمالهم. فقال ربيعة : وأبو بكر وعمر؟ قال : نعم. فقلت : هذا الذي لا يقام له ولا يقعد ولا يحمل له. قال : فقال لي حذيفة : يا لكع ، وكيف لا يحمل؟؟ وأين كان أبو بكر وعمر ثكلتك امك وجميع أصحاب محمّد صلوات الله عليه وآله يوم عمرو بن عبد ودّ حين نادى للمبارزة ، فأحجم الناس كلهم ما خلا علي بن أبي طالبعليه‌السلام . فقتله الله على يده ( وفرق جميع ـ الأحزاب بسببه ـ والذي نفسي )(١) بيده لعمله في ذلك اليوم أعظم أجرا من جميع أعمال أمة محمّد صلوات الله عليه وآله الى يوم القيامة.

__________________

(١) هذه الزيادة ـ ما بين القوسين ـ من نسخة ـ ب ـ.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502