شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار الجزء ١

شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار11%

شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 502

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 502 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 187844 / تحميل: 9854
الحجم الحجم الحجم
شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار

شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

هل كان صعباً تطبيق قواعد الإسلام في الحياة اليومية؟

كنت أتقصّد التفريق بين الممارسات الإسلامية والثقافة الإسلامية وذلك ما كان يختلط على الناس. «كوني أوروبية، اعتناقي الإسلام لا يعني بالضرورة ارتدائي العباءة في لندن» فالعباءة هي زي ثقافي ولكن اللباس الفضفاض هو المطلوب في الإسلام وليس الأمر محصوراً بارتداء العباءة. فأنا أصلّي، أدفع الصدقات والخمس، أمتنع كلياً عن شرب الكحول والمحرّمات ولكن ليس المطلوب مني أن ألبس العباءة مع أنني أمتلك واحدة أستمتع بارتدائها في المنزل. ولكن بطبيعة الحال، أثناء تواجدي في أوروبا - أرتدي الزي الأوروبي مع مراعاة الحجاب.

فأنا أرى الكثير من الممارسات والقيم الإسلامية في أوروبا كاحترام حقوق الإنسان والحفاظ على النظافة والبيئة وهذه القيم الإسلامية وللأسف مفقودة اليوم عند أغلبية المجتمعات الإسلامية. وهذا بالذات ما عناه المستشرق محمد أسد عندما قال: «تستطيع أن ترى الكثير من الإسلام في أوروبا والقليل من المسلمين، والكثير من المسلمين في الشرق ولكن القليل من الإسلام الحقيقي».

ما هي التحديات التي يفرضها تخلي المرء عن ديانته الأولى واعتناقه لديانة أخرى؟

إنّ التحول إلى الإسلام له تحدياته، خصوصاً على صعيد وجود بيئة مماثلة للتعايش معها. فمثلاً من الصعوبات التي تطرح: وجود زوج لائق لامرأة اعتنقت الإسلام، حيث تصبح الواحدة منا عالقة بين عالمين. فأنا شخصياً امرأة مطلَّقة وأعاني أحياناً من لسعة الوحدة.كذلك المسلمون يتحمسون كثيراً لاعتناق الآخرين لديانتهم ولكنني دائماً أقول، ماذا عن البيئة الحاضنة فيما بعد؟ حيث يبدأ العمل الحقيقي عندها. فهم يشجعون الناس على اعتناق الإسلام ومن ثم يتركونهم وحدهم لمصيرهم. أنا محظوظة ربما بإنشاء شبكة من الصداقات. ولكن كم مرّ علي من الأعياد لم أستطع الإحتفال بها كوني كنت وحيدة. فالعيد كان بالنسبة إليّ أداء الصلاة ومن ثم متابعة اليوم بشكل عادي للأسف.

ولكنني أجد إيجابية في ذلك أحياناً، عندما ينتهي بي الأمر في الأعياد بالعشاء مع أحد الذين اعتنقوا الإسلام كذلك ولا يجد من يعيّد معه.

٣٠١

فالعزلة هي ما يترتب علينا عند اعتناقنا مذهباً ما وتخلينا عن مذهب آخر، ففي عيد الميلاد، لا أكون فرداً مرحّباً به في عائلتي كوني اخترت سلوك طريق آخر. وفي شهر رمضان أجد نفسي وحيدة حيث لا يوجد من يتسحّر معي أو يتناول معي الإفطار إلا إن دعاني أحدهم. ولكنّ العزاء دائماً أنّ الله بصحبتي وهو خير صاحب.

وإن كان الإيمان بالله هو الذي يجعلني أقاوم تلك التحديات ولكنني سمعت عن كثيرين اعتنقوا الإسلام حديثاً قد عادوا وانكفؤوا عن ذلك بسبب عدم وجود الدعم المعنوي الكافي من المجتمع الإسلامي المحيط. ومنذ فترة التقيت بامرأة كانت قد اعتنقت الإسلام لفترة عشر سنوات ولكنها عادت لتصبح اليوم وزيرة مسيحية مجدداً.

أخيراً ما الرسالة التي وجهتها إلى الناس من خلال كتابك؟

لقد وجهت رسالة من خلال كتابي إلى الناس الذين يتعلقون اليوم بالمظاهر المادية للحياة. الكثير من الشبان يحلمون بما كنت أمتلكه في الـ «أم تي ڤي» من تسلية ومعارف وشهرة وثقافة.. كنت أمتلك كل ذلك ويمكنني القول بأنّني لم أكن أشعر بالسعادة ولا أفكّر أبداً باسترجاع حياتي السابقة. ذلك الفراغ الذي كنت أحسّ به قبل اعتناقي للإسلام امتلأ اليوم من خلال وجود هدف لحياتي وعلاقة مميزة مع الله وحلم بالجنة.

وتختم بايكر بالقول: أكثر ما يقلقني اليوم هو أنّ غالبية سكان بريطانيا يبنون معارفهم عن الإسلام من خلال ما تمليه عليهم وسائل الإعلام. فالناس هنا لا يذهبون إلى المكتبات ويشترون الكتب ليتعرفوا على الإسلام، بل يكتفون بقراءة الدايلي مايل أو مشاهدة التلفاز لتكوين رأيهم عن الإسلام. كل ما ينقصنا هو التعليم والتثقيف. ولذلك أنا دائماً جاهزة لإجراء المقابلات، لكي أتكلم وأشرح أكثر عن الإسلام. فمثلاً عندما تتصل صحيفة الصن بأحدهم لإجراء حوار، يمتنع عن القبول، ولكنني أفعل لأنّ إلقاء قطرة واحدة من الحقيقة في ذلك المحيط الشاسع يمكن أن يكون له أثر».

٣٠٢

بايكر اليوم تبقي نفسها منشغلة بتحسين صورة الإسلام في بريطانيا. وكانت واحدة من الذين نظموا حملة «ألهمني الرسول محمد (ص)» في لندن التي هدفت إلى تقديم صورة مشرقة عن الإسلام من خلال ملصقات يتم وضعها في مواقف الحافلات وعلى سيارات الأجرة وكانت صورتها ظهرت على إحدى الملصقات وقد كتب تحتها «أؤمن بحماية البيئة وكذلك الرسول محمد (ص)». وقد تلقّت وسائل الإعلام تلك الحملة بالقبول. وفي الآونة الأخيرة أجرت معها شبكة البي بي سي لقاءً حول الفيلم المسيء للإسلام «براءة المسلمين».

الأخ يحيى

انطباعات من مسلم جديد

القرآن: الوحي الأخير

استدركت ضرورة وحتمية بعث نبي جديد بعد النبي عيسى (ع) نتيجة الابتكارات المنسوبة إلى الوحي الإلهي فكانت الحاجة لنبي آخر بعد عيسى (ع) مع وحي آخر بعد الإنجيل. لهذا بعث الله محمداً (ص) مع آخر رسالة، (أي القرآن)، لإعادة كل البشرية إلى الإيمان وعبادة إله واحد هو الله، دون شركاء أو وسطاء. وفقاً للمسلمين، القرآن الكريم، مصدر دائم لهداية الناس، وقد قدم توضيحاً عقلانياً للدور التاريخي الرائع للنبي عيسى (ع)، فقد ورد اسم (عيسى) خمساً وعشرين مرة في القرآن الكريم الذي يتضمن سورة اسمها مريم تيمناً باسم والدة نبي الله عيسى: السيدة مريم بنت عمران (عليها السلام).

فالحتمية الإلهية لنزول وحي جديد، وجدتها في الآيات القرآنية التالية التي أقنعتني جدا:) وَمَا کَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ یُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَکِنْ تَصْدِیقَ الَّذِی بَیْنَ یَدَیْهِ وَتَفْصِیلَ الْکِتَابِ لا رَیْبَ فِیهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِینَ ﴿37﴾﴾ [يونس: 37]، و﴿ وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْیَقِینِ ﴿51﴾ ﴾ [الحاقة: 51]. تزامناً، كنت أشعر بالقلق خوفاً من حصول تحريف في القرآن الكريم لأنها كانت مشكلة كبيرة مع الكتب السماوية السابقة. فقرأت بأن القرآن لن يتغير أو لن يتم إلغاؤه:﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّکْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴿9﴾ ﴾ [الحجر: 9].

٣٠٣

وعرفت لاحقاً أن بعض الظواهر العلمية مذكورة في القرآن، وهذا ما يؤكد مصداقية الاعتقاد بأن القرآن هو كلام الله. فهناك آيات تصف تكوين الجنين داخل رحم أمه، وتكوين الجبال، وأصل الكون، والمخ، والبحار، والأمواج والسحب. إنه فوق استيعاب أي شخص أن يتصور أنّ هذه الحقائق كانت مكتشفة منذ أكثر من أربعة عشر قرناً، ذلك أنه تم الكشف عن هذه الحقائق وتم تأكيدها في الآونة الأخيرة بواسطة علميات أُجريت بآليات متطورة.

الإسلام: جوهر وذروة الأديان السماوية

يعتقد المسلمون أن الغرض الأساسي لخلق الجنس البشري هو عبادة الله. كما قال في القرآن الكريم،﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِیَعْبُدُونِ ﴿56﴾ ﴾ [الذاريات: 56] وبحسب عالم إسلامي معروف في الغرب فإن «النظام الأكثر اكتمالا من العبادة المتاحة للإنسان اليوم هو النظام الموجود في دين الإسلام، وكلمة «الإسلام» تعني «التسليم والخضوع لإرادة الله (عزّ وجل)»، على الرغم من أنه يشارالى الإسلام عادة باسم ثالث الديانات التوحيدية الثلاث، فإنه ليس ديناً جديداً على الإطلاق. إنه دين جاء به جميع أنبياء الله للبشرية. فالإسلام هو دين آدم وإبراهيم وموسى وعيسى (عليهم السلام).

ويضيف العالم «بما أن الله واحد، والبشر هو نوع واحد، فبالنتيجة الدين الذي سيبعثه الله للناس هو دين موحد، فالحاجات الروحية والاجتماعية البشرية هي ذاتها والطبيعة البشرية لم تتغير منذ تم إنشاء أول رجل وامرأة

وبما أن رسالة الله كانت دائما هي نفسها، أدركت أنه من واجب جميع البشر البحث عن الحقيقة في التدين وليس مجرد القبول والاتباع الأعمى للدين الذي يتولاه مجتمعهم أو الوالدين، وفقاً للقرآن،﴿ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا أَسْمَاءً سَمَّیْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُکُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُکْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِیَّاهُ ذَلِکَ الدِّینُ الْقَیِّمُ وَلَکِنَّ أَکْثَرَ النَّاسِ لا یَعْلَمُونَ ﴿40﴾ ﴾ [يوسف: 40].

٣٠٤

وفيما يتعلق بالفطرة، قال النبي محمد (ص)، ما معناه كل مولود يولد على الفطرة لكن والديه يحولانه إلى اليهودية أو المسيحية أو المجوسية. وعلاوة على ذلك، قال الله تعالى:﴿ فَأَقِمْ وَجْهَکَ لِلدِّینِ حَنِیفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِی فَطَرَ النَّاسَ عَلَیْهَا لا تَبْدِیلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِکَ الدِّینُ الْقَیِّمُ وَلَکِنَّ أَکْثَرَ النَّاسِ لا یَعْلَمُونَ ﴿30﴾ ﴾ [الروم: 30].

كذلك، تعلمت أنه لا يوجد دين آخر مقبول عند الله الى جانب الإسلام، كما قال بوضوح في القرآن الكريم:﴿ وَمَنْ یَبْتَغِ غَیْرَ الإسْلامِ دِینًا فَلَنْ یُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِی الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِینَ ﴿85﴾ ﴾ [آل عمران: 85].

فاستنتجت أن الانسان قد يهمل هدى الله ويقيم لنفسه معايير خاصة للمعيشة. ولكن في نهاية المطاف، سوف يكتشف أنه لم يكن يتبع إلا سراباً.

عابر

واصلت قراءة القرآن والتعرف على أقوال وأفعال النبي محمد (ص)، فلاحظت أن الإسلام يرى الإنسان (العبد) كرجل عابر لهذه الحياة، والآخرة هي الدار المقر.

فنحن هنا لفترة قصيرة، ولا يمكن أن نأخذ أي شيء معنا من هذه الحياة إلا إيماننا بالله وأفعالنا الحسنة. وبالتالي، ينبغي أن نكون مثل المسافر الذي يمر عبر الأراضي فقط ولا يأخذ أي شيء منها.يجب علينا أن نفهم أن معنى أن نكون على قيد الحياة هو أن نكون تحت اختبارات متواصلة. فهناك المعاناة والفرح والألم والغبطة. هذه الاختبارات من الخير والشر هدفها بلورة الصفات الروحية العليا فينا. نحن غير قادرين على الاستفادة من هذه التجارب إلا إذا بذلنا قصارى جهدنا، بحيث يكون لدينا ثقة كاملة بالله وتقبل ما يقدر الله لنا بصبر.

٣٠٥

الطريق إلى الجنة

كان لا بد من معرفة المزيد عن الجنة إذ إنها بالتأكيد الهدف النهائي الذي يسعى إليه كل فرد، يقول الله،﴿إِنَّمَا یُؤْمِنُ بِآیَاتِنَا الَّذِینَ إِذَا ذُکِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا یَسْتَکْبِرُونَ ﴿15﴾ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ یَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ یُنْفِقُونَ ﴿16﴾ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِیَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْیُنٍ جَزَاءً بِمَا کَانُوا یَعْمَلُونَ ﴿17﴾ ﴾ [السجدة: 17] فصرت على بينة أن سروري غداً هو أبعد من كل خيال، إذ سأعيش هذا الفرح العارم في ظل الخالق.

كنت أتساءل أي النفوس تستحق هذه المكافأة؟ هذا الثواب أعظم من أن يكون له ثمن. قيل لي أن الثمن هو الايمان الحقيقي بالله والطاعة له ولنبيه محمد (ص) وآل بيته (عليهم السلام).

أدركت أن البشرية يجب أن تعبد الله لتحقيق البر والوضع الروحي اللازم لدخول الجنة.هذا يعني أنه على البشر الفهم أن العبادة لا غنى عنها كما الأكل والتنفس وليست مجرد معروف يقومون به تجاه الله.لذلك نحن بحاجة لقراءة القرآن لمعرفة أي نوع من الناس يريدنا الله أن نكون ونحاول أن نصبح على هذا النحو. إذاً هذا هو الطريق إلى الجنة.

التغلب على عقبة:

في هذه المرحلة، شعرت بأنني 80٪ أريد أن أصبح مسلماً، ولكن ما كان يدفعني إلى الخلف أنني كنت قلقاً من ردّة فعل عائلتي وأصدقائي لو علموا بأنني أصبحت مسلماً.

فأعربت عن قلقي لأخ مسلم فقال لي أنه في يوم القيامة، لا أحد سيكون قادراً على مساعدتك، لا والدك، ولا والدتك أو أي من أصدقائك. لذلك، إذا كنت تعتقد أن الإسلام هو الدين الحق، يجب أن تتقبله وتعيش حياتك لإرضاء واحد أحد هو الذي خلقك، وهو الله.

وهكذا، أصبح جلياً بالنسبة لي أننا جميعا في قارب واحد؛ وأن كل نفس ذائقة الموت ثم سنكون جميعاً مسؤولين عن معتقداتنا وعن أفعالنا أمام الله.

٣٠٦

شريط فيديو ذو مغزى:

في هذه المرحلة من بحثي عن الحقيقة، كنت على وشك اعتناق الاسلام. شاهدت محاضرة إسلامية على شريط فيديو حول الغرض من الحياة. وكان الموضوع الرئيسي لهذه المحاضرة أن الغرض من الحياة يمكن تلخيصه في كلمة واحدة، هي الإسلام (التسليم لإرادة الله).

على عكس الأديان أو المعتقدات الأخرى، فإن مصطلح «الإسلام» لا يرتبط بأي شخص أو مكان معين. قد أسمى الله الدين في الآية القرآنية التالية:﴿ إِنَّ الدِّینَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ ﴾ [آل عمران: 19] فأي شخص يعتنق الإسلام يسمى مسلماً بغض النظر عن عرق ذلك الشخص أو جنسه أو جنسيته. هذا هو واحد من الأسباب التي تجعل الإسلام دينآً عالمياً.

قبل بحثي عن الحقيقة، لم أنظر بجدية إلى الإسلام كخيار بسبب الصورة السلبية المستمرة عن المسلمين في وسائل الإعلام. وقد أظهر مقطع من شريط الفيديو كيف أن المسلمين وعلى الرغم من تميز الإسلام بالمعاييرالأخلاقية العالية، ليسوا جميعاً متمسكين بهذه المعايير.و يمكن قول الشيء نفسه عن أتباع الديانات الأخرى.

فهمت أخيراً أننا لا نستطيع أن نحكم على الديانات من خلال تصرفات أتباعها وحدها، كما فعلت، لأن عامة البشر غير معصومين. على هذا الحساب، لا ينبغي لنا أن نحكم على الإسلام من تصرفات أنصاره، ولكن عن طريق الوحي (القرآن الكريم) وسنة النبي محمد (ص) وأهل بيته (عليهم السلام).

النقطة الأخيرة التي التقطتها هي أهمية الامتنان لله. فالله يذكر في القرآن أنه ينبغي لنا أن نكون ممتنين لحقيقة أنه خلقنا:﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَکُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِکُمْ لا تَعْلَمُونَ شَیْئًا وَجَعَلَ لَکُمُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ لَعَلَّکُمْ تَشْکُرُونَ ﴿78﴾ ﴾ [النحل: 78].

٣٠٧

الحقيقة تكشف عن نفسها:

بمجرد انتهاء العرض،اختبرت كشف النقاب عن روحي، شعرت أنّ عبئاً كبيراً من الخطايا زال عن كتفي. وعلاوة على ذلك، شعرت بنفسي كأنني أرتفع عن الأرض وأحلّق، رافضاً المسرات المؤقتة في هذا العالم من أجل الأفراح الأبدية في الآخرة.

هذه التجربة، إلى جانب عملية طويلة من التفكير، حلت أحجية «الغرض من الحياة». وكشفت أن الإسلام هو الحقيقة، وبالتالي كان علي تحديد هدفي من الحياة، ومعتقدي، اتجاهي وأفعالي.

فدخلت بوابة الإسلام بالإعلان عن نية الإيمان بالقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.

أُبلغت بأن هذه الشهادة تؤكد الاعتقاد بجميع الأنبياء والمرسلين من الله، جنباً إلى جنب وبالتالي فإن كل رسول ونبي هو تحديث واستكمال لدين واحد حتى وصلنا إلى آخر الأنبياء محمد (ص) وإلى الوحي النهائي من الله [القرآن].

انطباعات من مسلم جديد:

أثناء بحثي عن الحقيقة، الدرس الذي تخطى جميع الدروس، هو أن كل المعبودات الأخرى ما عدا الله هي مجرد أوهام.

فالإذعان لإرادة الله أشعرني بالسلام مع الخالق، مع الآخرين، وأخيراً، مع نفسي. ونتيجة لذلك، بت أشعر بالامتنان جداً، وهذا من رحمة الله، الذي أنقذني من أعماق الجهل وصعد بي إلى نور الحقيقة.

الإسلام، الدين الحق في جميع الأوقات والأماكن ولكل الشعوب، هو رمز كامل للحياة إذ يوجّه الإنسان لتحقيق الغرض من وجوده على الأرض، ويعد له اليوم الذي سيعود فيه الى خالقه.

اتباع هذا المسار بطريقة ورعة تمكن الواحد منا من اكتساب رضوان الله فنكون أقرب إليه وسط المسرات التي لا نهاية لها من الجنة والخلاص من عذاب جهنم. مكافأة إضافية بأن تكون حياتنا الحالية أسعد بكثير عندما نتخذ مثل هذا الخيار.

٣٠٨

التمتع بالضلالة:

وقد أعطى اعتناق الاسلام لي أكثر من نظرة ثاقبة في الطبيعة الوهمية لهذه الحياة. على سبيل المثال، إحدى الركائز الأساسية للإسلام هي تحرير الإنسان. فعندما يطلق مسلم على نفسه اسم «عبد الله»، ذلك إن دل على شيء فإنما يدل على التحرر من العبودية لجميع الأشكال الأخرى، وعلى الرغم من أن الإنسان المعاصر قد يظن أنه متحرر، وهو في الحقيقة عبد لرغباته. مخدوع ومضلل من هذه الحياة الدنيوية. يقول الله تعالى:﴿ أَرَ‌أَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ﴿43﴾ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَ‌هُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ [الفرقان: 43، 44].

لذلك يجب علينا ألا ندع حماسنا للاستمتاع بمتع هذه الحياة الزائلة يعرِّض فرصة الاستمتاع بملذات الجنة للخطر. كما يقول الله في القرآن:﴿ زُیِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِینَ وَالْقَنَاطِیرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَیْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِکَ مَتَاعُ الْحَیَاةِ الدُّنْیَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴿14﴾ قُلْ أَؤُنَبِّئُکُمْ بِخَیْرٍ مِنْ ذَلِکُمْ لِلَّذِینَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِینَ فِیهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِیرٌ بِالْعِبَادِ ﴿15﴾ ﴾ [آل عمران: 14، 15].

ولذلك، فإن المنافسة الحقيقية في هذه الحياة ليست على تراكم الثروة أو الرغبة في الشهرة، بل بالقيام بالاعمال الصالحة لإرضاء الله، مع الاحتفاظ بالجزء القانوني من التمتع في هذه الحياة.

الطريق الصحيح إلى الله:

هناك العديد من البدائل الدينية المتاحة للإنسان، والأمر متروك له لاختيار أي ديانة يرغب في اتباعها. إنَّه أشبه بالتاجر مع العديد من السلع أمامه، وهو الذي يختار أي سلعة ليتاجر بها. من الواضح أنّه سوف يختار ما يعتقد أنّه الأكثر ربحاً. ومع ذلك، فإن التاجر يبقى غير متأكد وغير ضامن للربح؛ حيث يمكن أن يكسب اليوم ويمكن أن يخسر غداً كل شيء.

في المقابل، فإن المؤمن في وحدانية تسليمه لله، يكون متأكداً تماماً أنّه إذا كان يتبع طريق الهداية [القرآن وسنة النبي محمد (ص)، وآل بيته (عليهم السلام)] سيكون بلا شك مصيره النجاح والثواب في نهاية هذا الطريق، ولحسن الحظ، يبدأ هذا النجاح أيضاً في بداية اختيار هذا المسار.

٣٠٩

أنا مسلمة جديدة...

رقية وارث مقصود

ليس من أمر أسهل من اعتناق الإِسلام - لحظة يدرك الإنسان أن الله حق وأن الله موجود حقاً ويقر بأن النبي العربي محمد (ص) هو حقاً خاتم رسل الله ضمن سلسلة الأنبياء الآخرين المذكورين في الإنجيل يكون قد خطى فعلياً الخطوة الأولى.

تسمى لحظة الإشراق هذه التقوى والإحسان. فجأة تدرك أن الله يراك ويعرفك وإن كنت لا تعرفه ولا تراه.

الخطوة الثانية في مسيرة اعتناق الإِسلام هي التعبير وبوضوح عن لحظة الإيمان هذه - أي نطق الشهادة: «أشهد» لتتوالى الخطوات طوال حياتك.

كيف أعيش كمسلمة:

أن تصبح جزءاً من الجالية المسلمة المحلية وتلج في نمط الحياة هذا أمر يختلف تماماً عن مجرد أن تصبح مسلماً على مستوى العقل.

فهذا يتطلب من الكثيرات من معتنقات الإِسلام درجة عالية من العزم والثقة. فأنتِ لن تواجهي عائلتك وأصدقائك الذين يعتقدون أنك قد أصبت بالجنون فقط، ولكن كامرأة عليك أيضاً أن تستجمعي قواك للدخول إلى عالم المسجد حيث الرجال العابسو الوجوه ذوو اللحى الطويلة لن يكلموك.

فإن كنت واحدة من معتنقات الإِسلام في بعض نواحي إنكلترا الشمالية حيث يغلب على المساجد الطابع الآسيوي، يجدر بك أن تعلمي الكثير عن الثقافات الآسيوية بالإضافة إلى تعلّم الإِسلام.

تنجلي تلك العبسات عن حياء ورقة وتقوى وصداقة صادقة وضيافة وكرم؛ ولكن يعتبر من الفظاظة أن يبدو الرجل وكأنه متحمس للتحدث مع النساء أو للنظر إليهن أكثر من نظرة واحدة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الكثير من المساجد لا تحوي بعد على مصلّى للنساء.

٣١٠

اكتساب الثقة:

لكننا نحن الذين نعتنق الإِسلام نكتسب الثقة شيئاً فشيئاً، فلم نعد نشعر بأنه علينا أن نتظاهر بأننا عرب أو باكستانيون لنشعر بالانتماء.

فنحن نعلم الآن أن المسلمين متواجدون في كل مكان حول العالم من الأسكيمو إلى أستراليا.

يمكننا أن نختار أسماء عربية، كما يمكننا أن نبقى على أسمائنا القديمة فهذا الأمر ليس ذا قيمة حقاً.

على النساء اختيار ملابس معينة كالبنطال الفضفاض والسترة الطويلة أو التنورة الطويلة. وإن كنا لا نشعر بالانسجام في المساجد المحلية لأننا لا نتقن اللغة العربية، فنحن بدأنا بتنظيم مساجد داخل البيوت ونشكل جماعات فيما بيننا وندعو الآسيويين أيضاً ليكونوا ضيوفنا.

أطياف متعددة من المسلمين.... عائلة واحدة:

بدأنا نحن - معتنقو الإِسلام الجدد - بالقراءة بما فيه الكفاية وبتحصيل العلم بما يمكِّننا من التعبير عن آرائنا حول الأمور من حولنا. فنحن عندنا النضج الكافي لندرك أن ليس كل المسلمين قديسين. فالبشر بشر وجلّنا بعيد عن الكمال.

هكذا نتغلب على الشعور بالخيبة عندما نكتشف أن ليس كل مسلم يحيا كما ينبغي على المسلم أن يحيا للوصول إلى الكمال وبالتالي لا نستسلم أو نتهمهم بالنفاق؛ بل على العكس نبذل أقصى جهدنا لنحيا حياتنا بأفضل طريقة ممكنة.

شيئاً فشيئاً يدرك كافة معتنقي الإِسلام وجود الكثير من أنواع المسلمين.

بعض المسلمين روحانيون في حين أن آخرين يهتمون بظاهر العبادات.

لكن شعورنا يزداد بأنه بإمكاننا أن نجد مكاناً لأنفسنا إلى جانب الآخرين في هذه الأمة الواسعة والعائلة الممتدة، وطالما أننا نقوم بأقصى جهدنا فإن الله سيثيبنا على نوايانا الحسنة.

٣١١

جيمي بور

من عارضة أزياء إلى امرأة مسلمة

السلام عليكم، إسمي جيمي

وُلدت وترعرعت على المسيحية الحديثة غير الطائفية ولم أجد فيها أجوبة لما كنت أبحث عنه، ولمدة 31 عاماً كمسيحية، لم أشعر يوماً بالله. حاولت وبكل ما بوسعي ولكني لم أشعر به على الإطلاق. كنت عارضة لبلادي ولمدة خمس سنوات، تعاطيتُ الكثير من المخدرات خلال تلك الفترة كنت أستخدمها كمساعد لفقدان الوزن وكنت أستخدمها لمرة واحدة لأُبعد نفسي عن الإكثار من تناول الطعام. كنت أعتقد بأنني قوية لأتجنب الإدمان على المخدرات التي تحوّل كل من يستخدمها إلى مدمن. بدأتُ أفكر بأني سآخذها لأسبوعين إلّا أنني أصبحتُ مدمنة ليل نهار. أخذتني المخدرات إلى الحضيض والدمار الكامل، فقد كان زوجي يتعاطى المخدرات كذلك. ما دفعه ليكون عنيفاً معي، حتى أني كنت خائفة على حياتي.

قررت أن أتوقف عن تعاطيها، فليس هذا ما أريده لحياتي. فقلت له أنني سأتوقف عنها، ضحك وقال: «لن تستطيعي التوقف». فقلت: «سأتوقف عنها». وتوقفت عن تناولها ذلك اليوم ولم أنظر إلى الخلف مرة أخرى، ولم يكن لديَّ أي برنامج لإعادة التأهيل أو أي مساعدة خارجية أو نظام دعم. كان زوجي يضحك، محاولاً أن يثنيني عن عزمي حتى أعود لتناولها من جديد، وبعد ذلك رُزقت بولدي الصغير. تغيّرت نظرتي إلى الحياة بأكملها. فقد أحببتُ ذلك الطفل الصغير الرائع والذي يحتاج إلى أم صالحة، أحببته كثيراً. فأردت تغيير كل شيء كنت قد ركزت عليه سابقاً، لأجله.

كنت في السابق قادرة على فعل أي شيء أريد أن أقوم به، فقد كنت جزءاً من مشاهد هوليوود التي يرغب الجميع بأن يكون جزءاً منها. لم أكن شخصاً جيداً، كنت في السابق، أشرب الكحول وأتعاطى المخدرات. ولكنني لم أعد أريد القيام بهذه الأمور بعد الآن.

٣١٢

قمتُ بالبحث عن الإِسلام لفترة قبل أن أصبح مسلمة، أردتُ أن أعرف وبشكلٍ أساسي سبب كراهية العالم للمسلمين بهذا القدر، لأنني رأيت ما رأيتُ في نشرات الأخبار، ورأيتُ الظلم والعنف وهذا ما دفعني للبحث عن الحقيقة ولمعرفة ما إذا كان الإِسلام كذلك. بدأتُ البحث عن الموضوع، وكلما بحثت أكثر كلما غصت أعمق في الموضوع. فوجدتُ الحقيقة.

تفاجأ الكثير من الناس عندما تخليتُ عن كل الملذات السابقة لأجل أن أكون مسلمة. والغريب هو أنني عندما نطقت الشهادتين أسست بتلاشي الرغبات للقيام بتلك الأمور وبشكل كامل. إنه لشيء رائع أن أستمتع وأشعر بالسلام في قلبي كوني مسلمة.

أعتقد أن الشيء الأساسي الذي أثار إعجابي بالإِسلام هو احترام المرأة. فهناك الكثير من الاحترام للمرأة والأمور التي تقوم بها النساء، حياتنا نحن النساء ليست سهلة، فلدينا الكثير لنفكر فيه ونقلق بشأنه، كعائلاتنا وأزواجنا وأطفالنا. فتربية الأطفال هو أمر صعب جداً، بالإضافة إلى الأعمال المنزلية والطبخ والاعتناء بأزواجنا.. إنها وظيفة صعبة.

وفي الواقع فإن الإِسلام يحترم المرأة لتلك الأسباب. كان سبباً لفصلنا عن الرجال في المساجد حتى لا يتشتت الرجال. يفهم الإِسلام القوة الكامنة في جاذبيتنا ومظهرنا وهو ما يتأثر به الرجال، والإِسلام يحترم هذا الأمر. ما إن أدركتُ هذا حتى تمكنت الفكرة مني وأردتُ أن أصبح مسلمة. اعتناقي للإِسلام أشعرني بالاختلاف فقد جعلني أشعر بالسلام المطلق. كنت في السابق أشعر بعدم الاستقرار، فالكثير من الأشياء كانت في حالة عدم استقرار، والسبب في هذا هو عدم اتخاذ قرار بشأنها. لم يكن لديَّ أيَّ هدف في ذهني ولم يكن هناك سبب لوجودي، لكن اعتناقي للإِسلام أعطاني السلام والأمان والتوازن وهو ما احتجت إليه في حياتي، إسلامي جعل من الأشياء حقيقة، وتستحق أن أكون هنا من أجلها، فأخيراً صار هناك هدف لحياتي وأنا أفهم الآن ما هو الغرض منها. لا نملك الفرصة دوماً للالتقاء بالناس الذين نحتاجهم بصورة جوهرية لنفهمهم. هذا ما جعلني أتردد على المسجد لأتقرب إلى الناس وأفهمهم. وكلما زاد ترددي إلى المسجد، كلما ازداد عدد النساء اللواتي أحطن بي واعتنين بي ومنحنني العطف الموجود في الإِسلام.

٣١٣

لم أفكر أبداً ولو لمرة واحدة في حياتي بأني سأصبح مسلمة على الإطلاق. فقناعاتي تجاه المسلمين كانت مغلوطة للغاية فأنا لم أحبهم، فقد كنت أعتقد بأنهم سيئون ولم أكن لأفكر ولو لمرة بأني سأكون واحدة منهم. ولكن اليوم أنا فخورة وسعيدة جداً، وأريد أن أرتدي الحجاب ليعرف الناس أني مسلمة، حتى لو كرهوني فأنا لا أهتم. أنا أريد أن أبيِّن لهم أن الله موجود في أي شخص وليس فقط في الشرق أوسطيين.

٣١٤

راكيل: مسلمة أميركية...

ضابطة شرطة سابقة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إسمي راكيل، وقد اعتنقت الإسلام.

لقد كنت ضابطة شرطة في مدينة ديترويت وعملت هناك منذ عام 1996 وحتى عام 2004 وقد أُطلق علَيّ النار عام 2002، وكان ذلك أثناء تأدية وظيفتي وكدت أفارق الحياة.

لم أكن أذهب إلى الكنيسة في واقع الأمر، لقد نشأت في منزل مسيحي، فأبواي قسين مسيحيين، وقرأت الكثير عن الكاثوليكية.

لقد لاحظت أن الإسلام منطقي من الناحية الفكرية، أنا لم أحلل الأديان الأخرى وأدرسها، إلّا أنها تبدو وكأنها تحمل الكثير من صنع الإنسان، وأفكاره بدلاً من شريعة الله الأصلية، وهذا كان يزعجني كثيراً. ثم وجدت الإسلام، أكثر دقة تاريخياً ومن حيث أصالة النصوص، ولم يتم تشويهه من خلال الكثير من الترجمات المختلفة.

أعتقد أنه في عام 2002، تم إنقاذ حياتي لسبب، وأعتقد أن هذا السبب هو أن أتمكن من اعتناق الإسلام وأن أصبح مسلمة. لم أكن أعرف كيف أعبد الله، لم أعرف ما هو الدين الذي ينبغي أن أؤمن به، حتى التقيت ببعض الأصدقاء المسلمين، وقد حدثوني باستفاضة، وفسَّروا لي الكثير. لقد كنت أشعر بالقلق حيال إعلان الشهادة لأنني لا أعرف الكثير من الكلمات الإسلامية حتى الآن، فساندتني إحدى الأخوات التي كانت ترعاني في المسجد، وساعدتني حتى أعلن شهادتي وكان الأمر رائعاً فعلاً. لقد استمتعت بمجرد الإعلان أني أشهد أن لا لا إله إلّا الله أمام كل من في المسجد وكان ذلك أبرز الأحداث بالنسبة لي. لم أعد أخاف الموت فيجب أن لا نخشى إلّا الله، ونتحلى بالإيمان، لأنَّ الله واحد وأنا أعرف ذلك لأنني كنت على شفير الموت ولو كنت قد توفيت ذلك اليوم، لا أعرف إن كنت في هذه الحالة سيكون مصيري إلى نار جهنم أم لا، أما الآن فتملأني الثقة والطمأنينة والسعادة لأنني أعرف مصيري إن حدث لي شيء اليوم.

٣١٥

كان سيصيبني الجنون إن تابعت عملي كضابطة شرطة، لأن الناس يهاجمون المسلمين في ديترويت دون سبب على الإطلاق، لاسيما بعد أحداث الحادي عشر من أيلول، كان الأمر فظيعاً وقد أزعجني، وكنت أردّ بأن كونهم مسلمين لا يعني أنهم متطرفون حيث أزعجني ما رأيت - كضابطة شرطة - في الشوارع والأسلوب الذي كانت تتم به معاملتهم فقد كان في ذلك انعدام للضمير.

أعرف أن تعلُّم لغة جديدة قد يكون محبطاً للبعض، فهي في الأساس ثقافة جديدة، وليست ديناً فحسب، بل أسلوب حياة. وبالنسبة لي لم يكن ذلك محبطاً، كل ما في الأمر هو رغبتي في تعلمها بسرعة أكبر، وأريد أن أتقنها بمفردي، لكن هذا ليس سهلاً وعلَيَّ أن أتعلم كل شيء تقريباً عبر الإنترنت حتى كيفية ارتداء الحجاب، إنها تجربة مذهلة. بدأت أمتنع عن الكثير من المحرمات كشرب الكحول ولم أعد أتناول لحم الخنزير، وبالطبع أشتري الآن لحماً حلالاً. أصبحت في الأربعين وكنت أعرف أنني أرغب في إدخال هذه التغييرات إلى حياتي، وآن الأوان لأنعم بالسلام والهدوء في حياتي وأتقرب إلى الله، وكنت مستعدة تماماً لهذا التغيير وكنت أعرف أن هذا ما تفتقده حياتي. عندما أصلي، أشعر أنَّ الصلاة مؤثرة جداً وأشعر بقدر هائل من الحماية.

أقرأ القرآن الكريم كل يوم، وأجد فيه آداب الإسلام وأتعلم شيئاً جديداً، والناس يقدمون الكثير من المساعدة، فبالرغم من اختلاف العرق، لا يصدر الناس عليك أحكاماً إذا دخلت وأنت أمريكي. بل يقدمون الكثير من الدعم، فالكل يعاملك بكل لطف ويساعد في تعليمك وتوجيهك.

أكثر ما يعجبني في الإسلام هو الحجاب، فأنا أستمتع به، لأكون صادقة تماماً، لا سيما هنا في لاس فيغاس حيث ينظر الرجال إلى النساء بشكل غريب وهذا يثير الخوف. وهكذا أشعر بمزيد من الراحة والأمان. أما في ما يتعلق بإخبار أصدقائي عن اعتناقي الإسلام، لست متأكدة من ردود أفعالهم فمثلاً أفضل صديقاتي من الطفولة تعمل في الواقع في الكنيسة الكاثوليكية، وأعرف أن رد فعلها لهذا سيكون سيئاً، وقد لا نكون أصدقاء بعد الآن. والبعض أظهروا لي الكثير من الدعم أو طرحوا أسئلة مثيرة للاهتمام كذلك، فكان من اللطيف أن أتمكن من أن أنقل أفكاري لهم. من أبرز الأسئلة التي طرحها أصدقائي بصفة خاصة، سواء من الرجال أو النساء، لماذا تغطين رأسك؟ ولماذا تغطين ذراعيك؟

٣١٦

لا سيما عندنا في لاس فيغاس، لأن المجتمع هنا مختلف للغاية مقارنة حتى بالمجتمعات الأمريكية العادية، الناس هنا يرتدون ألبسة مكشوفة خاصة النساء، فقلت بكل بساطة، الأمر يتعلق بالاحتشام، وقد لاحظت أن الناس ينظرون إليّ بشكل مختلف، حتى أن بعض أصدقائي ذكروا أن بعض الناس ينظرون إليّ بمزيد من الإحترام لأنّ الرجال لا ينظرون إليّ كشيء، بل ينظرون إلى وجهي. في ما يتعلق بأفراد أسرتي فهو سيف ذو حدين، إنني أفتقدهم كأشخاص، لكنني لا أفتقد دينهم على الإطلاق. وقد كانوا في غاية القسوة معي، فقد كانت لديّ تجارب رهيبة ومخيفة للغاية، كان والداي يصطحبانني منذ صغري لحضور ممارسات طرد الأرواح الشريرة. فكان لذلك أثر عاطفي هائل على نفسي طوال الوقت. والداي لا يعرفان أنني اعتنقت الإسلام، لم يكن أمامي سوى خيار واحد في رأيهما، وكان إما اختيار أن أكون مسيحية ذات شخصية جذابة مثلهما أو لا يحترمانني مطلقاً وقد أقصياني من العائلة وكان ذلك قبل أن أعتنق الإسلام.

أفضِّل أن تكون لي أسرة مسلمة وأن يكون الله في حياتي، الله الحق، وليس مجموعة من القواعد والقوانين التي أرساها البشر، لقد تسبب دينهما بالكثير من الألم لي، لكن هذا الدين ليس كذلك.

أنا أريد أن أنشر هذا الدين، وأنشر الحب وأنشر السعادة وأنشر السلام، وأوضح للناس أنه يلزم القضاء على كل هذه النماذج النمطية، وأن الإسلام ليس إرهاباً، وأنه رائع للغاية وهذا ما أرغب أنا شخصياً في أن أوضحه للناس.

٣١٧

أسلم بعد جنازة صديقه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وُلِدتُ وترعرعت في مدينة هاليفاكس في نوفا سكوتيا، أبي رجل أبيض من منطقة برنس إدوارد في كندا وأمي امرأة سوداء من مجتمع يُدعى لوكاس فيل في نوفا سكوتيا.

أمي كانت مسيحية ولقد اعتدت الذهاب معها إلى الكنيسة، وحتى عندما توقفت هي كنت أنا الوحيد من أفراد عائلتي الذي يذهب إلى هناك، عندما كبرت وأصبحت في مرحلة آخر المراهقة، توقفت عن الذهاب إلى الكنيسة، فلم أكن مهتمّاً بمفهوم الدين.

لا زلت أؤمن بالله والعديد من المعتقدات الدينية المسيحية لكنني لم أؤمن بهذا التنظيم الديني.

لقد كنت أعيش في منطقة دارتموت، هي تقع على ميناء مدينة هاليفاكس، ترعرعت هناك حيث كان يوجد عائلة باكستانية كبيرة مسلمة، كنت صديقاً لهم وتعلّمت منهم عن الإسلام بعض الأشياء، فقد كان أحد أفرادها متديّناً، فقد كنت أراه دائماً يذهب إلى المسجد ويصلّي، كان عمري 16 سنة تقريباً عندما أصبحتُ مهتمّاً بالدين الإسلامي وبدأت بالاستفسار عنه، من أصدقائي. وحين بلغت السابعة عشرة - وفي الصيف الذي ما بين الأول الثانوي والثاني الثانوي - انتقلت مع أبي وزوجته من دارتموت للعيش في هاليفاكس، حيث كان هناك العديد من العرب المسلمين، وكانت هذه النقلة بمثابة الصدمة الثقافية بالنسبة لي، لأنني كنت أعيش في كول هاربور، حيث المسلمون قلّة لا تراهم في كل مكان، وبالتالي لا ترى الحجاب أو أيّ شيء من هذا القبيل، بينما في بدفورد يوجد العديد من المسلمين العرب الذين يمكنك معرفتهم بسيماهم. بعد فترة من وصولي إلى هناك، عرف أحد الإخوة العراقيين أنني مهتم بالإسلام فجاء وقال لي بأنهم يقيمون صلاة الجمعة كل أسبوع في المدرسة الثانوية التي كنت أرتادها في وقت استراحة الغداء، فدعاني.

ذهبنا إلى هناك يوم الجمعة والحمد لله كانت تجربة جيدة جداً. كان الخطيب شاباً يافعاً مرحِّباً ومضيافاً وصلّيت معهم على الرغم من أنني لم أعِ ما أفعل، فلقد كنت أقلّدهم. بعد الصلاة تحدّثت إلى الخطيب ورجل آخر كان يأتي للصلاة كل جمعة.

٣١٨

وفي أحد الأيام وبعد انتهائنا من الصلاة سألني ذلك الرجل: «ما رأيك بالإسلام؟» فقلت له: «أنا أؤمن بالدين الإسلامي وأعتقد أنه الدين الصحيح والطريقة المُثلى للحياة» فأجابني: «إذاً يجب أن تصبح مسلماً!» تفاجأت حينها لأنني كنت صغيراً ولا زال أمامي الكثير لأتعلّمه. قال لي: «يجب أن تُسلم لأنك لا تعلم متى ستموت» عندها ضحكت لأنني كنت أبلغ من العمر السابعة عشرة فقط وما زلت صغيراً على الموت، سأموت عندما أصبح جَدَّاً في الثمانينات ويمتلئ شعري شيباً وأحفادي من حولي، فلم أكترث لما كان يقوله.

ذهبت إلى هناك 4 أو 5 مرات بعدها، إلى أن جاءت إجازة الصيف فلم أعد أذهب إلى المدرسة. لكن في يوم من أيام الإجازة الصيفية، كنت أعمل في مطعم، حيث تلقّينا اتصالاً مفاجئاً في وقت الإغلاق من المديرة، التي أخبرتنا فيما بعد أنَّ خالد توفي في حادث اصطدام سيارة. من هو خالد؟ خالد هو أحد الإخوة الفلسطينيين كان يعمل معنا في المطعم لمدة قصيرة وكان صديقي أيضاً فلقد كنا نرتاد نفس المدرسة وتخرجّنا منها معاً. عندما سمعت الخبر لم أصدّقه لأوّل وهلة. هاتفتُ المديرة التي نقلت إلينا الخبر وعندما سمعت صوتها تبكي عرفت حينها بأنه قد مات فعلاً.

لم أستوعب ما الذي يحدث في ذلك الوقت، لكنني في طريقي إلى البيت ماشياً، انهرت باكياً. كانت المرة الأولى التي عرفت فيها أنَّ أحداً توفي في نفس عمري، فكلانا كنا نبلغ الثامنة عشرة من العمر، فقد صدمتني هذه الفاجعة في الصميم..

يوم دفن الجثّة، تعلّمت كيفية الوضوء حيث هاتفت صديقي وعلّمني كيف أتوضأ. وذهبنا أنا وصديقي إلى المسجد في دارتموت لصلاة الجنازة ثم بعد ذلك توجهنا إلى مقبرة المسلمين.

كان الجو مفعماً بالحزن فإخوته وأبوه كانوا هناك والجميع منخرط في البكاء.

عندما وضعوا التراب فوق جثمانه بدأت أنا بالبكاء الشديد، أثناء ذلك شاهدت الشيخ الذي قال لي يجب أن تسلم لأنك لا تعلم متى ستموت. كان هذا بمثابة إشارة لي من عند الله أني قد أموت قريباً وأنَّ كلام الشيخ كان صحيحاً وأنني يجب أن أسلم.

٣١٩

ذهبت إليه مباشرة وأخبرته أنني أريد أن أسلم فقال لي: «أهلاً أليكس، كيف حالك؟ من الرائع رؤيتك مرة أخرى، أتمنى أنك ما زلت مهتمّاً بالإسلام». وسبحان الله في تلك اللحظة، وفي ذلك المكان عند المسجد بجانب المقبرة قلت: «أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله».

بعد ذلك مباشرةً حان وقت صلاة المغرب، وسألني أحد الإخوة إذا كنت أعرف كيفية الوضوء، فقلت نعم. ثم ذهبت إلى دورة المياه لأتوضأ لكنني نسيت مراحل الوضوء فمكثت هناك وقتاً طويلاً محاولاً التذكر. وعندما فرغت من الوضوء كانوا قد انتهوا من صلاة المغرب لكن الشيخ لم يصلِّ بعد وكان بانتظاري ثم صلّينا معاً والحمد لله نشأت بيننا صداقة طيبة من بعد ذلك، فقد استمريت في مقابلته يومياً بعد ذلك لمدة أسبوع حيث علمني سورة الفاتحة وأركان الإسلام.

قبل الإسلام لم أكن أعرف ما الذي يجب أن أفعله وما الذي أريده وما الطريقة المُثلى للعيش.

كنت أعيش وفقاً لفلسفتي الخاصة منجرفاً إلى العديد من العادات السيئة ولكن الحمد لله هداني ربي إلى الطريق الصحيح قبل الوقوع في الطريق السيء.

الكثير قد يجادل بأنَّ السبب وراء اعتناقي الدين الإسلامي هو عاطفتي. ولكن لم تكن الأسباب كذلك، لأنني كنت مقتنعاً أصلاً بأنَّ الدين الإسلامي هو الدين الحق لكنني كنت بحاجة إلى دفعة في الاتجاه الصحيح. فهذه الحادثة جعلتني أعي أنني قد أموت في أي دقيقة وكانت الحادثة إشارة لي بما أنني كنت مقتنعاً بالإسلام فلماذا أنتظر حتى أبلغ العشرين أو الثلاثين أو الأربعين من عمري؟ ولهذا أسلمت وبذلت جهداً في تعلّم الإسلام وأركانه ومبادئه.

أتوق إلى شهر رمضان هذا العام، وأستمتع باختباره مجدداً. نؤدي الشعائر الدينية بشكل أفضل كقراءة الأدعية والذهاب إلى المسجد دوماً وتلاوة القرآن الكريم.

أنا الآن أكثر اقتناعاً من قبل بأنَّ الدين الإسلامي هو الدين الصحيح لأنني رأيت براهين القرآن الكريم ومعجزاته.

حياتي بعد الإسلام تحسّنت كثيراً، فالإسلام هداني إلى الاتجاه الصحيح للحياة وهو أن أعيش حياة مستقيمة ومتديّنة بعد أن كنت متخبطاً قبل ذلك.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

غنى عن الازدياد عنه.

[ ضبط الغريب ]

وقولها : يرأب أرادت : يشعب. العقيرة : الصوت والإصحار : إبداء الذي كان مستورا.

القعود من الإبل ( الذي يقتعده الراعي فيحمل عليه زاده ومتاعه وكذلك ما أفرده الرجل من الإبل )(١) لنفسه ليحمل ذلك عليه.

وناصة رافعة : يقال منه : نصصت ناقتي اذا رفعتها في السير ، ونصصت الحديث إذا رفعته إلى من ينسب إليه.

[٣٢٣] وبآخر عن قرة بن الحارث التميمي ، إنه قال : لما صارت عائشة إلى البصرة أرسلت الى الأحنف بن قيس أن يأتيها؟ فأبى ، ثم أرسلت إليه ، فأبى. فلما يئست منه كتبت إليه : يا أحنف ، ما عذرك عند الله في تركك جهاد قتلة أمير المؤمنين ، أمن قلة عدد أو إنك لا تطاع في العشيرة(٢) ؟؟

فكتب إليها : إنه والله ما طال العهد بي ولا نسيت لعهدي في العام الأول وأنت تحرضين على جهاده وتذكرين إن جهاده أفضل من جهاد فارس والروم.

فقالت : ويحك يا أحنف ، إنهم ماصوه موص الإناء ، ثم قتلوه.

[ ضبط الغريب ]

ماصوه : يعني غسلوه ، تقول لكل شيء غسلته : فقد مصته موصا يعني إنهم

__________________

(١) ما بين الهلالين من نسخة ـ ب ـ سقط من الأصل.

(٢) وفي الرواية التي نقلها الاميني في الغدير ٩ / ٨١ : بم تعتذر الى الله من ترك جهاد قتلة أمير المؤمنين أو إنك لا تطاع في العشيرة. علما بان في الأصل مكان ما عذرك : ما عندك عند الله.

٣٨١

اختبر واقرف(١) به فكان بريا منه ، أي خرج نقيا كما يكون الإناء إذا غسل.

فقال لها الأحنف : إن آخذ برأيك وأنت راضية أحبّ إليّ من أن آخذ به وأنت ساخطة(٢) .

[٣٢٤] وبآخر ، عن علي صلوات الله عليه ، إنه لما خرج يريد الى طلحة والزبير وعائشة قصد الكوفة ومعه سبعمائة رجل من المهاجرين والأنصار وأمر بجولقين فوضع أحدهما على الآخر ، ثم صعد عليهما.

فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ، إني والله قد ضربت هذا الأمر ظهره وبطنه ورأسه وعينه ، فلم أجد بدّا من قتال هؤلاء القوم ، أو الكفر بما أنزل الله عزّ وجلّ على محمد صلوات الله عليه وآله(٣) .

فقام إليه الحسنعليه‌السلام ، وهو يبكي(٤) ، فقال : يا أمير المؤمنين لقد خشيت عليك أن تقتل بأرض مضيعة لا ناصر لك بها. فلو انصرفت الى المدينة ، فكنت فيها بين المهاجرين والأنصار ، فمن أتاك إليها قاتلته عنها لكان خيرا لك.

فقال له علي صلوات الله عليه : إليك عني! ، فلا أراك ألا تحن

__________________

(١) وفي الأصل : قدق.

(٢) وفي الأصل : خير من أخذي وأنت ساخطة.

(٣) رواه بن عساكر في تاريخ دمشق ٣ / ١٣٨ / الحديث ١١٨٢ و ١١٨٣.

(٤) كان ذلك إشفاقا وتحننا على أمير المؤمنين لما رآه من قلة أصحابه وكثرة أصحاب طلحة والزبير ، والأنباء الواردة من الكوفة بتخذيل الأشعري الناس عن أمير المؤمنين ، ومن أن عائشة كتبت الى حفصة ، وتغني جواري حفصة :

ما الخبر ما الخبر؟ علي في السفر كالأشقر

إن تقدم نحر وإن تأخر عقر

وخلاصة لما رآه من تغير الأجواء لغير صالح أمير المؤمنين عليه‌السلام لذلك أبدى حزنه وحنانه بالبكاء.

٣٨٢

كحنين الجارية ، لا والله لا أجلس في المدينة(١) كمثل الضبع ، وأترك هؤلاء يظهرون في الأرض الفساد.

ثم دعا به وبعمار بن ياسر ، فبعث بهما إلى الكوفة ، وكتب معهما كتابا فيه :

بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبد الله علي أمير المؤمنين الى من بالكوفة من المؤمنين والمسلمين.

أما بعد : فلا أقل من أن أكون عند من شك في أمري أحد رجلين ، إما باغ وإما مبغيا عليه ، فأنشد الله جميع المؤمنين والمسلمين لما حضروا إليّ ، فإن كنت باغيا ردوني ، وإن كنت مبغيا عليّ نصروني. والسّلام.

فلما بلغ أهل الكوفة قدوم الحسن بن علي صلوات الله عليه وعمار بن ياسر ، تشاوروا وأجمعوا على أنّ يوجهوا هند الجملي(٢) ليلقاهما ، وليسأل عمارا عما سمعه من رسول الله صلوات الله عليه وآله في ذلك ـ وقد كان انتهى إليهم إنه سمع رسول الله صلوات الله عليه وآله في ذلك شيئا ـ فمضى هند حتى لقى الحسن صلوات الله عليه وعمارا بموضع يقال له قاع البيضة وهما نازلان ، فخلا بعمار ، ثم قال له : قصيره من طويله ، أنا رائد القوم ، والرائد لا يكذب أهله ، وقد أرسلوني إليك لتخبرني بما سمعت من رسول الله صلوات الله عليه وآله في هذا الأمر.

قال عمار : اشهد بالله لقد أمرني رسول الله صلوات الله عليه وآله أن اقاتل مع علي صلوات الله عليه الناكثين والمارقين والقاسطين.

__________________

(١) وفي نسخة ب : بالمدينة.

(٢) هو هند بن عمرو الجملي ، نسبة الى جمل بن سعد العشيرة ، حي من مذحج ، استشهد مع أمير المؤمنينعليه‌السلام بصفين كما سيأتي في ج ٥ إن شاء الله.

٣٨٣

فرجع هند الى الكوفة ، فأخبرهم ، وقرأ عليهم كتاب علي صلوات الله عليه.

فقام أبو موسى الاشعري ، فقال : أما إني قد سمعت رسول الله صلوات الله عليه وآله يقول : أما إنه سيكون من بعدي فتنة ، القائم فيها خير من الساعي ، والجالس خير من القائم ، فقطعوا أوتار فسيكم(١) واغمدوا سيوفكم وكونوا أحلاس بيوتكم.

فقال عمار : تلك التي تكون أنت منها ، أما والله لقد سمعت رسول الله صلوات الله عليه وآله وقد لعنك!!

فقال أبو موسى : قد كان ما قلت ولكنه استغفر لي.

قال عمار : أما اللعنة فقد سمعتها ، وأما الاستغفار فلم أسمعه!!

فقام أبو موسى ، فخرج ، كأنه ديك يفترع.

وقول عمار رحمة الله عليه لأبي موسى ، وقد ذكر أمر النبي صلوات الله عليه وآله بالقعود عن الفتنة ( تلك التي أنت منها ، يعني إن النبيّ صلوات الله عليه وآله إنما نهى عن القيام مع أهل الفتنة )(٢) وهم الذين افتتنوا فخرجوا(٣) عن أهل الحق. وصاروا أهل البغي ، فليس ينبغي لأحد من المسلمين القيام مع هؤلاء ، ولا الدخول في فتنتهم.

فأما قتالهم مع أهل العدل فقد افترضه الله عزّ وجلّ على المؤمنين في كتابه ، فقال جلّ ثناؤه «فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ

__________________

(١) وفي نسخة ب : أوثار قيسكم.

(٢) زيادة من نسخة ـ ب ـ.

(٣) وفي الأصل : لخروج.

٣٨٤

اللهِ » (١) وإلى ذلك من قتال أهل البغي دعاهم ( علي صلوات الله عليه ، فأجابه عامتهم ولم يلتفتوا الى قول )(٢) أبي موسى الأشعري لأنه كتاب الله جلّ ثناؤه. والى مثل رأي أبي موسى الأشعري ، هذا الفاسد ، دعاه عمرو بن العاص لما أراد اختداعه إذ قد علم أن مثل هذا القول تقدم عليه إذ حكما. فقال : يا أبا موسى ، أنت شيخ من شيوخ المسلمين ومن أهل الفضل والدين ، وقد سمعت ما قد سمعت من رسول الله صلوات الله عليه وآله من أمر القعود عن الفتنة ، وقد ترى أن الناس قد وقعوا فيها ، وإن نحن تناظرنا بكتاب الله عزّ وجلّ في أيهما أحقّ بالأمر من علي ومعاوية؟ طال ذلك علينا ، فاحكم بذلك إذ قد حكمت ، واخلع أنت عليا إذ قد حكمك ، وأخلع أنا معاوية إذ قد حكمني ، ويعود أمر الناس كما كان بعد رسول الله صلوات الله عليه وآله شورى بينهم يختارون لأنفسهم من رادوا(٣) أن يختاروه. فو الله ما أظن أحدا يختار معاوية على علي صلوات الله عليه.

فخدعه بذلك ، حتى اتفق معه عليه وأراه التعظيم له والتبجيل(٤) وقدمه قبله.

فقام فخلع عليا صلوات الله عليه بزعمه وركة عقله ، وقام عمرو فأثبت معاوية بزعمه.

فقام أبو موسى ينكر ذلك ، ويذكر ما اتفقا عليه. وأنكر ذلك عمرو ، وقال : ما كان الاتفاق إلا على خلع علي صلوات الله عليه

__________________

(١) سورة الحجرات الآية ٩.

(٢) ما بين الهلالين زيادة من نسخة ـ ب ـ.

(٣) وفي نسخة ب ـ رأوا.

(٤) وفي الأصل : التجليل : أي الاحترام.

٣٨٥

وإثبات معاوية.

وكان في ذلك ما سنذكره(١) والحجة فيه في موضعه إن شاء الله تعالى.

[٣٢٥] وبآخر ، عن حذيفة اليماني ، إنه قدم من المدائن وقد توجه أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه الى الكوفة لقتال أهل الجمل ، ووصل حذيفة الى المدينة ، وهو عليل ـ شديد العلة ـ فلم يستطع اللحوق بعلي صلوات الله عليه واجتمع الناس بالمدينة الى حذيفة يوم جمعة ، فلما رآهم مجتمعين عنده :

حمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبي صلوات الله عليه وآله ثم قال : أيها الناس من سرّه أن يلحق بأمير المؤمنين حقّا حقّا ، فليلحق بعلي صلوات الله عليه.

فلحق كثير من الناس ، ولم تأت على حذيفة بعد ذلك جمعة حتى مات(٢) .

[٣٢٦] وبآخر عن حبة العرني إنه قال : لما التقى علي صلوات الله عليه

__________________

(١) في الجزء السادس من هذا المجلد.

(٢) هكذا جاءت الرواية في كلا النسختين ، ولكن كما هو المشهور إن حذيفة توفى في المدائن ـ مراقد المعارف ١ / ٢٣٩ ـ ، وسوف يذكر المؤلف في رواية اخرى بإن حذيفة خطب في المدائن وليس بالمدينة كما في الرواية. وقد روى السيد المدني في الدرجات الرفيعة ص ٢٨٧ عن أبي مخنف ، قال : لما بلغ حذيفة بن اليمان أن عليا قد قدم ذي قار واستنفر الناس ، دعا أصحابه ، فوعظهم وذكرهم الله وزهدهم ورغبهم في الآخرة ، وقال لهم : الحقوا بأمير المؤمنينعليه‌السلام وسيد الوصيين فان من الحق أن تنصروه ، وهذا ابنه الحسن وعمار قد قدما الكوفة يستنفرون للناس ، فانفروا. قال : فنفر أصحاب حذيفة الى أمير المؤمنين ومكث حذيفة بعد ذلك خمسة عشر ليلة وتوفي. ومما يظهر من هذه الرواية إنه توفي في المدائن وكانت الخطبة في المدائن أيضا والله أعلم.

٣٨٦

وأصحاب الجمل ، دعا علي صلوات الله عليه رجلا من اصحابه(١) ، فأعطاه مصحفا وقال له : اذهب إلى هؤلاء القوم فأعرض عليهم هذا المصحف وعرفهم إني أدعوهم الى ما فيه.

ففعل فرشقوه بالنبل حتى قتلوه.

[٣٢٧] وبآخر ، عن عمار بن ياسر رحمة الله عليه ، إنه نظر يوم الجمل الى أصحاب عائشة وطلحة والزبير وقد صفوا للقتال. فجعل يحلف بالله ليهزمنّ هذا الجمع ، وليولن الدبر.

فقال له رجل من النخع : يا أبا اليقظان ، ما هذا؟ تحلف بالله على ما لا تعلمه؟

فقال له عمار : لأنا أشرّ من جمل يقاد بخطامة(٢) بين تهامة ونجد(٣) إن كنت أقول ما لا أعلم.

[٣٢٨] وبآخر ، عن جعفر بن محمد بن علي صلوات الله عليه ، إنه قال : لما توافق الناس يوم الجمل ، خرج علي صلوات الله عليه حتى وقف بين الصفين ، ثم رفع يده نحو السماء.

ثم قال : يا خير من أفضت إليه القلوب ، ودعي بالألسن ، يا حسن البلايا يا جزيل العطاء ، احكم بيننا وبين قومنا بالحق ، وأنت خير الحاكمين.

[٣٢٩] وبآخر ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : سمعت عليا صلوات الله

__________________

(١) إن هذا الرجل هو مسلم بن عبد الله راجع تخريج الاحاديث. وكما سيأتي إن شاء الله مفصلا في هذا الجزء عن أبي البختري ـ الحديث ٣٣٤.

(٢) الخطام : الزمام.

(٣) قال ابن الأثير في النهاية : ١ / ٢٠١ نجد ما بين العذيب الى ذات عرق. وذات عرق أول تهامة الى البحر وجده. وقيل تهامة ما بين ذات عرق الى مرحلتين من وراء مكة.

٣٨٧

عليه ـ يوم الجمل ـ وهو ينادي بالزبير ، فأتاه ـ فرأيت أعناق فرسيهما قد اختلفت ـ وعلي صلوات الله عليه يقول له : أما تذكر قول رسول الله صلوات الله عليه وآله لك ـ وقد ذكرتني له ـ إنك سوف تقاتله وأنت له ظالم!! قال : بلى ، والله ما ذكرت ذلك إلا الآن.

فانصرف راجعا عن الفريقين ، فرآه طلحة ، فأتبعه ، فرماه مروان بن الحكم بسهم ، فشك فخذه في السرج ، فمات طلحة من ذلك الجرح.

[٣٣٠] وبآخر ، عن سلام ، قال شهدت يوم الجمل ، فلما التقينا نظرت الى عائشة على جمل أحمر مشرف على الناس. وحمل أصحاب الجمل ، حتى قلت لخطار : هذا الفرار من الزحف. فقال : نعم ، والله يا بن أخي ، ثم تعاطفنا ، فنظرت الى هودج عائشة ما شبهته إلا بقنفذ(١) من النبل الواقعة عليه(٢) وهو يميل بها مرة هاهنا ومرة هاهنا حتى احيط بها ، ولما احيط بعائشة ، وانصرف الزبير وقتل طلحة ، وانهزم أهل البصرة ، ونادى منادي علي صلوات الله عليه : لا تتبعوا مدبرا(٣) ولا من القى سلاحه ولا تجهزوا على جريح ، فإن القوم قد ولّوا وليست لهم فئة يلجئون إليها.

فجرت السنّة بذلك ( في المسلمين في قتال أهل البغي ، وأخذ بذلك فقهاؤهم إن أهل البغي إذا انهزموا ولم تكن لهم فئة يلجئون إليها لم يجهز على جريحهم ولم يتبع مدبرهم ، وان كان لهم فئة اجهز على جريحهم واتبع مدبرهم ، وقتلوا. وبهذا حكم علي صلوات الله عليه في أصحاب معاوية ، فأخذ فقهاء العامة ذلك عنه وأوجبوا أن حزبه حزب أهل

__________________

(١) القنفذ بضم الفاء وفتحها واحد القنافذ ، والانثى قنفذة.

(٢) وفي الأصل : الواقعة به.

(٣) أي : الهارب.

٣٨٨

العدل وحزب من حاربه حزب )(١) أهل البغي واتفقوا على ذلك.

أجهزت على الجريح : أي أتيت على قتله. ويقال : موت مجهز : أي وحي.

[٣٣١] وبآخر ، عن موسى بن طلحة بن عبيد الله ـ وكان فيمن اسّر يوم الجمل وحبس مع من حبس من الاسارى بالبصرة ـ.

قال : كنت في سجن علي بالبصرة حتى سمعت المنادي ينادي : أين موسى بن طلحة بن عبيد الله؟؟ فاسترجعت(٢) واسترجع أهل السجن!! وقالوا : يقتلك!! ، فأخرجني إليه.

فلما وقفت بين يديه. قال لي : يا موسى. قلت : لبيك يا أمير المؤمنين! قال : قل أستغفر الله وأتوب إليه ، ثلاث مرات. فقلت : أستغفر الله وأتوب إليه ، ثلاث مرات.

فقال لمن كان معي من رسله : خلّوا عنه!

وقال لي : اذهب حيث شئت ، وما وجدت لك في عسكرنا من سلاح أو كراع(٣) فخذه ، واتق الله فيما تستقبله من أمرك ، واجلس في بيتك ، فشكرت له ، وانصرفت.

وكان علي صلوات الله عليه قد غنم أصحابه ما أجلب به أهل البصرة الى قتاله ، ـ وأجلبوا به يعني : أتوا به في عسكرهم ـ ولم يعرض لشيء غير ذلك ( من أموالهم ، وجعل ما سوى ذلك من أموال من قتل منهم )(٤) لورثتهم.

__________________

(١) ما بين الهلالين زيادة من نسخة ـ ب ـ.

(٢) الاسترجاع ـ عند المصيبة ـ أي يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون.

(٣) أي : الخيل.

(٤) ما بين الهلالين من نسخة ـ ب ـ.

٣٨٩

وخمس ما اغنمه مما أجلبوا به عليه ، فجرت أيضا بذلك السنّة وأخذ به فقهاء العامة وآثروه عنه ، وجعلوه حكما فيما يغنم(١) من أهل البغي.

[٣٣٢] وبآخر ، عن عبد الله بن عباس ، إنه قال : لما استقر أمر الناس بعد وقعة الجمل ، وأقام علي صلوات الله عليه بالبصرة بمن معه أياما ، بعث بي الى عائشة بأمرها بالرحيل عن البصرة ، والرجوع الى بيتها.

قال ابن عباس : فدخلت عليها في الدار التي أنزلها فيها ، فلم أجد شيئا أجلس عليه ، ورأيت وسادة(٢) في ناحية من الدار ، فأخذتها ، فجلست عليها ، فقالت لي : يا ابن عباس ، ما هذا ، تدخل عليّ بغير إذني في بيتي ، وتجلس على فراشي بغير إذني؟ لقد خالفت السنّة.

قال ابن عباس : نحن علّمناك وغيرك السنّة ونحن أولى بها منك ، إنما بيتك البيت الذي خلّفك فيه رسول الله صلوات الله عليه وآله فخرجت منه ظالمة لنفسك عاتية(٣) على ربك عاصية لنبيك ، فإذا رجعت إليه لم ادخله إلا بإذنك ولم أجلس على ما فيه إلا بأمرك.

قال : فبكت ، فقلت لها : إن أمير المؤمنين بعثني إليك يأمرك بالرحيل عن البصرة والرجوع الى بيتك. قالت : ومن أمير المؤمنين ، إنما كان أمير المؤمنين عمر!

فقلت لها : قد كان عمر يدعي أمير المؤمنين وهذا والله علي أمير المؤمنين حقا كما سماه بذلك رسول الله صلوات الله عليه وآله وهو والله أمسّ برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رحما وأقدم سلما وأكثر علما وأحلم

__________________

(١) وفي الأصل : يعلم.

(٢) وفي بحار الأنوار ٨ / ٤٥٠ : فرأيت رحل عليه طنفسة ، فمددت الطنفسة ، فجلست عليها. ( الطنفسة : البساط ).

(٣) العتو : التجبر والتكبر.

٣٩٠

حلما من أبيك ومن عمر.

قال : فقالت : ما شئت ذلك؟ قال : فقلت لها : أما والله لقد كان أبوك ذلك قصير المدة عظيم التبعة ظاهر الشوم بيّن النكاد(١) ، وما كان إلا كحلب شاة حتى صرت ما تأخذين ولا تعطين ، ولا كنت إلا كما قال أخو بني فهر(٢) :

ما زال إهداء القصائد بيننا

شتم الصديق وكثرة الألقاب

حتى تركت كأن قولك فيهم

في كل مجمعة طنين ذباب

فأراقت دمعتها ، وأبدت عولتها ، وظهر نشيجها ، ثم قالت : أرحل والله عنكم ، فو الله ما من دار أبغض إليّ من دار تكونون بها.

قلت : ولم ذلك؟ والله ما ذلك ببلائنا عندك ولا بأثرنا عليك وعلى أبيك إذ جعلناك امّا للمؤمنين ، وأنت بنت أمّ رومان ، وجعلنا أباك صديقا وهو ابن أبي قحافة ، قالت : تمنون علينا برسول الله صلوات الله عليه وآله؟

قلت : ولم لا نمنّ عليكم(٣) بمن لو كانت فيك من شعرة لمننت بها وفخرت ، ونحن منه وإليه لحمه ودمه ، وإنما أنت حشيته(٤) من تسع حشيات خلفهن لست بأرسخهن عرقا(٥) ولا بأنضرهن ورقا ولا بأمدّهن ظلا ، وإنما أنت كما قال أخو بني أسد(٦)

مننت على قوم فأبدوا عداوة

فقلت لهم كفوا العداوة والشكرا

__________________

(١) وفي بحار الأنوار ط قديم ٨ / ٤٥٠ النكد بمعنى العسر.

(٢) وفي بحار الانوار : إلا كمثل ابن الحضرمي بن نجمان أخي بني أسد.

(٣) وفي الأصل : عليكم من.

(٤) الحشية كمنبة أي الفراش المحشو والجمع حشايا وهي كناية عن النساء والتعبير بالفراش شايع.

(٥) أرسخ : الثبات.

(٦) وفي بحار الأنوار : أخو بني فهر.

٣٩١

ففيه رضا من مثلكم لصديقه

وأحرى بكم أن تظهروا البغي والكفرا

قال : فسكتت(١) وانصرفت الى علي صلوات الله عليه ، فأخبرته بما جرى بيني وبينها ، فقال صلوات الله عليه : أنا كنت أعلم بك إذ بعثتك.

وتثاقلت عائشة بعد ذلك عن الخروج الى بيتها ، فأرسل إليها(٢) علي صلوات الله عليه : والله لترجعن الى بيتك أو لألفظن بلفظة لا يدعوك بعدها أحد من المؤمنين أمّا. ـ فلما جاءها ذلك ـ قالت : ارحلوني ارحلوني ، فو الله لقد ذكرني شيئا لو ذكرته من قبل ما سرت مسيري هذا.

فقال لها بعض خاصتها : ما هو ، يا أمّ المؤمنين؟؟

قالت : إن رسول الله صلوات الله عليه وآله قد جعل طلاق نسائه إليه وقطع عصمتهن منه حيا وميتا ، وأنا أخاف أن يفعل ذلك إن خالفته. فارتحلت.

[٣٣٣] وبآخر ، علي بن هاشم ، بإسناده ، عن هشام(٣) بن مساحق ، عن أبيه ، إنه قال : شهدت يوم الجمل مع عائشة.

فلما انهزم الناس اجتمعت مع نفر من قريش ، وفيهم مروان بن الحكم. فقال لبعض(٤) من حضره : والله لقد ظلمنا هذا الرجل(٥) ، ونكثنا بيعته من غير حدث ، ثم لقد ظهر علينا فما رأينا رجلا قط أكرم سيرة ، ولا أحسن عفوا بعد رسول الله صلوات الله عليه وآله منه ، فتعالوا ندخل عليه ، فنعتذر إليه مما صنعنا.

__________________

(١) وفي الأصل : فسكت.

(٢) وفي الأصل : عليها.

(٣) وفي كتاب الجمل ص ٢٢٢ : عن هاشم بن مساحق.

(٤) وفي نسخة ب : فقال : بعضهم لبعض.

(٥) يعنون أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٣٩٢

قال : فدخلنا عليه ، فلما ذهب متكلّمنا ليتكلّم ، قال : انصتوا ـ أكفيكم ـ إنما أنا رجل منكم ، فإن قلت حقا فصدقوني ، وإن قلت غير ذلك فردّوه علي(١) .

انشدكم الله أتعلمون إن رسول الله صلوات الله عليه وآله قبض وأنا أولى الناس به وبالناس من بعده؟

قلنا : اللهمّ نعم.

قال : فبايعتم أبا بكر وعدلتم عني(٢) ثم إن أبا بكر جعلها إلى عمر من بعده ( وأنتم تعلمون أني أولى الناس برسول الله صلوات الله عليه وآله وبالناس من بعده )(٣) .

قلنا : اللهمّ نعم.

قال : حتى لما قتل عمر جعلني سادس ستة ، ثم طعنتم على عثمان(٤) فقتلتموه ثم أتيتموني وأنا جالس في بيتي ، أتيتموني غير داع لكم ولا مستكره ، فبايعتموني كما بايعتم أبا بكر وعمر وعثمان ، ثم نكثتم بيعتي.

قالوا : يا أمير المؤمنين ، كن كالعبد الصالح إذ قال : «لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ » (٥) .

قال : إن فيكم من لو بايعني بيده لنكث على بأسته.

__________________

(١) عجبا لحلم الله. هذا قول منتصر في الحرب لأفراد جاءوا كي يعتذروا إليه مما ارتكبوا من الخطاء وهم أشد أعدائه.

(٢) وفي كتاب الجمل ص ٢٢٢ إضافة : فأمسكت ولم أحبّ أن أشق عصا المسلمين وافرق جماعاتهم.

(٣) ما بين الهلالين زيادة من نسخة ـ ب ـ.

(٤) وفي كتاب الجمل أيضا : ثم بايعتم عثمان فطغيتم عليه وقتلتموه.

(٥) يوسف ٩٢.

٣٩٣

قال : فرأينا أنه يعني مروان.

[٣٣٤] إسماعيل بن موسى بإسناده عن أبي البختري ، قال : لما انتهى علي صلوات الله عليه الى البصرة خرج إليه أهلها مع طلحة والزبير وعائشة ، فعبأ علي صلوات الله عليه أصحابه.

ثم أخذ المصحف وبدأ بالصف الأول ، فقال : أيكم يتقدم الى هؤلاء ويدعوهم الى ما فيه ، وهو مقتول؟ فخرج إليه شاب يقال له : مسلم(١) فقال : أنا يا أمير المؤمنين. فتركه ، ومال الى الصف الثاني ، فقال : من منكم يأخذ هذا المصحف ويمضي الى هؤلاء القوم ويدعوهم الى ما فيه ، وهو مقتول؟ فلم يجبه أحد! وجاءه مسلم ، فقال : أنا أخرج إليهم به يا أمير المؤمنين. فأعرض عنه. وتقدم الى الصف الثالث ، وقال لهم مثل ذلك. فلم يخرج الله منهم أحد ، وعرض له مسلم ، فقال : أنا يا أمير المؤمنين! فلما رأى أنه لم يخرج إليه أحد ـ من الجميع غيره ـ دفع إليه المصحف ، فمضى نحو القوم ، فلما رأوه رشقوه بالنبل ، وقرأه عليهم ودعاهم الى ما فيه ، ثم خرج إليه رجل منهم ، فضربه بالسيف على حبل عاتقه من يده اليمنى ـ التي فيها المصحف ـ فأخذ المصحف بيده اليسرى(٢) فضربه الرجل حتى قتله(٣) .

__________________

(١) وهو مسلم بن عبد الله.

(٢) وفي نسخة ب بيده الاخرى.

(٣) وكانت امّه حاضرة وحملته وجاءت به الى أمير المؤمنين وهي تبكي وتقول :

يا رب إن مسلما دعاهم

يتلو كتاب الله لا يخشاهم

فخضّبوا من دمه فناهم

وامّهم قائمة تراهم

تأمرهم بالقتل لا تنهاهم

( الجمل ص ١٨٢ )

٣٩٤

ورموا أصحاب علي صلوات الله عليه بالنبل. قالوا : يا أمير المؤمنين أما ترى النبل فينا كالقطر(١) وقد قتلوا مسلما.

فقال لهم علي صلوات الله عليه : قاتلوهم ، فقد طاب لكم القتال.

فقاتلوهم وظهر عليهم وولّوا منهزمين. فأمر علي صلوات الله عليه مناديا ينادي : لا تطعنوا في غير مقبل ولا تطلبوا مدبرا ولا تجهزوا على جريح ، ومن ألقى سلاحه فهو آمن ، ومن أغلق بابه فهو آمن ، وما كان في العسكر فهو لكم مغنم ، وما كان في الدور فهو ميراث يقسم بينهم على فرائض الله عزّ وجلّ.

فقام إليه قوم من أصحابه ، فقالوا : يا أمير المؤمنين من أين أحللت لنا دماءهم وأموالهم وحرمت علينا نساءهم؟؟ فقال : لأن القوم على الفطرة ، وكان لهم ولاء قبل الفرقة وكان نكاحهم لرشده.

فلم يربضهم ذلك من كلامه صلوات الله عليه ، فقال لهم : هذه السيرة في أهل القبلة ، فأنكرتموها ، فانظروا أيكم يأخذ عائشة في سهمه؟؟ فرضوا بما قال ، واعترفوا بصوابه ، وسلموا لأمره.

[٣٣٥] عباد بإسناده ، عن أبي رافع : إن رسول الله صلوات الله عليه وآله قال لعلي صلوات الله عليه : إنه سيكون بينك وبين عائشة حرب. قال : يا رسول الله ، أنا من بين أصحابك؟؟ قال : نعم. قال : أنا اشقاهم(٢) إذا. قال : لا بل أفضلهم ، ولكن إذا كان ذلك فارددها الى مأمنها.

قال أبو رافع : ففعل ذلك أمير المؤمنين صلوات الله عليه ردّها مع نساء من أهل العراق ، حتى صارت الى مأمنها(٣) .

__________________

(١) وفي نسخة ب ـ كالمطر.

(٢) الشقي ضد السعيد.

(٣) أي الى دارها في المدينة.

٣٩٥

[٣٣٦] أبو هاشم الرفاعي ، بإسناده ، عن أمّ راشد ـ مولاة أمّ هاني ـ ، قالت : دخل علي صلوات الله عليه على أمّ هاني بنت أبي طالب ـ اخته ـ فقرّبت إليه طعاما ، وذهبت لتأتيه بالماء ، فاذا برجلين على باب الحجرة ، فاستأذنا ، فأذن لهما فصعدت الدرجة ، وأحدهما يقول لصاحبه : بايعته أيدينا ، ولم تبايعه قلوبنا(١) فقرأ «إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ » (٢) الآية.

فقلت لأمّ هاني : من هذان الرجلان؟؟

قالت : طلحة والزبير.

[٣٣٧] شريك بن عبد الله ، بإسناده ، عن أبي بكر ، قال : لما قدمت عائشة أردت الخروج معها ، فذكرت حديثا سمعته من رسول الله صلوات الله عليه وآله يقول إنه لن يفلح قوم جعلوا أمرهم الى امرأة(٣) .

[٣٣٨] عباد بن يعقوب ، بإسناده ، عن علي صلوات الله عليه ، إنه قال ـ يوم الجمل ـ : لقد علم اولوا العلم من آل محمد صلوات الله عليه وآله ، وعلمت عائشة بنت أبي بكر وها هي ذه ، فاسألوها. إن أصحاب الجمل وأصحاب الاسود ذي الثدية ملعونون على لسان النبي(٤) صلوات الله عليه وآله ، وقد خاب من افترى.

[٣٣٩] وبآخر عن أمّ سلمة رضي الله عنها ، إن عائشة لقيتها بعد انصرافها من البصرة ، فقالت لها : السلام عليك يا اختاه.

__________________

(١) وفي كتاب الجمل ص ٢٣٣ : ما بايعنا بقلوبنا وانما بايعنا بأيدينا.

(٢) سورة الفتح الآية ١٠ : فوق أيديهم ، فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما.

(٣) قالها لما بلغه أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى بعد موت والدها.

(٤) وفي الأصل : محمد.

٣٩٦

فقالت لها أمّ سلمة : السلام عليك يا حانط ، ألم تعلمي أني نصحت لك في خروجك وذكرتك قول رسول الله صلوات الله عليه وآله وما أوجبه الله عزّ وجلّ عليك فأبيت ، فآليت(١) أن لا اكلمك من رأسي كلمة حتى القى رسول الله صلوات الله عليه وآله.

[٣٤٠] أبو بكر بن عباس ، بإسناده ، عن علقمة ، قال : قلت للأشتر النخعي : لقد كنت كارها ليوم الدار(٢) فرجعت عن رأيك؟؟

قال : أجل ، والله كنت كارها ليوم الدار ولكني جئت أمّ حبيب بنت أبي سفيان لأدخل الدار ، فأردت أن أخرج عثمان في هودجها ، فأبوا أن يدعوه لي ، وقالوا : ما لنا ولك يا أشتر ، ولكني رأيت طلحة والزبير بايعا عليا صلوات الله عليه ، والقوم طائعين غير مكرهين ، ثم نكثوا عليه.

قلت : فابن الزبير هو القائل يعنيك اقتلوني ومالكا(٣) .

قال : لا والله ما رفعت السيف من ابن الزبير ، وأنا أظن فيه شيئا من الروح لأنه استخف أمّ المؤمنين حتى أخرجها ، فلما لقيته لم أرض له بقوة ساعدي حتى قمت في الركابين ، ثم ضربته على رأسه ، فرأيت إني قتلته. ولكن القائل : اقتلوني ومالكا ، عبد الرحمن بن عتاب بن اسيد ، لما لقيته اعتنقته ، فوقعنا جميعا عن فرسينا ، فجعل يقول : اقتلوني ومالكا. أصحابه لا يدرون من يعني ، ولو قال الاشتر لقتلوني.

[٣٤١] عباد بن يعقوب ، بإسناده ، عن أبي عرية ، إنه قال : كنا جلوسا مع

__________________

(١) أي : التزمت.

(٢) وهو يوم محاصرة دار عثمان.

(٣) قال ابن شهر اشوب في المناقب ٣ / ١٥٩ : ان القائل هو عبد الله بن الزبير.

٣٩٧

علي صلوات الله عليه يوم الجمل ، وقد وقف أهل البصرة ونضحونا بالنبل ، ولم يأذن في القتل ، فجاءه قوم يشكون الجروح.

فقال : من يعذرني(١) من هؤلاء ، يأمروني بالقتال ، ولم تنزل الملائكة.

قال : فإنا قعود كذلك حتى هبت ريح طيبة(٢) من خلفنا فوجدت بردها بين كتفي من تحت الدرع ، فلما انتهت مشى(٣) قال : الله اكبر.

ثم قام ، فصب عليه الدرع ، وسار نحو القوم ، وأمر الناس بالقتال. فما رأيت فتحا كان أسرع منه قط.

[٣٤٢] يوسف بن الحارث ، بإسناده : إن عليا صلوات الله عليه خلا بالزبير يوم الجمل ، فقال له : اناشدك الله ألم تسمع رسول الله صلوات الله عليه وآله يقول لك ـ وأنت لا وبيدي بسقيفة بني ساعدة ـ لتقاتله(٤) وأنت له ظالم ، ولينصرن عليك.

قال : بلى والله إني لأذكر ذلك ، ولا جرم إني لا اقاتلك ، وانصرف.

[٣٤٣] وبآخر ، عن عائشة لما سارت تريد البصرة وانتهت إلى بعض مياه بني عامر ، نبحتها كلاب ، فقالت : ما هذا الماء؟؟ قالوا : الحوأب. قالت : ما أراني إلا راجعة.

قال ابن الزبير : لا ، بل تقدمين ويراك الناس ، ويصلح الله ذات بينهم بك.

__________________

(١) وفي الأصل : من تعدني.

(٢) وفي الأصل : عليه.

(٣) وفي نسخة ـ ب ـ : فلما أن هبت ، قال : الله اكبر.

(٤) وفي نسخة ـ ب ـ : لتقاتلنه.

٣٩٨

قالت : إني سمعت رسول الله صلوات الله عليه وآله يقول لجماعة من نسائه : كيف بإحداكنّ إذا نبحتها كلاب الحوأب.

[٣٤٤] محمد بن داود ، بإسناده ، عن علي صلوات الله عليه إنه سئل عن قتلى الجمل ، أمشركون هم؟؟ قال : لا ، بل من الشرك فرّوا.

قيل : فمنافقون؟؟

قال : لا ، لإن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا! قيل : فما هم؟؟

قال : إخواننا بغوا علينا ، فنصرنا عليهم.

قد خبّر صلوات الله عليه إنهم من أهل البغي الذين أمر الله عزّ وجلّ بقتالهم وقتلهم حتى يفيئوا الى أمر الله سبحانه(١) وبذلك سار فيهم.

[٣٤٥] عبد الله بن موسى ، قال : سمعت سفيان الثوري يقول :

ما أشك في أن طلحة والزبير بايعا عليا صلوات الله عليه ثم نكثا وما نقما عليه حيفا في حكم ولا استيثارا في فيء.

[٣٤٦] وكيع ، بإسناده ، عن ابن عباس ، إنه قال : أرسلني علي صلوات الله عليه الى طلحة والزبير [ يوم الجمل ] ، فقلت لهما : أخوكما يقرأ كما السلام ويقول لكما : هل أخذتما عليّ استيثارا(٢) في فيء أو ظلما أو حيفا(٣) في حكم.

__________________

(١) نصّ الآية الكريمة : وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفىء إلى أمر الله فإن فاءت فاصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا إن الله يحب المقسطين. ( سورة الحجرات الآية ٩ ).

(٢) وفي الأصل : استيثاري.

(٣) أي جورا.

٣٩٩

قالا : لا ، ولكن الخوف وشدة الطمع(١) .

[٣٤٧] سليمان بن أيوب ، بإسناده ، عن أبي سعيد الخدري قال : ذكر رسول الله صلوات الله عليه وآله لعلي صلوات الله عليه ما يلقى من بعده من الناس.

فبكى علي صلوات الله عليه! وقال : يا رسول الله ، ادع الله أن يقبضني قبلك. قال : كيف أدعو لأجل مؤجل سبق أنه كائن في علم الله! قال : يا رسول الله ، فعلى ما ذا اقاتلهم؟ قال : على إحداثهم في الدين.

[٣٤٨] أبو علي الهمداني ، بإسناده ، عن حبة ، قال : شهدت حذيفة بن اليمان قبل خروج عائشة بزمان ، وهو يقول : ستطلع والله عليكم الحميراء(٢) من حيث تسؤكم(٣) . فقال له زر بن حبيش : يا أبا عبد الله ، إنا لنسمع منك الذي لا نقيم ولا نقعد. قال : ويحك إذا كان الله سبحانه قد قضى ذلك فما أنت صانع! فو الله لكأني أنظر إليهم حولها صرعى لا تغني عنهم شيئا.

وهذا مما سمعه حذيفة من رسول الله صلوات الله عليه وآله.

[٣٤٩] وبإسناده ، عن محمد بن كعب القرظي ، قال : لما دخل رسول الله صلوات الله عليه وآله المدينة منصرفا عن احد ، دعا عليا صلوات الله عليه ، فقال له : لقد نصرتني وضربت معي بسيفك وذببت(٤) عني بنفسك ، فكيف أنت إذا قاتلت بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين.

قال : يا رسول الله ، أو يكون ذلك؟ قال : إي والذي نفسي بيده ،

__________________

(١) وفي الرواية وشدة المطامع ( بحار ط قديم ٨ / ٤٢٠ ).

(٢) حميراء : كان الرسول (ص) يسميها. تصغير الحمراء : يريد البيضاء.

(٣) وفي الأصل : يشهدكم.

(٤) أي : دافعت.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502