شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار الجزء ١

شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار11%

شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 502

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 502 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 187801 / تحميل: 9853
الحجم الحجم الحجم
شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار

شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

وبعد أشهر من القراءة والبحث عن الحقيقة والحوارات الطويلة حدث أمر أعتبره العامل المفصلي في اعتناقي للإسلام. كنت واقفة في غرفة ابني أحاول أن أصلي. وكان أمامي كتاب عن الإسلام مفتوح على فصل «كيفية الصلاة». وقفت هناك أصارع نفسي. لم أكن قد اعتدت الصلاة مباشرة؟. طيلة حياتي علموني أن أصلي ليسوع وهو سيوصل صلاتي إلى الله... لذا خشيت أنني أقوم بأمر خطأ، ولم أشأ أن يغضب يسوع عليّ! وفي تلك اللحظة، خطرت لي فكرة كموجة عاتية. هل يعقل أن الله سيغضب إذا أردت أن أكون أكثر قرباً منه؟ وهل يعقل أن يسوع سيستاء مني إذا حاولت أن أكون أكثر قرباً من الله..؟ أليس ذلك ما يريدني أن أفعله؟ إن الله.. أعلم بنيتي. حتى هذا اليوم، لا زلت أعتقد أن الله.... كان يتحدث إليّ - بهذه القوة كان الشعور والصوت الذي شعرت به في داخلي. ممَّ كنت أخشى؟ كيف يمكنني أن لا أعتنق الإسلام؟ في تلك اللحظة بكيت طويلاً.

كان ذلك ما احتجت سماعه. وعلمت حينها أنه يجب أن أدخل في الإسلام. شعرت بأن ذلك هو الأمر الصائب وما خلا ذلك أمور غير مهمة.

وبعد أن نطقت بالشهادتين أمام المدرسة كلها أصبحت إنسانة أخرى. لم يعد لديَّ ذلك الشعور بعدم الانتماء وبماذا أؤمن، فقد تحرّرت من القلق الذي كان لديَّ من قبل وولىَّ إلى غير رجعة. وعلمت أنني قد اتخذت القرار الصائب.

لم أكن قط على هذا القدر من القرب من الله.. كما أصبحت بعد أن اعتنقت الإسلام. الحمد لله.. أنا إنسانة محظوظة. وأشكركم على السماح لي بمشاطرتكم تجربتي.

٢٢١

بعد رحلة طويلة من البحث والإبحار في عالم الأفكار والأديان:

سفينة المسلم الهندي نيرڤان تحطّ بأمان على شاطئ الإِسلام

· قصة أخرى مشوّقة من قصص المهتدين للإِسلام، ذات دلالات وإيحاءات غنية بالتجارب الإنسانية والمشاعر الإيمانية الفياضة، يسردها بإيجاز للقرّاء المعتنق الجديد للإِسلام، الأخ الهندي نيرفان، بعدما غمرته أنوار الهداية الإلهية وأنقذته من مهاوي التيه والشك والضلال.

متى وكيف بدأت القصة كلها؟ وهل بدأت فعلاً أم كانت مجرد يقظة روحية؟ إنه إدراك للحقيقة التي طالما كانت كامنة في داخلي؟

إسمي نيرڤان، من التابعية الهندية. لقد وُلدت لعائلة مختلطة، فأبي هندوسي وأمي مسلمة. منذ طفولتي أذكر بوضوح أنني لم أتلقَّ أي تربية دينية من أي نوع كانت. فأبي لم يكن هندوسياً متديناً، فيما تخلت أمي عن الإِسلام، لذا فقد تربيتُ في ما يمكن وصفه بالـ «خواء» الديني والروحي، بيد أنني سأظل ممتناً لأبويَّ لزرعهما فيّ القيم الأخلاقية التي ستظل ترشدني طيلة حياتي. فمع أن عائلتي لم تكن متدينة، إلا أنها ربتني على مبادئ أخلاقية جيّدة تتمثّل في طاعة الأبوين، والصدق، والامتناع عن السرقة، وخدمة الناس كان حجر الزاوية لحياتنا اليومية.

أدركت مؤخراً خلال فترة المراهقة أنه كانت تجول في خلدي ألغاز الوجود: ما هي الغاية من الحياة على الأرض؟ هل الموت هو نهاية كل شيء؟ هل هناك إله؟ وقد تحرك شيء ما في أعماقي موجِّهاً عقلي نحو سعي دؤوب طلباً للحقيقة. كنت بحاجة إلى أجوبة منطقية واضحة وشاملة عن كل تلك الأسئلة التي أرّقت حياتي وحيّرت لُبّي. وعزمتُ على خوض المغامرة، مع أنها متاهة معقدة حول اللاهوت، وطقوس الغابرين، والفلسفة.

٢٢٢

إنطلاقاً من الإلحاد، شققت طريقي إلى البوذية، والمسيحية، والهندوسية، إلا أنني لم أجد أي طمأنينة في أي منها. تملّكني شعور بأن الحقيقة موجودة في مكان ما، ربما أمام عينيّ، إلا أنها لا تزال تراوغني. وفي مرحلة معينة، تخليت عن البحث وتملّكني اليأس. فَلُذت بنيتشه، وسارتر، وكانط، وهاديجر، وماركس، وفرويد، وأندريه جيد، وكريشنامورتي... ولَكَم بدا الإلحاد أكثر إغراءً لي! أقوال مثل «الله قد مات»، «الدين أفيون الجماهير»، «الأديان تنبع من الخوف الفطري من الأب في المجتمعات البدائية». كنت أحيا وأموت بكتب نيتشه وموسيقى مارلين مانسون. حتى أنني أخذتُ أقرأ «الكتاب الشيطاني المقدس» وأصبحتُ مهتماً بالويكا أو الوثنية. وقد قادني هذا الأمر إلى اكتشاف الميثولوجيا الإسكندناڤية، وآلهة الرومان والإغريق... بَيْدَ أن ظمأي للروحانية والحقيقة النهائية لم يتوقف.

عندئذٍ حصلت المعجزة! فذات يوم جمعة، قرّرت أن أذهب مع صديق مسلم إلى صلاة الجمعة لمجرد التسلية. لم يكن في نيتي أن أصلّي هناك، فقد كنت مجرد فضولي فيما يتعلق بالممارسات الدينية في الإِسلام. الدين الوحيد الذي لم أبحث فيه - لقد استمعنا إلى خطبة الإمام وأديتُ حركات الصلاة من خلال تقليدي لصديقي (القيام، والركوع والسجود). عند هذه النقطة، عشتُ تجربة سماوية روحية غريبة. لم أسمع أي صوت، ولم أرَ أي نور... شعرتُ فقط بعاطفة سماوية وكأنها تجذبني. وكلما لامست جبهتي الأرض، كنت أشعر وكأنها لا تريد أن تفارقها. لقد أرسل الله هدايته إليّ. ولن أعود لحالي السابق بعد الآن أبداً.

وبعد الصلاة، سألني صديقي عن شعوري، فلم أجبه، لأن لغة البشر لا يمكن أن تعبّر عن تلك العاطفة بشكلٍ كافٍ. ذلك الإحساس بالحبور تملّك عقلي لأيام، وكان يشير إلى اتجاه واضح جداً: «الإِسلام»، فتساءلت «هل أنخرط في البحث من جديد؟» كانت قوة خفية ما تدفعني إلى الأمام وترشدني للقيام بذلك. وبعد فترة قصيرة، ألفيت نفسي غارقاً في مطالعة الكتب الإِسلامية ومعجباً بأركان الإيمان الخمسة، والعقائد، والمعجزات العلمية في القرآن، والكمال الرياضي. وشرعتُ في الصلاة بحماسة والدراسة الجادة للقرآن، ولكن القصة لم تنته هنا.

٢٢٣

لقد سقطتُ مرات عديدة في بحور الشك، والشيطان يطاردني بإغراءاته. أمضيت ليالٍ طويلة أرقاً متسائلاً إذا ما كنت على الصراط المستقيم، وهل كنت أتصرف بتهور أم لا؟ حتى أنني بلغتُ حافة الارتداد وتملّكتني رغبة بالتخلي عن كل شيء. وتزامن ذلك مع مشاكل واجهتها في المنزل لكون عائلتي غير مسلمة، مما جعل ترك الإِسلام يروق لي، فتركتُ الصلاة، المعراج الشريف، وأصبحتُ أناظر المسلمين حول معتقداتهم وأساعد المواقع المعادية للإِسلام على شبكة الإنترنت. إلا أن شيئاً ما في قلبي ما كان ليتركني أتخلى عن الله. وأدركت أن تلك الأوقات العصيبة كانت فترة ابتلاء لي، فهل أنجح أم أفشل؟ أخذت أصلّي ليل نهار، وأتوسل إلى الله طالباً العون. شعرت بالخجل لأنني شككت في كلمة الله وتركتُ نفسي تتأثر بالحملات المعادية للإِسلام. شعرتُ بالغثيان لأنني كنت ضحية الشك في كل مرة، وتوسلت إلى الله طالباً الغفران. ولكن في النهاية غمرني النور.

شيئاً فشيئاً، قوّى الله تعالى إيماني وجعلني أصمد. واجهتُ النقد والقسوة من الآخرين بالصبر والسكينة، فلم أجادل أو أغتاظ قط. وإذا ما غمرتني الكآبة، توجهت إلى الله للهداية والعون. لقد عدت إلى دين الفطرة، فماذا هناك لأخافه، وأدركت أن المغامرة لم تنته... بل هي قد بدأت. رحلة فاتنة في أرجاء معجزات وأطايب الإِسلام.

لم أبلغ نهاية الطريق بعد، ولكنني الآن في حالة سلام مع نفسي ومع الله تعالى.

٢٢٤

الهداية إلى الصراط المستقيم

بقلم الأخت زهراء (جويس سلوتر) سابقاً

· الأخت الأميركية جويس سلوتر (زهراء) لاح لها شعاع الإِسلام في مراحل عديدة مرّت بها خلال حياتها وتجاربها الدينية السابقة، وظل يلاحقها حتى عمّها أخيراً سنا بريقه الساطع. فاهتدت إلى الصراط المستقيم، كما تقول في قصَّتها التالية التي بعثت بها إلى المجلة، وهي تعمل حالياً على إرساء دعائم الإِسلام ونشره في منطقتها في ولاية ميشغان إلى جانب أخواتها في منظمة المسلمات الأميركيات.

لقد وُلدت في تشرين الثاني/نوڤمبر 1947م من أبوين أميركيين، وقد رباني أهلي تربية كاثوليكية وكانت أمي قد اعتنقت الكاثوليكية قبل زواجها بأبي. وهي تنحدر من سلالة من البروتستانت المحافظين جداً وقد درس العديد من أفراد عائلتها في معهد مودي للكتاب المقدس، كما كان بعض أفراد عائلتها من اليهود، وقد شرحت لي أمي بعض الشرائع اليهودية.

ولطالما كنت مهتمة منذ الصغر بثقافات الآخرين. حيث كنت شغوفة بدراسة المعتقدات والممارسات الدينية المختلفة.

وقد أقنعتني عناصر التشابه في العديد من الممارسات والمعتقدات الدينية بأن هناك معتقداً أصلياً تم نسيانه وتغييره عبر الزمن.

لقد تعلمتُ في مدرسة كاثوليكية حتى المرحلة الثانوية. وقد فكرتُ بدايةً في أن أصبح ملتزمة دينياً، غير أنني لم أوفق لذلك مع أنني كنت أواظب على حضور الصلاة في الكنيسة بقلب مؤمن وأتلقى التعاليم الكنسية في الوقت المحدد.

في ذلك الوقت، تعرّفت لأول مرة على الإِسلام، حيث كنت قد بدأتُ بدراسة اللغة الإسبانية في المدرسة الثانوية. وكما هو معلوم فإن شبه الجزيرة الإيبيرية تأثرت إلى حد بعيد بالثقافة الإِسلامية منذ التواجد الإِسلامي في الأندلس.

وللأسف فإنني لدى شروعي في دراستي الجامعية تركتُ ممارساتي الدينية. حتى خلال العديد من المشاكل أثناء زواجي الأول، لم أذهب للصلاة في الكنيسة. كنت أتلو صلاتي بمفردي وأقرأ في الوقت عينه عن الأديان المختلفة.

٢٢٥

وبعدما مررتُ بمرحلة مليئة بالقلق. بدأتُ بالذهاب مجدداً إلى الكنيسة ومررتُ بتجربة «الولادة الجديدة». وهذه هي مرحلة قرب خاص من الله تعالى.

بَيْدَ أن الله تعالى كان قد رسم لي خطة أخرى ليقرّبني منه أكثر، أو هكذا يبدو الأمر لي عندما أعود بالذاكرة. لقد تصادقت ابنتي مع فتاة إيرانية في المدرسة. وقد التقيتُ بأهل تلك الفتاة وتعرفتُ على ثقافتهم. عندها اشتريتُ لأول مرة ترجمة للقرآن الكريم. وبعد حوالى عام انتقلنا إلى سكن آخر، حيث التقيت بإحدى صديقاتي التي كانت متزوجة من إيراني. ومجدداً تعرّفت أكثر على الثقافة الإيرانية وكيفية طهو بعض الأطباق الإيرانية. ومع أن صديقتي لم تكن مسلمة، إلا أنها حدثتني عن الإِسلام، ومجدداً شدّ ذلك اهتمامي. في العام 1997م بدأ يساورني شعور بأن الله تعالى يريدني أن أقوم بأمر ما، شيء أكثر من مجرد إطاعة تعاليم الكنيسة وقوانين البلاد. شعرتُ بأن عليّ أن أبدأ بتعلم قيادة سيارتي بمفردي إلى أماكن بعيدة، لذا كنت أذهب إلى أوماها في نبراسكا للعمل هناك طيلة أسبوع. وذهبتُ للاعتراف في فترة عيد الميلاد وأخبرتُ الكاهن بشعوري بأن لديَّ مهمة خاصة. أعتقد أنه ظن أنني إنسانة «غريبة الأطوار». ثم في كانون الثاني/يناير 1998م، توفي زوجي الثاني إثر ذبحة قلبية. كان عمره 46 عاماً فقط. وعندئذٍ أصبحت قريبة جداً من الله تعالى وقد منحني ذلك قدراً كبيراً من الراحة.

أمضيتُ قسماً كبيراً من وقتي باحثة عما عليّ القيام به لنفسي في ذلك الحين. أصبحتُ نشطة جداً في الكنيسة كالمساعدة في جمع التبرعات لبناء مدرسة، وقد تم انتخابي عضواً في مجلس الرعية. وعبر كنيستي التقيتُ أشخاصاً من سائر أنحاء العالم. وقد تمكنتُ من السفر إلى الهند وإسبانيا.

وفي الهند رأيتُ الناس من جميع الأديان يعيشون معاً منسجمين.

٢٢٦

وفي أيار/مايو 2001م قررت أخيراً الإصغاء لنداء الله وركزت على الصلاة من أجل السلام في العالم. وقد شعرتُ على امتداد السنوات أن لديَّ حافزاً قوياً للعمل من أجل السلام في العالم. وقد بدت تلك مهمة مستحيلة.

في الأعوام القليلة التالية واصلت حياتي كما في السابق، كنت أقرأ عن الأديان الأخرى واستمريت في الأنشطة التطوعية. في العام 2003م بدأتُ بحضور سلسلة من المحاضرات عن الإِسلام في مسجد في بلومنغتون. وبعد أن انتهت السلسلة بدأتُ بحضور جلسات في منزل إحدى الأخوات إلا أنني انتقلت بعد ذلك، لذا توقفتُ عن حضورها. عرفت بأنني سأصبح مسلمة إلا أنني لم أرد أن أستسلم وأتغير. لقد اشتريتُ نسخة من القرآن الكريم ترجمها يوسف علي وقرأتها كلها. وقد قرأتُ سيرة النبي محمد (ص) وكتباً عن الإِسلام. وعندما نفق كلبي، لم أحضر كلباً آخر بل قطة لأنني عرفتُ أن معظم المسلمين يعتقدون أن الكلاب نجسة.

حلّ العام 2006م وتلقيتُ المزيد من الإشارات من الله تعالى ذات مرة كنت وصديقة لي نتحدّث عن المشاكل في العالم الإِسلامي، فقالت لي إننا من غير المسلمين ولا يمكن لنا أن نكون ممن يحمل السلام للعالم الإِسلامي. واتفقنا أن ذلك يحدث فقط من خلال المسلمين أنفسهم. وأدركتُ أنني إذا ما أردت العمل من أجل السلام في العالم فإنه عليّ أن أصبح مسلمة، إلا أن نفسي الضعيفة لم ترغب بالتغيير. وقد تجاهلتُ المزيد من الإلهامات الإلهية التي وصلت إليّ عبر أشخاص في مجموعة دراسة الكتاب المقدس التي كنت أنتمي إليها. إحدى السيدات كانت تقول للجميع باستمرار إن علينا أن نستسلم لمشيئة الله أليس ذلك ما يتضمنه الإِسلام؟ سيدة أخرى قالت اختاروا طريقاً والتزموا به. أليس الإِسلام هو الصراط المستقيم؟ لقد حاولت خلال أعوام أن أحصل على شيء يربطني أكثر بالكنيسة الكاثوليكية، وتقدمت بطلبات لعدة وظائف في أبرشيتنا، إلا أنهم لم يجدوني ملائمة للوظيفة. أعرف أن الله تعالى بمشيئته قد حال دون توظيفي كي أكون حرة أكثر من أجل الإِسلام. ومع ذلك، لم أكن أخال نفسي عنيدة إلا أنني كنت كذلك فعلاً، لم أشأ التخلّي في هذا الوقت عن شرب الكحول وأكل لحم الخنزير ومن ثَمَّ المواظبة على الصلاة اليومية، والالتزام باللباس الشرعي الإِسلامي.

٢٢٧

أخيراً، وخلال حضوري دروساً جامعية، قررت التوقف عن شرب الكحول. وعندما تمكّنتُ من القيام بذلك، عرفتُ أنني قادرة على القيام بأي شيءٍ آخر. ورغم ذلك استمر خوفي من تلك الخطوة. إلى أن دعوت الله تعالى أن يهيء لي معلماً إذا أرادني أن أعتنق الإِسلام. وبما أنني كنت أدرس في جامعة كاثوليكية كنت متأكدة أن معلماً كهذا لن يظهر أبداً.

ولكن الله تعالى يقول في (سورة يس آية 82):﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَیْئًا أَنْ یَقُولَ لَهُ کُنْ فَیَکُونُ ﴿82﴾ ﴾ . فقد جاءني المعلم المسلم إلى صف اللاهوت المسيحي الذي كنت أتابع فيه، عندها، أدركتُ أنه لا مكان للتردد بعد الآن، فأدّيت الشهادة لله ولرسوله بعد فترة قصيرة. أعرف الآن أن عليّ الاستمرار في كفاحي كي أكون مسلمة صالحة عاملة ولكني أعرف أني بعون الله وبمساعدة إخواني وأخواتي المسلمين سأظل على الصراط المستقيم.

٢٢٨

(سيريل سفراك)

الشاب الفرنسي المهتدي للإِسلام

هكذا استنار قلبي بنور الإِسلام المتجلّي بالنبي الأكرم (ص) والمتجسّد بنهج أهل البيت (عليهم السلام)

«سيريل سفراك» شاب أخلص قلبه لله منذ طفولته، فأكرمه تعالى بنعمة الإِسلام في شبابه، وبرحمته أصبح شاباً مسلماً فخوراً بانتمائه الجديد رغم انتقادات الكثيرين من حوله لكونه فرنسياً اعتنق الإِسلام.

لكن قلب «سيريل» مطمئن بالإيمان مستنير بكلمة الحق التي تجلت في دين محمد (ص) وتجسدت في نهج آل البيت (عليهم السلام) ، وهو هنا يروي عبر مجلة (نور الإِسلام) قصة هذا التحول نحو الإِسلام الذي يراه: الحب الخالص لله.

يقول «سيريل»: وُلدت عام 1975م في أُسرة لا يؤمن أفرادها حقاً بوجوده تعالى. لم يلق تناولي للقربانة الأولى التي تمثل دخولي إلى الديانة المسيحية أي اعتراض بينهم ولا أي تشجيع. التحقتُ صغيراً بصفوف التعليم الديني. كنت متحمساً جداً فرحاً بما أتلقاه من تعاليم؛ خاصة عندما يتعلق الموضوع بالمسيح (ع) ، كانت معلومات سطحية بعض الشيء، لكنها كانت كافية لتغذي حلم كاهن صغير لا زال في سن الثانية عشر... صرتُ أقرأ التوراة والإنجيل بارتياح كبير حتى تعمّقتُ في قراءتهما، فبدا لي وقتذاك شرخاً كبيراً بين تعاليم الكتب المقدسة والدروس الكنسية، وبدأتُ أطرح على نفسي أسئلة جمة كتحريم زواج رجل الدين، مع أن الزواج خطوة مباركة يحثُّ عليها الدين، أو انتشار الأيقونات والمنحوتات كرموز دينية. حتى في الكنائس. مع أن ذلك لا يتناسب مع ما نص عليه الكتاب المقدس... كثرة الأسئلة، وكثرة التناقضات، دفعت بي إلى التمسك بإيماني (بديني) في حين أسقطت من اهتماماتي تعاليم الكنيسة، فكانت علاقتي بالله مباشرة لا تمر عبر كنيسة ولا تحدها سلطة دينية، هذا الخط الذي رسمته في سن الخامسة عشر، أخلصت له سنين طويلة.

٢٢٩

أذكر أني حين تعرفتُ إلى أصدقاء من «شهود يهوه» كنت أحاججهم بإيماني بالإنجيل، كانت أسئلتهم تحثني على البحث لاستخلاص الأجوبة، ولكن ما تعلمته من خصمي أن العقل هو السبيل لمعرفة الله «وهذا لا زال منهجاً في حياتي الدينية».

خلال أعوام دراستي الجامعية (كنت قد اخترت دراسة علم النفس) تعرفت على صديق سرعان ما صار بمثابة أخ لي، كان يجمعنا، عدا السكن الجامعي، سهرات قضيناها معاً تبادلنا فيها الآراء وأخرى ناقشنا فيها أفكاراً فلسفية لا حدود لها.

كان صديقي مسلماً، يصوم شهر رمضان لا أكثر، لكن إيمانه الداخلي كان يحاكي قناعاتي التي كونتها عن الله، ولما كنت أفتقر إلى كثير من المعلومات حول ديانته (الإِسلام) قدم لي مرة كتاب «القرآن» وعلمني كيفية الوضوء شارحاً لي ضرورة القيام به عند قراءة القرآن. ظل الكتاب على طاولتي شهوراً لم أفتحه، كنت أشعر أني لست جديراً بفتحه، وغاب صديقي عني فجأة.. واختفى! صدفة أخرى جمعتني بسيدة مغربية دعتني لحضور حلقات دينية كانت تعقد في شهر رمضان، بدا لي الحديث عن الإِسلام جلياً، فبادرتُ أطرح أسئلتي وأتعرف أكثر فأكثر على الإِسلام، ولا أنسى أني سمعتُ لأول مرة في حياتي عن الصهيونية العالمية وكان عمري قد تجاوز السابعة والعشرين.... وبدأتُ رحلة البحث عن الحقيقة: صرتُ أنهل من هذا العلم الواسع لأجد الأجوبة الشافية لأسئلتي، وأستغرقُ في البحث والتفكير فتمضي ليالٍ تلو أخرى والتساؤلات تكبر في داخلي، فأرويها بالمعرفة والتزود، ويقيني بوجود دين يجيب على أسئلتي (تطلعاتي وأفكاري) يتأكد يوماً بعد يوم، فعرفت أن الدين الإِسلامي هو آخر الديانات السماوية، وأن الله هو الرب الأوحد لكل هذه الديانات، فاعتقدتُ بذلك، وصرتُ أرى الإِسلام مُكمّلاً لها. ذات يوم تجرأت وفتحت القرآن، ومن قراءتي لأول آياته، تعلقت بكتابي، وصرت أقرأ وأزداد تعلقاً وأتمنى أن أصل إلى آخر صفحاته. فهمتُ أن المسلم يؤمن بوجود المسيح كرسول كريم وهذه الحقيقة لعيسى (ع) لاقت صورة رسمتها سابقاً في داخلي للمسيح الذي آمنت بوجوده على طريقتي (على فطرتي)، وتوضحت أكثر. اعتقدت ببعثة محمد (ص) خاتماً للرسل، صرتُ أراني مسلماً بشكلٍ عفوي وتلقائي؛ فكيف أتعبد؟ تودّدتُ لجار لي، سوري علوي، كنا نتحاور وحين يصعب سؤالي عليه، كان يتصل بأستاذه في سوريا ويجيبني، حدثني كثيراً عن الإمام علي (ع) ، شخصية جذبتني بعفوية، لكن مبالغات جاري وصديقي لم تخفَ عليّ.

٢٣٠

نهج أهل البيت(عليهم السلام) :

واصلت البحث وتعمقت أكثر، وكان طريق أهل البيت بالنسبة لي هو المنهج السليم والنيّر، فخيانة يهوذا في الدين المسيحي حادثة تعيد نفسها بعد وفاة النبي (ص) وانقلاب بعض الأصحاب عليه، وهذه الخيانات يحذرنا منها القرآن الكريم في مواضع عدة، والنبي محمد (ص) الذي تأذى أكثر من كل الأنبياء في حياته، لم يرحمه أتباعه من بعده، فالتيار جرف كثيراً من المسلمين وقلة منهم تمسك بوصاياه. هنا، يرشدنا العقل إلى السبيل القويم، إلى نهج آل محمد (ص) ، ولمَ كان أتباعه الخلّص قلة تفانوا لأجله وما زالوا.

أصداء:

كان لاعتناقي الإِسلام صدى كبيراً لدى مَن حولي: أصدقائي وزملائي في الجامعة على وجه الخصوص. أحدهم (والذي جمعتني به صلة قرابة لاحقاً: صار أخ زوجتي) كان يأتي إليّ يحدثني عن الإِسلام، ونصلي معاً، ويصحح لي ما تعلمته، ويوضح لي الأحكام الشرعية، فصرت أتبع المدرسة الجعفرية. (مدرسة الإمام الصادق (ع) ):

وصارت تعقد في غرفتي حلقات الحوار والنقاشات الفلسفية والتي غالباً ما جمعت الكثير من الشبان والشابات، فكانت فرصتي للتعرف على زوجتي التي كانت وما زالت بالنسبة لي لطفاً إلهياً مباركاً أنار دربي؛ إذ كان لها الفضل أولاً في تعليمي حفظ بعض السور، وكذلك أداء الصلاة باللغة العربية. وفجأة ظهر صديقي وأخي الذي افتقدته طويلاً، أطل هذه المرة بحلة جديدة، فقد التزم دينياً واصطحبني إلى المسجد لأول مرة وشرح لي أحكام صلاة الجماعة، وتزوج هو أيضاً، وكلانا رزق بطفلة، فكبرت عائلتانا في نور الإِسلام.

إلهي وسيدي الذي أدعوه كلما شئت لحاجتي، وأخلو به حيث شئت لسري... الحمد لك والشكر لك على ما خلقتني وسوّيتني، وربّيتني وأعطيتني حمداً دائماً لا ينقطع أبداً.. اللّهمّ املأ قلبي حباً لك وخشية منك وتصديقاً لك وإيماناً بك.

٢٣١

قصة إسلام الشاب الأرجنتيني

«محمد عيسى غارسيا»

من آثار السمعة الحسنة التي حققها مسلمو الأرجنتين هي ظاهرة إسلام العديد من المواطنين من أصل أرجنتيني نظراً للقِيَم النبيلة التي لمسوها في الدين الإِسلامي والطابع الأخلاقي السليم لسلوك المهاجرين المسلمين.

في هذا الإطار تلقينا من الأخ الكاتب مجاهد شرارة المقيم في الأرجنتين قصة شيقة عن (محمد عيسى غارسيا) وهو شاب أرجنتيني وجد سعادته كما يقول في الإِسلام بعد بحث طويل عن الحقيقة مقتفياً آثار الصحابي الجليل سلمان الفارسي (رض)

حكاية محمد عيسى أنه ولد لأبوين نصرانيين وقد أمضى طفولته في التردد على الكنيسة، ولمّا بلغ العاشرة من عمره أنهضته نفسه البريئة إلى بداية رحلة جديدة للتأمل في الكون الذي حوله، ورغم صغر سنّه وقصور ذهنه على الاستدلال إلّا أن فطرته لم تكن لتتقبّل عقيدة التثليث فقد كان يميل ببراءته إلى أن عيسى بن مريم (ع) شخصية عظيمة وليس إلهاً، وهذه المسألة هي التي فتحت باب المناقشات والتساؤلات بينه وبين أهله في البيت ومع قساوسة الكنيسة التي يتردد إليها.

لم يجد محمد عيسى غارسيا وهو الطفل البريء جواباً شافياً على تساؤلاته المبكّرة وما يجيش في نفسه، وازدادت حيرته وقلقه عندما لم يعر أهله والكنيسة اهتماماً بسؤاله نظراً لصغر سنّه.

مرّت الأعوام بمحمد عيسى حتى بلغ الخامسة عشر وهو يحمل في نفسه تلك الأسئلة، ودخل الثانوية العامة، وتلقى في أثناء دراسته كلاماً سطحياً عن الإِسلام ومغلوطاً في الكثير من الأحيان، فالكتاب المدرسي يذكر أن المسلمين يعبدون الحجر الأسود ويسجدون للكعبة مصحوباً بصور للمسلمين وهم يصلون ويسجدون ويطوفون حول الكعبة.

٢٣٢

كبر محمد عيسى وكبرت معه حيرته فهو الآن شاب بإمكانه أن يحلّل ويستدل فقد قوِيَ تمسّكه وولعه بالبحث عن الحقيقة. وفي ليلة من ليالي شهر أكتوبر عام 1989 ضاقت به نفسه فالسؤال ما زال يتردد داخله، من هو خالق الكون؟! ووقف في جنح الليل ينظر إلى السماء هاتفاً: «يا أنت الذي خلقتني اهدني للحق وإلّا خذ روحي فإني أعيش حياة ضالة» وانهمرت من عينيه دموع الحيرة ثم استسلم للنوم. وفي الصباح استيقظ على طرق الباب فوجد محمد رجلاً مشرق الوجه يطلب منه أن يحدِّثه لبعض الوقت، وبدأ حديثه بقوله: أنا «ماشوركا»، مسلم جئت لأحدثك عن الإِسلام. وأخذ ماشوركا يحدّثه عن الله ووحدانيته وعظمته وكيف أنه يستحق العبادة ومنزّه عن كل نقص.

انشرح قلب محمد عيسى غارسيا لهذه الكلمات، ونظر إلى السماء متذكراً ما دعا به في الليلة الماضية، وشعر برحمة الله تحفه ونفحات الإيمان تتدافع في قلبه. دام حديث ماشوركا معه ثلاث ساعات بعدها استأذن لصلاة الجمعة. وقبل أن ينصرف طلب غارسيا أن يرافقه إلى المسجد، فقد وجد ضالته ولن يتركها تضيع من بين يديه، واستمع للخطبة التي تحدثت عن الإِسلام. وما إن فرغ المصلّون من الصلاة حتى توجه محمد غارسيا إلى ماشوركا مخاطباً: أريد أن أسلم، ماذا أفعل؟ فقال له: عليك بنطق الشهادتين ثم الاغتسال. ففعل محمد غارسيا ما طلب منه فكبّر المصلّون فرحاً بإسلامه.

طريق الأهل الشائك والهجرة إلى الحقيقة:

تعلّم محمد عيسى غارسيا في المدرسة والبيت الحرية في أن يعتقد ما يريد دون أن يؤثر ذلك في حياة الأسرة، لكن ما حدث بعد إسلامه كان خلاف ذلك، فقد واجهته المصاعب من جميع الجهات؛ فوالدته غضبت منه غضباً شديداً وتوعدته رغم حبها الجمّ له، وقام والده بطرده من المنزل وهو ما زال طالباً لم يتعدَّ 18 عاماً، فخرج حزيناً من بيته مصدوماً من أهله الذين طالما تغنوا بالحرية في المعتقد والسلوك.

٢٣٣

ليس لمحمد عيسى غارسيا أحد يلجأ إليه سوى «ماشوركا» الذي احتضنه ووفر له عملاً بسيطاً في شركة لتصنيع البلاستيك، ومأوى في بيته كي يعيش فيه. ظل محمد عيسى يعمل ويتردد إلى المسجد كي يتعلم العربية وتعاليم الإِسلام، كان جلّ همّه أن يستزيد من المعرفة وينهل من نهج نبي الإِسلام (ص)

رغب محمد عيسى أن يتعلم سيرة النبي (ص) فأقبل على كتاب السيرة النبوية «لمارتن لينكس»، وكلما قرأ عن الاضطهاد الذي تعرض له النبي وكيف صبر عليه، ازداد صلابة في مواجهة الحياة الصعبة التي يعيشها، وبعد فترة اجتهد محمد عيسى في حفظ القرآن والأحاديث النبوية حتى حفظ جزء «عم» و«الأربعون النووية».

ظلّت نفس محمد عيسى تهفو لزيارة البيت الحرام والوقوف أمام مقام الرسول (ص) حتى أتت فرصة الحج عام 1993 ووقف أمام الكعبة يصلّي معلناً أنه لا يسجد لها ولا يعبد الحجر الأسود بل يسجد ويعبد الله وحده.

بعد الحج عزم محمد عيسى على التخصص في علم الحديث بعدما تعلّم اللغة العربية، وكانت ترافقه أمنية في أن يهدي الله أُمه للإِسلام فأخذ يراسلها ويكتب إليها ويتصل بها بين الحين والحين، وفي إحدى المرات فاجأته أُمه بقولها: «لقد أسلمتُ يا محمد» حينها طار قلب محمد فرحاً لإِسلام أُمه.

عاد محمد عيسى عام 2004 إلى الأرجنتين بعد رحلة استغرقت إحدى عشر عاماً، حفظ خلالها عشرة أجزاء من القرآن الكريم وأتقن اللغة العربية، آنذاك حمل محمد عيسى لواء الدعو إلى الله وتبصير الناس بالله وبالإِسلام لكنه واجه ظروفاً صعبة، ولكن من براثن الظلام يتولد الضوء، فكثير من الأرجنتينيين بدأوا يسألونه عن الإِسلام وهو يشرح لهم حقيقة الافتراءات التي ألصقت بهذا الدين الحنيف، حتى أسلم على يديه 70 رجلاً وامرأة خصصوا لهم مكاناً للصلاة في حيّهم، ويقوم محمد عيسى بتدريس العربية للمسلمين الجدد وتعليمهم قراءة القرآن وتعاليم الإِسلام.

٢٣٤

أصبحت الدعوة إلى الإِسلام هي الشغل الشاغل لمحمد عيسى وتطورت أساليبه في التبليغ، فنظراً إلى أنه يجيد اللغة العربية والإسبانية اتجه إلى الترجمة عندما وجد ندرة في الكتب الإِسلامية باللغة الإسبانية، فعمل مديراً لقسم اللغة الإسبانية في الدار العالمية للكتاب الإِسلامي، وقد ترجم حتى الآن أكثر من سبعين كتاباً إسلامياً من العربية إلى الإسبانية، ويناشد محمد عيسى الجميع الحكومات والمؤسسات الإسلامية أن يدعموا الدعوة والتبليغ في الأرجنتين وأمريكا اللاتينية، وأن تزيد حركة الترجمة وتتسع حتى تشمل جميع الكتب التي تحتضن العلوم الشرعية.

وليس غريباً أن يلوم المسلم الأرجنتيني محمد عيسى المسلمين على تقصيرهم في تبليغ رسالة الإِسلام في أمريكا اللاتينية، بعدما اطلع على عظمة الإِسلام ونجاعته في سعادة الإنسان في هذا العصر، فالمسلمون بنظره لا يقدّرون إسلامهم حق قدره. ويضيف محمد عيسى غارسياً قائلاً: «كثير من الدعاة يسافرون إلى أماكن أخرى من العالم مقابل عدد قليل جداً يأتي إلينا للدعوة إلى الله، وهذا يحزنني كثيراً، فالناس هنا في الأرجنتين، متقبلون للإِسلام ولكنهم يحتاجون إلى من يرشدهم إليه».

نداء إلى المسلمين:

وفي نهاية حديثه معنا قال: «60% من الأرجنتينيين الذين أسلموا تعرفوا على الإِسلام من خلال مواقع الإنترنت، وهناك مواقع إسبانية عن الإِسلام وكذلك منتديات للحوار باللغة الإسبانية، لذلك أناشد الشباب المسلم العربي أن يتعلم اللغة الإسبانية يدخل إلى هذه المواقع ليدعوا إلى الله، أرجو أن تهتموا بأمور المسلمين الجدد في أمريكا اللاتينية ونحن نرحب بكم جميعاً ونود أن نستقبلكم في بيوتنا».

٢٣٥

قصّة قسيس روسي

اعتنق الإسلام بعد صراع ضد الإلحاد :

من هو القسيس المسيحي الروسي الذي اعتنق الإسلام وما هي قصة الشيخ الذي دخل عليه إلى قلب الكنيسة وكان كلامه بمثابة دعوة للهدى، وماذا يفعل بولوسين ورفاقه لنصرة الإسلام في روسيا؟

قال الدكتور في الفلسفة والعلوم السياسية علي فيتشسلاف بولوسين: «لقد تربيت في عائلة غير مؤمنة ولكنني كنت أدرك بإحساسي وجود الله الذي أتوجه إليه في كل ضائقة وسرعان ما تنفرج».

وأضاف بولوسين الذي وضع عدداً من المؤلفات حول علوم الدنيا والآخرة أبرزها كتابه «الخرافات والدين والدولة» الذي صدر في موسكو في عام 9991م إنه التحق بكلية الفلسفة في جامعة موسكو من أجل الوصول إلى معرفة حقيقة الله (سبحانه وتعالى) حيث تخرَّج بعد أن أمعن في دراسة المسيحية الأرثوذكسية وقال «اكتشفت الكثير من التناقضات فيها».

وإبان العهد السوفياتي حيث كانت الشيوعية تمثل الإيديولوجية الرسمية للدولة وكانت الكنيسة الأرثوذكسية تمثل البديل الوحيد الموجود التحق بولوسين بمدرسة الرهبان وأصبح قسيساً في عام 3891م. وأقر بولوسين بأن وضعه كراهب كان يشكِّل رمزاً للصراع ضد الإلحاد وفي الوقت نفسه فإن مقامه كراهب كان يفرض عليه ممارسة طقوس تلبية لاحتياجات الناس المؤمنين التي يقول إنه «لم يقتنع بها مما خلق لديه ازدواجية بين الإيمان الشخصي والواجب الديني الاجتماعي ويعتقد بولوسين أن شكوكه ومواقفه التي لم يكن قادراً على إخفائها كانت السبب وراء إبعاده إلى آسيا الوسطى للخدمة في إحدى الكنائس في طاجكستان «حيث تعرفت لأول مرة وبصورة مباشرة على المسلمين والإسلام الذي بدأت أشعر بانشداد إليه».

وروى بولوسين أن شيخاً وقوراً دخل عليه إلى قلب الكنيسة التي كان يرعى أمورها وبدون أن يقدِّم نفسه «سألني عدة أسئلة أجبته عليها وبعدها قال لي إنك تنظر إلى الأمور بعيون مسلم وستكون إن شاء الله من المسلمين».

٢٣٦

وقال بولوسين: «بدا هذا الأمر عجيباً وغريباً إذ دخل الشيخ إلى قلب الكنيسة بكل احترام ولكنه غير آبه بأي مكروه قد يتعرض إليه ليدعو راعي الكنيسة إلى الإسلام، والعجيب في الأمر أن هذه الدعوة دخلت إلى روحي ولم تلقَ مني أي مقاومة».

وأضاف: إن الأمر الأكثر عجباً أنني لم أرَ هذا الشيخ قبل هذه الحادثة ولا بعدها وبعد وقت أدركت أن مجيئه إليّ كان مثابة «دعوة للهدى».

وبعد آسيا الوسطى تولى بولوسين رعاية كنيسة مهجورة أعيد ترميمها في مدينة كالوغا حيث يعترف بأنه بدأ فيها ممارسة قناعته بالإيمان بعيداً عن الطقوس التي لم يكن يؤمن بها.

وبفضل العلاقة الطيبة التي ارتسمت بينه وبين رواد الكنيسة سارع الناس في سنوات الانفتاح والانعتاق الديني التي دشنتها البيرسترويكا إلى ترشيحه لعضوية البرلمان الروسي في عام 0991م حيث أصبح نائباً في البرلمان وترأس لجنة برلمانية لحرية العقيدة وتفرغ للعمل النيابي بعد أن تقدم بطلب رسمي إلى الكنيسة حرره من التزاماته الشكلية الدينية.

وأضاف أن فترة عمله في البرلمان تُوِّجت بإقرار قانون حول الأديان منح الكثير من التسهيلات للمسلمين وظل العمل به مستمراً حتى عام 7991م.

ويعترف بولوسين أنه انكب في بداية التسعينيات على دراسة المصادر التاريخية القديمة للمسيحية في محاولة للوقوف على تفسيرات للشكوك التي انطوت عليها نفسه ولكن هذه الدراسة المتعمقة زادت شكوكه وعمقتها «حسب قوله».

واستطرد بأن عام 5991م كان عام التحول في قناعاته الدينية حيث توقف تماماً عن ممارسة عمله في الكنيسة وانتقل لدراسة الإسلام وقال: «لكن قراءة القرآن بالترجمة الروسية التي أعدها أغناتي كراتشكوفسكي شوهت المعاني السامية للقرآن التي لم تتضح بأبعادها العظيمة إلّا بعد مراجعة ترجمة عصرية للمعاني القرآنية والمؤلفات الإسلامية حول المسيح واستماعي إلى سلسلة محاضرات حول الدين الإسلامي حيث لم يبقَ لديّ أي شك في اعتناق الإسلام.

٢٣٧

وقال بولوسين «أعلنت إسلامي سراً ولم يكن يعلم به أحد سوى شخصين، وانطوى هذا القرار على خطر يتهدد حياتي وحياة زوجتي التي سبقتني إلى الإسلام وظللت على هذا الحال حتى العام الماضي حيث نطقت علناً بالشهادتين في حديث أدليت به لصحيفة «المسلمون» واتخذت لنفسي اسم علي وزوجتي علية».

ورداً على النظريات الغربية التي ترى أن الصراع بين الأديان والحضارات يبدو حتمياً أعرب بولوسين عن قناعته بأن روسيا تشكل نموذجاً يحتذى للتعايش السلمي بين الإسلام والمسيحية بالرغم من بعض الفترات التاريخية التي ألحقت فيها الدولة أذى بالمسلمين كما حدث في العهد القيصري إبان حكم إيفان الرهيب وغيرها.

وحذر بولوسين من وجود أطراف خارجية تسعى لإثارة النعرات الدينية في روسيا من أجل تقويض الوحدة الوطنية وإضعاف الدولة الروسية.

ويتهم بولوسين الصهيونية بأنها صاحبة المصلحة الأولى في الإيقاع بين المسلمين والمسيحيين في روسيا.

ودحض بولوسين بقوة محاولة إضفاء صفة الإرهاب على الإسلام قائلاً إن الأصولية اليهودية تشكل قمة التطرف لأنها تندرج في الإطار الإيديولوجي للصهيونية وتقوم على الخرافات التي كانت قائمة قبل ثلاثة آلاف عام.

وتساءل «كيف يتحدثون عن الأصولية الإسلامية وكلنا نعرف إن الأصولية اليهودية هي التي أقامت دولة على حساب شعب آخر استناداً إلى روايات خرافية وما زالت تسعى لإقامة دولة إسرائيل الكبرى على حساب الأمة العربية جمعاء».

وعن المهام الملحَّة التي يقوم بها بولوسين لنصرة الإسلام في روسيا قال إن المهمة الملحة تتمثل في «تقديم صورة صحيحة عن الإسلام للمواطنين الروس على جميع الأصعدة بما في ذلك أجهزة الدولة الأمنية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية».

وأضاف أننا نقوم بنشر صورة الإسلام المشرقة بصفته ديناً قائماً على المحبة والتعايش السلمي وسط المثقفين الروس وبدأنا بإصدار نشرة الصراط المستقيم التي تتضمن مقالات تطرح نظرة عصرية وحديثة للإسلام في روسيا وموقف المسلمين إزاء معضلات ومشكلات المجتمع الروسي.

٢٣٨

وذكر بولوسين الذي يعمل في الوقت الحاضر مستشاراً لدى رئيس الإدارة الدينية لمسلمي الجزء الأوروبي من روسيا أنه يعمل مع فريق من المسلمين الروس على وضع أسس لبرنامج اجتماعي للمسلمين الروس من أجل طرحه في الأوساط الروسية الرسمية والاجتماعية.

٢٣٩

الأخ الإسباني يوسف فرنانديز

يقول:

· أدركت أن الإسلام هو ما كنت أنتظره منذ فترة طويلة، فهو نهج حياة واضح لا يكتنفه غموض أو أسرار.

· قبل الإسلام كنت شخصاً عصبياً متشائماً لا يرى معنى لوجوده.. وقد أصبحت بعده إنساناً هادئاً وحيوياً وإيجابياً.

· في إسبانيا آفاق الدعوة إلى الإسلام جيّدة على الرغم من أن العمل في هذا المجال ليس كافياً.

يوسف فرنانديز.. أخ مسلم غربي آخر يروي قصّة تحوّله المشوّقة إلى جمال أنوار الإسلام، بعد رحلة طالت مع العقائد والأفكار السائدة في عالم الغرب، التي لم تشفِ غليله، ولم توفّر له قناعة بسلامتها وطمأنينة بصلاحيتها.. وقد تفضّل مشكوراً بالكتابة عن قصّة اعتناقه للإسلام، ليطّلع عليها قرّاء المجلة وكل من هو متيقِّن بعظمة هذا الدين الحنيف.

لقد وُلدت في العام 5691 في أستورياس، وهي منطقة في شمال إسبانيا زُعم أنها مهد الكاثوليكية الوطنية، أي العقيدة السياسية والدينية التي سادت في إسبانيا طيلة خمسة قرون. تقول أساطير الفكر الرسمي القديم إن المسلمين الذين جاؤوا في العام 711 ميلادي إلى إسبانيا عن طريق مضيق جبل طارق واستولوا على معظم أنحاء شبه الجزيرة الأيبيرية في سبع سنوات فقط، قد هُزموا من قبل الملك بيلايو وبعض أتباع المسيحية في كوفادونغا، وهي معقل جبلي في أستورياس. وقد قيل إن ذلك آذن ببدء الـatsiuqnoceR (الاسترداد) أي الحرب المسيحية المقدسة التي استمرت ثمانية قرون لفتح شبه الجزيرة بأكملها والقضاء على الدول الإسلامية فيها. وفي الثاني من كانون الثاني/يناير 2941، سقطت غرناطة؛ وقد مثل هذا التاريخ نهاية العصر الإسلامي المشرق في الأندلس.

بعد ذلك، أصبحت إسبانيا دولة كاثوليكية رسمية وذلك حتى وفاة الدكتاتور فرانشيسكو فرانكو في العام 5791. وفي عام 8791، تمت المصادقة على أول دستور ديمقراطي، وبعد ذلك بعامين صدر أول قانون للحرية الدينية.

نظراً لهذه الحقائق التاريخية، كان من المفترض أن تكون أستورياس مكاناً من الصعب أن يكتشف المرء الإسلام فيه، لا سيما وأن الهويتين الأستورية والإسبانية قد تم ربطهما بالكاثوليكية الوطنية لفترة طويلة.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

وإن حزبك هم الغالبون ، أما الناكثون فيبايعونك بأيديهم وتأبى قلوبهم وأكثرهم الفاسقون ، وأما القاسطون فهم الذي ركنوا الى الدنيا فكانوا لجهنم حطبا ، وأما المارقون فيقاتلون معك ثم يكفرون ولا تجاوز صلاتهم رءوسهم ولا إيمانهم تراقيهم ، أينما ثقفوا(١) اخذوا وقتلوا تقتيلا. ولا ينفع المعين عليك ولا مبغضك ولا من قاتلك إيمان ولا عمل.

[٣٥٠] حيان بن المغلس بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : شهد مع علي صلوات الله عليه يوم الجمل ، ثمانون من أهل بدر وألف وخمسمائة(٢) من أصحاب رسول الله صلوات الله عليه وآله.

[٣٥١] محمد بن فضل بإسناده عن أبي عبد الله الجدلي ، قال : بينا نحن بمكة ، وقد قتل عثمان في ذي الحجة ، إذ أقبل طلحة والزبير حتى قدما على عائشة ، فدخلا عليها ، فخرج مناديها ، فنادى : من كان يريد السير مع طلحة والزبير فليسر فإن أمّ المؤمنين سائرة.

قال أبو عبد الله : فدخلت عليها وكنت لها مواصلا ( فقلت : يا أمّ المؤمنين ما أخرجك رسول الله صلوات الله عليه وآله في غزوة قط )(٣) أو في قتال ، ألم يأمرك الله عزّ وجلّ أن تقرّي في بيتك؟ فلم أزل بها اذكرها وانشدها حتى رجعت عن الذي أمرت به. فأمرت مناديها ، فنادى : من كان يريد السير مع طلحة والزبير ، فليسر! فإن أمّ المؤمنين قد قعدت.

فلما سمع ذلك طلحة ، دخل عليها ، فنفث في اذنيها ، فخرج مناديها ، فنادى بمثل ندائه الأول.

__________________

(١) أي وجدوا.

(٢) وفي بحار الأنوار ط قديم ٨ / ٤٣٤ الف وخمسمائة من أصحاب الرسول.

(٣) ما بين الهلالين زيادة من نسخة ـ ب ـ.

٤٠١

فلما كان من أمرها ما كان ، ورجعت الى المدينة ، وقفت ببابها ، فقلت : السلام عليك ، أيدخل أبو عبد الله الجدلي؟؟ فانتحبت ، حتى رحمتها ، ثم أذنت لي ، فدخلت ، وسألتها عن حالها ، فجعلت تخبرني بما كان من أمرها. فقالت : وقعت من الناس يوم الجمل ثلاث غلاء ، فسمعت صوتا لم أسمع مثله قط. فقلت لغلام كان معي : ويحك ، اخرج فانظر ما هذا؟؟ فذهب ثم أتاني ، فقال : تواقع القوم. فقلت : الصوت فينا أو فيهم؟؟ قال : فيكم. قلت : فذاك خير لنا أو شرّ علينا؟؟ قال : بل شرّ عليكم.

ثم سمعت الثانية ، فأرسلت الغلام. فقال : مثل ذلك.

ثم سمعت الثالثة ، فذهبت لأنظر فاذا أنا في مثل لجة البحر(١) فبرك الجمل ، وجاء رجل ، فأدخل يده ، فقلت : من أنت ، ويلك؟؟ قال : أبغض أهلك إليك! قلت : محمد بن أبي بكر؟ قال : نعم ، فلا تسأل عن عذل(٢) ثم جاء الأشتر ، فقال : لا تسل عن عذل(٣) ، وشتم حتى قال لي : وددت أن السيف كان أصابك.

[ ضبط الغريب ]

الغلا : جمع غلوة ، والغلوة : قدر ما تبلغه رمية السهم ، يقال : إن الفرسخ التام خمس وعشرون غلوة أي رمية السهم.

[٣٥٢] محمد بن سعيد يرفعه الى نافع مولى ابن عمر قال : حدثني من نظر الى

__________________

(١) أي : في وسط الحراك والقتال.

(٢) أمالى المفيد ص ٢٣.

(٣) وفي الأصل : عن عذر.

٤٠٢

طلحة بن عبيد الله يوم الجمل ، قبل القتال ، وقد ناداه علي صلوات الله عليه فخرج إليه ، فقال له : يا أبا محمد ، اناشدك الله ، أما سمعت رسول الله صلوات الله عليه وآله يقول : اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه؟؟ قال طلحة : اللهمّ نعم. قال : فلم جئت تقاتلني وقد سمعت هذا من رسول الله صلوات الله عليه وآله؟

قال : فانصرف ، وقال : لا اقاتلك بعد هذا.

فلما انصرف قال مروان بن الحكم : لا أطلب بثاري بعد هذا اليوم بدم عثمان(١) فرمى طلحة بسهم فقتله.

[٣٥٣] جعفر بن سليمان ، عن عبد الله بن موسى بن قادم ، قال : سمعت سفيان الثوري يقول ـ بأعلا صوته ـ : والله ما أشك ، لقد بايع طلحة والزبير عليا صلوات الله عليه ، ولقد نكثا عليه ، والله ما وجدا فيه ـ لا علّة في دين ولا خيانة في مال ـ(٢) .

قال : وسمعت سفيان الثوري يحلف باليمين المحرجة ما قاتل عليا صلوات الله عليه أحد إلا وعلي صلوات الله عليه أولى بالحق منه.

[٣٥٤] محمد بن إسماعيل بن أبان يرفعه الى حذيفة بن اليمان ، إنه قال ـ يوما لجماعة حوله ـ : كيف أنتم إذا صار أهل ملّتكم فرقتين يضرب بعضكم وجوه بعض بالسيف. قالوا : وإن ذلك لكائن يا أبا عبد الله؟؟

قال : نعم.

قالوا : فكيف نصنع إن نحن أدركنا ذلك؟؟

قال : انظروا الى الفرقة التي فيها علي بن أبي طالب ، أو تدعو إليه

__________________

(١) وفي نسخة ـ ب ـ من عثمان.

(٢) أقول : وقد مرّ هذا الحديث بهذا السند تحت الرقم ٣٤٥ بدون هذه الاضافة يحلف الخ.

٤٠٣

أبدا من كانت ، فالزموها ، فإنها على الهدى.

[٣٥٥] وبآخر عن علي بن ربيعة ، إنه قال : سمعت عليا صلوات الله عليه على منبركم هذا يقول : عهد إليّ النبي صلوات الله عليه وآله أني مقاتل بعده الناكثين والقاسطين والمارقين.

فهذه نكت وجوامع من أخبار نكث طلحة والزبير وخروجهما مع عائشة وما كان من أخبار يوم الجمل ، وقد ذكرت فيما تقدم إن أحدا لم يتابع على ذلك طلحة والزبير ولا قال بما قالاه ، ولا انتحل الى اليوم ما انتحلاه مما ذكرته وأذكره من رجوع طلحة والزبير عن ذلك ، وندامة عائشة عليه وندامة من تخلّف عن علي صلوات الله عليه(١) فيه.

__________________

(١) أمثال عبد الله بن عمر وسعد بن أبي وقاص.

٤٠٤

حرب صفين

فأما ما كان بينه وبين معاوية فقد ذكرت جملة قول علي صلوات الله عليه في ذلك ، ومما لم أذكره من جملة ما أردت إثباته وبسطه في هذا الكتاب ، وذلك أن عليا صلوات الله عليه لما فرغ من حرب أصحاب الجمل وقد كان أراد عزل معاوية عن الشام ، فدسّ إليه من يسأله في إثباته في ولايته ، فأبى عليه من ذلك ، وأشار عليه بعض من ينصح لهعليه‌السلام ، وقيل إن عبد الله بن العباس فيمن أشار عليه بذلك ( أن يكتب إليه بعهده فإذا دعا له وأخذ بيعته على الناس عزله )(١) فقال علي صلوات الله عليه : إن هذا لهو الرأي العاجل ، فأما فيما بيني وبين الله عزّ وجلّ ، فما أجد لنفسي في ذلك عذرا «وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً » (٢) .

فكتب إليه لما فرغ من أصحاب الجمل يدعوه الى الدخول فيما دخل الناس فيه ـ من بيعته والقدوم عليه ـ ، فأبى معاوية من ذلك. وأتاه عمرو بن العاص يوافقه على رأيه ، ووعده معاوية أن يولّيه مصر وأشركه في أمره فلا يخرج عن رأيه. وكان عمرو داهية من دواهي العرب. وعلم أن ليس له عند علي صلوات

__________________

(١) ما بين الهلالين زيادة من نسخة ـ ب ـ.

(٢) سورة الكهف الآية ٥١.

٤٠٥

الله عليه ما يريده ، فانحاز الى معاوية ، واتفقا على الخلاف على علي صلوات الله عليه ، وسلكا مسلك أصحاب الجمل في إظهار القيام بثار عثمان(١) ، وعمدا الى قميص فضرّجاه بالدم ، ورفعاه على رمح ، وجعلا يدوران به في جماعة بعثوا بها في نواحي(٢) الشام ، ويقولون هذا دم خليفتكم المقتول ظلما ، فقوموا في دمه ، واجتمعت لمعاوية جموع كثيرة لذلك ، وسار علي صلوات الله عليه الى الكوفة ، واجتمع له أهل العراق وأهل الحرمين(٣) وأفاضل الصحابة من المهاجرين والأنصار ممن قد كان شهد معه وقعة الجمل ، وغيرهم ممن لحق به بعد ذلك. وجعل يعذر الى معاوية ويرسل إليه ، فيشترط كما أخبر علي صلوات الله عليه فيما قدمنا ذكره في هذا الكتاب من الحكاية عنه(٤) ، واشتراطه على الشروط التي لا تحلّ ولا تجوز.

ومعاوية في كل ذلك لا يدعي إلا إنه عامل عثمان على الشام ، ويدفع بيعة علي صلوات الله عليه ، ويقول : إنه على إمارة عثمان التي أمّره ، وعلى ذلك كان يدعى الأمير ، الى أن قتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، فتسمى أمير المؤمنين.

وأما تعلّقه بتأمير عثمان إياه ، فذلك ما لا يجوز ، لأن الإمارة التي عقدها له عثمان قد انقطعت بانقطاع أمر عثمان ووفاته ، كما أنه لو وكله على شيء من أمواله ، فمات وصار ما وكله عليه ميراثا لورثته لم تبق وكالته إياه ، وكان لمن ورث ماله خلعه عن الوكالة أو إثباته.

__________________

(١) وفي نسخة ـ ب ـ بدم عثمان.

(٢) وفي الأصل : ناحية.

(٣) أي أهل مكة والمدينة فمكة حرم الله والمدينة حرم الرسول (ص).

(٤) وقد مرّ في الحديث ٣١٥ المواطن التي امتحنه الله بعد وفاة الرسول (ص).

٤٠٦

وهذا ما لا اختلاف فيه بين المسلمين.

[ عمّار بن ياسر ]

وكان عمار بن ياسر رضوان الله عليه فيمن كان مع علي صلوات الله عليه وكان رسول الله صلوات الله عليه وآله قد قال له : يا عمار تقتلك الفئة الباغية. وذلك مشهور في الآثار ، يرويه الخاصّ والعام.

فقتل رضوان الله عليه مع علي صلوات الله عليه في حربه مع معاوية ، قتله أصحاب معاوية.

[٣٥٦] وروى أبو غسان بإسناده عن رسول الله صلوات الله عليه وآله ، إنه قال :

ما يريدون من عمار يدعوهم الى الجنة ، ويدعونه الى النار.

[٣٥٧] سعيد بن كثيرة بن عفير ، عن أبي لهيعة يرفعه الى النبي صلوات الله عليه وآله إنه قال لعمار : تقتلك الفئة الباغية.

[٣٥٨] أبو غسان ، بإسناده ، عن ربيعة بن ناجذ(١) قال : قال عمار ـ يوم صفين ـ : الجنة تحت الأبارقة ، والظمئان يرد الماء ، والماء مورد ، اليوم القى الأحبة محمدا وحزبه.

[٣٥٩] وبآخر ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه ، قال عمار بن ياسر ـ وهو يسير على شاطي الفرات ـ : اللهمّ إنك تعلم إني لو أعلم إن رضاك عني أن أتردى عن دابتي ، فأسقط ، فيندق عنقي ، لفعلت. ولو أعلم إن رضاك عني ( أن اوقد نارا ، فألقي نفسي فيها ، لفعلت. ولو أعلم إن رضاك عني )(٢) أن أرمي بنفسي في هذا النهر ، فأموت فيه ، لفعلت.

__________________

(١) وفي الأصل : هاجر.

(٢) ما بين الهلالين زيادة من نسخة ـ ب ـ.

٤٠٧

اللهمّ فإني لا اقاتل أهل الشام إلا وأنا اريد [ بذلك ] وجهك ، وأرجو أن لا تخيبني وأنا اريد وجهك [ الكريم ].

[٣٦٠] محمد بن حميد الاصباعي بإسناده عن أبي عبد الرحمن السلمي ، قال : شهد عمار صفين وكان لا يأخذ(١) واديا إلا رأيت أصحاب محمد صلوات الله عليه وآله يتبعونه كأنه لهم علم ، وذلك لما سمعوا من رسول الله صلوات الله عليه وآله إنه تقتله الفئة الباغية.

وكان معاوية وأصحابه يأثرون ذلك ، ويقولون : معنا يقتل عمار ، وسوف يسير إلينا. فلما قتلوه مع علي صلوات الله عليه اسقط في أيديهم ، فانبرى(٢) عمرو بن العاص وقال : إنا نحن لم نقتل عمارا ، وإنما قتله أصحابه الذين أتوا به.

فقام ذلك في عقول أهل الشام ، واتصل قوله بعلي صلوات الله عليه ، فقال : لعن الله عمرا ، يا لها من عقول!! إن كنا نحن قتلنا عمارا ، لأنا جئنا به ، وكان معنا! فرسول الله صلوات الله عليه وآله وأصحابه قتلوا من استشهد فيهم من المسلمين.

قال أبو عبد الرحمن : وانتهى عمار يوم صفين الى هاشم بن عتبة [ المرقال ] ، وبيده راية علي صلوات الله عليه ، وقد ركزها ، ووقف ـ وكان أعور ـ فقال له عمار : يا هاشم ، أعورا وجبنا ، لا خير في أعور لا يغشى الناس.

ثم نظر عمار الى أبي موسى الأشعري ، وهو بين الصفين ، فقال : يا هاشم والله لينقضن عهده وليخونن أمانته وليفرن جهده.

__________________

(١) في الجوهرة ص ١٠٠ : لا يأخذ في جهة ولا واد.

(٢) انبرى : اعترض.

٤٠٨

ثم حمل عمار وهاشم في أصحاب معاوية وهو يقول(١) :

أعور يبغي أهله محلاّ

قد عالج الحياة حتى ملاّ

لا بدّ أن يفلّ أو يفلاّ

وعمار يقول : يا هاشم ، الموت في أطراف الأسل والجنة تحت الأبارقة ، ترى محمدا وحزبه في الرفيق الأعلى. قال أبو عبد الرحمن : فما رأيتهما رجعا من فورهما ذلك حتى قتلا.

[ ضبط الغريب ]

الأسل : القناة ، شبهت لاستوائها بنبات له أو أغصان كثيرة دقاق ولا ورق له ، وهو الأسل ، واحده : اسلة ، ويقال : إنه الذي ضرب به أيوبعليه‌السلام أهله(٢) .

[٣٦١] أبو نعيم : لما قتل عمار دخل خزيمة بن ثابت [ الأسدي ] فسطاطه ، فشنّ عليه من الماء ، ثم طرح عليه سلاحه. ثم خرج ، فحمل في أصحاب معاوية ، فلم يزل يقاتل حتى قتل رضوان الله عليه.

[٣٦٢] وبآخر عن عمار بن ياسر ، إنه قال : والله لو ضربونا حتى يبلغونا

__________________

(١) وفي كتاب صفين لنصر بن مزاحم ص ٣٢٧ هكذا :

قد اكثروا لومي وما أقلاّ

إني شريت النفس لن اعتلاّ

أعور يبغي نفسه محلاّ

لا بدّ أن يفلّ أو يفلاّ

قد عالج الحياة حتى ملاّ

أشدّهم بذي الكعوب شلاّ

مع ابن عمّ أحمد المعلّى

فيه الرسول بالهدى استهلاّ

أول من صدّقه وصلّى

فجاهد الكفار حتى أبلى

(٢) وذلك إنه حلف على امرأته لامر أنكره من قولها إن عوفي ليضربها مائة جلدة ، فقيل له :

خذ ضغثا بعدد ما حلفت فاضربها به دفعة واحده ، فإنك إذا فعلت ذلك برت يمينك.

٤٠٩

شعاف(١) هجر لعلمت إنا على الحق وإنهم على الباطل.

الشعاف : رءوس الاثافي المستديرة ، ورءوس الجبال أيضا.

[ ضبط الغريب ]

[٣٦٣] عبد الله بن جعفر ، بإسناده ، إن رسول الله صلوات الله عليه وآله نظر الى عمار وهو يبني مسجد المدينة ، والناس ينقلون اللبن والحجر ، حجرا حجرا ، وعمار ينقل حجرين حجرين.

فقال له النبي صلوات الله عليه : أتحمل على نفسك يا عمار؟

فقال : يا رسول الله ، إني والله مع ذلك لمحموم.

فقال رسول الله صلوات الله عليه وآله : إن الله قد ملأ قلب عمار وسمعه وبصره إيمانا ، لا يعرض عليه أمر حق إلا قبله ، ولا أمر باطل إلا رده ، تقتله الفئة الباغية ، آخر زاده من الدنيا ضياح من لبن ، وقاتلاه وسالباه في النار.

وقد فسر الضياح في غير هذا المكان من الكتاب وهو : اللبن الخاثر يصب فيه الماء حتى ينصح ويرق ويطيب.

[٣٦٤] أبو نعيم ، بإسناده ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلوات الله عليه وآله : ثلاثة تشتاق إليهم الجنة : علي وعمار وسلمان.

[٣٦٥] أحمد بن ثابت بإسناده عن بشير بن تميم ، إنه قال : نزل في أبي جهل وعمار : «أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ » ـ يعني أبا جهل «خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً

__________________

(١) وفي كشف الغمة ١ / ٢٦٠ : بلغونا سعفات.

السعفات : جمع سعفة بالتحريك وهي أغصان النخيل وقيل إذا يبست سميت سعفة.

وإنما خص هجر للمساعدة في المسافة ولأنها موصوفة بكثرة النخيل. وهجر يسمى اليوم بالأحساء.

٤١٠

يَوْمَ الْقِيامَةِ » (١) يعني عمار بن ياسر.

[٣٦٦] الليث بن سعد ، بإسناده : إن أول من بايع رسول الله صلوات الله عليه وآله يوم الشجرة عمار.

[٣٦٧] أبو غسان ، بإسناده ، عن علي صلوات الله عليه قال : استأذن عمار على رسول الله صلوات الله عليه وآله فعرف صوته.

فقال : مرحبا بالطيب المطيب [ ائذنوا له ].

[٣٦٨] وبآخر ، عن الأشتر ، قال : نازع عمار خالد بن الوليد ، فشكاه الى رسول الله صلوات الله عليه وآله. فقال : يا خالد لا تسبّ عمارا ، فإنه من سبّ عمارا سبّه الله ومن أبغض عمارا أبغضه الله(٢) .

قال خالد : استغفر الله لي يا رسول الله.

[٣٦٩] إسماعيل بن أبان ، بإسناده ، عن عائشة إنها قالت : ما من أصحاب محمد إلا من لو شئت أن أقول فيه لقلت غير عمار ، فإنه قد ملئ ـ من كعبيه الى عنقه ـ إيمانا.

[٣٧٠] سفيان الثوري ، بإسناده ، عن عمر ، إنه كتب الى أهل الكوفة : إنه قد بعثت إليكم عمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود(٣) ، وهما من النجباء من أصحاب محمد من أهل بدر ، فاقتدوا بهما ، واسمعوا منهما ، فقد آثرتكم بهما على نفسي.

[٣٧١] صالح بن محمد الأصبهاني ، بإسناده عن زياد مولى عمرو بن العاص.

قال : أهدى عمرو بن العاص الى أصحاب النبي صلوات الله عليه وآله

__________________

(١) فصّلت : ٤٠.

(٢) وفي نسخة ب : ومن أبغض عمارا أبغضه الله ومن سبّ عمارا فقد سبّه الله. كرر الجلسة الأخيرة.

(٣) وفي الدرجات الرفيعة ص ٢٥٧ : إني بعثت إليكم عمار بن ياسر أميرا وابن مسعود معلما.

٤١١

ففضل عمارا عليهم! فقيل له في ذلك. فقال : إني سمعت رسول الله صلوات الله عليه وآله يقول : تقتله الفئة الباغية.

[٣٧٢] أبو أحمد ، بإسناده ، عن حذيفة بن اليمان ، إنه لما احتضر ، قيل له(١) أوصنا! ، فقال : أما إذا قلتم ذلك ، فأسندوني ، فأسندوه. فقال : سمعت رسول الله صلوات الله عليه وآله يقول : أبو اليقظان على الفطرة لا يدعها [ ثلاث مرات. لا يدعها حتى يموت ](٢) .

[٣٧٣] وبآخر ، عن رسول الله صلوات الله عليه وآله ، إنه قيل له : إن عمارا وقع عليه حائط(٣) ، فمات. فقال : لا يموت عمار موتة ، إنما تقتله الفئة الباغية ، يدعوهم الى الجنة ، ويدعونه إلى النار.

[٣٧٤] وبآخر عن عمار ، إن رجلا قال ـ يوم صفين ـ : يا أبا اليقظان ألا تقسم اليوم كما أقسمت يوم الجمل قال : أقسم بالله أنّا على الحق ، وهؤلاء على الباطل.

[٣٧٥] وبآخر عن عبد الله بن الحارث ، قال : اني لا ساير معاوية ومعه عمرو ( بن العاص وابنه عبد الله ، إذ قال عبد الله بن عمرو )(٤) سمعت رسول الله صلوات الله عليه وآله يقول ـ لعمار ـ : تقتلك الفئة الباغية. فقال عمرو لمعاوية : اسمع ما يقول : هذا الحدث :(٥) نحن ما قتلناه ، إنما قتله من جاء به(٦) .

__________________

(١) وفي الأصل : إنه احتضر قيل له.

(٢) هذه الزيادة في بحار الأنوار ط قديم ٨ / ٥٢٢.

(٣) وفي كنز العمال ٤ / ٧٤ : وقع عليه حجر.

(٤) ما بين القوسين زيادة من نسخة ب.

(٥) هكذا في الأصل وفي مسند أحمد ٢ / ١٦١ : ألا تسمع ما يقول هذا؟ فقال معاوية : لا تزال تأتينا بهنة أنحن قتلناه؟

(٦) لقد مرّ في الحديث ٣٦٠ جواب أمير المؤمنين صلوات الله عليه على هذا القول.

٤١٢

[٣٧٦] الأعمش ، قال : حدثنا سفيان الثوري ، قال : ( كنت جالسا مع عمار ومعه أبو مسعود وأبو موسى )(١) فقالا له : يا عمار ، ما وجدنا عليك في شيء إلا في سرعتك في هذا الأمر ـ يعنيان قيامه مع علي صلوات الله عليه ، وخروجه الى البصرة ـ.

فقال لهما عمار : وإنا ما وجدت عليكما إلا تخلفكما عنه.

[٣٧٧] أبو غسان ، بإسناده ، عن حذيفة ، إنه قيل له ـ حين قتل عثمان ـ يا أبا عبد الله ، إن أمير المؤمنين قد قتل فمن تأمر أن نبايع بعده؟؟

قال : اتبعوا عمارا فمن تبعه عمار ، فاتبعوه.

فقالوا : إن عمار مع علي صلوات الله عليه لا يفارقه.

قال حذيفة : إن الحسد أهلك الجسد ، وإنما يقربكم من علي صلوات الله عليه قرب عمار منه ، فو الله لعلي خير من عمار بأبعد ما بين التراب والسحاب ، وإنما عمار لمن الأخيار.

[٣٧٨] عثمان بن أبي شيبة ، عن أبيه ، عن هشام بن الوليد بن المغيرة(٢) ، قال : كنت امرّض عمارا في مرضه ، فجاء معاوية إليه يعوده.

فقال : اللهمّ لا تجعل ميتته بأيدينا ، فأني سمعت رسول الله صلوات الله عليه وآله يقول : تقتل عمارا الفئة الباغية.

ذكرنا ما ذكرنا من فضل عماررحمه‌الله عليه وقول رسول الله صلوات الله عليه فيه لما أردنا تأكيده وبيانه ، من أن معاوية وأصحابه من أهل الشام الذين قاتلوا عليا صلوات الله عليه ومن معه من أهل البغي. وأن عليا صلوات الله عليه ومن معه هم أهل العدل. وإن كان عامة الامة على القول بذلك. وبسيرة

__________________

(١) ما بين القوسين زيادة من نسخة ب.

(٢) وفي كنز العمال ٧ / ٧٣ : ابنة هشام بن الوليد بن المغيرة وكانت تمرّض عمارا.

٤١٣

علي صلوات الله عليه فيهم وفي أهل الجمل ، وما حكم به في قتلهم وأموالهم وذراريهم ، قال جماعة ـ المنسوبين الى الفتيا ـ من العامة ، وأوجبوا مثل ذلك في أهل البغي إذا قاتلهم أهل العدل ، وقد أمر الله عزّ وجلّ بقتال أهل البغي ، وأوجبه في كتابه وأذن في قتلهم كما أوجب قتال المشركين وأذن في قتلهم بقوله عزّ من قائل : «وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ » (١) فمعاوية وأصحابه أهل بغي بحكم رسول الله صلوات الله عليه وآله وإجماع عامة المسلمين إلا من شذّ ممن انتحل الإسلام من أتباعهم ، ولم يفىء معاوية حتى مات. وتوسل الى الإمامة به من تغلّب عليها من بني أميّة الى اليوم. فهم على ذلك أهل بغي بمنزلته ، وواجب على المسلمين قتالهم. ومن انتزع ما اغتصبوه بمثل ما هم عليه من أيديهم ـ أعني به بني العباس ومن اتبعهم ـ فقتالهم(٢) كذلك وأيضا واجب مع فئة أهل العدل وهم الذين قاموا باستخلاف علي صلوات الله عليه إياهم من الائمة من ذريته صلوات الله عليهم أجمعين الذين قاموا من بعده مقامه ، فواجب على جميع المسلمين جهاد من خالفهم معهم حتى يفيئوا الى طاعتهم كما فعل ذلك أفاضل الصحابة والتابعين مع أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

وسنذكر فيما بعد إن شاء الله تعالى من شهد حربه منهم ومن استشهد معه من جماعتهم لما سمعوا من كتاب الله عزّ وجلّ ومن توقيف رسوله صلوات الله عليه وآله على ذلك مما قد ذكرنا في هذا الكتاب بعضه ونذكر فيما بقي منه باقيه إن شاء الله تعالى.

تمّ الجزء الرابع من كتاب شرح الأخبار في فضائل الوصيّ الكرار.

والحمد لله وحده وصلاته على سيدنا محمد وآله الطاهرين وسلّم تسليما.

__________________

(١) الحجرات : ٩.

(٢) وفي الأصل : فقاتلهم.

٤١٤

٤١٥

٤١٦

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

نذكر هنا شواهد الأحاديث المذكورة في المتن أو متابعاتها ، كما نحاول ذكر المزيد من المصادر التي اخرجت الحديث ، والارجاع الى أكبر قدر ممكن من المراجع العامة المتكفلة لتقوية كل حديث متنا أو سندا أو كليهما مع تقديم ما يقرب ـ من حيث اللفظ ـ لما ذكر في متن الكتاب.

[١] رواه ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص ٥١ عن أحمد ، عن إبراهيم بن عبد الله ، عن محمد بن عبد الله الرومي ، عن شريك ، عن سلمة بن كهيل ، عن الصنابجى الحديث.

وذكر أيضا أن سويد بن غفلة رواه أيضا عن الصنابجي.

[٢] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص ٨٣ الحديث ١٢٤ ، عن الفضل بن محمد الأصفهاني ، عن محمد بن موسى الصيرفي ، عن محمد بن يعقوب الأصم ، عن محمد بن عبد الرحيم الهروي ، عن عبد السلام بن صالح ، عن أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس الحديث.

وأخرجه الحاكم النيسابوري في المستدرك ٣ / ١٢٦ ورواه أيضا البحراني في غاية المرام ص ٥٢٠ الباب ٢٩ الحديث ٢ و ٦.

٤١٧

ورواه ابن الأثير في اسد الغابة ٤ / ٢٢.

ورواه ابن حجر في تهذيب التهذيب ٦ / ٣٢٠ و ٧ / ٤٢٧.

ورواه المتقي في كنز العمال ٦ / ١٥٢.

[٣] روى ابن المغازلي في مناقبه ص ٨٧ ـ الحديث ١٢٩ عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن المظفر ، عن محمد بن محمد الباغندي ، عن سويد ، عن شريك ، عن سلمة بن كهيل ، عن الصنابجى ، عن عليعليه‌السلام الحديث.

ورواه أبو نعيم ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن الحارث ، عن أمير المؤمنين ( في حلية الأبرار ١ / ٦٤ ).

ورواه الترمذي في سننه الباب ٢٠ من المناقب عن الصنابجي وكذلك البغوي في المصابيح ٢ / ٢٧٥.

[٤] روى ابن المغازلي في مناقبه ص ٨٥ الحديث ١٢٦ : عن محمد بن أحمد النحوي ، عن إبراهيم بن عمر ، عن محمد بن عبد الله بن المطلب ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن عبد الله بن عمر اللاحقي ، عن علي بن موسى الرضا [عليه‌السلام ] ، عن أبيه ، عن جده : جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده : علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام الحديث.

وأخرجه القندوري في ينابيع المودة ٧٣.

[٦] بهذا اللفظ ذكره الكنجي في كفاية الطالب ص ٣٨٣ مرسلا ، أما المضمون ـ ولكن بألفاظ مختلفة ـ فقد ذكره كثيرون منهم البحراني في غاية المرام ص ٥٣٠ الباب ٣٩ و ٤٠ بطرق عديدة فراجع هناك ، والأربلي في كشف الغمة ١ / ١١٦.

[٧] وروى ابن الأثير في اسد الغابة ٦ / ٢٢ عن يحيى بن معين عن عبدة بن

٤١٨

سليمان قال : قلت لعطاء الحديث. ورواه ابن عبد ربه في الاستيعاب ٢ / ٤٦٢ والمحب الطبري في الرياض النضرة ٢ / ١٩٤.

[٨] رواه النسائي في خصائصه ص ١٣٦ الحديث ٦٨ عن بشر بن هلال ، عن جعفر بن سليمان ، عن يزيد الرشك عن مطرف بن عبد الله ، عن عمران بن حصين ، عن رسول الله صلوات الله عليه وآله الحديث.

ورواه البحراني في غاية المرام ص ٤٥٧ الحديث ١٥.

ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص ١١٤ وأضاف : فلا تخالفوه في حكمه.

ورواه المتقي في كنز العمال ٦ / ٣٩٩.

ورواه ابن المغازلي في مناقبه ص ٢٢٣ الحديث ٢٧٠.

ورواه الترمذي في صحيحه ٢ / ٢٩٧.

[٩] رواه أحمد بن اسماعيل في كتاب ( الأربعين المنتقى في مناقب المرتضى ) الباب السادس : الحديث ٩ عن محمد بن محمد بن يعقوب ، عن محمد بن الحسن ، عن يحيى بن محمد ، عن الحسن بن مسلم الكوفي ، عن يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الغفار ، عن الحكم بن عيينه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس الحديث.

ورواه التلمساني في الجوهرة ص ٦٤ عن أبي داود الطيالسي عن أبي عوانة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس الحديث.

[١١] رواه أحمد بن حنبل في مسنده ٥ / ٣٥٦ ـ بتفاوت ـ عن أبي نمير ، عن الأجلح الكندي عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه الحديث.

ورواه البحراني في غاية المرام ص ٤٥٦ الباب ٥ الحديث ٢.

[١٣] رواه النسائي في خصائصه ص ١٤٧ الحديث ٧٧ عن زكريا بن يحيى ، عن عبد الله بن عمر ، عن أسباط بن محمد ، عن فطر ، عن عبد الله بن

٤١٩

شريك ، عن عبد الله بن رقيم ، عن سعد الحديث.

[١٤] روى البحراني في غاية المرام ٢ / ٢١٤ الحديث ١٨ عن موفق بن أحمد قال في قوله تعالى : «أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ » ـ هود ١٧ ـ قال : ابن عباس : هو علي يشهد للنبي وهو منه.

ورواه البحراني في غاية المرام ص ٣٥٩ الباب ٦٣ الحديث ٢ مسندا.

[١٥] و[١٦] روى البحراني في تفسير البرهان ( المقدمة / ص ١٩٥ ) عن سليم بن قيس عن عليعليه‌السلام قال : إن الله إيانا عنى بقوله : شهداء على الناس. فرسول الله شاهد علينا ونحن شهداء الله على خلقه.

وعن الصادقعليه‌السلام في قوله تعالى : «فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً » قال : نزلت في أمّة محمد خاصه وفي قرن منهم إمام منا شاهد عليهم ومحمد شاهد علينا.

وروى عنهعليه‌السلام إنه قال : لا يكون شهداء على الناس إلا الرسل والائمة دون سائر الامّة. فانه غير جائز أن يستشهد الله بهم وفيهم من لا تجوز شهادته في الدنيا على آخرته.

وقال البحراني أيضا في ٢ / ٣٧٨ الحديث ٥ : قال الصادقعليه‌السلام : لكل زمان وأمّة شهيد تبعث كل أمّة مع إمامها.

[١٨] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق ص ٣٨٤ الحديث ٤٤٣ : عن محمد بن معمر بن أحمد ، عن رزق الله بن عبد الوهاب التميمي ، عن أحمد بن محمد الواعظ ، عن يوسف بن يعقوب ، عن جده عن أبيه ، عن غياث بن إبراهيم ، عن موسى الجهني ، عن فاطمة بنت علي ، عن أسماء بنت عميس الحديث.

[١٩] روى المجلسي في بحار الأنوار ٣٧ / ٢٦١ الحديث ٢٠ ، بإسناده عن

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502