شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار الجزء ١

شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار7%

شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 502

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 502 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 194284 / تحميل: 10416
الحجم الحجم الحجم
شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار

شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

على مثالهما. وأسرعت في قتل من خالفها(١) من المسلمين وتتابعت الأخبار بفعلهم ، فخرجت حتى قطعت إليهم دجلة(٢) اوجّه إليهم السفراء والنصحاء وأطلب إليهم العتبى بجهدي(٣) بهذا مرة ، وبهذا مرة ، وبهذا مرة ، وبهذا مرة ـ وأومأ بيده الى الأشتر والأحنف بن قيس ، وسعيد بن قيس [ الأرحبي ] والأشعث [ بن قيس ] الكندي.

فلما أبوا إلا تلك ركبتها منهم ، فقتلهم الله عز وجل عن آخرهم ـ وهم أربعة آلاف أو يزيدون ـ حتى لم يبق منهم مخبر. ثم استخرجت ذا الثدية من قتلاهم بحضرة من ترون له ثدي كثدي المرأة(٤) .

فهذه سبع مواطن ، امتحنت فيها بعد رسول الله صلوات الله عليه وآله ، وبقيت الاخرى واوشك بها أن تكون.

قالوا : يا أمير المؤمنين وما هذه الاخرى؟؟

قال : أن تخضب هذه ـ وأشار إلى لحيته ـ من هذه ـ وأومأ الى هامته عليه الصلاة السلام ـ.

فارتفعت أصوات الناس بالبكاء ، والضجيج في المسجد ـ الجامع بالكوفة ـ حتى لم يبق بالكوفة دار إلا خرج أهلها فزعا من الضجيج.

[ تنبيه ]

ولعل من قصر فهمه ، وقلّ عقله إذا سمع ما في هذا الباب من رغبة علي

__________________

(١) وفي الأصل : خالفهما.

(٢) اسم نهر في العراق.

(٣) وفي الأصل : كهدي. والعتبي : الرجوع عن الإساءة الى المسيرة.

(٤) وقد أورد المؤلّف في الجزء الخامس روايات عديدة حول ذي الثدية.

٣٦١

صلوات الله عليه في أمر الإمامة(١) ، واحتجاجه على من دفعه عن ذلك يتوهم أن ذلك منه رغبة في الدنيا ، وقد علم الخاص والعام بلا اختلاف منهم : زهده كان عليه الصلاة والسلام فيما قبل أن يلي الأمر ، ومن بعد أن وليه.

وإنما كان ذلك منه لأن الإمامة قد عقدها له رسول الله صلوات الله عليه وآله بأمر الله جلّ ذكره ، كما ذكرت في غير موضع من هذا الكتاب ، وهي(٢) فضيلة من الله عزّ وجلّ لمن أقامه لها ، فليس ينبغي لمن آثره الله عزّ وجلّ بها واختصّه بفضلها رفضها ولا دفعها ولا التخلّف عنها ، كما لا ينبغي مثل ذلك أن يفعله من آثره الله عزّ وجلّ بفضل النبوة من أنبيائه ، وقد قاموا بذلك صلوات الله عليهم أجمعين مغتبطين بذلك راغبين فيه ، وجاهدوا عليه وبذلوا أنفسهم دونه.

وليس سبيله في ذلك عليه الصلاة والسلام سبيل من لم يعهد إليه رسول الله صلوات الله عليه وآله فيه ولا أمره به ولا أقامه له. والحجة في هذا وفي تحكيم الحكمين وقتال من قاتله تخرج عن حدّ هذا الكتاب ، وقد ذكرنا ذلك في غيره.

__________________

(١) وفي الأصل : أمر الامّة.

(٢) وفي الأصل : فيه.

٣٦٢

[ من منابع الاختلاف ]

فهذه جملة اختصار ذكر من حاربه صلوات الله عليه ، وكيف تصرّف به الحال بعد النبي صلوات الله عليه وآله. وفي جملة ما حكاهعليه‌السلام من هذا القول الذي ذكرناه ، وقع الاختلاف بين الامّة بعد النبيّ صلوات الله عليه وآله.

[ يوم السقيفة ]

وكان أول اختلاف كان في الامة بعد رسول الله صلوات الله عليه وآله ما جرى بين المهاجرين والأنصار يوم السقيفة ، إذ أراد الأنصار أن يقيموا منهم أميرا ، فخالفهم من جاءهم من المهاجرين.

فقالت الأنصار : فيكون منا أمير ومنكم أمير.

فاحتجوا عليهم بأن النبيّ صلوات الله عليه وآله قال : الإمامة في قريش. فسلّم الأنصار لهم ذلك خلا سعد بن عبادة.

وانقطعت دعوى الأنصار أن تكون مخصوصة بالإمامة دون غيرها! ( خلا سعد بن عبادة ورجال من أفناء العرب إذ لم يعلم ممن هو )(١) وتابع قولها قوم ،

__________________

(١) وما بين الهلالين لم يكن في نسخة ـ ب ـ.

٣٦٣

فزعموا أن الإمام يكون من أفناء الناس.

وفارقت الشيعة الجماعة الذين اجتمعوا على بيعة أبي بكر ، فأنكرت بيعة أبي بكر. وقالوا : الإمام بعد رسول الله صلوات الله عليه وآله علي عليه الصلاة والسّلام. وبقي الاختلاف في ذلك الى اليوم.

والحجة في إمامة علي صلوات الله عليه يخرج عن حدّ هذا الكتاب ، وتقطع مما قصدت(١) إليه ، وقد بسطت ذلك في كتاب الإمامة.

[ مقتل ابن النويرة وأصحابه ]

ثم انفرد أبو بكر بقتال أهل الردة عنده ، وهم الذين منعوه زكاة أموالهم ، وخالفه سائر الناس في ذلك ، فاصرّ عليه ، وقال : لو منعوني عقالا لقاتلتهم عليه ، فتابعه قوم ، وبقي على خلافه جماعة منهم.

والاختلاف في ذلك باق الى اليوم.

ومن الناس من يرى أن قتالهم وفتنتهم كان صوابا.

ومنهم من يرى أن ذلك كان خطاء وظلما.

[ مقتل ابن عفان ]

ثم اختلفوا في أمر عثمان.

فرأى قوم قتله ، فقتلوه. ونصره قوم ، ولم يروا قتله ، وقعد عن نصرته ، وعن القيام عليه آخرون. فهذا الاختلاف في أمره باق الى اليوم(٢) .

ومن الناس من يرى أن القيام عليه لما أحدث ما أحدثه كان حقا و

__________________

(١) وفي الأصل : انقطع عن قصدته. وما نقلته من نسخة ـ ب ـ.

(٢) من : ثم اختلفوا باق الى اليوم لم يكن في نسخة ـ ب ـ.

٣٦٤

صوابا ، وقتله لما امتنع كذلك كان حقا وصوابا.

ومن الناس من أنكر القيام عليه ، ورأى أنه قتل مظلوما.

ومن الناس من يرى الإعراض عن ذلك وترك القول فيه هو الصواب والحق.

[ خلافة أمير المؤمنينعليه‌السلام ]

ثم بايع عليا صلوات الله عليه عامة المهاجرين والأنصار واتفق الناس عليه خلا من شذّ ومن تخلّف عنه للتقية على نفسه مثل معاوية بن أبي سفيان ونظرائه(١) والامّة [ ذلك ] اليوم مجمعون على استخلافه عليه الصلاة والسلام.

ثم افترقت عنه الخوارج بعد تحكيم الحكمين ، فزعموا أن إمامته سقطت من يومئذ ، وهم الى اليوم على ذلك ، والحجة عليهم تخرج أيضا عن حدّ هذا الكتاب وقد أفردت كتابا في الردّ عليهم ، فمن آثر النظر في ذلك وجده فيه.

فأما خروج عائشة وطلحة والزبير وخلافهم على علي صلوات الله عليه ، فقد انقطع ذلك الخلاف ولا أعلم أحدا تابعهم عليه.

فأما خلاف معاوية على علي صلوات الله عليه فقد تعلّقت به بنو اميّة ـ أعني المتوثبين منهم على الإمامة وأتباعهم ـ فهم على ذلك الى اليوم يتولّونه ويزعمون أنه كان مصيبا في خلافه ، والحجة على هؤلاء مذكورة في كتاب الإمامة الذي قدمت ذكره فمن آثر علم ذلك وجده فيه.

[ نتائج الاختلاف ]

ثم هذه الفرق التي ذكرناها تتشعب ويحدث في أهلها الاختلاف الى

__________________

(١) أمثال عبد الله بن عمر وسعد بن أبي وقاص ومروان بن الحكم.

٣٦٥

اليوم.

وأصلها ست فرق :

شيعة.

وعامة.

وخوارج(١) .

ومعتزلة(٢) .

ومرجئة(٣) .

وحشوية.

[ الشيعة ]

فالشيعة : هم شيعة علي صلوات الله عليه القائلون بإمامته.

وهم أقدم الفرق ، وأصلها الذي تفرعت عنه ، ورسول الله صلوات الله

__________________

(١) وقد تعرض المؤلّف الى هذه الفرق وردها في ارجوزته من ص ٣٨ ـ ص ٩٢.

(٢) وهم الذين اعتزلوا عن علي وامتنعوا من محاربته والمحاربة معه بعد دخولهم في بيعته والرضا به ، وقالوا : لا يحلّ قتال علي ولا القتال معه.

(٣) وهم الذين تولّوا المختلفين جميعا ( معاوية وطلحة والزبير وعائشة ) وزعموا أن أهل القبلة كلهم مؤمنون بإقرارهم الظاهر بالإيمان ورجوا لهم جميعا المغفرة.

وهم أربع فرق :

١ ـ الجهمية : أصحاب جهم بن صفوان وهم مرجئة أهل خراسان.

٢ ـ الغيلانية : أصحاب غيلان بن مروان وهم مرجئة أهل الشام.

٣ ـ الماصرية : أصحاب عمرو بن قيس الماصر وهم مرجئة أهل العراق ومنهم « أبو حنيفة ».

٤ ـ الشكاك والبترية وهم أصحاب الحديث منهم سفيان بن سعيد الثوري وابن أبي ليلي. وهم الحشوية ، ومن أقوالهم : على الناس أن يجتهدوا آراءهم في نصب الإمام ، وجميع حوادث الدين والدنيا الى اجتهاد الرأي. وأنكره بعضهم.

٣٦٦

عليه وآله سماها بهذا الاسم. وقال : شيعة علي هم الفائزون. وقال لعليعليه‌السلام : أنت وشيعتك. في آثار كثيرة رويت عنه.

وسنذكر في هذا الكتاب ما يجري ذكره إن شاء الله تعالى. وغير ذلك من الفرق محدثة احدثت بعد النبيّ صلوات الله عليه وآله.

[ أهل السنّة والجماعة ]

والذي تعلّق العامّة به من قولهم : إنهم أهل السنّة والجماعة ، وإن النبي صلوات الله عليه وآله ذكر السنّة والجماعة وفضلهما(١) .

فالسنّة سنّة رسول الله صلوات الله عليه وآله لا يتهيأ لأحد أن يقول : إنها سنّة غيره. والجماعة الذين عناهم رسول الله صلوات الله عليه وآله بالفضل هم المجتمعون.

على القول بكتاب الله جلّ ذكره وسنّة رسوله الله صلوات الله عليه وآله ، « فأما من قال في دين الله والحلال والحرام والقضايا والأحكام برأيه وبقياسه واستحسانه وبغير ذلك مما هو من ذات نفسه ، فليس من أهل السنّة »(٢) ولا من الجماعة التي أثنى عليها رسول الله صلوات الله عليه وآله ، وقد سئل صلوات الله عليه وآله عن السنّة والجماعة لمّا ذكرهما : ما هما؟. فقال : ما أنا عليه وأصحابي. وذلك أن أصحابه كانوا متّفقين عليه غير مختلفين ولا قائلين بشيء إلا بما جاء عن الله سبحانه وعن رسوله صلوات الله عليه وآله. فأهل السنّة والجماعة من كان على مثل ذلك متديّنا بإمامة إمام زمانه صلوات الله عليه يأخذ عنه ويطيعه كما أمر(٣) الله جلّ ذكره. والقول في مثل هذا والحجة فيه

__________________

(١) فجملة « ان النبي ذكر السنّة والجماعة » لم تكن في الأصل بل في نسخة ـ ب ـ.

(٢) ما بين الهلالين من نسخة ـ ب ـ.

(٣) وفي نسخة ـ ب ـ أخبر

٣٦٧

تطول وتتسع.

ولما ذكرنا في هذا الباب الذي رسمناه بذكر ـ حرب علي صلوات الله عليه من فارقه ـ جملة قوله في حروبه. رأينا بعد ذلك أن نذكر نكتا مما جاءت به الأخبار في ذلك والآثار كما شرطنا أن نذكر مثل ذلك في كل باب.

٣٦٨

[ خطبة علي عليه السلام بعد بيعته ]

[٣١٦] فمن ذلك ما روي عن علي صلوات الله عليه أنه خطب الناس بعد أن بايعوه بيومين بالخطبة التي رمز فيها بامثال ذكرها.

وهي ؛ أنه عليه الصلاة والسلام : حمد الله عزّ وجلّ وأثنى عليه بما هو أهله وصلّى على النبي صلوات الله عليه وآله ، وذكر فضله وما خصّه الله عزّ وجلّ به ، ثم قال :

أيها الناس اوصيكم بتقوى الله فإنها نجاة لأهلها في الدنيا وفوز لهم في معادهم في الآخرة ، وخير ما تواصى به العباد ، وأقربه من رضوان الله وخير الفوائد عند الله ، وبتقوى الله بلغ الصالحون الخير ، ونالوا الفضيلة وحلوا الجنة وكرموا على الله خالقهم جلّ وعز ، بتقواهم الذي به أمرهم.

ثم احذروا عباد الله من الله ما حذركم من نفسه ، واعملوا بما أمركم الله بالعمل به مجاهدين لأنفسكم فيه ، واضربوا عما حذركم منه ، وتناهوا عنه ، فإنه من يعمل لغير الله يكله الى من عمل له ، ومن يعمل لله بطاعته يتولّى الله أمره ، وإن الله لم يخلقكم عبثا ولم يدع شيئا من أمركم سدى ، وقد سمى آجالكم وكتب آثاركم ، فلا تغرنكم الحياة الدنيا فإنها غرارة لأهلها مغرور من اغترّ بها والى الفناء ما هي ، « وإن الدار الآخرة لهى الحيوان لو كانوا يعلمون ». نسأل الله منازل الشهداء ومرافقة

٣٦٩

الأنبياء ، ومعيشة السعداء ، فإنما نحن به وله.

أما بعد ذلكم ، فإنه لما قبض رسول الله صلوات الله عليه وآله استخلف الناس أبا بكر ، وقد استخلف أبو بكر عمر ، ثم جعلها عمر شورى بين ستة من قريش أنا أحدهم ، فدار الأمر لعثمان ، وعمل ما قد عرفتم وأنكرتم ، وقد حصره المهاجرون والأنصار ، وإنما أنا رجل واحد من المهاجرين لي ما لهم وعليّ ما عليهم ، ألا وقد فتح الباب بينكم وبين أهل القبلة ، ولا يحمل هذا الأمر ولا يضطلع به إلا أهل الصبر والبصيرة(١) بمواضع الحق ، ألا إني حاملكم على منهاج نبيكمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما استقمتم عليه ، وركنتم إليه ، وماض لما امرت به ، والله المستعان.

أيها الناس ، موضعي من رسول الله صلوات الله عليه وآله بعد وفاته لموضعي منه في حياته ، ألا وإنه لم(٢) يهلك قوم ولّوا أمرهم أهل بيت نبيهم ـ أهل العلم والصفوة ـ ، ألا وإن مواريث الأنبياء عندي مجتمعة فاسألوني ( واسألوا واسللوا )(٣) فو الذي فلق الحبة وبرأ النسمة لئن سألتموني عن العلم المخزون ، وعن علم ما يكون ، وعن علم ما لا تعلمون لأخبرتكم بذلك مما أعلمنيه النبي الصادق عن الروح الأمين عن ربّ العالمين.

أيها الناس ، امضوا لما تؤمرون به وقفوا عند ما تنهون عنه ولا تعجلوا في أمر تنكرونه حتّى تسألونا عنه ، فإن عندنا لكل ما تحبون أمرا ، وفي كل ما تكرهون عذرا.

__________________

(١) وفي نسخة ـ ب ـ : والنظر بدل البصيرة.

(٢) وفي الاصل : لن.

(٣) ما بين الهلالين من نسخة ـ ب ـ.

٣٧٠

أيها الناس ، إن أول من بغى في الأرض ، فقتله الله لبغيه : عناق بنت آدمعليه‌السلام ، خلق الله لها عشرين إصبعا ، طول كل اصبع منها ذراعان وفي كل اصبع منها ظفران محددان(١) طويلان معقفان. وكان موضع مجلسها في الأرض جريبا(٢) [ فبغت في الأرض ثمانين سنة ] ، فلما بغت في الأرض خلق الله لها أسدا كالفيل ونسرا كالبعير وذئبا كالحمار [ فسلّطهم عليها فمزقوها ، فقتلوها ](٣) وأكلوها وأراح الله منها. [ ثم قتل الله الجبابرة في زمانها ] وقد قتل الله فرعون وهامان وخسف بقارون(٤) ثم قد عادت بليّتكم مثلها مذ قبض الله نبيكم صلوات الله عليه وآله.

ايم الله لتغربلن غربلة ثم لتبلبلن بلبلة ولتساطن كما يساط القدر(٥) حتى يصير أعاليكم أسافلكم وأسافلكم أعاليكم ، وليسبقن قوم قوما قد كانوا سبقوا(٦) ، أما والله ما انتحلت وصمة(٧) ولا كذبت كلمة(٨) . ألا وإن الخطايا خيل شمس حمل عليها أهلها. [ وخلعت لجمها ] ،

__________________

(١) وفي الاصل : مجردان. وأيضا : طويلان معممان.

(٢) الجريب وحدة مساحية تساوي ستين ذراعا مربعا.

(٣) هذه الزيادة في اثبات الوصية للمسعودي ص ١٢٦.

(٤) وقد أضاف المسعودي في نقله ما يلي : وخسف بقارون وقد قتل عثمان وكان حق لي حازه من لم آمنه عليه ، ولم أشركه فيه ، فهو منه على شفا حفرة من النار لا يستنقذه منها إلا نبي مرسل يتوب على يديه ، ولا نبي بعد محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

(٥) لتبلبلن : لتخلطن ، لتغربلن : لتميزن. لتساطن : من السوط : وهو أن تجعل شيئين في الاناء وتضربهما بيديك حتى يختلط. سوط القدر : أي كما يختلط الابزار في القدر عند غليانه.

(٦) وقد نقل الشريف الرضي في نهج البلاغة الخطبة ١٦ مقاطع من هذه الخطبة [ التي نقلها المؤلّف ] باختلاف يسير مثلا هذه الجملة : وليسبقن سابقون كانوا قصروا وليقصرن سباقون كانوا سبقوا.

(٧) اي عيب.

(٨) وفي النهج : ولا كذبت كذبة ولقد نبئت بهذا المقام وهذا اليوم.

٣٧١

فاقتحمت بهم نار جهنم(١) . ألا وإن التقوى مطايا ذلل(٢) حمل عليها أهلها وأمكنوا من أزمتها ، فسارت بهم رويدا حتى أتوا ظلا ظليلا ، فتحدثوا فيه وتسألوا وفتحت لهم أبواب الجنة وظلل عليهم ظلها وروحها ووجدوا طيبها وقيل لهم ادخلوها بسلام آمنين.

أيها الناس إنه حقّ وباطل ولكلّ أهل ، فلئن قام الباطل فقديما ما فعل ، ولئن قام الحق فلربما ولعل ، ولقلما أدبر شيء فأقبل!(٣) ولقد خشيت أن تكونوا في فترة [ من الزمن ](٤) وما عليّ إلا الجهد وكانت امور مضت ملتم فيها عليّ ، ميلة واحدة كنتم عندي فيها غير محمودي الرأي ، أما إني لو شئت أن أقول لقلت : عفى الله عما سلف. سبق الرجلان ، وقام الثالث كالغراب همّه(٥) بطنه ، يا ويحه لو قصّ ريشه وقطع جناحاه(٦) شغل عن الجنة ، والنار أمامه. ثلاثة واثنان ليس لهم سادس ، ساع مجتهد ، وطالب يرجو(٧) ، ومقصر في النار ، وملك يطير بجناحيه ، ونبيّ أخذ الله ميثاقه ، هلك من ادعى ، وخاب من افترى ، اليمين والشمال مضلّتان(٨) ، [ والوسطى ] والطريق المثلى المنهج ، عليه تأويل

__________________

(١) خيل شمس : منع ظهره أن يركب. لجمها : عنان الدابة. فاقتحمت بهم نار جهنم : اردته فيها.

(٢) الذلل : جمع ذلول وهي الطائعة ، وأمكنوا من ازمتها : تغلّبوا على المصاعب والشدائد.

(٣) وقد أضاف الشريف الرضي في النهج ص ٥٥ هذه الجمل عقيب ما سبق : شغل من الجنة والنار أمامه ساع سريع نجا وطالب بطىء رجا ومقصر في النار هوى. اليمين والشمال مضلة.

(٤) إثبات الوصية للمسعودي ص ١٢٦. اي زمان الانقطاع عن الحجة.

(٥) وفي إثبات الوصية : همته.

(٦) وفي الإرشاد للمفيد ص ١٢٨ : ويله لو قصّ جناحاه وقطع رأسه لكان خيرا له.

(٧) وفي الإرشاد : شغل من الجنة والنار أمامه ساع مجتهد وطالب يرجو ومقصر في النار ثلاثة واثنان.

(٨) العمال خمسة :

٣٧٢

الكتاب [ والسنّة ](١) وآثار النبوة.

أيها الناس إن الله جلّ وعلا أدّب هذه الامّة بالسوط والسيف ـ ليس عند الإمام فيهما هوادة لأحد(٢) ، فاستتروا في بيوتكم ، وأصلحوا ذات بينكم ، فالموت من ورائكم والتوبة أمامكم(٣) ومن أبدى صفحته للحقّ هلك.

ألا وكل قطيعة أقطعها عثمان أو مال أعطاه من مال الله ، فهو مردود على المسلمين في بيت مالهم ، فإن الحق قديم لا يبطله شيء ، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو وجدته قد تزوج به النساء واشتري به الإماء وتفرق في البلدان لرددته على حاله فإن في الحقّ والعدل لكم سعة ، ومن ضاق به العدل فالجور به أضيق.

أقول ما تسمعون ، وأستغفر الله لي ولكم.

وكانت هذه الخطبة مما سرّ به وسكن إليه المؤمنون المخلصون ، وأهل الحق والبصائر. واستوحش منه المنافقون والذين في قلوبهم مرض ، وكل من تطاعم الاثرة أو كان في يده شيء منها لما تواعد به علي صلوات الله عليه من استرجاع ذلك من أيديهم ، وردّه الى بيت مال المسلمين ،

__________________

١ ـ ساع في مرضاة الله مجتهد في إتيان أوامر الله.

٢ ـ وطالب عند الله يرجو الفوز والفلاح ـ فهو على سبيل النجاة ـ.

٣ ـ ومقصر فيما يقربه الى الله مفرط في نيل الشهوات فهو في النار.

٤ ـ وطائر طار الى رضوان الله بجناحيه.

٥ ـ ونبي أخذ الله بيده الى مراضيه.

ولا سادس لهم.

(١) هكذا في الإرشاد للمفيد.

(٢) اي رخصة لأحد.

(٣) وفي إثبات الوصية ص ١٢٦ : فإن التوبة من ورائكم.

٣٧٣

وتداخل قلوبهم لذلك بغضه عليه الصلاة والسلام واعتقدوا القيام عليه إن وجدوا سبيلا الى ذلك.

فلما قام طلحة والزبير انضوى إليهما من هذه حاله وصاروا معهما ، وكان سبب خروجها عليه صلوات الله عليه.

[٣١٧] فيما رواه محمد بن سلام ، بإسناده ، عن أبي رافع : أن عليا صلوات الله عليه لما افضي الأمر إليه بدأ ببيت المال فحصل جميع ما فيه ، وأمر [ أن ] يقسم ذلك على المسلمين بالسواء على مثل ما كان رسول الله صلوات الله عليه وآله يقسم ما اجتمع عنده من فيئهم ما يجب قسمته فيهم وكانوا بعد ذلك قد عوّدهم الذين ولّوا الأمر الاثرة والتفضيل لبعضهم على بعض.

فأمر علي صلوات الله عليه ـ من أقامه لقسمة ذلك(١) ـ أن يسوي بين الناس فيه ، وأن يعزلوا من ذلك سهما كسهم أحدهم(٢) ، ففعلوا.

وخرج الى ضيعته(٣) فأتاه طلحة والزبير ، وهو قائم في الشمس على أجير يعمل له في ضيعته. فسلّما عليه ، وقالا : أترى أن تميل معنا إلى الظل؟؟ ففعل. فقالا : إنا أتينا الذين أمرتهم بقسمة هذا المال بين الناس ، ومع كل واحد منا ابنه ، فأعطونا مثل الذي أعطوا أبناءنا وسائر الناس ، وقد كان من مضى من قبلك يفضلنا لسابقتنا وقرابتنا وجهادنا ، فإن رأيت أن تأمر لنا بما كان غيرك يأمر لنا به ، فافعل.

فقال لهما علي صلوات الله عليه : أنتما أسبق الى الإسلام أم أنا؟ قالا : بل أنت. قال : فأنتما أقرب إلى رسول الله صلوات الله عليه وآله أم أنا؟

__________________

(١) وفي الاختصاص ص ١٥٢ : ولّى أمير المؤمنين عمار بن ياسر بيت مال المدينة.

(٢) وكان سهم كل واحد ثلاثة دنانير.

(٣) قال ابن دأب : وكان بئر ينبع سميت بئر الملك وفيها ضيعته.

٣٧٤

قالا : بل أنت ، قال : فجهاد كما أكثر أم جهادي؟؟ قالا : جهادك ، قال : فو الله ما أمرت أن يعزل لي من هذا المال إلا كما يصيب هذا الأجير منه ـ وأومأ بيده الى الأجير الذي يعمل بين يديه ـ على ما عهدت وعهدتما رسول الله صلوات الله عليه وآله يقسم مثل ذلك ، وسنّته أحق أن تتبع من أن يتبع من خالفها بعده.

فسكتا ساعة ، ثم قالا : لم نأت لهذا ولكنه شيء ذكرناه ، ولكنا أردنا العمرة ، فأتيناك نستأذنك في الخروج إليها.

وكانت عائشة قد خرجت من مكة ولم تصل بعد الى المدينة ، فأرادا لقاءها لما كان من أمرهما وأمرها.

فقال لهما علي صلوات الله عليه : اذهبا فما العمرة أردتما ، ولقد انبئت بأمركما ، وما يكون منكما. فخرجا ، ولقيا عائشة وكان من أمرهم ما قد كان.

٣٧٥

حرب الجمل

[٣١٨] الدغشي بإسناده ، عن أبي بشير العائدي(١) ، قال : كنت بالمدينة حين قتل عثمان ، فاجتمع المهاجرون والأنصار وفيهم طلحة والزبير ، فأتوا عليا صلوات الله عليه ، فقالوا : يا أبا الحسن ، هلمّ لنبايعك!

فقال : لا حاجة لي في أمركم أنا معكم فمن اخترتم فقدموه.

فقالوا : ما نختار غيرك!. فأبى عليهم(٢)

فاختلفوا إليه في ذلك بعد قتل عثمان مرارا(٣) ، ثم أتوا في آخر ذلك.

فقالوا إنه لا يصلح الناس إلا بإمرة ، وقد طال هذا الأمر ولسنا نختار غيرك ، ولا بدّ لنا منك ، وإن أنت لم تقبل ذلك خفنا أن ينخرق في الإسلام خرق ، إن بقى الناس لا ناظر فيهم فالله الله في ذلك!! فقال علي صلوات الله عليه : أنا أقول لكم قولا ، فإن قبلتموه قبلت

__________________

(١) العائدي من نسخة ب ولم يكن في الأصل. وفي مناقب الخوارزمي ص ١١١ : الشيباني.

(٢) واضاف في الدعائم ١ / ٣٨٤ : فمضيا وهو يتلو ـ وهما يسمعان ـ : « فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما ».

(٣) وفي المناقب للخوارزمي : فاختلفوا إليه أربعين ليلة.

٣٧٦

منكم(١) .

قالوا : قل ما شئت فمقبول منك.

فجاء حتى صعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبي صلوات الله عليه وآله.

ثم قال : أما بعد ، فقد طال تردادكم إليّ فيما أردتموه مني وكرهت امركم ، فأبيتم عليّ إلا ما أردتم مني ، وقد علمت ما سبق فيكم فإن كنت أتولّى أمركم عليّ العدل فيكم والتسوية بينكم وإن تكون مفاتيح بيت مالكم معي ليس لي منه إلا مثل ما لأحدكم ولا لغيري إلا ذلك تولّيت أمركم.

قالوا : نعم.

قال : أرضيتم ذلك؟؟

قالوا : رضينا.

قال : اللهمّ اشهد عليهم.

ثم نزل صلوات الله عليه ، فبايعهم على ذلك.

قال أبو بشير : وأنا يومئذ عند منبر رسول الله صلوات الله عليه وآله أسمع ما يقول.

[٣١٩] وبآخر عن زيد بن صوحان ، إنه كان متوجها الى المدينة من مكة ، فلقيه الخبر في الطريق : إن عثمان قد قتل وإن الناس قد بايعوا عليا صلوات الله عليه. فبكى.

فقيل له : يا أبا سلمان ما يبكيك عليه ، فو الله ما كنت تحبه؟؟

فقال : ما عليه أبكي ، ولكني أبكي لما وقعت فيه هذا الامّة.

__________________

(١) وفي نسخة ـ ب ـ : أمركم.

٣٧٧

ثم دخل المسجد ، فصلّى ركعتين. ثم دخل على أزواج النبيّ صلوات الله عليه وآله امرأة امرأة ، يقول لكل واحدة منهن : إن هذا الرجل قد بويع ـ يعني عليا صلوات الله عليه ـ فما ترين في بيعته؟؟ فتقول : بايعت.

فيقول : اللهمّ اشهد عليها ، حتى فعل ذلك بهن كلّهن.

فأظن هذا ـ والله أعلم ـ قد سمع قول النبيّ صلوات الله عليه وآله أن إحدى أزواجه تقاتله وهي له ظالمة ، وأراد أن يتوثق منهن.

[٣٢٠] وبآخر ، عبلة بنت طارق. قالت : كنت جالسة عند امرأة تعالج الصبيان في صدى ، فإذا نحن براكب قد أشرف علينا ، فجاء حتى انتهى الى باب الدار ، ثم دخل ، فجاء المرأة ـ التي كنا عندها ـ فأكبّ عليها ، فإذا ابنها. فقالت : يا بني ما فعل الناس؟؟

قال : ما عندي من علم إلا أني كنت بمكة ، فقدم طلحة والزبير على عائشة ، وتجهزوا إلى البصرة.

قال : فقلت : زوجة رسول الله صلوات الله عليه وآله وحواري(١) رسول الله ـ يعني الزبير ـ والله لأموتن مع هؤلاء أو لأحيين معهم. حتى انتهيت الى ماء. قالت عائشة : ما هذا الماء؟ قيل لها : الحفير. قالت : ردّوني ، فقد نهاني رسول الله صلوات الله عليه وآله أن أكون مع الركب(٢) الواردين حفيرا(٣) .

قال الفتى لامّه : فقلت : ثكلتني امّي لا أراني أبيت في الركب ( الواردين حفيرا الذي نهى رسول الله صلوات الله عليه وآله عائشة أن

__________________

(١) حواري : الناصر.

(٢) وفي نسخة ـ ب ـ مع الراكب.

(٣) قال ابن الاثير في النهاية ١ / ٤٠٧ بضم الحاء وفتح الفاء منزل بين ذي الحليفة وملل يسلكه الحاج. وفاء الوفا ص ١١٩٢.

٣٧٨

تكون فيه )(١) .

قال : فأنخت بعيري ونزعت رحلي ، وأقبل الناس عليّ ، فقالوا : مالك يا عبد الله. قلت : اغير على بعيرى ، وجعلت أشده مرة وأنزعه اخرى.

فلما انقطع الناس عني توجهت خلاف وجهتهم ، والله ما أدري أين أتوجه حتى رفعت لي نار ، والله ما أدري أنار إنس هي أم نار جن ، فقصدتها ، فإذا أعرابي معه أهله ، فسألني عن خيري فأخبرته. فقال لي الأعرابي : أحسنت لا عليها ولا لها. واستخبرت عن الطريق ، فدلّني عليه(٢) ثم كان ذا وجهي إليك.

[٣٢١] وبآخر عن زيد بن صوحان ، جاء الى علي صلوات الله عليه فقال : يا أمير المؤمنين ، إني رأيت كأن يدا تطلعت إليّ من السماء ، ولا أراني إلا مقتولا ، فأذن لي حتى أتي هذه المرأة ـ يعني عائشة ـ ، وكانت يد ـ هذا زيد ـ قد قطعت يوم جلولاء في الجهاد.

قال : انطلق يا أبا سلمان راشدا غير مودع. فانطلق في عصابة ، فلما رآه من حول عائشة ، قالوا : هذا زيد بن صوحان.

قالت عائشة : يا أبا سلمان ، إليّ تسير وقتالي تريد؟؟

قال : إني سرت فيما أمرني الله به وإنك سرت فيما نهاك الله عنه ، أمرني الله أن اجاهد وأن اقاتل في سبيله ، وأمرك أن تقري في بيتك.

[٣٢٣] وبآخر ، أن أمّ سلمة رضوان الله عليها ، أتت عائشة ـ لما أرادت الخروج الى

__________________

(١) ما بين الهلالين في نسخة ـ ب ـ وفي الأصل : مع الركب الذين نهى رسول الله صلوات الله عليه وآله الواردين حفيرا.

(٢) وفي الأصل : فدلّني عليها.

٣٧٩

البصرة ـ وقالت لها : يا عائشة ، إنك بين سدة(١) رسول الله صلوات الله عليه وآله وامته وحجابك مضروب على حرمته ، قد جمع القرآن ذيلك ، فلا تندحيه(٢) . وسكن عقيرتك فلا تصحريها ، وقد علم رسول الله صلوات الله عليه وآله مكانك ، ولو أراد أن يعهد إليك لعهد ، وقد أمرك الله عز وجل ، وأمرنا أن نقرّ في بيوتنا وإن عمود الدين لا يقام بالنساء ، ولا يرأب بهن صدعة(٣) وخمارات النساء غضّ الأطراف وضمّ الذيول ، ما كنت قائلة لو أن رسول الله صلوات الله عليه وآله عارضك بأطراف الفلوات ناصة قعودك من منهل الى منهل إن بعين الله عزّ وجلّ مهواك ، وعلى رسول الله صلوات الله عليه وآله تردّين.

والله لو قيل لي : ادخلي الفردوس ، على أن أسير مسيرك(٤) هذا لاستحييت « أن القى محمدا صلوات الله عليه وآله هاتكة حجابا »(٥) قد ضربه عليّ ، فلا تهتكي حجابا قد ضربه عليك رسول الله صلوات الله عليه وآله ، فانه أطوع ما تكونين لله ما لزمتيه(٦) ، وأنصر ما تكونين للدين ما قعدت عنه.

فقالت لها عائشة : ما أقبلني لوعظك وأعرفني بنصحك ، وليس الأمر على ما تظنين ، وإنما رأيت فئتين من المسلمين متنا جزتين ، فإن أقعد(٧) عن إصلاح ذات بينهما ففي غير حرج ، وإن أمض فإلى ما لا

__________________

(١) وفي نسخة ـ ب ـ سيدة. وفي البحار : أنت سدة بين رسول الله وبين امته.

(٢) اي لا توسعيه وتنشريه.

(٣) رأب الصدع : أصلحه.

(٤) وفي الأصل : ميسرك.

(٥) ما بين الهلالين زيادة من نسخة ـ ب ـ.

(٦) وفي الأصل فالزميه.

(٧) وفي الأصل : فان قعدت من إصلاح.

٣٨٠

غنى عن الازدياد عنه.

[ ضبط الغريب ]

وقولها : يرأب أرادت : يشعب. العقيرة : الصوت والإصحار : إبداء الذي كان مستورا.

القعود من الإبل ( الذي يقتعده الراعي فيحمل عليه زاده ومتاعه وكذلك ما أفرده الرجل من الإبل )(١) لنفسه ليحمل ذلك عليه.

وناصة رافعة : يقال منه : نصصت ناقتي اذا رفعتها في السير ، ونصصت الحديث إذا رفعته إلى من ينسب إليه.

[٣٢٣] وبآخر عن قرة بن الحارث التميمي ، إنه قال : لما صارت عائشة إلى البصرة أرسلت الى الأحنف بن قيس أن يأتيها؟ فأبى ، ثم أرسلت إليه ، فأبى. فلما يئست منه كتبت إليه : يا أحنف ، ما عذرك عند الله في تركك جهاد قتلة أمير المؤمنين ، أمن قلة عدد أو إنك لا تطاع في العشيرة(٢) ؟؟

فكتب إليها : إنه والله ما طال العهد بي ولا نسيت لعهدي في العام الأول وأنت تحرضين على جهاده وتذكرين إن جهاده أفضل من جهاد فارس والروم.

فقالت : ويحك يا أحنف ، إنهم ماصوه موص الإناء ، ثم قتلوه.

[ ضبط الغريب ]

ماصوه : يعني غسلوه ، تقول لكل شيء غسلته : فقد مصته موصا يعني إنهم

__________________

(١) ما بين الهلالين من نسخة ـ ب ـ سقط من الأصل.

(٢) وفي الرواية التي نقلها الاميني في الغدير ٩ / ٨١ : بم تعتذر الى الله من ترك جهاد قتلة أمير المؤمنين أو إنك لا تطاع في العشيرة. علما بان في الأصل مكان ما عذرك : ما عندك عند الله.

٣٨١

اختبر واقرف(١) به فكان بريا منه ، أي خرج نقيا كما يكون الإناء إذا غسل.

فقال لها الأحنف : إن آخذ برأيك وأنت راضية أحبّ إليّ من أن آخذ به وأنت ساخطة(٢) .

[٣٢٤] وبآخر ، عن علي صلوات الله عليه ، إنه لما خرج يريد الى طلحة والزبير وعائشة قصد الكوفة ومعه سبعمائة رجل من المهاجرين والأنصار وأمر بجولقين فوضع أحدهما على الآخر ، ثم صعد عليهما.

فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ، إني والله قد ضربت هذا الأمر ظهره وبطنه ورأسه وعينه ، فلم أجد بدّا من قتال هؤلاء القوم ، أو الكفر بما أنزل الله عزّ وجلّ على محمد صلوات الله عليه وآله(٣) .

فقام إليه الحسنعليه‌السلام ، وهو يبكي(٤) ، فقال : يا أمير المؤمنين لقد خشيت عليك أن تقتل بأرض مضيعة لا ناصر لك بها. فلو انصرفت الى المدينة ، فكنت فيها بين المهاجرين والأنصار ، فمن أتاك إليها قاتلته عنها لكان خيرا لك.

فقال له علي صلوات الله عليه : إليك عني! ، فلا أراك ألا تحن

__________________

(١) وفي الأصل : قدق.

(٢) وفي الأصل : خير من أخذي وأنت ساخطة.

(٣) رواه بن عساكر في تاريخ دمشق ٣ / ١٣٨ / الحديث ١١٨٢ و ١١٨٣.

(٤) كان ذلك إشفاقا وتحننا على أمير المؤمنين لما رآه من قلة أصحابه وكثرة أصحاب طلحة والزبير ، والأنباء الواردة من الكوفة بتخذيل الأشعري الناس عن أمير المؤمنين ، ومن أن عائشة كتبت الى حفصة ، وتغني جواري حفصة :

ما الخبر ما الخبر؟ علي في السفر كالأشقر

إن تقدم نحر وإن تأخر عقر

وخلاصة لما رآه من تغير الأجواء لغير صالح أمير المؤمنين عليه‌السلام لذلك أبدى حزنه وحنانه بالبكاء.

٣٨٢

كحنين الجارية ، لا والله لا أجلس في المدينة(١) كمثل الضبع ، وأترك هؤلاء يظهرون في الأرض الفساد.

ثم دعا به وبعمار بن ياسر ، فبعث بهما إلى الكوفة ، وكتب معهما كتابا فيه :

بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبد الله علي أمير المؤمنين الى من بالكوفة من المؤمنين والمسلمين.

أما بعد : فلا أقل من أن أكون عند من شك في أمري أحد رجلين ، إما باغ وإما مبغيا عليه ، فأنشد الله جميع المؤمنين والمسلمين لما حضروا إليّ ، فإن كنت باغيا ردوني ، وإن كنت مبغيا عليّ نصروني. والسّلام.

فلما بلغ أهل الكوفة قدوم الحسن بن علي صلوات الله عليه وعمار بن ياسر ، تشاوروا وأجمعوا على أنّ يوجهوا هند الجملي(٢) ليلقاهما ، وليسأل عمارا عما سمعه من رسول الله صلوات الله عليه وآله في ذلك ـ وقد كان انتهى إليهم إنه سمع رسول الله صلوات الله عليه وآله في ذلك شيئا ـ فمضى هند حتى لقى الحسن صلوات الله عليه وعمارا بموضع يقال له قاع البيضة وهما نازلان ، فخلا بعمار ، ثم قال له : قصيره من طويله ، أنا رائد القوم ، والرائد لا يكذب أهله ، وقد أرسلوني إليك لتخبرني بما سمعت من رسول الله صلوات الله عليه وآله في هذا الأمر.

قال عمار : اشهد بالله لقد أمرني رسول الله صلوات الله عليه وآله أن اقاتل مع علي صلوات الله عليه الناكثين والمارقين والقاسطين.

__________________

(١) وفي نسخة ب : بالمدينة.

(٢) هو هند بن عمرو الجملي ، نسبة الى جمل بن سعد العشيرة ، حي من مذحج ، استشهد مع أمير المؤمنينعليه‌السلام بصفين كما سيأتي في ج ٥ إن شاء الله.

٣٨٣

فرجع هند الى الكوفة ، فأخبرهم ، وقرأ عليهم كتاب علي صلوات الله عليه.

فقام أبو موسى الاشعري ، فقال : أما إني قد سمعت رسول الله صلوات الله عليه وآله يقول : أما إنه سيكون من بعدي فتنة ، القائم فيها خير من الساعي ، والجالس خير من القائم ، فقطعوا أوتار فسيكم(١) واغمدوا سيوفكم وكونوا أحلاس بيوتكم.

فقال عمار : تلك التي تكون أنت منها ، أما والله لقد سمعت رسول الله صلوات الله عليه وآله وقد لعنك!!

فقال أبو موسى : قد كان ما قلت ولكنه استغفر لي.

قال عمار : أما اللعنة فقد سمعتها ، وأما الاستغفار فلم أسمعه!!

فقام أبو موسى ، فخرج ، كأنه ديك يفترع.

وقول عمار رحمة الله عليه لأبي موسى ، وقد ذكر أمر النبي صلوات الله عليه وآله بالقعود عن الفتنة ( تلك التي أنت منها ، يعني إن النبيّ صلوات الله عليه وآله إنما نهى عن القيام مع أهل الفتنة )(٢) وهم الذين افتتنوا فخرجوا(٣) عن أهل الحق. وصاروا أهل البغي ، فليس ينبغي لأحد من المسلمين القيام مع هؤلاء ، ولا الدخول في فتنتهم.

فأما قتالهم مع أهل العدل فقد افترضه الله عزّ وجلّ على المؤمنين في كتابه ، فقال جلّ ثناؤه «فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ

__________________

(١) وفي نسخة ب : أوثار قيسكم.

(٢) زيادة من نسخة ـ ب ـ.

(٣) وفي الأصل : لخروج.

٣٨٤

اللهِ » (١) وإلى ذلك من قتال أهل البغي دعاهم ( علي صلوات الله عليه ، فأجابه عامتهم ولم يلتفتوا الى قول )(٢) أبي موسى الأشعري لأنه كتاب الله جلّ ثناؤه. والى مثل رأي أبي موسى الأشعري ، هذا الفاسد ، دعاه عمرو بن العاص لما أراد اختداعه إذ قد علم أن مثل هذا القول تقدم عليه إذ حكما. فقال : يا أبا موسى ، أنت شيخ من شيوخ المسلمين ومن أهل الفضل والدين ، وقد سمعت ما قد سمعت من رسول الله صلوات الله عليه وآله من أمر القعود عن الفتنة ، وقد ترى أن الناس قد وقعوا فيها ، وإن نحن تناظرنا بكتاب الله عزّ وجلّ في أيهما أحقّ بالأمر من علي ومعاوية؟ طال ذلك علينا ، فاحكم بذلك إذ قد حكمت ، واخلع أنت عليا إذ قد حكمك ، وأخلع أنا معاوية إذ قد حكمني ، ويعود أمر الناس كما كان بعد رسول الله صلوات الله عليه وآله شورى بينهم يختارون لأنفسهم من رادوا(٣) أن يختاروه. فو الله ما أظن أحدا يختار معاوية على علي صلوات الله عليه.

فخدعه بذلك ، حتى اتفق معه عليه وأراه التعظيم له والتبجيل(٤) وقدمه قبله.

فقام فخلع عليا صلوات الله عليه بزعمه وركة عقله ، وقام عمرو فأثبت معاوية بزعمه.

فقام أبو موسى ينكر ذلك ، ويذكر ما اتفقا عليه. وأنكر ذلك عمرو ، وقال : ما كان الاتفاق إلا على خلع علي صلوات الله عليه

__________________

(١) سورة الحجرات الآية ٩.

(٢) ما بين الهلالين زيادة من نسخة ـ ب ـ.

(٣) وفي نسخة ب ـ رأوا.

(٤) وفي الأصل : التجليل : أي الاحترام.

٣٨٥

وإثبات معاوية.

وكان في ذلك ما سنذكره(١) والحجة فيه في موضعه إن شاء الله تعالى.

[٣٢٥] وبآخر ، عن حذيفة اليماني ، إنه قدم من المدائن وقد توجه أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه الى الكوفة لقتال أهل الجمل ، ووصل حذيفة الى المدينة ، وهو عليل ـ شديد العلة ـ فلم يستطع اللحوق بعلي صلوات الله عليه واجتمع الناس بالمدينة الى حذيفة يوم جمعة ، فلما رآهم مجتمعين عنده :

حمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبي صلوات الله عليه وآله ثم قال : أيها الناس من سرّه أن يلحق بأمير المؤمنين حقّا حقّا ، فليلحق بعلي صلوات الله عليه.

فلحق كثير من الناس ، ولم تأت على حذيفة بعد ذلك جمعة حتى مات(٢) .

[٣٢٦] وبآخر عن حبة العرني إنه قال : لما التقى علي صلوات الله عليه

__________________

(١) في الجزء السادس من هذا المجلد.

(٢) هكذا جاءت الرواية في كلا النسختين ، ولكن كما هو المشهور إن حذيفة توفى في المدائن ـ مراقد المعارف ١ / ٢٣٩ ـ ، وسوف يذكر المؤلف في رواية اخرى بإن حذيفة خطب في المدائن وليس بالمدينة كما في الرواية. وقد روى السيد المدني في الدرجات الرفيعة ص ٢٨٧ عن أبي مخنف ، قال : لما بلغ حذيفة بن اليمان أن عليا قد قدم ذي قار واستنفر الناس ، دعا أصحابه ، فوعظهم وذكرهم الله وزهدهم ورغبهم في الآخرة ، وقال لهم : الحقوا بأمير المؤمنينعليه‌السلام وسيد الوصيين فان من الحق أن تنصروه ، وهذا ابنه الحسن وعمار قد قدما الكوفة يستنفرون للناس ، فانفروا. قال : فنفر أصحاب حذيفة الى أمير المؤمنين ومكث حذيفة بعد ذلك خمسة عشر ليلة وتوفي. ومما يظهر من هذه الرواية إنه توفي في المدائن وكانت الخطبة في المدائن أيضا والله أعلم.

٣٨٦

وأصحاب الجمل ، دعا علي صلوات الله عليه رجلا من اصحابه(١) ، فأعطاه مصحفا وقال له : اذهب إلى هؤلاء القوم فأعرض عليهم هذا المصحف وعرفهم إني أدعوهم الى ما فيه.

ففعل فرشقوه بالنبل حتى قتلوه.

[٣٢٧] وبآخر ، عن عمار بن ياسر رحمة الله عليه ، إنه نظر يوم الجمل الى أصحاب عائشة وطلحة والزبير وقد صفوا للقتال. فجعل يحلف بالله ليهزمنّ هذا الجمع ، وليولن الدبر.

فقال له رجل من النخع : يا أبا اليقظان ، ما هذا؟ تحلف بالله على ما لا تعلمه؟

فقال له عمار : لأنا أشرّ من جمل يقاد بخطامة(٢) بين تهامة ونجد(٣) إن كنت أقول ما لا أعلم.

[٣٢٨] وبآخر ، عن جعفر بن محمد بن علي صلوات الله عليه ، إنه قال : لما توافق الناس يوم الجمل ، خرج علي صلوات الله عليه حتى وقف بين الصفين ، ثم رفع يده نحو السماء.

ثم قال : يا خير من أفضت إليه القلوب ، ودعي بالألسن ، يا حسن البلايا يا جزيل العطاء ، احكم بيننا وبين قومنا بالحق ، وأنت خير الحاكمين.

[٣٢٩] وبآخر ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : سمعت عليا صلوات الله

__________________

(١) إن هذا الرجل هو مسلم بن عبد الله راجع تخريج الاحاديث. وكما سيأتي إن شاء الله مفصلا في هذا الجزء عن أبي البختري ـ الحديث ٣٣٤.

(٢) الخطام : الزمام.

(٣) قال ابن الأثير في النهاية : ١ / ٢٠١ نجد ما بين العذيب الى ذات عرق. وذات عرق أول تهامة الى البحر وجده. وقيل تهامة ما بين ذات عرق الى مرحلتين من وراء مكة.

٣٨٧

عليه ـ يوم الجمل ـ وهو ينادي بالزبير ، فأتاه ـ فرأيت أعناق فرسيهما قد اختلفت ـ وعلي صلوات الله عليه يقول له : أما تذكر قول رسول الله صلوات الله عليه وآله لك ـ وقد ذكرتني له ـ إنك سوف تقاتله وأنت له ظالم!! قال : بلى ، والله ما ذكرت ذلك إلا الآن.

فانصرف راجعا عن الفريقين ، فرآه طلحة ، فأتبعه ، فرماه مروان بن الحكم بسهم ، فشك فخذه في السرج ، فمات طلحة من ذلك الجرح.

[٣٣٠] وبآخر ، عن سلام ، قال شهدت يوم الجمل ، فلما التقينا نظرت الى عائشة على جمل أحمر مشرف على الناس. وحمل أصحاب الجمل ، حتى قلت لخطار : هذا الفرار من الزحف. فقال : نعم ، والله يا بن أخي ، ثم تعاطفنا ، فنظرت الى هودج عائشة ما شبهته إلا بقنفذ(١) من النبل الواقعة عليه(٢) وهو يميل بها مرة هاهنا ومرة هاهنا حتى احيط بها ، ولما احيط بعائشة ، وانصرف الزبير وقتل طلحة ، وانهزم أهل البصرة ، ونادى منادي علي صلوات الله عليه : لا تتبعوا مدبرا(٣) ولا من القى سلاحه ولا تجهزوا على جريح ، فإن القوم قد ولّوا وليست لهم فئة يلجئون إليها.

فجرت السنّة بذلك ( في المسلمين في قتال أهل البغي ، وأخذ بذلك فقهاؤهم إن أهل البغي إذا انهزموا ولم تكن لهم فئة يلجئون إليها لم يجهز على جريحهم ولم يتبع مدبرهم ، وان كان لهم فئة اجهز على جريحهم واتبع مدبرهم ، وقتلوا. وبهذا حكم علي صلوات الله عليه في أصحاب معاوية ، فأخذ فقهاء العامة ذلك عنه وأوجبوا أن حزبه حزب أهل

__________________

(١) القنفذ بضم الفاء وفتحها واحد القنافذ ، والانثى قنفذة.

(٢) وفي الأصل : الواقعة به.

(٣) أي : الهارب.

٣٨٨

العدل وحزب من حاربه حزب )(١) أهل البغي واتفقوا على ذلك.

أجهزت على الجريح : أي أتيت على قتله. ويقال : موت مجهز : أي وحي.

[٣٣١] وبآخر ، عن موسى بن طلحة بن عبيد الله ـ وكان فيمن اسّر يوم الجمل وحبس مع من حبس من الاسارى بالبصرة ـ.

قال : كنت في سجن علي بالبصرة حتى سمعت المنادي ينادي : أين موسى بن طلحة بن عبيد الله؟؟ فاسترجعت(٢) واسترجع أهل السجن!! وقالوا : يقتلك!! ، فأخرجني إليه.

فلما وقفت بين يديه. قال لي : يا موسى. قلت : لبيك يا أمير المؤمنين! قال : قل أستغفر الله وأتوب إليه ، ثلاث مرات. فقلت : أستغفر الله وأتوب إليه ، ثلاث مرات.

فقال لمن كان معي من رسله : خلّوا عنه!

وقال لي : اذهب حيث شئت ، وما وجدت لك في عسكرنا من سلاح أو كراع(٣) فخذه ، واتق الله فيما تستقبله من أمرك ، واجلس في بيتك ، فشكرت له ، وانصرفت.

وكان علي صلوات الله عليه قد غنم أصحابه ما أجلب به أهل البصرة الى قتاله ، ـ وأجلبوا به يعني : أتوا به في عسكرهم ـ ولم يعرض لشيء غير ذلك ( من أموالهم ، وجعل ما سوى ذلك من أموال من قتل منهم )(٤) لورثتهم.

__________________

(١) ما بين الهلالين زيادة من نسخة ـ ب ـ.

(٢) الاسترجاع ـ عند المصيبة ـ أي يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون.

(٣) أي : الخيل.

(٤) ما بين الهلالين من نسخة ـ ب ـ.

٣٨٩

وخمس ما اغنمه مما أجلبوا به عليه ، فجرت أيضا بذلك السنّة وأخذ به فقهاء العامة وآثروه عنه ، وجعلوه حكما فيما يغنم(١) من أهل البغي.

[٣٣٢] وبآخر ، عن عبد الله بن عباس ، إنه قال : لما استقر أمر الناس بعد وقعة الجمل ، وأقام علي صلوات الله عليه بالبصرة بمن معه أياما ، بعث بي الى عائشة بأمرها بالرحيل عن البصرة ، والرجوع الى بيتها.

قال ابن عباس : فدخلت عليها في الدار التي أنزلها فيها ، فلم أجد شيئا أجلس عليه ، ورأيت وسادة(٢) في ناحية من الدار ، فأخذتها ، فجلست عليها ، فقالت لي : يا ابن عباس ، ما هذا ، تدخل عليّ بغير إذني في بيتي ، وتجلس على فراشي بغير إذني؟ لقد خالفت السنّة.

قال ابن عباس : نحن علّمناك وغيرك السنّة ونحن أولى بها منك ، إنما بيتك البيت الذي خلّفك فيه رسول الله صلوات الله عليه وآله فخرجت منه ظالمة لنفسك عاتية(٣) على ربك عاصية لنبيك ، فإذا رجعت إليه لم ادخله إلا بإذنك ولم أجلس على ما فيه إلا بأمرك.

قال : فبكت ، فقلت لها : إن أمير المؤمنين بعثني إليك يأمرك بالرحيل عن البصرة والرجوع الى بيتك. قالت : ومن أمير المؤمنين ، إنما كان أمير المؤمنين عمر!

فقلت لها : قد كان عمر يدعي أمير المؤمنين وهذا والله علي أمير المؤمنين حقا كما سماه بذلك رسول الله صلوات الله عليه وآله وهو والله أمسّ برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رحما وأقدم سلما وأكثر علما وأحلم

__________________

(١) وفي الأصل : يعلم.

(٢) وفي بحار الأنوار ٨ / ٤٥٠ : فرأيت رحل عليه طنفسة ، فمددت الطنفسة ، فجلست عليها. ( الطنفسة : البساط ).

(٣) العتو : التجبر والتكبر.

٣٩٠

حلما من أبيك ومن عمر.

قال : فقالت : ما شئت ذلك؟ قال : فقلت لها : أما والله لقد كان أبوك ذلك قصير المدة عظيم التبعة ظاهر الشوم بيّن النكاد(١) ، وما كان إلا كحلب شاة حتى صرت ما تأخذين ولا تعطين ، ولا كنت إلا كما قال أخو بني فهر(٢) :

ما زال إهداء القصائد بيننا

شتم الصديق وكثرة الألقاب

حتى تركت كأن قولك فيهم

في كل مجمعة طنين ذباب

فأراقت دمعتها ، وأبدت عولتها ، وظهر نشيجها ، ثم قالت : أرحل والله عنكم ، فو الله ما من دار أبغض إليّ من دار تكونون بها.

قلت : ولم ذلك؟ والله ما ذلك ببلائنا عندك ولا بأثرنا عليك وعلى أبيك إذ جعلناك امّا للمؤمنين ، وأنت بنت أمّ رومان ، وجعلنا أباك صديقا وهو ابن أبي قحافة ، قالت : تمنون علينا برسول الله صلوات الله عليه وآله؟

قلت : ولم لا نمنّ عليكم(٣) بمن لو كانت فيك من شعرة لمننت بها وفخرت ، ونحن منه وإليه لحمه ودمه ، وإنما أنت حشيته(٤) من تسع حشيات خلفهن لست بأرسخهن عرقا(٥) ولا بأنضرهن ورقا ولا بأمدّهن ظلا ، وإنما أنت كما قال أخو بني أسد(٦)

مننت على قوم فأبدوا عداوة

فقلت لهم كفوا العداوة والشكرا

__________________

(١) وفي بحار الأنوار ط قديم ٨ / ٤٥٠ النكد بمعنى العسر.

(٢) وفي بحار الانوار : إلا كمثل ابن الحضرمي بن نجمان أخي بني أسد.

(٣) وفي الأصل : عليكم من.

(٤) الحشية كمنبة أي الفراش المحشو والجمع حشايا وهي كناية عن النساء والتعبير بالفراش شايع.

(٥) أرسخ : الثبات.

(٦) وفي بحار الأنوار : أخو بني فهر.

٣٩١

ففيه رضا من مثلكم لصديقه

وأحرى بكم أن تظهروا البغي والكفرا

قال : فسكتت(١) وانصرفت الى علي صلوات الله عليه ، فأخبرته بما جرى بيني وبينها ، فقال صلوات الله عليه : أنا كنت أعلم بك إذ بعثتك.

وتثاقلت عائشة بعد ذلك عن الخروج الى بيتها ، فأرسل إليها(٢) علي صلوات الله عليه : والله لترجعن الى بيتك أو لألفظن بلفظة لا يدعوك بعدها أحد من المؤمنين أمّا. ـ فلما جاءها ذلك ـ قالت : ارحلوني ارحلوني ، فو الله لقد ذكرني شيئا لو ذكرته من قبل ما سرت مسيري هذا.

فقال لها بعض خاصتها : ما هو ، يا أمّ المؤمنين؟؟

قالت : إن رسول الله صلوات الله عليه وآله قد جعل طلاق نسائه إليه وقطع عصمتهن منه حيا وميتا ، وأنا أخاف أن يفعل ذلك إن خالفته. فارتحلت.

[٣٣٣] وبآخر ، علي بن هاشم ، بإسناده ، عن هشام(٣) بن مساحق ، عن أبيه ، إنه قال : شهدت يوم الجمل مع عائشة.

فلما انهزم الناس اجتمعت مع نفر من قريش ، وفيهم مروان بن الحكم. فقال لبعض(٤) من حضره : والله لقد ظلمنا هذا الرجل(٥) ، ونكثنا بيعته من غير حدث ، ثم لقد ظهر علينا فما رأينا رجلا قط أكرم سيرة ، ولا أحسن عفوا بعد رسول الله صلوات الله عليه وآله منه ، فتعالوا ندخل عليه ، فنعتذر إليه مما صنعنا.

__________________

(١) وفي الأصل : فسكت.

(٢) وفي الأصل : عليها.

(٣) وفي كتاب الجمل ص ٢٢٢ : عن هاشم بن مساحق.

(٤) وفي نسخة ب : فقال : بعضهم لبعض.

(٥) يعنون أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٣٩٢

قال : فدخلنا عليه ، فلما ذهب متكلّمنا ليتكلّم ، قال : انصتوا ـ أكفيكم ـ إنما أنا رجل منكم ، فإن قلت حقا فصدقوني ، وإن قلت غير ذلك فردّوه علي(١) .

انشدكم الله أتعلمون إن رسول الله صلوات الله عليه وآله قبض وأنا أولى الناس به وبالناس من بعده؟

قلنا : اللهمّ نعم.

قال : فبايعتم أبا بكر وعدلتم عني(٢) ثم إن أبا بكر جعلها إلى عمر من بعده ( وأنتم تعلمون أني أولى الناس برسول الله صلوات الله عليه وآله وبالناس من بعده )(٣) .

قلنا : اللهمّ نعم.

قال : حتى لما قتل عمر جعلني سادس ستة ، ثم طعنتم على عثمان(٤) فقتلتموه ثم أتيتموني وأنا جالس في بيتي ، أتيتموني غير داع لكم ولا مستكره ، فبايعتموني كما بايعتم أبا بكر وعمر وعثمان ، ثم نكثتم بيعتي.

قالوا : يا أمير المؤمنين ، كن كالعبد الصالح إذ قال : «لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ » (٥) .

قال : إن فيكم من لو بايعني بيده لنكث على بأسته.

__________________

(١) عجبا لحلم الله. هذا قول منتصر في الحرب لأفراد جاءوا كي يعتذروا إليه مما ارتكبوا من الخطاء وهم أشد أعدائه.

(٢) وفي كتاب الجمل ص ٢٢٢ إضافة : فأمسكت ولم أحبّ أن أشق عصا المسلمين وافرق جماعاتهم.

(٣) ما بين الهلالين زيادة من نسخة ـ ب ـ.

(٤) وفي كتاب الجمل أيضا : ثم بايعتم عثمان فطغيتم عليه وقتلتموه.

(٥) يوسف ٩٢.

٣٩٣

قال : فرأينا أنه يعني مروان.

[٣٣٤] إسماعيل بن موسى بإسناده عن أبي البختري ، قال : لما انتهى علي صلوات الله عليه الى البصرة خرج إليه أهلها مع طلحة والزبير وعائشة ، فعبأ علي صلوات الله عليه أصحابه.

ثم أخذ المصحف وبدأ بالصف الأول ، فقال : أيكم يتقدم الى هؤلاء ويدعوهم الى ما فيه ، وهو مقتول؟ فخرج إليه شاب يقال له : مسلم(١) فقال : أنا يا أمير المؤمنين. فتركه ، ومال الى الصف الثاني ، فقال : من منكم يأخذ هذا المصحف ويمضي الى هؤلاء القوم ويدعوهم الى ما فيه ، وهو مقتول؟ فلم يجبه أحد! وجاءه مسلم ، فقال : أنا أخرج إليهم به يا أمير المؤمنين. فأعرض عنه. وتقدم الى الصف الثالث ، وقال لهم مثل ذلك. فلم يخرج الله منهم أحد ، وعرض له مسلم ، فقال : أنا يا أمير المؤمنين! فلما رأى أنه لم يخرج إليه أحد ـ من الجميع غيره ـ دفع إليه المصحف ، فمضى نحو القوم ، فلما رأوه رشقوه بالنبل ، وقرأه عليهم ودعاهم الى ما فيه ، ثم خرج إليه رجل منهم ، فضربه بالسيف على حبل عاتقه من يده اليمنى ـ التي فيها المصحف ـ فأخذ المصحف بيده اليسرى(٢) فضربه الرجل حتى قتله(٣) .

__________________

(١) وهو مسلم بن عبد الله.

(٢) وفي نسخة ب بيده الاخرى.

(٣) وكانت امّه حاضرة وحملته وجاءت به الى أمير المؤمنين وهي تبكي وتقول :

يا رب إن مسلما دعاهم

يتلو كتاب الله لا يخشاهم

فخضّبوا من دمه فناهم

وامّهم قائمة تراهم

تأمرهم بالقتل لا تنهاهم

( الجمل ص ١٨٢ )

٣٩٤

ورموا أصحاب علي صلوات الله عليه بالنبل. قالوا : يا أمير المؤمنين أما ترى النبل فينا كالقطر(١) وقد قتلوا مسلما.

فقال لهم علي صلوات الله عليه : قاتلوهم ، فقد طاب لكم القتال.

فقاتلوهم وظهر عليهم وولّوا منهزمين. فأمر علي صلوات الله عليه مناديا ينادي : لا تطعنوا في غير مقبل ولا تطلبوا مدبرا ولا تجهزوا على جريح ، ومن ألقى سلاحه فهو آمن ، ومن أغلق بابه فهو آمن ، وما كان في العسكر فهو لكم مغنم ، وما كان في الدور فهو ميراث يقسم بينهم على فرائض الله عزّ وجلّ.

فقام إليه قوم من أصحابه ، فقالوا : يا أمير المؤمنين من أين أحللت لنا دماءهم وأموالهم وحرمت علينا نساءهم؟؟ فقال : لأن القوم على الفطرة ، وكان لهم ولاء قبل الفرقة وكان نكاحهم لرشده.

فلم يربضهم ذلك من كلامه صلوات الله عليه ، فقال لهم : هذه السيرة في أهل القبلة ، فأنكرتموها ، فانظروا أيكم يأخذ عائشة في سهمه؟؟ فرضوا بما قال ، واعترفوا بصوابه ، وسلموا لأمره.

[٣٣٥] عباد بإسناده ، عن أبي رافع : إن رسول الله صلوات الله عليه وآله قال لعلي صلوات الله عليه : إنه سيكون بينك وبين عائشة حرب. قال : يا رسول الله ، أنا من بين أصحابك؟؟ قال : نعم. قال : أنا اشقاهم(٢) إذا. قال : لا بل أفضلهم ، ولكن إذا كان ذلك فارددها الى مأمنها.

قال أبو رافع : ففعل ذلك أمير المؤمنين صلوات الله عليه ردّها مع نساء من أهل العراق ، حتى صارت الى مأمنها(٣) .

__________________

(١) وفي نسخة ب ـ كالمطر.

(٢) الشقي ضد السعيد.

(٣) أي الى دارها في المدينة.

٣٩٥

[٣٣٦] أبو هاشم الرفاعي ، بإسناده ، عن أمّ راشد ـ مولاة أمّ هاني ـ ، قالت : دخل علي صلوات الله عليه على أمّ هاني بنت أبي طالب ـ اخته ـ فقرّبت إليه طعاما ، وذهبت لتأتيه بالماء ، فاذا برجلين على باب الحجرة ، فاستأذنا ، فأذن لهما فصعدت الدرجة ، وأحدهما يقول لصاحبه : بايعته أيدينا ، ولم تبايعه قلوبنا(١) فقرأ «إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ » (٢) الآية.

فقلت لأمّ هاني : من هذان الرجلان؟؟

قالت : طلحة والزبير.

[٣٣٧] شريك بن عبد الله ، بإسناده ، عن أبي بكر ، قال : لما قدمت عائشة أردت الخروج معها ، فذكرت حديثا سمعته من رسول الله صلوات الله عليه وآله يقول إنه لن يفلح قوم جعلوا أمرهم الى امرأة(٣) .

[٣٣٨] عباد بن يعقوب ، بإسناده ، عن علي صلوات الله عليه ، إنه قال ـ يوم الجمل ـ : لقد علم اولوا العلم من آل محمد صلوات الله عليه وآله ، وعلمت عائشة بنت أبي بكر وها هي ذه ، فاسألوها. إن أصحاب الجمل وأصحاب الاسود ذي الثدية ملعونون على لسان النبي(٤) صلوات الله عليه وآله ، وقد خاب من افترى.

[٣٣٩] وبآخر عن أمّ سلمة رضي الله عنها ، إن عائشة لقيتها بعد انصرافها من البصرة ، فقالت لها : السلام عليك يا اختاه.

__________________

(١) وفي كتاب الجمل ص ٢٣٣ : ما بايعنا بقلوبنا وانما بايعنا بأيدينا.

(٢) سورة الفتح الآية ١٠ : فوق أيديهم ، فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما.

(٣) قالها لما بلغه أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى بعد موت والدها.

(٤) وفي الأصل : محمد.

٣٩٦

فقالت لها أمّ سلمة : السلام عليك يا حانط ، ألم تعلمي أني نصحت لك في خروجك وذكرتك قول رسول الله صلوات الله عليه وآله وما أوجبه الله عزّ وجلّ عليك فأبيت ، فآليت(١) أن لا اكلمك من رأسي كلمة حتى القى رسول الله صلوات الله عليه وآله.

[٣٤٠] أبو بكر بن عباس ، بإسناده ، عن علقمة ، قال : قلت للأشتر النخعي : لقد كنت كارها ليوم الدار(٢) فرجعت عن رأيك؟؟

قال : أجل ، والله كنت كارها ليوم الدار ولكني جئت أمّ حبيب بنت أبي سفيان لأدخل الدار ، فأردت أن أخرج عثمان في هودجها ، فأبوا أن يدعوه لي ، وقالوا : ما لنا ولك يا أشتر ، ولكني رأيت طلحة والزبير بايعا عليا صلوات الله عليه ، والقوم طائعين غير مكرهين ، ثم نكثوا عليه.

قلت : فابن الزبير هو القائل يعنيك اقتلوني ومالكا(٣) .

قال : لا والله ما رفعت السيف من ابن الزبير ، وأنا أظن فيه شيئا من الروح لأنه استخف أمّ المؤمنين حتى أخرجها ، فلما لقيته لم أرض له بقوة ساعدي حتى قمت في الركابين ، ثم ضربته على رأسه ، فرأيت إني قتلته. ولكن القائل : اقتلوني ومالكا ، عبد الرحمن بن عتاب بن اسيد ، لما لقيته اعتنقته ، فوقعنا جميعا عن فرسينا ، فجعل يقول : اقتلوني ومالكا. أصحابه لا يدرون من يعني ، ولو قال الاشتر لقتلوني.

[٣٤١] عباد بن يعقوب ، بإسناده ، عن أبي عرية ، إنه قال : كنا جلوسا مع

__________________

(١) أي : التزمت.

(٢) وهو يوم محاصرة دار عثمان.

(٣) قال ابن شهر اشوب في المناقب ٣ / ١٥٩ : ان القائل هو عبد الله بن الزبير.

٣٩٧

علي صلوات الله عليه يوم الجمل ، وقد وقف أهل البصرة ونضحونا بالنبل ، ولم يأذن في القتل ، فجاءه قوم يشكون الجروح.

فقال : من يعذرني(١) من هؤلاء ، يأمروني بالقتال ، ولم تنزل الملائكة.

قال : فإنا قعود كذلك حتى هبت ريح طيبة(٢) من خلفنا فوجدت بردها بين كتفي من تحت الدرع ، فلما انتهت مشى(٣) قال : الله اكبر.

ثم قام ، فصب عليه الدرع ، وسار نحو القوم ، وأمر الناس بالقتال. فما رأيت فتحا كان أسرع منه قط.

[٣٤٢] يوسف بن الحارث ، بإسناده : إن عليا صلوات الله عليه خلا بالزبير يوم الجمل ، فقال له : اناشدك الله ألم تسمع رسول الله صلوات الله عليه وآله يقول لك ـ وأنت لا وبيدي بسقيفة بني ساعدة ـ لتقاتله(٤) وأنت له ظالم ، ولينصرن عليك.

قال : بلى والله إني لأذكر ذلك ، ولا جرم إني لا اقاتلك ، وانصرف.

[٣٤٣] وبآخر ، عن عائشة لما سارت تريد البصرة وانتهت إلى بعض مياه بني عامر ، نبحتها كلاب ، فقالت : ما هذا الماء؟؟ قالوا : الحوأب. قالت : ما أراني إلا راجعة.

قال ابن الزبير : لا ، بل تقدمين ويراك الناس ، ويصلح الله ذات بينهم بك.

__________________

(١) وفي الأصل : من تعدني.

(٢) وفي الأصل : عليه.

(٣) وفي نسخة ـ ب ـ : فلما أن هبت ، قال : الله اكبر.

(٤) وفي نسخة ـ ب ـ : لتقاتلنه.

٣٩٨

قالت : إني سمعت رسول الله صلوات الله عليه وآله يقول لجماعة من نسائه : كيف بإحداكنّ إذا نبحتها كلاب الحوأب.

[٣٤٤] محمد بن داود ، بإسناده ، عن علي صلوات الله عليه إنه سئل عن قتلى الجمل ، أمشركون هم؟؟ قال : لا ، بل من الشرك فرّوا.

قيل : فمنافقون؟؟

قال : لا ، لإن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا! قيل : فما هم؟؟

قال : إخواننا بغوا علينا ، فنصرنا عليهم.

قد خبّر صلوات الله عليه إنهم من أهل البغي الذين أمر الله عزّ وجلّ بقتالهم وقتلهم حتى يفيئوا الى أمر الله سبحانه(١) وبذلك سار فيهم.

[٣٤٥] عبد الله بن موسى ، قال : سمعت سفيان الثوري يقول :

ما أشك في أن طلحة والزبير بايعا عليا صلوات الله عليه ثم نكثا وما نقما عليه حيفا في حكم ولا استيثارا في فيء.

[٣٤٦] وكيع ، بإسناده ، عن ابن عباس ، إنه قال : أرسلني علي صلوات الله عليه الى طلحة والزبير [ يوم الجمل ] ، فقلت لهما : أخوكما يقرأ كما السلام ويقول لكما : هل أخذتما عليّ استيثارا(٢) في فيء أو ظلما أو حيفا(٣) في حكم.

__________________

(١) نصّ الآية الكريمة : وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفىء إلى أمر الله فإن فاءت فاصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا إن الله يحب المقسطين. ( سورة الحجرات الآية ٩ ).

(٢) وفي الأصل : استيثاري.

(٣) أي جورا.

٣٩٩

قالا : لا ، ولكن الخوف وشدة الطمع(١) .

[٣٤٧] سليمان بن أيوب ، بإسناده ، عن أبي سعيد الخدري قال : ذكر رسول الله صلوات الله عليه وآله لعلي صلوات الله عليه ما يلقى من بعده من الناس.

فبكى علي صلوات الله عليه! وقال : يا رسول الله ، ادع الله أن يقبضني قبلك. قال : كيف أدعو لأجل مؤجل سبق أنه كائن في علم الله! قال : يا رسول الله ، فعلى ما ذا اقاتلهم؟ قال : على إحداثهم في الدين.

[٣٤٨] أبو علي الهمداني ، بإسناده ، عن حبة ، قال : شهدت حذيفة بن اليمان قبل خروج عائشة بزمان ، وهو يقول : ستطلع والله عليكم الحميراء(٢) من حيث تسؤكم(٣) . فقال له زر بن حبيش : يا أبا عبد الله ، إنا لنسمع منك الذي لا نقيم ولا نقعد. قال : ويحك إذا كان الله سبحانه قد قضى ذلك فما أنت صانع! فو الله لكأني أنظر إليهم حولها صرعى لا تغني عنهم شيئا.

وهذا مما سمعه حذيفة من رسول الله صلوات الله عليه وآله.

[٣٤٩] وبإسناده ، عن محمد بن كعب القرظي ، قال : لما دخل رسول الله صلوات الله عليه وآله المدينة منصرفا عن احد ، دعا عليا صلوات الله عليه ، فقال له : لقد نصرتني وضربت معي بسيفك وذببت(٤) عني بنفسك ، فكيف أنت إذا قاتلت بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين.

قال : يا رسول الله ، أو يكون ذلك؟ قال : إي والذي نفسي بيده ،

__________________

(١) وفي الرواية وشدة المطامع ( بحار ط قديم ٨ / ٤٢٠ ).

(٢) حميراء : كان الرسول (ص) يسميها. تصغير الحمراء : يريد البيضاء.

(٣) وفي الأصل : يشهدكم.

(٤) أي : دافعت.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502